روايات

رواية وعود الليل الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم نداء علي

رواية وعود الليل الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم نداء علي

رواية وعود الليل البارت الثالث العشرون

رواية وعود الليل الجزء الثالث والعشرون

وعود الليل
وعود الليل

رواية وعود الليل الحلقة الثالثة والعشرون

حالنا كحال الليل، ظلامه يسود ومهما سعى نحوه قطرات من الضوء الخافت احتضنها بقوة فامتزجت به وباتت مثله، هادئه، مظلمة، ومخيفة.
كأنه طفل خايف من العقاب على سر مخبيه وفي نفس الوقت متحمس يقول إيه هو السر، مبتسم بحالمية وهو بيتخيل رد فعل بناته على قراره وفي نفس الوقت متردد يفاتحهم في الموضوع، القهوة بتاعته كانت هتفور لكنه لحقها، قفل الغاز وصب القهوة في كوبايته المفضلة، راح البلكونة وقعد على كرسي خشب متعود من سنين يقعد عليه لوحده من وقت وفاة زوجته وأم بناته، سمع صوت أغنية لكارم محمود مشغلها واحد من الجيران، أمانة عليك يا ليل طول وهات العمر من الأول، ضحك محمود وحس إن الأغنية بتعبر عن حالته، بعد ما فكر ان عمره انتهى، شاف سميرة ورغم عنه جددت جوة منه مشاعر اندفنت من سنين، من وقت ما زوجته ماتت في حادث مؤلم وهو متفرغ لبناته علمهم ورباهم لوحده، اتجوزوا وعاشوا حياتهم وفضل هو لوحده، بينتظر منهم زيارة أو مكالمة تليفون لكنه محتاج يبدأ حياة تعوضه سنين العمر اللي ضاع، حاسس كأن العمر هرب منه من غير ما يحس.
فجأة سمع جرس الباب بيرن، ساب القهوة من ايده وراح بسرعة يفتح علشان يقابل بناته واحفاده، لكنه اتفاجيء بواحدة بس من البنات لوحدها ومن غير أولادها الصغيرين.
سألها بلهفة : حبيبتي، عاملة ايه يا ريتاج، فين اخواتك والأولاد؟!
ريتاج سلمت عليه ودخلت البيت وهي بتقول
متقلقش يا بابا، رغد ورفيف طيارتهم اتأخرت، وأنا مش هقدر انتظر كل ده في المطار، وأولادي عندهم تدريب في النادي لأن عندهم بطولة قريب، بس متقلقش هيخلصوا وابوهم هيجيبهم ونتغدى كلنا مع بعض، أنا مجهزة كل حاجة من بدري.
🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷
ثابت اتصل بإدارة الفندق وطلب منهم يمدوا الحجز لكاريمان وأكرم وطلب إن الموضوع يفضل سر، طلب منهم يبلغوهم ان الأسبوع هدية من الفندق لهم وبالفعل المسؤولين اتصلوا على أكرم وبلغوه، وقتها طار من الفرحة لأنه هيقدر يعيش أيام صعب تتكرر تاني وسط زحمة الحياة وضغوطها.
كاريمان كانت نايمة رغم انهم لسه صاحيين من وقت بسيط وأكرم اتعجب لأنها كانت من وقت بسيط قاعدة معاه وبيتكلموا، راحلها بلهفة وحاول يصحيها بلطف لكنها استخبت جوة حضنه وقالتله
عاوزة أنام شوية يا أكرم، بليز، حاسة إني مرهقة.
باس رأسها وغطاها كويس ومتكلمش لأنه عارف ان نومها خفيف ولو كلمها هتقوم ويبقى مزاجها وحش، قعد جمبها لكنه حس بالملل، حاول ينام هو كمان معرفش لأنه نام بالليل كويس، فكر شوية وبعدين قرر ينزل يتمشى لحد ما هي تصحى.
نزل أكرم وهو في طريقه لخارج الفندق قابل جاسم، اتردد لحظات قبل ما يكلمه لكن جاسم سبقه وقرب منه وقاله
أهلا يا باشمهندس، أخبارك ايه، ومدام كاريمان، بخير!
أكرم اتحمس وسلم عليه بحرارة وابتسم بدون قصد لما همس لنفسه ان هو وجاسم نسايب متجوزين أختين.
جاسم هو كمان ما صدق إنه اتقابل مع أكرم، لأنه قلقان على ماريا وفي نفس الوقت كرامته منعاه يسأل عنها ووجود أكرم هيشغله ولو مؤقتاً عن التفكير فيها.
وقفوا قصاد بعض وكل واحد منتظر الثاني يتكلم، جاسم سأله بتلقائية وشيء من الفضول
أنا معطلك أو حاجة؟
أكرم حرك رأسه بنفي : لأ أبدا، كاريمان فوق نايمة وأنا زهقت فحبيت اتمشى.
جاسم طلب منه بترقب
طيب ايه رأيك نشرب قهوة ونتكلم شوية.
أكرم : أكيد طبعا، اتفضل حضرتك.
جاسم ضحك بوقار : حضرتك إيه إحنا غالباً هنبقى أصحاب يا بشمهندس، ولا إيه؟
أكرم : شرف ليا طبعاً بس في الحالة دي نخليها أكرم وبلاش ألقاب.
اتفقوا واتحركوا ناحية الكافيه وطلبوا قهوة سادة لجاسم ومظبوطة لأكرم وبدؤا يتكلموا في مواضيع عامة عن حاجات ملهاش علاقة ببعضها لحد ما جاسم سأل أكرم :
انت ومدام كاريمان تعرفوا بعض من زمان ولا إيه؟
أكرم مجرد ما افتكر أول يوم اتقابل فيه مع كاريمان نظرة عيونه اختلفت وملامحه اتغيرت وكأن الحياة ظلامها بيختفي أول ما بتشرق كاريمان عليها، كان بيتكلم عنها وجاسم مستغرب ومش مصدق ان الحب ده حقيقي أو ممكن نلاقيه.
في نفس الوقت كانت كاريمان نايمة وبتحلم إنها تايهه في مكان مظلم، لوحدها وفي حد بيطاردها، صوت أنفاسها كان مسموع ورعبها كان بيزيد كل لحظة وفجأة فاقت من النوم بفزع وصرخت من الخوف، فضلت تنادي على أكرم ولما مردش عليها اتحركت من مكانها بلهفة لأنها محتاجة وجوده، اتنهدت بقلة حيلة وغمضت عيونها لحظات بسيطة بتحاول تنظم دقات قلبها وتهدي نفسها، أول ما قدرت تفوق وتستجمع قوتها اتصلت على سميرة وكلمتها بحب واشتياق واحتياج لحد يشاركها تفاصيل حياتها زي ما هي اتعودت معاها.
سميرة طارت من الفرحة، صوت كاريمان كان ونسها الوحيد ومن وقت غيابها وهي وحيدة، سألتها بحب:
عاملة ايه يا قلبي، طمنيني يا كوكي؟
كاريمان بدأت تحكي تفاصيل بسيطة لأنها لسه خايفة من الحلم اللي شافته، اتنفست بهدوء وقالت لسميرة
أنا مبسوطة أوي يا ماما سميرة، بس في نفس الوقت خايفة.
سميرة مسألتش هي خايفة من إيه لأنها حاسة بيها، قالتلها بهدوء
استمتعي بكل لحظة في اليومين دول، الأيام دي يا كاريمان هي أجمل أيام حياتك مع أكرم، لسه مفيش مسؤولية ولا اطفال، متشغليش نفسك بأي حاجة وسيبي مشاعرك بدون قيود، مفيش داعي تقتلي فرحتك بالخوف ياحبيبتي.
كاريمان : حاضر، قوليلي بقي عاملة ايه، بتاكلي كويس، اهتمي بنفسك علشان خاطري.
سميرة كانت محتارة، تقولها عن ثابت ومكالماته المستمرة معاها وسؤاله عنها وعن اكرم ولا تسيبها من غير ما تنكد عليها لأنها عارفه ان أي كلام عنه بيقلب مزاجها ويعصبها، اختارت تسيبها زي ما هي ولما ترجع من شهر العسل ربنا يحلها.
ماريا كانت مستمرة في رحلتها الانتقامية زي ماهي بتقول لنفسها، بتشتري اي حاجة تلاقيها وتعجبها وكأنها بتعاقب جاسم إنه اداها الكريديت وفي نفس الوقت مش عارفه تعمل حاجة تتسلى بها غير أنها تشتري، نفخت بضيق لأنها زهقت لكنها شافت محل ساعات كارتييه على بعد خطوات، اتحركت بثقة ودخلت اشترت ٤ ساعات سعر الواحدة ميقلش عن ٥٠ ألف وده لفت نظر الناس في المكان لكنها مهتمتش واخدتهم وخرجت.
دخلت سينما لفيلم عربي لكنها مقدرتش تكمله لأنه مختلف عن نوعية الأفلام اللي بتحبها، هي بطبعها بتحب الاكشن مع رومانسية بسيطة واحداث سريعة ومنطقية، لكن الفيلم اللي دخلته بعيد عن المنطق ومبنى على قصة حب من طرف واحد وده حسسها إن البطلة ضعيفة، يعني ايه إنسان يحب ويضحي علشان حد مش حاسس به، مشيت ماريا وخلاص كل طاقتها انتهت وكان نفسها تروح لكنها شافت محل للحيوانات الأليفة، ابتسمت بسعادة حقيقية أول ما شافت مجموعة جميلة من القطط، عشقها من الصغر، قررت علطول تشتري قطة صغيرة عالأقل تتسلى معاها بدل الملل والخناق مع جاسم، دخلت المحل تتفرج وتشتري.
دخل المحل اثنين واحد منهم قرب من ماريا وسألها بذوق وشياكة
بعد إذنك، ممكن تساعديني، شكلك بتحبي القطط وأنا حقيقي مش بعرف اتعامل معاهم بس مضطر اشتري قطة هدية علشان عيد ميلاد أختي الصغيرة.
ماريا بتلقائية رحبت انها تساعده، دي أول مره حد يطلب منها مساعدة من وقت ما نزلت مصر، بدأت تتحرك معاه في المحل وتقوله أنواع القطط ومميزاته وده خلاه معجب جدا بها، شكلها مميز وصوتها كمان فيه بحة مختلفة، صوتها في حاجة تجذبك غصب عنك.
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
محمود استقبل بناته بسعادة، آخر مرة اتجمعوا كانت من سنتين تقريباً، اتكلموا كتير وأكلوا، اتناقشوا في حاجات وافتكروا ذكريات جميلة فات عليها سنين لكن الصمت عم المكان اول ما محمود بلغهم برغبته في الزواج.
الكل سكت ماعدا ريتاج، صرخت بفزع وهي بتقول :
انت أكيد بتهزر، صح؟!
محمود بلع ريقه بتوتر وحذر :
لأ، أنا كبرت في السن يا ريتاج، برجع من الشغل أكلم نفسي يا بنتي، وبعدين أنا صحيح كبرت بس مش للدرجة اللي تخليني استبعد فكرة الجواز نهائي، ثم إنكم الحمد لله كبرتم وكل واحدة أسيت حياة وبقى عندها أولاد الحمد لله واطمنت عليكم، أنا بقيت بخاف من الوحدة، بخاف من الليل وهدوءه، بخاف من المرض أو الموت وأنا لوحدي.
نظراتها كانت أقسى من كلامها، نظرات فيها انتقاص واتهام واضح
سألته بتهكم
خايف ياصغنن، حجة حلوة دي هتتجوز علشان خايف ولا هتتجوز علشان رغباتك، راجل داخل عالستين رايح تحب وتتجوز وتعيش حياتك.
رغد حاولت تمنع أختها من الكلام لكنها كملت بنفس الأسلوب
لو خايف تموت لوحدك متقلقش شكلنا هنموت قبل منك، هتجلطنا كلنا.
رفيف وقفتلها بغضب ورغد لأول مره في حياتها ورغم حنانها وحبها لأخواتها صرخت في وشها ودفعتها بعنف وهي بتصرخ في وشها بدهشة
اخرسي بقى، انتِ إزاي تتكلمي مع بابا بالشكل ده، إيه قلة الأدب دي.
ريتاج دافعت عن نفسها وقالتلها
ابعدي عني متدخليش، إيه هتعملي نفسك الملاك البريء، كده كده انتِ عايشة حياتك برة مصر ياحبيبتي، مش فارق معاكي يتجوز ولا يموت، كله تحصيل حاصل، بتنزلي مصر تتدلعي وتغيري جو و َتسافري من تاني، لا هتسمعي تعليقات سخيفة من الناس حواليكي عن جواز أبوكي في السن ده، ولا حد من اهل جوزك هيسمم بدنك كل شوية.
رفيف ردت عليها بهدوء
مفيش حد له عندنا حاجة، بابا تعب معانا طول عمره، حتى لما ماما كانت عايشة، كان زوج مخلص وأب مثالي، من حقه يرتاح بقى، ولو شاغلة بالك أوي بكلام الناس الأولى تشغلي نفسك بأبوكي ورغبته.
رغد أكدت كلام رفيف وقالت بحب ونظرات مليانه حنان واحترام
أي قرار هتاخده يا بابا أنا موافقة عليه، حضرتك ياما عملت علشانا، انت كنت أب وأم اكتر من عشرين سنه، ماما اتوفت وانت شاب محتاج تعيش حياتك، وانت اخترت تعيش حياتنا إحنا وتهتم بينا، مش من حق حد فينا يمنعك في الوقت ده من أي حاجة تلاقي راحتك فيها.
ريتاج وففت قصادهم بعناد واصرار، وحذرت والدها بلهجة قاسية
براحتك، اعمل اللي تشوفه بس اعمل حسابك إنك لو اتجوزت هقطع علاقتي معاك، تنسى إني بنتك، وكمان هطلب ميراثي من ماما، آه ما أنا مش هستنى لما تتجوز وتيجي مراتك تاخد حاجة أمي ومكانها.
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
كاريمان حست بارتياح وسكينة بعد ما كلمت سميرة دخلت اخدت شاور ولبست فستان سواريه جميل، رفعت شعره كله لفوق وحطت مكياج بسيط ضاعف من جمالها، ابتسمت لنفسها في المرآة ودورت على موبايلها علشان تكلم أكرم لكنه سبقها واتصل هو وقالها
أيوة يا نونه، أنا طالع دلوقت، في حفلة في الفندق هطلع علشان نجهز أنا وانتِ وننزل نتعشى تحت.
خلص كلامه معاها والتفت لجاسم وقاله بحرج
مكنش له لزوم تعزمنا على العشا وتكلف نفسك.
جاسم : مفيش داعي للكلام ده، أنا حقيقي بتمنى العلاقة بين الباشمهندسة وماريا تتحسن، ولو كان ينفع كنا اتعشينا كلنا مع بعض لكن ممكن الإثنين يتخانقوا وإحنا ننضرب في النص.
ضحك أكرم بقوة وهو بيتخيل شكل كاريمان وهي بتضرب ماريا وقاله
لأ، الله الغنى، خلينا إحنا بعيد عن الخناقات دي وان شاء الله بمرور الوقت كل حاجة تتحسن.
استأذن أكرم وطلع الغرفة بتاعته واتفاجيء بشكل كاريمان وجمالها، شالها ولف بها وهو دايب في تفاصيلها أما جاسم فاول ما سابه أكرم اتخلى عن هدوءه واتسرب القلق لقلبه لكن كل القلق اتبخر وحل محله غضب وغيرة مجنونه أول ما شاف ماريا داخلة من باب الفندق بتضحك بصوت عالي وماشي جنبها شاب شكله ونظراته مش مريحة تماما.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية وعود الليل)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *