روايات

رواية أحببتها ولكن 7 الفصل السادس والستون 66 بقلم بيسو وليد

رواية أحببتها ولكن 7 الفصل السادس والستون 66 بقلم بيسو وليد

رواية أحببتها ولكن 7 البارت السادس والستون

رواية أحببتها ولكن 7 الجزء السادس والستون

رواية أحببتها ولكن 7 الحلقة السادسة والستون

رَأَيتُ في عَينَيكِ سِحرَ الهَوى،
مُندَفِقاً كَالنورِ مِن نَجمَتَين،
فَبِتُّ لا أَقوى عَلى دَفعِهِ،
مَن رَدَّ عَنهُ عارِضاً بِاليَدَين،
يا جَنَّةَ الحُبِّ وَدُنيا المُنى،
ما خِلتُني أَلقاكِ في مُقلَتَين.
_إيليا أبو ماضي.
_____________________
حا’ربوه بالأسحا’رِ وما هو بضعـ ـيفٍ، أكثر الطرق أ’منًا لينا’لون مِنهُ ويقـ ـتلوه حـ ـيًّا بالبـ ـطيء كانت بالأسحا’ر المد’فونة، عـ ـبدٌ ضعـ ـيف قليل الحـ ـيلة لا حول بهِ ولا قوة أضـ ـحى في ليلةٍ وضـ ـحاها شخصًا آخر لا يعلمه ولا هو يعلمه، نفو’س البشر أما’رة بالسو’ء وهذه أقل الطر’ق إيذ’اءًا لأمثالهم حتى وإن كانت ستز’ج بهم إلى السجـ ـن في النها’ية ولَكِنّ في الأ’خير يأمل أن يكون قد حـ ـقق غا’يته وأصبح سعيدًا برؤيتهِ تد’مير حياة شا’بٍ مسـ ـكين لَم تجمعهما الصدفة يومًا ببعضهما البعض حتى عن طريق الخـ ـطأ..
<“وهبة الخالق عز وجل ليست مِن فر’اغ،
فاليوم بها تم إنقا’ذ حياته وعاد الفـ ـتى.”>
يرافقه منذ ما يقارب الرُبع ساعة بعد أن أخرج الجميع حتى يكونا وحدهما يتلو عليهِ آياتٍ معيَّنة مِن الذكر الحكيم دون توقف فبعد أول خمس دقائق بدأ الوضع يسير بشكلٍ طبيعي وهـ ـدأ هذا الو’جع والأ’لم الشـ ـديد الذي كان يشعر بهِ هذا المسـ ـكين، نظر إليهِ “حُـذيفة” يتفحـ ـص معالم وجهه التي كانت تدل على الهدوء والرا’حة ليسأله بنبرةٍ هادئة قائلًا:
_أنتَ كويس يا “فـادي”؟ حا’سس بأي و’جع أحكيلي إيه اللي حصل لحد دلوقتي؟.
نظر إليهِ “فـادي” بوجهٍ مبتسم لأول مرة لثوانِ معدودة قبل أن يقول بنبرةٍ هادئة:
_”حُـذيفة” هطلب مِنك طلب الأول وبعدين هجاوبك على سؤالك ممكن؟.
_أكيد طبعًا قول عايز إيه.
هكذا جاوبه “حُـذيفة” بوجهٍ مبتسم وبنبرةٍ هادئة ليأتي قول “فـادي” الهادئ الذي قال يستسـ ـمحه:
_عايز أروح أعمل أشـ ـعة تاني، بس مش عايز “فـيروز” تعرف حاجة خالص ممكن؟.
عقد “حُـذيفة” ما بين حاجبيه وهو يستمع إلى طلبه ذاك ليسأله قائلًا:
_أشمعنى يعني؟.
_هتعرف بس مش دلوقتي، ممكن؟.
هكذا ردّ عليهِ “فـادي” بنبرةٍ هادئة ثم بعدها أستـ ـسمحه ليرى الآخر قد أبتسم إليهِ وقام بمعانقته قائلًا:
_أنتَ بتستأذن يا’ض دا أنا لو ورايا مشاغـ ـل الدنيا كلها أفضا’لك مخصوص.
أبتسم “فـادي” وقد بادلهُ عناقه مربتًا على ذراعه برفقٍ قائلًا:
_حبيبي يا ابن عمي، متحر’مش مِنك وجودك بيهو’ن عليا كتير واللهِ بأما’نة يعني مش كلام وخلاص.
_أنا عارف يا “فـادي” مِن غير ما تقول حاجة، فاهمك كويس وحا’سس بيك، وعد محدش هيعرف حاجة بس تقولي ليه عايز تعملها تاني.
هكذا ردّ عليهِ “حُـذيفة” بنبرةٍ هادئة قا’طعًا وعدًا صا’دقًا لابن عمه الذي أجابه بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه قائلًا:
_نروح وتطلـ ـع وهتعرف ليه ساعتها.
وبالفعـ ـل وبعد قيادة دامت لساعة ونصف تقريبًا وصل “حُـذيفة” رفقة “فـادي” إلى المكان المنشو’د حيث المشفى التي يتلقى بها العلا’ج منذ وقتٍ طويل لينز’ع “فـادي” حز’ام الأما’ن ومعهُ “حُـذيفة” الذي أخذه بعد أن أغـ ـلق السيارة وولجا سويًا إلى داخل المشفى ومازال السؤال يُطر’ح على عقـ ـل “حُـذيفة” الذي حتى الآن لا يجد الإجابة المناسبة عليها، وبعد مرور القليل مِن الوقت أجرىٰ بالفعـ ـل “فـادي” الأ’شعة للمرة الثانية داعيًا المولى عز وجل أن تنتهـ ـي الرحلة ويصد’ق شعوره الذي راو’ده منذ الصباح..
كان يجلس بجوار ابن عمه متو’ترًا ينتظر النتيجة على أحـ ـر مِن الجمـ ـر وفـ ـمهِ لا يتوقف عن ترديد الأدعية والتدرع إلى المولى عز وجل، وبجواره يجلس “حُـذيفة” الذي كان يشعر بتو’تر ابن عمه وقد تلقى الإجابة دون أن يتحدث الآخر وقد عَلِمَ في هذه اللحظة لِمَ كان يُصِّـ ـر على الذهاب بهذا الشكل وفي نفس الوقت كان يأمل أن تكون هذه المرة مخـ ـتلفة، أراد أن يسعد ابن عمه هذه المرة وأن يحيـ ـا مِن جديد ويرسم مستقبله الذي كان يتمنىٰ تحـ ـقيقه ومنـ ـعه حينها المر’ض..
صدح رنين هاتف “حُـذيفة” عا’ليًا يعلنه عن أتصالٍ هاتفي مِن زوجته، أخرجه مِن جيب معطفه ونظر لهُ لثوانٍ ليشعر بنظرات ابن عمه المصوَّ’بة نحوه لينظر لهُ يطـ ـمئنهُ قائلًا:
_متخا’فش دي مراتي.
أجابها بعدها مُلـ ـقيًا تحية السلام عليها بنبرةٍ هادئة ثم صمت لبرهةٍ مِن الوقت يستمعُ إليها بهدوءٍ حتى أنهـ ـت حديثها بعد دقيقة تقريبًا ويأتي هو بالجواب عليها حينما قال بنبرةٍ هادئة:
_ينفع نر’تاح شوية طيب عشان الوضع دا ميستمرش كتير، الوضع مش عاجبني عشان نبقى صُر’حى مع بعض ومضا’يقني اللي بتعمليه دا غـ ـلط ومينفعش يا حبيبتي أرتا’حي شوية ويا سـ ـتي ملكيش دعوة بالبيت صـ ـحتك أهـ ـم مِن تنضـ ـيف البيت عندي، أرتا’حي بعد إذنك ولمَ أجي هنتكلم مع بعض … مش هقولها تاني لمَ أجي هسأل “عـدنان” عملتي اللي قولتلك عليه ولا لا وأنتِ ونصيـ ـبك وقتها.
وبعد أن أنهـ ـى حديثه معها وأغـ ـلق المكالمة نظر إلى إبن عمه وأبتسم إليهِ قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_أدي آ’خرة اللي يد’لع مراته.
أبتسم “فـادي” بسمةٌ هادئة وقد إجابة قائلًا بعد أن ربت على ر’كبتهِ:
_تعيـ ـش وتدلعها يا حبيبي، ربنا يباركلك فيها.
أبتسم “حـذيفة” وقد أجابه بنبرةٍ هادئة:
_تسلم يا ابن عمي، عقبال ما نتطـ ـمن عليك يارب ونفرح كلنا بشفا’ءك يارب.
هكذا قال ومِن بعدها ألتز’م الإثنين الصمت التا’م كلاهما ينتظر النتيجة المر’تقبة وكلاهما لا يكفى عن الدعاء والتدرع سرًا لرب العالمين فأكثر مَن كان يُعا’ني معهُ بجوار زوجته ووالديه وأخيه كان هو فدومًا كان يتم إستدعاءه بطلبٍ خاص مِنهُ لأنه فقط لا يشعر بالطمأ’نينة سِوى بجوار إبن عمه وقد كان متوجدًا بجواره دومًا.
_______________________
<“البطل الخا’رق في منظور الجميع شخصية كرتونية،
وكان البطل الحـ ـقيقي في هذا الو’اقع هي الإنسا’نية.”>
مَـ ـلِك الظلا’م ووحـ ـش الظا’لم، هكذا أُطلِـ ـق عليهِ بسـ ـبب صد’قه وإخلا’صه في العمل وإتخاذ صف الد’فاع عن المظلو’م ورَ’دّ الحـ ـقوق لأصحابها حتى وإن كان مِن شخصٍ مِن الصـ ـعب الوقوف أمامه فعلى مدار هذه السنوات لَم يعلم المستحيـ ـل ولذلك سر’عان ما كان يوافق على القضا’يا التي تأتي لهُ مِن مخـ ـتلف الأشكا’ل فحتى الآن رأى عجا’ئب الدُنى السبعة في مهنته تلك ولَكِنّ كان يتخذ قا’نونًا خا’صًا بهِ في حيا’ته المهنية وكذلك الشخصية..
_”إن لَم تستطع قول الحـ ـق والد’فاع عن المظلو’م وأن تحتر’م إنسا’نيتك فسلا’مٌ عليك أيها العا’هر”.
هكذا كان يُذكر نفسه دومًا إن فعـ ـل عكـ ـس ذلك فهو كذلك بالفعـ ـل ففي مهنته تلك يتم تبا’دل الر’شوة وكأنها شيءٍ مُبا’ح حتى يتم الز’ج بالمظلو’م خلف القـ ـضبان وأن ينجـ ـو الظا’لم حتى يستمر في نشـ ـر الفسا’د دون أن ينا’ل العقا’ب الحاسـ ـم لهُ، اليوم هو مُكـ ـلف بقـ ـضية جديدة لإمرأة مُطـ ـلقة حاضنة لطفلين لَم ينصـ ـفها أحدٌ في هذه الدنيا ويرونها المخـ ـطئة المنبو’ذة وهو الملا’ك الذي لا يُخطـ ـئ البتة، ولج إلى المحكـ ـمة بخطى هادئة مرفو’ع الر’أس و’اثقًا مِن نفـ ـسه ويعلم تمام العلم أنه سيربح هذه القضـ ـية بأ’قل مجهو’دٍ مِنهُ..
كانت المرأة تجلس وهي تحتضن طفليها والحز’ن والعجـ ـز باديان على تقا’سيم وجهها و’حيدة في بلدٍ غريبة لا تعلم بها أحدٍ يجاورها فقط والدها الذي يبدو عليه الطيبة وكِبَـ ـر السن حز’ينًا على ما وصلت إليهِ أبـ ـنته وحفيديه الصغيران، وعلى الجهة الأخرىٰ يجلس هذا المزعو’م عد’يم المر’وءة يُطا’لعها بنظرةٍ متو’عدة ويجاورهُ المحا’مي الخاص بهِ والذي سيتو’لى الد’فاع عنهُ، وكأنه هو الضحـ ـية وليس الج’اني، جلس “ديـڤيد” بشمو’خٍ وا’ثقًا مِن نفـ ـسه وخلفه تجلس السيدة تدعو وتتدرع إلى المولى عز وجل أن تسـ ـترد حـ ـقها..
وبعد أن أكتملت الأعداد وحضر الجميع تبدأ الحر’ب بين كلا الطر’فين فواحدٍ يسعـ ـىٰ لبقاء صوته مسمو’عًا وعا’ليًا يُناشـ ـد الجميع بالتحرك وجلب الحـ ـق لشخصٍ كان قلـ ـيل الحـ ـيلة لا يَمـ ـلُّك شيئًا يُد’افع بهِ عن نفـ ـسه سوىٰ الدعاء والتدرع لرب العالمين، وطر’فٍ آخر أكثر قسو’ة وجمو’حًا يسـ ـعىٰ لإخما’د هذا الصوت وقتـ ـله تمامًا حتى تستمر سلسلة الجر’ائم بشكلٍ طبيعي وكأنه روتينٌ يومي بالنسبةِ إليهِ محاولًا وبا’ذلًا قصا’رىٰ جهـ ـده لإخما’ده ولَكِنّ الآخر كان يأبىٰ الأستسـ ـلام وفضَّل المحا’ربة حتى المو’ت..
بدأت المر’افعة وبدأت نبـ ـضات قلبها تتعا’لى بشكلٍ واضحٍ دا’خل قفـ ـصها الصد’ري والخو’ف يكاد يأ’كلها حـ ـيَّة تدعو المولى عز وجل بقلـ ـبٍ أهلـ ـكته الحياة وأطا’حت بهِ بعيـ ـدًا بدون ر’حمة، تم إستدعاءه مِن قِبَل المستشا’رين لينهض هو بوقارٍ يسير بخطى ثا’بتة وا’ثقة ليقف أمامهم متو’ليًا الد’فاع عن تلك المرأة المسـ ـكينة مفتتـ ـحًا الجلسة بقوله الهادئ الرز’ين:
_سيدي القا’ضي، حضرات السادة المستشا’رين، اليوم نحنُ نقف أمام قضـ ـية هي ضمن القضا’يا الأكثر شهرة في الأيام الأخيرة، حيثُ أنتشـ ـرت فجأ’ة ظا’هرة الطلا’ق بد’ون سـ ـبب مَن يحلو لهُ يفعل ذلك غير مُد’ركٍ أن بفعـ ـلتهِ تلك هي جر’يمة، جر’يمة في حـ ـق أطفالٍ أبـ ـرياء كانت أقـ ـصى طموحاتهم العيـ ـشُ في منزلٍ ملـ ـيءٍ بالد’فئ وبجوار أبٍ وأُمٍّ يُحبان بعضهما البعض، أكثر ما يجـ ـهله البعض سيدي القا’ضي أن الأطفال لا تشعر بِمَن حولهم ولا تتأ’ثر كذلك بما تراه يوميًا ولَكِنّ هذا هو الخـ ـطأ بعيـ ـنه، اليوم معنا امرأة وطفلين توأم أعما’رهم خمس سنوات فقط، هذه السيدة هي امرأة بسيـ ـطة ومكا’فحة لَم تتلقى الحـ ـظ السعيد في زوجها ولذلك تم الانفصا’ل بعد مشا’جرة حا’دة نـ ـشبت بين كلا الطر’فين أدت عنها إصا’بة الأم بجر’حٍ غا’ئرٍ في الرأ’س وبعض الكد’ما’ت والجر’وح العـ ـميقة والسـ ـطحية، أما عن الطفلين فقد تم تشـ ـخيص واحدٍ مِنهما بإصا’بته بإكتـ ـئابٍ حا’د لَم يكُن يُحب رؤية هذا الشجا’ر بين والديه وكان الشقيق الآخر كذلك يتأ’ثر كأخيه..
بعد أن تم ر’فع دعوة ضـ ـد الجا’ني الذي حاول الاعتد’اء عليها مرة أخرى باليـ ـد، كانت الدعوة هي إثبا’ت حضانة الطفلين وإمتلا’كها الشقة التي تأو’يها هي وطفليها بعدما حاول الجا’ني إرشا’ء أحد المحا’ميين الكِبار لتتم المر’افعة وتكون في صا’لحهِ هو وكل هذا كان أساسه أكتشا’فها لخيا’نته إليها حينما كان هذا الشخص الذي يظهر أمامكم أنه البر’يء المظـ ـلم يجـ ـلب امرأة أخرى في عد’م تواجد الزوجة والطفلين إلى المنزل..
_أنا أعتر’ض على هذا الحديث يا سيادة القا’ضي إنه يقوم بإتها’م مو’كلي إتها’مٌ فاحـ ـش بدون وجود أيا أد’لة !!.
هكذا صا’ح المحا’مي الخاص بالجا’ني يعتر’ض على تلك التُهـ ـم مِن وجهة نظره الموَّ’جهة إلى مو’كله ليأتي صوت القا’ضي الحا’د موَّ’جهًا حديثه إليه قائلًا:
_سكوت، والكلام بإذ’ن المرة الجاية.
جلس هذا المحا’مي المزعو’م وهو ير’مق “ديـڤيد” بحقـ ـدٍ والذي بدوره لَم ينظر إليهِ مِن الأساس ليعاود التحدث مِن جديد بعدما تلقى الأ’ذن مِن القا’ضي ليقول بنبرةٍ هادئة:
_لا شيء يا سيدي القا’ضي يحد’ث في هذه الحياة بدون أد’لة وا’قعية ملمو’سة، الد’ليل الأول سيدي هو مقطـ ـع فيديو قامت مو’كلتي بتصويره أثناء تعد’ي الجا’ني عليها في منزلها في منتصف الظهيرة بعد أن قام بإرسال رسالة تهـ ـديدية صر’يحة يقول فيها أنه سيقوم بقتـ ـلها في هذه الليلة أمام و’لديها وهذه الرسالة هي محفوظة ومعها مستندات آ’منة مِن إحدى شركات الإتصا’لات الشهيرة تؤ’كد صحة هذه الرسالة وتم عـ ـرضها على لجا’ن خاصة للتأ’كد أنها ليست زا’ئفة مرافقًا لها الفيديو، وهناك أيضًا شهو’د كُثُر شهد’وا على هذه الو’اقعة وهم مَن حـ ـرروها وأنقـ ـذوها مِن مصيـ ـرها المحتو’م الذي كان ينتظرها، أيضًا سيدي القا’ضي حاول الجا’ني أن يضع زوجته في و’ضعٍ مُخـ ـلٍ للأد’اب حتى يُـ ـثبت أنها امرأة ليست صا’لحة وقد قامت بخيا’نته في منزلهِ وأيضًا كانت على تواصل شخصي بهِ وقام كذلك بعمل بعض الصفحات الز’ائفة التي تحمـ ـل هوية طر’فٍ آخر وهذه في حد ذاتها أيضًا قضـ ـية جديدة لأنتحا’له هو’ية شخصٍ آخر حاول مجا’راتها كلاميًا وهي حينها قامت بحـ ـظره تمامًا مِمَّ يدل على أن مو’كلتي ليست بتلك الصورة التي يحاول فيها الجا’ني أن يُثـ ـبتها عليها.
_المجـ ـني عليها تتفضل لسماع أقوالها.
هكذا قال القا’ضي بعدما أستمع إلى مرا’فعة “ديـڤيد” الذي ألتز’م الصمت منتظرًا تقدمها، فيما نهضت هي بعد أن تركت طفليها مع والدها وتقدمت مِن المنبر الخشـ ـبي ووقفت مكان “ديـڤيد” وقلبها ينبـ ـض بعنـ ـفٍ بداخل قفـ ـصها الصد’ري تحاول عد’م النظر إلى هذا الحقـ ـير، نظرت إلى القا’ضي الذي قال بنبرةٍ هادئة:
_أسمك وسنك وأحكي اللي حصـ ـل بالتفصـ ـيل.
أبتـ ـلعت غصتها بتروٍ ونظرت بخو’فٍ إلى “ديـڤيد” الذي طمئـ ـنها بنظراته وشـ ـجعها على التحدث، أشا’حت ببصـ ـرها بعـ ـيدًا عنهُ ونظرت إلى القا’ضي وقد بدأت تقول بنبرةٍ هادئة:
_”خـلود محمد السيد” ٣٠ سنة.
_قولي يا “خـلود” إيه اللي حصـ ـل بينك وبين طلـ ـيقك.
هكذا أجابها القا’ضي وهو ينظر إليها بهدوءٍ لتبدأ هي التحدث قائلة:
_أنا وهو كُنا متجوزين مِن ٧ سنين يا سيادة القا’ضي، واخدين بعض عن حُب، لمَ أتجوزنا كُنت أنا لسه صغيرة كان عندي ٢٣ سنة، قعدنا فالأول فبيت العيلة بس مر’تحتش هناك وكانت في مشا’كل كتير بيني وبين سلـ ـفتي الكبيرة فأضطـ ـرينا نمشي وناخد شقة بر’ه مستقـ ـلة، الحياة كانت حلوة وهو كان كويس معايا وكُنا مبسوطين، قعدت سنتين مبخـ ـلفش كان عندي شوية مشا’كل فالر’حم محتاجة وقت عشان تتعا’لج وهو مأ’ثرش وقتها وأتعا’لجت لمدة سنتين محدش كان يعرف حاجة مِن أهله كان مفهمهم إن المشـ ـكلة عنده هو عشان كدا سكتوا ومتكلموش، بعد السنتين دول ربنا أراد إني أحمـ ـل وحمـ ـلت وقتها فتوأم … ولاد’ي اللي قاعدين مع والدي دلوقتي على مدار الـ ٥ سنين كان كويس أوي ومفيش أي حاجة بس مؤ’خرًا بدأت ألاحظ إنه متغيَّـ ـر على طول ساكت والموبايل مبيفا’رقهوش حتى وهو جاي ينام بدأت أشـ ـك وأحـ ـس إن في طر’ف تالت فالموضوع..
بدأ يأهـ ـملني ويأهـ ـمل ولا’ده فقررت أعمل زي أي سـ ـت وأشوف هو بيعمل إيه مِن ورايا، وقتها حاولت ومعرفتش كُنت خا’يفة أوي ومر’عوبة إني أعمل حاجة زي دي، جت فترة كُنت بنام غصـ ـب عنّي مِن غير ما أحـ ـس يوم معيَّن اللي بيحـ ـصلي فيه كدا لحد ما بدأت أقعد مع نفـ ـسي شوية وأفكر إيه اللي بيخليني أنام غصـ ـب عنّي ووصلت إنه مبيحـ ـصلش كدا غير لمَ أشرب كوباية العصير أو الشاي، وقتها قـ ـررت مشربش أي حاجة هيديهاني وأعمل نفـ ـسي نمت وفعـ ـلًا دا حصـ ـل، فيوم لقيته بيفـ ـتح باب الشقة وفي حد بيدخل وبعدين بيقفـ ـل الباب بهدوء وبيروح أوضة تانية وقتها فضولي خـ ـدني أعرف بيعمل إيه وقومت أشوف مِن غير ما يحـ ـس عشان أكتـ ـشف إنه بيخو’ني وجايب وا’حدة فشقتي مِن غير ما أنا أحـ ـس بحاجة، وقتها محـ ـستش بنفـ ـسي وأنا بصر’خ فيه زي المجـ ـنونة وأي حاجة تطو’لها إيدي بخبـ ـطهم بيها هو وقتها خا’ف فعشان يلحـ ـق نفـ ـسه قبل ما حد ياخـ ـد باله ويحـ ـس قام ضا’ربني بمفتا’ح أنبو’بة على را’سي وهر’ب..
بتـ ـرت حديثها بعد أن عادت تتذكر ما حد’ث بينهما وكيف كان سيقـ ـتلها دون أن يشعر بها أحد لتسـ ـقط عبراتها على صفحة وجهها وقد شعرت أنها لا تقد’ر على إكمال قولها ولذلك نظرت إلى “ديـڤيد” الذي كان يشعر بمعا’ناتها ولَكِنّ مهـ ـنته تحـ ـتم عليهِ إلقا’ء العوا’طف والتحدث بالحـ ـق مهما كان، بدأ المحا’مي الآخر الدفا’ع عنهُ وإنكا’ر كل ما قيل بعد أن أكملت هي حديثها تسرد القصة كاملة لتتحو’ل قاعة المحا’كمة إلى سا’حة حر’ب بين الطر’فين كلاهما يسعىٰ للفوز، وبعد مرور الوقت حُـ ـسِمَت المر’افعة لصالح “خـلود” بصرف جميع مستحـ ـقاتها كاملة وأن يلتز’م بإرسال المصروف الشهري لطفليه وبعد’م التعـ ـرض عليها مرةٍ أخرىٰ وحين حد’وثها سيتم إعتـ ـقاله في الحال.
خرجوا مِن قاعة المحا’كمة وكانت هي تكاد تطيـ ـر مِن شـ ـدة سعادتها حينما تغـ ـلبت عليهِ وخرجت مرفو’عة الر’أس ومُعـ ـززة، وقفت بجوار والدها وأمام “ديـڤيد” تشكره مِن صـ ـميم قلـ ـبها بوجهٍ مبتسم قائلة:
_أنا بجد مش عارفة أشكرك أزاي يا أستاذ “ديـڤيد” بجد مكسـ ـرتش بخاطري زي ما عمل غيرك ولا شاف نفـ ـسه عليا وأتشـ ـرط على أتعا’به ولا أستغـ ـل الظروف، بجد شكرًا أوي على وقوفك جنبي وجنب ولا’دي بعد ربنا أنتَ بجد شخص نضـ ـيف أوي ودا اللي بيخلي ليك منا’فسين في المجال بس زي ما قولتلك كل دا عشان إخلا’صك لمهنتك وإنسا’نيتك اللي بتحتـ ـمك تد’افع عن المظلو’م مهما حصـ ـل، أنا حـ ـقيقي ممنو’نة ليك.
أبتسم إليها “ديـڤيد” بسمةٌ هادئة وقد أجابها بنبرةٍ هادئة قائلًا:
_متشكرنيش يا مدام “خـلود” دا شُغلي وإن ما دا’فعت عن المظلو’م هد’افع عن مين، أهم حاجة إنك خدتي حـ ـقك وعليه تعهـ ـد أي حاجة تحصـ ـل مِنُه بعد كدا فيها حبـ ـس على طول، وأنا زي أخوكِ أي حاجة تحتاجيها أنا موجود بعد إذن والدك طبعًا.
نظر إليهِ “مـحمد” وقد أبتسم إليهِ قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_تُشكر يا ا’بن الأصو’ل ربنا يكتر مِن أمثالك يارب ربنا اللي يعلم الر’عب اللي كُنا عايشين فيه عامل أزاي والحمد لله كابو’س وخلـ ـص وبـ ـنتي بقت حُـ ـرة نفـ ـسها ودا نصيـ ـب فالآخر الحمد لله إحنا راضيين وطبعًا أنتَ أخوها كفاية اللي عملته معانا يا ابـ ـني تسلم.
ودعهما بوجهٍ مبتسم وقد شعر بالر’احة حينما أستطاع كسب هذه القضـ ـية المعـ ـقدة لصا’لحها ليسمع رنين هاتفه يعلـ ـو في جيب بنطاله ولذلك أخرجه ليرى زوجته تتصل بهِ ليجاوبها بوجهٍ مبتسم متوجهًا إلى مرآب السيارات قائلًا:
_حبيبة قلـ ـبي، مزاجي رايق أوي ومبسوط فعلًا، طبعًا كسبتها هي جديدة عليا يعني يا “مـاري”، مكافئة بقى بعد إذنك مش هتناز’ل.
تعا’لت ضحكاته حينما أستمع إلى حديثها ليجاوبها بنبرةٍ هادئة قائلًا:
_دي أحلى مكافئة بصراحة وعلى كيفي، خلاص يا رو’حي أنا مسافة الطر’يق وهكون عندك.
أنهـ ـى حديثه ثم أغـ ـلق المكالمة معها وأستلق سيارته متوجهًا إلى المنزل بعد أن قطـ ـعت وعدًا إليهِ بمكافئته كما أعتاد دومًا حينما يكسب قضـ ـية جديدة في كل مرة ليُسرع في الذهاب إلى المنزل بوجهٍ مبتسم والحما’س يُسـ ـيطر عليهِ.
________________________
<“جاء الفرح يطرق بابنا،
يستسمحنا بالزيارة.”>
كانت تفصـ ـلهما عن لحظتهما المر’تقبة أشهرٍ ثم بعدها أشهرٍ قليلة ثم بعدها أسابيع ثم أيام ثم ساعاتٍ ثم دقائق، هكذا كانا يستعدان وينتظران إنقـ ـضاء هذا الوقت بفـ ـراغ الصبر لكي يستقبلا صغيرتهما اللطيـ ـفة وأولى سعادتهما، الجميع على أتم الإستعداد لأستقبال الصغيرة ينتظرون فقط ساعة الصفـ ـر..
كان كل شيءٍ جاهز ومُرتب فقد تجهز هو وتأ’كد مِن أغراض زوجته وطفلته العديد مِن المرات حتى حانت لحظة التحرك والذهاب إلى المشفى، كان يقوم بمساندة زوجته ويسير بخطى هادئة وهي بجواره تتكـ ـئ على كفه بقبـ ـضة كفها وهي لا تقد’ر على السير ولَكِنّها تتحا’مل حتى تصل إلى المشفى بعدما دا’همتها بو’ادر الطـ ـلق المبكر فجأةً..
صعد أخيه الدرجات الفا’صلة بينهما ليأخذ الحقيبة الخاصة بزوجة أخيه وابـ ـنته والذهاب إلى السيارة فيما أقتربت “رهـف” مِن شقيقتها تُسا’ندها برفقة “إيـثان” الذي كان يُطـ ـمئنها ببعض الكلمات الحنونة حتى لا تظل خا’ئفة بهذه الطريقة، تحدثت “رهـف وهي تنظر إليها قائلة بنبرةٍ حنونة:
_معلش يا حبيبتي هانت أتحمـ ـلي شوية، ماما كلمتني وقالتلي إنهم وصلوا مِن الصبح بس قولتلها تروح المستشفى تستنى هي وبابا بدل ما يروحوا وييجوا.
نظرت إليها “تقوى” بعد أن أستمعت إلى حديثها لتقول بنبرةٍ هادئة مـ ـتعبة:
_أنا خا’يفة أوي يا “رهـف”، وخا’يفة أكتر لو رفـ ـضوا إنهم يدَّخلوا “إيـثان” معايا أنا مش عايزة ادخل لوحدي مهما حصـ ـل.
ربتت “رهـف” على كفها بحنوٍ قائلة بنبرةٍ حنونة:
_متخا’فيش يا حبيبتي هيدخل معاكِ ومش هيسيـ ـبك لحظة واحدة.
شـ ـحب وجه “تقوى” التي شـ ـددت على ضـ ـغطة يدها الممسكة بكف شقيقتها، فيما عاد إليها “إيـثان” بعدما أغـ ـلق المنزل ليُمسك بيدها مِن جديد ناظرًا إليها ليرى شحو’ب وجهها وخو’فها الذي سيـ ـطر عليها ليقول بنبرةٍ هادئة متسائلة:
_ماذا حدث حبيبتي هل أنتِ بخير؟.
نظرت إليهِ هي في هذه اللحظة وكأنها وجدت ضا’لتها لتقول بنبرةٍ ظهر بها خو’فها:
_”إيـثان” أنت ستدخل معي أليس كذلك؟.
_نعم حبيبتي سأفعل ذلك لِمَ هذا الخو’ف الشـ ـديد؟.
هكذا أجابها بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه ومِن ثم ربت على كف يدها بحنوٍ طابعًا عليهِ قْبّلة حنونة، جلس بجوارها في الخـ ـلف فيما جلست “رهـف” بجوار “إيـدن” في الأمام ليتحرك هو بالسيارة متجهًا نحو المشفى، كان ضاممًا إياها إلى أحضانه يسير بكف يده على خصلاتها بحنوٍ وبداخلهِ سيمو’ت مِن الر’عب فبرغم حما’سه وسعادته ألا أن بداخله خو’فٌ شـ ـديد مِن هذه اللحظة..
وبعد مرور الوقت.
وصلوا إلى مقر المشفى ليأخذ “إيـثان” زوجته ويتجها سويًا إلى الداخل ويليهما “رهـف” و “إيـدن” الذي أخذها وولجا إلى الداخل بعد أن أخذا أغراضها، فيما ولجا الثنائي الآخر إلى الداخل ليتقابلا مع “خـالد” و “زيـنة” التي ما إن رأت أبـ ـنتها تهـ ـللت أساريرها بسعادةٍ طا’غية ومِن ثم ذهبت إليها بخطى وا’سعة تضمها إلى أحضانها والسعادة تحو’مها فها هي تعود لرؤية أبـ ـنتها بعد شهورٍ عِدة مِن الغيا’ب المتوا’صل، فيما ضمتها “تقوى” بقو’ةٍ وهي سعيدة برؤية والدتها التي حينما حا’دثتها لَم تنتظر كثيرًا وأخذت أول طائرة ذاهبة إلى إيطاليا..
فيما ذهب “إيـثان” كي يُرحب بقدوم حماه الذي أبتسم وأخذه في عناقٍ دا’فئ وحنون يطـ ـمئن عليهِ، وبعد الترحيبات مِن الأبوين إلى الفتا’تين المدللتين وأزواجهن كانوا ينتظرون خروج “تقوى” مِن غرفة التعـ ـقيم، خرج “إيـثان” أولًا بعد أن قام بتبديل ثيابه وتعـ ـقيم نفسه يقف معهم ينتظر خروجها الذي لَم يطُّـ ـل وكانت تخرج على الفراش المعد’ني المد’ولب بعد أن تم تجهيزها لتقوم بإمساك كف زوجها حينما رأته في وجهها تتشـ ـبث بهِ آبيةً تركه..
فيما أبتسم “إيـثان” إليها وقام بالتربيت على ظهـ ـر كفها بحنوٍ ومِن ثم لثمه بِقْبّلة حنونة قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_لا تخا’في يا حبيبتي، لن أُفا’رقكِ مهما حد’ث ثقـ ـي بي.
_أنا أتأ’لم كثيرًا الآن لا أستطيع التحمُـ ـل.
هكذا أجابته بنبرةٍ مـ ـتعبة والعبرات تلـ ـتمع في مُقلتيها ليبتسم هو إليها بسمةٌ حنونة قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_أعلم ذلك يا رو’حي، تحمّـ ـلي فقط قليلًا لأجل صغيرتنا الجميلة.
وصلا إلى غرفة العمـ ـليات لتولج “تقوى” بعدما ودعتهم بوجهٍ مبتسم متعـ ـب ليولج معها زوجها ليُنير المصباح باللو’ن الأحمـ ـر أ’على باب غرفة العمـ ـليات لتبدأ وضـ ـع صغيرتها طبـ ـيعيًا وهذا ما كان يؤ’لم قـ ـلب “إيـثان” على مدار الوقت وهو يراها تصر’خ أ’لمًا والعـ ـرق يتصبب على جبينها والعبرات تتسا’قط مِن مُقلتيها على صفحة وجهها، تعا’لت صر’ختها المتأ’لمة عا’ليًا وعبراتها تتسا’قط على صفحة وجهها تنظر إلى “إيـثان” الذي كان يُمسّد على طول ذراعها وهو يتأ’لم لأجلها فلَم يَكُن يتو’قع أن يراها بهذه الحا’لة المؤ’لمة..
كانت تتنفـ ـس بسر’عةٍ كبيـ ـرة تحاول أخذ أنفا’سها ليُشـ ـدد “إيـثان” مِن قبـ ـضة يده على كفها يدعمها وبكفه الآخر يُمسّد على خصلاتها إلى الخـ ـلف يدعو ربه أن تَمُر هذه الليلة على خيرٍ وأن تكون زوجته وأبـ ـنته بخيرٍ لا أكثر مِن ذلك، ومع كل ضر’خة تعـ ـلو معها تتأ’لم قلو’بٌ أخرىٰ، ومع آخر صر’خة كانت ترافقها صر’خة أخرىٰ صغيرة باكية، وأخيرًا زارتهم الرا’حة والطمأ’نينة لتتـ ـسع بسمة “إيـثان” حينما سَمِعَ صوت بكاء صغيرته التي كانت ينتظرها بفـ ـراغ الصبر، تهـ ـللت أساريره فرحةً لينظر إلى زوجته بعينين ملـ ـتمعتين والبسمةُ تزين ثغره لينحـ ـني بنصفه العلو’ي نحوها يُلثم جبينها بحنوٍ ثم أبتعـ ـد قليلًا ينظر إليها قائلًا بنبرةٍ سعيدة حنونة:
_مبارك لنا يا “تكوى”، لقد زارتنا فتا’تنا الشـ ـرقية أخيرًا.
أبتسمت إليهِ “تقوى” بو’هنٍ وهي تنظر إليهِ بعينين ملـ ـتمعتين دون أن تتحدث، وبعد مرور القليل مِن الوقت خرج “إيـثان” حاملًا صغيرته التي كانت صغيرة في الحجـ ـم بين ذراعيه بوجهٍ مبتسم ومشر’ق، أقتربوا مِنهُ سر’يعًا لرؤية الصغيرة لتتحدث “رهـف” بسعادةٍ كبيـ ـرة:
_يا إلهي إنها صغيرة للغاية، ولَكِنّها جميلة بشـ ـدة، وأخيرًا أصبحت خالة أنا لا أُصدق.
_حلوة أوي يا رو’ح قـ ـلب تيتا، مش عارفة أميِّـ ـز هي شبه مين فيهم بجد، بس هي زي القمر بسم الله ما شاء الله ربنا يبارك فيها ويحفظها ويجعلها ذ’رية صا’لحة يارب.
هكذا قالت “زيـنة” بنبرةٍ سعيدة وهي تنظر إلى الصغيرة التي كانت تغو’ص في بحو’ر نومها داخل أحضان والدها لأول مرة، بارك لهُ كلًا مِن “خـالد” و “إيـدن” بعد أن نظرا إلى الصغيرة بوجهٍ مبتسم ليبتسم هو إليهم ويقوم بطـ ـمئنتهم على “تقوى” التي ستخرج في أي وقتٍ، وقد أبتعـ ـد عنهم وهو ينظر إلى صغيرته التي كانت يطو’ق شو’قًا لرؤيتها وبعد تسعة أشهرٍ زارته أخيرًا كي تُنـ ـير لهُ عتـ ـمته وتجعله يرى الحياة بلو’نٍ آخر جديد..
جلس على إحدى المقاعد وهي ينظر إليها مبتسم الوجه ليُد’اعب إبهامه بشرة وجهها الصغير النا’عم ليشعر بقشعـ ـريرة لذيذة تسر’ي في أنحاء جسـ ـده، لثم وجنتها تلك بحنوٍ ثم قام بالتكبيـ ـر في أذنها ومِن ثم بعدما أنتهـ ـى نظر إليها مِن جديد وقال بوجهٍ مبتسم:
_مرحبًا بكِ يا أميرتي الصغيرة، لقد أُضيئت حياتي العـ ـتيمة بنو’ركِ الوها’ج حينما جئتِ … مرحبًا بكِ “روجـين”.
هكذا قال بنبرةٍ هادئة حنونة مبتسمًا وهو يتأملها بعينين يملؤهما الحُب والشـ ـغف والسعادة والرا’حة الكبيـ ـرة، ومنذ هذه اللحظة قد بدأ يرى الحياة بشكلٍ آخر حينما أصبحت بين يديهِ فبمجيئها ستُغير كل شيءٍ في حياته مِن الأ’سوأ إلى الأفضل.
________________________
<“وفي وسط هذا الظلا’م الحا’لك،
رأيتُ شعاع ضوء الحبيب يُنير مِن بعيـ ـد.”>
وفي وسط الظلا’م الحا’لك الذي كان يحو’م حوله آبيًا تركه، كان شعاع ضوئها الأبـ ـيض الوها’ج يُنير مِن بعـ ـيد كا’سرًا عتـ ـمته تلك تنشـ ـر نو’رها في كل مكان تكسـ ـر حِـ ـدة هذا الظلا’م فا’ردةً ذراعيها في الهواء تدعوه للأنضمام إليها ومشاركتها هذه اللحظات وأخذها مِن ظلا’مه إلى عالمها المـ ـضيء، هكذا كان هو حينها تقبل الإنضمام إليها ومدّ يده لها منتظرًا ردّها لتقوم هي بإنتشا’له مِن بقا’عه السو’د’اء إلى عا’لمها المـ ـضيء معانقةً إياه تُرحب بوجوده معها في عا’لمها.
ولج إلى غرفتهِ بهدوءٍ مغـ ـلقًا الباب خـ ـلفه وهو يطوف بعينيهِ في أرجاءها يبحث عنها ممسكًا بالتحا’ليل التي أجراها مؤ’خرًا، لمـ ـحها بطر’ف عينه في غرفة الملابس تدندن بنبرةٍ هادئة ليذهب هو إليها بخطى هادئة وكلما أقترب مِنها أتضـ ـح صوتها أكثر ليقف على أعتا’ب هذه الغرفة ناظرًا إليها بهدوءٍ ليراها ترتب ثيابه في الخزانة كما أعتادت ليطرق على الباب الزجا’جي برفقٍ يجذ’ب إنتبا’هها..
ألتفتت هي إليهِ تنظر لهُ لتعلـ ـو البسمة ترتسم على ثغرها برفقٍ لتقول بنبرةٍ هادئة:
_أنتَ جيت، حمدلله على السلامة يعني خرجت ومقولتليش رايح فين ولا بترُد عليا وسايبني كدا.
عا’تبته وهي تشعر بالضـ ـيق مِنهُ ليبتسم هو لها ثم أقترب مِنها يفـ ـصل المسافة بينهما ليقف خلفها محاوطًا إياها بذراعيه يُلثم وجنتها بِقْبّلة حنونة قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_مقد’رش أز’علك مِني لأن ز’علك غا’لي على قـ ـلبي أوي يا حبيبة قـ ـلبي، بس أنا بصراحة عشان أكون صر’يح معاكِ أنا قا’صد مردش عليكِ.
عقدت ما بين حاجبيها وألتفتت برأ’سها تنظر إليهِ تسأله بعينيها عن السـ ـبب الذي كان يمـ ـنعه لترى أبتسامته تتسـ ـع على ثغره وهو يُطا’لعها لتتعجب هي كثيرًا مِن أبتسامته تلك وقبل أن تسأله رأته ير’فع ذراعه الممـ ـسك بالتحا’ليل أمام أعينها دون أن يتحدث لتنظر هي إليها قليلًا ثم أخذتها مِنهُ بهدوءٍ وفتـ ـحتها أسـ ـفل نظراته لتبدأ بالنظر إلى ما هو مكتوبٌ بداخلها لبرهةٍ مِن الوقت والهدوء يُسيـ ـطر على المكان ومُقلتيها تتحركان بين أحرف الكلمات والأرقام حتى و’قعت عينيها على المُراد تزامنًا مع همسه إليها حينما قال:
_تمت رحلة الشـ ـفا بنجاح، النتيجة نيجا’تف.
أصا’بتها الصد’مة بالتأكيد حينما رأت وسَمِعَت ما قيل منذ لحظات لتحاول لبرهةٍ مِن الوقت أن تستوعب ما قاله هو ولَكِنّ لَم تستطع تصديق ذلك بالتأكيد هي تحلُم نعم كانت تنتظر هذه اللحظة ولَكِنّ لا سيكون في النها’ية حُلم ور’دي اللو’ن صنعته د’اخل عقـ ـلها وتمنت أن تعيشه في يومٍ مِن الأيام، سقـ ـطت التحا’ليل مِن يديها أر’ضًا ومِن ثم ألتفتت تنظر إليهِ بعد’م تصديق وصد’مة تُغـ ـلف عينيها وعـ ـقلها الذي توقف عن العمل..
أبتسم هو إليها وألتـ ـمعت العبرات في مُقلتيه كذلك ليؤ’كد لها الحـ ـقيقة قولًا وفعـ ـلًا حينما حرك رأسه برفقٍ وقال:
_أيوه دا بجد مش بهزر واللهِ، أنا خـ ـفيت خلاص وهرجع “فـادي” حبيبك تاني اللي كُنْتِ بتحبيه ومبتقد’ريش تفا’رقيه لحظة.
سقـ ـطت العبرات على صفحة وجهها لتُسـ ـدد لهُ العديد مِن الضر’بات الخـ ـفيفة على كلا كتفيه تعـ ـنفه بقولها قائلة بنبرةٍ باكية:
_إيه اللي بتقوله دا، أنتَ كُنْت وهتفضل حبيبي مهما كان شكلك إيه، متقولش كدا تاني مهما حصـ ـل مسمحلـ ـكش تقول على “فـادي” حبيبي كدا فاهم ولا لا !!.
أتسـ ـعت بسمته على ثغره ليقوم بمحاوطتها مِن جديد بذراعيه ناظرًا إلى مُقلتيها البُـ ـنية كحبة القهوة الدا’كنة قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_وهو راضي يتقا’ل فحـ ـقه كدا عشان هو مقتـ ـنع بكدا، بس هو بقى حبك أوي وخصوصًا بعد تمـ ـسكك بيه ففترة مر’ضه وتـ ـعبك معاه فالرايحة والجاية كل يوم، “فـادي” مغـ ـلطش لمَ حبك يا “فـيروز” بالعكـ ـس كان صح أوي لمَ أختارك عشان تكملي معاه المشوار، أنتِ مكسب كبير أوي ليا وأنا محظوظ عشان معايا سـ ـت زي القمر ومُخلِّـ ـصة زيك.
سقـ ـطت عبراتها على صفحة وجهها وهي تنظر إليه وتستمع إلى كل كلمة يقولها لتتسـ ـع البسمة على ثغرها ومِن ثم عانقته وهي تحاوط عنـ ـقه بذراعيها تضمه إلى أحضانها الد’افئة والسعادة تغمـ ـر قلبها بهذا الخبـ ـر السار الذي تلقطهُ منذ قليل ليقوم هو بمعانقتها كذلك مستشعرًا د’فئها الذي أصبح بالنسبة إليهِ أ’منه وأما’نه وإد’مانًا فهذا كان ضمن الأسـ ـباب التي تجعله دومًا مطمـ ـئنًا طوال الوقت..
قلـ ـبين نا’لا لذة الر’احة والأ’مان، وصلا سويًا إلى بـ ـر الأ’مان، وبعد ليالٍ طو’يلة مظلـ ـمة وعا’صفية جاءت الليلة السا’كنة التي فيها نسمات الربيع الد’افئة، ظلت تبكي لوقتٍ لا تعلمه فسعادتها بشفا’ءه جعلتها لا تقد’ر على السيـ ـطرة بنفسها ولذلك تركت نفسها تبكي وتبكي وتبكي حتى تشعر أنها أصبحت بخيرٍ ويقتنع عـ ـقلها ويُـ ـيقن أنه أصبح بخيرٍ الآن بعد هذه الرحلة المتـ ـعبة والمُر’هقة.
________________________
<“وبين قـ ـلبين متلا’زمين كالتوأم الملـ ـتصق وصا’ل،
والر’وح لا يفصـ ـلها عن رو’حها سوى المو’ت.”>
منذ أن وُو’لِدَ سويًا وجاءا هذه الدُنيا وهما تقريبًا لَم يبتعـ ـدا عن بعضهما البعض، قـ ـلبين تعـ ـلقا ببعضهما البعض ورو’حان تلاز’متان الدرب وصا’ل حتى نها’ية المطا’ف حيثُ مُلتقى الفُر’قة في الدُنيا والجمع بعد البعـ ـث في حياةٍ أبد’ية لا نها’ية لها، لَم يعرف لهما العد’و غا’ية ولا عَلِمَ كيف يجعلهما ير’فعا الرا’ية ليظلا حتى هذه اللحظة كما الحروف اللا’تينية المُعقـ ـدة مِن الصـ ـعب فهمها أو تر’جمتها إلا أن يحين مو’عدها.
منذ قرابة الثلاثة أيام وأكثر وهو يُلاز’م الفراش لا يقد’ر على الحركة، يتأ’لم في صمتٍ ويئـ ـن أيضًا في صمتٍ وحينما يشعر أنه أصبح بخيرٍ يخرج إليهم حتى لا يشـ ـك أحدهم بهِ وتبدأ الأسئلة تُطر’ح عليهِ دون توقف، وهذه المرة كانت على غير العادة حيثُ تصطح على الفراش ولَم يقد’ر على النهوض مرةٍ أخرى فقد د’اهمه أ’لمه هذه المرة وجعله طر’يح فراشه لا حول بهِ ولا قوة بدون أسبابٍ محد’دة..
كان مستلقيًا على جانبهِ الأ’يمن ظهره مو’ليًا لباب الغرفة يضع يده مكان الأ’لم وهو لا يقد’ر على تحـ ـمله أكثر مِن ذلك فقد طـ ـفح بهِ الكيـ ـل وأصواته المتخا’فتة وأنـ ـينه أصبح يعلـ ـو شيئًا فشيء وإن أستطاع الصر’اخ بهم ليقوموا بإسعا’فه سيفـ ـعل ذلك ولَكِنّ شِـ ـدة أ’لمه تمـ ـنعه مِن التحدث كل ما يفعـ ـله هو الصرا’خ فحسب، كان يأخذ شهـ ـيقًا وزفـ ـيرًا بصوتٍ عا’لِ والعبرات تلـ ـتمع في مُقلتيه اللتان أكتستهما الحُمـ ـرة يضـ ـرب بقبـ ـضة يده على الفراش بعنـ ـفٍ بسـ ـبب شِـ ـدة الأ’لم..
ولج في هذه اللحظة توأمه “سـامح” الذي كان يَمُر صدفةٌ عابرة أمام غرفة أخيه ليسمع صوت أ’لمه وصر’اخه ولذلك تأ’كد مِن صدق مشاعره التي كانت مذ’بذبة ليقتحـ ـم الغرفة عليهِ بدون سا’بق إنذ’ار ليرى أخيه يحتضـ ـر على الفراش مِن شِـ ـدة الأ’لم الذي لا يتر’كه هذا أول ما جا’ل في خا’طره حينما رآه بهذه الحا’لة المؤ’لمة والمر’عبة بالنسبةِ إليهِ..
أقترب مِنهُ بخطى وا’سعة ليقف بجوار فراشه محاولًا تهـ ـدأته لمعرفة ما حد’ث إليهِ قائلًا بنبرةٍ مر’تعبة على أخيه:
_”حـمزة” !! “حـمزة” فيك إيه !! إيه اللي حصـ ـل مالك أنطـ ـق !!.
هكذا صر’خ بهِ بهلـ ـعٍ ومِن ثم تركه وركض إلى الخارج يصر’خ بأخويه بنبرةٍ عا’لية وبشـ ـدة يستغـ ـيث بهما بهـ ـلعٍ فكانوا أربعتهم يجلسون في منزلٍ متوسط الحجـ ـم في إحدىٰ المدن المجاورة بسـ ـبب بعض الأعما’ل المتعـ ـلقة بالشركة، نز’ل درجات السُـ ـلَّم وهو مازال يصر’خ بهم ليأتيه صوت “ليل” الذي خرج مِن غرفتهِ بقلـ ـقٍ شـ ـديدٍ بعدما سَمِعَ صر’اخ أخيهِ في الخارج ليسأله بنبرةٍ مر’تعبة قائلًا:
_في إيه بتز’عق كدا ليه إيه اللي حصـ ـل في إيه !!.
وقف “سـامح” أمامه يلهث بعـ ـنفٍ وقد أستغا’ث بهِ سر’يعًا قائلًا بنبرةٍ مر’تعبة:
_”حـمزة” يا “ليل” تـ ـعبان أوي فو’ق وعمال يصر’خ مِن الو’جع مش عارف أتصر’ف ألحـ ـقني.
أر’تعد “ليل” على أخيه الصغير ولذلك لَحِـ ـقَ بـ “سـامح” الذي صعد سر’يعًا إلى الأ’على مِن جديد برفقة أخيه الكبير ليولج إلى غرفة أخيه الحبيب ليراه مازال الحال كما هو عليهِ، أقترب مِنهُ “ليل” مسر’عًا ليجلس على طر’ف الفراش بجواره يحاول تهـ ـدأته قائلًا بنبرةٍ تملؤ’ها الخو’ف والقلـ ـق:
_أهدى يا “حـمزة” أهدى وقولي في إيه إيه اللي تا’عبك يا حبيبي؟.
_بمو’ت يا “ليل” أنا مبقتش قا’در أتحمـ ـل الو’جع أكتر مِن كدا.
هكذا جاوبه “حـمزة” صا’رخًا ومتأ’لمًا لينهض “ليل” بعد أن قـ ـرر أن يأخذ أخيه إلى المشفى لفحـ ـصه ومعرفة ما يجعله يتأ’لم بهذه الطريقة لينظر إلى “سـامح” الذي تفهم نظرة أخيه وعاونه على حمـ ـل أخيه الذي لم يتوقف عن التأ’لم ولو لثانيةٍ واحدة حتى وصلا بهِ إلى المشفى وتم أخذه سر’يعًا إلى غرفة الأ’شعة لمعرفة السـ ـبب الر’ئيسي لهذا الأ’لم اللعيـ ـن..
وقف “سـامح” بجوار أخيه الكبير مستندًا بظهره على الجدار خـ ـلفه بهدوء وقـ ـلبه يأ’كله الخو’ف الشـ ـديد على أخيه المسـ ـكين وتوأمه الحبيب الذي لا يستطيع العيـ ـش بدونه ولو ثانية واحدة، جلس “ليل” على المقعد المجاور لهُ وقد أخرج هاتفه وقام بفـ ـتح تطبيق القرآن الكريم وبدأ يتلو ما تيَّسر مِن آيات الذكر الحكيم حتى يطمـ ـئن قـ ـلبه قليلًا على أخيه الصغير وو’لده الذي تر’بى على يديه منذ أن كان صغيرًا..
كان الوقت يَمُر بهما وكل دقيقة تَمُر يزيد خو’ف “سـامح” أكثر على أخيه الصغير وتوأمه فبدونه لا يستطيع العيـ ـش والمُضي قُدُمًا، وبعد مرور القليل مِن الوقت خرج الطبيب إليهم بعدما تم إجر’اء بعض التحا’ليل والأ’شعة للاطمـ ـئنان على أخيه وحينما رآه كلاهما نهضا سويًا يتر’قبان حديث الطبيب بفـ ـراغ الصبر، وقد تحدث الطبيب بالفعـ ـل حينما ألقـ ـى قـ ـنبلته المو’قوتة في وجهيهما قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_مقد’رش أطمـ ـنكم، “حـمزة” حا’لته حر’جة ولاز’م يدخل بسرعة عمـ ـليات.
_إيه !! عمـ ـليات إيه وحالة إيه اللي حر’جة أنتَ بتقول إيه يا دكتور !!.
هكذا ردّ “سـامح” عليهِ صا’رخًا بهِ بإنفعا’لٍ واضحٍ حينما تلقى هذه الكلمات البسيطة التي قالها الطبيب ليرد’ع “ليل” فعـ ـل أخيه الهو’جائي ويتولى هو الطر’ف المتحدث ليقول بنبرةٍ هادئة مستفـ ـسرة:
_مفهمتش يا دكتور أخويا ماله؟.
نظر إليهِ الطبيب بأ’سىٰ وقد أجابه بنبرةٍ هادئة يقول بأسفٍ:
_هو مقالكوش؟ “حـمزة” بقاله فترة بييجي يكشـ ـف هنا ومؤ’خرًا بدأ يتـ ـعب بشكل ملحو’ظ فحظـ ـرته مياكلش أي أكل مِن الشارع أو حتى أكل حر’اق زيادة عن اللز’وم بس هو مسمعش الكلام وعمل عكـ ـس اللي قولت عليه لحد ما وصلنا للنتيجة دي دلوقتي، المـ ـرارة مبقتش متحـ ـملة والموضوع صعـ ـب لازم تدخل جر’احي طالما وصل للحالة دي دا جاي لو طا’ل يعمل فنفـ ـسه حاجة هيعملها عشان يتر’حم مِن الو’جع دا دا جوه عمال يدعي إن ربنا ياخـ ـده عشان ير’تاح مِن الو’جع متخيـ ـلين الموضوع واصل معاه لفين؟.
نظر الأخوين إلى بعضهما البعض وهما في صد’مةٍ مِن أمرهما كلاهما لا يُصدق ما يُقال فهو لَم يُظهر شيئًا كهذا لهما ولا يتذكران أنهما رأوه يتأ’لم ولو صدفة عابرة فهما يعلمان أن أخيهما إن كان يمو’ت فلَن يتحدث ويفصـ ـح عن ما يجعله يتأ’لم حتى يفقـ ـد السيطـ ـرة على هذا الأ’لم ويبدأ في أستغا’ثة مَن أمامه، كان “سـامح” في صد’مةٍ مِن أمره لا يستوعب عقـ ـله ما يُقال فقد توقف بهِ عـ ـقله عند هذه اللحظة التي تلقيا فيها هذا الخبـ ـر المؤ’لم..
أما عن الأخ الأكبر فدومًا هو المسعـ ـف لهم في تلك اللحظات الصـ ـعبة والذي بدوره أعطى موافقته إلى الطبيب حينما قال بنبرةٍ هادئة:
_دخلوه على طول، وأنا هشوف الإجر’اءات تحـ ـت وهخلصها.
حرك الطبيب رأسه برفقٍ ثم تركهما وذهب ليزفـ ـر “ليل” بعمـ ـقٍ ثم ألتفت ينظر إلى أخيه الذي كان ينظر في نقـ ـطةٍ فا’رغة يُحاول أستيعاب ما قيل دون فائدة ليقترب مِنهُ بخطى هادئة يقف أمامه واضعًا كفه على كتفه قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_متخا’فش، “حـمزة” هيخرج وهيبقى زي الفُل، متخا’فش على أخوك أخوك مفيهو’ش حاجة.
نظر إليهِ “سـامح” والحز’ن يكتـ ـسي عينيه والخو’ف يحتضن قلـ ـبه لير’تمي بأحضان أخيه علّه يجد الطمأ’نينة والر’احة بداخلهِ ليقوم “ليل” بإحتضان أخيهِ ممسّدًا على ظهره برفقٍ دون أن يتحدث فهو يعلم تمامًا أن هذه اللحظات صعـ ـبة عليهِ فكلاهما لا يُفار’قان بعضهما البعض كيف لهما الآن أن يفتر’قا وكل واحدٍ مِنهما ير’حل بعيـ ـدًا دون عودة !!.
_تعالى معايا عشان نخلَّص ورق المستشفى عقبال ما يجهـ ـزوه عشان يدخل متقفش لوحدك.
هكذا قال “ليل” إلى أخيهِ ومِن ثم أخذه معه وذهبا إلى الأسفـ ـل حيثُ الاستقبال كي يقوم بإنها’ء إجر’اءات ولوجه إلى غرفة العمـ ـليات ود’فع جميع مستحـ ـقات المشفى، وأثناء ذهابه برفقة أخيه كان يقوم بمهاتفة زوجة أخيه لإخبارها ما حد’ث وحتى تكون بجوار زوجها، وضع الهاتف على أذنه قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_أزيك يا “سلمى” طـ ـمنيني عليكِ، بخير الحمد لله، بصراحة أنا بكلمك عشان أطلب مِنك إنك تيجي، “حـمزة” تـ ـعبان أوي وفالمستشفى والدكتور بيقول كلام مش قا’در أستو’عبه، مش عارف هو داخل العمـ ـليات دلوقتي ومعرفش حاجة لو كان حاكيلك على حاجة بخصوص التعـ ـب عرفيني لأن أنا مش فاهم حاجة و “حـمزة” مبيتكلمش معانا لو في حاجة تـ ـعباه وأنتِ عارفة وساكتة عرفيني … تمام هبعتلك اللوكيشن وخلي حد مِن العيال يجيبك.
أنهـ ـى حديثه معها وأغـ ـلق المكالمة ثم نظر إلى أخيه الذي كان يلتز’م الصمت منذ أن عَلِمَ ما حـ ـل بأخيه ليزفـ ـر بعمـ ـقٍ حينما رأى الهدوء هو المُلاز’م إليهِ لا غير ذلك ليبدأ في إنها’ء الأوراق اللاز’مة ومِن ثم د’فع المستحـ ـقات اللاز’مة، وطوال هذا الوقت كان “سـامح” يتذكر تحذ’يراته الصا’رمة إلى توأمه الذي أتخذ العنا’د سلا’حًا لهُ في وجه أخيه وفي الأ’خير أطا’ح بهِ عنا’ده إلى الهلا’ك..
أقترب “ليل” مِنهُ بعد أن أنهـ ـى جميع الأوراق اللاز’مة واضعًا كفه على كتف أخيهِ الذي كان شارد الذهن يجذ’ب أنتبا’هه إليهِ ويُعيد عقـ ـله إلى أرض الوا’قع ليقول بنبرةٍ هادئة:
_أنا خلَّصت الورق ود’فعت تكا’ليف العملية، زمانه دخل دلوقتي أدعيله.
_ياما حذ’رته يا “ليل” وز’عقت معاه وهـ ـددته، بس هو عا’ند معايا ومسمعش الكلام، فهمني إنه بَطَّـ ـل وسمع كلام الدكتور بس أنا خدت الصد’مة لمَ الدكتور أتكلم مِن شوية، يعني “حـمزة” غفـ ـلني وكان بيضحك عليا طول الوقت دا وأنا مصدقه؟!.
هكذا رد “سـامح” على أخيه وهو يشعر بالغضـ ـب مِن توأمه ليعقد “ليل” ما بين حاجبيه قائلًا بنبرةٍ متسائلة:
_هو أنتَ كُنت تعرف يا “سـامح” وساكت؟.
_كُنْت فاكره سمع الكلام، بس “حـمزة” غفـ ـلني ودا اللي واجـ ـعني يا “ليل” عشان أخويا عُمره ما فكر يقـ ـل بيا ولا يعمل حركة تقـ ـلل مِني أنا كُنْت ومازالت وهفضل خا’يف عليه دا أقرب واحد ليا لو جر’اله حاجة أنا هضـ ـيع مِن بعده … أنا بجد مش مستو’عب وحا’سس إني موجو’ع مِنُه، “حـمزة” اللي عُمره ما حاول ينز’ل دمعة مِن عيني كان هو أول واحد ينز’لها النهاردة.
أنهـ ـى حديثه وهو يشعر بالحز’ن والأ’لم يحتضن صد’ره وقـ ـلبه ليشعر بذراعي أخيه الكبير الذي ضمه إلى أحضانه يحاوطه بحنوٍ ممسّدًا على ظهره برفقٍ قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_أنتَ عارف “حـمزة” يا “سـامح” عنـ ـيد ومبيسمعش الكلام وبيحب يمشي اللي فد’ماغه مش جديد عليك يعني، متشـ ـيلش مِن أخوك دا بيحبك وميقد’رش يز’علك حتى لو بكلمة صغيرة، أخوك بيحبك يا “سـامح” أدعيله دلوقتي عشان هو محتاج الدعاء دا أكتر مِن أي حاجة تانية، هيخرج وهيبقى زي الفُل مفيهو’ش حاجة.
هكذا أبعـ ـد “ليل” هذه الأفكار السو’د’اء عن رأ’س أخيه ووضع الصورة الحـ ـقيقية أمام عينيه، شعر بتذ’بذب العلا’قة بين الطر’فين خصيصًا بعد حديث أخيه الأخير ليتدخل سر’يعًا بحكمته وتعـ ـقله يُصـ ـلح هذا الخلا’ف حتى تظل علا’قة الطر’فين قو’ية مهما يحدث تظل متما’سكة، أخذ أخيه وذهبا إلى غرفة العمـ ـليات حتى يجلسا وينتظرون خروج أخيهما سا’لمًا معا’فًا مِن جديد.
________________________
<“لحظةٌ واحدة وصُدفةٌ عابرة،
وقد تم فيها لقاء الطر’فين.”>
لقاء العابرين يعـ ـلق في العقـ ـل مدىٰ الحياة حتى وإن مرّ عليهِ ١٠٠٠ عامٍ، فما الوضع بمُحبٍ إذًا في هذه الحالة، أثنين لَم يكُن كلاهما يعلم عن الآخر شيئًا وفي لحظةٍ عابرة تلاقىٰ سويًا كي تبدأ قصةٌ جديدة بين الطر’فين جمعت بين شخصٍ هادئ وآخرٍ أكثر جـ ـنونًا ومغا’مرة وجر’اءة ليشهـ ـد الجميع على هذه العلا’قة المثيـ ـرة والجا’ذبة للأنظار..
كانت تقف داخل إحدى الكافيهات الراقية تنتظر مشروبها المفضّل حتى تذهب للتنزه قليلًا رفقة إبنة عمها، تقف وتنتظر مشروبها وهاتفها بيدها تعـ ـبث بهِ وترتدي نظارتها الشمسية التي أخـ ـفت معالم وجهها الحا’دة، كانت ترتدي بِنطالًا مِن خامة الچينز الثلـ ـجية الو’اسع يعـ ـتليه كنزة شتوية باللو’ن البُـ ـني وأخيرًا معطفًا طو’يل حتى أسفـ ـل قد’ميها باللو’ن البُـ ـني الفا’تح وأخيرًا كانت تصفف خصلاتها القصيرة بعناية، وبجوارها وقف “مُـهاب” الذي كان يرتدي بِنطالًا مِن خامة القما’ش باللو’ن الأسو’د يعـ ـتليه كنزة شتوية باللو’ن الأبـ ـيض ومعطفًا طو’يلًا شتوي مِن اللو’ن الأسو’د وحذ’اء أبيـ ـض اللو’ن وأخيرًا نظارته السو’د’اء الشمسية مصففًا خصلاته النا’عمة السو’د’اء بعناية..
قام بطلب مشروبه مِن العامل بوجهٍ مبتسم والذي ألقـ ـى عليهِ تحية السلام ليتبادلا أطر’اف الحديث بينهما وبين بعضهما فـ “مُـهاب” معروفًا في هذا الكافيه ومالكه لهُ فضلٌ عليهم لمساعدته إليهم في فتـ ـح مشروعهم ولذلك جاء يطلب مِنهم مشروبه المفضّل بعدما قطـ ـع وعدًا إلى صديقه بأن يطلب ما يشاء دون أن يدفع قر’شًا واحدًا، أخذت “جـويرية” مشروبها وذهبت بعد أن شكرت العامل وقد لَحِقَ بها “مُـهاب” بعد دقائق قليلة..
كانت تسير متجهة إلى سيارتها التي جاورتها سيارة “مُـهاب” وهي تحمل الكوبين حتى قطـ ـع طريقها شا’بًا ثا’ملًا رائحته كر’يهة مِن كثرة شربه للخمو’ر ولَم يخـ ـشىٰ لأحد ففي ظهـ ـيرة اليوم وأمام الجميع يخا’لف القاعدة ويقوم بقـ ـطع الطريق على فتا’ةٍ في الظهيرة، توقفت “جـويرية” وهي تر’مقه بنظراتها الحا’دة لتراه يبتسم بسمةٌ وا’سعة وقد قال بنبرةٍ و’اهنة مثـ ـقلة:
_هو القمر بقى بيظهر الصبح ولا إيه، أول مرة أشوف وا’حدة حلوة الصبح زيك كدا، هاتي رقمك بقى لأنك بصراحة عجبتيني.
ر’فعت حاجبها الأ’يمن عا’ليًا وهي تر’شقه بنظراتها الحا’دة لتقول بنبرةٍ حا’دة:
_لا واللهِ؟ شكلك بتستـ ـظرف وأنا بز’عَّل اللي بيستظر’ف معايا.
بدأ يقترب مِنها بخطى هادئة وهو يبتسم لها فيما هي بدأت تعود إلى الخـ ـلف وهي تنظر لهُ بحذ’رٍ لتسمعه يقول:
_مبزعلش مِن صوا’ني البسبوسة يا بسبوسة محـ ـشية قشطة.
شعرت “جـويرية” بالقر’ف مِنهُ ولذلك نظرت إليهِ بأشمئـ ـزازٍ ولحظها العـ ـسر أنها لن تستطيع الد’فاع عن نفسها فإن حاولت فسيُد’اهمها ويهجـ ـم عليها، رغم أنها تتظاهر بالقو’ة ولَكِنّ بداخلها تشعر بالخو’ف الشـ ـديد وقلبها ينـ ـبض بقو’ة بداخل قفـ ـصها الصد’ري، خطواتٌ قليلة تفصـ ـل بينهما فيها شُـ ـل عقـ ـل “جـويرية” عن التفكير لترى الحا’مي لها يقف بينها وبينه يفصـ ـل بينهما يرد’ع فعـ ـله أو الاقتراب مِنها..
لَم يخـ ـف ولَم يتردد فإن كان لديه شقيقة وتعر’ضت لمثل هذه المواقف فلَن يتردد في قتـ ـل مَن يقترب لإيذ’اءها، كان يسير عائدًا إلى سيارته بعد أن أخذ مشروبه وودَّع صديقه ليراها تبتعـ ـد عن هذا الثمـ ـل الذي كان يقترب مِنها وهو لا ينتو’ي على خيرٍ ألبتة ولذلك لَم يتردد واقترب مِنها سريعًا يُبعـ ـده عنها ويقف أمامها هو حا’ميًا لها..
لكـ ـمه في وجهه ود’فعه بعـ ـيدًا ليسـ ـقط الآخر أرضًا متأ’لمًا، شعرت “جـويرية” بالرا’حة حينما رأت مَن جاء مِن العد’م يقوم بالد’فاع عنها وحما’يتها، كان فضولها يد’فعها لرؤية هذا الشا’ب الذي جاء في الوقت المناسب لحما’يتها، وكأنه شعر بها وبما تُفكر بهِ ليلتفت هو بهدوءٍ لها ينظر إليها لتجـ ـحظ عينيها بعد’م أستيعاب حينما رأت الشا’ب هو نفسه الذي أصتد’مـ ـت بهِ في زفاف “مَرْيَم” و “شـهاب”..
هر’ب الآخر الذي شعر بالخطـ ـر ليترك هذا الثنائي اللذان يلتقيا للمرةِ الثانية بدون أيا تحذ’يراتٍ كل هذا كان صدفة فحسب، شعر كلا الطر’فين بمشاعر عديدة متضا’ربة حينما أصبحا في موا’جهة بعضهما البعض، كانت مفاجأة لهما ولَكِنّ كانت بداية لخطى كثيرة قادمة ستجمع الطر’فين كثيرًا الفترة القادمة.
_”قل لليالِ أن تطول ظلا’مها،
فقد رأيتُ حبيب القلبِ حاضرًا.”
____________________________

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أحببتها ولكن 7)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *