روايات

رواية أحببتها ولكن 7 الفصل الثاني والسبعون 72 بقلم بيسو وليد

رواية أحببتها ولكن 7 الفصل الثاني والسبعون 72 بقلم بيسو وليد

رواية أحببتها ولكن 7 البارت الثاني والسبعون

رواية أحببتها ولكن 7 الجزء الثاني والسبعون

رواية أحببتها ولكن 7 الحلقة الثانية والسبعون

_______________________
يَعيشُ المَرءُ ما اِستَحيا بِخَيرٍ،
وَيَبقى العودُ ما بَقِيَ اللِحاءُ،
إِذا لَم تَخشَ عاقِبَةَ اللَيالي،
وَلَم تَستَحيِ فَاِفعَل ما تَشاءُ.
_بشار بن برد.
_______________________
في بعض الأوقات تُكشف حقا’ئقٌ مُخـ ـفىٰ..
وما هي سوى بمثابة زِر الإنذ’ار لدي المرء لإتخاذ القرا’رات الطا’ئشة والأفعا’ل الهو’جائية، قر’اراتٌ مصـ ـيرية تؤ’خذ في لحظة تسَّرُع تَكُن بداية فتـ ـح أبواب الجحـ ـيم في أوجه الجميع..
<“لحظةٌ عـ ـصيبة وخو’فٌ قا’ئمٌ،
وما سوى تلك اللحظة إلا الإستعداد.”>
كان ينظر إليها وهو لا يُصدق ما تسمعه أُذُنيه والصد’مةُ حليفتهُ أمام “برليـن” التي كان الخو’ف يد’ب في أوصا’لها جاعلًا إياها تُطا’لعهُ برُ’عبٍ شـ ـديد وترقبٍ جلي على تقا’سيم وجهها، لاحظت أشتـ ـداد أعصا’به وعرو’قه التي بُرِزَت وتشـ ـنُج جسـ ـده الذي كان يُحاول في كبـ ـح غـ ـضبه حتى يعلم سـ ـبب مجيئه إليها في غيابه، أبتعـ ـدت قليلًا عنهُ بخو’فٍ وهي تنظر إليهِ تزامنًا مع شعورها بنبـ ـضات قلبها التي تعا’لت داخل قفـ ـصها الصد’ري لتسمعه يقول بنبرةٍ حا’دة وهو يطـ ـبق على أسنانه بغـ ـلٍ واضحٍ:
_جالك ليه؟ وقالك إيه؟ وعملتي إيه؟ بسرعة قبل ما تطر’قع مِني وأعمل حاجة مند’مش عليها لأول مرة فحياتي.
تمَّـ ـلك الخو’فُ مِنها وتزايد غـ ـضبه بداخلهِ أكثر وهو ينظر لها بمقلتين تكتـ ـسيهما الحُـ ـمرة التي تُشابه جمـ ـرة النا’ر الملـ ـتهبة التي لن تهدأ إلا بإلتها’م المدينة بأكملها؛ فيما نظرت هي إلى والدتها بخو’فٍ شـ ـديد تستـ ـغيث بها، لتراها تُشجعها على قول ما حدث لهُ مشيرةً إليها دون أن تتحدث لتعاود هي النظر إليهِ مِن جديد ليرى الخو’فُ باديًا على تقا’سيم وجهها وهي تنظر لهُ ليعلم أنها خَـ ـشَت مِنهُ كما المتو’قع ليحاول تهدأ نفسه قليلًا عن زي قبل ليزفر بعـ ـمقٍ محاولًا لجـ ـم إنفعا’لاته بداخله ثم بعد هُنية نظر إليها وقال بنبرةٍ أكثر هدوءًا عن سابقتها:
_”برليـن” لاز’م تحكيلي اللي حصـ ـل ومِن غير ما تخبـ َي عنّي حاجة لو سمحتي عشان أنا مش هسكوت فكُل الأحوال حتى لو إيه اللي هيحصـ ـل، أنا سامعك أحكي لو سمحتي.
حسنًا لَم يَعُد أمامها خيارًا آخر الآن فقد حا’صرها وضغـ ـط عليها للتحدث وقول ما حدث لهُ دون أن تُخـ ـفي شيئًا وهذا أمرًا محتو’مًا، بدأت تَقُـ ـصُ عليهِ ما حدث ولِمَ جاء وماذا قال بالتفصـ ـيل ليكون هو في هذه اللحظة الطرف المستمع بكُل تأكيد حتى أنهـ ـت حديثها وهي تنظر لهُ بعينين تُحطيهما الخو’فُ والقـ ـلق لتراه قد عاد لسابق عهـ ـده وتمَّـ ـلك الغضـ ـبُ مِنهُ لتَمُد كفها تُمسك بكفه قائلة بنبرةٍ قلـ ـقة غير مطـ ـمئنة:
_”مـينا” أرجوك عشان خاطري لو بتحبني بجد متعملش حاجة تئذ’يك، أنا عارفة إنه بيعمل كدا عمـ ـدًا عشان يضا’يقني ويجر’حني بس واللهِ أنا مش مدياله أي أهتما’م.
نظر إليها هو في هذه اللحظة بعدما تبدلت تقا’سيم وجهه في هذه اللحظة إلى مئة وثمانون درجة قائلًا بنبرةٍ حا’دة:
_وأنا مش هعد’يها، مش هو را’جل؟ يفرجني نفسه ولو قِدِ’ر يسـ ـد قصادي يوريني عرض كتا’فه الـ******* دا.
_”مـينا” أرجوك بلاش.
توَّسلتهُ والخو’فُ يحتضن قلبها لتسمعه يرد عليها بقوله الجا’د قائلًا:
_أرجوكي أنتِ يا “برليـن” أسكوتي عشان اللي موديكي فدا’هية دلوقتي هو سكوتك عليه، دا عايز يتر’بى وأنا ما هعد’يها النهاردة.
أنهـ ـى حديثه ثم نهض ينتو’ي الذهاب لتقف هي فورًا وهي تنظر لهُ قائلة بنبرةٍ مز’عورة:
_لا عشان خاطري، يا ماما تعالي قوليله حاجة ساكتة ليه.
نظرت إلى والدتها بعد أن أنهـ ـت حديثها التي كانت تقف بالقربِ مِنهما لينظر إليها “مـينا” كذلك يراها تقف صامتةً لا تتحدث، تفهّم نظرتها ولذلك ألتفت ينظر إلى “برليـن” التي كانت تتمسـ ـك بهِ تأبى تركه خو’فًا عليهِ مِنهُ فهو لا يعلم شـ ـر الآخر وكيف يُفكر ليقم هو بإبعا’د كفها القا’بض على ر’سغه ليشعر بإزد’ياد قبـ ـضتها على ر’سغه لينظر إليها نظرةٍ ذات معنى ليشـ ـد قبـ ـضته على ر’سغها وهو يضغـ ـط بعنـ ـفٍ عليهِ عـ ـمدًا كي تتركه فهذه أسلم الطُرق إليهِ الآن، رأى تقا’سيم وجهها تنكمـ ـش أ’لمًا ولَكِنّ قررت أن تتحـ ـمل هذا الأ’لم ولا تتركه يذهب لتنفـ ـيذ ما يُريده لتتحدث “مـيرڤت” في هذه اللحظة قائلة:
_سيبيه يا “برليـن”، هو صح منعا’نك لِيه هو اللي غـ ـلط المرة دي جه بكُل بجا’حة وهـ ـددك وسط الناس منعرفش المرة الجاية هيعمل إيه واللي خلاه عرف إن “مـينا” مسجو’ن دا هيديه دا’فع أكبر إنه يحاول يضا’يقك ويخر’ب حياتك، سيبيه يروح ير’بيه وهو ميعرفش إنه خرج أحسن ما الخبـ ـر ينتشـ ـر والتاني يهر’ب زي الحر’يم.
في هذه اللحظة نظرت لهُ “برليـن” بمُقلتي تلتـ ـمع بهما العبرات ترجوه أن يعود إلى رُشده ليقول بنبرةٍ هادئة معا’ندًا إياها:
_كلامها كُله صح، بتفهم وعارفة البشـ ـر كويس أوي حتى لو كانوا ملا’يكة بجنا’حات ووشوشهم بر’يئة ونوا’ياهم بيـ ـضا، البشـ ـر دول أخبـ ـث مخلو’قات ربنا على الأرض أسمعي مِني أنا شوفت وعيـ ـشت وعرفت وأتعلمت، نتغد’ا بيه إحنا قبل ما يتعشـ ـى هو بينا، مش هر’حمه يا “برليـن” وأبعـ ـدي عشان معملش فعل غبـ ـي يئذ’يكي.
أنهـ ـى حديثه تزامنًا مع إبعا’د كفها عنهُ بعنـ ـفٍ بعدما قام بغـ ـرز أظا’فره بداخل ذراعها ليُجـ ـبرها على تركه ولذلك فو’ر أن تركته خرج هو بسرعة البر’ق متجا’هلًا إياها؛ فيما خرجت هي خلفه وهي تصـ ـيح بهِ وتقوم بمناداته بنبرةٍ عا’لية ترجوه أن يتوقف ولَكِنّ بدون أيا فائدة، شعرت باليأ’س والخو’ف يحتضنها لتعاود الولوج إلى الشقة مِن جديد مُـ ـغلقةٍ الباب خلفها وهي تنظر بعينين ملتمعتين إلى والدتها التي ضمتها إلى د’فئ أحضانها ممسِّدةً على خصلا’تها برفقٍ وهي تقول بنبرةٍ هادئة حنونة:
_سيبيه يا “برليـن”، سيبيه ومتخا’فيش عليه هيكون كويس، لازم يعمل كدا عشان الز’فت دا ميحاولش يقرّبلك تاني، كلها أسبوع وتتجوزوا ومش عايزين ييجي هو يبو’ظ كُل حاجة كدا ويخرّ’ب فرحتك يا حبيبتي، صدقيني هو دا الصح اللي المفروض “مـينا” يعملُه ومتخا’فيش عليه، “مـينا” ميتخا’فش عليه يتخا’ف مِنهُ.
ضمتها “برليـن” بضـ ـعفٍ وقد تسا’قطت عبراتها على صفحة وجهها دون أن تتحدث فخو’فها عليهِ أكبر مِن أي شيءٍ آخر فلَم تسعد بعودته حتى يذهب هو ويتشا’جر مع الآخر الذي لا ينتو’ي على الصمت إلى بإر’تكاب الآخر جر’يمةٌ فـ ـجة في حـ ـقه..
وبعد مرور الوقت.
كان “مـينا” يقود سيارته التي قد أخذها مِن أسـ ـفل بِنْاية “برليـن” متوجهًا إلى هذا الحقـ ـير وهو يتو’عد لهُ محاولًا لجـ ـم غضـ ـبه لأكبر وقتٍ ممكن حتى يصل ويبدأ في تلقـ ـينه در’سًا قا’سيًا، نظر إلى شاشة هاتفه يتتـ ـبع خط السير وهو يرى أنهُ يقترب مِن هدفه حيثُ مكانٍ أشبه بالصحـ ـراء المنعز’لة عن العالم لا يعلم ماذا يفعل هُناك ولَكِنّ هو متوجهًا لغر’ضٍ واحد فحسب لا أكثر وحينما يُلبيه سيعود وكأن شيئًا لَم يَكُن..
دقائق معدودة قبل أن يوقف سيارته بعـ ـنفٍ ليتوقف أمام الآخر مباشرةً والذي أشاح برأسه إلى الجهة الأخرى مغمض العين بعد أن أنتشـ ـرت الرمال بكل مكان بسبب إحتكا’ك إطارات سيارته بعنـ ـفٍ في الأرض، وفي جو’ف الليل ووسط هذا الغب’ار الكثيـ ـف وإضاءات السيارتين يترجل هو مِن سيارته وهو ينظر إلى الآخر نظرة الذ’ئب الجا’ئع، قطـ ـع المسافة الفا’صلة بينهما بخطى سريعة ليتوقف أمامه يُتابعه دون أن يتحدث حتى بدأ الآخر يَسعُل بسبب شـ ـدة الغبا’ر المحيط بهم ليلتفت إلى الآخر في لحظةٍ حا’سمة جعلت الأمور تزداد شحو’نتها عن زي قبل، حاول رؤية “مـينا” الذي لَم يمنحه الفرصة وكان يُسـ ـدد إليهِ ضر’بته القو’ية في وجهه..
تأ’لم على أ’ثرها “مـاركوس” الذي وضع كفه مكان لكـ ـمة الآخر متأو’هًا ليشعر الآخر بالزُ’عر وقد ترك “مـاركوس” وحيدًا وفَـ ـرّ ها’ربًا أسـ ـفل نظرات “مـينا” الذي أبتسم وهو ينظر إلى أ’ثره ليُصد’ر صوتًا مِن بين شفتيه متأ’ثرًا وهو يقول:
_يا حرام صاحبك خـ ـلع أول ما خدت البو’كس وجري زي العبـ ـيط وسابك توا’جه مصـ ـيرك، ونعمة الصحوبية.
أستقام “مـاركوس” في وقفته وهو ينظر لهُ يُحاول رؤية معالم وجهه التي كانت غير واضحة بسبب إضاءة السيارة خلفه والغبا’ر المحيط بهم ليقول بنبرةٍ سا’خرة:
_متقـ ـلقش هتشوفني متستعجلش على رزقك أوي كدا.
_أنتَ مين يا جدع أنتَ وعايز إيه أنا معرفكش.
هكذا قال “مـاركوس” بنبرةٍ جا’دة وهو ينظر لهُ ليأتيه جواب “مـينا” الذي عاد يُسـ ـدد إليهِ لكـ ـمةٌ أخرى أقوى مِن سابقتها وهو يقول بنبرةٍ با’ردة:
_حظك الأسو’د فالحياة، شوف أذ’يت مين عشان كدا عدادك بدأ يصفَّـ ـر دلوقتي.
سقـ ـط الآخر أرضًا وهو يتأ’لم ليُكمل “مـينا” حديثه وهو ينحني بجذ’عه لهُ قائلًا بنبرةٍ حا’دة متو’عدة:
_جوز “برليـن” قريبًا معاك يا رو’ح أُمّك، قتا’ل القـ ـتلى معاك يا حـ ـيلة أُمّك؛ روحت عملتلي فيها را’جل عليها مش كدا؟ والظا’بط اللي و’قعته هي عشان بتلـ ـف على حل شعـ ـرها خرجلك يا حيـ ـلتها لو را’جل سـ ـد.
أنهـ ـى حديثه وهو يُعاود لكـ ـمه مِن جديد بواحدة أقوى مِن سابقتها ليعـ ـلو تأ’وه “مـاركوس” عن زي قبل وهو يضع كفه على موضع اللكـ ـمة قائلًا بنبرةٍ متأ’لمة:
_معملتش حاجة دي ***** بتفتر’ي عليا كد’ب، أنا مروحتلهاش هي اللي بتجري ورايا ومقر’طساك.
دام الصمت المكان فجأة فيها كان “مـاركوس” متو’ترًا مِمَّ ينتوي عليهِ “مـينا” ولذلك حينما لَم يجد الرد على حديثه أبعد كفيه عن وجهه وهو يختلس النظر ليُفاجئه “مـينا” بإسقا’ط كفـ ـه على صفحة وجهه بصـ ـفعة قو’ية صدح صوتها في أرجاء المكان تليها لكـ ـمة أخرى ور’كلة في البطـ ـن ليعلـ ـو تأ’وهاته ترن في أرجاء المكان متأ’لمًا بشـ ـدة ليصر’خ بهِ “مـينا” بغـ ـضبٍ جم قائلًا:
_اللي بتغـ ـلط فيها دي هتبقى مراتي وأنضـ ـف مِنك ومِن عيلتك كُلها يا دلد’ول أُمّك يا عد’يم الشخصية والرجو’لة يعني ضا’فرها ميجيش حاجة جنبك عشان أنتِ رُ’خصك وصل تحت رُ’خص التراب اللي تـ ـحتك دا، متبقاش *** وتعلـ ـق ****** على غيرك مش رجو’لة دي برضوا.
أستقام “مـينا” في وقفتهِ وهو يأخذ أنفا’سه وينظر حوله تاركًا الآخر يتأ’لم ويتو’عد لهُ بالهلا’ك الممـ ـيت ليعاود النظر لهُ مِن جديد لبرهةٍ مِن الوقت ثم قال بنبرةٍ با’ردة:
_الر’كع على أُمّك اللي معرفتش تر’بي طّـ ـلعت واحد مبهد’ل بنا’ت الناس وما’سح بيها الأرض وفاكر دي شطارة ورجو’لة، تصدق بالله أنتَ متستا’هلش بس إنها تشـ ـفق عليك تعرف كدا؟ بس تمام أنتَ روحت خدت اللي شبهك عشان دا آخرك وأنا خدت اللي عا’يرتها بالخـ ـلفة وأنا بقولهالك يا “مـاركوس” وعايزك تحطها حلقة فو’دنك عشان هتفتكر الكلام دا بعدين … اللي خدتها بيتك وعاملتها معاملة الخد’امين وعا’يرتها وخليت اللي ميسواش يد’وس عليها أوعدك أنا هعـ ـيشها ملكة، كل طلباتها متاحة ولو عندها مشـ ـكلة فالخـ ـلفة هعا’لجها مش عشان أنا عايز أخـ ـلف بالعكس، أنا هعمل كدا عشانها هي وعشان متحسش بالنقـ ـص اللي جه واحد جر’بوع زيك حسسهو’لها، ولو العلا’ج مجابش نتيجة مش مشـ ـكلة أنا كدا كدا مش فا’رقلي حاجة قد إنها هتكون معايا لا أكتر ولا أقل بس عشان تبقى عارف لو حمـ ـلت وقتها أنتَ عارف إيه اللي عايز أقولهولك..
_وعلى العموم أنتَ بقيت حشـ ـرة بالنسبة ليها أنتَ مش فا’رقلها برُبع جنيه، بس تعرف حاجة برضوا؟ أنا هاخد الد’لع والحُبّ والحنية كلها مِنها، يعني؛ هعيـ ـش العيـ ـشة اللي أنتَ ز’قيتها بر’جلك، وأنا على العهـ ـد بيني وبينك ربنا لتبقى هي عا’يشة عيـ ـشة مفيش مِنها ٢ وأنتَ هتكون بتجري ورا السنيورة بتاعتك فالمحا’كم بعد ما تاخد اللي وراك واللي قدامك كُله وتخليك على الحد’يدة، بس دا هيكون أكبر درس ليك يا “مـاركوس” عشان تعرف إن اللي يبقى معاه ملكة ويخو’نها بسحـ ـلية مبيتهنا’ش فحياته كتير..
كان “مـاركوس” ينظر إليهِ والغضـ ـب باديًا على تقا’سيم وجهه والغـ ـل يحتضن قلبه تجاهه ليرمقه نظرةٍ حقو’دية متو’عدة، فيما أبتسم لهُ “مـينا” وألتفت كي يعود إلى سيارته ولَكِنّهُ قد توقف وألتفت برأسه ينظر إلى “مـاركوس” الذي كان أنفه ينزُ’ف وكذلك شـ ـفته السُفـ ـلى ووجهه يعتـ ـليه بعض الكد’ما’ت الخـ ـفيفة المصحوبة باللو’ن البنفـ ـسجي ليقول “مـينا” بنبرةٍ هادئة مستـ ـفزة مصحوبة ببسمةٌ وا’سعة:
_متنساش تعملي فولو على الانستجرام عشان تتابع على طول بقى.
أنهـ ـى حديثه وهو يومض جـ ـفنه الأ’يمن لهُ بخـ ـفةٍ مبتسم الوجه ثم تركه وذهب إلى سيارته التي أستقلها مِن جديد ورحل تاركًا إياه في الصحـ ـراء الوا’سعة وحيدًا يوا’جه مصـ ـيره كيفما يشاء وهو يشعر بالر’احة تغمـ ـر قلبه ليُطلق زفرة قو’ية يُخر’ج بها مشاعره السلـ ـبية، نظر إلى خاتم خطبته الذي يمكث ببُنصرهِ في يده اليُـ ـمنى قليلًا بوجهٍ مبتسم ليُقرب كفه مِن فمهِ يُلثم الخاتم بِقْبّلة هادئة ثم عاد ينظر إلى الطريق أمامه مبتسم الوجه.
_______________________
<“أراد الفـ ـتى الأ’مان ملـ ـجًأ إليهِ، وصاحب الدار كان الخـ ـطر الأكبر.”>
التوحد لرُبما يد’فع المرء إلى العديد مِن الأفعا’ل الغير متوقعة..
أكبر دوا’فع المرءُ لإتباع غا’ياته تجا’هل مَن حوله إليهِ عمـ ـدًا، دوا’فعه كثيرة وغا’ياته عديدة وخو’فه قليلٌ ونفسه أكبر دوا’فعه؛ نقـ ـطة الصفر، نقـ ـطة سو’دا’ء بداية لهلا’كه الممـ ـيت..
كان يُلاز’م غرفتهِ مُغـ ـلقًا بابها بإحكا’مٍ جالسًا على طرف فراشه مستندًا بذراعيه على فخـ ـذيه شارد الذهن قليل الحيلـ ـة مر’يضٌ خـ ـفي، يجلس ويستمع إلى شجا’ر والديه النا’ري في الخارج وهما يصر’خان ببعضهما البعض لا يعبئان إلى هذا الماكث في الداخل شارد الذهن يُحاول تما’لُك نفسه قدر ما أستطاع، يضغـ ـط بعنـ ـفٍ على الكرة المطا’طية ويُحرك قدمه بعنـ ـفٍ وصر’خاتهما ترن في أذنيه بلا توقف كالأنغام الصا’خبة في سهرةٍ ليلية مجنو’نة..
اليوم عَلِمَ بأجتيازه لإختبارات العام بعلامة جيدة سعـ ـى لأجلها وكان مِن المفترض أن يسعد ويُسعد والديه معهُ ولَكِنّ بدلًا مِن ذلك كلاهما فضَّل الشجا’ر والصر’اخ دون أن يُعطيانه أيا أهمية، تَلَـ ـفَت أعصا’به ولَم يَعُد يتحـ ـمل الكثير فقد فا’ض بهِ بكُل تأكيد، نهض بعنـ ـفٍ وأتجه نحو باب غرفته كالقذ’يفة يقم بفتـ ـحه ليسمع صر’اخهما بشكلٍ أوضح وأعلى يُعا’ندان بعضهما البعض ليصر’خ بهما بعلـ ـو صوته بعنـ ـفٍ شـ ـديد قائلًا:
_أسكتوا بقى كفاية !!.
ساد الصمت فجأة في المكان بعد أن أمرهما بالسكوت لينظرا إليهِ بتعجبٍ مستنكران فعلُه، فيما كان هو يقف أمامها ينظر إليهما لا’هثًا وصد’ره يعلـ ـو ويهبـ ـط بعنـ ـفٍ وعرو’ق عنـ ـقه بارزةً بسـ ـبب كثرة إنفعا’لاته ليُكمل صرا’خه قائلًا:
_أنتوا مبتز’هقوش !! كُل شوية خنا’ق وز’عيق وقر’ف أنا تـ ـعبت ومبقتش قا’در أتحمـ ـل أكتر مِن كدا، بتخـ ـلقوا أي حاجة عشان تتخا’نقوا عليها مينفعش يعدي يوم واحد بس مِن غير ز’عيق !! أنا أعصا’بي تـ ـعبت كفاية بقى أر’حموا اللي جابوني مبقتش متحمـ ـل !!.
أنهـ ـى صر’اخه وهو يُمسك بكُل ما تطو’له يده يُـ ـلقيه بعـ ـنفٍ على الأرض ليعلـ ـوا صو’ت إنكسا’ره بعد أن أ’علن عن عد’م السيـ ـطرة على نفسه، فيما تفاجئا كليهما مِن تصرفاته وأبتعدا عنهُ يتفا’دا الزجا’ج الذي يُكـ ـسر بشكلٍ متواصل دون توقف وهو يصر’خ بهما بعلـ ـو صوته يأمرهما بالتوقف بعد أن فشـ ـل في السيـ ـطرة على نفسه وثبا’ته، كانا في صد’مةٍ مِن أمرهما وهما يرانه بهذه الحالة للمرة الأولى، فيما ذهب هو وتركهما وحدهما في المنزل وخرج ينتوي الذهاب ولربما يكون ذهاب بلا عودة.
_______________________
<“بدايةٌ جديدة أفضل مِن سابقتها،
ولحنٌ جديدٌ يُعزف على أوتار الحُبّ.”>
دائمًا البداية مِن أولى سطورها أفضل مِن غيرها..
بدايةٌ جديدة تُكتَب لطرفٍ فقد الشعور بالأ’مان؛ فقـ ـد الحياة، فقـ ـد السعادة، فقـ ـد الأ’من الذي كان يسعـ ـى للحصول عليهِ، بداية جديدة أفضل مِن سابقتها وسطرٌ جديد يُكتَب..
لحنٌ جديد يُعزف على أوتار الحُبّ وحبيبٍ آتٍ مِن بعيد يُزيل ضبا’ب قـ ـلب فتى أر’هقتهُ برو’دة المشاعر والجفا’ء الذي جعل رو’حه تُز’هق..
في أُمسية اليوم الموالي..
كان “وهـيب” يجلس على الأريكة الصغيرة ويجاوره “يـزيد” الذي كان يعـ ـبث في هاتفه، خرجت زفرة قو’ية يا’ئسة مِن “وهـيب” الذي أبعد الهاتف عن أُذُنه قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_”مُـهاب” قا’فل تليفونه مِن الصُبح معرفش ليه.
جاوبه “يزيد” بنبرةٍ هادئة وهو ينظر إلى هاتفه قائلًا:
_عادي يا “وهـيب” مش جديدة علينا، تلاقيه شـ ـد معاهم تاني وهو بطبيعته لمَ بيضا’يق بيبعـ ـد ويرجع تاني، شوية وهيفـ ـتح موبايله متقلـ ـقش.
أعتدل “وهـيب” في جلستهِ ليوازي موضع رفيقه ينظر لهُ قائلًا بنبرةٍ تملؤها القـ ـلق:
_بس المرة دي أنا خا’يف عليه أوي يا “يـزيد” معرفش ليه، جوايا شعور مش مر’يحني المرة دي أنا قلقا’ن عليه أوي.
نظر لهُ “يـزيد” نظرةٍ ذات معنى بعد أن جـ ـذبت إنتباهه نبرة القلـ ـق البادية على صوت رفيقه الذي تبدلت تقا’سيم وجهه حينما أخبره بخو’فه على رفيقه، دام الصمت بينهما قليلًا ليبدأ هو بالشعور بالقـ ـلق كذلك لينظر إلى صديقه مرةٍ أخرى قائلًا:
_أرجع جرّب معاه تاني كدا، يمكن يكون فتـ ـح.
أعاد “وهـيب” فعلته مِن جديد وهو يُحاول الوصول لهُ ليرى النتيجة كسابقتها لينظر إلى “يـزيد” قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_نفس الحوار برضوا، أسيبله رسالة صوتية؟.
هكذا أقترح عليهِ “وهـيب” بنبرةٍ متسائلة ليتلقى الرد سريعًا مِن الطرف الآخر الذي شجعه على فعل ذلك ليترك “وهـيب” إليهِ رسالة صوتية يقول بها:
_”مُـهاب” بعد إذنك إفتـ ـح الموبايل أنا و “يـزيد” قلقا’نين عليك يا صاحبي تليفونك أتقفـ ـل مرة واحدة مِن غير ما تعرفنا حتى، لو فيك حاجة متقعدش لوحدك وتعالى أقعد معانا إحنا فالكافيه دلوقتي عشان الشغل النهاردة كتير عن كُل يوم، رجاءً يا صاحبي لو فيك حاجة تعالى متسلـ ـمش نفسك لد’ماغك عشان متلاقيش نفسك ر’امي نَفسَك فالهلا’ك ومفيش مشا’كل ملهاش حل أنتَ أقوى مِن كدا يا صاحبي.
أنهـ ـى حديثه ومِن ثم نظر إلى صديقه الذي كان يستمع إليهِ بهدوءٍ ليقول بنبرةٍ متسائلة:
_تفتكر هيسمعها على طول وييجي؟ ولا هيكبر د’ماغه ويعا’ند ويمشي ورا د’ماغه … بقى يصـ ـعب عليا أوي بجد برغم كُل حاجة حواليه متوفرة عشان تر’يَّحُه بس مش مر’تاح، وللأسف أبوه وأُمّه مش واخدين بالهم إنهم بيد’مروه نفـ ـسيًا، اللّٰه أعلم عمل إيه المرة دي أقلها بيكـ ـسر حاجة عشان نا’ره تبر’د معرفش المرة دي كـ ـسَّر إيه.
زفرة قو’ية خرجت مِن جو’ف “يـزيد” الذي أغـ ـلق هاتفه ومسـ ـح بكفه على خصلا’ته وهو يرد عليهِ بيأ’سٍ شـ ـديد قائلًا:
_مش عارف بجد، مش عارف بيستفادوا إيه لمَ واحد زيه نفـ ـسيته تتعـ ـب بالشكل دا لدرجة تخليه يكسَّـ ـر فأي حاجة عشان يهدى، “مُـهاب” دخل فمرحلة التعـ ـب النفـ ـسي مِن بدري، هدوءه الغريب زيا’دة عن اللز’وم دا كان بداية المشوار، يارب ييجي بس وميطـ ـنش.
صدحت طرقات عا’لية على الباب ليعلـ ـو صوت “يـزيد” يسمح للطارق بالولوج والذي لَم يَكُن سوى “حُـذيفة” أخيه الذي وقف خلف الباب قائلًا بنبرةٍ هادئة وهو ينظر إليهِ:
_كويس إني لقيتك هنا.
نظر بعدها إلى “وهـيب” الذي كان يُرافقه ليبتسم إليهِ قائلًا:
_”وهـيب” باشا.
أبتسم “وهـيب” لهُ وأستقبلهُ بترحابٍ ود’ودٍ قائلًا:
_حبيبي الغا’لي، تعالى أقعد معانا المكان نوَّر بيك واللهِ.
أجابه “حُـذيفة” مبتسم الوجه قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_مش هينفع واللهِ المدام معايا وقت تاني هاجيلكم.
_خلاص على أتفاقنا المرة الجاية تيجي ونشرب مع بعض قهوة.
هكذا جاوبه “وهـيب” بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه لينظر “حـذيفة” بعدها إلى أخيه قائلًا:
_عايزك.
نظر “يـزيد” إلى صديقه الذي أشار إليهِ بالذهاب ليخرج خلف أخيه الذي وقف بعيـ ـدًا عن الجميع ونظر لهُ قائلًا بنبرةٍ متسائلة:
_أومال فين التالت بتاعكم؟.
جاوبه “يـزيد” جا’هلًا مكان صديقه الحبيب قائلًا:
_مش عارف تليفونه مقفو’ل ومجاش النهاردة، شكله مشغول شوية، المهم قولي إيه اللي جايبك في حاجة ولا إيه؟.
أنهـ ـى حديثه متسائلًا والخو’فُ يُرافقهُ فمجيئة أخيه إليهِ في هذا التوقيت ليست شيئًا عاديًا، فيما أبتسم “حُـذيفة” وجاوبه بنبرةٍ هادئة قائلًا:
_آه، “أيسل” بتتوحم على آيس كوفي، شكل الباشا إبن ناس أوي.
ضحك أخيه على كلماته ليُشاركه ببسمة هادئة مؤكدًا على قوله ليأتي قول “يـزيد” الذي قال بنبرةٍ ضاحكة:
_يا عمّ أهي بتغيَّر السيستم ز’علان ليه، هو شكله تنـ ـك مش إبن ناس أبدًا بالمنظر دا لا … عمومًا حاضر يا سيدي كله عشان خاطر “أيسل” والباشا المزاجنجي، خليك هنا ٥ وجاي.
تركه “يـزيد” وذهب لينظر “حُـذيفة” حوله متأملًا المكان الذي كان تصميمه عربيًا والذي نا’ل إعجابه بكل تأكيد مبتسمًا ليلتفت خلفه ينظر إلى زوجته التي كانت تنتظره في السيارة تنظر لهُ بهدوءٍ مبتسمة الوجه ليُبادلها ببسمةٌ أخرى حنونة وهو يُشير إليها بأنه سيجلب الأغراض ويذهب إليها لتُعطيه إماءة بسيطة مِن رأسها تُخبره أنها تنتظره..
على الجهة الأخرى بنفس المكان.
كانت تجلس وهي تنظر حولها تبحث عنهُ بعد أن عَلِمَت في المرة السابقة أنه مسؤولًا عن المكان تريد أن تشكره بطريقةٍ خاصة، كان “يـزيد” يقف بالقربِ مِنها ويتحدث مع أحد العاملين يو’صيه على طلب أخيه، نظرت لهُ قليلًا لتراه سيرحل بعد أن أنهـ ـى حديثه مع العامل لتوقفه هي حينما قالت بنبرةٍ هادئة:
_لو سمحت.
توقف وألتفت إليها ليقترب مِنها بخطى هادئة حتى وقف أمامها وقال بنبرةٍ هادئة مهذبة:
_أتفضلي تؤ’مري بحاجة؟.
لا تعلم ماذا تقول وكيف سيتفهم مقصدها ولَكِنّ لا داعي إن حاولت لمرةٍ واحدة فقط علّها تُصـ ـيب هدفها هذه المرة خصيصًا أنها جاءت إلى هُنا مراتٍ قِلة قبل هذه المرة ولَم تجده، أبتلـ ـعت غصتها بتروٍ وقالت بنبرةٍ هادئة متسائلة:
_هو صاحب المكان موجود؟.
_أنا صاحب المكان أتفضلي.
هكذا قالت وهكذا جاوب وهو مازال يجهـ ـل ما تريده حتى الآن، رآها تو’ترت قليلًا لتقول بنبرةٍ هادئة:
_كان في واحد تاني غيرك، حصلت مشـ ـكلة معايا قبل كدا لمَ جيت هنا أول مرة وبعدين مشوفتهوش تاني مِن ساعتها، بصراحة هو وقتها حل المشـ ـكلة وكان لطيف فالتعامل مع الناس فحبيت أشكره يعني لأن مسمحتليش الفرصة أول مرة وكُنْت مضا’يقة جدًا، لو موجود ممكن تديه خبـ ـر بعد إذنك.
أنهـ ـت حديثها تستسمحهُ بنبرةٍ هادئة ليتعجب “يـزيد” ويُحاول تذكر ما إن كان حدثت مشـ ـكلةٌ بالفعل مع أحدٍ منذ وقتٍ قريبٍ ليتذكر أن ثمة هُناك مشـ ـكلةٌ ما وأستدعت تدخُل “مُـهاب” حينها لينظر إليها ثم جاوبها بنبرةٍ هادئة وقال:
_أكيد حضرتك تقصدي “مُـهاب”، بس هو بصراحة مش موجود النهاردة هنا عنده شويه شغل بيخلـ ـصهم ولسه مش عارف هييجي أمتى.
_هو أزاي صاحب الكافيه وحضرتك بتقولي دلوقتي إنك صاحب الكافيه؟.
هكذا سألته متعجبةً وهي تنظر إليهِ ليجاوبها هو بنبرةٍ هادئة قائلًا:
_إحنا ٣ شبا’ب داخلين مع بعض شراكة ودا مشروعنا مع بعض يا دوب نفذناه مِن سنة ونص ولمَ خلصنا دراسة أتفرغنا لِيه توضيح بس لحضرتك لأن في واحد تالت معانا لو صادفت وأتقابلتوا.
تفهّمت الآن طبيعة العمل الخاص بهم لتبتسم بسمةٌ هادئة وتجاوبه بنبرةٍ هادئة قائلة:
_تمام كدا أنا فهمت، بصراحة أنا بحب الشبا’ب الطموحة بجد براڤو عليكم وإن شاء الله بكرا يبقى أحسن كافيه لأني بصراحة قارنته بكذا كافيه معروف جدًا لقيت إن الكافيه دا يستا’هل مِن حيث الموقع والتصميم والعاملين فيه وكمان إحترام آراء الناس وجودة الحاجات اللي بتستخدموها والطعم والأسلوب، بجد أنتم تستا’هلوا كُل خير وربنا يكرمكم … ولو أحتاجتم دعاية أنا ممكن أعملكم دعاية عادي.
أبتسم “يـزيد” عندما أشادت بهم وبمشروعهم الصغير ليقرل بنبرةٍ هادئة مهذبة:
_شكرًا جدًا على كلامك اللطيف دا وأتمنى إنه يكون عجبك فعلًا، بس ممكن أسألك عن موضوع الدعاية دا لو مش هضا’يقك؟.
أبتسمت مِن جديد وأشارت إليهِ بالجلوس ليُلبي مطلبها ويجلس أمامها مباشرةً ليسمعها تقول وهي تنظر لهُ:
_بُص أنا شخص إيجابي يعني لمَ أشوف حاجة حلوة تستا’هل إنها تتعرف أكتر عشان تاخد حـ ـقها وهي لسه بتبدأ مشوارها فورًا ببدأ أعملها دعاية، أنا إنفلونسر وأكيد أنتَ عارف طبيعة شغلنا فبصراحة أنا شخص صريح ولو المكان مش عاجبني هقول اللي مش عاجبني بدون ز’عل طبعًا لأن مينفعش أخد’ع حد سواء فمكان أو مُنْتَج لمجرد شوية فلوس، فبما إن المكان شيك والحاجات اللي بيقدمها كويسة وجودتها عالية ليه معملش دعاية فرأيك أنتَ؟.
أنهـ ـت حديثها وهي تسأله ليدوم الصمت بينهما قليلًا خلاله فَكَر “يـزيد” بحديثها هُنية قبل أن يقول موافقًا إياها الرأي:
_كلامك مُـ ـقنع جدًا بصراحة وكُله صح، بس قرار زي دا ميخـ ـصنيش لوحدي بصراحة، يخـ ـصنا إحنا الـ ٣ فأديني مُـ ـهلة أفكر واخد رأيهم وأرد عليكي.
أنهـ ـى حديثه تزامنًا مع شعوره بكف يوضع على كتفه ليلتفت برأسه ينظر إلى الزائر ليراه “مُـهاب”، نظرت لهُ بهدوءٍ ترى آخرٍ غيره كذلك، كان “مُـهاب” في حالةٍ يرثى لها بلا شـ ـك فبعد أن ترك والديه وغادر المنزل قرر أن يخـ ـتفي تمامًا عن الجميع وينزوي بنفسه حتى يهدأ ففي مثل هذه اللحظات يكون شخصًا آخر لا يعلمه أحد ولا يعلم هو أيضًا نفسه، وقبل أن يذهب إليهم حاول مرارًا أن يتحلى بالهدوء وأن يتعامل بطبيعته المعتادة حتى لا يُثـ ـير الشكو’ك مِن حوله، ولَكِنّ هذا لا يُخـ ـفىٰ عن صديقيه بكُل تأكيد.
نهض “يـزيد” وهو ينظر إليهِ متعجبًا ليقول بنبرةٍ خا’فتة متسائلة:
_أنتَ أخـ ـتفيت فجأة روحت فين ر’عبتنا عليك على فكرة؟.
نظر لهُ “مُـهاب” نظرةٍ هادئة وجاوبه بنبرةٍ مماثلة قائلًا:
_أنا كويس متخا’فش، بعدين.
ربت “يـزيد” على ذراعه برفقٍ وقال بنبرةٍ هادئة:
_أهـ ـم حاجة إنك كويس، بالمناسبة أنتَ جيت فالوقت المناسب، الآ’نسة كانت عايزة تعمل دعاية للكافيه وقر’ار زي دا يخـ ـصنا إحنا الـ ٣ فعشان كدا بما إنها هنا وأنتَ جيت خليك هنا هروح أدي “وهـيب” خبـ ـر وأجيلك على طول.
أنهـ ـى حديثه وهو يبتسم لهُ ثم أستأذن مِنها وذهب ليترك “مُـهاب” معها والذي تضا’ربت مشاعره حينما رآها مِن جديد بدون سابق إنذ’ار، جلس محل صديقه دون أن يتحدث وعـ ـقله مشو’ش فبجانب ما يُعا’نيه يوميًا جاءت هي لتزيد الطيـ ـن بـ ـلة وتجعله كما المجنو’ن الذي لا يعلم أيُ الدروبات يجب أن يَسـ ـلُك فمعالمها تتقارب مع معالم “جـويرية” وهذا جعله يتذكرها كلما رأى تلك الفتاة..
وعنها فكانت تتلا’شى النظر إليهِ وهي لا تعلم ما الذي أصا’بها في حضرته فوحده دونًا عن الجميع يجعلها بهذه الحالة الغريبة كلما رأته تسا’رعت نبـ ـضات قلبها ويتبـ ـعثر ثباتها فكان هو وصديقه “وهـيب” متشابهين في الشكل وكأنهما أخوة ولذلك حاولت أن تتجا’هله وهي تعلم أن المُراد آتيًا الآن، أعتدلت في جلستها وهندمت ثيابها الفضفا’ضة بهدوءٍ دون أن تتحدث، فيما نظر هو إليها بعد صرا’عٍ نَشَـ ـبَ بداخلهِ فيه أنتـ ـصر القلب على العـ ـقل ورُ’فِعَتْ ر’ايات النصـ ـر عا’ليًا تُر’فرف معلنةً عن فوزها في هذه المعر’كة التي فيها كان يفوز العـ ـقل ويخـ ـضع لهُ القلب فأمامها أعتر’ف لنفسه أن إنجذ’ابه لـ “جـويرية” كان ليس بالشيء العادي فحتى هذه اللحظة كان يتهر’ب مِن تلك الحـ ـقيقة ولَكِنّ سطـ ـوة القلـ ـب في هذه المواقف حاضرةً بلا شـ ـك ويبدو أن الفضل يعود إلى هذه الفتاة، دومًا كان التشابه بين بني البشـ ـر مر’عبًا مثلما أر’عبه الآن وجعله يراها “جـويرية”..
لطالما كان يهرُ’ب مِن مصـ ـيدة العلا’قات التي تجمع طرفين مختلفين ويُحاول جا’هـ ـدًا أن يظل بعيدًا فمَن التي تقبل بواحدٍ مثله يتهر’ب مِن صر’اعاته النفـ ـسية وتَلَـ ـف أعصا’به بدون سابق إنذ’ار حينما فقط يستمع إلى صوتٍ عا’لٍ عن النمط الطبيعي فما رآه مع والديه ليس هـ ـينًا وجعله يخـ ـشىٰ وينفُـ ـر مِن مثل هذه العلا’قات فلا يُريد أن يكون مثلهما في يومٍ مِن الأيام برغم تعـ ـقُله ومعرفته بالحياة بشكلٍ أكثر توسعًا ولَكِنّ يبقى المرءُ غير متكاملٍ وثمة طفـ ـرةٌ يُعا’ني مِنها..
أخرج زفرةٍ عمـ ـيقة ثم أستند بمرفقيه على سطـ ـح الطاولة وهو يمسـ ـح بكفيه على وجهه أسفـ ـل نظراتها التي تابعته ر’غمًا عنها بتركيزٍ محملًا بالفضول تجاه هذه الشخصية الهادئة التي تجلس أمامها الآن والتي تختلف عن سابقتها في المرةِ السابقة، أصوات والديه عادت ترن في أُذُنيه مِن جديد وكأنها حوله تُعا’نده وتفر’ض هيمـ ـنتها عليهِ، تشنـ ـجت يديه بشكلٍ ملحوظ أمامها لتُيقن أن ثمة شيءٍ ما يجعله يشعر بالضـ ـيق، د’ققت النظر بهِ تُحاول معرفة ما بهِ لتراه ينظر لها فجأ’ةً لتر’تعد هي وينتـ ـفض جـ ـسدها بزُ’عرٍ بدون قصدٍ فقد فاجئها وأخا’فها في نفس الوقت..
في هذه اللحظة عادا كليهما إليهما بعد أن رحل “حُـذيفة” مودعًا أخيه ورحيل آخر فردان في الكافيه ليعتذر إليها “يـزيد” قائلًا:
_آسف جدًا على التأ’خير، دا “وهـيب” أخويا مش مجرد صاحب وشريكنا الـ ٣.
نهضت هي بهدوءٍ تُصافحهُ وهي تُحاول تجنُب “مُـهاب” ونظراته إليها تُحاول رسم بسمةٌ هادئة على ثغرها قائلة بنبرةٍ متو’ترة بعد أن ألتقت بالشخص المُراد والذي بدوره تفاجئ بوجودها كذلك:
_أهلًا بيك أتشرفت بمعرفتك، أنا أسمي “عـنان”.
أبتسم “وهـيب” إليها وجاوبها بنبرةٍ هادئة مرحبًا بها قائلًا:
_أتشرفت بيكي يا آنسة “عـنان”.
بدايةٌ جديدة تبدأ أولى سطورها بين طرفين مختلفين كانا بعيدان كُل البُعد عن بعضهما البعض وتفصـ ـلهما المسافات الطو’يلة، ولَكِنّ كان القدر دومًا لهُ دورٌ كبيرٌ في ذلك وها هما حبيبين يلتقيان لأول مرة في جلسةٍ جا’دة هذه المرة وهادئة، ألتزموا أماكنهم وقد سقـ ـط بصرها ر’غمًا عنها على “مُـهاب” الذي كان مازال ينظر إليها دون أن يتحدث وقد بدأت تشعر بالخو’فِ مِنهُ لا تعلم لِمَ ولَكِنّ أنتشـ ـلها صوت “يـزيد” الذي قال بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_وأنا “يـزيد”، ودا “مُـهاب” أخونا برضوا.
أبتسمت لهُ ثم قالت بنبرةٍ هادئة متو’ترة قليلًا وهي تنظر لهُ:
_أتشرفت بيكم، وأنا “عـنان سويلم”.
وبعد الترحاب والتعارف بينهم بدأت تشرح إليهم طبيعة عملها مثلما أخبرت “يـزيد” وهم ينصتون إليها وبين الفينة والأخرى تشعر بحركات “مُـهاب” التي تُنذ’رها بعد’م الأ’مان فقد كان وكأنه يُصا’رع شيئًا ما هي لا تعلمه أسـ ـفل نظرات صديقيه لهُ واللذان كانا يعلمان ما يحدث معهُ ولذلك حاول “وهـيب” أن يقم بتهدأته وهو يهمس لهُ قائلًا:
_”مُـهاب” حاول تسيطـ ـر على نفسك معانا واحدة غريبة، أو قوم أستنانا فالمكتب وهنحصلك على طول بدأت تلاحظ وتخا’ف أهدى شوية.
تسارعت حركة قد’مه التي كانت تهتـ ـز بعنـ ـفٍ وهو يضـ ـغط على الكرة المطا’طية بعنـ ـفٍ أكبر ولَكِنّ يبدو أنها لَم تَعُد تُجدي نفعًا بعد الآن فقد تطورت الأمور أكثر عن السابق، ستظل علا’قة والديه الغير مستقـ ـرة نقطة سو’د’اء كبيرة في حياته بلا شـ ـك فما هو عليه الآن ما هو سوى تراكمات الماضي يُلاز’مها الحاضر، نظر “وهـيب” إلى صديقه “يـزيد” الذي كان ينظر إلى صديقه وقلبه يتأ’لم لأجله وقد شعر أنه إن ظل هكذا مع والديه سيسـ ـقط في بحو’ر الجنو’ن بلا شـ ـك..
_”مُـهاب” أعصا’بك تعبا’نة أوي قوم روح المكتب أرتاح شوية وإحنا هنحصلك على طول.
تعا’لت الصر’خات بأذنيه والشجا’ر الذي يشو’ب كُل يومٍ بينهما يجعله لا يستطيع تحمُـ ـل المزيد فقد خرج كل شيءٍ عن السيطـ ـرة مِنهُ وفجأة تسارعت وتيرة أنفا’سه وتعا’لت تدريجيًا وهو يُكا’فح نفسه كي لا ينها’ر أمامهم ولَكِنّ قُدرة تحـ ـمُله أُستُـ ـنفِزَت بالكامل ولذلك أنخر’ط فالبكاء المـ ـرير وهو يتنفـ ـس بسرعةٍ كبيرة دون أن يجد سبيلًا للنجا’ة ومع أز’دياد الصر’خات المختلفة كان عـ ـقله قد أتخذ قراره دون و’عيٍ وهو ينهض بعـ ـنفٍ مُلـ ـقيًا الكوب الز’جاجي الموضوع أمامه بعنـ ـفٍ أكبر بعيدًا وهو يصر’خ عا’ليًا بشرا’سةٍ كبيرة يأمرهما بالتوقف:
_كــفــايـة بـقـى.
أر’تطم الكوب بعـ ـنفٍ في الجدار ليعلـ ـو صوت إنكسـ ـاره يدوي في المكان لتتنا’ثر بقايا الز’جاج في كُل مكان، تفاجئت بشـ ـدة مِن هذا التصرف العنـ ـيف الذي صدر مِنهُ بدون سابق إنذ’ار وتراجعت إلى الخلف وهي تنظر لهُ مجـ ـحظة العينين، فيما نهض “وهـيب” ومعهُ “يـزيد” يُسرعان في السيـ ـطرة عليهِ وتهدأته ومحاولة إحتوا’ءه معًا، أز’داد بكاء “مُـهاب” أكثر عن السابق وتعا’لى صوته المتأ’لم يرجوهما أن يتوقفا عن الصرا’خ قائلًا:
_تـ ـعبت يا جماعة كفاية بقى حرام عليكم، تـ ـعبت أقسم بالله مش قا’در أتحمل خلاص، وعهد الله ما قا’در أعصا’بي تـ ـعبت.
ألتمـ ـعت العبرات في مُقل الرفيقين وهما ينظران لهُ وقلبهما يؤ’لمانهما لرؤيتهما لهُ في هذه الحالة النفسـ ـية الصـ ـعبة والتي إن أستمرت أكثر مِن ذلك ستُنـ ـهي عليهِ بلا شـ ـك، ترا’خت أعصا’ب جسـ ـده وسقـ ـط على رُ’كبتيه بضـ ـعفٍ شـ ـديد مستـ ـسلمًا لِمَ ينتظره ليجلس “يـزيد” بجواره على رُ’كبتيه ومعهُ “وهـيب” الذي حاوطه بذراعيه يُحاول تهدأته قدر ما أستطاع، فيما تحركت “عـنان” وهي تُمسك بكوب الماء تَمُد يدها بهِ إلى “وهـيب” قائلة بنبرةٍ قـ ـلقة:
_خليه يشرب شوية ميَّه لعله يهدى شوية.
أخذه مِنها ونظر إلى صديقه بخو’فٍ شـ ـديد عليهِ ليقول بنبرةٍ هادئة:
_”مُـهاب” خُد أشرب ميَّه وأهدى شوية يا صاحبي كدا غـ ـلط.
كانوا ينظرون إليهِ ثلاثتهم يرونه ينظر أمامه بعقلٍ شارد والعبرات تُغر’ق صفحة وجهه والحُـ ـمرة تكتسي مُقلتيه بلا شـ ـك وخصلاته مبعثـ ـرة وحالتهُ ير’ثى لها، دام على هذا الحال لبرهةٍ مِن الوقت ليُحاول “يـزيد” إفاقته بنبرةٍ قـ ـلقة قائلًا:
_”مُـهاب” مالك؟ أنتَ كويس؟ “مُـهاب”.
نهض “مُـهاب” بكل هدوء دون أن يتحدث أسـ ـفل نظراتهما ونظرات “عـنان” الحز’ينة عليهِ والتي كانت تُتابعه دون أن تتحدث، فيما نهضا كليهما وهما ينظران لهُ ليضع “يـزيد” كفه على ذراع رفيقه يُناديه ليُبعد “مُـهاب” كف رفيقه عنهُ بذراعه ير’فض أن يلمـ ـسه أحدٍ مِنهما أسفـ ـل نظرات الأستنكار مِنهما ليتحرك الآخر بخطى هادئة للغاية دون أن يتحدث لا يعلم أين هو ذاهب ولَكِنّ ترك قد’ميه تقوده إلى حيثُ تُريد، خطى مُبعـ ـثرة وغير متز’نة ولَكِنّ صاحبها ينزُ’ف كالذ’بيحة الغا’رقة في د’ماءها..
تحرك “يـزيد” خلفه سريعًا يلـ ـحق بهِ قبل أن يؤ’ذي نفسه في هذه الحالة تاركًا “وهـيب” رفقة “عـنان” قائلًا بنبرةٍ متلـ ـهفة:
_خليك معاها وأنا هروح أشوفه.
أنهـ ـى حديثه وخرج خلف صديقه تاركًا إياه يقف مكانه ينظر إلى أ’ثرهما، فيما كانت “عـنان” تقف مكانها وهي تنظر إلى أ’ثرهما وقلبها ينتـ ـفض مِن مكانه خو’فًا عليهِ فلأول مرة ترى شيءٍ كهذا لا تعلم ما أوصله إلى هذه المرحلة الصـ ـعبة ولَكِنّ هي متأكدة مئة بالمئة أن ثمة شيءٍ كبير خلفه هي لا تعلمه، ألتفت “وهـيب” لها وهو ينظر إليها ليقول بنبرةٍ هادئة معتذرة عمَّ حدث:
_آسف جدًا على اللي حصـ ـل دا، هو بقاله فترة أعصا’به تـ ـعبانة بس ومبيتحـ ـكمش فنفسه فغصـ ـب عنه.
نظرت إليهِ “عـنان” وقد تما’لكت نفسها سريعًا لترد عليهِ بنبرةٍ هادئة متو’ترة قليلًا وهي تنظر لهُ مبتسمة الوجه قائلة:
_محصلش حاجة عادي أنا عذراه، طب أنا هضطـ ـر أمشي دلوقتي ولمَ يكون كويس هنكمل كلامنا.
حرك رأسه برفقٍ وهو ينظر لها مبتسم الوجه يشكرها لتفهمها الأمر لتأخذ هي متعلقاتها وترحل بصمتٍ، فيما نظر هو إلى أ’ثرها ثم ذهب ليُنظف مكان الكوب المنكـ ـسر وهو يشعر بالحز’ن على صديقه بكُل تأكيد، فيما خرجت هي مِن الكافيه تسير بخطى هادئة وهي تنظر حولها تبحث عنهُ وهي تقول لنفسها:
_غريبة … هيكون راح فين بالسرعة دي؟.
نظرت حولها تطوف بعينيها في أرجاء المكان ولَكِنّ لَم تجده في أي مكان ولذلك سارت خطواتٍ قليلة حتى رأته يجلس منز’ويًا عن أعين الجميع ويبدو أنهُ يبكي وبجواره “يـزيد” الذي كان يحاوطه بذراعه الأ’يمن موا’سيًا إياه، وقفت مكانها وهي تنظر لهُ ترى أستسلا’مٍ تام وخـ ـيبة أمل كبيرة ورو’حٌ قد تم تعذ’يبها حتى فا’ض بها، شعرت بقلبها يؤ’لمها وهي تراه بهذه الحا’لة المؤلمة الصـ ـعبة وقد أرادت أن تُقدم لهُ يد المعونة ولَكِنّ لا تعلم بأي صفة ستفعل شيءٍ كهذا فهذا يُعتبر اللقاء الأول بينهما والمرة الأولى التي تعلم بها أسمه، وقفت تُفكر قليلًا بينها وبين نفسها لبرهةٍ مِن الوقت قبل أن ترحل وعقلها منشغـ ـلٌ بما حدث اليوم تاركةً خلفها رو’حٌ نا’زفة تُريد أن تلفُـ ـظ أنفا’سها الأخيرة كي تحظى بالر’احة الأبدية فيما بعد.
_______________________
<“لحظةٌ واحدة فارقة تعني شيئان،
إما أن تنجـ ـو بحيا’تك؛ أو تتر’ك نفسك لأموا’ج البحـ ـر العا’لية. “>
النجا’ة مِن الخطـ ـر ليس بالشيء الهيـ ـن..
حر’يق العد’و يحو’م حول حبيبٍ فا’رق حبيبه لأيامٍ، تعالى مو’ج البحـ ـر دون أن يظن صاحبه بهِ الغد’ر، أر’تفع المو’ج وألتهـ ـم حبيب العُمر ولَم أحسب أن فُر’اق الأحباء مؤ’لم كجـ ـمر النا’ر الملتـ ـهب..
منذ ٢٤ ساعة كان الوضع غير مطـ ـمئنٍ البتة، كان “أحـمد” كالمجنو’ن في شوارع المدينة يبحث عنها في كل مكان وصغيره على ذراعه متشـ ـبثًا بهِ بعد أن حاوطه الخو’ف وتملّـ ـك مِن قـ ـلبه الصغير، يسير بخطى وا’سعة وهو يبحث عنها بين الجميع دون أيا فائدة ويصر’خ بأسمها عا’ليًا علها تُجيب، أصا’ب الهلـ ـع قلبه بكُل تأكيد وهو لا يعلم أين ذهبت بتلك الطريقة دون حتى أن تُخبره برحيلها، كان المكان مكد’سًا بمئات الآلاف مِن المواطنين وهو يسير بينهم كالتا’ئه يبحث عنها بلا جدوى..
كان يجلس على المقعد مستندًا بمرفقهِ على يد المقعد الخشـ ـبية واضعًا كفه على جبينه شارد الذهن وبأحضانه يتشـ ـبث بهِ صغيره الذي كانت عبراته تتسا’قط على صفحة وجهه الصغير بصمتٍ، يُفكر أين ذهبت وماذا حد’ث عقله شبه متو’قف منذ هذه الساعة حتى الآن، منذ أن حدث ذلك والجميع سيُصـ ـيبهم الجنو’ن بلا شـ ـك، تحدث “علي” يقطـ ـع هذا الصمت قائلًا:
_وعهد الله ما حد خدها غير ابن الـ*** دا وبكرا تقولوا “علي” قال.
أزداد بكاء الصغير حينما أستمع إلى حديث “علي” لتنظر “لارين” بعتا’ب إلى زوجها حينما رأت بكاء الصغير يز’داد أكثر، ضمه “أحـمد” إلى أحضانه ممسِّدًا على ظهره برفقٍ قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_متخا’فش يا حبيبي مفيش حاجة، ماما هتيجي دلوقتي متخا’فش.
أقتربت “جـويرية” مِن “أحـمد” بخطى هادئة لتقف أمامه تَمُد يديها لهُ قائلة بنبرةٍ هادئة:
_هاته شوية يا “أحـمد” أنا هعرف أهديه.
أبعده “أحـمد” عن أحضانه قائلًا بنبرةٍ هادئة حنونة:
_روح شوية مع خالتو “جـويرية” وأنا هكلم ماما وهخليها تيجي حالًا.
أنهـ ـى حديثه وهو يُز’يل عبرات صغيره عن صفحة وجهه بكفيه ثم رفعه وقرّبهُ مِنهُ يُلثم وجنته الصغيرة بحنوٍ ثم أعطاه إلى “جـويرية” التي حملته تُلثم وجنته بحنوٍ ثم أخذته وصعدت إلى غرفتها وهي تُحادثه قائلة:
_تعالى نلعب سوى على الآي باد لعبة حلوة أوي هتحبها.
أنتظر صعودها وحينما أختفـ ـى أ’ثرها أنتفـ ـض مِن جلستهِ وهو يقول بنبرةٍ حا’دة:
_أنا هتجـ ـنن، “مِسك” مفا’رقتنيش لحظة أنتوا مستو’عبين اللي حـ ـصل معايا؟.
_مجرّبتش تتصل تاني طيب يمكن تا’هت مِنك يا “أحـمد” وموبايلها فصـ ـل شحن.
هكذا جاوبته “رضوى” بنبرةٍ مليئةٍ بالقـ ـلق على أبنتها ليجاوبها “أحـمد” ينفي قولها ذاك قائلًا:
_مستحـ ـيل، ولو أفترضنا إن دا حصـ ـل فعلًا “مِسك” حافظة رقمي كانت كلمتني مِن رقم أي حد، لا “مِسك” متا’هتش لا … شا’كك إن كلام “علي” ممكن يبقى صح، ابن الـ**** دا مش هيهدى غير على مو’ته راح حاول يقـ ـتل “شـهاب” ولبسها لـ “مـينا” وبيهـ ـدد “ليل” كل شوية وعـ ـما “شـهاب” وماشي يعمل اللي على كيفه، بس وأيمنات المسلـ ـمين لو كان هو اللي خا’طف “مِسك” ما هعديهاله وهتجـ ـنن وأقتـ ـله، أقسم بالله أعملها عشان توصل لمراتي لا فدي بقى خط أحمـ ـر.
لَم يجـ ـرؤ أحدهم على معا’رضته أو الوقوف أمامه ومـ ـنعه فإن صدق ذلك حقًا فسيكون مِن حـ ـق الجميع الثأ’ر مِنهُ كيفما يشاؤون، نظرت “لارين” بخو’فٍ شـ ـديد إلى “علي” الذي و’قع بصره عليها ورأى الخو’ف يحتضن مُقلتيها فهذه هي أولى شكو’كهم التأكيدية تجاه الأمر، أقترب مِنها وضمها إلى أحضانه دون أن يتحدث ممسِّدًا على ظهرها برفقٍ دون أن يتحدث، شعر “أحـمد” أنهُ سيفقـ ـد صوابه في أيا لحظة بلا شـ ـك فما حدث يزج المرء إلى منحد’ر الجنو’ن بدون تردد..
وبعد مرور الوقت.
كانوا جميعهم يبذ’لون قصارى جهـ ـدهم للتوصل إليها ومعرفة أين ذهبت، لا أحد فيهم جالسٍ الجميع يبحث وهذا يُهاتف ذاك وتلك تبحث عن أي شيءٍ يوصلهم إليها وكُل ذلك كان بلا جدوى، وصلت رسالة نصية إلى “أحـمد” الذي سارع في إخراج هاتفه مِن جيب سترته ليرى رقمًا مجهو’لًا أرسل إليهِ رسالة نصيبة وفورًا أسرع في فتـ ـح هاتفه ورؤية الرسالة التي كانت تقول:
_متدورش عليها كتير مراتك معايا وفالحفظ والصو’ن عايزها هتعمل اللي بقولك عليه بالحرف الواحد وخلي بالك أي حركة كدا أو كدا وأنتَ فاهمني كويس أوعدك هتلاقي مراتك جيالك لحد عندك بس بدل ما هي حـ ـية هتبقى جثـ ـة.
توقف “فـادي” بجواره يقرأ الرسالة التي كانت تحـ ـمل تهـ ـديداتٍ صر’يحة وتحذ’يرية بعد’م مخا’لفته لِمَ سيُقال إليهِ، ألتفت إليهم “أحـمد” وهو ينظر لهم قائلًا:
_”مِسك” مخطو’فة.
أنتبهوا جميعهم إليهِ ليتحدث “عبدالرحمن” بنبرةٍ تملؤ’ها الخو’ف على أبنته قائلًا:
_عرفت منين مين اللي بعتلك أتكلم يا “أحـمد”.
نظر إليهم “أحـمد” وقال بنبرةٍ هادئة للغاية:
_بيهـ ـددني إني معملش أي حاجة غير اللي هيقولها عشان “مِسك” ترجعلي تاني، ولو معملتش كدا هيرجعهالي برضوا … بس هترجع مـ ـيتة.
ساور الخو’ف قلب “رضوى” على أبنتها لتنظر إلى الجميع بعد’م أستيعاب لا تُصدق ما تسمعه، وردته رسالة جديدة أخرى يقول بها الطرف الآخر:
_هبعتلك بعد شوية صندوق، الصندوق أول ما يوصلك وتشوف اللي فيه هتنـ ـفذ على طول وهعرف إذا كُنْت بتغفـ ـلني ولا لا وأفتكر إن أي غـ ـلطة هتغـ ـلطها هتصادفها حيا’ة الحلوة مراتك، وعشان تبقى عارف في عيـ ـن هتبقى عليك وهتوصلي كل حركة بتعملها، كُل حاجة هتنفـ ـذها لوحدك بدون مساعدة أي طرف مهما كان مين هو وبرضوا لو حد مِن عيلتك قـ ـل بعقله وأستعان بالبوليس وعد مِني ليك هبعتلك صورة مراتك مد’بو’حة، فمتستـ ـقلش بيا عشان ياما عملتها مع غيرك.
شرد فيما أُرسِلَ إليهِ وهو لا يعلم ماذا عليه أن يفعل ويجاوره “فـادي” الذي نظر إليهم بأسىٰ ثم نظر إلى ابن عمّه الذي أغمض عينيه وجلس على المقعد بجـ ـسدٍ متر’اخٍ بعد أن شعر بالد’وار يلحـ ـق برأسه ليقترب مِنهُ “علي” آخذًا الهاتف يقرأ ما تم إرساله بجديةٍ وبصوتٍ عا’لٍ والجميع يسمعه في هذه اللحظة حتى أنهـ ـى قراءة المكتوب وهو يقم بسـ ـب الآخر قائلًا بنبرةٍ حا’دة بعد أن أغـ ـضبه حديث الآخر:
_يا ابن الـ**** يا عد’يم الرجو’لة.
نظر إلى أولاد عمومته دون أن يتحدث لثوانٍ قِلة ثم نظر إلى “أحـمد” الذي كان شارد الذهن يُفكر في زوجته وما الذي هو مطالبٌ بفعله حتى تنجـ ـو زوجته وتعود إلى أحضانه مِن جديد ولِمَ أختـ ـصه هو عن الجميع، أسئلةٌ عديدة باتت تدور د’اخل رأسه ليسمع ابن عمّه يقول بنبرةٍ حا’دة وهو ينظر لهُ:
_هتعمل إيه يا “أحـمد”، ابن الـ*** بيلو’ي در’اعك وبيعجـ ـزك يعني أنتَ كدا هتعمل اللي هيقول عليه فعلًا؟.
أنتظر الإجابة التي لَم يُعطيها إياه “أحـمد” والذي كان يُفكر فيما سيفعله وكيف سيُعيد زوجته إليهِ دون أن يطولها أذ’ىٰ هذا الحـ ـقير عد’يم المروءة فجميع الحلول التي كانت تتوفر أمامه قد قام الآخر بتبخير’ها في لمـ ـح البصر ليجعله يشعر بالحيرة وأصبح مجبو’رًا منذ هذه اللحظة على تلبية ما سيقوله حتى يُعيد لهُ زوجته دون أن يُصيـ ـبها مكـ ـروهٌ فهذه أثمـ ـن ما يَملُـ ـك الآن بجانب صغيره ليس مستعدًا لخسا’رة أيُ الطرفينِ، لرُبما ظن أن الحياة دومًا ور’دية اللو’ن، لطيفة، وسعيدة، تذكّر الجانب اللطيف بها وتناسىٰ أن ثمة جانبٌ مظـ ـلمٌ بها كذلك، جانبٌ ملـ ـيءٍ بالأشو’اك الحا’دة.
______________________________

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أحببتها ولكن 7)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *