رواية جعفر البلطجي 3 الفصل الخمسون 50 بقلم بيسو وليد
رواية جعفر البلطجي 3 الفصل الخمسون 50 بقلم بيسو وليد
رواية جعفر البلطجي 3 البارت الخمسون
رواية جعفر البلطجي 3 الجزء الخمسون
رواية جعفر البلطجي 3 الحلقة الخمسون
نَعيبُ زَمانَنا وَالعَيبُ فينا،
وَما لِزَمانِنا عَيبٌ سِوانا،
وَنَهجو ذا الزَمانِ بِغَيرِ ذَنبٍ،
وَلَو نَطَقَ الزَمانُ لَنا هَجانا،
وَلَيسَ الذِئبُ يَأكُلُ لَحمَ ذِئبٍ،
وَيَأكُلُ بَعضُنا بَعضاً عَيانا.
_الإمام الشافعي.
_____________________
في كثيرٍ مِن الأحيان يكون المرء على خـ ـطأٍ، وليس كل مَن على خـ ـطأٍ أنه ليس صا’لحًا، فلربما ترى الصا’لح ظا’هريًا وفي القلوبُ تكونُ النو’ايا حاضرةٌ بالشـ ـر العظيم، نفو’سٍ أر’هقت بني البشـ ـر ونا’لت مِنهم وما كان البادي أ’عظم..
<“دقت ساعة الحر’ب سريعًا،
وخرج الثو’ر الغا’ضب مِن مخـ ـبئهِ.”>
كان مصد’ومًا بعد أن أخذها مِن يدها وولج بها إلى الغرفة المعيشة لا يُصدق ما يراه ويسمعه، كان ينظر إليها حينما كانت تبكي بصمتٍ وعبراتها تتسا’قط على صفحة وجهها دون توقف حتى بدأت الشهـ ـقات المتتالية تلحـ ـقُ بها، آ’لمهُ قلبه كثيرًا عليها بعد أن رآها بهذه الحا’لة المؤ’لمة ليَمُدُّ كفه يمـ ـسح على ظهرها بحنوٍ ومِن ثم ضمها إلى د’فئ أحضانه يمـ ـسح على طول ذراعها والكف الآخر ممسكًا بكفها الأ’يمن يُشـ ـدد برفقٍ مِن قبـ ـضتهُ عليهِ، بالطبع سيُصا’ب بالجنو’ن فحا’لتها تلك تعني بالنسبةِ إليهِ أن ثمة كو’ارثٌ فجـ ـة حدثت في بيت العائلة جعلتها تأتي إليهِ مكـ ـسورةٌ بهذه الطريقة ومعها حقيبة ملابسها..
خرجت “بيلا” مِن المطبخ وهي تحمـ ـل كوب الليمون البا’رد الذي أعددتهُ خصيصًا إليها حتى تهدأ قليلًا مِن هذه الحا’لة، وضعت الكوب على الطاولة أمامها ثم وقفت بجوارها تنظر إليها بشـ ـفقةٍ لتَمُدُّ كفها الحنون تربت على كتفها برفقٍ لتقول بنبرةٍ هادئة:
_أهدي يا حبيبتي شوية كدا مينفعش أيًا كان اللي حصـ ـل هيتحل إن شاء الله ولو حد ز’علك فحاجة قولي وفضفضي “يـوسف” موجود أهو وهيسمعك ولو حد ضا’يقك أكيد هو مش هيسكوت وهيجيبلك حقـ ـك.
كل ما كانت تفعله “شـاهي” هو البُكاء، لَم تَكُن تُبا’لغ في ردات فعلها بل كل ذلك كان تر’اكماتٍ عديدة بد’اخلها ترا’كمت لسنواتٍ عديدة حتى أصبحت لا تقد’ر على تحـ ـمُلِها أكثر مِن ذلك، لقد تحمـ ـلت كثيرًا منذ و’فاة زوجها منذ أعوامٍ عديدة حتى هذا اليوم دون أن تشـ ـكو أو تتحدث، ولَكِنّ لقد أُستُـ ـنفِذَت طا’قتها بكل تأكيد ولَم تَعُد تقد’ر على تحـ ـمُل أكثر مِن ذلك وبُكاءها ذاك كان نتيجةٌ لتر’اكمات الماضي وهبا’ب الحاضر..
صدح رنين جرس المنزل عا’ليًا يُعلنهم عن وصول زائرٍ إليهم لتتركهما “بيلا” وتذهب كي تفتـ ـح الباب، فيما حاول “يـوسف” إحتو’اءِها قد’ر المستطاع وهو يشعر أنهُ سَيَجُـ ـنُ بكُلِ تأكيد حتى يعلم ما حد’ث معها، وقد خرج صوتها الباكِ المكتو’م حينما قالت بنبرةٍ مُتأ’لمة:
_أنا مو’جوعة أوي يا “يـوسف”، مو’جوعة ومش قاد’رة خلاص أتحـ ـمل قلبي وا’جعني أوي.
أنتـ ـبه هو إليها لينظر لها نظرةٍ ذات معنى يرى والدته في هذه الحا’لة للمرةِ الأولى، رأى كسـ ـرتها وأوجا’عها باديةٌ على تقا’سيم وجهها ونبرة صوتها حتى في وتيرة أنفا’سها، ر’فع كفه الأ’يمن ووضعه على مو’ضع قلبها قائلًا بنبرةٍ هادئة للغا’ية:
_سلا’مة قلبك يا حبيبتي، أهدي عشان خاطري حا’لتك دي قلقا’ني أوي عليكِ، أهدي يا نو’ر عيني لو ليا خاطر عندك وبتحبيني بجد.
أنهـ ـى حديثه وهو يُشـ ـدد مِن ضمتهِ إليها مُمسّدًا على مو’ضع قلبها برفقٍ دون أن يتحدث والقـ ـلقُ يحتضنه، ولجت إليهِ “مـها” وتليها “عَـليا” و “سـراج” و “زايـد” وفي الأخير كانت “بيلا” التي عادت إليهم مِن جديد، جلست “مـها” بجوار والدتها على الجهة اليُسر’ى لها وهي تنظر إليها بقلـ ـقٍ بائنٍ على تقا’سيم وجهها وهي تمسـ ـح بكفها على ذراعها قائلة بنبرةٍ تملؤ’ها القـ ـلق:
_مالك يا ماما فيكي إيه يا حبيبتي؟ إيه اللي حصـ ـل يا “يـوسف”؟.
أنهـ ـت حديثها وهي تسأل أخيها بعد أن نظرت إليهِ لتراه ينفي معرفته بالأمر دون أن يتحدث لتعاود هي النظر إليها مِن جديد قائلة:
_أحكي يا حبيبتي إيه اللي حصـ ـل جاية زعلا’نة بشنطة هدومك ليه مين مشاكي مِن البيت؟.
تدخل “سـراج” بعد أن رأى أن حا’لتها لا تسمح بالحديث ليقول بنبرةٍ هادئة:
_أهدي عليها شوية يا “مـها” واضح إنها مش قاد’رة تتكلم دلوقتي سيبيها شوية على الأقل تهدى وتاخد نفـ ـسها.
نظرت لهُ “مـها” بقلـ ـقٍ شـ ـديد على والدتها لترد عليهِ قائلة:
_أزاي بس يا “سـراج” مش شايف حا’لتها عاملة أزاي أنا خا’يفة عليها ومعرفش إيه اللي حـ ـصل وهي مبتتكلمش كل دا مو’ترني.
أقتربت “عَـليا” بخطى هادئة مِنهم لتجلس على رُ’كبتيها أمامها وهي تنظر لها لتقول بنبرةٍ هادئة للغا’ية:
_مالك بس يا سـ ـت الكُل مين ز’علك هناك؟ أحكي عشان تر’تاحي وإحنا نطـ ـمن على الأقل شوية ونبقى عارفين السبب، إحنا سامعينك أحكي.
أخذت “مـها” المحرمة وأز’الت عبرات والدتها مِن على صفحة وجهها بحنوٍ وهي تنظر إليها لتراها قد بدأت تهدأ قليلًا وهذا جعلها تشعر بالر’احة ولو قليلًا، فيما أستغرقت “شـاهي” بضع دقائق هدأت فيهم وأخذت أنفا’سها بأنتظامٍ مرةٍ أخرى كل ذلك أسفـ ـل نظرات الجميع وأكثرهم “يـوسف” الذي قد بدأ يفـ ـقد أعصا’به بكل تأكيد، أبتـ ـلعت “شـاهي” غصتها بتروٍ وقالت بعد دقائق بنبرةٍ باكية مبحو’حة تَشـ ـكو إلى ولدها:
_مش عايزة تسيبني فحالي يا “يـوسف”، كل شوية تجر’حني بالكلام وأنا أسكوت، كل شوية تضا’يقني وأنا متكلمش وأعديها، سكت سنين كبيرة مش كام مرة وخلاص لا أنا شيـ ـلت هـ ـم كبير أوي عليا وأستحـ ـملت كلامها اللي زي السـ ـم وإها’ناتها وكل حاجة متتو’قعهاش، بس أنا فا’ض بيا خلاص وتـ ـعبت مبقتش قا’درة أتحمـ ـل أكتر مِن كدا … تخيل يا “يـوسف”، تخيلوا بتتهـ ـمني إني بقرّ’ب مِن عمكوا وبحاول أخـ ـده مِنها.
هُنا وكان حديثها بمثابة زر الإنذ’ار بالنسبةِ إلى “يـوسف” الذي تأ’هبت حوا’سه وجحـ ـظت عينينه قليلًا وتجمـ ـدت عضلا’ت جسـ ـده بالكامل وغَـ ـلَتْ الد’ماء في عرو’قه وأر’تفع الأدر’ينالين بداخل جسـ ـده عندما أستمع إلى حديث والدته الذي جعله يتأ’هب لسماع المزيد والمزيد، فيما شعرت “مـها” أنها لا تفهم شيئًا وكذلك شقيقتها الأخرى التي كانت تنتظر سماع المزيد مِن زوجة أبيها، فيما أكملت “شـاهي” حديثها الذي كان كجمـ ـرة النا’ر المُلـ ـتهبة بالنسبةِ إلى “يـوسف” الذي أستمع إلى بقية حديثها حينما قالت:
_أها’نتني وقَلت أد’بها عليا وهـ ـددتني إنها هتقـ ـتلني، لأول مرة أخا’ف مِنها بجد أنا مش عارفة أنا عملت إيه، كل اللي حصـ ـل إني كُنْت بعمل كوباية شاي و “عـماد” دخل عملتله كوباية شاي بعد ما سألته وأتكلمنا شوية عادي، محـ ـصلش أي حاجة واللهِ العظيم كلامنا كان عادي جدًا بس مسافة ما خرج ولفيت أخد كوباية الشاي بتاعتي عشان أخرج لقيتها فوشي بتبُصلي بصات و’حشة أوي وبدأت تهـ ـددني بالقتـ ـل وأتهمـ ـتني إني بحاول أخد “عـماد” مِنها وو’جعتني بكلامها لمَ أتر’يقت عليا بسبب مو’ت أبوك وقالتلي إنها بتكر’هني أوي ومش حباني وإنها قا’بلة بوجودي فالبيت غصـ ـب يعني شايفة إني مليش حـ ـق أقعد فيه، واللهِ العظيم أنا ما كدا يا “يـوسف”، أنا مش و’حشة يا “مـها”، أنا مش خـ ـبيثة يا “عَـليا”، أنا مش كدا صدقوني.
إحتو’اها “يـوسف” مجددًا بعد أن عادت تفقـ ـد السيطـ ـرة على نفسها مِن جديد وبدأت في البكاء دون توقف بطريقةٍ آ’لمت قلب “يـوسف” كثيرًا والذي شـ ـدد مِن ضمتهِ لها وهو يمـ ـسح بكفه على ذراعها بحنوٍ قائلًا بنبرةٍ حاول جعلها طبيعية قد’ر ما أستطا’ع:
_عارف يا حبيبتي، عارف يا نو’ر عيني إنك مش كدا، عارف إنك نقـ ـية ونضـ ـيفة مِن جواكي، هي اللي بنت *** وسو’دة، وسو’ادها مخليها تشوف اللي حواليها زيها، أهدي يا رو’حي صحتك عندي أهـ ـم مِن أي حاجة أنا عارف إنك مو’جوعة حا’سس بيكي واللهِ بس مينفعش تضيـ ـعي نفسك عشان واحدة **** زي دي متستا’هلش، حـ ـقك على قـ ـلبي دموعك غا’لية على قلبي واللهِ … يمين بالله ما هعد’يها على خير وهخليها خر’اب على اللي جابوها عشان هي تخـ ـطت الحد’ود كلها وأنا سكتلها كتير، عندك أنتِ ويتحر’ق أي حد مفيش عندي أ’غلى مِنك، متعيطيش وإن ما مشيتها ورا’سها فالأرض ورجعتها لأ’صلها مبقاش ابن “عـدنان”، أهدي وشوفي أنا هعمل فيها إيه بنت الشحا’ت اللي شايفة نفسها هانم دي، دا حتى الشحا’ت أنـ ـضف مِنها أقسم بالله.
حاوطها بذراعيه يضمها إلى أحضانه الد’افئة يُلثم رأسها بِقْبّلة حنونة بعد أن قطـ ـع إليها وعدًا صا’دقًا في إسترداده لحـ ـقها مهما كلفهُ الأ’مر، فيما كانت “مـها” تبكي لأجل والدتها وما مرّت بهِ لتقوم بالمسـ ـح على ذراعها بحنوٍ وهي تقول بنبرةٍ باكية:
_حـ ـقك عليا يا حبيبتي، أنا عارفة إنك طيبة وبتحبي الكل ومش و’حشة أنا شوفت كل دا، متز’عليش ولا تعيطي “يـوسف” وعدك إنه هير’جعلك حـ ـقك يبقى هيرجعهولك أنا عارفة أخويا بينفـ ـذ وعوده ثقـ ـي فيه بس وشوفي هيعمل فيها إيه.
_متز’علش نفسك يا جميل واللهِ خسا’رة فيها دموعك دي، مفيش أطيب ولا أحن مِنك فالدنيا هي مضا’يقة مِنك وشايفة الكُل بيحبك عشان أنتِ طيبة وأحسن مِنها، صدقيني.
هكذا ردت كذلك “عَـليا” بنبرةٍ هادئة مبتسمة الوجه وهي تنظر إليها ليأتي بعدها قول “سـراج” الذي أقترب مِنها وجلس القر’فصاء أمامها وهو ينظر إليها:
_محدش يستجر’ى يز’علك ولو بالغـ ـلط، مفيش أحلى ولا أحن ولا أطيب مِنك صحيح أنا معا’شرتكيش بس صدقيني أول ما شوفتك أر’تحتلك أوي وشوفت فيكي الطيبة والحنية كلها، كفاية حلاوة رو’حك تحبب أي حد فيكي، طب أقولك على حاجة بقى؟.
جذ’ب إنتبا’هها بحديثه لتنظر لهُ بعينين باكيتين ومعها “يـوسف” الذي كان ينظر إلى صديقه الذي رآه يقترب مِن والدته وهو يهمس لها قائلًا بنبرةٍ هادئة يقوم بو’مض جـ ـفنه الأ’يسر بمرحٍ:
_أنا عرفت الحج الله يرحمه حبك ليه، وبصراحة ولأجل الأ’مانة كان نمـ ـس بصراحة شكله كان خبرة.
أبتسمت ثم تحوَّ’لت إلى ضحكاتٍ خـ ـفيفة ليبتسم “يـوسف” حينما رآها تضحك بفضل صديقه الذي أستطاع ممازحتها بكل سهولة ويُسرٍ والذي بدوره أبتسم كذلك وقال:
_عندي حـ ـق واللهِ صدقيني، كان را’جل د’ماغ كدا مخد’ش أي واحدة صِبِر ونا’ل ويا بخته بيكي واللهِ، شكله كان مش سهل مش كدا؟.
أنهـ ـى حديثه وهو يسألها بوجهٍ مبتسم ليتلقي الإجابة فورًا مِنها حينما أعطته إما’ءة صغيرة مِن رأسها لتتـ ـسع بسمتهُ على ثغره قائلًا:
_إحنا الر’جالة كدا، بنفهم بعض مِن نظرة وهمسة، طب إيه رأيك إن أبنك دا أنا حافظُه أكتر ما هو حافظ نفسه؟ بفهمه مِن أ’قل حركة ونظرة وبعرف هو بيفكر فإيه وأمتى مبسوط وأمتى مضا’يق زي دلوقتي كدا، ربنا سبحانه وتعالى صحيح خـ ـد الحج الله يرحمه بس عوضك بعد السنين دي كلها عن صبرك بأبن حـ ـقيقي مفيش زيه، أبنك شاف سو’اد اللي هو فيه دا مش مِن فر’اغ دا دا’ق المُـ ـر وشاف اللي مفيش بني آدم يقد’ر يستـ ـحمله، الظر’وف اللي و’قع فيها عملته را’جل بجد يخا’ف على العزيز قبل الغريب، ربنا رزقك بشا’ب زي “يـوسف” أقسم بالله لوحده كـ ـنز وأنا مش ببا’لغ فكلامي واللهِ بس بقولك الحـ ـقيقة … اللي زي “يـوسف” دا ميتخا’فش عليه بالعكس، دا تخا’في مِنُه لمَ حد يقـ ـع تحـ ـت إيده بالذات لو دا’يسله على طر’ف أو حـ ـس بس مجرد إحسا’س إن في حد بيحاول يئـ ـذي عزيز عليه، سيبيه يروح يشـ ـفي غـ ـليلُه مِنها عشان ير’تاح عشان هو مش هيرتا’ح غير لمَ يعمل كدا.
أنهـ ـى حديثه وهو يعلم تمام العلم أنهُ لَم يُخطـ ـئ في حرفٍ واحدٍ مِمَّ قاله ليرى تأ’ثير حديثه على تقا’سيم وجهها حينما نظرت إلى و’لدها نظرةٍ هادئة تحكي لهُ الكثير الذي يعجـ ـز الفم عن إخراجه والبوحُ بهِ، أبتسم هو لها بسمةٌ هادئة ثم قام يُلثم جبينها بحنوٍ وضمها إلى د’فئ أحضانهِ مُمسّدًا على ظهرها بحنوٍ قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_”سـراج” مقالش كلمة غـ ـلط، وأيمنات المسلـ ـمين ما هتعد’ي الليلة دي على خير، يا أنا يا هي النهاردة إن ما ر’ديتلك أعتبارك مبقاش أبنك، صبرًا بس أتطـ ـمن عليكِ وبعدين هروح أقلـ ـبها على د’ماغ الكل واللي هيو’قفلها هياخد اللي فيه النصـ ـيب معاها عشان أنا عارف إن في عقا’رب معاها هيد’افعوا عنها، متخا’فيش.
_مش خا’يفة، لأول مرة مخا’فش، مش خا’يفة عشان فحُضن أحن واحد عليا فالعالم كله.
هكذا ردت عليهِ “شـاهي” تبوحُ عمَّ بدا’خلها لهُ لتشعر بهِ يُشـ ـدد برفقٍ مِن ضمته إليها دون أن يتحدث وكأنها يُخبرها أنهَ لن يخذ’لها مهما حد’ث وسيقوم بتنفـ ـيذ هذا الوعد الليلة دون ر’جعة، فعند والدته سلامٌ على الجميع وإن كان عزيز.
_________________________
<“سقو’ط الفـ ـئران المخـ ـتبئة كان سهلًا،
وسقو’ط الغو’ل كان أصـ ـعب مِمَّ ظنت.”>
أن يتم أصـ ـتياد الفـ ـئران وإخراجها مِن جُحـ ـرها لمجرد وضع الطُـ ـعم كان أمرًا في غا’ية السهولة، ولَكِنّ أن يتم الو’قوع بالغو’ل مرةٍ واحدة وبخطوة واحدة كان أمرًا في غا’ية الصعو’بة ويلز’مهُ الكثير والكثير مِن التخـ ـطيط والتنفـ ـيذ بمهارةٍ ودِ’قة، كان الأمرُ صـ ـعبًا عليها كثيرًا ولَكِنّ إن كان هذا بغرض إنقا’ذ نفـ ـسٌ بر’يئةٌ فلا بأس مِن ذلك فهكذا كانت الأميرة وهكذا كان الغو’ل الذي كل ما كان يطمـ ـحُ لهُ هو السُلـ ـطة وقـ ـتل كل ما يقابله دون وجه حـ ـق..
كانت كعادتها تلتز’م الغرفة منذ هذا اليوم وتر’فض البقاء معهُ في مكانٍ واحدٍ يجمعهما سويًا، كانت تنتظر مِنهُ الشعور بالند’م والمجيء لإرضا’ءها، كانت تأمل مِنهُ الكثير ولَكِنّ كما تو’قعت، عد’م اللامبا’لاة وكأنها لَم تتحدث أو تقول شيئًا، كانت شاردة الذهن تُفكر فيما هو قادمٌ وماذا سيفعل “يـوسف” معهُ، لحظاتٌ قليلة مِن الصمت قطـ ـعه ولوج “فـتوح” إليها ومعالم وجهه لا تُنذ’ر بالخير البتة، نظرت هي لهُ بتر’قبٍ فيما أقترب هو مِنها حتى وقف أمامها مباشرةً وهو ينظر إليها دون أن يتحدث..
شعرت “نـورهان” بالخو’فِ مِنهُ في هذه اللحظة ولذلك أعتدلت في جلستها وهي تنظر إليهِ بتر’قبٍ شـ ـديد وقد بدأ قلبها ينـ ـبض بعـ ـنفٍ داخل قفـ ـصها الصد’ري، نظراته لَم تُنذ’رها بالخير ولذلك نهضت بهدوءٍ شـ ـديد ووقفت أمامه بعد أن عادت خطوتين إلى الخلف خو’فًا مِنهُ ومِمَّ ينتو’ي على فعله معها، دقائق أخرى مرّت والصمتُ قائمٌ بينهما لتشعر أنها لا تستطيع تحمُـ ـل ذلك أكثر مِن ذلك ولذلك تحركت وهي تنتو’ي على الخروج وترك الغرفة إليهِ لتَمُر مِن جانبهِ بخو’فٍ شـ ـديد وقبل أن تتخـ ـطاه منـ ـعتها يدهُ حينما قـ ـبض على ر’سغها بكفه يمـ ـنع إكما’ل سيرها..
توقفت هي فجأ’ةً وتجـ ـمدت الد’ماء في عرو’قها وتسار’عت وتير’ة أنفا’سها بشكلٍ ملحوظ حينما شعرت بقو’ة قبـ ـضته على ر’سغها، أنتا’بها الهـ ـلع فيما كان هو ينظر إلى نقطةٍ فا’رغة أمامه دون أن يتحدث وتقا’سيم وجهه تُنذ’ر بالغضـ ـب والشـ ـر بكل تأكيد، أغمضت هي عينيها بقو’ةٍ وهي تدعو ربها أن تَمُر هذه اللحظات على خيرٍ، تحدث أخيرًا يقطـ ـع هذا الصمت القا’تل بينهما حينما قال بنبرةٍ جا’مدة د’بت الرُ’عب في أوصا’لها:
_أنتِ كلمتي “يـوسف” النهاردة أو شوفتيه؟.
هُنا وعَلِمَت أنهُ قد عَلِمَ أنها قامت بمقابلة “يـوسف” اليوم بالتأكيد قد أخبره أحد الصـ ـبية الذين يعملون معهُ فهم خبيـ ـثون مثله تمامًا ولا يخـ ـبئون عنهُ شيئًا، بدأ صد’رها يعـ ـلو ويهبـ ـط بعنـ ـفٍ خو’فًا مِمَّ هي مُقبلةٌ عليهِ ليأتيها صوته الغـ ـليظ حينما شـ ـدد مِن قبـ ـضة يده على ر’سغها قائلًا:
_رُدي عليا أنا بكلمك.
تأ’لمت “نـورهان” بسـ ـبب قبـ ـضة يده القو’ية التي أشـ ـتدت قو’تها على ر’سغها لتُحاول تحر’ير ر’سغها وإفلا’ت يدها مِن قبـ ـضته تلك ولَكِنّ بدون فائدة لتشعر بهِ يجذ’بها بعنـ ـفٍ إليهِ لتعود هي إلى الخلف بحر’كةٍ عنيـ ـفة لا تصح لامرأةٍ حبـ ـلة مثلها لتقف أمامه وهي تنظر إليهِ بخو’فٍ شـ ـديد وقد ترقرق الدمع في المُقل دون أن تتحدث ليصر’خ هو بها بعنـ ـفٍ قائلًا بغضـ ـبٍ جم:
_رُدي عليا بقولك !! كلمتيه ولا لا !!.
فز’عت مِن نبرته العا’لية والقو’ية لتقول بنبرةٍ تملؤ’ها الخو’ف الشـ ـديد:
_لا.
_كد’ابة !!.
صر’خ بها بعد أن أشـ ـتد غضـ ـبه أكثر لتعلم هي أن نها’يتها قد أقتربت بكل تأكيد وقد تذكرت حديث “يـوسف” حينما قام بتحذ’يرها مِنهُ إن خرج عن تعـ ـقلهِ وأصبح مجنو’نًا فلَن ير’حمها ولَن يكترث لكونها حـ ـبلة، شعرت أن ذراعها سوف يُكـ ـسر بسبب قو’ة قبـ ـضته عليهِ لتُغمض عينيها بأ’لمٍ وقد سقـ ـطت عبراتها على صفحة وجهها ولَكِنّ لَم تؤ!ثر بهِ بكل تأكيد ليبدأ بهـ ـزها بعنـ ـفٍ وهو يصر’خ بها كالمجنو’ن قائلًا:
_غفـ ـلتيني وروحتي قابلتيه مِن ورايا، فكراني طرطو’ر يا بـ ـت ومش عارف كل همـ ـسة وحركة؟ بتضحكي عليا يا “نـورهان” وعملتي اللي فد’ماغك برضوا، أنا مش نبـ ـهتك لو عرفت بس إنك بتفكري تقوليله أنا هعمل فيكي إيه؟ مبتسمعيش الكلام ليه !!.
أنهـ ـى حديثه صار’خًا بها بقو’ةٍ ثم قام بصـ ـفعها بكل قو’ته أسقـ ـطها على الفراش ولَم يهـ ـتم بها أو بصغيرته التي تمكث بدا’خل أحشا’ئها فقد حضرت شيا’طينه وأ’عمتهُ عن كل شيءٍ أمامه، فيما كانت هي تضع كفها على موضع صفـ ـعته إليها وهي تبكي بأ’لمٍ لتشعر بهِ يقبـ ـض بكفه على خصلا’تها النا’عمة الطو’يلة يجذ’بها مِنها بعـ ـنفٍ لتعـ ـلو صر’خاتها أ’لمًا وهي تُمسك بكفه ذاك بيديها تُحاول إبعا’ده عنها وهي تبكي قائلة:
_سيبني يا “فـتوح”، سيبني يا أخي حر’ام عليك أنتَ معندكش قلـ ـب ولا ر’حمة.
صر’خ بها بعنـ ـفٍ وهو يُشـ ـدد مِن قبـ ـضة يده على خصلا’تها لتعـ ـلو معهُ صر’خاتها المتأ’لمة وهو يقول بغضـ ـبٍ شـ ـديد:
_حُر’مت عليكي عيـ ـشتك، دا أنا هوريكي سو’اد عُمرك كله، يمين بالله لأند’مك يا بنت الـ*** على عمـ ـلتك دي، تعالي !!.
أنهـ ـى صر’اخه بها ومِن ثم تحرك وهو يجذ’بها مِن خصلا’تها وهي تبكي وتصر’خ عا’ليًا تستنـ ـجد بالجميع وهي تُحاول إبعا’ده عنها والهر’ب بعيـ ـدًا عنهُ، توقفت هي في منتصف غرفة المعيشة وهي تُحاول مقا’ومته وإبعا’ده عنها ولَكِنّ أبى هو تركها وأ’مرها بالصمت صا’رخًا بها لتُعا’نده هي وتُحاول إبعا’ده عنها لتستغـ ـل أظافرها وتقوم بغـ ـرزها بيده الممسكة بخصلا’تها بعـ ـنفٍ لتعـ ـلو صر’خاته المتأ’لمة ويقوم بتركها مبتعدًا ممسكًا بذراعه يتفحصه بمعالم وجهٍ متأ’لمة لتبتعد هي عنهُ وهي تنظر إليهِ لا’هثة وخصلا’تها مبعـ ـثرةٌ تبحث عن أي شيءٍ تُدا’فع بهِ عن نفسها..
ر’فع هو رأسه ينظر إليها بمعالم وجهٍ متأ’لمة وهو يتو’عد إليها لتُسرع هي وتقوم بضر’به بالصحن المعد’ني الثـ ـقيل على وجهه لتعـ ـلو تأو’هاته وهو يضع يديه على وجهه وهو يُلـ ـقي على مسامعها السُبا’ب البذ’يء لتستغـ ـل هي الفرصة وتركض تجاه باب المنزل هر’بًا وهي تصر’خ عا’ليًا علّ مِن مُنـ ـقذٍ يقوم بإنقا’ذها، خرجوا الجيران مِن شققهم وهم يشاهدون ما يحدث كما يحدث في الشوارع المصرية حينما تحدث مشا’جرة حا’دة بين طر’فينِ أو مشا’جرةٌ حا’دة بين زوجين..
ولج في هذه اللحظة “يـوسف” إلى ردهة البِنْاية وخلفه أصدقائه بعد أن رأى تجمع الجميع في الأسـ ـفل يشاهدون ما يحدث وصوت صر’خات بين الطر’فين قائمةٌ بينهما، سَمِعَ صر’خات “فـتوح” الذي كان يتو’عد إلى زوجته ليفهم سريعًا أن ثمة خطبٌ ما، وقبل أن يصعد رأى “نـورهان” تنز’ل على الد’رج سريعًا وهي تلـ ـهث وآثا’ر العبرات باديةٌ على صفحة وجهها وخصلاتها مشـ ـعثة وتضع يدها على بطـ ـنها المنتفـ ـخة، وقبل أن تُكمل وتنز’ل بقية الدرجات شعرت بالذي يجـ ـذبها مِن جديد مِن خصـ ـلاتها لتعلـ ـو صر’خاتها مِن جديد وهي تُحاول التملـ ـص مِنهُ بأيا طريقة..
جحـ ـظت عينين “يـوسف” بصد’مةٍ حـ ـقيقية وهو يراه ينتوي على قتـ ـل زوجته فهذا ليس شخصٌ طبيعي البتة، صر’خ بهِ “يـوسف” بنبرةٍ حا’دة وهو يقول:
_سيبها يا “فـتوح” هتمو’تها، أعـ ـقل يا “فـتوح” دي مراتك وأُمّ بنتك سيبها بدل ما يحـ ـصلها حاجة !!.
نظر إليهِ “فـتوح” في هذه اللحظة وقد أ’عمته شيا’طينه عن كل شيءٍ في هذه اللحظة ليصر’خ بهِ بغضـ ـبٍ شـ ـديد وهو يقول:
_أنتَ بالذات تسكوت خالص ومَلَكش دعوة باللي بيحـ ـصل، واحد بيأد’ب مراته عشان بتعصـ ـيه أنتَ مال أهلك !!.
في هذه اللحظة كل ما كان يشغل حَيّز تفكير “يـوسف” هي “نـورهان” فلا يُريد أن يُصـ ـيبها مكـ ـروهٍ بسبب تفكير هذا الإنسان المر’يض الذي ير’فض سماع الجميع ويسعـ ـى لتنفيـ ـذ ما يجول بخاطرهِ، بدأ الجميع يتحدثون وهم يرون جنو’ن هذا المر’يض الذي يريد قتـ ـل زوجته بدون أيا أسبا’بٍ واضحة، رأى “يـوسف” “نـورهان” تقا’ومه بكل قو’تها لتُفـ ـلت مِنهُ وتحاول الهر’ب ليعود هو هذه المرة وبدون ذرة تعقـ ـلٍ مِنهُ د’فعها تجاه الحائط كي تضـ ـعف قوا’ها قليلًا ويفر’ض هو سيطـ ـرته..
ولَكِنّ بدلًا مِن ذلك قـ ـرر فعل شيئًا آخر وقد د’فعها نحو الدرج ليخـ ـتل تو’ازن جسـ ـدها ويلتو’ي كا’حلها لتسقـ ـط على الدر’ج في نفس ذات اللحظة التي صر’خ بها “يـوسف” بـ “فـتوح” ليتركها قائلًا:
_بلاش يا “فـتوح” سيبها !!.
ولَكِنّ قد سبق السـ ـيف العُزل وسقـ ـطت “نـورهان” مِن على الدرج صار’خةً وهي تُحاول السيطـ ـرة على توا’زن جسـ ـدها بعدما إنز’لقت قدميها بعد ألتوا’ئها ولَكِنّ بدون أيا فائدة ففي أيا لحظة ستسقـ ـط وتخسـ ـر صغيرتها بكل تأكيد، كان “يـوسف” لا يُصدق ما يراه شعر وكأنه في كابوسٍ وسيستيقظ مِنهُ بكل تأكيد ولَكِنّ كان صاحب القرا’رات السريعة في مثل هذه المواقف رأيًا آخر وقد صعد الدر’ج سريعًا وهو يصعد در’جتين حتى توقف في منتصف الدرج وهو يقوم بإنقا’ذها بعدما سقـ ـطت هي داخل أحضانهِ يُنقـ ـذها ويُنقـ ـذ صغيرتها مِن مصيـ ـرها المحتو’م وقبل أن يفو’ت الأوان..
كانوا جميعهم مر’تعبون وبشـ ـدة وكانوا يضعون كفوفهم على مو’ضع قلوبهم بخو’فٍ شـ ـديد بعد أن رأوا أنه قد فا’ت الأوان وتلك المسـ ـكينة ستلقى مصيـ ـرها المحتو’م، ولَكِنّ كان لـ “يـوسف” رأيًا آخر فقد قرر التجربة فلَن يخـ ـسر شيئًا وبالفعل أستطاع إنقا’ذها قبل أن يسـ ـقط جسـ ـدها وتُكمل بقية درجات السُلَّم وتخـ ـسر طفلتها للأبد، شعروا جميعهم بالر’احة حينما أستطاع “يـوسف” إنقا’ذها وزفـ ـروا بر’احةٍ وبدأو يتهامسون فيما بينهم بنبرةٍ خا’فتة..
نظر إليهِ “يـوسف” وهو في صد’مةٍ مِن أمره ومازال عقله لَم يستو’عب قط ما حدث منذ قليلٍ، لا يُصدق أنهُ قد تجـ ـرأ وفعلها للتو وكاد أن يقتـ ـل زوجته وطفلته الصغيرة التي مازالت لَم تأتي للدُنيا بعد، وعن “نـورهان” فقد كانت في صد’مةٍ كبيرة عقلها لا يستو’عب ما حدث حتى هذه اللحظة، كانت تقـ ـبض بكفيها على سُترة “يـوسف” بقو’ةٍ تأبى تركه وعبراتها تتسا’قط على صفحة وجهها كالشلا’لات المنهـ ـمرة دون توقف..
نظر “مُـنصف” إلى زوجته التي كانت تقف خلفه تتمسك بكفه تشاهد ما يحدث بصد’مةٍ كبر’ىٰ ليقول بنبرةٍ هادئة خا’فتة:
_خُديها وأطلعي على فو’ق، “بيلا” هتضا’يق أوي لو شافت المنظر دا.
نظرت إليهِ “شيـرين” وأجابته بنبرةٍ خا’فتة كذلك قائلة:
_أكيد مش مقصو’دة وبعدين كلنا شوفنا اللي حصـ ـل يعني كتر خيره إنه لحـ ـقها بصراحة مش شايفة فيها حاجة.
نظر إليها نظرةٍ ذات معنى وقال بنبرةٍ متسائلة:
_ولو أنا مكانه دلوقتي شعورك هيبقى إيه؟.
وعند هذه النقـ ـطة شعرت بالغيـ ـرة الشـ ـديدة تأ’كلها لتنظر إليهِ نظرةٍ حا’دة قائلة:
_هيتحر’ق د’مي مش هضا’يق بس.
_يبقى نحـ ـط نفسنا مكان الناس قبل ما نتكلم، على العموم مش وقته الكلام دا يلا أعملي اللي قولتلك عليه.
هكذا رد عليها “مُـنصف” بنبرةٍ خا’فتة وهو ينظر إليها لتز’فر هي بهدوءٍ وتصعد درجات السُلَّم بهدوءٍ، فيما كانت “بيلا” تقف بالخارج في هذه اللحظة وهي تنظر إلى “نـورهان” التي كانت داخل أحضا’ن زوجها تراها متشـ ـبثةٌ بهِ وبقو’ة جعلت النير’ان تند’لع بداخلها والغيـ ـرة تنهـ ـش قلبها والضـ ـيق يحتضن صد’رها، وقد كانت تجاورها “شـاهي” التي نظرت إلى و’لدها ثم إليها لترى أنها تستـ ـشيط غضـ ـبًا، نظرت إليها كلًا مِن “مـها” و “عَـليا” بتر’قبٍ ليعلمن أن “بيلا” في أقصى مراحلها غضـ ـبًا الآن..
فيما وقفت “شيـرين” بجوار “يـوسف” وهي تقول بنبرةٍ هادئة ممسكةً بذراع “نـورهان”:
_تعالي معايا يا “نـورهان” يلا، متخا’فيش إحنا جنبك.
ر’فضت “نـورهان” وإز’داد تشـ ـبثها أكثر بـ “يـوسف” بدون و’عيٍ مِنها فحتى هذه اللحظة كان العقـ ـلُ مُغـ ـيبًا عن الوا’قع ومازال ما حدث عا’لقًا بذهنها لَم تقصد أيُ شيءٍ سـ ـيءٍ البتة ولَكِنّ كانت هذه الأفعا’ل هي نتيجة ما تعر’ض لهُ العقـ ـلُ بدون سا’بق إنذ’ار وحينما ظهر المُنـ ـقذ تشـ ـبثت بهِ بقو’ةٍ لأنه الوحيد الذي سيحـ ـميها مِن زوجها أيًا كانت هويته، إلى هُنا وأز’داد غضـ ـب “بيلا” أكثر مِن زي قبل وقد تر’قرق الدمع في المُقل فلا تُحب أن ترى أيُ أ’نثى لا تقربهُ قريبةٌ مِنهُ بهذه الطريقة وفي الأخير هذا حـ ـقها..
تحدثت “مـها” بنبرةٍ متو’ترة بعد أن رأت ذلك وهي تنظر إلى “بيلا” قائلة:
_”بيلا” تعالي معايا شوية.
أبعدت “بيلا” يدها عنها بعـ ـنفٍ وهي تنظر إليها تنتظر ما سيحدث والعبرات تتسا’قط على صفحة وجهها والغـ ـضبُ باديًا على تقا’سيم وجهها، لمحتها “شيـرين” مِن الأ’على ولذلك جحـ ـظت عينيها بصد’مةٍ بعد أن رأت “بيلا” تقف في الخارج وترى أخرى داخل أحضا’ن زوجها، تعجب “مُـنصف” مِن نظرتها ولذلك ألتفت ينظر إلى ما تنظر زوجته إليهِ ليرى “بيلا” خلفه ومعها والدة صديقه وشقيقتيه، شعر بالتو’تر وعاد ينظر إلى زوجته وهو يُشير إليها بعينيه أن تفعل شيئًا بعد أن رأى رفيقه قد فشـ ـل في إبعادها عنهُ..
نظرت “شـيرين” إلى “يـوسف” وقالت بنبرةٍ خافتة متو’ترة:
_”يـوسف”، “بيلا” واقفة على فكرة وشكلها كدا مش هتعديها على خير النهاردة.
تفا’جئ “يـوسف” وألتفت برأسه ينظر خلفه ليراها تقف وهي تنظر إليهِ بعينين تملؤهما العتا’ب والغيرة الشـ ـديدة والغـ ـضب الشـ ـديد، حاول إبعاد “نـورهان” عنهُ بشتىٰ الطرق ومعهُ حاولت “شـيرين” التي أضطـ ـرت إلى أن تجـ ـذبها ببعض القو’ة كي تُبعدها عنهُ لترى الهلـ ـع باديًا على تقا’سيم وجهها وهي تضع يدها على موضع قـ ـلبها تنظر حولها برُ’عبٍ لتشعر بالحز’ن الشـ ـديد لأجلها وقد عَلِمَت أنها لَم تقصد التشبـ ـث بهِ عن عمـ ـدٍ لتراها تتشـ ـبث بها وعادت عبراتها تتسا’قط على صفحة وجهها مِن جديد، تركتهم “بيلا” وعادت إلى شقتها بخطى سر’يعة والغـ ـضب باديًا على تقا’سيم وجهها وإنفعا’لات جسـ ـدها ليلحـ ـق بها “يـوسف” الذي شـ ـد خطوته متجا’وزًا والدته وشقيقتيه، نظرت “مـها” إلى والدتها وقالت بنبرةٍ متو’ترة:
_أنا خا’يفة تحـ ـصل بينهم مشـ ـكلة دلوقتي، “بيلا” شكلها مش هتعد’يها على خير.
_طب تعالوا نلحـ ـقهم قبل ما الموضوع يتطو’ر بينهم و “بيلا” دلوقتي متـ ـعصبة جدًا ومش هتبقى وا’عية لأي حاجة هتقولها.
هكذا ردت “عَـليا” على حديث شقيقتها بنبرةٍ تملؤ’ها القـ ـلق ليُسرعن ثلاثتهن إلى المنزل كي يلحـ ـقن الموقف قبل أن يشـ ـتد بين الطر’فين، فيما ولجت “بيلا” إلى غرفة نومها وصفـ ـعت الباب خلفها بعنـ ـفٍ وتوقفت بمنتصف الغرفة وهي تتنفـ ـس بعنـ ـفٍ وتتذكر “نـورهان” التي كانت متشـ ـبثةٌ بزوجها تر’فض الإبتعا’د عنهُ، أخذت الكوب الزجا’جي، كان أول الأشياء التي تلـ ـتقطها يدها لتر’ميه بعنـ ـفٍ على أرضية الغرفة ليسـ ـقط منكـ ـسرًا لأشلا’ءٍ صغيرة تزامنًا مع ولوج “يـوسف” إلى الغرفة..
توقف مكانه وهو ينظر إليها ليراها في أقـ ـصى مراحلها غـ ـضبًا ليولج هو متقدمًا مِنها بخطى هادئة ليقف خلفها ينظر إليها قليلًا ليرى الغضـ ـب هو المتحـ ـكم بها الآن، وضع كفيه على كتفيها يُعانقهما برفقٍ قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_”بيلا” ممكن تسمعيني.
أبعدته عنها بغـ ـضبٍ دون أن تتحدث ليعود هو محاوطًا إياها مِن جديد يُحاول شـ ـرح الأمر إليها قائلًا:
_صدقيني واللهِ هي ما كانت قاصدة ولا كانت نيـ ـتها و’حشة.
أبعدته مِن جديد وهي تد’فعه عنها بعـ ـنفٍ وهي تصر’خ بهِ بغضـ ـبٍ شـ ـديد قائلة:
_أوعى بقى سيبني مش عايزك أشوفك ولا أسمعك !!.
وقفن ثلاثتهن على مقدمة الغرفة وهن يشاهدن ما يحدث ليرون محاولات “يـوسف” معها في التحدث وإيضاح الأمر إليها قائلًا:
_يا “بيلا” واللهِ العظيم ما كانت تقـ ـصد، غصـ ـب عنها وبعدين ما أنتِ عارفة “نـورهان” طيبة ومحتر’مة ونيـ ـتها كويسة، ومينفعش كُنْت أسيبها طالما فإيدي أساعد وفالآخر أنا عملت كل دا عشان الطفلة دي مذ’نبهاش حاجة وإن “نـورهان” كان هيجر’الها حاجة لو كانت خسـ ـرتها خصوصًا إنها مصد’قت إن ربنا كرمها وحـ ـملت، متتسر’عيش يا “بيلا” أنتِ عارفة إني مِن ساعة ما أتجوزتك وأنا قا’طع عهد بيني وبين ربنا إني هبـ ـطل كل حاجة كُنْت بعملها مِن قبل ما نتجوز وأنتِ عارفة إني بحبك ومصدقت إنك بقيتي معايا، “بيلا” عشان خاطري متخليش الشيـ ـطان يدخل ما بينا.
أنهـ ـى حديثه وهو يُحاول التقرب مِنها في محاولةٍ مِنهُ لإمتصا’ص غـ ـضبها الشـ ـديد ذاك، وصلت رائحة “نـورهان” التي كانت قد عَـ ـلِقَت بملابسهِ إلى أنفها لتد’فعه مِن جديد بعـ ـنفٍ تر’فض قُربه مِنها وهي تصر’خ بهِ قائلة:
_أبعـ ـد عنّي بقى مش طا’يقة قُر’بك مِني ر’يحتها فيك !!.
كان متفا’جئًا بكل تأكيد مِن عد’وانيتها تجاهه لتكون هذه المرة الأولى التي يرى بها “بيلا” بوجهٍ آخر غير تلك الر’قيقة الحبيبة التي كان يعتاد عليها، تد’خلت “شـاهي” تُحاول تهدئة الأجو’اء التي أزدا’دت تو’ترها أكثر مِن اللاز’م لتقف أمام “بيلا” وهي تقوم بتهدئتها قائلة بنبرةٍ هادئة:
_خلاص أهدي وأنا همشيه دلوقتي، أهدي يا “بيلا” عشان الناس متتكلمش يا حبيبتي، أهدي ووحدي الله وأستعيذي بالله.
ألتفتت إلى ولدها الذي كان ينظر إلى زوجته وهو في صد’مةٍ مِن أمره لتقترب مِنهُ قائلة بنبرةٍ هادئة تُحاول تهدئة الأمو’ر:
_أهدى يا “يـوسف” وسيبها لوحدها دلوقتي يا حبيبي هي متـ ـعصبة دلوقتي ومش هتسمعك وهتز’عق أكتر والموضوع هيتـ ـعقد أكتر، تعالى معايا يا حبيبي يلا وسيبها لحد ما ترو’ق.
أنهـ ـت حديثها وهي تد’فعه برفقٍ وهي تنظر إليهِ ليتحرك هو بعد أن نظر إلى “بيلا” نظرةٍ هادئة ثم خرج مِن الغرفة لتنظر “مـها” إلى شقيقتها التي بادلتها نظراتها بهدوء لتخرجان سويًا مِن الغرفة لتُغـ ـلق “مـها” الباب خلفها بهدوءٍ تاركةً “بيلا” و’حيدة بعد أن جلست على طر’ف الفراش تنظر في نقطةٍ فا’رغة..
جلست “شـاهي” بجوار ولدها الذي أستند بمرفقيه على فخـ ـذيه واضعًا كفيه على وجهه دون أن يتحدث، ر’فعت كفها وربتت على كتفه بحنوٍ تحاول تهدأته دون أن تتحدث، فيما قد قامت “مـها” بتشغيل القرآن الكريم على التلفاز حتى تهدأ الأجواء قليلًا ويهدأ أخيها وزوجته قليلًا حتى يستطـ ـعن إصلا’ح الأمر بينهما، ولج “سـراج” في هذه اللحظة ليرى صديقه بهذه الحا’لة لينظر إلى زوجته التي أشارت إليهِ بقلـ ـة حـ ـيلة ليفهم أن الأجواء كانت مشـ ـتعلة بينهما..
فصـ ـل المسافة بينهما وجاوره في جلستهِ وهو يحاوطه بذراعه الأ’يمن ضاممًا إياه إلى أحضانه قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_وحد الله لحظة شـ ـيطان وهتروح صدقني.
لَم يتلقى الرد مِن صديقه لينظر هو إلى زوجته ثم قال بنبرةٍ هادئة:
_أعمليله أي حاجة سُـ ـخنة يا “مـها” وسيبونا لوحدنا شوية بعد إذنكم.
نظرت “مـها” إلى والدتها وشقيقتها نظرةٍ هادئة لتنسـ ـحب كلتاهما بهدوءٍ شـ ـديد يتركن “سـراج” برفقةِ “يـوسف” الذي زفـ ـر بعـ ـمقٍ مستغفرًا ربه ليشعر بكف صديقه يُربت على كتفه برفقٍ قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_وحد الله يا صاحبي، دي ساعة شيـ ـطان ودخلت ما بينكم، هي غـ ـصب عنها برضوا أعذ’رها سـ ـت وبتغير على جوزها عادي، سيبها شوية بس مع نفسها تهدى وأدخل كلمها بالهدوء والحنية هتيجي معاك ما أنتَ عارف يعني مش محتاج إني أقولك.
ولج في هذه اللحظة “أكـرم” ليراه جالسًا ويجاوره “سـراج” الذي كان يتحدث معهُ بهدوءٍ يُحاول تهدأته، أقترب مِنهُ بخطى هادئة وجلس على الجهة المجاورة لهُ ونظر إليهِ قليلًا ثم نظر إلى باب الغرفة المُغـ ـلق ليعاود النظر إلى زوج شقيقته قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_أهدى أنتَ معملتش حاجة دي ساعة شـ ـيطان، ومكانش يصح برضوا تسيـ ـبها تُقـ ـع الو’قعة و’حشة والسلـ ـم طويل، كُنْت حا’طط إيدي على قلـ ـبي أقسم بالله لحد ما لقيت ابن المجنو’نة دا بيزو’قها عمـ ـدًا، كتر خيرك إنك لحـ ـقتها على آخر لحظة دا السلـ ـم كان وا’قع عليه ز’يت الله أعلم بصراحة هو اللي دا’لقه عمـ ـدًا ولا لا بس أيًا يَكُن يعني العيـ ـب مش عليك أنتَ لحـ ـقتها وأي واحد فينا كان هيعمل زيك أنتَ بتنقـ ـذ رو’ح مش بتحب فيها يعني.
ر’فع “يـوسف” رأسه عاليًا بعد أن أبعـ ـد كفيه عن وجهه لينظر إليهِ نظرةٍ ذات معنى قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_طب الحمد لله إنك فاهم، أدخل قول لاختك الكلمتين دول.
_أكيد هكلمها بس مش دلوقتي، لمَ تهدى شوية لإنها متعـ ـصبة دلوقتي ومش هتسمع لحد فينا والموضوع هيتعقـ ـد ويكبر على الفا’ضي، أنا مقدر شعورها بس في حاجة تانية على كفة تانية برضوا لازم ناخد بالنا مِنها.
هكذا رد “أكـرم” عليهِ بنبرةٍ هادئة ومِن ثم ربت على كفه برفقٍ دون أن يتحدث، ولجت “كايلا” في هذه اللحظة وهي تبحث عن شقيقتها لترى ثلاثتهم يجلسون والصمت قا’ئمٌ بينهم، تسألت عن شقيقتها ليأتي قول “أكـرم” الذي قال بنبرةٍ هادئة:
_سيبيها دلوقتي يا “كايلا”، “بيلا” متـ ـعصبة جا’مد ومش هتسمع مِن حد فينا دلوقتي، سيبيها تهدى شوية مع نفسها وبعدين نكلمها.
أضطـ ـرت إلى أن تلـ ـجأ للصمت في هذه اللحظة لتجلس على المقعد المقابل إليهم بهدوءٍ دون أن تتحدث وهي تنظر إلى “يـوسف” الذي كان يلتزم الصمت وعقله شاردًا فلَم يَكُن يتو’قع أن تفعل كل ذلك ففي الأخير هو مقـ ـتنعٌ بشـ ـدة أنهُ كان يُنقـ ـذها لا أكثر مِن ذلك.
______________________
<“وفي ليلةٍ عا’صفة يسو’دها الهدوء،
تسا’قطت المصا’ئب على رؤ’وسهم كز’خات المطر.”>
ليلةٌ عا’صفة جاءت دون سابق إنذ!ار تقـ ـتلع ما يَكمُن أمامها..
تسا’قطت المصا’ئب الكثُر على رؤ’وسهم كز’خات المطر في ليلةٍ شتوية با’ردة، جاءت الر’ياح بما لا تشـ ـتهي السفن ومع أول ضر’بة تصدر مِن العد’و كان ضـ ـحيتها هذا الفـ ـتى المسـ ـكين..
كان يطو’ف في أنحاء المنزل بأكمله يبحث عنها متلـ ـهفًا بعد أن ذهب إلى غرفتها ولَم يجد أ’ثرًا لها، أنتا’به الخو’ف الشـ ـديد ولذلك أسرع في البحث عنها دون توقف وهو يشعر بالرُ’عب يُسيـ ـطر على قلبه ليرى المنزل خا’ليًا مِن تواجدها، مسـ ـح بكفه على خصلاته الكثيـ ـفة إلى الخلف وقد ذهب إلى ابن عمه كي يسأله عنها وهو يدعو أن تكون مازالت في البيت وهو لَم ينتـ ـبه إليها..
فيما كان “مـحمود” جالسًا مع أخيه “عـامر” الذي كان يتحدث معهُ بنبرةٍ هادئة ليقترب هو مِنهما بخطى وا’سعة ومعالم القلـ ـق باديةٌ على تقا’سيم وجهه ليقف أمامهما قائلًا بنبرةٍ تملؤ’ها القلـ ـق متسائلًا:
_مشوفتوش مرات عمي “شـاهي”؟.
نظرا إليهِ الأخوين بتعجبٍ بائنٍ على تقا’سيم وجهيهما ليأتيه جواب “مـحمود” الذي قال بنبرةٍ هادئة:
_فأوضتها مِن الصبح كانت مضا’يقة وعايزة تقعد لوحدها هتلاقيها فو’ق.
جاوبه حينها “جـاد” بنبرةٍ تملؤ’ها القلـ ـق والخو’ف الشـ ـديد قائلًا:
_قَلَبـ ـت البيت كله عليها ملهاش أ’ثر، حتى هدومها مش فو’ق.
تعجب “عـامر” بشـ ـدة ونظر إلى أخيه الذي ألتزم الصمت قليلًا وهو يُفكر بينه وبين نفسه بقلـ ـقٍ ليقول بخو’فٍ مِن حدو’ث ما جال بخاطرهِ:
_يارب ما تكون عملتها بجد، فيها مجز’رة النهاردة دي.
_مشيت؟! خدت هدومها ومشيت بدون سبب كدا؟ أكيد حصـ ـل حاجة وأزاي تمشي مِن غير ما تدينا خبـ ـر بجد أنا مش مصدق؟.
هكذا قال “مـحمود” مصد’ومًا وهو ينظر إلى أخيه وابن عمه الذي مسـ ـح بكفه على وجهه بعد أن تأكد مِن شكو’كه ليقول بنبرةٍ متر’قبة:
_يبقى أُمّك عملت حاجة كبيـ ـرة المرة دي، “يـوسف” مش هيعديها على خير النهاردة و’ش.
تحدث “عـامر” بنبرةٍ هادئة بعد أن ألتز’م الصمت قليلًا ليقول:
_أُمّي كدا عملتها، كتبت نها’يتها بإيديها خلاص و “يـوسف” حا’لفلها مِن ساعة آخر مرة، مستـ ـحيل بجد أنا مش قا’در أفهم د’ماغها دي ماشية أزاي.
نظر “مـحمود” إلى ابن عمه “جـاد” نظرةٍ ذات معنى ليقول بنبرةٍ هادئة متسائلة:
_بقولك إيه يا “جـاد”، هو عمّي “راضـي” وبابا عرفوا حاجة؟.
_أبويا عرف وكله عرف وبيحاولوا يتصلوا بيها مبتردش على موبايلها والدنيا مقلو’بة جوه.
هكذا جاوبه “جـاد” بنبرةٍ تملؤ’ها القـ ـلق وهو ينظر إليهِ ليتبادلان الشقيقين النظرات بينهما خو’فًا مِمَّ هم مقبلون عليهِ، أما في الداخل فقد كان “عـماد” يشعر بالضـ ـيق الشـ ـديد وهو يُفكر أين مِن المفترض أن تكون ذهبت ولِمَ رحلت وأخذت أغراضها دون أن تُخبرهم، وما زاد الطـ ـين بلـ ـة أنها كانت تمازحه في صبيحة اليوم فماذا حدث حتى يتبدل الحال في لمـ ـح البصر هكذا؟.
تحدث “راضـي” بنبرةٍ يملؤ’ها الضـ ـيق بعد أن فشـ ـل في التواصل معها قائلًا:
_برضوا مبتردش، وبعدين بقى أنا خا’يف عليها دا “عـدنان” كانت رو’حه فيها وبيخا’ف عليها مِن نسمة الهوى ودلوقتي هي أما’نة فر’قبتي لو جر’الها حاجة كفالله الشـ ـر أنا مش هعرف أقف قصاد أخويا، هقوله إيه؟ آسف يا “عـدنان” بس أنا مَكُنْتش قد و’صيتك؟.
تحدثت زوجته بنبرةٍ حز’ينة وهي تنظر إليهِ قائلة:
_يا “راضـي” أهدى ووحد الله يمكن تتصل تطمنا عليها دلوقتي متقولش كدا هو كان ذ’نبك يعني.
كان الخو’ف والقـ ـلق يسودان المكان والأجواء متو’ترة، فيما كانت “زينـات” تقف وهي تنظر إلى زوجها بغضـ ـبٍ شـ ـديد وهي ترى خو’فه وتـ ـلهُفهُ عليها لتُقـ ـنع نفسها وعـ ـقلها المر’يض بأشياءٍ ليس لوجودها أ’ثرٌ بكل تأكيد، دقائق أخرى تليها أخرى تليها أخرى مضت حتى صدح رنين جرس المنزل عا’ليًا يُعلنهم عن قدوم زائرٍ إليهم ولذلك تحدثت “نـسمة” وهي تقترب مِن الباب كي تفتـ ـحه قائلة:
_دي أكيد مرات عمّي هشوفها حالًا.
شـ ـدت خطواتها إلى الباب أسـ ـفل نظراتهم المتر’قبة والمتلهفة لتقف هي خلف الباب وتقوم بفـ ـتحه وهي تتأمل أن تكون زوجة عمّها لتتبد’ت أحلامها في لمـ ـح البصر حينما رأت إبنة عمّها هي الزائر إليهم وليست زوجة عمّها، نظروا جميعهم إليها بتر’قبٍ لتنظر هي إليهم كذلك بهدوءٍ تبحث عنها بعينيها حتى رأتها تقف بينهم تنظر إليها متر’قبةٍ ما سيحدث، ولجت “مـها” بخطى هادئة إلى داخل المنزل وعينيها مثبـ ـتتين على زوجة عمّها وكلمات والدتها ونبرة صوتها المكسو’رة ترن في أذنيها..
ظلت تسير أسفـ ـل نظرات الجميع التي كانت تتابعها حتى توقفت هي أمام “زينـات” تنظر إليها نظرةٍ ذات معنى تُرسل إليها الكثير والكثير مِن الأحاديث الصامتة، تعجب “عـماد” كثيرًا ونظر إلى الأثنتين ليعلم أن “زينـات” قد أفتـ ـعلت مشـ ـكلةٌ أخرى كما المعتاد ولَكِنّ لَم يُرد التسر’ع ولذلك أنتظر سماع ما سيُقال كي يستطيع أتخا’ذ الرد المناسب على ما سيُقال..
رأت التجـ ـبر والشـ ـر في عينيها، رأت “مـها” الحـ ـقد يحو’م عينيها والشـ ـر باديًا على تقا’سيم وجهها تجاهها وهذه المرة قررت أن تثأ’ر لوالدتها بدلًا مِن أخيها، قطـ ـعت هذا الصمت الذي دام لدقائق حينما قالت بنبرةٍ هادئة:
_أتمنىٰ تكوني مبسوطة دلوقتي ومر’تاحة، مش عارفة أديكي وصف يليق بيكي حـ ـقيقي لأني هظـ ـلم الوصف دا معاكي، أظن أنتِ عارفة كويس أنا بتكلم فإيه مش محتاجة توضيح، بس أنا أُمّي عُمرها فحياتها ما حاولت ولو للحظة إنها توصل للمرحلة دي بس أنا مش هتكلم مش عشان حاجة، لأني مش هعرف أخد حـ ـقها زي ما “يـوسف” هيعرف ياخده مِنك لأنه عارف أزاي يتعامل مع الصنـ ـف اللي زيك.
أشـ ـتعلت النيـ ـران المـ ـلتهبة بداخلها بكل تأكيد حينما أستمعت إلى كلماتها الأخيرة التي كانت تُهيـ ـنها لتطبق على أسنانها بغـ ـلٍ د’فين وهي تر’فع كفها أستعدادًا لصـ ـفعها قائلة بنبرةٍ غـ ـليظة:
_تصدقي إنك سا’فلة زي أُمّك وملقتيش اللي ير’بيكي يا تر’بية الشوارع.
با’غتت الجميع وصـ ـفعتها بكل قو’تها تشـ ـفي غـ ـليلها مِنها لتُـ ـصيبهم الصد’مة جميعًا حينما تم صـ ـفع “مـها” بكل قسو’ة، كانت صفـ ـعتها قو’ية عليها فواحدةٍ كـ “زينـات” بالطبع لَن تتها’ون مع مَن تكر’ههم وستلقـ ـنهم د’رسًا ليس هيـ ـنًا ولذلك أختـ ـل توازن جـ ـسد الأخرى وقبل أن تسقـ ـط كان هُناك مَن يلتقفها بذراعيه إلى داخل أحضانهِ مطبقًا بهما عليها والشـ ـرار يتطا’ير مِن عينيه وهو ير’مقها بو’عيدٍ بعد أن حضرت شيا’طينه تقوده كما أعتاد دومًا إلى العنـ ـف والهلا’ك..
شـ ـدد مِن ضمته إليها حينما شعر بإهتـ ـزاز جسـ ـدها بداخل أحضانه فقد آ’لمتها صفـ ـعتها كثيرًا وشعرت بحرا’رة وجهها تر’تفع خصيصًا محل الصـ ـفعة لتشعر بالتخد’ر في هذا المكان بلا شـ ـك، كان “عـماد” يُحاول أستيعا’ب ما حدث منذ قليل فقد أصا’بته الصد’مة بكل تأكيد، نظر إلى إبنة أخيه التي كانت تقبع داخل أحضان أخيها الأكبر والذي كان ينظر إلى “زينـات” بعينين تكتـ ـسيهما الحُمـ ـرة محاولًا السيـ ـطرة على نفسه فمِن الممكن أن يتهو’ر ويرد إليها الصفـ ـعة بواحدةٍ أشـ ـد مِنها لأجل شقيقته..
تر’قب “عـامر” رد والده الذي أقترب مِن “زينـات” التي قد أ’عمتها شيا’طينها في هذه اللحظة ليقف أمامها مباشرةً ينظر إليها دون أن يتحدث، فيما أبعد “يـوسف” شقيقته قليلًا يتفـ ـحص وجهها ليرى النصف الأ’يسر متو’رمًا قليلًا وأ’ثار أنامل كفها على صفحة وجهها، تحدث “مـحمود” مصد’ومًا وهو يقول:
_حد يجيب كيس تلج بسرعة وشها وا’رم.
ألتفت “عـماد” ينظر إلى إبنة أخيه ليؤ’لمه قلبه كثيرًا حينما رأى وجهها متور’مًا بهذا الشكل ولذلك لَم يتر’دد ولو لثانية واحدة وكان يرد الصفـ ـعة بأخرى أقو’ى مِن الأولى بظـ ـهر كفه إلى “زينـات” دون أن يأبى لأحدٍ حوله، أصا’بتهم الصد’مة جميعًا وأكثرهم “مـحمود” و “عـامر” الذي كان لا يُصدق حتى هذه اللحظة ما يراه أمامه، نظر “يـوسف” بتشـ ـفي إليها بعد أن راقت إليهِ هذه الصـ ـفعة القو’ية التي تلقتها مِن عمّهُ الذي كان في أشـ ـد مراحل الغـ ـضب في هذه اللحظة..
تحدث “عـماد” بنبرةٍ حا’دة وهو ينظر إليها بغضـ ـبٍ شـ ـديد:
_الشارع اللي بتقولي إنها جاية مِنُه دا هو نفسه الشارع اللي أنا لميـ ـتك مِنُه وعملتك بني آد’مة، اللي بتغـ ـلطي فيها دي بنت أخويا واللي بتهـ ـينيها دي هي بنت العيلة دي يعني هي تبقى أ’على مِنك أخلا’قيًا وعلميًا، دي تبقى بعيلتك كلها يعني ضُفـ ـرها بر’قبتك، ولو على تر’بية الشوارع فواضح أوي مين هنا اللي تر’بيته تر’بية شوارع أنا ولاد أخويا عندي أهم مِنك أنتِ شخصيًا واللي يغـ ـلط فيهم يبقى غِـ ـلِط فيا، واللي يفكر يأ’ذيهم أنا أشرب مِن د’مه أيًا كان مين هو عشان مش هييجوا أ’قل مِنك، أنتِ أتجر’أتي ومد’يتي إيدك على بنت أخويا ودا كان ردي عليكي، متنسيش نفسك ومتنسيش مستواكي الحـ ـقيقي كل العِز والنغنـ ـغة والدهب دا بفلوسي أنا يعني أنتِ مِن غيري بتـ ـمن الجز’مة اللي فر’جلي ويمكن أ’قل مِنها كمان، أنا خلاص جـ ـبت أخري مِنك ومبقتش طا’يقك ولا طا’يق خلـ ـقتك كر’هتك وقر’فت مِنك !!.
أنهـ ـى صر’اخه بها منفـ ـعلًا وصدره يعـ ـلو ويهبـ ـط بعـ ـنفٍ بعد أن أخرجت أسو’أ نُسخةٍ مِنهُ لأول مرة، فيما كان “يـوسف” ينظر إليها وهو يضم شقيقته إلى د’فئ أحضانه وكفه الد’افئ يسير بحنوٍ على شطر وجهها المتو’رم وهو يشعر بالرضا والسعادة تغمـ ـره والبسمةُ تزين ثغره متشـ ـفيًا بها، فقد فعل عمّه الذي كان سيفعله هو كذلك وأكثر بكثير، ترقرق الدمع في المُقل وهي تنظر إلى زوجها الذي كان ير’ميها بنظراتٍ مشـ ـمئزة لتلمـ ـح هذا المـ ـستفز ينظر إليها نظرةٍ متشـ ـفية مبتسم الوجه بعد أن رآها تُها’ن وتُذ’ل..
جاء صوته يكسـ ـر حِدة هذا الصمت وهو ينظر إليها قائلًا بنبرةٍ متـ ـشفية:
_دي أقل حاجة نقدمهالك، تناسبك أوي وتليق بيكي عشان هو دا مستواكي، بس أنا لسه متكـ ـيفتش وعهد الله ولسه في حاجات تانية عايزة تطـ ـلع، أكيد عرفتوا إن “شـاهي” سابت البيت وخدت شنطة هدومها، بالمناسبة “شـاهي” جَتلي بعد العِشا ومعاها شنطة هدومها وبتعيط، والسبب سـ ـت الحُسن والجمال مدام “ويـلات” هانم، الحر’باية دي طعـ ـنت أُمّي فشر’فها وأتهـ ـمتها إنها بتاعت ر’جالة وبـ ـتلف على حل شـ ـعرها وبالمناسبة قالت لأُمّي إنها خطا’فة ر’جالة وبتحاول تاخد عمّي “عـماد” مِنها، أهي عندكم أسألوها، السـ ـت الأ’صيلة اللي عا’شت على ذكرى بابا ور’فضت تتجوز مِن بعده وتفر’غ حياتها لينا فالآخر تيجي واحدة زي معد’ومة الأ’صل دي تتـ ـهمها…
قام ببـ ـتر حديثه وهو ينظر إليها نظرةٍ مـ ـليئةٍ بالشـ ـر والحقـ ـد ثم قال بنبرةٍ لاذ’عة:
_أُمّي أشـ ـرف مِنك يا *** وضُفـ ـرها بر’قبة ١٠٠٠ زيك، أُمّي خـ ـط أحمـ ـر اللي يعديه يبقى حَـ ـكَم على نفسه بالمو’ت، اللي المفروض تسـ ـيب البيت دا وتمشي هو أنتِ يا *** الستا’ت مش هي، هي تقعد فبيت جوزها هنا عشان ليها حـ ـق فيه واللي زيك أخره الز’بالة متشوفيش نفـ ـسك أوي علينا دا عمّي هو اللي عملك بني آد’مة … ولعلمك أُمّي هتدخل وأنتِ هتخرجي، هي هنا الملكة يعني كلمتها مسموعة وتمشي على الكل الكبير قبل الصغير ومش على آخر الزمن واحدة زيك تتكبـ ـر على أسيادها، عرفتي أنا ليه بتصد’ر فكل حاجة؟ عشان بعرف أتعامل مع الأشكال الـ**** اللي زيك.
غَـ ـلَتَ الد’ماء في أور’دتها بكل تأكيد وأزد’اد غضـ ـبها أكثر مِن زي قبل بداخلها لتفـ ـصل المسافة بينهما وهي تر’فع كفها عا’ليًا تنتوي على صـ ـفعه وهي تقول بغـ ـلٍ د’فين:
_على آخر الزمن واحد جر’بوع زيك يقف قصادي ويبجـ ـح فيا يا ابن الـ***.
منـ ـعها هو سريعًا بعد أن أبعـ ـد شقيقته عنهُ ممسكًا بر’سغها مشـ ـددًا عليهِ وهو ينظر إليها نظرةٍ ملـ ـيئة بالشـ ـر والو’عيد بعد أن قامت بسـ ـبِّه بوالده وما زاد الطـ ـين بلـ ـة أنها تريد أن تصـ ـفعه ليمـ ـنعها هو بكل سهولة فا’رضًا سيطـ ـرته وهيـ ـمنته وشخصيته عليها، كانوا الجميع في صد’مةٍ مِن أ’مرهم عقو’لهم لا تستو’عب ما يحدث أمامهم ولذلك كانوا في أقـ ـصى مراحلهم ذ’هولًا، نظرت إليهِ بتحد’يٍ سافر لتترا’قص شيا’طينه أمامه وتخرج شخصيته المفضلة دومًا تتولى زِ’مام الأمور في مثل هذه المواقف..
_مالك؟ ز’علت عشان قولتلك إنك ابن *** مش كدا؟.
تُعيدها مرةٍ أخرى وكأنها تُعا’نده، تريد أن ترى ماذا سيحد’ث وماذا سيفعل فحتى الآن لَم تتعلم ولَم تتأ’ثر البتة بما حد’ث منذ قليلٍ، أما عنهُ فقد كانت سُبا’بتها بأبيه ترن في أذ’نيه كالنغمات الصا’خبة ليز’داد غـ ـضبه وعـ ـنفه أكثر وأكثر فوالده نقـ ـطة مِن ضمن نقا’ط ضعـ ـفه رغم عدم رؤيتهِ إليهِ ولَكِنّ في الآخير لا يقبل بحـ ـقهِ كلمةٌ صغيرة لا تروق إليهِ، شـ ـدد بعـ ـنفٍ أكبر على قبـ ـضة يده لر’سغها ليرى معالم وجهها قد إنكمـ ـشت أ’لمًا وحاولت تحر’ير ر’سغها مِنهُ بمحاولةٍ كانت فا’شلةٌ كما المتو’قع..
ر’ماها هو بنظراتٍ حا’دة قليلًا وقد ضغـ ـط على قبـ ـضتهِ أكثر مطـ ـبقًا على أسنانه بعنـ ـفٍ هامسًا إليها بقوله الحا’د:
_ولو ردتهالك دلوقتي فأُ’مّك السـ ـت الطيبة اللي أكيد ملهاش أي ذ’نب إنها تتشتـ ـم عشان خاطر واحدة معـ ـفنة زيك وز’علتي؟.
نظرت إليهِ بشـ ـرٍ ليُبادلها هو نظراتها ومِن ثم د’فعها بعـ ـنفٍ بعيدًا عنهُ ليختـ ـل توا’زن جسـ ـدها وتسقـ ـط أرضًا متأ’لمةً، كل ذلك و “مـحمود” يشاهد ما يحدث دون أن يتحدث أو يُطالعها بنظرةٍ مُشفقة وبجواره أخيه الأكبر الذي كان يشعر وكأن حـ ـقه وحـ ـق أخيهِ يعود إليهما دون أن يبذ’لا أيا مجهو’دٍ، فهي مَن أوصلتهم إلى هذه المرحلة فلا عز’اء عليها، شعر “يـوسف” أنه لَم يُرضي نفـ ـسه وفي كل الأحوال لَن يستطيع أن ير’فع يده عليها مهما حد’ث فبرغم صفاته السيـ ـئة ألا أنهُ لَن يجر’ؤ على أن يضر’ب امرأة مهما حد’ث..
أخذ أول ما طا’لته يده وأ’لقاه بعنـ ـفٍ على أرضية المنزل لينكـ ـسر بعنـ ـفٍ ويتنا’ثر بقيته في أنحاء المكان وهو يصر’خ بها يُحاول إخراج ما بدا’خلهِ مِن غضـ ـبٍ وشـ ـرٍ كبيـ ـر حتى يشعر بالر’احة ولو قليلًا فيُقسم لو كانت رَ’جُلًا لكان أبر’حهُ ضر’بًا حتى يشـ ـفي غـ ـليلهُ، عاد خطوتين إلى الخـ ـلف وهو ينظر إليها وصد’ره يعلـ ـو ويهـ ـبط بعنـ ـفٍ بسـ ـبب إنفعا’لاته المكبو’تة والتي لَم تخرج بعد بالشكل المطلوب الذي يُر’ضيه هو، حاوطته شقيقته بذراعيها وهي تُمسّد على صد’ره بحنوٍ والدمع يترقرق في المُقل وهي تنظر إلى “زينـات” بكر’اهية..
ولجت “شـاهي” في هذه اللحظة بخطى هادئة تقترب مِنهم بكل هدوءٍ بعد أن أصر ولدها على مجيئها كي يكسـ ـر عين تلك الحر’باء المتلو’نة أسـ ـفل نظرات الجميع وأولهم “عـماد” الذي كان يعتذر مِنها بعينيهِ عن ما حد’ث لتجاور هي ولدها وهي تنظر بتشـ ـفي إلى “زينـات” التي ر’مقتها بغـ ـلٍ وحـ ـقدٍ د’فين لتنهض دون أن تُبعد نظرها عنها لتُبادلها “شـاهي” نظراتها بأخرى سعيدة ومتـ ـشفية بعد أن أعاد إليها ولدها حـ ـقها بطريقةٍ تُرضيها بكل تأكيد، كانت ستقترب مِنها ليمنـ ـعها وقوف “عـماد” أمامها يقف بوجهها ويُد’افع عن “شـاهي” يمنـ ـع عنها أقترابها مِنها بكل تأكيدٍ فيكفي ما حد’ث حتى هذه اللحظة..
تر’قبوا جميعًا رد “عـماد” على ما حد’ث الليلة وماذا قر’ر بينه وبين نفـ ـسه في هذه اللحظة، نظرت إليهِ “زينـات” دون أن تتحدث وهي تُطا’لعه بنظراتٍ حا’دة وغا’ضبة ليقول:
_”شـاهي” أختي ومرات أخويا وعزيزة على قلـ ـبي لأني عُمـ ـري ما شوفت مِنها أي حاجة و’حشة، وعُمرها ما حاولت إنها تقرّ’ب مِني زي ما أقـ ـنعتي د’ماغك المر’يضة دي بحاجات مش موجودة … أنا ببر’رلك ليه أصلًا؟!.
أنهـ ـى حديثه مستنكرًا وهو ينظر إليها متعجبًا مِن نفسه أسـ ـفل نظرات الجميع، فيما شعر “مـحمود” أن والده سيُفا’جئهم جميعًا الآن بكل تأكيد فهو يعلمه عن ظهـ ـر قلب، فيما نظر “عـماد” قليلًا إلى “زينـات” ثم لا’نت معالم وجهه وقال بنبرةٍ با’ردة مثل نظراته يُلـ ـقي بقنـ ـبلته المو’قوتة:
_”زينـات”، خلصت خلاص … أنتِ طا’لق.
_”د’فعةٌ صغيرة كان يحتاجها المرء فقط،
قر’ارٌ حاسـ ـم تم أخذه متأ’خرًا ليمضي متقدمًا.”
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية جعفر البلطجي 3)