رواية لا تخافي عزيزتي الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم مريم الشهاوي
رواية لا تخافي عزيزتي الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم مريم الشهاوي
رواية لا تخافي عزيزتي البارت الرابع والعشرون
رواية لا تخافي عزيزتي الجزء الرابع والعشرون

رواية لا تخافي عزيزتي الحلقة الرابعة والعشرون
|24-قلبه يبوح بصدق|
صلوا على الحبيب
توجه عمر يبحث عن يارا بجنون، مدفوعًا بحبه العميق لها ورغبته الملحة في أن يعترف بمشاعره قبل فوات الأوان. كان يشعر بضرورة أن تعرف يارا كم هو يعشقها، وأن تتوقف عن التفكير بأنه يشفق عليها ويتزوجها فقط لمساعدتها.
رن على هاتفها مرارًا لكنها لم تجب. ازداد قلقه وركض يبحث عنها بجنون، وكأنه فقد جزءًا منه. سأل الخدم وقالوا له إنها خرجت من المنزل، فاندفع للبحث عنها في الخارج. وأخيرًا، وجدها تسير تضم نفسها بذراعيها وتنظر بعيدًا. ابتسم بفرحة عندما رآها.
ثم ركض نحوها مسرعًا ووقف أمامها وهو يبتسم. نظرت إليه يارا بوجع، وقبل أن تتفوه بكلمة واحدة، تفاجأت به يعانقها بقوة وهو يستشقها بعشق مكتوم. بعد لحظات من الدفء بينهما، أبعدته يارا بهدوء فنظر عمر الى عينيها بفرحة وحب ومشاعر كثيرة تغمره.
استغربت من فرحته الهائلة ولكن بادلته بنظرات باردة وقالت:
“عمر، نسيت أقولك، أنا وافقت على أني أعمل عملية إجهاض للطفل، يعني أنت مبقتش مجبور تتجوزني زائد إني هفهّم ماما كل حاجة دارت وكل شيء يرجع زي ما كان. أنت ترجع لمودة وأنا كلها كام يوم وأرجع للجامعة ون…”
قاطعها عمر بذهول:
“إجهاض إيه اللي بتتكلمي عنه؟؟ لا طبعًا مفيش إجهاض هيحصل خطر عليكِ، أنت اتجننتي؟… أنا كنت هكلم بابا إنها تبقى خطوبة وكتب كتاب.”
تحدثت بتعب:
“عمر، متتعبنيش عشان خاطري. أنا هبقى مستريحة كده… أنا موافقة وده كان القرار الصح في الأول. وبعدين مفيش أي حاجة تثبت إنه اعتدى عليا، أنا مش ببات برا ولا بسافر وأوقات ببات عندكم وبنبقى طول الوقت سوا، فإمتى حصل ده؟ فبدل ما يبقى عندي وسواس وفي النهاية أنا عارفة وأنت عارف وكلنا عارفين إن محدش هيجيب لي حقي مادام مفيش أي أدلة ولا حتى في حد مشكوك فيه، فسهلت عليا الطريق إني هجهض الطفل ده وأكمل حياتي وكأن شيئًا لم يكن.”
ضحك عمر قائلاً بمرح:
“دي تخاريف الحمل دا ولا إيه؟ هما الحوامل بيخرفوا؟”
صرخت بوجهه:
“عمر، أنا مبهزرش!”
-ولا أنا بهزر، انت فعلاً بتخرفي. بتقولي إيه؟ من شوية كنت كويسة، إيه اللي جرى لك؟ وبعدين…
دموعها كشفتها ونزلت دون إذن منها. نظرت بعينيه وهي تقول بوجع معتاد:
“عمر، أنت كده بتإذي نفسك وبتإذيني معاك. أنت بعدت عن مودة غصب عنك عشان فهمتك غلط مع إنكم كنتوا بتحبوا بعض، وبتأذيني أنا بإني هفضل شايلة ذنب إني حرمتكم من بعض عشان أنانيتي. أنا مستعدة أفهمها كل حاجة وأقولها الحقيقة، بس ترجعوا لبعض وتكملوا حياتكم.”
برر لها بقوله:
“لا أنا ولا مودة بقينا نفع نكمل مع بعض، لاني اكتشفت إني مكنتش بحبها وكنت هظلمها معايا.”
زفرت بقوة قائلة:
“طيب مش هترجع لمودة، دي حاجة ترجع لك. سيبني، أنا مش عاوزة أكمل معاك. أنت ملكش ذنب في كل ده. روح شوف لك بنت تانية تحبها وتعيشوا سوا حياة مستقرة، أنا الحياة معايا هتبقى أسوأ من عيشتك مع مودة. فريح نفسك وريحني، أي حاجة بينا انتهت، روح عيش حياتك. أنت لو كملت معايا هتكون بتدمر حياتك بالبطيء وبتخسر كل حاجة.”
أمسك عمر بذراعيها وقربها إليه حتى شعرت بأنفاسه تلامس خديها بلطف قال بصوت دافئ:
“لو أنا كنت متمسك بيكِ زمان بنسبة خمسين في المية عشان صاحبتي وعشرة عمر ومتربيين سوا، فأنا دلوقتي متمسك بيكي مليون في المية عشان حطي على كل دول إنك أصبحتي ‘حبيبتي’.
اتسعت عيناها بصدمة ونظرت إليه بذهول، لا تصدق ما سمعته أذناها. ابتسم عمر وقال بهمس هادئ :
“أنا بحبك يا يارا، بحبك من زمان أوي بس أنا كنت مغفل ومعمي. مكنتش شايف إن كل تصرفاتي معاكِ دي حب، كله كان ملاحظ عدا أنا.”
تبدلت مشاعرها وتشابكت، لا تعرف كيف تنظمها وتعيدها كما كانت. هل قال لها “أحبك”؟ هل أحبها مثلما أحبته طوال عمرها؟ هل شعر بمشاعرها أخيرًا وقرر الآن أن يبادلها هذا الحب؟ هل قال لها “أحبك”؟
لم تصدق أنها في حقيقة، فاردفت قائلة:
“أنت لي مصمم تكسرني؟ أنا لسه شايفاك أنت ومودة سوا وكنتوا بتقولوا….
صمتت وأكمل هو:
“كنا بنقول إيه؟”
كان خائفا من أن تكون سمعت الحكاية المزيفة التي روتها مودة لها فتشعر بالخجل والعار وتنجرح أكثر.
أجابت وهي تنظر بعيدا ولا تجد كلمات:
“قربت منك..و..كانت ماسكة..وقربتك منها وبعدين…ااا..
وفجأة شهقت بقوة حينما شعرت بيده تلتف حول خصرها ويجذبها نحوه بقوة يهمس بقوله:
“وبعدين…”
تلجمت حركتها ونظرت بعينيه لتتفاجأ به ينظر إليها بهيام غير العادة رأت…رأت حبا !
بلعت ريقها وهي تقول:
“شدتك من ياقتك وقربتك عليها…”
ظهرت عليه ملامح الاستغراب:
“إزاي؟”
فامسكت بياقة قميصه وقربته أكثر منها حتى أصبحت المسافة بينهم أقصر
-كده هو.
فابتسم بمكر أكبر وقلبه يرفرف من السعادة وهو يشعر بغيرتها فهذا يعني بأنها تحبه أيضا:
“وبعدين؟”
أغمضت يارا عينيها بخجل وهي تتخيل ما فعلته مودة وكيف داعبت أنفه شعرت بغصة بقلبها وبمجرد أن شعرت بلمسة رقيقة بأنفها أذابت كل شيء أذابتها هي شخصيا فتحت عينيها إذ بها ترى عمر مقتربا منها ويداعب أنفه بأنفها برقة فأبعدت رأسها بخجل وهي تهمس بأسمه:
“عمر”
-عيونه.
ابتسمت بخجل قائلة:
“ابعد عني.”
فنظر لها بهيم قائلا:
“وأنا اعيش ازاي؟…أنتِ سحرالي يا يارا شكلك وعاملة العمل في كلب ميت في البحر.”
فضحكت يارا ليكمل هو بخبث:
“يلا أكملك…مودة عملت إيه؟”
ونظر لشفتيها وأخذ يقترب منهما بمهل فاتسعت عينا يارا لتدفعه بعيدا عنها:
“وهي مودة عملت كده !”
فاعترض بقوة وقد استوعب الأمر هذا الغبي:
“لا والله…وحياتك ما حصل …بس أنا قليل الأدب وبستغل اللحظة الصراحة.”
فضحكت فاقترب منها من جديد وأمسك يديها وضعهما على شفتيه وقبلهما بشغف ثم نظر إليها:
“وأنتِ مسمعتنيش وأنا بقول لمودة إني بحبك أنتِ؟”
فنظرت إليه:
“اوعى توجعني يا عمر…أنا شوفت كتير أوي….ومش هستحمل أنت كمان تكون سبب في أذيتي زي ناس كتيرة.”
فجذبها إلى صدره وضمها بقوة وهو يهمس لها:
“استحالة يا يارا…استحالة.”
أغمضت عينيها وهي الابتسامة لى تفارقها لتسمع دقات قلبه المسرعة وهو ضمها بذراعيه يخبئها بداخله أكثر ، كان العناق ساخنًا، دائمًا ما تعانقه تشعر ببرودة، ولكن هذا العناق كان ساخنًا للغاية وبه حب لم تشعر به من قبل. وبينما عمر مستمتعًا بالعناق ويستنشق خصلاتها بغرام، سمع أصوات بكائها، فزفر بملل:
“يا لهوي على النكد، أشجيني يا نكدية يلا.”
ضحكت يارا وهي تصرخ به بلوم:
“أنا مش نكدية يا عمر، أنا بس مش مصدقة إن الحياة ابتدت تضحك لي تاني.”
ابتعد عنها ووضع يده حول وجهها، ونظر بعينيها بعشق:
“ومن هنا ورايح، الحياة هتضحك لك، أنا هحارب عشان حبنا. مفيش شيء في الدنيا دي يهمني غيرك أنتِ يا يارا، ولو مفيش فرصة لينا إننا نكمل، إحنا هنعمل فرصتنا بإيدينا. خليكِ قوية ومتستسلميش، إحنا هنكمل سوا وهنموت سوا. مفيش حد فينا بيقدر يكمل من غير التاني.”
ابتسمت له، وهي تدرك الآن أنها في الحقيقة، وأن هذا هو حبيبها “عمر” الذي سيعوضها عن كل شيء. وضعت رأسها على صدره مرة أخرى فحاوطها بذراعيه بقوة حتى شعرت بأن قدماها لا تزال على الأرض، التف بها وهو يحملها معبرًا عن فرحته بصراخه المبهج، وهي أيضًا تضحك بفرحة من هذا الحدث الذي لن تنساه أبدًا.
اتجه الاثنان للمنزل الذي كان ضجيجه عالٍ من أغاني مازن التي أشعلت جو الحفلة. رقصا الاثنان في سعادة كبيرة، والاثنان يضحكان من قلبهما. وأخيرًا، خرجت ضحكة حقيقية من يارا، ضحكة تذهب جميع أحزانها. نظرت بعيني عمر، الذي كانت فرحته لا تقل عنها بشيء، ورأت حبه الصادق، وحمدت ربها على هذا العوض.
_______________________________
سار مصطفى هو وهدير يتحدثان سويًا و روى لها مصطفى قصته بأنه كان يحمل عبءًا ثقيلاً من الألم والهموم، فحياته كانت مليئة بالظلم والقهر. منذ نعومة أظافره، كان يعاني من عنف والده الذي لم يعرف للرحمة طريقًا. تربى في جو من الخوف المستمر وعدم الأمان، حيث كانت الضربات واللكمات تملأ أيامه. دخل الجامعة وهو لا يمتلك حريته الشخصية، بل كان يعيش حياة يديرها الآخرون له، والسبب والدته السيطرية التي لم تترك له فرصة للتعبير عن رأيه أو اتخاذ قراراته بحرية. أصبح مصطفى كالآلة الخاملة، تتحكم فيه الأوامر كما تشاء، ولا يمتلك نفسه حتى يتمكن من النهوض بذاته. أصبح ضعيفًا وجبانًا، مليئًا بالخوف من كل شيء من حوله، حتى الأصوات العالية أصبحت مصدر قلق وخوف بالنسبة له. يتوق للسكينة والهدوء، يخشى التواصل مع الناس ولا يثق بهم إلا بعض القليل، مثل صديقه شهاب الذي كان يمثل له نقطة ضوء في عتمة الظلمات. لكن عندما رحل شهاب، عادت هذه الظلمة بكل قسوة، فأصبح يتخيل وجوده والآن هو مازال عقله الباطن يرى شهاب وليس شهاب فقط وإنما جدته أيضًا والدة رحاب كانت بالنسبة له أم بدل رحاب وحينما خسرها لم يتقبل هذا وظل فترة كبيرة وهو صغير يتخيلها ويتحدث معها، إنه يعاني من الانفصام منذ صغره ولكن رحاب كانت لا تهتم وتظنه يمازحها ولا تتعمق فيما يمر به مادام يأتي لها بدرجات عالية بالجامعة وذو مكانة مرموقة الأشياء الأخرى بالنسبة لها جانبية فهي تظن أن الحنية منها ضعف وسيتمادى طفلها إن مازحته قليلًا وإن لم تكن صلبة معه سيعتاد على هذا ولن ينفذ لها ما تقوله،وحكى لها أيضًا عن “معاذ” أخيه الصغير الذي لم يكمل من العمر سبعة أشهر واختفى من حياتهم دون علم من أحد بما حدث له فقد استيقظت رحاب لم تجده بفراشه ومنذ تلك اللحظة ازدادت قسوة فهي تشك بالجميع ولا تأمن لأحد حتى نحن أطفالها تضع بيننا وبينها حدود في التعامل والتصرفات .
تحدثت هدير بحزن مما رواه قائلة بتشجيع:
“أنت لازم تاخد قرار إنك تتعالج عند طبيب نفسي، وأنا معاك لو فترة العلاج هتسببلك مشاكل فأنا جمبك وهشجعك.”
أجابها بملل:
“أيوة يا هدير بس أنا مش هعرف أتعالج !”
-ليه بس؟!
-عشان أمي يا هدير… أمي شايفاني مجنون وبتستعر مني، هدير أنا محبوس بقالي يومين واللي خرجني يزن خطيب أسيل، أنا اتحبست في أوضتي فوق واتقال إني سافرت واللي حبستني وربطتني في السرير كانت أمي.
صدمت هدير من كلامه كيف، كيف والدته تبي أن تفعل به هذا!!! أين الأمومة التي نمت بداخلها منذ ولادته؟!
لا تصدق ما قال ولكن حاولت أن تجد بعض التبريرات لفعلتها قائلة:
“يمكن خايفة عليك تنزل وتشوف شهاب وتحصلك نفس الحالة اللي حصلتلك في الجامع يوميها، خلي دايمًا نظرتك تبقى للجانب الايجابي عشان قلبك يكون مرتاح، أنا اعتمدت إني اشتغل عندكم في الفيلا وممكن لو مش هتعرف تروح لدكتور نفساني أنا أعرف من واحدة كنت أعرفها في الحضانة إنها كانت مش معاها فلوس يعني تروح لدكتور فكانت بتعمل جلسات اونلاين عن طريق النت وكمان الحلو فيه إنك مش هتحكيله أسرارك لان فيه ناس مش بتقبل إنها تقول أسرارها لحد فالطريقة دي مناسبة ليك ومحدش هيعرف ممكن في فترة وجودي في البيت بعد الشغل أدخلك وتعمل الجلسة دي وأساعدك إنك تستمر ومتوقفش ومتقلقش لكل شيء حل متستسلمش، إحنا هنتخطى سوا. ”
نظر إليها بعمق يعجبه قولها بصيغة “نحن” ثم همس بهيام:
” هدير أنا بحب…
توتر للغاية فنظر للسماء بسرعة:
“بحب شكل القمر.”
نظرت للقمر بسعادة قائلة:
“وأنا برضو حتى بص النجوم مالية السما النهاردة شكلها جميل أوي.”
كانت تنظر لقمر السماء وهو ينظر لقمر الأرض يتعمق ملامحها الجميلة الهادئة يدعو ربه بأن يجمعهم بيتًا واحدًا بيوم ما.
(。◕‿◕。)
___________________
اصطدم يزن بكرسي متحرك فقال معتذرًا:
“أه أنا آسف لحضرتك… حضرتك كويسة؟”
نظرت إليه وتفحّصت ملامحه بانتباه، إلى أن تعرّفت عليه.
نزل يزن على ركبتيه أمامها، احترم تلك اللحظة بتواضع معبرًا عن تقديره لها. وبينما انعقدت أجفانها في نظرة امتنان سمعته يقول لها:
“حضرتك قريبة عيلة الجوهري اتشرفت بمعرفتك، مشوفتش حد منتقب من عيلتها قبل كده !”
أجابته قائلة:
“انا قريبتهم لكن من بعيد شوية، ما توريني عروستك يابني ملحقتش أشوفها من الزحمة.”
ابتسم يزن وهو ينظر لعينيها الخضراء التي بها بعض التجاعيد بسبب كبر سنها يا لها من صدفة فإن عيون محبوبته أسيل مثل عيون تلك المرأة !
أدارت قمر حول نفسها لتبحث عن دعاء، بينما كانت تطلب النصر في صمت لاهث تود أن تتأخر دعاء قليلًا لترى ابنتها وتتحدث معها.
كانت أسيل ترقص مع زينة فسحبها يزن بهدوء لتنظر إليه بفرحة عارمة وتتسائله ماذا يريد؟
قال يزن بصوت عالٍ لتسمعه:
“في واحدة من قرايبكم عايزة تسلم عليكِ بتقول ملحقتش تشوفك منتقبة كده وشكلها قريبتك.”
أردفت معه لتلك المرأة ووصلت أسيل إليها وكانت واقفة وراء يزن تابع يزن الحديث مع قمر قائلًا:
“جيبت لحضرتك أسيل أهي.”
أدركت قمر بأن اللحظة المنتظرة قد حانت. خرجت أسيل ببطء من وراء يزن وهي تبتسم بخجل، وعندما إلتقت عينيها بعيني قمر، ارتسمت على وجهها ابتسامة تعبيرية، تنطق بالسلام والترحيب.
لكن بينما كانت تنظر قمر إلى أسيل ببهجة، فاجأتها أعينها بدموع متسارعة تتساقط دون رحمة. انهمرت دموعها بحرية، مصحوبة بشهقات همهمة تختلط مع صخب الحفل.
تعجلت أسيل لتكون إلى جانب قمر، تربت على ظهرها برفق في محاولة لتهدئة عواطفها المضطربة. وسط زخات الضجيج والفوضى التي انتابت الحفل.
ذهب يزن ليحضر لقمر بعض الماء، في حين انغمرت أسيل وقمر في لحظة من الحنان الصادق. حاولت أسيل تهدئتها دون علم منها لمَ تبكي؟
ففاجأتها قمر بعناق قوي، كانت دموعها تغمر وجنتيها، تبللها بلطف مع كل شهقة.
في تلك اللحظة، تمزجت أصوات البكاء مع أصوات الناس والموسيقى، مما جعل العالم يبدو وكأنه عاصفة مضطربة. ومع ذلك، كانت الحنان الذي يتبادله الاثنان يعطي الدفء في قلب هذا الإعصار .
كان هذا العناق لا مثيل له إنه عناق من نوع آخر شعرت أسيل بضربات قلبها تتسارع وهي تشم رائحة ليست بغريبة فلكل منا رائحة مميزة !
لم تكن هناك كلمات تستطيع التعبير عن العاطفة العميقة التي كانت تتدفق بينهما، بل كانت اللغة الصامتة للحضن هي التعبير الأصدق عن ما يدور في أعماقهم.
كلمات خرجت من قمر في وسط شهقات بكاءها:
“وحشتيني يا عمري، وحشتيني، كانوا سنين تقال أوي يا عمري، كبرتي يا روح قلبي وبقيتي قمراية، كبرتي يا أيسو.”
توقفت أنفاس أسيل لدقائق حين سماع اسم “أيسو” !
لا أحد يناديها به غير يزن و… والدتها، والدتها فقط التي كانت تناديها بذلك المسمى!
مهلًا مهلًا أنا لا أفهم شيء، ك.. كيف لتلك العجوز بأن تعرف هذا الاسم، ومَن هي؟
ابتعدت أسيل عنها وبوجهها علامات استفهام كثيرة تنظر لعينيها بدقة وقلبها يرتعش هل من الممكن أن تكون والدتها مازالت على قيد الحياة؟
قالت قمر بدموع:
“كل ده كان متدبر يا أيسو، كله كان متخطط ليه مفيش حاجة جات صدفة أبدًا..بعدوني عنك قصدًا.”
تتكرر تلك الجمل بذهنها وتحاول ضبط أفكارها وقلبها وضعت يدها على قماش النقاب وكادت أن ترفعه ولكن جاءت دعاء وهي تضحك بتوتر لأسيل قائلة:
“مبروك يا حبيبتي… (نظرت لقمر)أنتِ هنا وأنا بدور عليكِ… دي قريبتنا يا أسيل جات هنا عشان معرفتش أسيبها في البيت لوحدها، مبروك تاني يا حبيبتي عن إذنك. ”
ثم سحبت كرسيها بيدها وهي تجرّه بسرعة بعيد عنهم
جاء يزن إلى أسيل وهو ممسكًا بكوب الماء ويقول:
“إيه يا أسيل فين طنط؟”
نظرت إليه أسيل ودموعها تترقرق بعينيها فقلق يزن محدثًا إياها مرة أخرى:
“في إيه مالك؟ أسيل!”
ركضت أسيل نحو دعاء في نصف زحمة المعازيم تحاول الوصول لتلك المرأة بقلبها شيء يخشى البوح به إلا حينما يرى وجهها.
فركض يزن ورائها يلاحقها ليفهم ما بها
كانت دعاء تسرع بجرّ الكرسي نحو باب الخروج وتهمس بأذن قمر:
“لو عاوزة تمو تي قولي، لو عاوزة تتحرمي من بنتك للابد كنتِ تقولي، انا مش قولتلك مينفعش تعرّفي أسيل دلوقتي، ده أنتِ في بيت رحاب دي كانت تقت لك وتدفنك في بيتها.”
صرخت قمر بوجع:
“أنا عاوزة بنتي يا دعاء ومش بفكر في كل ده.”
وفجأة تقابلت دعاء مع رحاب التي نظرت إليها بإعجاب قائلة:
“دعاء! أنتِ جيتي إمتى؟”
ثم نظرت للمرأة التي على الكرسي المتحرك بتفحص وتلاقت نظراتهم وعاودت النظر لدعاء قائلة باستفسار:
“ومين دي؟”
وضحت دعاء بتلعثم بكلماتها:
“دي… دي صاحبتي.. صاحبة عزيزة عليا وجبتها معايا يعني عشان مينفعش أسيبها في البيت وكانت…..”
تفاجآه الاثنان بنوبة هلع تصيب قمر وترتعش بشدة
فوقفت الموسيقى و اجتمع الكل حولها وتقدمت أسيل تراقب تلك المرأة ويزن خلفها وحينما رأى حالة قمر علِم بأنها نوبات الهلع فقد رأى صديقه من قبل يعاني منها، صرخ بصوته ينادي مازن لكي يحضر فأتى مازن ووقف أمام قمر وقمر بدأت أصوات أنفاسها تعلو وتشهق بعنف.
اقتربت منها زينة وهي تهتف لدعاء بصوت عالٍ وتقرب ذراعيها نحو نقاب قمر قائلة:
“طب شيليلها النقاب عشان تتنفس.”
أبعدت دعاء ذراع زينة بقوة وهي ترفض بشدة من نزع نقاب قمر و لاحظ عمر وجود والدته مما أثار فضوله ليعرف مَن المرأة التي معها؟
نظرت رحاب للمرأة بلا مبالاة ونفخت بضيق من ضجيج أصواتها فقالت:
“خديها يا دعاء للمستشفى ولا شوفي مالها برا الفيلا.”
بدأت قمر تصرخ وتبكي وتتحرك بعنف بالكرسي لعدم ضبط أنفاسها
وقف مازن أمامها يحاول تهدئتها:
“اهدي، خدي نفس عميق شهيق زفير.”
كانت حالتها تسوء أكثر فأمسك مازن بالكرسي وجره نحو غرفةٍ ما وأغلق بابها.
فصرخت دعاء وهي تجري لباب الغرفة وتطرقه بقوة:
“طلعها، طلعها بقولك أنا هاخدها وأوديها المستشفى.”
توجه عمر إلى والدته يحاول تهدئتها:
“اهدي يا ماما، ده دكتور نفسي هو هيعرف يتعامل معاها جوا يمكن الصوت والدوشة مخليين حالتها تسوء أكتر.”
نظرت دعاء لرحاب بتوتر فازدادت شكوك رحاب من تصرفات دعاء واخفاءها لهوية تلك المرأة تقدمت أسيل نحو الباب لتفتحه حاولت مرارًا ولكنه كان مغلقًا من الداخل.
أمسكها يزن من ذراعها ليبعدها: “أسيل اهدي، هو عارف شغله معاها هيعرف يهديها دي نوبة هلع وبتحتاج لهدوء عشان المريض يقدر يرجع لحالته الطبيعية.”
حين دخلت قمر مع مازن للغرفة رفعت نقاب وجهها مسرعة لتأخذ أنفاسها حاول مازن أن يعلمها كيفية النهوض من تلك النوبة بقدراته الخاصة كطبيب وبقيَ معها بعض الوقت حتى تعود لحالتها من جديد.
________
همس بأذنيها:
“مين دي يا رحاب؟”
-معرفش يا شريف جابتها دعاء من أنهي داهية؟
-طيب الناس ابتدت تتكلم وبتتفرج وأنا معايا ناس مهمين واللي عملته الست دي أثار فضولهم يشوفوا حالتها.
-أيوة يعني أعمل إيه دلوقتي أديك شايف الكل متجمع إزاي وأسيل كمان واقفة مستنية الست تفوق من النوبة.
-أي حاجة بس تصرفي نظرهم عن اللي بيحصل مش عاوز فضايح بقول معايا ناس مهمة.
نظرت إليه رحاب تطمئنه بأنها ستدبر كل شيء ثم عاودت النظر للجميع تحاول إشغالهم وأن المرأة بخير وأن يعودوا من جديد إلى حفلتهم وشغلت بعض الأغانى وأقامت فقرات للرقص لكي تلهيهم عن حالة المرأة تلك ولكن بعض الأفراد تبقت لتطمئن على قمر.
وبعد طول انتظار خرج مازن أخيرًا من الغرفة و لم ينظر لأحد سوى “أسيل” تقدمت دعاء إليه لتدخل ولكن منعها مازن وهو يقول:
” أسيل بس اللي ممكن تدخل.. ”
انقبض قلب دعاء ونظرت لأسيل بتوتر ثم عاودت النظر لمازن وهي تقول:
“لو سمحت متدخلش، سيبني أدخل وأخدها ونروح أنت مش فاهم حاجة.”
مالَ مازن على أذني دعاء وهو يقول بهمس مسموع:
“أنا فعلًا مش فاهم إيه اللي يخلي حضرتك عارفة إنها والدة أسيل ومش عايزة أسيل تشوفها؟”
اتسعت عينا دعاء وبلعت ريقها بتوتر وانعقد لسانها عن الحديث مرة أخرى.
ضم يزن يدي أسيل بأصابعه حيث كان يمسك يديها ليهدئها، نظر إليها وشجعها بالدخول إلى الغرفة واطمأنت أسيل من نظراته واستجمعت قواها لتدخل الغرفة.
تقدمت أسيل نحو الباب وخرج مازن وابتعد عن باب الغرفة ثم دخلت أسيل ببطء داخل الغرفة وأغلقت الباب وراءها.
فتقدم مازن نحو يزن وهو يقول :
“اهدا متقلقش عليها.”
-مين دي؟
همس:
“دي والدتها.”
اتسعت عينا يزن بصدمة! هل والدة أسيل مازالت على قيد الحياة؟!
____________________________________
بعد أن سمعت مكالمته مع أحمد ارتجف قلبها وعلى الفور عادت إلى غرفته لتعيد هاتفه وبينما هي تضع هاتفه كان علي قد خرج من المرحاض نظر إليها واستغرب من نظراتها إليه وقطرات العرق التي نبتت على جبينها ما بها لمَ خائفة هكذا تحدث معها:
“في إيه يا علا؟… مالك؟”
تلعثمت وهي تجيبه محاولة ضبط انفاسها:
“م… مفيش… كنت بس عايزة أرن على… ماما من عندك عشان موبايلي فصل.”
وافقها بلا شك وأعطاها هاتفه ثم توجه للمرآة ليمشط شعره فاستغلت فرصة انشغاله و أرسلت إليها المقطع الصوتي تبع مكالمته مع أحمد إلى نفسها ثم مسحته من عنده لكي لا يظهر له بأنه قد أرسل هذا المقطع إليها وخرجت من تطبيق “الواتس” لتهاتف والدتها ولكن هاتفها كان مغلقًا فأغلقت هاتف علي و أعادته على الفراش كما كان وهي تقول له:
” موبايلها مقفول، تلاقيها مشغولة ولا حاجة، شوية وتيجي…. أنا همشي أنا عشان عاوزة أنام… ماشي… تصب… تصبح على خير. ”
خرجت من غرفته مسرعة وهي قلبها يدق بشدة أغلقت باب غرفتها وراءها من الداخل، تخاف من أن يفعل بها أخوها اي شيء مثلما اقترح عليه صديقه، لهذه اللحظة هي لا تستوعب بأنه قد اعت دى على يارا هل تقول لعمر؟
نعم، يجب أن يعلم كل شيء وماذا يدور حوله ويارا أيضًا عليها أن تعرف من كان يؤذيها تلك الفترة… فتحت هاتفها وأرسلت المقطع إلى أخيها ثم نهضت للمرحاض لتتوضى كي تقيم الليل دعت ربها بأن يسامحها مما فعلت وأن ينجيها من مكر أخيها وصاحبه وأن يظهر الحق وينصر المظلوم.
___________________________________
خرجت اسيل من الغرفة وعيناها منتفختين من كثرة البكاء تقدم إليها يزن بقلق ولهفة:
“أسيل أنتِ كويسة؟”
نظرت إليه فتعمق عينيها وقرأ ما بهم هي الآن تحتاج للاحتواء عانقها بحب وهو يمسح على خصلاتها بحنان:
“كله هيبقى تمام، ثقي بإن تدابير ربنا غير توقعنا بكتير أوي….”
كان الباقي واقفًا لا يفهم شيئًا عدا مازن ودعاء .
دخلت دعاء للغرفة ونظرت لقمر التي كانت تبكي مسحت دموعها وقالت لها:
“شوفتيها خلاص اتكلمتي معاها قالتلك إيه؟”
قالت بوجع:
“بنتي مش بتتكلم يا دعاء.”
كتمت دعاء فمها بيدها:
“اسكتي حد يسمعنا… طب قولتيلها إيه؟”
-زي ما قولتيلي، إن مش وقته الكل يعرف إني عايشة وإن هييجي الوقت اللي أخدها في حضني قدام الكل وأقولهم إنها بنتي منغير ما أخاف إن حد يعرف إني لسه عايشة.
أمسكت دعاء يدها:
“أوعدك الموضوع ده مش هيطول…. بنتك هترجع لحضنك في أقرب وقت ثقي فيا يا قمر… يلا نروح.”
أنزلت قمر نقابها، وغادرت الغرفة وهي دعاء تجر كرسيها للخارج توقفت دعاء لبضع دقائق لتشبع قمر من النظر إلى طفلتها قليلًا، ألقت نظرة أخيرة على أسيل. تلك النظرة كانت مليئة بمعاني الفراق المرير، نظرات تعانق بعضها البعض بصمت، تفيض بشجن السنوات التي فصلت بينهما.
كيف لتلك السنوات القاسية التي باعدت بينهما أن تجعلهما يكتفيان بالنظر من بعيد؟ كيف لعناق الروح أن يمنع عنهما عناق الجسد أمام الناس؟ كم هو مؤلم ذلك الشعور، خاصة لأسيل التي كانت تشاهد والدتها بعد أن فقدت الأمل بكونها لا تزال على قيد الحياة.
كان الموقف أشبه بتمزق نسيج القلب، حيث كان اللقاء مشوبًا باللوعة والعجز عن التعبير الكامل عن المشاعر. لقد كانت قمر تجسد الحنين الذي تراكم عبر السنوات، بينما كانت أسيل تقف كصورة للأمل الذي تحقق فجأة، وسط دوامة من الألم والعجز.
لم يكن ثمة كلمات قادرة على وصف ما يدور في أعماقهما؛ فقط نظرات تتحدث بلغتها الخاصة، لغة لا يفهمها إلا من ذاق مرارة الفراق وعذاب الانتظار. كانت تلك النظرات آخر ما تبقى لهما في تلك اللحظة العابرة، كنجوم تضيء سماءً حالكة السواد، تلمع للحظة قبل أن تبتلعها الظلمة من جديد.
(عيني دمعت والله وانا بكتب المشهد دا قد ايه صعب اوي 😥)
تحدث عمر مع والدته قائلًا:
“تعالي يا ماما اركبي معايا وأوصلك للبيت أنا كده كده كنت مروح.”
تحركت مع ابنها الذي ودع يارا والجميع ثم توجه معهم للخارج لتركب دعاء والمرأة السيارة ويتوجها إلى منزلهم .
كانت رحاب منشغلة بضيوفها فلم تلاحظ رحيل المرأة وكان عقلها مشوش لأسباب أخرى.
______________________________
تقدمت يسرى نحوهم وهي تنظر لابنها متسائلة:
“هو إيه اللي حصلها جوا عشان تخرج معيطة كده ! عملتلك حاجة الست دي يا أسيل؟”
تحدثت زينة معها:
“مين كانت، وعايزة منك إيه؟”
وبدون مقدمات، ارتمت أسيل في حضن يسرى، والدة يزن، باحثة عن قليل من الحنان الذي افتقدته. كان قلبها المثقل بالشوق والحزن يحتاج إلى دفء الأمومة، إلى لمسة تداوي جراح الفراق الطويل. بادلتها يسرى حنانًا صادقًا، وأشفقت عليها من أعماق قلبها، محاولة أن تمنحها بعض الطمأنينة التي تفتقدها. كانت تلك اللحظات أشبه ببلسم يداوي جروح السنين، حيث وجدت أسيل في حضن يسرى ملاذاً مؤقتاً يعوضها عن الحنان الذي حُرمت منه طويلاً.
كانت زينة لا تفهم شيئًا ولكن ترى أن زوجها يعلم كل شيء ستسأله حين يعودان للمنزل.
وقف يزن يضم ذراعيه بأستعجاب فنظر إليه مازن قائلًا بتساؤل:
“بتفكر في ايه؟”
أجابه يزن وهو ينظر لأسيل بشك:
“أسيل شافت مامتها!”
-أيوة!
-وهي فاقدة النطق بسبب صدمة فقدانها لمامتها!!
-وبعدين؟
-مازن… أسيل مرجعتش تتكلم تاني لازالت فاقدة النطق؟؟
اتسعت عينا مازن وقد انتبه لتلك الثغرة التي تجاهلها تمامًا فتابع يزن بقوله:
“بحثت عن الصدمة العصبية وإن في بعض من الناس بتفقد النطق فعلًا لو خسرت بني آدم وبتترواح من شخص لشخص على حسب المدة و اللي عرفته إن معظمهم بيرجع صوتهم بعد كام شهر أو أكثر ولكن أسيل بقالها سنين ولما بحثت أكتر عرفت إن مجموعة قليلة اللي بتقعد بالسنوات مش بتتكلم بسبب الصدمة وعدم تقبلها للحقيقة فقولت أسيل واحدة منهم ولكن لو شافت الشخص اللي فقدته بترجع تاني تتكلم توقعت إنها ترجع تتكلم أول ما تشوف والدتها ولكن أسيل لازالت فاقدة النطق!…ده يعني….”
أكمل مازن بتفكر:
“يعني إن أسيل مش فاقدة النطق عشان صدمة موت والدتها وإنما حاجة تانية؟!!”
نظروا الاثنان لأسيل بتعمق وهم يفكرون فيما يحدث كم قصة تلك الفتاة عجيبة من الذي يفعل بها كل هذا هل يمكن أن يكون فقدها لنطقها أيضًا مدبر من شخص ما؟
________________________________
انتهى الحفل وعاد الجميع إلى منازلهم وودع يزن أسيل بصعوبة كان لا يريد أن يتركها تلك الليلة ولكن مضطر.
عاد مصطفى ورجعت هدير إلى منزلها وأطعمت أخواتها ثم نامت وهي تفكر بمصطفى كعادتها تلك الأيام، وعاد عمر مع والدته إلى المنزل وقد استقبل قمر كضيفة بأنها تقيم معهم بالمنزل لفترة قصيرة ونظفت دعاء لها غرفة لتقيم بها.
ذهب عمر لغرفة أخته أطرق الباب فلم يجد جوابا فأيقن بأنها قد نامت، عاد لغرفته وأبدل ملابسه ثم استلقى على فراشه وفتح هاتفه وجد رسالة من يارا فطمئنها بأنه عاد للمنزل بخير، ثم فتح رسالة علا التي كانت مقطع صوتي لا يعرف ما مُجمله ولكن فتحه ليسمع ما به؟؟
……..
_______________________________
اتفقت يارا مع والدتها على أن تكون خطبتها وعمر في الغد، نزولاً عند استعجال عمر لهذا الأمر. كانت والدتها على دراية تامة بسبب هذا التعجل؛ فقد بدأ بطن يارا بالانتفاخ جراء الحمل. لذا، سارعت رحاب إلى تدبير الخطبة دون أن تتساءل عن التفاصيل أو ما سيحدث لاحقًا، فالأهم بالنسبة لها هو أن تتم خطبة يارا سريعًا ويتفقوا على موعد الزفاف في أقرب وقت ممكن. كان الهدف الأسمى هو تدارك الأمر قبل أن تظهر علامات الحمل بشكل لا يمكن إخفاؤه.
________________________
دخلت أسيل غرفتها وهي أكثر شحوبًا من أي وقت مضى. كيف لها أن تعلم أن والدتها موجودة ولا تستطيع أن تنام في حضنها؟ كانت هذه الليلة ثقيلة للغاية على قلبها. صنعت لنفسها كوبًا من الحليب بالقرفة لتُهدئ من أعصابها قليلًا، محاولةً أن تجد في هذا المشروب البسيط بعض السكينة التي افتقدتها، وتذكرت بعض اللحظات اللطيفة التي كانت بينها وبين والدتها باللحظة الاولى التي رأتها بها……..
_______________________________
دخل غرفته وحين أغلق الباب فتح حاسوبه وأخذ يبحث عن ما يحدث لأسيل وبعد ساعة تقريبًا وصل لمراده فاتصل بيزن مسرعًا ليجيبه يزن قائلًا بفضول:
“عرفت حاجة؟”
أجابه مازن بشك:
“يزن، أسيل أكيد معندهاش القدرة على النطق مش عشان افتقدته لأنه لو فقدته كان هيرجع أول ما تشوف والدتها زي مانت قولت….”
-طب إيه عرفت حاجة سبب إيه اللي يخليها مش قادرة تنطق لحد دلوقتي حتى بعد ما شافت مامتها؟
– بص عندي سببين يا إما أسيل فعلًا كانت في صدمة نفسية خلتها تفقد النطق وأول ما شافت مامتها دخلت في صدمة جديدة مع عدم تصديقها بإن والدتها لسه عايشة، يا إما……
-يا إما إيه؟؟؟؟
-يا إما أسيل بتاخد دوا بيضعف أحبالها الصوتية فعملها إلتهابات أدت بإنها مش قادرة تتكلم !
!!!
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية لا تخافي عزيزتي)