رواية صقر الصعيد الفصل الحادي عشر 11 بقلم نورا عبدالعزيز
رواية صقر الصعيد الفصل الحادي عشر 11 بقلم نورا عبدالعزيز
رواية صقر الصعيد البارت الحادي عشر
رواية صقر الصعيد الجزء الحادي عشر
رواية صقر الصعيد الحلقة الحادية عشر
– خير يا داكتور طمني هي زينة
أجابه الطبيب وهو يقطع له الروشتة باسماً بتكلف له: –
– متجلجش ياصجر بيه المدام زينة هي بس عنديها حمي آنا أديتها حجنة هتخفض الحرارة وإن الله مع الكمادات والعلاج ده هتكون زينة وتجوم بسرعة
أخذ منه الروشتة ثم مدها ل عوض وقال بقلق عليها: –
– مع الداكتور ياعوض وتجيب العلاج ده وياك وأنت معاود، متشكرين ياداكتور
– على أيه يابيه ده شغلي.
قالها الطبيب مُبتسماً له ثم نزل مع عوض ، دلف لغرفته لكي يرآها ويطمأن عليها ويخمد نار القلق التي أشتعلت بقلبه العاشق، كانت تجلس بجوارها وهي نائمة تمسح على شعرها برفق وحين دلف أبتعدت عنها لكي يراها هذا العاشق ويطمئن عليها فجلس هو بجوارها وتناول يدها بين كفيه ثم وضع قبلة رقيقة على جبينها وأبقي صامتاً، خرجت فريدة من الغرفة وتركته مع حبيبته، فهمس بأذنها بضعف وعجز وهو يراها مريضة بأبسط مرض يصاب به اي شخص قائلاً: -.
– جالان، الف سلامة عليكي ياحبيبتي ياريت كنت أنا وأنتي لا ياجلبي، نفسي تجومي بالسلامة ياروحي وتصدجي إني ملمستش حرمة ولا هلمس غيرك أنتي بس وربنا يعلم ويشهد على حديدي دي وأني مستحيل ازني مع واحدة وتحمل مني مستحيل ياجلب صجر من جوا، فالعاشج لا يخون يامعشوجتي ( فالعاشق لا يخون يا معشوقتي) نفسي تصدجي لانك كيف ما بيجولوا من ورايا أنتي بجتي نجطة ضعفي بس ميعرفوش ان جوتي منيك برضو، جومي ياجلبي بالسلامة واوعدك أدفع الكل تمن اللؤلؤ اللي بينزل من عيناكي دي.
فور أنهاء حديثه معاها وضع قبلة على عيناها الباكية دوماً من أجله وبسببه، سمعت حديثه لها ولكنها لا تقوي على الحركة أو حتى على فتح عيناها، ظل بجوارها يفعل الكمادات لها وهي نائمة شبه فاقدة الوعي…
في النادي كانت تجلس على الترابيزة وترتشف كأس من العصير وتكمل بعض عملها بأوراق الشركة فجاءت لها ملك تركض باكية وخلفها أختها التوأم تبكي هي الأخري، تركت القلم من يدها وأستدارت لهم فقالت بهلع وقلق كم تكره رؤية دموع أطفالها فلأجلهم وحدهم فعلت وستفعل الكثير: –
– حصل آيه يا ملوكة، بتعيطوا ليه
– مامي الواد ضربني وأخد بلونة مكة.
قالتها وهي تبكي وترتجف بطفولية تشبها فوقفت قمر بغضب لتري الطفل الذي ضرب أطفالها، ذهبت معاهم إلى بائع المثلجات ولم تجده ووجده أيمن بطفله يتشاجر معه
– هو اللي ضربهم وطالما هو اللي بدأ ميزعلش
قالها يوسف بصراخ وأنفعال طفولي لوالده، فركضت الطفلتين له، رفع نظره ورأها تقترب منهم غاضبة بشدة
– آنا جبت مامي هو راح فين عشان تضربوا ها.
قالتها مكة وهي تبحث حولها، فأجابها يوسف بحماس وهو يصنع حركات الملاكمة لها قائلاً: –
– آنا موته ضرب، فرمته راح جرى يعيط
ضحكت رغم غضبها حين رأت حركاته وحديثه، نظر لضحكتها الساطعة كأشعة شمس تنير حياته، خجلت من نظراته فأخفضت رأسها وهي تبعثر شعرات طفلتها بأحراج فأبتسم عليها…
أستيقظت جالان مساءاً بتعب وتشعر بجسدها مبلل من حبيبات العرق بعد أنخفاض حرارتها، شعرت بثقل على رأسها وشعرها فوضعت يدها ووجدت منشفة مبللة على رأسها وذراعه مُمدد على شعرها فجذبت شعرها بخفوت حتى لا يستيقظ منها ثم نظرت له وهو نائم بجوارها على السرير بوضعية جلوسه ورأسه مُتكية على ذراعه فوق شعرها بجوار رأسها وكأنه يخشي ان تهرب منه فيحيطها بذراعيه ورأسه، تأملته بعشق يلتهب بين ضلوعها كما أشتاقت لرائحته ورائحة ملابسه ودف حضنه، أشتاقت لأنفاسه، أفلتت ذاتها من بين ذراعيه دون ضجة بكل هدوء حتى لا يستيقظ وذهبت لأخذ حمامها وتنظف جسدها من حبيبات العرق الكثيفة ثم أرتدت منامتها القطنية القصيرة تصل لركبتيها وتركت أقدامها النحيفة عارية وذراعيها هكذا، خرجت من الحمام بعد أن جففت شعرها قليلاً بالمنشفة ورأته كما هو نائماً لم يشعر بحركاتها وبُعدها عنه، عادت مجدداً مُبتسمة لحضنه بين أسوار ذراعيه كانت سجينته وأنفاسه كانت حراسها حتى لا تهرب أسيرته الجميلة ولكن هذه المرة هي من تطوقه بذراعيها فجذبته نحوها من خصره بهدوء ثم أستنشقت رائحته بعمق ورفعت رأسها من حضنه ووضع قبلة رقيقة على زواية شفتيه وعادت لصدره تنام بداخله…
– مش هتبطل شقاوة لا وكمان بتتخانق أنت بتشوف أبوك بيتخانق
قالها أيمن وهو يجهز العشاء لطفله، فأجابه يوسف حينما جلس على السفرة قائلاً: –
– هو اللي ضربهم اسيبه يضرب لوكا يعني وملوكة وكانوا بيعيطوا ولما اشوفه هأديله عقلة موت
جلس أيمن بضجر ووضع الأطباق وصرخ به قائلاً: –
– آنا مش عايز خناق ومشاكل في النادي مفهوم وإلا مفيش تدريب ولا ماتشات كورة تاني مفهوم.
– أنت وحش وشرير آنا مبحبكش وعايز مامي زي ملك ولوكا وكل صحابي انت ظالم آنا مش عاوزك انا عاوز مامي زي صحابي
قالها ببكاء من أنفعال والده عليه ثم ذهب إلى غرفته غاضباً ويبكي دون أن يأكل من طعمه شئ، ذهل أيمن من طلب طفله بأم له كباقي الأطفال بسنه، ترك الطعام دون ألتهمه وذهب خلف طفله ولم يفتح له فزفر بضيق من تمرد طفله..
مع بروز الشمس صباحاً فتح عيناه بأرهاق من وضعية نومه الخاطئة وجدها بين ذراعيه متشبثة به وهي غالقة قبضتها على ملابسه بقوة كطفل رضيع في أحضان أمه، أبعد خصلات شعرها عن وجنتها يتحسسها ليري حرارتها أنخفضت آما مازالت معشوقته مريضة وفوجدتها عادتها لطبيعتها فأبتسم بخفوت على شفاءها ببهجة وأنزل نظره إلى ذراعيها وجدهما عاريين فأنتبه لملابسها أهي أ ستيقظت حقاً وغيرت ملابسها وليس فقط بل عادت له ولم تنفره بعيداً أو تهجره كلا بل عادت لحضنه وتشبثت به، ظل يربت على خصلات شعرها وهو يفكر بفعلتها هذه حين عادت له هل تفتح الأبواب التي تبعده عنها؟ هل هدمت الحواجز التي بُنيت بينهم؟ هل حقاً قصدت بفعلتها بأن له الحق بلمسها وأخذها في حضنه دون خوف من رفضها ومنعها له؟..
لم يشعر بذاته وضربات قلبه سوي وهو يقبل مل أنش في وجهها بخفوت شديد يخشى ان تستيقظ عصفورته الجميلة لكن لا محال للأمر أستيقظت جميلته وهو يقبل عيناها بشفتيه فشعر بحركة عيناها الضعيفة أسفل شفتيه فأبتعد قليلاً وأنفاسه تداعب وجهها لكنه ذهل شدت على ملابسه بقبضتها تمنعه من الأبتعاد عنها فإذا كان هو مشتاق لها لهذا الحد فهي تشتاق له حد الجنون والهوس به، تقابلت عيناهما العاشقة معاً فعلت صوت أنفاسه مُداعبة أنفها بدفئها، كانت تتمتع برؤية عيناه المشتاقة لها وبريق عشقها الذي يسكن قلبه وحديثه لها أمس وهو يقسم بربه إنه لا يفعل ولم يقترب من أنثى غيرها وكم يعشقها بجنون، رفعت رأسها قليلاً للأعلي وهي تتعلق بعنقه فرأها تقترب منه مُطالبة بتذوق شفتيه ففر هارباً منها حينما قام من سريره بعيداً عنها فجلست بسريرها صادمة من فعلته منذ قليلاً كآن مشتاق لها وينعم عليها برزق قبلات ناعمة لأجلها، بعد أن أحمرت وجنتيها من الأحراج لأول مرة تطلبه هي وخذلها فأخفضت رأسها خاجلة منه وما فعلتها، تنحنح بهدوء مُتحاشي النظر لجميلته كما هي فائقة الجمال بعيناها الزرقاء وشعرها الذهبي المنسدل طويلاً على ذراعيها العاريين وقال بهدوء: -.
– متهمليش دواءك
ومن ثم فر هارباً من الغرفة، وضعت الغطاء فوقها وهي جالسة خاجلة من ذاتها ومن فعلتها وتضرب رأسها بقبضتها غاضبة من نفسها وشوقها المعلون بعد أن أصاب قلبها بلعنة الحب الأبدية له…
في الشركة كان يقف مُنفعلاً من تصرفات طفله مؤخراً في الأيام الماضية وهو يطالب بأم له تحن عليه في أوقات أنفعال والده
– أعمله أيه اجبله ام منين هي بتتباع
قالها بأغتياط من طفله، أجابه نبيل بتفاهم قائلاً: –
– طبيعي يابني هو طفل بيبص لكل أصحابه في السن ده
أستدار له بأستنكار وقال بهدوء: –
– عارف بس أعمل ايه اجبله ماما منين ذنبي بقي ان أمه ماتت وسابتلي قرد بلسانين.
وقف نبيل بهدوء بعد أن دق باب مكتبه ثم دخلت قمر أثناء حديثه حين قال: –
– تتجوز يابني هو الجواز حرام
توقف مكانها بالمنتصف عن المضي قدماً نحوهم بصدمة ألجمتها وحزن دخل قلبها وكأن أحدي طفلتيها أصابها شئ…
زحزحت قدمها بصعوبة حتى وصلت لمكتبه وأعطته الملف وفرت هاربة بدون أن تتفوه بكلمة وعيناها سكنتهم دمعة حزينة…
أستغرب فعلتها أين بسمتها الساحرة التي تنير دنياه ويومه؟ فذهب تفكيره بها بدلا من طفله وتمرده…
خرجت منال من غرفتها ورأت أختها تستعد للخروج فقالت: –
– على فين
– مالكيش صالح واصل، همليني في حالي
قالتها رقة بأستنكار وخرجت من المنزل منفعلة من مجيء أختها بدون أنذار تدمر عليها ما تخطط له…
كانت تجلس في الصالون تكتب أحدي المقالات وسمعت عوض يتنحنح أمام باب السرايا ويناديه فوضعت حجابها ووقفت..
– جناب البيه أهنا، بنت المحروج دي عاوزه تجابله
قالها بغيظ من رقة فخرجت مُنفعلة منها آما هو دخل لمكتبه يخبره بطلبها لرؤيته…
خرجت جالان للحديقة مُنفعلة كلبوة شرسة تكاد تلتهم رقة بعيناها ثم وقف أمامها تعقد ذراعيها أمام صدرها وقالت بكبرياء: –
– نعم عاوزه اية، مش قولنا مش عاوزين نشوف خلقتي دي هنا.
– آنا معايزكيش أنتي، آنا طلبت صجر وأستنيت عليه سبوعين كمان اهو ومفيش رد منيه جولت اجي اشوف رأسي من رجلي وأعرف هيتجوزني ولا أخد بعضي وأطلع على العمدة واعيان البلاد ونمشيها محاكم وجضايا
قالتها رقة بطريقة مُستفزة أثارت غضبها أكثر على الأقل يجب أن تتحدث بلطف أو ندم على فعلتها هذه وحملها بدون زوج سواء حقيقي أو لا على الاقل تتحلي بالحياء والأدب في حديثها فصرخت بها بأستياء وأحتقار منها: -.
– يتجوز مين، جوزي مش هتجوزك غير لما نتأكد آنه منه فعلا يعني تولدي وناخد الواد احنا فمستشفي برا ونعرف هو ابنه ولا تزوير ياست الحسن والشرف
– هتجوزه غصب عنك وعن الكل ده اوديه في داهيه وبكرة لما اتجوزه وابجي مرته هكسرلك مناخريك اللي شايفة نفسك بها
قالتها وهي تدفعها من كتفها بغضب بعد أن أخبرتها بأنها لن تتنازل عن زوجها ولن يتزوج غيرها.
– أطلعي برا سمعتي برا بيتي وأوعي تفتكري آنك تقدري تقربي من جوزي ولا حتى آنا هسمحلك بده فاهمة جوزي لا
قالتها جالان بتحدي وشراسة كما أعتادت على الوقوف أمام عدوها…
نظرت لها رقة بأغتياظ وهي تجز على أسنانها ثم أقتربت منها وقالت: –
– جوزك اللي بتحددي عنيها ده هبجي جوزي انا كمان وغصب عنيه فاهمة أنتي
صدمت حين نزلت صفعة قوية على وجنتها من كف جالان وقالت لها بأنفعال: –
– ده بعينك آنك تقربي من جوزي.
كادت رقة آن تتحدث لكن أستوقفها صوته من خلف هذه اللبوة بعد أن سمع حديثهم وحديث حبيبته عنه وأنها لن تتنازل عنه لأي شخص وتثق به وطعنها بتزوير الحمل أدخل السعادة والأمل على قلبه وأعاده للحياة مجدداً، فقال بغيظ وهو يأخذها من كتفها يبعدها عن هذه الحية حتى لا تلمسها أو تدفعها مجدداً: –
– مش جولتلك متعتبش باب السراية دي تاني، ولا انت مبتفهمش يا بهيم.
كان يوجه حديثه ل عوض مُنفعل بعد أن رأها تلمس محبوبته وتدفعها، فأخذها عوض للخارج بسرعة خوفاً من غضبه، دلفت للداخل مُبتسمة من طردها…
كان يرتشف كوب من الشاي بالنعناع كعادته ثم قال بحيرة: –
– مر ثلاث أسابيع اهو مفيش خبر، تفتكر محصلش حمل ياواد
أجابه حامد بأهتياج سريع خوفاً منه: –
– ياحاج هو الحمل هيظهر في وجتها لسه هبابه خير بإذن الله
نكزه بنوته في ركبته وقال: –
– لما نشوف ياخبيتي.
أخبرها بأن هناك عريس من أهل البلد يريدها وتقدم لخطبتها فصعدت لغرفة جالان لتشاورها ولم تجدها لكن سمعت صوتها تستفرغ بالحمام ذهبت لها ورأتها تخرج فقالت بقلق: –
– مالك ياخيتي
– مفيش
قالتها جالان بتعب وهي تجفف وجهها بالمنشفة، فأدارت فريدة لها وقالت بقلق: –
– كيف دي أنتي صفرة كيف
الليمونة، آنا هشيع للحكيمة
كادت آن تذهب فمسكتها جالان من ذراعها تستوقفها وقالت: –
– مفيش داعي آنا عارفة آنا عندي آيه.
فسألتها فريدة بهدوء وعي تمسح لها وجهها وترأها أمامها مرهقة وتبدو عليها التعب الشديد شاحبه اللون: –
– عنديك ايه، لتكوني…
أشارت أليها بحزن شديد وقالت: –
– آه حامل
ذهبت لسريرها وجلست فهتفت فريدة بسعادة وهي تقترب: –
– متوكد من دآ يعنى آنا هبجي عمته
– متأكدة الحيض مجتش بقالها أسبوع وسألت قمر على أعراض الحمل معظمها عندي نوم كثير وتعب في بطني وضهري كل ما أتحرك…
– طب زين زين الحج أفرح جدي ده صجر هيفرح جوي.
قالتها وهي تقف لكي تنزل، أمسكتها من ذراعها بأرتباك وقالت: –
– يفرح ايه بس ده مصيبة عنده، صقر ميعرفش انه..
صمتت بخجل ثم أخفضت رأسها بأحراج شديد وقالت: –
– صقر ميعرفش انه قرب مني، بصي آنا مش فاهمة ازاي بس هو مش فاكر حاجة خالص من اللي حصل ولو عرف اني حامل ممكن يحصل كارثة
– ماهو مصيره يعرف ده جوزك وده حمل.
قالتها فريدة بحزن شدة على حال هذه المرأة التي لم تستطيع السعادة بخبر كهذا كأي فتاة تحلم بروح بداخلها وقطعة من حبيبها تحملها في أحشاءها، عضت جالان شفتيها بأنكسار وقالت: –
– انا مش هقوله أصلا وهو مش هيعرف لاني انا…
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية صقر الصعيد)