روايات

رواية الماسة المكسورة الفصل الحادي والستون 61 بقلم ليلة عادل

رواية الماسة المكسورة الفصل الحادي والستون 61 بقلم ليلة عادل

رواية الماسة المكسورة البارت الحادي والستون

رواية الماسة المكسورة الجزء الحادي والستون

الماسة المكسورة
الماسة المكسورة

رواية الماسة المكسورة الحلقة الحادية والستون

[بعنوان: خدعه الهدوء]
شهقة حادة انفلتت من شفتيها، عيناها توسعتا برعب وهي ترى الدماء تتفجر من كتفه، كأنها لم تصدق مافعلته… أصابعها كانت ماتزال تقبض على المقبض، كأنها تستشعر نبضه وهو يتلاشى تحت يدها. الهواء صار ثقيلًا، والدنيا من حولها تلاشت، لم يبقَ سوى السكين المغروسة… والكارثة.
تأوه صالح بصوت مكتوم، عينيه اشتعلتا بالغضب أكثر من الألم رفع يده المرتعشة للإمساك بالمقبض، ثم سحب السكين دفعة واحدة، أسنانه تكزّ على بعضها وهو يلقي بها بعيدًا، صوت ارتطامها بالأرض كان كفيلًا بإفاقتها من صدمتها، نظرت إليه بذهول، فيما هو يضغط على الجرح بيده الأخرى، أنفاسه تتسارع بشكل مخيف، لم يتحرك على الفور، لكن سكونه لم يكن سوى الهدوء الذي يسبق العاصفة.
رفع عينيه إليها ببطء، نظرته كانت سوداء، قاتمة، أقرب للوحش الذي يستعد للانقضاض على فريسته. زمجر بصوت منخفض، لكنه حاد كسكين أخرى غرست في قلبها:
إنتِ… إنتِ عملتي إيه عايزة تقتليني يابنت كل،ب؟!
لم تستطع الإجابة، لم تستطع حتى أن تتنفس. جسدها كله تجمد، قدماها التصقتا بالأرض، كأنهما فقدتا القدرة على الحركة، لم تشعر إلا به وهو يخطو نحوها، يقترب ببطء، بتهديد.
خطا نحوها، نظراته مسعورة، جسده يترنح لكنه لم يتوقف.
فجأة اقتحم مكي المكان كالعاصفة، قبض على صالح من كتفه الجريح، فصرخ الأخير متألمًا، قبل أن تنزل عليه أولى اللكمات … كل ذلك حدث في ثواني مرت كدهر.
مكي وهو يصيح به: بتحاول تتعرض لبنت وثقت فيك يا ق”ذر؟ يا ابن الـ..حرا.م.! يا واطي.
لم يمهله فرصة للرد، انقض عليه كالنمر الهائج، قبضته القوية انهالت على وجهه، أول لكمة أطاحت به للخلف، لكنه لم يسقط… الثانية جعلت رأسه يرتطم بالجدار، لكنه ظل واقفًا… الثالثة كانت القاضية، طرحته أرضًا تمامًا!
لكن مكي لم يكتفِ، لم يكن في نيته أن يكتفي من الأساس، انحنى فوقه وأمسك بتلابيب قميصه الملطخ بالدماء، رفعه عن الأرض بعنف قبل أن يدفعه مرة أخرى، ارتطم رأسه بالأرضية الرخامية، وتبع ذلك صوت تأوّه ضعيف.
ركله مكي في جانبه بقوة بقدمه، فصدر منه شهقة ألم، لكنه لم يتوقف، قبض على عنقه بغلٍّ، وهو يزأر فيه بغضب مكتوم:
بتستغل الفرصة يا عديم الشر”ف يا حيو”ان!
كان صالح كالدُّمية بين يديه، يتلقى الضربات دون قدرة على المقاومة. الدماء تقطر من أنفه، الجرح في كتفه يزداد سوءًا، لكنه لم يعد قادرا حتى على الصراخ،فقط أنينه الخافت كان يرتفع مع كل ضربة جديدة.
دفعه مكي بعيدًا أخيرًا، ثم سحبه على الأرض من كاحله، زحفًا حتى خرج به إلى الحديقة. لم يتوقف إلا حين شاهده الحراس يركضون نحوه، فنظر لهم وأمرهم بصرامة:
خدوا الحيَ”وان ده وارموه بره الفيلا!
حاول صالح أن يتكلم، أن يقول أي شيء، لكن نظرة مكي له كانت كافية ليشعر أن نهايته اقتربت..
بصعوبة رفع رأسه، وعيناه تنزفان تهديدًا وهو يهمس بصوت متقطع: لو فكرت تقرب من سلوى تاني… صدقني، هخليك تتمنى الموت عشان يرحمك من إللي هعمله فيك! احمد ربنا إني ما قتلتكش، يا قذ”ر!
ثم تركه بين أيدي الحراس، ليتكفلوا بإتمام المهمة. أما هو، فالتفت إلى الداخل… حيث كانت سلوى ماتزال واقفة مكانها، وجهها شاحب وعيناها ممتلئتان بالدموع.
وقف مكي عند باب المطبخ، أنفاسه تتسارع، عيناه تضيقان بغضب وهو يراها متوقفه في زاويه، تبكي بصمت، كتفاها يهتزان تحت وطأة الصدمة.
قال بحدة وهو يقترب منها: إزاي ده حصل؟! إزاي تقبلي تقابليه لوحدك، وتجيبيه هنا وأنتِ لوحدك وأهلك مش هنا؟!
رفعت رأسها نحوه بعينين غارقتين بالدموع، ارتجفت شفتاها وهي تقول بتلعثم: هو قال لي إنه تحت، ماعرفتش أتصرف إزاي…قلت عادي يعني، هنقعد في الجنينة، ماتوقعتش إنه ممكن يعمل كده… إحنا خرجنا كذا مرة مع بعض، ماحاولش حتى يمسك إيدي بالعافية!
زفر مكي بضيق، صوته يحمل نبرة استنكار حادة: هو ده مبررك؟! عشان قبل كده محاولش يتعرض لك، فتروحي تسمحي له ييجي ومافيش حد في البيت؟! إنتِ مش هتعقلي يا سلوى؟!
كانت دموعها تهبط بانهيار، لم تستطع الرد، فقط انكمشت على نفسها، كأنها تحاول الاختباء من الواقع، لكن نظراته الغاضبة كانت تحاصرها.
نظر إليها مكي للحظات، ثم مسح وجهه بكفه في محاولة لكبح ثورته، تنهد ببطء وقال بنبرة أكثر هدوءًا، لكن لا تزال حازمة: أنا آسف لو خوفتك، بس أنا كنت خايف عليكي… كان ممكن يئذيكي، لازم تفكري في تصرفاتك قبل ماتعمليها.
هزت رأسها ببطء، ثم همست بصوت ضعيف: ممكن ماتقولش لحد؟
تراجع قليلًا، وضع يديه في جيبيه، ثم أومأ برأسه قائلاً: أكيد مش هقول لحد… عشان ماحدش يعمل لك حاجة.
أخذت سلوى نفسًا مضطربًا، ثم قالت بتوتر وهي تمسح دموعها: طب… وإحنا هنقول إزاي إني سيبته؟ وكمان الضربة اللي أنا ضربتها له دي… ممكن تموته… يعني أنا ممكن أكون قتلته؟!
رفع مكي حاجبه بسخرية، ثم أشار نحو الباب حيث خرج صالح قبل قليل: قتلتيه إزاي يعني؟ ما إنتِ شايفاه خارج صاحي، ضربتك كانت سطحية، عموماً سيبي دي عليا، هو أصلاً مش هيعرف يفتح بقه… هيقول إيه يعني؟ إنه حاول يتحرش بيكي؟ إنتِ بس هتقولي لهم إنك اتخانقتي معاه في التليفون وخلاص.
مسحت وجهها بيدها المرتجفة، ثم تمتمت: ماشي.
نظر إليها مكي للحظات، قبل أن يقترب منها قليلًا، قال بصوت أكثر رقة: خلاص… اهدي، ماتعيطيش. روحي اغسلي وشك، وأنا هعمل لكِ ليمون، وبعدين نروح القصر.
رفعت عينيها إليه، للمرة الأولى منذ بداية حديثهما، شعرت بقليل من الطمأنينة، ابتلعت ريقها بصعوبة وقالت: ماشي، شكرًا يا مكي… بجد.
نظر لها بصمت، لم يقل شيئًا، فقط راقبها وهي تتحرك ببطء نحو الحمام، بينما بقي هو واقفًا، يشعر بثقل في صدره لم يعرف سببه.
💕_______________بقلمي_ليلةعادل ⁦。⁠◕⁠‿⁠◕⁠。⁩
حديقة القصر السابعة مساءً.
وصلت سلوى مع مكي إلى القصر. كانت ماسة في استقبالها.
أقتربت ماسة بابتسامة: سلوى حبيبتي! ثم قامت بتقبيلها.
بدت سلوى حزينة مهمومة، احتضنتها بقوة قائلة: عاملة إيه ياماسة؟
نظرت ماسة في ملامحها بتركيز، وقالت بقلق:
مالك؟ شكلك معيط ومخطوف كده ليه؟
ثم نظرت لمكي وسألته: مالها يا مكي؟
رفع مكي كتفها ومد وجه بعدم معرفة: معرفش… الشنطة أهي… عن إذنكم، أنا عندي مشوار مهم. ماسة، كلمّي سليم وعرفيه، عشان أنا بحاول أتصل بيه ومابيردش.
ماسة: سليم في صالة الجيم تحت، بيعمل شوية تمارين.
مكي: خلاص، هعدي عليه قبل ممشي، مش محتاجين أي حاجة
ماسة: شكرا.
مكي: عن إذنكم.
ألقى مكي نظرة خاطفة نحو سلوى بضيق فهو مازال غضبًا من فعلتها، وهي أيضاً بدت مرتبكة وعينيها زائغة لا تريد ان تقع عليها وهو يغادر، مما أثار انتباه ماسة، كانت ماسة تتابع تلك النظرة بتمعن، لكنها قررت التركيز على سلوى.
جلست ماسة بجانب سلوى، وأمسكت بيدها قائلة بقلق: اقعدي واحكيلي… في إيه؟ اتكلمتوا مع بعض في حاجة ولا إيه؟
نظرت سلوى لها للحظة، وفجأة انهارت بالبكاء بحرقة، صُدمت ماسة وقالت وهي تقربها منها بخضه:
مالك؟ في إيه؟!
رفعت سلوى رأسها بتردد: هقولك اللي حصل…
بدأت سلوى تروي ماحدث، وعندما انتهت، نظرت ماسة إليها بعينين مليئتين بالدهشة والغضب، ثم صاحت:
إنتِ إزاي أصلاً تدخليه الفيلا وماما وبابا مش موجودين؟! افرضي كان عمل لك حاجة! افرضي ماحدش لحقك! افرضي السكينة دي دخلت في قلبه… كنا هنعمل إيه؟! إزاي تعملي كده يا سلوى؟
حاولت سلوى أن تدافع عن نفسها قالت بتوتر:
والله العظيم هو اللي فاجأني بوجوده! وماعرفتش اعمل ايه وقلت عادي يعني هنقعد في الجنينه قدام الحراس.
رفعت ماسة حاجبها بتهكم: يعني إيه ماكنش قصدك وفاجئك؟ ويعني إيه عادي تقعدي في الجنينة؟! إنتِ بتبرري غلطك؟ لا يا سلوى، إنتِ غلطانة، وده ماينفعش! واحنا من امتى بنعمل كده؟! وبنقعد مع شباب لوحدنا حتى لو كان خطيبك انت نسيتي ولا ايه؟! حقيقي أنا مش فاهمه إنتي ازاي تعملي كده.
سلوى وهي تبكي بحرقة: يا ماسة، حرام عليكي! أنا مش قادرة اتلم على أعصابي حتى مكي كان قاعد يزعق لي!
ماسة بنبرة حادة: عنده حق، والله! فعلاً طلع عنده حق. إنتِ لسه ماكبرتيش، ودماغك صغيرة. اللي يعمل تصرف زي ده يبقى دماغه لسه صغيرة!
نظرت سلوى إلى ماسة بحزن شديد، ثم انهارت في البكاء مرة أخرى. كانت ماسة تشعر بالضيق مما فعلته سلوى، فهي خافت أن يحدث لها شيء. حدّقت فيها للحظات بعينين غاضبتين، بعد لحظات تنهدت بعمق، ثم أعادت شعرها إلى الخلف في محاولة للتماسك. تراجعت عن غضبها وأخذت سلوى بين أحضانها، تربّت على شعرها بحنان قائلة:
طب خلاص، متعيطيش… خدي بالك من نفسك، وبطلي تهور. فكري كويس قبل ماتعملي أي حاجة! اللي عملتيه ده ماينفعش، غلط وعيب. حتى لو كان صالح راجل محترم وماستغلش الموقف، برضه غلط وماكانش ينفع ولا يصح.
سلوى: انا عارفة والله، أصلاً مش عارفة أنا قبلت ازاي.
تنهدت ماسة بنبرة جادة: طيب، فهميني. الحي،وان ده راح فين؟
سلوى بتوتر: معرفش، مكي خلاهم يرموه في الشارع بعد ماضربوه.
ماسة بتوتر: طب انت متأكدة إن السكينة دي مادخلتش يعني محصلوش حاجة.
سلوى وهي تمسح دموعها وتحاول ان تهدأ: مكي قال كدة
ماسة: طب أنا هكلم مكي وهفهم منه.
توسلت سلوى بخوف: وحياتي يا ماسة، ماتقوليش لسليم حاجة، ولا تخلي حد يعرف، أرجوكي!
ماسة بحدة:طبعًا إنتِ عبيطة! استني… أنا هكلم مكي بس.
أمسكت ماسة هاتفها بسرعة واتصلت به:
ألو… يا مكي، بقولك إيه، الحي،وان اللي اسمه صالح ده راح فين؟… تمام … طب وموضوع السكينة ده… اها .. اها .. تمام …متأكد،، ماشي خلاص… لا، ماتعملش حاجة … بس أوعى حد يعرف، حتى سليم. … وإحنا هنتصرف مع ماما وبابا … هتعمل إيه يعني؟ طيب، ماشي. ابقى عرفني.
أغلقت ماسة الهاتف، فبادرت سلوى بسؤالها بلهفة:
قالك إيه؟
ماسة بجدية: قال إنه هيتصرف معاه وهيخليها تيجي منه هو، وفعلا الضربة كانت سطحية على الجلد الحمدلله.
أضافت ماسة بشدة وهي تشير بأصابع يدها:
وإنتِ يا سلوى، خدي بالك من نفسك. عشان لو غلطتي غلطة زي دي تاني صدقيني هتزعلي مني.
سلوى وهي تمسح دموعها: حاضر… هي نالا فين؟
زمت ماسة شفتيها بضيق قالت بحزن نبرة صوتها: مع هبة، خلاص بقى، رجعت لمامتها بعد مارجعت بالسلامة. استني شوية، ولما تبقي كويسة نطلع نقعد معاها.
نظرت سلوى إلى ماسة بحزن وهي تمسح دموعها وربّتت على قدميها بحنان: ماتزعليش يا ماسة.
ماسة بحزم وهي تحاول السيطرة على مشاعرها:
عايزاني مزعلش؟
هزت سلوى رأسها بإيجاب بصمت اكملت ماسة بتأثر:
ماتكلمنيش في الموضوع ده خالص! عشان كل مابتكلم فيه بزعل، خلاص بقى كأنه ماحصلش عشان أنسى لازم انسى هي مش بنتي.
هزت سلوى رأسها بإحباط، وهي تزم شفتيها بصمت. كانت تدرك جيدًا مدى حزن شقيقتها، والغصة التي اعتصرت قلبها بعد فراق نالا. شعرت بالعجز أمام ألم ماسة، ولم تجد الكلمات التي يمكن أن تخفف من وجعها، فاكتفت بالصمت، وشاركتها لحظات الحزن بصمت مؤلم.
💞_______________بقلمي_ليلةعادل
في أحد الشوارع الثامنة، مساءً
نشاهد مكي وهو متوقف بجانب سيارته. يمسك مكي هاتفه بيده ويقوم بإجراء مكالمة. يبدو على ملامح وجهه الشدة.
مكي بصوت منخفض: أنا مكي.
في اتجاه آخر، في منزل صالح.
صالح جالس على المقعد، ووجهه يحمل آثار الضرب والخرابيش ورابط كتفه من أعلى. رد على الهاتف بصوت خشن.
صالح باقتضاب: إنت عايز إيه؟
مكي بأمر: انزل نتكلم مع بعض شوية، لو مانزلتش هطلع لك أنا ونحكي للعيلة الكريمة المحترمة ابنهم الهمام عمل إيه في خطيبته، إيه رأيك؟
صالح بغضب، لكن بدا عليه التردد: استنى، نازل.
يغلق صالح الهاتف ويخرج من الغرفة.
في الريسبشن،
تجلس العائلة. والده ينظر إليه بقلق.
والده بقلق: رايح فين يا صالح؟ وانت عامل كده!
صالح يخفض رأسه، يحاول التظاهر بالهدوء: نازل بس يا بابا تحت شوية، وبعدين ماتخافش عليا، قلت لها وقعت.
والده بصوت غاضب: أوعى تكون فاكر إنه داخل في دماغي حوار الوقعان ده، بس ماشي.
صالح يخرج من الشقة. والده ينظر لوالدته بتعب.
والده بقلق: صالح بيكدب، واضح إن في مشكلة كبيرة.
همست والدته: أيوه، واضح إنه مضروب كمان.
والده: وليد، شوف أخوك ماله.
نظر وليد بقلق: ماشي، أنا هنزل وراه.
في الشارع.
نرى مكي متوقفا منتظرًا صالح. عندما شاهد صالح، يقترب اعتدل مكي في وقفته نظر له بنظرة قوية، وجسده يعكس الثقة والعزم.
صالح بحدة: عايز ايه؟!
مكي بصوت هادئ لكنه حاسم بنبرة رجولية تحمل تهديد: عايز أقولك حاجتين، أول حاجة، ملكش دعوة بسلوى تاني، تمحيها من حياتك، ولو فكرت بس تقرب منها أو تعدي في شارع هي معدية منه هتندم، وتصلي شكر إني سبتك عايش بعد اللي عملته، ثاني حاجة، هتتصل بعم مجاهد وتقول له كل حاجة، نصيب؟ وتنسى سلوى، وأي حاجة تخص سلوى. عشان صدقني لو عقلك وزك أنك تكلمها، المرة الجاية…
صمت لوهلة!! قرب وجهه من وجه صالح بنظرة مرعبة. وضع يده على كتفه من أعلى بقوة.
مكي بتهديد: هلبسك كفنك حي.
تبادل النظرات، للحظات ثم وغز مكي صالح على كتفه ورحل.
توقف صالح لحظة، ينظر إلى آثار مكي بضيق وغضب. فور أن التفت، وجد وليد أمامه.
وليد: بصوت هادئ لكن مليء بالقلق: عملت إيه في سلوى؟
نظر صالح لشقيقه بنظرة مليئة بالخجل، يحاول تجنب عينيه، ويضع عينه على الأرض وكأن الكلمات لم تعد تكفي.
💞_______________بقلمي_ليلةعادل
قصر الراوي
غرفة نوم ياسين وهبة. العاشرة مساءً
نرى نالا نائمة في فراشها الصغير بجانب الفراش الكبير، بينما هبة تجلس على طرف الفراش تنظر على نالا من بعيد، يبدو عليها التردد والخوف كان ياسين متوقفا بجنبها يحاول تشجيعها.
هبة بصوت هادئ: هي أكيد واخدة عليهم أكتر مني… ماسة كانت معاها طول الوقت، يمكن خلاص مش محتاجاني.
اقترب ياسين منها ومسح على كتفها بحنان: هبة، ماتقوليش كده. ماسة كانت معاها، عشان تساعدك لما كنتي تعبانة، لكن نالا عمرها ماتنسى مامتها.
هبة بتنهد وهي تنظر على الأرض: طب لو ماعرفتنيش؟ لو بقت غريبة عني؟ أنا حتى خايفة ألمسها من وقت ما ماسة ساعدتني إني انيمها.
ياسين بنبرة مشجعة: جربي، قربيلها. صدقيني، مجرد صوتك وريحِتك هيعرفوها إنك مامتها، مجرد يومين وهتنسى ماسة وسليم.
توقفت هبة بتردد، واقتربت من فراش نالا. نظرت لها وهي نائمة بسلام، ومدت إيدها بخوف شديد تلمست خدها، تحركت نالا وفتحت عينيها، تنظر لهبة ببراءة ثم تبتسمت لها.
نظرت هبة بصدمة بعينين اغرورقت بدموع: هي بتبتسم لي يا ياسين؟
ياسين بفرحة: شفتي بقى.
هبة بصوت مكسور: بس… لو فضّلت تحب ماسة أكتر؟
ياسين بحزم: مفيش مقارنة. ماسة كانت معاها عشان تساعد بس، لكن مفيش حد هياخد مكانك في حياتها. إنتي مامتها زي ماقولتلك.. يومين وهتنسى ماسة وسليم، انا هطلب منهم الفترة دي يبعدوا عنها خالص عشان تنساهم.
هبة بقلق: مش هيزعلوا.
ياسين متعجباً: يزعلو ليه ده الصح ماتقلقيش.
نظرت هبة له لوهله بصمت ثم نظرت لنالا بإبتسامة انحنت ووضعت قبلة على جبينها.
على اتجاه آخر فى الحديقة
نشاهد ماسة وسليم وسلوى يجلسون وهم يحتسون الشاي كان يبدو على ملامح وجه سلوى التوتر
واثناء ذلك اقترب مكي.
مكي: مساء الخير.
سليم: مختفي فين من الصبح.
جلس مكي: مش قولتلك كنت في مشوار.
سلوى بتلقائية ممزوجة بتوتر: عملت ايه مع الحقير ده.
مكي: خلصت الموضوع معاه انتي انسي متفكريش فيه تاني ولا كأن حاجة حصلت.
سليم متعجباً: موضوع إيه؟!
نظرا لبعضهما لوهله تنهدت ماسة قالت بتلعثم: هقولك صالح يعني قرب من سلوى بشكل مش كويس ومكي ضربه.
اتسعت عينا سليم: قرب منها ازاي؟!
ماسة وهي تعود بشعرها للخلف قالت بتوتر خفيف: قرب منها يا سليم حاول يبوسها بالعافية؟
نظر له سليم بصدمة قائلا : ايه؟! عمل ايه
نظرت له ماسة بصمت وأسف اكمل سليم بغضب وهو ينظر لمكي:
إنت مكسرتس دماغه ليه عديم الشر”ف ده؟!
مكي بشراسة: طحنته والله وكنت هم”وته.
سليم بغضب: أمال كنت بتعمل معاه ايه فهمني؟!
مكي: يعني خليته يقفل الموضوع من عنده عشان ميحصلش مشكلة لسلوى؟!
سليم بغضب شديد: يعمل مشكلة؟! إيه يا مكي، انت اتجننت؟ ده هو اللي غلطان في حقنا! يحمد ربنا إننا سايبينه عايش أصلاً! ولايقدر يفتح بوقه لأن وقتها هندمه.
نظر الجميع إليه بصمت، لا يعرفون ماذا يقولون. أكمل سليم بنبرة شك: هو في حاجة أنا مش عارفها ولا إيه؟
نظرت ماسة له بصمت، مسحت وجهها، وأشاحت بعينيها بعيداً عنه. حتى مكي بدا متحفظاً ولم ينطق.
أما سلوى، فنظرت إليه بتردد واضح، ثم قالت بصوت خافت.
سلوى بارتباك: اها في حاجة… بس كنت خايفة أقولك يعني عشان ماتفهمنيش غلط…
نظر لها سليم متعجباً وهو يعقد بين حاجبيه، أجابته سلوى على تلك النظره بتلعثم: أنا هفهمك كل حاجة روت له ماحدث..
علق سليم بشدة: غلط يا سلوى ازاي تعملي كدة؟!
سلوى بدموع: سليم بالله عليك متزعقليش إنت كمان كفاية ارحموني والله عارفة اني غلطت لأني جبته وأهلي مش موجودين.
سليم مفسرا: انا بزعقلك، خوف عليكي.
سلوى بدموع: عارفة والله.
نظر سليم لمكي: عموماً لو عمل حاجة انت عارف هتعمل معاه ايه.
مكي تبسم: طبعاً هلعبه لعبتنا المفضلة، تنهد، طب أنا همشي، سلام.
تحرك مكي للخارج
ماسة: ماتيجوا ندخل جوه.
سلوى: أنا هقعد شويه هنا.
زم سليم شفتيه بحنان وهو يربت على أعلى كتفها: متفكريش في الموضوع موقف وعدى بس خدي بالك بعد كدة ماشي.
هزت سلوى رأسها بايجاب: حاضر، ربنا يخليك ليا يا سليم
توقف سليم بابتسامة: إنتي أختي يا سلوي ومش هاسمح لأي حد يئذيكي..
اقتربت ماسة منها وقامت بوضع قبلة على جبينها: حبيبتي انسي ها متزعليش.
تحرك سليم وماسة داخل القصر، بينما بقيت سلوى غارقة في التفكير فيما حدث وفي كل شيء، شعرت أنها أخطأت عندما سمحت لصالح بالمجيء دون وجود عائلتها، عادت إلى ذكرياتها مع مكي وموقفه الشهم معها، تتساءل كيف يمكنها تجاوز ماحدث. كما أنها شعرت بحزن عميق لأنها أدركت خطأها في اختيارها لصالح.
💕_______________بقلمي_ليلةعادل ⁦。⁠◕⁠‿⁠◕⁠。⁩
جناح سليم وماسة
نشاهد سليم يجلس على الفراش وماسة تتوقف أمامه
سليم رفع عينه تساءل متعجباً: ماكنتش عايزة تقوليلي ولا ايه؟!
ماسة بتوضيح: لا ياقلبي بس محبتش أكبر الموضوع عشان سلوى متتكسفش قصادك.
سليم بعقلانية: طب هديها، لان الموضوع تعبها بلاش تأنبيها في الكلام وتضغطي عليها، هي غلطت بس كفاية ندمها.
ماسة: حاضر.
وقعت عينا ماسة على لعبة خاصه بـنالا امسكتها وجلست بجانب سليم بحزن.
نظر سليم الى اللعبة ثم نظر لها وقال: هتتعودي.
هزّت رأسها بايجاب وهي تغرق ملامح وجهها في حزن عميق، ثم أسندت رأسها على كتفه بصمت. احتوى سليم جسدها بين ذراعيه، وكأنه يحميها داخل حدود قلبه، ثم طبع قبلة دافئة على شعرها، مليئة بالحنان والحب.
اليوم التالي،
قصر الراوي – السابعة صباحاً
نستمع لارتفاع صوت صراخ نالا يخرج من غرفة هبة وياسين، بينما كان سليم وماسة يخرجان من جناحهما في الاتجاه الآخر، يسيران في الممر الموصل إلى الدرج.
توقف ماسة: نالا بتعيط، هروح أشوفها، تعال معايا.
كادت أن تتحرك أمسكها سليم من معصمها بلطف: بلاش.
ماسة بتعجب: ليه؟!
سليم: مش اتفقنا إننا نحاول نبعد.
وأثناء توقفهما، خرجت هبة تحمل نالا بين ذراعيها، وياسين خلفها. بدا عليها التعب وهي تحاول تهدئة الصغيرة دون جدوى.
هبة بزهق: في إيه؟ اسكتي بقى.
ماسة بحنو: مالها؟
هبة بضيق: مش مبطلة زن.
اقتربت ماسة بحذر، مدّت يديها نحو نالا.
ماسة: طب هاتيها، أنا أسكتها.
لكن بسرعة، أبعدت هبة يد ماسة عنها بلطف، وقالت بتلقائية وهي تهدهد نالا: معلش يا ماسة، خليني أنا أسكتها. لازم تتعود عليّا، لازم تعرف إني أنا اللي أمها مش إنتِ. رجّعيلي بنتي.
اهتزت ماسة للحظة حين استمعت لتلك الكلمة، وغصّ قلبها بالألم. أنزلت يدها ببطء وهي تقول بنبرة مرتجفة قليلاً.
ماسة بتلعثم: أنا مقصدش.
هبة تبتسم اعتذاراً: ماتزعليش مني.
قال سليم وهو يمسح على ظهر ماسة بحنان: تزعل ليه؟ ده الصح، أنا قلت كده بردو. لازم تتعود على مامتها وياسين، لازم حدود.
ياسين بتأكيد: شفتي؟ أهو سليم فاهم أن ده الصح. عشان تبطلي خجل.
سليم بتعجب: تخجل من إيه؟!
ياسين: خجلانة تقول لكم تبعدوا شوية عن نالا الفترة دي، عشان تتعود علينا.
ماسة بابتسامة ألم: مافيش خجل، ده الصح عياطها بس وجّعلي قلبي.
هبة: أنا سألت الدكتور، قالتلي خليهم بعيد خالص، حتى مايكونوش في نفس المكان، لأنها بتسمع صوتهم وبتشم ريحتهم. عشان كده بفكر ناخدها الفيلا بكرة.
سليم بتأييد: فكرة كويسة، بس مش المفروض تدريجياً؟
ياسين: سألت الدكتورة، قالتلي لا.
ماسة تحاول التماسك: شوفوا الأصلح لنالا واعملوه. يلا، هنستناكم تحت.
تحركت ماسة بضع خطوات، ثم عادت لتقول:
نيميها على بطنها، وغنّيلها وهي على رجلك. هي متعودة تنام كده في الوقت ده.
هبة: ماشي، هجرب.
توجهت هبة إلى الغرفة، وياسين خلفها.
هزّت ماسة رأسها، بينما دمعة كادت تخونها تحركت بسرعة عائدة إلى جناحها هناك، جلست على الأرض وأطلقت العنان لبكائها.
دخل سليم خلفها، نظر إليها بحزن جلس أمامها واحتواها بين ذراعيه.
ماسة بوجع وبكاء: والله مكنتش أقصد أخدها منها، كنت عايزة بس أسكتها.
سليم محاولا تهدئتها: هبة متقصدش يا عشقي.
ماسة: عارفة، بس اتوجعت أوي يا سليم. أنا اللي جبت لنفسي وجع القلب ده. كلامك كان صح، أنا هسمع كلامك بعد كده. انت دايماً صح.
أخذ سليم يربت على ظهرها بحنان وهي بين احضانه، محاولاً تهدئتها.
سليم: اهدي يا روحي، كل ده هيعدي، صدقيني.
وضع قبلة على رأسها رفع عينه لاعلى بحزن فهو أيضا يشعر بألم مثلها لكن يحاول ان يكون متماسكا أمامها.
مكي توقف امامها: عاملة إيه النهاردة؟
رفعت سلوى عينيها له بخنق: أحسن
مكي وهو ينظر من حوله: أمال فين ماسة.
سلوى: في صالة الجيم.
مكي: دي طبعاً اللي في القصر..
هزت سلوى رأسها بايجاب: طبعاً يا ريتك تكلم سليم يفك عليها شوية.
مكي: حاضر.
سلوى: مش مع سليم ليه؟!
مكي: عشري معاه وأنا أكتر بقيت مع ماسة.
المهم انتي حقيقي أحسن حاسس إنك مخنوقة.
سلوى بحزن: بحاول أكون أحسن. مانمتش من إمبارح، كل مابحاول أنام، افتكر اللي حصل.
جلس مكي بجانبها على المقعد. نظرت له سلوى وهي تشير على نفسها.
سلوى بتوضيح بعينين تترقرق بالدموع: مكي، أنا مش وحشة والله العظيم، ولا أخلاقي وحشة، عملت كده بتلقائية أنا مش عارفة إيه اللي خلاني أرحب بالفكرة، أنا قلت هنقعد في الجنينة والحرس موجودين، هيعمل إيه يعني؟
نظر مكي بتركيز: إيه اللي بتقوليه ده؟ ولا أنا ولا سليم ولا ماسة ولا أي حد شافك بنت مش كويسة. بس أنتي تصرفتي غلط. إنتي شفتيها جنينة زي أي جنينة، بس هي كانت غلط، سلوى مش عيب اننا نغلط بس عيب لو احنا ماتعلمناش من اخطائنا، وبعدين، انسي اللي حصل. الحمد لله إنتي كويسة.
سلوى بتوتر: أنا خايفة يقول حاجة لبابا.
مكي بقوة: مش هيقول له حاجة، عشان لو فكر… مش قادر أقولك أنا ممكن أعمل فيه إيه انسي بقى المهم تتعلمي من الغلط ده.
سلوى بامتنان صادق: حقيقي أنا بشكرك على كل حاجة عملتها معايا. إنت قلت لي خدي بالك، بس أنا اللي عنّدت وافتكرتك غيرت.
مكي تنهد: أنا يمكن كنت غيران، بس قلبي ما كانش مرتاح له… صمت لوهلة ثم قال: مش كفاية بقى.
عقدت سلوى بين حاجبيها: تقصد إيه؟
مكي برجاء: كفاية اللي إنت بتعمليه. يعني خلينا نكمل المشوار إللي إحنا مابدأناهوش.
عدل مكي من جلسته، قال بتوضيح ممزوج بتأثر أضاف: والله العظيم أنا عملت كده عشان خاطرك، عشان كنت خايف عليكي، وعايزلك الأفضل.
سلوى تسالت: طب فرضًا تعرفت على حد وكان كويس وحبيته، كنت هتعمل إيه؟
مكي مد وجهه: عادي كنت برضو هحاول اوريكي إن أنا كويس و…
قاطعته سلوى متعجبة: وجيت عرضت عليا حبك، طبيعى كنت هرفضه. عشان ماشفتهوش، لكن انا شفت اللي معايا، طبيعي هختاره، أنا مش فاهمة إنت فكرت إزاي وقتها، إيه أشوف كتير وأعرف كتير؟ ماهو طبيعي لو كنت شفت حد دخل عقلي وقلبي، ماكنتش هختارك عشان لسه ماعرفكش.
مكي: بس إنتي عارفاني.
سلوى باعتراض: لا، انا ماعرفكش، افرض صالح ده كان حد كويس وحبيته واتجوزته كنت هتعمل ايه.
صمت مكي لوهلة قال بأسف: نصيب. كان هيبقى نصيب. بس برضو كنت هحاول أوريكي نفسي وأوريكي حبي. ساعتها، إنتي هتقارني بيني وبينه واللي يستحقك يبقى حلال عليكي.
ضيقت سلوى عينيها بانزعاج: إنت مقتنع باللي بتقوله ده؟
مكي بيقين: أيوه مقتنع وخلاص. يا سلوى، انسي اللي فات. خلينا نبدأ صفحة جديدة، أنا بحبك.
سلوى بعند: لما تقتنع إنك غلطان وإنك أذيتني؟ هانسى.
مكي بغضب: هو عند وخلاص.
سلوى: مش عند ده الصح.
مكي: يعني لو قلت لك خلاص، أنا مقتنع، هتوافقي؟ طب أنا مقتنع.
سلوى بتهكم: انت بتاخدني على قد دماغي ولا ايه؟!
مكي بلطف: ماقصدش ده، سلوى انا بحبك ولسه ماددلك ايدي، أنا هديكي مساحتك تفكري كويس، ولازم تحطي في دماغك إني عملت كده حب ليكي مش انانية وياريت بلاش تفكري بعند.. سلام
تحرك مكي بعد أن ألقى نظرة أخيرة متمنيا أن تعطيه فرصة أخيرة

نظرت سلوى لآثاره وهي تمسح على وجهها بحيرة ثم نهضت وتوجهت الى صالة الجيم الملحقة بالقصر لتجلس مع ماسه وتتبادلان الأحاديث في ذلك الموضوع.
((بعد وقت))
الصالون
كانت هبة جالسة على الأريكة، تحاول تهدئة نالا التي كانت تبكي ولم تستطع تهدئتها. كانت تجلس معها ماسة وسلوى وكان يبدو على ملامح ماسة التأثر.
هبة: أنا ماكنتش أعرف إنها هتبقى كده، زنانة أوي.
ماسة ببراءة: دي عسولة خالص انتي بس أوقفي شوية بيها، ومشي إيدك على ظهرها، هتهدى.
هبة وهي جالسة باعتراض:لا، مش هعمل كده. مش هعودها على الحاجات اللي أنتِ معوداها عليها. لازم تتعود على طبعي أنا. معلش يا ماسة، متدخليش في طريقة تعاملي مع بنتي.
شعرت ماسة بالاحراج الشديد عادت بشعرها للخلف قالت بتوضيح: انا مش بأتدخل، أنا بفهمك. كنت بسكتها إزاي.
هبة بخجل: أنا ماقصدش، بس أنا محتاجة أعودها عليا، ومعملش الحاجات اللي انتي كنتي بتعمليهالها، علشان بجد بدأت أحس إنها مش بنتي، وكأنك أنتِ اللي مامتها مش أنا.
ماسة: عندك حق، (نهضت) طب سوسكا، تعالي نطلع بره.
هبة: ماتزعليش مني، أنا ماقصدش، خليكي.
ماسة بلطف: لا، أنا هخرج مع سلوى وانتي لما تخلصي تعالي اقعدي معانا تحت لو تحبي، افتكرت إن ياسين قال إنها لما بتسمع صوتي أو تشم ريحتي، هتعرف إن أنا موجودة. يمكن علشان كده بتعيط، وأوعدك اني هحاول على قد مأقدر مقربش منها. متقلقيش، يا هبة، أنتِ مامتها، وهتتعود عليكِ، يومين بس وربنا يخليها ليكِ.
خرجت سلوى مع ماسة، التي سمحت لدموعها أن تهبط، وضعت سلوى يديها على ظهر ماسة وقالت بعقلانية ولطف:
ماتزعلش يا ماسة أكيد هبة متقصدش غصب عنها.
عارفه أن كلامها جارح ورخم، بس قدري هي مامتها مشفتهاش لشهور، ويوم مرجعت تاخدها لاقتها مرتبطه بشخص تاني سمحيها يا حبيبتي.
ماسة بوجع نظرت لها: عارفة والله، و لو أنا مكانها هعمل كدة، أنا مش زعلانة، بس مش عارفة، حاسة إن هبه بتتهمني إني سرقت بنتها، وده مش حقيقي والله أنا بحاول أساعدها ..(تنهدت بتعب ومسحت نوعها) تعالي نتكلم في الجنينة.
توجهتا إلى الحديقة وجلستا على المقاعد.
احتست ماسة كوب من الماء لتهدئ من روعها.
سلوى نظرت لها: ها أحسن.
ماسة هزت راسها بإيجاب: اممم، قوليلي هافكرتي في كلام مكي؟
سلوى: ده لسه مكلمني النهاردة
ماسة تسألت:طب هتدي له فرصة؟
سلوى بحيرة: مش عارفة، دلوقتي كل اللي عايزاه إني أهدأ وأخلص من موضوع صالح الأول.
ماسة بعقلانية: بصي، أنتِ أصلًا ماكنتيش بتحبي صالح، ولا كان فيه حاجة جواكي تجاهه، كل اللي انتي عملتيه ده كان عند في مكي، موضوع نسيانه وتتخطي اللي حصل، وخطوبتك ليه والكلام الأهبل اللي قولتي الصبح، مش حقيقي… عايزه رأيي
هزت سلوى رأسها بايجاب أكملت:
اخلصي من الموضوع ده، وتدي فرصة لمكي، وخلاص.
سلوى:طب عادي يعني لو اتخطبت بسرعة كده.
ماسة: ايوه عادي، هو انتي بتعملي حاجه غلط والا حرام، وبعدين أنا وسليم هنكلمهم مالكيش دعوة انتي.
سلوى: طيب، هعمل كده، هي شكلها هترسي عليه.
ماسة بابتسامة محبه: والله العظيم، أنتم لايقين على بعض، وأنا بحبكم اوي مع بعض. مكي يستاهل الفرصة.
تبسمت سلوى لها بصمت.
أحد الكافيهات الهادئة الرابعة مساءً
جلستا نانا ونور في ركن بعيد عن الأنظار، حيث كان الجو يسوده الهدوء والسكينة، كلاهما كانت تحتسي عصيرها في صمت، تستمتع بلحظات من الراحة قبل أن تكسره نور بكلماتها.
نور، بتعجب،: يعني هو عرف منين موضوع حمدي؟ الباشا ممشي وراكي جواسيس ولا إيه؟
نانا، بملامح تملؤها عدم المعرفة: مش عارفة.. بس أنا لازم آخد بالي بعد كدة. هو كدة كدة حمدي ماعجبنيش.. فالموضوع مش نافع خالص.
نور، ضاحكة بسخرية: إنتِ شكلك لبستِ عزت الراوي للأبد… إلا لو هو زهق وسابك.
نانا، بنظرة جادة تعكس طمعها: وعلشان كده.. لازم آخد كل حاجة وأأمن مستقبلي. أكتر من كدة، ما أنا مش هخسر كل ده على شوية الفكة إللي أخدتها من عزت.
نور، بقلق صادق في صوتها: والله أنا خايفة عليكي… لازم تحذري.
نظرت لها نانا نظرة مليئة بالكثير من المعاني، ولكن لم تُقال منها أي كلمة.
((وخلال يومين))
بدأت ماسة تعتاد على فراق نالا، ولكن حينما كانت ترى نالا تبكي بشدة، كان قلبها ينفطر من الألم. كانت تحاول بكل حب وبراءة أن تهدئها وتخفف عنها، لكن كل محاولاتها كانت تصطدم برفض قاطع من هبة، كانت هبة تمنع ماسة من الاقتراب من نالا، وتصر على أن البنت يجب أن تتعود عليها أولًا، وهو ما كان يجرح ماسة بعمق، شعرت ماسة بظلم كبير، إذ كانت لا تستطيع إلا أن ترى نالا وهي تبكي من بعيد، في الوقت الذي كانت تشعر فيه أنها تستطيع أن تساعدها لو أُتيح لها ذلك. ومع تزايد تصرفات هبة المبالغ فيها، التي كانت تزداد قسوة مع الوقت، قررت هبة أن تترك القصر وتغادر، معتقدةً أنها بذلك ستتمكن من جعل نالا تتعود عليها بشكل أكبر.
كما ظلّت سلوى في القصر عدة أيام مع ماسة، تحاول أن تسليها وتنسيها ما حدث. كان مكي بعيدًا عن سلوى، يترك لها المساحة للتفكير، لكنه كان دائمًا يبادلها نظرات الحب.
بعد أسبوع عادت سلوى إلى منزلها عندما عادت عائلتها إلى القاهرة، وبقيت ماسة وحيدة في القصر بعد مغادرة نالا. نالا التي كانت بالنسبة لماسة بمثابة طوق النجاة الذي يساعدها على نسيان آلامها، وكانت أيضًا تهون عليها فترة الحبس التي كانت تمر بها.
بدأت ماسة تهتم بلياقتها البدنية، حيث كان يوجد في القصر صالة رياضية وتعليم الجيتار … كانت تحاول أن تشغل نفسها بأي شيء، سواء من خلال القراءة أو مشاهدة التلفزيون أو ألعاب الكمبيوتر، إلى أن يعود سليم ليقضيا الوقت معًا.
💞_______________بقلمي_ليلةعادل
قصر الراوي
في جناح سليم وماسة السادسة مساءً
كان واضحًا على ماسة شعورها بالملل وهي تلعب لعبة “زوما” على الكمبيوتر. كان سليم جالسًا على الأريكة بالقرب منها، غارقًا في قراءة أحد الكتب. تنفست ماسة بملل، ثم توجهت وجلست إلى جانبه وهي تزفر.
ماسة: سليم، أنا زهقانة، تعالى خرجني.
نظر سليم لها: ماسة أنتِ عارفة.
ماسة بملل وضيق: عارفة إيه بس؟ عارفة إيه؟ فات كتير، أنت عارف أنا بقى لي كام شهر ماشفتش الشارع!
سليم اغلق الكتاب ونظر لها: معلش ياعشقي، أنا عارف والله ومقدر شعورك، بس أنتِ برده أكيد فاهمة اتحملي شوية.
ماسة وهي تحاول أن تقنعه: فاهمة والله العظيم، ومقدرة ومستوعبة، بس يعني، أخرج معاك انت، يعني أنت خرجني، واختار المكان، وقفله كله بالحراسة موافقه.
سليم باعتذار: اصبري يا ماسة شوية بس، أنا ماشي ورا خيط، وإن شاء الله أوصل لحاجة فات كتير.
ماسة بستعطاف: طب نروح عند ماما.
سليم: طب احنا هنروح من بيت لبيت، إيه الفرق؟
ماسة بزهق: معرفش، بس يعني أكيد بدل الملل هشوف ناس تانية غير اللي هنا.
سليم: طب تحبي أغير لك ديكورات الأوضة كنوع من التغيير؟
ماسة باستغراب محبط: تغيرلي ديكور الاوضه؟! ( تنهدت بحزن) لا، ماتغيرش حاجة، خلاص، أنا هقوم أكمل لعب ..سليم، بقولك إيه، أنا عايزك تنزلي لعب كثير على الجهاز، لأن أنا خلصت معظم الألعاب اللي هنا.
هز سليم رأسه بايجاب بينما نظرت له ماسة بملل وتنهدت بقلة حيلة وتوجهت مرة أخرى وجلست على الجهاز قامت بتشغيل أغاني أثناء اللعب و تستمع لها بينما كانت عينا سليم عليها ينظر لها بحزن من أجلها لكن شعوره بالخوف أكبر من أن يسمح لها أن تخرج خارج اسوار ذلك القصر.
💞____________بقلمي_ليلةعادل
فيلا عائلة ماسة الرابعة مساءً
الصالون
نشاهد سعدية ومجاهد وسلوى يجلسون في الهول يتبادلون الأحاديث.
سعدية متعجبة: يعني هو قال لك كده يا أبو عمار يلاا أحسن جت منه..بس أنا مش داخل دماغي يعني البت عملت ايه.
سلوى بضيق: أنا ماعملتش حاجه بس كل شوية نتخانق مع بعض بسببه هو مش مهتم و زهق من المشاكل وانا كمان.
مجاهد بتوضيح: أنا أصلاً من بعد آخر مرة قلت لك إن أنا مش عايز الواد ده، بس سبتك عشان انتي اللي كنت شبطانة. يلا الحمد لله.
سعدية: ماسة عاملة إيه؟
سلوى: كويسة، بس زعلانة عشان موضوع نالا. هبة أخدت البنت ومشيت.
سعدية بحزن: يا حبيبتي يا بنتي، غصب عنها، اتعلقت بيها يا حبيبتي، يا رب يشفيك يا سليم والبت تقدر تخلف عيل تفرح بيه، أنا بكره هروح لها، أنا جايبة لها شوية حاجات مع إنّي مابحبش أدخل القصر ده، بس يلا هنعمل إيه.
بت يا سلوى قوليلي حد، كان بيعمل لك حاجة وانتي هناك؟
سلوى: لاخالص، مع إنّي كنت بحس إن فايزة هانم متضايقة وكده، بس كنت بطنش.
مجاهد: عمرهم ما هينسوا.. ربنا بس يكفيها شرهم.
سلوى وسعدية معا: يا رب.
💕_______________بقلمي_ليلةعادل ⁦。⁠◕⁠‿⁠◕⁠。⁩
فيلا هبة وياسين الثامنة مساء
غرفة الأطفال
تقف هبة بجانب طاولة تغيير الحفاضات، تحمل نالا الصغيرة التي تبكي بلا توقف. يبدو التعب واضحًا على وجهها، وتحاول تهدئة الطفلة بينما تفتح الحفاضة.
هبة: والله يا بنتي إنتِ أختبار صبر يومي.
تفتح الحفاضة وفجأة تتراجع خطوة للخلف وهي تغطي أنفها.
هبة: يا ساتر يا رب! إيه ده؟ أنتِ كنتِ بتاكلي إيه بالظبط؟!
في تلك اللحظة يدخل ياسين الغرفة، ينظر إليهما مبتسمًا.
ياسين: فيه إيه يا ماما هبة؟ شايفة حرب ولا إيه؟
هبة: آه يا ياسين، حرب كيماوية رسمي. تعالى ساعدني بدل ما أنا قربت أفقد الوعي.
ياسين: أساعدك؟ في ده؟ ده أنا لو قربت هتبلغي عني في المستشفى.
هبة: أيوة تساعدني! دي بنتك، يا حضرة الأب العظيم.
يقترب ياسين بخطوات مترددة، ينظر إلى الحفاضة ثم يتراجع بسرعة وهو يضع يده على أنفه.
ياسين: لا لا لا… إنتي متأكدة إن دي بنتي؟ ده كأنها أكلت مطبخ كامل!
هبة: أيوة بنتك، وده جزء من مسؤولياتك. يلا شمر كمك وورينا.
ياسين: أنا آسف يا هبة، بس الموضوع ده فوق طاقتي. أنا ممكن أجيب لها حفاضات جديدة، أجيب لك كمامة، أجيب أي حاجة، بس ما تطلبيش مني ألمس ده.
هبة: طيب خلاص، لو مش هتساعدني، يبقى تحمل العواقب.
تأخذ الحفاضة القديمة وتقترب منه ببطء، وهو يركض للخلف بسرعة.
ياسين: لاااا! هبة، إنتي بتلعبي بالنار!
هبة: طيب روح هات لي مناديل مبللة بسرعة قبل ما الوضع يسوء أكتر.
يخرج ياسين من الغرفة وهو يضحك،بينما هبة تكمل تغيير الحفاضة لنالا بابتسامة مرهقة.
هبة: باباكي ده كوميديا متنقلة، بس ولا يهمك، إحنا الفريق الأقوى.
بعد الانتهاء حملت هبة نالا بين أحضانها توجهت إلى غرفتها هي وياسين،، كان ياسين يجلس على المقعد
هبه وهي تحمل نالا بين احضانها قالت بسعادة: انا مبسوطة اوي، أخيراً بنتي رجعتلي تعبتني بجد فضلنا اسبوعين بنحاول مع بعض بس الحمد لله.
ياسين: قولتلك هتنسى ماسة، خلينا نرجع القصر.
هبه: لا مش دلوقت خالص لازم تنسى ماسة بشكل كبير.
ياسين: براحتك.
في عيادة أمراض الذكورة الثامنة مساءً
جلس سليم على الكرسي أمام مكتب الطبيب، وملامحه مليئة بالقلق الذي لم يستطع إخفاءه. أمسك الطبيب بملف التحاليل وأخذ يراجع الأوراق بعناية، ثم رفع رأسه ليبدأ الحديث.
الطبيب: بص يا أستاذ سليم، أنا شفت تحاليلك، والنتائج واضحة. نسبة قدرتك على الإنجاب حالياً حوالي 30%.
ارتسمت على وجه سليم ملامح الصدمة، وقال بسرعة: 30%؟ يعني إيه يا دكتور؟ النسبة ضعيفة جدًا! ليه كده؟
الطبيب بتوضيح: ماتقلقش. النسبة دي مش نهاية الطريق. في أمل تتحسن مع العلاج. حضرتك في الأساس قادر على الإنجاب، لكن المشكلة كلها بسبب الرصاصة اللي أصابتك. الإصابة أثرت على تدفق الدم ووظائف بعض الأنسجة في جسمك، وده قلل شوية من الخصوبة.
حاول سليم استيعاب الكلمات، لكنه كان واضحًا أنه منهك من كل هذا. بعد لحظة صمت، قال بنبرة أقل توترًا: يعني… لسه في أمل؟
الطبيب: طبعاً في أمل كبير. أنا هكتبلك على شوية أدوية وإبر تساعد على تحسين الدورة الدموية وتعزيز الخصوبة. ومع الالتزام بيها والمداومة على المتابعة، الأمور هتتحسن إن شاء الله.
أخذ الطبيب ورقة وصفة طبية وبدأ يكتب فيها الأدوية. ثم وقال: في حاجة كمان. لازم زوجتك تعمل اشاعه وتحليل عشان نعرف أيام التبويض عندها. لما نحدد الأيام دي، هتبقى فرص الحمل أعلى، وده هيكون خطوة مهمة جدًا.
سليم: طيب يا دكتور، بعيد عن الخلفة… أنا حاسس إني مش زي زمان، العلاقة الزوجية مابقتش زي الأول.
نظر اليه الطبيب باهتمام: يعني إيه مش زي الأول؟ وضّح أكتر.
سليم: الأول كنت طبيعي جدًا، العلاقة ممكن تحصل أكتر من مرة في اليوم، دلوقتي؟ مرة أو مرتين في الأسبوع بالكاد، وبعدها بحس بإرهاق شديد، وبنام كتير.
الطبيب: ده طبيعي جدًا. زي ماقلتلك، الإصابة مأثرة على طاقتك العامة، وجسمك بيستهلك مجهود أكتر في العلاقة. التعب اللي بتحسه بعدها نتيجة مباشرة لكده.
سليم بإحباط: يعني كده خلاص؟ مش هقدر أرجع زي الأول؟
الدكتور: مش لازم تبقى زي الأول بالظبط، لكن المهم إنك قادر على إقامة العلاقة بشكل طبيعي. التركيز دلوقتي لازم يكون على جودة العلاقة مش عددها. ومع العلاج والتحسن التدريجي، هتحس بفرق.
أخذ سليم نفسًا عميقًا، وكأن الكلمات هدّأت من قلقه قليلًا. وقف ببطء وقال: طيب، يا دكتور… أنا هعمل اللي تقول عليه.
الدكتور: ممتاز. ماتنساش تتابع معايا، وخلي زوجتك تعمل الاشاعه اللي طلبتها. ومع العلاج. الأمور هتتحسن إن شاء الله.
هز سليم راسه بابتسامة صغيرة محبطه وخرج من العيادة، ممسكًا بورقة الوصفة في يده، وعقله مليء بالتفكير. رغم القلق الذي يملأه، كان يحمل في داخله بصيص أمل صغير يدفعه للاستمرار في المحاولة.
قصر الراوي
جناح سليم وماسة العاشرة مساءً
نشاهد ماسة تجلس على الأريكة ممسكة بالجيتار، تعزف عليه لحنًا لطيفًا بخفة بعد لحظات، يدخل سليم إلى الجناح ويقترب منها. يضع كيس البلاستيكي على الطاولة أمامها ثم يجلس بجانبها.
رفعت ماسة عينيها بابتسامة واسعة: كراميل! تعال شوف، بص كده، تعلمت إيه!
تعزف حركة لطيفة بأصابعها، فيخرج لحن رقيق:
لسه هتعلم أكتر وأكتر.
سليم؛يبتسم بفتور، تبدو عليه علامات القلق:
طول عمرك شاطرة، بتتعلمي بسرعة.
لاحظت ماسة كيس الأدوية والتقطتها بفضول
فتحته ونظرت بداخله لتجد أدوية وحقن:
إيه ده يا سليم؟ مالك يا روحي تعبان؟!
تنهّد سليم بعمق ونظر إليها:
كنت عند الدكتور عشان أتكلم معاه عن مسألة الخلفة. قال لي إن فيه نسبة 30% ممكن يحصل حمل، وطلب مني إنك تعملي شوية تحاليل واشاعه، وكتب لي الأدوية والحقن.
نظرت ماسة له باستغراب ثم بابتسامة خفيفة:
طيب يا سليم، إن شاء الله خير.
مال سليم للأمام ووضع يديه على ركبتيه بإحباط:
بس 30% يا ماسة…ده قليل اوي.
وضعت ماسة الجيتار جانبًا وأمسكت يده بحنان:
حبيبي، لسه بدري. وبصراحة، أنا مش بفكر أجيب بيبي دلوقتي. كفاية اللي حصل قبل كده دول مرتين… آخر مرة اتوجعت أوي، والوجع ده لسه جوايا مش قادرة انسى اني اتحرمت من حور.
نظر سليم لها بحزن وحب، وصوت منخفض:
أنا مش بقول إننا هنخلف بُكرة. دول 30%، عارفة يعني إيه 30%؟ يعني قدامنا وقت طويل، يمكن سنتين والا أكتر.
ربتت ماسة على قدمه بحنان وحاولت تهدئته:
طب إهدى، حاضر. أنا هعمل اللي انت عايزه، وهنمشي على كلام الدكتور. بس أوعدني إنك مش هتحمل همّ حاجة ربنا اللي كاتبها لنا قول يارب وبس.
سليم هز رأسه وابتسم بخفة، رغم القلق البادي في عينيه:
ماشي…بس إنتِ دايمًا اللي بتقويني، عارفة؟
ابتسمت ماسة ردت بحب: وأنتَ اللي بتخليني أواجه كل حاجة. إحنا مع بعض في أي حاجة، فاهم ياقلبي؟
سليم بحب: فاهم يا قلب سليم وضع قبلة على خدها وأكمل: الحمد لله إنك جنبي يا ماسة.
ماسة بدلال طفولي: بس مادام كدة هخرج صح عشان الاشاعه.
سليم: مضطر.
ماسة: مالك بتقولها كدة ليه هنعملها امتى.
سليم: يومين.
ماسة بسخرية: طبعا هتحول المركز لسكن عسكري.
سليم: امممم لازم.
تبسمت له، عادت ماسة للعزف على الجيتار بينما سليم يراقبها بهدوء، كأنه يجد في لحنها عزاءً.
💕_______________بقلمي_ليلةعادل ⁦。⁠◕⁠‿⁠◕⁠。⁩
أمام أحد مراكز اللغات، الساعة الرابعة مساءً.
نرى مكي يقف بجوار سيارته منتظرًا سلوى، وفي يده حقيبة هدايا تحتوي على باقة من الورد.
ابتسمت سلوى عند رؤيته: هو أنت ماوراكش شغل ولا إيه؟
مكي ابتسم: سليم في المجموعة، وعشري معاه، وهرجع تاني بس لما أخلص معاكي.
سلوى: بتعرف مواعيدي إزاي؟
مكي بغرور: متسأليش السؤال ده.
سلوى بابتسامة: طب وعم أشرف راح فين؟
مكي: روحته؟ تعالي، عايز أتكلم معاكي شوية؟ استني، خدي الأول.
قدم لها الحقيبة، أمسكتها سلوى ونظرت بداخلها، ثم ضحكت: هو أنت هتفضل طول عمرك تجيب لي وردة وتحطها جوه الشنطة؟
مكي بعقلانية: ماهي دي بقى من ضمن الحاجات اللي كنت عايزك تعرفيها عني. مش هينفع نتكلم هنا. تعالي.
في هذه اللحظة، ظهرت إحدى صديقات سلوى:
الصديقة: إيه يا سوسكا، مش هنخرج؟
نظرت سلوى لمكي: معلش، خليها مرة تانية، بُكرة.
أمسكت الصديقة يد سلوى واقتربت منها هامسة:
مين المز ده؟ إنتِ لحقتي؟!
سلوى بابتسامة: اسكتي بقى. بكرة نتقابل ونخرج. أنا زهقانة جدًا. تيجي نوصلك؟
صديقتها: لا يا ستي،بلاش نبقى عزول. (بغمزة)
لا لا، ذوقك حلو باي.
ضحكت سلوى بعد أن فتح لها مكي باب السيارة، وصعدت صعد مكي وجلس محل القيادة وبدأ في القيادة.
مكي: تحبي تروحي فين؟
سلوى: البيت.
مكي: لا، هنقعد شوية نتكلم، فات شهر كامل، أظن فكرتِ ووافقتِي؟
تبسمت سلوى: فكرت، ماشي. بس ماوفقتش.
مكي: هتوافقي!
سلوى: ده أمر ؟!
مكي تبسم: تؤ، محبة.. ها هنقعد في كافيه هنا، ولا أقولك؟ هوديكي مكان أنا بحبه.
ينظر ردها عدل وجهتة وتوجه إلى أحد المقاهي البلدي في الحسين.
♥️_______________بقلمي_ليلةعادل
المقهى الخامسة مساءً
نشاهد مكي وسلوى يجلسان على إحدى الطاولات يتبادلان الأحاديث.
نظرت سلوى حولها: ما المكان ظريف أهو. يعني فيه أجانب وناس كتير حسستني إنك هتاخدني غرزه.
ضحك مكي:ما أنا موديكي قهوة نظيفة عشان إنتِ بنت، بس قصدي إن دي الأجواء اللي بحبها الشعبية بس ماعنديش مانع أجرب الحاجات اللي بتحبيها…. ها فكرتِ؟
أتى الجرسون ووضع المشروبات، ثم رحل. أمسكت سلوى، كوب السحلب وبدأت في احتسائه.
شعر مكي أنها مترددة قال: إيه مشكلتك؟
سلوى بحزن: مشكلتي؟ قلتلك زمان لما سبتني، كنت زعلانة فترة كبيرة. حسيت إن ماليش قيمة عندك، وإني مش مهمة. فضلت أسأل نفسي ليه؟ قرب وليه بعد؟! سألت نفسي للدرجة دي أنا وحشة ومستحقش يكون في حياتي، اتوجعت. كل اللي كنت عايزاه إنك تيجي تقولي.
مكي: خفت أقولك تتمسكي بيا أكتر.
اعتدل في جلسته يحاول توضيح مايريد:
صدقيني أنا متوقعتش انك هتزعلي كدة، حقك عليا يا ست البنات، بعدين إنتِ أخدتِ حقك مني، إنتي ماتعرفيش لما اتخطبتي كنت حاسس بإيه، واتوجعت قد إيه؟! كل اللي عايزك تعرفيه إني عملت كده عشانك، حتى لو كان غلط من وجهة نظرك.
تنهدت سلوى: على فكرة أنا لو كنت هرجع فهرجع بس عشان تمسكك بيا بالشكل ده مش أكتر.
مكي بترقب: إنتِ قولتي إيه؟
تبسمت سلوى: قلت خلاص. أنا موافقة. هنقول إيه في البيت؟ هتتقدم لي إزاي؟
مكي تبسم بسعادة: عادي يعني. حبيتك، وتقدمتلك.
نظرت سلوى داخل عينه برجاء: توعدني إنك هتحبي اوي ومش هتسبنى أبداً، وهتحافظ عليا ومش هتوجعني تاني، ولو حصل حاجة تيجي تتتكلم معايا، مش هتاخد بعضك وتبعد.
أمسك يديها التي تعهد ألا يمسها إلا عندما يصبح مابينهما حقيقة أمام الجميع، وكأنها أغلى ما لديه، وبدت عيناه مليئة بالحب والصدق قائلا: طبعاً أوعدك ..
زاد من نظراته العاشقة قائلا بوعد:
أنا وعدت نفسي إنك هتكوني أول وأهم حاجة في حياتي، وإني هفضل طول العمر أستحق ثقتك وحبك، وكل وعد قطعته لنفسي أصبح له معنى تاني دلوقتي، إنتي مش مجرد شخص في حياتي، إنتي الأمل والتحدي، وكل لحظة هاعيشها علشان أكون قد ثقتك، إنتي أعظم إنتصار كسبته في حياتي يا سلوى، وكل لحظة معاكي هي أثمن من أي حاجة في الدنيا.
كانت عيون سلوى تتسع بدهشة حين سمعت تلك الكلمات التي خرجت من قلب مكي لأول مرة بهذه الطريقة، مكي، الرجل الذي لا يعتاد على التعبير بالكلمات الجميلة ولا يظهر مشاعره بسهولة، نطق بها بنبرة لم تعهدها منه من قبل، كانت مشبعة بالحب والإحساس. مكي الذي لم يكن يعرف كيف يمسك وردة في يده، والذي كان يخجل منها ويضعها داخل حقيبته، فكانت بالنسبة لها لحظة صادمة بكل معنى الكلمة.
سلوى بصدمة: واو! أنا مش مصدقة! الكلام ده طالع منك أنت؟
مكي تبسم: آه، طالع مني عشان جاي من قلبي… بس يعني مش كل حاجة لازم تكون بالكلام. الأفعال بردو أجمل.
سلوى تبسمت: عموماً… شكراً.
مكي رفع حاجبه باعتراض: شكراً؟! هو أنا عملت أكله ولا ساعدتك عشان تقوليلي شكراً؟
سلوى وهي تضحك بمرح: امال أقولك ايه بشكرك على كلامك الحلو.
مكي باعتراض: ممكن تقولي اي حاجة غير شكرا هو أنا جايب لك كيلو جوافة!
سلوى: خلاص؟ ربنا يخليك ليا تسلملي.
قلب مكي وجهه بضيق قال وبمزاح: هي وصلت لتسلملي؟! اشربي يا سلوى السحلب واسكتي، اشربي! اشربي ..
أشاح بوجهه في اتجاه آخر وهو يقول: قال شكراً؟ وربنا يخليك، وبتتريقي عليّا عشان جايب الورد في شنطة وفي الآخر بتقول لي تسلملي.
ضحكت سلوى على مكي وطريقته.
💞___________________بقلمي_ليلةعادل
في احد الشقق المجهول السابعة مساءً
نرى سارة وولدتها وعماد معهم أبنائهما يجلسون ويتبادلون الأحاديث يبدو انها عادت من دبي للتوه
عماد بمحبه: حمد لله على سلامتك يا حبيبتي.
سارة بابتسامة: الله يسلمك يا حبيبي.
عماد بتنبيه: حبيبتي، لازم تختفي عن الأنظار عشان صافيناز.
سارة بحده: ماتقلقش، مش كل شويه تفكرني. وبعدين إيه المشكلة لما اتقابل مع صافيناز بره؟!
او اقول لها إني رجعت؟ اللي يهمني في الموضوع الأولاد وبس، غير كده مافيش كلام.
عماد تنهد: طب أنا همشي وهجيلك بالليل.
سارة: لازم تيجي عشان نشوف هنعمل إيه.
خرج عماد بعد ان وضع قبلة على جبينها،
وفي هذه اللحظة، اقتربت والدتها وقالت بصوت هادئ: فات سنين، وبقى عندك طفلين، إمتى هتاخدي حقك؟
سارة ابتسمت وقالت: قريب، قريب قوي كمان.
قصر الراوي
جناح سليم وماسة العاشرة مسًاء
نشاهد ماسة تجلس على الفراش مرتدية بيجامة، تضحك ضحكة مجلجله وهي تضع الهاتف على أذنها.
على اتجاه آخر في الحمام…
كان سليم يقف أسفل الدش، يأخذ حماما ساخن..بعد لحظات خرج سليم مرتديًا برنص الحمام، وتوجه نحو التسريحة، كان وجهه عابث وعليه علامات الغضب.
سليم بصوت حاد: لسه بتكلمي سلوى؟
لكن ماسة لم تنتبه لحديث سليم، جز على أسنانه، اقترب منها حتى توقف أمامها: ماسة أنا بكلمك
نظرت له ماسة وضعت يدها على الهاتف وقالت بابتسامة هادئة: أيوه يا حبيبي، بتقول إيه؟ معلش، أصل سلوى أخيرًا وافقت تدي مكي فرصة فرحانة اوي.
سليم بضيق: طيب، فين هدومي؟
توقفت ماسة أمامه ابتسامة هادئة: سوري يا سليم، هقوم أطلعها لك حالًا.
سليم بنبرة شديدة: يعني إيه لسه هتقومي؟ إنتي لسه هتطلعي هدومي وأنا المفروض أفضل واقف كده؟
ماسة بابتسامة هادئة: معلش، الكلام خدني معاها. لحظة هطلعهم.. ليه كل الغضب ده!؟
امتلأت عينا سليم بالغضب: طبعًا، ما انتي مابقيتش مهتمة بيا.
ماسة بندهاش: أنا يا سليم مش مهتمة بيك؟
سليم بحدة: أيوه، طلبت منك تطلعي لي اللبس لحد مخلص، بقالك ساعة بترغي في التليفون وسايباني. وقبلها أصلاً كنتي سايباني كأني مش معاكي طول الوقت.
ماسة: طب يا سلوى هكلمك بعدين ..لا مافيش حاجة سلام.
وضعت الهاتف جانبًا بهدوء واقتربت من سليم بابتسامة تحاول تهدئته وهي تمسك يده.
ماسة بدلال: مالك يا كراميل؟
سليم غاضبًا: مفيش يا ماسة، بس من حقي إن مراتي تقعد معايا لما أرجع من الشغل، وتديني كل اهتمامها وتركيزها، أنا بسيبك وقت كبير تعملي فيه اللي انتِي عايزاه، لكن لما أكون هنا، المفروض تبقي معايا أنا وبس.
تنهدت ماسة بهدوء حاولت أن تستوعبه: وأنا معاك إنت وبس، (وضعت قبله على خده) ماتزعلش، أنا آسفة. هطلع لك اللبس حالًا.
تتحرك ماسة نحو الخزانة بخطوات هادئة، ووجهها يظهر عليه بعض الحزن والتعب من طريقته، لكنها تحاول البقاء مبتسمة وتخفف من ضيقها. أخذت ملابسه والتفتت نحوه بابتسامة مشرقة.
ماسة: طلعت لك اللبس، يلا خلص بسرعة عشان نقعد ونتكلم شوية.
سليم: وهنكلم عن إيه؟
ماسة بتفسير: لازم نتكلم مع بابا وماما على مكي أصل أخيرا الأستاذة سلوى أدت فرصة لمكي وخارجين مع بعض النهارده.
سليم بنبرة حادة: بس أنا قلتلك، مفيش خروج من هنا، يا ماسة.
ماسة بمهاودة: وأنا ماقلتش إني هخرج. أنا عارفة اني ممنوع عليا الخروج.
قاطعها سليم بضيق: مالك بتقولي ممنوعة من الخروج كده، كأنك محبوسة في زنزانة؟
ماسة باستيعاب: لا ياحبيبي، أنا أقصد إني عارفة إنه مش هينفع أخرج، عشان أنت خايف عليا، فانا هقول لبابا وماما ييجوا هنا. نعزمهم على الغدا، ونتكلم براحتنا. ونعمل الخطوبة هنا كمان ايه رأيك.
سليم بتوضيح: على فكرة يا ماسة أنا مش حبسك أنا خايف عليكي وبحافظ على حياتك، أنا كمان مابخرجش وعلى طول معاكي.
تبسمت ماسة وهي تمسح على كتفه: عارفة يا حبيبي، أنا ماعنديش مشكلة ومش متضايقة وبقيت أعرف أشغل وقتي.
هدأ سليم قليلا لكنه مازال غاضبًا: طيب، أنا هدخل ألبس. خليهم يحضروا لنا قهوة عشان نتكلم براحتنا.
على مزاج غمزة له.
ماسة: حاضر.
ابتسمت ماسة ابتسامة هادئة وهي تحاول تخفيف التوتر بينهما واستيعاب سليم بأكبر قدرة عندها، بينما سليم مازالت تتملكه حالة غضب ولكن يحاول التماسك.
💞_______________بقلمي_ليلةعادل⁦。⁠◕⁠‿⁠◕⁠。⁩
قصر الراوي
جناح سليم وماسة الثانية عشر ظهراً
نشاهد ماسة جالسة على الأريكة مع سعدية، وتتبادلان الحديث. كان يبدو على ملامح ماسة الحزن.
ماسة بلطف: والله يا ماما، أنا مش متضايقة، وفاهمة وصابرة. أنا نفسي بس إنه يهدى ويبطل الأفكار دي، ويرجع زي زمان. أنا بحاول أتعوّد، أو خلاص، أنا شبه اتعودت، عرفت ازاي أشغل وقتي ..اه بحس بملل أوقات، بس صابرة لحد ما ربنا يهديه،. المشكلة إنه بقى عصبي، عايزني أفضل قاعدة جنبه وماروحش في حتة بقى اصعب من وقت ما فاق من الغيبوبة.
رشفت سعدية قليلا من الشاي ووضعته على الطاولة، قالت بحكمه وبحنان الأم: بصي يا ماسة يا حبيبتي، سليم اداكي كتير، وعمل لك حاجات حلوة كتير، وسفرك بلاد أشكال وألوان، حتى هنا، الراجل مش مقصر معاكي كان كل يومين يخرجك، جه الوقت إنك تردّي كل الحلو ده، الست الأصيلة يا بنتي، هي اللي تتحمل جوزها في وقت تعبه وضعفه وغضبه لأنها شافت منه كل الحلو، وأنه مش طبعه يبقى كدة، هو بقى دلوقتي ضعيف، ومحتاج ليكي أكتر من أي وقت، مش كنتي بتقولي نفسي أرد لسليم أي حاجة من اللي عملها معايا ومعاكم؟!
هزت رأسها بنعم،أكملت سعدية:
اهو ده الوقت اللي تقدرّي فيه تدي له زي ما أدّالك زمان، وتردي له لو جزء صغير من اللي ادهولك، مش كل حاجة يا حبيبتي، بتتاخد بالفلوس، في الأهم الكلمة الحلوة، صبرك، وإنك تتحمليه، وتطبطبي عليه وتهوني عليه، وإنك تحسسيه إن إللي حصله ده ولا حاجة، وإنه لسه في عينك سيد الرجاله .. هو مكسور يا قلب أمه، الرصاصة إللي بظهره وأنه موصلش للعصابة مخليه متجنن، لازم بقى إنتي تمتصي غضبه وعصبيته دي وتداديه زي الطفل الصغير، عارفة تعملي ايه؟! خليه يزعق ويصرخ وقولي حاضر اللي عايزه هعمله يا حبيبي عيوني ليك، هيحبك وهتلاقيه بيعتذرلك، عارفة كمان حسسيه إن مفيش مشكلة يعني لما ماخرجكيش، ما أنت ياما خرجتني،، إنت صح لازم أقعد هنا تحت عينيك،. خدي بالك يا حبيبتي هو مش واعي على اللي بيعمله وخوفه عليكي مسيطر عليه،والله عنده حق الصراحة..
اقتربت منها أكثر ووضعت يدها على كتفها بدعم:
بعدين مستحيل يا حبيبتي يفضل كده طول العمر منعك من الخروج يعني اعقليها، هياخد له كام شهر كدة وخلاص يعني لما يجي وقت دخولك الجامعة هيودكي يمكن يزنقها عليكي إنك متخرجيش بعد الكلية بس لما قلبه يطمن هيسيبك، كمان أنا عايزاك تبقي عادي، أوعي تحسّسيه إنك متضايقة. حتى لو جواكي متضايقة، حطي ده حلقة في ودانك..يا ماسة يابنتي سليم من وقت متجوزك وهو كويس معاكي ومخليكي عايشة أميرة مش عشان مخنوق شوية نزهق منه والله تبقي قليلة الأصل.
ماسة بلطف: والله يا ماما، عارفة، متوصّينِيش، أنا بعمل كده فعلاً، هو أنتي أصلاً عرفتي حاجة إلا قريب من وقت خطوبة سلوى لما رفضت أحضر التجهيزات، مكنتش بحب أشتكي، بستعيبها إني أشتكي منه، والله بجد من قلبي متحملة وراضية، بس الصراحة بيجي وقت ببقى زهقانة وهطق، فبشغل نفسي بأي حاجة، أنا بس نفسي سليم يرجع زي زمان.
سعدية بعقلانية وهي تربت على كتفها: اصبري عليه شوية يا حبيبتي وبردو كل فترة كدة اتكلمي معاه إنك مخنوقة ونفسك تشمي حبة هوا، وإن شاء الله يوافق ربنا يهديه معلش ياضنايا اتحملي.
ماسة برجاء: بالله عليكي يا ماما تعاليلي على طول، بزهق، مفيش حد أتكلم معاه. هبة مشيت وهما على طول بره،ا أقعدي معايا لحد ما سليم يجي؟ ولا باتي؟
سعدية بحنان: عينيا يا حبيبتي، مش هغيب. أنا بس مش عايزة اللي تحت دول يزعلوكي.
ماسة مد شفتيها بلا مبالاة: طنشي.
سعدية بدعاء: ربنا يهديلك الأحوال يا بنتي.
تبسمت ماسة وعدلت جلستها: أمي، إيه رأيك في مكي؟
سعدية: حارس سليم؟ عسل ما شاء الله عليه، راجل. كنت هموت وأجوزه هنادي.
تساءلت ماسة: طب إيه رأيك لو لسلوى؟
سعدية متعجبة: سلوى؟
ماسة: أممم…
سعدية: والله الراجل كويس وكسيب، بس شغله ده مخوفني… هو قال حاجة؟
ماسة: أها وهو الصراحة عينه على سلوى من زمان بس كان مستنيها تكبر كان ناوي يتقدم بس اتخطبت،
كنا ناويين نعزمك انتي وبابا عشان نتكلم في الموضوع ده، بس أنا برضو قولت أعرفك.
سعدية: أنا معنديش مانع. هلمح لمجاهد.
ماسة: بس اعملوا حسابكم كل حاجة هتتعمل هنا. هيتقدم بس عندكم لو حصل نصيب، والباقي هنا. سليم حالف عليا ما أخرج.
سعدية: عادي يا حبيبتي، بيت أختها وأخوها بس العقارب دول هيوافقوا؟
ماسة: أممم… غصب عنهم وأنا برده هتكلم مع سليم ربنا يهديه.
سعدية: هتروحي بكره تعملي الإشاعة.
ماسة: ان شاء الله هبقى اطمنك.
💞____________بقلمي_ليلةعادل ◉⁠‿⁠◉
في أحد المراكز الطبية، الثانية مساءً
كان المركز أقرب إلى ثكنة عسكرية. رجال سليم منتشرون عند المداخل والمخارج، وكل من ينظر إليهم يدرك على الفور أن لا أحد يقترب من “ماسة”.
وصلت السيارة بعد دقائق، وهبطت منها ماسة بصحبة سليم، بعدما فتح لهما “عشري” الباب. دخلا المبنى معًا، سارت بجانبه بخطى باردة. لا دهشة في عينيها، فقط ذلك الملل المعتاد الذي يظهر حين يبالغ في الحماية.
دخلت إلى غرفة الكشف، جلست على الفراش، وكانت الطبيبة بانتظارها بابتسامة رسمية. بدأت في فحصها سريعًا، ثم انتقلوا إلى المكتب المجاور حيث جلست ماسة وسليم.
قالت الطبيبة بهدوء: انتِ جاهزة للحمل يا مدام ماسة، ما فيش أي مشكلة عندك خالص. التحاليل والأشعة ما شاء الله ممتازة.
مدّت يدها بورقة وقدّمتها لها.
وده الجدول بتاعك، الأيام اللي عليها علامة حمرا هي الأفضل لعلاقة زوجية، عشان نسب الحمل فيها بتكون عالية جدًا.
ثم التفتت إلى سليم: بالنسبة لتحليلك يا أستاذ سليم، أنا مش هقدر أضيف حاجة على تقرير الدكتور بتاعك. النسبة فعلاً 30%، بس دي مش نسبة قليلة خالص. إن شاء الله مع العلاج حالتك هتتحسن. أهم حاجة النفس الطويل، ومش عايزين نزهق.
سألها سليم بهدوء: يعني هي مش محتاجة أي علاج يساعد مع النسبة دي؟ ممكن؟
ردت الطبيبة بابتسامة: خالص، ممكن بس أكتب لها نوع معين من الإبر بتتاخد وقت التبويض، لما تكونوا ناويين على العلاقة، قبلها بكام ساعة.
أومأ برأسه، بينما انشغلت الطبيبة بإعداد الأوراق. وما إن انتهت، غادرا الغرفة معًا، واتجها إلى الأسفل.
عند السيارة، فتح لها “مكي” الباب، لكنها لم تصعد مباشرة. التفتت إليه وقالت: بقولك إيه… ما تيجي نخرج، تعال نروح أي حتة.
توقف سليم لحظة، أشار بيده لـ”مكي” كي يبتعد قليلًا هو والحراس، ثم اقترب منها وأمسك بيديها.
سليم برجاء: ماسة، أرجوكي، مش عايزين مشاكل. إحنا متفقين من قبل ما ننزل. نعمل الأشعة ونرجع على طول.
ماسة: انا مش بعمل مشاكل، بس مادام احنا بره وخلاص… خلينا نروح أي حتة.
سليم شد على إيدها: مش هينفع. من فضلك اركبي. مش عايزين كلام كتير ولا نعمل مشكلة. أنا كمان مشغول، وعندي اجتماع. هوصلك وهاكمل طريقي.
نظرت إليه باختناق، سكتت، ثم ركبت السيارة بصمت.
دخل خلفها وجلس، وتحرك الموكب في هدوء ثقيل.
منزل نيللي السادسة مساءً
كان الدخان يملأ المكان كضباب ثقيل، من الشيشة، بينما نيللي تتمايل برشاقة وأنوثة طاغية على إحدى الأغاني الشعبية. كانت تلف على خصرها رباط، وعينيها مسلطة على رشدي وهو يسحب نفسا عميقا ثم ينفث الدخان وكأنه الجمهور الوحيد الذي يهمها..
رشدي كان جالسًا في ركنه المعتاد، كأس الخمر يتأرجح بين أصابعه، يراقبها بصمت. عيناه ثقيلتان، لا ينطق بكلمة، لكن نظراته وحدها كانت كفيلة بإعلان استمتاعه بالعرض..
بعد وقت ابتسمت نيللي بمكر، تحررت من الرباط وألقته عليه بمداعبة، قبل أن تخطو نحوه بخفة وتجلس إلى جواره. مالت برأسها وهمست بصوت ناعم:
اية هتفضل كده؟ تظهر وتختفي، عامل لي فيها الشبح؟
نفث رشدي الدخان ببطء، قبل أن يجيب ببرود:
إنتِ فاكراني فاضي زيّك؟
ضحكت نيللي برقة، ومررت أناملها بخفة على كفه:
عارفة إنك مش فاضي، وعارفة كمان إن وراك حاجات كبيرة اوي.
رفع رشدي حاجبه بقوه: أيوه، كبيرة اوي اوي، وأنا لازم أبقى كبير أوي.
ضحكت نيللي مرة أخرى، لكن هذه المرة بدت نبرتها وكأنها تزن كلماته، تقرأ ما بين السطور. عبثت بأطراف أصابعها على صدره وهي تقول:
طب إيه هو المشروع جديد؟احكيلي.
شرد رشدي للحظة، ثم أمال الكأس في يده وقال:
، أرض وهنبني عليها كومباوند، احنا بدأنا نشتغل في المقاولات من كام سنة، بانيين أكتر من مدينة كاملة ومنتجع، بس فكرة أننا نشتغل في المقاولات كانت لسليم. أنا عايز لما أقدّم مشروعي، أقدّمه بفكر جديد…تبهر الباشا وتكون أقوى من سليم.
أمالت نيللي رأسها ببطء وكأنها تفكر، عيناها تلمعان بدهاء، قبل أن تقول بنبرة ناعمة لكنها واثقة:
فكرة جديدة اممم يبقى الطريقة نفسها تبقى جديدة… مش بس في المباني أو المكان، لا… الفكرة كلها لازم تتقدم بشكل محدش يقدر يقلّده، ولا حتى سليم.
رفع رشدي حاجبه، وكأن كلمتها الأخيرة قد لامست شيئًا في داخله. التفت إليها قليلًا، وعيناه تضيقان باهتمام. ابتسمت نيللي وهي تلعب بأناملها على حافة الكأس بين أصابعه، ثم تابعت بنبرة خافتة:
سليم عوّد الناس على مشاريع ضخمة، مباني فخمة، مساحات واسعة… بس إنت ممكن تقدّم حاجة مختلفة، حاجة محدش فكر فيها.
أخذ رشدي نفسًا عميقًا من سيجارته، صوته جاء هادئًا لكنه يحمل فضولًا خفيًا: زي إيه؟
اقتربت نيللي منه أكثر، حتى كادت كلماتها تلامس أذنه: الناس بتحب الفخامة، آه… بس اللي بيشغلهم أكتر دلوقتي الأمان. الدنيا بقت فوضى، الكل عايز يعيش في مكان يحس فيه إنه في حصن، مش مجرد كومباوند عادي، لا… مدينة مقفولة، متصممة كأنها قلعة حديثة، بأسوار عالية، بوابات إلكترونية، نظام حماية مش شغل هواة… الحكاية مش مجرد شقق وفيلات، الحكاية إنك تحقق لهم راحة البال والأمان.
سكتت للحظة، رافعة كأسه إليه، كأنها تدعوه للتفكير. نظر رشدي إليها طويلًا، ثم ضحك بخفوت، هز رأسه مستمتعًا:
دماغ، والله دماغ… ودماغ شغّالة.
ابتسمت نيللي وهي تميل عليه أكثر، همست بنعومة:
دايمًا…
شرب رشدي رشفة طويلة، ثم نظر إليها بنظرة مختلفة هذه المرة، نظرة لم تكن مجرد إعجاب بجمالها، بل بانحرافها الذكي، بالطريقة التي عرفت كيف تثير اهتمامه، ليس بجسدها فقط، بل بعقلها أيضًا، بينما نيللي لم تفقد ابتسامتها الواثقة. شعرت أنها أمسكت بخيط فضوله، فمالت عليه أكثر، تنقر بأظافرها بلطف على كأسه كأنها تدقّ على فكرة جديدة أضافت:
بص… مش بس فكرة الأمان، لازم كمان تبقى فكرة الحياة اللي تناسب كل شخص. الناس مش شبه بعض، كل واحد عنده ذوقه، بيحب شكل معين، جو معين، ليه تجبره يعيش في حاجة مش شبهه؟

قطّب رشدي حاجبيه قليلًا، لكنها تابعت، مستمتعة بلحظة سيطرتها على انتباهه:
قسمها… جزء مثلاً على الطريقة الإيطالية، جزء العمارات الراقية اللي تحس فيها بالفخامة والرقة، واجهات زجاجية، تفاصيل أنيقة… وجزء للأبراج الأمريكية، ناطحات سحاب، حاجات عالية جدًا للناس اللي بتحب القوة والعظمة.
حرك رشدي كأسه ببطء، وكأنه يفكر في كلامها، بينما استرسلت نيللي، تعضّ على شفتها بخفة، عيناها تلمعان بدهاء:
وبرضه تعمل جزء مختلف… حاجات زي القصور، حاجة شبه الفيلات الملكية، واسعة براح وأرض خضرا… وتخلي في جزء تاني جو ريفي، بيوت من الخشب أوحجر تشبه الأكواخ، مباني حجرية بشكل قديم يريح النفسية. فبكده كل شخص يلاقي المكان اللي يشبهه، تخليهم كإنهم بيسافروا لاكتر من دولة جوا مدينة واحدة فيحسوا انهم في مدينة جديدة جوه العاصمة..كانكم صنعتم عاصمة جديدة
كله موجود وسميها أرض الأحلام.
ضحك رشدي بصوت خافت، ثم أخذ نفسًا آخرا من سيجارته ونفخه في وجهها ببطء، بعينين تملأهما متعة التحدي.
ألماظ… ألماظ بجد. تعالي اشتغلي معايا… تبقي مديرة أعمالي.
قهقهت نيللي وهي تميل إلى الخلف، تهز رأسها برفض خفيف، قبل أن تردّ بدلال:
لا يا عم، أنا كده حلو وعسل… مابصحاش بدري.
ضحك رشدي بخفوت ناظرًا إليها نظرة تقييم جديدة، ثم أخذ نفسًا من سيجارته ونفخه في الهواء ببطء، وكأنه يستوعب كل كلمة قالتها. نيللي لم تنتظر ردّه، بل استندت إلى ظهر الأريكة بارتياح، ورفعت حاجبها بنظرة مليئة بالثقة.
على فكرة، الألماظ ده ما كانش هيطلع غير لما أخدت سطرين… وحياتك، من غيرهم ماكانش هيطلع مني حرف.
ابتسم رشدي، ممرّرا يده على ذقنه بتفكير، ثم أمال رأسه نحوها قليلًا، قبل أن يغمغم بإعجاب واضح:
عااااش.
ضحكت نيللي بخفة، ثم رفعت كأسها ورشفته بهدوء، مستمتعة بلحظة انتصارها الصغيرة، أما رشدي، فظل يراقبها، متأكدًا الآن أن وجودها بجانبه ليس مجرد رفاهية…بل إضافة لا يستهان بها.
قصر الراوي الثامنة مساءً
جناح سليم وماسة
نشاهد ماسة وهي تضع الطعام على الطاولة، ترتدي قميص نوم منزلي يتناسب مع جسدها بشكل مثير، وتضع بعض مستحضرات التجميل التي تبرز جمالها. كما وضعت بعض الورود والشموع على الطاولة.
ثم أمسكَت هاتفها واتصلت بسليم.
ماسة: روحي، يلا، اطلع، مستنياك.
في جهة أخرى مكتب سليم
نشاهد سليم يجلس على الأريكة وطه بجانبه على المقعد يتبادلان الأحاديث في اجواء أخوية.
سليم: حاضر سلام.
طه تبسم: دي ماسة.
هز سليم رأسه بإيجاب: أممم.
طه بتأثر: بتحبك أوي، من وقت ماكنت في المستشفى كانت دايمًا ملازماك، حتى لما أرغمتها تلتزم بالقصر، قبلت ده، أعتقد هي دي الأوقات اللي بتبان فيها شخصية الزوجة المخلصة الأصيلة، وحبها الحقيقي لزوجها، صراحة من زمان وماسة إنسانة جميلة أوي أنا نفسي وبأتمنى منى تحبني زي ماماسة بتحبك.
عقد سليم بين حاجبيه متعجبًا: إنت حاسس إن منى مش بتحبك؟
تنهد طه: هي بتحبني، بس يعني أقصد كان نفسي تحبني زي ما ماسة بتحبك… العشق الجامد ده..
ثم وضع يديه على قدم سليم: إحنا عايزين نقرب من بعض يا سليم. كفاية بقى بعد.
نظر سليم ليد طه ثم نظر له قال متعجباً: طه، مالك؟
تبسم طه بتأثر عاد بظهره لظهر المقعد: يعني يا سليم، فيها حاجة لما أبقى حابب أقرب من أخويا، أنا عارف إن مافيش بينا مشاكل، بس يعني نقرب من بعض زي أي إخوات، زيك إنت وياسين.
سليم بلطف: أنا ماقصدش حاجة بالعكس، أنا بحبك يا طه، بس أقصد إنت فيك حاجة.
طه هز رأسه بنفي قال بتأثر شديد بعينين تترقرق بالدموع: مافيش، بس الحادثة اللي حصلت لك زعلت جدآ ولما شفتك بين الحياة والموت لمدة أربع شهور ونص اتوجعت اوي، وإنك لسه لحد اللحظة دي حياتك مهددة. زعلان على اللي حصل ليك ولمراتك وبنتك، وأني مش قادر أساعدك.
تبسم سليم بيأس: الظاهر إننا لازم نحس أن القريبين مننا احتمال يموتوا عشان نقرب منهم.
(ضحك) أمال رشدي وصافيناز مابيتغيروش ليه؟
طه تبسم: هما ليهم حسابات تانية. يلا روح لمراتك.
تبسم سليم لطه وهو يهز رأسه بإيجاب، ثم توقف لحظة وابتسم، توقف طه تبادلا النظرات لثواني ثم ضما بعضهما بحنان أخوي.
ابتعد سليم: أنا طالع. تصبح على خير
تحرك سليم، بدأ طه يراقب تحركات سليم بعناية وقصد واضح، وكأن كل نظرة تحمل في طياتها ألماً دفيناً، بينما كان تأنيب الضمير يعتصر قلبه بوجع لا يهدأ.
لكنه لم يستطع كبح الكلمات التي خرجت منه كصرخة مكبوتة:
أنا آسف يا سليم… والله العظيم، هفضل أقول لك آسف طول عمري. أنا عارف إنك شايفني جبان، وأنا كمان عارف إني جبان… بس دول ولادي، يا سليم! نفسي أقول لك كل حاجة، نفسي أعترف بس مش قادر. الخوف ماسك في روحي… زي الشوك.
غرفة طه ومنى
كانت منى جالسة على الفراش تقرأ في إحدى المجلات، وعندما دخل طه الغرفة،. رفعت عينيها وسألته: كنت فين؟
جلس طه على المقعد بجانبها، وتنهد تنهيدة طويلة، ثم قال: كنت قاعد مع سليم.
تنهدت منى بضجر ووضعت المجله على الطاوله: في إيه يا طه؟ ماتعقل بقى.
نظر إليها طه نظرة ضيقة، وعيناه مليئتان بالاستفهام: بتزعقي ليه؟
أجابته منى بغضب: اللي أنت بتعمله ده هيشكك سليم فينا من إمتى الحنية دي؟
توقف طه بجدية، عاقدًا حاجبيه وهو ينظر إلى عينيها: هو أنا كمان ممنوع أندم؟ ماينفعش أعتذر له؟ احساس تأنيب الضمير مموتني، كفاية إني عارف اللي حصل له سببه إيه ومن مين، وساكت.
هزت منى رأسها وقالت بجمود وقوة: إنت عارف كويس إننا ماعملناش حاجة غير الحادثة بس، وفي طرف تانى تدخل في الموضوع ولو حلفنا، سليم مش هصدقنا ولو حتى صدق مش هيسامح … اللي بتعمله ده مش هيفتح علينا غير بركان دم وبس. أوعى تنسى رشدي.
طه بشدة: أهو، إنتي السبب في اللي بيعمله رشدي خلتيه يحط السكينة على رقبتي. لأنك من البداية وافقتي على قتل ماسة المسكينة وسليم، كل ده عشان كرسى العرش. الفلوس عمتكم خلتكم تقتلوا، وبكرة هتقتلوا بعض. أنا مش هسمح لك تتمادي أكتر من كده يا منى، أنا تعبت.
سكت طه للحظة قبل أن يضيف، وعيناه مليئة بالغضب:
تعرفي حاجة واحدة؟ لو كنت مكمل معاكِ لحد اللحظة دي، فده عشان ولادي. لكن غير كده، لا، ولحد ما أخلص من تهديد رشدي، أنا مضطر استمر، بس من اللحظة دي، اعتبري جوازنا انتهى يا منى.
صُدمت منى، وعدلت جلستها وقالت بصوت مرتجف:
إنت اتجننت يا طه؟
أجاب طه بصرامة: أنا عقلت يا منى. أخيرًا عقلت وشفتك بوضوح. وأنا اللي بقول لك لو ماوقفتيش اللي بتعمليه ده، هتشوفي طه في حياتك عمرك ماتخيلتيه ولا حتى هم تخيلوه. أنا مش هفضل سلبي وساكت أكتر من كده.
منى: طلقني.
تبسم طه بثبات: لو عايزة تطلقي، ماعنديش مشكلة. بس ترجعي كل حاجة، كل الفلوس، وكل حاجة جبتهالك وتملكيها، وكل حاجة كتبتها لك.
منى بعدم تصديق قلبت وجهها: لا والله.
طه بقوة وهو يركز النظر داخل عينيها: وهاخذ ولادي. صدقيني، لو بدأنا المعركة دي، أنتِ عارفة إني اللي هكسبها. أوعى عقلك يصورلك إنك تلوي ذراع فايزة بإنك تقولي لسليم، عشان ساعتها العربية اللي خبطت ماسة هتبقى هي مصيرك. وساعتها تأكدي هتطلعي منها مقتولة.
أكمل وهو يلتفت ويغادر الغرفة: تصبحي على خير.
تركها في حالة ذهول، لم تصدق ماسمعته. لأول مرة، طه بعد سنوات، يتخذ موقفًا حازمًا بهذا الشكل.
جناح سليم وماسة.
فتح سليم الباب ليلاحظ الجو الرومانسي البسيط في المكان. ابتسمت ماسة لاستقباله بشكل جميل وحب.
اقتربت ماسة بدلع: سالوملوم، وحشتني!
ثم ضمته بعشق، وضعت قبلة على خده، ووضع سليم قبلة على جبينها.
أمسكت بيديه وجذبته ليجلس على الطاولة.
ماسة وهي تضع الطعام في صحنه: تاخرت كده ليه؟
سليم: كنت قاعد مع طه بنتكلم شويه. مش عارف، ماله متغير اوي.
ماسة بلطف: ولا متغير ولا حاجة، طه طول عمره شخص كويس، بس هو اللي في حاله زيادة. ويمكن بعد الحادثة واللي حصلك، حس إنه هيفقدك فحب يحسن علاقته معاك سبحان الله رب ضارة نافعة.
سليم نظر حوله بإعجاب: بس إيه الجو الجميل ده؟
ماسة تبسمت: يعني حبيت نقضي وقت حلو مع بعض، إحنا مابنخرجش، محبوسين هنا. يعني نحس بشوية سعادة.
سليم بعقلانية: السعادة مالهاش علاقة بالمكان، ليها علاقة بالأشخاص.
ماسة بتأييد: أكيد، بس برده أعتقد إحنا محتاجين نخرج شوية، نغير جو ونشم هوا كدة.
نظر سليم لها بابتسامة دون أن يرد، لا يريد الدخول في نقاش معها أو خلق مشكلة. ثم بدأ في تناول الطعام.
سليم: تسلم إيدك.
ماسة: ميرسي يا حبيبي.
ماسة: بكرة ماما وبابا جايين. هيتعزموا عندنا على الغداء عشان نتكلم معاهم في موضوع مكي. أنا قولت لماما، وهي مرحبّة جدًا، أصلاً بتحب مكي. وكانت عايزة تجوزه لبنت خالتي. وبابا معتقدش إن هيبقى عنده اعتراض.
سليم: مافيش مشكلة.
ماسة: وهيباتوا معانا؟ هخليهم يباتوا معانا كم يوم.
سليم بإيجاب: تمام يا عشقي
ماسة : بس هم اللي هنا ممكن يضايقوا.
سليم: محدش هيضايق، يا ماسة وأنا قولتلك الكلام ده قبل كدة ده بيتك اعملي اللي عايزاه من غير استئذان. فاهمة
ماسة: أنا برده قلت أعرفك…
صمتت للحظات وهي تتناول الطعام قلبت في الطبق بملل وقالت: كراميلتي، هو إحنا هنفضل محبوسين كده؟ مش هنخرج؟
سليم: ماكنتي لسه خرجه امبارح.
ماسة بتعجب: خرجت فين؟! انت خلتني اعمل الإشاعة ورجعنا على طول وفضلت اتحايل عليك نقعد شويه في اي مكان اتعصبت.
سليم بضيق: ماسة، ليه عايزة نعمل مشكلة؟ ماتخلينا نقضي الوقت ده سوا وننبسط.
نظرت له ماسة بتعجب قالت بضجر: أنا مش عايزة أتكلم عشان نتخانق، أنا بس عايزة أفهمك. أنا بدأت أزهق، خلينا نخرج نشم شوية هواء بعيد عن هواء القصر. نخرج حبة صغيرين وهنرجع، او حتى نلف بعربيتك، يعني نتمشى على الكورنيش، نعمل أي حاجة. بالله عليك، إنت مازهقتش؟
سليم وضع الشوكة ونظر لها بتركيز قائلا بحدة: لا يا ماسة، مازهقتش. لأن خوفي عليك أكبر من أي حاجة تانية، قلت لك إني خايف عليك ليه؟ مش عايزة تفهمي؟!
ماسة بتأثر: والله العظيم فاهمة، بس زهقت يا سليم زهقت أوي وهطق كمان وحياتي وافق.
سلبم بغضب: هو انتي مابتزهقيش من الخناق؟
ماسة بتأثر: هو أنا بتخانق معاك؟! أنا بأتناقش وبقول لك همي، يبقى أنا كده بتخانق معاك؟
تنهد سليم بتعب زفر: لا حول ولا قوة إلا بالله، أنا زهقت من الكلام في نفس الموضوع، ريحي نفسك، مافيش خروج من باب القصر ده غير لما أوصل للي عمل، كده ونقطة وانتهى.
ماسة بحزن: ماشي يا سليم، مش هتكلم معاك في أي حاجة تانية حاضر آسفة.
هبطت دموعها غصب عنها، مسحت دموعها وتوقفت.
رفع سليم عينه لها متسائلا: إنت رايحة فين؟ مش هتكملي أكلك؟
ماسة بجمود: شبعت، هنام. ماتنساش تيجي بدري عشان هيجوا من بدري، هيقضوا معانا اليوم وبعدين نتغدا سوا ونتكلم مع بعض في الموضوع. تصبح على خير.
بدأت ماسة بالتحرك، لكن سليم توقف مسرعًا،عانقها من الخلف حيث دفن رأسه بين حنايا رقبتها بتأثر، وعيناه مليئة بالدموع. شدّ عليها بين ذراعيه، وكأنما يحاول أن يعبر عن كل ما يختلج في قلبه. تنهدت ماسة بتأثر من فعلته تلك، وشعرت بكلماتها تذوب في قلبها.
تحدث سليم بتأثر خنق نبرة صوته مفسرا: أنا بخاف عليكي يا ماسة، أنا ماليش غيرك، خايف أخسرك زي ماخسرت حور، أنا كان ممكن أخسرك في الحادثة دي…
بدات الدموع ان تملئ عينه قال بوجع قطع نياط قلبه:
أنا شفتك بتموتي قدامي، فاكر؟ فاكر صوتك وهو بيتقطع؟ فاكر الدم؟ أنا بنام كل يوم على المنظر ده، أنا مش بعرف أتخيل الدنيا وإنتِ برا القصر. كل ما تفكري تطلعي… قلبي بيشدني كإني هخسرك تاني!
أخذ انفاسة بالم استرسل برجاء:
حاولي تصبري شوية. عارف إنك تعبتي وزهقتي، وإنه غصب عنك، بس حاولي تستوعبي.. ليه مش قادرة تفهميني؟ ليه مش قادرة تفهمي وجعي وخوفي؟ إنتِ أكتر واحدة المفروض تكوني فاهمة ومقدرة اللي أنا بعمله سببه إيه؟! حتى لو هيضايقك شوية، بس المفروض تتحمليه ليه مش قادرة تقدري شعوري؟
تنهدت ماسة بوجع، مسحت دموعها التي انهالت على وجنتيها، ثم التفتت له ونظرت داخل عينيه وقالت بهدوء بنبرة مهتز: أنا مقدّرة شعورك يا سليم، مافيش حد في الدنيا دي كلها هيقدر يفهم ويقدّر شعورك أكتر مني، صدقني، أنا مستوعبة، بس إنتَ اللي خايف بزيادة، إحنا هنخرج، والحراس معانا.. زي لما روحت لهبه او خطوبه سلوى او حتى لما عملت الإشاعة.
اخرجت أنفاس ثقيله نظرت له للحظه ثم قالت بهدوء:
سليم، هو إنت مش حاسس إنك محتاج تروح للدكتور مروان تاني؟
رفع سليم حاجبه متعجبًا: أروح لدكتور مروان ليه؟ أنا معنديش حاجة.
ماسة بلطف، تحاول تتكلم معه بهدوء وتوضّح له الفكرة مسحت على اعلى صدره وقالت: بس إنتَ عندك مشكلة، عندك خوف زياده اتحول لهواجس، وأفكار غلط و..
قاطعها سليم برفض شديد ونكران: دي مش هواجس وأفكار غلط، دي حقيقة. هو إنت مش اتعرضتي لحادثة وكنتِ هتتقتلي؟ وفقدتي بنتك؟ وأنا كان ممكن ماتشوفينيش تاني.
ماسة بتأثر: آه، بس…
قاطعها سليم بنظره حادة قائلا بغضب: مفيش بس، مفيش بس يا ماسة! أنا ماعنديش حاجة، أنا كويس. أنا واحد خايف على مراته. إيه المشكلة لو قعدتي كم شهر في البيت؟ والا عشان أنا أخدتك على الخروج كل يوم وسفر كل شوية ودلعتك؟ مش قادرة تتحملي شوية؟
ماسة بهدوء، محاولة إيقاف غضبه: سليم، ده مش أسلوب للمناقشة.
سليم بغضب، رفع صوته: مش أسلوب للمناقشة؟ وإنتِ بتتهميني إني مريض نفسي؟
هزت ماسة رأسها بنفي عدة مرات وهي تقول بتأثر، والدموع تتجمع في عينيها: أنا ماقلتش إنك مريض، أنا قلت إن عندك أفكار غلط.
رفض سليم وقال بنبرة جادة: أنا ماعنديش أفكار غلط، قولتلك، أنا راجل واقعي. في واحد مهدد حياتي بالموت ومهددك إنتي كمان. أنا خرجت أكتر من مرة، ومافكرش يقرب لي. إذن هو عايزك إنتي، فانا بحافظ على حياتك، حياتك اللي هي أغلى عندي من روحي…
أكمل بنبرة حاسم رجوليه وهو يشير بأصابعه بنظره حادة:
لو إنتي مش خايفة على نفسك، أنا بقى خايف عليكي. إنتي واحدة مستهترة، كل اللي فارق معاكي تخرجي تتفسحي وبس. المفروض واحدة زيك اتعرضت للي تعرضتي ليه ده تخاف ويجلها تروما وترفض تخرج، مش تقف تتخانق معايا عشان أخرجها.
كانت ماسة تنظر له بصمت، عينيها تتلألأ بالدموع، قلبها يعتصر من الألم. حاولت أن تقول شيئًا، لكنها اكتفت بالصمت، لا تعرف كيف ترد.
أقترب منها وقال بحسم، وهو يمسك بيدها برفق ويضغط عليها ينظر داخل عينيها بحسم: أنا مش هروح في حتة يا ماسة. أنا زمان لما روحت لمروان، كنت عارف إن عندي مشكلة، لكن المرة دي ماعنديش مشكلة أنا كويس.
ماسة بهدوء هزت رأسها بإيجاب، شفتاها ترتجفان قليلاً: ماشي يا سليم
ثم مسحت دموعها بخفة، وعيناها مليئة بالحزن.
أكمل سليم بتأثر وصوته يخرج مكسورًا: أنا بحبك يا ماسة، وخايف عليكي، هما عايزين ياخدوكي مني. عايزين يحرموني منك. عشان عارفين إني بحبك، وإن إنتي كل حاجة في حياتي، وإن ماليش غيرك في الدنيا…
اضاف بنظرات شرسه حاسمة بخوف:
حاولوا مرة بس، مش هخليهم يحاولوا تاني، ولو المقابل إني أسجنك هنا زي ما قولتي هسجنك. أنا بحبك يا ماسة وبحافظ على حبيبتي.
ماسة بتأثر وعيناها تملؤها الدموع: وأنا والله العظيم بحبك يا سليم.انا آسفة متزعلش مني.
تبادلا النظرات للحظة، ثم شدّها سليم إلى صدره بقوة، وكانت يده ترتجف وهو يضمها إليه. همس في أذنها بصوت خافت، لكنه مشحون بالعاطفة: مستحيل أسمح لحد ياخدك مني.
أبعدها قليلًا، لكن يديه ظلتا تحيطان بوجهها، سند جبينه على جبنها، عيناه تغوصان في عينيها باضطراب، ثم كرر بنبرة أقوى، كأنه يعلنها يقينًا لا يقبل الشك: مستحيل حد ياخدك مني مستحيل.
ثم أخذ يضع قبلات مجنونة على رقبتها، مرورًا بشفتيها، ثم حملها إلى الفراش، وعينيه مليئة بالحب والشوق والخوف في آن واحد ووو.
((بعد وقت))
نرى سليم مستغرقًا في نومه العميق، مستلقيًا على الفراش، أما ماسة، فقد كانت بجانبه، تغطي جسدها بالغطاء، ودموعها تتساقط على خديها، وكأن قلبها ينهار ببطء.
أخذت تمرر أصابعها برفق على ظهره العاري، وكأنها تحاول أن تشعره بحبها، وبينما كانت عيونها تلمع بالدموع، همست بصوت خافت كأنها تخاف أن يسمعها أحد:
أنا والله بأعشقك ياسليم، وهصبر على كل حاجة عشان أنت عملت معايا حاجات كتير حلوة… بس أنا خايفة عليك من أفكارك دي، خايفة إنها تقتلك في يوم وتدمر حياتنا…بس أنا هحارب لحد مترجع تاني كراميل حبيبي، هصبر لأني بحبك أوي.
نظرت إليه بعينين مليئتين بالحزن، وكأنها تبحث عن جواب في وجهه الغافي، ولكن لم تجد سوى الصمت. كان قلبها يتألم، وهي تشعر بالتناقض الكبير بين حبها الشديد له، وبين خوفها من فقدان نفسها في هذا السجن الذي أصبح جزء من حياتها.
💕______________بقلمي_ليلةعادل
مجموعة الراوي
غرفة الاجتماعات – العاشرة صباحًا
يجلس جميع أفراد العائلة مع كبار الموظفين حول طاولة الاجتماعات، بينما يتحدث سليم بجدية، مستعرضًا المستجدات في المشاريع القائمة الجميع يستمع باهتمام، لكن فجأة، يرفع رشدي يده، مقاطعًا الحديث بصوت ثابت:
رشدي: أنا عايز أقول حاجة.
التفتت إليه الأنظار بترقب، فأومأ له سليم برأسه، مشيرًا له بالكلام.
نهض رشدي من مقعده بثقة، مسح كفيه على بدلته قليلًا، ثم قال: بخصوص الأرض الجديدة اللي اشترناها في التجمع… عندي فكرة لمشروع مدينة سكنية، بس مش أي مدينة، هتبقى مختلفة تمامًا.
عقدت صافيناز ذراعيها وقالت بفتور: وإيه الجديد؟ المشاريع السكنية عملنا منها كتير.
ابتسم رشدي جانبا، ثم ردّ بثقة: الجديد مش في المباني نفسها… الفكرة في أسلوب الحياة اللي هنوفره للناس. هنقسم المدينة لمناطق، كل منطقة بطابع فريد يناسب شخصية سكانها. جزء بطراز إيطالي أنيق، جزء لناطحات سحاب زجاجية لعشاق الفخامة، منطقة بيوت حجرية مستوحاة من ريف ماردين التركي، ومساحات خضراء شاسعة. مش بس كده، هنضمن كل المرافق اللي تخليها مدينة متكاملة: نوادي، مطاعم، كافيهات، مدارس إنترناشونال، مستشفيات بأعلى التجهيزات، وأماكن عبادة للجميع مولات حمامات سباحة قسم شرطة، والأهم توفير الأمن والأمان هيكون تأمين محكم بجهاز مراقبه بوابات إلكترونية أسوار عاليه حصن يعني.. مدينة أحلام بمعنى الكلمة مش هيحتاجوا يخرجوا منها
ساد الصمت للحظات، قبل أن يعلق أحد الموظفين بحماس:
أحد الموظفين: بصراحة… الفكرة قوية والمنافسة بقت أصعب، إحنا محتاجين حاجة مميزة فعلًا
أومأ سليم بتفكير: فكرة حلوة جدًا يا رشدي، لكن عندك دراسة جدوى؟
بثقة، أخرج رشدي ملفًا أنيقًا من حقيبته، ووضعه أمام سليم: طبعًا، الأرقام والتكاليف كلها هنا… المشروع مكلف جدًا، لكن العائد يستاهل لو التسويق اتنفذ صح ودي مهمتك يا صافي انتي وفريدة والهانم.
بدأ سليم يقلب في الأوراق بتركيز، ثم رفع رأسه بابتسامة خفيفة: أنا هدرسه كويس… بس الفكرة فعلاً تستحق الاهتمام.
تبادل الحاضرون النظرات، بينما قال عزت بصوت هادئ يحمل تحذيرًا: يا ريت تفضل كده على طول يا رشدي، تبهرنا بأفكارك.
ابتسم رشدي بسعادة، لكنه سرعان ما قال بحزم:
أنا عايز 25% من الأرباح لو المشروع نجح.
رمقه سليم بنظرة غامضة قبل أن يجيبه ببرود:
هنشوف بعدين.
تدخلت فايزة بابتسامة ذات مغزى:
الظاهر إنك بدأت تخطو خطواتك الأولى بجدية يا رشدي… وشكلي هغير نظرتي ليك.
ارتسمت على وجه رشدي ابتسامة واسعة، شعر للمرة الأولى أنه يضع قدمه على أول الطريق الحقيقي بسبب نيللي.
قصر الراوي
السفرة الرابعة مساءً
نرى جميع أفراد عائلة ماسة يجلسون على الطاولة، يتناولون الطعام ويتبادلون الأحاديث في جو دافئ وعائلي. كانت فايزة تراقبهم من الأعلى، وتبدو منزعجة ولكنها لم تستطع أن تفعل شيئًا.
انتقلوا إلى الصالون لتبادل الحديث.
مجاهد بموافقة: ماعنديش مشكلة يا سليم، سعدية كلمتني والراجل محترم. وكفاية إنه تابعك.
سليم بتهذب: صدقني يا عمي مش عشان مكي صديقي أو الحارس الشخصي، لكن فعلاً هو إنسان محترم جدًا. وأنا متأكد إنه هيسعد سلوى.
سعدية: بس مش عيب يعني إن البنت تتخطب بسرعة كده؟
سليم متعجباً: عيب ليه يا طنط؟ فات حوالي شهرين، مايهمكيش من كلام الناس، لو انشغلتي بكلامهم هتتعبي.
ماسة: على فكرة، مكي كان عايز يكلمك يا بابا، لكن سليم قال له يستنى شوية لما هو يفاتحك الأول.
مجاهد بلطف: مافيش إشكال، يجي يشرف هو ووالدته في أي وقت.
ماسة بابتسامة: أنا حضرتلكم الاوض هتباتوا معانا الليلة، بابا لو سمحت مش عايزه اعتراض وحياتي.
سليم بترحيب: أكيد هيباتوا احنا اتفقنا.
مجاهد بإحراج: مش عايزين نضايقكم.
سليم: اوعى تقول كده يا عمي انتم وحشتوني جداً ومبسوط انكم هتقعدوا معانا كم يوم.
وبالفعل خلال أسبوع، جلست عائلة ماسة في القصر، وكان هذا الأمر يزعج جميع أفراد العائلة، خاصة فايزة.
كانت ماسة عاقلة جدًا، حيث لم تسمح لعائلتها بالاجتماع مع تلك العائلة المتعنتظة. فكانوا يتناولون الغداء والعشاء والفطور في أوقات مختلفة عنهم. كان الأسبوع مليئًا بلحظات دافئة وجميلة، فقد قضت ماسة وقتًا مميزًا مع عائلتها، مما ساعدها على نسيان همومها والشعور بالفرح معهم بعيد عن سجنها.
ـ فيلا ياسين وهبة التانية مساءً
غرفة نوم
نشاهد هبة تحضر حقيبة سفر لياسين. بعد قليل، يخرج ياسين من الحمام.
هبة: أنا حضرتلك الشنطة… ٤بدل و٢بيجامة. محتاج حاجة تانية؟!
ياسين: لا شكرا يا حبي.
جلست هبة على الفراش.قائلة بقلق: ياسين، ماتعمل زي سليم وتبعد عن شغل التهريب. أنا خايفة عليك.
ياسين: ماتقلقيش، ده شغل عادي مش تهريب.
هبة: ماشي أنا اقصد عموماً.
تنهد ياسين خلينا نتكلم بعدين، ها هتروحي القصر؟
هبة: آه، عشان أقعد مع ماسة. أخوك ده مريض بجد.
ياسين معترضا: الصراحة أنا معاه، لو اتعرضتِ للي حصلهم، والله ماهخرجك من الفيلا، حتى الجنينه، أخاف عليكي.
هبة بتهكم: ده أنتم مرضى والله.
ياسين بابتسامة: إحنا بنحب بس.
هبة باعتراض: ده جنون، مش حب. أنا لو مكتوب لي أموت، هموت مهما عملت وخبتني، الحذر مطلوب، بس سليم مافور، وماسة كمان قبولها ده مستفز.
عمومًا خد بالك من نفسك.
ياسين: حاضر وانتي كمان خدي بالك من نفسك ومن نالا.
قصر الراوي، الثانية مساءً
نرى ماسة تجلس على الكنبة تُشاهد التلفاز، لكن ملامحها كانت تبدو بأنها تتألّم في بطنها. وبعد دقائق، انتبه سليم، الذي كان يجلس إلى جوارها، إلى اضطرابها.
سليم، ملاحظًا: مالك؟ إيه اللي حصل يا عشقي؟
ماسة، بصوت منخفض: بطني وجعاني شوية.
سليم، بقلق، اقترب منها متحسسًا إياه: إنتِ مش أول مرة تشتكي من معدتك. أنا لازم أجيب لك الدكتور.
ماسة، محاولة التخفيف: مش مستاهلة. أنا لاحظت إن لما بقيت باكل فول وطعمية يومين وارا بعض، بطني بتوجعني مش هعمل كدة تاني بقيت زيك يا معدي تبسمت بمزاح.
سليم، بحزم: متهزريش، دي حاجة مقلقة، ماكنتيش كده الأول، بقالك فترة على كدة. أنا هكلم الدكتور وهشوف لو فيه تحاليل معينة نعملها. هجيب لك البنت علشان تاخد منك العينات. وهجهز كمان الأشعات والتقارير بتاعت العملية.
ردت ماسة بتعجب، وعدم رضى: حتى الدكتور هاتجيبهولي هنا؟ والتحاليل؟ أقسم بالله، والله العظيم، لو مسجونة، كانوا خرجوني يودوني المستشفى اشم نفس. لكن هنا في الإنفرادي، ما بيخلصشي أبدًا.
نظر لها سليم بصمت ولم يرد عليها فهو لا يريد أن يدخل معها في نقاش. ثم قال: أنا هكلم الدكتور.
نظرت له ماسة وهي تهز رأسها بيأس، دون أن تقول شيئًا
وبالفعل، وبعد قليل، جاءت إحدى الممرضات وسحبت عيّنة دم من ماسة، إذ كان سليم قد طلب من الطبيب الحضور وإجراء التحاليل على وجه السرعة. وبعد وقتٍ قصير، عاد الطبيب ومعه نتائج الفحوصات.
جناح سليم وماسة
كانت ماسة مستلقية على السرير وسليم يقف بجانبها، كان الدكتور وسحر معهما في الغرفة. كان الدكتور يراجع بعض التحاليل والأشعات قبل أن يتحدث مع سليم.
الدكتور، وهو يراجع التحاليل: مافيش أي حاجة خطيرة، واضح إن الموضوع نفسي. الإشاعات والتحاليل بينت أن الطعنات كانت خارجية، لم تخترق الأعضاء. مستحيل تكون الطعنتين هم السبب في مشكلتك يا مدام ماسة. التعب إللي عندك كله نفسي، واضح إن حضرتك متوترة ومضغوطة الفترة دي، وده بيأثر على المعدة. ممكن كمان تكون نوعية الأكل تقيلة ودسمة، ومعدتك مش قادرة تتحملها.
ماسة: بس أنا واخدة على الأكل الدسم وبحبه كمان.
الدكتور: مفهوم، بس مع تقدم السن، الأعضاء بتكبر، والجسم ممكن مايكونش قادر يتحمل زي الأول..
بس عموما حضرتك سنك صغير لسة فهو بالتاكيد نفسي ..
كل إللي عليكي تعمليه الفترة دي إنك تخففي الكميات. ولما تحسي إن معدتك واجعاكي، توقفي الأكلات المحمرة أو التقيلة أول ماتحسي إن هي بتزود الألم، الأهم من كل حاجة بلاش تتوتر. وبإذن الله، هاتكوني كويسة. هكتب لك على دوا، لو حسيتِ بالتعب ده تقدري تاخديه.
سليم، مطمئنًا: يعني يا دكتور، مفيش أي حاجة خطر؟ خلينا نعمل تحليل وفحصات جديده نطمن.
الدكتور، بابتسامة مطمئنة: التحليل اللى عملنها كفايه، مفيش أي حاجة خطر، إحنا بس نخفف توتر وزعل، مفيش حاجة مستاهلة ولا ايه يا مدام ماسة صحتك أهم.
هزت ماسة راسها بإيجاب بإبتسامة رقيقة
بدأ الدكتور يتحرك للخروج من الجناح بعد أن طلب سليم من سحر أن توصله. ثم اقترب سليم من ماسة، وحاط بذراعه خلف ظهرها، وقبّل جبينها.
سليم بحب: سلامتك يا قطعة السكر.
ماسة، بابتسامة خفيفة: الله يسلمك شفت قولتلك حاجة بسيطة بطل تخاف عليا اوي كدة.
سليم، بحب، ممسكًا يدها برفق:
المهم إنى اطمنت عليكي، هخلي سحر تعمل لك شوربة خضار بالفراخ إيه رأيك ونقضي باقي اليوم مع بعض نقعد نتفرج على أفلام سوا .. اممم.
ماسة؛ مش عندك شغل.
نظر لها سليم بابتسامة وضع قبله صغيرة على شفتيها: أنتي اهم ..
داعب أنفه بانفا ووضع قبله على عينيها
مش هتاخر عليكي.
ماسة: ماشي.
ابتسم لها سليم، ثم وضع قبلة على يدها قبل أن يتحرك بعيدًا.
تنهدت ماسة ومسحت على شعرها ونهضت حتى الاريكة وشغلت التلفاز
💞________________بقلمي_ليلة عادل 。⁠◕⁠‿⁠◕⁠。
في السيارة مكي السادسة مساءً
نشاهد مكي يقود السيارة وسلوى بجانبه ويتحدثان
مكي: ماما عايزة تتعرف عليكِ قبل ماجي أتقدملّك، هي مستنية في الكافيه هنا، بس لو مش حابة، مفيش مشكلة.
سلوى بتردد: مش قصدي مش حابة، بس مكسوفة.
مكي بمزاح: ماتتكسفيش، هي حابة تشوفك علشان ماتعكش الدنيا قصاد عم مجاهد وطنط سعدية، وتقول بقي دي سلوى اللي كانت مجنناك طول السنين دي والكلام ده.
ضحكت سلوى: ده أنت شكلك عانيت اوي.
مكي: آه والله، عشان تعرفي إنك كنتي ظلماني.
ضحكت سلوى دون تحدث.
في الكافيه
نشاهد ليلى والدة مكي تجلس على إحدى الطاولات في انتظارهما وحين اقتربت سلوى توقفت لاستقبالها بابتسامة عريضة وهي تقول.
ليلى وهي تمرر عينها على سلوى بسعادة: ما شاء الله، إيه الجمال ده؟ أنا ماكنتش متوقعة أنتِ بقى سلوى؟ يا نهار أبيض! لا تستاهلي يفضل كل ده مستني.
تبسمت سلوى بخجل وأخفضت رأسها للأسفل، أضافت ليلى: لا، أنا مش عايزاكي تتكسفي، تعالي في حضني.
(قامت ليلى بمعانقتها بسعادة، ثم جلستا.)
ليلى: عاملة إيه يا سلوى؟
سلوى بخجل: الحمد لله وحضرتك.
ليلى: الحمد لله.
مكي بسعادة: شفتي بقى يا ماما، إن عندي حق.
نظرت ليلى لسلوى: عارفة أنا من زمان نفسي أتعرّف عليكِ مش بس علشان أشوف شكلك، لكن علشان أعرف مين دي اللي خطفت قلب ابني وعملت فيه كده؟!
ابتسمت سلوى بخجل بصمت أكملت ليلى بحكمة:
ماتزعليش لو طلبت أشوفك قبل مانيجي، انا بس
خفت لكلمة تفلت مني كده واعمل لك مشكلة أصلاً عارفة نفسي.
سلوى: انا مش متضايقة خالص مكي فهمني.
ليلى: طب كنتِ زعلانة من مكي ليه الفترة اللي فاتت؟
سلوى متعجبة: حضرتك شايفة إني مش من حقي أزعل؟
ليلى بحكمة: بصي يا سلوى، خديها كلمة من واحدة زي أمك، مش علشان هو ابني بس، أنا كنت معاه ودخلت الموضوع في دماغه أكتر، بصي يا حبيبتي، هو مش قصة إنه كان عايزك تقارني بينه وبين أي حد تاني. انتِ وقتها كنتِ صغيرة، فالحب بالنسبالك، راجل بيقول كلام حلو وبيهتم بيكي. مع إنه بصراحة أنا بشك إنه مكي بيقول كلام حلو من أساسه.
مكي تبسم بخجل، أكملت:
لكن نيجي للحق، هو كان عايزك تختاريه مش علشان بيهتم بيكي أو عشان جبلك ورد أو عروسة كان عايزك توافقي عليه عشان شخصيته هو، أنا عارفه مكي مالوش في الكلام الحلو مايعرفش يقوله ولا بيعرف يجيب دباديب. راجل زي ده، معاشرته مش سهلة لأنه راجل عملي، بيحب بأفعاله مش بكلامه. أنتِ دلوقتي واعية وأنتِ بتختاريه، انت يا حبيبتي عندك استعداد تعاشري وتعيشي مع واحد مش هيعرف كل شوية يقولك كلام حلو ولا يعمل لك مفاجآت زي اللي بيعملها سليم لماسة.
تبسمت سلوى أجابت بعقلانية: إنتوا ليه مقتنعين إني وقتها كنت عبيطة ومش فاهمة؟ صدقيني، وقتها كنت عارفة إن مكي مش زي سليم، ومش بيعرف يقول كلام حلو، وده كان باين عليه اوي لما جاب لي الورد جوه شنطه عشان يتكسف حد يشوفه، لكن مش هنكر إن كنت حابة أعيش قصة حب زي أختي أكتر من حبي له كشخص.
ليلى:شفتي؟ عموماً، مش عايزين نتكلم في الموضوع ده. أنا مبسوطة وإن شاء الله تبقوا خير لبعض. خدوا بالكم من بعض. احكي لي شوية عن نفسك يا سلوى..
سلوى: حاضر شوفي حضرتك عايزه تعرفي ايه وأنا أقول لك.
💞_____________بقلمي_ليلة عادل ⁦。⁠◕⁠‿⁠◕⁠。⁩
منزل نيللي التاسعة مساء
اندفع رشدي إلى الشقة بخطوات سريعة بعد أن فتح الباب بمفتاحه، عيونه تلمع بالحماس. دار ببصره في المكان حتى وقعت عيناه على نيللي، جالسة على الأريكة، تشاهد أحد الأفلام.
ابتسم وتنفس بعمق ثم قال بحماس: عملتها! سليم وافق… الفكرة عجبتهم، إحنا على أول الطريق!
توقفت نيللي عن متابعة الفيلم، نظرت له بسعادة وقالت: أيوه بقى! هو ده المطلوب… مبروك يا روري!
قفزت من مكانها، احتضنته بقوة: ابتعدت وهي تقول كنت عارفة إنك هتعملها! بس الأهم مش إنك تبدأ… الأهم إنك تكمل، وده اللي جاي.
رشدي ضحك، قرب منها ومد يده ممسكًا بيدها، هز كتفيه بحماس: أكيد ده اللي هيحصل! تيجي نرقص ونحتفل؟
ضحكت و أمسكت يده و امسكت الريموت وضغطت على زر تغيير القناة، لتنطلق أغنية “بحب الناس الرايقة” بصوت رامي عياش وعدوية.
المكان امتلأ بالحماس، الإيقاع سيطر عليهما، ضحكا، لفّها رشدي في الهواء، اقتربت منه أكثر، عيناها تلمعان بذكاء.
همست في أذنه بنبرة خبيثة: شايف بقى؟ الأفكار بعد السطرين بتعمل إيه؟
توقف رشدي للحظة، عقد حاجبيه متعجبًا:
سطرين؟
تحركت نيللي ناحية الطاولة، أخرجت كيسًا صغيرًا ورمته في يده.
إنت محتاج السطرين دول بكرة في الاجتماع… عشان تخليهم يوافقوا لما تقعد مع سليم. وانت بتقنعه، لازم تبقى مسيطر، وواثق في كل كلمة بتقولها… زي ما هو بيعمل.
صمتت لحظة، اقتربت أكثر، ضغطت بأصابعها على صدره، ثم صعدت بها إلى جبينه. قالت: هو قوته في العضلات… في الزعيق والتبريق… لكن انت؟ قوتك هنا. في دماغك، في الأفكار اللي بتطلع منها. وأنت عايز تكسب، مش كده؟
نظر رشدي إلى الكيس بين يديه… التردد واضح على ملامحه. بلع ريقه، نظر إليها كأنه يحاول استنباط نواياها.
بإغراء هادئ قالت: مش هيحصل حاجة لو خدت شمة كل أسبوعين أو كل شهر… حاجة كده تخليك تنسى وتنبسط ودماغك تبقى رايقة. اسمع مني، جرب! ماحدش بيدمن من أول شمة… خدها، شوف بعدها إيه اللي هيحصل. عجبك؟ كمل. ماعجبكش؟ خلاص..
نظر إلى الكيس في يده، ثم إلى نيللي… عيناه تحملان ترددًا لحظيًا. مرر يده على وجهه، زفر بعمق، ثم قال بصوت منخفض، وكأنه يحاول إقناع نفسه:
ـ ماشي… نجرب.
فتح الكيس ببطء، حدق في المسحوق الأبيض للحظة قبل أن يغمس طرف إصبعه فيه. رفعه إلى أنفه، استنشق… أول شمة. تردد للحظة، ثم أخذ الثانية.
أغلق عينيه، وكأن موجة غريبة اجتاحته. لم يتحرك، كأنه ينتظر شعورًا مختلفًا يسيطر عليه. راقبته نيللي بعينين مترقبتين، ثم سألته بابتسامة خفيفة: إيه… حاسس بإيه؟
فتح رشدي عينيه ببطء، نظر حوله كأنه يحاول التأكد من أنه لا يزال في المكان نفسه، ثم تمتم بصوت متحير: مش عارف…
ثانية أخرى، وارتسمت على شفتيه ابتسامة غير واعية. نظر لنيللي، عيناه تحملان مزيجًا من الاستغراب والانبهار: دماغي… مش موجودة. بس الشعور… حلو.
توقف للحظة، وكأنه يبحث عن وصف دقيق، ثم أكمل بصوت هادئ: عامل زي أول سيجارة حش”يش… أول نفس، بس أقوى.
نيللي ابتسمت بثقة، رفعت كأسها في الهواء، عيناها تلمعان بانتصار واضح: مش قلت لك ماتقلقش؟
نظرت إليه وهو يسترخي أكثر في مقعده، شعرت بارتياح داخلي، فقد وصلت إلى ما أرادت. رشدي تجاوز الحاجز الأول… والباقي سيصبح أسهل. الآن، أصبح الطريق إلى الإدمان ممهّدًا أمامه، والمهمة التي جاءت من أجلها… تمت بنجاح.
قصر الراوي السابعة مساءً
في إحدى الغرف…
نرى إحدى الخادمات، مشغولة بتنضيف الغرفة وترتيبها بعناية، بعد قليل دخل طه المكان بنبرة متسائلة:
طه: إنتِ لسه ماخلصتيش ولا إيه؟
التفتت الخادمة إليه بسرعة، محاولة تدارك الموقف:
خلاص يا فندم، خمس دقايق بس.
نظر طه إليها بجدية: طب أنا هروح أجيب حاجات من الأوضة بتاعتي. أرجع ألاقيكي خلصتي، مفهوم؟
أومأت برأسها بتوتر: مفهوم يا فندم.
غادر طه الغرفة بخطوات واثقة، متجهًا نحو غرفته.
غرفة منى وطه…
منى جالسة على الفراش، تضع مساحيق التجميل بعناية مفرطة. ترتدي قميص نوم يكشف عن جمالها ويبرز ملامحها بسخاء. فور أن دخل طه الغرفة، قفزت نحوه بعفوية، تعانقه بشوق:
حبيبي! كده تبعد عني كل ده؟ أنا منوش حبيبتك! جالك قلب تنام بعيد عني ليلة بحالها؟
ابتعد طه عنها بهدوء، ونظراته تحمل برودًا لم تعتده منه. نظرت إليه بعتاب، محاولة استعادة أجواء الماضي:
أهون عليك يا طه؟! ده أنا منى حبيبتك ازاي قدرت تعملها؟ دي أول مرة تحصل بيننا من سنين ! أنا مابقتش قادرة أعدهم، 15 سنة يا طه، مظبوط؟
طه مد وجهه بضيق وصوته كان حاسمًا:
إحنا انتهينا يا منى. متحاوليش. كان زمان ممكن تضحكي عليا بالضحكة الحلوة دي ونظرتك دي، بس انتِ نهيتها يا منى.
حدقت منى به غير مصدقة: كل ده ليه؟ عايزة أفهم!
أجابها طه بحدة وهو يتجه نحو الخزانة: إنتِ عارفة.
بدأ في جمع بعض ملابسه ووضعها في حقيبة صغيرة. حاولت الاقتراب منه لتمنعه، لكن كلماته قطعت عليها الطريق: ما خلاص بقى يا طه، ما تكبرش الموضوع!
توقف طه قليلاً، ناظرًا إليها بعيون تحمل خيبة: الموضوع كبير لوحده يا منى.
حاولت فهم موقفه، صوته جعل قلبها يغرق:
أفهم من كده إن إحنا خلاص؟ بجد؟
أومأ برأسه دون تردد: بالظبط. إحنا خلاص.
مرر عينه عليها بحزن قائلاً: عارفة يا منى، أنتِ غبية مش ذكية زي ما أنتِ بتحاولي تقنعي نفسك. استغليتي حبي ليكي بأبشع طريقة، وأغبى استغلال كان ممكن. تستغلي حبي المجنون ليكي بطرق تانية، وساعتها كان ممكن نوصل للكرسي اللي نفسك فيه. لكن طمعك وجنونك خلاكي تغرسي إيدك في الدم، دم واحدة غلبانة، ذنبها إنها حبت واحد ما كانش ينفع إنها تحبه. وسليم غلط لما دخل واحدة زي ماسة في القصر، خلاها تبقى معانا وهو عارف إن كل اللي هنا نواياهم خبيثة. لكن كبرياءه عماه، فكر إنه مفيش حد يقدر عليه، لكن الكل قدر عليه. أنا مش لاقي حاجة أقولها لك، بس أنا بقيت بخاف منك. طمعك وجنونك ممكن يخليك تعملي أي حاجة
اكمل، وهو يهم بالخروج، قال بنبرة أخيرة:
عن إذنك.
ترك الغرفة وسط صمت ثقيل نظرت باستغراب وتعجب، ليتركها تواجه وحدتها وحقيقة نهاية لم تتوقعها.
💞_______________بقلمي_ليلةعادل
جناح سليم وماسة الحادية عشر مساءً
كانت ماسة وسليم يتوقفان فى منتصف الغرفة يبدو على ملامح وجهه الانزعاج.
ماسة تنهدت بتعب: يعني، انت مش هتخليني أروح أحضر لتاني مرة قراءة فاتحة أختي؟ طب أنا مش هعمل مشاكل زي المرة اللي فاتت وهسكت، بس خلي بالك، إنت بتيجي عليا جامد، بس خلاص أنا مش عايزة أتناقش ولا أتكلم.
سليم بحدة: يعني مش هتتكلمي؟!
ماسة بأنين: أتكلم ليه؟ يعني هتغير من قناعتك؟ بعد ما نتكلم ونتخانق هتوافق؟ مستحيل. وبعدين، خلاص يا سليم أنا مقتنعة إنك صح. كل الحكاية إني طبيعي نفسي أحضر أي حاجة تخص أختي خصوصًا إن مكي وسلوى قصتهم مختلفة.
سليم بهدوء: أنا قلت لك هعمل الخطوبة هنا. عايزة إيه تاني؟ وهجيب لك مصممة الأزياء معاها أكتر من فستان تختاري منهم حتى هجيبلكم هنا الصايغ من محلاتنا تختاروا منها الشبكة.
ماسة بضيق: وليه تخليني احرم اختي من انها تختار براحتها.
سليم: بس هي موافقه
ماسة بضجر: هى مطر توافق عشاني.
سليم ببساطة: ايه مشكله اختك لازم تحس بيكي وتتنازل بعدين أنا هعمل كل اللي نفسك فيه هنا من غير متتعبي نفسك كل العائلات الكبير بتعمل كدة.
ماسة مسحت وجهها بتعب فهي لا تعرف ماذا تقول فلا يوجد أي كلمات تسطيع أن تغير موقف سليم،هي وعدت نفسها ان تتحمل وتصبر عليه.
تنهدت بيأس، هزت رأسها بإيجاب بصمت: أنا عايزة أنام. تصبح على خير.
توجهت ماسة لتستلقِي على الفراش باستسلام تام، وهي تفتح عينيها وتفكر: إلى متى ستظل متحملة جنون سليم بينما سليم ظل ينظر لها بصمت وهو يجز على أسنانه.
فيلا عائلة ماسة الثامنة مساءً
الصالون
نري جميع أفراد العائلة يجلسون في أجواء سعيدة، يظهر مكي ووالدته ليلى، بينما ماسة وسليم غير متواجدين. الجو في الصالون هادئ ومريح. الجميع يتبادل الأحاديث في جو عائلي دافئ.
مجاهد مبتسمًا: سليم اتكلم عنك كويس، أنا معرفكش، لكن سعدية وابني عمار قالولي إنك راجل محترم.
مكي بتواضع: فعلاً، حضرتك ماحصلش أي كلام بيننا قبل كده، بس أعتقد إن الكلام اللي سليم قاله عني هو اللي خلاكم تطمئنوا.
سعديةمبتهجة: وأنت ياحبيبي، ماعندكش إخوات، ولا عم ولا عمة؟
ردت ليلى مبتسمة: مكي عنده عيلة كبيرة، عنده عمام وعمات، وأنا عندي إخوات كمان. بس حبينا نجي النهاردة لوحدنا، علشان نكون مرتاحين. وإن شاء الله لما يحصل نصيب، هيجوا.
مكي بتأكيد: أنا فضلت نيجي لوحدنا النهاردة، لأن دي حياتي في الأول والآخر. أنا اللي هبنيها لوحدي.
مجاهد موافقًا: أنت شكلك راجل محترم، وإن شاء الله هتتقي الله في بنتي.
مكي بابتسامة وصدق: إن شاء الله، مستحيل أخذل حضرتك.
في هذه اللحظة، تدخل سلوى إلى الغرفة وهي تحمل صينية عليها أكواب عصير. وجهها مشرق، وتبتسم بلطف لكل الحضور وترتدي فستان ازرق جميل.
سعدية: قدمي لطنطك الأول يا سلوى
سلوى: حاضر اتفضلي.
ليلى مبتسمة: شكرًا يا حبيبتي بس خليها ماما بقى بعد إذنك ياحاجة يعني أنا معنديش بنات هي هتبقى بنتي.
سعدية: طبعاً يا حبيبتي.
كملت سلوى حتى وصلت إلى مكي الذي كان يبتسم لها إبتسامة جميلة بلطف،،
تبادلا الابتسامة للحظة وجلست سلوى بجانب سعدية.
ليلى بلطف: بما إن الحمد الله الأمور تمام نقرأ الفاتحة ايه رأيك يا حاج ولا عايزين أعمام وأخوال مكي الأول. اللي تؤمر بيه؟!
مجاهد بلطف: انتي الخير والبركة يا حاجة، أنا بس عايزك توعدني يابنى إنك تاخد بالك من سلوى وتشيلها في عينيك.
مكي بسعادة: أوعدك يا عمي إنها هتبقى أغلى من عينيا كمان.
مجاهد : توكلنا على الله نقرأ الفاتحة.
الجميع:
بسم الله الرحمن الرحيم…
وبالفعل، بدأ الجميع في قراءة الفاتحة، بينما ملامحهم مليئة بالأمل والاطمئنان، وبعد الانتهاء زغرطت سعدية وليلى و ضمتا العروسين بحب
مكي: كدة نروح نجيب الشبكة كمان يومين ايه رأيكم؟؟ والخطوبة الجمعة.
سعدية بفرحة: إن شاء الله مستعجل إنت.
مكي بحماس: الصراحة اها
سلوى: لا استنى بس أشوف الفستان الأول وأقولك بعدين سليم قال هيجيب الصايغ في القصر عشان ماسة تختار معايا، انا بصراحة عايزه أختي تبقى معايا.
مكي: ماشي إللي يريحك.
ليلى: على خير باذن الله.
قصر الراوي الثامنة مساءً
مكتب عزت
نرى سليم جالسا على المقعد، وعزت وفايزة يجلسان على الأريكة.
فايزة متعجبة: هتعمل خطوبة سلوى هنا !!!
سليم بهدوء:أيوه، هعملها هنا لأن ماسة ممنوع تخرج من القصر.
تحدثت فايزة بأرستقراطية: طبعاً مرفوض مش هقبل إن الخطوبة دي تتعمل هنا، مكي ده شغال عندنا، حتى لو كنت بتحبه وتعتبره صديقك، بس لكل مقام مقال يا أستاذ سليم، أنا قبلت إن سعدية وزوجها وأولادهم يجوا هنا عشان يشوفوا بنتهم، ويباتوا أكتر من اسبوع، لكن أكتر من كده، آسفة.
مد سليم وجهه وهو يهز بايجاب عدة مرات قائلا بنبرة هادئة: مفيش مشكلة، ولا تزعلي نفسك يا فايزة هانم. أنا هعمل الخطوبة في فيلتي.
عزت متعجباً: فيلتك؟
هز سليم رأسه بإيجاب بهدوء: أيوه، في فيلتي ايه الغريب؟! هظبط التأمين بتاعها أكتر، وأخذ ماسة وعيلتها هناك، وأعمل الخطوبة هناك. ومش هارجع هنا تاني.
فايزة بضجر عدلت من جلستها: إنت بتهددني يعني؟! يا تتعمل الخطوبة هنا، يا إما تمشي.
ارتسمت على شفتي سليم نصف إبتسامة لم تصل الى عينيه قال بنفي:
لا طبعًا، مش ممكن أهددك، كل الحكاية إني كنت فاكرك هتقدري تفهمي خوفي على مراتي، لكنك لسه معاندة، ولسه حاطة في دماغك الأفكار القديمة. مهما السنين مرت،( تنهد بتعب) أنا تعبت من الجدال والخناق. في نفس الموضوع كفاية والله، كفاية! ارحميني شوية، أنا عندي حاجات أهم من الكلام الفارغ ده بكتير.
عزت: سليم إحنا بنتناقش مش أكتر، كل حاجة بنرفضها أو فايزة بترفضها تقول همشي.
سليم بهدوء: لا، بس أنا جيت وطلبت طلب واترفض، ده قصرك يا باشا ليك حرية الرفض والقبول، بس مراتي لازم تحضر خطوبة أختها الوحيدة، فالحل الوحيد إنها تتعمل هنا، وأنتم رافضين أصبح الحل الثاني إن أنا اخدها نروح فيلتنا وأعملها هناك بس بفهمكم إني مش هارجع تاني هنا..
تنهد عزت وأشار بيده: خلاص اهدى واعملها هنا،
تساءل: هو أنت هتفضل حابس ماسة؟! كده غلط إللي بتعمله يا سليم.
سليم ببرود: محدش يتدخل في حاجة ملوش علاقة بيها. هو أنا بأتدخل في علاقتك بفايزة هانم، دي مراتي وأنا حر … ها عايزين حاجة تانية ولا أمشي؟
فايزة: خلاص، يا سليم. قلنا لك اعمل اللي إنت عايزه. أنا موافقة…
نظر سليم بتحذير داخل عينيها: فايزة هانم، صدقيني، لو رجعتي تعملي أي حاجة من الحركات اللي كنتِ بتعمليها زمان، أو عملتِ حاجة يوم الخطوبة أو في أي يوم، من السخافات بتاعت زمان، أنا مش هتكلم، مش ههدد، ولا هتخانق. بس هاخد مراتي وهامشي من هنا، ومش راجع تاني. ومش هتشوفي وشي تاني في حياتك، مش هقولك تاني إن في دماغي حاجات أهم بكتير من اللي أنتِ فيه ده. عن إذنكم.
خرج سليم إلى الخارج، وفايزة تنظر إلى آثاره باختناق.
نظر عزت لها متعجباً: يعني وافقتي لازمته ايه الخناق بقى.
فايزة بحزن: مافيش قدامي غير إني أوافق. أعمل إيه؟ عشان أحسن علاقتي بيه.
عزت بتوضيح: قربي من ماسة وعلاقتك هتتحسن صدقيني ،كفاية إنها محكتش له اللي عملتيه معاها لما كان في الغيبوبة حتى ضربك ليها بقلم.
نظرت له فايزة بصمت: مش هقدر يا عزت مش هقدر.
نظر عزت لها بتعب ومد وجهه بيأس.
وخلال أيام قليلة، أصبحت سلوى شبه مقيمة مع ماسة بعد عودة هبة،لكي يختارن الفستان والشبكة وكل ما سوف يحتاجوه في الحفل. فقد جلب سليم لهم مصممة أزياء مع مجموعة كبيرة من الفساتين لكي يختارن منها داخل القصر، كما جلب الصائغ ليختارن الشبكة ومصممين ديكورات الأعراس
. كان سليم يجلب كل شيء إلى القصر لكي يسعد ماسة وتشعر أنها تشارك أختها سعادتها و تفاصيل خطوبتها.
قصر الراوي الثانية مساءً
في الصالون،
نشاهد هبة وماسة تجلسان على الأريكة وأمامهما مجموعة من الفساتين المعلقة على الستاند، مع مجموعة من السيدات اللي يبدو عليهن أنهن مصممات أزياء.
هبة نظرت لماسة متسائلة: هتفضلي لامتى؟ ساكتة على اللي إنت فيه ده؟ أنا بصراحة مستغربة.
ماسة تبسمت بلطف: يا حبيبتي، ولا تستغربيني ولا حاجة. أنا اتكلمت معاه وقال لي استني شوية، وأنا مستنية.
هبة: تحبي أتكلم معاه؟ أخلي ياسين يتكلم؟
ماسة برجاء:، لا بلاش. أنا مش متضايقة ومستوعباه، قوليلى لسه مش بتعرفي تنيمي نالا.
هبة: لا خالص الحمدلله معرفش كنت مجنونة ليه.
ماسة تبسمت: انتي كنتي مستعجلة بس.
هبة بخجل: أنا آسفة يا ماسة، ماكنتش أقصد والله أجرحك.
ماسة بطيبة: يا حبيبتي، أنا مش زعلانة.. وأثناء حديثهما.
خرجت سلوى وهي ترتدي فستانا باللون الأرجواني، في منتهى الجمال.
هبة: واو، تحفة. لا خلاص، هو الفستان ده كفاية بقى.
ماسة: بجد، الفستان ده تحفة.
سلوى بحيرة: أنا محتارة خالص بجد.
ماسة: على فكرة، الفستان جميل والموف كان تحفة.
سلوى بتردد: ممكن أجرب الأحمر؟
نظرت هبة وماسة إلى بعضهما البعض وضحكتا.
هبة: إحنا مش هنخلص كدة.
سلوى: معلش
ضحكت ماسة: يلا يا ستي.
💞__________________بقلمي_ليلةعادل
بعد كام يوم
قصر الراوي – الحديقة الثامنة مساءً.
نرى حديقة القصر مزينة بأنوار خافتة تضيء الأشجار والورود بشكل بسيط لكنه جميل للغاية. الكوشة الصغيرة المكونة من الورود كانت تقف وسط الحديقة، تحيط بها الزهور الناعمة.
كان أفراد العائلة يتنقلون بين الطاولات، يتبادلون التهاني والابتسامات، فيما الشموع الصغيرة التي زينت الموائد تعكس ضوءها الدافئ. الموسيقى الناعمة تعزف لحنًا متناغمًا مع دقات القلوب، وأصوات الضحكات تملأ الأجواء.
بينما كانت سلوى تتوقف أمام مكي، يُحرك النسيم فستانها الوردي الطويل. رفعت عينيها إلى مكي، الذي كان يقف أمامها ببدلته الأنيقة، يتأملها بنظرات الحب. ابتسامته ارتسمت ببطء على شفتيه.
فـأخيرًا، تحقق الحلم الكبير بين سلوى و مكي نحو حياة جديدة.
مكي بحب: تعرّفي، أنا مش مصدق إننا أخيرًا بقينا مع بعض، راسك العنيدة دي صعبة!
سلوى تبتسم بخفة: أمال إنت كنت فاكر إنني هفتح لك حضني وأقولك يلا يا مكي؟
مكي يضحك: لا يا ستي، طبعًا! لفيفيني حولين نفسي هههه
إنتِ عارفة ان من مواصفات شريك حياتي تكون عنيدة، بس مكنتش متصورك عنادية للدرجة دي؟ انتِ تفوّقتِي.
سلوى تضحك بتواضع: طبعاً لازم أكون أعلى شوية من أحلامك؟
ضحكا مع بعضهما
مكي ابتسم بصدق: أوعدك يا سلوى إنني هعمل كل حاجة عشان أشوفك دايمًا مبسوطة وأعوض كل السنين اللي زعلتك فيها
سلوى بابتسامة دافئة: وأنا واثقة فيك.
على الناحية الأخرى:
في وسط الحديقة، حيث كان الجميع يرقصون على أنغام الأغاني الشعبية، تجمعت بعض من صديقات ماسة حولها. كان الحفل في ذروته، والجميع مستمتعا باللحظة.
خالة ماسة: إيه يا بت، مش ناوية تيجي البلد؟ من ساعة الحادثة ماشفناكيش!
ماسة بابتسامة هادئة: معلش يا خالتي، إن شاء الله هاجي.
خالتها: انتي وحشتينا تعالي أقعدي كام يوم.
ماسة: إن شاء الله.
خالها فين جوزك نسلم عليه.
ماسة حاضر
التفتت تبحث عنه وقعت عينيها عليه وهو متوقف مع ياسين وفريدة وإبراهيم، أشارت له بيدها ان يأتي هز راسه لها وتوجهه نحوها.
سليم: افندم aşkım
ماسة وهي تشير بيدها: عايزين يسلمه عليك.
تبسم سليم توجهه نحوهم قال بتهذب: مساء الخير منورين.
جميع: بنورك يا بيه
خالها: عامل ايه يا سليم بيه انا فتحي خالها.
سليم: الحمد لله عارف، اعرفكم كلهم انتم عاملين ايه.
عمتها: الحمدلله يا بيه.
بعد لحظات ثم تقدمت هبة بأيدٍ مفتوحة وأمسكت يد ماسة، وسحبتها بلطف لتتوجه بها إلى مجموعة من صديقاتها..وتوقفت معهم.
ريتال بلطف: إيه يا ميسو؟ مش ناوية تظهري؟
ماسة: ما أنتم عارفين اللي فيها.
داليدا: وهتفضلي كده كتير؟
ماسة: إن شاء الله لا.
كارمن: بصراحة، أنا مع سليم وضده في نفس الوقت. اللي حصل لك صراحة يرعب، خصوصًا إنكم لحد دلوقتي ماوصلتوش لمسبب الحادثة. وفي نفس الوقت، حاسة إنه مكبر الموضوع.
ايناس: عندك حق يا كارمن. بصي يا ماسة، اتحملي شوية، وإحنا هنبقى نيجى نقعد معاكي. بس من رأيي، لازم سليم يعرض نفسه على أخصائي.
ماسة محاولة تغيير الحديث: إن شاء الله. تعالوا بقى نرقص.
توقفت ماسة في ساحة الرقص، تصفق بحماس وسعادة وهي ترى أختها سلوى ترقص مع مكي، بينما امتلأ الجو بالبهجة والفرح. كانت تشعر بسعادة خالصة لأجل أختها، تراقبها بابتسامة ممتنة لهذه اللحظة التي لطالما تمنتها لها.
وحين همّت بالرقص بعد أن سحبها أحد أقاربها، التفتت برأسها تبحث عن إذن من سليم. لكنه نظر إليها برفض، وهز رأسه نافيًا. لم يكن مجرد رفض، بل غيرة واضحة ونظرة تملك، وكأنه يعلن بصمت أنها له وحده. لم يتفوه بكلمة، لكن عينيه قالت كل شيء.
شعرت ماسة بالضيق للحظة، إحساس خفيف بعدم الرضا تسلل إلى قلبها، لكنها لم تسمح له بأن يفسد سعادتها بهذه الليلة. تجاهلت الأمر سريعًا، وواصلت التصفيق والاحتفال بحماس، تغمرها الفرحة لأجل أختها.
وسط هذه الأجواء المبهجة، جلس مكي وسلوى مرة أخرى، وتقدمت ليلى والدة مكي، حاملةً الشبكة على أنغام أغنية “يا دبلة الخطوبة، عقبالنا كلنا”. لم يخفِ مكي سعادته وهو يضع خاتم الخطوبة في يد سلوى، لحظة انتظرها لسنوات طويلة. كانت سلوى متألقة، عيناها تلمعان بالسعادة، بينما الجميع يحيط بهما بالفرح والتصفيق.
بطبيعة الحال، لم تحضر عائلة سليم الخطوبة، باستثناء ياسين وهبة وفريدة وإبراهيم، لكن ذلك لم يُحدث فارقًا، ولم يهتم أحد بغيابهم. الليلة كانت ملكًا للفرح وحده.
بعد انتهاء الحفل، انصرف الجميع، بينما ظل قلب ماسة مزدحمًا بالكثير من الأحاسيس المتداخلة بين الفرح لأجل سلوى، والتساؤلات التي لم تجد لها إجابة بعد.
في أحد الشوارع الرابعة مساءً
نري سيارة مكي متوقفة أمام عربة سجق وكبدة، وكانت سلوى جالسة على الكبوت مبتسمة وتنظر في اتجاه آخر. نرى مكي يقترب من العربة، وبعد قليل يعود وهو يحمل صينية بها أطباق مليئة بالسندوتشات.
مكي بحب: ألف هنا.
سلوى وهي تتناول السندوتش: قولي بقى، جبت كم واحدة هنا قبلي؟
مكي بتأكيد: إنتِ الوحيدة.
سلوى بشك: إنت عايز تقولي إنك عمرك ما كلمت بنت؟
مكي بتوضيح: لا، كلمت بنات، هكدب لو قلت ماكلمتش …قبل ماعرفك، أكيد كنت عارف بنات كتير، بس مش حب.
قاطعته سلوى: وبعد معرفتي؟!
مكي بنبرة صادقة: بردو أكيد كلمت بنات، كنت بحاول أنسى، لكن لقيتني مش قادر، كنتي ملكاني بشكل كامل. قلت خلاص، أركز في حياتي وشغلي، وأستناك. حرام عليا أعلق حد بيا.
سلوى بفضول: وأيه بقى اللي بيميزني عن كل البنات دي؟
مكي بنظرات عاشقة: إنتِ كلك مميزة على بعضك.
سلوى: مميزة إزاي وفي إيه بالظبط؟
مكي: في كل حاجة، يا سلوى. طريقتك، شكلك. شخصيتك جنونك مش عارف أفهمك. بس صدقيني، إنتِ مميزة.
سلوى بإبتسامة: طب، وإيه إحساسك في أول يوم خطوبة لنا؟
مكي نظر للدبلة بين أصابعها وأمسك يديها: أكيد سعيد جداً، لأني طلعت قد الوعد اللي وعدته لنفسي زمان. إني كنت مستني لحد ما تنضجي عشان أوريكي أنا بحبك قد ايه؟!. إيه رأيك نكتب الكتاب قريب؟
سلوى برفض: مافيش الكلام ده، يا بابا. مش قبل ماخلص أولى جامعة.
مكي: ده إشمعنا يعني؟
سلوى مدت كتفها لأعلى: مش حابة أخش الجامعة وأنا مدام سلوى حابه أدخل وأنا سوسكا.
نظرت داخل عينه قالت بتمرد:
وكمان عشان أكون عرفتك كويس وعرف طباعك، هينفع أكمل معاك حياتي ولا لأ؟ يا بتاع النضج.
مش هو ده اللي إنت كنت عايزه؟ يا بتاع النضج
مكي تبسم: امم هو ده اللي أنا عايزه، خلاص، ماشي
سلوى: بقولك ايه، ما تاخدش على حوار الخروج ده. إحنا عندنا ممنوع، بس ماما سمحت النهاردة وخلاص. ممكن نتقابل عند ماسة؟
مكي: ولا حتى نتقابل عند ماسة، أنا هاجي لك البيت. مش هينفع أخون ثقة والدك ليا؟ هستأذنه، ولو رفض خلاص، نتقابل عندكم.
سلوى: ماشي.
مكي: يلا كلي السندوتشات.
سلوى: هتوديني فين؟
مكي: شوفي أي مكان حابة تروحيه، وأنا هوديك.
بس أوعي تكوني ليكي في الفرهده زي أختك والخروجات بالنسبة ليكي ملاهي؟!
ضحكت سلوى: انا بحبها بس خليها يوم من أوله، مش عارفة ممكن نروح فين. نروح الحسين او الهرم.
مكي: تمام.
قصر الراوي
جناح سليم وماسة
الواحدة صباحاً
نشاهد ماسة مستلقية على صدر سليم، ومغطيان نصفهما، ووجهاهما محمران من آثار لحظات عشقهما..مررت ماسة أصابع يديها على صدر سليم، ثم وضعت قبلة على رقبته وقالت بنبرة لطيفة:
ماسة بدلال: سليم مش هنخرج بقى مع بعض؟ ماوحشكش نخرج سوا ونقضي وقت مع بعض؟
سليم بشوق: وحشني جدًا، ونفسي…
ماسة بشغف: طب يلا خلينا نخرج.
سليم بضجر خفيف: مش هينفع يا ماسة، وكفاية بقى تتكلمي في الموضوع ده، مابتزهقيش.
ماسة بتأثر: مابزهقش… بس في حاجة تانية بتزهقني أكتر، قعدتي هنا ما بين أربع حيطان.
نظر سليم لها بتمعن، ونبرة صوته فيها استنكار: هو انتِ ليه محسساني إني مش عايش نفس اللي انتِ عايشاه؟
ماسة بابتسامة حزينة ونظرة عميقة: لا يا سليم، انت مش عايش اللي أنا عايشاه.
سليم: يعني إيه؟
ماسة رفعت جسدها قليلاً نظرت له: أنت بتخرج وبتروح شغلك وأوقات بتسافر، لكن أنا على طول هنا. مابروحش حتة، حتى سلوى بطلت تيجي لي كتير بقت مشغولة في حياتها ودروسها ومع مكي، بابا حتى بطل يجيبها هنا كتير عشان مش عايزها تقعد مع مكي كتير.
نظرت ماسة له محاولة كتم مشاعرها: هو أنا مش صعبانة عليك؟
سليم بلطف: والله صعبانة عليا… ومتعصب عشانك. بس خوفي عليكِ أكبر بكتير من إني أوافق على إللي عايزاه.
ماسة بحزم وعيون ممتلئة بالدموع: سليم، إنت مش حاسس إن الموضوع بدأ يدخل في مرض؟ أو إنك بقى عندك مشكلة كبيرة.
سليم بنبرة عصبية ولكن هادئة: أنا مش مريض، ولا عندي مشكلة كبيرة. أنا كويس جدًا. أنا واحد خايف على مراته اللي اتعرضت للطعن. ومستحيل أخاطر بيكي تاني.
أمعن النظر بها وقال: وبعدين؟ بعدين إحنا هنتخانق مع بعض واحنا كده؟ ده وقته؟
ماسة: لا،بس هو أنا كمان ماينفعش أتناقش معاك؟
سليم: ماشي يا ماسة بس خليكي عارفه مافيش حاجة هتخليني أرجع عن قراري.
نظرت له ماسة بصمت لا تعرف ماذا تقول؟!
(خلال فترة)
خلال فترة قصيرة، أصبحت علاقة سلوى ومكي قوية جدًا، وكان الحب والسعادة يملآن حياتهما. كان مكي يحاول تعويضها عن السنوات التي ابتعدا فيها عن بعضهما، لكنه لم يكن يستطيع الخروج معها بسبب رفض مجاهد لذلك، كان يذهب لرؤيتها في البيت أو يلتقيها عند ماسة. عندما تتيح لهما الفرصه يأخذها يأخذها لماتش بوكس او فيلم اكشن..
كانا يتحدثان في الهاتف طوال الليل، وكانت السعادة تملأ قلبيهما.
أما ماسة وسليم، فبقي الحال كما هو. ظلت ماسة ممنوعة من الخروج، تحاول الصبر والتحمل كانت تتجنب الاقتراب من نالا، خوفًا من أن تتعلق بها مرة أخرى.. أما علاقتها بسليم، فبقيت كما هي، تحاول استيعابه.
أما رشدي ونيللي، فقد اقترب رشدي منها كثيرًا، وكانت تقدم له مساعدة كبيرة، تزوّده بأفكار قوية، وتعطيه الثقة والدعم المعنوي، وتعظيم الذات الذي يحبه، وكان هذا من أهم الأسباب التي جعلته يقترب منها. ورغم ذلك، لم يكن مستسلمًا لها تمامًا، خاصة في مسألة إدمانه المخدرات أو أن يأخذ جرعة أخرى، إذ ظل حريصًا وذكيًا، مما جعل مهمتها معه صعبة.
أما طه ومنى، فقد بقي طه ملازمًا غرفته، غير مكترث بمنى، التي لم تحاول كثيرًا استرجاعه، فلم يخطر ببالها أن ذلك سيحدث يوماً
💞_________________بقلمي_ليلةعادل⁦(⁠•⁠‿⁠•⁠)⁩
قصر الراوي
جناح سليم وماسة السابعة مساء
نرى سليم يقف في غرفة الدرسنج روم يرتدي ملابسه، يستعد للخروج. ماسة تقترب منه وهي ترتدي برنصًا أبيض وفوطة على رأسها، يبدو أنها انتهت لتوها من الاستحمام.
ماسة بابتسامة: خارج؟
سليم: أيوه، عندي اجتماع.
ماسة: هتتأخر؟
سليم: لا.
ماسة تقترب أكثر، تحيط عنقه بذراعيها برقة، محاولة كسر الجدية.
ماسة بحنين: إيه رأيك نخرج نقضي اليوم على اليخت بعد ما ترجع؟
سليم يرفع حاجبه: اليخت؟
ارتسمت على شفتيها ابتسامة واسعة: أو أي مكان… المهم نخرج سوا (بستعطاف) سليم، أنا بقالى سبع شهور من يوم ما جينا القصر مشفتش الشارع. تعبت، مش قادرة.
سليم يبتعد قليلًا، يأخذ نفسًا عميقًا، عينيه مليئة بالقلق والخوف: عارف إن ليكي حق، بس لازم تفهمي… أنا خايف عليكي. أنا بحميكي.
ماسة تحدق فيه بغضب مكتوم: بتحميني من مين يا سليم؟
سليم: من أي حد ممكن ياخدك مني.
ماسة: محدش هيقدر ياخدني منك، سليم.
سليم بصوت هادئ مليء بالحزن: فيه… اللي عمل الحادثة.
ماسة برجاء: طب نص ساعة… بجد مخنوقة.
سليم بحسم: قولتلك مش هينفع يا ماسة، خلاص بقى.
تبتعد ماسة قليلًا وهي تراقبه بحزن، ثم ترد بنبرة مليئة بالوجع والشدة: أنت لازم ترجع وتروح لمروان بجد وتقتنع انك عندك مشكلة.
التفتت سليم لها بجسده ونظر إليها بنظرة مشوشة بين الحزن والغضب.
عارفة مين محتاج يروح لدكتور؟ انتي. مش أنا، لأنك مش حاسة بالخطر اللي إحنا فيه.
ماسة تغرق في دموعها بصمت ووجع.
سليم بتهديد: انا همشي واوعي تفتحي معايا الموضوع ده تاني اوعي عشان ما تندميش.
ماسة اتسعت عينيها بصدمه: هو انت بتهددني انت اتجننت.
سليم بضجر: لا زهقت.
ماسة بستهجان: هو انت ليه محسسني انا كل يوم بكلمك في نفس الموضوع ده كل كم شهر لما بكلمك ولا انت مش عايز اتكلم خالص مش من حقي حتى اتكلم بقول لك تعبت تعبت.
سليم: انا ماشي ولبسى عشان متبرديش.
مسحت ماسة وجهها ورقبتها بتعب اخذت تبكي بحرقه.
💞_________________بقلمي_ليلةعادل(⁠•⁠‿⁠•⁠)
إحدى المناطق الشعبية
في مقهى بلدي الثانية مساءً
نشاهد شاب يجلس على إحدى الطاولات داخل أحد المقاهي، المزدحمة بأصوات الزبائن وصوت صدامات أكواب الشاي
كان يبدو عليه القلق والتوتر، يدخن سيجارة ويشرب قهوته ببطء. فجأة، تتوقف سيارة فخمة عند مدخل الحارة. يثير المشهد انتباه الجميع. ينزل منها رجل ضخم بملامح حادة، يبدو من هيئته أنه زعيم عصابة. يتحرك بثقة نحو محروس ويجلس قبالته.
الرجل بجمود: خير يا دغمش؟
دغمش بتردد: محتاج فلوس.
الرجل ساخرًا: فلوس إيه تاني؟ أنت خدت اللي إنت عايزه كله.
دغمش: أنا عملت اللي قلتلي عليه، يا صابر. طلعت الطلعة، وموتنا الراجل ومراته.
صابر بتهكم: بس، طلعوا منها أحياء. احمد ربنا إن الباشا سابك عايش على اللي عملته ده.
دغمش بشدة: أنا مالي؟ أنا عملت اللي اتقال لي، بعدين أنا كنت في الحوار ده سواق، هم اللي ربنا كتب لهم عمر جديد. دلوقتي، أمي عندها عملية كبيرة ومحتاجة فلوس.
صابر بحدة: مافيش فلوس تاني. ولو فتحت بقك أو ظهرت، هيترحموا عليك، اتأكد لو شفتني تاني، اعرف إني جاي أقتلك تمام يا محروس؟!.
دغمش ابتسم بغضب وعض على أسنانه:
كدة تمام.
صابر بصوت هادئ ومخيف: خليك عارف إني هعديها المرة دي عشان أمك. بس دي آخر مرة.
يغادر صابر، بينما يجلس دغمش ( محروس) للحظة، يغلي بداخله من الغضب، ثم وقف وتحرك باتجاه محل موبايلات في أحد الشوارع المجاورة.
داخل محل موبايلات صغير.
نشاهد دغمش وهو يتحدث مع البائع.
دغمش: عايز خط تليفون. بكام؟
البائع: ب ١٠ جنيه.
دغمش: ماشي.
يخرج إلى الشارع بخطوات ثابتة، يقف بجانب عمود إنارة قديم، يفتح هاتفًا قديمًا ويضغط على رقم محفوظ مسبقًا. المكالمة تبدأ.
على الجانب الآخر
يجلس سليم خلف مكتبه، غارقًا بين الأوراق،،هاتفه يرن،،نظر إلى الرقم الغريب بتردد،، تركه ليصمت.
لكن الرنين يعود بإلحاح.توقف عن العمل، مد يده ببطء وقرر الرد.
سليم: الوو….

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية الماسة المكسورة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *