رواية أحببتها ولكن 7 الفصل الحادي والسبعون 71 بقلم بيسو وليد
رواية أحببتها ولكن 7 الفصل الحادي والسبعون 71 بقلم بيسو وليد
رواية أحببتها ولكن 7 البارت الحادي والسبعون
رواية أحببتها ولكن 7 الجزء الحادي والسبعون
رواية أحببتها ولكن 7 الحلقة الحادية والسبعون
إذا ذهب الوفاء فقل سلام،
على أهل المحبة والوفاء،
ولا تعتب على أبناء دهر،
فلون الماء من لون الإناء.
_صالح طه.
____________________
شـ ـر الحاسـ ـدين والحا’قدين في هذه الدنيا أصعـ ـب شيءٍ يواجهه المرء في حياته بشكلٍ عام..
النفـ ـسُ حقو’دة والقلبُ حسو’دًا، وما بذ’نب مسـ ـكينٍ يأمل أن ينعم بحياةٍ هادئة مُنعـ ـمة بما تمناه وحظى بهِ؟
شـ ـر المرء يكمُن دومًا في نفـ ـسه وأكبر الدا’فعين لهُ شيطا’نه الذي لا يمـ ـلُ ولا يكلُ مِن أن يوسو’س للجميع حتى يَعُمُ المكان الحر’يق والشـ ـد والجذ’ب، شـ ـر المرء كان دومًا شيطا’نه الذي يغو’يه وسمعه إليهِ وهو يُرضيه وكأنها المرة الأولى في التضـ ـليل، حر’بٌ فُرِ’ضَت على مسـ ـكين كل ما كان يُرضيه أن يطـ ـمع في التنعم في نعيم رب العالمين حتى كان المرء أول الما’نعين..
<“مفتو’نٌ ومسحو’رٌ بحو’اء وما هو بز’اهِدٍ،
فكان سلا’ح حو’اء دومًا العينين الكـ ـحيلة.”>
فا’تنة وما هو بزا’هِدٍ، كانت عبارة عن فـ ـتنة تسيرُ هُنا وهُناك حتى سقـ ـط هذا العا’شق في مـ ـصيدتها الخـ ـفية وكأنها مفتر’سةٌ كانت تُر’اقب فر’يستُها تنتظر وقو’عها في مـ ـصيدتها، كان زا’هِدٍ حتى سقـ ـط في بحو’ر الفـ ـتنة دون أن يجد سبيلًا للنجا’ةِ، أستـ ـسلم إليها وقرر أن يسير نهـ ـج خُـ ـطاها وكأنها كأمو’اج البحـ ـر تعـ ـلو فجأ’ةً تجر’ف ما يقبع أمامها ثم تهـ ـبطُ مرةٍ أخرى وعنهُ، فقد أستسـ ـلم وغـ ـرق في بحو’ر عشـ ـقها وأصبح مهوو’سٌ بها وبمظهرها الجذاب الذي لَم يفشـ ـل في أ’سره كل مرة..
ولج إلى غرفتهما واقترب مِن المرآة ليقف أمامها يقم بهندمة حِلته السو’د’اء وهو ينظر إلى هيئته التي نا’لت رضاه هذه المرة، قام بتمشـ ـيط خصلا’ته الشقـ ـراء الفا’تحة مثلما يُحب دومًا ثم أخذ عطره المُحبب إلى قلبه ونثر مِنهُ مراتٍ قِلة ثم ألـ ـقى نظرة أخيرة على نفسه برضا، سقـ ـط بصره على قلم الكُـ ـحل الجديد الخاص بـ “روزي” التي قد أشترته للتو مؤخرًا لينظر لهُ قليلًا نظرةٍ ذات معنى لتعلـ ـو بسمةٌ خبـ ـيثة على ثغره وهو يَمُدّ كفه يلتقـ ـطه بين أنامله وهو يتفحصه..
_رجعنا لعادتنا القديمة وهوايتي المفضلة.
نطق بها لنفسه وهو ينظر إلى القلم مبتسم الوجه، أما عنها فكانت تقف في المطبخ تُعد إليهِ الفطور مسرعةً وهي تنظر بين الفينة والأخرى إلى ساعة الحا’ئط لتُسرع في إنها’ءه وهي تتمنى أن لا تتأخر عليهِ في تجهيز الفطور فهي تعلم أنهُ سيتأخر وبنسبةٍ كبيرة سيترك الفطور ويرحل وهي بالطبع لا تُريدُ ذلك..
وبعد مرور القليل مِن الوقت..
كانت قد أنهـ ـت إعداد الطعام ولذلك أسرعت وخرجت مِن المطبخ متجهةً إلى الغرفة لتولج وهي تقول:
_”ليل” الفطار جاهز.
طا’فت بعينيها متعجبةً في أنحاء الغرفة بعد أن رأت الغرفة خا’لية مِن وجوده ولذلك قبل أن تخرج رأته يولج مِن الشرفة وهو ينظر إليها لتقول هي مبتسمة الوجه:
_الفطار جاهز يلا عشان تفطر قبل ما تنزل.
أنهـ ـت حديثها ثم ذهبت إلى المطبخ مرةٍ أخرى ليقف هو مكانه يُلقي نظرة على القلم الموضوع على الكومود لتعـ ـلو بسمةٌ سعيدة على ثغره ثم لَحِـ ـقَ بها، ولج إلى المطبخ ليرى الفطور على الطاولة وهي تقف تقم بسكب العصير إليهِ، أقترب مِنها بخطى هادئة ليقف بجوارها يأخذ كوب الماء مرتشفًا مِنهُ القليل ثم تركه ونظر إليها قليلًا وبالتحديد إلى عينيها ليرى هذه المرة عينين قنا’صتين أصا’بت قلبه في مقتـ ـل بكل تأكيد..
د’قق النظر إليها ليرى الكحـ ـل الأخضـ ـر يُزين عينيها هذه المرة ليجعل فيروزتيها تُضيئان كالنجوم المتلـ ـئلئةُ في السماء، يُقسم أن جميع الألو’ان تُناسب عينيها وتأ’سره في كل مرة، شعرت بنظراته المصو’بةُ نحوها لتنظر إليهِ في هذه اللحظة التي بدأ قلبه ينبـ ـض بعنـ ـفٍ حينما رأى عينيها تنظران إلى عينيه الحا’دة تأ’سرها كما أعتادت دومًا، ماهرةٌ في أ’سره وبارعةٌ في إخضا’عه إليها، شعر في هذه اللحظة بالند’م الشـ ـديد حينما تهو’ر وقام بكسـ ـر القلم فلو كان يعلم أن عينيها ستكونان بهذا الهلا’ك لكان جلب لها مئةُ قلم وليس واحدٍ فقط..
قطـ ـع المسافة الفا’صلةُ بينهما ليقف أمامها مباشرةً وهو ينظر إلى عينيها مباشرةً قائلًا بنبرةٍ هادئة متسائلًا:
_ليه عيونك قنا’صة ومبتراعيش الجر’يح؟.
لَم تَكُن تَمـ ـلُك الجواب على سؤاله، صمتت دون أن تُجيبه ولَكِنّ كانت سعيدةٌ وبشـ ـدة بداخلها وهي ترى تأ’ثير عينيها عليهِ والتي لَم تفشـ ـل في أن تجعله طر’يحًا، طا’ف بعينيه سريعًا بنظرةٍ خا’طفة على معالم وجهها الفا’تنة التي عشـ ـقها وإلى خصلا’تها متوسطة الطو’ل النا’عمة التي عشـ ـقها كذلك ليقول بنبرةٍ هادئة يُثني عليها:
_وعهد الله ولا غـ ـلطة.
هذه المرة أرتسمت البسمةُ الهادئة على ثغرها ونظرت إليهِ نظرةٍ ذات معنى لتراه يومض بجـ ـفنه الأ’يسر إليها بخـ ـفةٍ ثم أبتعـ ـد عنها وذهب جالسًا على المقعد ليبدأ بتناول فطوره أسفـ ـل نظراتها التي كانت تتابعه بعد أن جلست أمامه تشاهده بهدوءٍ دون أن تتحدث، فيما كان هو يتناول الفطور متلذذًا بهِ كالمعتاد أسـ ـفل نظراتها لهُ وقد كانت تبتسم إليهِ بين الفينة والأخرى لتراه يَمُدّ يده إليها بالطعام لتتناوله هي مِن يده بوجهٍ مبتسم لتبدأ بعدها هي بإطعامه كذلك بعد أن زارت الر’احة والطمأ’نينة بيتهما مِن جديد..
وبعد مرور القليل مِن الوقت..
وقفت تودعه أمام باب الشقة قبل أن يخرج هو لتقول بنبرةٍ هادئة يا’ئسة:
_برضوا أتأخرت على شغلك.
جاوبها بنبرةٍ هادئة وهو ينظر إليها قائلًا مبتسم الوجه:
_مش مهـ ـم، المهـ ـم إني قضـ ـيت وقت حلو معاكي.
أتسـ ـعت بسمتُها على ثغرها وهي تنظر إليهِ دون أن تتحدث ليودعها هو وقبل أن يخرج نظر إليها ليُلثم وجنتها بِقْبّلة حنونة قائلًا بنبرةٍ معتذرة:
_آسف.
نظرت إليهِ وهي تعقد ما بين حاجبيها لا تفهم سـ ـبب أعتذاره لها لتسمعه يقول بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_لمَ تدخلي الأوضة هتعرفي أنا بتأسف على إيه.
أنهـ ـى حديثه ثم تركها وخرج لتوقفه هي حينما قالت:
_”ليل”.
ألتفت “ليل” إليها ينظر لها نظرةٍ هادئة منتظرًا سماع قولها الذي لَم تبـ ـخل عليهِ بهِ حينما قالت:
_لو جدي قالك حاجة بخصوص التأخير خليه يكلمني وأنا هتفاهم معاه، الغـ ـلط عندي مِن الأول إني نسيت أصحيك.
أبتسم هو لها ثم جاوبها بنبرةٍ هادئة للغا’ية وقال:
_فد’اكي يا عسل أي حاجة مش بس مرواحي للشغل متأخر.
أنهـ ـى حديثه ثم تركها ور’حل بعد أن ودعها لتبتسم هي وتُغـ ـلق الباب خلفه بهدوءٍ ثم ولجت إلى الداخل بخطى هادئة تجاه غرفتهما لتقم بترتيبها كالمعتاد، وحينما أنهـ ـت أتجهت إلى الكومود لتسقـ ـط عينيها على القلم خاصتها الذي جلبته منذ وقتٍ قصير منكسـ ـرًا إلى ثلاث قطـ ـع، تفا’جئت وقد مدّت يدها تأخذ قطـ ـع القلم المنكـ ـسر تتفحـ ـصه بعدم استيعا’ب لتتذكر الآن لِمَ قام بالأعتذار مِنها قبل أن يرحل، رأت ورقةٌ صغيرة بُنـ ـية بجواره لتأخذها بهدوءٍ تقرأ ما كتبه بخط يده المُميز..
_لأول مرة هقولك آسف لإني كسـ ـرت قلم الكُـ ـحل، بس لأجل الأما’نة طلع جامد فعيونك وند’مت إني كسـ ـرته وعشان كدا وأنا راجع مِن الشغل هجيبلك واحد زيه بالظبط عشان عجبني بصراحة وعايز أشوفه فعيونك الحلوين دول على طول.
المر’يض بالكُـ ـحل/ليل باسم الدمنهوري.
أتسـ ـعت بسمتها على ثغرها حينما أنهـ ـت قراءة هذه الرسالة لتشعر بالسعادة تغمـ ـر قلبها ولذلك قد ضمت الورقة إلى أحضانها وقد ألقـ ـت بجسـ ـدها على الفراش بسعادةٍ بعد أن وعدها بأن يجلب لها واحدًا جديدًا حينما يعود لتعاود النظر إلى الورقة مِن جديد وهي مبتسمة الوجه.
______________________
<“وراء كل وجهٍ ما’كرٍ طفلٌ بر’يء،
ووراء وجهه الخـ ـبيث كان شـ ـرٌ عظيم.”>
منذ الصغر وكان صعـ ـبًا في تعامله مع الآخرين..
برغم صغر سنه إلا أنهُ كان ما’كرٌ ومخا’دعٌ صغير لا يعلم المستحـ ـيل مهما حدث، وحتى أن أصبح اليوم شا’بٌ كبير مازال بطبعهِ خبـ ـيثٌ وما’كرٌ بشـ ـدة، يعشـ ـق حو’اء ويَجُـ ـنُ جـ ـنونه حينما يرى نظرةٍ أخرى تتفر’سها غيره فحينها لا يأبى لأحدٍ ويحر’ق المكان بأصحابه حتى وإن كان بُراءٌ..
كان يقف أسفـ ـل مبنى الشركة الخا’ص بجده ينتظر قدوم الضـ ـحية بنفسها إليهِ حتى ينقـ ـض عليها يلتهـ ـمها دون أن يُفكر مرتين، جميع ملابسه سو’د’اء كما يُحب دومًا وسيمًا كما المعتاد، أعاد خصلاته الطو’يلة البُنـ ـية إلى الخـ ـلف بكفه والتي قد ور’ثهن عن الحبيب “ليل” الجد، ينظر إلى ساعة يده بين الفينة والأخرى وقد بدأ يشعر بالضيـ ـق لإنتظاره كل هذا الوقت دون أيا فائدة..
فيما كان “فـاروق” واقفًا في الأ’على أمام النافذة ينظر إلى الأسفـ ـل ليلمح طيـ ـف أخيه واقفًا في الأسـ ـفل، عقد ما بين حاجبيه وولج إلى الداخل حيثُ مكتبه الذي يعـ ـتليه أغراضه ليأخذ هاتفه يعـ ـبث بهِ قليلًا ثم وضعه على أذنه بعد أن طلب رقم أخيه منتظرًا جوابه عليهِ، دقائق قِلة وجاءه الجواب مِنهُ ليسأله بنبرةٍ جا’دة متر’قبًا قوله قائلًا:
_أنتَ واقف تحـ ـت الشركة بتعمل إيه يا “شـريف” ومِن غير تحو’ير تعالالي سـ ـكة ودو’غري؟.
جاءه حينها الجواب مِن أخيه الذي قال بنبرتهِ الرجو’لية:
_كيفي يا عم هو أنا واقف فحتة غـ ـلط يعني، واقف عادي مفيش حاجة.
جاء صوت “فـاروق” محذ’رًا إياه قائلًا بنبرةٍ جا’دة:
_”شـريف”، قولتلك خليك صر’يح معايا وتعالى سـ ـكة ودو’غري.
_لا حول ولا قوة إلا بالله، يا عم واقف عادي في إيه يا “فـاروق” مش فاهمك بجد؟! الوقوف هنا فيه حُر’مانية وأنا معرفش ما تعقل الكلام يا عم.
هكذا رد عليهِ “شـريف” وقد سقـ ـطت عينيه على فر’يسته التي ظهرت فجأةً وبدون سا’بق إنذا’ر لينصـ ـب تركيزه معهُ بالكامل وهو يراه يترجل مِن سيارته ومعهُ ر’جاله متوجهًا إلى بِنْاية الشركة ليولج إلى الداخل ليسمع أخيه يقول:
_عمومًا هعرف يا “شـريف” مفيش حاجة بتستـ ـخبى عليا عشان تبقى عارف.
أنهـ ـى حديثه ثم أنهـ ـى المكالمة وأغـ ـلق هاتفه وهو يُلـ ـقي نظرة أخيرة عليهِ قبل أن يولج إلى الداخل تاركًا مكتبهِ ذاهبًا إلى غرفة الاجتماعات بعد أن استدعاه “ليل” الجد، فيما في الأسفل نظر “شـريف” حوله بنظراتٍ متر’قبة بعينيه الخـ ـضراء الصا’فية ثم ولج إلى الداخل يلحـ ـق بهِ دون أن يشعر بهِ أحد..
وبعد مرور القليل مِن الوقت..
بدأ الإجتماع الها’م الذي كان ينتظره “ليل” بفـ ـراغ الصبر والذي كان سينـ ـقل شركاته عا’ليًا مثلما أعتاد في طبيعة عمله، وكان يتناقش مع هذا الر’جُل طيلة الوقت وبين الحين والآخر يقوم “فـاروق” بعرض المؤ’شرات الأولية في السوق ليُبين حجم المبيعات إلى أين وصلت اليوم وكم أصبح سعر السهم في البورصة اليوم ليتم الإتفاق بشكل ودي بينهما على بعض البنو’د الأولية في الصـ ـفقة والتي تنص على أن الشركة سوف تحصل على عا’ئد خمسون بالمئة مِن قيمة المبيعات التي ستحققها الشركة في السوق..
وبقية النسبة تعود على المتعا’قد الآخر الذي أتفـ ـق على أن يحصل مِن أرباح الشركة ما لا يقل عن مليونين جنيهٍ مصري، وعند هذه النقـ ـطة أصبح “ليل” غير راضٍ عن هذا المبلغ الذي رآه كبيرًا عليهم أن تعود الفائدة عليهم بمليونين وعلى شركته بمليونًا فقط ولذلك ر’فض هو هذا البنـ ـد وهو يقول بجد’يةٍ تا’مة:
_مينفعش يا بشمهندس، أزاي داخل صـ ـفقة معايا وعايز العا’ئد يرجعلك أكتر مِن المتعا’قد اللي معاك مش فاهم؟ يعني المفروض إن الـ ٢ مليون دول يرجعوا لشركتي أنا مساهم بنسبة ٥٠% يعني المبلغ اللي هيرجعلي مش هَيِّـ ـن وأنتوا مساهمين بنص النسبة يعني داخل بـ ٢٥% أنتَ بتتكلم أزاي؟.
نظر الآخر لهُ والذي أجابه بنبرةٍ با’ردة وهو يجلس بشكلٍ أكثر أر’يحية قائلًا:
_نو نو نو مستر “ليل” كدا أنا مش مستفيد، مستر “ليل” أنتَ لسه مفهمتش قصدي، أنا هاخد العا’ئد الأكبر اللي هير’جع للشركة لأني زي ما فهمتك أنا بكبر شركتي وعايز أكبر بسرعة، ولو على الفلوس نو واي حبيبي … مستر “ليل” أنتَ مش محتاج فلوس أنتَ دلوقتي ر’جل أعمال كبير، كبير أوي وعندك فلوس كتير جدًا يعني ثرو’تك مش قلـ ـيلة سـ ـيب اللي بيبدأ يكبر يكبر حبيبي.
نظروا جميعهم إليهِ بعدم أستيعا’ب ليهمـ ـس “ليل” الحفيد بنفا’ذ صبر وهو يطبـ ـق على أسنانه بغيـ ـظٍ شـ ـديد قائلًا:
_اللهم طو’لك يا رو’ح.
تحدث “ليل” الجد بعد أن أعتدل في جلستهِ وهو ينظر إليهِ نظرةٍ ذات معنى قائلًا:
_هو حضرتك أول مرة تدخل صـ ـفقة ولا إيه؟ إيه اللي أنتَ بتقوله دا أنتَ مجـ ـنون ولا شارب حاجة قبل ما تيجي عشان أعرف أتعامل مع العقـ ـلية المتخـ ـلفة دي.
_مستر “ليل” أنتَ ليه عصـ ـبي وخُـ ـلقك أضـ ـيق مِن سر’سوب الميَّه كدا، ريلاكس حبيبي مش كدا.
نظروا إليهِ جميعهم نظرةٍ ذات معنى وكان أكثرهم “ليل” الحفيد الذي كان معهُ ثوانٍ وسيهـ ـجم عليهِ بلا شـ ـك يُبر’حهُ ضر’بًا، أنحنى “فـاروق” بجذ’عه الأ’يمن تجاه “ليل” الجد وتحدث بنبرةٍ خا’فتة قائلًا بتساؤلٍ:
_جدي أنا مش مر’تاح للرا’جل دا، قلبي مش مطمـ ـن شكله مش مر’يحني، ولا أنتَ شايف إيه؟.
نظر إليهِ “ليل” بطر’ف عينه وهمـ ـس إليهِ كذلك بنبرةٍ خا’فتة وقال:
_نفس إحسا’سي، دا شكله ميوحيش إنه را’جل أعمال شا’كك فيه.
جاءه صوت هذا المستفـ ـز الذي نظر إلى “ليل” الجد وقال بنبرةٍ هادئة متسائلًا:
_ها مستر “ليل”؟ موافق مش كدا؟.
في هذه الأثناء أقتـ ـحم “شـريف” غرفة الاجتماعات واقترب مِن هذا المعتو’ه يجذ’به بعـ ـنفٍ مِن ملابسهِ قائلًا:
_كُنْت مستني ظهورك بقالي كتير، يومك مش معدي يا نصا’ب يا حر’امي.
نهضوا جميعًا وهم ينظرون إلى “شـريف” الذي قام بلـ ـكم الآخر في وجهه بعنـ ـفٍ أسـ ـقطه أرضًا ليعلم “فـاروق” أن مجيء أخيه ليس صد’فةٌ عا’برة وها هي تتأكد شـ ـكوكه ولذلك نظر إليهِ وقال بنبرةٍ حا’دة:
_يعني أنا كُنْت صح بقى مِن الأول، “شـريف” كفاية فـ ـضحتنا.
أستقام الآخر في وقفتهِ وهو ينظر إلى أخيه الأكبر قائلًا بنبرةٍ حا’دة مماثلة:
_أفـ ـضحكم أحسن ما يتنصـ ـب عليكم وأنتوا ولا دريانين، دا مش را’جل أعمال ولا نيـ ـلة دا حتت نصا’ب معـ ـفن بيروح ينصُـ ـب على الشركات الكبيرة بقصص شكل وأول ما ياخد أول د’فعة مِن الفلوس بيختـ ـفي مرة واحدة ومحدش بيلاقيه، ماشي كل شوية بشخصية شكل ولسه بتز’عق عشان فضـ ـحتكم !!.
نظر “فـاروق” إلى جده وإلى أولاد عمومته دون أن يتحدث لتتبدل تقا’سيم وجه “ليل” الجد مئة وثمانون درجة ليقول بنبرةٍ حا’دة وهو ينظر إلى “شـريف”:
_تاخده تتصر’ف فيه فأي حتة بمعرفتك لحد ما نشوف حواره إيه فالنصـ ـب على الناس دا.
حرك “شـريف” رأسه برفقٍ يوافق على حديثه دون أن يتحدث ليأخذه ويخرج خارج غرفة الاجتماعات أسفـ ـل نظرات الموظفين الذين كانوا يقفون ويتابعون ما يحدث وهم يتهامسون فيما بينهم، نظر إليهم “حُـذيفة” ليتولى هو أمرهم حينما خرج وهو يقف في منتصف المكان وهو يقول بنبرةٍ جا’دة لا تقبل المزاح:
_كل واحد على شغله يالا، مش عايز أشوف حد سا’يب شغله مهما حصـ ـل.
وبالفعل تحركوا جميعهم إلى مكاتبهم دون أن يتحدث أحدهم ليلتزم كل واحدٍ مِنهم مكانه سريعًا، فيما طا’ف هو بعينيه قليلًا عليهم ثم عاد مِن جديد إلى غرفة الاجتماعات المغـ ـلقة مغـ ـلقًا الباب خلفه، نظر “ليل” الحفيد إلى جده الذي جلس مِن جديد ملتزمًا الصمت ليقول بنبرةٍ حا’دة بعدما تذكر هذا المستفـ ـز:
_يخر’بيت سما’جة أُمّه بجد أنا مش عارفة أنتَ أزاي كُنْت مسـ ـتحمله بجد أنا ثانيتين وكُنْت هقوم أد’غدغ المكان على د’ماغه.
جاوبه “فـاروق” بنبرةٍ هادئة بعد أن جلس على المقعد المقابل بهُ قائلًا:
_عندك حـ ـق بصراحة، كل شوية مستر “ليل” وريلاكس، إيه يا عمّ دا أنا أول مرة أشوف واحد بيكبّر شركته على قفا غيره إيه التخـ ـلف دا؟.
جاء صوت “أحـمد” الهادئ وهو يُحرك القلم بين أنامله مبتسم الوجه قائلًا:
_بس فـ ـكك د’خلة الوا’د “شـريف” والبو’كسين اللي أداهومله كيفوني وعهد الله.
تذكّر “فـاروق” مجيء أخيه دون أيا أسبا’ب واضحة ليقول بنبرةٍ هادئة:
_طول عُمرك خـ ـبيث يا “شـريف”، بس مجيتك جَت بنفعة المرة دي.
جاء صوت “ليل” الجَد بعد أن ألتزم الصمت لبرهةٍ مِن الوقت ليقول بنبرةٍ هادئة:
_دا اللي كان نا’قصنا، يعني لولا “شـريف” كان زماني واخد على قفايا مِن واحد أهطـ ـل زي دا.
_متقولش كدا يا جدي ما عا’ش ولا كان اللي يغفـ ـلك، وفكرك كُنْا هنسـ ـيبه يعني ينصُـ ـب علينا ويخـ ـلع؟ دا أنا أعمله فضيـ ـحة ما يعرف يلمـ ـها طول عُمره الأهبـ ـل دا اللي شايف نفسه مُهـ ـم بلا قر’ف.
هكذا جاوبه “ليل” بنبرةٍ يملؤ’ها الضـ ـيق لتَخيُلهِ لذلك المشهد الذي بالطبع جعل الد’ماء تغـ ـلي داخل أور’دته بدون سا’بق إنذ’ار، زفـ ـر “ليل” الجد وقال بنبرةٍ هادئة متخـ ـطيًا ما حدث منذ قليل:
_فـ ـكك مِن سيرة النـ ـيلة دا وخلونا فالمهـ ـم، “عـزام” معرفش يتصر’ف بليل ويخرّج “مـينا” وبالتالي “مـينا” قضى الليلة فالحبـ ـس بس “عـزام” قدِّم إد’انة “شـهاب” لأن دي قـ ـضية شـ ـروع فقـ ـتل والمتـ ـهم الأول “مـينا” لأن المكالمات بصوته هو فحاليًا “عـزام” دلوقتي هناك عشان يخرّجه ولحد دلوقتي في أخبار كويسة زي إن الناس المخـ ـتصة فالكشـ ـف على الحاجات اللي زي دي قالوا إن المكالمة مش بصوت “مـينا” وطلعت بصوت “جـمال” يعني زي ما “شـهاب” قال إمبارح وبُناءًا على ذلك بجانب باقي الجر’يمة والأحد’اث اللي حصلت فيها “عـزام” خرّج “مـينا” مِن رُبع ساعة.
أنهـ ـى حديثه مبتسم الوجه لتجحـ ـظ أعينهم جميعًا بدون أستثناء وبعدم تصديق وهم ينظرون إليهِ لتعلـ ـو بسمتهُ على ثغره وهو يرى ردود أفعال أحفاده المتشابهة على تقا’سيم وجوههم حينما أنهـ ـى حديثه المفا’جئ ليأتي قول “علي” المُتَـ ـلهف سر’يعًا:
_وهو فين دلوقتي ومقولتلناش ليه مِن الأول يا جدي حاجة زي دي دا إحنا هنتجـ ـنن عليه.
_الأخبار لسه وصلالي مِن شوية.
هكذا جاوبه “ليل” الجد بنبرةٍ هادئة وهو ينظر لهُ، فيما تحدث “أحـمد” وقال بنبرةٍ هادئة:
_كدا هيطـ ـلع على “شـهاب” على طول.
_هو فعلًا عمل كدا وفالطريق دلوقتي هيتطـ ـمن عليه ويقعد معاه شوية وبعدين يمشي عشان أهل بيته أكيد قلقا’نين عليه وعشان يلحـ ـق يشوف دُنيته فرحه قرّب فطالب أجازة شهر.
هكذا جاوبهم “ليل” الجد ليأتي قول “حُـذيفة” هذه المرة والذي قال بنبرةٍ هادئة:
_بصراحة بقى حـ ـقه، خليه يهدى شوية ويفصـ ـل.
_يعني أنتوا شايفين كدا؟.
هكذا سألهم “ليل” الجد وهو ينظر إليهم جميعًا ليؤيدوا جميعهم بأراءهم بالموافقة في الحال ليُحرك هو رأسه برفقٍ قائلًا بنبرةٍ هادئة مُلبيًا مطلبهم:
_تمام طالما دا رأيكم فخلاص، هديه أجازة شهر بدايةً مِن التلات اللي قبل الفرح.
أبتسموا جميعهم برضا بعد أن وافق جدهم أن يُعطيه إجازة لمدة شهر كامل فهذا أقل شيءٍ يقدمونه لهُ فقد فعل مِن أجلهم الكثير والكثير والآن قد جاء دورهم لرد جزءٍ بسيطٍ إليهِ ففي الأخير هم يرون أنه يسـ ـتحقها دون أن يُفكرون فكان هذا الحبيب يحظى بمكانةٍ خاصة في قلوبهم فيكفيهم أنهُ مستعدٌ للتضحـ ـية بحياته لأجل واحدٍ مِنهم.
_______________________
<“وبرغم مرور الزمان والأيام،
كان الحبيبُ حبيبًا بدون أن تُغيره الأيام.”>
مرت سنواتٌ على علا’قتهما، عشـ ـق الطفولة وحُب المرا’هقة وهو’س الشبا’ب، أحبّها حتي أصبح يُريد أن يُخـ ـبئها عن أعين الجميع، يُريد أن يحتفظ بها بجوار قلـ ـبه حتى لا يستطيع أحدهم رؤيتها أو أخذها مِنهُ، سقـ ـط في مـ ـصيدتها الخاصة بها دون أن ينتـ ـبه ليُصبح منذُ ذلك الوقت معشو’قًا لها..
كانت تقف في المطبخ تُعد الفطور كعادتها حتى يذهب هو إلى عمله دون أن يتأخر عنهُ مثل المرة السابقة وهي تُتابع الساعة المُعـ ـلقة بين الفينة والأخرى، ولج هو إلى المطبخ بخطى هادئة ينظر إليها ليراها تحاول الإسراع في إعداد الفطور لتعـ ـلو بسمةٌ هادئة ثغره وهو يُتابعها، كانت تتحرك كالفراشة في خـ ـفتها بكل مكان حتى أصتد’مت بهِ دون أن تنتـ ـبه بعد أن ألتفتت لأخذ حبات البندورة ليقم بمحاوطتها بذراعيه دون أن يتحدث لتتفا’جئ مِن تواجده معها فلَم تشعر بوجوده في المكان حولها..
_مالك بس متصر’بعة على إيه براحة يا قمورة.
هكذا قال بنبرةٍ هادئة وهو ينظر إليها بنظرةِ مُحبٍ يقـ ـع في مـ ـصيدة الحُب لمرته الأولى وليست الثانية أو حتى الرابعة، يراها أمامه يشعر أن كل شيءٍ قد توقف مِن حوله عند هذه اللحظة التي أصبح يُكررها في كل لحظة وكل دقيقة فهو يشعر أنه مازال لَم يرتوي مِن هذا العشـ ـق وحتى إن مرّ عليهِ مئات السنين فلَن يرتوي كمتعطشٍ في الصحـ ـراء الوا’سعة الحا’رة لا توجد بها قطرة المياه، كانت تنظر إليهِ دون أن تتحدث وهي تُفكر فيما أصا’به في صبيحة هذا اليوم الذي مازال يبدأ..
_”عُـمير”..
قام ببتـ ـر حديثها حينما نطقت أسمه بنبرة صوتها الهادئة واللطيفة التي تُحادثه بها كل صباح وهو يقول مشتا’قًا:
_بحبك وأنتِ بتقولي “عُـمير”، بتقوليها بطريقة بتخليني أحـ ـس بكهر’با غريبة فجسـ ـمي، “غـدير” أنا عارف إنك ز’هقتي مِن إنك تسمعيها كل شوية بسبب أو بدو’ن سبب بس أنا بجد بحبك أوي، بحب كل حاجة تخُـ ـصك حـ ـقيقي حتى أكلك مبعرفش أكل مِن إيد حد تاني غيرك عشان خدت على نَفَـ ـسِك الحلو دا فيه.
أبتسمت “غـدير” بعد أن أستمعت إلى حديثه الذي يروق لها كثيرًا بسمةٌ هادئة نا’عمة لتحاوط عنـ ـقه بذراعيها وهي تنظر إلى عينيه العسـ ـلية قائلة بنبرةٍ هادئة:
_ومين قالك إني ز’هقت؟ بالعكس أنا مبَملـ ـش مِن كلامك الحلو دا حتى لو قولته ١٠٠ مرة فاليوم، وعلى فكرة أنا كمان بحبك أوي ومبعرفش أشوف حياتي وأنتَ مش فيها أنتَ أهـ ـم جزء فحياتي كلها، بحبك وبحب حنيتك عليا وطريقتك معايا، بحب أصغر التفا’صيل معاك وبحب وجودك جنبي، “عُـمير” بجد أنا مقد’رش أكمل حياتي وأنتَ مش فيها أنتَ بجد مهـ ـم أوي وعزيز على قلـ ـبي ومقد’رش أتخيـ ـل حياتي مِن غيرك.
_ولا أنا أقدر أعيـ ـش مِن غيرك يا حياتي.
هكذا رد عليها “عُـمير” بنبرةٍ هادئة حنونة وهو ينظر إليها مبتسم الوجه ليقترب مِنها بهدوءٍ يُلثم وجنتها بِقْبّلة هادئة حنونة لتتسـ ـع بسمتُها أكثر وتقوم بمعانقته واضعةً رأسها على كتفه دون أن تتحدث حتى تنعم بهذه اللذ’ة وتلك اللحظات الجميلة التي تُحب أن تعيـ ـشها بأد’ق تفاصيلها معهُ، فيما ضمها هو إلى د’فئ أحضانه ممسِّدًا على ظهرها وخصلاتها النا’عمة برفقٍ وهو ينظر إلى الفطور الذي كانت تقوم بإعداده إليهِ بكل حُبّ مبتسم الوجه..
قطـ ـع هذا الصمت الذي قد دام لقليلٍ مِن الوقت وهو يقول بنبرةٍ هادئة يُلفت أنتباهها بأن الوقت يَمُر بهم:
_”غـدير”، شكلك ناوية على خـ ـراب بيتي النهاردة، أنا متأخر.
وكأنه لَفَتَ نظرها إلى هذا الشيء الها’م الذي كانت تُحا’رب نفسها لأجله حتى تنتـ ـهي مِنهُ لتبتعـ ـد سريعًا عنهُ وهي تنظر لهُ ثم إلى الساعة لتعاود إكمال إعداد الفطور قائلة بنبرةٍ متو’ترة:
_فأقل مِن ٣ دقايق هيكون جاهز، أنا آسفة بجد يا “عُـمير” حـ ـقك عليا أنا السـ ـبب صحيت متأخر ونسيت أصحيك كمان.
أبتسم بسمةٌ هادئة حينما رأى تو’ترها الشـ ـديد نُصـ ـب عينيه لينظر إلى هاتفه الذي أُضيء ليرى أن تاريخ اليوم يُصادف الثاني عشر مِن ديسمبر وهذا هو أحب الأيام لقلبه، عاد ينظر إليها نظرةٍ هادئة ليقترب مِنها مجددًا بخطى هادئة ليجاورها قائلًا بنبرةٍ متسائلة:
_تحبي أساعدك؟.
حركت رأسها تر’فض مساعدته وهي تقوم بوضع الفطور في الصحون بعـ ـجلة قائلة:
_لا خلاص أنا خلصت وأنتَ روح أجهز بسرعة عشان تلحـ ـق تفطر وتمشي، كفاية تأخير أكتر مِن كدا.
أخذ الصحون مِن أمامها دون أن يتحدث أسـ ـفل نظراتها المتعجبة التي بدأت تُطا’لعهُ بإستنكا’رٍ شـ ـديد ليعاود هو النظر إليها قائلًا بعد أن أمسك يدها وسار برفقتها خارج المطبخ تجاه غرفتهما:
_لا هو فالحـ ـقيقة أنتِ اللي المفروض تدخلي تجهزي بسرعة عشان مفيش وقت للنقاش أول ما تدخلي هتلاقي شنطة حلوة زيك كدا عايزك تلبسي اللي جواها وتظبطي الحلاوة دي وتخرجيلي بسرعة معاكي رُبع ساعة مِن دلوقتي.
أنهـ ـى حديثه وهو يد’فعها برفقٍ داخل الغرفة دون أن يُعطيها فرصة التحدث والأستفسا’ر عن ما يحدث ليُغـ ـلق الباب خـ ـلفها سريعًا تاركًا إياها تُطا’لع أثره بتعجبٍ شـ ـديد وهي لا تفهم ما حدث إليهِ ولَكِنّ رأت قدميها تتجهان إلى الفراش لترى ما بداخل تلك الحقيبة الكرتونية الحمـ ـراء، أخرجت ما تحتويه الحقيبة لترى فستانًا أسو’د اللو’ن شتوي قماشته تلمـ ـع بطريقة مُلـ ـفتة قصته ر’قيقة وضيـ ـقًا كما المتو’قع مِن هذه النوعية، رأت أن يُرافقهُ المجوهرات خاصته كذلك يُصاحبها ورقةٌ بُنـ ـية اللو’ن تحمل رائحةٌ نفا’ذة أحبّتها هي كثيرًا..
قامت بفـ ـتح الورقة بهدوءٍ شـ ـديد تقرأ ما هو مكتوبٌ بداخلها لترى هذا الخط الرائع والمُميّز قد خطى بهذه الكلمات اللطيفة إليها بكل حُبّ وحنان:
_عارف إن في أسئلة كتير فد’ماغك عايزة إجابة عليها، وعارف إنك مستغربة مِن تصر’فاتي بس لو ركزتي شوية هتعرفي المناسبة، على العموم أعملي زي ما قولتلك ومتتأخريش أنا مستنيكي بره.
شردت قليلًا تحاول معرفة هذه المناسبة حتى شعرت باليأ’س ولذلك أخذت الفستان وذهبت لإرتداءه كما طلب مِنها دون أن تر’فض لهُ مطلبًا كما المعتاد كي تفهم ما يحدث معهُ منذ صبيحة اليوم حتى هذه اللحظة، فيما خرج هو مِن غرفة صغيرته التي قد جاءت جدتها وأخذتها باكرًا كما طلب مِنها “عُـمير” وهو يُهندم ملابسه ويخـ ـطف نظرةٍ سر’يعة على غرفتهما ليراها مازالت بالداخل بعد ليخرج إلى غرفة المعيشة يتأكد مِن أن كل شيءٍ جاهزًا وينتظرها فقط..
وبعد مرور القليل مِن الوقت..
سَمِعَها “عُـمير” حينما قامت بمنداته ليترك هاتفه جانبًا وينهض متجهًا إليها بخطى سر’يعة، فيما كانت هي تقف أمام المرآة تُتمم على مظهرها للمرةِ الأخيرة لتبتسم برضا وهي تنظر إلى مظهرها الذي نا’ل إعجابها كثيرًا، سَمِعَت طرقات خـ ـفيفة على باب الغرفة لتسمح لهُ بالولوج ليولج هو بهدوءٍ ينظر إليها عبر إنعكا’س صورتها في المرآة وهو يشعر بالذ’هول والتفا’جؤ حينما رأى هيئتها المُد’مرة تلك أمامه، رأته مِن إنعكا’س صورته في المرآة لتبتسم بسمةٌ هادئة ثم ألتفتت إليهِ تنظر لهُ بوجهٍ مبتسم قائلة:
_الفستان حلو أوي يا “عُـمير” ذوقك يجـ ـنن بجد.
طا’ف بعينيه سريعًا عليها ليشعر بنبـ ـضات قلبه بدأت تعلـ ـو بقو’ة داخل قفـ ـصه الصد’ري دون إرا’دةٍ مِنهُ، كان الفستان رائعًا وبشـ ـدة عليها فالأسو’د دومًا يليـ ـقُ بها، كان يصل إلى رُ’كبتيها ويلـ ـمع منا’فسًا لمـ َعة إكسسواراتها الفضية التي كانت تُزين ر’سغها وعنـ ـقها وخاتم زواجهما يلتـ ـمع كذلك ببُنصُرِها في اليد اليُـ ـسرى، أكمل فحـ ـصها بعينيه ليرى بعض الزينة النا’عمة التي تكادُ لا تُرى تزين وجهها الجميل وهذا الكـ ـحل الأسو’د يُزين عينيها الخضـ ـراء الصا’فية، ثم وأخيرًا خصلا’تها البُنـ ـية النا’عمة متوسطة الطو’ل التي أصبحت هو’سه في الآونة الأخيرة..
تقدم مِنها “عُـمير” بخطى هادئة حتى وقف أمامها دون أن يحـ ـيد ببصـ ـره عنها يتطّـ ـلع إلى وجهها المُحبب ليرى تلك العينين الجميلتين تنظران إليهِ تنتظر سماع ما سيُقال، وعنهُ كان لا يعلم ما الذي أصا’به في هذه اللحظة فحينما رآها بهذه الهيئة المُد’مرة فكّر في الأمر مرتين قبل إتخا’ذ القرار الحاسـ ـم والأخير تجاه ما قام بالتخـ ـطيط إليهِ، ر’فع يديه بعِصـ ـبة سو’د’اء اللو’ن يضعها على عيـ ـنيها يقوم بر’بطها برفقٍ دون أن يتحدث ليزداد تعجُبِها كثيرًا هذه المرة لتسأله بنبرةٍ هادئة قائلة:
_في إيه يا “عُـمير” أنتَ بتعمل إيه؟.
أنهـ ـت سؤالها تزامنًا مع إنتهاءه لر’بطها لينظر لها لثوانٍ معدودة قبل أن يقول بنبرةٍ هادئة حنونة:
_بنفـ ـذ اللحظات الأحَبُ إلى قـ ـلبي، اللحظات اللي جاية دي بتاعتك أنتِ وبس.
أنهـ ـى حديثه ووقف خـ ـلفها محاوطًا إياها بحنوٍ قائلًا:
_يلا يا رو’حي أتحركي على مـ ـهلك متخا’فيش أنا معاكي.
بدأت “غـدير” تتحرك معهُ بالفعل وهي تجـ ـهل ما يحدث حولها لتسأله مِن جديد حينما قالت:
_”عُـمير”، مجاوبتنيش برضوا على سؤالي، إيه اللي بيحـ ـصل أنا بجد مش فاهمة حاجة مش أنتَ عندك شغل ومتأخر عليه طب مروحتش ليه؟.
_لأن بصراحة أنا معنديش شغل النهاردة، واخد اليوم دا أجازة ومحبتش أعرّفك عشان أعرف أظبُـ ـطها صح.
هكذا جاوبها بنبرةٍ هادئة وهو يتوّجه برفقتها إلى غرفة المعيشة التي كانت مُظـ ـلمة بالكامل ألا بإضاءات الشمو’ع تُنير المكان، وقف وأوقفها معهُ لتتر’قب هي القادم بعد أن لَم تفهم ماذا يفعل وبما يريد أن يُفا’جئها، فيما تأكد هو أن كل شيءٍ بخير ونظر إلى الستا’ر المغـ ـلقة بالكامل لتجعل المكان مظـ ـلمًا بالكامل، نظر إلى زوجته مِن جديد وقال بنبرةٍ هادئة:
_هشـ ـيل القما’شة، وقوليلي رأيك فالمفاجأة دي.
قام بفـ ـك عُقـ ـدة العصـ ـبة بهدوءٍ ثم أبعدها عن عيـ ـنيها منتظرًا ردها، فيما فتـ ـحت هي عينيها بهدوءٍ شـ ـديد وهي تنظر حولها لتتفا’جئ بما تراه عينيها، أبتسم هو حينما رأى ردة الفعل تلك ليراها تنظر حولها وهي مازالت لا تُصدق ما تراه بدايةً مِن الزينة والإضاءة وأخيرًا الكعكة الخاصة بالأحتفال، شعرت بهِ يضمها برفقٍ مِن الخـ ـلف وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
_وهو أنتِ فكراني إني مُمكن أنسى يوم زي دا؟ أنا لو نسيت الدُنيا كلها باللي فيها مش هقد’ر أنسى يوم زي دا، اليوم اللي جَت فيه أجمل وأحلى وأحن واحدة فالدُنيا كلها، لو نسيت يوم زي دا تبقى عيـ ـبة كبيرة أوي فحـ ـقي، أنا رتبت كل دا الصبح بدري وأستغـ ـليت إنك مبتد’خليش هنا غير لمَ أنا أمشي عشان تبدأي تشوفي يومك، أولًا آسف إني كدبت مش مِن عادتي إني أكدب على حد بس أضطـ ـريت عشان الموضوع يمشي ومتحسـ ـيش بأي حاجة غريبة بتحصـ ـل وثانيًا أتمنى يكون التعـ ـب دا نال إعجابك وثالثًا بقى كل سنة وأنتِ طيبة يا قمورة والعُمر كله ليكِ وأنتِ جنبي وفضهـ ـري على المُرة قبل الحلوة وتفضلي جوه قـ ـلبي مجاوراه ومتونس بيكي والسنين الجاية كلها تبقي جنبي ونشوف “أُميمة” بتكبر قدام عنينا سوى، ربنا يباركلي فيكي يا أحلى حاجة حصـ ـلت فحياتي.
أنهـ ـى حديثه وهو يُلثم وجنتها بِقْبّلة حنونة يُعبر عن حُبّه وعشـ ـقه إليها، حتى وإن قال جميع الكلمات الخاصة بالحُبّ والأمتنان فلَن تكفيها فحُبّه إليها تخطى كل شيءٍ وأصبح الآن لربما عا’شقًا لها، ولربما مهوو’سٌ بها، لا يعلم أين هو بينهما ولَكِنّ في النها’ية هو يعلم أنه تخـ ـطى أقـ ـصى مراحل الحُبّ معها بلى شـ ـك، أما عنها فقد كانت مصدو’مة وبشـ ـدة فلَم تنـ ـتبه أن اليوم هو يوم مولدها وهو الذي ذكّرها بهِ هذه المرة كذلك مثل المرة الماضية، ألتفتت إليهِ تنظر لهُ وهي تشعر أنها في صد’مةٍ مِن أمرها فمعهُ تتفا’جئ بكل شيءٍ يفعله..
نظرت لهُ لترى الأبتسامة تُزين ثغره وهو يتطّـ ـلع إليها ينتظر ردها على ما فعله فكل ما كان يراه صد’متها وهذا حـ ـقها فهو يعلم تمام العلم أنها لَم تنـ ـتبه لشيءٍ كهذا، نظرت إلى الزينة والشمو’ع مِن حولها ثم نظرت إليهِ مِن جديد ترى بسمتهُ التي لَم تفشـ ـل لمرة في أ’سرها لتر’تمي داخل أحضانه وهي تحاوط عنـ ـقه بذراعيها بسعادةٍ كبرى، أتسـ ـعت بسمتهُ على ثغره وحاوطها بذراعيه يضمها وهو يشعر بسعادتها التي كانت باديةٌ على تقا’سيم وجهها وحركة جسـ ـدها ليسمعها تقول بنبرةٍ سعيدة مُحبة:
_أنا بحبك أوي يا “عُـمير”، فرحتني أوي بجد بمفاجآتك الحلوة دي، أنا، أنا مش عارفة أقول حاجة بجد أنتَ فا’جئتني.
ضحك هو على ردود أفعا’لها تلك ليُمسِّد على ظهرها برفقٍ قائلًا بنبرةٍ هادئة حنونة:
_عارف، كل اللي هتقوليه مش شـ ـرط تقوليه عشان حا’سس بيه وواصلي بقـ ـلبك، مِن القلب للقلب يا حبيبة “عُـمير”.
أنهـ ـى حديثه وهو يُلثم وجنتها بِقْبّلة حنونة مشـ ـددًا مِن ضمته إليها فمثل هذه اللحظات هي الأحب إلى قلبه بكل تأكيد كيف لا وكُل ما يخصها يخصه كذلك فهي حبيبة القـ ـلب والر’وح.
______________________
<“في ليلة عا’صفة ممطرة،
كان هذا يوم خروج الو’حش مِن جحـ ـره.”>
لليلة الثالثة على التوالي، يجاور فراشه، شبه منعز’لًا عن العالم الخا’رجي، كقطـ ـعة الألما’س الثمـ ـينة المحفوظة في متحف سـ ـري خـ ـشيةً مِن سقو’طها على أر’ضية المكان وتتنا’ثر أشلا’ءها في كل مكان، هكذا كان هو منذ ثلاث ليالٍ، ولجت لهُ زوجته ومعها حقيبة الطعام السا’خن مبتسمة الوجه لينظر هو لها يرى طـ ـيفها لتعلـ ـو البسمةُ ثغره ليراها تقترب مِنهُ بخطى هادئة قائلة:
_أحلوينا أهو وبدأنا نفو’ق شوية النهاردة عن اليومين اللي فاتوا.
وضعت الحقيبة على الأريكة ثم أقتربت مِنهُ وجلست على طر’ف الفراش لتشعر بهِ يجذ’بها إلى أحضانه قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_بعد إذنك الحضن دا حاجة أساسية عندي قبل ما تقولي أي حاجة.
أبتسمت هي وقامت بمعانقته بدون تفكير قائلة بنبرةٍ هادئة:
_عارف لو طلبت عيو’ني كمان هديهوملك.
انهـ ـت حديثها وهي تنظر لهُ بوجهٍ مبتسم لتراه ينظر إليها نظرةٍ هادئة ليأتيها قوله الهادئ مجيبًا عليها قائلًا:
_لا أنا مش عايز عيو’ن “ريـما” أنا عايز “ريـما” نفسها.
نظرت إليهِ نظرةٍ ذات معنى وقالت مبتسمة الوجه:
_و “ريـما” معاك مش هتسيبك لحظة واحدة.
أبتسم إليها ثم قام يُلثم جبينها بِقْبّلة حنونة لتبتسم هي إليهِ ثم أبتعـ ـدت عنهُ وأخذت حقيبة الطعام السا’خن ذاك وقالت:
_يلا بقى عشان أكيد زمانك جعان دلوقتي، روَّحت عملتلك شوية شوربة وحتت فرخة عشان عارفة إنك مبتحبش أكل المستشفى وبتقر’ف فقولت أستغـ ـل فرصة إنك نايم وأروح أخد شاور وأعملك أكلة تسنـ ـدك وأرجعلك على طول، محبتش أخلي طنط تتعـ ـب نفسها وطـ ـمنتها إني واخدة بالي مِنك و “شُـكري” عنده شغل ضرو’ري هيخلصه على طول ويجيلك يقعد معاك وبيقولك متز’علش عشان غصـ ـب عنه.
أبتسم “شـهاب” بسمةٌ هادئة حينما أستمع إلى حديثها ليقول بنبرةٍ هادئة وهو ينظر لها:
_أكتر حاجة وحشتني أكلك يا “ريـما”، وحشني نَفَـ ـسِك فالأكل.
وحينما أنهـ ـى حديثه أشتـ ـم رائحة طعامها الذي داعب أنفه حينما فتـ ـحت هي الحقيبة وأخرجت محتوياتها ليوقفها طرقات خـ ـفيفة على الباب، نظرا سويًا إلى باب الغرفة لتقول “مَـرْيَم” بنبرةٍ هادئة وهي تنهض متوجهةً إليهِ:
_ممكن تكون الممرضة جاية تطـ ـمن.
أنهـ ـت حديثها وهي تفـ ـتح الباب لترى “مـينا” أمامها، جحـ ـظت عينيها وتفا’جئت بوجوده أمامها ليأتي قوله الهادئ وهو ينظر لها قائلًا:
_”شـهاب” كويس؟.
نظرت هي إلى زوجها الذي كان ينتظر رؤية القادم لتعاود النظر إلى “مـينا” قائلة بنبرةٍ هادئة:
_كويس الحمد لله، أتفضل.
أنهـ ـت حديثها وهي تبتـ ـعد عن مر’ماه ليولج هو بخطى هادئة ينظر إلى صديقه الذي صُدِ’مَ مِن تواجده، أبتسم إليهِ “مـينا” وجلس على طر’ف الفراش مر’تميًا داخل أحضانه دون أن يتحدث، كل ذلك و “شـهاب” متفا’جئًا مِن تواجده فلَم يَكُن يتو’قع أن يأتي إليهِ بهذه السرعة، ولَكِنّ سعادته بعودته كانت أكبر مِن كل ذلك ولذلك ضمه “شـهاب” بعد أن غمـ ـرته السعادة وخرج صديقه مِن معتـ ـقله دون أن يمـ ـسه ضـ ـررٌ..
_عارف إنك مظلو’م يا صاحبي وعارف إنك متعرفش حاجة، حـ ـقك عليا يا صاحبي.
شـ ـدد “مـينا” مِن ضمته إلى صديقه وقد ألتمـ ـعت العبرات داخل مُقلتيه ليس حز’نًا على نفسه قد’ر ما هو حز’نًا على صديقه الحبيب الذي تلقى الغد’ر على أيدي هؤلاء القذ’رة، تحدث بنبرةٍ هادئة باكية قائلًا:
_مش ز’علان على نفسي قد ما أنا ز’علان عليك يا صاحبي، أنتَ متستا’هلش اللي بيحـ ـصلك دا.
أبتسم “شـهاب” وألتمـ ـعت مُقلتيه بالعبرات ليقول بنبرةٍ متأ’ثرة:
_فـ ـكك مِني أنا دلوقتي أنا الحمد لله بقيت كويس، أنا كل اللي كان يهـ ـمني هو أنتَ يا صاحبي، أنتَ مَلَـ ـكش ذ’نب تتحـ ـبس ظُـ ـلم فحاجة أتد’بست فيها بدون ما تعرف عنها حاجة، حمدلله على سلامتك يا صاحبي عودة حميدة يا حبيبي.
أنهـ ـى حديثه مبتسم الوجه ممسِّدًا على ظهره برفقٍ، لحظات وأبتعد عنه “مـينا” ينظر لهُ بوجهٍ باكِ متفـ ـحصًا إياه قائلًا بنبرةٍ باكية متسائلة:
_أنتَ كويس يا صاحبي؟ إيه اللي حصـ ـل معاك؟.
قـ ـصَّ “شـهاب” ما حدث معهُ لصديقه الذي كان يستمع إليهِ طيلة الوقت مصد’ومًا ومند’هشًا مِمَّ حد’ث مع رفيقه الحبيب حتى تور’طه هو في تلك القصة وعودته هو مِن جديد لتقديم أقواله وإخراجه مِن هذا المعتـ ـقل، تمَّـ ـلك الغـ ـضب مِن “مـينا” الذي قال بنبرةٍ حا’دة متو’عدة إلى “جـمال”:
_ابن الـ**** أقسم بالله ما هيفـ ـلت المرة دي مِننا، أنا يعمل معاه كدا ويأ’ذيك أنتَ كدا، ويطا’رد أغلبنا بالمنظر دا؟ مش هسـ ـيبه واللهِ لأخد حـ ـقي وحـ ـقك وحـ ـق كل واحد مِننا أتأذ’ى مِنُه، واللهِ ما هسـ ـيبه لو كان فأخر الدُ’نيا.
وضع “شـهاب” كفه على كف رفيقه مشـ ـددًا مِن قبـ ـضته على كفه الد’افئ ليقول بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_بقولك إيه فُـ ـكك مِن السيرة المـ ـنيلة دي دلوقتي، تعالى كُلّ معايا.
أقتربت “مَـرْيَم” مِنهما مِن جديد مبتسمة الوجه بعد أن تركتهما يتحدثان سويًا وحدهما وهي تضع الطعام على المائدة الخـ ـشبية التي وضعتها أمام زوجها ليقول “مـينا” بنبرةٍ هادئة ير’فض ذلك:
_مش هينفع يا صاحبي كُلّ أنتَ عشان تعـ ـبك.
_أقسم بالله ما هاكُلّ حاجة غير وأنتَ ما’دد إيدك وواكل معايا.
هكذا جاوبه “شـهاب” بنبرةٍ حا’دة لا تقبل النقا’ش ليأتي قول “مَـرْيَم” الهادئ:
_لا أنتَ هتاكل معاه الأكل يكفي وبزيادة كمان وبالمرة تفتـ ـحوا نِفـ ـس بعض شوية.
وضعت بقية الصحون على الطاولة ونز’عت الأ’غطية لتفو’ح رائحة الطعام في المكان لتجعل معدة “مـينا” تصد’ر أصواتًا ليقوم “شـهاب” بحـ ـسَّهُ على تناول الطعام ليُشاركه “مـينا” بقـ ـلة حيـ ـلة تناول الطعام ليقول بنبرةٍ هادئة متلذ’ذًا بطعمه الحلو:
_طعمه حلو أوي، نَفَـ ـس مين دا؟.
جاوبه “شـهاب” بنبرةٍ هادئة وهو ينظر إليهِ مبتسم الوجه:
_نَفَـ ـس المدام، الأكل عجبك؟.
أبتسم “مـينا” وقال بنبرةٍ هادئة يجاوبه وهو ينظر إلى “مَـرْيَم”:
_نَفَـ ـسِك حلو فالأكل، يا بخته بياكل أكل جميل زي دا، صبرت ونو’لت يا “شـهاب” حـ ـقك بصراحة.
مازحه “مـينا” مبتسم الوجه ليضحك “شـهاب” قائلًا بنبرةٍ ضاحكة:
_شوفت، عشان تعرفوا إني مش ببا’لغ.
بدأت “مَـرْيَم” بتقسـ ـيم الدجاجة بينهما مبتسمة الوجه لتبدأ بإطعام زوجها كما المعتاد ومثلما أتفقا سويًا بخصوص عودة بصـ ـره لهُ وقد تبادَل هو ورفيقه الأحاديث الكثيرة وتبادُل الضحكات الخـ ـفيفة بين الفينة والأخرى، وكانت “مَـرْيَم” تنظر إلى “مـينا” بين الفينة والأخرى تراه يأكل وهي تعلم تمام العلم أنه يَتَدَور جوعًا فبالتأكيد لَم يَكُن يتناول الطعام بشكلٍ جيدٍ ولذلك أحبَّت تصر’ف زوجها حينما شاركه الطعام..
وبعد مرور القليل مِن الوقت..
كان “مـينا” يجلس مع رفيقه يتحدث معهُ حتى قال بنبرةٍ هادئة:
_طب أنا مضطـ ـر أمشي دلوقتي يا صاحبي، هروح لـ “برليـن” أتطـ ـمن عليها وأطـ ـمنها عليا عشان أكيد زمانها مر’عوبة عليا وبعدين هروح البيت أتطـ ـمن على والدتي وأر’تاح وبكرا إن شاء الله هجيلك أقـ ـضي اليوم معاك.
حرك “شـهاب” رأسه برفقٍ متفهمًا ليُربت على كفه برفقٍ قائلًا:
_تمام يا صاحبي روح وطمـ ـنهم عليك وأول ما توصل البيت طـ ـمني عليك عشان مفضلش قـ ـلقان عليك.
أبتسم “مـينا” إليهِ ثم نهض ما’ئلًا بجذ’عه نحوه يُلثم رأسه بِقْبّلة حنونة قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_عيوني حاضر، تسلم على الأكل يا صاحبي.
_بس يا’ض متقولش كدا إحنا أخوات، أهم حاجة شبعت؟.
هكذا جاوبه “شـهاب” ثم سأله بجديةٍ لا تقبل المزاح ليأتيه جواب “مـينا” الهادئ حينما قال مبتسمًا:
_شبعت واللهِ تسلم يا صاحبي.
جاءت “مَـرْيَم” في هذه اللحظة لينظر لها “مـينا” شاكرًا إياها قائلًا:
_شكرًا على الأكل، نَفَـ ـسِك حلو ما شاء الله.
أبتسمت هي لهُ وقالت بنبرةٍ هادئة ترد عليهِ:
_العفو مفيش بينا شُكر، ومبسوطة إن الأكل عجبك بالهنا والشفا.
أبتسم “مـينا” ثم نظر إلى صديقه وقال قبل أن يغادره:
_أنا ماشي يا صاحبي محتاج مِني أي حاجة؟.
حرك “شـهاب” رأسه برفقٍ ينـ ـفي قول صديقه بوجهٍ مبتسم ليقترب الآخر مِنهُ مُعانقًا إياه برفقٍ ممسِّدًا على ظهره قبل أن يتركه ويغادر أسفـ ـل نظرات “مَـرْيَم” التي كانت تتابعه بكل هدوء، وحينما خرج نظرت إلى زوجها الذي أراح رأ’سه على الوسادة الو’ثيرة خلفه مغمض العينـ ـين، أقتربت مِنهُ بخطى هادئة حتى جاورته لتسمعه يقول بنبرةٍ هادئة:
_أكلك النهاردة كان حلو أوي يا “ريـما”، شكلك كُنْتِ طا’يرة مِن الفرحة وأنتِ بتعمليه.
فرَّ’ق بين جـ ـفنيه لينظر إليها نظرةٍ هادئة متر’قبًا ردة فـ ـعلها ليراها تنظر إليهِ مبتسمة الوجه لتعلـ ـو البسمةُ ثغره هو كذلك ويقوم بر’فع ذراعه يجذ’بها برفقٍ إلى أحضانه معانقًا إياها بهدوءٍ ليراها تستقبله بصد’رٍ رحب وهي تضع رأ’سها على كتفه مغمضة العيـ ـن تحظى بتلك اللحظات الهادئة برفقتهِ.
________________________
<“عودة الحبيب إلى دياره،
وعودة رو’حُ الحبيب إلى نفسه.”>
ثلاث ليالٍ مرّت وهي لا تعلم ماذا تفعل وكيف تصل إليهِ، لأول مرة تشعر بهذا الخو’ف تجاهه ولأول مرة تراه يبتـ ـعد عنها هذه المُدة دون أن يعلم أحدهم شيئًا عن الآخر، جلست على طر’ف الفراش وهي تُحرك قد’مها بعنـ ـفٍ بدون إرادة مِنها، وصلتها رسالة مِن صديقتها الحبيبة “شـادية” لترى محتواها الإطـ ـمئنان عليها وعلى خطيبها لتشعر بأ’لم قلبها يزد’اد لتقوم بتسجيل مقـ ـطع صوتي إليها تقول فيهِ بنبرةٍ مر’هقة:
_لسه مفيش جديد يا “شـادية”، قلبي وا’جعني عليه أوي ومش عارفة إيه اللي بيحصـ ـل ولسه هيحصـ ـل، أدعيله يا “شـادية” أرجوكي، أنا حا’سة إن عـ ـقلي مشـ ـلول حرفيًا مش مستو/عبة ولا فاهمة حاجة عـ ـقلي واقف.
أنهـ ـت حديثها ثم أرسلتهُ إليها وأغـ ـلقت هاتفها مِن جديد ووضعته على الفراش بجوارها دون أن تتحدث وهي تمـ ـسح على وجهها بكفيها، لحظات وسَمِعَت والدتها تُهـ ـلل بسعادةٍ كبيرة وهي تُرحب بهِ قائلة:
_يا حبيبي حمدلله على سلامتك، نوَّ’رت البيت، يا “برليـن” “مـينا” جه تعالى !!.
كانت لا تُصدق ما تسمعه أُذُنيها حينما أخبرتها والدتها أن حبيبها جاء لزيارتهم وللحظةٍ شعرت أنه يتهـ ـيأ لها ذلك، فيما قالت “مـيرڤت” بنبرةٍ سعيدة:
_تعالى يا حبيبي تعالى البيت بيتك أتفضل.
أنهـ ـت حديثها وهي تبتـ ـعد عن مر’ماه ليولج هو بخطى هادئة مبتسم الوجه قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_تسلميلي يا حماتي هو أنا كُنْت مسافر يعني؟.
أغـ ـلقت هي الباب خلفها وألتفتت تنظر إليهِ بوجهٍ مبتسم قائلة:
_يا حبيبي ياريتك كُنْت مسافر كان أهوَّ’ن علينا مِن رميـ ـتك دي، أنا مصد’قتش واللهِ وقولت أكيد أنتَ مظلو’م وفي حاجة غـ ـلط والحمد لله طلع أحسا’سي صح.
أصطحبته إلى غرفة المعيشة بخطى هادئة فيما كان هو ينظر حوله يبحث عنها بعينيه بتـ ـلهفٍ رأته “مـيرڤت” التي أبتسمت وقالت بنبرةٍ هادئة:
_”برليـن” جوه فأوضتها شكلها مسمعتنيش تلاقيها لابسة السماعات هروح أقولها إنك موجود دي كانت هتتجـ ـنن عليك.
أنهـ ـت حديثها ثم تركته وذهبت لمناداة أبنتها، فيما كان هو جالسًا ينظر حوله وينتظرها على أحـ ـر مِن الجمـ ـر، فيما ولجت هي إلى غرفة أبنتها لتراها تنظر إليها دون أن تتحدث لتقول هي:
_إيه يا “برليـن” معقولة مسمعتنيش “مـينا” بره يا حبيبتي مستنيكي أخرجيله يلا شكله جايلك مخصوص.
أستو’عبت أخيرًا “برليـن” ما تقوله والدتها التي كانت تتابعها دون أن تتحدث لتراها تتحرك إلى الخارج بخطى هادئة متخـ ـطيةً إياها، نظرت إليها “مـيرڤت” وقررت الخروج والجلوس بالقرب مِنهما دون أن تتجـ ـسس على أحاديثهما، كان هو ينتظرها حتى لمـ ـح طيـ ـفها يقترب مِنهُ لير’فع رأ’سه ينظر إليها ليراها تقترب بخطى هادئة وهي لا تُصدق أنه بالفعل يجلس أمامها ينتظرها..
نهض هو بكل هدوء دون أن يتحدث لتقف هي أمامه تنظر إلى معالم وجهه التي كانت باديةً عليها الإر’هاق الشـ ـديد ينظر لها بوجهٍ مبتسم ليقول بنبرةٍ هادئة يقـ ـطع هذا الصمت بينهما:
_وحشتيني الـ ٣ أيام دول، معرفش عدوا أزاي عليا … “برليـن” أنا مش..
قامت هي ببَتـ ـر بقية حديثه حينما قالت هي بنبرةٍ مند’فعة:
_متكملش يا “مـينا”، متكملش أنا مصدقاك، عارفة إنك مظلو’م، أنا لمَ شوفت الأخبا’ر على السوشيال ميديا مصد’قتش كلامهم عشان أنا عارفة حبيبي كويس ميعملش كدا، وعشان كدا مصد’قتش ولا كلمة مِن اللي قالوها دي فحـ ـقك، عشان أنا بثـ ـق فيك.
أنهـ ـت حديثها وهي تؤكد عليهِ ثقـ ـتها بهِ وعدم تصديقها لتلك الخرا’فات عليهِ وهي تؤكد ذلك أيضًا بنظراتها لترى بسمتهُ تُزين ثغره دون أن يتحدث فكيف يتحدث وكلماتها قالت كل شيء، أخذها وجلس مِن جديد لتجلس هي بجواره بهدوء تنتظر سماع ما سيقوله لتراه يعتدل في جلستهِ وهو ينظر إليها قليلًا ثم قال بنبرةٍ هادئة:
_برغم إن أنا كُنْت خا’يف إنك تصدقي، بس كان جوايا حاجة بتقولي إنك مش هتصدقي كل دا وهتكد’بيهم كلهم وتصد’قيني، أنا خرجت عشان هو فا’ق وقدّم إد’انته، لولاه كُنْت أنا ضا’يع حرفيًا، الحمد لله إنه فا’ق وقال كل حاجة ومسكتش، أول ما خرجت روحتله أتطمـ ـنت عليه وقعدت معاه شويه وبعدين جيتلك عشان عرفت إنك كُنْتِ خا’يفة عليا أوي.
أعتـ ـلت البسمةُ ثغرها وهي تنظر إلى الأسـ ـفل قليلًا ثم ر’فعت رأسها تنظر إليهِ لتقول بنبرةٍ هادئة:
_أستنى هقول لماما تحضرلك أكل أكيد جاي جعان ومش قا’در.
وقبل أن تنهض منـ ـعتها يدهُ التي أمسكت ر’سغها، نظرت لهُ لتراه يجذ’بها برفقٍ لتجلس مِن جديد تنتظر قوله الذي جاء حاضرًا:
_أنا واكل وشبعان.
عقدت هي ما بين حاجبيها وهي تنظر إليهِ متعجبة لتسمعه يقول بنبرةٍ هادئة مُكملًا حديثه:
_مرات “شـهاب” كانت عاملة لجوزها أكل بيتي عشان هو مبيحبش الأكل بتاع المستشفى فمسابنيش غير لمَ كَلت معاه قعدت معاه شوية وبعدين جيتلك عشان عارف إنك خا’يفة عليا.
ألتمـ ـعت العبرات في مُقلتيها وهي تنظر إليهِ لتراه ير’فع كفيه يُز’يل عبراتها بإبهاميه قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_بلاش عياط بقى إحنا داخلين على أيام لوز مش عايز حاجة تنكـ ـد علينا أيًا كانت إيه هي اللي يهمـ ـني دلوقتي إني خرجت والموضوع هيمشي عادي جدًا لفترة محدودة لحد ما اللي عمل كدا يتجا’ب ويتعا’قب.
_متتصورش يا “مـينا” أنا كُنْت عاملة أزاي مِن غيرك بجد، كُنْت مصد’ومة وقفـ ـلت المحل ومبنزلش مِن البيت، مش عايزة أتعامل مع حد فقـ ـدت الشغـ ـف فكل حاجة مِن وقتها.
هكذا جاوبته “برليـن” بنبرةٍ باكية وهي تنظر إليهِ ليرد هو عليها في نفس الوقت قائلًا:
_لا يا حبيبتي أنا عايزك تنزلي وتفـ ـتحي المحل وتشتغلي وتعملي الحاجة اللي بتحبيها، عايز كل حاجة تمشي بشكل طبيعي مش عايز حاجة تتغيَّر مهما حصـ ـل، أتفقنا يا حبيبتي؟.
أنهـ ـى حديثه وهو يسألها بنبرةٍ هادئة حنونة ينتظر ردها، فيما هي لمحت والدتها تقف بالقرب مِنهما وتُشير إليها بأن تُخبره بما حد’ث في غيا’به لتشعر بالتو’تر حينما تذكرت هذا الحـ ـقير وما فعـ ـله معها لتنظر إلى “مـينا” الذي كان ينظر إليها والذي تعجب صمتها ليقول بنبرةٍ هادئة متسائلة:
_مالك يا حبيبتي؟ أنتِ كويسة في حاجة؟.
نظرت إليهِ بخو’فٍ حينما سألها هو هذه المرة وكأنه شعر بأنها تُخـ ـفي عليهِ شيئًا ما، ولذلك قررت أن تُخبره أفضل مِن أن يذهب الآخر لهُ ويُخبره أشياءًا لَم تحد’ث في الأساس ولذلك أبتلـ ـعت غصتها بتروٍ وقالت بنبرةٍ هادئة:
_أيوه في حاجة بصراحة مخبـ ـياها عنك حصـ ـلت فغيا’بك.
_طب قولي إيه اللي مخو’فك كدا؟ أحكي أنا سامعك.
هكذا جاوبها بنبرةٍ هادئة بعد أن أنصـ ـب بكامل تركيزه عليها ينتظر سماع ما ستقوله، لحظات حاولت تجميع شتا’ت نفسها وترتيب الكلمات داخل عـ ـقلها لتقول بعدها بنبرةٍ هادئة:
_”ماركوس” جالي فغيابك المحل.
عقد هو ما بين حاجبيه بعدما أستمع إلى أسم هذا الشخص الغريب ليقول بنبرةٍ هادئة متسائلًا:
_مين “ماركوس” دا؟.
شعرت بالخو’ف مِن هذه اللحظة لتبدأ نبـ ـضات قلبها تز’داد بخو’فٍ لتنظر إلى والدتها التي شجعتها على إكمال الحديث لتضغـ ـط على قـ ـبضة يديها بخو’فٍ شـ ـديد حينما رأت نظرات “مـينا” مصو’بةٌ نحوها ينتظر سماع حديثها، أخذت أنفا’سها بهدوءٍ وأكملت قائلة بكلمةٍ قا’تلة:
_طـ ـليقي.
كلمةٌ كالقـ ـنبلةِ المو’قوتة التي إنفجـ ـرت في أرجاء الغرفة تُد’مر كل شيءٍ، كلمةٌ واحدة كانت كفيلة لتحريك العديد والعديد بداخلهِ مِن مشاعر عديدة، الغـ ـضب، الغـ ـيرة، الجـ ـنون، عاد الد’اء بعد أن تعا’فى مِنهُ صاحبه بالدواء لينتشـ ـر بسرعةٍ كبيرة بينهما كالمـ ـرض المـ ـلعون، عودة الد’اء وهذه المرة كان أكثر شـ ـراسة مِن زي قبل، عودة الحقـ ـير في تواجد الحبيب لتشو’ب بين الطر’فين معر’كة حر’بٍ كبيرة ستكون نها’يتها الد’مار الشا’مل، هدوءه كان مُر’يبًا أر’عبها بشـ ـدة لتُيـ ـقن أنها أيقظت شيا’طينه دون أن تنـ ـتبه لتكون الكلمة الأفضل لهُ في هذه الحالة، جـ ـنون الحبيب.
______________________________
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أحببتها ولكن 7)