روايات

رواية وسولت لي نفسي 2 الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم روان الحاكم

رواية وسولت لي نفسي 2 الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم روان الحاكم

رواية وسولت لي نفسي 2 البارت الرابع والثلاثون

رواية وسولت لي نفسي 2 الجزء الرابع والثلاثون

وسولت لي نفسي 2
وسولت لي نفسي 2

رواية وسولت لي نفسي 2 الحلقة الرابعة والثلاثون

كانت المشفى في حالة من الهرجِ والمرجِ فسرعان ما وصلت الإنباء بإنقلاب سيارة في حالة مأساوية وتم العثور فقط على الزوجة والتي كانت في حالة خطرة وبالأخص بسبب حملها.
بينما لا أحد يعلم شيء عن زوجها ومازال يتم البحث عن جسده… او ربما جثته فلا أحد يعلم إن كان لايزال على قيد الحياة ام لا.
وصل عمر يصرخ بهم أن يُسرعوا وهو يرى جسد شقيقته الموضوع أعلى الترولي وملابسها الممتلئة بالدماء ولحسن الحظ أنها فاقدة الوعي لا تدري بشيء عما يحدث حولها وإلا لجن جنونها لإختفاء زوجها.
لا يعلم كيف حدث هذا فقد كانت سيارته تسير بشكل جيد وليس بها اي عطل فإذا بزين يتصل به يخبره أمر الحادثة ثم أغُلقت المكالمة قبل أن يستوعب ما قاله زين بل كل ما فعله أن ركض مسرعًا بعدما قام بتحديد المكان من خلال هاتفه الموصل بالسيارة ثم قام بالإتصال على الأسعاف.
وعندما وصل إلى هناك توقف قلبه عن النبضات للحظات وهو يرى روان في تلك الحالة بعدما قام رجال الإسعاف بحملها فركض نحوها بهلع ثم أقترب منها يتفحصها وهو يضع رأسه على قلبها يطمئن أنها مازالت على قد الحياة فتساقطت دموعه وهو يشهق مبتلعًا ريقه أن مازال بها نبض ثم توقف يتلقى الصفعة الأخرى عندما أخبروه أنهم وجودها هي فقط ولم يكن معها أحد ولا أثر لزوجها.
أبتلع عمر ريقه وهو يشعر بالعجز هل يذهب معها ام يبقى حتى يبحث عن زين! ولكن إن تركها وحدث لها مكروه فالطبع لن يسامحه زين فهو اوصاه عليها.
وبدون تفكير ذهب معها ثم أخرج هاتفه يتصل بالشرطة كي يقوموا بالبحث عنه ثم هاتف أحمد يخبره على عجالة ما حدث حتى يتابع له ما وصلوا اليه وما إن علم أحمد حتى هرول بأقصى ما لديه بعدما تلقى هذا الخبر المفجع.
وصلت السيارة إلى المشفى وترجل منها الجميع وهم يتوجهون بها إلى غرفة العمليات فقد قاموا بإسعافها بما يلزم أثناء الطريق حتى وصلوا أخيرًا.
بينما وقف عمر أمام غرفة العمليات وهو يشعر أنه يحلم فكل ما حدث أمامه تم بسرعة كبيرة دون أن يعطي لنفسه فرصة للتفكير.
وصلت جميع العائلة وأيضًا أصدقاء زين والبعض من طلبته لا يعلم عمر من أين علم كل هذا ولكن هكذا الأخبار السيئة تنتشر كالنار في الهشيم.
الجميع في حالة صدمة مما حدث.. كيف تغيرت الموازين في لحظة واحدة؟ بل أسرع من غمضة العين!
منذ قليل كانا يضحكان سويًا ويستعدان لحياتهما معًا والسعادة تغمر قلوبهما استعدادًا لمولودهما الجديد والآن ماذا! انقلبت الأمور رأسًا على عقب.
وصلت إيثار ما إن علمت بالخبر وقد جن جنونها وهي لا تصدق هل هي من فعلت هذا به! أقتربت منهم وهي تقول بهلع ونبرة هستيريًا
“زين فين… زين محصلوش حاجة مش كدا… حد يقولي إنه كويس محصلوش حاجة.. أكيد هو مفهوش حاجة”
كانت تدور حولهم بهستيري بينما لا أحد يجيبها والكل يبكي لما حدث وقد أغشى على والدته عندما علمت.. بينما هي أقتربت من عمر تمسكه من ثيابه بقوة قائلة بلا وعي:
“انت السبب ياعمر انت السبب كان المفروض انت اللي تكون مكانه مش هو لو زين جراله حاجة مش هسامحك”
لم يهتم عمر لحديثها بل كان في حالة يرثى لها حتى توسعت عيناه بصدمة ولم تكن صدمته هو بل كانت صدمة للجميع عندما قالت هي ببكاء عنيف بعدما وصلها خبر إختفائه:
” لا لا انا السبب لو جراله حاجة مش هسامح نفسي انا اللي عطلت العربية وقطعت الفرامل علشان اخلص منها بس.. بس مكنتش اعرف إن هو اللي هيركب ”
ظلت تصرخ وتهذى بالحديث والجميع ينظر لها بصدمة لا يصدقون ما تتفوه بها حتى وقعت فاقدة للوعي وقد ذهب عقلها، بينما عمر وكأنه انفصل عن الواقع لثوانِ وحديث إيثار يتردد داخل عقله بأنه كان من المفترض أن يكون هو… يالله لقد كان هو المقصود اي كان من المفترض أن يكون هو بدلاً من زين.. لقد كان بينه وبين الموت خطوات قليلة فقط!. بل يفصله شعرة.
هو يخشى فقدان زين ولكنه لا يخشى عليه من الموت فمن مثل زين عاش حياته يعمل لآخرته ويدعو هذا وينصح ذاك ولم يفكر في دنياه قط لذا فإن الموت لن يكون موحشًا بالنسبة له بإذن الله تعالى.. اما هو فماذا فعل! ماذا قدم لآخرته! ماذا لو كان ركب هو السيارة وانقلبت به وقبض الله روحه!!
تراجع عمر إلى الوراء ببطء وهو في حالة صدمة شديدة فلقد كان الموت قريبًا منه للغاية ولكن إرادة الله أن يمد في عمره.. كم يشعر بأنه عبد سيء لا يستحق حتى تلك الفرصة!.
يشعر كمن كُتب له عمرًا من جديد فلو لم يأتي زين في تلك اللحظة ويركب هو السيارة بدلاً عنه لفاضت روحه إلى الله في تلك اللحظة.
رحل عمر دون أن يتفوه بحرفِ واحد ودون أن يحدد وجهته بل يسير بخطى شاردة حتى توقفت أقدامه عند مسجد المشفى وكأن عقله هو من قاده إلى هنا.
دلف إلى المسجد بخطوات مهزوزة وهو يتمالك نفسه بصعوبة واول شيء فعله هو أنه ذهب يتوضأ أولاً وما إن لفح الماء وجهه حتى تساقطت العبرات من عينيه بشدة فأختلطت دموعه بالماء دون أن يستطيع الاكمال وكلما حاول أن يكمل الوضوء كلما أجهش في البكاء ثم ظل على هذا الحال مدة لا يعلم كم من الوقت مر حتى تسمع صوت من خلفه يقول:
” قولنا ميت مرة محدش يعيط في الحمام.. وبترجعوا تزعلوا لما تتعفرتوا وتتلبسوا”
إستدار عمر صوبه وهو يسمح دموعه ثم نظر بحنق وضجر إلى من قطع عليه خلوته فهتف بصعوبة وهو يحاول إستعادة توزانه:
“هو الواحد ميلاقيش مكان يعيط فيه براحته كدا ابدًا”
نظر له العجوز من أعلى لأسفل وهو يقول موضحًا:
“يابني منا قاعد مستنيك بقالي ساعة تخلص واقول بلاش تقطع عليه استنى لما يخلص بس الظاهر انت احزانك مبتخلصش وانا الصراحة مش فاضي وبنام بدري”
توقف عن الحديث قليلاً وهو يطالع وجه عمر الذي أحمر من كثرة بكائه ثم تابع قائلاً:
“وبعدين بدل ما انت عمال تعيط في الحمام ما بيت ربنا موجود روح عيط وأشتكيله من كل اللي مزعلك وصدقني ربنا مبيردش عبد لجأ ليه مهما كان وانا عارف انا بقولك اي”
حاول عمر الإبتسام له ولكنه لم يستطع فنظر له نظرة إمتنان وقد أطمئن قلبه قليلاً وهدأت وتيرة أنفاسه فهز رأسه دون أن يكثر ثم تحرك نحو الخارج ولكنه توقف مجددًا عندما سمع هذا العجوز يرفع يده قائلاً:
“ربنا يهديك يابني ويريح بالك يارب”
أغمض عمر عيناه لتلك الدعوة ثم اكمل سير للخارج بينما دخل العجوز المرحاض حتى يتوضأ هو يبتسم داخله.
بينما وقف عمر يصلى بين يدي الله تعالى نادمًا على ما فعل.، لم تكن توبته هذه اول مرة بل الأهم أنها ليست الأخيرة.. نعم أخطأ كثيرًا وأذنب كثيرًا وفي كل مرة يتركه الله دون أن يقبض روحه حتى يتوب إلى الله تعالى.
ماذا فعلت حتى يهملك الله التوبة وكان من الممكن أن يقبض روحك انت! يالله كم هو مقصر في حق الله.
ظل عمر يصلي وكأنه قد انعزل عن العالم.. تارة يستغفر الله وتارة يدعو الله أن يلطف بأخته وزوجها وجنينهما الذي لم ير النور بعد..
يبكي تارة ويحمده تارة ويصلي تارة أخرى حتى شعر بالراحة تتسلل إلى أوردته دون أن يشعر حتى وجد نفسه قد هدأ بالفعل.
ينفق اعتى الملاحدة كل ما لديهم حتى يشعروا بالراحة ولكنهم لا يجدوها، فالراحة لا تُشترى بالمال وإنما بالقرب من الله تعالى.
كان الليل قد أسدل ستاره فنهض عمر من مكانه ثم ذهب إلى المشفى بعدما اخرج العديد من الاموال بنية شفائهما وما إن دلف للداخل حتى وجد أحمد أمامه فأقترب منه مسرعًا وهو يقول بلهفة:
“أحمد أحمد كويس انك هنا لقيتوا زين او عرفتوا عنه حاجة!؟”
هز أحمد رأسه بالإيجاب دون أن ينطق بحرف وقد كان وجهه شاحب بشدة فنظر له عمر بخوف ولم يكن لديه الجرأة الكافية للسؤال عن حاله وقد تخيل في هذه اللحظات أبشع السنيورهات… ماذا اذا كان حدث له شيء بما سيواجه روان وهو على يقين بأنها ستنهار تمامًا دونه.
أبتلع عمر ريقه بصعوبة بالغة وضربات قلبه تتسارع وهو يسأله بخوف يخشى النتيجة قائلاً:
“وهو… وهو عامل اي ولقيتوه فين!”
أخذ أحمد نفسًا عميقًا وهو يمسح على وجهه حتى يستعد للحديث فقد كانت الكلمة التي تخرج منه تكلفه مجهودًا…هتف أحمد بدموع وهو يقول بألم:
“مفيش ليه أثر ولقيوا العربية كلها متفحمة”
نزل الخبر كالصاعقة على عمر وهو يهز رأسه بالنفي دون تصديق بالتأكيد لن تكون تلك نهايته وفي نفس الوقت سمع عمر صوت صراخ فخرج الطبيب وهو يحمل بيده طفل صغير قائلاً:
“الحمد لله قدرنا ننقذ الجنين بصعوبة ودي يعتبر معجزة من عند ربنا.. بس”
أستدار له عمر بهلع وهو يجحظ عينيه قائلاً بلهفة:
“بس اي.. هي كويسة صح؟”
أجابه الطبيب موضحًا وهو يقول:
“للاسف حالتها غير مستقرة علشان الوقعة أثرت عليها..ياريت تدعولها”
مد الطبيب يده نحو عمر الذي أرتجف جسده وظل ينظر إلى يد الطبيب الممدودة له وبإيد مرتعشة مد يده يأخذ منه الصغير وهو ينظر بأسى وحزن.
“هيحتاج يدخل الحّضانة ضرورى علشان اتولد في غير ميعاده”
ورغمًا عنه تساقطت الدموع من عينيه حتى أخذ يبكي وهو ينظر للصغير الذي يضع أصابعه داخل فمه دلالة على جوعه غير مدرك لما يحدث حوله…
كان يوم ولادته هو يوم مفارقة والده للحياة.. لقد دفع ثمن مجيئه غاليًا حتى أنه سيظل عمره يدفع هذا الثمن.
جاءت ياسمين مهرولة نحو عمر وهي تبكي بشدة والتي انهارت وهي تسأله قائلة:
“عمر عمر فين زين حصله اي.. وروان عاملة اي.. قولي إنهم كويسين بالله عليك يا عمر”
لم يستطع عمر أن يجيبها بل تشبث أكثر بالصغير ودموعه تتساقط بينما بكى أحمد وهو ينظر لطفل صديقه الذي حُرم من أبيه دون أن يراه فوضع وجهه بين كفيه ثم أجهش في البكاء.
هزت ياسمين رأسها بالنفي وهي تنظر إلى عمر قائلة ببكاء:
“عمر هم كويسين صح؟ ف.. فين زين هو أكيد محصلوش حاجة.. رد عليا يا عمر علشان خاطري وقولي إنهم كويسين”
لم يستطع عمر الحديث بل بكى هو الآخر وهو يشعر بالعجز بينما بكت ياسمين بعنف وهي تكرر عليه السؤال مجددًا وقد تقينت الآن من الأجابة فوالدها مازال يبحث عن زين ووالدتها قد اخشى عليها منذ أن علمت بالخبر.
جاءت چنة على صوت ياسمين وهي تركض نحوها تحاول تهدئتها بينما ياسمين كانت تبكي بهستيريا وهي لا تستوعب بأنها فقدت أخيها للتو.. شقيقها الذي يغمرها بالحنان دومًا.. لم يكن يعاملها كأخت له بل اعتبرها أبنته.
ظلت ياسمين تتذكر مواقفهما سويًا وخوفه الذائد عليها وغيرته المبالغ فيها كلما اتى عمر حتى بعدما عقد عليها لقد كان لها أخ وصديق وحبيب وكل شيء ها هو رحل وتركها وكلما تذكرت كلما اذداد نحيبها.
أتى ليث ومعه حور بعدما علما بالخبر ولم يرد أن تأتي معه ولكنها أصرت حتى تطمئن على صديقتها بينما توقف ليث بصدمة عندما أبصر وجوه الجميع وقد علم بأن هناك مكروه اما عن حور فقد ذهبت مسرعة نحو عمر تأخذ منه الصغير الذي كان يبكي بشدة وعمر يمسكه فقط دون أن يهتم لامره.
لقد كان الحزن مغيم على المشفى بأكلمها والجميع يتوالى إليهم وهم في حالة صدمة شديدة لا يصدقون ما حدث فجأة… لقد كان من المفترض أن يقفوا تلك الوقفة الآن ولكن والسعادة تغمر وجوهم إحتفالاً بأول مولود وعلى العكس تمامًا تغيرت الموازين وخيم الحزن وجوههم.
تساقطت دموع حور وهي تمسك بالصغير وجسدها يرتجف بشدة تنظر له بشفقة وحزن كبير فنظر لها ليث بحزن مماثل دون أن يتحدث وهو يعلم شعورها الآن جيدًا.
وفجأة سمعوا صوت ضجيج في المشفى وصوت أحدهم يهتف بأنهم وجدوا زين فنهضوا جميعًا حتى رأوا جسد زين على الترولى وبجواره يسير والده ويوسف صديقه وأيضًا عمه والبعض من رجال الشرطة ومنهم عايدة ورجال المشفى بعدما تم العثور عليه.
بينما لم يتحرك أحمد إنشًا واحدًا من مكانه بل خر ساجدًا لله وهو يبكي دون حتى أن يطمئن اذا كان حي ام لا ولكن كل ما يهمه أنه وجدوه فقد كان قلبه يؤلمه لفكرة أن صديقه رحل دون العثور حتى على جثته أو أن عظامه أصبح ترابًا، اما الآن فقد أطمئن ما إن رآه يتبقى فقط أن يطمئن أنه مازال على قيد الحياة..
دبت الحياة في وجوه الجميع مرة أخرى ومنهم من لا يصدق بأن زين مازال على قيد الحياة وكأن الله كتب له عمر جديد ولا أحد يدرى كيف نجا وبالأخص بعدما أحترقت السيارة ولكنها مشيئة الله وإذا اراد الله شيئًا أن يقول له كن فيكون.
ركض عمر نحو عايدة وهو يقول بلهفة وامل:
“هو لسه عايش يا عايدة مش كدا”
هزت عايدة رأسها بتعب وهي تقول بتنهد:
“أيوه يا عمر الحمد لله لسه عايش… بس حالته حرجة”
“طب لقيتوه ازاي والعربية ولعت؟”
جلست عايدة على أقرب مقعد قابلها تأخذ أنفاسها وهي تشعر بالإجهاد بعدما بذلت مجهودًا كبيرًا في البحث وهي تقول:
“والعربية بتنزل مع على الجبل هو وقع منها بس للاسف وقع على حجر وراسه نزفت دم كتير”
لا يعلم عمر أيفرح لأنه مازال حي ام يحزن على حالته تلك ولكن كل ما استطاع نطقه هو أن قال بحزن:
“ربنا يجيب العواقب سليمة يارب”
ذهبت حور حتى توضع الصغير داخل الحضانة وهي تضمه لأحضانها بعدما أطمئنت على والديه وأخذت تحمد الله أنهما بخير وتدعوه أن يتم شفائهما على خير.
نظرت له بحب كبير وهي تراه مازال يضع أنامله الصغيرة داخل فمه بلهفة لشدة جوعه وملامحه المنزعجة في أول ليلة له وكأنه لا يعجبه الوضع هنا ويريد العودة إلى رحم أمه مجددًا ولكن هيهات فلا يوجد رجوع.
كان يأكل أصابعه بينما حور تريد أكله هو بأكمله.. يالله كيف يمتلك كل تلك البراءة داخله! كلما نظرت إليه تريد أن تلتهمه وبدون تردد اقتربت منه تقبله بعمق ودمعة عابرة سقطت من عيناها رغمًا عنها في الوقت الذي أتى فيه ليث.
رفعت رأسها نحو ليث فوجدت دموعها تذداد في الهبوط حتى هتفت بوجع وهي تقول:
“ليث انا فرحانة علشان روان بس..”
توقفت عن الحديث وهي لا تستطيع شرح ما تريد له فأكملت موضحة وهي تقول بتلعثم:
“انا.. انا خايفة أكون بحسدها علشان انا مبخلفش هو انا مش بحسدها صح؟ والله يا ليث ما قصدي أحسدها انا حتى عمالة اسمي عليه ان…”
“هششش”
توقفت عن الحديث عندما وضع ليث يده على فمها ثم هتف قائلاً بحنان:
“انتِ أنقى من أنك تحسدي حد يا حور حتى لو بحاجة محرومة منها وانا واثق من اللي انا بقولهولك.. دا شيطان بيضحك عليكي وبيقولك انك بتحسديها علشان يضعف إيمانك لكن انتِ أقوى منه… انتِ حور اللي طول عمرها بترضى بقضاء ربنا وهي راضية ومبسوطة كمان وعارفة إن دا إبتلاء من ربنا وهترضى بيه”
تنهدت حور براحة من حديثه وقد وسوس لها شيطانها بأنها تحسدها ولكن حديث ليث طمئنها بينما تابع هو حديثه وهو يسالها قائلاً:
“وبعدين شوفتي الموضوع من زواية واحدة ليه انهم خلفوا؟ ومبصتيش للحادثة دي وإن زين كان هيموت والله أعلم حالته اي دلوقتي.. كنتي تحبي نكون مكانهم وربنا يرزقنا بطفل وانا مكان زين دلوقتي بين الحيا والموت؟”
أنتفض قلب حور وهي تتخيل ليث أمامها مثل زين ثم فكرت هل لو خُيرت بالفعل ماذا تسختار؟ لا تعلم ولكن كل ما تعلمه بأنها لا تستطيع العيش بدونه لذا هتفت وهي تقول بصدق:
“انت أغلى حاجة في حياتي يا ليث”
أبتسم لها بسمة صغيرة وهو يجيبها قائلاً:
“ربنا سبحانه وتعالى بيقسم الأرزاق بالتساوى يا حور شوفي روان في مقابل إن عندها اطفال خسرت اد ايه؟ وكمان جوزها دلوقتي ربنا يلطف بيه كل واحد عنده 24 قيراط بس احنا اللي كل واحد بيبص للي محروم منه ومبيبصش هو التاني اتحرم من اي”
هزت حور رأسها بالنفي ثم أردفت معقبة على حديثه قائلة:
“لأ يا ليث مش صح أرزقنا مش متساوية.. صحيح ربنا سبحانه وتعالى وهو اللي بيقسم الأرزاق وحاشاه إنه يظلم حد لكن أرزاقنا مش متساوية فيه اللي عنده المال واللي عنده الصحة واللي عنده ابتلاءات اكتر من التاني.. فيه ناس بتعيش حياتها كلها أبتلاءات واللي بيعيش شوية كدا وشوية كدا وفيه اللي بيعيش حياته كويس
ربنا سبحانه وتعالى بيوزع الارزاق كما يشاء وربنا فضل بعضنا على بعض في الرزق يعطي من يشاء ويمنع من يشاء ويفعل الله ما يريد علشان كدا أرزاقنا مش متساوية لكن سبحانه لا يكلف نفسًا إلا وسعها”
تعمق ليث في حديثها وقد وجد أنها محقة فقد يرى البعض حياته سعيدة والبعض الاخر يظل طوال حياته في إبتلاءات فالله وهو من يعطي وهو من يمنع وهو خير الرازقين فهي أرزاق يقسمها كيف يشاء.
“أشطر زوجة في الدنيا كلها…وأكبر رزق جالي لدرجة حاسس رزقي كله جالي فيكي وكل يوم بحمد ربنا عليكي”
أبتسمت له حور بسمة ممزوجة بألم رغم سعادتها بما قال إلا أن سيظل بداخلها شيء حزين.. لربما مع مرور الأيام يزول.
ذهبت معه حتى توضع الصغير في الحضانة وتولت هي أموره والأهتمام به فقد كانوا جميعًا في حالة يرثى لها جعلتهم يتناسوا أمر الصغير.
🌸”مادامتِ الشمسُ تأتي بعدَ ظُلْمَتِنَا!
فليعلمِ اليأسُ أنَّ القادمَ الفرحُ.”🌸
مر أسبوع كامل دون جديد سوى أن وضع روان قد أستقر وقد بدأت في الإستيقاظ بينما دخل زين في غيبوبة بسبب الضربة الذي تلقاها على رأسه ولا أحد يعلم متى سيفيق.
أستيقظت روان على صوت بكاء صغير حولها لا تعلم لمن يعود يتبعه صوت تعلمه جيدًا يقول:
“كنت عارف إنه هيطلع زنان زي أمه”
“بس ياعمر متقولش عليه كدا دا قمر حبيب قلب عمتو”
أجابته ياسمين بلوم وهي تأخذ منه الصغير الذي لا يتوقف عن البكاء وهي تحاول أن تهديه وقد كانت الأصوات بعيدة عنها بعض الشيء تأتي من خارج الغرفة وما إن أستمعت حديث ياسمين حتى أستوعبت أن من يبكي هذا هو صغيرها!.
وضعت روان يدها مسرعة على بطنها تتحسسها فلم تجدها كبيرة كما كانت فنظرت حولها بضياع تحاول أن تذكر آخر ما حدث معها حتى شهقت بعنف عندما تذكرت الحادثة.
وقد بدأت الخيوط تتشابك ببعضها الآن ولكن أين زين؟ ولمَ ليس بجانبها! هل أصابه شيء ام ماذا؟ فآخر ما تتذكره أنه دفعها بقوة ثم رأت السيارة تسقط من أعلى الجبل وعند هذا الحد صرخت بقوة وهي تحاول النهوض تنادي بأسمه وهي تبكي.
دلف كلاً من عمر وياسمين إليها مسرعين فهرول عمر إليها يحتضنها وهو يقول بإشتياق:
“حمد الله على السلامة يا روان أخيرًا”
أبعدته روان عنها ثم هتفت وهي تقول بخوف:
“زين.. زين فين ياعمر هو.. هو وقع انا شوفته كان بيوقع ملحقش ينزل ه..”
“بس يا حبيبتي اهدي اهدي زين كويس”
حاول عمر إجالسها ولكنها رفضت وهي تصرخ فيه بإصرار قائلة:
“لأ مش ههدى يا عمر غير لما تقولي فين زين”
خشى عمر إخبارها حالته حتى لا تتأثر أكثر فأقتربت ياسمين منها وهي ممسكة بالصغير قائلة:
“طب مش هتطمني على عبدالله الاول؟ يرضيكي يزعل إنك قومتي تسألي على أبوه ونستيه!؟”
وكأنها للتو أنتبهت أنها قد وضعت بالفعل فعندما تذكرت أمر سقوطه من أعلى الجبل نسيت كل شيء.، حركت رأسها نحو الصغير الذي ينعم بين أحضان ياسمين ويبكي ثم حركت رأسها نحو عمر تسأله بعينها اذا كان هذا بالفعل صغيرها ام لا حتى أوما لها عمر ببسمة.
أخذته روان ببطء من ياسمين وهي تتفحص كل إنش بوجهه لا تصدق أن صغيرها حي يرزق بعد ما حدث لها يالله كيف له أن يمتلك كل تلك البراءة وحده!.
سقطت دمعة منها على وجهه الصغير وما إن ضمته إليها بقوة حتى كف عن البكاء تدريجيا تحت صدمة كلاً من عمر وياسمين والذان كانا يفعلان كل شيء حتى يتوقف عن البكاء ولكنه لم يشعر بالأمان سوى داخل أحضان أمه.
“انا آسفة يا حبيب ماما آسفة يا عمري مش هسيبك تاني”
ظلت روان تقبله برفق وهي تبكي ثم أخذت تضمه إليها كما لو كانت تريد إعادته داخل رحمها الآن المهم أن يظل بخير.
ظلت روان معه لبرهة رغم أن مازال أمر زين يشغلها ولكنها تحاول أن ترتوى من إشتياقها لصغيرها قدر الإمكان وبصعوبة كبيرة أبتعدت عنه وهي تعطيه لياسمين قائلة:
“خليه معاكي يا ياسمين”
ثم رفعت رأسها نحو عمر قائلة بنبرة لا تقبل النقاش:
“فين زين يا عمر؟”
أبتلع عمر ريقه فإين عملت ما به ثم تصر على الذهاب إليه وهي لا تزال مريضة ولم تسترد كامل عافيتها بعد، وما إن هم عمر بالحديث حتى نظرت له محذرة وهي تقول:
“من غير لف ولا دوران.. هي كلمة واحدة زين حصله ايه؟”
“دخل في غيبوية”
جملة من ثلاث كلمات تفوه بها عمر كان لها أثر كبير عليها
كان عمر يظن بأنها ستنهار ولكنه وجدها صامتة تمامًا لم تبدى اي ردة فعل بل أذدادت وتيرة أنفاسها بشكل ملحوظ حتى أقترب منها بقلق وهو يقول:
“روان انتِ كويسة!”
هزت رأسها بالإيجاب وهي تقول بهدوء أخافه:
“وديني عنده ياعمر”
“بس يا روان انتِ لسه تع…..”
قاطعته وهي تقول بحدة وصوتِ عالِ:
“قولت وديني عنده يا عمر لو سمحت ياما هطلع انا بنفسي أدور عليه”
أومأ لها عمر حين علم أن لا مفر منها ثم أخذها نحو الغرفة التي يقبع بها زين وهي تستند عليه وتسير ببطء ومازالت تشعر بالتعب حتى وصلت إلى مكانه فوجدت عمها أحمد وبجواره عمها رأفت وعلى الجانب الآخر زوجة عمها حكمت التي ذبلت ملامحها وأصبح وجهها شاحب ويجلس جوارها چنة وعلى بعد منهما تجلس عايدة
وعلى الجانب الآخر وأمام الغرفة تحديدًا كانت تجلس إيثار وهي تهذى ببعض الكلمات الغير مفهومة وقد كانت حالتها سيئة للغاية وشعرها الأشعث خارج من طرحتها وعيناها حمراء بشدة.
لقد كانت تلك محاولة شروع في القتل تعاقب عليها وبالأخص بعدما حققت الشرطة في الموضوع وتم الوصول إلى أن الحادثة لم تكن محض الصدفة بل كان مخطط لها..
لقد تم تأجيل مباشرة التحقيق حتى يفيق كلاهما ويُأخذ بالأقوال.
أنتبهوا جميعًا إلى روان التي تقف بجوار عمر وهي تستند عليه وقد تهللت أساورهم ثم وقفوا يطمئنون عليها وهم يحمدوا الله على سلامتها ويدعوا الله أن يفيق زين هو الآخر.
تخطتهم روان ثم تقدمت نحو الغرفة وهي تسير بوهن وما إن حاولت الممرضة منعها بسبب حالته الغير مستقرة حتى أستأذن منها عمر بأنها ستطمئن عليه لا أكثر.
وقفت روان أمام الغرفة مباشرة وقد وصل لمسامعها حديث إيثار التي تهذي به وأنها هي من تسببت في هذا وما إن رأتها إيثار تدخل حتى توقفت مسرعة تحاول الدخول معها ولكن منعتها روان فتحدثت إيثار بلهفة وبكاء:
“روان.. روان خليني أدخل علشان خاطري سيبيني هطمن عليه بس هم محدش فيهم راضي يدخلني والنبي يا روان سيبيني أدخل”
نظرت روان إلى الحالة التي وصلت إليها إيثار وقد ذهب عقلها تمامًا فمن يصدق بأن من تقف أمامها الآن بهذا الضعف هي نفسها من كانت دومًا تسبب لها الرعب! من كانت تتعمد إيذائها منذ أن كانت صغيرة وحتى الآن! بل أمتد الأمر حتى تتخلص منها ومن صغيرها دفعة واحدة.
إن الله يمهل ولا يهمل وكل ساقِ سيقى بما سقى ورغم ما وصلت إليه إيثار إلا إنها لم تر عقاب بعد فمن مثلها يسحق أن يُعذب دنيا وآخرة.
رفعت روان يدها ورغم التعب الذي تشعر به إلا أنها قامت بصفع إيثار بأقصى ما لديها من قوة تحت صدمة الجميع وأولهم عايدة التي نظرت لها بنظرة فخر فإن كانت بموقف آخر غير هذا لكانت قامت بالتصفيق لها.
بينما نظرت لها روان بغضب شديد وقد أستجمعت كل ما فعلته عايدة لها دفعة واحدة وكم تأذت بسببها فأردفت بغل دفين لسنوات وهي تقول:
“اللي جوه دا يبقى جوزي يا إيثار فااهمة؟ فاهمة يعني اي جوزي ولا مش فاهمة! حتى الموت مش هيفرقنا من بعض لأنه هيفضل فاكراني وعمره برضو ما هيبصلك.. انتِ لو آخرة واحدة في العالم برضو زين مش هيبصلك افهمي بقى زين مش ليكي زين جوزي انا وحبيبي انا وابو ابني امتى دماغك هتستوعب إن عمر زين ما هيكون ليكي ولا حتى في أحلامك؟”
وقبل أن تستوعب إيثار حديثها تلقت صفعة أخرى من روان التي تابعت وهي تقول بغضب:
“والقلم دا علشان ابني كانت هيموت بسببك… ابني اللي كان لسه مشفش النور علشان اللي زيك معندهمش رحمة ،
ولو كان جراله حاجة هو ولا زين انا كنت قتلتك بأيدي لكن انا هاخد حقي منك عند ربنا علشان مهما أعمل فيكي مش هقدر آخد حقي منك على الأذية اللي أذتهاني”
كانت إيثار تقف تستمع إليها بوجه شاحب وكأنها للتو أقتنعت بأن زين لم ولن يكن لها بل كل محاولاتها ذهبت هباءً منثورًا.. لم تخسر دنيتها فقط بل خسرت آخرتها أيضًا وعلى ذكر الآخرة أردفت روان تكمل آخر ما لديها وهي تقول بدموع مستشعرة كل ما مرت به:
“انا عمري ما هسامحك يا إيثار سامعة لو بينك وبين الجنة ذنبي عمري ما هسامحك على كل اللي عملتيه فيا
الله لا يسامحك يا إيثار ابدًا”
تركها روان ثم دلفت للداخل وهي تغلق الباب خلفها بقوة قبل أن تنهار أمامها بينما إيثار ركضت بعيد عنهم دون أن يتبعها أحد.
وفي الداخل وعند روان تقدمت منه ببطء شديد وهي تنظر إليه وإلى جسده الممدود على الفراش دون حراك موصل بالأجهزة ثم جلست جواره على الفراش وهي تنظر له بدموع قائلة:
“احنا متفقاش على كدا يا زين… انت دايمًا كنت بتقولي أنك هتفضل جنبي ومش هتسيبني ابدًا وانت برضو قولتلي إنك مستني عبدالله ييجي علشان تهتم بيه وتلعب معاه… عبدالله جه بس انت اللي أخليت بوعدك”
خرجت شهقة صغيرة منها ثم أغمضت عيناها ومشهد وقوعه من أعلى الجبال لا يفارق مخيلتها ومازالت تجهل كيف نجى من هذا السقوط الموحش.
أمسكت يده تضمها داخل يديها ثم تابعت وهي تقول بدموع:
“انا عارفة إنك قوي وهتقدر تتخطى كل حاجة وهتقوم علشاني انا وابننا… يرضيك عبدالله لما يكبر يعرف إنك مكنتش معاه من اول ما اتولد واتخليت عنه مع أول أزمة؟ أصحى يا زين علشان يعرف إن أبوه قوي وبيحبه لدرجة فاق علشانه”
أبتسمت بأمل وهي تمسح دموعها تهز رأسها قائلة:
“بس انا واثقة إن ربنا هيقومك بالسلامة يا زين علشان ربنا عليم إننا ملناش غيرك…اللي ينجينا من حادثة زي دي قادر إنه ينجي من اللي انت فيه دلوقتي علشان كدا انا مش زعلانة لأ انا هفضل راضية وصابرة لحد ما تقوملنا بالسلامة يا زين”
أنهت عبارتها ثم تمددت جواره على الفراش، تعلم أنه لا يجوز فعل هذا لأنه مريض ولا يجوز لها حتى الجلوس معه ولكنها لم تهتم فهي ستظل جواره ولن تتركه ولن تسمح لأحد بأن يبعده عنها.
أغمضت عيناها براحة وهي تنام بسلام فطالما هو جوارها إذن كل شيء سوف يصبح على ما يرام.
🌸‏أخاف أن يفنى عمري في إنجازات
وهمية ‏لا وزن لها عند الله
‏اللهُم إنّي أعوذ بك من ضياع السعي
وقلة الإخلاص وفقدان الدليل.🌸
مضى وقت طويل لم تظهر فيه إيثار مما جعل والدتها تشعر بالقلق عليها كما فعلت چنة أيضًا التي نظرت إلى والدتها وهي تقول بتسآل:
“امال فين إيثار يا ماما؟”
هزت والدتها رأسها بالنفي وهي تشعر بالعصبية من تصرفات ابنتها الطائشة والتي سوف تتسبب في سجنها فقد حاولت أخذها معها للمنزل ولكن الأخرى أبت وظلت ملاصقة لغرفته وأضاعت حياتها لمن لا يهتم اذا كانت على قيد الحياة ام لا.
“أختك دي خلاص جننتي على الأخر”
نظرت لها چنة نظرة غامضة لم تفهمها والدتها ثم أردفت بما يجيش في صدرها قائلة:
“كلكم راع وكل راع مسؤلِ عن رعيته وإيثار نتاج تربيتك يا ماما فمتزعليش إنها وصلت للمرحلة دي”
نظرت لها الأخرى بصدمة من جرأة ابنتها في الحديث معها وهي تقول:
“ايه اللي انتِ بتقوليه دا يابنت انتِ أتجننتي!”
“لأ متجننتش يا ماما بس حضرتك اللي مش عايزة تعترفي إنك السبب في اللي إيثار فيه..، طول عمرك بتكرهينا في عيال عمنا بدون سبب وزرعتي جوانا حقد وغل نحيتهم رغم إنهم بيحبونا وبيتمنولنا الخير.. انتِ حتى عمرك ما قولتيلنا صلوا ولا عمرك نصحيتنا بحاجة تنفعنا انت السبب ياماما في كل حاجة وصلنالها وكل دا ليه علشان متجوزتيش عمي أيمن أبو روان؟ دا يوصلك إنك تروحي تخنقي مرات عمي وتموتيها؟”
جحظت عيناها بصدمة وهي لا تستوعب ما تسمعه الآن فقد ظنت بأن لا أحد يعلم بهذا الأمر بينما نظرت چنة لصدمتها بسخرية وهي تقول:
“اتصدمتي صح؟ مكنتيش تعرفي إني عرفت.. انتِ قتلتي أمها وبنتك تحاولت تقتل بنتها انا بكرهكم كلكم بكرهكم وهفضل عمري كله أتكسف أقول إنكم أهلي”
تركتها چنة ثم ركضت مسرعة وما إن أستدرات إنتصار حتى وجدت عايدة تقف خلفها وعروقها بارزة بشدة دلالة على غضبها ويبدو أنها أستمعت لكل شيء فنظرت لها إنتصار بتوتر وهي تقول بخوف:
“ع.. عايدة متصدقيش.. دي دي چنة بتقول بس ا..”
قاطعتها عايدة وهي تهمس لها بفحيح:
“انتِ حفرتي قبرك بإيديكي يا إنتصار زي ما بنتك برضو حفرت قبرها بأديها”
بينما عند إيثار وقفت أعلى الشرفة وهي تستعد لأن تلقى نفسها وقبل أن تفعل توقفت على صراخ چنة وهي تقول بهلع:
“إيثار انتِ بتعملي اي؟ انزلي بسرعة”
نظرت لها إيثار نظرة خالية من كل معاني الحياة لقد كانت نظرة إصرار على ما تريد فعله فهي لن تتراجع بل أتخذت قرارها.
“أنزل ليه؟ وأعيش ليه وزين مش ليا؟”
“أعلقي يا إيثار بلاش تعملي كدا علشان خاطري ومين زين دا اللي هتخسري آخرتك علشانه الدنيا مش بتقف على حد يا إيثار أنزلي يا حبيبتي وانا معاكي مش هسيبك”
هتفت چنة وهي تحاول ردعها عما تفعل ورغم كل ما فعلته إيثار ولكنها بالأخير ستظل شقيقتها وتخشى عليها.
تجمعت بعض المارة من حولهم وأيضًا والدتها وعايدة على صوت چنة وهي تصرخ بها أن تنزل وما إن أتت إنتصار ورأتها حتى صرخت فيها بهلع كي تنزل ولكنها لم تفعل..
بينما عايدة ظلت واقفة مكانها لا تعلم ماذا تفعل لها ففكرت أن تستغل إنشغالها في الحديث معهم ثم إستدرات من الجهة الأخرى كي تمسكها ولكن رأتها إيثار فصرخت بها الأ تقترب منها.
أجتمعت بقية العائلة فنظر لها والدها بصدمة وظل يترجاها بأن تنزل ولا تتركه كما أخبرها مصطفى بأن تنزل وسوف يفعل لها كل ما تريده ولكن عقلها رفض أن يسمع شيء لذا وبدون تردد القت نفسها مرة واحدة دون أن تتمسك باي أمل آخر.. تخلصت من نفسها دون أن يكون لها الحق في ذلك فالله هو من يعطينا الروح وهو من له الحق في سلبها.
لم تنعم بشيء بل خسرت دنيتها وآخرتها ولأجل ماذا؟ لأجل لا شيء فلا أحد يستحق أن نخسر آخرتنا لأجله.. لا أحد يستحق أن نعصى الله لأجله.
خسرت آخرتها لأجل دنيا فانية؟ دنيا سوف تقسم أنها لم تلبث فيها غير ساعة؟ اي دنيا تلك التي نخسر نعيم الخلد لأجلها! لم يعد يفيد هذا الحديث فقد أنتهى كل شيء والسلام.
🌸-يا فتى!
أعلم أنّك تَعِبت، وأخذت الدّنيا شيئًا من ملامحك، وما عادت أنفاسك كما سبق!
وبلغ الذّبول منك أن كدت تقف..
جئت أخبرك أن اطمئن، الدّنيا أقصَر من خطوتك، وأقلّ من حُلمك، وأصغرُ من غايتك
أنت للآخرة، فلا تنسَ مسيرتك!🌸
دلفت روان وهي تحمل الصغير بين يديها ثم خطت نحو الداخل ورغم الحزن الذي يملئ قلبها واليأس الذي بدأ يتسلل إلى أوردتها ولكنها مازالت تحاول وما يصبر قلبها صغيرها الذي يكُبر أمامها يومًا بعد يوم.
أجلسته روان على المقعد وهي تنظر له ببسمة صغيرة قائلة بتحذير:
“هتقعد هنا ومش هتتحرك من مكانك ولا تعمل مشاكل اتفقنا؟”
“ببببب”
“ايوة جايبن نشوف بابا بس انا اللي هسلم عليه الاول علشان وحشني وبعدين انت تسلم عليه بس لو أقعدت محترم اتفقنا؟”
لم تتلقى منه روان رد فهزت رأسها وهي تقول:
“السكوت علامة الرضى.. يبقى أتفقنا”
تركته روان ثم ذهبت نحو زوجها تطمئن عليه فنظرت له ببسمة ممزوجة بحنين وهي تقترب منه تقبل رأسه بإشتياق قائلة:
“وحشتني اوي يا زين”
ورغم أنها لم تتلقى منه رد إلا أنها عبست وجهها وهي تقول بحنق وكأنه أجابها:
“لأ انت بتكدب يا زين موحشتكش لو وحشتك فعلا كنت صحيت”
وما إن أنتهت عبارتها حتى ضحكت بقوة وهي تقول:
“الله يسامحك يا زين انت وابنك انا اتجننت وبقيت بكلم نفسي بسببكم”
سرعان ما ترغرغت الدموع في عيناها وهي تقول بحزن:
“عدى سنة كاملة يا زين وانت لسه على نفس الحالة.. النهاردة يوم ميلاد عبدالله ابننا… ابننا يا زين عدى سنة من عمره من غير ما تشوفه كان نفسي نكون في اليوم دا بنحتفل بيه سوا.. انا زعلانة منك اوي يا زين”
مسحت دمعة سريعة فرت من عينيها ثم نهضت من مكانها وهي تتوجه نحو ابنها حيث يحاول النزول فانحنت بجسدها نحوه وهي تلتقطه بين يديها قائلة ببسمة:
“انت كمان وحشك بابا صح! تعالى يلا علشان تسلم عليه”
حملته ثم صارت به نحو الفراش عند زوجها ثم أنزلت الصغير وهي تضعه برفق داخل أحضان زين فخرج الصغير من احضانه ثم اخذ يشد أبيه من لحيته وهو يضحك بطريقة طفولية فجذبته روان سريعًا قائلة بضحك:
“يابني حرام عليك بقى سيب دقن ابوك في حالها هو ناقص؟ دا لو صحي وشاف اللي بنعمله فيه هيطين عيشتنا”
حاول عبدالله الفرار من يديها ثم ذهب نحو زين مجددًا وهو يلعب في وجهه فاخرجت روان هاتفها تسجل تلك اللحظات وتأخذ لهم صور سويًا كما تعودت أن تفعل حتى لا تفوت على زوجها تلك اللحظات.
“سيب دقن أبوك في حالها وتعالى علشان نوريله الالعاب اللي جبناها اى”
اخرجت روان حقيبة العاب ثم قامت بإفراغ محتوايتها وهي تخبر زين بهم وكأنه يستمع لها ثم قصت له كل ما فعلته امس بعدما رحلت وحتى عادت له في صباح اليوم.
“واه صح نسيت أقولك إن عمر بيفضل بيرخم على عبدالله علشان طالع شبهك ومطلعش شبهه هو وانا قولتله إنك لما تقوم بالسلامة هتجيبله حقه”
كانت تتحدث بعبوس ثم لاحت منها بسمة وهي تقول:
“بس تعرف يا زين هو عمر بيحبك فعلا.، لحد دلوقتي لسه رافض يعمل فرحه هو وياسمين وبيقول لما انت تقوم بالسلامة الاول…”
ترغرقت الدموع في عيناها وهي تقول بغُصة:
” السنة دي إتغير فيها حاجات كتير اوي يازين.. بعد ما مرات عمي إنتصار اتحكم عليها بالإعدام بسبب اللي عملته في ماما وبعد إنتحار إيثار كل حاجة إتغيرت والبيت بقى حزين اوي وانت مش موجود.. احنا نسينا طعم الضحكة يا زين.. انا اسفه يا زين والله انا كنت خدت عهد اني مش هقولك اي حاجة حزينة بس انا مليش غيرك أحكيله”
أطرقت رأسها أرضًا والدموع تتساقط من عيناها وقد شعرت بالوحشة دونه فقد إشتاقت له بشدة ولكن يبدو أنه لا يبادلها نفس الإشتياق وإلا لكان إستيقظ.
أقتربت منه ثم وضعت رأسها على صدره من جانب وعلى الجانب الآخر ينام الصغير على كتفه وهو يتشبث بذراعه ولا تعلم كم مر عليها من الوقت وهي تبكي على هذه الحالة كما تعودت أن تفعل كلما أرادت أن تخرج ما بدخلها.
“انت وحشتني اوي اوي يا زين”
أرتجف جسدها فجأة حين شعرت بيده تضم كتفها إليه بضعف وصوت ضعيف خرج منه وهو يهتف بوهن:
“وانتِ وحشتيني أكتر يا قلب زين”
أنتفضت روان من مكانها بذعر وهي تبتعد عنه تنظر له بصدمة بينما رمش زين بأهدابه وهو يفتح عيناه بصعوبة ثم أغلق عيناه مجددًا بسبب تأثير الضوء بينما صرخت به روان وهي تنظر له بدهشة قائلاً بدون إستيعاب:
“زين انت صحيت! زين انا مش بحلم زين انت فوقت بجد ولا انا بتخيل! رد عليا يا زين قولي اني مش بحلم”
أبتسم زين بخفة وهو يهز رأسه ثم أردف بصوت ضعيف بالكاد وصل إلى مسامعها وهو يهمس :
“مش بتحلمي لا”
صرخت روان مجددًا بحماس ودموعها تتساقط كالشلال دون أن تستوعب ثم جذبت الصغير وهي تهتف بصوتِ أصم أذنيه:
“بابا فاق يا عبدالله بابا فاق ياحبيبي”
نظر لها زين بتعجب وإلى من تحمله بين يديها ومازلت كلمة “بابا” تتردد داخل أذنه بصدمة فكيف يكون من أمامه هو نفسه ابنه!.
“مين دا يا روان؟”
“دا عبدالله ابننا يازين”
نظر لها زين بجهل ولا يستوعب حديثها فنظر لها بلا إستيعاب وهو يقول بتعجب:
“ابننا!! ازاي.. هو انا نمت نومة أصحاب الكهف ولا ايه”
ترغرغت الدموع في عيناها وهي تقول:
“انت بقالك سنة كاملة يا زين غايب عننا”
ظهرت معالم الصدمة بوضوح على وجهه ثم حرك بصره نحو الصغير والذي كان يشبه زين إلى حد كبير وكأنه نسخة مصغرة منه وسرعان ما بدأ عقله يستوعب ما حدث وبدأ يتذكر بعض الأشياء التي كانت تقصها عليه أثناء غيبوبته وكأن ما مر عليه كان حلم.
أخذ زين الصغير من يديها وهو مازال ينظر إليه بصدمة وضربات قلبه تتسارع بشدة كلما نظر إليه.. طفله كبُر عامًا بأكلمه من دونه؟ وأيضًا روان أستطاعت الإعتناء به وحدها وهي من كانت دوما مدلله!
ضم زين الصغير إلى حضنه وهو يغمض عيناه براحة بينما عقدت روان ذراعيها حول صدرها وهي تقول بحنق:
“والله؟ بتحضنه هو وانا لا؟ يعني انا موحشتكش يا زين! ”
ضحك زين ثم فتح ذراعه الآخر لها فارتمت داخل احضانه وهي تسمح دموعها مسرعة فلم يعد هناك متسع للبكاء فهاهو عاد إليها من جديد.
🌸س/ ‏لِماذا جهاد النفس صعب جدًا يا شيخ ؟!
ج/ لأن الجزاء الجنة
” وأمَّا مَن خَاف مقَام ربه ونهى النفس عَن الهوى ، فَإن الجنة هي المأوى “🌸
كان المكان مرتب بعناية فائقة ومزين بالكثير من الورود مع الكثير من البلاليين البيضاء أمام البحر في مشهد غاية في الجمال وقد اكتمل جمال المشهد بطلتها وهي ترتدي فستان زفافها الأبيض يزينه خمارها ونقابها وتحمل بيدها قطتها والتي كانت ترتدي فستانًا يشبه خاصتها وبجوارها يقف عمر مرتديًا حلته السوداء ولم تكن اناقته تقل عنها في شىء ويحمل بين يديه فتحي الذي كان يرتدي ببيونة صغيرة وضعها له عمر رغمًا عنه.
كان حفل الزفاف في أحد الأماكن الهادئة على البحر وقد كان منفصلاً فالنساء في جانب والرجال على الجانب الآخر ولا يوجد أغاني بل قاموا بتشغيل الأناشيد الاسلامية وقد كان الحفل في غاية الرقة والجمال.
كانت سهير تقف بين النسوة وهي تصفق بحرارة وتنشد معهم حتى أتت لها رسالة على هاتفها فنظرت لها ثم تركتهم وابتعدت عن الجميع في مكان خالي قليلا عن الإنظار حتى وجدته يقف مبتسمًا وهو يفتح ذراعيه لها بينما هي أبتسمت رغمًا عنها ثم تقدمت منه وهي تهتف بغيظ:
“اتلم يا يوسف الناس حوالينا”
ضحك يوسف بقوة وهو يتخيل شكل ملامحها ثم هتف قاصدًا إحراجها وهو يقول:
“يعني لو مشتلك الناس دي ينفع أحضنك عادي؟”
“لأ برضو، وبعدين مش علشان يعني كتبنا كتابنا تسوق فيها اوي كدا انت اخلاقك بقت في النازل على فكرة ودي مش أخلاق مشايخ لا”
اجابها يوسف ضاحكًا وهو يقول:
“لأ متقلقيش اخلاقي بتبقى في النازل معاكي انتِ بس لكن انا لسه الشيخ يوسف زي منا”
قهقهت سهير بخفة وهي تضع يدها على وجهها برقة بينما طالعها يوسف بحب كبير وهو لا يصدق أنها أخيرًا أصبحت زوجته ويتبقى أيام قليلة على زفافهم.
بل وما ذاد بسمته هو أن حلمه سوف يتحقق معها.. نعم فهما قررا الا يفعلا حفل زفاف بل سيذهبا إلى بيت الله تعالى بدلاً عن ذلك.
ومن بعيد كان أحمد يقف يراقبهما وهو شارد ثم لاحت منه إبتسامة عندما رأى سعادة صديقه معها واخذ يدعو الله لهما وقد أخرجها من عقله تمامًا ثم حول بصره على تلك التي تقف بعيدًا بملامح وجه حزينة وذابلة ولكن ما ذادها جمالاً هو هذا الخمار الذي يزين وجهها فقد تغيرت كليًا بعدما حدث في الفترة الأخيرة.
تحرك أحمد بعدما قد أتخذ قراره ثم ذهب نحو مصطفى الذي كان يقف مع بعض الشباب ثم جذبه وهو يقول فجأة:
“مصطفى انا عايز الآنسة چنة أختك”
نظر لها مصطفى بصدمة وإلى حديثه المفاجئ دون أن يستطيع النطق فسارع أحمد بتوضيح مقصده وهو يقول:
“أقصد عايز أتجوزها يعني والله”
أبتسم مصطفى وقد إنفرجت أساور وجهه وهو يقول:
“انا كنت جايلك لنفس الموضوع… انا كمان طالب ايد الآنسة أسماء أختك”
“أسماء أختي؟ انت تعرفها!”
سأله أحمد بتعجب فهز مصطفى رأسه وهو يقول:
“ايوة.، شغالة معايا في الشركة وشوفتها وبصراحة معجب بأخلاقها جدًا، كفاية إنها اختك”
أبتسم له أحمد وهو يقول:
“الظاهر اننا هنكون نسايب”
وعلى الجانب الآخر خرجت هي تبحث عن زوجها الذي طلب منها المجئء ثم وجدته يقف بإنتظارها بالفعل فنظرت له ببسمة وهي تقترب منه بينما هو سألها ما إن رآها بمفردها قائلاً:
“امال فين عبدالله يا روان سايباه لوحده ليه؟”
“لأ مش لوحده دا مع أمه التانية حور”
أبتسم زين وهو يقول:
“لحسن يتعبها ولا حاجة انتِ عارفة عبدالله شقى”
“لأ متقلقش حور بتحبه اوي.. تعرف إنها اول واحدة شالته لما انا ولدت وكمان هي اللي اهتمت بيه طول الاسبوع اللي انا كنت تعبانة فيه… حتى بعد ما فوقت وخفيت هي مسابتنيش فضلت تهتم به برضو علشان كدا اول ما يكبر شوية هوديه في مدرسة القرآن بتاعتها علشان يتعلم”
أومأ لها زين بتأكيد وهو يقول:
“طالما انتِ أمه هيطلع أحسن واحد في الدنيا بإذن الله”
أبتسمت له في حنان بالغ وهي تهتف بحب:
“وطول ما انت معانا احنا هنفضل بخير يا زين”
🌸اللهم لك الحمد فاغفرلي🌸
تركت الحفل الكئيب بالنسبة لها ثم صارت حتى تنهي آخر شيء تبقى لها.. فقد أستعادت شخصيتها وحياتها القديمة وتركت الماضي خلفها وبدأت صفحة جديدة من حياتها حتى أنها عادت ترتدي الحجاب من جديد وأخذت تتقرب إلى الله وأنهت كل شيء يربطها بحياتها القديمة فقط يتبقى شيء واحد وها هي سوف تقضى عليه.
سارت عايدة مسافة لا بأس بها حتى دخلت في منطقة مظلمة وبعيدة كل البعد عن البشر حتى وصلت للمكان المنشود وقد تسارعت دقات قلبها بعنف شديد رغمًا عنها، ورغم ذلك اكلمت السير حتى وقفت أمام غرفته.
أخذت نفسًا عميقًا ثم فتحت الباب بعنف وهي تنظر له بكره وحقد شديد بينما هو ما إن رآها حتى تهللت أساور وجهه وهو يقول بلهفة:
“عايدة أخيرًا جيتي… جيتي تخرجيني صح!”
نظرت له بإذدراء شديد وإلى ملامحه التي كبُرت كما لو كان شخصًا عجوزًا ، لقد تبدل حاله كثيرًا وأصبح نحيف للغاية وجسده مغطى بالجروح والإصابات من كثرة ما تعرض له من عذاب طوال هذه السنين.
أقتربت منه ببطء ثم هزت رأسها ببسمة وهي تقول بإستمتاع:
“لأ.. جيت أريحك من العذاب اللي انت فيه دا يا.. ياطليقي العزيز”
نظر لها يوسف بخوف شديد ولا يدرى ماذا تنوى له فهو يمكث هنا منذ سنوات عديدة لا يعلم عددها بعدما حبسته هنا ثم قامت بتعذبيه أشد انواع العذاب لما فعله بها.. ومازالت ترى أن ما فعلته قليل به فهو يستحق أكثر من ذلك… هو من أوصلها إلى تلك الحالة.
أخرجت عايدة المسدس من جيبها بينما هو جحظت عيناه برعب وهو يصرخ بها يطلب منها السماح بينما هي كانت أبعد من ذلك.
قامت بإطلاق الرصاص عليه دون أن يهتز لها جفن ثم خرجت من المكان وهي تشعر براحة كبيرة فاهي قد تخلصت من الذي تسبب لها في كل شيء.
وأثناء سيرها في الظلام للعودة وجدت من يجذبها من الخلف ويضع يدها على فمها ويكبل حركتها قائلاً:
“على فين يا جميلة… معدش فيه المرادي هروب تاني”
أبتسمت عايدة بسمة غامضة ثم ذهبت معه بهدوء دون أن تعترض وهي بكامل إرادتها بل وهي سعيدة بعودته لها.
#تمت بحمد الله 2024/11/24

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية وسولت لي نفسي 2)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *