روايات

رواية عشق اليونس الفصل الأول 1 بقلم ولاء علي

رواية عشق اليونس الفصل الأول 1 بقلم ولاء علي

رواية عشق اليونس البارت الأول

رواية عشق اليونس الجزء الأول

عشق اليونس
عشق اليونس

رواية عشق اليونس الحلقة الأولى

في مدينة المنصورة.
في منزلٍ يظهر عليه الرقي والثراء، يحاط
بحديقة خلابة مليئة بالأشجار والورود المميزة،
التي تملىء رائحتها الأجواء.
نذهب لداخل ذلك المنزل لنلقي نظرة عليه،
فنجده ذو تصميم عصري رائع ورقيق.
وأمام الكثير من الصور المعلقة علي جدران ذلك
المنزل، نجد امرأة تقف أمام إحداها، تنظر لها باشتياق وحب، وحزن يلتمع بمقلتاها،
فغمغمت بقلب يأن ألمًا:
– وحشتيني يا حبيب عمري، مش بتغيب عن تفكيري لحظة واحدة، شوفت إلا حصل فينا من بعدك، الكلاب بقت بتنهش فينا؛ عشان بقينا لوحدنا من غير راجل، أخوك إلا المفروض يحافظ علينا ويحمينا هو أول إلا بينهشوا فينا، طمعان في الورث إلا سيبته لبنتنا، مكفهوش نصيبه إلا أخده حسب شرع اللّٰه، ويا ريتها جات على الفلوس بس، كنا سامحنا، بس إلا عمري ما هسمح به أبدًا إنه يجوز بنتنا الوحيدة لابنه التلفان، ووسط ظلم أخوك وجبروته مش في
إيدي حاجة أقدر أعملها، غير إني أخد بنتنا ونسيب هنا، المكان اللي عشنا فيه أسعد لحظات
عمرنا، كل ركن فيه مليان بذكريات لينا،
فيه مرينا بأوقات سعادة وفرح، وحزن ووجع، عمرك ما سيبت إيدي، هنسيب بيتنا ونهرب بعيد يا حبيب، صعب عليا أسيب هنا، بس كله يهون في سبيل حماية بنتنا، كنت دايمًا بتطمني وتهون الصعاب والظروف عليا، عشق واخدة كتير منك، خفة دمك، وتحملك، مهما كانت شايلة هم عمرها ما بتبين، دايمًا وشها بشوش بيطمن إلا يشوفه، ربنا يرحمك يا حبيبي.
انهت حديثها لصورة زوجها بتنهيدة عميقة، تنم
على كم الوجع التي تعيشه، فأزالت عبراتها المنسابة على وجنتيها بحزن، فشعرت بمن
يحتضنها من الخلف، فلم يكن غير ابنتها
المشاكسة والغالية على قلبها، ثمرة عشقها
من حبيب عمرها “عشق”.
فغمغمت عشق بمرح وهي تحتضن والداتها:
– أنتِ يا ست أنتِ عمالة تحبي في البوب عادي كده في وجودي، طب راعي إني سنجل بائسة،ومش لقية قرد يعبرني حتى.
فضحكت الأم على مشاغبة ابنتها الحبيبة،
فاستدارت لها وضربتها بخفة على رأسها،
وقالت:
– يا بت اعقلي وأكبري شوية عندك (20سنة)
ولسه هبلة زي مانتي!
فرمقتها عشق بتذمر مصطنع ودراما:
– بقى أنا هبلة يا جميلة، مكنش العشم يا مزتي،
بعد كل إلا عملته عشانك وضحيت به، تكون دي أخرتها، يا آسفاه.
– هههه مش هخلص من جنانك انهاردة، أوعي يا
بت كده، خليني أكمل توضيب الشنط؛ عشان
نلحق نمشي بسرعة، قبل ما حد ينتبه لينا.
فنظرت عشق لوالدتها، وغمغمت بجدية، بعدما
أمسكت يدها وقبلتها:
– أنا عارفة يا ماما إنك زعلانة ومضايقة؛ عشان
هنسيب هنا، وفيه كل ذكرياتنا، بس صدقيني يا
ماما، ذكرياتنا دي مطبوعة جوا قلوبنا، عمرها ما
تتمحي مهما بعدنا عن هنا،
وأوعدك أكمل (21 سنة) وهنرجع تاني،
ووقتها هقدر أقف ليهم، لأني بإذن الله طبعًا، هكون محامية قد الدنيا يا مزتي، وليا شنة ورنة
في محاكم مصرش كلها.
فغمزت لوالدتها بمرح.
فاحتضنتها والدتها بحب وحنان:
– ربنا يباركلي فيكِ يا حبيبتي، ويحميكي ويبعد
عنك الأذى يا رب، ومش مهم المكان يا قلبي
الأهم إنك معايا، وبعيدة عن شرهم، ربنا ينتقم
منهم قادر يا كريم.
مر الوقت وانتهيا من وضع ثيابهما في الحقائب،
مع أخذ بعض الصور كذكرة، فالله وحده أعلم هل سيأتيان لهنا قريبًا أم لا، فهذا في علم الغيب،
فقاما بأخذ جميع المصوغات والأموال المتواجدة
معهما في خزنه المنزل، وبعدما انتهيا وأحكموا
غلق حقائبهما، خرج من الباب الخلفي للمنزل.
في ذلك الوقت كان يصدع أذان الفجر،
فتحركا سريعًا للعربة التي تنتظرهما بعيدًا عن
محيط المنزل، فصعدوا بها، وتحركت بهما
إلى الإسكندرية “عروس البحر المتوسط “.
في مدينة الإسكندرية.
في إحدي حارات تلك المدينة الخلابة:
في حارة تسمى “حارة السلطان”.
في جامع تلك الحارة، كان يقف يؤم المصلين شابًا في منتصف العشرينات، فقد كان يظهر من نبرة صوته التأثر والخشوع بآيات الله، فقد كان صوت ذلك الشاب يجذبك بشكل لا إرادي
للأنصات له بعمق، فلقد ميزه الله عزوجل بالقبول وحسن الخلق، والصوت الجميل في تلاوة القرآن الكريم.
فختم الصلاة وجميع من في المصلى يصافحه بحب وترحاب وثناءً عليه، وكان من يستسفر منه عن تفسير آيه قرآنية، أو سؤالًا في الفقه يجهله،
فالجميع يعلم مقدار عِلمه، فيلقبونه:
“بالشيخ يونس”.
“يونس”:
– شاب مصري بسيط، ليس گأبطال الروايات مفتول العضلات أو عريض المنشحين، ولكنه يمتلك جسد مثل جميع الشباب المصرية،
ليس بالقوي الفولاذ ولا بالهزيل الضعيف،
فهو متوسط البنية، ذو ملامح رجوليه خالصة، بشرة قمحية وعيون بلون البندق، وطولًا مناسبًا،
ولكن أهم ما يميزه إنه حافظٍ لكتاب الله كاملًا
بالتجويد والأحكام، فهو خريج كلية علوم شريعية، هادىء ولين الطباع، ويمتلك حس فكاهي، ولكن فلتحذر عزيزي من غضب ذلك اليونس، فقد صدق مقولة:
“احذر من الحليم إذا غضب” فيصبح مثل
الإعصار، لا يقدر أحد على إيقافه، أيضًا من صفاته التى تعتبر سلاح ذو حدين
“الغيرة”، للوهلة الأولى نرى ذلك شيئًا جيدًا،
ولكن لكل شىء حد ومقدار، فإذا زاد عنهأصبح جنوني، وبطلنا الخلوق يصل لتلك الدرجة من الجنون، بالطبع لم يكتشف بعد ذلك الجزء الجنوني من شخصيته، فكل ذلك سيكشف عندما يتقابل مع عشقه، وسيكتشف الكثير عنه لم يكن يعلمه، ولكن السؤال هنا: إلى أي مدى ستصل تلك
الغيرة، فهل سيقدر على التحكم بها أم الأمر
سينفلت من بين يديه؟ فدعونا نغوص معًا في رحلتنا القصيرة تلك لنعلم الإجابة، ونستمتع بكل
ما بها من أحداث.
-سميت الحارة (حارة السلطان) على اسم عائلة يونس؛ بسبب أن أجداده كان لهم الفضل في حماية تلك الحارة منذ زمن بعيد، وأيضًا دائمًا يرحبون بمساعدة المُحتاج، كما أنهم هم من يتدخلا لحل أي نزاع بين أفراد الحارة، فالجميع يحترم كلمة “الحاج رضوان” جد يونس من ناحية الأم، فهو كبيرهم، ويليه والد يونس السيد “خالد سلطان”، وأيضًا يونس له كلمة مسموعة في الحارة، فالجميع يهابه ويحترمه-
فكان بطلنا يجلس بين جمع من المصلين في المسجد، وبعد عدة دقائق انفض الجمع من حوله، فوجد يونس من يضع يديه على كتفه ويبتسم بوقار وهو يغمغم:
– حرمًا يا شيخ يونس.
فابتسم يونس بحبور:
– جمعًا إن شاء الله يا حاج، ونكون صُحبه في الحرم بإذن الله.
فلثم يد أبيه وأسنده وخرجا من المسجد.
– ربنا يكرمنا بزيارته يا رب يا بني، أطمن عليكم بس وأخد أمك ونسافر، ويارب يعطرنا في
خالتك، من وقت جوازها من سنين طويلة، وعمي غضب عليها؛ عشان كان نفسه يجوزها لعمك يوسف، بس هي حبت جوزها وصممت على جوازها منه، ومن ساعتها وجدك قطع العلاقة بينا وبينها خالص، وحلف عليها ما تدخلشي البيت عليه طول مهو عايش.
– أطمن يا حاج، أنا بدور عليها وبإذن الله هوصلها، وكمان جدي رضى عنها وعايز يشوفها، يرجع بالسلامة مع خالي من العمرة وكل حاجة بإذن الله هتكون تمام.
– يا رب يابني، ربنا يباركلي فيك يا حبيبي، ودايمًا عكازي وضهري، هِم بينا بقى عشان زمان الحاجة محضرة الفطار ومستنيانا.
فذهبا إلى المنزل الذي يتكون من عدة طوابق، فصعدا للطابق الثالت، فوجدوا كلا من الأم والإبنة في انتظارهما على طاولة الفطور.
– السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
-وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا حاج.
– حمدالله بالسلامه يا بابا، حرمًا بإذن الله.
غمغمت رنا الإبنة الكبرى بهدوء.
-جمعًا يا حبيبة قلب أبوكي، عاملة إيه حبيبتي انهاردة، لسه تعبانة يا حبيبتي؟
– الحمد لله، بقيت انهاردة أحسن يا حبيبي.
– الحمد لله.
يونس بضيق مطصنع:
– هو أنا هوا ولا إيه يا أستاذة رنا؟
فابتسمت له شقيقته بخفة:
– أنت حبيب قلب أختك يا يونس.
– حبيبة قلب أخوها العاقلة، تعرفي إيه السؤال المحير يا رنوش اللي دايمًا بسأله لنفسي، وزة أتوحمت فيكِ على إيه عشان تكوني هادية وعاقلة كدا وأنا مجنون؟!
– ههههه الله يحظك يا شيخ يونس.
– في إيه يا وزة! أنتِ تقولي شيخ والحاج يقول شيخ، انا مش شيخ يا جدعان والله، أنا شخص علمه بسيط لا يرتقى لعلم المشايخ والعلماء.
– ربنا يزيدك يا حبيبي بالعلم النافع، أنا دايمًا فخور بك يا بني وراضي عليك، ربنا يكرمك ببنت الحلال اللي تكون فرحة عمرك وسعادتك.
– ربنا يباركلنا فيكم يا حج، أنتو الخير والبركة، وأساس كل حاجة في حياتنا، يله نفطر بقى.
فجلسوا يتناولون فطورهم في جو من البهجة، يضيفه عليهم يونس بمرحه وخفة ظله.
في نفس المنزل، ولكن في الطابق التاني منه، حيث توجد شقة شقيق الحاج خالد، وهو:
يوسف سلطان: الأخ الاصغر له، متزوج ولديه إبنة وحيدة، شخص طيب وحنون، يحب شقيقه الأكبر ويحترمه، ويعتبر يونس ابنه البكري، فيونس أخذ من عمه خفة الظل، وبالرغم من معدن ذلك اليوسف الطيب، رزقه الله بفتاة حقودة وغيورة.
فهي تدعى رحاب: في ال(23 من عمرها) ترتدي حجابًا يتواكب مع المودة كما يدعي البعض، فهو أبعد من أن نطلق عليه ححاب، فهو عبارة عن إيشارب صغير تعقده للخلف، يظهر أغلب ما يخفى، كما أن ثيابها غير لائقة بفتاة مسلمة.
في غرفة تلك الرحاب، نجدها تقف أمام مرأة غرفتها وهي تنظر لنفسها ولمكياجها الصارخ وهي تتحدث على الهاتف مع صديقتها بنبرة مغترة:
– يا بنتي قولتلك دا واد كحيان، مش عارفة عجبك على إيه؟!
فاستمعت لرد صديقتها.
– ههههه طبعًا يا بنتي، دانا رحاب سلطان مش أي حد يعني.
– تؤتو، هيجي راكع قدامي وهحط شروطي، وبكرة تشوفي أكرم البحيري هيكون زي الخاتم في صباعي.
– بقولك إيه، اقفلي دلوقتي؛ عشان ماما بتنادي عليا.
فأغلقت معها، وخرجت لوالدتها وهي تزفر بضيق:
– يا نعم يا ست ماما، خير عايزة إيه؟
– يا بنتي سيبك من الزفت إللي في إيدك دا وتعالي جهزي معايا الفطار بسرعة، أبوكي تعبان ومقدرش ينزل للصلاة في المسجد.
فنفخت بضيق:
– حاضر، ربنا يتوب عليا من الهم دا.
– ربنا يهديكي يا بنتي، ويبعد عنك شيطانك إلا هيدمرك.
علي الناحية الأخرى
كانت قد وصلت تلك الجميلة عشق ووالدتها إلى الإسكندرية، ووصلا إلى المكان الذي سيمكثون
به.
فنظرت عشق لوالدتها باستغراب:
-ماما، حضرتك واثقة من العنوان دا؟!
– أيوا طبعًا يا بنتي، دي منطقتنا اللي اتولدت وعيشت فيه (18سنة) هتوه عنها يعني!

فغمغت عشق بصوت رقيق عذب:
– أنا قلقانه وخايفة جدي يقول كلمة توجعك، وكمان مش هستحمل يقول أي كلمة في حق
بابا الله يرحمه.
– جدك مهما كان زعلان مني، عمره ما هيقسى عليا وعليكي يا بنتي، السنين دي كلها مشوفتهوش ولا شوفت أختي وأخويا، مشتاقة لكل حاجة معاهم، وكمان مش هطمن عليكي غير وسطهم، هما اللي هيقدورا يحموكي.
فتنهدت عشق بقلة حيلة، وغمغمت بمرح:
-إلا تشوفيه يا ماما، يله بقى شوفلنا بيت العز يا بيتنا دا فين، عشان ركبي بتخبط في بعضها، وعنيا بتبربش من تحت البيشة.
-نعم، فعشق منتقبة، وتضع البيشة أيضًا، لتخفي الجزء الصغير الظاهر منها، فهي فتاة جميلة بشكل لافت ومبهر للانظار.
-ههههه يله يا مجنونة.
فحملوا حقائبهم، وسط نظرات الجميع المتسألة عن هوية هاتان السيدتان؟
فوصلوا للمنزل، فضغطت عشق على زر جرس الباب، وانتظرا قليلُا إلى أن فُتح الباب من قبل فتاة شابة، فنظرت لهما باستغراب:
جميلة (والدة عشق) بابتسامة لتلك الفتاة:
– السلام عليكم يا بنتي.
– وعليكم السلام، أهلا وسهلًا.
جميلة:
– أهلًا بكِ يا حبيبتي، كنت عايزة أشوف عزة سلطان يا بنتي.
– حاضر، اتفضلوا جوه هنادي لماما، بس أقولها مين؟
جميلة:
– بسم الله ماشاء الله، أنتِ رنا بنتها، كبرتي يا حبيبتي، فيكي كتير من عزة وخالد.
– حضرتك تعرفي بابا وماما؟!
فتدخلت عشق بمرح:
– أعتذر عن المقاطعة يا جميل، بس اعذريني يا أختشي عشان شوية كمان وهتشلوني من الأرض، فدخلينا ينوبك صواب وقعدينا، عشان ركبي بتزيق فى بعضيها، حكم السن بقى يا قمراية.
فنظرت رنا لتلك المنتقبة صاحبة الصوت العذب،المليء بالمشاكسة بابتسامة:
– اتفضلوا طبعًا استريحوا.
عشق بشقاوة:
– يزيد فضلك يا مزتي، أه يانا تعبانة، أنا كائن فرهود، لا يحبذ الخروج ولا السفر مطلقًا.
– ههههه يا بنتي بطلي شقاوة شوية.
– عيوني يا جيمي، أنتِ تؤمري يا عسل.
– ربنا يهديكي يا بنتي، معلشي يا رنا يا بنتي، هي عشق بنتي مجنونة شويتين.
– شكرًا يا جيمي، دايمًا كدا رافعة معنوياتي للسما يا روحي، وهوبا تقومي رمياها في قاع المحيطات.
– ههههه واضح إن دمك خفيف يا آنسة عشق.
عشق بخضة مصطنعة:
-أنسة! ياه أخيرًا لقيت حد يحترمني في المجتمع دهوت، دنا كنت ناوية أهاجر على لامبورجيني، عشان ألاقي أي كائن يحترمني.
-ههههه افصلي يا بنتي شوية.
رنا:
-ههههه استريحي حضرتك وهنادي على ماما.
-رنا، سايبة باب البيت مفتوح ليه؟!
فاخفضت عشق انظارها، عندما استمعت لصوت ذلك الشاب.
ونظرت جميلة لذلك الشاب، فعلمت إنه ابن خالد
فهو يشبه بشدة.
– عندنا ضيوف يا يونس.
فغض بصره بحياء:
– احمم، أهلا وسهلا شرفتونا.
جميلة بمحبة:
– أهلا يابني، ربنا يحميك يا رب.
فنظرا لتلك السيدة باحترام:
– نورتونا يا أمي عن إذنكم، البيت بيتكم.
-تسلم يا بني.
فرن هاتف عشق، فكانت صديقتها المقربة:
– ماما، هخرج برا أرد على سارة؛ عشان الشبكة هنا ضعيفة.
رنا:
– ممكن تطلعي معايا للروف وتتكلمي براحتك، أفضل من الوقفة برا.
عشق بمرح:
– والله يبقى كتر خيرك يا مزتي، أحسن أنا عندي صاحبة شرشوحة، وهتخليني أشرشح معاها، ومنظري هيبقى مهذأ قدام العامة.
رنا :
– ههههه لا، كله إلا الشرشرحة وسط العامة،
استريحي يا طنط وهنادي لماما تنزل لحضرتك.
فذهب كلا من رنا وعشق لسطوح المنزل.
رنا:
– اتفضلي يا ستي اتكلمي براحتك،، ولما تخلصي أنزللنا تحت.
_شكرًا يا قلبي، تعبتك معايا.
فذهبت رنا وتركت عشق تجيب على صديقتها.
عشق:
– السلام عليكم.
– وعليكم السلام، أنتِ فين يا عشق؟ أنا جيتلك الصبح وخبط كتير عليكم ومحدش رد، وسألت الجيران ماحدش شافكم خالص، والزفت عمك والحيوان ابنه بيدورا عليكم، وموقفقين واحد قدام فيلتنا عشان لو جيتي عندي أو أنا روحتلك، طمنيني عليكي وعلى طنط، أنا هموت من قلقي.
في نفس الوقت كان يصعد يونس للأعلى، فيوجد لديه غرفة مجهزة للجلوس بها أو للنوم إذا أحب، ففي وقت حزنه أو سعادته يريد أن يختلي بنفسه بها، ويريح قلبه وعقله لقراءة القرآن الكريم .
فتصلب في مكانه، عندما استمع لصوت عذب لم يستمع له من قبل!
فتنهدت عشق بوجع وضيق، وغمغمت بصوتها الرقيق العذب ذو البحة المميزة:
– اهدي يا سارة وخدي نفسك، كل دي أسئلة، احنا بخير الحمد لله، بس ما كنش ينفع أفضل أكتر من كدا عندك، أنا لو كنت فضلت لوقت مالاقي نفسي مرات الزفت دا، كنت هموت يا سارة من قهرة قلبي، عمي شيطانة عماه وطمع في ورثي، وابنه طمع فيا.
فنزلت دموعها قهرًا على ما آلت له الأحداث، وغمغمت بصوت متشحرج من البكاء:
– مش قادرة أصدق إن الحيوان دا كان في لحظة هيضيعني، بحمد ربنا إنه سترني وحماني منه، لوللا شاف التشوه إلا في وشي واتصدم، ما كنتش هقدر أتصرف وأنقذ نفسي، حاسة بخنقة ووجع كل ما أتخيل بإلا كان ممكن يحصل، نفسي أصرخ بكل الوجع والقهر إلا في قلبي.

أصبح جنوني، وبطلنا الخلوق يصل لتلك الدرجة من الجنون، بالطبع لم يكتشف بعد ذلك الجزء الجنوني من شخصيته، فكل ذلك سيكشف عندما يتقابل مع عشقه، وسيكتشف الكثير عنه لم يكن يعلمه، ولكن السؤال هنا: إلى أي مدى ستصل تلك
الغيرة، فهل سيقدر على التحكم بها أم الأمر
سينفلت من بين يديه؟ فدعونا نغوص معًا في رحلتنا القصيرة تلك لنعلم الإجابة، ونستمتع بكل
ما بها من أحداث.
-سميت الحارة (حارة السلطان) على اسم عائلة يونس؛ بسبب أن أجداده كان لهم الفضل في حماية تلك الحارة منذ زمن بعيد، وأيضًا دائمًا يرحبون بمساعدة المُحتاج، كما أنهم هم من يتدخلا لحل أي نزاع بين أفراد الحارة، فالجميع يحترم كلمة “الحاج رضوان” جد يونس من ناحية الأم، فهو كبيرهم، ويليه والد يونس السيد “خالد سلطان”، وأيضًا يونس له كلمة مسموعة في الحارة، فالجميع يهابه ويحترمه-
فكان بطلنا يجلس بين جمع من المصلين في المسجد، وبعد عدة دقائق انفض الجمع من حوله، فوجد يونس من يضع يديه على كتفه ويبتسم بوقار وهو يغمغم:
– حرمًا يا شيخ يونس.
فابتسم يونس بحبور:
– جمعًا إن شاء الله يا حاج، ونكون صُحبه في الحرم بإذن الله.
فلثم يد أبيه وأسنده وخرجا من المسجد.
– ربنا يكرمنا بزيارته يا رب يا بني، أطمن عليكم بس وأخد أمك ونسافر، ويارب يعطرنا في
خالتك، من وقت جوازها من سنين طويلة، وعمي غضب عليها؛ عشان كان نفسه يجوزها لعمك يوسف، بس هي حبت جوزها وصممت على جوازها منه، ومن ساعتها وجدك قطع العلاقة بينا وبينها خالص، وحلف عليها ما تدخلشي البيت عليه طول مهو عايش.
– أطمن يا حاج، أنا بدور عليها وبإذن الله هوصلها، وكمان جدي رضى عنها وعايز يشوفها، يرجع بالسلامة مع خالي من العمرة وكل حاجة بإذن الله هتكون تمام.
– يا رب يابني، ربنا يباركلي فيك يا حبيبي، ودايمًا عكازي وضهري، هِم بينا بقى عشان زمان الحاجة محضرة الفطار ومستنيانا.
فذهبا إلى المنزل الذي يتكون من عدة طوابق، فصعدا للطابق الثالت، فوجدوا كلا من الأم والإبنة في انتظارهما على طاولة الفطور.
– السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
-وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا حاج.
– حمدالله بالسلامه يا بابا، حرمًا بإذن الله.
غمغمت رنا الإبنة الكبرى بهدوء.
-جمعًا يا حبيبة قلب أبوكي، عاملة إيه حبيبتي انهاردة، لسه تعبانة يا حبيبتي؟
– الحمد لله، بقيت انهاردة أحسن يا حبيبي.
– الحمد لله.
يونس بضيق مطصنع:
– هو أنا هوا ولا إيه يا أستاذة رنا؟
فابتسمت له شقيقته بخفة:
– أنت حبيب قلب أختك يا يونس.
– حبيبة قلب أخوها العاقلة، تعرفي إيه السؤال المحير يا رنوش اللي دايمًا بسأله لنفسي، وزة أتوحمت فيكِ على إيه عشان تكوني هادية وعاقلة كدا وأنا مجنون؟!
– ههههه الله يحظك يا شيخ يونس.
– في إيه يا وزة! أنتِ تقولي شيخ والحاج يقول شيخ، انا مش شيخ يا جدعان والله، أنا شخص علمه بسيط لا يرتقى لعلم المشايخ والعلماء.
– ربنا يزيدك يا حبيبي بالعلم النافع، أنا دايمًا فخور بك يا بني وراضي عليك، ربنا يكرمك ببنت الحلال اللي تكون فرحة عمرك وسعادتك.
– ربنا يباركلنا فيكم يا حج، أنتو الخير والبركة، وأساس كل حاجة في حياتنا، يله نفطر بقى.
فجلسوا يتناولون فطورهم في جو من البهجة، يضيفه عليهم يونس بمرحه وخفة ظله.
في نفس المنزل، ولكن في الطابق التاني منه، حيث توجد شقة شقيق الحاج خالد، وهو:
يوسف سلطان: الأخ الاصغر له، متزوج ولديه إبنة وحيدة، شخص طيب وحنون، يحب شقيقه الأكبر ويحترمه، ويعتبر يونس ابنه البكري، فيونس أخذ من عمه خفة الظل، وبالرغم من معدن ذلك اليوسف الطيب، رزقه الله بفتاة حقودة وغيورة.
فهي تدعى رحاب: في ال(23 من عمرها) ترتدي حجابًا يتواكب مع المودة كما يدعي البعض، فهو أبعد من أن نطلق عليه ححاب، فهو عبارة عن إيشارب صغير تعقده للخلف، يظهر أغلب ما يخفى، كما أن ثيابها غير لائقة بفتاة مسلمة.
في غرفة تلك الرحاب، نجدها تقف أمام مرأة غرفتها وهي تنظر لنفسها ولمكياجها الصارخ وهي تتحدث على الهاتف مع صديقتها بنبرة مغترة:
– يا بنتي قولتلك دا واد كحيان، مش عارفة عجبك على إيه؟!
فاستمعت لرد صديقتها.
– ههههه طبعًا يا بنتي، دانا رحاب سلطان مش أي حد يعني.
– تؤتو، هيجي راكع قدامي وهحط شروطي، وبكرة تشوفي أكرم البحيري هيكون زي الخاتم في صباعي.
– بقولك إيه، اقفلي دلوقتي؛ عشان ماما بتنادي عليا.
فأغلقت معها، وخرجت لوالدتها وهي تزفر بضيق:
– يا نعم يا ست ماما، خير عايزة إيه؟
– يا بنتي سيبك من الزفت إللي في إيدك دا وتعالي جهزي معايا الفطار بسرعة، أبوكي تعبان ومقدرش ينزل للصلاة في المسجد.
فنفخت بضيق:
– حاضر، ربنا يتوب عليا من الهم دا.
– ربنا يهديكي يا بنتي، ويبعد عنك شيطانك إلا هيدمرك.
علي الناحية الأخرى
كانت قد وصلت تلك الجميلة عشق ووالدتها إلى الإسكندرية، ووصلا إلى المكان الذي سيمكثون
به.
فنظرت عشق لوالدتها باستغراب:
-ماما، حضرتك واثقة من العنوان دا؟!
– أيوا طبعًا يا بنتي، دي منطقتنا اللي اتولدت وعيشت فيه (18سنة) هتوه عنها يعني!

عندما استمع لحديث تلك الفتاة المجهولة شعر بالغضب يتصاعد ويسيطر عليه، وتفاجئ ان صاحبة الصوت العذب هذا مشوهة، ولكنه لم يعير الأمر أهمية، فلا يعلم لما يشعر بالغضب والغيرة القاتلة،لأن ذاك الحيوان حاولى التعدي عليها، وأيضًا أصابه الحزن و الوجع في قلبه لدموعها التي شعرا بها، ولصوتها الموجوع بقسوة.
فأكملت عشق:
– بحمد ربنا أن ماما ماعرفتش حاجة من دي، الله أعلم كان ممكن لا قدر الله يحصلها إيه؟ يمكن لو كان ليا أخ كان عمي وابنه خافوا وعملوا حساب لينا، وعمر الحيوان ابن عمي ما كان هيفكر يعمل كده معايا، أو يقدر حتى يرفع عيونه فيا، أنا موجوعة قوي يا سارة، مافيش أي كلام يقدر يعبر عن وجعي وروحي المدبوحة.
سارة بحزن ووجع على صديقة طفولتها:
– اهدي يا قلبي، أنا معاكي دايمًا، وبإذن الله حقك هيرجع، الظالم مهما افترى هيجي عليه اليوم إلا ربنا سبحانه وتعالى يقتص الحقوق والمظالم منه.
عشق بحزن:
– ربنا يقتص حقي منهم بكل الوجع إلا في قلبي وقلب ماما، بدعي ربنا إنه يرزقني السند إلا يحميني ويقف جنبي، ويكون معايا في الضراء قبل السراء، ويعشق روحي، ومش يهمه شكلي إيه، بتمنى ربنا يرزقني بشخص حنون زي بابا الله يرحمه، أحس بالأمان معاه، اللي أفتقدته من وقت وفاة بابا.
فكان يونس يشعر بضربات قلبه سريعة بشدة، ولا يعلم لحالته تلك سبب، فعادا أدراجه وهبط للأسفل مرة أخرى، ولكن بمشاعر مختلفة، غضب وغيرة، وحزن، ولا يعلم ماذا أصابه!
سارة:
-طب عرفيني أنتو روحتوا فين يا عشق؟
– مش هقدر أقولك دلوقتي يا سارة؛ لأني لسة
مش عارفة أصحاب المكان إلا احنا فيه، هيوافقوا على وجودنا ولا لا.
– حبيبتي أنا معاكي وجنبك في أي وقت،وطمنيني عليكي دايمًا يا عشق.
– تسلميلي يا سرسور، ونعم الأخت والصديقة.
– يا بت بلاش تقفليني منك كدا، قلتلك بطلي سرسور دي، بكرها يا حزمة.
– ههههههه طيب يا سرسور يا سرسور يا سرسور.
– هههههه رخمة قوي، هتوحشيني يا عشقي بجد.
– أنتِ أكتر يا قلبي، يله بقى هقفل معاكي عشان طولت معاكي، ومعرفش جيمي إيه إلا حصل معاها.
– تمام يا روحي، سلميلي على طنط، لا إله إلا الله.
– سيدنا محمد رسول الله.
فأنهت عشق حديثها مع رفيفتها، وهبطت للأسفل
حيث تتواجد والداتها.
فوجدت والدتها تجلس ومعها امرأة أخرى،
علمت أنها خالتها من الصور المحتفظة بها والدتها، وأيضًا كان يجلس معهما رجل كبير ورنا، وشاب أخر، ولكن ما أصابها بالفزع مظهر والدتها الباكي، فأقتربت منها بفزع وقلق…

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية عشق اليونس)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *