روايات

رواية الماسة المكسورة الفصل الثامن والخمسون 58 بقلم ليلة عادل

رواية الماسة المكسورة الفصل الثامن والخمسون 58 بقلم ليلة عادل

رواية الماسة المكسورة البارت الثامن والخمسون

رواية الماسة المكسورة الجزء الثامن والخمسون

الماسة المكسورة
الماسة المكسورة

رواية الماسة المكسورة الحلقة الثامنة والخمسون

مجموعة الراوي الثانية مساءً
مكتب سليم
نرى سليم وماركو يجلسان على مقعدين متقابلين، وأمامهما مجموعة من الوثائق التي تم جمعها، بينما يطغى القلق على الجو المحيط تبادلون الاحاديث بالايطالية.
سليم بصوت منخفض، مع شعور بالضغط وهو يعبث بالقلم في يده: هل من جديد؟ هل تمكنت من الوصول إلى أي معلومات بخصوص الحادثة؟
ماركو ينظر إليه بأسف: الحقيقة، سليم، حاولنا كما اتفقنا. تواصلنا مع أشخاص قد يكون لهم صلة بالحادثة، لكن الأمور معقدة. إيريك وتيمو لا يبدو أنهما مرتبطان بما حدث. كل الأدلة تشير إلى أنهما ليسا وراء الحادثة.
سليم يضغط بأسنانه على شفتيه: إذن، هل تقول إننا لا نملك أي دليل؟
ماركو يميل إلى الخلف قال بأسف: نعم، للأسف. قلت لك، سليم، ليسوا هم قبل أن تتحدث معي وتطلب مساعدتي في البحث عن الجناة. قمت بهذا الأمر عندما كنت في الغيبوبة، وكان معي ريمون وبعض من أعضاء الطاولة. سليم، حتى لو كنت ابتعدت عن العمل معنا، فأنت صديقي، وتعاوننا معًا في الأيام السابقة. عزت طلب من الجميع مساعدتك، وإيريك أذكى من أن يقوم بفعل هذا الشيء فهو له خسبات أخرى لم يخسر مقعده من اجل الثأر صوتك وقلت هذا الكلمات لياسين.
سليم يعقد حاجبيه: ماذا يعني هذا؟ هل نحن، ضائعون في دائرة لا نهاية لها؟
ماركو بنبرة مطمئنة: لا، لسنا ضائعين. لكن الحقيقة أن الأمور أكبر من أن تكون مرتبطة بهم فقط. هناك شيء غامض وراء كل ما يحدث، ونحن بحاجة إلى المزيد من الوقت لفهم الصورة بشكل كامل.
سليم برجاء: ابقَ يقظًا، ماركو. إذا كان هناك أي شيء مهم، يجب أن نكتشفه في أقرب وقت. لكن لا تفقد تركيزك، الأمور قد تكون أكثر تعقيدًا مما نتصور.
ماركو يحاول ان يطمئنه: سأبقى على اتصال، سليم. إذا اكتشفت أي شيء جديد، ستعلم بذلك فورًا. أهدأ قليلاً، سنكتشف الفاعلين وسنسحقهم.
سليم يضحك بسخرية، لكن عينيه تومضان بالغضب : أهدأ؟ لقد قاموا بطعن زوجتي وقتلوا الجنين في بطنها. قتلوا طفلي، ، أُطلِقَت عليَّ ثلاثُ رصاصات.
خرجت اثنتان، وبقيت واحدة. أصبحت حياتي مهددة بالموت في أي لحظة. أصبحت عقيمًا، جعلوني عاجزًا عن أداء مهامي بشكل صحيح، وتريد مني أن أهدأ؟ كيف ماركو كيف؟! مازالت لم أتمكن من معرفة الفاعلين حتى الآن، هل هذا يجعل العقل يهدأ؟ بل يجعل العقل يجن من الغضب. لا أحد يشعر بما أشعر به، لا أحد!
ماركو ينظر إليه نظرة تفهم قال بهدوء وهو يشير بيده: سليم، أنا أعلم كل شيء، وأشعر بما تشعر به جيدا. انتظر قليلاً، فقط استرخي لكي تفكر بشكل صحيح.
سليم يمسح وجهه بكفه اخرج انفاس عميقه: لكنني مازلت أشعر بالغضب، ماركو. أنا متأكد أن تيمو وإريك هما من فعلا ذلك. لا أحد يستطيع أن ينفذ هذا بهذه القدرة والوحشية والبراعة، وعدم ترك أثر خلفه، إلا هما. أريد فقط ورقة واحدة، دليل واحد، وسأقوم بقتلهما.
ماركو ينظر إليه بجدية: لا تفكر بمفردك، سليم. نعم، أنت الآن قوي، ولكن إريك وأمثاله يريدونك أن تفكر بهذا الشكل. دع الجميع يشعرون بغضبك، لكن لا تدع هذا يدمرك. الجميع معك، حتى إن كنت ابتعدت عن العمل معنا منذ سنوات، لكننا جميعًا معك. قل لي، هل أنت بخير؟ تلك الرصاصة، لن تجد لها حلًا لإخراجها؟
سليم يتنهد: هناك حل، لكن ربما أفقد حياتي أو أصاب بالشلل. الأطباء قالوا إنني قد أحتاج إلى عملية بعد عام، لكن ما زلت أفكر.
يبتسم سليم بامتنان خفيف: أريد أن أشكرك على قدومك إلى مصر للتحدث معي.
ماركو يبتسم بدوره: سليم، أنت صديقي، لا تقل هذا. نحن هنا من أجل بعضنا البعض.
تبسم سليم له بشكر وعرفان.
💞________________بقلمي_ليلةعادل◉⁠‿⁠◉
على هضبة المقطم الثامنة مساءً
يعم الهدوء المكان. ضوء السيارة الوحيد هو مايكسر ظلام الليل، حيث يقف سليم وعرفان في مواجهة بعضهما البعض.
عرفان بابتسامة خفيفة وهو يهز رأسه: عاش من شافك يا سليم بيه.
سليم بهدوء وهو يضع يده في جيب بنطاله: ميرسي.
نظر عرفان حوله بحذر: كنت عايز أجيلك، بس مكي قال لي ماينفعش أظهر.
سليم بنظرة ثابتة: أنا قلت لك… إحنا مانعرفش بعض، ولا بنشتغل مع بعض. ماحدش ينفع يعرف بأي حاجة تخصك. عارف ليه؟ إنت هتبقى من رجّالتي الأشباح، مش القوات الخاصة عندكم… فيه فرق. محدش يعرف عنهم حاجة. انت هتبقى كده… الشبح بتاعي.
هز عرفان رأسه بإعجاب وضحك بخفة: فهمت.
سليم بنبرة عملية وهو يشعل سيجارة: قولي… إيه الأخبار؟
اتكأ عرفان على سيارته بثقة: عملت لي كام صفقة كده… مش ناوي بقى تمتعنا بصفقاتك يا باشا؟
سليم ينفث دخان سيجارته: انت عارف… أنا بعدت عن الحاجات دي من زمان. انت موجود للطوارئ أنا مامنعتكش تشتغل مع أي حد، بس أنا عارف إن إيدك أطول.
عرفان بجدية: وأنا تحت أمرك في أي وقت، يا سليم بيه. بعدين، من ساعة مابقينا مع بعض، عمري ماخنتك وعمري ماهخونك، انت جميلك عليّ كبير، يا باشا. على فكرة، أنا حاولت أدور عند معارفي برده. الموضوع ده مش محلي الصنع… عصابات بره، يا باشا. ممكن يكون ليه علاقة بالراجل بتاع المخدرات الإيطالي اللي اتقتل بالغلط.
ضيق سليم عينيه وفكر للحظة، ثم تحدث بتركيز شديد: ماينفعش أفتح سكة الانتقام مع حد من عصابات المافيا، خصوصًا اللي قاعدين على ترابيزة الاتفاق…إلا وأنا معايا أدلة. بس بنسبة 95%، هما .. اصل ماينفعش تكون مظبوطة قوي كده، ومافيش ولا غلطة… غير لو كانوا هم.
عرفان: احنا مش محتاجين أدلة… نعمل هجمتنا وكأننا مش احنا، ونخليها بنفس المقاس زيهم… يعني سليم الراوي هتخاف.
سليم بحزم: مش هغامر بمراتي
عرفان ينظر له بتمعن: تفتكر حد ساندهم؟
سليم حرك رأسه ببطء، وكأنه يفكر بصوت عالٍ: ده أكيد… مش مجرد صدفة. عموماً، أنا عايزك تبقى العين التالتة بتاعتي… تزبط مراقباتك على كل الناس، أي حاجة تحسها مش مظبوطة… تعرفني فورًا.
أخرج سليم من جيبه مبلغًا كبيرا من الدولارات، وناوله لعرفان بخفة دون أن ينظر إليه مباشرة.
سليم بهدوء: امسك دول… حاجة بسيطة،حلاوة رجوعي.
عرفان أخذ المبلغ بابتسامة خفيفة: مقبولة يا باشا.
نظر سليم إليه نظرة أخيرة واستدار نحو سيارته: سلام.
غمز عرفان بعينه بخفة وهو يركب سيارته: سلام يا باشا.
أدار كلاهما محركات سياراتهما، وصوت المحركات القوية يكسر سكون الليل، قبل أن ينطلق كل منهما في اتجاه مختلف.
قصر الراوي – السفرة/ السابعة مساءً.
نرى جميع أفراد العائلة حول طاولة الطعام، ومعهم ماسة وسليم، فهي المرة الأولى التي يجتمعون فيها منذ تلك الحادثة فقد عاد سليم الي القصر مرة اخرى بعد غياب سنوات.
عزت ينظر إلى سليم بسعادة، يتحدث بنبرة آمرة لكن فيها لمحة أبوية: اعمل حسابك، مفيش خروج تاني من القصر.
يهز سليم رأسه موافقًا بينما يمضغ طعامه بصمت.
عزت يوجه حديثه إلى ماسة: قولي لي يا ماسة، عاملة إيه؟
تبتسم ماسة بلطف، ترد باقتضاب: الحمد لله.
يأخذ عزت نفسًا، ثم يسأل باهتمام: هتنضمي لسليم في المجموعة ولا قررتوا تعملوا إيه؟
تتغير ملامح فايزة، نظراتها مليئة بالتوجس. لا تريد أن تعود ماسة إلى المجموعة، بل ترغب في استعادة الأسهم التي كانت ملكًا لها بالأصل، وبسببها دبرت تلك الحادثة.
فايزة بحدة مغلفة بالمنطق: ترجع ليه؟ مادام سليم خلاص رجع، هو اللي يدير لها الأسهم. هي مش عاملة له توكيل؟ وكل شوية تعطلنا ونبعت لها حد من السكرتارية عشان ياخد توقيعها!
قبل أن ترد ماسة، يسبقها سليم بالكلام. نبرته هادئة لكنها قاطعة، ونظراته مثبتة عليها بقوة:
ماسة هتفضل هنا في القصر، ومش هاخد منها حق الإدارة. الأوراق اللي هحتاج توقيعها، هعرف أخليها تمضي عليها بمعرفتي. وبعدين، مش أنتم خلاص اديتوني حق الإدارة؟ يبقى مالكوش دعوة أنا هتصرف إزاي؟!
تحاول فايزة تلطيف حدة اعتراضها بابتسامة ضيقة، لكن صوتها يحمل سخرية خفية:
وليه يعني؟ مادام كده كده مش هتكون في المجموعة؟
يجيبها سليم بنبرة صارمة كعادته حين يحسم الأمور:
ده وضع مؤقت… لحد ما أوصل للي أنا عايزه. بعدها، ماسة هيكون ليها مكتب خاص تدير منه أملاكها.
يتبسم وهو ينظر إلى ماسة، يمسك كفها برقة، يقبله قائلا: هي أثبتت إنها شاطرة فعلًا وقد ثقتي.
فايزة بسخرية: شاطرة جدًا لدرجة إنها خسرتنا ملايين بسبب قفلها للمنجم.
ماسة ترد دون تردد: أنا ماعملتش حاجة غلط، أنا عملت اللي يمليه عليا ضميري.
سليم بدعم واضح: وأنا كمان شايف كده.
رشدي يقاطع الحديث، نبرته عملية ومباشرة:
طيب بما إنكم مش هتفتحوا المنجم ده تاني، نبيعه. هيجيب لنا ملايين، وأنا جالي عرض بمبلغ كويس جدًا.
عزت يؤيد رأي رشدي وهو يشير بيده مؤكدًا:
فعلا.
توترت ماسة ونظرت إلى سليم بتوجس، فهي لا تريد بيع المنجم حتى لا يتحمل ذنب ما قد يحدث للعاملين إذا وقعت كارثة. قالت بقلق:
سليم، بلاش. لو بعته وحصل حاجة لأي حد، هتشيل ذنب الناس، لإنك عارف إنه فيه مشكلة وبعته.
سليم يرد بحسم: هو ده اللي أنا هعمله.
يمرر عينيه بحدة على الموجودين قبل أن يقول بصرامة: المنجم ده مش هيتباع ولا هيتفتح تاني. انسوه. وبعدين، هو جاب لنا ملايين، ما شبعتوش؟
أنهى حديثه بنظرة حادة وعاد إلى تناول طعامه. لم يهتم أحد بإكمال الحديث، لكن فايزة، رشدي، صافيناز، ومنى كانوا الأكثر ضيقًا واستفزازًا.
سألت هبة بفضول: طب سليم، مش ناوي تخرج ماسة من القصر؟
رد سليم بنبرة هادئة لكن حاسمة:
خايف عليها يا هبة. مش مرتاح، هنا هي في أمان.
اعترض ياسين مباشرة: بس ده مش حل يا سليم.
بينما كان سليم يحتسي الماء، رد بثقة: ده لوضع مؤقت لحد ما نوصل للعصابه.
أيد عزت كلامه بحزم: أنا كمان مع سليم، فعلاً إحنا لسه ما وصلناش لأي معلومة، حتى لو صغيرة. الأفضل إنها تفضل هنا لحد ما نوصل لحاجة.
نظر إليه عماد بخبث وهو يتناول طعامه، ثم قال بنبرة ساخرة: ويا ترى وصلت لحاجة؟
رفع سليم نظره إليه قال بحسم: لسه، بس هوصل.
ثم أضاف بنبرة أكثر حدة، تتخللها شرارة انتقام:
وساعتها، هحرقه هو وكل عيلته أحياء. هاعملهم إبادة جماعية من السجلات.
ساد صمت مشحون. نظرات عماد ومنى ورشدي وفايزة وصافيناز امتلأت بالتوتر، لكنهم حاولوا إخفاء ذلك ببراعة. كانوا يشعرون بالرعب من حديث سليم، خائفين من أن يكتشف أي شيء.
عماد محاولًا ضبط أعصابه: طبعًا، ده أقل شيء ممكن تعمله.
شعر طه بالفرح من حديث سليم، فهو يتمنى أن يصل إليهم وينتقم، خاصة من رشدي الذي يواصل تهديده لهم بأبنائهم. قال بثقة:
إن شاء الله هتوصل يا سليم، وكل واحد هايدفع الثمن. وإحنا معاك، كلنا في ظهرك.
ابتسمت ماسة بلطف: على فكرة يا سليم، طه كان أكتر حد في إخواتك بييجي يزورك.
ثم نظرت إلى فريدة بابتسامة خفيفة وأضافت
سوري يافريدة، يمكن حتى أكتر منك إنتِ وياسين.
رفعت فايزة حاجبيها باستغراب: كان بييجي كل يوم؟ إزاي وأنا فين؟
أوضحت ماسة: كان بييجي وحضرتك نايمة. كان بييجي متأخر جدًا، يقعد مع سليم ساعة وبعدين يمشي.
نظرت منى نحو طه بغضب، وكأنها تعني: مش ناوي تعقل؟ أما رشدي، فكانت نظرته تحذيرية شديدة.
لكن طه لم يهتم بنظراتهم، أكمل طعامه بهدوء، فبوجود سليم يشعر بالراحة والأمان.
أكملوا طعامهم، وكل واحد منهم يحمل في قلبه ضغينة. كانوا منقسمين، منهم من يريد قتل سليم وماسة من أجل.
♥️ــــــــــــ بقلمي_ليلةعادل ـــــــــــــــ ♥️
((بعد وقت))
جناح سليم وماسة
نرى ماسة تجلس على الفراش، تبدو عليها علامات الألم وهي تضع يدها على معدتها. كان سليم يقف أمامها، يناولها حبة دواء مع كوب من الماء، ثم ربت على شعرها بلطف.
سليم: هتبقي أحسن، مش أول مرة تشتكي من التعب ده.
رفعت ماسة عينيها إليه موضحة: “ما أنا قلت لك، من بعد الحادثة في أكلات معينة بتتعب معدتي.
سليم: طب خليكي أجيب لك دكتور نطمن؟
هزّت ماسة رأسها بهدوء: مش مستاهلة، هو قال لي كل اللي انت عايزه بس ما تكتّرش من الأكلات دي.
تنهد سليم، ثم طرق الباب قبل أن تدخل سحر.
سحر: سليم بيه، إسماعيل وعشري تحت.
ماسة: سليم، انزل، أنا كويسة.
سليم: طيب، ماشي.” ثم نظر إلى سحر وقال: خدي بالك منها.
وضع قبلة على خدها، ثم خرج، ووصعد المصعد حيث للأسفل حيث كان إسماعيل وعشري في انتظاره.
*************************
مكتب سليم
جلس سليم خلف مكتبه، مال قليلًا إلى الأمام بينما كان إسماعيل وعشري يجلسان أمامه، منتظرين أوامره. الجو في الغرفة كان هادئا، لكن الهيمنة واضحة في نبرة سليم.
عشري يتحدث بثقة: مسحت لك الجناح والمكتب، حتى مكتبك في المجموعة، ومكتب الباشا هنا وفي المجموعة، كله نظيف تمامًا.
رد سليم بنبرة حازمة، مافيش ميكروفونات، كاميرات، أي حاجة؟
عشري بلا تردد: لا، يا ملك. كله تحت السيطرة.
حسم سليم الأمر بسرعة: تمام. كل 3 أيام تعمل نفس الموضوع من غير ماحد يحس. أنت ومكي مسؤولين عن ده، مفهوم؟
أحنى عشري رأسه باحترام، مفهوم يا باشا.
حول سليم نظره إلى إسماعيل: التليفونات؟ بتاعتي وبتاعة الهانم؟
إسماعيل يرد بثقة: نظيفة مافيش اي اختراق ولا تجسس.
أعطى سليم أمره المباشر: برضه، كل يومين تلاتة تعمل فحص جديد.
إسماعيل مؤكدا: تحت أمرك، يا باشا.
نظر سليم إلى إسماعيل بتركيز، بصوت حاسم ولا يقبل الجدل:
عايزك تركب لي كاميرات في المطبخ، ماحدش يعرف عنها حاجة غير إحنا وبس. الكاميرات تبقى مخفية، والميكروفونات تتحط في أماكن ماتخطرش على بال إبليس.
إسماعيل هز رأسه بثقة: تمام، اعتبره حصل.
تدخل عشري ونظر لسليم بريبة انت شاكك، في حد من الخدامين؟
وضع يده على سلاحه بحركة لا إرادية، تعني نقتلهم
لكن سليم رد بثبات: لا، أنا مش شاكك في حد، بس الاحتياط واجب. كده كده مش هخلي غير سحر بس هي اللي تاخد بالها من ماسة، من أكلها وشربها، ممنوع حد تاني يعمل لها أي حاجة، أنا بثق في سحر.
إسماعيل رفع حاجبه قليلًا: ممكن تهددها؟
سليم رد بنبرة واثقة: مش محتاج أهددها.
أومأ عشري برأسه: تمام، في حاجة تاني؟
هز سليم رأسه وهو يميل للخلف في مقعده: لا، ممكن تروح. لو حصل أي حاجة، عرفوني فورًا.
نهض عشري وإسماعيل عن مقعديهما، وانصرفا في صمت بينما بقي سليم في مكانه، عيناه تلمعان بحدة وهو يراقب الباب يُغلق خلفهما.
الصالون
نرى عماد، صافيناز، ورشدي يجلسون معًا في الصالون، الأجواء يملؤها التوتر والترقب، وتخيم على الجلسة هالة من الريبة. فناجين القهوة موضوعة أمامهم، يتبادلون الأحاديث بنوايا خفية، وتكسوهم ملامح الشر.
صافيناز تحدثت بسخرية: سليم جه خلاص، عشان ده أكتر مكان بيحس فيه بالأمان على مراته.
هز عماد رأسه بتفكير: من غير تريقة، لازم يفضل حاسس بالأمان، ماينفعش يتحرك من هنا. لازم نعرف هو بيفكر في إيه بالضبط.
حك رشدي ذقنه وتحدث بصوت منخفض، بينما عيناه تتحركان بحذر في الأرجاء: من كام يوم، شفت عشري طالع من جناح سليم. لما سألته، قال لي إنه كان بيجيب له حاجات، بس أنا ماصدقتوش. سليم مابيدخلش رجالته أوضة نومه، حتى مكي ممنوع. دايمًا بيبعت سحر لو محتاج حاجة، وماحدش يقولي جنده سحر؟! سحر دي مجايب مكي وبتحب ماسة، بتعتبرها زي بنتها. عشان هي ماعندهاش عيال، وجوزها مات، وماعندهاش حاجة تخاف عليها ولا تتهدد بيها.
عماد قطب جبينه وقال بصوت ثقيل: معنى كده إنه كان بيكشف على الأوضة، بيشوف لو فيها ميكروفونات أو كاميرات .. عارفين ده معناه إيه؟! سليم شاكك فينا.
صافيناز ابتسمت بسخرية وقالت بدهاء: أصلاً أول حاجة كانت هتيجي في دماغه بعد اللي الهانم عملته، إن سليم هيشك فينا وهيدور ورانا. دي بديهية، لازم كنت تفكر فيها من بدري، لأنه هيفكر: اشمعنا دلوقتي الهانم حولت له الأسهم دي، برغم رفضها الشديد إنها تدي لماسة اي صلاحيات في المجموعة؟ خد بالك، الكلمتين اللي الهانم قالتهم على السفرة هيخلوا سليم يشغل دماغه جامد، لأن معناهم إنها لسه رافضة إن ماسة يكون لها مكان في المجموعة ف ازاي ببساطة كدة تنقله الأسهم.
ضيق عماد عينيه ومال للأمام، صوته كان حادًا: بس مستحيل يشك إننا وراء الحادثة. لو عنده مجرد واحد في المية شك، والله كان هيذبحنا.
رشدي أومأ ببطء، نبرته واثقة: أنا بقول لكم هدوا اللعب وخلونا نستنى، عشان عارف إنها قربت، بس محتاجة تخطيط على كبير.
صافيناز نقرت بأصابعها على الطاولة بإيقاع بطيء وقالت: مش هينفع نعمل أي حاجة فعلاً دلوقتي. لازم ننبه على منى، العيون متفتحة علينا من كل الاتجاهات. من سليم، ومن بابا، ومن الهانم. حركة مامي خلت العيون تتفتح علينا اكتر، لازم نكون حذرين. يمكن يخترقوا تليفوناتنا، ويمكن يركبوا لنا ميكروفونات وكاميرات في مكاتبنا.
رشدي بتأكيد: بالضبط. مش هينفع نقعد مع بعض كتير. خلينا نجيب أرقام ماحدش يعرفها، مش بأسامينا أصلاً. لما نيجي نقعد مع بعض، نخليها جلسة عادية، وما نقعدش كتير. لازم نكون حذرين على قد مانقدر، وقبل مانتكلم في أي حاجة، نبص حوالينا كويس.
عماد هز رأسه ببطء: في جهاز كده هبعت أجيبه، بيبين لو في ميكروفونات محطوطة. بيعمل زي نوع ذبذبة كده.
رشدي نظر له بسخرية: هات لنا تلاتة أربعة كده.
في هذه اللحظة، دخلت فايزة فجأة، نظراتها كانت حادة، وكأنها تخترق عقولهم. وقفت بثبات، عيناها تتحرك بين الثلاثة، ثم قالت بلهجة صارمة:
مابتقعدوش القعدة دي غير لما تكونوا بتتكلموا عن سليم!
رشدي بسخرية: وماسة.
فايزة: انت بتستظرف، دمك تقيل يا رشدي.
نظرت لهم بحدة، ثم أشارت بأصابعها وأضافت بتحذير صريح: أسمعوا، أوعوا تفتكروا إن أنا هسمح إن أي حاجة تحصل لسليم. أنا صاحيالكم!
وقفت صافيناز حاولت التملص، فتحدثت بنبرة هادئة: احنا ما بنتكلمش عن سليم.
فايزة اقتربت منها، نظراتها تزداد شراسة:حتى ماعندِكِيش الشجاعة إنك تقولي الحقيقة؟ كذابة!
تنفست بعمق، ثم قالت بوضوح، كلماتها خرجت كالسكاكين: أنا بطلت أثق فيكم… أنتم بلايا متنقلة، أوغاد، ممكن تعملوا أي حاجة عشان توصلوا لأهدافكم الدنيئة.
ثم أضافت بنبرة تحذير شديدة:
بس لو حصل أي حاجة لسليم، صدقوني مش هافكر مرتين قبل ما أخد قرار بنقل كل الأسهم اللي تخصني لسليم، ومش هاخد وقت طويل علشان أقنع عزت يعمل زيه.
نظرت إليهم بحدة، نبرة التهديد كانت واضحة في صوتها: أي مشكلة هتحصل، سواء كنتم السبب أو لأ، هاعتبركم المسؤولين عنها، وهاقول لعزت كل حاجة، حتى لو كلفني ده حياتي. المهم، ماسمحش لسليم يتئذى بسببكم مرة تانية. غلطت مرة يوم ماسمعت كلام شيطاني وكرهي لماسة عماني، ونسيت إنكم أغبياء وقلوبكم سودا، ممكن تعملوا أي حاجة علشان خاطر تاخدوا مكانه على الكرسي.
توقفت لحظة، عيناها تمسح وجوههم التي اكتسى بعضها بالخوف، وبعضها بالغضب المكبوت، ثم تابعت بنبرة ساخرة لكنها محملة بالتهديد:
إنتم حاولتم تسرقوا الأوراق وفشلتم، زي ما دايمًا بتفشلوا… أنا عرفت إنكم كنتوا بتفكروا تسرقوا الأوراق، كنتوا ناويين تعملوا إيه؟ تزوروا؟ وتقفوا في وش عزت؟
ضحكت ضحكة جانبية صغيرة بسخرية:
شكلكم نسيتوا مين هو عزت الراوي…
تفتكروا محاولة زي دي عقابها ممكن يكون إيه؟ أخد نسبة من أسهمكم؟
توقفت للحظة وهي تنظر إلى وجوههم التي بدت عليها علامات الارتباك، ثم أكملت:
المشكلة إن خطوة زي دي ممكن تخلي عزت يشك فيكم أكتر… إيه رأيكم نخليه يشك؟! أنا بحاول أبعد الشك عنكم، بس انتم…
راقبت ملامح صافيناز ورشدي التي أخفاها التوتر والخوف، ثم أضافت بتحذير أخير:
دي آخر فرصة ليكم. والله لو أي حاجة حصلت لسليم، حتى لو شكة دبوس، هاعتبر إنكم السبب والمسؤولين عنها، وساعتها مش هتلحقوا حتى تندموا.
كادت أن تتحرك، لكنها توقفت فجأة، نظرت إليهم من أعلى لأسفل، ثم قالت بحدة:
وإنت يا رشدي، إياك أسمعك بتهدد طه تاني. إياك!
خرجت فايزة من الصالون، تاركة الثلاثة في حالة من الغضب والجنون.
رشدي يحاول تهدئة الوضع: صافيناز، أنا شايف إننا نهدى بجد.
صافيناز بصوت منخفض ومرتعش: خوفت… المرة دي فعلاً خوفت.
رشدي بصوت متوتر: بدأنا نفقد السيطرة.
صافيناز تحدثت بصوت خافت: إحنا كده كده مش هينفع نعمل حاجة… كل العيون علينا.
عماد قال بحزم: احنا مش هينفع نخسر الهانم. لازم بجد نهدي، ونبطل نقعد كتير مع بعض زي ما اتفقنا.
نظر إلى صافيناز وأكمل:
أنا وانتي يا صافي طبيعي نقعد مع بعض لأننا متجوزين،
إنما انت يا رشدي، صافي هتبلغك بأي حاجة. غير كده، مش هينفع نتجمع إحنا التلاتة. لازم الكلام ده يوصل لمنى.
هز الجميع رأسه بإيجاب، لكن التوتر ظل يخيم على المكان.
*************************
غرفة طه ومنى – الشرفة
وقف طه عند الشرفة يدخن سيجارته بصمت، بينما دخلت منى واقتربت منه، تنظر إليه بشك.
منى: كنت بتروح لسليم، مش شغل زي ما كنت مفهّمني.
أخذ طه نفسًا عميقًا من سيجارته قبل أن يجيب ببرود: آه، ومن اللحظة دي هعمل كل اللي عايزه، مش عايز كلام كتير… فاهمة؟ كفايه بقى.
نظر إليها نظرة حادة، ثم تركها وغادر دون أن ينتظر ردها أخذت تنظر له بضيق وهي تجز على أسنانها.
*************************
– على اتجاه اخر في الحديقة الفيلا
كانت ماسة جالسة في حديقة الفيلا، تستنشق الهواء بهدوء. بعد قليل، اقتربت فايزة منها، تبحث بعينيها عن شخص معين.
فايزة: أمال فين سليم؟
رفعت ماسة رأسها ونظرت نحو الداخل: دخل جوه بيجيب لنا حاجة نشربها اسماعيل وعشري مشيه.
فايزة بتعجب: مش في خدامين يعملوا الحاجات دي؟
ماسة بابتسامة خفيفة: والله عندك ابنك، ممكن تسأليه ليه هو أصر يعملها بإيديه.
فايزة بحدة: سليم تعبان، بلاش بقى شغل الدلع بتاعك ده… المفروض تمنعيه يتعب نفسه.
توقفت ماسة أمامها، تنظر إليها بثبات: مش إنتِ اللي هتقولي لي إزاي أتعامل مع سليم، أنا عارفة إزاي أتعامل معاه كويس… إنتي آخر واحدة ممكن تقوليلي أتعامل معاه إزاي.
فايزة باستغراب: إنتِ اللي بتقولي كده؟
ماسة بثقة: “أيوه، أنا اللي بقول كده… إذا كنت قولت كلمتين في حقك قبل كده، فده كان شهادة حق، مش أكتر…حاجة شفتها بعيني.لكن أنا عرفت من سليم وفهمت سبب بعده عنكم، رغم إني كنت فاهمة من زمان مش محتاجة يقول لي، بس فهمت قد إيه الوجع والخذلان اللي ساكن جواه منكم.
فايزة محذّرة: أوعي تتحديني يا ماسة، لأنك هتخسري.
ماسة بهدوء: يا ستي،أنا لا عايزة أتحداكي ولا عايزة أدخل معاكي في حرب، أنا عايزة أعيش أنا وجوزي حياة صحية من غير مشاكل، كفاية علينا اللي حصل.
ثم نظرت إليها بعينين ثابتتين وأضافت:
وأوعي تفتكري إني نسيت القلم اللي إديتِهولي ومعايرتك ليا. أنا ساكتة عشان خاطر سليم وبس، مش عشان خاطرك، ولا خوف منك.
فايزة بابتسامة غامضة: مش بقولك، إنتِ ماطلعتِيش سهلة، ولا زي ما إحنا كنا متخيلين.
ماسة بابتسامة ساخرة: تربيتكم… طبيعي أبقى كده.
ثم نظرت بعيدًا فوجدت سليم يقترب، فابتسمت وغيرت الحديث وقالت بذكاء: قلت لكِ سليم هيرجع، حضرتك ما صدقتنيش.
نظرت فايزة بطرف عينها نحو سليم وتنهدت تبسمت بتصنع: عندِك حق يا ماسة… برافو عليكِ إنك قدرتِ تخليه يرجع، وأقوى من الأول كمان.
اقترب سليم، ممسكًا بصنيه عليها بكوبين من الهوت شوكليت، وهو يعجز على عكاز ويقول بابتسامة: مساء الخير.
ماسة بابتسامة دافئة: مساء النور، تأخرت كده ليه يا حبيبي؟
سليم: كنت بعمل لكِ الهوت شوكليت بإيدي ماسكه بايد واحده اهو كسبت التحدي..
ماسة بإبتسامة امسكت منه صنينه ووضعتها على طاولة: حبيب قلبي انا كنت واثقه فيك بس كنت بنغشك، وضعت قبله على خده.
سليم بقيتي أحسن ؟!
ماسة وهي تمسح على ظهره: الحمد لله.
فايزة باندهاش: مش في خدامين يعملوا الحاجات دي؟
سليم نظر إليها بثبات، مستندًا على عكازه: أنا أعمل كل حاجة زي ما أنا عايز… براحتي، ما حدش له دعوة.
فايزة بحذر: طب أنا عايزة أتكلم معاك لوحدنا.
ماسة بابتسامة خفيفة: طب عن إذنك يا حبيبي… أنا هحضّر الفشار ونشرب الهوت شوكليت سوا، ما تتأخرش، عشان نتفرج على الفيلم.
امسكت الصنينه كادت ان تتحرك لكن التفتت إلى فايزة بغيظ قالت: تحضري معانا الفيلم يا طنط؟ هنتفرج على نيمو.
نظرت له فايزة بضيق لكن حاولت التماسك: لا بنام بدري.
أخذت ماسة الصنينه وتوجهت إلى داخل الفيلا، تاركة سليم مع والدته.
جلست فايزة ونظرت لسليم: أقعد ارتاح.
سليم وهو يجلس باستقامة: أنا كويس، ماتقلقيش عليا.
فايزة بنبرة هادئة: ميرسي يا سليم إنك رجعت القصر.
نظر سليم إليها بثبات: بس أنا مارجعتش عشان إنتِ اللي قولتي لي، رجعت عشان ماسة، هتكون في أمان أكتر هنا.
فايزة بابتسامة جانبية: ودي شهادة كبيرة جدًا…إنك بنفسكِ تقول إن الأمان الوحيد اللي حسيت بيه هنا، في القصر يا سليم.
أكملت فايزة برجاء : سليم…أنا عايزة أرجّع علاقتي بيك، عايزة أكون الأم اللي تستحقها.
اقتربت منه، وضعت يدها على كتفه بلطف: لو سمحت…أديني فرصة، بلاش تقسّي قلبك.
نظر سليم إليها طويلاً قبل أن يقول بصوت هادئ: حضرتك ليه مصمّمة تعيدي نفس الكلام
فايزة بإصرار: لازم أعيد نفس الكلام… علاقتنا لازم تتحسن.
سليم بهدوء جليدي: العلاقات مابتتحسنش بالكلام يا فايزة هانم أو بطلب، العلاقات بتتحسن بالأفعال…بالمواقف. يعني أكيد لو حضرتكِ شايفة إن أفعالك معايا، ومواقفكِ مع ماسة بالذات، كويسة، ساعتها بس علاقتنا هتتحسن غير كدة لا… بس بردو مش بين يوم وليلة.
فايزة تنظر إليه بترقب: أفهم من كده إنك فاتح الباب؟
سليم بجدية: أنا عمري ما قفلت الباب بيني وبينكم…أنا لو قفلت الباب بيني وبين حد هنا، صدقيني العلاقة هتكون بشكل تاني خالص، وحضرتكِ أكيد عارفة ده.
نظر سليم إلى فايزة بتمعّن، صمته كان يحمل أكثر من سؤال، لكنه انتقى واحدًا فقط ليطرحه بصراحة:
سليم بدهاء: أنا عايز أسألك سؤال، وتردّي بصراحة… ولادك عملوا إيه عشان كده نقلتي الإدارة؟
لم يظهر على وجه فايزة أي ارتباك، أجابت بثبات: مفيش أي حاجة عملوها، الموضوع عادي خالص. أنا وعزت اتكلمنا وتناقشنا، وشوفنا إن ده الوقت المناسب. إنت تستحق إن يبقى معاك حق الإدارة رسمي، بدل ما تكون بتديرها فعليًا بس من غير صفة قانونية.
سليم بتفكير: يعني مفيش حاجة تانية؟
فايزة بابتسامة خفيفة: إيه اللي ممكن يكون حصل؟
سليم بهدوء لكن بتركيز: مش عارف، ممكن يكون فيه مشاريع فاشلة، مشكلة حصلت؟
فايزة بنفس الثبات: ولا أي حاجة من ده، وتفتكر لو كان في حاجة، مش كنت هتعرف بيها؟
مدّت يدها ولمست جانب رقبته بخفة، محاولةً تقليل حدة الحوار: صدقني يا سليم، أنا عملت كده عشانك، عشان أثبت لك قد إيه بحبك وبثق فيك… وعايزة علاقتنا تتحسن.
سليم بابتسامة ساخرة: بتشتري حبي بالفلوس؟
ضحكت فايزة رغم إدراكها لمغزى كلامه: ما أقصدش كده، بس أنا-
سليم مقاطعًا، بجدية: خلاص، عموماً زي ما قلت لك، أنا مش عايز مشاكل زي اللي حصلت زمان مع ماسة… ومش هسمح بده يتكرر اضاف بنظره حاده مبطنه بتهديد:
أنا رجعت القصر ةمش همشي منه بس لو حصل اي غلط .. اي غلط !! مش همشي .. بس انا هعرف ازاي ارمي اللي عمل كده بره مهما كان هو مين.
وقف من مكانه، أنهى الحديث وكأنه أغلق بابًا لا يريد فتحه مجددًا: بعد إذنك، هطلع أقعد مع مراتي شوية.
فايزة أومأت برأسها بصمت، راقبته وهو يبتعد، تدرك أن المسافة بينهما مازالت موجودة لكن ربما هذه المرة، يمكنها تقلّيصها.
💞ليلةعادل_______________⁦。⁠◕⁠‿⁠◕⁠。⁩
قصر الراوي الرابعة مساءً
الحديقة
سلوى بتنهيدة: يعني أنتِي كده مش هاتروحي الفيلا عندك تاني؟
ماسة بإبتسامة هادئة: لا، هانفضل هنا.
سلوى بتساؤل: ومافيش خروج تاني خالص، ولا حتى وهو معاكِي؟
ماسة مدت شفتيها: ماعرفش، بس واضح إنه حتى وهو معايا، مافيش خروج.
سلوى بتهكم: لاء يا شيخة! أكيد هايخرجك، بس هو هايبقى معاكم الحراس. يعني ممكن يكتر العدد. أكيد مش هايحبسك.
ماسة بجدية، تبتسم برفق: والله يا سلوى ما فارق معايا. هو عنده حق، إللي حصل لنا مش شوية. بيني وبينك، لما قعدت مع نفسي فكرت وحسيت إنه صح. أنا بس كان واجعني وعز عليا إني مش معاكي، مش مع أختي الوحيدة في أهم أيامها.
سلوى بحنان: والله العظيم، وأنا كمان كنت مفتقداكي. بس وجودك معايا على التليفون، وأمي معايا… مش ها أقول لك “عوض”، بس يعني… بلاش نتكلم في الموضوع ده.
ماسة تغير الموضوع: إيه أخبار صالح؟
سلوى بتنهد: تمام.
ماسة بفضول: تمام ازاي؟ يعني، إنتِم خرجتوا إمبارح؟ أبوكِي سمحلكِ تخرجي معاه؟ إزاي؟
سلوى بتردد: أبوكي مايعرفش إني خرجت معاه لوحدي. أمي بس هي إللي عارفة. إنتِي عارفة أبوكي، وإخواتك لو عرفوا هايعملوا مشاكل. قلت لهم إني في المكتبة. بس عارفة يا ماسة، حاسة إني مش مرتاحة.
ماسة بدهشة: مش مرتاحة إيه؟ يا بنتي، إنتِي لسة مخطوبة بقالك كام يوم؟ إنتِي عبيطة؟ بعدين مش إنتي عارفاه من الكورسات وكان فيه بينكم كلام؟
سلوى بتردد: أيوه بس مش زي ما إنتِي فاكرة، بصي هو كان بيحاول يكلمني كتير، وأنا كنت برفض. وبعدين قلت له: بقولك إيه، أنا ماليش في الكلام ده. لو فيه حاجة تعالى أتقدم لي، وهو وافق. وفعلاً، ده إللي خلاني أوافق عليه. حسيته جد مش بيلعب، وإللي خلاني أوافق عليه دونا عن إللي اتقدّموا، لإنه محترم، شكله كويس، وأهله ناس كويسين. الكام مرة إللي اتكلمنا فيها… حسيت إني متقبلة. لكن بعد ما اتخطبنا وخرجنا إمبارح، حسيت كدة إني مش مبسوطة أو إني مش مرتاحة، مش زي ما كنت مع مكي. أنا لما كنت مع مكي، كان إحساسي مختلف.
ماسة بتفهم، تهز رأسها: طبيعي يا سلوى. الإحساس ده طبيعي. إنتِي لسة مخطوبة، فالموضوع طبيعي.
سلوى بتأمل، بصوت منخفض: أنا عارفة إن الموضوع طبيعي، بس إللي حاسة بيه مش طبيعي، بعد ما عملت المقارنة.
ماسة بحزم، بنظرة جدية: قلت لك ماتستعجليش، قلت لك تدي مكي فرصة، بس إنتي إللي عنيدة.
سلوى بتنهد: أدي له فرصة بعد. طول السنين دي كلها وأوافق، علشان يحس إني كنت مستنيّة الأستاذ يحن عليا بكلمة؟ لا طبعًا.
ماسة بتنفس عميق، بلهجة غاضبة: لو رفضك لمكي علشان الحاجة دي، أحب أقول لك إنك غبية! ولسة عيلة ودماغك صغيرة.
سلوى بضيق: إنتِي ليه مش عايزة تفهميني؟
ماسة: أنا عايزة أفهمك حاجة واحدة، إنك ضيّعتي إنسان بيحبك بجد. بيحبك حب حقيقي، حرمك على قلبه وعلى نفسه علشان خاطر يسيبك تنضجي وتختاريه. مش بمجرد مشاعر مراهقة، من غير أنانية، وما تقوليش سليم عمل إيه وماعملش إيه، لإن سليم غير مكي.
سلوى: عموماً إحنا لسة في البداية. مش هاستعجل بعدين قلت له سنتين خطوبة طبعاً أبوكي قال له سنة بس، وأمك ست شهور. أمي عايزة تخلص مني بسرعة، بس أنا بقى سايبة الموضوع ده عليكي وعلى سليم تقنعي أبويا وأمي إنهم يخلوا الخطوبة تفضل سنتين.
نظرت لها ماسة بإختناق، أكملت سلوى وهي تنظر من حولها عليه : هو مكي فين؟
ماسة بتنهد، ثم تهز رأسها: سافر. خد له كم يوم كدة إجازة بعد خطوبتك. مخنوق.
سلوى بحزن: يا حرام مسكين. عنده مشاعر وأحاسيس. أحسن خليه يدوق من إللي دوقهولي زمان.
ماسة بتنهد، بجدية: والله العظيم، إنتِي مجنونة! المهم دلوقتي، سيبك من مكي. أنا عايزاكي تركزي مع صالح. الجواز حاجة تانية. عايزاكي تركزي معاه. شوفي نفسك، مرتاحة؟ مبسوطة؟ في بينكم لغة حوار؟ فاهمك؟عارف تفاصيلك بيسمعك؟ كلمته لازم تتنفذ؟ ولا ممكن تتناقشي؟ بيمد إيده ولا لا؟ أخباره في الغيرة اي! يعني أسألي كدة لو حصل موقف كذا إيه رد فعلك شوفي بيلجأ للعنف ولا بيلجأ للحوار لو زعلنا هاتعدي اليوم وإحنا متخاصمين ولا هانتصالح في نفس اليوم، بعد الجواز هاتبقى عامل إزاي أسالي في الكلام ده الخطوبة مش كلها حب ورومانسية وورد أحمر، فيه حاجات أهم وهي إللي بسببها تخلي الجواز يستمر أو يفشل.
سلوى بتأكيد: أكيد طبعاً هاخد بالي من كل ده. ماتقلقيش. هي هبة فين؟
ماسة بتنهد، ثم تتفكر: هنا في أوضتها، تعبانة خالص. يا عيني، الحمل تاعبها.
سلوى بتساؤل: ينفع نطلع نقعد معاها؟
ماسة بإبتسامة: أكيد ينفع. بس برده لازم نتصل نستأذن.
سلوى بابتسامة: كلميها. على فكرة، أنا قاعدة معاكي اليوم كله، علشان نشل فايزة.
ضحكت ماسة.
💞___________________بقلمي_ليلةعادل◉⁠‿⁠◉
منذ أيام ومكي غائب عن الجميع، قاطعًا كل وسائل الاتصال، تاركًا هاتفه مغلقًا رغم محاولات سليم ووالدته والآخرين الوصول إليه. لم يكن مستعدًا لسماع نصائح أو تدخل من أحد، فقط أراد مساحة يختلي بنفسه ويراجع كل حساباته.
قضى الأيام الماضية يتنقل بين شوارع الإسكندرية، يمشي لساعات طويلة بلا وجهة محددة، يتوقف أحيانًا في مقهى ليشرب قهوته ثم يعود للشارع مجددًا. البحر كان رفيقه الدائم، لكنه لم يمنحه إجابة. كلما ظن أنه استقر على قرار، عاد الشك ليطارده. هل يتركها تمضي؟ هل يقاتل من أجلها؟
ظل على هذا الحال حتى جاءت لحظة الحسم، لحظة أدرك فيها أن التردد لن يكون خياره بعد الآن. رفع رأسه، تنفس بعمق، وقرر العودة إلى القاهرة. لم يكن مستعدًا للسماح لهذه القصة بأن تنتهي هكذا. بل سيقاتل من أجل استعادة عشقه.
قصير الراوي السادسة مساءً
مكتب سليم
نرى ماسة تجلس على المقعد الأمامي للمكتب، توقع على بعض الأوراق بتركيز. كان سليم يجلس على المقعد المقابل لها.
بعد الإنتهاء، قالت: أنا خلصت.
سليم: تمام.
ماسة عادت بظهرها للمقعد: ماما هاتيجي بكرة تقضي اليوم معانا.
سليم: أخواتك وأهلك كلهم ييجوا في أي وقت، مافيش مشكلة.
ماسة بامتنان:ماشي ياكراملتي
وأثناء ذلك، دخل مكي بعد عودته من الإسكندرية واختفائه لأكثر من أسبوع.
مكي: مساء الخير.
رفع كل من ماسة وسليم عينيهما له، وقالوا معًا:مساء النور.
ماسة: عامل إيه يا هربان؟
جلس مكي على المقعد المقابل لماسة، بابتسامة: الحمد لله
ماسة: سليم قال إنك سافرت علشان مكتئب.
هز مكي رأسه بصمت.
ماسة بلطف: صدقني، أنا مقدرة مشاعرك، ومبسوطة إن أختي عندها شخص بيحبها بالشكل ده، لكن لازم برضه تقدر إحساسها، حقيقي أنا ما كنتش فاهمة لإنّها ماتكلمتش عن مشاعرها وقتها بشكل واضح. يعني في البداية زعلت شوية، وبعدها بقت عادي.
عادت بشعرها للخلف وهي تمد وجهها بحزن:
حقيقي، ماتوقعتش إنها تكون تأثرت للدرجة دي… هي كانت متأثرة شوية. إنت فجأة سبتها بطريقة مش فاهماها، حتى أنا وقتها اتضايقت منك وتعصبت. لكن لما فهمت احترمتك. هي هتاخد وقتها.
قاطعها مكي: تاخد وقتها إيه يا ماسة؟ وهي راحت اتخطبت!
ماسة بعقلانية: إيه يعني؟ الخِطبة مش نهاية العالم. (نهضت)
ها اسيبكم بقى قاعدين مع بعض، روقوا كدة. وأنا هاحاول أكلمها تاني.
هزّ مكي رأسه بإبتسامة إيجابية وقال: ميرسي يا ماسة.
ماسة بعقلانية: أنا مش بعمل كدة علشانك، أنا برده لسة متضايقة من إللي إنت عملته، حتى لو ما كنتش بتظهر ده قدام سلوى، بس طريقة حبك، وأسبابك، والحزن إللي أنا شايفاه في عيونك ده، هو إللي مخليني واقفة معاك. لإني مش ها ألاقي حد يحب أختي زي ما إنت بتحبها.
نظرت ماسة لسليم وسألته: حبيبي، عايز حاجة تانية.
أجاب سليم: لا يا عشقي بس من فضلك خليهم يعملوا لنا فنجانين قهوة مظبوطة.
ماسة بابتسامة: حاضر، أنا هاطلع فوق أقعد شوية ألعب على الكمبيوتر. ماشي؟ أو ها أتكلم في التليفون مع أصحابي، يعني ها أشوف.
أومأ سليم برأسه موافقًا.
خرجت ماسة، ونظر سليم في عيني مكي وقال:
هديت ولا لسة؟
مكي تنهد: يعني شوية.
سليم بعتاب: سبتني في أكتر وقت كنت محتاجك فيه، يا مكي.
مكي وهو يزم شفتيه: صدقني يا سليم، وقتها أنا ماكنتش قادر أركز، مشاعري كانت متحكمة فيا. إنت حبيت ودقت عذاب الحب، وأكيد هاتفهمني. بس دلوقتي أنا خلاص عرفت ها أعمل إيه.
سليم تساءل: هاتعمل إيه يا صاحبي؟
مكي بنبرة حازمة: ها أعمل الصح، ها أفضل وراها لحد ما أرجعها ليا زي ما ضيعتها. ماتقلقش، مش ها أخلي مشاعري مشوشة على تفكيري.
تساءل: ها وصلت لحاجة؟’
سليم بقلق: قبل ماقولك أنا وصلت لإيه، أنا عايزك تبقى كويس. مش حابب أشوفك كدة، أول مرة أشوفك بالضعف ده.
مكي تبسم: أنا كويس يا سليم، ماتقلقش. قول لي، مافيش أخبار؟
سليم: بعد ما سافرت، دورت ورا إيريك وتيمو.
ماركو جه هنا علشان نفكر شوية مين يكون وراها، مد وجهه بيأس: بس للأسف… حتى أيريك اتصل وقال لي: أنا مش ها أعمل حاجة، عندي أهداف وحاجات أهم، مستحيل أخسرها علشان إنتقام غبي.
مكي بعقلانية: طب ما أنا قلت لك إن إحنا دورنا وراه بمساعدة ماركو وريمون والباشا ماوصلناش لحاجة الناس دي مابيحسبوهاش زينا مابيفكروش بالعواطف بيفكروا بالعقل أبوهم كان ليه مكان كبير على الترابيزة ومستحيل يخاطروا بيه.
تنهد سليم بتعب وهو يعود بظهره للخلف: أنا تعبت يا مكي، حقيقي تعبت، عايز أضرب دماغي في الحيطة. عايز أوصل للي عمل فيا كدة، بأي تمن بأي طريقة.
مكي: هنوصل يا سليم، بس أهدى علشان تعرف تفكر صح.
هز سليم رأسه موافقًا: أنا هاعمل كده، هابعد تركيزي عنه دلوقتي، وهاركز في الشغل، وهاحاول أهدى. المهم، عايزك تراقب إخواتي وعماد ومنى… كل إخواتي بلا استثناء، حتى فايزة والباشا. مافيش حد هايخرج برة دائرة الشك. بس الكلام ده بيني وبينك، حتى عشري مايعرفش عنه حاجة.”(بحزم) أنا وأنت وبس.
أشار بيده باتساع عينه بحسم:
وها أدور ورا كل الرجالة، هاتراقب تليفوناتهم، واللي تليفونه يتغير خلال الفترة دي، أو يقول لك: ‘رقمي اتغير’ أو ‘تليفوني ضاع’، توديه على المخزن فورًا. حتى إسماعيل، هاتفتش وراه… تدور في السجلات المكالمات قبل الحادثة بشهر أو شهرين. هاتبص في كل حساب لكل واحد فيهم، طبيعي ولا مش طبيعي؟ عندهم حسابات برا ولا لأ؟ وسارة، مرات عماد، كمان تراقب تحركاتها. أوعى تستثني حد، وأي حاجة تحسها مش طبيعية، حتى لو كانت تفصيلة صغيرة، ماتعديهاش اهاليهم تبصي في حساباتهم لانهم ممكن يكونوا كاتبين الحسابات بتاعتهم باسامي اهاليهم او بيوت او عربيات فاهم.
مكي متعجبًا: إنت شاكك في حد منهم يا سليم؟
سليم بعينين متسعتين من الشك: موضوع فايزة مش مريحني… فايزة من ساعة ما عرفت إن ماسة بقت ليها الأحقية في قبول أو رفض أي مشروع أو صفقة تخص المجموعة، وهي متعصبة ومتضايقة. الموضوع ده مجننها، ومستحيل تعديه بالساهل.
مكي أمال رأسه قليلًا وقال بعقلانية: الصراحة، تحليلي للموضوع إنه كله نابع من حبهم ليك. بيحاولوا يعوضوك عن اللي خسرته، عن اللي إنت وماسة تعرضتوله… يعني خسرت بنتك، واتعرضت لتعب شديد، غيبوبة، ورصاصة في ظهرك، وموضوع الخلفة… ورجلك… نفسيتك متدمرة أصلًا. فشايفين إنهم ممكن يعوضوك ولو شوية… نوع من أنواع التعويض، مش أكتر
هز راسه كانه غير مقتنع وهو يحرك يده اكمل:
وبعدين، دي حاجة تخصك إنت… إيه دخل إخواتك في الموضوع لمجرد إنها كتبت لك حاجة؟ تفتكر إنها تكون عارفة أو شكة وساكتة؟ استحالة.
سليم بنبرة حازمة: يعني إنت مش شاكك إن إخواتي ممكن يعملوها؟”
مكي بصوت هادئ وعقلانية بتحليل: بص يا سليم، فريدة هانم وياسين مستحيل يعملوها، حتى هبة مراته وإبراهيم جوز فريدة. أما رشدي، فهو جبان وغبي… دماغه ماتوصلش إنه يخطط بالشكل ده. حتى عماد وصافيناز، دول آخرهم يروحوا يتفقوا مع حد علشان يبوظوا صفقة، ياخدوا شوية فلوس ويحولوها، يعملوا صفقة شمال، كل ده بس علشان يبينوا نفسهم قدام الباشا… علشان ياخدوا مكانك زي زمان منى بقى متعرفش تعمل اي حاجة غير أنها تعلب في دماغ طه يديها فلوس يكتبلها ارض.
سليم، مشيرًا بيده بتنبيه مال جسده للإمام: أوعى تستصغر حد… صدقني، دايمًا اللي بتستصغره هو اللي بيطعنك في ظهرك. دور وراهم، ماتستصغرش حد مها كان.
مكي هز رأسه بإيجاب: أمرك يا ملك، اللي إنت عايزه… بس أوعى أكون في القايمة.
سليم، بابتسامة واثقة تمامًا: أنا لو ذراعي الشمال خاني، مستحيل أصدق إنك تخوني.
مكي تبسم وهو ينظر إلى سليم بحنان: وأنا قد ثقتك يا خويا… ها، الأمور ماشية تمام مع ماسة ولا متضايقة؟
سليم، بابتسامة خفيفة لكن بنبرة حازمة: لا، مش متضايقة. هاتتعود، ولو ما تعودتش، تتعود غصب عنها. الدلع بتاع زمان ماينفعش. إحنا دلوقتي في مصيبة، ولازم تتحمل المسؤولية.
مكي، وهو يهز رأسه برفق وعيناه تعكسان تعاطفه: بس بالراحة عليها، بلاش تقسى عليها.
سليم، يبتسم ابتسامة باهتة، ثم يقول بنبرة مليئة بالصدق والمحبة: هو أنا بعرف أقسى عليها يا مكي؟ ولا عمري قسيت عليها… إنت عارف، أنا لو قسيت على الدنيا كلها، ماقدرش أقسى عليها ثانية واحدة.
مجموعة الراوي
مكتب صافيناز الثالثه عصراً
داخل مكتب صافيناز، كانت جالسة وسط الأوراق، تتفحصها بدقة بينما إسماعيل يجلس أمامها. رفعت عينيها إليه بضيق:
صافيناز: تأخرت ليه كده؟؟ عماد رجع من يومين.
إسماعيل وهو يسند ظهره للكرسي: إنتِ طلبتي مكالمات ست شهور كاملة، ده غير إن كان عندي مأموريات… في حاجة شاكة فيها؟
نظرت له صافيناز قليلاً قبل أن تفتح درج مكتبها، تسحب منه مبلغًا من الدولارات، تمده نحوه وهي تقول بصوت خافت: ملكش دعوة… الكلام ده سرّ بيني وبينك، الباشا وسليم مايعرفوش عنه حاجة.
أخذ إسماعيل المال دون تعليق، وهز رأسه موافقًا: تمام… عموماً، عماد سجلّه نضيف.
ابتسمت صافيناز بثقة: أنا واثقة في جوزي.
إسماعيل وهو يهز رأسه بسخريه مبطنه: وهو يستاهل الثقة…الصراحة، ماشفناش منه أي حاجة… غير بس زمان قوي، لما عكّ الدنيا هو ومنى، لكن بعدها مشي مظبوط.
صافيناز بإشارة من يدها: طيب… ماشي، روح إنت.
نهض إسماعيل وخرج، بينما بقيت صافيناز تتفحص الأوراق، لكن لم تجد أي شيء مثير للاهتمام.
في هذه اللحظة، كان عماد جالسًا في مكتبه، واضعًا سماعات في أذنه، يبتسم بسخرية، ثم همس لنفسه: سارة طلع عندها حق.
فهو يضع سماعات ميكروفون ويقوم بالتصنط عليها
في الخارج ،أثناء خروج إسماعيل تصادف مع وجود سليم، فتبادلا التحية سريعًا.
سليم: انت جاي ليه؟
إسماعيل: كنت جاي أدي صافي الأوراق…زي ما اتفقنا.
سليم وهو يراقبه بنظرة ثابتة: عملت إيه في موضوع عماد؟
إسماعيل بهدوء: “زي ما أمرت… غطّيت عليه، بس لحد إمتى هتفضل مغطي عليه في موضوع جوازه من سارة؟
سليم بابتسامة غامضة: عشان أنا متأكد إن الورقة دي ليها ميعادها لعزت ولا صافيناز ولا اي حد ينفع يعرف ان عماد متجوز على سارة.
تحرك سليم نحو سيارته، فسأله إسماعيل: إنت رايح فين؟
سليم: مروّح البيت.. وإنت؟
إسماعيل ضاحكًا: وأنا كمان، بس أختك بخيلة قوي، أديتني 500 دولار بس.
ضحك سليم وهو يربت على كتفه: أنا هعوضك… سلام.
صعد كل منهما سيارته، وغادرا في اتجاهين مختلفين.
💞____________بقلمي_ليلةعادل。⁠◕⁠‿⁠◕⁠。
منزل إسماعيل الخامسة مساءً
تظهر عبير، زوجته التي تم خطفها في أول أحداث الرواية من قبل سليم.
وهي تحضّر السفرة ببساطة. وضعت الأطباق على الطاولة وهي تبتسم عندما رأت إسماعيل يقترب مرتديًا نفس ملابسه منذ الصباحيه.
عبير بحب: إسماعيل! ماغيرتش هدومك ليه؟ تعبان؟
إسماعيل بصوت مرهق: آه.. اليوم كان طويل أوي قولت أكل لاول.
عبير وهي تصب له كوب ماء: سلمتك يا حبيبي .
جلس إسماعيل على الطاولة، التقط الملعقة وبدأ في تناول الطعام، بينما كانت عبير تراقبه بحذر قبل أن تتكلم.
عبير: كنت عايزة أقولك على حاجة كده.. تيم محتاج شوية فلوس للمدرسة، المصاريف زادت السنة دي، والمدرسين عايزين دروس زيادة.
إسماعيل وهو يضع الملعقة: ماتقلقيش، هظبط كل حاجة.
عبير بحماس: وكمان الأرض اللي قلت لك عليها، بصراحة دي فرصة مش هتتعوض، الموقع ممتاز والسعر لسه معقول. لو أخدناها دلوقتي، بعد سنة هتبقى ضعف التمن!
إسماعيل بعد تفكير: عندك حق اعتبريها بتعتنا ومن غير مندفع جينه.
عبير بتردد بسيط ونبرة مداعبة: ما تنساش برضه موضوع الشاليه بتاع الجونة.. بقالنا فترة مأجلين القسط بتاعته، ولا إيه؟
ابتسم إسماعيل وهز رأسه، ثم مال للأمام وأمسك يدها برفق.
إسماعيل: ماتقلقيش، كل حاجة هتتعمل. بس إنتي سيبيني أرتبها بالطريقة الصح.
عبير بابتسامة راضية: عارفة إنك مش بتتأخر عني في حاجة.. بس بحب أفكرك.
ابتسم إسماعيل وأكمل طعامه، بينما كانت عبير تراقبه بنظرة ممتنة.
في البار الفاخر الواحدة صباحاً
حيث اعتاد رشدي قضاء سهراته، جلس يحتسي الخمر ويقضم بعض المكسرات ببطء. لم يكن له مزاج للحديث، لكن الأجواء حوله كانت تضج بالحياة..
بعد قليل،اقتربت منه الفتاة المثيرة نيللي، بخطواتها الواثقة، وعيناها تلمعان بدهاء. يبدو أنها لم تأتِ مصادفة، بل أُرسلت إليه…لكن من أرسلها؟ ولماذا؟
نيللي بإغراء: Hello رشدي.
رفع عينيه إليها ببرود، ثم رد دون اهتمام: Hello.
سحبت كرسياً وجلست بجانبه دون استئذان، نظراتها تتفحصه بجرأة قبل أن تتابع:
يعني بعد ما مشيت، ولا كلمتني ولا حتى رديت على مكالماتي؟
رشدي، وهو يحرك كأسه بين يديه: ما اتعودتش أقرب من حد بالسرعة دي…مش عشان اللي حصل تفتكري خلاص بقينا أصحاب.
نيللي، بابتسامة جانبية: وإيه يعني لما نبقى أصحاب؟
رفع حاجبه متسائلًا: إيه الحكاية بالضبط؟
نيللي بهدوء: مفيش حكاية… كل الحكاية إني عايزة أكون من حريم رشدي الراوي.
ابتسم بسخرية، ارتشف من كأسه، ثم قال: هو مش انتي ماكنتيش عارفاني؟
نيللي، وهي تميل نحوه قليلًا: أنا عيني عليك من زمان، بحاول أقربلك لكن ما كنتش واخد بالك… تملي مركز مع الست زيزي وشاهندة!”
رشدي، وهو يتأملها بتركيز: وبعدين؟
نيللي، بابتسامة مغرية: عايزة أبقى من حريم رشدي الراوي، زي ما قلت لك… إيه المشكلة؟ ما عجبتكش؟
رفع رشدي الكأس إلى شفتيه وأخذ رشفة طويلة قبل أن يضعه على الطاولة. نظر إليها نظرة طويلة قبل أن يقول بهدوء: هفكر.
نهض من مقعده، استعدادًا للمغادرة، لكنها أوقفته بعبارة مباغتة:
نيللي: بقولك إيه، ليك في سباق العربيات؟ والا ياسين بس اللي مجنون بالحاجات دي؟
التفت إليها، فعادت تكمل بثقة: بيقولوا إنك أحسن منه… وأنا عايزة أشوف بعيني، هو ولا أنت.
ارتسمت ابتسامة خفيفة على وجهه، لكنه لم يعلق. اقتربت أكثر، وهمست: في سباق قريب ناس صحابي عاملينه، تيجي؟
تراجع خطوة للوراء، نظر إليها نظرة عميقة قبل أن يقول بنفس البرود المعتاد: هفكر.
نيللي، وهي تمسك هاتفها: هابعَت لك اللوكيشن والدعوة… بس عايزة أعرف، هتيجي؟
رشدي، وهو يتحرك مبتعدًا: قلت لك… هشوف.
نيللي بثقه: هتيجي.
رشدي وهو يتحرك؛ هشوف.
نيللي بإصرار: هتيجي.
خرج من البار دون أن ينظر خلفه، تاركًا نيللي تتابعه بنظرة مليئة بالتحدي كأنها واثقة أنه سيأتي..
قصر الراوي – الليفنج روم – الثانية صباحًا
كانت ماسة جالسة بمفردها أمام التلفاز، تتناول بعض الحلويات وتضحك على مشهد ما. في تلك اللحظة، دخل رشدي إلى الغرفة، فاستوقفته ضحكتها، تبسم تلقائيًا وهو يقترب منها.
رشدي، بنبرة مرحة: Hello يا ست الحُسن.
رفعت حاجبيها ونظرت إليه بسخرية: والله العظيم، إنت مش هتهدى غير لما سليم يذبحك.
ضحك رشدي وجلس على الكرسي بجانبها، التقط قطعة من الشيبسي ووضعها في فمه.
رشدي، وهو ينظر من حوله ببحث: هو فين الأمير الصغير صحيح؟
ماسة، وهي تأكل قطعة أخرى من الحلوى: ما أنت عارف بينام بدري.
رشدي: وانتِ ما بتناميش بدري ليه؟
ماسة، وهي تنظر له بنصف عين: يعني بقيت بنام متأخر شوية وأصحى متأخر شوية… بقيت فاشلة زيّك.
ضحك رشدي وهو يومئ برأسه: ماشي يا سِتّي!
عاد بنظره نحو التلفاز، يتابع المشهد لبعض الوقت، لكنه كان يراقبها أكثر مما يشاهد. كل ضحكة منها كانت تجذبه دون وعي، وأفكاره بدأت تتجول في مقارنات لا تنتهي. كم كان يتمنى لو كانت الفتاة التي بجانبه له… أو على الأقل، لو عرف واحدة تشبهها. الغيرة كانت تلتهم قلبه دون أن يدرك.
رشدي، وهو يقطع الصمت: قولي لي يا ماسة… ما فكرتيش تخرجي وتغيري الروتين ده؟
ماسة، وهي ترفع حاجبها: مش فاهمة… قصدك إيه؟
رشدي: يعني تخرجي، تسهري، تغيّري حياتك شوية.
ماسة، وهي تنظر له بتمعن: أنا حاسة إنك تقصد إنّي أسهر في أماكن زي بتاعتك؟
هزّ رأسه بإيجاب، فتابعت ماسة بحزم: معلش، حياتك دي ما تستهونيش.
رشدي، وهو يتكئ للخلف: وبعدين؟
ماسة، بثقة: بعدين إنّ الخمرة حرام، والأماكن اللي بتروحها مليانة حاجات غلط.
ضحك رشدي وهو يهز رأسه، لكن قبل أن يتكلم، أكملت ماسة:
وبعدين يا رشدي، أنا مش حاسة بأي ملل ولا خنقة زي ما انت متخيل. أنا خرجت قبل كده، شفت، وعشت حاجات مع سليم تجنن غير حياتك الغلط دي. لو كانت حياتك دي كويسة، مكنتش قدرت اخلي سليم يبعد عنها. بس دلوقتي الوضع مختلف. صحيح الفترة دي سليم مانعني من الخروج،بس السبب ده مش مخليني حاسة بالملل..أنا تمام.
رشدي، بابتسامة: أنا عارف إنك تمام، بس على فكرة… بس الحياة اللي بتتكلمي عنها حلوة انت بس اللي ما عشتهاش بالشكل اللي يخليك تحبيها..
ماسة، بنظرة حاسمة بإصرار: تؤ حلوة عشان الشيطان هو اللي مخلّيها حلوة في عينك، بس انت لو جربت تبعد عنها وتعمل حاجات تانية، صدقني هتشوف الحلاوة الحقيقية.
توقف رشدي عند كلماتها، تأملها للحظة وهو لا يجد ردًا جاهزًا. لأول مرة منذ زمن، شعر وكأن أحدهم يلقي إليه بحقيقة لم يجرؤ على مواجهتها. لكن ليس لديه “ماسة” لكي تخرجه من تلك الحياة كما أخرجت سليم.
فماذا فعل سليم ليعيش كل تلك النعم؟ زوجة يتمناها الكثير، حتى لو كانت في الحقيقة خادمة… نجاح في أعماله… تميز بين أشقائه… كل شيء متاح له.
مسح رشدي وجهه بغيرة ونهض وهو يقول بنبرة خافتة: ما تحاوليش تسهري كتير، خليكي زي ما انتي…ماسة اللي عرفتها.
غمز لها وتحرك للخارج. نظرت ماسة خلفه لثوانٍ باستغراب، لكنها لم تعلّق، فقط أكملت المشاهدة لبعض الوقت. وبعد قليل، صعدت إلى جناحها، بدّلت ملابسها، واستلقت بين أحضان سليم، حيث تنتمي.
مكتبة دار الكتب، العاشرة صباحاً.
مظهر عام لذلك المبنى العريق من الداخل والخارج، وآلاف الكتب مصفوفة في الأرفف والطاولات، ثم نشاهد سلوى وصالح يجلسان على إحدى الطاولات ويقرآن أحد الكتب بتركيز… وأثناء ذلك دخل مكي الذي لا يتركها بمفردها للحظة واحدة. اقترب منهما وتصنع الصدفة.
مكي توقف أمام طاولتهما وهز رأسه بتحية: سلوى هانم، إيه الصدفة دي؟ إزيك؟ إزيك يا أستاذ صالح؟
رفعت سلوى عينيها نحو مكي بإستغراب وقالت:إيه ده إنت هنا ليه؟
مكي، وهو ينظر من حوله، قال: عايز أثقف نفسي، سليم أجازة، و أنا قاعد في البيت لوحدي زهقان، وإنتِي عارفة إني وحيد، وماما مسافرة عند خالتي، قولت أجي أعلي من ثقافتي شوية.
نظرت سلوى له بعدم تصديق برفعة حاجب: يا سلام تمام.. ثم أشارت بيديها إلى صالح قالت ده أستاذ مكي.
قاطعها مكي وهو يتك على الكلمة: أستاذ!!
مسح فمه وكأنه يريد أن يعطيها لكمة من غضبه من طريقتها المستفزة تلك.
أكملت سلوى بإستفزاز أكبر: أستاذ مكي يبقى الحارس الشخصي لجوز أختي سليم الراوي.
مكي: مش بس كدة، أنا صديقه الأنتيم كمان، وصديق العيلة.
صالح قال بإحترام: أنا شفتك في الخطوبة.
مكي: آه، ما أنا جيت فعلاً.. طيب بعد إذنكم بقى، أنا جنبكم، لو احتجتوا حاجة.
سلوى برخامه: أكيد مش هانحتاج حاجة، ولو احتجنا حاجة هانقدر نتصرف.
نظر لها مكي من أعلى لأسفل دون رد ببرود
ثم جلس على الطاولة المجاورة له وننتبه إنه يستمع جيدا لحديثهما.
جلست سلوى وصالح مرة أخرى، وقال صالح
بإستغراب: إنتِي بتتكلمي معاه كدة ليه؟
سلوى متعجبة: المفروض أكلمه إزاي يعني؟
صالح: عادي، حسيت إنك كنتِي بتكلميه بطريقة ناشفة شوية، كأنك متضايقة منه.
سلوى بإرتباك: ولا متضايقة ولا حاجة.
صالح أخرج شفتيه: مش عارف، بقول لك إيه، سيبك بقى من القراءة. تعالي نخرج، نروح أي مطعم نأكل نشرب حاجة.
أمسك يديها فجأة قال بغزل: نحب في بعض.
سحبت سلوى يديها من بين يديه، وهي تشعر بالضيق: صالح قلت لك لو سمحت ما تعملش كدة تاني.
صالح بضجر: بس أنا ماعملتش حاجة، إنتِي خطيبتي.
سلوى: أه خطيبتك، بس أنا لسه ماخدتش عليك، وحاسة إن ده ما ينفعش.
صالح، متعجبًا: إيه اللي ما ينفعش؟ أنا با أقولك تعالي معايا الشقة، أنا بمسك إيدك.
رفعت سلوى عينيها بهدوء ووضعت الكتاب على الطاولة بنبرة جاده: صالح، لو سمحت، خد بالك من كلامك.
توقفت لبرهة ثم أضافت: يلا نروح.
صالح، بنبرة ممتعضة: إنتِ هاتزعلي وتبقي نكدية ولا إيه؟
سلوى بنبرة ثابتة: من فضلك، خلينا نمشي.
كان مكي يستمع للحوار عن بعد، وتظهر على ملامحه علامات الضيق والغيرة. بدا كأنه يرغب في التدخل، لكنه قرر كتم مشاعره.
خرجت سلوى برفقة صالح، بينما تبعهم مكي على مسافة بعد بضع ثوانٍ.
وعند وصولهم إلى السيارة، وقفت سلوى قبل أن تصعد.
صالح: ماتزعليش، أنا ماكنتش أقصد حاجة. إحنا مخطوبين، فقولت عادي.
سلوى، بإبتسامة خفيفة: معلش، بالنسبة لي ماينفعش.
صالح: المهم، ماتزعليش.
ابتسمت سلوى وقالت: خلاص، مش زعلانة.
ابتسم لها بدوره: هاكلمك في التليفون.
فتح لها باب السيارة بحرص، لتصعد وهي ترد بابتسامة مقتضبة.
تحركت السيارة، وما إن وصلت سلوى الفيلا حتى وجدت مكي واقفًا أمام سيارتها، كأنه ينتظرها.
نظرت إليه باستغراب دون أن تعطيه أي اهتمام، ونزلت من السيارة بهدوء.
حينما اقتربت منه، رفع مكي عينيه نحوها ونظر بضيق واضح يعلو وجهه. توقف أمامها وقال بلهجة جادة: الولد مش كويس .
سلوى متعجبة: ولد مين؟!
مكي: خطيبك.
سلوى بسخرية: ليه هو انت مش عملت تحرياتك و طلع محترم وأهله ناس كويسة وكل الكلام ده
بعدين أسمه صالح مش ولد.
مكي بهدوء مفسرا: أيوة دي الأسئلة العادية لما واحد بيروح يتقدم لواحدة بيتعرف، لكن الحاجات التانية لا وده بان في طريقته معاكي ما كانش محترم وبيعدي حدوده.
سلوى بشده: تعرف تخليك في حالك تعرف مالكش دعوة تعرف ماتتدخلش.
حاولت التحرك لكنه أعاق تحركها قال بشدة: أسمعي الكلام وبطلي عند.
سلوى ردت عليه بنبرة حازمة: دي حياتي، وأنا عارفة أنا بعمل إيه؟! وبعدين، إنت مالك؟ مالكش حق تتدخل.
مكي: أنا مش بتدخل، أنا بنبهك.
سلوى ببرود: شكراً على النصيحة بس مش ها أقولك تاني خليك في حالك.
دفعت كتفه بيدها لتكمل طريقها إلى داخل الفيلا، بينما ظل مكي واقفًا في مكانه، يراقبها وهي تمضي مبتعدة. قبض على كفه بإحكام وضغط على أسنانه بغضب مكبوت، كأنه يحاول أن يسيطر على مشاعره التي تفلت منه شيئًا فشيئًا.
خلال شهرٍ كامل، استمر سليم في البحث عن المتسببين في الحادث دون جدوى، بينما كان مكي يواصل البحث خلف آثار أشقاء سليم كما طلب منه. أما ماسة، فظلت حبيسة في القصر، لا تذهب إلى أي مكان حتى إلى والدتها كما اعتادت في السنوات الأولى من زواجها. كانت تقضي وقتها في قراءة الكتب استعدادًا للجامعة، وبدأت تتعلم لغات جديدة بعد أن أتقنت الفرنسية والتركية والإنجليزية في السنوات السابقة. كانت تتعامل مع قرارات سليم بشكل طبيعي وكأن شيئًا لم يحدث.
من جهة أخرى، كانت سلوى تحاول التفاهم مع صالح والتقرب منه، بينما كان مكي يواصل مراقبتها عن كثب. أما العائلة، فقد أصبحوا لا يفعلون شيئًا سوى التركيز على أعمالهم كما في السنوات الأخيرة، خوفًا من أن يصل سليم إلى أي معلومات حساسة عنهم، خاصة بعد أن بدأ في مراقبتهم عن كثب.
في إحدى المستشفيات الخاصة
كان ياسين وعزت يقفان في الممر، يبدو عليهما القلق والتوتر كان كل منهما ينظر إلى الباب المغلق لغرفة العمليات بترقب، بينما كانت دقات قلبهما تتسارع مع مرور الوقت. بعد دقائق طويلة من الانتظار، خرج الطبيب من الغرفة وهو يلهث بشدة، ووجهه شاحب من القلق. نظر إلى ياسين وعزت وقال بصوت مرتعش…

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية الماسة المكسورة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *