رواية أحببتها ولكن 7 الفصل الثامن والسبعون 78 بقلم بيسو وليد
رواية أحببتها ولكن 7 الفصل الثامن والسبعون 78 بقلم بيسو وليد
رواية أحببتها ولكن 7 البارت الثامن والسبعون
رواية أحببتها ولكن 7 الجزء الثامن والسبعون

رواية أحببتها ولكن 7 الحلقة الثامنة والسبعون
إذا ما كنتَ مُفْتَخِرًا فَفَاخِرْ،
بِبَيْتٍ مِثْلِ بَيْتِ بَنِي سَدُوسَا،
بَبَيْتٍ تَبْصُرُ الرُّؤُسَاءُ فِيْهِ،
قِيَامًا لا تُنَازَعُ أو جُلُوسَا،
هُمُ أَيْسَارُ لُقْمَانِ بنِ عَادٍ،
إذا ما أُجْمَدَ الماءُ القَرِيسُ.
_امرؤ القيس.
___________________
لا تُر’اهن على صبر الأسـ ـد فلا تعلم في أيُ دقيقة سيُها’جمك..
الصبر لا يطول كثيرًا، فللصبر حـ ـدود، وإن أنتظر الأسـ ـد اليوم فالغد لن ينتظر كثيرًا وسيفقـ ـد السيطـ ـرة على نفسه ويهجُـ ـم على فر’يسته لإفترا’سها فإن صمت اليوم فلن يصمت الغد وسيُعلن عن نصـ ـره أمام مملكته..
<“وإن شـ ـيبت رأ’س الفتىٰ،
فلا تشـ ـيبُ رو’حه المرِّحة.”>
العُمر ليس مقياسًا للتعبير عن النضـ ـجُ..
فإن كان المرء في مقتبل العُمر تجد فِكرُه وا’سع، هذا العُمر كان مجرد رقمٌ لا أهميةَ لهُ، فالنضـ ـجُ ليس بمقياس العُمر مثلما يعتقد البعض، إنما هو فِكرٌ ووعيٌ كامل، فإن شـ ـيبت ر’أس الفتىٰ، فلا تشـ ـيبُ رو’حه المرٍّحة..
ولثانِ مرَّة يبتعد “ليل” مُسرعًا عن “روز” وكأن أحدهم قد أمْسَـ ـكَهُ بالجُر’مِ المشهو’د ليس وكأنهُ الآن برِفقة زوجتهِ، إزدادت خَـ ـفقات قلب “ليل” إثر زُ’عرُه مِنْ ولوج “مُـعاذ” المُفاجئ الذي مازال يُعَكِـ ـر صَفوه حينما يجتمع مع زوجتهِ بعيدًا عن موضعهم، ابْتَـ ـلَعَ غُصَّتهِ بتروٍ ومسـ ـح بكفه الأ’يمن على وجهه مُحاولًا تمَالُ’ك نفسُه، فيما كانت “روز” لا تَقِـ ـلُ عنهُ شيئًا بعد أن داهَـ ـمَها “مُـعاذ” وأفْـ ـسَدَ لَذَّة تلك اللحظة التي أصبحت نادرًا حدوثها..
تعا’لت ضحكات “مُـعاذ” ترن في أرجاء الغُرفة بعد أن رأى حالة والديه وخجـ ـل والدته خصيصًا برغم أنها متزوجة ولكنها مازالت تخجـ ـل، وبعد هُنَيْهة تما’لَك “ليل” نفسُه قبل أن يصرُ’خ بهِ ويُعـ ـنفهُ لينظر لهُ نظرةٍ حا’دة يكسوها الغضـ ـب تجاهه ليَّكـ ـسِر حِدَّ’ة هذا الصمت حينما قال بنبرةٍ حا’دة:
_وبعدين معاك يا “مُـعاذ” يعني؟ هتبـ ـطَّل تعمل الحركات دي أمتى بجد مش معقول كدا يعني !!.
عاد “مُـعاذ” يضحك وهو يشعُر بالسعادة حينما قام بكـ ـشف والدهُ للمرَّةِ الثانية على التوالي ليُجاوبهُ بنبرةٍ ضاحكة قائلًا:
_كان نفسي أبـ ـطَّل واللهِ بس مش عارف، مبقد’رش مقفـ ـشكش يا حجوج واللهِ بحِّس بالسعادة وأنا بخُـ ـضك كدا كُلّ شوية.
_تصدق وتؤمن بالله، أنتَ مشـ ـمتش ريحة التر’بية، غو’ر يا’ض شوف بتهـ ـبب إيه يَلا.
هكذا جاوبهُ “ليل” بنبرةٍ حا’دة وهو ينظر لهُ نظرةٍ غا’ضبة بالطبع فأفعا’ل ولدهُ لا تروقُ إليهِ وفي منظوره يرى هذا تطـ ـفُلًا على مسا’حتهِ الشخصية مع زوجته التي كانت تشعُر بالخجـ ـل الشـ ـديد في تواجد ولدها وسماعها لحديثه ذاكَ، وفي هذه اللحظة ألـ ـقى “ليل” نظرةٌ سر’يعة عليها ليجدها تغر’ق في بِحَا’ر خجـ ـلها ولذلك لم يتحـ ـمل أن يراها هكذا ولذلك نظر إلى ولدِه وقال بنبرةٍ حا’دة مقتربًا مِنْهُ:
_يمين بالله يا “مُـعاذ” لو ما أخـ ـتفيت مِنْ وشي فخلال ٥ ثواني لهكون مز’علك ز’علة و’حشة أوي هتخليك تشيـ ـل مِني.
أنهـ ـى حديثه الذي أتَخَـ ـذَ صياغ التهـ ـديد الصر’يح متو’عدًا لهُ بالو’يل، فيما شَعَر “مُـعاذ” بالقلـ ـق الشـ ـديد حينما اسْتَمَعَ إلى تهـ ـديد والدهِ وقد قرر أن يَنْفُـ ـد بِنَفسِه وركض سريعًا إلى الخارج بعد أن رأى “ليل” بدأ يقتربُ مِنْهُ بخطى هادئة مُهـ ـددًا إياه بتنفيـ ـذ تهـ ـديده ذاكَ، وَقَفَ “ليل” محل ولدِه ينظر إلى أ’ثره هُنَيْهة ثمّ أغـ ـلق باب غُرفتهِ هذه المرَّة بالمفتاح الخاص بها ثمّ اقترب مجددًا مِنْ “روز” بخطى هادئة حتى وقف أمامها ونظر لها نظرةٍ هادئة وقد ارتسمت البسمةُ الهادئة على ثَغْره..
رَ’فَعَ كفُه الأيـ ـمن يُحاوط شـ ـطر وجهها الأ’يسر لتر’فع هي عينيها مر’غمةً تنظر لهُ لترى بسمتهُ تُزَّين ثَغْره ولذلك كَسَـ ـرَ هو حِدَّ’ة هذا الصمت وقال بنبرةٍ هادئة حنونة:
_لمَ بتتكـ ـسفي بتبقي زي القمر على فكرة، أنتِ فكُلّ حالاتك حلوة وزي القمر سواء ضحكتي أو لا، مبسوطة أو زعلا’نة، كدا يعني، هتفضلي الجزء الحلو اللي مهما تتأ’ثر تقلبا’تي النفـ ـسية ميتأ’ثرش، هتفضلي الرُكن الد’افي اللي دايمًا بلجـ ـأله يا “روز”.
أنهـ ـى حديثه ثمّ اقترب مِنها وولج داخل أحضانها الدا/فئة التي كانت بمثابة مو’طنه الوحيد الحبيب الذي يشعر فيهِ بالأ’مان والرا’حة والسعادة والطمأنينة، وحينما شَعَر بذراعيها تحاوطهُ شبّهها بالحصو’ن المنـ ـيعة التي يصـ ـعُب إخترا’قها، فبمجرد أن شَعَر بها ينتـ ـهي قَلَـ ـقُه، ومعهُ تتبخـ ـر مخا’وفه تمامًا، فهكذا كان عناقها، يُشبه القصر العتيق المحيط بأسلا’كٍ شا’ئكة يصـ ـعُب إختر’اق أ’منها مِن قِبَل العد’و..
_هُنا كان مسكني الأبدي الوحيد،
هُنا كان أمني وأما’ني .. هُنا أجدُ نفسي،
فلا يحتوي على الأ’لم والقسو’ة والحز’ن،
هذا العناق كان ملكًا لي، ملكًا لبَطَل روايتها.
______________________
<“فلا تلو’مَن الفـ ـتى علىٰ ما مضىٰ،
فإن أردتم إيلا’م شيءٍ فسيكون الزمان.”>
لا يجب أن يُلا’م المرء على أشياءٍ ليست مِن شأنه..
هكذا كان الماضي وهكذا سيكون حتى إن أردت أن تُغيره، فهذا هو الو’اقع الغير قابل للتغيير، فما فائدة أن تلو’م شخصًا على شيءٍ لم يقترفه مِن الأساس والشيء الوحيد الذي يُمكن أن يُلا’م هو الزمان..
كان “سعيـد” يجلس أ’على المقعد الخـ ـشبي المتواجد في الحديقة شارد الذهن يُفكر في مقابلة اليوم وما قيلَ لهُ مِن قِبَل عمِّه الحـ ـقير ذاك، يُطالبونه بالعودة وهو منذ هذا الحا’دث تناسىٰ هذا المنزل وهؤلاء الحمقى الذين كانوا السـ ـبب الأول في هذا الحا’دث الفـ ـج الذي ترك و’صمة كبيرة دا’خل قلبه، مازالت صر’خات والدته ترن في أُذُنيه كالنغمات العا’لية التي تأبى تركه، ترن في أُذُنيه كُلّ يوم وكُلّ ساعة وكُلّ دقيقة وثانية تَمُر عليهِ، حتى نظرة أبيه لهُ أثناء إنقلا’ب السيارة مازال يراها في كُلّ دقيقة نُصـ ـب عينيه..
وما ز’اد الطيـ ـن بلـ ـه أن الأمر أصبح يتكرر بشكلٍ أو’سع بعد أن ذهب إلى هذا المنزل، فبعد أن قـ ـطع عهـ ـدًا على نفسه بألا تخطو قدميه هذا المنزل بعد مو’تهما اليوم جعلوه يقـ ـطع هذا العهد، لتبدأ معا’ناته تز’داد بشكلٍ أكبر عن سابقتها، وحينما اشـ ـتد الأمر عليهِ أطلـ ـق ز’فيرة قو’ية وانحـ ـنى بنصفه العلو’ي إلى الأمام متكـ ـئًا بمرفقيه على فَخْـ ـذيه واضعًا كفيه على وجهه علّهُ ينسىٰ نظرة أبيه ولو ثوانٍ قليلة، ولكن أصبح الأمر أسو’أ بكثير فحتى حينما يُغمض عينيه يراه ير’ميه بنظرات عتا’بٍ وخذ’لان لقـ ـطعه العهد الذي كان بينهما..
انْتَصَـ ـب واقفًا بعد أن فا’ض بهِ وأصبح لا يستطيع تحمُـ ـل أكثر مِن ذلك ليتجه إلى الحديقة الخلفية بخطى و’اسعة وكأنه يهرُ’ب مِن و’حشًا مفتر’سًا يُطا’رده ويأبى تركه إلا أن ينا’لَ مِنْهُ، توقف فجأةً مكانه وهو يلهـ ـث وكأنه يركض في سباق المائة متر، صد’ره يعـ ـلو ويهـ ـبط والعبرات تترقرق في المُقل بشكلٍ كثـ ـيف، برّ’اء نفسه مِن هذا الجُر’م وهو يقول بنبرةٍ لا’هثة ما’ئلة إلى البُكاء:
_أنا مش زيهم، هما اللي ضغـ ـطوا عليا أروح، وأنا غصـ ـب عنّي روحت عشان خو’فت يأ’ذوا “هنـد” زي ما أذ’وكم وإيديهم أتـ ـملت بد’مكم، أنا عملت كدا عشانها مش عايز الماضي يرجع تاني أنا مش عارف أتعا’فى وأنتم بتلو’موني، أنا غـ ـصب عنّي صدقوني، أنا قولتلهم على اللي فقـ ـلبي ناحيتهم وصدقوني أنا مش مسا’محهم ولا هقد’ر إني أسا’مح لو كان واحد فيهم على سرير المو’ت، أنا مليش ذ’نب متاخدونيش بذ’نبهم وتحسسوني إني أجر’مت.
أنهـ ـى حديثه وانخـ ـرط في البُكاء بضـ ـعفٍ بعد أن فا’ض بهِ وشعر بلو’مهم لهُ على خيا’نته للعهد الذي كان بينهم، ولكن في بعض الأحيان يُجبـ ـر المرء على فعل شيءٍ خار’جٍ عن إرادته، لم يكُن بذ’نبه بل هو ذ’نب الوحو’ش الذين لا يعلمون شيئًا عن الر’حمة والخو’ف مِن رب العالمين، وحينما تظن أنكَ لن تخو’ن العهد وإن كانت حياتك الثـ ـمن، تجد نفسك في لمـ ـح البصر خا’ئنًا للعهد مجبـ ـورًا..
اقتربت “هنـد” مِنْهُ بخطى هادئة بعد أن رأته يذهب إلى الحديقة الخلفية وهو بهذه الحا’لة، شعرت بالخو’ف عليهِ في هذه الحا’لة فلن يهدأ إلا أن يؤ’ذي نفسه حتى يشعر قليلًا بالرضا، وقفت أمامه وهي تنظر لهُ بعينين ملتمعتين بعد أن أستمعت إلى حديثه مع نفسه وكأنه يُحادثهما وآلـ ـمها قلبها كثيرًا بعد أن رأت هذا الظـ ـلام الماكث بدا’خلهِ يأبى تركه، فيما نظر هو لها وعينيه مغرو’رقتين بالعبرات ليقول بنبرةٍ باكية:
_أنا مش مُجر’م زيهم يا “هنـد”، قوليلهم إنه كان غـ ـصب عنّي عشان مش مصدقيني وفاكريني خو’نت العهد اللي بينا، قوليلهم إني أتجبـ ـرت ومكانش قصدي أخذ’لهم، يمكن يصدقوكي أنتي.
أنهـ ـى حديثه ثمّ ار’تمى داخل أحضانها الد’افئة معانقًا إياها وهو يبكي واضعًا أملهُ بها هي، فهو يعلم أنهما لا يريدان سماعُه بعد ما حدث، ولكن يجب أن يعلما أنهُ كان مُر’غمًا، فلا لامـ ـست يده أيديهم، ولا تعانقا، كُلّ شيءٍ حدث على بُعد مسافاتٍ طويلة، عانقتهُ هي ومسـ ـحت بكفها على ظهره بحنوٍ وقالت بنبرةٍ هادئة توا’سيه وتطـ ـمئنهُ:
_متخا’فش يا “سعيـد” هما مش زعلا’نين مِنْك، ولا أنتَ خو’نت العهد ولا خذ’لتهم، اللي أنتَ فيه دا تأ’نيب، نفسك بتأ’نبك على العهد اللي خدته بينك وبين نفسه وخو’نته، هما عارفينك كويس أوي وعارفين إنهم بيوحشوك وعارفين إنك بتحبهم وعارفين إنك مستـ ـحيل تحط ايدك فإيديهم ولا قـ ـلبك يحنلهم، أنتَ عملت كدا عشان مجبو’ر وعشان تتفا’دى الضـ ـرر اللي هيحـ ـصل لو مكُنْتش روحت، نفسك اللي بتصورلهوملك عشان تحسسك بالعذ’اب والو’جع، إنما هما راضيين عنك ومبسوطين باللي عملتُه، الشـ ـيطان و’قعك فالفـ ـخ وأوهـ ـمك يا “سعيـد” ونجح لمَ لقاك مشيت وراه وكملت، محصـ ـلش حاجة لدا كُلّه متعملش فنفسك كدا.
أنهـ ـت حديثها مشـ ـددةً مِن ضمتها لهُ توا’سيه وتطـ ـمئنهُ أنَّ كُلّ شيءٍ مازال بخير وأنَّ كُلّ ذلك لم يكُن سوى هوا’جسه لا أكثر مِن ذلك، فيما شـ ـدد هو مِن عناقه لها وقال را’جيًا إياها:
_متسبنيش يا “هنـد”، خليكي جنبي أنا مش قا’در أخرُج مِن اللي أنا فيه دا، أنا تـ ـعبان أوي يا “هنـد” وصوتهم لسه بير’ن فوداني، تـ ـعبان أوي وند’مان إني روحت.
_حصل خير يا “سعيـد” خلاص اللي حصل حصل مش هتقد’ر تغيَّر الوا’قع، أهدى وكُلّ حاجة هتبقى كويسة.
هكذا أنهـ ـت حديثها وهي تمسـ ـح على ظهره برفقٍ تطـ ـمئنهُ لتشعُر بهِ يُشـ ـدد مِن عناقه لها دون أن يتحدث وكأنهُ يهرُ’ب مِن ماضيه عن طريق أحضانها هي، أحضانها التي لم تخذ’لهُ يومًا، وعلى مقربةٍ مِنهما كان “حافـظ” واقفًا وينظر لهما دون أن يتحدث بعد أن أستمع إلى حديث حفيده الوحيد الذي كان يُعا’ني وحده في هذه اللحظة يشـ ـكو إلى زوجته خو’فًا مِن أن يشـ ـكو إلى جده الذي سـ ـعىٰ لإبعا’ده عنهم، أطـ ـلق ز’فيرة هادئة ثمّ ألتفت عائدًا إلى غرفتهِ تاركًا حفيده مع زوجته التي يثـ ـق أنها ستُهـ ـدأهُ بطريقتها الخاصة.
___________________
<“وإن كان التعـ ـقُل حكمة،
فلا بأس مِن أن نحظى،
بالقليل مِن الجـ ـنون.”>
هكذا كانت الحياة بكُلّ يوم..
ليس مِن الضـ ـروري أن يكون المرء متـ ـعقلًا طوال حياته، ستكون الحياة مُمـ ـلة، روتين مُمـ ـل، يأ’س وإحبا’ط ليس لهُ آخر، فلِما لا نحظى ببعض الجـ ـنون قليلًا، لرُبما نُحبّ الحياة وتُحبُّنا كذلك..
كان يقود سيارته في وقتٍ مُتأخر وكانت هي تجاوره تجهـ ـل ما يُخـ ـطط لهُ، ففي لمـ ـح البصر جعلها تقوم بتبديل ملابسها للخروج في منتصف الليل رِفقتها، نظرت لهُ نظرةٍ ذات معنى ثمّ قالت بنبرةٍ هادئة متسائلة:
_في إيه يا “ليل” واخدني ورايح على فين أنا مش فاهمة حاجة؟.
أبتسم هو بسمةٌ هادئة ثمّ قال بنبرةٍ هادئة يرُد على سؤالها:
_طـ ـقت فد’ماغي أخدك ونروح ناكُل سمك، إيه رأيك؟.
تفاجئت “روزي” حينما استمعت إلى جوابه لتقول مستنكرةً التوقيت:
_سمك فنُّصْ الليل يا “ليل”؟! أشمعنى دلوقتي ما اليوم كان فا’ضي.
_طر’قعت فد’ماغي سمك دلوقتي، لعلمك التوقيت دا حلو أوي لأكلة السمك دي، وكدا كدا أنا اجازة بُكرا فليه متفـ ـلتش مرَّة؟.
هكذا رد عليها “ليل” وهكذا سألها في نها’ية حديثه ليجعلها تُعيد التفكير مجددًا في هذا الأمر برغم تعجُبِها لتجد أنهُ مُحـ ـق وأيضًا بدأ يتغيَّر ويتخـ ـلّى عن تعقُـ ـلِه معها، نظرت لهُ مرَّةٍ أُخْرى وقالت:
_تصدق عندك حـ ـق … طب عازمني على إيه بقى؟.
_اللي تطلبيه هيتجاب يا “روزي” يعني براحتك.
نظرت لهُ نظرةٍ ذات معنى متخا’بثة ثمّ قالت بنبرةٍ ما’كرة:
_براحتي يعني، كدا أنا هخليك تعلن إفلا’سك رسمي.
_موافق أعلن إفلا’سي المهـ ـم منحر’مش نفسنا مِنْ حاجة.
هكذا جاوبها بوجهٍ مبتسم مُـ ـلقيًا نظرةّ خا’طفة عليها ثمّ عاد ينظر إلى الطر’يق مجددًا هُنَيْهة ثمّ صف سيارته في مرآب السيارات وأوقف دو’رانها ثمّ خرج مِنها برِفقتها مغـ ـلقًا السيارة عن طريق الزر الالكتروني واقترب مِنها بخطى هادئة مُمسـ ـكًا بيدها قائلًا:
_المطعم دا حرفيًا تُحفة فوجبات السمك حاجة كدا خيا’ل تحسسك إنك مكالتيش سمك قبل كدا.
سارت بجواره بخطى هادئة ممسـ ـكةً بذراعه قائلة بنبرةٍ هادئة مبتسمة الوجه:
_واثقة فزوقك وعارفة إنك خبيـ ـر فالحاجات دي.
نظر إليها بطر’ف عينه بوجهٍ مبتسم ثمّ جاوبها وقال بنبرةٍ هادئة:
_أومال هو أنا قـ ـليل يعني؟ هتشكريني لمَ تاكلي وتدوقي بنفسك.
سارا قليلًا حتى خرجا مِن مرآب السيارات ثمّ أتجها سويًا إلى المطعم الذي كان يبدو عليهِ الرُقي، ولجا إلى الداخل لتندهش “روزي” مِن مدى جمال ورُقي المطعم لتنظر إلى “ليل” الذي كان يُتابع ردود أفعا’لها لتقول هي بنبرةٍ خافتة مبتسمة الوجه:
_المطعم شكلُه حلو أوي مِن جوه، عرفته منين دا؟.
_واحد صاحبي قالي عليه مِن فترة فقولت اخدك ونجرّب.
هكذا جاوبها بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه ليقترب مِنهما النادِ’ل قائلًا بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_أهلًا وسهلًا بحضراتكم في حجز مُسبق يا فندم؟.
_”ليل باسم الدمنهوري.”
هكذا جاوبه “ليل” ليبدأ الآخر بمراجعة كشوفات الحجز باحثًا عن إسمُه هُنَيْهة ليقول بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_أيوه يا فندم حضرتك حاجز طرابيزة أتفضلوا معايا.
أنهـ ـى النادِ’ل حديثه ثمّ تركهما وسار ليلحـ ـقا بهِ بخطى هادئة إلى الطا’بق العلو’ي ثمّ إلى إحدى الطاولات المنعز’لة ليُشير لهما النادِ’ل قائلًا:
_أتفضلوا.
جذ’ب “ليل” المقعد إلى زوجته التي جلست أ’علاه وهي تنظر حولها بإعجابٍ شـ ـديد ثمّ جلس هو في موا’جهتها ليقترب النادِ’ل مِنهما واضعًا قائمتين للطلبات على سطـ ـح الطاولة ثمّ تركهما حتى يختارا ما يُريدان وذهب إلى طاولة أُخْرى، فيما فتـ ـحا هما القائمة وبدأ برؤية الأصنا’ف العديدة المتواجدة لديهم، هُنَيْهة ونظر لها “ليل” قائلًا بنبرةٍ هادئة متسائلًا:
_عجبك حاجة؟.
نظرت لهُ “روزي” بعد أن جذ’ب انتبا’هها صوته الهادئ لتجاوبه بنبرةٍ هادئة قائلة:
_آه، شـ ـدني كذا صـ ـنف هنا.
_شوربة الجمبري أولهم طبعًا؟.
هكذا سألها بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه لتجاوبه هي في الحال قائلة:
_أيوه صح عندك حـ ـق، دي أول حاجة دوَّرت عليها، بعديها البُلطي المشو’ي.
أكمل هو بوجهٍ مبتسم وقال بنبرةٍ هادئة:
_وطبعًا تاني حاجة مفضّلة عندك التونة.
_أنتَ مش قولت بنعـ ـيشها مرَّة واحدة المهـ ـم منحر’مش نفسنا مِن حاجة؟ يلا بقى هاتلي البُلطي المشو’ي والتونة وشوربة الجمبري ومش هتنا’زل عن السلطة والطحينة.
هكذا جاوبته مبتسمة الوجه ثمّ جلست بتعا’لٍ وهي تنظر لهُ ليبتسم هو ثمّ جاوبها بنبرةٍ هادئة وقال:
_معنديش أي مشـ ـكلة لو طلبتي المنيو كُلّه على فكرة.
_طب يلا أطلب أنا نويت أخليك تعلن إفلا’سك النهاردة.
هكذا جاوبته مبستمة الوجه ليلتفت هو مشيرًا إلى النادِ’ل الذي اقترب مِنْهُ بخطى هادئة وقال:
_أؤمر يا فندم.
_عايزين وجبة البُلطي المشو’ي والتونة وشوربة الجمبري.
_حاجة تانية يا فندم؟.
هكذا سأله النادِ’ل بعد أن دوَّن طلباته في الورقة ليجاوبه “ليل” بنبرةٍ هادئة قائلًا:
_وأهـ ـم حاجة السلطة والطحينة طبعًا.
أبتسم النادِ’ل وجاوبه في الحال قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_أكيد طبعًا يا فندم، أي طلبات تانية؟.
نفـ ـى “ليل” قوله بهزَّ’ة صغيرة مِن رأسه ليتركه النادِ’ل ويذهب بعد أن أخذ طلباته لينظر هو إلى “روزي” نظرةٍ ذات معنى ثمّ قال:
_أي خدمة، مبدأنا هو بنعـ ـيشها مرَّة واحدة يعني بالبلدي مفيش أهـ ـم مِن الكرش.
ضحكت هي على حديثه ثمّ جاوبته بنبرةٍ ضاحكة وقالت:
_بالظبط كدا، العزومة عجبتني أتمنى تكررها تاني بقى.
_هنكررها متقلـ ـقيش يا سلام، وقت ما نفسك تروح للسمك نروح على طول.
هكذا جاوبها بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه ثمّ بدأ يتحدث معها في العديد مِن الأشياء إن كانت تخُص عمله أو غيره لتُبادله هي كذلك أطرا’ف الحديث بأند’ماجٍ..
على الجهة الأخرى.
وفي نفس المكان..
كانت “بيسـان” تجلس في موا’جهة “سيـف” يتناولان الطعام ويتبادلان أطرا’ف الحديث فيما بينهم لتُبدي “بيسـان” إعجابها الشـ ـديد بالطعام قائلة:
_الأكل هنا تُحفة أوي بجد، أنتَ تعرف المطعم دا منين؟.
أنهـ ـت حديثها وهي تسألهُ عن معرفتهِ لهذا المطعم ليُجاوبها هو بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه قائلًا:
_واحد صاحبي كان جايب مراته هنا وعجبهم المطعم جدًا فقالي عليه قولت أخدك ونجرّب مع بعض.
تَفَهَّمت هي حديثه لتقول بنبرةٍ هادئة مرَّةٍ أُخْرى:
_حلو أوي، أنا قررت أخليك تعلن إفلا’سك رسمي خلاص بعد كدا.
أبتسم هو لها ثمّ جاوبها بنبرةٍ هادئة وقال:
_هبقى راضي عن نفسي بصراحة وأنا بعلن إفلا’سي على إيدك فالمكان دا، مش هرجع أند’م بعدها بصراحة.
ضحكت هي بخفةٍ ثمّ قالت بنبرةٍ هادئة مبتسمة الوجه:
_خلاص كدا أعتبر إننا متفقين يعني؟.
_وماضي على الاتفا’قية كمان أي خدمة يا سـ ـت الكُل.
هكذا جاوبها “سيـف” مبتسم الوجه لتعاود هي تناول الطعام مجددًا ثمّ بعدها قالت بنبرةٍ هادئة:
_عارف، أول مرَّة أحِّـ ـس إني مبسوطة، مبسوطة عشان “مـودة”، حاسة أني مبسوطة أوي عشانها، وقدرت تاخد واحد كويس زي “حسـام”، وشوفت فرحتهم فاليوم دا حـ ـسيت إن هيَّ فرحتي، تستا’هل واحد كويس زي “حسـام”.
أبتسم هو حينما أستمع إلى حديثها ذاك وقال بنبرةٍ هادئة:
_بصراحة وأنا كمان مبسوط عشانها، يمكن فكّرت إنها لسه صغيرة بيني وبين نفسي، بس أول ما لقيت “حسـام” بيطلبها مِني عرفت إني بوهـ ـم نفسي، وهيَّ مش صغيرة، بس أنا شايفها صغيرة وهفضل شايفها صغيرة طول العُمر مهما تكبر.
_كُلنا كدا يا “سيـف”، مهما يكبروا هنفضل شايفنهم صغيرين لسه، بس منكـ ـرش إن اليوم كان حلو بصراحة.
هكذا جاوبته “بيسـان” مبتسمة الوجه ليوافقها الرأي في الحال قائلًا:
_أتفق معاكي، ربنا يفرحهم جميعًا ويحققوا كُلّ اللي نفسهم فيه مهما كان … بس تصدقي العزومة دي كانت محتاجانا كُلنا.
_آه واللهِ عندك حـ ـق كانت هتحلو بتجمُعنا كُلنا، عندي فكرة إحنا نعمل العزومة دي فالقصر، نجيب السمك ونعمله ونتـ ـلم تاني زي ما بنعمل كُلّ فترة.
وافقها “سيـف” الرأي مجددًا حينما رأى أنها فكرة جيدة وقال:
_حلوة الفكرة دي، خلاص على يوم الجمعة نتـ ـلم كُلّنا مع بعض.
واففته الفكرة بوجهٍ مبتسم ثمّ عادا يتناولان الطعام مجددًا وهما يتحدثان في العديد والعديد مِن الأشياء الكثيرة والمختلفة، وعلى الجهة الأخرى كان “ليل” و “روزي” يستعدان لتناول الطعام وقبل أن يرحل النادِ’ل أوقفه “ليل” قائلًا:
_متأكد إن محدش هياخد باله لأن المدام هتكون را’فعة النقاب.
جاوبه النادِ’ل بوجهٍ مبتسم وبنبرةٍ هادئة قائلًا:
_متقـ ـلقش يا فندم محدش هيشوفها الستارة دي عا’زلة مبتـ ـبينش اللي وراها.
تَفَهَّم “ليل” قوله ولذلك أعطاه موافقته ليتركهما النادِ’ل ويذهب مغـ ـلقًا الستار خلفه، نظر “ليل” إلى “روزي” وقال بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_أر’فعي النقاب براحتك بقى.
وبالفعل لَبَت لهُ مَطلَبَهُ ور’فعت نِقابها عا’ليًا ليظهر وجهها المُحبب لهُ وابتسمت لهُ ليبتسم هو حينما رأها وقال بنبرةٍ هادئة:
_يخر’بيت حلاوة أُمِّك.
ضحكت هي على قوله وقد تَدَرَّجَت الحُمْـ ـرة خَدِّها بشكلٍ فا’ضح ليضحك هو حينما رأى خجـ ـلها ذاك ليقول بنبرةٍ ضاحكة غير مصدقٍ ما يراه:
_أنتِ لسه بتتكـ ـسفي مِني يا “روزي”؟ “روزي” على فكرة أنا جوزك مش شا’قط مِن جامعة الدِوَل !!.
لم تُبدي أيُ ردة فعل ولذلك أطـ ـلق هو ز’فيرة هادئة ثمّ قال بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_طيب خلاص، هعاكـ ـس فالبيت براحتي.
نظرت لهُ لتراه يومض بجـ ـفنه الأ’يسر بعبـ ـثٍ وهو ينظر لها مبتسمًا لتقول هي بنبرةٍ هادئة:
_على فكرة دي فطـ ـرة، يعني حتى لو جوزي أنا برضوا بتكسـ ـف.
_أنتِ أضرى بصراحة، بس أنا مش شايف فيها كسو’ف.
هكذا جاوبها وهو يستعد لتناول الطعام لتجاوبه هي في الحال بنبرةٍ هادئة قائلة:
_أنتَ متعرفش يعني إيه كسو’ف يا “ليل” أصلًا، أنا معرفش بجد أنتَ أزاي كدا.
أنهـ ـت حديثها ثمّ بدأت بتناول الطعام بعد أن قامت بالتسمية أسـ ـفل نظراته التي كانت تُتابعها بهدوءٍ مدققًا بمعالم وجهها بهذه الطريقة لمرَّتهِ الأولى، لأول مرَّة يُتابعها بهذه الطريقة عن قربٍ وهي تتناول الطعام، لرُبما كان لا ينتبه إليها طيلة هذه المُدة التي مضت، ولكن اليوم يرى معالم وجهها وحركة عينيها التي كانت تنظر في كُلّ مكانٍ تقريبًا ولمعتها التي أضافت سحـ ـرها الخاص بها..
_هكذا كانت حواء دومًا منذ زمنٍ،
تأ’سرني بحركاتها العفوية، ونظرتها،
بسمتُها التي كانت مرسومةٌ بعناية،
ومعالم وجهها النا’عم، وأنفها الصغير،
ويا ويلتي مِن سلا’حها الفتا’ك خاصتها،
لقد أصا’بتني عينيها القنا’صة في مقـ ـتلٍ.
____________________
<“ساعة في منتصف الليلُ خا’طفة،
تقضيها رِفقة حبيبٍ تمنيتُ أن يُرافقُكَ.”>
ساعةٌ في منتصف الليلُ خا’طفة للمرء كاللـ ـص..
ساعة أُنسٍ يقضيها المرء وحيدًا في أولى ساعات الليل يتذكر فيها حبيبًا متمنيًا أن يكون الرفيقُ، ساعة فيها تكون دعوات المرء مُجابة، وقلبٌ تضرع للمولى على أن يكون المُراد خيرُ حبيبٍ..
كان يُقيم الليل كما أعتاد منذ زمنٍ، يقرأ بصوتٍ عذب ما تيَّسر مِن آيات الذِكر الحكيم، الأضواء الخافتة، وباب الشُرفة المفتو’ح تأتي مِنْهُ لفحات الهواء البارد، ورائحة معطر الورد ينتشـ ـر في المكان، هكذا كانت أجواءه المفضّلة دومًا، وهكذا كان..
أنهـ ـى صلاته ثمّ سَلَّم بعد أن أطال في سجوده يدعو أن تنصلـ ـح حياة رفيقه، ويدعو إن كانت خيرًا لهُ فليُقربها ربُه وإن كانت غير ذلك فلتبتعد ويرزقهُ خيرًا مِنها فلا يُريد أن يسقُـ ـط في بئـ ـر الفـ ـتنة فيُفـ ـتن ولا يجد مرسىٰ للهر’بِ مجددًا، نهض بهدوءٍ ثمّ طوى سَجَّادة الصلاة البُـ ـنية خاصتِه ووضعها على المقعد الخـ ـشبي، صدح رنين هاتفه يُعلنه عن أتصالٍ هاتفي مِن “يزيـد” ولذلك جاوبه بنبرةٍ هادئة وقال:
_السَّلامُ عليكُم وَرحمةُ الله، أنا بخير الحمدلله، أبدًا كُنْت بقيم الليل بس ومطوِّل حبتين فالركعة، لا مقد’رش دعيلتك طبعًا، حبيبي يا صاحبي، آه جاهز كُلّه تمام، تمام ماشي على ٧ هتحرك إن شاء الله، لا متقـ ـلقش أنا هدخل أنام شوية وقبل ما انزل هكلمك، تمام متنساش تكلم “مُـهاب” هو كمان تأكد عليه، تمام يا صاحبي، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أنهـ ـى حديثه ثمّ أغـ ـلق المكالمة وترك هاتفه على سطـ ـح الطاولة ثمّ اقترب مِن نافذة الشُرفة مغـ ـلقًا إياها جيدًا بعدما شَعَر ببر’ودة الطقس هذه الليلة ثمّ أغـ ـلق الستار الثقيـ ـل واقترب مِن فراشه جالسًا أ’علاه ثمّ استلقى عليهِ ووضع الغطاء الثقيـ ـل أعلى جسـ ـده وأمسك هاتفه يعـ ـبث بهِ قليلًا ليرى رسالة كُلّ يومٍ مِن هذا التطبيق الشهير:
_لا تخـ ـف ولا تحزن فعوض اللّٰه قريبًا.
أبتسم حينما قرأها ثمّ عاد يُكمل ما كان يفعله يُشاهد الأخبار على التطبيق الشهير “فيسبوك” حتى صادفهُ منشورٌ مِن إحدى الصفحات المعروفة التي تظهر لهُ صدفةٌ ليبتسم فورًا حينما قرأ المنشور وتفاعل معهُ برمز القلب..
أنتظر اليوم الذي أعود فيه وأنا أُرفرف كَالعَصافير، لأن حُلمي الذي ظَننت أننيّ لن أنَالهُ، أصبحَ أمامي الآن.
أكمل تصفح التطبيق مِن جديد هُنَيْهة حتى قابلهُ منشور “حُـذيفة” الذي ما إن قرأه رنت ضحكاته في أركان الغرفة..
قُل لِلتي أظهَرَت طَلِيعة شعرِها وتَشَبَّهت بِحَسُّونة
صونِي حِجابَكِ أُختاه وأَغلِقِي البَلكونة !.
تفاعل معهُ بالرمز الضاحك وهو يقول بنبرةٍ ضاحكة:
_يخر’بيت د’ماغك يا “حُـذيفة” بجد، بس واللهِ عندك حـ ـق.
ضغـ ـط على أيقونة التعليقات ليجد العديد مِن التعليقات السا’خرة والايجابية والسـ ـلبية وغيرها، هكذا كانوا البشر، لا يجتمعون على رأيٍ مُحا’يد، رأى تعليقًا ساخرًا وسلـ ـبيًا في نفس الوقت وكان محتواه:
_وأنتَ مالك دي حُـ ـرية شخصية مش هتمشي تتحـ ـكم فحياة الناس، مش عشان شيخ يعني وبد’قن هتمشي تقيـ ـد غيرك، تلاقيك ملـ ـبسها اللبس الشـ ـرعي بالإجبا’ر.
شعر “وهيـب” بالضـ ـيق الشـ ـديد حينما قرأ التعليق ليولج على صفحة هذا الرَ’جُل ثمّ ضغـ ـط على أيقونة صورة صفحته لتظهر صورته بشكلٍ، أوضح رِفقة زوجته التي كانت ملابسها ضـ ـيقة بشـ ـدة وقصيرة وتُغـ ـطي بإهما’ل خصلا’تها بقطعة قماش والتي كانت تُسـ ـيء إلى الحجاب بشكلٍ يجعل الد’ماء تغـ ـلي داخل أو’ردته:
_يعني أنتَ ماشي تستعرض مراتك عالملاء وجاي تتكلم على كلمتين زي دول، أما أنتَ اوبن مايند أوي صحيح.
رأى أن “حُـذيفة” قد قام بالرد عليهِ ولذلك ضغـ ـط على تعليقه الذي ظهر لهُ بشكلٍ أوضح ليبدأ بقراءة ما كتبه إلى هذا المسمى برَ’جُل:
_حبيبي قبل ما تتكلم روح بُص لنفسك فالمرايا الأول وبعدين تعالى كلمني، دي مفيهاش حُـ ـرية شخصية الحجاب لو كان حُـ ـرية شخصية زي ما أنتَ بتقول كانت كُلّ البنا’ت والستا’ت بقت شبه مراتك كدا، يعني أنا بصراحة مُحر’جلك سَـ ـلَف، ثانية مش معنى إن بيتقالي شيخ وبد’قن أبقى معصو’م مِن خـ ـطأ لا أنتَ حسبتها غـ ـلط ومحتاج تعيد حساباتك تاني، وبالنسبة لمراتي اللي ذكرتها فكلامك فأنا واخدها متـ ـغطية الحمدلله وعارفة يعني إيه سَـ ـتر اللي حضرتك متعرفش عنُه حاجة، حبيبي الحجاب دا جنة ونا’ر مش حُـ ـرية شخصية وأوبن مايند، ولو حد فينا هنا هيكون أوبن مايند فهيكون سعتك عشان ماشي وسط الناس تستعر’ض مراتك وتقول أصل أنا را’جل أوبن مايند لا عُمرها ما بتتحسب كدا، أنا حابب مراتي تبقى شبه الغفـ ـير فنظرك على الأقل محدش هيبُصلها من جـ ـنس آدم إنما لو على البنا’ت الصغيرة فيمكن تكون سـ ـبب فهِـ ـدَاية بنـ ـت بتسـ ـعى للأحسن … مبروك عليك جبا’ل مِن الذ’نوب خدتها بسـ ـبب منظر مراتك اللي فَتَـ ـن كُلّ را’جل دَخَل وشاف الصورة مش عشان حلاوتك، أفهمها أنتَ بقى يا اوبن مايند.
أنهـ ـى حديثه واضعًا الملصق الذي يبتسم بسمةٌ جانبية ساخرة، ومعها أبتسم “وهيـب” بسمةٌ وا’سعة والتمـ ـعت عينيه ببريقٍ لا’مع ثمّ قال بنبرةٍ سعيدة:
_تسلم البـ ـطن اللي شا’لت ورَبِت أقسم بالله، إيه الجمال دا يا عمّ دا أنا هر’فعلك القبعة واقف اسقفلك واضر’بلك تعظيم سلام، هو دا الرد ولا بلاش.
أنهـ ـى حديثه السعيد متفاعلًا مع تعليق “حُـذيفة” برمز القلب ليرى عدد التفاعلات على هذا التعليق تزداد دعمًا وعلى الآخر تزداد ضحكًا وغـ ـضبًا، أطلـ ـق ز’فيرة قو’ية ثمّ قال بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_لا أنا متكّيف بصراحة بقى.
قام بإلتقاطها ومعها المنشور ثمّ وَلَجَ إلى التطبيق الشهير “واتساب” ووَلَجَ إلى محادثته مع “يزيـد” وأرسل لهُ الصورتين ثمّ كتب بعدها:
_أخوك طلع حر’اق أوي، أنا أتكّيفت أوي بكلامه.
خرج مِن المحادثة ثمّ عاد إلى “الفيسبوك” وأكمل تصفحهِ عليهِ حتى يُد’اهْمه النعاس ويسقـ ـط في بحو’ره كما أعتاد كُلّ ليلة، يضحك تارة، ويتأ’ثر تارة، ويحز’ن تارة، هكذا كانت مشاعره كلما رأى منشورًا مختلفًا.
_________________
<“قُل للذي أمـ ـتلك الفؤاد أتغارُ،
وهل لِمَن مَـ ـلَكَ الفؤاد يغارُ !!.”>
منذ باكورة الصباح وهي تطو’ف في أرجاء منزلها، تُعيد ترتيبه مرَّةٍ أخرى ثمّ بعدها وَلَجَت إلى المطبخ لتبدأ بإعداد الفطور إلى زوجها الذي سيذهب اليوم لأول مرَّة بعد انقطا’ع دام لعامين إلى عمله، فيما كان هو نائمًا بعمـ ـقٍ حتى صدح رنين المنبه عا’ليًا حينما دقت الساعة السابعة، ظلّ المنبه يرن إلا أن أطفـ ـأه هو بتكا’سلٍ ثمّ استلقى على الجانب الأ’يمن وسار بكفه جواره يتفـ ـحص مكانها الذي كان فار’غًا ليعقد حاجبيه متعجبًا حينما لم يشعر بوجودها بجواره..
فَرَ’قَ بين جـ ـفنيه بنعا’سٍ لينظر حوله ليجد الغرفة خالية مِن وجودها، صدح صوته الناعس عا’ليًا وهو يُناديها بتكا’سلٍ قائلًا:
_”ريمـا”، “ريمـا” !!.
ثوانٍ ووَلَجَت لهُ بخطى وا’سعة بعد أن وصلها نداءه لتنظر لهُ قائلة:
_صحيت.
وقفت بجوار الفراش وهي تنظر لهُ لتراه يلتفت لها بجسـ ـده وهو ينظر لها بعينين ناعستين ليبتسم بوجهها قائلًا بنبرةٍ متحشر’جة:
_المنبه لسه ضا’رب دلوقتي فملقتكيش جنبي، صاحية بدري كدا ليه؟.
_صحيت صليت الفجر وفطرت وروَّ’قت الشقة وقولت أجهزلك الفطار لحد ما تصحى.
هكذا جاوبته “مَـرْيَم” بنبرةٍ هادئة مبتسمة الوجه، فيما مسـ ـح هو على وجهه بكفه الأ’يسر ثمّ نظر لها مجددًا وقال بنبرةٍ هادئة:
_يا سلام على الهِـ ـمة والنشاط اللي أنتِ فيها يا سـ ـت الكُل، دا أنا مكسـ ـل أقوم أنز’ل.
نظرت إليه نظرةٍ ذات معنى ثمّ قالت بنبرةٍ هادئة مبتسمة الوجه:
_طب قوم روح شُغلك يا أستاذ يا كسو’ل، دا أول يوم ليك بَطَـ ـل كسـ ـل.
أنهـ ـت حديثها ثمّ ألتفت كي تُغادر الغرفة ليمـ ـنعها قبـ ـضة كفه على رسغها ثمّ جذ’بها لهُ ليُفاجئها فعلُه لتسـ ـقط هي بجواره على الفراش مصد’ومةٌ مِن فعلُه، نظرت لهُ بعد’م استيعاب لتراه يبتسم لها ثمّ أغـ ـلق جـ ـفنيه مجددًا وقال بنبرةٍ متحشر’جة:
_أنا بقول ناخد النهاردة اجازة وبُكرا إن شاء الله هنبدأ جَـ ـد أوي.
_لا واللهِ؟ بَطَـ ـل كسـ ـل يا “شهـاب” وقوم يلا المفروض تكون متحمس ومبسوط عشان هترجع شُغلك وترجع حياتك الطبيعية زي الأول تاني.
أنهـ ـت حديثها وهي تنظر لهُ نظرةٍ هادئة ترى وجهه عن قُربٍ، فيما نظر هو لها بعد أن فَرَ’قَ جفنيه وقال بنبرةٍ هادئة:
_واللهِ مبسوط وما قا’در أصدق إن أنا هرجع الشُغل تاني، ومبسوط عشان هترجع حياتي زي الأول ويمكن أحسن كمان عن الأول، شوية و “شُـكري” حياته تبدأ تتغيَّر لمَ يلاقي البنـ ـت اللي تغيَّرله كيا’نه زي ما جيتي عملتي فيا كدا، وأنتِ معايا، وماما رجعت تاني لينا يعني هستنى إيه تاني أنا كُلّ اللي أتمنيته حصـ ـل.
هكذا جاوبها “شهـاب” بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه، فيما كانت هي تنظر لهُ مبتسمة كذلك ثمّ قالت بنبرةٍ هادئة:
_دي أكتر حاجة مفرحاني، ضحكتك اللي رجعت تاني تنوَّ’ر وشك وعيونك الحلوين اللي رجعوا يلمعوا تاني، ورو’حك اللي رد’تلها الحياة مِن أول وجديد وشوفتها بشكل وطعم تاني، أنا كمان مبسوطة عشان أنتَ مبسوط.
طَا’لعَهَا قليلًا مبتسم الوجه ثمّ حاوطها بذراعيه ضاممًا إياها إلى د’فئ أحضانه تزامنًا مع قوله الهادئ:
_أنتِ أحلى حاجة حـ ـصلتلي فحياتي حـ ـقيقي، أنا كُنْت مش شايف ولا عايز غيرك، أنا مستعد أنسى اللي فات كُلّه وابدأ مِن أول وجديد بدايةً مِن اللحظة الحلوة دي، عايز ابدأها مِن أول جوازنا أجمع بس اللحظات الحلوة اللي شوفناها غير كدا لا ومعاه كُلّ اللحظات الحلوة اللي جاية.
أتسـ ـعت بسمتُها على ثَغْرها وهي تنظر لهُ لتجاوبه قائلة:
_وعد كُلّ اللي جاي حلو وبس، شوفنا مِن الز’عل كتير أوي، جه وقت الفرحة عايزين كُلّ اللي جاي فرحة وبس.
ضمها إلى د’فئ أحضانه مشـ ـددًا مِن ضمته إليها وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
_عارف، ومستعد لكُلّ الحلو اللي جاي.
شعرت بالرا’حة تغمُـ ـر قلبها وبالسعادة تحاوطها متمنيةً أن تكون حياتهما سعيدة تزور هذا الدار الذي سكـ ـنتهُ الرا’حة والد’فئ بمجيئها، هُنَيْهة وكانت تضع الصحون على سطـ ـح الطاولة بعد أن أنهـ ـت إعداد الفطور، فيما وَلَجَ هو لها بعد أن لَبِسَ “شهـاب” حُلَّتُه كضا’بطًا بعد عامين متواصلين مِن الانقطا’ع التام، نظرت لهُ بعد أن رأت طـ ـيفُه ورويدًا رويدًا بدأت البسمةُ ترتسم على ثَغْرها غيرُ مُصدقةٍ ما تراه أمامها، ترقرق الدمع في المُقل واصا’بتها السعادة بلا شـ ـك وهي تراه يعود إلى ممار’سة عملُه مجددًا، اقتربت مِنْهُ بخطى وا’سعة مر’تميةً داخل أحضانها تحاوط عُـ ـنُقه بذراعيه فرحةً لرؤيته بثياب عملُه مجددًا..
فيما أبتسم هو وحاوطها بذراعيه يضمها إلى د’فئ أحضانه ثمّ قال بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_عارف إنك مبسوطة دلوقتي والفرحة مش سيعا’كي، وبصراحة ولا أنا مصدق نفسي وحاسس إني بحلم.
_شكلك حلو أوي بالبدلة يا “شهـاب”، أنا دمعت مِن فرحتي بيك.
هكذا جاوبته بنبرةٍ متحشر’جة بعد أن ترقرق الدمع في المُقل وبدأ صوتها يختنـ ـق بسبب بُكاءها المكبو’ت ليُمسِّد هو على ظهرها بحنوٍ ثمّ قال بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_عارف يا حبيبة قلبي إنك مبسوطة عشاني كُلّ حاجة واضحة، كُلّ اللي كُنْت مستنيه مِنك فرحتك دي مش أكتر.
أنهـ ـى حديثه ثمّ اقترب مِنها يُلثم خَدِّها بقْبّلة حنونة ثمّ نظر لها مبتسمًا، فيما فعلت هي المثل واقتربت مِنْهُ تُلثم خَدِّه بقْبّلة حنونة ثمّ نظرت لهُ بوجهٍ مبتسم ثمّ قالت:
_على فكرة طا’لع زي القمر فيها.
_عشان عيونك هما اللي حلوين وزي القمر.
هكذا جاوبها “شهـاب” مبتسمًا لتمنحهُ بسمةٌ صا’فية ثمّ أمسكت بكفُه الد’افئ واقتربت مِن الطاولة وهي تقول بنبرةٍ هادئة مبتسمة الوجه:
_طب يلا عشان متتأخرش فأول يوم على شُغلك أفطر كويس وأدي كوباية العصير اللي متعود عليها وأظن كُلّه زي الفُل ومش محتاج حاجة تاني.
هكذا أنهـ ـت حديثها مبتسمة الوجه لينظر هو إلى الصحون الموضوعة أمامه على سطـ ـح الطاولة ليقول بنبرةٍ هادئة:
_يا سلام على الد’لع، فعلًا البيت يلز’مُه واحدة سـ ـت، أنا شايف د’لع عُمري ما شوفته بصراحة.
_عشان تعرف إن “مَـرْيَم” واحدة وبس.
هكذا جاوبته وهي تتصـ ـنع الغر’ور والتكبُـ ـر، فيما نظر هو لها نظرةٍ ذات معنى ثمّ قال:
_تمام، حـ ـقك تتكبـ ـري وتتغـ ـري يعني، مش هقولك لا.
ابتسمت هي ثمّ جاورته في جلستهِ تنظر لهُ دون أن تتحدث ليبدأ هو بتناول فطوره حتى يلحـ ـق بعملُه، هُنَيْهة ونظر لها حينما لم تشاركه ليقول متسائلًا:
_مش هتفطري معايا ولا إيه؟.
حرَّكت رأسها تنفـ ـي قوله ليأتي قوله مجددًا متعجبًا:
_ليه يعني !! فطرتي مرَّة تفطري التانية عادي يعني لعلمك عايزك تتغذي وتهتمي بصحتك معلش مش هسـ ـيبك تهمـ ـلي نفسك.
أنهـ ـى حديثه وهو يَمُـ ـد كفه الأ’يمن نحوه فَمِها قائلًا:
_يلا ومش عايز أعتر’اض بعد إذنك، كُلي.
وصدقًا لم تستطع أن تر’فض مطلبه ولذلك تناولتها مِن يَده ليبتسم هو راضيًا عندما رأها أطا’عته ولم تخذ’له وقد شاركته تناول الفطور للمرَّةِ الثانية لها حتى مضى القليل مِن الوقت وكان قد انتهـ ـى ويستعد للذهاب وهي في المطبخ تقوم بغسل الصحون، وَلَجَ لها بخطى هادئة حتى وقف خلفها ولثم خَدِّها بقْبّلة خا’طفة تزامنًا مع قوله الهادئ متسائلًا:
_أنا همشي يا “لوزة” محتاجة أي حاجة قبل ما أمشي؟.
نظرت لهُ وابتسمت إليهِ وقالت بنبرةٍ هادئة:
_لا يا حبيبي عايزة سلامتك، خلّي بالك مِن نفسك ولمَ تخلّص عرفني عشان ابدأ أجهز الغدا.
_عيوني ليك يا قمر، أعملي حسابك إني هصد’عك النهاردة أول ما أرجع.
هكذا أنهـ ـى حديثه مبتسمًا وهو ينظر لها لتبتسم هي ثمّ جاوبته قائلة:
_براحتك يا سِيدي عندي استعداد أسمعك لحد الصُبح أتطـ ـمن.
صدح رنين هاتفه عا’ليًا يُعلنه عن أتصالٍ هاتفي ليجده “ليل” الجد ولذلك لثم خَدِّها مرَّةٍ أُخْرى ثمّ وَدَعها قائلًا:
_همشي أنا بقى عشان الباشا لو عِرِف إني لسه هنا مش بعيد يكتبلي جِز’ى مِن قبل ما استلم الد’بابير.
تركها وخرج مسرعًا وهو يجاوبه، فيما التفتت هي تنظر إلى أ’ثره ضاحكة بعد أن استمعت إلى حديثه ورأت خو’فه مِن جدها، أطـ ـلقت ز’فيرة قو’ية حينما استمعت إلى باب المنزل يُغـ ـلق وعاودت غسل الصحون لبعض الدقائق حتى أنهـ ـت غسلهم ثمّ خرجت لتسمع هاتفها يُعلنها عن أتصالٍ هاتفي لتأخذه وتراه هو مَن يُهاتفها ولذلك جاوبته قائلة بنبرةٍ لعو’بة:
_إيه السرعة دي؟ لحـ ـقت اوحشك ولا إيه؟.
جاءها جوابه حينما قال بنبرةٍ هادئة تحذ’يرية:
_بقولك إيه “أحمـد” جايلك دلوقتي معرفش ليه عالله يا “ريمـا” تضحكي أو تد’لعي قدامه هز’علك أوي لمَ أرجعلك.
اتسـ ـعت بسمتُها على ثَغْرها حينما شَعَرت بغيرتُه بنبرة صوته ولذلك جاوبته بوجهٍ مبتسم وقالت:
_أنتَ بتغير مِن أخويا ولا إيه؟.
_أنا بغير مِن أي حاجة بتتنفـ ـس وتتحرك، إيا’كي أديني بحذ’رك.
هكذا جاوبها “شهـاب” محذ’رًا إياها لتجاوبه هي بنبرةٍ هادئة خـ ـبيثة تنتظر جوابه على ما ستقوله:
_”أتغارُ أنت و أنت كُل أحِبّتي،
عجبًا أمَن مَلَكَ الفؤادَ يغارُ؟.”
ألقـ ـت بحديثها وأنتظرت الجواب متر’قبةً بعد أن تلقت الصمت هُنَيْهة، تعلم أنها أصا’بت ضـ ـربتها في مكانها الصحيح ولكن تلقت الرد مِنْهُ حينما قال بنبرةٍ هادئة:
_”أغارُ عَلَيكِ حتى مِن نَفسي،
عساكِ ماذا تنتظرين مِن عا’شقٍ؟.”
أتسـ ـعت بسمتُها على ثَغْرها حينما تلقت حديثه لتقول بنبرةٍ هادئة:
_كدا متعادلين.
أطلـ ـق ز’فيرة قو’ية بعد أن استطاعت فـ ـرض سيـ ـطرتها عليهِ ولذلك جاوبها مبتسمًا قائلًا:
_خلاص كدا أنا أتثـ ـبت، طالما معايا القلـ ـب خلاص.
ضحكت هي حينما استمعت إلى حديثه ولذلك تحدثت معهُ قليلًا ثمّ أغـ ـلقت المكالمة معهُ وذهبت لتبديل ملابسها حتى يصل أخيها.
__________________
<“عودة الأسو’د إلى مملكتها مجددًا،
وركضت الضبا’عُ خـ ـشيةً مِن الملك.”>
هكذا كان القا’نون في الغا’بة منذ وجود الملك..
إن عادت الأسو’د إلى مملكتها مجددًا لفر’ض سيطـ ـرتها وحُـ ـكمها على الغا’بة ونشـ ـر الحـ ـق في كُلّ مكان، تركض الضبا’عُ فورًا خـ ـشيةً مِن مو’اجهة الملك..
كان يجلس في مكتبهِ كما أعتاد يُتابع بعض الملفات المتـ ـعلقة بالعديد مِن القضا’يا المختلفة منذ باكورة الصباح وحتى قطـ ـعهُ طرقات خـ ـفيفة على باب مكتبه، سَمَـ ـحَ للطارق بالولوج ليولج الضا’بط مؤد’يًا تحـ ـيتُه لهُ ثمّ قال بنبرةٍ جا’دة:
_”شهـاب” وصل يا فندم ومستني يقابل سعتك.
نظر لهُ “ليل” الجد وقال بنبرةٍ هادئة يسـ ـمح لهُ:
_دخَّلُه بسرعة ومش عايز حد يقا’طعني دلوقتي غير لمَ أنا اللي أقول.
تَفَهَّم الضا’بط قوله ثمّ أدى تحـ ـيتهُ مجددًا وخرج سامحًا إليهِ بالولوج، لحظات ووَلَجَ “شهـاب” إليهِ مبتسم الوجه لأول مرَّة، نهض “ليل” الجد بعد أن رآه ليبتسم سريعًا وقال بنبرةٍ هادئة:
_أهلًا أهلًا أهلًا بالباشا اللي غاب عننا سنتين مرَّة واحدة ومبقاش يطُل علينا زي الأول.
اقترب “شهـاب” مِنْهُ وعانقهُ بهدوءٍ مبتسم الوجه ثمّ قال بنبرةٍ هادئة:
_حبيبي يا باشا واللهِ واحشني.
_حمدلله على سلامتك يا “شهـاب”، عودة حميدة إن شاء الله.
هكذا جاوبه “ليل” مبتسم الوجه ثمّ ابتعد عنهُ قليلًا وهو ينظر لهُ بوجهٍ مبتسم ليجاوبه “شهـاب” مبتسمًا قائلًا:
_الحمدلله قدَّر ولَطَف.
_أقعد يا “شهـاب” عشان هنتكلم مع بعض شوية.
أنهـ ـى حديثه الهادئ وهو يُشير لهُ بالجلوس لينظر لهُ “شهـاب” حينما أستمع إلى حديثه وقال متر’قبًا:
_إيه هو أنا مش راجع ولا إيه؟.
ضحك “ليل” الجد على حديثه ومعالم وجهه التي أحـ ـتلتها الرُ’عب ليجاوبه بنبرةٍ ضاحكة قائلًا:
_لا هترجع، أنا عايز أتكلم معاك فموضوع يعني.
شَعَر “شهـاب” بالراحة ثمّ جلس أ’على المقعد وهو ينظر إلى “ليل” الجد الذي جلس كذلك ونظر لهُ مبتسم الوجه هُنَيْهة ثمّ قال بنبرةٍ هادئة:
_أولًا مُبارك لرجوعك وإن شاء الله البداية تكون خير، كُلنا بصراحة كُنْا مستنيين اللحظة دي مِن زمان، وجودك بيفرق معانا أوي وتأ’ثيرك بيأ’ثر علينا، فالنهاردة الزُملى عاملين احتفال بسيط كدا برجوعك آخر النهار، أو ممكن يعملوه دلوقتي عادي يعني د’ماغهم مطر’قعة حبتين.
ضحك “شهـاب” على حديثه فيما أكمل “ليل” الجد حديثه وقال:
_مبسوط إنك رجعت يا “شهـاب” واتمنالك التوفيق وعارف إنك هتكون عند حُسن الظن، وبمناسبة موضوع “جمـال” فحابب أقولك إن معاد جلسة الحُكـ ـم يوم ١٧ الشهر الجاي فإجهز.
تهللت اسارير “شهـاب” الذي أستمع إلى حديثه وقال بنبرةٍ متلهفة:
_بجد؟ خلاص دي هتكون جلسة وحيدة وهيتحا’كم وحـ ـقي يرجع؟.
أبتسم “ليل” الجد وقال بنبرةٍ هادئة:
_بالظبط، إن شاء الله يتحا’كم وحـ ـقك يرجعلك.
ترقرق الدمع في المُقل وقد شكر ربُه حينما أستمع إلى هذا الذي أسعده وجعل السعادة تغمُـ ـر قلبُه، نهض واقترب مِنْهُ يُلثم رأسه ثمّ عانقهُ بعفو’ية وفي لحظة سعيدة بالنسبةِ لهُ، أبتسم “ليل” الجد وعانقهُ إلى د’فئ أحضانه ممسِّدًا على ظهره برفقٍ قائلًا:
_ربنا يسعد قلبك ويفرحك دايمًا، أنتَ تستا’هل كُلّ الخير واللهِ.
_حبيبي يا وش السعد والخير كُلّه ربنا يباركلك وتفضل مفرحني بأخبارك الحلوة دي على طول.
أتسـ ـعت بسمةُ “ليل” أكثر على ثَغْره وقال بنبرةٍ هادئة:
_ربنا يفرَّح قلبك كمان وكمان، خُد رُ’تبتك بالمرَّة وروحلهم المكتب هتلاقيهم كُلّهم متجمعين ومستنيينك.
أنهـ ـى حديثه ثمّ قام بفتـ ـح الدرج وأخذ تلك الشارة الخاصة بهِ ثمّ نظر إلى “شهـاب” الذي ألتـ ـمعت عينيه حينما رأها ليبتسم “ليل” ويقترب مِنْهُ واضعًا إياها على كلا كتفيه، نظر لهُ بعد أن وضعها وقال بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_مُبارك رجوعك يا “شهـاب”.
_حبيبي يا أحـ ـن حد شوفته فحياتي.
أنهـ ـى حديثه ثمّ عانقهُ لثوانٍ معدودة ثمّ طلب الإذ’ن مِنْهُ وغادر المكتب بخطى وا’سعة متجهًا إلى مكتب أصدقائه والسعادة تغمُـ ـر قلبُه فلن يعُد يستطيع الإنتظار أكثر مِن ذلك، هُنَيْهة ووَلَجَ إلى مكتب “ليل” دون أن ينتظر وهو يقول بنبرةٍ سعيدة:
_وحشتوني يا شوية أندا’ل !!.
أتجهت جميع الأنظار لهُ وسريعًا تعا’لت الصيحا’ت الفرحة بعودته، وَلَجَ هو وأغـ ـلق الباب خلفُه واقترب مِنهم مر’تميًا داخل أحضانهم وضحكاته تر’ن عا’ليًا بعد أن رأى استقبالهم لهُ الذي أسعد قلبُه وجعل الدمع يترقرق في المُقل.
____________________
<“لا تتلا’عب مع الكبار،
فليس كُلّ مَن رأى نفسُه كان كبيرًا.”>
لحظة في حياة بني البشر..
فيها يرى نفسُه كبيرًا، ولكن ليس كُلّ مَن يرى نفسُه كان كبيرًا، وفي ظلّ تواجد الكبار لا تتلا’عب معهم فستكون الخا’سر في هذه اللحظة..
لم يستطع النوم طيلة الليل بعد أن رأى حفيده بهذه الحالة المحز’نة، فبرغم أنهُ قام بتحذ’يره مِن عد’م الاقتراب مِنهم ولكن هو يعلم الآخرين مثل الشيا’طين لا يهدأون، وعند حلول أولى خيو’ط النهار كان يأخذ السيارة ويتحرك متجهًا إلى منزل العائلة، وصدقًا كان يتو’عد إليهم بالو’يلات عازمًا على تلقـ ـينهم درسًا قا’سيًا..
وبعد مرور الوقت..
وصل “حافـظ” إلى منزل العائلة صاففًا سيارته خارج إطار المنزل، خرج مِن سيارته واغـ ـلقها ثمّ أتجه إلى الداخل متو’عدًا لهم وصورة حفيده منها’رًا نُصـ ـب عينيه، طرق على باب المنزل وانتظر هُنَيْهة ورأى الباب يُفـ ـتح مِن قِبَل ربة المنزل نفسها ليولج هو إلى الداخل صا’رخًا بهِ بعلـ ـو صوته متو’عدًا لهُ، فيما كان هو يجلس رِفقة والدته بكُلّ برود حتى وصله صوت صر’اخ أبيه بأسمه ولذلك نهض مسرعًا وهو يراه يقترب مِنْهُ فا’صلًا المسافة بينهما..
وقف أمامه ولم ينتظر كثيرًا وكان كفه يسقـ ـط بعنـ ـفٍ على صفحة وجهه في صـ ـفعة قا’سية مِنْهُ تزامنًا مع صرا’خه بهِ بنبرةٍ حا’دة:
_هي وصلتك بيك وسا’ختك للدرجة دي يا حيوا’ن !!.
تأتيك الر’ياح بما لا تشتـ ـهي السفـ ـن، كان كالإعصا’ر في رَدُه وعـ ـنيفًا في فعلُه، فعند “سعيـد” سلامٌ على الحبيب فهذا أقربهم لقلبُه لا يستطيع أن يرى دمعةُ واحدة في عينين حفيده بسـ ـبب واحدٍ مِنهم فيكفي أنهم قتـ ـلوه في الماضي، لن يسمح بقتـ ـلهم إليهِ مرَّةٍ أُخْرى، فهذا كان الحبيب، وهكذا سيظلّ.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أحببتها ولكن 7)