روايات

رواية سهم الهوى (امرأة الجاسر) الفصل الحادي والثلاثون 31 بقلم سعاد محمد سلامة

رواية سهم الهوى (امرأة الجاسر) الفصل الحادي والثلاثون 31 بقلم سعاد محمد سلامة

رواية سهم الهوى (امرأة الجاسر) البارت الحادي والثلاثون

رواية سهم الهوى (امرأة الجاسر) الجزء  الحادي والثلاثون

سهم الهوى (امرأة الجاسر)
سهم الهوى (امرأة الجاسر)

رواية سهم الهوى (امرأة الجاسر) الحلقة الحادية والثلاثون

تنهدت تاج وهي تُنهي حديثها مع فراس ثم نهضت قائلة:
هروح أڜوف جاسر عاوز إيه، مامي زمانها على وصول، ولو خرجت من الباب قدامها هتعمل سيناريو.. درامي كالعادة… إنى المفروض أحافظ على صحتي وكفاية إرهاق الفترة اللى فاتت…ومش بحافظ على صحتي.
إبتسم فراس قائلًا:
بصراحة عندها حق،بس الظروف كانت بتحكم،دلوقتي خلاص متأكد إن الصعب إنتهى… ارتاحي.
أومأت له بتوافق مُغادرة،بينما هو إبتسم بخباثه وهو يفكر لتلك البلهاء الذي لا يعلم سبب واحد لإنشغاله بها منذ أول لقاء،ربما ذلك الكسل المُتملك منها هو ما جذبه،هي عكس شخصيته يعشق الحركة والنشاط،التضاد له مفعول خاص.
❈-❈-❈
خرجت تاج من المنزل تسير بخطوات مثقلة بالحزن نحو الكوج، خفقات قلبها تزداد مع كل خطوة، وكأن الهواء من حولها بات ثقيلًا… غصّ قلبها وهي تستعيد ملامح وجه جاسر، كلماته الأخيرة كانت كسهم أصاب عمق روحها…
نظرت نحو الكوخ، عيناها تغرورقان بالدموع التي حاولت عبثًا حبسها،لكن جففتها سريعًا، ثم أغلقت عينيها تحاول أن تهدأ، لكن هل الحنين أقوى من قدرتها على الصمود.
بينما
ازاح جاسر تلك الستارة سُرعان ما
خفق قلبه حين رأي إقتراب تاج من الكوخ، رغم غصة قلبه وهو يراها مازالت تتكئ على تلك العصا الطبية، تنهد بأسى وهو يتابع خطواتها البطيئة، عيناه تفيض بالشوق والحزن في آنٍ واحد، ثم همس لنفسه:
تاج… لسه الجرح سايب أثره، وأنا اللي كنت فاكرها أقوى من أي ألم.
تذكر ذكري مر عليها سنوات ذكري رسخت البُغض فى قلب هالة
[بالعودة قبل سنوات
ضحكات ثلاث صِبيه يلهون وحولهم الخيل بالمزرعة،يستمتعان بالطقس الربيعي ورائحة الزهور تنبعث من حولهم، بلا اضغان أو تعالي من إبنة صاحب المزرعة التى تتعامل معهما على أنهما الأقربين آليها، سواء جاسر القريب للقلب، وهالة الصديقة التى تتعامل معهما ببساطة ومحبة، لقرب أعمارهن،لا تهتم بتحذيرات عمتها المُتعالية انها أعلى من هما شآن، وقت مُمتع كأنهم برحلة خاصة بين أروقة المزرعة لهو وسعادة، تدليل جاسر لها وتعليمه لها كيفية إمتطاء الخيل وكيفية تطويعها لها، كذالك هالة التى كانت تخاف من مجرد إقتراب الخيل منها،ضحكات عالية صافية،لكن هبت رياح خماسينية فجأة
بسبب فضول هالة او بالأحق تقليدها الاعمى
لـ تاج
أرادة ان تُثبت ان تاج ليست أفضل منها بشئ،حتى بإمتطاء الخيول…
ذهبت نحو ذلك السياج وجذبت إحد المُهرات الغير مروضة دون معرفة منها بذلك وضعت عليها سرجً ثم صعدت عليها تظن طالما اللجام بيدها تستطيع التحكم بالمُهرة وتطويعها كما يفعل جاسر وتاج اللذان يمرحان باللهو وهما على ظهر الأحصنه،بالفعل فى البداية هاودتها المُهرة ظنت أنها بذلك ماهرة وان الأمر ليس صعبً،كما كانت تظن… هرولت بالمُهرة نحو ذلك المضمار القريب تقترب من جاسر وتاج،
تاج التى رأتها أولًا فذُهلت كذالك توجست بالخوف على هالة من تلك المُهرة إستدارت بحصانها نحو هالة التى بدأت المُهرة تعود لطبيعتها البربرية وبدأت تنتفض بالتدريج الى أن اصبحت شبة ثائرة، لاحظ جاسر ذلك بعدما نبهته تاج بالفعل هو الآخر إستدار بجواده خلف تاج التى إقتربت من هالة التى مازالت تجهل سبب غضب المُهرة، لكن إزداد غضبها بسبب عدم خبرة هالة فى التعامل مع عنفوان المُهرة وحاولت التشبث أكثر باللجام فى يديها، ظنًا بأن ذلك اللجام هو المُتحكم فقط، لكن إنتفضت المُهرة أقوي وأقوي مع إقتراب تاج، كذالك تسلُط الشمس مع الأتربة بالمكان زادا من إثارة المهرة، بدأت يدي هالة تضعفان مقابل قوة المهرة، بذلك الوقت إقتربت تاج منها، نظرت لها هالة بإرتياب، بينما تحدثت تاج بإرشاد:
هالة إيه اللى ركبك المُهرة دي عنيفة ومش متروضة… حاولي تتمسكي باللجام بقوتك،وكمان حاولي تهديها بصوتك قبل أي حاجة، متشدّيش اللجام مرة واحدة… ارفعي إيديك ببطء وخلي نفسك هادي عشان تحس بالأمان.
هالة كانت في حالة توتر شديد، لكن حاولت تنفيذ تعليمات تاج، ومع كل ثانية كانت المهرة تصدر صهيل غاضب … كذالك جاسر إقترب ورأي المهرة تقترب من تاج وأن اقترابها خطر على الإثنتين صرخ من بعيد قائلًا بتحذير:
تاج، خلي بالك، لو قربتي أكتر ممكن المُهرة توقع هالة من عليها.. إبعدي بحصانك بعيد عنها.
كادت تاج تبتعد عن هالة لكن هالة فقدت السيطرة على المُهرة التى توجهت نحو حصان تاج، التي حاولت أن تمسك أعصابها وهي ترا المهرة الثائرة تندفع ناحيتها، حصانها انتفض لكنه استجاب لحركة يدها بثبات.
جاسر صرخ:
هالة، خدّي بالك… لكن
المهرة كانت أقرب مما توقع، وفعلاً اصطدمت بجانب حصان تاج،جعلته يتراجع خطوة للخلف بعنف… تاج حاولت تهدي حصانها،وتدارك الموقف بصوت هادي وهي بتتكلم مع هاله ببعض الارشادات، لكن هالة فقدت توازنها تمامًا وسقطت من فوق ظهر المهرة على الأرض، تصرخ من الألم، فرت المهرة بعيد قليلًا لكن إقتراب تاج بحصانها جعل حصانها يترتبك حين اقتربت من هالة التى سقطت أرضًا وضرب هالة فى إحد ساقيها صرخت هالة وظنت تاج تعمدت ذلك،بنفس الوقت قفزت فورًا من على حصانها وركضت نحوها:
هالة، إنتِ كويسة ردي عليا.
هالة كانت تتنفس بتسارُع، لكن حركت رأسها بإشارة غضب من تاج…حتى أنها صرخت بـ تاج واتهمتها بتعمدها فعل ذلك،نظرت لها تاج بذهول لكن نفضت ذلك كي تحاول مساعدة هالة،بنفس الوقت وصل جاسر سريعًا، ترجل من فوق الجواد… عيناه مليئة بالقلق وهو ينظر لـ هالة، ثم لـ تاج التي تحدثت بقلق:
لازم تروح المستشفى فورًا… ممكن تكون رجلها اتكسرت.
صرخت عليها هالة وهي تتهمها بأنها السبب…إستغربت من ذلك،لكن ذهبت مع جاسر للمشفي،قاموا بعمل فحص لساق هالة،وقرر الطبيب تجبيرها،لكن كان الكسر مزدوج بساقها فالعظمة كانت مكسورة لإثنين،حتى بعد شفائها، تركت أثر عرجة واضحة بساقها، ربما زالت لحد كبير، لكن تركت أثرًا سبب عرجة خفيفة بساق هاله مازالت الى الآن… بسبب ذلك تحولت علاقة تاج وهالة من صداقة الى عداء]
فاق من تلك الذكري التي زرعت الحقد بقلب هالة، ظنت أنها انتقمت من تاج حين تسببت باصابة تاج…
زفر نفسه بآسف،وغصة فى قلبه وهو يرا إقتراب تاج يشعر
بلحظات ثقيلة تمُر وكأنها دهر من الزمن… ترك الستارة ونظر نحو باب الكوخ الذي إنفتح ودلفت تاج بخطواتها الواثقة رغم أثر التعب الواضح عليها… تطلع إليها بصمت، كأن الكلمات عالقة في حلقه، بينما هي وقفت تنظر إليه بعينين مليئتين بالأسئلة التي لا تحتاج إلى إجابات…
إقترب منها مع كل خطوة يشعر بثقل في صدره، وكأن ذكريات الماضي تتزاحم بداخله، تارة تلهب قلبه بالشوق، وتارة تعصره بالندم. عيناه لم تفارقا وجهها،
كذلك هي، ظلت واقفة في مكانها، عيناها تراقب تقدمه بصمت.. لم تهرب هذه المرة، لكن نظرتها حملت حذرًا وكبرياءً مجروحًا، وكأنها توازن بين رغبة في البقاء وقرار بالرحيل…والحفاظ على ما تبقي بقلبها لـ جاسر.
توقف أمامها لحظة تلاقت العيون التى لمعت بـما تحمله من بوح صامت.. شوقٌ كاد أن يتفجر، وعتاب عالق على أطراف اللسان تنفست بعمق محاولة السيطرة على ارتعاشة خفيفة، لكن نظراته اخترقت حصونها، لتصل إلى مكمن ضعفها.
مد يده سريعًا يجذبها الى حضنه يضمها بقوة، وكأنه يخشى أن تتلاشى من أمامه، وصوته أشبه بالهمس:
تاج…
تركت ذاك العكاز وعانقته هي الأخري بقوة تهمس من نبض قلبها بإسمه:
جاسر…
عناق يشد كل منهما على الآخر كأن رغبة جسديهم فى الالتصاق أقوي من أي
قرار بالفراق أو حذر يسكن القلوب…
كان العناق أشبه بعودة مُغترب عاد لحضن محبوبته الذي طال الغياب عنها، أنفاسهما تتلاحم، ونبضاتهما تتسابق كأن الزمن توقف ليمنحهما هذه اللحظة.
همست مجددًا وهي تغرق في حضنه، صوتها مزيج من شوق وحُب:
جاسر…
شدد ذراعيه حولها وكأنه يخشى أن تبتعد من بين يديه مرة أخرى، وقال بصوت مبحوح:
تاج الياسمين…. حبيبتي.
زادت خفقات قلبها ارتعشت عيناها لوهلة، لكنها تمالكت نفسها،
تعلقت بكلمته الأخيرة،عادت برأسها للخلف تنظر لوجهه، نظرته كانت مزيجً من الآسف والإعتذار، رفع إحد يديه يُزيح خُصلة شعرها عن جبينها، عيناه مُنصبة على شفاها اللتان إرتعشن بوضوح، إهتز قلبهُ،بلحظة كان يضم شفتيها يُقبلها بـعُمق يشبه اعترافً صامتً يُفرغ كل ما عجزت كلماته عن قوله، نبضاتهما تلاحمت، وكأن الوقت توقف عند هذه اللحظة، لم تقاوم، وإستسلمت لحرارة اللحظة، يتشبثان ببعضهما وكأنهما يخافان من لحظة الفراق… أو من واقع ينهي هذا الحلم المؤقت… تلاحمت أنفاسهما في عناقٍ أبعد من الكلمات، يُعيد تشكيل كل الحواجز التي ظنّا يومًا أنها لا تُكسر… ارتعشت أصابعها وهي تتشبث بقميصه، وكأنها تتوسل الوقت ألّا يتحرك، أن يبقى سجين هذه اللحظة التي تمنّت ألا تنتهي أبدًا…
عيونها مغلقة، تتنفس بعمق، تشعر بأن صدره صار وطنًا لها وحدها، وأن ذراعيه حصن لا يمكن اختراقه… همس اسمها بين أنفاسه، فارتجفت روحه قبل أن ترتجف هي، وكأن الكلمة كانت وعدًا غير منطوق…
فجأة، وكأن الحقيقة تذكرت أن تعود، تباعدت أنفاسهما قليلًا، فتحت عينيها ببطء لتلتقي بنظراته… كانت عينيه تروي قصصًا من الشوق، من الحنين، ومن الندم الذي اختفي خلف كل الكلمات التي لم تُقال.
ابتسم بخفوت وهو يمرر إبهامه على خدها بحنان، همس بصوتٍ أجش:
والله بحبك يا… “تاج الياسمين”
تصنمت تبحث عن الكلمات وسط فوضى مشاعرها… قلبها يخفق بعنف، ، وكأن كلماته أخذت كل قدرتها على التنفس… ارتجف قلبها بعنف، تردد صدى “تاج الياسمين” في أعماقها، يُعيد ذكريات دفنتها تحت ركام من الصمت…
شعرت بحرارة لمسته وهي تُشعل وجنتها، رمشت عدة مرات تحاول استيعاب ما قاله للتو… حاولت أن تتكلم، لكن صوتها خانها، لم تجد سوى نظرتها المرتبكة سبيلًا للرد.
اقترب أكثر، ، وهمس مرة أخرى:
تاج… أنا موافق…
توقف عن إسترسال بقية حديثه يبتلع ريقه ينظر لتلك الحِيرة التى إستجدت بعينيها…
وبصوتها الخافت إستفسرت:
موافق على إيه.
أجابها وهو يبتعد عنها خطوات يشعر كأن جسده إنسلخ، وجذب ذلك الملف الورقي، ثم وجه يده نحوها مُستطردًا حديثه بتفسير:
ده تنازل مني ليكِ عن أسهمي فى شركة العقارات.
وضح الذهول على ملامحها وهو يقف أمامها، تنفس بثقل، وكأنه يُخرج مع كل شهيق وزفير آخر ما تبقى من أنفاس الأمل داخله… قائلًا بصوت متحشرج لكنه ثابت:
من النهارده أسهمي الشركة بقت ملكك يا تاج… مفيش حاجة تاني تربطني بالشركة.
ارتجفت أصابعها وهي تأخذ الملف، وكأنها تبحث عن خدعة بين الأوراق… رفعت عينيها نحوه محاولة استيعاب ما قاله:
إنت بتهزر، صح؟! ده مستحيل… ليه تعمل كده؟
ابتسم ابتسامة باهتة أشبه بجرح مفتوح وقال:
لأن دي النهاية الوحيدة اللي ممكن أنقذك بيها…
توترت تاج سائلة بصوت مختنق، عقلها يرفض التصديق… نظرت في عينيه محاولة فك الشفرة التي يخبئها خلف هدوئه المصطنع:
تنقذني من إيه.
أجابها وهو يشيح بنظره بعيدًا عن ذلك الملف، ثم أكمل بصوت منخفض لكنه حاسم:
أنا كنت غلط من الأول… وجودي في حياتك سبب لينا إحنا الإتنين الوجع.
تسارعت خفقات قلبها كانها تخشي كلمة ينطقها تُفرق بينهما، الآن بداخلها تود أن تقول له لنبقي معًا حتى لو هزمنا الألم، كذالك جاسر، ود أن يقول لها أتحمل أقوى آلام السهام بصدري ولا تبتعدي عني، لكن لا…
تلك السهام مسمومة بقساوة الماضي تُهلكهما معًا،على أحدهما التضحية ، إلتقط نفسًا كأنه يقاوم الاختناق، ثم حاول التحدت بصوت هادئ يخفي عاصفةً داخله:
تاج… أوقات البقاء أصعب من الرحيل.
رمشت بعينيها كأنها لم تفهم مغزى كلماته، لكنها شعرت بوخزة في قلبها… حدقت في عينيه وكأنها تحاول التمسك به دون أن تتفوه بكلمة… لم يكن هناك مجال للضعف، كلاهما يعرف أن الماضي يلاحقهما كالظل، لكن فكرة الانفصال كانت موجعة كتلقي السهم الأخير.
ابتلع جاسر مرارة حلقه، ورفع وجهه ربما لا يرى ذلك الرجاء المختبئ في عينيها، وكأنها تقول بصمتها:
لا تبتعد…. لا تختار الغياب.
لكن بداخل الإثنين يعلمان أن ذلك الأفضل كي لا يصلا لاحقًا لمرحلة الكراهية، لكن قبل أن تتحدث تاج، قرأ ما فكرت فيه، فعاود الحديث:
نص المزرعة، للآسف يا تاج مش هقدر أتنازل لك عنه، مش عشان طمع… لكن عشان ده المكان الوحيد اللي لسه بحس فيه بالحياة، ومتقلقيش هكون مجرد ضيف.
حبست تاج أنفاسها للحظة، ثم قالت بصوت مرتعش:
وأنا ما طلبتش منك تتنازل عن اسهمك يا جاسر… كل اللي كنت عايزاه نلاقي حل من غير ما نقسّي على بعض.
ابتسم بسخرية مريرة وهو يهز رأسه:
الحلول السهلة مابتنفعش مع ناس زيّنا، يا تاج… إحنا زي السهم المطلوق فى الرياح، وكل مرة بنقرب، بتجي عاصفة قوية تبعدنا.
خفضت بصرها، تحاول كتم دموعها… أصبح
بينهما خيط مشدود على وشك الانقطاع، لكن جاسر أبى أن يتركه ينقطع بسهولة… جذبها يضمها مرة أخري، يشتد بعناقه لها وقُبلة على جانب عنقها، صحبها أنفاسه المُلتهبة وهو يحاول أن يتحدث، لكن شعرت تاج بإنهيار لو نطق تلك الكلمة قد تموت فى الحال، رفعت يدها وضعتها على فمه، تحشرحت نبرة صوتها المُختنق بالدموع وتفوهت بنهي تشعر بلوعة:
بلاش تنطقها يا جاسر قلبي مش هيتحمل يسمعها منك.
شعر بضياع ضمها إليه بقوة، وكأن هذا العناق هو الملاذ الأخير لهما…لحظات كل منهما غارق بحضن الآخر،حتى إنتهي ذلك العناق،وغادر جاسر مُسرعًا بلا نظر خلفه،كذالك تاج لم تنظر نحوه وإنهارت جالسة،تنظر بالكوخ وذكريات العشق قد لا تنتهي بلحظات.
❈-❈-
زفرت ميسون نفسها بغضب وهي تنتظر ذلك العميل بالمطعم، تعمد التأخير عليها، كي يتلاعب بها، وسيلة ضغط منه عليها، بالفعل كان ذكيًا حين جلس امامها يتنهد بتعب قائلًا:
بعتذر عالتأخير، كل ده بسبب تحضيرات فتح باب الحجز للمجموعة السكنية، إتقدم عدد كبير جدًا، تقريبًا الحجوزات قربت من نص وحدات المدينة، لو إستمر النظام على كده، أعتقد بقية وحدات المدينة هتخلص فى أقل من شهر أنا مكنتش متوقع الإقبال ده، المدينة فى مكان جديد، الناس شكلها زهقت من الزحمة وحابة مكان جديد بعيد عنها.
أومأت برأسها بتوافق قائلة:
فعلًا، فى ناس كتير بقت بتحب الخصوصية بعيد عن الزحمة.
أومأ برأسه قائلًا بتطميع:
الحمدلله، كده أرباح المشروع هتبقي أضعاف ما كنت متوقع…وهلاقي تمويل كبير للمرحلة التانية من المشروع.
لمعت عينيها بطمع قائلة:
مش محتاج شريك.
نظر لها بتلاعب:
أنا مش بحب الشراكة، بصراحة شغلي كده لوحدي راحة ليا، الشريك أوقات بيبقي له تحكُمات و…
قاطعته قائلة:
ده لما يكون شريك مش فاهم، لكن لما يكون الشريك مُتفاهم ومُتعاون أكيد المشروع هينجح والارباح هتضاعف.
فى البداية رفض قائلًا:
مش بحب حكاية الشراكه دي عشان كده بشتغل بمزاج،أخلص المشروع وأكسب منه وبأرباحه أفكر فى المشروع اللى بعده.
بالحاح منها قالت:
بس وجود شريك ممكن يكبر الشركه وكمان هيضخ أموال فبالتالي المشاريع هتزيد.
أوهمها بعدم إقتناعه،وهي لم تكف عن الالحاح،حتى وافق ظاهريًا..ثم تخابث قائلًا:
حتى لو وافقت بشريك معايا،هلاقي فين الشريك ده،المشروع الجاي بتاعي هيبقي أكبر ومحتاج أموال وشريك يبقى فاهم إن مش بين يوم وليلة أرباحه هتضاعف،لا…
قاطعته بتصميم:
عندي الشريك ده،وشريك متفاهم متقلقش.
لمعت عينيه قائلًا بصيغة تردُد:
أقعد معاه الاول قبل ما أقرر أوافق على شركاته.
أومأت له، تلمع عينيها وبداخلها تشعر بظفر وهي تظن أنها وجدت بديل أفضل من شراكتها بشركة تبغضهت كذالك الطمع أن تُصبح بوضع تنافس مع تلك الشركة لا مجرد شريكة بأسهم قليلة، إذن لا داعي للبقاء فى تلك الشراكه بشركة تاج سابقًا… لكن لن تخرج منها هباءًا، ستساوم بأعلى سعرًا.
❈-❈-❈
مساءًا
بأحد فنادق القاهرة الكبري
بجناح كبير.. أغلقت الهاتف،تشعر بإنشراح فى قلبها بعدما أخبرها جاسر أنه صاعد إليها، سريعًا نظرت الى ثيابها كانت ثياب نوم، مكشوفة تقريبًا… حازت على إعجابها فهي مناسبة للغاية، لكن تنهدت بـيأس تعلم أن ذلك لن يؤثر ذلك فى جاسر، لكن لما لا تحاول
إتجهت نحو المرآة، تنظر إلى انعكاسها بعينين لامعتين، ثم مررت أصابعها في خصلات شعرها المرتبة بعناية… تُعدل ثوبها الحريري الذي انساب برقة على جسدها… خفق قلبها بعنف، حين سمعت طرقً على باب الجناح… أخذت نفسًا عميقًا تحاول أن تتماسك، لكنها لم تستطع منع نفسها من الابتسام بشوق… تقدمت بخطوات واثقة، تفتح الباب ببطء لتجد جاسر أمامها، وسامته تزداد سحرًا رغم وجهه العابس بوضوح.
نظر لها سُرعان ما أخفض بصره، أو بالاصح كآنه لا يرا ذلك فعقله وقلبه ينشغل بأخرى تحدث بثبات:
روزالينا منزلتيش ليه نتقابل فى مطعم الفندق.
إدعت كذبً:
قولتلك أني أشعر ببعض التوعك،ربما بسبب السفر،فأنا كنت برحلة عمل قبل أن آتي الى هنا.
قبل أن يتحدث جاسر،تفاجئ بـ روزالينا..تجذبه لداخل الجناج وعانقته بقوة… لم يبادلها العناق، بل أبعدها عنه سريعًا، نظر لها بغضب بينما تغاضت روزالينا بدلال قائلة:
لقد إشتاقت اليك جاسر، لقد علمت بأمر إنفصالك أنت وتلك الـ….
توقفت قبل أن تذم فى تاج حتي لا تُثير ضجره، لن تذكره بها هذه الليلة، هذه الليلة ستفعل المستحيل كي تسترد جاسر، وبحالته هذه قد يقع مرة أخري فى براثنها.
❈-❈-❈
بمرسي مطروح
بالفندق
تمددت فايا فوق الفراش تحاول النوم،، لكن هباءًا رغم إرهاقها، ترفع رأسها الى سقف الغرفة لا تُركز بلا شيئ، لكن يطوف بخاطرها تلك القُبلة التى قبلها لها صهيب صباحً… بتلقائية وضعت يدها فوق شفاها، شعور لم تفهمه، بالصباح كانت مُتضايقة لكن الآن ذهب ذلك الضيق وشعور آخر يغزو عقلها وقلبها، لكن ذمت نفسها على هذا الشعور، وهي تشعر بالبرد وتتذكر ذلك الوغد وقوفها أمامه شبة عاريه، عقلها غير مستوعب ما قد كان سيحدث، ذلك سبب لها شعورًا بالإشمئزاز حين يقترب منها رجُلًا، لكن إقتراب صهيب لم تشعر منه بذلك منذ أول لقاء بينهم… بداخلها شعور جعلها تثق به
تنهدت بـحزن، وكأنها تحاول طرد أفكار متشابكة من عقلها. لم تكن تفهم نفسها، ولا ذلك الشعور الغريب الذي يسكن قلبها… شعرت بالضعف للحظة، لكنها سرعان ما انتفضت داخليًا، توبخ عقلها على هذا التراخي… همست لنفسها، كيف لها أن تعود وتثق بشخص لم تعرفه سوا منذ فترة قريبه….
تنهدت بحِيرة… عيناها تتجولان في الغرفة الشبة مظلمة…لكن طيف صهيب كان حاضرًا رغم كل شيء، يحاصر أفكارها دون استئذان…. فجأة، سحبت الغطاء فوق جسدها المرتعش من البرد ومن مشاعرها الملتبسة…. حاولت التماسك، لكن في عمقها كانت تعرف أن صهيب يختلف… مختلف بطريقة لا تستطيع تفسيرها، وجوده يمنحها إحساسًا بالأمان الذي ظنّت أنها فقدته للأبد.
على الجانب الآخر
كان صهيب مُمددًا فوق الفراش يضع رأسه فوف ساعديه، وللغرابة رغم إستهجان فايا عليه صباحً وضيقه من ذلك لكن الآن يشعر بشعور آخر وهو يضم شفتيها كانه يشعر بملمس شفتيها بين شفتيه، شعور مّميز لاول مرة يشعر به، تبسم وهو يستعيد ملامحها صباحً كم كانت خلابة وهي تنظر له بإستهجان وتذمه، كذالك قولها
-إنت اكيد مفكر إني سهلة، عشان أول مرة إتقابلنا فى كبارية، لكن حذاري يا صهيب تقرب مني مرة تانية، وإن كان على لعبة كتب الكتاب فهي لوقت مش أكتر، ولو مكنش غباء ميسون كان مستحيل يحصل.
نظر لها بإستهزاء قائلًا:
إيه اللى مستحيل يحصل… أنا سبق وقلتلك إن مفيش حاجة مستحيلة بالنسبة لي.
اتسعت عينيها بحدة، وتقدمت نحوه بخطوات واثقة رغم الغليان الذي يشتعل بداخلها:
فعلاً… طيب خليني أوضحلك إن اللي بينا اتفاق، مش أكتر، وإنك عمرك ما هتقدر تفرض عليّ حاجة.
ضحك بخفوت وهو يقترب منها عينيه تلمعان بتحدٍ:
فايا، المشكلة إنكِ مش فاهمة اللعبة كويس… أنا مش بفرض، أنا بكسب… وأي خطوة بعملها محسوبة، حتى وجودك في حياتي مش مجرد صدفة، ده قدر وقرار.
ازدادت أنفاسها اضطرابًا وهي تتراجع، لكن نبرتها بقيت متماسكة:
وجودي في حياتك كان غلط من البداية، لعبة ما تنفعش تكمل، وانا وأنت عارفين ده.
اقترب صهيب منها ببطء، صوته أصبح أكثر خفوتًا لكنه نافذ:
أوقات كتير الغلط بيكون أكتر حاجة صح بنحتاجها…. أنا هكلم طنط جنات وفراس إننا نعمل زفافنا فى أقرب وقت.
نظرت له برفض لكن هو نظر لها بتصميم جعلها تترك له المكان
عاد يبتسم وهو يراقب خطواتها الغاضبة تبتعد، ثم جلس على حافة تلك القطعة الخرسانية… واضعًا رأسه بين يديه، وكأن فكرة الزفاف أشعلت بداخله شيئًا جديدًا لم يخطط له من قبل… يعلم أن فايا شخصية مُتمردة لن تستسلم بسهولة، لكن التحدي معها هو ما يزيد رغبته في المضي قدمًا.
تمتم لنفسه بابتسامة واثقة وبتصميم :
فايا… هتشوفي إن المستحيل اللي بتتكلمي عنه ممكن يبقى حقيقة قريب جدًا.
في الوقت نفسه، كانت فايا تسير بعيدًا تشعر قلبها وعقلها يعصف بهما الأفكار، ترفض أن تكون مجرد جزء من لعبة هو من يضع قواعدها..تهمس بداخلها بغضب:
مش هسمح لحد يسيطر على حياتي.
تقلب صهيب فى الفراش ضاحكًا… مُقررًا فايا تُشبهه كثيرًا فى العناد والتردُد،لا ينفع معها سوا الإقتحام قسرًا.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية سهم الهوى (امرأة الجاسر))

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *