رواية يناديها عائش الفصل الحادي والتسعون 91 بقلم نرمينا راضي
رواية يناديها عائش الفصل الحادي والتسعون 91 بقلم نرمينا راضي
رواية يناديها عائش البارت الحادي والتسعون
رواية يناديها عائش الجزء الحادي والتسعون

رواية يناديها عائش الحلقة الحادية والتسعون
”لا يستقيمُ العالم، إلا برأسٍ مائل على كتفِ من يُحبّ”
~~~~~~~~~~~~
الأصل في العلاقات الزوجية هو المودة والرحمة، هذا هو التخطيط الإلهي الذي من المفترض السير على أساسه و منهجه، فالرسول الأكرم عليه الصلاة والسلام الذي قال في حديثه:
“استوصوا بالنساء خيرًا” لم يغفل عن ذِكر المرأة في حجة الوداع العظيمة و وصّى المسلمين خيرًا بالنساء، وحين سأله أحد الصحابة رضوان الله عليهم عمن هو خير المؤمنين، قال عليه الصلاة والسلام: “خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي” (صحيح الترمذي).
قال – تعالى -: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون ).
ولضمان حصول المودَّة والرحمة؛ جعل الله لهذه العلاقة قانونًا يحكمها بين الزوجين، وفرض على كلٍّ منهما حقوقًا يؤدِّيها للزوج الآخر، فالعلاقة الزوجيَّة هي علاقة رُوحيَّة معنويَّة، فكما أن للزوج حقوقًا، فعليه حقوقٌ؛ لهذا لا بد من الزوج أن يحسن علاقته مع زوجته، وأن يرفق بها، ويقدم ما يمكن تقديمه إليها؛ مما يؤلِّف قلبها، تطبيقًا لقوله: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾.
و قال الشيح عمر المهداوي أن من حقوق الزوجة على زوجها الإنفاق وعدم البخل، وأن يكون الرجل سخيًا كريمًا، من غير سرف ولا تبذير، فيكون السخاء بلا تبذير، والإنفاق بلا تقتير، وقال إن من رحمة الله جل وعلا أن نفقة الزوج على زوجته واجبة عليه، وله الأجر من الله، وهي له صدقة، فلينفق الزوج على امرأته إن كان ميسورًا على أحسن حال.
و يجب على الزوج أن يأخذ بعين الاعتبار
قوله تعالى: «الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) النساء:34..
وقوله تعالى: (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا»، الطلاق:7
وكذلك ما ذكر عن النبي عليه الصلاة والسلام كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
(دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، و دينار أنفقته على مسكين، و دينار أنفقته على أهلك -انظر إلى هذه الأقسام الأربعة- أعظمها أجرًا عند الله الذي أنفقته على أهلك). متفق عليه.
حرص البدر على جعل عائشة في كامل سعادتها، في تلك الليلة بالتحديد..
ليلة اجتماع البدر بنجمته الضوئية، فمنذ أن وسع الله رزقه، وهو يفعل أي شيء يتمناه قلب صغيرته، فتاته العنيدة و أنثاه التي أتعبت قلبه كثيرًا حتى استسلمت أخيرًا بكامل إرادتها، و رضخت الأنثى المتمردة لقلب و عشق بدر النقي الخالص من أي شوائب قد تكون سامة بعشقه.
بعدما انتهى الزفاف الاسلامي الجميل، توجه
” بدر” لاصطحابها و ابهار عينيها بالمفاجأة الثالثة..
وقفت متعلقة بيده تنظر بفم فارغ من شدة دهشتها و عدم استيعابها اللذان جعلا ” بدر” يبتسم في خفةٍ عليها، و ضحك حتى بدَتْ نواجذه عند سماعه قولها:
” أنا أركب طيارة ! كان مالها عربية سندريلا الكارو يعني ! ما كانت زي الفل و كنا مبسوطين”
” كارو ! ”
تمتم بها بدموعٍ تجلت في بُنيته، لا يعرف هل من كثرة الضحك على دهشتها البلهاء، أما من شعوره بالحسرة إزاء ما بذله من مجهود مع المصممين، لتصبح عربة سندريلا التي صنعها لها، أجمل من الأصلية بكثير، و في النهاية تخبره أنها تشبه
« العربة الكارو» !
جاءت ” روان ” من خلفها تهمس بنبرة مداعبة:
” ايوه يا سلفتي، محدش قدك النهاردة يا جميل”
تمتمت لها بخوف، فهي في الحقيقة تهاب و تخشى المرتفعات كثيرًا:
” اسكتي أنتِ كمان، دي طيارة حقيقية مش لعبة”
أعادت بث نظراتها المرتجفة للمِرْوحيّة البرمائية الخاصة التي قام ” بدر ” بتأجيرها لاتمام المفاجأة لها..
استنشقت الهواء بعمق، و اصابعها الخائفة تطبق على راحة كفه الذي رفع يدها لفمه يلثم قبلات دافئة مطمئنة علي ظهرها، ليقول بابتسامة وديعة:
” متخافيش، أنا جنبك.. بدر معاكِ، يعني مفيش مكان للخوف في قلبك ”
تساءلت وعينيها لا زالت معلقة على الطائرة التي لها خاصية الهبوط على سطح الماء:
” طيب.. طيب إحنا هنروح فين ؟ ”
” هنروح للهَني مون ”
قالها، و ابتسامته الجميلة لا تبرح وجهه، بينما عائشة التفتت لحماتها تقول بدموع مزيفة:
” تعالي معانا يا ماما بالله عليكِ ”
ردت ” مفيدة” بدهشة هي الأخرى من هبوط الطائرة بقرب القاعة على سطح بحر المنصورة:
” اجي معاكِ فين ! مش إما نشوف الأول الطيارة دي واقفة على الميه كده ازاي ! دي طيارة من عالم الجن ولا إيه دي ! يا دي الحوسه ليكون الواد بدر ابني شغال مع الدجالين و السحرة !
يا مُرك يا مفيدة ”
رمقتها ” هاجر ” بعلامات استفهام تراقصت على وجهها من قول أمها، و ضحكت رُميساء عليها خلسةً، لتقول ابنتها وهي تقلب كفيها:
” إيه اللي أنتِ بتقوليه ده يا ماما ! اللي يسمعك يقول إنك عايشة في عالم موازي ! يا ماما الطيارة البرمائية دي اخترعوها سنة 1910 و أنتِ جاية 2025 و تقولي من عالم الجن ! ”
وقفوا جميعًا لدقائق يتأملون المروحية في دهشةٍ من مفاجأة بدر لعائشة، فلا أحد كان على عِلم بما سيفعله بعد انتهاء زفافه، سوى ” زين ” الذي شاركه في كل كبيرة و صغيرة لاسعاد أخته المجنونة، التي استردت أنفاسها بانتظامٍ لتقول بشجاعة مزيفة أخيرًا:
” يلا زي بعضه، و أهو بالمرة نستكشف السما ”
لف رأسه بالكامل لها يهتف بتعجب:
” نستكشف السما ! هو إحنا طالعين رحلة للفضاء ؟! ولا هو ده مكوك فضائي و أنا مش واخد بالي ! ”
ردت غامزة من تحت الغطاء الذي أخفى وجهها عن الجميع إلا هو، فحتى لو أخفت وجهها عنه لن تستطيع إخفاء تعبيرات وجهها التي يعرفها و يتوقعها جيدًا:
” مش هتقولي بقى على المفاجأة ؟ ”
” لما نركب إن شاء الله، يلا تعالي ”
أخذ بيدها في رفقٍ و لُطفٍ منه، بينما ” هاجر” حملت لها ذيل الفستان الذي حررته من على خصرها، و وضعته في الحافظة الخاصة به قائلةً:
” هروحه معايا عشان طوله هيضايقك و أنتِ قاعدة ”
أومأت برأسها باقتناعٍ، ثُم ودعتهم جميعًا دون أن تعرف بعد لأين يأخذها رجُلها البدر، في حينٍ أنه اتجه ليستدعي زورقا صغيرًا تم تزيينه بشكل ملائم للزفاف ليصلهما للطائرة التي تبعد عن البر دقيقتين، و بالطبع لن يسبحا ليصلا للمروحية !
و في تلك اللحظة و بينما هي تستدير لتكون في مواجهة البحر، اطلقت الطائرة من فوقها مجموعة من بالونات الهيليوم متعددة الألوان تتعدى الثلاثة آلاف بالون.. مجموعة ضخمة مبهجة ابهرت عيونهم جميعًا، و في أدناها تدلى منها قلب كبير من القماش الأبيض كُتب عليه بخطٍ واضح عريض.. « عِشقي لكِ عِشقًا سرمدي»
اهتزت حواسها، و أدمعت عيناها فور رؤيتها ذلك، ظلت لدقائق تحاول استيعاب أن ما تراه حقيقي، أما هو عاد إليها يتأملها بابتسامة راضية عن نفسه بعدما رأى فرحتها الطاغية، فكانت عيناه نجمتان، كأنها تحمل بريق و جمال الفضاء داخلها، ليقول بنبرة دافئة:
” عِشقي لكِ عِشقًا سرمدي يا عائش ”
وضعت يديها في كفيه، فأطبق عليهما برفقٍ، لتهمس هي في تساؤل مصحوب بالاعجاب لهديته
” يعني إيه سرمدي ؟ ”
أردف و اصابعه تداعب كفيها:
” السَّرْمَدُ يعني الدائم الذي لا ينقطع، و أنا عشقي ليكِ عشق أبدي، لا زوال له بإذن الله ”
” هي دي المفاجأة ؟ جميلة أوي بجد ”
هز رأسه بنفيٍ متبوع بقوله:
” تؤ، دي حاجة كده على الماشي ”
اتسعت عينيها تتساءل بعدم تصديق:
” يعني لسه فيه حاجة كمان ؟! ”
” و أهم حاجة، نمشي ؟ ”
أومأت دون ردٍ، فأخذ بيدها بعدما هبط هو داخل الزَوْرَق و حملها من خصرها يُنزلها عنده، ثُم التفت لصاحبه يعطي له الإشارة بتشغيل المحرك، لينطلق باتجاه المروحية، و استدارت هي تلوح بيدها لبقية العائلة قبل أن تُولي لهم ظهرها و تتمسك بيد ” بدر”؛ لِينزلا منه و يصَعْدَان للمروحية بواسطة الجسر الصغير الذي امتد للزورق.
” قولي يلا المفاجأة ”
قالتها بنبرةٍ تترجاه و عينانٍ تتوسل له في براءةٍ عكس الشغب الذي تتفنن في إظهاره، فمد أنامله يضغط على ذقنها برّقةٍ قائلًا:
” تعالي نقول دعاء السفر الأول، و بعدين هقولك ”
أومأت في سعادةٍ، و بعدما قالا دعاء السفر كما علمنا رسولنا صل الله عليه وسلّم..
كان إذا استوت به دابتُه كبَّر.. ثلاثًا ثم قال: سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ .. اللهم إنا نسألُك البرَّ والتقوى ومنَ العملِ ما ترضى اللهم أنت الصاحبُ في السفرِ والخليفةُ في الأهلِ اللهم هوِّنْ علينا سفرَنا هذا واطوِ عنا بُعده اللهم أعوذُ بكَ مِنْ وعْثاءِ السفرِ وكآبةِ المُنقلبِ وسوءِ المنظرِ في الأهلِ والمالِ.
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : ابن جرير الطبري | المصدر : مسند علي | الصفحة أو الرقم : 97 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه مسلم.
تساءلت بفضولٍ سؤالٍ آخرٍ غير سؤالها عن المفاجأة:
” هي البلالين اللي طارت في السما دي، مش هنعرف نجيبها تاني ؟ ”
رد في تعجبٍ و ابتسم من سؤالها:
” لأ طارت خلاص، أنتِ عاوزاها ؟ ”
” كنت عاوزة أفرقعها ”
ضحك بخفةٍ، و مال برأسها على كتفه يقول:
” هبقى أجيب لك أكتر منها إن شاء الله، أنا أنفخ و أنتِ تفرقعي ”
ابتعدت برأسها فجأةً قائلة بتوسلٍ:
” طيب يلا قولي على المفاجأة، نشفت ريقي ”
” حسيتي بيا دلوقتي ! دلوقت حسيتي و عرفتي يعني إيه الواحد يكون نفسه في حاجة و ريقه ينشف عشان ياخدها ! ”
فهمت مقصده، فتابعت وهي توكزه بخفةٍ في كتفه و تغمز له بوقاحة تفاجئ هو لها:
” ده أنا مجهزة لك حاجة عنب، لوز اللوز ها تعجبك أوي ”
اتسعت ابتسامته و استدار لها بكامل جسده، يتساءل في لهفة شديدة:
” إيه هي ؟! ”
تهيأت لتقديم عرضها الذي تدربت عليه قبل زفافها بعدة أيام، و ساعدها الحاجز الذي بينهما و بين كابتن الطائرة على تأديته بأريحية، فنهضت على مضض، و وقفت أمامه بكامل جسدها، مما تهيئ هو بسعادةِ ينتظر ما سَتُبهرهُ به، فانحنت و وجمعت أطراف الفستان في يدها، ثُم استقامت و وضعته تحت ذراعها، و قبل أن تُقدم عرض القرود الراقصة الخاص بها، اتسعت عينيه للحظاتٍ شعر بأن دلو ماءٍ باردٍ سُكب عليه، وهو ينظر لما ترتديه، هاتفًا بدهشة:
” أنتِ إيه اللي أنتِ لابساه ده ! لابسة بنطلون البجامة تحت الفستان ؟! ”
” ده مش أي بنطلون، رِجل عليها توم و التانية جيري، دي بجامة جديدة خلي بالك، من التوحيد و النور، بس أمك جابتها بسعر الجملة، كانت هتمسك الراجل تفتح له دماغه، خامتها حلوة على فكرة، ناعمة و طرية و كلها حنية.. إيه رأيك ؟ ”
” اقعدي بدل ما أقوم أرميكِ من الطيارة ”
قالها بصدمة أكلت قلبه و كاد أن يبكي بالفعل، بينما هي أضافت بحماسٍ حقيقي:
” اقعد إيه ! اصبر بس أنت لسه شوفت حاجة ! ”
” مش عاوز أشوف، كفاية تلوث بصري بقى أبوس ايدك ”
تجاهلته و نظفت حنجرتها، بينما هو وضع يده على جبهته بقلة حيلة، لينتشر صوتها في أرجاء الطائرة بخلاف مُقدمتها:
” شوفت الكت بتاع البت بتاعة الواد ابو جيل فى شعره اللى مبلط فى الدسكو.. ”
قاطعها بتوسل:
” ما شفتش حاجة، و مجبتش حبوب صداع ”
” طب شوفت التاتو اللى بان من الكت اللى عمل التت بتاع البت بتاعة الواد ابو جيل فى شعره اللى مبلط فى الديسكو ؟ ”
صاح بنفاذ صبرٍ وهو يجذبها من يدها رغمًا عنها يُجلسها على فخذه:
” أنتِ حد مسلطك عليا ؟ حد شربك حاجة كده ولا كده في الكوافير طيب ؟ ”
هزت رأسها بنفيٍ وهي تكتم ضحكاتها، فقال بعجزٍ:
” اومال بتعملي فيا كده ليه ؟ ”
” عشان بحبك، و اللي بحبه بحب انكشه، و أنا مبحبش غيرك، استحمل بقى ”
قالتها واضعة قدم فوق الأخرى و الفستان لا زال أطرافه بالكامل في يديها، فألقى نظرة تفحص سريعة للبنطال، و أردف ضاحكًا:
” بنطلون بجامة تحت فستان فرح ! ده اللي قدرتي عليه ؟ ”
” خد بقى التقيلة ”
” استر يارب ”
” لبست التيشيرت بتاع البجامة كمان، أصل أنا قلت إحنا هنتأخر في الفرح و هنروح تعبانين بقى، فمش هقدر أخلع و ألبس، يعني يدوب أخلع الفستان و أنام على طول، ابقى لابسة يعني حاجة جاهزة للنوم، أنت عارفني.. أول ما النوم يحضر مش بقدر أقاومه ”
سكتت تنظر له باستفسار لنظراته التي تجمعت الدموع فيها، فتساءلت بعدم فهمٍ:
” مالك سكت فجأة ليه ؟ إيه البنطلون مش عاجبك ؟ اوعى تقول وحش و الله أزعل، ده خامته تحفة و حلو في اللبس، ها ابقى اجبلك واحد نفس الخامة.. أنت ساكت ليه ؟ هاه ؟
بدر أنت ساكت ليه ؟ طيب كُح اعمل أي رد فعل ! بدر ! ”
ظل ينظر لها في صمتٍ يحاول التحكم في أعصابه، و ابعدها عنه برفقٍ يُجلسها بجانبه، ثُم قال بنبرة بائسة:
” مُتخيلة يكون رد فعلي إيه بعد اللي بتقوليه ده ! شكلك كده بتحربي عشان تطلعي شخصيتي قبل إما اتعالج تتعامل معاكِ النهاردة ”
هتفت سريعًا بتوسل مضحك، رغم أنها أفقدته إتزانه، لكن عادةً تنجح في إضحاكه:
” لا والله خلاص أنا آسفة، البجامة دي أصلا وحشة، مش مرتاحة فيها، ده أنا حتى بفكر أول إما نرجع البيت إن شاء الله أولع فيها ”
” أنتِ هتفضلي لابساها لحد إما نرجع البيت ! ”
قالها في دهشةً، فضحكت باستسلامٍ أمام نظراته العابسة لها:
” اللي تشوفه، ده إحنا عنينا ليك يا باشا ”
تنهّد باسمًا، و صمت يتأملها للحظات بنظراته التي تنجح في رصد جنونها و قتله، ليحل محله الخجل و الرقة، و أخفضت عينيها تعبث في فستانها، فمد يده يحتوي يدها بحنوٍ قائلًا:
” جُزر المالديف ”
رفعت وجهها له بنظرة مندهشة غير مستوعبه ما تفوه به، فذلك المكان الذي ذكر اسمه، هو المكان الذي تمنت في نفسها قضاء شهر العسل فيه، و قد أخبرت به والدته في يومٍ ما جمعتهما الفضفضة النسائية، و لم تضع في الحسبان أبدًا أنها ستخبر بدر..
” عرفت منين ؟ ”
رد غامزًا:
” مفاتيح قلبك معايا ”
ابتسمت بسعادة، فأضاف بجدية:
” عاوز أفهمك حاجة، أنا لما ربنا وسع عليا في رزقي، حبيت أحقق لك كل اللي نفسك فيه عشان بس أشوف الضحكة الحلوة دي على وشك، و أنا مش قاصد تبذير، أنا نيتي هي إني أفرحك يا عائش، لكن برضو عاوزك تاخدي بالك من حاجة، الحُب و التفاهم و الود هو اللي بيجيب السعادة بين الزوجين مش الفلوس، ايوه الفلوس مهمة عشان المعيشة، لكن مش هي الأساس القائم عليه حُب الزوجين، معاملة الراجل الكويسة تجاه زوجته، ده فرض وواجب عليه سواء أكان معاه فلوس ولا لأ، الاسلام أمر الراجل يدلل زوجته و يراعيها و يراعي مطالبها، و أنا قبل ما ربنا يوسع رزقي في المال، و أنا أصلًا بحاول بشتى الطرق أفرحك، لأن ده حقك كزوجة عليا، زي ما أنا ليا حقوق عليكِ.. الحُب و الاحترام أهم من الفلوس بين الزوجين، مش شرط عشان أثبت لك حُبي يبقى لازم اسفرك هنا و هناك و أجيب لك هداية و بتاع، مفيش علاقة زوجية ناجحة بتتبني على ماديات، أساس العلاقة الناجحة، المودة و الرحمة بين الزوجين اللي ربنا سبحانه و تعالى قال عليهم، فهمتي قصدي ؟ ”
قالت بتفهم بعد استماعها له:
” فاهمة كلامك كويس، و عاوزه أقولك إني والله سواء أنت عملت أو لأ، أنا بحبك برضو، و هفضل أحبك دايمًا يا بدر؛ لأنك تستاهل تتحب ”
طبع قُبلة صغيرة على يدها، ثُم أخرج هاتفه ليقوم باتصال على الفندق الذي حجز فيه جناح كامل خاص لهما لمدة أسبوعين:
” هكلم الفندق أشوف الدنيا كده ”
أومأت تتابعه في صمتٍ، أما هو تحدث الانجليزية مع الطرف الآخر، و بما أن اللغة الرسمية في المالديف هي (الديفيهية)، والتي تحتوي على الكثير من المفردات العربية، ولكن يتم التحدث باللغة الإنجليزية بشكل عام.. قال بدر:
” مرحبا، معك المهندس بدر الخياط، قد قمت بحجز جناح خاص مُسبقًا لمدة أسبوعين، و أريد التأكد بأن كل شيءٍ على ما يُرام ”
رد الطرف الآخر برسمية يسبقها الأدب في الحديث:
” أهلًا بك سيدي، لا تقلق.. قُمنا بإعداد كل شيء كما طلبت ”
” حسنًا، شكرًا لك ”
أغلق معه المكالمة، و التفت لها ليجدها تبحث في حقيبة الملابس الكبيرة التي رتبها هو بنفسه، و جعل أخيها يصلها للطائرة قبل خروجهما من القاعة.. تساءل بتعجبٍ لنبشها الحقيبة من داخلها لخارجها:
” بتعملي إيه ؟! ”
” إيه اللبس اللي أنت جايبه ده ! أنت متجوز رقاصة ! إيه ده ! ”
رد وهو يلمس أنفه بابتسامة خبيثة دلالة على الانتصار:
” ابقي خلي توم جيري ينفعوكِ ”
رمقته بغيظٍ، فانفجر ضاحكًا على نظرتها المشاكسة، ثُم تصنع البراءة، فهتفت بتوعدٍ:
” والله لأغني ”
صاح في ترجي:
” لا.. أنا آسف والله ”
تجاهلته، و صاحت:
” الدنيا حلوة و أحلى سنين..
بنعيشها و إحنا يا ناس عاشقين..
ننسى اللي فاتنا و نعيش حياتنا على الحُب متواعدين.. ”
“سكوت أبوس إيدك لمدة دقيقتين..”
تابعت صياحها في موجة من التساؤلات المستفزة، بينما هو يحاول ضبط أعصابه حتى لا يلقي بنفسه من الطائرة:
” ليه ؟ أسكت لمدة دقيقتين ليه ؟ هاه ؟ اسكت ليه ؟ هاه ؟
هتعمل إيه ؟ رد عليا.. بدر رد.. بدوري.. اسكت ليـه ؟ هـ.. ! ”
همس في أذنها بكلماتٍ، جعلتها تهتف في صدمةٍ منه:
” يا قليل الأدب ! ”
” أنا يا بنتي ! ده من كُتر منا مؤدب، ها يدوني الأوسكار ”
” هما مين ! هاه ! مين ها يديك الأوسكار ؟ بدر رد ؟ أنت ساكت ليــه ! هاه ! بدوري رد.. ”
تمتم وهو يخفض رأسه و يضع يده على جبهته من فرط ألم الصداع:
” طيب حد يقولي أعمل فيها إيه دي ! ”
استقر على حل أخيرًا، فجعلها تنام رغمًا عنها، و بدأ يقرأ لها القرآن حتى هدأت تمامًا و نامت
(الحمدلله).
في الجهة الأخرى أمام القاعة، عادوا جميعهم للسيارات، وهُم يتحدثون فيما بينهم عما أعدَّه بدر لزوجته، بينما ” منة ” خطت خطواتها لتقف أمام البحر تستنشق نسيمه المريح في استمتاعٍ منها للهواء الهادئ الذي داعب خصلات شعرها القصير، فكشف عن عُنقها من الخلف؛ لتظهر رسمة القلب المكسور الصغيرة في اللحظة التي جاء ” قُصي ” من خلفها و وقعت عيناه عليها، فعقد حاجبه في استفسارٍ بينه و بين ذاته..
” اشمعنا قلب مكسور يعني ؟ هي البت دي غاوية نكد ولا إيه نظامها ؟! ”
لقد رأى ذلك القلب أكثر من مرة، في الفديو الخاص بها وهي تغني له، و في كل مرة لا يستطيع الوصول لإجابة مقنعة.
ارتدت في زفاف “عائشة ” فستانًا بلون السماء الصافية، برغم أنه لم يظهر شيء من جسدها، و لكن قوامها الممشوق أعلن تمرده على رداءه الذي يغلفه؛ فأظهر تقاسيمه من الخلف بفعل الرياح الموسمية الصيفية، مما صرّ ” قُصي” على أسنانه، و بحركة عفوية منه خرجت عن طوعه، وجد نفسه يغلق قبضة يده بإحكامٍ و يزفر بضيقٍ من تأثر الرياح على فُستانها، ثُم نزع جاكيت بِذْلته الكاجوال و وضعه على كتفيها بحركةٍ مباغتةٍ، انتفضت لها، فاستدارت له تقول بدهشة:
” أنت بتعمل إيه ! ”
رد بجفاءٍ و بنبرة حادة، وهو يحكم اغلاق الجاكيت عليها، الذي غاص فيه جسدها مقارنة به:
” أم الفستان مِبين جسمك ”
ابعدت الجاكيت عنها، و ألقته في وجهه بصرامة:
” خليك في حالك ”
” أنتِ فاكرة إني بعمل كده عشان غيران عليكِ مثلًا ! ما تولعي، أنتِ مش فارقة معايا أصلًا..
كل ما في الموضوع، إن للأسف اسمك بقى مرتبط باسمي، و أي حد هيشوفك بأم المنظر ده هيقول عليا بقرون، و ما عاش و لا كان اللي يقول عليا كده ”
صاح بجملته الأخيرة، و هو يضع الجاكيت رغمًا عنها على كتفيها، ثُم سحبها من يدها بِعُنفٍ هاتفًا:
” يلا عشان نروح ”
شدت يدها منه في غضبٍ من معاملته القاسية لها، حتى ولو كان يشعر بالغيرة و يخفي ذلك بداخله، فلن تسمح بأن تتلقى منه تلك القسوة ثانيةً، هي ليست جارية عنده ليُعاملها هكذا..
دفعته في صدره تقول بادعاء عكس ما في قلبها:
” قولت لك قبل كده بكرهك و مش بطيقك و بقولها لك تاني، فلو سمحت ابعد عني و ملكش دعوة بيا نهائي لحد ما المهزلة دي تخلص و كل واحد يروح لحاله ”
تجاهل ما قالته، و وضع الجاكيت عليها للمرة الثالثة، و لكن تلك المرة صدح صوته الغاضب يرن في أذنيها بنبرة تحذير مميتة:
” الجاكيت لو اتخلع يا منة، أقسم بالله لأرزعك علقة تجيب أجلك ”
تأملته لثوانِ بسخرية، و قالت بلا مبالاةٍ لتهديده:
” أنت كده راجل يعني لما تمد ايدك عليا ! أو فاكر مثلًا إني هسيبك تضربني ؟ فاكر إني هسكت لك ! أنا مش ضعيفة يا قُصي و أقدر أجيب حقي بنفسي، يعني لو فكرت بس تمد ايدك عليا، هتطلع من هنا على المستشفى، فأحسن لك فكك مني ”
انتبه لهما ” مجاهد ” قبل أن يقود سيارته بالأسرة و يتحرك بها، فترجل سريعًا و أشار لـ ” أُبَيِّ ” بأن يترجل من سيارته هو الآخر..
جاء الأخيرة يتساءل باستغراب:
” خير يا بابا، في حاجة ؟ ”
أشار بعينيه تجاه شقيقه و زوجته قائلًا بقلق:
” روح يا أُبَيِّ عشان خاطري هات أخوك و مراته بدل ما يفضحنا في الشارع مش ناقصين ”
” تمام مَتقلقش، اهدى أنت بس و اركب العربية و أنا هَشوفه ”
قالها، و اتجه بثباتٍ يزفر بعجزٍ من انفعال قُصي الدائم على منة، في حين أن الأخيرة انتبهت له قادم نحوهما، فقالت وهي تلقي بالجاكيت في وجه قُصي:
” خد الجاكيت بتاعك و امشي مع أخوك أحسن لك ”
هَبَّت الرياح ثانيةً، و كأنها مُصرّة على الوقوف ضد ” منة “، فألصقت فستانها بجسدها أكثر، مما انتفخ وَدَج في رقبة قُصي و ارتخت جفونه، لتعلن عينيه الزرقاء فرض الحصار على عنادها المهين له، فَشدّها يخفيها وراءه عندما لمح أُبَيِّ يقترب منهما، و قيد معصميها في يده؛ لئلا تحاول الافلات من خلفه، بينما أُبَيِّ تساءل بهدوءٍ:
” مش ناويين تروحوا ولا إيه ؟! ”
رد وهو يضغط على أسنانه بألمٍ؛ بسبب عضّها لظهره ليفلت يدها، فباءت فعلتها بالفشل، و زاد ذلك من احكام قبضته علي يديها:
” شوية كده و جايين، روحوا أنتم ”
احنى أُبَيِّ رأسه يبحث بقلق عن تلك الدمية التي أخفاها شقيقه خلف ظهره العريض، فقطع قُصي نظراته الباحثة عنها بقوله الجاف:
” أُبَيِّ لو سمحت امشي أنت ”
” هو إيه اللي بيحصل بالضبط ؟! ”
تنهّد قُصي بنفاذ صبر، ليهتف بوجهٍ مُنزعج من تواجد أخيه:
” مفيش، أنا عارف إن بابا اللي بعتك، روح قوله ميشغلش باله بينا ”
رمقه أُبَيِّ في شكٍ ملحوظ، و أردف وهو يحاول التقاط منة بعينيه ليطمئن عليها:
” طيب في حاجة بينك و بين منة ! أنت مخبيها وراك ليه ؟! ”
هتفت هي من خلف ظهر قُصي:
” مكتفني و مش راضي يسيبني، خليه يسيب ايدي يا أُبَيِّ ”
و قبل أن ينطق لسان شقيقه بشيء، هتف هو في حدةٍ و غلظةٍ:
” لو سمحت يا أُبَيِّ امشي، دي مراتي و محدش يدخل بينا، لو سمحت امشي ”
” يعني إيه محدش يدخل بينكم ؟! هو أنت جايبها من الشارع ! في إيه يا قُصي ”
هتف بها أُبَيِّ بتعصب هو الآخر، فبرغم علاقته القوية بشقيقه، لكنه و مهما حدث لن يقف تحت ظل الظُلم، و ما يفعله قُصي من معاملة سيئة لزوجته، هو ظُلم كبير لها..
قال “قُصي” بغضبٍ أعمى بصيرته، و جعل” منة” تكف عن الحراك و محاولة تحرير نفسها؛ خوفًا من نبرة صوته التي تشبه هيجان العاصفة:
” مراتي و بربيها، حد ليه شوق في حاجة ؟ ”
رمقه أُبَيِّ في برودٍ هاتفًا:
” اتكلم بأسلوب كويس، نسيت إنك بتكلم أخوك الكبير ! ”
حاول “قُصي” التحكم في أعصابه، و عاد لهدوئه بعدما شعر بالندم لعلو صوته على شقيقه الذي يُكِنُّ له حُبّـًا عَميقـًا، بل و يحبه أكثر من والديه و نفسه، هو الوحيد من عائلته الذي يَمْتَلِئُ له قلبهُ في حَنايا روحه ودًّا و منزِلا لا يتخلله البُعد مهما حدث بينهما؛ لذلك أردف بأسفٍ:
” أنا آسف يا أُبَيِّ، بس دي حاجة بيني و بينها ”
أومأ بتفهم أخيرًا:
” فهمت، بس اتعامل معاها كويس ”
” ربنا يسهل ”
قالها بلا مبالاةٍ، و استدار لها بعدما ذهب أخوه و طمأن والده، لتنطلق السيارات عائدة للبيوت..
عاد لنبرته الصارمة وهو يخفي جسدها بالجاكيت:
” لو مش ها تستري جسمك عشاني، يبقى على الأقل عشانك، و لا أنتِ بتبقي مبسوطة لما اللي رايح و اللي جاي يتفرج عليكِ ؟ أنا لو كنت شفتك قبل ما تطلعي بيه، أقسم بالله كنت قطعته، ابقى اشوفك لابسة لبس مُجسم تاني، هَعلقك يا منة ”
خانتها عيناها و تعلقت على ملامحه في تلك اللحظات التي يُلبسها الجاكيت دون أدني مقاومة منها تلك المرة، شردت و تساءلت في نفسها
( كيف يُمكن لملامح فائقة الجمال مثل هذه، أن ينبعث منها كل هذا الجحود و الغرور ؟!
كيف يُمكن لملامح بريئة نقية مثل ملامحه، أن تتحول لكتلة قسوة و صرامة لا مُتناهية ؟!
ما الدافع وراء معاملته لي بتلك الطريقة المنفرة ؟!، هل حقًا يبغض الحُبّ و الزواج؛ لذلك يعاملني بتلك القسوة عندما أُجبر عليّ !
لكنه تزوجني بمحض إرادته، لماذا إذًا كل تلك الكراهية ؟ هل أنا استحق ذلك ؟ هل هذا ما يَجنيه قلبي من الدنيا و من الحُب ؟!
يَحصُد في النهاية أذية دامية ؟! )
انتبه لنظراتها المعلقة على وجهه، و تلاقت الأعين للحظات، فامتد التواصل البصري بينهما رغمًا عنهما، رفضت مُقلتيها الجلوس في تَأدبٍ و أدمعت على الفور لتُظهر من خلفهما شخصيتها الرقيقة الطيبة التي تدمع لأقل الأشياء، و كأنها بدموعها تسأله عن سبب قسوته عليها، بينما هو أحس في تلك الدقائق، بقوته تضعف أمام دموعها، فهو في الحقيقة ليس من طبعه الصرامة، و لكن غروره و حبه لذاته و إعجابه الشديد بها مؤخرًا، أصبح خارج عن سيطرته، و لم يعد بإمكانه السيطرة على نفسه أو التحكم في كبريائه الذي وصل لأعلى ذروةٍ لا يمكن لأحدٍ آخر تحملها..
داعبت الرياح خصلات شعرها الذي يخفي جبهتها أو بمعنى أوضح يُخفي الندبة التي سببها لها والدها من كثرة تعنيفه لها في صغرها.
لاحظت عيناه تلك الندبة، فتساءل باستفسارٍ عفوي:
” أنتِ مخبوطة هنا ؟ ”
رفعت يدها تُهندم خصلاتها لتخفي عنه الندبة، قائلة بتوتر:
” ايوه ”
” امتى ؟ ”
تساءل بها وهو يُبعد يدها و يُبعد خصلاتها عنها، فيبدو أنه تناسى الوعد الذي قطعه مع نفسه، وهو ألا ينجذب لها بأي شكلٍ كان، و عليه التركيز في شيءٍ واحدٍ فقط، وهو اختراعه الذي سيسعى جاهدًا لتنفيذه، أما هي استردت وعيها بصعوبة مُدركةً أنه عندما يلين معها في الحديث، يأتي بعد لحظات و يتحول لشخصيته البغيضة التي اكتسبها من الكِبر و الغرور، و على هذا الأساس يتعامل معها؛ لذا لن تدع ذلك يحدث و تلين أمام لمسات أنامله لجبهتها، لن تسمح لنفسها بالضعف أمامه ثانيةً، فلتدفن حُبَّها له و تمضي قدمًا في حياتها هي الأخرى، هذا إن كانت لها حياة يجب أن تعيشها كبقية الخلق.
ردت ببرودٍ مزيف:
” ملكش دعوة ”
تمرد على لين قلبه بقولها الذي نجح في استرجاعه لوعيه، و هتف ببرودٍ مماثل:
” عاوزك تفهمي كويس و تحطي في دماغك، إني عمري ما هضعف قدامك، فا متقلقيش.. قُصي هو قُصي مش هيتغير عشان حد، و أنتِ ها اطلقك..
بس امتى، دي بتاعتي متسأليش فيها ”
ارتعشت شفتيها بدموعٍ أرسلت لهما هزةً، فأخذا يرتعشانِ ببكاءٍ مكتومٍ بداخلها على وشك الانفجار في أي لحظةً، و بمحاولة جاءت ناجحة بصعوبة، استطاعت التحكم في عينيها؛ فحبست فيهما الدموع، و في شفتيها؛ فأطبقت عليهما بقوةٍ تخفي الارتعاش الواضح بهما..
قالت بهمسٍ بدا مهزوز أثر كتمان البُكاء:
” هيبقى أسعد يوم في حياتي، هو اليوم اللي هطلق فيه منك ”
ثُم تركته و اتجهت نحو الدرج الذي هبطت منه لتقف أمام البحر، و قبل أن تخطو بقدمها أول درجة، لوي كاحلها و تعثرت و كادت أن تسقط لولا أن كان مُنتبهًا لها، و لحق بها بذراعه تجاه صدره مع الحرص في ابقاء مسافة بينهما؛ حتى لا يترك العنان لمُخيلتها بأن تتخيل كيفما تشاء وقوعه في حُبها..
قال ساخرًا:
” ابقي خدي بالك بعد كده، مش كل شوية هـَلحقك، مش حلاوة هي كل شوية عاوزة منها ”
ابتعدت عنه لتقول بحدةٍ و استنكارٍ لقوله:
” و مَـسبتنيش أقع ليه ؟ طالما أنا مش فارقة معاك، كُنت سيبني أقع ”
رمقها لثوانٍ لا يعرف بما يجيب، وهو في الحقيقة شعر بأن قلبه الذي يتعثر مع تعثر قدمها، و لكن لن يسمح لنفسه بانتصار قلبه عليه مهما كلفه ذلك..
رد بعدم اهتمام مصطنع:
” أنتِ فعلًا مش فارقة معايا، كل اللي فارق معايا الجاكيت بتاعي، ده ماركة عالمية ده خدي بالك ”
زفرت بضيقٍ، و ولت ظهرها له تُكمل صعودها للبر وهو وراءها ينظر بعينيه هنا و هناك على المارة، يتفحص عيونهم إذا كانت تنظر عليها، فبرغم إخفاء الجاكيت لمفاتنها، و لكن تلك الغيرة التي نضجت فجأةً في دمه ولا يعرف من أين جاء بها تجاهها، هي التي تتحكم فيه الآن.
استدارت له تقول باصرار بعد رؤيتها لسيارة زياد واقفة أمام متجر لبيع لعب الأطفال:
” أنا هروح مع هاجر ”
” هو أنتِ متنيلة هاجر ! هي هاجر كانت جوزك و أنا معرفش ! ”
رد بها بغضبٍ عليها ثانيةً، فقالت في عنادٍ:
” مش هركب معاك، بتخنق و بحس إني مش قادرة أتنفس لما بكون معاك في مكان واحد ”
” معلش ابقي افتحي الشباك يجيب لك هوا ”
قالها وهو يشدّها من يدها رغمًا عنها، و فتح باب سيارته يدفعها بداخله، ثُم صفق الباب في وجهها، و اتجه هو لمقعد القيادة بعدم اهتمام لنظراتها التي توحي بأنها تناقش خطة الآن في رأسها للقضاء عليه..
نزعت الجاكيت بتعصُبٍ، و وضعته جانبها هاتفةً بحدة:
” أنا اللي غلطانة إني مجيتش بعربيتي، و خد الزفت بتاعك ده، و ياريت بعد كده متدخلش في اللي ملكش فيه ”
باشر بتحريك سيارته و الانطلاق بها، و لكنه توقف فجأةً و رمقها بنظرةٍ قاتلةٍ أربكتها من آخر جملة هتفت بها..
” قولتِ إيه ؟ ”
استجمعت شجاعتها، و أردفت بلا مبالاةٍ له:
” اللي سمعته ”
ضرب بيده على المقود تزامُنا مع قوله الغاضب:
” يعني عاوزاني أشوف جسمك و * باينين و اتخرس ! ليـه هو أنا بقرون زي جوز أمك !”
” أنت قليل الأدب و إنسان مش محترم أصلًا و الوحيد في عيلتك اللي مش متربي ”
صاحت بها في غضبٍ مماثل، فقال وهو ينطلق بالسيارة دون أن يُعيرها اهتمامًا:
” أنا معرفش يعني إيه أدب، و حُطي لسانك جوا بوقك بدل ما اقطعهولك ”
لفت وجهها تجاه النافذة، و ذاكرتها تعود للمشهد الذي كادت غيرته أن تقفز من عينيه عليها، فظهر شبح ابتسامة جانب شفتيها، ثُم تلاشت سريعًا كيلا ينتبه لها، بينما هو في تلك اللحظة التي ولّت هي وجهها للناحية الأخرى، اختلس نظرة جانبية عفوية عليها، و أعاد النظر للطريق أمامه، ليسود الصمت بينهما لحين الوصول للمنزل، و عندما توقفت السيارة، ترّجلت منها سريعًا لشقتهما، و اختفت من أمامه داخل الغرفة التي تبيت بها وحدها منذ زواجهما، أي منذ ما يقارب الأربعة أشهر و خمسة عشر يومًا.
دلف للشقة، و ألقى نظرة ساخرة على باب الغرفة الذي أغلق في وجهه، ليقول في نفسه:
” قال يعني هجري وراكِ، و أقولك لا عشان خاطري خليكِ معايا مش قادر أتنفس من غيرك ! غبية أوي و فاكرة إني بفكر فيها وهي ولا على بالي أصلًا ”
جلس أمام التلفاز يُقلب في قنواته بمللٍ شعر به بعد غيابها بالداخل و مرور نصف ساعة لم يتشاجران فيها..
زفر بضيقٍ و مللٍ اكتسح جلسته، قائلًا في تَذمُر:
” هي غابت جوا كده ليه ؟ نامت مثلًا ! و أنا مالي تنام ولا عنها ما نامت خالص ”
زاره النعاس بعد عشر دقائق أخريات، انتظرها فيهن لتخرج و يفجر ملله فيها بالجدال معها حول أي شيء، و عندما مرت الدقائق دون جدوى، امتثل للنومٍ و لم يقدر على النهوض، فنام مكانه.
_________
في بلدٍ آخر، تحديدًا في تركيا..
بدأ ” إبراهيم ” يعود لوعيه من تأثير المخدر الذي أعطاه له أحد أشقائه، و بدأت الرؤية تتوضح أمامه وهو يفتح جفونه بتكاسل أثر التعب، و بعد دقائق من استرجاع كامل وعيه، نهض سريعًا يتأمل المكان من حوله، فوجد نفسه وسط غرفة أشبه بالسجن، و كأنها زنزانة !
اتجه نحو الباب و ظل يطرق بقوة وهو يصرخ عليهم:
” إيميـر بـك.. أوزان ! افتحوا لي الباب، صـالح.. افتح أيها الجبان ! بـوراك.. هل قُطعت ألسنتكم ! افتحوا لي الباب ”
أتاه صوت شقيقه أوزان يقول من خلف الباب:
” الزم الصمت لثلاثة أيام فقط، ثلاثة أيام
” إبراهيم ” و سيطلعك أبي على كل شيء ”
” لم كل ذلك ؟ لماذا تفعلون ذلك بي ؟ هل هان إبراهيم عليكم ؟! ”
قالها وهو يسند رأسه على الباب بدموعٍ، فأجاب شقيقه بقلة حيلة:
” لن أستطيع شرح الأمر لك الآن”
” لماذا ؟ ”
” لا تتعجل بمعرفة الأمر أخي، لكن أريدك أن تعرف أننا فعلنا ذلك لحمايتك ”
صمت لدقيقة يفكر فيما يقوله شقيقه، فوجد نفسه غير مقتنع بالأمر، قال بغضب:
” أعطني هاتفي ”
” لا يمكنني ”
أردف في توسل حقيقي:
” أريد الاطمئنان على ملك، أعلم أنها تبكي الآن، ملك لا تستطيع ممارسة حياتها بشكل طبيعي إلا إذا أخبرتني عن تفاصيل يومها، أرجوك أوزان.. أعطني الهاتف و دعني اطمئن على صغيرتي ”
زفر أخوه بحولٍ منه ولا قوةٍ، و قبل أن يعطِه هاتفه، تراجع في اللحظات الأخيرة قائلًا:
” آسف، لا أستطيع ”
ثُم تركه في كامل حيرته، و غادر.
__________
وصلا كريم و رُميساء للشقة بعد انتهاء الزفاف..
لم تخبره بعد بأمر حملها الذي اكتشفته صباح اليوم، و فضلت اخباره غدًا مع اعداد مفاجأة رقيقة له..
لثم قُبلة صغيرة في باطن يدها، و قال وهو يتجه للحمَّام:
” هدخل أخد دُش ساقع كده، عشان الجو بدأ الحر يظهر فيه لما بعدنا عن البحر ”
ردت وهي تتجه للغرفة، لتخفي اختبار الحمل في مكانٍ آمن:
” دقيقة أغير و أحضر لك لبس ”
قامت بإخفاء الاختبار تحت مَرتبة الفراش، و بدلت ملابسها سريعًا، ثُم اتجهت لخزانة ملابسه و قبل أن تخرج له شيء، رن هاتفه..
توجهت نحوه لترَ المتصل، وجدته برقم مجهول مما تجاهلت الأمر، و قبل دخولها للغرفة، رن الهاتف ثانيةً، ثم مرة ثالثة و كأن المتصل مُصرّ على رد ” كريم ” عليه..
وزعت نظرها ما بين الهاتف و باب الحمَّام، لتستقر أخيرًا على الرد عليه؛ ظنًا منها بأن المتصل ربما يكون أحد أفراد عائلته و شيء ما سيء لقدر الله قد حدث معهم..
” السلام عليكم ”
قالتها بصوتها الرقيق الطبيعي، لتتفاجأ برد من صوتٍ ذكوري يقول:
” و عليكم السلام، مش ده رقم الضابط كريم ؟ ”
” ايوه، أقوله مين ؟ ”
” هو موجود ؟ ”
قبل أن تجيب، خرج ” كريم ” يجفف شعره بالمنشفة، و عينيه تتساءل عما تفعله، فهمست له وهي تُبعد الهاتف عنها:
” واحد صاحبك باين ”
تغيرت ملامحه تمامًا لملامح وجه مُقَطَّب، و على الفور ضم حاجبيه عبسًا، ثُم سحب الهاتف منها ناظرًا لها نظرةٍ ساخطةٍ جعل التوتر يقبع في قلبها، متسائلة بحيرة عن سبب نظرته تلك..
رد على المتصل بنبرة قاسية ولا زال مُقَطَّبُ الْحَاجِبَيْنِ:
” مين ؟ ”
عندما ظهر صوت الطرف الآخر، أغلق في وجهه المكالمة سريعًا، و رمق رُميساء بنظرة صعب عليها تحملها من شدة قسوتها.. ألقى بالهاتف في الحائط فانتفضت من صوت ارتطامه و نظرت له بدموعٍ غير مستوعبه سبب تغيره الكامل هذا..
اقترب منها، فتراجعت هي بخطوة للوراء و قبل الخطوة الثانية شدّها نحوه يرمقها بغيظٍ، ليقول بهدوءٍ مخيف لها:
” أنتِ مين سمح لك تردي على التليفون ؟ ”
ردت بارتباكٍ و بتألمٍ شعرت به من قبضته على ذراعها:
” أصل.. أصل رن كتير، و أنت كُنت في الحمام، فكرت حد من أهلك والله ”
صرخ في وجهها جعل الدموع تهبط على خديها سريعًا:
” اللي أنتِ رديتي عليه ده يبقى ظابط من اللي شغالين معايا يا هانم، و نسوانجي.. نقطة ضعفه الست اللي صوتها حلو، و أنتِ رايحة تردي عليه ولا عاملة اعتبار للجردل اللي متجوزاه ! ”
لملمت شتاتها الذي تفرق بسبب خوفها منه، و قررت المدافعة عن نفسها دون خوف منه، فهي تعلم جيدًا أنه يضعف أمام دموعها، و لن يقدر على مسها بأي أذى؛ لذلك قالت بشجاعة:
” و أنا أعرف منين ؟ و بعدين قولت لك الرقم مش متسجل و فكرته حد من أهلك لما فضل يرن كذا مرة ”
” يرن ولا عن أهله ما رن، بترُدي ليـــه ! أنتِ متخيلة الـ* ده بيقول عليكِ إيه دلوقت ! أنتِ متخيلة إن واحد غير جوزك بيفكر فيكِ دلوقت بشكل دماغك الصغيرة دي مش ها تستوعبوا ! ”
صاحت بدموعٍ رغم شجاعتها:
” و أنا ذنبي إيـه ؟؟ ”
” ذنبك إنك رقيقة، و رقيقة زيادة عن اللزوم كمان، و دماغ ابن الـ* زمانها بتودي و تجيب دلوقتي، أنا اللي محدش يقدر يدوس لي على طرف في الداخلية، يجي واحد * زي ده و بدل ما أقدم استقالتي باحترام، انطرد و توصل للعقاب كمان ”
رمقته باستيعابٍ بطيءٍ، فتابع توبيخه لها:
” ده عامل زي النسوان لتات، و كل اما يقعد مع حد هيقوله أنا اتصلت على كريم و مراته اللي ردت، ده صوتها كذا و باين عليها كذا، عشان كده لابسة نقاب، مخبيها عن الناس عشان صوتها حلو، يا ترى شكلها عامل ازاي، و كلام من ده كتير..
ده واحد شغال معايا من خمس سنين و حافظه كويس، تفتكري بقى أنا هسكت له ! همسكه اقتله فيها، و هعرف أخرج منها لا اعدام ولا سجن، بس هنطرد زيي زي أي واحد ملوش لازمة، و ده مش هاممني خدي بالك، أنا كل اللي يهمني تفكير الـ * ده عنك دلوقت.. ”
أدركت الآن غيرته الجنونية عليها، و أنه رغم عشقه و هوسه بها، لن يتغير و سيبقى كريم المجنون برُميساء، لكنها أيضًا اعترفت لنفسها بحقه فيما يقول و في غيرته عليها، طالما أنه يعرف خصال صديقه السيئة..
همست بأسفٍ، وهي ترفع يدها تداعب وجهه الغاضب:
” حقك عليا، أنا غلطانة بس والله مكنش قصدي، و مش هعمل كده تاني ”
لم يهدأ غضبه، و تابع بقوله الحاد:
” ادخلي جوا دلوقت يا رُميساء، اختفي من قدامي حالًا بدل ما اتهور و أعمل حاجة أندم عليها العمر كله ”
رفعت كتفيها في عدم اهتمام لتهديده، و أردفت:
” أنت وعدتني مش هتمد ايدك عليا مهما حصل ”
رمقها بغضبٍ، و برغم غضبه الشديد أومأ يؤكد على كلامها:
” و تنقطع لو اتمدت عليكِ، بس امشي من قدامي دلوقت عشان أنا على أخري، و غضبي وحش، لما بغضب بنسى مين اللي واقف قدامي ”
ظلت واقفة أمامه، و اقتربت أكثر منه تقول بعنادٍ، فقد تعلمت منه كل شيء في خلال الأشهر المنقضية منذ زواجهما:
” عاوزة أعرف آخر الغضب ده إيه، عاوزة أعرف آخرك يا كريم ”
نظر لها بعينان مستنكرة تتوقد منهما الشرر، فلا الوقت وقت التحدي ولا العناد..
أغلق قبضة يده بإحكامٍ و ضرب بها عرض الحائط في غيظٍ سيطر عليه منها، هاتفًا:
” امشي يا رُميساء من قدامي حالًا ”
” لأ ”
_____________
وصلت الطائرة الخاصة بالعروسين أخيرًا، و التي هبطت في مكانٍ مخصص لها بالقرب من الفندق العملاق، كانت عائشة قد استغرقت في النوم على كتفه، بينما هو ظل يتلو القرآن لحين هبوط الطائرة..
استيقظت بعد رابع محاولة له في إيقاظها، و توجها لأخذ سيارة تصلهما للفندق، استغرقت فقط خمس دقائق للوصول، و بعدما أكمل بدر اجراءات الحجز في الفندق و استلام مفتاح الجناح..
أعطاها المفتاح و أشار نحو الباب بابتسامة عاشقة لها:
” يلا اذكري الله و افتحي الباب ”
زارها التثاؤب و ردت بنعاسٍ:
” هو باب شقتنا ! ”
” أنتِ بتحبي المناهدة ليه، اذكري الله قبل ما تدخلي أي مكان و خلاص ”
” حاضر.. ”
فتحت باب الجناح، لتشهق باعجابٍ واضح بعدما دلفت للداخل و تفحصت المكان بعينيها:
” أوبا ! ده فيه حمام سباحة في النص ! عملوه ازاي ده ! و ايه الورد ده كله ! الله ! ”
وقف يبتسم لها بسعادة على فرحتها الخرقاء، و اتجهت هي تتفحص القلب الكبير المصنوع من الورود الحمراء على الفراش، متسائلة بدهشة:
” طيب لما حاطين ورد على السرير و مش مخليين مكان فاضي عليه، إحنا بقى هننام فين ؟! ”
” في جراج العربيات بتاع الفندق ”
هتف بها وهو على شفا حفرة من الانهيار بسببها، نزع جاكيت بذلته و اقترب منها قائلًا:
” قولتي لي بقى بجامة توم جيري دي جايبنها منين ؟ ”
” من التوحيد و النور، بسعر الجملة.. عجبتك ؟ لو عجبتك ها اجيب لك واحدة نفس الخامة ”
برم شفتيه و رفع حاجبيه وهو يومئ برأسه:
” جدًا، وريني بقى كده أشوف الخامة بتاعتها، لازم اطمن برضو قبل ما اشتري الحاجة ”
ابتعدت عنه تقول بحماسٍ جعله في أوج صدمته وهي ترفع الفستان و تنزع البنطال أمامه، ليظهر من تحته بنطال آخر لبجامة أخرى عليه رسمة كرتونية لسبونج بوب:
” امسك كده و حاول تحس بنعومته، يستاهل فلوسه والله ”
تجاهل ما قالته، و قال بصدمة و عينيه معلقة على البنطال الثاني:
” إيه اللي أنتِ عملاه في نفسك ده ! ”
” ده بقى قماشته أجمد، و أغلى في السعر على فكرة”
” هو أنا قاعد في سوق الجمعة ! إيه اللي أنتِ بتعمليه ده ليلة فرحنا ! أنتِ ناوية تشليني ؟ ”
قال جملته الأخيرة، و جذبها نحوه رغمًا عنها يقول بغيظٍ منها جعلها لا تستطيع السيطرة على نفسها من كثرة الضحك:
” أقسم بالله إن ما اتعدلتِ لأعدلك”
سكنت و هدأت أمامه لدقائق شعرت فيهم بالتوتر و الاستحياء من نظراته المشتاقة لها..
قال بنبرة عاشقة قبعت في حلقه حينما دق قلبه لها أول مرة:
” تاللهِ و باللهِ و واللهِ، إنّ الفؤاد و رَجُل الفؤاد اشتاق لمُهجته ”
___________♡
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية يناديها عائش)