روايات

رواية لأنه موسى الفصل الرابع 4 بقلم ماهي أحمد

رواية لأنه موسى الفصل الرابع 4 بقلم ماهي أحمد

رواية لأنه موسى البارت الرابع

رواية لأنه موسى الجزء الرابع

لأنه موسى
لأنه موسى

رواية لأنه موسى الحلقة الرابعة

لرد قطع حديثهما صوت خطوات ” لُقمان ” يدخل المطبخ ووجه يشع بالفرح :
“أَمـــاه، اعملي حسابك ، أنا أخدت إذن الحج، وعزمت شيماء وطنط سماح عندنا النهارده عشان يتغدوا معانا”
قبضت “نعيمه” على أسنانها في محاوله لكبح غضبها، التقط إشارتها فورًا واقترب منها يجلس القرفصاء بجانبها، أمسك يدها، يقبلها بحب، ثم قال بنبرة راجيه :
“عشان خاطري، يا أمي، شيماء ومامتها جايين النهارده، مش عايزك تعامليها وحش شيماء طيبه وبكره انتِ كمان تحبيها بعد ما نتجوز، بس لو بتحبيني، عامليها حلو”
رأت الرجاء بعينيه ، لم تستطع الرفض ، فقط نظرت إلى عينيه الممتلئتين بالفرح، قبل أن تهز رأسها بالموافقه وحين استدار ليخرج ، همست لوِداد:
“بالسم الهاري، هي وأمها”
سمع “لقمان” همساتها، فوقف بجوار الباب سائلاً:
“بتقولي حاجه يا أمي ”
توترت للحظه قبل أن تبتسم مسرعه بقول :
“بقول بالهنا والشفا على قلبها ”
❀. ❀. ❀. ❀.
كان المنزل يعج بالحركة والضجيج عقب صلاة الجمعه ، الجميع اجتمعوا في الصاله، يتبادلون الأحاديث بينما كانت أطباق الطعام تُجهَّز على الأرضيه بينما “أنس” ظل جالسًا في غرفته، متحصنًا بين جدرانها، يرفض الخروج رغم أن الجميع كانوا بانتظاره كان عقله مثقلًا بالأفكار، وقلبه يضرب بقوه في صدره، وكأن فكرة مواجهة “سمر” تثير داخله مشاعر متضاربه.
بينما “أنس” غارق في أفكاره، انفتح باب الغرفه فجأه، ودخل نوح بخطوات ثابته، تتجلى في ملامحه روح الأخ الأكبر الذي لا يقبل العزلة غير مبرره ألقى نظره على “أنس”، ثم سأله بنبره تحمل شيئًا من الاستنكار:
“إيه يابني، مش هتتغدا معانا ولا إيه”
رفع “أنس” رأسه، وعيناه تحملان قلقًا غير معتاد، قبل أن يجيب بصوت متردد:
“أوري وشي لسمر إزاي دلوقتي أنا”
جلس “نوح” على السرير بجواره، مسندًا ظهره بارتياح، أجابه وهو يرسم على وجهه ابتسامه ساخره:
“وهي شافتك فين يعني ما عادي، كلنا بنلبي نداء الطبيعه، مش انت بس”
لم يرى “أنس” الأمر بهذه البساطه، فأطرق رأسه في ضيق:
“يا سلام! إيه السهوله دي”
لم يكن “نوح” من النوع الذي يسمح لأخيه بالغرق في دوامة القلق بلا داعٍ، فوقف واتجه نحو الخزانه، يفتش بين ملابسه بحثًا عن شيء يليق بالموقف:
“البس حاجة شيك، وذوق واقف قدامها عادي، ولا تحط في دماغك”
لكن الملابس لم تكن على مستوى التوقعات، فزفر “نوح” بضيق، وقال وهو يقلب القطع بين يديه:
“إيه الهدوم الزفت دي، ما عندكش غيرهم”
أشار “أنس” برأسه نافيًا، وقال بلهجه اعتراف صريحه:
“لأ، هما دول بس، ما انت عارف أخوك”
تأمل “نوح” الموقف لثوانٍ، قبل أن تلمع في ذهنه فكره، فرفع يده مشيرًا “لأنس” بالصبر:
“طيب استنى، أنا شوفت موسى امبارح داخل بشنطة أكيد متروسه هدوم، هدخل أشقطلك منها طقم جامد، تكون إنت غسلت وشك كده وانجز عشان الحج صاحب البيت ما يقلش منا كلنا، انتَ عارف إنه بيحب نتجمع على الغدا يوم الجمعه”
أومأ “أنس” برأسه موافقًا، لكن شيئًا من الترقب بدأ يتسلل إلى نفسه، ربما لأن فكرة استعارة شيء من موسى لم تكن تخلو من المخاطره
حين دخل “نوح” غرفة “موسى”، كان المشهد أمامه مغريًا لأي شخص يعشق الأناقه الحقيبه الجلديه كانت مفتوحه، بداخلها ملابس فاخره من علامات تجاريه عالميه، لا تزال بطاقاتها التجاريه معلقه بها، وكأنها لم تُرتدَ من قبل ابتسم بسعاده وهو يخرج منها ستره جلديه أنيقه، ارتداها فوق بنطاله، ثم وضع بضع قطرات من العطر على عنقه، ليكمل إطلالته الجديده.
لكن ما جذب انتباهه أكثر كان تلك الخوذه السوداء اللامعه الموضوعه على الطاوله، وبجوارها مفاتيح الدراجه الناريه الخاصه بموسى لم يكن بحاجه إلى التفكير طويلًا ، ما إن وقعت عيناه على المفاتيح حتى تسارعت نبضاته، وكأن قلبه قد قرر أن يحتفل بهذه الفرصه غير المتوقعه ابتسم بخبث، التقط الخوذه والمفاتيح، ثم خرج من الغرفه بخفه، متسللًا دون أن يشعر به أحد.
استند “نوح” إلى دراجته الناريه، وضع الخوذه على رأسه واستعد للانطلاق، لكنه فجأه، وقبل أن يدير المفتاح في المحرك، وقعت عيناه على مشهد أثار فضوله
على الجانب الآخر من الشارع، كانت هناك فتاه تقف بمظهر لا يتناسب مع أجواء الحي الشعبي ملابسها أنيقه ، تحمل طابعًا راقيًا، لكن نظراتها القلقه كانت تخون ثقتها الظاهره كانت عيناها تدوران في المكان وكأنها تبحث عن شيء مفقود، أو شخص تنتظره بفارغ الصبر
الشباب في الحاره لم يكونوا بطيئي الفهم، كانوا يراقبونها بنظرات تطفل وريبه، يحاولون التحدث إليها، لكنها تجاهلتهم تمامًا، وكأنهم غير موجودين. ومع ذلك، لم تكن تلك اللامبالاه كافيه لإبعادهم، بل زادتهم فضولًا.
لم يكن “نوح” ممن يتجاهلون مثل هذه الأمور، فنادى على “آدم”، الذي كان في طريقه إلى المنزل، بصوت جاد:
“آدم، آدم، خد، عايزك”
لكن “آدم” كان في عجله من أمره، فأجابه بغير اكتراث وهو يرفع كتفيه اعتراضًا:
“لأ، أنا هطلع عشان الحج عايزني”
“نوح” لم يكن من النوع الذي يستسلم بسهوله، فاقترب منه قليلًا وقال بإصرار:
“استنى بس ، هقولك حاجه ”
مد يده وكأنه على وشك الإمساك به، لكن “آدم” تراجع فورًا، وكأن لمسه كان أمرًا غير مقبول بالنسبة له، ثم قال بحده:
“ما تلمسنيش، ما بحبش حد يلمسني”
رفع “نوح” يديه في الهواء مستسلمًا، لكنه أضاف بلهجه ماكره:
“مش هلمسك، بس بشرط”
ثم أشار برأسه نحو الفتاه الواقفه بعيدًا، وسأل بفضول لا يخفيه:
“تقولي البنت دي بدور على إيه، وإيه أصلها وفصلها”
قبل أن يجد “آدم” فرصة للاعتراض، اقترب “نوح” منه، عاقدًا ذراعيه على صدره بابتسامة جانبية، وقال بنبرة ساخرة لكنها تحمل تهديدًا واضحًا:
“لو معرفتنيش دنيتها، مش هسيبك إلا وانت في حضني”
لم يكن أمام “آدم” سوى القبول” وقف يحدّق بالفتاه قليلًا، مراقبًا كل تفصيلة صغيرة في حركاتها، نظراتها، حتى وقفتها المتردده، ثم بدأ يتحدث بصوت منخفض لكنه واثق، وكأنه يقرأ أفكارها المكتومه
“هقولك”
وقبل أن يتفوه بشىء وجد من يضع يدهُ على كتفيه دون الأكتراث الى حالته فظلت صرخته تدوي في الأجواء تصم كل من يقترب منه

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية لأنه موسى)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *