روايات

رواية وجوه في العتمة الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم منة ممدوح

رواية وجوه في العتمة الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم منة ممدوح

رواية وجوه في العتمة البارت الثامن والعشرون

رواية وجوه في العتمة الجزء الثامن والعشرون

وجوه في العتمة
وجوه في العتمة

رواية وجوه في العتمة الحلقة الثامنة والعشرون

دخلت جوا البيت وهي مبتسمة بانتصار، لوهلة لقت نفسها رضت احساس التملك اللي جواها من ناحية عامر لما ردت على ليلى بالشكل ده،
ولكن اتلاشت ابتسامتها لما شافت فاطمة واقفة قدام السلم الداخلي للبيت وهي بتبصلها بنظرات قوية متفحصة من فوق لتحت
حاولت تتلاشاها وتتخطاها بدون ما تتكلم، ولكن وقفت مكانها لما قالت فاطمة_أنتِ الوحيدة اللي هتضيعي عامر
أنا دارية زين على اللي في دماغك واللي عاوزة توصليله، بس صدقيني هكشفله حقيقتك قريب، وهو بنفسه اللي هيرميكي برا الدار بلا رجعة.
مقدرتش يقين تتمالك نفسها، فتراجعت خطوات لورا ووقفت قصاد فاطمة وقالت_أنا اللي هضيع عامر؟
مفيش حد غيرك مضيع عامر
مفيش حد غيركم كلكم، مشيلينه حمل تقيل على كتافه، ومخليينه شغال في الشغل القذر بتاع التهريب عشان خايف عليكوا بس
وآدي آخرتها اتحبس بسببكوا!
سكتت شوية وهي بتبص لفاطمة بنظرات مستهزئة من فوق لتحت وكملت_للأسف إن كان عامر بيضيع فهو بسببكوا أنتوا
جه الوقت اللي ترمي فيه اللوم على حد تاني غيري
قربت منها فاطمة خطوتين وقالت بحذر_على مين مثلا؟
ابتسمت يقين ابتسامة خفيفة وردت_عليكي مثلا؟
إنك مقدرتيش تحمي ابنك ورميتيه في شغل زي ده
محاولتيش تساعديه حتى إنه يبطله
كانت فاطمة بتشتعل من الداخل من كلامها اللي كان حقيقي للأسف ولكنها كانت كاتمة ده تحت قناع البرود اللي راسماه، فرفعت حاجبها وباستنكار قالت_وأنتِ بقى اللي هتقدري تخرجيه من الشغل هذا؟!
ضمت يقين شفايفها وردت بصدق_يا ريتني كنت اقدر
ياريت كان عندي القوة اللي تخليني أخرجه من الشغل ده
لإن للاسف عامر ميشبهكوش
أنتوا راضيين باللي بيحصل، أما هو فمجبر عليه.
نهت كلامها وسابتها وطلعت على فوق في حين كانت فاطمة بتراقبها وهي طالعة، اكتشفت مشاعر يقين؟
بالفعل وقرئتها من أول نظرة
يقين بتحب عامر، دفاعها عن عامر ده ناتج عن مشاعرها ليه، والمشكلة العويصة لو طلع شكها صح وعامر بيحبها هو كمان
رغم إن الكل شايف إنه بيحبها، ولكن هي شايفاها مجرد رغبة تجاهها
يمكن رغبة بكسر عنادها!
وعلى جانب تاني كان واقف عامر مع عزيز اللي كان خرج بكفالة برضه، مع اخواته الاتنين بيراقبوا تسجيل الكاميرات ولكن للأسف مشافوش حاجة تدعو للشك
مسح عامر على وشه وقال_هذولا الكلاب عملوا عملتهم هذي وأخذوني أنا ومرتي بس عشان يشغلونا ويعرفوا يخرجوا سعد من هنا!
كان واقف فارس وهو بيلف حوالين نفسه بحيرة، وبعدين قال_الغريبة إن الكاميرات مالها جايبة شي
كيف يعني!
مردش عامر بل فضل مركز على الشاشة قدامه لعله يعرف يلقط حاجة، سند عزيز ضهره على الكرسي واتكلم ببساطة_عشانكوا بتدوروا غلط
قد يلفت انتباه عامر اللي بصله بتساؤل فكمل عزيز_واجه حالك يا عامر، أنتَ داري إن كل اللي بيصير هذا ملوش غير معنى واحد
اتكلم عايد بنفاذ صبر_ما تنطق يابن الرشايدة
هتنقطنا بالكلام؟!
بصله عزيز بطرف عينه، كان شايف عدم تقبلهم ليه رغم عامر ولكن هو نفسه مكانش متقبلهم برضه، فقال_الخاين من جوا دارك يا عامر
دور حواليك كويس وشوف مين اللي ليه صالح باللي بيصير هذا كله
شوف ولاد عمك، أعمامك حتى اخواتك نفسهم!
اتعصب فارس من كلامه فاتقدم ناحيته وهو بيقول بعصبية_أنتَ اتجنيت ولا إيش؟!
عاوز توقع بينا يابن الرشايدة!
مسكه عايد قبل ما يهجم على عزيز اللي كان قاعد بأريحية وهو بيراقبهم باستمتاع، فاتكلم عايد_أوزن الكلام اللي بتقوله وإلا والله….
سكت لما عامر رفع إيده في وشه عشان يسكت، وفضل مركز على ملامح وجه عزيز اللي كان عارف كويس إنه مصدقه، كان عامر بيبصله بصمت، هو بيحاول يهرب من الحقيقة دي ولكن فعلًا ملهاش تفسير غير كده
اللي بيحرك سعد حد من جوا بيته، حد بيخونه وطعنه من ضهره، قعد سنين شايل حمل العيلة على كتافه بوصية من أبوه وفي الآخر شكلها هتتهد!
ملهاش تفسير تاني، اللعب كان من جوا عشان كده مش عارف يوصل لطرف خيط يكشف الحقيقة، قام وقف واتحرك لبرا وهو شارد، فسمع صوت فارس من وراه_ما تصدق هذا الملعون ياخوي، إحنا كلنا نفديك بروحنا
أنتَ الغالي وكبيرنا وخيرنا كله من لحم كتافك
ما حد فينا يقدر يخونك
ولكن عامر مردش عليه بل وفضل ماشي بصمت، كانت اكتافه متهدلة، عزيز ضرب في وشه الحقيقة اللي كان بينكرها وكان بيهرب منها
مش عايز يبص نظرة شك لحد من عيلته وللأسف هما بيجبروه
دخل البيت وهو شارد تمامًا، ملامحه واضح عليها هموم الدنيا، راقبته فاطمة من على بُعد ولما شافت شكله اللي بيتكلم عن حالته فضلت إنها متتكلمش معاه، بل راقبته وهو طالع.
فتح باب غرفته فاتعدلت يقين بسرعة لما شافته ولكن فضلت قاعدة مكانها على السرير، لوهلة انتفض قلبها من صدرها لما شافت نظراته المعذبة خصوصًا لما رفع عيونه ليها ونقلها على جواد الغارق في النوم جنبها
لقى نفسه بيتأملها بصمت، ليه حاسس إن هي الوحيدة اللي قد الثقة؟!
هي الوحيدة اللي شايفها نقية بعيدة عن العبث اللي بيحصل هنا!
بدون تردد قلع البالطو بتاعه واتجه ناحيته، قعد على السرير ولكنها شهقت منفوضة بخضة لما لقته حط راسه على رجليها، فاتكلمت بتوتر وإيديها معلقة في الهوا من المباغتة_عـ عامر..
ولكنه قاطعها لما قال بنبرة مهمومة_ششش
أنا تعبان يا يقين
أجلي أي كلام دلوقت
مقدرتش فعلًا تقول حاجة تانية قصاد كلامه اللي كان واضح فيه الهم والحزن، كان حاسس بالعجز، حاسس بالضعف
هيبة عامر الزيات راحت وهو مش قادر يرجعها
مش قادر يعرف مين بيطعنه
مين من جوا البيت بيئذيه بالشكل ده، أمه ولا اخواته ولا ولاد عمه ولا حتى أعمامه نفسهم
اتنهد بحيرة وهو بيدفن راسه في رجليها أكتر، فأدركت هي حالته ولقت نفسها بتردد بتغلغل إيديها في خصلات شعره الممزوجة بالشيب، في حين كان بيتنهد هو براحة، وكإنه لقى ملاذه في الوقت ده
لقى المكان اللي يحسسه بالهدوء لأول مرة بعد سنين شقاء وغربة وحيرة
فضلت هي على حالتها المتحفزة، أصابعها بتملس على شعره، لحد ما انتظمت انفاسه وأدركت إنه نام، مالت هي براسها ناحيته شوية وهمست_عامر أنتَ نمت؟
ولما مجاش منه رد أدركت إنه غرق في النوم، لقت نفسها بتتأمله من على قرب، ملامحه الرجولية الجذابة اللي مغلفة بطابع الزمن، شالت إيديها من على شعره وابتدت تملس على ملامحه بحنية، بترمقه بنظرات حانية مليانة حب
اتنهدت هي بحزن على حاله وقالت_كان نفسي تكون راجل طبيعي يا عامر
يمكن وقتها كان بقى لينا مستقبل مع بعض، حاسة بالعجز وأنا شايفاك في وضع أنتَ عارف إنه مش وضعك
بس للأسف مش قادرة أعمل حاجة
مش قادرة انقذك
سمعت صوت همهمات منزعجة صادرة منه وكإنه اتعصب من صوتها اللي مقاطع نومه، فابتسمت بحنان وبعدها قالت بتنهيدة_تصبح على خير..
يا حبيبي..
أراحت ظهرها لورا وملست على شعر جواد اللي نايم جنبها، لوهلة ساورها احساس بالدفء وهي وسطهم، كإنهم عيلة واحدة
عيلة متماسكة مليانة دفى
ولكن الواقع كان غير
وفي النهاية راحت في النوم وهي شبه قاعدة، ساندة راسها على ضهر السرير، وهو نايم على رجليها وجواد جنبها
وبحلول ساعات الصباح الأولى، اتفتح الباب بخفة شديدة لدرجة غير محسوسة
وطلت فاطمة من الباب اللي وقفت متجمدة وهي بتنقل نظراتها على المشهد اللي قدامها
مشهد ميدلش غير إن عامر عاشقها فعلًا
فضلت بصالهم شوية وهي بتأكد شكوكها وبعدين بهدوء خرجت وقفلت الباب وراها، ولكن اتبدلت نظراتها لتانية مظلمة مليانة كره موجه بس ليقين
يقين اللي قدرت تسيطر على ابنها…
****
صباحًا
كان مازال الاتصال بينه وبين عزيز واضح، كان شغله الشاغل إنه يلاقي سعد
وفنفس الوقت خرج يتابع شغل المزرعة ده غير إنه وقف شغل الشحنات لإنه تحت المراقبة من الحكومة اللي بيتابعوا كل حاجة تخصه عشان التحقيق.
_عامر
اتلفت على صوت رقيق واللي كان من ليلى، عقد حواجبه بتعجب وقال_ليلى؟!
وش بتسوي هنا من الصبحية كذه؟!
قربت منه وهي بتقول باستحياء_شوفتك خارج من بدري، قلقت عليك فقولت آجي اتطمن عليك وأشوفك محتاج شي ولا لا، مع إن المفروض هذا دور مرتك اللي مقصرة فيه
بصلها باستغراب من كلامها الغريب اللي أول مرة تتفوه بيه، فقال وهو بيديها ضهره_تسلمي يا ليلى، ارجعي لدارك وأنا لو احتاجت شي هقول لمرتي المقصرة تجيبه هي
استفزها كلامه اللي كانت فاهمة مقصده كويس، ففضلت واقفة بتتأمله وهو بيقفل صناديق الزيتون، وبجرأة قربت منه وحطت كفها على ضهره، فاتنفض هو زي اللي لسعته افعى ونهرها وهو بيقول_وش فيك يا ليلى؟!
قولتلك ارجعي لدارك أنا ملاحظ إن حركاتك وكلامك مش ولابد ومش عاوز أقل منك!
دمعت عيونها وهي بتقرب منه وبتقول_تقل مني؟
كل ده عشان حبيتك يا عامر
أنتَ داري زين إني مالي شايفة ولا عاوزة غيرك وعندي استعداد احرق الدنيا علشان ترضى عني و…
شهقة قطعت كلامها لما باغتها عامر بصفعة قوية هبطت على خدها، بسطت كفها على خدها وهي بتبصله بدهشة، ولكن ملامحه كانت إجرامية مليانة غضب
_أنتِ اتجنيتي ولا إيش!
هذا كلام يطلع من واحدة رخيصة مش واحدة بتحمل دم الزيات
من متى وأنتِ بتقلي من نفسك كذه يا ليلى؟!
عديتلك كتير وقولت عيلة ومسيرها تكبر، قولت معلش أختي الصغيرة
بس للأسف وصلتيني في الآخر إني أمد إيدي على حرمة!
دمعت عيونها وهتفت بانفعال_أنا مش أختك يا عامر
أنتَ اللي ظالم وقاسي ومش مراعي حبي ليك اللي وعيت عليه، اتجوزت مرة وكنت بتكوي بناري ورجعت اتجوزت تاني وأنا لسة مكاني
شوفت كل الناس إلا أنا!
وفي الآخر شايفني رخيصة عشان بقولك حس بيا؟!
كان كلامها بيزيد اشتعاله أكتر، مسح على وشه وهو بيحاول يتمالك نفسه وقال بمهاودة_ليلى، أنتِ أختي الصغيرة وأنا اخوكي الكبير، اللي أنتِ فيه هذا عمره ما يكون حب، هذا انبهار، من وقت ما وعيتي وشايفاني أنا كبير العيلة اللي ماسك كل الأمور
الكبير والصغير كان بيحترمني
انبهرتي بيا وشوفتيني أنا مثال للراجل اللي عاوزاه، بس صدقيني مش أنا اللي عاوزاه، أنتِ عاوزة صفاتي بس
ولو بصيتي حواليكي هتلاقي فيه مني كتير ومنهم بيحبوكي
كيف خالد كذه، خالد ابن عمك راجل ورايدك وأنتِ اللي رافضاه وصابرين عليكي لحد ما تعقلي
بس أنا بإيدي اللي هزفك لزوجك سواء كان خالد أوي غيره
أنا أخوكي يا ليلى الله يرضى عنك متعقديش الدنيا أكتر ماهي متعقدة!
كانت دموعها واخدة مجراها على وشها وهي بتسمع كلامه اللي كان بيفتت قلبها لقطع، فاتنهد وهو بيكمل_ما تسمعي كلام أمي يا ليلى، عززي حالك، اللي رايدك هيجيلك لحد عندك
أنا متجوز يا ليلى وعندي ولد
لو كنتي ترضيها لحالك أنا مش هرضاها
ضمت شفايفها وهي بتستوعب كلامه، فمسحت دموعها وهي بتبصله وبتقول_بتحبها؟
سكت شوية وهو عارف تقصد مين، هو نفسه كان بيهرب من اجابة السؤال ده، ولكن لوهلة لقى نفسه بيقول بتأكيد_بحبها يا ليلى
يقين الست الوحيدة اللي عاوزها في حياتي
والوحيدة اللي عرفت إيش يعني حب معاها
لو ليا غلاوة عندك انسيني وعيشي حياتك
أنتِ تستاهلي واحد يحبك ويشيلك في عيونه، بس الواحد هذا ماله أنا.
قصاد تأكيده ليها بحبه ليقين لقت نفسها بتضغط على جفونها وهي بتخزن كلامه في دماغها، هي مش بتلومه، هو عمره ما اداها أمل لأي حاجة، كان رافض وباستماتة محاولات أمه، عرفت في الوقت ده إنها مهما عملت عامر عمره ما هيكون ليها
هو خلاص قلبه دق باسم يقين واللي حصل حصل مبقاش فيه حاجة تتعمل
كان هو حاسس بالحزن عليهل بس كان لازم يفوقها، فتحت عيونها ومسحت دموعها وهي بتقول بابتسامة مهتزة_ما تقلق يابن عمي، أنا كل اللي هسويه إني اتمنالك الخير
أنا آسفة إني ضايقتك
ابتسم ليها وربت على شعرها بحنان وقال_أنتِ كيف بنتي يا ليلى، متربية على إيدي وعشان عارف إن قلبك صافي مش زعلان منك
ابتسمت ليه باهتزاز، وبعدين سابته ومشيت في حين كان بيراقبها وهو بيتنهد بضيق، مكانش ناقصها هي كمان كفاية الحمل اللي على راسه
لاحظ بطرف عينه في الوقت ده خالد اللي كان واقف بعيد سامع وشايف كل اللي بيحصل، جواه ألم رهيب
شاف بنت عمه واللي شايفها مراته وهي بتعترف بحبها لواحد تاني واللي هو ابن عمه وكبير العيلة!
رفع عامر عيونه في السما وهو بيطلب العون من ربنا، وبعدين اتجه ناحية خالد ربت على كتفه وقال_ما تقلق، ليلى هتبقى ليك، هي بس عيلة صغيرة مش دارية باللي بتقوله
ولكن خالد بصله بنظرات جامدة وقال_هتظل لحد متى واخد كل شي يا عامر؟!
اتجمد عامر من كلامه وبصله بعدم استعياب وقال_وش بتقـول أنـتَ؟!
نفض خالد إيد عامر من على كتفه وهتف بعصبية_هتفضل لحد متى واخد كل شي؟
اسم ومكانة حتى البت اللي رايـدهـا!
لامتى يا عامر هيبقى كل شي في كفك أنـتَ
حاول عامر يتمالك نفسه وقال من بين سنانه_أنـتَ اتجنـيت يا خـالد!
فهتف بغضب_أنا شكلي هتجن يا عامر
هتجن بسببـك
بحاول امنع حقدي وغضبي ناحيتك، بقول هذا ولد عمك الكبير خيرك من كتـافه، كبـيرك ويفديك بروحه، هذا أخوك اللي اتربيت بين إيـده
بس مالـي قـادر، مالـي قادر يا عامر ومش عاوز أذيك، بس بتخليني غصب عني أبقى عاوز أذيك يا عامر
غصـب عنـي
كان كلامه زي صفعات بتنزل على وش عامر وهو شايف نظرات الحقد والغضب اللي على خالد، فقرب منه بعصبية ومسكه من تلابيبه وهتف بصدمة_أنـتَ
أنـتَ وش بتـقول؟!
صفعه صفعة قوية وهو مازل ممسك بتلابيبه وبيصرخ_وش بتقـول أنـتَ
وش بتقـول؟!
صفعة تليها التانية وهو بيصرخ_أنا سـويت كل شي عشانكوا أنتـوا
عشان احمـيكوا ضحيت بحياتي وسعادتي، شيلت حمل على كتافي ماكنت رايـده في الآخر بعده هذا كله بتكرهني وبتتمنالي الشر!
نهى كلامه وهو بيصفعه صفعة أخرى لدرجة إن شفتاه نزفت ولكنه كان ماسكه من تلابيبه يمنعه من إنه يقع على الأرض، وخالد كل اللي بيعمله إنه بيبكي بس، حاسس بالخزي من الكلام اللي قاله، عامر عمره ما قصر معاهم بالعكس كان ياخد من جيبه ويعطيهم، كان ساكت ومش بيقاومه بالعكس سايبه يعاقبه لعله يكفر عن اللي قاله
أما عامر في الوقت ده اتلبسته الشياطين، افتكر كلام عزيز عن إن اللي بيخونه واحد من بيته، كلام خالد ابتدى يخليه يربط الخيوط ببعض، فبدون تردد مسكه وهو بيهزه بقوة وبيصرخ بغضب_أنـتَ اللي سويـت فيا كـذه
أنت اللي بتخـونـي؟!
قالها وهو بيلكمه بقوة شديدة فوقع خالد على الأرض وهو بيمسح الدماء وبيحاول يستوعب اللي بيقوله، جثى عامر وجذبه مرة تانية وقفه ولكمه_بتخـونـي يا خالد
بتخـونـي؟!
بتخـون أخـوك
استوعب خالد كلامه، فدفعه بعنف بعد ما كان سايبه يضرب فيه براحته، وهتف من بين دموعه_ما خـونتكـش!
ولكن عامر كان فقد اعصابه بعد ما ربط كلامه باللي بيحصل، فبدون تردد طلع سلاحه من خصره ومسك خالد من رقبته وحط فوهة السلاح على راسه وهو بيهتف_بتخـونـي
بتخـوني يا خالد
بتخـوني يا كلـب
صرخ خالد بعنف_مخـونتكـش
والله العظيم ما خونتـك
اقسم بالله ما خونتك ياخوي، ينقطع خبري قبل ما أسوي كذه
أنا عمري ما أذيتك يا عامر
عمري ما سويتها، بس كل اللي جوايا كان احساس بس
احساس كبحت لجامه وما قدرت أطلعه، عمرك ما هونت علي يا عامر
حتى لو قلبي اسود من ناحيتك بس أنتَ أخـوي
ما أقدر أذيك ياخـوي
كانوا الاتنين بيتنفسوا بعنف من المجهود اللي بذلوه، عامر بيمسع كلامه بعيونه الحمرا الجاحظة وأنفاسه المتسارعة ده غير حبات العرق اللي تناثرت على جبهته، في حين دموع خالد نازلة على وشه المكدوم من كمية اللكمات والصفعات اللي تلقاها من عامر
في النهاية قال خالد بصدق من بين أنفاسه المتقطعة_صدقني ياخوي
ما خنتك
والله ما قدرت أسويها
بعد عنه عامر مرة واحدة ودفعه ونزل سلاحه، أما خالد كان بيبصله بنظرات متوسلة بعد ما شاف الشك اللي في عينيه، كان صادق
بالفعل كلامه كان صادق، هو كل احساسه بالذنب إنه لوهلة اتمنى الشر لعامر عشان كده سابه يعاقبه
إنما توصل للخيانة؟!
عمره ما يعملها
سابه عامر في الوقت ده ومشي بعصبية بعد ما حس إنه على وشك الإنهيار من كل اللي حصله، واتحرك بخطوات سريعة تحت أنظار خالد اللي كان بيتنفس بعنف.
كانت يقين خرجت تدور عليه بعد ما صحيت ولقته مش موجود، لوهلة خافت وقلقت عليه بالذات بعد ما شافت حالته امبارح
فمشيت في اتجاه المزرعة تدور بعيونها عليه، لحد ما وقفت لما شافته جاي ناحيتها، ضامم قبضته ووشه متحفز وعيونه مش شايفاها حتى
قلقت بشدة وبمجرد ما عدى من جنبها هتفت_عـامر
وقف مرة واحدة وضغط على جفونه وهو بيحاول يتمالك نفسه، وبعدين اتلفت ليها بوشه وهو بيقول بضيق_هتـقولي شـي؟
ضمت شفايفها وهي بتقاوم قلقها الداخلي اللي بيتفاقم جواها بالذات إنه كان ظاهر قدامها مش في حالته الطبيعية تمامًا، فبتردد قالت_أنتَ كويس؟
رماها بنظرات مليانة عتاب لمستها من جوا، وبنبرة هادية ساخرة قال_يهمك أوي تعرفي؟!
لجمها برده ومقدرتش ترد على كلامه، ولكن فضلت بصاله بنظرات مليانة أسى وأسف في نفس الوقت، رغم إنها شايفة حالته وإنه مضغوط ولكن بتكمل عليه هو كمان، فضل باصصلها شوية وهو بينقل نظره عليها، ولما طال صمتها ابتسم بسخرية وسابها ومشي أما هي فوقفت تتابع ضهره وهي ضامة شفايفها بعجز وحزن.
عدلت من خصلاتها وهي بتلف وشها الناحية التانية بتقاوم دموعها، ولكن شهقت بهلع لما شافت حالة خالد المزرية، جريت عليه بخضة، كان بيمشي وهو بيعرج من الألم، قربت منه وهي بتقول برعب_يا نهار أبيض
إيه اللي حصلك؟!
عامر اللي عمل فيك كده؟!
منعها خالد إنها تقرب منه، هي مرات أخوه ومينفعش يلمسها، ولكنه رفع عيونه ليها وقال بتوسل_مرت أخوي
والله العظيم ما خونت عامر
بالله عليكي قوليله، قوليله خالد عمره ما يقدر يخونك
قوليله إن كلامي خرج وقت ضيقة
وقت غيرة، لكن والله عمري ما أأذيه!
مكانتش فاهمة كلامه، لكن نظرة التوسل والألم اللي ظاهر عليه خلاها تهز راسها وهي بتقول بتأكيد_متقلقش،
هقوله، روح ارتاح أنتَ وخلي حد يداوي جروحك
بصلها برجاء فابتسمتله بدعم، وبالفعل سابها ومشي بخطوات بطيئة، أما يقين فوقفت مكانها تضرب كف على كف
رغم إن عامر شبه مبهدل وشه ولكن لسة فارق معاه زعله، فارق معاه إنه ميشكش فيه!
دخل عامر البيت عشان يغير هدومه ويخرج يشوف هيعمل إيه هو وعزيز، هو مصدق خالد وعارف إنه أطيب من كده، عارف إنه عمره ما سمع لحد برا ووقت ما بيحصل حاجة بيجري عليه، ولكن كلامه هو اللي شككه وهو بيدور على أقل حاجة توصله للحقيقة!
قلت خطواته لما شاف أمه واقفة مستنياه، زفر بنفاذ صبر وهو بيشيح بنظره عنها وقرر يطلع على فوق، ولكنها منعته وهي بتقول_مبقتش طايق وشي دلوقت؟
مسح على وشه وهو بيقول_مش وقتك ياما، اللي فيا مكفيني
رفعت راسها وبقوة قالت_أنتَ اللي عملت في نفسك كذه!
رفع حاجبه باستنكار لكلامها، فوضحت هي وكملت بعتاب_ما على أساس مش هتتعلق بيها؟
على أساس إنها جوازة لأجل مصلحتك عشان الحكومة بس؟
في الآخر وش اللي صار؟
اتعلقت بيها وحبيتها!
سمحتلهم يلاقولك نقطة ضعف يضربوك منها!
كان ساكت وهو بيسمع لوم أمه وبيبصلها بنظرات موجوعة، عمرها ما فهمته، عمرها ما فهمت إنه بني آدم طبيعي يبقى عنده حياة غير إنه يحافظ على العيلة
طبيعي إنه يلاقي سعادته غير سعادتهم اللي بنوها على حسابه لدرجة إنها حسسته إنه روبوت ملوش حق يحس إنه عايش!
رغم الألم اللي حست بيه من نظراته، ولكنها كملت بنفس القوة_هذي المصراوية هي أكتر شي غلط سوييته…
ولكنه قاطعها بلهجة صدمتها وقال_يقين هي الحاجة الوحيدة الصح اللي سويتها في حياتي ياما
كفاية
بدهشة قالت_عـامر..
بتر كلامها لما قال_يقين مرتي ياما، مرتي اللي بحبها وعاوزها في حياتي
إن كنتي هتفتحي في الماضي فأنا صاحب الشأن وبقولك طعنة يقين كانت حياة بالنسبالي
نهى كلامه وسابها وطلع، سابها مشدوهة ومتجمدة، عامر فعلًا حبها وهي مش هتقدر تعمل حاجة، يا هتخسر ابنها يا هتقبل بوجودها
ولكن مش هتقبل بوجودها، هي هتتخلص منها بنفسها..
كانت يقين سمعت حوارهم مع بعض وهي واقفة على الباب، لوهلة لمعة عيونها بالدموع قصاد كلامه اللي حسسها بتأنيب الضمير، حسسها قد إيه هي وحشة وقست عليه، وهي شافت بنفسها إنه شاف قسوة من الكل حتى أمه اللي مستكترة عليه إنه يحب حتى!
ابسط حقوقه مستكتراه عليه، عايزاه آلة بس يلبي طلباتهم!
ولكنها مش هتقدر تواجهه، محتاجة فترة تقدر حتى تتعود على المشاعر دي!
****
مساءً في ساعات الليل المتأخرة
رجع حسن البيت وهو حاسس بالتعب، رجالة البيت كلهم في حالة تأهب قصوى عشان يفهموا اللي بيحصل ولكن زايد سبقه من بدري بعد ما حس بالإجهاد
وفضل هو وولاد عمه يمشطوا المزرعة ويدوروا على أي دليل ده غير إنهم كانوا بيخلصوا الشغل المتكوم عليهم.
صعد بإتجاه غرفته هو وعهود، ولكن شاف أبوه مقابله على السلم، عقد حاجبه بتعجب وقال_وين رايح يابوي دلوقت؟!
بصله غالب من فوق لتحت بنظرات ساخرة، وقال_لسة راجع دلوقت؟
ملاحظش حسن نظرته، بل دلك جبينه وهو بيقول بتعب_الدنيا بايظة خالص والله يابوي، بندور على الخاين وفنس الوقت الشغل متراكم علينا وإحنا مالنا قادرين نخلصه، خصوصًا ما بقينا واثقين في أي واحد من الرجالة بعد اللي صار، عامر أخوي الله يكون في عونه المصايب نازلة على راسه ترف
حط غالب إيديه الاتنين في جيب الچاكت اللي لابسه فوق جلبابه وقال_وقف شغل التهريب مش كذه؟
أنا عارف إن مفيش حد غيره هيودينا في داهية!
بصله حسن باستغراب من كلامه وقال بدفاع_وهنكمل الشغل كيف يابوي؟
عامر معرض في أي وقت يتسجن بسبب القواضي اللي لسة ما انتهت، وكمان الحكومة بتيجي كل فترة تفتش كل مخازننا، كان طبيعي يوقف شغل لحد ما الأمور تتظبط!
قرب منه غالب ومظهرش على ملامحه أي تأثر، وقال_عامر كل مرة بيثبت إنه ماله قد مسئولية العيلة، بسببه وبسبب قلة حرصه خلى الحكومة حطت عينها علينا، هذا غير مرته والكارثة اللي جابهالنا على الدار
استنكر حسن الكلام، وقال_وش اللي بتقوله هذا يابوي، عامر هو اللي شايل العيلة كلها وأنا وأنتَ داريين زين إن من غيره مكانش عيلة الزيات بقى ليها اسم من بعد عمي سالم!
رفع غالب إيديه في وشه وبعصبية قال_ما تنسى إننا لينا دور فاسم عامر هذا، لولا إنها وصية عمك سالم الله يرحمه وإنه ترك كل شي لعامر كان الوضع هيبقى غير
عامر بيخبط هذولا اليومين، بداية من مشاكله مع الرشايدة اللي حاطت إيديه في إيدهم دلوقت، وغير الشحنات اللي مسكتها الحكومة ودلوقت القواضي اللي عليه!
كان حسن مشدوه من كلام أبوه، هو عارف إنه كل فترة بيعلق تعليقات مستفزة على عامر، ولكن دلوقتي زودها، خرجت والدته في الوقت ده اللي كانت سمعت حوارهم، وأيدت كلام زوجها وهي بتقول_الكلام اللي أبوك بيقوله صح
وياريت تبعد عن حوارات عامر هذولا اليومين، مش كيف امبارح روحت جري عشان تلحقه أنت وأخوك من اللي خطفوه وكإن روحك انتَ وهو رخيصة، مهما صار هو اللي موقع نفسه في هذي المصايب، ماله واجب علينا نجري نلحقه كل مرة!
ضرب حسن كف على كف وهو مش مستوعب كلامهم، وسابهم وطلع على فوق، هو مدرك إن والده متحسس من زمان، فلولا وصية عمه سالم كان هو بقى كبير العيلة، ولكن أبوه بنفسه قال مش هامه سلطة وهو مش حابب إنه يشيل هم زي هم العيلة وبالفعل قبل هو وعمه مرزوق إن عامر يكون كبير العيلة، وده ميمنعش إنه من وقت للتاني لما عامر يقع في غلطة يعلق تعليقات مستفزة كان بيتغاضى عنها عامر.
أما غالب ففضل متابعه هو وبدرية لحد ما غاب عن نظرهم، فربتت على كتفه وقالت_ما تقلق، مهما صار أنتَ أبوه ما يقدر يفرط فيك
هز غالب راسه وهو بيربت على إيد بدرية اللي على كتفه..
****
كانت واقفة في البلكونة وهي مستنياه، من ساعة ما خرج بعد نقاشه مع والدته وهو مظهرش، مسدت على عنقها وهي بتحرك رقبتها بإجهاد، ولكن لوهلة لمحت حاجة بتجري لاتجاه المزرعة من بعيد وسط الصحراء، عقدت حاجبها بتعجب وهي بتدقق النظر كويس، فشافت خيال اسود من بين الأشجار، كان بيتحرك بخفة لدرجة إن مفيش حد من الرجالة واخدين بالهم والغريبة إن مكانش فيه عدد الرجالة اللي كانت بتشوفه كل يوم!
حست إن فيه حركة غريبة في المكان، فساورها القلق، وبدون تردد خرجت من غرفتها ونزلت على تحت، اتحركت باتجاه المزرعة فشافها واحد من رجالة عامر اللي كانوا واقفين على الباب، قرب منها وقال_محتاجة شي يا مرت أخوي؟
هزت راسها بلا وهي بتبص على مكان ما على بُعد مش قليل، وفي النهاية سابها ومشي، رغم الخوف اللي جواها ولكنها اتحركت بحذر من غير ما حد ياخد باله فلما اختفت من حوالينهم افتكروها رجعت البيت تاني ومعطوش للأمر اهتمام، مرت بين أشجار الزيتون في الظلام وهي سامعة همس غريب كل ما بتقرب، لحد ما وقفت ورا شجره وهي شايفة خيالين قدامها على حدود المزرعة، شخص مديها ضهرها والتاني لابس وشاح اسود طويل حاطت غطاؤه على راسه
اتلفت الشخص اللي واقف قدامه فرجعت لورا بسرعة تتداري واللي قدرت تميز من وسط الظلام إنه غالب عم عامر، وملى وشها كل معالم التعجب من وجوده في الوقت ده في مكان معزول زي ده، وعن هوية اللي معاه
للحظة طلع غالب تليفون من جيبه فتحه ووجهه للشخص التاني اللي الإضاءة اظهرت إنه
سعد!
شهقت يقين وهي بتتراجع لورا بعيون متسعة من الصدمة،
غالب هو اللي بيحرك سعد!
وهي بتتراجع ضغطت على كومة قش اصدرت صوت تكسير من الارض لفت انتباههم، وقبل ما يلمحوها اتجمد جسدها لما لقت حد بيحكم وثاقها من ورا وكتم صرختها المفزوعة لما كمم فاهها…

يتبع…..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية وجوه في العتمة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *