روايات

رواية أحببتها ولكن 7 الفصل الخامس والثمانون 85 بقلم بيسو وليد

رواية أحببتها ولكن 7 الفصل الخامس والثمانون 85 بقلم بيسو وليد

رواية أحببتها ولكن 7 البارت الخامس والثمانون

رواية أحببتها ولكن 7 الجزء الخامس والثمانون

أحببتها ولكن 7
أحببتها ولكن 7

رواية أحببتها ولكن 7 الحلقة الخامسة والثمانون

مدد يا رسول الله، يا خير الورى،
يا رحمة الله التي فاقت المدى،
مدد مدد، يا من إليه تشد الرحال،
وبمدحه تهفو القلوب بلا جدال.
_ياسين التُهامي.
__________________________
فرج الله يأتي في اللحظة التي تظن فيها أن كُلّ الأبواب قد أُغلقت، فيفتح لكَ بابًا لم يخطر لكَ على بال، رحمته وسعت كُلّ شيء، فلا تيأس مهما اشتـ.ـدت المحن، فالله لطيف بعباده، قد يؤخر الله الفرج لحكمة، لكنه لا ينسى عباده، بل يُدبر لهم الخير في الوقت المناسب، كرمه عظيم، يُعطي دون حساب، ويرزُق مَن يشاء بغير مقدار، حين تضيـ.ـق الدنيا، يكفي أن ترفع يديك بالدعاء، فربك أقرب مِمَّ تتخيّل، لا تظنّ أن تأخُّر الإجابة نسيان، بل هو أختبار لصبرك، وتمهيد لعطية أكبر مِمَّ سألت، تذكَّر دائمًا أن بعد العُسر يُسرًا، وأنَّ الله لا يُضيـ.ـع عباده أبدًا..
<“كسـ.ـر جميع الحوا’جز وتَرَبَع ملكًا على عرشه.”>
لم يهتم سوى لِمَ يسعى لهُ،
أصبح في ليلةٍ وضحاها فر’يسةٍ سهلة المنال للحُبّ، كسـ.ـر جميع حوا’جزه لأجل الحُبّ وتَرَبَع ملكًا متوجًا على عرشه..
نظرت “رنيم” وهي في حالة مِن الصد’مة إلى “مَـرْيَم”، تُحاول أن تستوعب ما حدث منذ قليل وكيف لهُ أن يتجا’وز حدوده معها ويتو’اقح بهذه الطريقة، نظر “شهـاب” إلى أخيه نظرةٍ نا’رية يكاد لهيـ.ـبها يحر’قه هامسًا لهُ بنبرةٍ حا’دة:
_”شُكـري” لِم نَفسك أحسنلك وأُظبط.
نظر لهُ “شُكـري” ببروده المعتاد بعد أن تلقى تحذ’يرًا خفيًا مِن أخيه وجاوبه بنبرةٍ فولاذية:
_إيه، أنا معملتش حاجة ما أنا قاعد ساكت أهو متكلمتش.
وقبل أن يرُد عليه “شهـاب” ويُعـ.ـنفه قا’طعته “رنيم” التي سحبت حقيبتها مِن فوق سطح الطاولة وهي تتجنب النظر لهما موجهةً حديثها إلى رفيقتها قائلة بنبرةٍ جامدة:
_أنا لازم أمشي يا “مَـرْيَم” معلش مش هقدر أكمل.
أوقفتها يَد “مَـرْيَم” التي قبـ.ـضت على رسغها تمنعها مِن الذهاب قائلة:
_لا تمشي فين أنا ملحقتش أقعد معاكِ.
جاوبتها “رنيم” بنبرةٍ هادئة بعد أن أصّرت على رحيلها بقولها:
_معلش يا حبيبتي مرَّة تانية بس أنا لازم أمشي.
جاوبتها “مَـرْيَم” ترجوها بالبقاء مقترحةً بقولها:
_عشان خاطري يا “رنيم” أنا بجد مصدقت أشوفك، لو مضا’يقة مِن هنا ممكن نروح طرابيزة تانية لوحدنا.
نظر “شهـاب” إلى “شُكـري” الذي نهض واقفًا وهو ينظر إلى “رنيم” التي كانت توليه ظهرها بعد أن لم يروق لهُ فعلها ورأى التمر’د بها مقررًا تولي ز’مام الأمور هذه المرة بنفسُه، منـ.ـعته يَد أخيه التي قبـ.ـضت على رسغه وهو ينظر لهُ نظرةٍ تحذ’يرية مِن أن يتما’دى في توا’قحه، وكأن الآخر سيستمع إليه هذه المرة ويُنفذ مطلبه، تحدث “شُكـري” هذه المرة بعد أن قرر كسـ.ـر جميع الحو’اجز التي تعيـ.ـق الأمور بينهما دون أن يهتم لتحذ’يرات أخيه وزوجته بقوله الحازم:
_أسمعيني كويس يا بنـ.ـت الناس عشان لو أنتِ متمر’دة فالعبد الله ها’بة مِنُه، لو فاكرة إنك هتعرفي تطفـ.ـشيني فأحب أقولك متحاوليش عشان أنا لمَ برسم على حاجة عايزها باخدها حتى لو فبُق الأسـ.ـد، بُعد أنا مش هبعد، تطـ.ـفيش مش هطـ.ـفش هي تربست فدماغ أبويا خلاص وخلصت، مِن الآخر وعلى بلاطة أنا بحبك ومِن أول مرَّة شوفتك فيها وأنتِ تربستي فدماغِ خلاص فتعالي معايا بالحُبّ عشان متشوفيش وش الجنا’ن على حق، قدامك مُهلة أسبوع تبعتي رقم أبوكِ مع “مَـرْيَم” عشان مجيبهوش أنا بطريقتي.
أنهى حديثه ورحل دون أن ينتظر تلقي الرد مِن أحدٍ مِنهم، كما دخل كما خرج، تاركًا خلفه أخيه الذي كان ينظر لهُ مذهولًا لا يُصدق حتى هذه اللحظة ما تلقتهُ أُذُنيه، نظرت “رنيم” إلى رفيقتها “مَـرْيَم” مصدومةً مِن ما سمعته وكأنه ملكًا وألقى حُكمًا وَجَبَ التنفيذ، نظرت لها “مَـرْيَم” بخجلٍ طغى على وجهها وهي لا تعلم ماذا عليها أن تفعل الآن بعد أن وضعها شقيق زوجها بهذا الموقف المُحر’ج..
نظرت إلى “شهـاب” الذي بادلها نظراتها هُنَيهة ثمّ قال بنبرةٍ هادئة:
_أنا آسف جدًا على اللِ حصل مِن شوية يا آنسة “رنيم”، أنا هيكون ليا كلام تاني معاه.
نظر بعدها إلى زوجته وأكمل حديثه بقوله الهادئ:
_أنا هستناكِ فالطرابيزة اللِ جنبك، خلصي وعرفيني.
أنهى حديثه وتركها وذهب متجهًا إلى إحدى الطاولات المجاورة تحت نظراتها التي كانت تُتابعه حتى أستقر على واحدة تبعدهما بقليل، عادت تنظر إلى “رنيم” مجددًا وقالت بنبرةٍ هادئة:
_أقعدي يا “رنيم” واستهدي بالله، اقعدي خلّينا نتكلم شوية.
أخرجت “رنيم” زفيرة قو’ية ثمّ تركت حقيبتها مجددًا وجلست فوق المقعد وجلست الأخرى أمامها وهي تر’مي زوجها نظرةٍ هادئة تُخبره مِن خلالها أن الأمور سوف تكون بخيرٍ بعد قليل، نظرت لها ورسمت بسمةٌ هادئة على ثَغْرها وقالت بنبرةٍ هادئة:
_تحبِ تشربِ إيه بقى.
حاولت إلهاءها قليلًا حتى تتناسى قليلًا ما حدث قبل قليل، بينما أخرجت “رنيم” زفيرة عميقة وحاولت تهدأ نفسها حتى لا تنول رفيقتها غضبها الآن فهي حتى هذه اللحظة تشعُر بالضـ.ـيق مِنْهُ ولا تُصدق كيف تو’اقح معها مِن جديد وألقى أوامره عليها وكأنها جا’رية وَجَبَ عليها تنفيذ مطلبه دون أن تعتر’ض.
__________________________
<“قُبَيْل المغرب، أشرقت شمس الحُـ.ـرية.”>
قُبَيْل المغرب، وحينما شارفت الشمس على الذهاب،
أشرقت شمسُ الحُـ.ـرية للمعتـ.ـقلين منذ قديم الأزل، أول شعاعٍ مِنها كان قد نُقِشَ فوقه أسمه بحروفٍ مِن ذهب..
قُبَيْلَ المغرب – في المشفى،
كانوا يجلسون أمام غرفة العناية التي يمكث بها “حُـذيفة” ينتظرون منذ باكورة الصباح أن يتلقوا خبرًا جديدًا يُسعد قلوبهم المُر’هقة، كان “ليل” ينظر حوله حتى سقـ.ـطت عيناه على رفيقيه اللذان جاءا لهم على عُجالة، نهض واقفًا ليقتربا هما مِنْهُ تحت نظرات الآخرين المتسائلة، عانقه “يوسـف” تزامنًا مع قوله الهادئ:
_حمدلله على سلامتك يا صاحبِ، قدر الله وما شاء فعل.
أخرج “ليل” زفيرة هادئة وعميقة وجاوبه بنبرةٍ هادئة قائلًا:
_الحمدلله على كُلّ شيء.
أقترب “رمـزي” مِنْهُ مربتًا برفقٍ على ذراعه المعافى قائلًا:
_حمدلله على سلامتك، مقدر ومكتوب إحمد ربنا إنك نَجـ.ـيت.
جاوبه “ليل” بنبرةٍ هادئة بعد أن نظر لهما وقال:
_الحمدلله، بس أنتم عرفتوا منين.؟
جاوبه “يـوسف” بوجهٍ مبتسم وهو يُشير بحديثه إلى رفيقه قائلًا:
_”رمـزي” اللِ عرف وجه قالي، زي ابن خالك كدا.
تَفَهَّم “ليل” مقصد “يوسـف” ونظر بعدها إلى “رمـزي” الذي كان ينظر إلى رفيقه الماكث داخل الغرفة طر’يح فراشه ساكنًا، كانت نظرته لهُ مغلفة بالحز’ن والقـ. ـهر فلم يكُن يتوقع أن يأتي يومًا كهذا يتم فيه تفر’يقهما عن بعضهما، تحدث “ليل” بنبرةٍ هادئة يجذ’ب أنتباه “رمـزي” لهُ:
_الدكتور قال هيطمنا والمفروض كان فاق مِن بدري، بس لحد دلوقتي مفيش جديد ولسه زي ما هو حتى الدكتور أستغرب هو ليه مفاقش لحد دلوقتي قالنا المفروض كان يفوق مِن الصبح.
نظر لهُ “رمـزي” نظرةٍ ذات معنى ثمّ عاد ينظر إلى رفيقه وهو يقول بنبرةٍ هادئة مغلفةً بالحزن:
_لا حول ولا قوة إلا بالله، طب أنا عايز أدخله مين الدكتور المُشرف على حالته.
أشار لهُ “ليل” تجاه الطبيب قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_أهو الدكتور جه.
ألتفتا ينظران لهُ وقد نهضوا بقية الأصدقاء حينما جاء الطبيب يطّلع على حالة “حُـذيفة” مِن الخارج ليأتي السؤال مِن “رمـزي” الذي نظر لهُ وقال بنبرةٍ هادئة:
_كُنْت محتاج اسأل حضرتك عن حالته، هو أخباره إيه دلوقتي المفروض يكون فاق مِن الغيبو’بة.
نظر لهُ الطبيب في هذه اللحظة وجاوبه بنبرةٍ هادئة قائلًا:
_المفروض فعلًا يكون فاق، بس حتى الآن إحنا مش عارفين إيه اللِ منـ.ـعه يفوق، حاليًا بنعيد تشخيص الحالة تاني عشان لو في حاجة مش ظاهرة نقدر نعالجها.
في تلك اللحظة جاءته الرؤية، لا يحتاج رفيقه إلى العلاج بالدواء كما يظن الطبيب، فقد أتضح أن شيئًا ما قد مـ.ـسه ولا أحد يعلم ذلك، نظر إلى “يوسـف” نظرةٍ فهمها الآخر سريعًا دون أن يحتاج إلى الكثير مِن الوقت لمعرفة السبب ولذلك أعطاه موافقته بهزّة صغيرة مِن رأسه، عاد ينظر إلى الطبيب مجددًا وقال بنبرةٍ هادئة:
_طب بعد أذنك أنا محتاج أدخله ٥ دقايق بس أتطمن عليه وأخرج على طول مش هطّول جوه.
نظر لهُ الطبيب هُنَيهة ثمّ وافق على مطلبه قائلًا:
_تمام، بس هما ٥ دقايق بس وتخرج على طول عشان صحته.
_أكيد.
هكذا جاوبه “رمـزي” ثمّ ألقـ.ـى نظرة على رفيقه قبل أن يتجه إلى الغرفة بخطى هادئة يولجها مسميًا بالله وهو ينظر إلى رفيقه، أغلق الباب خلفه واقترب مِنْهُ بخطى هادئة تحت نظرات الجميع في الخارج الذين تابعوه مِن خلف الز’جاج، بينما وقف “رمـزي” بجوار الفراش وهو ينظر بهدوءٍ إلى رفيقه الذي كان محاوطًا بجسـ.ـده الأجهز’ة الحيو’ية، كان صوت قياس نبـ.ـض القلب هو المسموع في الغرفة فقط وصوت تنفسه عبر قناع التنفس..
_لا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم أنتَ الشافي المعافي، أشفهِ مِن كُلّ همٍ ومر’ض، اللهم أعفو عنه وأجل مر’ضه في ميزان حسناته..
نظر لهُ نظرةٍ هادئة هُنَيهة ثمّ أمسك بطرف وشاحه السُكّري ووضع يَده على رأسه وهو يُسمي الله:
_بسم الله أرقيك، مِن كُلّ عينٍ نظرت إليك، ومِن كُلّ نفسٍ لم تذكُر الله فحسدتك، ومِن كُلّ روحٍ خبيثةٍ اقتربت منك..
_هو الجدع دا بيعمل إيه؟ ومين دا أصلًا خرجوه.
هكذا قال “أحمـد” بنبرةٍ حا’دة مِمَّ جعل “يوسـف” يلتفت لهُ وهو يُطالعه بنظراته البا’ردة مجيبًا إياه بقوله:
_الجدع دا هو جدع فعلًا، وحتت هو بيعمل إيه فمتخصكش فحاجة هو عارف كويس أوي هو بيعمل إيه.
نظر إليه “أحمـد” نظرةٍ قا’تلة بعد أن تو’اقح “يوسـف” بحديثه معهُ وتحدث بأسلوبٍ لا يُحبذه الآخر ولذلك رد عليه بنبرةٍ حا’دة وقال:
_أنتَ أزاي تتكلم معايا بالأسلوب دا أنتَ عارف واقف قدام مين أصلًا واللِ جوّه دا ابن عمّي وهخا’ف عليه.
تدخل “ليل” في هذه اللحظة يفصـ.ـل بينهما وهو يقول بنبرةٍ حا’دة:
_مش وقته خنا’ق يا “أحمـد” ومتتكلمش معاه بالأسلوب دا، دول مهما كان ضيوف وصحابنا أنا و “حُـذيفة” وواثق فيهم وعارف كويس نيّتهم إيه، متخلّيش شيطا’نك يستحو’ذ عليك وأهدى.
أخرج “أحمـد” زفيرة قو’ية وأشاح بوجهه إلى الجهة الأخرى دون أن يتحدث، بينما ألتفت “ليل” إلى “يوسـف” وأعتذر مِنْهُ قائلًا:
_أنا آسف يا “يوسـف” حقك عليا هو بس خا’يف عليه شوية مش أكتر غـ.ـصب عنه.
نظر لهُ “يوسـف” وجاوبه بنبرةٍ هادئة غير هذه التي حادث “أحمـد” بها وقال متفهمًا:
_حصل خير، أنا مقدّر الظرف اللِ أنتوا فيه، إن شاء الله يقوم بالسلامة.
_إن شاء الله.
هكذا جاوبه “يوسـف” بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه ثمّ عاد ينظر إلى رفيقيه في الداخل معه، بينما كان “رمـزي” قد أنهى رُ’قيته وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
_بسم الله أرقيك يا “حُـذيفة”، مِن كُلّ عينٍ نظرت إليك ومِن كُلّ نفسٍ لم تذكر الله فحسدتك، ومِن كُلّ روحٍ خبيثةٍ اقتربت منك، بسم الله أرقيك، مِن سحر ساحر، ومِن كيد حاقد، ومِن همس شيطانٍ مارق، الله أكبر عليه، الله أكبر عليه، الله أكبر عليه..
وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا.
أبعد كفه عن رأس رفيقه وهو ينظر لهُ ممسكًا بذراعه ذاك بعد أن شَعَر بالقليل مِن الأ’لم بهِ قائلًا:
_حسبي الله ونعم الوكيل، حسبي الله ونعم الوكيل فكُلّ مؤذي.
اقتربت “أيسـل” وخلفها والدي “حُـذيفة” يقفون ثلاثتهم أمام النافذة بعد أن ظنّت أن زوجها قد عاد إلى وعيه لتجد غريبًا يُرافقه مِمَّ جعلها تتعجب وتتسائل بداخلها عن هويته، بينما نظر “رمـزي” إلى رفيقه هُنَيهة ثمّ قال بنبرةٍ هادئة:
_سلامتك يا صاحبِ، سلامتك يا حبيبِ.
صدرت همهمة صغيرة مِنْهُ بعد أن كان ينظر لهُ “رمـزي” داعيًا إلى المولى عز وجل أن يشفيه ويعود إلى دياره سالمًا ومعافًا، رأى تحرُّك جفنيه لتتسع البسمةُ على ثَغْره بفرحةٍ واضحة ثمّ قال بنبرةٍ متلهفة:
_”حُـذيفة”، أصحى يا صاحبِ أنتَ كويس وزي الفُل، قوم يا “حُـذيفة” متستسلمش للمر’ض أنتَ أقوى.
لحظات أستغرقها “حُـذيفة” ليعود مجددًا إلى و’عيه، فتح عيناه بتمهُـ.ـلٍ ليجد الرؤية مشو’شة و “رمـزي” يقف بجواره ينظر لهُ، لحظات أخرى استغرقها لتعود الرؤية تتضح مجددًا ويرى رفيقه يجاوره وهو يُطالعه بوجهٍ مبتسم وعينان تغمرانها الفرحة والسرور وهو يقول:
_ألف بركة يا عمّ، بقى دا أسمه كلام برضوا تخـ.ـضنا عليك الخـ.ـضة الو’حشة دي، ولا تكونش بتختبر معزّتك عندنا أنا أول ما عرفت الخبر جبت “يوسـف” وجيتلك على طول عشان اتطمن عليك بنفسي، طمني أنتَ حاسس بأيه دلوقتِ.؟
أنهى حديثه متسائلًا بعد أن غمرت الراحة قلبه بعودة هذا الحبيب مجددًا لهم، فقد كانت غفوته كجمـ.ـر النا’ر المـ.ـلتهبة تحر’ق قلوبهم، نظر لهُ “حُـذيفة” بوهنٍ ثمّ ابتسم تحت هذا القنا’ع وقال بنبرةٍ متـ.ـعبة:
_”رمـزي”، واحشني يا صاحبِ، كُنت خا’يف أمو’ت مِن غير ما أشوفك … قعدت فترة طويلة بحاول أوصلك ومبعرفش.
ترقرق الدمع في المُقل بعد أن أستمع إلى حديثه ونبرة صوته المر’هقة ليجاوبه بنبرةٍ حاول جعلها هادئة برغم تذ’بذبها:
_مفيش حد وحشني قدك يا حبيبِ واللهِ وعُمرك ما غيبت عن بالي لحظة واحدة على طول بفكر فيك، وبعدين متقولش الكلام اللِ يز’علني مِنك دا ربنا يبارك فصحتك وعافيتك ويبعد عنك كُلّ شـ.ـر، المهم طمني عليك حاسس بأيه دلوقتي.
دام الصمت بينهما قليلًا حاول بهِ “حُـذيفة” تنظيم أنفاسه وتذكّر ما حدث قائلًا:
_حاسس إنِ أتولدت مِن جديد، أنا شوفت المو’ت بعيني يا “رمـزي”، حسيت بالرصا’صة وهي بتنشـ.ـر سـ.ـمها فجسـ.ـمي وبتعجـ.ـزني عن الحركة، فجأة و’قعت ومحسيتش بأي حاجة حواليا غير فرد الأمن وهو بيجري عليا وبيصر’خ لمراتي، بعدها معرفش إيه اللِ حصل، أنا كان ممكن أمو’ت لو الرصا’صة كانت جَت فمكان تاني، أقولك على حاجة، أنا مكُنتش خا’يف، كُنت مستعد أقابل ربنا وأقف قدامه وأتحاسب، ضامن الجنة يا صاحبِ صدقني.
خا’نته عَبراته وسـ.ـقطت على صفحة وجهه بعد أن تأ’ثر بكلماته ليرفع كفه يُز’يلها بهدوءٍ ثمّ زفر بعمقٍ وجاوبه بنبرةٍ هادئة:
_كُنت ضامن الجنة مش كدا، أنا بقى فصرا’ع بين نفسي وعقلي، شوية أقول هدخل الجنة وشوية أشـ.ـك فنفسي وأقول بس أنتَ معملتش اللِ عليك بالشكل اللِ يرضي ربنا عز وجل، بس تعرف كلامك دا فرحني، إحنا الاتنين واحد يا صاحبِ، بس الناس مش قادرة تفهم دا.
_إحنا واحد غـ.ـصب عن عين أي حد، المهم راحة نفسنا مش البشر، بعدين أنتَ اللِ بتقول كدا؟ دا أنا أكتر واحد حافظك وعارف إنك ملتزم وبتجا’هد عشان تكون مستعد فأي وقت، اللِ بيشتتك دا الشيطا’ن يا “رمـزي” أوعى تسمعله أو تضـ.ـعف قدامه مهما حصل، متكررش غـ.ـلطتِ أنا ند’مت عالوقت اللِ ضـ.ـيعته صدقني، كُنت تـ.ـعبان وأنا بعيد عن ربنا ومش حابب نفسي، بس أول ما سمحتلي الفرصة استـ.ـغلتها ورجعت لربنا تاني، حا’رب يا “رمـزي” عشان متند’مش.
ترجاه أن لا يُعيد تكرار خطـ.ـأه فهو يعلم أن الشيطا’ن ماهرًا في تشتيت بني البشر وتشـ.ـكيكه بإيما’نهم ولذلك حاول تشيجع رفيقه الذي أخرج زفيرة هادئة وابتسم لهُ وقال:
_حاضر يا “حُـذيفة”، مقدرش أقولك على حاجة لا، المهم أنا ر’قيتك، كلام الدكتور مطمنيش وخصوصًا إنك كُنت المفروض تفوق مِن بدري، وشوفت رؤية ليك خلّيتني أدخُلك، أول ما ر’قيتك بعدها بشوية فوقت، عشان أقولك أنتَ نجـ.ـمك خفيف وبتتحسـ.ـد بسرعة تصدقني بعد كدا ومتقا’وحش أدي آخرة اللِ يشوف نفسُه ويتباهى باللِ بيعمله، يا أخي دا الرسول ﷺ قال داروا على قضاء حوائجكم بالكتمان أنا اللِ هقولك الكلام دا يعني.
نظر لهُ “حُـذيفة” وابتسم بسمةٌ خفيفة بعد أن أستمع إلى حديثه ورأى أسلوبه المرح الذي أعتاد عليه ليجاوبه بنبرةٍ و’اهنة:
_حاضر يا سي الشيخ “رمـزي”، حاضر يا ضميري الظاهري اللِ مبيسبنيش فحالي أبدًا غير لمَ يأنب فيا كُلّ شوية.
ضحك “رمـزي” ممسكًا بكفه مربتًا فوقه برفقٍ وقال مبتسمًا:
_سلامتك يا قريني، حبايبك كُلّهم بره أهم هيمو’توا مِن الخو’ف عليك، غير البعيد اللِ مش هادي ولا عارف يعيش وهيمو’ت مِن خو’فه عليك.
أشاح “حُـذيفة” رأسه تجاه النافذة بحركةٍ هادئة ليرى جميع مَن يُحبهم في الخارج ينتظرون الاطمئنان عليه وعلى رؤوسهم “أيسـل” التي كانت تنظر لهُ بوجهٍ مبتسم وعينان تترقرق فيهما الدمع، يعلم أنها لم تهدأ وظلت تبكِ طيلة الوقت وقد تركت لعقلها حُـ.ـرية التخيُّل لمصيره، ورأى معها والدته وأبيه اللذان كانا لا يقلان شيئًا عنها وكذلك رفيقه الحبيب الذي أتسعت بسمته حينما رآه عاد إليهم مِن جديد بعد أن ر’فض الاستسلا’م..
_كُلّهم بيحبوك أوي، يا بختك بيهم واللهِ، ربنا يباركلك فيهم.
هكذا قال “رمـزي” مبتسم الوجه وهو يرى السعادة تعلو وجوههم حينما أستيقظ، عاد ينظر لهُ مجددًا وقد أبتسم بسمةٌ هادئة وقال:
_أنا مش عارف أقولك إيه بجد، لقاءنا يوم أعتقا’لك مكانش صدفة عابرة، وقتها حسيت إننا هنكون صحاب، وأنا بصدق إحساسي عشان عُمره ما خَو’ني.
أبتسم “رمـزي” وهو ينظر لهُ بطرف عينه ولذلك مازحه بقوله:
_أنا مش أي حد، أنا فحتة لوحدي.
مدَّ “حُـذيفة” كفه نحوه يُمسك بكف رفيقه وهو ينظر لهُ قائلًا بنبرةٍ هادئة ممتنة:
_شكرًا يا غوثِ، أنا عارف إن كان فيا حاجة مش كو’يسة، بس أنا مكُنتش عارف أعمل إيه أو أروح لمين، لحد ما جيت أنتَ دلوقتي وأنقـ.ـذتني، شكرًا.
عاتبه “رمـزي” هذه المرة بقوله الهادئ وهو مازال ينظر لهُ:
_أوعى تقول كدا تاني، أنا معملتش حاجة دا واجبِ يا “حُـذيفة”، المهم تخلّي بالك مِن نفسك وتحـ.ـصن نفسك أول بأول ولاد الحر’ام كتير حوالينا، سلامتك يا عمنا.
أنهى حديثه ثمّ مدَّ كفه يُمسك بهذا القناع يضعه على وجهه مجددًا ثمّ رَبّت فوق كتفه برفقٍ وهو يقول:
_ربنا يحفظك يا حبيبي، ربنا يحفظك.
في هذه اللحظة وَلَجَ الطبيب لهما وهو ينظر إلى “حُـذيفة” بوجهٍ مبتسم قائلًا:
_حمدلله على سلامتك يا بطل، أخيرًا فوقت دا حبايبك هيمو’توا مِن خو’فهم عليك.
وقف بجوار فراشه وبدأ يتفحصه بهدوءٍ تحت نظرات “رمـزي”، نظر لهُ الطبيب بعد لحظات وقال بوجهٍ مبتسم:
_بسم الله ما شاء الله عليك، اللِ يشوفك مِن شوية ميشوفكش دلوقتي، سبحان الله، هننقلك أوضة عادية صحتك زي الفُل ومش محتاج تفضل هنا أكتر مِن كدا.
_الحمدلله، الحمدلله دائمًا وأبدًا.
هكذا ردد “رمـزي” بنبرةٍ هادئة بعد أن أطمئن على رفيقه، وبعد مرور القليل مِن الوقت تم نقله إلى غرفته وها هم جميعًا حوله، كانت “أيسـل” تجلس على طر’ف الفراش بجواره تنظر لهُ بوجهٍ مبتسم وعينين تترقرق بهما الدمع وكفه يستقر بين أحضان كفيها الدا’فئين، وعلى الجهة الأخرى تجاوره “نوران” ويقف بجوارها “عبدالله” الذي أطمئن قلبه على ولده..
_عايز أقولكم حاجة قولتها لـ “رمـزي”، أنا حاسس إنِ أتولدت مِن أول وجديد، حياتي القديمة راحت وبدأت عُمر جديد، أنا كويس مش عايزكم تفضلوا خا’يفين عليا كتير أنا بخير واللهِ، شوية وقت وهقوم أقف على رجلِ تاني.
جاءه الرد مِن “نوران” التي قالت بنبرةٍ هادئة وهي تمسح بكفها على خصلاته النا’عمة:
_شوف مهما تقول عشان تطمني أنا مش هقتنع غير لمَ أشوفك واقف على رجليك تاني قدامي وبتروح وتيجي، أنا قلبِ و’جعني أوي وعـ.ـيشت لحظات متمنهاش لأي أمّ تعيـ.ـشها.
رفع “حُـذيفة” رأسه قليلًا كي ينظر لها بشكلٍ أوضح ثمّ قال بنبرةٍ هادئة:
_أنا زي الفُل واللهِ مش عايزك تفضلي خا’يفة كدا كتير، أدعيلي بس على قد ما تقدري وأنا هبقى مبسوط.
نظرت لهُ “نوران” في هذه اللحظة بعينين تلمعان بالعَبرات وجاوبته قائلة بنبرةٍ مائلة للبُكاء:
_أنا مبعملش حاجة غير إنِ بدعيلك يا نور عيني، هو أنا حيلتي حاجة غير إنِ أدعيلك أنتَ وأخوك.
في هذه اللحظة تدخل “عبدالله” الذي قال بنبرةٍ حا’دة:
_يا سلام وأنا فين مِن كُلّ دا؟ ولا أتركنت عالرف خلاص ..!!
علت الضحكات مِنهم على حديثه وكانوا أشـ.ـدهم إنجذابًا هذا الرُباعي الذي يرى رئيسه بهذه الحالة لأول مرَّة تقريبًا، رفعت “نوران” رأسها تنظر إلى زوجها الذي كان غير راضيًا عمَّ قاله لتقول:
_بدعيلك بس مش لازم أقولك يعني.
_ليه يعني مش مِن نِفسي ولا د’كر بط أنا.؟
أخرجت “نوران” زفيرة عـ.ـميقة بعد أن علمت أنَّهُ لن يصمت وسيخـ.ـتلق المشـ.ـكلات مِن العد’م، ولكن تدخّل ولدها في هذه اللحظة يقول بنبرةٍ هادئة:
_يا حج دا أنتَ القلـ.ـب نفسُه ومتقدرش تكمل مِن غيرك، أنتَ الأساس بس هي هتكا’بر ومش هتقولك.
جاوبه “عبدالله” الذي نظر لهُ وقال:
_أنتَ بتدا’فع عنها يعني وبتيجي عليا.؟
تبدلت نظرة “حُـذيفة” إلى أخرى معاتبة ثمّ قال:
_أنتَ تعرف عنّي كدا يا حج برضوا، دا أنا لسه خارج حتى مِن عـ.ـمليات وبقول أتكتبلي عُمر جديد أقوم أضحك عليك مِن أولها.
_أنا أقتنعت بصراحة.
هكذا قال “ليل” يدعم رفيقه في قوله ليُخرج “عبدالله” زفيرة عميقة دون أن يتحدث بعد أن رأى أتحا’دهم ضـ.ـده، تحدث “علي” هذه المرة وقال بنبرةٍ هادئة:
_طب أنا شايف إننا نخرج دلوقتي ونسيب “أيسـل” مع “حُـذيفة” شوية وبعدين ندخل نتطمن عليه ونقعد معاه شوية.
وافقوه القول ولذلك أنسـ.ـحبوا جميعهم بهدوءٍ شـ.ـديد مِن الغرفة واحدًا تلو الآخر حتى خرج “عبدالله” وأغلق الباب خلفه، أصبحت الغرفة خا’وية ألا مِن وجودهما معًا بها، نظر إليها بعد أن كان نظره مُـ.ـعلَّقًا على الباب وقد أرتسمت بسمةٌ هادئة على ثَغْره وقال بنبرةٍ هادئة تملؤها الشو’ق والعاطفة لها:
_وحشتيني أوي، حاسس إنِ مشوفتكيش بقالي كتير.
نظرت لهُ بوجهٍ مبتسم وبشوش وترقرق الدمع في المُقل ودا’همتها مشاعرها العاطفية نحوه فكلما رأته أمامها مُـ.ـلقىٰ أمامها جسـ.ـدًا بلا رو’ح يؤ’لمها قلبها ويجعل عقلها يخلُـ.ـق مشاهد مأ’ساوية، لم تستطع أن تحر’م نفسها مِن التنعُم في أحضانه التي كانت ملـ.ـجًأ لها وأمانها الوحيد، فصلت المسافة التي كانت بينهما باقترابها مِنْهُ ومعانقته، وضعت رأسها فوق كتفه واغمضت عينيها كي تنعم بد’فئه الذي كادت أن تُحر’م مِنْهُ..
بينما كان هو ينتظر هذا العناق مِنها، كان ينتظر قُربها مِنْهُ وشعوره بها لم يمُت، بل كان يُنا’زع لبقاءه حـ.ـيًا، حاوطها بذراعه الأيسر يمسح فوق ظهرها برفقٍ، كانا كلاهما يُفكران ببعضهما طيلة الوقت ولكن الألسنة لا تتحدث، كان هو هادئًا وساكنًا، بينما كانت هي تُصا’رع نفسها وعقلها، كسـ.ـر حِدَّ’ة هذا الصمت بقوله:
_عارف إنك كُنتِ خا’يفة عليا، وعارف إن الشيطا’ن أستغـ.ـل الظرف دا وقدر يلعب فعقلك زي ما هو عايز، أنتِ سبق وقولتيلي قبل كدا إن دي الابتلا’ءات مِن ربنا عشان يختبر إيمانا، وأنا إيماني فيه كبير وعارف كويس حاجة زي دي، كُلّ حاجة بتحصلنا بتكون مكتوبة مِن قبل ما نتولد وأنا واللهِ راضي بكُلّ اللِ يجيبهولي ربنا.
جاوبته هي بنبرةٍ مائلة للبُكاء تُخبره عمَّ كانت تشعُر بهِ في تلك الفترة التي كانت عسـ.ـيرة عليها بشـ.ـدة وقا’سية:
_مش عارفة أزاي أوصفلك إحساسي يا “حُـذيفة”، أنا كُنت بتمنى كُلّ دا يطلع كابو’س وهتصحيني مِنُه وتطمني زي ما كُنت بتعمل على طول معايا، مكانش عندي أستعداد اخسـ.ـرك لأي سـ.ـبب، كُلّ اللِ كُنت بفكر فيه ساعتها هو أنتَ، وأنا وابنك، أنا بجانب إنِ لسه مشبعتش مِنك وخدت على وجودك جنبي بس أنا بجد مش مستعدة لفر’اقك بأي شكل، مش عارفة كُنت هعمل إيه لوحدي مِن غيرك وأنا معايا طفل صغير والتاني فالطريق، أنا غصـ.ـب عنّي الشيطا’ن سيـ.ـطر على عقلي ومعرفتش أفكر بطريقة صح … أنا مفوقتش غير لمَ بقيت فحُضنك دلوقتي وحاسّة بيك جنبي.
أتسعت البسمةُ على ثَغْره بعد أن سَمِعَ حديثها الذي أطرب أُذُنيه وأسعد قلبه وأراح رو’حه، شَعَر بلذة تُسيطـ.ـر عليه لأول مرَّة وكأنه يتذوق متعة هذا الشعور معها، وفي تلك اللحظة عَلِمَ أنَّهُ ليس مجرد زوجًا وأبًا فقط، بل أصبح عالمها بأكمله، ورو’حٌ تُرافق رو’حها، كانا رو’حين ولكنهما يعيـ.ـشا بقلبٍ واحد، رَبّت فوق ظهرها بحنوٍ وقال بنبرةٍ د’افئة:
_أنا غرقت مِن بدري فبحـ.ـر حُبّك، مِن وقت ما كُنا عيال صغيرة وأنا مش قا’در أبعد عنك، ر’ميتي فمنطقتي صنارتك بالطُعم وأستنيتي إجابة، ولأجل الأما’نة أنا فعيونك الحلوين دول كُنت بدو’ب، قرّبت مِن صنارتك برضايا وقبلت بالطُعم ومسكت فيها عشان تشـ.ـديني، فاكرة لمَ كُنا فالجامعة ونخلّص كُلنا ونتقابل، فيوم مِنهم أنا قررت أخُد خطوة تجاهك بعد ما أكتشفت إنِ مبقتش بفكر فحاجة غيرك، كُنتِ عالبال دايمًا ولمَ تـ.ـعبتِ مرَّة وجالك الحساسية الموسمية اللِ بتجيلك كُلّ سنة أنا حسيت بخـ.ـنقة أول مرَّة أحسّ بيها، بقيت كُلّ سجدة بسجدها فصلاتي بدعيلك مِن قلبي، ولحد دلوقتي لمَ بتتـ.ـعبي حتى لو تـ.ـعب بسيط بدعيلك، أتعودت على كدا مِن زمان، أنتِ أغلى حاجة فحياتي دعيت بيها ربنا ليل ونهار وكان معايا ٨ بيدعوا معايا لحد ما ربنا استجاب، طب تعرفي أنا كُنت بقولهم إيه كُلّ شوية.؟
سألته بعينيها جا’هلةً جواب هذا السؤال الذي دا’همها بهِ وهي تنظر لهُ بعينين تفيـ.ـضان لأجله عشـ.ـقًا، فاليوم تأكدت أنها حينما أختارته كان أختيارها صادقًا، فمَن تُشـ.ـكك بر’جُلٍ مثله وتتشـ.ـتت، وصدقًا قد جاءها الجواب على بُساطٍ أحمدي قائلًا بنبرةٍ مُحبة:
_فلو كان في العُمر فوق الضهر ضهرًا،
لأدعو ربي بها، حتىٰ أراها فِي رِحابي تنعمُ.
أيُ مِن نوع الر’جال أنتَ يا “حُـذيفة”؟ هكذا كان سؤالها لهُ داخلها، لم تكُن تتوقع أن يكون بداخله هذا الكم مِن العشـ.ـق والحنو لها هي، برغم أنَّهُ كان يُفصح لها ما يشعُر بهِ نحوها ولكن هذه المرة كانت مختلفة عن ما مضىٰ، كانت لا تُصدق أنها ستستمع إلى مثل هذه الكلمات مِنْهُ يومًا، ولم تكُن تتوقع أن يكون تا’ئهًا في بحورها بهذه الطريقة وير’فض أن يعلم الطريق الصحيح، اضطـ.ـربت أنفاسها وتسارعت نبـ.ـضات قلبها بشكلٍ ملحوظ وكأن كلماته تلك سلا’حًا ذو حد’ين لا تقدر هي على مقا’ومته..
هكذا كانت طبيعته وهكذا نشأ هو، لم تستطع أن تتفوه بحرفٍ واحد ولكن كانت تستطيع أن تُعبر عن مشاعرها بعناقٍ مليءٍ بالعشـ.ـق والسعادة لهُ، أبتسم هو حينما تَفَهَّم ما تشعُر بهِ ولذلك شـ.ـدد برفقٍ مِن عناقه لها قليلًا يُلثم رأسها بحنوٍ دون أن يتحدث، فقد ترك القلوب تتصل ببعضها وتُفصح عن عشـ.ـقها، ولكن لم يدوم هذا كثيرًا فقد خرج صوتها متأ’وهًا مع أنتفا’ضة صغيرة مِن جسدها استطاعت جذ’ب انتباه “حُـذيفة” بشكلٍ ملحوظ وجعلت القـ.ـلق يُسيطـ.ـر عليه:
_في إيه يا “أيسـل” إيه اللِ حصل، أنتِ كويسة.؟
هكذا سألها بنبرةٍ كانت متوترة وتغمُرها القلـ.ـق وهو ينظر لها ليأتيه جوابها تُطمئنه بنبرةٍ برغم تأ’لُمها كانت ممازحة:
_متقلقـ.ـش مفيش حاجة، بس شكل الباشا الصغير أتبسط أصلك بقالك فترة مقولتش لأمه كلام حلو.
لم يستطع أن يمنـ.ـع أبتسامته مِن الظهور ولذلك نظر لها بعد أن رفعت رأسها قليلًا حتى تُتيح لها الفرصة لرؤيته ليجاوبها بنبرةٍ هادئة:
_أديني قولتلك كلام يحر’مني مِن النكـ.ـد ٣ شهور قدام.
قهقهت هي بخفةٍ بعد أن مازحها لتقترب مِنْهُ تُلثم خَدِّه بحنوٍ ثمّ عادت تضع رأسها فوق كتفه ولكن هذه المرة كانت الراحة تسكُنها بعد أن أطمئنت على زوجها الذي زفر بعمقٍ وعلـ.ـق بصره بسقف الغرفة بهدوءٍ دون أن يتحدث وكأنه كان يُريد أن يحظى بهذه اللحظة التي افتقـ.ـدها منذ زمنٍ، حامدًا ربُه وشاكرًا إياه على كرمه ولطفه بهِ برغم ما حدث معهُ كان مازال حـ.ـيًا لتبقى للقصة سطورًا لم تُكتب بعد.
_________________________
<“لم يبتعد عن طريق الشـ.ـر، وأطاع شيطا’ن نفسُه.”>
في إحدى الشقق المأ’جورة،
كانت غرفة المعيشة الداخلية هادئة، الأضواء منطفئة ولكن لم تكُن مظـ.ـلمة، كان ضوء الشموع يُضيئها في مشهد مُهيب، شموع كبيرة وسـ.ـميكة الحجم مرصوصة في أرجاء الغرفة، رو’حٌ غريبة تيَّبـ.ـست الغرفة ويبدو أن صاحبها لا ينتوي على الخير بتاتًا، وَلَجَ “جرجـس” بخطى هادئة وتقاسيم وجهه لا تُبشر بالخير، جلس فوق الأريكة وهو ينظر إلى سطح الطاولة التي كانت تعلوها رسمة غر’يبة الشكل وفوقها الشمو’ع وصورتين..
فكر وقرر بعد أن فشـ.ـل في تحقيق غايته، وهذه المرة هو لا يشعُر بالند’م بل يفعل ذلك برضاه وبكامل قواه العقلـ.ـية، نظر إلى قطعة القما’ش التي تحصَّل عليها في قديم الأزل مِن “حُـذيفة” ثمّ مدّ يَده وأخذ صورته ينظر إلى وجهه بمعالم وجه خالية مِن الند’م والتردد، كُلّ ما كان يُسيطـ.ـر عليه في هذه اللحظة هو شيطا’نه فحسب، أبتسم ومدّ يَده ممسكًا بالقلم ثمّ أدار الصورة حيثُ ظهرها الأبيـ.ـض وبدأ بنقـ.ـش بعض الأحرف والكلمات عليها وعينه تسر’ق بعض العلامات مِن كتاب السحـ.ـر الذي استعاره مِن رفيقٍ لهُ..
كُلّ ما كان يُريده هذه المرة تحقيق غاياته حتى وإن كانت على حساب الآخرين، وبعد أن أنهى د’ثرها في قطعة القماش تلك وتركها، أنتقل بعدها إلى الصورة الأخرى حيثُ الك’ارثة الأكبر التي قرر فعلها، وكانت الصورة تعود إلى “روزي”، فبعد أن ر’فض “ليل” مسامحته ورآه عفىٰ عن “كريم” قرر أن ينتقـ.ـم مِنْهُ في زوجته، أتسعت بسمتهُ الشيطا’نية على ثَغْره ثمّ أمسك بدُ’مية صغيرة مخصصة لهذه الأشياء ووضع الصورة فوق الدُ’مية وقام بر’بطها بقو’ةٍ وغـ.ـلٍ لا آخر لهُ..
وعلى الجهة الأخرى كانت “روزي” قد خرجت مِن المطبخ تسير في الرواق متجهةً إلى الغرفة لتتوقف فجأةً في منتصف الطريق بعد أن شَعَرت بشيئًا غريبًا يحدث لها، تأ’وهت أ’لمًا وقد عجـ.ـز جسـ.ـدها عن الحركة، بينما كان “جرجـس” يُكمل ما بدأه بد’مٍ با’رد وهو ينقـ.ـش بعض الكلمات فوق الدُ’مية وفي أماكن متفر’قةً بها، بينما كانت “روزي” لا تعلم ما يحدث لها فحتى صوتها لا تستطيع إخراجه لطلب النجـ.ـدة، وكأن جسـ.ـدها قد شُـ.ـل عن الحركة..
كانت وحيدة في شقتها لا تستطيع الاستغا’ثة بأحدٍ سوى المولى عز وجل، لحظات مرّت عليها ليهوي جسـ.ـدها أرضًا دون حراك، أتسعت البسمةُ على ثَغْر “جرجـس” الذي أنهى ما كان يُريده وترك الأغراض مِن يَديه، قرر الانتقا’م بطريقةً أخرى أكثر أ’لمًا وتعذ’يبًا وخصيصًا مع “ليل” فهو يعلم أنَّهُ يعشـ.ـق “روزي” ولا يستطيع الابتعا’د عنها ولذلك كانت وجهته هي..
منذ سنواتٍ وهو يُما’رس السحـ.ـر على مَن يُريده دون أن يقف أمامه أحدًا وقد فعل ذلك سابقًا حينما قرر تد’مير حياة رفيقه واستطاع التفر’يق بينه وبين ابن عمَّته وحينها تذوق العذ’اب حتى تخلّـ.ـص مِن هذا السحـ.ـر، اليوم عاد مقررًا هذه المرة أن تكون ضـ.ـحيته هي “روزي”، كانت صورتها في محفظة “ليل” في إحدى الأيام حينما كانا على تواصلٍ واستطاع أخذها وإنكا’ر معرفته باختفا’ءها بعد أن لاحظ الآخر وكاد يفقـ.ـد صوابه..
والأخرى الخاصة بـ “حُـذيفة” ألتقطها بهاتفه حينما كان يضعها “ليل” على شاشة هاتفه بعد أن تم الحُـ.ـكم عليه مِن قِبَله بوضعها يومًا كاملًا وقد قام بطباعتها، جلس بأريحية منتظرًا رؤية حياتهما تتد’مر فوق رؤوسهم وهو يُشاهدهما متشـ.ـفيًا..
وفي أُمسية اليوم،
وَلَجَت “روزي” بخطى هادئة إلى الغرفة حيثُ كانت صغيرتها تعلو الفراش وهي تُمسك بلُعبتها وتلعب بها، وقفت بجوار الفراش وهي تنظر لها نظرةٍ مغـ.ـيبة مليئةً بالشـ.ـر، بينما نظرت لها “رودينا” بهدوءٍ ثمّ تبسمت ضاحكة بعد أن رأت والدتها الحبيبة أمامها، أطالت “روزي” النظر إليها هُنَيهة ثمّ قالت بنبرةٍ هادئة:
_العالم دا و’حش أوي يا “رودينا”، مليا’ن و’جع وقسو’ة وظُلـ.ـم أنتِ لسه متعرفيش عنهم حاجة، بس في عالم تاني مفيهوش الكلام دا خالص، مليا’ن بس راحة، راحة أبد’ية مستنياكِ، عايزة تروحي مش كدا.
أطالت الصغيرة النظر إليها ولم تُصدر ردًا، ولذلك أعتبرتها “روزي” إشارة مِنها بالموافقة، حملتها على ذراعها بكُلّ هدوء ثمّ سارت تجاه الشرفة وكأن أحدًا يتحكـ.ـم بها، خرجت إلى الشرفة وتوقفت فجأةً أمام السو’ر الحد’يدي وأجلست الصغيرة فو’قه ونظرت لها قليلًا دون أن تتحدث تراها تنظر حولها بعينيها الواسعتين وكأنها تكتشف المكان لأول مرَّة..
_مش عايزاكِ تخا’فِ، أنا مش هسيبك لوحدك معاهم هجيلك على طول.
أنهت حديثها وبدأت تُر’خي يَديها رويدًا رويدًا مِن على جسـ.ـد الصغيرة الذي بدأ يعود للخلف بسبب خـ.ـفته وصغره، بينما كانت “روزي” في عالمٍ آخر لا تُدرك حجم الكا’رثة التي تفعلها الآن في حق صغيرتها البر’يئة، في هذه اللحظة وَلَجَ “ليل” رِفقة شقيقته “روان” التي أتجهت إلى الداخل قائلة:
_هروح أقول لـ “روزي” تجهز عشان نتحرك.
أتجهت “روان” إلى الداخل بخطى هادئة وهي تُنادي “روزي” وتبحث عنها في كُلّ مكان، وَلَجَت إلى غرفتها هي وأخيها لتجحظ عينيها بشـ.ـدة وتخرج مِنها صر’خة عالية بعد أن رأت ما تفعله جعلت “ليل” يهلـ.ـع ويتجه لها دون تفكير بخطى وا’سعة، بينما هي ركضت سريعًا حينما رأت الصغيرة بدأت تبكِ خو’فًا وجسـ.ـدها يميل نحو الأسفل بعد أن ترا’خت قبـ.ـضتيها عنها..
جذ’بت “روان” الصغيرة سريعًا قبل سقو’طها وضمتها بقو’ةٍ إلى د’فئ أحضانها تقبـ.ـض عليها بيَديها وهي تقف أمام “روزي” تنظر لها مجحظة العينين وصد’رها يعلو ويهبط بعنـ.ـفٍ وقد ترا’خت أعصا’ب جسـ.ـدها بشكلٍ ملحوظ بسبب هلـ.ـعها على الصغيرة، بينما وَلَجَ “ليل” مسرعًا وهو يسألها بنبرةٍ تملؤها الرُ’عب والخو’ف الشـ.ـديد:
_إيه، في إيه بتصر’خي كدا ليه إيه اللِ حصل ..!!
نظرت لهُ “روان” بخو’فٍ شـ.ـديد وجاوبته بنبرةٍ مضطـ.ـربة وهي تتشـ.ـبث في الصغيرة التي أصبحت تبكِ وتصر’خ بهلـ.ـعٍ بعد ما حدث قائلة:
_شوفت مراتك المجنو’نة كانت هتعمل إيه؟ “روزي” كانت هتر’مي “رودينا” مِن البلكونة لولا إنِ شوفتها فالوقت المناسب وهي بتسـ.ـيب البت كانت زمانها ميـ.ـتة.
جحظت عينان “ليل” على و’سعهما مصدومًا مِمَّ سَمِعَه وتلقته أُذُنيه لينظر إلى “روزي” التي نظرت إلى “روان” نظرةٍ حا’دة واقتربت مِنها وهي تَمُد يَديها قائلة بنبرةٍ آ’مرة:
_هاتي البـ.ـت.
د’فعت “روان” يَديها بعيدًا بحركةٍ عـ.ـنيفة وهي تقول بنبرةٍ حا’دة:
_أوعي أبعدي عن البـ.ـت خالص، أنتِ طلعتِ مجنو’نة بجد.
_هاتي البـ.ـت بقولك، هي هترتاح عشان تعبا’نة هنا هما قالولي كدا ولازم أعمل كدا.
هكذا ردت عليها وعادت تقترب مِنها مجددًا ليمـ.ـنعها “ليل” الذي وقف أمامها يفصـ.ـل بينها وبين شقيقته التي كانت مصدومةً ولا تُصدق ما تراه وتسمعه، بينما نظر إليها “ليل” نظرةٍ مصدومة هُنَيهة ثمّ سألها وقال متر’قبًا:
_أنتِ إيه اللِ كُنتِ هتعمليه دا، اللِ قالته “روان” صح، كُنتِ هتمو’تي البـ.ـت يا “روزي” أنتِ أتجـ.ـننتي ..!!
صر’خ بها بعد أن أدرك عقله أخيرًا حقيقة تلك الكا’رثة التي كانت ستفعلها، فحتى هذه اللحظة كان ير’فض تقبُّل الأمر حتى أستطاع تلميم شتا’ت نفسُه وأدرك الأمر جيدًا، نظرت هي لهُ وقالت بنبرةٍ لينة:
_صدقني يا “ليل” أنا بعمل الصح لبنتنا، أنا عايزاها مبسوطة هي هتكون مرتاحة هما قالولي كدا.
صر’خ بها منفعـ.ـلًا بعد أن فقـ.ـد السيطـ.ـرة على نفسُه قائلًا:
_هما مين أنتِ مجنو’نة، أنتِ عارفة كُنتِ هتعملي إيه، عايزة تقتـ.ـلي البت، أنتِ مجنو’نة يا “روزي”، مجنو’نة ..!!
لم تعلم للاستسلا’م غاية، أصَّرت على قرارها بقولها:
_أسمعني بس وطاوعني، مش أنتَ عايزها مرتاحة، أنا هريحها.
لوهلة ظنّ “ليل” أنها تمزح ولكن بعد إصرارها هذا شَعَر بالخو’ف مِنها على صغيرته ولذلك أ’لقى أمره على شقيقته بقوله الحا’د دون أن ينظر لها:
_”روان”، تاخدي البـ.ـت وتخرجي بسرعة ومهما سمعتي أوعي تدخلي، وأتصلي بالشيخ “رمـزي” بسرعة قوليله يرجع قبل ما يبعد عننا.
لَبَت “روان” مطلبه وأخذت الصغيرة وركضت إلى الخارج وهي تُحاول تهدأتها تاركةً أخيها في مواجهة زوجته التي كانت تنظر لها وهي تُردد باستعادتها مِن جديد، وقبل أن تلحق بها منـ.ـعتها يَد “ليل” الذي قبـ.ـض على رسغها بعد أن رآها في حالةٍ ليست طبيعية ولذلك بدأ الشـ.ـك يتسلل إلى قلبه فتلك ليست أفعال شخصٍ وا’عٍ..
_أنتَ ليه مش مصدقني، هي هترتاح صدقني يا “ليل”.
هكذا قالت وهي تنظر إلى إثر “روان” بحز’نٍ د’فين تحت نظرات “ليل” الذي سألها هذه المرة متر’قبًا:
_مين اللِ قالك تعملي كدا.؟
أستطاع بسؤاله جذ’ب أنتباهها بمهارة، نظرت لهُ وجاوبته بصدقٍ تام وهي لا تُدرك الكا’رثة التي تُريد أرتكا’بها قائلة:
_هما، هما قالولي هنا مش راحتها قالولي دا مش عا’لمها، هاتها يا “ليل” عشان خاطري، هاتها.
حسنًا ثَبُتت شكو’كه بعد أن أستمع إلى حديثها ورأى نفسُه بها في قديم الأزل ولكنها اليوم هي الأسو’أ، وفي لحظة تحوّ’لت مِن تلك المستـ.ـسلمة الرقيقة إلى أخرى شـ.ـرسة وكأن أحدًا أستطاع السيطـ.ـرة عليها، د’فعته عنها بعيدًا وهي تنظر لهُ نظرةٍ ليست بطبيعية، نظرة مليئة بالشـ.ـر والانتقا’م لينظر هو لها في هذه اللحظة وقد عَلِمَ ما أصا’بها وبحالته تلك لن يستطيع السيـ.ـطرة عليها بالشكل المطلوب..
_أبعد عنّي، أنا همو’تها، أنا بكر’هها ومش عايزاها، أنا هقـ.ـتلها.
هكذا تمتمت بنبرةٍ تملؤها الحقـ.ـد وهي تبحث حولها عن آ’لة حا’دة حتى و’قعت على صحنًا فارغًا يعلوه السـ.ـكين، أبتسمت بسمةٌ جانبية مليئة بالشـ.ـر وقد سحبتها بحركةٍ خا’طفة ونظرت إلى “ليل” تُهـ.ـدده بصراحةٍ تامة:
_هقـ.ـتلك لو قرّبت يا “ليل”، هقـ.ـتلك أبعد عنّي.
ثقـ.ـلت أنفاسه وقد بدأ الأمر يتخذ موضع الخطو’رة معها، نظر لها مترقبًا وقال بنبرةٍ هادئة:
_أهدي يا “روزي”، أهدي وأر’مي السـ.ـكينة دي مِن إيدك كدا غـ.ـلط.
بدأ يقترب مِنها بخطى هادئة وحذ’رة وهو يقول:
_أهدي خالص أنا مش هأ’ذيكِ وهديكِ البت بس لازم نهدى عشان منأذ’يش نفسنا.
أنهى حديثه وهـ.ـجم عليها يُمسك بكفها الممسك بالسـ.ـكين بقـ.ـبضته وهو يأ’مرها بتركها بعد أن رآها بدأت تقا’ومه، حاولت إبعاده عنها وضر’به بها ولكن جسـ.ـدها لن يأتي شيئًا أمام قو’ة جسـ.ـده، أضطـ.ـر إلى أن يضر’ب يَدها بالجدار مراتٍ متتالية بعد أن تمسّكت بقرارها لتسـ.ـقط على أرضية الشرفة، نظر لها بعد أن أستطاع فر’ض سيطـ.ـرته عليها..
بينما كانت “روان” تقف أمام باب الشقة وهي تُهدهد الصغيرة التي هدأت قليلًا تنتظر قدوم “رمـزي” الذي عاد مجددًا بعد أن طلبت مجيئه لأمرٍ ضروري، كانت تُلاعب “رودينا” التي استجابت لها بعد القليل مِن الوقت حتى ظهر “رمـزي” في الصورة، نظرت لهُ وقالت بعد أن أفسحت لهُ:
_أتفضل يا أستاذ “رمـزي”.
نظر لها “رمـزي” بعد أن سمحت لهُ بالولوج لتقول هي بعد أن تَفَهَّمت نظرته:
_متقـ.ـلقش أخويا جوّه وهو اللِ طلبك ضروري.
وَلَجَ “رمـزي” مسميًا بالله ووجّه حديثه لها قائلًا بنبرةٍ هادئة متسائلًا:
_خير إن شاء الله، حصل حاجة لـ “ليل” كفى الله الشـ.ـر.؟
نظرت “روان” إلى الرواق تختـ.ـلس النظر إلى الداخل ثمّ عادت تنظر لهُ قائلة:
_مـ.ـصيبة كانت هتحصل، جيت أنا و “ليل” أخويا الشقة ودخلت على مرات أخويا الأوضة لقيتها واخدة البت ومقعداها على سو’ر البلكو’نة وبدأت تفلـ.ـت إيديها مِنها ومقطـ.ـعة الحبال، أنا مش قا’درة استوعب اللِ عملته بجد، وبتقول كلام غريب دي رو’حها فولادها واخويا وبتخا’ف تقـ.ـتل صر’صار، أزاي كانت هتقدر تقتـ.ـل بنتها اللِ مِن لحـ.ـمها ود’مها.
كان “رمـزي” ينظر لها ويستمع إليها بإنصاتٍ شـ.ـديد وقد بدأ يفهم ما حدث إلى “روزي”، نظر بعدها إلى الصغيرة التي كانت تُمسك بخصلا’ت عمَّتها تلعب بها لتعلو بسمةٌ خفيفة ثَغْره، أخرج زفيرة عميقة وتمتم بنبرةٍ هادئة قائلًا:
_لا حول ولا قوة إلا بالله.
خرج “ليل” في هذه اللحظة لهما لينظرا إليه معًا ويأتيه سؤال شقيقته التي قالت بنبرةٍ تملؤها القلـ.ـق:
_طمني يا “ليل” عرفت تهديها ولا إيه اللِ حصل.؟
أخرج زفيرة عميقة وجاوبها بنبرةٍ هادئة قائلًا:
_فين وفين عُقبال ما قدرت عليها، رفعت عليا السـ.ـكينة ومـ.ـصممة تمو’تني وحظي الأسو’د إنِ بتعامل معاها بدراع واحد.
نظر إليه “رمـزي” نظرةٍ ذات معنيه وسأله بنبرةٍ هادئة قائلًا:
_أنتَ كويس يا “ليل”؟ أختك قالتلي اللِ حصل.
نظر لهُ “ليل” وجاوبه بنبرةٍ هادئة ينفي ظنون رفيقه قائلًا:
_أنا معرفش إيه اللِ جرالها يا “رمـزي” كانت كويسة وزي الفُل، رجعت لقيتها هتر’مي البت مِن البلكو’نة إحنا لو مكُناش وصلنا فالوقت المناسب كانت بنتِ ما’تت، أنا معرفش إيه اللِ جرالها وعايزة تقـ.ـتلني.
سأله “رمـزي” بنبرةٍ هادئة متر’قبًا الرد مِنْهُ قائلًا:
_طب هي بتقولك إيه، يعني إيه اللِ خلاها تعمل كدا هي مقالتلكش.؟
_قعدت تقول كلام غريب، هما اللِ قالولي أعملي كدا، هي هترتاح، كلام غريب أنا مش قادر أفهم مِنها حاجة.
تَفَهَّم “رمـزي” ما حدث فقد رأى وسَمِعَ عن هذه الأشياء مِن قبل، وقبل أن يجاوبه ويقول حرفًا لمح “روزي” تقترب مِنهم مِن الداخل وهي تنظر لهُ نظرةٍ قا’تلة تُرسل لهُ بعدم ترحيبها بهِ، تحا’مت “روان” بأخيها وهي تشعُر بالخو’ف مِنها وتتشـ.ـبث بالفتاة جيدًا وهي تدعو ربها أن تَمُر هذه اللحظات على خيرٍ..
وقفت “روزي” أمامه تنظر لهُ تحت أهدابها، نظر لها نظرةٍ هادئة ومعهُ “ليل” الذي سألها بنبرةٍ هادئة:
_مالك يا “روزي” في إيه.
_السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أزيك يا مدام “روزي”.
هكذا وجّه “رمـزي” حديثه إليها وهو ينظر لها بوجهٍ مبتسم ليتلقى الصمت جوابًا صريحًا على سؤاله، أخرج زفيرة هادئة ليسمعها تقول بنبرةٍ حادة:
_أنتَ إيه اللِ جابك بيتي، أخرُج برَّه يلا.
تدخّل “ليل” وهو يُعنفها على قولها بقوله الحاد:
_إيه اللِ بتقوليه دا يا “روزي”، ما تهدي شوية اللِ بتكلميه دا صاحبي.
مـ.ـنعه “رمـزي” بنبرةٍ هادئة وهو ينظر إلى “روزي” هُنَيهة ثمّ اقترب مِنها بخطى هادئة تحت نظرات “ليل” و “روان”، وقف أمامها وهو ينظر لها نظرةٍ هادئة قائلًا:
_مالك بس يا ست الكُلّ صلِّ عالنبي كدا ووحدي الله، ولو على وجودي فهمشي مبحبش أكسـ.ـر كلمة لحد خصوصًا لو مش مرحب بيا فبيته، بس محتاج أقولك حاجة صغيرة قبل ما أمشي..
ترقبت قوله بينما با’غتها هو حينما أمسك بطرف وشاحه ووضع يَده فوق رأسها لينتـ.ـفض جسـ.ـدها وتسـ.ـقط فوق الأريكة وهي تصر’خ وتُحاول إبعاده ليبدأ هو رُ’قيتها بنبرةٍ جامدة متـ.ـعمدًا تجا’هلها، كانت تتمـ.ـلمل تحت يَده وقد تسارعت وتيرة أنفاسها..
_بسم الله أرقيك، مِن كُلّ عينٍ نظرت إليك، ومِن كُلّ نفسٍ لم تذكُر الله فحسدتك، ومِن كُلّ روحٍ خبيثةٍ اقتربت منك..
بدأ بقراءة بعض آيات القرآن الكريم الخاصة بالسحـ.ـر بنبرةٍ عا’لية وهي تُحاول مقاو’مته بعز’م قو’تها، كانت قدميها مفرودتان وأصابع يَديها تنقـ.ـبض، كان “ليل” ينظر لها مذهولًا ومعهُ “روان” التي كانت مصدومة مِمَّ تراه لأول مرَّة في حياتها تقريبًا، بينما أنهى “رمـزي” قراءة آيات القرآن الكريم وأكمل بقوله:
__بسم الله أرقيكِ، مِن كُلّ عينٍ نظرت إليكِ ومِن كُلّ نفسٍ لم تذكر الله فحسدتك، ومِن كُلّ روحٍ خبيثةٍ اقتربت منكِ، بسم الله أرقيكِ، مِن سحر ساحر، ومِن كيد حاقد، ومِن همس شيطانٍ مارق، الله أكبر عليه، الله أكبر عليه، الله أكبر عليه..
وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا،
لا حول ولا قوة إلا بالله، لا حول ولا قوة إلا بالله.
ضر’ب على جبينها برفقٍ بسبابته ليراها بدأت تعود إلى و’عيها مرَّةٍ أخرى، استقام في وقفته وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
_قومي يا مدام “روزي” أنتِ زي الفُل.
فتحت عينيها بو’هنٍ لتراهم حولها وينظرون لها بنظراتٍ تملؤها القـ.ـلق والخو’ف لتسألهم هي بنبرةٍ وا’هنة قائلة:
_في إيه، أنا إيه اللِ حصلي أنا مش فاكرة حاجة.
نظر “رمـزي” إلى “روان” وأشار لها نحوها قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_خُديها جوّه يا آنسة “روان” بعد إذنك، متخا’فيش هي زي الفُل.
حرّكت رأسها برفقٍ توافق على حديثها ثمّ أقتربت مِن “روزي” التي استقامت واقفة على قدميها بو’هنٍ لتُساعدها “روان” على الوقوف قائلة بنبرةٍ هادئة تغمرها الحز’ن عليها:
_تعالي يا “روزي”، على مهلك.
تحرّكت معها نحو الغرفة مجددًا بخطى هادئة تاركةً أخيها مع رفيقه الذي نظر لهُ وقال بنبرةٍ هادئة:
_كويس إنك لحـ.ـقتها، متخا’فش عليها هي زي الفُل دلوقتي.
جلس “ليل” فوق الأريكة بإر’هاقٍ وجاوره “رمـزي” الذي رَبّت فوق رُكبته برفقٍ دون أن يتحدث، فهو يعلم جيدًا أن ما رآه ليس هينًا عليه البتة وفي لحظة كان سيخسـ.ـر صغيرته، جاءته الرؤية حينما شرد مع نفسُه قليلًا، يرى “جرجـس” وهو يقوم بعمل السحـ.ـر إليها على هذه العرو’س ومعها “حُـذيفة” الذي لم يطيب بعد مِن مر’ضه..
_لا حول ولا قوة إلا بالله، لا حول ولا قوة إلا بالله.
هكذا تمتم “رمـزي” بقلة حيلة وهو يمسح فوق صفحة وجهه بيأ’سٍ ثمّ نظر إلى “ليل” وقال بنبرةٍ هادئة متسائلة:
_أنتَ شا’كك فحد.؟
صمت دام بينهما قليلًا “ليل” شارد الذهن و “رمـزي” يتر’قب رده، هُنَيهة وقال “ليل” بنبرةٍ جا’مدة بعد أن تبدّلت تعبيرات وجهه إلى الغضـ.ـب:
_مفيش غيره، “جرجـس” أكيد اللِ عمل كدا.
تر’قب “رمـزي” رده بقوله الهادئ:
_تقصد مين بالظبط.
_”جرجـس”، كانت معرفة سو’دة يوم ما عرفتك وآ’منتك على سر يا “جرجـس” روح ربنا يا’خدك ويريحني مِنك ومِن شـ.ـرك.
هكذا تمتم “ليل” غا’ضبًا داعيًا ربه بتخـ.ـليصه مِنْهُ، بينما تفاجئ “رمـزي” بمعرفة رفيقه بهِ ولكن قد عَلِمَ أن بينهما شيئًا ير’بطهما جعل الآخر ينتـ.ـقم مِنْهُ بهذه الطريقة القا’سية، كسـ.ـر حِدَّ’ة هذا الصمت بقوله الهادئ:
_هو فعلًا اللِ عمل كدا مش بس فمراتك، عمل سحـ.ـر كمان لـ “حُـذيفة”.
كانت كلماته كأ’نذار صريح يُنذ’ر بإند’لاع الحرا’ئق بعد قليل، نظر إليه “ليل” نظرةٍ نا’رية متو’عدة لا تُبشره بالخير ليؤكد لهُ شكو’كه بقوله المتو’عد:
_هند’مه، هند’مه بالجامد ومش هسيبه يعيـ.ـش يوم حلو فحياته مِن اللحظة دي، يا قا’تل، يا مقتـ.ـول.
أ’لقى بأوراقه فوق سطح الطاولة أمام “رمـزي” معلنًا عن شـ.ـرٍ قادم لن يترك أحد ولن يرحم الكبير والصغير، فبعد أن تمت أذ’ية أقرب الاقربين مِنْهُ فلن يستطيع أيُ شيءٍ إيقا’فه، بينما عَلِمَ “رمـزي” أن رفيقه لن يُمررها هذه المرة مهما كان الثمن و’خيمًا.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أحببتها ولكن 7)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *