رواية عشق اليونس الفصل الرابع 4 بقلم ولاء علي
رواية عشق اليونس الفصل الرابع 4 بقلم ولاء علي
رواية عشق اليونس البارت الرابع
رواية عشق اليونس الجزء الرابع

رواية عشق اليونس الحلقة الرابعة
فذهبت عشق لغرفة رحاب وطرقت بابها بخفة،
فاستمعت لصوت رحاب الهادي يأذن للطارق بالدلوف.
فدخلت عشق، وهي تهتف بمرح:
– يا رب يا ساتر، أنا جيت نورت البيت.
فتفاجئت رحاب بتواجدها.
فابتسمت عشق بخفة، وهي تجلس على الفراش أمامها، فقالت بهدوء:
– أكيد مستغربة إني جيالك، مش كدا؟
فأومأت لها رحاب بهزة بسيطة برآسها.
فتنهدت عشق، وهتفت بجدية:
– أنا عارفة يا رحاب إنك كنتِ مش بتحبيني، وأنا والله مش عارفة سبب لكرهك دا! أنا عمري ما اتسببت لأي أذى ليكِ بأي شكلًا كان!
– كنت غبية يا عشق، كنت دايمًا شايفة نفسي، ببص لمِتاع الدنيا، وناسيه باللي المفروض أجهزه لرحلتي للآخرة، معمية وحقودة، وكنت في لحظة هيضيع شرفي، وبسبب مين! صاحبتي، اللي كنت واثقة فيها، وبسلم وداني لها، لحد ما اتبدلت وسط الموجة اللي دخلت نفسي فيها، نسيت تربية أبويا ليا، نسيت ديني، أنا بني آدمة وحشة قوي، وأكيد ربنا غضبان عليا، واللي حصلي دا كان عقاب من ربنا ليا، أنا ما ستهلشي أعيش لحظة واحدة.
انهت حديثها وأجشهت في البكاء.
فحزنت عشق من أجلها، واردفت بهدوء:
– حكمتي منين إن ربنا بيكرهك يا رحاب! واللي حصلك دا ليه بتقولي عقاب من ربنا على كل أعمالك! ليه ما شوفتيش إن الموقف دا كان بمثابة قلم بسيط بيفوقك به.
فنظرت لها رحاب بتركيز، فأكملت عشق:
– احنا مش قد غضب ربنا علينا يا رحاب، الموقف إلا حصل مهما كنا شايفينه صعب، بس دا ولا حاجة لو ربنا سبحانه وتعالى أراد أن ينزل علينا غضبه وعقابه، ربنا بيحب عبادة يا رحاب، وسبحانه وتعالى دايمًا بيدينا فرص كتيرة جدًا عشان نرجعله ونتوب، ربنا مش محتاج لتوبتنا، احنا اللي محتاجين رضى ربنا علينا وستره لينا، احنا مستورين برحمة ربنا، مهما كانت الذنوب اللي عملناها، ربنا دايمًا فاتح لنا أبواب التوبة، “رحمة الله وسعت كل شيء”.
ما ينفعشي نقنط من رحمة ربنا لينا، شوفي الآية إلا في سورة “الزمر”
۞ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ”
صدق اللّٰـه العـظـيـم.
شوفتي جمال وعظمة رب العباد، بيطمنا إزاي في الآية الكريمة دي، ما ارحم رب العالمين على عبادة، “لا تيأسوا من روح الله”.
بتعتقدي السوء إزاي بعد كل دا! ربنا بيحبك يا رحاب؛ علشان كدا أداكِ فرصة تانية، حياتك دلوقتي في إيدك تخليها للأفضل، وفي إيدك تكتأبي وتعيشي في يأس، وتحرمي نفسك من متع الحياة إلا بجد، في رضى ربنا، ورضى أهلك.
ظلت عشق تتحدث معها كثيرًا، ورحاب تنصت لها براحة تتسرب لأوردتها، وبالفعل أخذت القرار للتغيير للأفضل، كما أنها قررت أن تنتقب، فتفاجئت عشق بقرارها، وخافت أن يكون قرار وليد اللحظة، ولكن رحاب أكدت لها أنها واثقة من قرارها ذاك، فأتفقا على الخروح سويًا ومعهما رنا، للتسوق لشراء ثياب جديدة.
فخرجت رحاب لوالدتها، التي كانت تنتظرهما بالخارج، واعتذرت من والدتها كثيرًا على جميع تصرفاتها الهوجاء سابقًا، فسعدت الأم كثيرًا، ونظرت لعشق بمحبة.
تناولوا الفطور سويًا، في جو مرح تضيفه تلك العشق.
فأخبرت رحاب والدتها بقرارها، ورحبت والدتها بقرار ابنتها، وتحمست رحاب أكثر وطلبت من عشق أن يخرجا الآن ليشتروا الثياب، فوافقت عشق بصدر رحب، وطلبت رحاب نقاب وثياب لتخرج بهما، فهي منذ تلك اللحظة لن تخرج بدون نقابها.
فشاكساتها عشق، وتعالت قهقهاتها، ولسوء الحظ كان يونس يصعد لغرفته على السطح ومعه صديق خاله طارق، ويدعى عبد الرحمن، فشعرا يونس بالغضب والغيرة تستولي عليه، لاستماع من معه لصوت ضحكات تلك العشق، التى تأمرت على أن تجعله يجن، فأكمل صعود الدرج وهو يكظم غيظه وغيرته.
أما عن عشق فنزلت لشقة جدها، وأخبرت والدتها بخروجها مع رحاب، فلم تعترض.
وطلبت عشق من رنا أن تأتي معهما، فاعترضت فهي لا تريد الاستماع لحديث رحاب الاذع، ولكن عزة والدتها أصرت عليها أن تذهب معهما وتشتري أيضًا بعض الثياب لعملها -فرنا تعمل معلمة في إحدي المدارس الخاصة- فاضطرت رنا أن تذهب معهما.
فأخذت عشق طقمًا لم ترتديه قبلًا بكل احتياجته، وأعطته لرحاب، التي سعدت كثيرًا به.
فابتسمت عشق لها، ونزلت لتستعد هي الآخري للخروج.
فتقابلت أثناء هبوطها الدرج بيونس، الذي كان يحمل قنينة مياه مثلجة، وما زال وجهه محتقن غاضب، فتصادف مع تلك العشق، الذي قلبت كيانه، فتنهد باشتياق، ولكن تذكره لاستماع صديقه لقهقاتها العالية، أشعل غضبه وغيرته ثانية، فهتف بحده وانفعال لم يتحكم بهما.
فكادت عشق تلقي عليه السلام، ولكنها تفاجئت بهجومه عليها في الحديث.
– يا ريت يا آنسة عشق، تخلي بالك إن فيه رجالة في البيت، يعني صوتك العالي وضحكك دول ما ينفعوش عندنا هنا، مش أكون طالع بصديق معايا، أسمع الهانم بتهزر وتضحك، وصوتك واصل لأخر الشارع، لو ما تعرفيش أصول أهل البيت اللي أنتِ ضيفة فيه، يا ريت تسألي أفضل، لأني مش هسمح بالمسخرة دي تتكرر مرة تانية.
انهي حديثه بانفعال شديد، وغيرة متهورة، جعلته يجرح تلك العصفورة الرقيقة.
أما عن العصفورة تلك، فاستمعت لحديثه بصدمة، وشعرت بالقهر بقلبها، وتساقطت عبراتها، فحديثه معها الآن أكد لها أنه يبغض تواجدها، فلم تقدر على نبث حرف له، فصوتها خذل هو الآخر ممن يقف أمامها، فلم تجد شيئًا غير أن تكمل سيرها للأسفل بخزي وخيبة، وألم.
فنظر يونس لطيفها بصدمة ووجع، من كم الخيبة الذي استشعرها منها، فكيف حدثها بتلك الطريقة الجارحة؟! ما ذنبها بغيرته عليها؟! كيف سيصلح ما أفسده تسرعه وغيرته؟!
غبي، يا لك من غبي يونس، لقد قطعت أمل الوصال مع عصفورتك، كيف تألمها بكل ذلك الجحود؟
خرجت الفتيات معًا، وسط صمت عشق، واعتذار رحاب لرنا، وتقبل رنا لإعتذارها بكل طيبة.
حاولت عشق أن تندمج معهما وتخفي ما بها كعادتها، فتشاركت معهما في اختيار ثيابهم، وكم كان ذوقها مهندمًا رقيقًا، فعشق على الرغم أنها منتقبة، ثيابها محتشمة وساترة لكامل بدنها، ولكنها ذي ذوق جميل يناسب عمرها، بعد مضي بضع ساعات، انتهيا الفتيات من التسوق، فعادوا للمنزل بابتسامة سعيدة، انمحت تدريجيًُا عندما وجدوا جلوس الجميع بوجهه واجم.
فأقتربت عشق من والدتها الباكية، بقلق:
– مالك يا ماما بتبكي ليه؟ إيه اللي حصل؟
فنظرت لها جميلة بعيون باكية:
– عمك…
– ماله عمي يا ماما؟!
فوقف الجد، وطلب منها بهدوء:
– تعالى يا عشق يا بنتي، اسنديني نطلع لفوق وهفهمك كل حاجة.
فنظرت عشق لوالدتها وجدها بحيرة وعدم فهم، ولكنها اقتربت من جدها، وأمسكت يده وذهبا للأعلى، فجلسا في غرفة الصالون.
– في إيه يا جدو؟!
– عمك يا عشق بعت المحامي بتاعه، وخرج ورقة عليها أمضتك.
– ورقة إيه يا جدو اللي عليها إمضتي؟!
– ورقة جواز من ابنه، بيقول أنكم متجوزين من وراهم من زمان.
هتف يونس بغضب وهو يقف خارج الغرفة، ويدير ظهره لباب الغرفة.
فشهقت عشق بصدمة، وعدم استيعاب، فتساقطت عبراتها حزنًا، ودافعت بحزن لأعتقادها أنهم قد صدقوا الحديث:
– أنا مستحيل أعمل كدا يا جدو، أن…
– أنتِ بتبرري إيه يا بنتي! أنا بتكلم معاكِ علشان نشوف حل، دي لعبة محامي عشان ينقذ أكرم من العقوبة.
برغم سعادة عشق لعدم شك جدها بها، ولكنها شعرت بالخوف:
– طيب إيه الحل يا جدو؟ أنا مش مصدقة إن عمي يوافق على حاجة زي دي! أنا مستعدة أتنازل عن حقي في الم…
– علي جستي يا عشق إن دا يحصل.
صاح يونس بغضب وانفعال هادر وهو يخبط على باب الغرفة.
ففزعت عشق، وأنزلت نقابها وجلست جوار جدها برعب، من انفعال يونس.
فهتف الجد بحدة:
-ادخل يا يونس، وبلاش انفعال.
فدخل يونس بوجه مشتعل، فوجد عصفورته متشبثة بجوار جدها، فزفر بضيق، وقال:
– أنا مش عارف يا جدي ما سبتنيش على المحامي عديم الضمير دا، أعلمه الأدب ليه!
– أنت اتجننت يا يونس! من أمتى وأنت بتاخد كل حاجة بالدراع! وإيه الغضب اللي بقى مرسوم على وشك دايمًا دا؟! بقى أنت الشيخ يونس حافظ كتاب الله! الغضب يا بني بيعمي عن التصرف السليم.
فتدخلت عشق بهدوء، ولم ترفع رأسها له:
– لو سمحت يا شيخ يونس، ما تورطش نفسك في مشاكل مالكش دخل بها، وممكن تأذيك، أنا هتنازل عن ورثي والمحضر، وعمي وقتها هيهدى و…
فاشتعل غضبه من حديثها، وخنوعها بتلك الطريقة، وقاطع باقية حديثها، وهدر بانفعال، جعلها تنكمش أكثر بجوار جدها:
– أنتِ شيفاني عيل قدامك مش هقدر أخد حقك من الكلاب دول، الك لب ابن عمك حاول يأذيكِ أكتر من مرة، والبيه عمك طمعان في ورثك أنتِ وخالتي، وطايح كأن مالكيش ضهر وسند، مالكيش رجالة تجبلك حقك ولا إيه؟!
فحاولى تهدئة نفسه، عندما لاحظ رعشتها:
– عمك جاي كمان شوية، علشان ياخد مرات ابنه، اللي هي حضرتك، تحبي بقى اسيبه ياخدك من وسطنا عادي كدا؟
برغم رعب عشق من فكرة عودتها مرة أخري لجحيم ابن عمها، ولكنها تمتمت بعزة نفس، بعد جرحه لها اليوم:
– أنا مقدرة جمايلك دي كلها، ومتشكرة لحضرتك إنك بتحاول تساعد ضيفة في بيتك، بس لو سمحت ما تدخلشي في مشاكلي الخاصة.
– بت أنتِ، أنا مش ناقص جنان على المسا، شغل ضيفة، وشكرًا لحضرتك مش وقته خالص، احنا كلمنا محامي العيلة وقالنا على الحل اللي يخرجنا من الورطة دي.
فنظرت لجدها الصامت، والمستمع لمناوشتهما سويًا بغموض، فسألت عشق بعدم فهم:
– حل إيه دا يا جدو؟!
فتنهد الجد وهو يجيبها:
– الحل الوحيد للمشكلة دي، إنك تتجوزي بتاريخ قديم.
فجحظت مقلتاها بصدمة:
– نعم! أتجوز إزاي؟! ومين دا إلا هتجوزه؟!
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية عشق اليونس)