رواية الرسالة الأولى الفصل الرابع 4 بقلم ناهد خالد
رواية الرسالة الأولى الفصل الرابع 4 بقلم ناهد خالد
رواية الرسالة الأولى البارت الرابع
رواية الرسالة الأولى الجزء الرابع

رواية الرسالة الأولى الحلقة الرابعة
محمود جه بيتنا امبارح واتقدملي.
صدمة ظهرت على ملامحها بوضوح, خلت سارة تسكت وهي خايفة تزود في الكلام اكتر, حتى مكملتش جملتها اللي متفقين عليها من شكل “سارة” اللي يقلق, و “سارة” حست بسكين انغرز في قلبها, ولقت نفسها بتسأل “سهير” بخوف:
وانتِ وافقتي؟
انتِ قولتي انه مش فارق معاكي, واخر مره اتكلمنا قولتيلي اهو عندك اشبعي بيه!
يعني وافقتي؟!
سألتها وهي مبرقة بصدمة وعقلها رافض يسمع إجابة سهير المحتمة, واللي جت زي ما توقعت تماما, ووقتها محستش بنفسها وهي بتصرخ فيها بوجع وقهر:
ملقتيش غيره؟ الرجالة خِلصت عشان ترتبطي باللي صاحبتك بتحبه؟ ازاي وافقتي؟ ازاي قدرتي تعملي كده؟
بس انتِ قولتِ إنك مبتحبيهوش؟
غرقت دموعها وشها وهي بتقول:
أقول اللي أقوله… انتِ صدقتي؟ ده انتِ اكتر واحده عيشتي معايا كل فرحة معاه, اكتر واحده كنت بحكيلها عن حبي له, صدقتي إني من يوم وليلة بقيت مبحبوش؟ صدقتي لما قولتلك اهو عندك اشبعي بيه وجريتي وافقتي تتخطبيله؟ ليه؟ ليه يا سهير الوجع ييجي منك انتِ؟ انتِ يعني مش عارفه إنه اتقدملك عشان يقهرني, عشان ينتقم مني زيادة ويكسرني..! حتى لو مبحبوش مجرد ارتباطه بيا يخليكي تبعدي عنه, ده احنا بقالنا خمس سنين صحاب ومعتبراكي اختي!
خللت صوابعها في شعرها وهي بتشد خصلاته بقوة لدرجة إن سهير تخيلت إن شعرها هيطلع في ايدها, وقالت بتوهان وهي بتلف في المكان:
انتوا بتعملوا معايا كده ليه؟ انا ليه دايما مكتبولي الوجع؟ ليه مش مكتوبلي غير الوجع… انا تعبت… تعبت والله مابقتش عارفه انا عاوزه ايه, مابقتش فاهمه نفسي حتى… كفاية بقى… كفاااية وجع.. كفااااية..
صرخت “سهير” اول ما شافتها وقعت فجأة بعد ما استسلمت للضلمة عشان تهرب من واقعها..
—-
في المستشفى…
واقف “محمود” قدام اوضة الكشف مستني الدكتور يطلع من جوه وهو هيتجنن من وقت ما سهير كلمته وقالتله انها وقعت في المطعم وطلبولها الإسعاف, وبعد ما وصلوا المستشفى سمع المسجل الصوتي بكل اللي حصل, وقالتله سهير:
انا والله متخيلتش الموضوع يوصل لوقوعها كده, وإلا كنت سكت ومقولتلهاش إني وافقت..
خرج الدكتور فسأله “محمود” بلهفة وقلق:
خير يا دكتور؟
واضح إنها بقالها شوية مكالتش, فحصلها هبوط وضغطها واطي جدا علقنالها محلول وهنقيس الضغط على مدار اليوم عشان نطمن…
تدخلت “سهير” بتقول:
بس احنا حاولنا نفوقها مفاقتش خالص.
عشان واضح إنها في حالة نفسية وحشة, وكانت على وشك انهيار عصبي, يا ريت تهتموا بأكلها وكمان تحاولوا تخرجوها من الحالة النفسية اللي هي فيها.
ماشي يا دكتور شكرا.
قالها “محمود” بحزن وهو حاسس بأنه السبب في الحالة اللي وصلتلها, وزاد احساسه بالذنب لما قالت “سهير”:
على فكرة اول ما جت الشغل وكنا بنتكلم شوية قالتلي إنها رفضت العريس, ولما سألتها إن كان بسببك, كدبت وقالتلي إنها حست نفسها مش مستعده دلوقتي وإن الموضوع ملوش أي علاقة بيك.. سارة بتهرب من حبها ليك بكل الطرق, يظهر ان عمي كان عنده حق وانها فعلا عندها مشكلة.
هز رأسه بخنقة وقال:
مكانش مطلوب مني اتمسك بيها بعد اللي قالته ليا! أي حد مكاني كان هيعمل اللي عملته.
عاتبته سهير وقالت:
مكانش يصح ابدا تفضحها قدام الناس يا محمود, مهما حصل منها, دي بنت وحتى لو كانت عملت كده فعلا, فكنت خد ثواب سترها, مش تفضحها وتشهر بسمعتها, اللي ستره الرب ميفضحوش العبد.
قال بندم حقيقي:
انا مش عارف عملت كده ازاي, انا كنت ندل معاها, مهما حصل دي مش تصرفات الرجالة, مكانش ينفع افضحها كده.
قرب منه “إبراهيم” وقاله وهو بيطبطب على كتفه:
انتوا الاتنين غلطوا, وانتوا الاتنين لازم تسامحوا وتصلحوا غلطكوا ومتضيعوش حبكوا, ادخلها..
بص للباب وهو بياخد نفس قوي عشان يقدر يدخلها ويخوض المواجهة اللي اكيد هتكون صعبة.
—–
انتبهت على صوت فتح الباب فبصت ناحيته بتعب و ارهاق واضحين عليها, لكن انتفضت وحاولت تعدل نفسها لما شافت آخر شخص اتوقعت أنها تشوفه, بصتله بغضب وعصبية وقالت:
انتَ جاي تعمل ايه هنا؟ اطلع بره..
اطلع بره؟ انا مجتش عشان اطلع بره, انا جيت عشان لازم نتكلم.
قالها بهدوء تام وهو بيقعد على كرسي قريب من السرير, قعدت على السرير بعد ما عدلت نفسها رغم تعبها, وقالت وهي بتبص بعيد عنه لأن نظرتها له بتخليها تحس إنها عاوزه تعيط.. على أي بالضبط مش عارفة, يمكن على كل حاجة حصلت بس مش في الفترة الأخيرة بس لأ من زمان اوي.. من لما كان عندها 5 سنين!
وانا مش هتكلم, ومفيش كلام بينا خلاص.. اللي حصل منك قطع أي طريق ممكن يجمعنا.
واللي حصل منك أنتِ كان ايه؟ انا غِلط وانتِ كمان غلطي, ولو احنا بنحب بعض بجد لازم نتكلم عشان نحافظ على اللي باقي في علاقتنا.
نحافظ على ايه؟ مفيش حاجه نحافظ عليها, وحب ايه اللي بتتكلم عنه, انتِ عمرك ما حبتني, محدش بيحب يعمل اللي انتَ عملته.
بصلي وهو مضيق عينه باستفسار:
وانتِ؟ بتحبيني؟
مبقاتش فارقة.
لا فارقة.. رُدي بتحبيني؟ وبلاش كدب, خلينا نكون اتنين عاقلين بيتكلموا بعيد عن عُقدنا ومشاكلنا.
بصتله بعتاب واضح وسألته:
جاوب انتَ, يا ترى انا بحبك؟
رد بسرعة وكأنه متأكد من الإجابة:
لأ.
اتسعت عينيها وبصتله بصدمة من كلامه, فكمل غير مهتم بصدمتها:
مصدومة ليه؟ طب خلينا نفترض إنك بتحبيني, هتقدري تبعدي عني بالسهولة دي؟ هتقدري تبعتيلي رسالة فجأة تقوليلي مش هكمل؟ هتقدري تروحي تقولي لأبوكِ إنك موافقة على العريس التاني؟ رُدي..
بصت الناحية التانية ومردتش, فعاد كلمته الأخيرة بيصر عليها انه يسمع ردها, فبصت له بدموع ظهرت في عينيها لو سابت لهم الحرية هتتحول لبكاء مش هينتهي:
انا غِلط… سبني, شايفني مبحبكش سبني.. سهلة اهي.
وقف فجأة لدرجة انها اتخضت ورجعت بضهرها لورا, وصرخ بصوته فيها:
اسيبك؟ مانا كنت سبتك قبل ماجي هنا, ولا انا جاي هنا عشان تقوليلي سبني؟ انا جاي هنا عشان عرفت بحالتك بعد ما سهير قالتلك اني اتقدمتلها.
اتحولت ملامحها من حزن لغضب عاصف وهو بيفكرها بآخر حاجة عرفتها قبل ما تفقد وعيها, بصتله بعيون مليانة غضب ونبرة صوتها كذلك وقالت:
اه صح.. روح بقى لخطيبتك وسبني في حالي, مش خلاص شوفت طريقك.
على فكره اللي سهير قالتهولك مش صح, انا مفيش حاجه بيني وبينها, كانت خطه بينا.. كنت عاوزه اعرف انا فارق معاكي ولا لأ.
سألته بصدمة:
يعني انتَ متقدمتلهاش؟
بصلها بسخرية وقال:
يعني يوم ما افكر اخطب هسيب البنات كلها واجي لصاحبتك؟ وبعدين انا مش عيل ولا عقلي فارغ عشان اروح اخطب تاني يوم ما سبنا بعض عشان اقهرك, الجواز مسؤولية.. مينفعش يدخل في لعبة ولا وسيلة للضغط على حد.
مش هتقدر تنكر انها حست براحة وهدوء كبير, وظهر ده على ملامحها اللي استكانت, فكمل كلامه عشان ميسبش ليها فرصة تفكر وتحور تاني:
انا غِلط… مكانش ينفع مهما حصل مِنك افضحك كده, بس ده كان من وجعي وقهرتي من اللي عملتيه, فكرتك كنتِ بتلعبي بيا, كنت هتجنن ومحستش بنفسي غير وانا بعمل اللي بعمله, ومستعد اروح قدام المنطقة كلها وابرأك من أي تهمة وجهتها ليكِ حتى لو هقول اني اتهمتك ظلم عشان مشكلة حصلت بينا, المهم إن محدش بقى يجيب سيرتك.
بصتله ودموعها بتنزل بوجع:
وليه كل ده من الأول؟
اتنهد بضيق وحزن وقالها:
قولي لنفسك… اسألي نفسك ليه كل ده من الأول, كنتِ فكراني ابوكِ, بس انا مش ابوكِ ولا انتِ امك, ليه حكمتي على علاقتنا بالفشل من قبل ما تبدأ؟ ليه فجأة خوفتِ لدرجة إنك هربتي من على البر.
وردها كان عياط بصوت عالي استمر لدقايق وهو باصصلها وسايبها تخرج كل طاقة سلبية جواها, رغم حزنه وانها صعبت عليه ودموعها وجعته وصوتها وجع قلبه لكن فضل انه يسيبها لانهم بيقولوا ان أوقات الراحة في العياط..
وبعد فترة كانت هديت وبدأت تتكلم من نفسها وتقول:
عيشت طول عمري بعار امي, عيشت اسمع كل الناس بتتكلم عنها بالوحش ويقولوا ان بنتها لما تكبر مش بعيد تطلع زيها أصل العرق دساس, كانوا صحابي لما يتخانقوا معايا يعايروني بيها, ولما كبرت شوية وبقيت عروسة كان كل ما حد يفكر يتقدملي يخوفوه مني لاحسن اطلع قليلة الأصل زي امي, ويقولوا ملقتش إلا دي, كلامهم مع الوقت خلاني احس إني فعلا في يوم من الأيام هكون زيها وهعمل اللي عملته.. مش عارفه هتصدقني ولا لأ, بس انا سبتك عشان وجعك دلوقتي اهون من وجعك بعدين, عشان متعيش نفس اللي عاشه ابويا من ذُل وكسرة نفس قدام الناس, حبي ليك خلاني اتراجع واخاف عليك من نفسي.. والله حبي ليك اللي خلاني اسيبك عشان انا مش واثقة فيا.
قرب منها ومسك كفها بين كفوفه وهو بيبتسم لها بهدوء ودلوقتي بس صدق كلام ابوها, وقال بنبرة حنينة:
بس انا واثق فيكي, وانتِ كمان لازم تثقي فيكِ, محدش شبه التاني يا سارة, كل واحد بيشيل شيلته.. ده ربنا نفسه مبياخدش حد بذنب حد تاني, ربنا سبحانه وتعالى قال ” ولا تزر وازرة وزر أخرى”, اللي أمك عملته هي بس اللي تشيل ذنبه, انتِ لازم تمشي رافعة راسك واللي يقول عليكِ كلمة حطي صاعبك في عينه عشان انتِ مش هي, اتعودي ما توطيش راسك مادام الذنب مش ذنبك, وكمان مينفعش ابدًا تدمري حياتك عشان شكوك واوهام عندك, يعني كنتِ هتخسرينا بعض عشان وهم في دماغك إنك هتبقي زي أمك, العلاقات مش سهلة كده يا سارة عشان ناخد قرارتنا فيها بتهور كده.
مسحت دموعها بعد ما هديت وقالتله:
مانتَ كمان خدت قرارك بتهور لما جيت وفضحتني.
اعترف بصدق وقال:
معاكِ حق, بس ذنبك أنتِ أكبر لأني اتصرفت بناءً على تصرفك حتى لو تصرفي غلط, وانا قولتلك من الأول احنا الاتنين غلطانين, ولازم نصلح غلطنا بأسرع وقت.
سألته وهي بتبصله بفرحة لا يمكن توصفها بعد ما رجعلها الأمل اللي فقدته انه يكون نصيبها وتكون نصيبه:
هنعمل ايه؟
ابتسم ابتسامة جميلة وقال:
اول حاجة هروح اصلح غلطي قدام اهل الحارة كلهم واقطع لسان أي حد ممكن يتكلم عنك… يتكلموا عني انا عادي..
ضحكت بصوت على جملته, فكمل بعيون لامعة بحب:
تاني حاجة اطلع على ابوكِ ومعايا المأذون.
اتسعت عينيها بصدمة وهي بتردد:
مأذون ايه؟ احنا لسه متخطبناش.
غمز لها وهو بيقول بضحك:
خطوبة ايه بس احنا نخش في الموضوع على طول قبل الحالة ما تجيلك..
وقد كان.. تم جوازهم في خلال شهرين, وبقى عندهم بنت وولد حلوين زينوا حياتهم عشان يثبتوا ل “سارة” ان مفيش علاقات بتتبني على أوهام وإن خوض التجربة أفضل الف مره من كلمة لو…!
انتهت…
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية الرسالة الأولى)