روايات

رواية أحببتها ولكن 7 الفصل التاسع والسبعون 79 بقلم بيسو وليد

رواية أحببتها ولكن 7 الفصل التاسع والسبعون 79 بقلم بيسو وليد

رواية أحببتها ولكن 7 البارت التاسع والسبعون

رواية أحببتها ولكن 7 الجزء التاسع والسبعون

أحببتها ولكن 7
أحببتها ولكن 7

رواية أحببتها ولكن 7 الحلقة التاسعة والسبعون

‏أبلِغ عَزيزاً في ثنايا القلبِ مَنزله،
‏أنّي وإنْ كُنْتُ لا ألقاهُ ألقاهُ،
‏وإنَّ طرفي موصولٌ برؤيتهِ،
‏وإنْ تباعدَ عَن سُكناي سُكناهُ،
‏يا ليتهُ يعلمُ أنّي لسْتُ أذكرهُ،
‏وكيف أذكرهُ إذ لسْتُ أنساهُ،
‏إنْ غابَ عنّي فالرّوح مَسكنُهُ،
‏مَنْ يسكنُ الرّوحَ كيفَ القلبُ ينساهُ.
_تَنْوِينٌ.
___________________
اللعب مع الكبار ليس سـ ـهلًا، فليس كُلّ مَن قر’ر الولوج إلى هذه اللُعبة كان كبيرًا، لُعبةٌ كبيرة ابْتَـ ـلَعَت الجميع في جو’فها ووضعتهم أمام الوا’قع لموا’جهة ما ينتظرهم، مِنهم مَن لعبها بذكاء وحِكمة، ومِنهم مَن أتخذ حقا’رته سلا’حًا ذو حد’ين، فلم تكُن جميع الوجوه بر’يئة، ولم تكُن جميعها طيبة، فكان المكـ ـر صفةٌ مؤ’كدة وأساسية في حياتهم، فكيف يجتمع الشمال مع الجنوب في هذه اللُعبة الد’نيئة التي حَكَمَت على الجميع الموا’جهة وتلقي المصيـ ـر المنتظر.
<“فعلٌ بسيط وفِكرٌ د’نيء يُكلف الكثير،
فلا تقوم باستـ ـفزاز الأسـ ـد حتى لا تكون فر’يسته.”>
هكذا كانوا بني البشر على مر الزمان والعصور..
أفعالهم حـ ـقيرة وفِكرُهم د’نيءٌ ونفسهم أما’رة بالسو’ء، فإن قر’ر الشيطا’ن أن يتولى أمـ ـر بني آدم وتلقى الاستسـ ـلام لهُ فسلامٌ على الدُّنيا، هكذا كانوا هم، فـ ـعلهم بسيـ ـط، وفِكرُهم د’نيء يُكلفهم الكثير، فلا عز’اء على مَن قام باستـ ـفزاز الأسـ ـد، فقد أختار أن يكون فر’يسته..
صمت سيطـ ـر على المكان بشكلٍ مُر’عب بعد أن قام “حافـظ” بصـ ـفع ولدهُ، كانت الصد’مة حليفةُ الجميع وعلى رأسهم ولدهُ الذي تلقى الصـ ـفعة، وعن “حافـظ” فقد كان يُطَا’لْعَهُ بغـ ـضبٍ شـ ـديد ليقول بنبرةٍ حا’دة أشبه بسَـ ـنْ السـ ـكين الحا’د:
_القلم دا تـ ـمن وسا’ختك اللي غر’قان فيها ولسه بتغر’ق لحد دلوقتي ورا’فض الأيادي تتمـ ـدلك عشان تشـ ـدك وتساعدك، متبقاش عارف إنك كدا وتشـ ـد حفيدي معاك، متبقاش زي الحـ ـية السا’مة اللي بتبُـ ـخ سِـ ـمها ومستنية مفعو’له يشتغل عشان تا’كُل فر’يستها، أنتَ سيبت نفسك تغر’ق فبحـ ـر الفسا’د وأنا مديتلك إيدي وأنتَ ر’فضت تطلـ ـع وعجبك موجه فمتجيش دلوقتي تشـ ـد غيرك وتجبـ ـره على حاجة هو مش عايزها.
أنهـ ـى حديثه ثمّ طافَ بعينيه بينهم ينظر في وجوههم جميعًا مستشعرًا بالتقر’ف الشـ ـديد نحوهم، نظر إلى زوجته هُنَيْهة والتي كانت السـ ـبب الرئيسي في هذا الفسا’د كُله، أصبحت عجو’زٌ وكأن عُمرًا أُضيف إلى عُمرها الحـ ـقيقي فهذا كان ثمـ ـنًا لأفعا’لها الد’نيئة، فقد كانت سببًا في مقـ ـتل أحبهم إلى قلبه ماذا تنتظر مِنْهُ الآن، تحدث مجددًا بنبرةٍ حا’دة وهو ينظر لهم جميعًا قائلًا:
_متستنوش مِني شَـ ـفَقَة، متستنوش مِني حُبّ ومُعاملة حلوة أنا شـ ـيلت إيدي مِنكم مِن زمان أوي، مِن أول ما حرَّ’ضتي أبنك الكبير اللي كانت تربيته ما شاء الله ميتشر’فش بيها على قتـ ـل أخوه الصغير هو ومراته، أستـ ـغليتي كُر’هه ود’سيتي سِـ ـمك فودانه لحد ما الواد قتـ ـل ٣ أروا’ح مع بعض..
رأى صد’متها باديةً على معالم وجهها حينما استمعت إلى حديثه، فماذا سينتظر مِن مجر’مة مثلها سيكون التمثيل سهلًا عليها، ولكي يؤكد إليها أن ما سمعته كان صحيحًا أعاد قوله مؤكدًا إليها صـ ـحة ما سَمِعَتهُ قائلًا بنبرةٍ سا’خرة ومو’جوعة في نفس الوقت:
_إيه أتصد’متي كدا ليه؟ آه ٣ أروا’ح كانوا ممكن يكونوا ٤ بـ “سعيـد”، “فـردوس” كانت حا’مل لمَ أبنك قتـ ـلهم، وما’تت وهي متعرفش إنها حا’مل شوفتي الو’جع، مبانش كُلّ دا إلا بتقرير الطب الشـ ـرعي، طب حفيدك الوحيد اللي كانت رو’حه فيهم مفكرتيش فيه ثانية بس بينك وبين نفسك، مصـ ـعبش عليكي وأنا راجع بيه متكسـ ـر وخا’يف وعمال يعيط ويقول عايز بابا وماما، قلبك دا متحر’كش بالغـ ـلط طيب؟ مش معقو’لة بجد معقو’لة محستيش بأي حاجة؟ مند’متيش، مخو’فتيش، متو’جعتيش، ضميرك محر’كيش، طب أنتِ إيه؟ دا أنا لحد دلوقتي محر’وق على “هشـام” و “فـردوس” أنتِ أزاي عا’يشة كدا عادي كأنك معملتيش حاجة؟.
أجابته بنبرةٍ حا’دة قا’سية دون أن ير’مُش لها جـ ـفنٌ تتحداه وتقف أمامه النـ ـد بالنـ ـد قائلة:
_لا أنا مند’متش، أنتَ عارف كويس أوي إني بكر’ه البـ ـت دي أوي وأطـ ـيق العـ ـمى ولا أطـ ـيقها وبرغم كُلّ دا برضوا جوزتهاله ومشيت وراه وخليته يعمل اللي هو عايزُه وإحنا ملناش رأي فكُلّ حاجة، أنتَ شـ ـريك معانا يا “حافـظ” وأنتَ مش حا’سس، أنتَ السـ ـبب يا “حافـظ” عشان وافقت عليها مِن الأول.
صُدِ’مَ “حافـظ” حينما أستمع إلى حديثها ذاك، والذي بالتأكيد قد جعلهُ يَجُـ ـنَّ جـ ـنونه حينما رآها تقوم بتو’ريطه كذلك معهم في ذاكَ الحا’دث ليَفـ ـقد السيطـ ـرة على نَفسُه ويصر’خ بها قائلًا:
_أنتِ أتجـ ـننتي أزاي تتهـ ـميني بحاجة زي دي؟ أنا أقتـ ـل أبني ليه هو أنا عد’يم الإنسانية زيك دا أنا رو’حي كانت فيه وأنتِ والسفا’حين دول خدتوها مِني.
_خلاص بقى ما’ت مِن سنين والتاني حصَّلُه عايز إيه تاني مش فاهم فُـ ـكنا مِن السيرة دي بقى أنتَ مبتـ ـتعبش !!.
هكذا صا’ح أبنه بهِ بنبرةٍ حا’دة وهو ينظر لهُ نظراتٍ حا’دة غير را’ضية كلما ذُكِرَت تلك اللحظات وذُكِرَ إسم أخيه وزوجته أمامه، فيما نظر لهُ “حافـظ” لا يُصدق ما يراه ويسمعه في هذه اللحظة، ولكن كانت تلك لحظات الشيطا’ن، فبلحظة لم تكُن في الحُسبان قام “حافـظ” بصفـ ـع ولده بعزم قو’ته للمرَّةِ الثانية أسفـ ـل نظرات الصد’مة مِن زوجته التي خَشَـ ـت على ولدها مِنْهُ ولذلك اقتربت مِنْهُ تقف أمامه في موا’جهة “حافـظ” الذي أصبح كالثو’ر الها’ئج..
_أنتَ شكلك أتجـ ـننت يا “حافـظ” فعلًا بحـ ـق وحـ ـقيقي، إحنا أزاي مفكرناش ندخلك مصـ ـحة.
هكذا ردت عليه بعدما رأت فعلُه الهو’جائي لينظر هو إليها في هذه اللحظة بعينين يكسو’هما الحُمـ ـرة وصدره يعـ ـلو ويهـ ـبط بعـ ـنفٍ وصوت أنفاسه مسموعة، وقبل أن يتهوَّ’ر للمرَّةِ الثانية وتكون هي صاحبة النصـ ـيب الأكبر في هذه اللحظة كانت هُناك يَد تمنـ ـعه مِن التهو’ر وإكمال وصلة الجـ ـنون تلك والتي قد تم التخـ ـطيط لها مِن قِبَل تلك الحـ ـية وهذا الضـ ـبع الجائع، وقف “سعيـد” في مواجهة جدته فا’رضًا سيطـ ـرته وحما’يته لجده الحبيب الذي كان بمثابة عائلته بأكملها..
يُطَا’لْعَها بنظراته الحا’دة وكأنها سها’مٌ تُلقـ ـى دون توقف على العد’و، فأكثر ما يبغـ ـضه أن يقم أحدهم بإيذ’اء هذا الحبيب وإن كان عن طريق الخـ ـطأ، ر’شقها بنظراته هُنَيْهة ثمّ أعطى عمُّه النصيـ ـب مِنها وقد ظهر شخصُه الحا’قد تجاههم، ظهر غضـ ـبه وحقـ ـده تجاههم على تعبيرات وجهه ونظراته وإنفعا’لات جسـ ـده وعضـ ـلات وجهه، تحدث بنبرةٍ حا’دة تملؤ’ها القسو’ة وهو ينظر لهما قائلًا:
_إن كان في حد مجـ ـنون هنا ومحتاج يدخُل المصـ ـحة بجد فهيكون أنتِ يا خَر’فانة، جدي لسه بعقـ ـلُه وأنصح مِنك وعـ ـقلُه يوزن بلد كاملة، الدور والباقي عليكي يا عجو’زة يا أُمّ ضهر محـ ـني يا اللي بتاخدي نَفَـ ـسك بالعا’فية، أي كلمة هتقوليها لجدي لازم تكوني در’ساها كويس وعارفة تأ’ثيرها إيه عاللي قدامك..
أنهـ ـى حديثه لها ثمّ نظر إلى عمُّه الذي أعتدل في وقفتِه واضعًا كفه مكان صفـ ـعة أبيه إليهِ ير’مي والده بنظراتٍ نا’قمة وحا’قدة ليُعطيه “سعيـد” نصيبه قائلًا بنبرةٍ حا’دة متو’عدة:
_وأنتَ، متفتكرش إني ممكن أعملك حساب، أنتَ خسا’رة إن أي حد يكبرك ويقول عليك را’جل أساسًا، والرا’جل اللي ز’عقت فيه دا مِن شوية وعـ ـليت صوتك عليه وعملت عليه ر’اجل هو اللي ر’باك وعملك بني آدم، أنتَ مِن غيرُه زي الجز’مة اللي فر’جلك دي ولا حاجة واحد ملهوش قيـ ـمة، إصحك تفكر تعـ ـلي صوتك عليه مرَّة تانية ولا حتى تفكر بينك وبين نفسك، عشان مش هتلاقي رد غير مِني أنا، ومنصحكش تجرّب عشان هتتكد’ر، أنا مش قـ ـليل الحـ ـيلة دا أنا متربي وسط ١٤ را’جل فعيلة الدمنهوري يعني الواحد مِنهم لو أتسا’ب عليك يبلـ ـعك، مسرح أسو’د بالصلاة على النبي يعني وكُلّهم لو جاعوا فوقت واحد يبقى إنا لله وإنا إليه راجعون، ياريت الكلام يجيب فايدة بدل ما الإيد تجيب النا’هية.
أنهـ ـى حديثه وهو يُهـ ـدده بشكلٍ مباشر وصر’يح وهو ينظر لهُ نظرةٍ حا’دة متو’عدة، لحظات والتفت ينظر إلى جده الذي كان يقف خلفه يُطَا!لْعَهُ بنظرةٍ فخورة مبتسم الوجه وعينيه تلمع ببريقٍ يعلمهُ هو جيدًا، اقترب مِنْهُ الخطوة الفا’صلة بينهما ثمّ لثم رأسه بقْبّلة هادئة وعاد ينظر لهُ مِن جديد قائلًا بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_فاكرني معرفش إنك جاي هنا، دا أنا مرا’قبك يا عمّ وقاري د’ماغك وعارف أمتى بتوديك وأمتى بتجيبك، وراك حتى لو عالحد’ود يا كبير وجاهز أكـ ـتم أي واحد يقول فحـ ـقك كلمة متعجبنيش.
أبتسم “حافـظ” لهُ بسمةٌ فخورة وسعيدة دون أن يتحدث فقد كانت الأعـ ـينُ نوا’طق في هذه اللحظة وتقول ما يعجـ ـز الفم عن قوله، غمز لهُ “سعيـد” بمرحٍ وهو يبتسم لهُ ثمّ ألتفت إليهما مجددًا وقد أخـ ـتفت تلك البسمةُ في لمـ ـح البصر وظهر الو’جوم والقر’ف في نظرته إليهم، نظر إلى جدته وقال بنبرةٍ حا’دة يأخذ بحـ ـق الغائب عن العين والرو’ح:
_وأنتِ يا سـ ـت أنتِ لو فكرتي تاني مرَّة تقولي كلام مش كويس فحـ ـق أُمّي يمين بالله فظرف ٢٤ ساعة أكون جايب تاريخ أُمّك كُلّه مِن أول ما أتولدت لحد ما أتد’فنت ولو مسـ ـكت عليها حاجة يمين بالله ما هعتـ ـقك وهسـ ـتلمك محتوى ولو عندك د’كر يقد’ر يوقفني هاتيه عشان أز’فهولك وألبسه الطرحة، أمين؟.
أنهـ ـى حديثه السا’م وهو ير’شقها بنظراته بتحـ ـدٍ سافر لتقف هي الأخرى أمامه النـ ـد بالنـ ـد تتحـ ـداه بنظراتها فمتى أستـ ـسلمت هي أمام أحدٍ أو كُسِـ ـرَت، يبدو أن كلاهما لا يعلمون شيئًا عن بعضهما البعض ولذلك ها قد جائتهما الفرصة للتعرف على بعضهما البعض، ألتفت “سعيـد” بعد أن ر’ماها بنظراتٍ مشمئـ ـزة ليحا’وط جده بذراعه الأ’يمن ثمّ تحركا سويًا مِن المكان الذي كان أشبه بالسجـ ـون بالنسبة إلى “سعيـد” الذي كان يُريد أن يُسرع في الخروج..
خرجا بالفعل مِن مُحيط هذا المكان المقر’ف مِن منظور “سعيـد” الذي وقف أمام جده حينما وصلا إلى سيارته لينظر لهُ قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_مكانش ينفع تيجي يا جدي، اللي عملتُه كان أكبر غـ ـلط.
نظر لهُ “حافـظ” نظرةٍ هادئة هُنَيْهة ثمّ قال بنبرةٍ مماثلة:
_مقد’رتش أشوفك كدا وافضل ساكت يا “سعيـد”، حسيت بقهـ ـرة متحمـ ـلتش أشوف ضُـ ـعفك وأنتَ مر’مي فحُضنها مش لاقي اللي يطبطب عليك ويحتو’يك غيرها، حسيت إني لازم أعمل حاجة عشانك مينفعش أفضل ساكت كدا كتير، كان لاز’م أخر’صهم وأعرفهم إنك مش لوحدك ولا و’حيد ومكسو’ر الجنا’ح، مبحبش أشوفك ضـ ـعيف ولا حد جاي عليك.
أبتسم “سعيـد” لهُ بسمةٌ هادئة وألتمعت عينيه بوميضٍ سا’حر حُبًا وعشـ ـقًا إلى هذا الحبيب الذي كان جـ ـيشه الوحيد الذي بهِ ينتصـ ـر هو أمام أعد’اءه مهما كان عددهم وقو’تهم، اقترب مِنْهُ يفصـ ـل المسافة بينهما معانقًا إياه بحُبٍّ شـ ـديد لا يُمكن أن يوصف، فيما بادلهُ “حافـظ” عناقه بأخرٍ أكثر حنوًا ما’سحًا بكفه على ظهره برفقٍ مبتسم الوجه فهو ما تبقى لهُ مِن الأحباب الذين رحلوا فليس مستعدًا لخسا’رته مهما كانت الظر’وف..
_أنتَ صحيح بطولك فضهري والدُّنيا بتحا’رب فينا وشوية تيجي معانا وشوية علينا، بس وعهد الله أنا ما بحس بالأ’مان والقو’ة غير فوجودك جنبي، أنتَ جيـ ـشي يا جدي اللي بتقا’وى بيه.
هكذا أخبره “سعيـد” دون أن يبتعد عن عناق هذا الحبيب الذي أبتسم وشَعَر بالسعادة تغمُـ ـر قلبه ليجاوبه بنبرةٍ هادئة قائلًا:
_وهفضل فضهرك العُمر كُلّه يا حبيبي، مش هتخـ ـلى عنك مهما حصـ ـل عشان أنا بحس بالوحِدة وأنتَ مش جنبي، أنتَ الحاجة الوحيدة اللي طلـ ـعت بيها مِن الدُّنيا دي وهدية ربنا ليا بعد أبوك وأُمّك، أنتَ زي الكنز بالنسبة لي صـ ـعب أفـ ـرط فيه.
شـ ـدد “سعيـد” مِن عناقه لهُ هُنَيْهة ثمّ أبتعد عنهُ ينظر لهُ مبتسم الوجه ليُقابلهُ بسمةُ جده الذي كان لا يقـ ـل عنهُ شيئًا ليُربت على ذراعه برفقٍ قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_يلا، خلينا نمشي مِن المكان اللي شبه المآتة دا مش طا’يق أفضل فيه دقيقة واحدة.
وافقهُ “سعيـد” القول ليسأله بنبرةٍ هادئة وهو ينظر لهُ قائلًا:
_هترجع عالقصر ولا هتتمشى شوية؟.
جاوبه “حافـظ” بنبرةٍ هادئة قبل أن يفتح باب سيارته قائلًا:
_عالقصر، نقعد سوى فالأوضة ولو “هنـد” حبت تقعد معانا هاتها عشان متقعدش لوحدها إفرض قعدتنا طالت.
أبتسم لهُ “سعيـد” ثمّ فتح لهُ باب السيارة مشيرًا إياه نحوها ليفهم هو مقصده ويجلس أ’على مقعد السائق ليقوم “سعيـد” يقفـ ـل الباب ثمّ انحـ ـنى بنصفه العلو’ي قليلًا ينظر لهُ قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_لا وأنتَ الصادق يا جدع، على الله أتحرك وهتحرك وراك دلوقتي، نوصل القصر على خير ونشوف الحوار دا مع بعض.
أدار “حافـظ” محرِّك السيارة ونظر إلى حفيده بوجهٍ مبتسم ليجاوبه بنبرةٍ هادئة قائلًا:
_ماشي يا عمّ، موافق، أوعى بقى عشان الجَو سا’قع وأنا عايز أشغل التكييف.
استقام “سعيـد” في وقفته مشيرًا إليهِ مبتسم الوجه ثمّ تركه وذهب إلى سيارته وهو يُتابع جده الذي كان ينتظره، أتسـ ـعت البسمةُ على ثَغْر “سعيـد” الذي يعلم أن جده يخـ ـشى مِن أن يذهب إليهم مجددًا ولذلك قر’ر الإنتظار، جلس أ’على مقعد السائق وأدار محرِّك السيارة ثمّ تحرك مِن ساحة هذا السجـ ـن القا’تل مشيرًا إلى “حافـظ” الذي تحرك خلفه عائدون إلى القصر مجددًا بعد أن أتمم “سعيـد” مهـ ـمته تجاه جده وفعل اللاز’م.
__________________
<“إن كُنْت لا تأبى لتحذ’يرات الملك،
فحلا’لً عليكَ ضر’بة الملك الأولى.”>
هكذا كانت فئةٌ مُعيَّنة مِن البشر..
طا’ئفةٌ لا تخـ ـشى أحدًا ولا تعـ ـبء لشيءٍ في هذه الحياة كُلّ ما تطمح لهُ ملا’ذتها حتى وإن كانت على حساب غيرها، هكذا كان هو حينما لم يأبى لتحذ’يرات الملك مِن عد’م المسا’س مِن الملكة خاصته، ولكن إن لم تكُن مُبالي فحلا’لً عليكَ ضر’بة الملك الأولى..
كان يقف أمام المرآة المـ ـضيئة يُهندم ملابسه الشتوية الثقـ ـيلة للاستعداد للرحيل، وحينما أتمم على مظهره وشَعَر بالرضا ألتفت خلفه ليرى صغيرته مستلقية على الفراش الكبير ويبدو أنها تُلا’عب نفسها منذ وقتٍ قليل، أبتسم بسمةٌ هادئة ثمّ اقترب مِنها بخطى هادئة حتى وقف أمام الفراش ينظر لها دون أن يتحدث يرى حركاتها الطفولية الأحب إلى قلبه..
نظرت هي لهُ هُنَيْهة ثمّ تعا’لت بسمتُها على ثَغْرها بأتسا’عٍ ثمّ بدأت تُحرك يديها وقدميها في الهواء بتلهفٍ شـ ـديد حينما ظهرت صورته أمامها، أتسـ ـعت بسمتهُ على ثَغْره لينحـ ـني قليلًا بجذ’عه العلـ ـوي حاملًا إياها على ذراعه مستقيمًا مرَّةٍ أخرى في وقفتِه يمسـ ـح بكفه الأ’يسر على ظهرها برفقٍ ثمّ اقترب مِنها يُلثم خَدِّها الصغير بقْبّلة حنونة وحادثها بنبرةٍ هادئة حنونة قائلًا:
_طالع حلو مش كدا؟ عاجبك شكلي أوي يعني، ما أنا هطلع لمين يعني يا قمرنا يا حلو أنتَ.
أنهـ ـى حديثه ثمّ إنها’ل عليها بالقْبّلات الصغيرة المتتالية المتفر’قة على شطري وجهها لينا’لَ هو في المقابل الضحكات الر’نانة الطفولية التي لم تبخـ ـل عليهِ بها، وَلَجَت “ناهـد” في هذه اللحظة وأغـ ـلقت الباب خلفها لتراه حا’ملًا صغيرته التي نظرت لها لثوانٍ معدودة ثمّ اتسـ ـعت بسمتُها على ثَغْرها الصغير بحما’سٍ حينما رأت والدتها أمامها، ابتسمت “ناهـد” ثمّ اقتربت مِنْهُ بخطى هادئة حتى وقفت أمامه..
اقتربت مِن صغيرتها تُلثم شطر وجهها بحنوٍ ثمّ ابتعدت قليلًا تنظر لها ليراها كلاهما تُبدي سعادتها بتلك القْبّل التي تلقـ ـطها قبل قليل مِنهما، أبتسم “شـريف” ثمّ ر’فع كفه يُرتب لها خصلا’تها الخفيفة النا’عمة بحنوٍ ليصدح رنين هاتفها في هذه اللحظة يُعلنها عن إتصالٍ هاتفي، تركتهما واقتربت مِن الطاولة بخطى هادئة ثمّ انحنـ ـت بجذ’عها العلـ ـوي قليلًا تلتقفه لترى أخيها هو المتصل..
تبدلت تعبيرات وجهها مائة وثمانون درجة حينما رأت أسمه يُنير شاشة الهاتف وفورًا عادت تلك الليلة تضر’ب رأسها مجددًا بعد أن حاولت وسَـ ـعَت لنسيانها بشـ ـتى الطرق، ولكن كانت في النها’ية الحـ ـقيقة واضحة وضوح الشمس فالماضي لا يُنسى حتى وإن حار’بنا لذلك، تلك كانت الحـ ـقيقة التي ير’فض العقل تقبُلها، ألتفت “شريـف” ينظر لها بعدما طيلت رنة هاتفها ليسألها بنبرةٍ هادئة قائلًا:
_إيه يا “ناهـد” ما تردي مردتيش ليه لحد دلوقتي؟.
لم يتلقى الرد مِنها هذه المرَّة مثلما كان يتلقى الموافقة دومًا، ولذلك شَعَر أن ثمة شيءٌ ما يمنـ ـعها مِن الإجابة ولذلك تقدم مِنها بخطى هادئة حتى جاورها في وقفتها ونظر إلى هاتفها ليجد المتصل أخيها، وفورًا عَلِمَ لِمَ أتصل الآن، نظر لها مجددًا ثمّ مَدّ يده اليُسر’ى وأخذه مِنها مجيبًا إياه دون أن يتفوه بحرفٍ واحد منتظرًا جواب الآخر أسـ ـفل نظراتها المتر’قبة والمر’تعبة..
_بقيتي تطـ ـنشيني يا بنـ ـت أبويا وأُمّي خلّي بالك ودا مش حلو عشانك، أسمعي بقى عشان ماخُدش سكة مش لطيفة معاكي المرَّة اللي فاتت جوزك نجد’ك مِني المرَّة دي يمين بالله لاقتـ ـلك بجد لو ما جبتيلي الفلوس سامعة، أتقـ ـي شـ ـري أنتِ مش قد’ي.
هكذا هـ ـددها أخيها بصر’احةٍ مباشرة دون أن يخشا’ها أو يخـ ـشى زوجها وما سيفعلُه بهِ، فهذا الفعل متوقعًا مِن مد’منٍ مثله يعيـ ـش على المواد المخد’رة طيلة الوقت والتي أتلـ ـفت عقله مؤ’خرًا وأطا’حت بهِ بعـ ـيدًا، نظر “شـريف” إلى زوجته في هذه اللحظة ليرى وجهها شُحـ ـب وأصبح مكتـ ـسي باللو’ن الأصفـ ـر خو’فًا مِمَّ سيقوله إلى زوجها، تحدث بنبرةٍ حا’دة مفاجئًا إياه قائلًا:
_تصدق خو’فتني وكشـ ـيت وحا’سس بالرُ’عب بعد تهد’يداتك العـ ـبيطة دي، تصدق بالله أنتَ ما را’جل ولا تعرف عن الر’جولة حاجة بس معذ’ور عشان أنتَ فالنها’ية شما’م وكُتر البو’درة اللي بتشـ ـمها كُلّ يوم كَلِت د’ماغك خلاص وفقـ ـدنا الأمل فعلاجك، أسمع أنتَ بقى يا ر’وح أُمّك عشان أنا بعد كدا ما هسمي عليك لو فكرت تتصل بـ “ناهـد” تاني وتخو’فها وتهـ ـددها عالفا’ضي والمليا’ن وعهد الله وحلفان ما هرجع فيه أبدًا لأكون مـ ـسلمك للبو’ليس بنفسي وتدخل السجـ ـن تتر’بى ويعلموك الر’جولة وبالمرَّة يعا’لجوك وبعدها بقى نشوف تهـ ـديد مين فينا هيمشي عالتاني ولو قلـ ـبك واخدك أوي تبقى تستجر’ى وتعتب عتبة القصر هنا عشان الر’جالة هنا يوجبوا معاك أحلى واجب، أمين يا عمّ؟.
أزد’اد خو’ف “ناهـد” أكثر حينما أستمعت إلى حديث زوجها مع أخيها والذي كان بهِ صياغ التهد’يد والو’عيد لها ولذلك كان هذا رد “شريـف” عليه، أغـ ـلق المكالمة دون أن يستمع إلى أي شيءٍ آخر وخصيصًا بعدما أنهـ ـى حديثه معهُ هو الآخر، نظر إلى “ناهـد” التي كانت تنظر لهُ بوجهٍ شا’حب والخو’ف يحتضن قلبها ليتولى هو ز’مام الأمر حينما قال بنبرةٍ هادئة:
_مش هيسكوت بجد غير لمَ يتر’مي فالسجـ ـن، متصل عشان يهـ ـددك كنوع مِن أنواع التخو’يف عشان تعملي اللي هو هيقول عليه، متخا’فيش مش هيعمل حاجة ولا هيستجـ ـري يقرّب مِن هنا ولو قـ ـلبه جابه أوي وجه مش هيعرف يدخل ويوريني هينفـ ـذ تهـ ـديداته المتخـ ـلفة دي أزاي، المكالمة أنا سجلتها عشان تكون د’ليل ضـ ـده أوعي تمسحـ ـيها.
أنهى حديثه محذ’رًا إياها مِن عد’م مـ ـسح هذا التسجيل الذي أخذه ضـ ـده ليتلقى الموافقة مِنها في الحال ثمّ سألته بنبرةٍ تملؤ’ها الخو’ف والقلـ ـق مِمَّ قاله أخيها:
_طب هو قالك إيه، يعني المفروض إنه بيهـ ـددني أنا قال إيه خلاك ترد عليه كدا؟.
_مش لاز’م تعرفي قالك إيه.
هكذا رد هو عليها لتجاوبه هي في نفس اللحظة قائلة:
_لا لاز’م أعرف وأنتَ لسه قايل إنك سجلت المكالمة يعني سهل أخد الموبايل وأسمع المكالمة.
عادت تتمر’د وتُعا’ند أمامه مجددًا، هكذا كانت هي ولهذا هو أحبَّها، أطـ ـلق ز’فيرة هادئة بعد أن عَلِمَ أن النقاش بينهما سيكون مستحـ ـيلًا ولذلك قر’ر أن يقوم بتشغيل المكالمة مرَّةٍ أخرى ثمّ نظر لها بعدما قام بتشغيلها لتستمع هي إلى حديث شقيقها الذي بالطبع أخا’فها بشـ ـدة وجعلها تخـ ـشاه أكثر مِن المرَّةِ السابقة، وحينما أنتهـ ـى التسجيل نظر لها نظرةٍ ذات معنى هادئة ثمّ قال:
_عرفتي ليه مكانش لا’زم تسمعيها، أخوكي دا يستا’هل كُلّ حاجة ممكن تحصـ ـله كُلّ اللي يهمه الفلوس عشان يشر’ب بيها ويتسلطن، قولتهالك قبل كدا يا “ناهـد” أخوكي واخدك البنك المركزي بتاعه مش أكتر وأنتِ بتغـ ـلطي عشان بتديه هو لو كان لقى الر’فض مِنك فالأول مكانش قر’ر يلـ ـجألك تاني بس مرَّة بعد مرَّة أتعود، فإيدك تشيـ ـلي نفسك مِن الحوار دا ولو هو مش هيجيبها البـ ـر أنا عارف كويس المفروض أعمل إيه معاه.
ترقرق الدمع في المُقل بعد أن استمعت إلى حديثه دون أن تتحدث، فيما ترك صغيرته على الفراش ثمّ استقام واقفًا ينظر لها ليضمها إلى د’فئ أحضانه معانقًا إياها ما’سحًا على ظهرها برفقٍ دون أن يتحدث لتقوم هي بمعانقته واضعةً رأسها على صدره دون أن تتحدث فقد كان قلبها يؤ’لمها حينما تلقت الغد’ر مِن الحبيب الذي أصبح اليوم عد’وًا لها..
ظلت تبكي لوقتٍ لا تعلمه فكانت تشعر برو’حها تُز’هق وقلبها ينزُ’ف بعدما كانت تظن بهذا الحبيب خيرًا لها، و’اقعٌ فُرِ’ضَ علينا العيـ ـش بهِ وتقبُله مهما كانت الظر’وف العصـ ـيبة التي نَمُرُ بها فهذه هي الحياة وهؤلاء كانوا البشر.
____________________
<“هَلّت السعادة وطرقت أبوابنا،
وها هو الأمير يجاور أميرة أحلامه.”>
تلك كانت الحياة التي حُر’موا مِنها وتلك كانت سعادتهم بها..
اليوم هَلّت السعادة عليهم وطرقت أبوابهم مثلما فعلت منذ أيامٍ قليلة، وبرغم هذا كُله ها هو الأمير يجاور أميرة أحلامه..
كان القصر يعجّ بالزينة، وأضواء الفرح تتراقص على الجدران، بينما دوت الموسيقى الهادئة في الأرجاء، ممزوجة بصوت الضحكات والتبريكات بين الوافدين لحضور هذا الحفل، كان “ليل” الحفيد يُشر’ف على كُلّ شيءٍ وعلى الجهة الأخرى كان “أحـمد” يقف رِفقة صديقه “عُـرابي” يتحدث معهُ مبتسم الوجه ويُمازح صغيره “سـديم” الذي كان يشا’كسه بين الحين والآخر بشقا’وة طفلٍ صغير، وبجهة أخرى كان “حُـذيفة” يجاور زوجته وطفله يلتقط صورة تذكارية معهما بوجهٍ مبتسم وعينين تلتمعان بوميضٍ سا’حر..
وقف “عادل” بثوبٍ أنيق مبتسم الوجه، يكسـ ـوه القليل مِن التو’تر والسعادة وهو يُرا’قب “ترتيل” تتهادى بفستانها السا’حر أمامه، ووجهها يكسـ ـوه حُمـ ـرة الخجـ ـل، أقترب مِنْهُ “علي” يجاوره وهو ينظر لهُ بطر’ف عينه مبتسم الوجه يرى نظرة أخيه إلى حبيبة القلب التي حينما قام بمناداتها تلقى الجواب مِنها في الحال، نظر إلى “ترتيل” التي كانت تُرافق صديقاتها تضحك وحُـ ـمرة الخجـ ـل تكـ ـسو وجهها ليعود بنظره إلى أخيه الذي كان يركض خلفه أمسًا حينما كان صـ ـبيًا والآن أصبح رَ’جُلًا يستعد لبداية حياة جديدة..
وضع “علي” كفه على كتف أخيه مربتًا عليهِ برفقٍ تزامنًا مع همسه لهُ قائلًا بحما’سٍ:
_والله وجه اليوم اللي أشوفك فيه واقف مكسو’ف ومتو’تر قدام اللي قلبك د’قلها يا “عادل”.
نظر لهُ “عادل” في هذه اللحظة وقال بحيا’ءٍ:
_وليه الإحر’اج دا، دا أنا لسه بجرّب أول مرَّة طبيعي أتو’تر يعني وأحس إني مش أوي، على يدك معملتهاش قبل كدا.
نظر “علي” إلى “ترتيل” في هذه اللحظة بوجهٍ مبتسم يراها تضحك مع صديقاتها والحُـ ـمرة تكـ ـسو وجهها ثمّ قال:
_بس تعرف، البـ ـت دي بتحبك على فكرة، شايف لمـ ـعة عنيها، لمـ ـعة حافظها أوي وعارف معناها، وشايف طيبة قلـ ـبها وبرا’ءتها، هقولهالك وبُكرا تقول “علي” قالها، “ترتيل” عاملة زي المُهـ ـرة الأصيلة بالظبط، أتر’بت فبيت أصـ ـيل وعنيها شبعا’نة وعزيزة النفـ ـس، تبان إنها بـ ـت هشـ ـة وأي حد يقد’ر يدو’سلها على طر’ف، بس ورا الوش البر’يء دا واحدة شـ ـرسة متستناش اللي يدو’سلها على طر’ف، أنتَ عرفت تختار صح، قلبك كان دليلك، و’قع مع اللي يشبهله وعشان كدا قر’ر ميسبهاش إلا لمَ تكون الوَنَس … مبسوطلك أوي، لقيت الشبيه اللي يشبهك.
أنهـ ـى حديثه وهو فخورًا بهِ ويشعر بالسعادة تغمُـ ـر قلبه وكأنه هو العريس وليس أخيه، نظر لهُ “عادل” مبتسم الوجه وقبل أن يرد على حديثه ذاك منـ ـعه صوت المذيع معلنًا عن بدء مراسم الخطوبة، ولذلك أضطـ ـر “عادل” أن يترك أخيه ثمّ تقدم بخطى هادئة مِن “ترتيل” التي تركت صديقاتها كذلك وتقدمت مِنْهُ ليتقابلا سويًا في منتصف الطريق يقفان أمام بعضهما، بدأت مراسم الخطوبة أسفـ ـل نظرات أخيه السعيدة وبقية أفراد العائلة الذين كانوا يُشكلون حلقة دائرية حولهما يُتابعون ويوثقون تلك اللحظة بهواتفهم..
كانت والدتها ووالدته معهما نظرًا أنها مازالت أجـ ـنبية عنهُ، وقفت “لارين” بجوار “فـرح” تحمـ ـل عُلبة المجوهرات ليأخذ “عادل” الخاتم الخاص بـ “ترتيل” مُعطيًا إياه إلى والدتها التي أخذته ثمّ نظرت إلى ابنتها مبتسمة الوجه ثمّ أمسكت بكفها الأ’يمن ووضعت الخاتم في بُنصرها، كانت “ترتيل” تنظر إلى “عادل” بوجهٍ مبتسم خجو’ل ليمنحها بسمةٌ هادئة تُخبرها عن شعوره في هذه اللحظة، علت الزغاريد في المكان حينما أصبح خاتمه في إصبعها، أتسـ ـعت البسمةُ على ثَغْرها وهي ترى سعادة الجميع لهما لتزداد سعادتها أكثر بهذا المشهد الذي لم تتو’قعه قط..
أخذت “فـرح” خاتم ولدها ذو اللو’ن الفضي اللامع لتنظر لهُ مبتسمة الوجه وعينين تلتمعان فرحًا وسعادة لأجله، وضعت الخاتم في بُنصره لتعـ ـلو صيحا’ت شبا’ب العائلة والتصفيق العا’لِ مِن حوله حينما تمت المراسم لينظر إليهم مِن حوله مبتسم الوجه والسعادة تظهر على تعبيرات وجهه، كان “علي” يقف في الخلف، يصّفق بحما’سة، سعيدًا لأجل أخيه بعد أن تمنى أن يأتي هذا اليوم، عيناه تلمعان بوميضٍ سا’حر، والبسمةُ الو’اسعة ترتسم على ثَغْره بعد أن تحـ َقق هذا الحُلم وجاء هذا اليوم المو’عود..
ألتفت لهُ “عادل” ينظر إليهِ بوجهٍ مبتسم وعيناه تلمعان ليتقدم مِنْهُ بخطى هادئة تاركًا الجميع ليقف قبالة أخيه الذي كان ينظر لهُ مبتسم الوجه والسعادة تظهر على تعبيرات وجهه لأجل هذا الحبيب الذي يكون بئـ ـر أسراره، جذ’به “علي” معانقًا إياه مبتسم الوجه وعيناه تلمعان ليُبادله “عادل” هذا العناق الأخوي الحنون دون أن يتحدث، يكفي مشاعره ونظرة عيناه ولمعتها الخاصة..
_مُبارك يا حبيبي، اليوم اللي أتمنيته ييجي جه أخيرًا علشان الصورة تكمل والفصل يبقى بطعم أحلى، بقيت ر’اجل يا’ض بعد ما كُنْت عيـ ـل إمبارح بجري وراك هنا وهنا.
هكذا قال “علي” بنبرةٍ غمـ ـرتها السعادة لأجل أخيه، ربت “عادل” على ظهره برفقٍ وقال بنبرةٍ فرحة:
_الله يباركلك يا حبيب أخوك، الصورة مكملتش غير بفرحتك بيا ووجودك جنبي، لولاك أنا بجد مش عارف كُنت هعمل إيه، أنتَ كُنْت جنبي فكُلّ حاجة حتى فأتفه حاجة مخليتش بيا ولا سيبتني تا’يه مش عارف هعمل إيه بالعكس كان عندك حلول لكُلّ حاجة، أنتَ أغـ ـلى حاجة فحياتي يا خويا.
أتسـ ـعت البسمةُ على ثَغْر “علي” الذي شـ ـدد مِن عناقه إلى أخيه ردًا على حديثه، بينما كانت “ترتيل” تقف بالقربِ مِنهما تنظر لهما بوجهٍ مبتسم وقد غمرها شعورٌ بالطمأ’نينة كدفء الشمس بعد ليلةٍ با’ردة، ترى حُبّ الأخوين إلى بعضهما، ليراودها شعورٌ لذيذ، شعورٌ يُنذ’رها بالسعادة والر’احة التي ستلقاها مع هذه العائلة الحبيبة التي رحبت بها بكُلّ ودٍ وحُبّ..
كان الحفل منقسم لقسمين، قسم للسيدات وآخر للر’جال للمرةِ الأولى تقريبًا، وبرغم هذا كانوا سُعداء وتعلـ ـو ضحكات الشبا’ب في المكان بعد أن بدأو بممازحة “عادل” حينما بدأت مراسم الخطبة وكيف كانت هيئته أمامها، وبالشـ ـق الآخر مجلس السيدات، الذي كان يختلف عن مجلس الر’جال بكُلّ تأكيد، حيثُ كانت الموسيقى تعلـ ـو في المكان والعروس ترقص بسعادة رِفقة صديقاتها وفتيا’ت العائلة..
في مجلس الر’جال.
كانوا جميعهم مجتمعين مع بعضهم يتحدثون ويضحكون مع بعضهم حتى حانت اللحظة التي خـ ـطط لها “علي” بد’قةٍ واحتر’افية، نظر إلى أولاد عمومته نظرةٍ فهموها ولذلك إنسـ ـحبوا مِن هذا المجلس دون أن ينتبه لهم “عادل” الذي كان يشاهد الصور التي ألتقطها صديقه المقرّب “عابد” إلى أفراد عائلته، نظر “حافـظ” إلى “ليل” الجد وقال بوجهٍ مبتسم:
_تصدق الخطوبة طلعت حلوة بالنظام دا، فكرتها هتبقى مُمـ ـلة.
نظر لهُ “ليل” الجد وأبتسم لهُ وقال:
_”عادل” اللي قال عايزها منفـ ـصلة، وعشان الحـ ـريم ياخدوا را’حتهم أكتر أهي خطوبة بنـ ـت ناس بدل الخطوبات بتاعت العيال الصا’يعة اللي مشافوش ر’باية دول.
ضحك “حافـظ” عا’ليًا حينما أستمع إلى حديثه الذي قصد بهِ أحفاده الكبار ليجاوبه بنبرةٍ ضاحكة قائلًا:
_على رأيك، كُلّ واحد على حسب ما يمـ ـيل بقى يا “ليل”.
جاوبه “ليل” بنبرةٍ هادئة وهو ينظر إلى حفيد أخيه قائلًا:
_الواد “عادل” أتغيَّر، لمَ خطب أول مرَّة كان عندي إحسا’س إنه مش هيكمل، معرفش وقتها خطب ليه، بس التجربة دي كانت درس قو’ي لِيه، عشان يتعلم أزاي يختار اللي عايزها بعد كدا، لمَ سَرَحت دلوقتي مع نفسي لقيته نضـ ـج، في حاجة غيَّرته، بس كان للأحسن، الخير متعرفش مستنيك فين، ولا تعرف هتشوف إيه لحد ما توصله، بس اللي أعرفه إنه فالآخر هيلاقيه مستنيه فنها’ية الطريق، يكافئه على المعا’فرة والمثا’برة، ودلوقتي دي مكافئته.
نظر “حافـظ” إلى “عادل” الذي كان يضحك على حديث ابن عمُّه “عـز” الذي كان يشاركه هو وأولاد عمومته الضحك على ما يُقال، أبتسم بسمةٌ حنونة لهُ متمنيًا لهُ السعادة والر’احة فيما هو قادم، يجاوره “ليل” الذي كان يستمع لهم بوجهٍ مبتسم ويضحك عليهم..
وبعد مرور القليل مِن الوقت.
انطـ ـلقت أصوات المحركات تُعانق سماء الليل، معـ ـلنة عن أحتفالٍ غير تقليدي هذه الليلة، حيثُ اجتمع الأصدقاء وشبا’ب العائلة على دراجاتهم النا’رية، مصطفّين في صفوفٍ منظمة أمام بوابة القصر الدا’خلية والذي أحتضن حفل خطوبة “عادل” و “ترتيل”، كان المشهد مزيجًا بين الفخامة والحما’س، حيثُ تزينت الدراجات بأشرطة ملو’نة وأضواء متو’هجة، تضفي على الأجواء لمـ ـسة شبا’بية مجنو’نة..
خرج “عادل” مِن حديقة القصر الخـ ـلفية التي كانت تُزينها الأضواء الملو’نة والطاولات والمقاعد خاصتها لجلسةٍ شبا’بية، يضحك وهو يلوّح بيده لصديقه “عابد” الذي أطـ ـلق زمجـ ـرة محرِّك دراجته قائلًا بحما’سٍ:
_وقت الحفلة الحـ ـقيقي حَضَر، مستعد يا عريس؟.
ضحك “عادل” وهتف بوجهٍ ضاحك لهُ:
_جاهز طبعًا.
قفـ ـز “علي” على دراجته الضخـ ـمة مشيرًا للجميع بالانطلا’ق، ليند’فع الموكب الشبا’بي على طول الساحة الوا’سعة الخارجية للقصر، تتبعه السيارات المزينة بالورود وأبواقها تصدح بألحان الفرح، بينما كانت “ترتيل” تقف رِفقة الفتيا’ت اللواتي خرجن إلى شُـ ـرف القصر يشاهدن هذا الاحتفال الشبا’بي المجـ ـنون، لم تعتد “ترتيل” على تلك الأجواء الصا’خبة، كانت تر’اقب المشهد بد’هشة وسعادة، رأت تقدم “عادل” مِن الدراجة النا’رية أسـ ـفل صيحا’ت الشبا’ب المتعا’لية السعيدة والمشـ ـجعة لهُ..
قفـ ـز على دراجته النا’رية ثمّ نظر إلى أخيه الذي كان ينظر لهُ مبتسم الوجه، غمز لهُ بعـ ـبثٍ وكأنه يُخبره أنهُ قد قطـ ـع وعدًا لهُ وأوفى بهِ اليوم، أمتَن لهُ “عادل” في هذه اللحظة ومنحهُ بسمةٌ صا’فية وكأنه يشكُره على تلك الليلة التي كانت بها نكهة مختلفة ولذة مجـ ـنونة كان هو صاحبها، ألتفت برأسه ينظر إلى “ترتيل” التي كانت تتر’قب ما سيحدث فقد كان يتمنى أن يُشاركها تلك اللحظة المجـ ـنونة..
ومع انطلا’قهم، تعا’لت أصوات الهتافات، وأضاءت الألعاب النا’رية السماء، بينما كان “علي” يقود المجموعة بحما’سٍ، ملتفتًا نحو أخيه قائلاً بصوت مر’تفع وسط ضـ ـجيج المحركات:
_كدا تبقى الحفلة على أصولها يا معلم.
ضحك الجميع، وتعا’لت أصوات الفرح، ليكون هذا الاحتفال ذكرى لا تُنسى، محفو’رة في قلوب الجميع برو’ح الشبا’ب والحُـ ـرية، بلذة مختلفة تترك و’صمتها حتى تظلّ ذكراها محفو’رةٌ في عقو’لهم، ليلةٌ مختلفة جعلها “علي” مُميزة لأخيه الذي لم يتو’قع أن يفعلها ويجعلها أسعد ليلة يراها، وفي بعض اللحظات المجـ ـنونة الخاصة بهم أضافوا لمـ ـستهم السا’حرة ببعض المزحات الصبيا’نية..
دوت صوت المفر’قعات في السماء تُنيرها بألو’انها المختلفة مِن قِبَل الشبا’ب وعلى ر’أسهم “مـينا” الذي أضاف لمسا’ته الخاصة، وقف بجوار “ليل” الذي كانت نظراته مُحـ ـمَّلة بالخـ ـبث والمكـ ـر، أخرج عُلبة المفر’قعات مِن جيب حُلَّتِه الكحـ ـيلة ثمّ قام بفتـ ـحها وأخرج أول صا’روخ والبسمةُ الخـ ـبيثة تعلـ ـو ثَغْره، بينما أخرج “مـينا” أول عود كبر’يت ثمّ حرَّكه بسرعةٍ على أحد جانبيه لتُشـ ـعل النا’ر، قرّب “مـينا” العود مِن الصا’روخ لثوانٍ معدودة ثمّ ألقا’ه “ليل” بالقرّبِ مِنهم وأنتظر هو و “مـينا” حتى يعـ ـلو صوت فر’قعته..
الهواتف مر’فوعة توثيقًا مِن قِبَل الفتيا’ت لتلك اللحظة، لم ينبث ثوانٍ وعَلَى صوت فر’قعته عا’ليًا ليجعلهم يشعرون بالزُ’عر ويركض كُلّ واحدٍ مِنهم في إتجاهٍ مختلف ومُعاكـ ـس، علت الضحكات في أرجاء المكان حينما رأوا ردة فعلهم تلك، أخرج “ليل” الثانِ سريعًا ومعهُ أشـ ـعل “مـينا” عود الكبـ ـريت الثانِ ثمّ قرّب “ليل” الصا’روخ مِنْهُ لثوانٍ ثمّ ألقا’ه نحوهم لتعلـ ـو ضحكته هو و “مـينا” حينما رأهم يركضون بعيدًا عنهُ ليصدح صوت فر’قعته عا’ليًا للمرَّةِ الثانية على التوالي..
_إحنا فينا مِن كدا يعني أبقى مديك الأ’مان وتخَو’ني كدا !!.
هكذا تحدث “عادل” بنبرةٍ عا’لية مبتسم الوجه ليجاوبه “ليل” بعد أن قام بإشعا’ل الصار’وخ الثالث ثمّ ركض خلفه مُـ ـلقيًا الصا’روخ نحوه قائلًا بنبرةٍ عا’لية ضاحكة:
_مُبارك على الخطوبة يا “عادل” ودي هديتي ليك.
دوى صوت فر’قعة الصا’روخ بعد أن أبتعد عنهُ “عادل” بمسافة وجيزة لينظر لهُ بوجهٍ ضاحك مجيبًا إياه قائلًا:
_يا عمّ الله يبارك فيك وشكرًا على الغد’ر أنتَ والو’اد الخـ ـبيث اللي معاك دا.
أنهـ ـى حديثه قاصدًا “مـينا” الذي أرسل لهُ قْبّلة هوائية ور’فع كفه يلوّح لهُ شاكرًا إياه، أقترب “شـهاب” مِنْهُ في هذه اللحظة واضعًا كفه في جيب سترة حُلَّتِه الرما’دية قائلًا:
_تعالى أنا هخليك تنتـ ـقم مِنهم دلوقتي عشان تشكرني بعدين.
نظر لهُ “عادل” الذي قال مبتسم الوجه:
_هتعمل حركة جد’عنة بجد ولا هتغد’ر أنتَ كمان؟.
نظر لهُ “شـهاب” بعتا’بٍ ثمّ قال:
_أنتَ تعرف عنّي كدا برضوا يا “عادل” عيـ ـب عليك ياض هعمل حركة جد’عنة معاك.
شَعَر “عادل” بمصداقيته ولذلك أعطاه ثقته وقال بنبرةٍ هادئة:
_هتساعدني أزاي بقى عشان أنا أتغـ ـفلت دلوقتي.
أخرج “شـهاب” كفه ثمّ أمسك بر’سغه بكفه الأ’يسر وأبتعد عنهم برِفقته على مسافة وجيزة ثمّ وقف ملتـ ـصقًا بهِ ومَدّ كفه الأ’يمن لهُ قائلًا:
_خُد دول شوية بو’مب حكاية مش أي كلام يعني، أصطـ ـاد أبوهم واحد واحد وأنا فضهرك متخا’فش.
نظر “عادل” لهُ بعدما أخذهم مِنْهُ ليراه ينظر لهُ مبتسم الوجه ولذلك جاوبه قائلًا بأمتنا’نٍ:
_حبيبي يا أبو الرجو’لة والجد’عنة كُلّها.
في هذه اللحظة كان “ليل” و “مـينا” يقفان خلفهما على مسافة وجيزة دون أن يشعر بهما هذا الثنائي الذي كان يُخـ ـطط لرد الصا’ع إثنين، ألقـ ـى الصا’روخ بالقربِ مِنهما ثمّ أبتعدا خطوتين للخلف والبسمةُ الخـ ـبيثة ترتسم على ثَغْرهما، بينما تر’قب “شـهاب” لثوانٍ ثمّ وصلت الرائحة أنفه ليقول بنبرةٍ خافتة:
_في صار’وخ ورانا.
نظر لهُ “عادل” متر’قبًا بعدما وصلت الرائحة أنفه ليُسرع في الإمسا’ك بيَد “شـهاب” ثمّ ركض مبتعدًا بهِ تزامنًا مع فر’قعة الصا’روخ، توقفا ثمّ ألتفتا لهما لير’ميهما “عادل” نظرةٍ متو’عدة، أبتسما الثنائي الآخر لهُ بسمةٌ خـ ـبيثة وهما ينظران لهُ نظرةٍ ما’كرة، اقترب “عادل” مِنها بخطى هادئة في هذه اللحظة وبرِفقته “شـهاب” متو’عدًا لهما قائلًا:
_هي بقت كدا يعني؟ بتغـ ـفلوني.
وحينما أقتربا مِنهما نظر “عادل” إلى ابن عمُّه نظرةٍ متو’عدة ثمّ سارع بإلقا’ء هذا النوع مِن المفر’قعات المعروف في اللغة الدارجة بإسم _بو’مب_ عليهِ ليعلـ ـو صوت فر’قعته سريعًا حينا يُلقـ ـى على أيُ شيءٍ يُلا’مسه، تفاجئ “ليل” الذي ألتفت بجـ ـسده إلى الجهة الأخرى مبتـ ـعدًا عنهُ يعلـ ـو صوته متفاجئًا بفعله، بينما نظر “مـينا” متر’قبًا إلى “شـهاب” الذي نظر لهُ مبتسم الوجه والخبـ ـث يُغلـ ـف عيناه قائلًا:
_أوعى تغد’ر أنتَ كمان، إحنا مفيناش مِن الكلام دا.
_متخا’فش، دا أنا عندي عر’قين نسيت أقولك عليهم أولهم الغد’ر، وتانيه الند’الة.
هكذا جاوبه “شـهاب” تزامنًا بإلقا’ءه نحو “مـينا” الذي أبتعد عنهُ وهو يصر’خ صر’خاتٍ مضحكة جعلتهم يضحكون عليها، وفي لحظة أخرى مجنو’نة بدأو جميعهم بإلقا’ءه على بعضهم البعض وصوت ضحكاتهم يعلـ ـو في المكان، هكذا كانت ليلتهم، وهكذا كانوا هم.
___________________
<“أُمسية مميزة وفريدة مِن نوعها،
وقلبين أجتمعا على الحُبّ الصا’في.”>
كانت أُمسية مميزة وفريدة مِن نوعها..
قلبين عا’شقين وأجتمعا على الحُبّ الصاد’ق، هكذا كانا هذا الثنائي منذ أن تلاقى وحتى هذه اللحظة..
في أُمسية هذا اليوم الهادئ وبعد أن شارف اليوم على الانتهاء، كان “شـهاب” يجاور “مَـرْيَم” في غرفة المعيشة المضيئة بنور الشمو’ع بعد يومٍ ملـ ـيء بالتجهيزات والمشاغل لأجل أن تتم مراسم خطبة “عادل” كما كان يُريد، كان الجَو هادئًا، والأثاث المحيط بهم يبعث على الرا’حة في النفو’س، كانت “مـريم” تحمـ ـل كوبًا مِن الشاي في يدها، وكان “شـهاب” مستر’خيًا على الأريكة واضعًا رأسه على فَخْـ ـذها يُشاهد التلفاز مستمتعًا بلمـ ـسة كفها على خصلا’ته..
رَ’فَغَ كفه الأ’يسر ممسكًا بكفها ذاك مقربًا إياه مِن فمِه يُلثم با’طنه بقْبّلة حنونة ثمّ ضم ذراعها إلى د’فئ أحضانه دون أن يتحدث أسـ ـفل نظراتها المتعجبة وفمِها الذي كان يعلـ ـوه بسمةٌ هادئة حنونة، فجأة رن هاتف “شـهاب” الذي كان موضوع على سـ ـطح الطاولة أمامه، نظر إلى شاشته ليجد إشعار وصول صور الزفاف الخاصة بهما، أبتسم “شـهاب” بحما’سٍ ثمّ أعتدل جالسًا وسـ ـحب هاتفه مِن أ’على الطاولة وقال:
_الصور وصلت يا “ريـما”، أنا مش مصدق بجد إني هشوفها.
تركت كوب الشاي جانبًا ثمّ اقتربت مِنْهُ تنظر إلى هاتفه تتو’قع كيف ستكون الصور قائلة بنبرةٍ خافتة:
_تعتقد هتكون زي ما تخيلناها أنا وأنتَ مِن كام يوم.
نظر إليها “شـهاب” بابتسامة رقيقة ثمّ فتـ ـح الصور دون أن يجاوبها وترك الصور هي التي تتحدث عن نفسها، كانت الصور تُظهر “مَـرْيَم” في فستان الزفاف الأبيـ ـض، وهو يقف بجانبها مبتسمًا، يلمع في عينيه الحب والفرح، كانت اللحظة التي ألتقطت فيها الصور تتحدث عن نفسها، حيث كان كل شيء مثا’ليًا كما خـ ـططت، تحدث “شـهاب” وهو يحدق في الصورة بعدما رأى طَلّتها قائلًا مبتسم الوجه:
_يا عيني يا عيني على طبق البسبوسة اللي واقفة جنبي وأنا مَكُنْتش واخد بالي مِنها، تعرفي، شكلك زي أميرات ديزني، أو أنتِ أحلى مِنهم كمان بمراحل، لو هما أميرات ديزني فأنتِ أميرتي أنا وبس، عرفت ليه وقتها “شُـكري” قالي يا بختك والكُلّ هيَّص أول ما ظهرتي.
خفضت “مَـرْيَم” رأسها إلى الأسفـ ـل وأبتسمت بخجـ ـلٍ دون أن تتحدث، بينما نظر لها “شـهاب” بوجهٍ مبتسم ثمّ أقترب مِنها وهو يحاوطها بذراعه الأ’يمن مشيرًا لها تجاه الهاتف وهو يعـ ـبث بين الصور المُرسلة لهُ قائلًا:
_بُصي، الصورة دي حلوة أوي، هنا بصراحة أنا حسيت إني كُنْت فعلًا شايفك، الصورة حلوة وفيها رو’ح حلوة، بس نظرتك حوار هنا.
أنهـ ـى حديثه مبتسمًا وهو ينظر لها نظرةٍ ذات معنى ليراها تنظر بعيدًا عن مر’ماه وهي تضـ ـغط على يديها بخجـ ـلٍ ليقوم هو بوضع كفه على كفيها ضا’غطًا عليهما برفقٍ قائلًا:
_إيه أنتِ أتكسـ ـفتي ولا إيه؟ على فكرة أنا جوزك يا حلوة.
أنهـ ـى حديثه متخا’بثًا وهو ينظر لها مقتربًا مِنها لتبتـ ـعد هي عنهُ وفجأة مـ ـنعها هو مقتربًا مِنها مسرعًا يُلثم خَدِّها بقْبّلة خا’طفة تزامنًا مع قوله:
_واللهِ عيـ ـبة فحـ ـقي.
عاد ينظر إلى الهاتف لتظهر صورة أخرى غير تلك التي كانت موجودة ثمّ همس لها بصوتٍ أجهش:
_طب بُصي حلاوة الصورة دي بقى، أحلى حضن بعد حضن كتب الكتاب وأحلى واحدة فحياتي.
نظرت هي إلى الصورة أسفـ ـل نظراته التي كانت تتابعها ليرى بسمتُها بدأت تظهر على ثَغْرها رويدًا رويدًا حتى أنارت عتـ ـمة الليل وكأنها أشعة الشمس الذهبية التي تشـ ـق سكون الليل بعد ليلة عا’صفية با’ردة، نظر إلى الصورة بوجهٍ مبتسم ثمّ قال:
_كُنْا حلوين أوي، وأنتِ كُنْتِ زي القمر.
نظرت لهُ “مَـرْيَم” بوجهٍ مبتسم ثمّ همست لهُ قائلة:
_عشان عيونك حلوين بس يا حبيبي.
وضع “شـهاب” الهاتف جانبًا ثمّ أخذ يدها برفقٍ مد’اعبًا أناملها بحنان، تحدث بنبرةٍ هادئة وقال:
_الموضوع مش فجمالك بس يا “ريـما”، الموضوع عن الطريقة اللي خليتي فيها اليوم حلو وميتنسيش، فاللحظة اللي كُنْت حاضنك فيها، بأكد فيها لعـ ـقلي إن اليوم دا حـ ـقيقي مش مجرد خيا’ل ولا وهـ ـم بيرسمهولي، اللي أكدلي الد’فا اللي حسيته وقتها، الحنية اللي قدرت توصل لقلبي، الهمسة واللمـ ـسة، فاللحظة دي كُنْتي العالم كُلّه بالنسبة لي.
كانت “مَـرْيَم” تنظر لهُ بحُبّ، لم تستطع أن تفعل شيئًا سوى أن تبتسم لهُ، قالت بنبرةٍ هادئة:
_وأنتَ كمان يا “شـهاب”، خلّيت اليوم دا أحلى يوم فحياتي، أنا كُنْت مبسوطة وطا’يرة مِن الفرحة بسببك.
في هذه اللحظة أقترب مِنها “شـهاب” أكثر ثمّ همس بصوتٍ دا’فئ في أُذُنها وقال:
_أعتقد إن أفضل جزء فالصور دي كُلّها هي الذكريات اللي عملناها مع بعض فيها، كُلّ نظرة، كُلّ همسة، كُلّ لمـ ـسة، كُلّ د’قة قلب عا’لية ونبرة حُبّ صا’فية، وكُلّ لحظة فيها هتفضل محفو’رة جوه قلبي.
أنهـ ـى حديثه بنبرةٍ دا’فئة ثمّ قبّل جبينها بلطفٍ، وابتسمت “مَـرْيَم” تلك الابتسامة التي تعكس كُلّ حُبّها لهُ، جلسا معًا يحدقان في الصور، بينما كانت اللحظات السعيدة تَمُر بينهما وكأنها قصة حب لا نها’ية لها، بينما كان “شـهاب” ينظر إلى الصورة على الهاتف، وفي لحظة خا’طفة شَعَر قلبه ينـ ـبض بشكلٍ أسرع، كانت “مَـرْيَم” في الصورة كالزهرة التي أُزهِرَت في أجمل فصل من فصول الحياة، فستان زفافها الأبيـ ـض كان ينساب برِقة حول جسـ ـدها، كأمو’اج البحـ ـر الهادئة التي تتراقص على الشاطئ، تفاصيله تلتقط الضوء بلـ ـمسة سا’حرة، وكأن كُلّ خيـ ـط فيه يروي قصة من الجمال والنعو’مة..
لكن ما لفـ ـت نظره أكثر كان وجهها الذي كان يزينه الخمار الأبيـ ـض الذي أضاف لمـ ـسة من البسا’طة الأنيقة، كان الخمار يحـ ـيط برأسها كأنما يحـ ـيط تاج من النقا’ء، وكل تفا’صيله كانت تعكس طها’رة وسحـ ـرًا لا يُمكن مقاو’مته، ورغم أنَّهُ كان يُغـ ـطي خصلا’تها البُـ ـنية، إلا أنَّهُ زادها جمالًا واحتشا’مًا..
أما عن وجهها، فكان لا يحتاج إلى الكثير من الز’ينة ليبدو رائعًا، تلك اللمسا’ت النا’عمة التي أضافتها كانت تُكمل جمالها الطبيعي، فتلك اللمسا’ت من أحمـ ـر الخدود الذي أضاء وجنتيها، ور’موشها الطويلة التي كانت تترا’قص مع كل همسة من الر’ياح، جعلت عينيها تتأ’لقان أكثر، وكأنها نجمة في سماء ليلٍ هادئ، كان يُرا’قبها في الصور ونظره يتسـ ـلل نحوها يُلا’مس ر’وحها، نظرته كانت مليـ ـئة بالحُبّ والإعجاب بها، ولم يستطع أن يمنـ ـع البسمةُ تعلـ ـو ثَغْره..
_أزاي واحدة تكون بالجمال والحلاوة دي كُلّها لوحدها؟.
هكذا همس “شـهاب” لها بصوتٍ خا’فت، وكأن الكلمات لا تكفي للتعبير عن مشاعره، وعنها فقد كانت تُر’اقب ردة فعله بصمتٍ مبتسمة الوجه ترى مدى حُبّه وعشـ ـقه لها ليُـ ـثبت إليها في هذه اللحظة أنَّهُ لم يكُن معجبًا فقط بشكلها، بل هو مغر’مًا برو’حها الحلوة التي بأبسط فعـ ـل وحركة جذ’بته نحوها..
أمسكت بكفه الد’افئ ووضعته على مو’ضع قلبها ليستشعر هو في هذه اللحظة بنبـ ـضاته العا’لية والمتسا’رعة أسـ ـفل را’حته يُخبره كم هو مجـ ـنونٌ بهِ ولا يُريد سواه هو، نظر إلى عُمـ ـق عينيها البُـ ـنية التي كانت تنظر إلى عينيه ثمّ قر’ر أن يترك نفسه لأمو’اج البحـ ـر تُحركه كيفما تشاء هي، اقترب مِنها بهدوءٍ شـ ـديد لتشعر بأنفا’سه السا’خنة على شطر وجهها الأ’يسر، قبّل خَدِّها برفقٍ ثمّ وضع رأسه على كتفها محاوطًا إياها بذراعه قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_أنا كُنْت تا’يه ومش لاقيني، لحد ما لقيتك شاورتلهم وقولتلهم القلب هواها، هيَّ دي وبس اللي شوفت نفسي فيها وو’قعت ليها، أنا ليها وهيَّ ليا، تقولي طلب أقولها عنيا.
اضطـ ـربت نبـ ـضات قلبها بمشاعر عديدة متلا’حمة بعد أن استمعت إلى حديثه وشعرت بد’فئه يحاوطها، علت البسمةُ ثَغْرها لتحاوطه بذراعها الأ’يسر تبدأ بمشاهدة بقية الصور معهُ، وبيدها الأخرى عادت تُمسك كوب الشاي وهي تهمس لهُ بنبرةٍ خافتة:
_القلب وما يهوى يا حبيب عيوني.
هكذا كانت علا’قتهما سويًا، هادئة، دا’فئة، لطيفة، آ’منة، فهكذا كانت النفو’س الطيبة حينما تلتقي بشبّيهتها، تغلفهما السعادة والأولفة، يعـ ـيشا سويًا أفضل لحظات حياتهما السعيدة بعد ظلا’م الليل البا’رد الذي أسـ ـكن حياتهما.
____________________
<“الفـ ـتنة كانت كالطو’ائف في منظوره،
وفتـ ـنته كانت حلا’لًا بعيون حواء.”>
أد’من الفتـ ـنة على يديها، وفي تلك اللحظة كانت فـ ـتنتهُ حلا’لًا..
فكان عـ ـبدًا ضـ ـعيفًا لم يستطع السـ ـيطرة على قلبه أمام فتـ ـنته، وكانت هي عيون حواء..
في تلك الليلة الهادئة، كانت “روزي” تقف أمام المرآة في غرفة النو’م ترسم خطوط الكحل بعناية، في محاولةٍ مِنها لإبر’از جمال عينيها الفيروزية لكنها لم تكُن وحدها، فقد كان “ليل” مستلقيًا على الفراش وير’اقبها بعينين ضيـ ـقتين وهو يعبـ ـس بضيـ ـقٍ واضح على تعبيرات وجهه وقد جاء قوله المفعـ ـم بالضـ ـيق قائلًا:
_أمتى هنبـ ـطل أم الكُحل اللي هتخليني قريب أو’لع فكُلّ الشركات اللي بتصد’ره.
جاوبته بنبرةٍ هادئة مبتسمة الوجه بعدما غمـ ـرتها السعادة حينما رأت ضـ ـيقه مِن هذا الكُحل:
_تعرف يا حبيبي، طول ما أنتَ حاطط نقـ ـرك مِن نقـ ـره كدا مش هبـ ـطل أحُطه غير لمَ تحبُّه وتقولي كدا بنفسك وأنتَ فكامل قوا’ك العقـ ـلية.
ضحك سا’خرًا حينما أستمع إلى حديثها وجاوبها بنبرةٍ با’ردة:
_عشـ ـم إبـ ـليس فالجنة يا عُمري، وبعدين أنا قولتلك الأخـ ـضر أحلى حطيتي الأسو’د ليه !!.
لم تُجيبه وأستمرت في إبرا’ز عينيها وهي تر’ميه بنظراتها الما’كرة بين الحين والآخر حتى رأته ينهض منتَـ ـصبًا في وقفته مقتربًا مِنها بخطى وا’سعة ممسكًا بالقلم الذي كان بيدها محاولًا جذ’به مِنها بعدما أشـ ـتدت قبـ ـضتها عليهِ وتجـ ـهم وجهها عبو’سًا:
_سيبه يا “ليل” هتكسـ ـره دا القلم رقم ١١٠ أجيبه بسببك لدرجة إن الر’اجل بدأ يشـ ـك فيا.
_إن ما سيبتي القلم يا “روزي” دلوقتي هز’علك.
هكذا جاوبها “ليل” بنبرةٍ حا’دة وهو يحاول أخذ القلم مِنها لتجاوبه هي بعنا’دٍ قائلة:
_مش هسـ ـيبه ومش همـ ـسحه لحد ما تحبه غصـ ـب عنك.
_مش هحبه وهتمـ ـسحيه وتحطي الأخـ ـضر أنا طـ ـقت فد’ماغي بقى.
هكذا جاوبها بعنا’دٍ أكبر ليتلقى العنا’د مِنها ليُمسك ذراعها يجذ’بها نحوه لتقف هي أمامه مباشرةً بعد أن فـ ـصل المسافة بينهما وهو ينظر لها قائلًا:
_يمين بالله ليتمـ ـسح وهيتحط الأخـ ـضر.
أنهـ ـى حديثه ثمّ جذ’ب القلم مِنها بعـ ـنفٍ مـ ـلقيًا إياه بعيدًا ثمّ حاوطها بذراعه الأ’يسر وهو ينظر ليرى التحد’ي قائمًا في نظرتها لهُ، أبتسم هو لها ثمّ قال بنبرةٍ خبـ ـيثة:
_مش هتمـ ـسحيه ها، كلمتي هتمشي وهتحطي الأخـ ـضر اللي بحبه وعنـ ـدًا فيكي مفيش غيره هيتحط بعد كدا.
أنهـ ـى حديثه ثمّ جذ’ب محرمة مِن على سـ ـطح الطاولة وأحكـ ـم قبـ ـضته على يديها المكـ ـبلتين ثمّ بدأ يز’يل الكُحل ليجد المقا’ومة مِنها قائمة، حاول فر’ض سطـ ـوته عليها في هذه اللحظة وقال:
_يمين بالله لو ما هديتي همـ ـسحه بإيدي وأخلي وشك شبه المد’منين.
وكما تو’قع لم يجد سوى ما تريده هي ولذلك ألقـ ـى المحرمة وبدأ بإز’الته عن طريق كفه هُنَيْهة حتى فعل ما يُرضيه وابتعد عنها وهو ينظر لها مبتسم الوجه يرى إثر الكُحل أسـ ـفل عينيها، ألتفتت هي تنظر إلى إنعكا’س صورتها بها مجـ ـحظة العينين، اقترب مِنها مجددًا وسـ ـحب القلم الأخـ ـضر مِن أ’على طاولة الزينة ونظر لها وقال بنبرةٍ خـ ـبيثة:
_يلا يا حياتي عشان هتعملي اللي أنا عايزُه وهتحطي الكُحل الأخـ ـضر.
أنهـ ـى حديثه وهو ير’ميها بنظرةٍ خـ ـبيثة ثمّ بدأ يتقدم مِنها بخطى هادئة جا’ذبًا إياها إلى أحضانه فا’رضًا سيطـ ـرته عليها ينظر إلى فيروزتيها مبتسم الوجه وقال:
_وعقا’بًا ليكي أنا اللي هحطه.
نظرةٍ ما’كرة ونبرةٍ خـ ـبيثة كانت د’ليلًا لها على أنَّهُ سيُفسـ ـد كُلّ شيءٍ بلا شـ ـك ولذلك رأى الخو’ف في عينيها وقبل أن تر’فض منـ ـعها هو مشد’دًا مِن قبـ ـضته حولها ثمّ أبتسم بسمةٌ لعو’بة وغمز لها رافعًا القلم أمام عينيها والذي كان يُحركه بأنامله لتُيقن هي أن لا مفـ ـر أمامه سوى أن تخـ ـضع لهُ وتلقى مصيـ ـرها.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أحببتها ولكن 7)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *