رواية أسد مشكى الفصل السابع والعشرون 27 بقلم رحمة نبيل
رواية أسد مشكى الفصل السابع والعشرون 27 بقلم رحمة نبيل
رواية أسد مشكى البارت السابع والعشرون
رواية أسد مشكى الجزء السابع والعشرون

رواية أسد مشكى الحلقة السابعة والعشرون
السابع والعشرون | موقع الجحر |
قبل القراءة صلوا على نبي الرحمة .
عيدكم مبارك جميعًا….
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شعرت بأن واخيرًا أنفاسها بدأت تخرج بشكل طبيعي حينما أبصرته ورغم أن الضوء المتسلل من المشاعل كان قليل وضعيف خاصة مع المسافة بينهما، إلا أنها ما كانت لتخطأ يومًا هيئته، هيئة زوجها، الرجل الوحيد الذي سكن قلبها وحفظه قبل العين .
زادت من ركضها بجنون وهي تصرخ باسمه مرتعبة أن يتلاشى كما السراب قبل أن تصل له، لم تصدق حينما أخبرها أصلان أنه سيتركها لأجل الذهاب لأرسلان .
كانت أقدامها تهرول بشكل مخيف وهي تنادي باسمه دون توقف تبعد ما يقابلها من أفرع الأشجار بهستيرية :
_ أرســـــــــلان…أرســـــــــلان….أرســـــــــلان.
أما عنه فكان يبحث بعيونه في كل مكان عنها وقد أقسم بالله ألا يغادر المكان حتى يصل لها، ولو عني ذلك قضاء المتبقي من حياته يهيم بين الغابات في سبز ليجدها .
_ أرسلان أنت تنزف، جرحك …لقد فُتح من جديد .
كان ذلك صوت سالار والذي كان صوت العقل الوحيد لأرسلان في هذه الرحلة ولولا وجوده لكان أرسلان أهلك نفسه أثناء البحث عن زوجته .
أما عن أرسلان فلم يهتم وهو يتحرك بين الأشجار يحمل الشعلة بين أنامله يبحث عن أي دليل قد يوصله لهم .
_ لا تقلق سيلتئم قريبًا، فقط دعنا …
ولم يكد يكمل جملته حتى سمع صوت صرخة بنبرة يحفظها عن ظهر قلب، اسمه يخرج من فيها كما اعتاد في الآونة الأخيرة .
تجمد جسده وشعر أن قلبه يقرع بقوة وهو يستدير بسرعة مرعبة ينظر حوله كالمجنون يتحرك في المكان وهو يبعد الأشجار من أمامه يتحدث بلهفة وعدم تصديق :
_ هل سمعت …سمعت هذا الصوت سالار ؟! سمعته صحيح !؟
كان يتحدث وهو يتحرك بلهفة في المكان يركض صوب الصوت الذي كان يقترب أكثر وأكثر، وخلفه سالار يركض بسرعة :
– نعم سمعت، الصوت يأتي من الغرب .
لكن وقبل حتى أن يكمل كلماته سمع صوت تحطم المصباح أسفل أقدام أرسلان الذي تجمد جسده وشحب وجهه فجأة وهو يهمس بصوت وصل واضحًا لسالار :
_ يا رحــمٰــن .
تحركت عيون سالار بعدم فهم صوب الجهة التي ينظر لها أرسلان لينتفض جسده بسرعة كبيرة وهو يبعد عيونه عن جسد سلمى الذي كان في حالة رثة ودون حجاب .
يبتعد بسرعة عن المكان وهو يهتف بصوت مرتفع كي يسمعه جميع الحراس المرافقين لهم :
_ الجميع أعينكم للاسفل …
أما عن أرسلان فحينما أبصرها شعر فجأة بأن جسده كاد يلحق بالمصباح ويتهاوى ارضًا وهو يرى زوجته بهذه الهيئة المدمرة أمامه .
ابصرها تتوقف على بُعد قليل منه وهي تنظر له بملامح موجوعة تتنفس بصوت مرتفع وعيونها مثبتة عليه، بينما هو فقد الاحساس وفقد كل شعور يدل على أنه حي يقترب منها بخطوات بطيئة أما عنها فقد انتظرته حتى يصل لها، وفي ثواني انتفض جسد أرسلان يهرول بشكل مخيف صوبها وهو يلتقطها بين أحضانه يخفيها عن أعين الجميع، يرفع ذراعه يجذب رأسها لصدره وهو يهمس بصوت ملتاع:
_ يا الله، يا رحيم يا الله، يا رحيم يا الله .
هنا وانهارت سلمى بين أحضانه تنفجر واخيرًا في بكاء حار بصوت مرتفع ليترجف جسد أرسلان بقوة وهو يزيد من ضمها ومازال يردد نفسه كلماته بهزيان وارتجاف مرعب في جسده .
وهي فقط تضغط بقضبتها على ثيابه وصوت بكائها يعلو بانكسار بين الجميع، وأرسلان يخفيها بجسده، يضمها له بقوة دون أن يتوقف عن كلماته .
وكل ما يخرج منها هو اسمه وكأنها تناجيه أن يحميها من الجميع .
فجأة أبعدها عنه وهو يخلع معطفه يلفها به بسرعة يرفع القلنسوة أعلى رأسها يخفي كامل خصلاتها بها، يمسك وجهها بين كفيه يتأملها ثواني ويتأمل الجروح التي تملئ وجهها بملامح مصدومة سوداوية .
ولا تدري سلمى أأوهام كانت أم أنها لمحت التماع دموع مجاورًا لغضب أرسلان داخل عيونه، لكن سرعان ما وأد أرسلان كل ذلك أسفل أعاصير غضبه، ومن ثم مال بسرعة يحملها متحركًا بخطوات سريعة صوب حصانه دون أن يتحدث بكلمة واحدة تعبر عما يجيش صدره من غضب .
فجأة وقبل أن يدرك حصانه سمع صرخة سالار وشعر به يدفعه بسرعة جانبًا، حتى كاد يسقط ارضًا مع زوجته، لولا تماسكه وتمسك سلمى به برعب شديد، وقد عبر سهم بسرعة كبيرة من فوق أرسلان ليستقر بالشجرة خلفه .
وبدون وعي وبردة فعل تلقائية من أرسلان كان يخرج خنجرًا من ثوبه يلقي به بسرعة مرعبة في اتجاه خروج السهم دون حتى أن يبصر شيئًا، هو فقط ألقى حنجره بقوة مرعبة وليسقط من يسقط فلا يهتم بجثة من سينغرز خنجره .
وبدقة تصويبه بنفس الجهة التي خرج منها السهم، أصاب حنجره أحد رجال أصلان الذي ابتعد بسرعة، كي لا يكون هو ضحية خنجر أرسلان.
أما عند أرسلان والجميع :
رفع أرسلان عيونه صوب سالار بغضب كبير ليبصر الأخير يحدق صوب جهة ما وهو يصرخ بصوت جهوري :
– تحركوا بسرعة وامسكوا برامي هذا السهم، تحركوا بسرعة .
نظر له أرسلان دون إدراك لما يحدث وكأن حالة زوجته بين يديه جعلته في حالة من اللاوعي لولا جسده الذي كان يتحرك دون إرادة منه وكأنه مبرمج على كل ذلك، حرك عيونه ببطء صوب السهم الذي أصاب الشجرة خلفه، يطيل النظر به قبل أن يتحرك صوبه وما يزال يحمل بين يديه سلمى، وحينما وصل له انزل سلمى بهدوء، ثم مال يعدل وضعية فستانها من الأسفل يتأكد أن كل شيء بخير، وبعدها جذبها من كتفها صوب جسده بحنان .
بينما سالار أبعد عيونه قدر الإمكان عن سلمى وهو ينظر لأرسلان الذي تحرك صوب السهم يتحدث بجدية :
_ أنت بخير يا أخي ؟؟
لكن أرسلان لم يجبه وهو يصل للسهم يراقبه بأعين سوداء يرفع كفه يجذبه بقوة عن الشجرة يلتقط الرسالة التي كانت معلقة به .
يهمس بصوت منخفض :
_ مستوى السهم أعلى من مستوى رأسي، لم يكن السهم ليصيبني، لم أكن هدفه، بل كان هذا هو هدفه .
ختم حديثه وهو يرفع الرسالة التي كانت معلقة بالسهم، يحرك عيونه على الكلمات التي خُطت بأحرف فارسية دقيقة .
” ولأجل السنوات التي قضيتها معك، ولأنني أعلم أن لا حول لك ولا قوة، ويعز عليّ حيرتك يا أخي، أعدت لك زوجتك رأفة مني بك ورأفة بحالك المثير للشفقة، فأنا ذو قلبٍ كبير كما تدرك وأمثالك من عديمي النفع يثيرون شفقتي، وبما أن لا حاجة لي بزوجتك، وبعدما استمتع بها الرجال لبعض الوقت، أبصرت الملل يلوح بعيونهم واصابهم الفتور منها رأيت أن أعيدها لك، فلست أنا من يختبئ خلف النساء كمن سبقني من الجبناء، بل أواجه في ساحة في الحرب، والحرب موعدنا أرسلان…
مع تحياتي : أصلان ”
كان أرسلان يقرأ الكلمات بأعين جامد لا تعابير ظاهرة على وجهه ولا حياة في عيونه، يراقب ببرود ويقرأ بهدوء، قبل أن يسمع صوت سالار الذي اقترب منه وقد كان على وشك سحب الرسالة منه ظنًا أنها رسالة تحذير أو تهديد كما يحدث سابقًا :
_ أرسلان ما الذي يحدث ؟؟ دعني أ …..
وقبل أن يمس الرسالة، سحبها أرسلان بسرعة كبيرة يديها داخل جيبه رفضًا أن تبصر عين أحدهم ما كُتب عن زوجته من كلمات دنيئة وحقيرة، وقد بدا أن لا روح في جسد أرسلان في هذه اللحظة، فقط مال بكل هدوء وهو يرفع جسد سلمى مجددًا بين ذراعيه بحذر، ثم تحدث وهو يتحرك صوب حصانه:
_ دعنا نعود سالار فقد انتهينا هنا .
نظر له سالار بصدمة كبيرة فأرسلان الذي يعلمه لن يأخذ ما يريد ويرحل بهذه الطريقة وبهذه البساطة، ولا يدرك أن كثرة الغضب الذي كان يغلي داخل أوردة أرسلان في هذه اللحظة قادرة على إحالة الغابة حوله لرماد .
تنهد سالا ولم يزد الأمر على أرسلان ولم يعترض على شيء، فلا أحد هنا يدري بحالته.
تحرك صوب حصانه ولم يكد يصعد حتى سمع صوت أرسلان يردد بهدوء :
– سوف نعود لمشكى .
نظر له بصمت ولم يجبه سوى بهزة رأسه يهتف في الرجال بالتحرك وقد قام هو الجيش يتحركون أمام أرسلان الذي فقط ضم له جسد سلمى الساكنة بهدوء مريب بين أحضانه بعد موجة البكاء التي هاجمته .
لم يتحدث بكلمة ولم يسألها سؤالًا واحدًا عما قرأت وقد أشفق عليها أن يعرضها لمثل هذا بعد عودتها مباشرة .
فقط اكتفى بضمها وهمس لها بصوت حنون أجش وقد شعر أنه وأخيرًا يتنفس بعد أيام من الاختناق، أخيرًا يحيا بعد أيام من العيش بلا روح .
جذب رأسها لكتفه يربت عليها بحنان ويده الأخرى تمسك بلجام حصانه يشعر بأنفاسها المنتظمة تضرب رقبته ليبتسم واخيرًا متخليًا عن جموده لأجلها…ولاجلها فقط :
_ لا حرمني الله أنفاسك سُليمىٰ……
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يجلس أمامها يراقبها بهدوء شديد حتى أبصرها تغلق عيونها كل ثانية، ومن ثم تفتحها بسرعة وكأنها تخشى أن تتلقى ضربة غادرة إن أغمضت عيونها بشكل غير متوقع، تفرك وجهها وتفتح عيونها بشكل غريب وهي تحدق في المكان حولها، تدير نظراتها في كل مكان عدا …عيونه التي كانت تتابعها بترقب .
لا يزال غير مصدقًا لما سمع منذ ثواني قبل أن تتقوقع أسفل غطاء فراشها :
_ ماذا قلتِ للتو فاطمة ؟!
أبعدت عيونها عن خاصته بصعوبة :
_ أريد أن أنام قليلًا إذا سمحت .
ابتسم المعتصم بلا تصديق من بساطة هروبها وبلاهتها تخفي وجهها اسفل الغطاء :
_ هل يمكنني النوم ؟؟
أنزل رأسه ببطء صوبها حتى جعل وجهه بالقرب من خاصته أسفل الغطاء ينادي بصوت منخفض :
_ فاطم .
لكن فاطمة أغلقت عيونها بقوة جعلت ضحكات المعتصم تعلو وهو يميل عليها يجذب الغطاء بعيدًا عنها يتحدث بهمس حنون :
_ ألا تريدين سماع ردي فاطم ؟!
_ لا …
_ أوه، هذا جارح حقًا .
فتحت فاطمة عيونها تنظر صوبه وهي تشعر بفداحة ما فعلت وأنها بالفعل جرحته دون أن تقصد، نظرت له بحزن تهمس باسمه:
_ آسفة لم اقصد أن احزنك يا المعتصم .
ابتسم على لطفها وهو ينظر لها بحنان يرفع يده ليربت عليها بحنان وحب يخبرها أنه لم يحزن، يكفيه تلك الكلمة التي نطقتها منذ ثواني ليسعد المتبقي من عمره، لكن فجأة توقفت يده في منتصف الطريق وهو يسمعها تهمس بنبرة غير مفهومة وكأنها تتحدث دون وعي :
_ هل ….يمكنك إحضار أمي لي هنا يا المعتصم ؟؟
ضغط المعتصم على قبضته بقوة وقد شعرت أنه اكتفى من كل ذلك، لكن رغمًا عن يأسه واحباطه الذي بدأ ينتشر داخل صدره نهض يساعدها لتتسطح على الفراش، ومن ثم غطاها بهدوء يقبل رأسها بلطف :
_ هيا نامي فاطمة .
نظرت له بعدم فهم ولم تكد تعترض حتى نظر لها بقوة يجبرها بنظراته على تنفيذ ما يقول، وهي فقط كانت تفكر في السبب الذي جعل ملامحه تنكمش بضيق حينما ذكرت والدتها، وبدأ عقلها يغذي تلك الفكرة المريضة التي زرعها داخلها وهي أن المعتصم لا يحب والدتها، فكرة رسمها العقل وأبدع في تزيينها بمهارة ليبعد المعتصم بكل واقعيه عن حياتها الوهمية الوردية التي خططها لأجلها.
أما عنه فقد جذب أحد المقاعد ووضعها أمام الفراش الخاص بها يضم يديه لصدره يراقبها بحرص شديد ينتظر أن تتوقف عن عنادها وتترك العنان لنعسها وتنام .
_ ألا…. ألا تمتلك شيئًا لتفعله يا المعتصم ؟!
_ لا تشغلي عقلك بي عزيزتي أنا بخير، فقط نامي ولا تفكر في شيء .
_ أنا لا يمكنني …لا يمكنني النوم هنا و …
صمتت ولم تتحدث بكلمة واحدة، بينما هو ظل يراقبها في انتظار باقي جملتها، لكنها فقط أبعدت وجهها صوب النافذة وقد بدأ الحزن يُخط على وجهها ببراعة منقطعة النظير، حتى ظن أنها تعيش نفس حزنها الماضي، لكنها فاجئته حينما وجهت له سؤالًا غريبًا .
_ هل …هل تكره أمي يا المعتصم كما أخبرتني ؟!
اتسعت عيون المعتصم شيئّا فشيء وقد صدمه سؤالها يحاول أن يدرك ما تقصد هي .
ودون إرادته وبسبب ما يعاني في هذه الفترة خرج صوته حادًا قويًا :
_ مــــــــــــــــــاذا ؟؟
نظرت له بقلق شديد لأول مرة تنظر به إليه ويبدو أنها أفاقت لتوها على حقيقة كانت تحاول نكرانها منذ أخبرتها بها والدتها، أو بالأحرى صنعها عقلها لها وزينها شيطانها :
_ لقد ..لقد أخبرتني أنك لا تحبني وانك فقط تخدعــ… أنت لست …. أنت لا تحبها كذلك يا المعتصم ولا تحبني أنت فقط ….
صمتت وكأنها عجزت عن نطق ما يدور داخل عقلها بصوت مرتفع وقد بدأت ترتعش خوفًا من نظرات المعتصم والتي صورها لها عقلها أنها نظرات حادة مخيفة في حين أنها كانت مجرد نظرات مصدومة وبشدة .
_ فاطمة هل …هل تحاولين دفعي للجنون ؟؟
سقطت دموع فاطمة وقد شعرت بالحيرة وهي تنظر له تبصر صدمته وحزنه الواضح في عيونه، لكن كلمات والدتها ما تزال تتردد في عقلها، ساعات طويلة قضتها في القبور تستمع فقط من والدتها حول كم هو سييء يريد التفريق بينهما وجعلها تنساها، كما حذرتها أن جنونه بها قد يتمادى ليخبرها أنها ميتة وهي ما تزال حية ترزق، سيقنعها أن لا وجود لوالدتها بينما هي تجلس جوارها في ذلك الركن تضمها لأحضانها وتربت عليها بحنان .
افكار أبدع عقل فاطمة المريض والذي ما يزال يرفض واقعه، أجاد كتابة حبكة قصة محكمة التفاصيل ليغلق جميع طرق المعتصم لها، يمنعه من إخراجها من تلك الفقاعة الوردية مع والدتها وسحبها صوب الواقع حيث لا أحد جوارها وحيث حقيقة بشعة لن تتحملها .
فاطمة والتي كانت تأتيها بعض الأوقات لحظات تقبل ومن ثم لحظات إنكار، كانت في صراع مع عقلها، صراع شرس لا تعتقد أنها قد تخرج منه سالمة .
سقطت دموعها وهي تراقب المعتصم ينظر لها بعدم فهم وصدمة ومن ثم أخذ يردد دون فهم بنبرة حاول جعلها حنونة:
_ من أخبرك أنني أكره والدتك ؟؟ وما الذي يدفعني لكرهها، أنا وإن كنت أفعل فوالله لأحرقن كرهي لأي شخص طالما كان يعنيكِ، فما بالك بوالدتك فاطمة ؟!
نظرت له تحاول كبتها دموعها بصعوبة :
_ لكن هي أخبرتني بـ
_ هــــــــي مـــــــــن ؟؟ هــــــي مـــــــــــــن فاطمة ؟!
نطقت فاطمة بكلمة متقطعة تتخللها شهقات بكاء حادة :
_ أ…أمــ…أمــــ….. أمي.
نهض المعتصم عن مقعده يبتعد عنها في الحال وقد شعر أن غضبه سيخرج الان ليثير فزعها أكثر منه، غضبه سيدفعه لفعل شيء أحمق يجعلها تبتعد عنه للأبد .
لذا زفر بصوت مرتفع وهو يتحرك صوب باب غرفته يتحدث بجدية وقد فضل الخروج والاختفاء من أمامها قبل أن يخيفها منه أكثر ؟!
_ نامي فاطمة سوف أذهب لأنتهي من عملي واعود سريعًا.
نظرت في أثره وهي تغلق قبضتها بوجع على الفراش الذي يحيط جسدها تحاول التحدث بكلمة واحدة توقفه وقد شعرت بمدى حزنه :
_ لكن يا المعتصم أ…..
فجأة انتفض جسدها حين سمعت صرخة منه وقد بدا أن شياطين ذلك الرجل والذي كان أقصى ما يفعله هو نظرة غضب، قد خرجت من سجونها أخيرًا:
_ نـــــــامي فـــــاطمـــة…
ومن بعد هذه الكلمات سمعت صوت اغلاق الباب بعنف جعلها تنتفض وهي تبكي بصوت مكتوم تضم لها الغطاء وتحدق في المكان حولها بأعين زائغة تهمس بصوت مرتجف وقد بدأت تشعر بالوحدة والخوف للمرة الأولى وبدأ عقلها يتسلم فرصته ليفرض نفسه واخيرًا عليها :
_ يا المعتصم لا تتركني …وحدي .
لكن الشخص الوحيد الذي أجابها في هذه اللحظة كان عقلها وهو يتخذ مما حدث مدخلًا له ليبدأ في رسم صورة شيطان تليق بالمعتصم الظالم الذي يسجنها وحدها في تلك الغرفة مانعًا إياها من رؤية والدتها .
تركها وحدها لعقلها، وما اسوء أن يُترك الإنسان في مواجهة عقله، خاصة لو كان ذلك العقل مريض .
أما عن المعتصم فغادر مع عجزه يبحث عن شيء ينقذها به، يفكر في وسيلة ليساعدها، غافلًا عن أن أكثر شيء كانت تحتاجه في هذه اللحظة كان وجوده فقط ……
ـــــــــــــــــــــــــــــ
توقفت توبة عن الحديث بصدمة حينما سمعت صوت زبير خلفها، ابتلعت ريقها ورفعت عيونها لنزار وهي تشير له بالتحرك متوقعة منه هرولة وهو يهرب من أمام زبير والذي لم يكن احمقًا كي يجهل هوية نزار الحقيقية .
_ قائد زبير مساء الخير
حرك زبير نظراته صوب ذلك الجندي الذي يقف على مقربة من الأمير، دون حتى أن يحاول اظهار بعض الاحترام لها، بينما توبة ابتلعت ريقها بهدوء وهي تستدير ببطء شديد صوبه، ومن ثم هزت رأسها بنعم تقول بصوت خافت :
_ هل من شيء ؟؟
_ لا فقط أبصرتك في طريقي للغرفة تقفين هنا وتتحدثين مع الجندي فظننت أن خطبًا أصابك.
ابتسم نزار بسخرية ولم يهتم حتى أن يستدير له فهو لن يضمن أن تظل نظراته هادئة إن نظر لذلك الرجل الذي يهتم بمن لا يعنيه و….
مهلًا وما شأنه هو ؟! هي لا تعنيه كذلك .
نظر صوب توبة بطرف عيونه لتبتبسم الأخيرة بسمة صغيرة وهي تجيبه برقي شديد تحاول ابعاد أفكاره وعيونه عن نزار :
_ اشكرك حقًا يا قائد، لا بأس أنا اتولى اموري هنا، كنت فقط أخبر الجندي ببعض الأوامر التي سيُعلم بها الباقيين في الغد حول موسم الحصاد القادم بمشيئة الله .
رفع نزار حاجبه وهو يهمس بصوت وصل لها واضحًا ساخرًا :
_ ليمد الله بعمري حتى أسمع منكِ يومًا حجة مقنعة توبة .
استدرات له توبة ترمقه بشر، ليبتسم الأخير وهو يتجاهلها دون اهتمام حتى بنظراتها، وهي فقط تزفر بضيق تسمعه يردد :
_ مرة غراب اسود كبيرة في الشرفة ومرة تتحجج بموسم الحصاد والذي لا علاقة لجنود الجيش به، يبدو أن ذكائك لا يشمل الكذب .
اشتعل وجه توبة لكنها حاولت تدارك الأمر كي لا يظهر عليها واضحًا، وهي تنظر صوب زبير والذي شعر بوجود خطب ما، فالجندي لم يستدر له حتى أو يتحدث بكلمة منذ جاء لذا كرر سؤاله :
_ متأكدة أنكِ بخير ؟!
ابتلعت توبة ريقها ولم تكد تجيبه حتى ابصرته يتحرك صوب نزار وقد اتسعت عيونها بقوة وفكرت في حل أكثر فعالية من ادعاء الموت في هذه اللحظة لتنطق بسرعة :
_ أوه لقد نسيت، صحيح قائد زبير اردتك أن تتفحص الأراضي الزراعية لتقرر مع كاتبي المملكة قيمة الخرج وما التقسيمة التي يجب أن نتبعها هذا العام .
نظر لها الزبير بعدم فهم :
_ أنا ؟! الآن ؟؟
_ نعم رجاءً هذا افضل وقت لذا ارجوك فقط أذهب لتفحص الـ
فجأة توقفت حينما استدار نزار وهو يضع لثامه يخفي به جزء كبير من وجهه، ينظر لزبير الذي نظر لها بدقة وكأنه يألف ملامحه، يحاول الوصول للمكان الذي أبصر به هذه العيون .
وهذا ما لاحظته توبة التي ابتلعت ريقها تقول بصوت هادئ وقد كان مهتزًا بخوف وهي تلعن تهور ذلك الرجل المسمى بنزار .
– هل سمعتني يا قائد ؟؟
نظر لها زبير ثواني قبل أن يهز رأسه:
– نعم سمو الأميرة سمعتك، لا تقلقي سأفعل، فقط أذهب للأطمئنان على زوجتي فهي مريضة بعض الشيء، ومن ثم اتحرك صوب الحقول .
شعرت توبة بالضيق لأجل إبعاد الرجل عن زوجته المريضة فقط لأجل ذلك العنيد جوارها، لتتنهد بصوت خافت وقد رأت أن افكار زبير ابتعدت بالفعل عن نزار :
_ شفاها الله وعفاها، لا بأس إذن، دع الأمر للصباح لا أريد أن اشغلك عن زوجتك .
ابتسم لها بسمة صغيرة وهو ينفي ما تقول :
– هذا واجبي سمو الأميرة .
_ لا رجاءً أنا أصر، يمكنك العودة لزوجتك وفي الصباح يمكنك تفقد المحاصيل .
نظر لها بتردد لتبتسم له بسمة صغيرة :
– رجاءً .
ابتسم لها بالمثل وهو يهز رأسه لها باحترام شديد، ثم انحنى لها نصف انحناءة :
– إذا لم يكن هناك شيء تحتاجيني به، اسمحي لي بالرحيل .
سارعت بلهفة وهي تشير بيدها بهدوء صوب جهة الغرف :
_ نعم بالطبع، تصبح على خير بإذن الله يا قائد.
هز لها زبير رأسه وهو يبعد عيونه عنها ولم يكد يتحرك خطوة بعيدًا عنها حتى أبصر ذلك الجندي ما يزال يقف مكانه دون أن يتحرك خطوة أو يبدي أي ردة فعل تدل على أنه ينتوي الرحيل :
_ ماذا بك يا بني تقف هنا ؟! ألا عمل لديك اليوم ؟؟
_ بني ؟؟؟
كانت كلمة ساخرة مغتاظة أخرجها نزار من فمه وقبل التعليق بكلمة واحدة على كلمة زبير كانت توبة تتدخل للمرة الألف لتنقذه وتنقذ نفسها من تهوره الغريب :
_ نعم بالطبع سيرحل فأنا بالفعل أخبرته ما أريده منه .
نظرت صوب نزار بنظرة حادة وكأنها تخبره أن يتجرأ ويعاندها في ذلك، وتقسم أنها ستسلمه لزبير يفعل به ما تشاء حتى يتعلم كيفية التفكير قبل التصرف مجددًا.
ولا تدرك توبة أن نزار لا يفقد تعقله إلا أمام عيونها هي، لذا ابتسم لها وهو يراقب غضبها وقد ظهرت بسمته واضحة في عيونه :
_ أوه نعم صحيح لقد كنت على وشك فعل ذلك والرحيل الآن، اسمحي لي سمو الأميرة بالرحيل .
ختم كلماته وهو ينحني لها باحترام وحب شديد يكنه لها داخل صدره، ولم يكد يستقيم في وقفته حتى سمعها تخبره بهدوء شديد :
_ يمكنك الرحيل يا أخي.
تشنجت ملامح نزار وهو يرفع رأسه لها بسرعة كبيرة وصدمة وقد اشتدت نظراته يميل برأسه لها وكأنه يرفض بأي شكل من الأشكال أن تلقبه بذلك اللقب المقيت له .
لكن وجود الزبير في المحيط جعله يضغط على أسنانه بتوعد وغضب شديد أن تكون هذه هي نظرتها بالفعل له :
_ السلام عليكم، استأذنكم .
ختم كلماته يتحرك بسرعة كبيرة بعيدًا عنها وقد وجد عقله واخيرًا هم جديد ينشغل به ولا ينام ليلته لأجله .
أما عن توبة فلو أنه أبصر نظراتها المتشفية وبسمتها التي جاهدت لتخفيها عن الأعين، لعلم أنه يمكنه أن يكون أي شيء في حياتها عدا أن يكون أخًا لها …
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مع ساعات الصباح الأولى …
أعلن حارس القلعة وصول موكب الملك أرسلان لأبواب القلعة، لينتفض جسد المعتصم والذي قضى ليلته كلها بالخارج يراقب بنفسه الجميع ويأمن على حدود القلعة .
تحرك بخطوات مهرولة ولشدة لهفته لم ينتظر أن يفتح الجنود البوابة، بل ركض يساعدهم في فتحها وهو يراقب بأعين متلهفة يدعو الله أن يدخل الملك من البوابة مجبور الخاطر .
وفي ثواني أبصر حصان سالار يتحرك بقوة للداخل خلفه بعض الجنود، ومن ثم حصان الملك وبعده باقية الجنود .
تحرك بأقدام مهرولة صوبه وهو يشير للحراس أن يغلقوا البوابات بسرعة يتحرك صوب حصان أرسلان بلهفة متراجعًا بعض الخطوات للخلف تاركًا له الحرية كي يهبط ويساعد زوجته في النزول .
بينما أرسلان مال على سلمى يهمس لها بحنان شديد :
_ هيا سلمى لقد وصلنا.
فتحت سلمى عيونها بفزع شديد وقد أخذت تنظر حولها بسرعة تتفحص المكان خوفًا أن يكون كل ما حدث وما عاشته مجرد حلم بعيد، استدارت برأسها صوب أرسلان تنظر لعيونه بخوف شديد، نظرات قتلته واججت نيران صدره أكثر، لكن كل ذلك لم يظهر على عيونه يمنحها كامل الوقت لتستوعب ما يحدث، حتى بدأ الاطمئنان ينتشر على وجهها وهي تحاول الاعتدال لتتخذ وضعية تتيح لها النزول تتجنب أن تضغط على أقدامها والتي تدمرت بالكامل بسبب ركضها .
_ تريدين مني أن احملك ؟!
رفعت عيونها له تبتسم بسمة صغيرة وهي تحاول الحديث بشكل طبيعي للخروج من حالتها تلك :
_ هل يمكنك حملي فقط حتى الغرفة ؟!
_ احملك المتبقي من عمري ولا ابتأس سليمى.
ختم كلماته ثم حرك عيونه صوب المعتصم يهتف بصوت منخفض بعض الشيء :
_ تأكد أن الطريق لغرفتي خالٍ من الرجال يا المعتصم رجاءً.
هز المعتصم رأسه وهو يتحرك بسرعة لينفذ ما طلبه منه أرسلان دون حتى التعجب أو الاستفسار عما يحدث .
أما عن أرسلان فقد هبط عن حصانه يقف في الأسفل ينتظر عودة المعتصم له بأن كل شيء تم .
بينما سالار يراقبه ينتظر اللحظة التي ينفجر بها أرسلان والتي يعلم أنها ليست بعيدة، فمن مثل أرسلان لن يهدأ ولن يستقر إلا حينما يخرج حريقه الداخلي ليشعل كل من حوله .
لكن رغم ذلك ابتسم بسمة صغيرة لأرسلان وهو يتحرك بهدوء شديد صوب الداخل يشمل نفسه من ضمن الرجال الذين طلب أرسلان تفريغ الممرات منهم .
_ سأنتظرك في غرفتي حينما تقرر أنك بحاجة للتحدث معي أرسلان.
ومن بعد تلك الكلمات اختفى، في ذات اللحظة التي عاد بها المعتصم يهز رأسه لأرسلان بإشارة أن طلبه نُفذ، ومن ثم تحرك هو كذلك بعيدًا صوب ساحة التدريب حتى يأتيه استدعاء من أرسلان يتنفس بصوت مرتفع وراحة واخيرًا أن الملكة عادت .
بينما أرسلان ابتسم بحنان وهو يرفع عيونه صوب سلمى، ثم مد يديه يحملها من خصرها ينزلها من الحصان، وقبل أن تستوعب أنها تقف على الأرض أسفلها، كان يحملها بين يديها يتحرك بها بسرعة صوب غرفته الخاصة .
أما عنها فلم تنزع عيونها عنه لا تصدق أنه بخير و…
فجأة اتسعت عيونها وهي تتذكر إصابته التي تلقاها ذلك اليوم تحرك يدها بتلقائية صوب صدره حيث الإصابة تهمس بفزع وهي تحاول النزول :
_ أرسلان جرحك ؟!
_ طاب جوارك سليمى لا تحملي همًا له حلوتي .
اتسعت عيونها وقد صُدمت من رده المعسول ترفع عيونها له تملك الكثير والكثير من الكلمات، لكن كل ذلك توقف في منتصف حلقها وهي تشعر به يضعها على فراشه الفسيح، ومن ثم تحرك لها ينزع عنها معطفه بهدوء ودون كلمة واحدة يراقبها بأعين متفحصة، يحرك عيونه على جروحها جرح تلو الآخر، ثوبها الممزق من منطقة الصدر جعل عيونه تتجمد للحظات، قبل أن يرفع عيونه لها، بينما هي حاولت أن تلتقط منه المعطف مرة أخرى تخفي به جسدها وقد بدأت البرودة تزحف لجسدها تستوعب وأخيرًا ما حدث .
تحاول التحدث وتبرير ما حدث لها وما يراه، لكن عجزت كلماتها عن الخروج، فصمتت وكم كان صمتها قاتلًا .
أما عنه فقد اكتفى بالجلوس أمامها بهدوء وتأملها ينتظر أن تشبع عيونه من رؤياها حتى يستطيع أن يعود للحياة مرة جديدة، زوجته والتي كانت قريبة من القلب سابقًا، أدرك بعدما كاد يفقدها أنها هي القلب ذاته .
أما عن سلمى فأخذت تنظر له بعدم فهم تترقب كلماته، تترقب أسئلته عما حدث معها، تترقب منه أي شيء يشعرها أنه يعي ويدرك ما يحدث حوله .
وبعد عشر دقائق تقريبًا أبصرت تحركه من أمامها صوب المرحاض تاركًا إياها تنظر لأثره بصدمة وحزن خوفًا أن يكون هناك ما جعله ينفرها .
غاب دقائق في المرحاض، ثم عاد لها ينظر لها ثواني قبل أن يناديها :
_ سلمى تريدين أخذ حمام دافئ ؟!
رفعت سلمى عيونها وقد انتفضت من شرودها تنظر له بأعين زائغة وكأنها لا تدرك ما يقول، وهو فقط ابتسم لها بسمة صغيرة يتحرك صوبها، يساعدها لتنهض، ثم أسندها صوب المرحاض :
_ خذي كامل وقتك بالداخل سأكون في انتظارك هنا .
نظرت له بعدم فهم وقد كانت ملامحها مصدومة مما يفعل، لم يتوجه لها بسؤال واحد منذ رآها ولو من باب الفضول، لم يحقق معها عما رأته، وما حدث هناك .
_ أنت…غاضب ؟!
وقد كان تقريرًا أكثر منه سؤال، وقد أجاب أرسلان ببسمة صغيرة وهو ينظر لعيونها بنظرات غريبة مخيفة بعض الشيء .
_ ماذا تعتقدين أنتِ ؟؟
نظرت له ثواني تحاول أن تستشف ما يقصد من كلماته، ورغم ذلك لم تستطع لتتحدث بصوت خافت تحاول به تبرير ما حدث وما أبصر منها :
_ أرسلان لقد …لقد حاولت أن….اقسم أنني لم انزع حجابي سوى أثناء الهرب أحدهم جذبني منه وانتزعه من رأسي وهذا ….
توقفت حينما أبصرت أرسلان يتحرك بعيدًا عن باب المرحاض يشير للداخل :
_ أنا أثق بزوجتي سلمى، لذا أرجوكِ أنتِ لستِ مضطرة لتبرير شيء أمامي، فوالله أنني متأكدًا أن نصف الرجال هناك يعانون إصابات بليغة بسبب الاقتراب منكِ .
سقطت دموع سلمى وهي تبتسم بصعوبة من بين دموعها تحاول الحديث دون أن تفضح شهقاتها المكبوتة ما تعانيه، تضحك بصوت متقطع لا يشي بالسعادة أبدًا :
_ نعم…فيما يخص هذا الأمر…لا تقلق أرسلان لقد …لقد توليت أمرهم تمامًا و…
فجأة توقفت عن الحديث وهي تتذكر ما رأته وعانته هناك على أيديهم، ورغم كل ما فعلته بهم، ورغم كل الجروح وكل الرجال الذين اسقطتهم هناك، إلا أن ما تلقته بعدها جعلها تنفجر باكية وجعًا وقهرًا وهي تخفي وجهها بين يديها .
_ ما تزال …ما تزال نبضات الألم في جسدي من بعد ضرباته أرسلان، لقد صفعني وضربني رجاله حينما حاولت الهروب مرات عديدة و…
تقطعت شهقاتها وقد أصبح التنفس صعبًا بسبب عنف بكائها، كادت تنهار ارضًا لولا يد أرسلان الذي سبقها والتقط جسدها بين ذراعيه وهو يضمها له بقوة يربت عليها بحنان شديد وجسده بأكمله ينتفض بقوة .
كان على استعداد لأن يُقطع أشلاء ولا أن تمس امرأة تخصه بأذى، ويبدو أن الأذى الذي أصاب زوجته أعمق مما تخيل .
الآن يدرك أرسلان أن أصلان نجح في إصابته بضربة قاتلة، اذاقه وجعًا فشلت به أعتى الحروب .
اشتعلت عيونه وهو يكبت صرخاته، يبتسم ويقبل رأسها وهو يهمس بنبرة خرجت غريبة لكبته صرخاته داخل صدره :
_ لكِ قصاصًا لا اخلفه ولو بموتي جلالة الملكة، لكِ قصاص مضاعف لأجل وجعك واحد، ولأجل بكائك آخر، لكِ قصاصًا لا يتخلله رحمة أو رأفة حبيبتي .
بكت سلمى بين أحضانه وهي تردد بصوت متقطع:
– لقد صفعني عدة مرات و….لم اردها له …لم أفعل لأنني كنت أخشى أن يؤذي النساء هناك، الكثير منهن هناك أرسلان، الكثير من نساء مشكى وباقي الممالك يتم معاملتهن بشكل حقير للغاية .
ربت عليها يهدئها وهو يحتاج لمن يربت عليه ويهدأ نيرانه، ولن تهدأ..
_ سأسمع كل ما تريدين قوله، لكن قبلًا دعينا نغسل كل ذلك العناء عن جسدك ومعالجة جروحك سليمى، ومن ثم سأكون مهتمًا لأعلم تفاصيل ما حدث معكِ دون إغفال تفصيلة صغيرة حلوتي ….
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
_ زيان …
توقفت يد زيان عما يفعل وهو يرفع عيونه صوب بوابة عيادته التي تتوسط مشفى القصر يبصر زوجته تقف هناك على بابه تنتظر منه قبولًا بدخولها .
أما عنه فظل يحدق بها دون رد وكلما نظر بوجهها تذكر صرخاتها التي أطلقتها في وجهه منذ ساعات قليلة .
_ نعم ؟؟
ابتلعت ريقها وهي تشعر بأنها تبتلع اشواكًا .
_ هل …يمكنني العودة لمنزلنا ؟!
رفع عيونه لها بعدم فهم، قبل أن يبتسم بسخرية لاذعة :
_ أي منزل نازين ؟؟ منزلنا أصبح رماد وحياتنا أضحت سرابًا.
منعت دموعها من النزول وهي تحاول التحدث :
_ أنا قصدت أنني…سأذهب للجلوس هناك و…
صرخ زيان بجنون وهو يرى إصرارها على الرحيل :
_ ما قصتك مع الرحيل نازين ؟؟ لِمَ تصرين على اجتذاب شياطيني من وكرها ؟؟ رجاءً توقفي عن ذكر الرحيل كلما واتتك الفرصة، فهذا لن يحدث البتة، هل تدركين ما اقول ؟!
نظرت له بصدمة وعدم فهم، أوليس ابتعاده عنها مجرد تلميح منه أنه لم يعد يطيق البقاء معها ؟!
ولم تكد تصرح عن مخاوفها حتى سمعت صوت رجل خلفها يقترب منهم بلهفة وهو ينطق باسم زوجها :
_ زيان عاد الملك ومعه الملكة و….
فجأة توقف حينما انتبه لوجود نازين ليعتذر وهو يعود للخلف مخفضًا بصره :
– أعتذر لم انتبه لوجودك هنا سيدتي .
نظر زيان صوب المعتصم وهو يتنهد بصوت منخفض يمسح وجهه وقد شعر بأن عقله يكاد ينفجر من التفكير، لكن كلمات المعتصم الأخيرة جعلته يندفع صوبه بلهفة شديدة وقد اشتعل الشر بعيونه وهو يتساءل :
_ أحقًا ما تقول يا المعتصم ؟! الملك عاد مع الملكة ؟! هل وجدوا مكان ذلك الوغد أنمار ؟
_ نعم عادت ولله الحمد، لكن الأمور لا تبشر بالخير، لا أدرك كيف وجدها لكنني علمت أنه لم يعثر على ذلك الجحر، الجنود يقولون إنهم طافوا غابات سبز ولم يعثروا على ذلك الجحر بعد، لكن لن يدوم الأمر فملامح الملك تشي أنه سيقلبها رأسًا على عقب حتى يعثر عليهم فما حدث لزوجته ليس بالهين و…..
_ الجحر ؟؟
استدار الإثنان صوب الصوت والذي لم يكن سوى لنازين التي ابتسمت بسمة مخيفة وهي تنظر لزيان الذي لم يفهم ما تفكر به وتعجب بسمتها هذه، أما عن المعتصم فلم يفهم ما الذي يحدث في المكان، لولا صوت المرأة الذي صدر مجددًا وهي تهتف بنبرة باردة وقد عادت نفسها نازين التي كانت في الجحر :
_ أنا أدلكم عليه على أن يكون لي حق القصاص من أنمار قبل الجميع، استطيع أن أصف لكم طريق الذهاب للجحر.
اتسعت أعين المعتصم وهو ينظر لتلك المرأة يحاول معرفة هويتها وكيفية علمها بمكان الجحر، بينما زيان اتسعت عيونه بصدمة وقد غفل عن تلك الحقيقة، زوجته كانت هناك لأشهر أي أنها تدرك وأكثر من الجميع مكان الجحر وتعلم عنهم كل شيء، وتلك كانت حقيقة لا تسعده البتة .
وقبل أن يتحدث زيان بكلمة يمنعها بها أن تتحدث عن شيء تعلمه كي لا يثير الأسئلة حولها من الجميع، يفكر أن يأخذ هو منها كل للمعلومات ويوصلها للملك دون أن يزج بزوجته في الأمر .
لكن وقبل فعل كل ذلك سمع صوتًا يصدح في المكان من خلف الجميع ونبرة مرعبة تصدر من فم ارسلان والذي جاء ليأخذ اعشاب يعالج بها زوجته :
_ سأكون ممتنًا إذا وصفتي لي ذلك بنفسك سيدتي ولكِ مني عهدًا بما طلبتي …..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
_ مرحبًا صغيري كيف حالك الآن اتمنى ألا يكون الظلام سببًا لخوفك هنا وأن تكون ضيافتنا في سجونك التي صنعتها بنفسك، مريحة .
رفع أنمار عيونه صوب المتحدث وابتسم بسمة صغيرة ولم يتكلم بكلمة واحدة، بينما أصلان اقترب من قضبان تلك الزنزانة الصغيرة يميل برأسه هامسًا :
– حدثني عن شعورك الآن أنمار وأنت تجلس خلف سجونٍ بنيتها بنفسك .
ابتسم أنمار يتحدث بهدوء ونبرة عادية وهو يقشر بعض الفواكه المتعفنة أمامه، يزيح عنها العفن ليتناول أي شيء قد يسد رمقه :
– في الحقيقة لم استطع تحديد مشاعري الحالية، لكنني أدرك جيدًا أنها بجميع الاشكال لن تكون افضل من مشاعري التي ستنتابني حينما أرى ما سيفعله بك أرسلان.
ختم حديثه يطلق ضحكة مرتفعة وهو يتناول الجزء الصالح من الفاكهة أمامه، بينما أصلان لم يهتز وهو يهمس بصوت منخفض وصل واضحًا لأنمار :
– نعم وانا كذلك أترقب ما سيحدث، لكن أوتعلم ؟! أنا أعلم يقينًا أن نهاية هذه الحرب لن تكون سعيدة لأحد الطرفين والمرجح أن يكون ذلك الطرف هو أنا، فأنا واحد مقابل اربع ممالك اشداء، لكن …..
صمت وترك جملته معلقة تحت أعين أنمار المصدومة من بساطة حديثه هذا وكيف يعترف بالأمر بهذه البساطة .
– لكن إن كان محتمًا أن يموت الشرير في نهاية القصة، فلا يجوز فعلها إلا وهو تاركًا أثرًا لا يُمحى في نفوس الابطال .
ازدادت دهشة أنمار الذي لم يفهم ما يقصد ولا ما يريد أصلان، بينما الأخير نظر له نظرة غامضة وهمس أخيرًا قبل التحرك:
_ استمتع بأيامك داخل هذه السجون طالما استطعت ذلك، فالقادم سيكون اسودًا على الجميع وأولهم أنت.
خرج من المكان تاركًا صدى كلماته التالية يرن :
_ آن الأوان أن نغير حياة الممالك ونترك بصمتنا في حياتهم جميعًا عزيزي أنمار، آن الأوان ليسجل التاريخ حكاياتي في صفحاته وليس مجرد ذكر ثانوي لقائد جيوش مسكين مغمور، حتى وإن سُجلت تلك الصفات في الجزء الاسود من التاريخ يكفي أن الجميع سيعلم من أنا.
خرج من المكان بعد كلماته تاركًا أنمار يراقبه بعيون مصدومة يحاول معرفة ما يريده وما يقصده من حديثه :
_ هذا الرجل مجنون حقًا .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
حرك عيونه بين الجميع والصمت هو كل ما يمكن سماعه في المكان، توقفت عيون سالار على وجه أرسلان والذي كانت ملامحه غير مفسرة يراقب زيان الذي يتململ في جلسته بضيق شديد وجواره نازين، يرفض من اعماق اعماق صدره أن تجلس هنا وتتحدث عما عاشته هناك، يرفض أن تضع نفسها في حيز لا يسمح هو به لها .
_ إذن سيدة نازين، في البداية حمدًا لله على سلامتك كدنا نفقد زيان حزنًا عليكِ .
حركت نازين عيونها لزيان الذي كان ينظر أمامه بلا ردة فعل، ومن ثم هزت رأسها ببطء شديد، بينما هو ابتسم بسمة لا معنى لها :
_ ثانيًا واعذريني على اندفاعي لكنني احتاج للأنتهاء من هذا بسرعة ..
ولم يصرح أبدًا بأسبابه والتي تتلخص في رغبته أن يركض صوب زوجته ويلحق بها ليهتم بكل ما يعنيها حتى يتأكد أنها بخير .
_ أخبرتني أنكِ تعلمين مكان هذا الجحر صحيح ؟!
رفعت نازين عيونها صوب أرسلان قبل أن تخفضها مجددًا بهدوء ومن ثم اومأت بإيجاب :
_ نعم أعلم .
أولى سالار جميع حواسه لما يقال يسجل كل همسة ستخرج من فم نازين.
بينما المعتصم كان يراقب ما يحدث بهدوء يفعل المثل كما سالار بالإضافة لاهتمام بسكنات زيان وهو يربت على يده بهدوء هامسًا له :
_أنت بخير ؟؟
ابتسم له زيان بسمة صغيرة يحرك رأسه بإيجاب ومن ثم ارهف حواسه لزوجته التي قالت بصوت منخفض وهي تنظر ارضًا ببطء :
_ الجميع يعتقد أنه بسبز نفسها، لكنه في الحقيقة على أطراف سبز المشتركة مع آبى في الغابات الجنوبية، كما أن المنطقة كانت مختارة بعناية فائقة، إذ تقبع أمامها الكهوف الجنوبية والأشجار هناك كثيفة للغاية لذا من الصعب العثور عليها بسهولة .
كان أرسلان يسمع ويدون كل شيء بعقله، حتى أنتهت هي فنظر صوب المعتصم يردد بصوت منخفض:
_ هل علمت المكان يا المعتصم ؟؟
تعجب المعتصم سؤاله هو بالذات لكنه رغم ذلك هو رأسه ببطء :
_ اعتقد ذلك مولاي .
ابتسم له أرسلان بسمة صغيرة مقلقة بعض الشيء، لكن المعتصم رغم ذلك لم يهتز ينتظر أوامر أرسلان التالية والتي جاءت اسرع ما يمكن وهو يردد له :
_ جيد احتفظ به حتى أخبرك ما سنفعل به، والآن يا سادة اعذروني احتاج للأنتهاء من شيء هام، اشكرك سيدة نازين، ورغبتك بالانتقام من أنمار ستتحقق فأنا لا احنث وعدًا قطعته .
ختم كلماته يتحرك خارج المكان تحت أعين الجميع المتعجبة وقد بدا أن أحدهم لم يدرك ما يحدث أو ما يفهم، أما عن سالار فقد نهض وقرر إرسال رسالة لإيفان يطمئنه بها ويخبره عما يحدث .
داعيًا لاجتماع عاجل للجميع حتى يعلموا ما الذي ينتوي عليه أرسلان، فمعرفة ما يدور برأس هذا الرجل يحتاج منهم ضغط كبير عليه وهو سيوفر له هذا الضغط في الملك آزار وكذلك إيفان……
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
_ فاطمة هل نمتي ؟!
أغلقت فاطمة عيونها بقوة ترفض أن تستدر له أو حتى تفتح عيونها وتنظر لوجهه، بينما هو مال على الفراش حيث تنام يهمس لها بصوت موجوع :
_ لم اقصد أن احزنك فاطمة، والله ما قصدت ذلك ..
ولم تجب عليه فاطمة تعطيه ظهرها وهي تكتم صوت شهقاتها التي كادت تخرج، بينما هو مال عليها يربت على خصلاتها بحنان شديد يهمس لها بصوت منخفض :
_ أنا لست قاسيًا ولستُ سيئًا فاطمة فلا تدعي شيطانك يرسم لكِ صورًا سيئة عني، أنا المعتصم …الرجل الصالح ذو المروءة أتتذكرين ؟؟
هبطت دموع فاطمة أكثر من كلماته وقد بدأ جسدها يتحرك حركات خفيفة بسبب بكائها، أما عن المعتصم يراقبها وهو يدرك من البداية أنها مستيقظة وتأبى النظر له وكم آلمه هذا .
همس بصوت به غصة بكاء ووجع لأجلها ولأجل ما وصل له معها وهو لا يعلم القادم في هذه العلاقة وما يجب فعله ليتخطى ذلك المنحدر الذي يتحرك صوبه بسرعة كبيرة :
_ لم اتغير ولن أفعل، فلا تنظري لي بنظرة تقتلني حيًا، لا تنظري لي نظرة خوف أو قلق فاطمة .
ختم حديثه وهو يميل مقبلًا كتفها يهمس بجوار أذنها:
_ أنا لا أكره والدتك صغيرتي، بل أنا ممتن لها كامل الامتنان أن احضرتك لي خصيصًا كي تؤنسي وحدتي، فلا تتركيني كما فعل الجميع أرجوكِ، لا تزيديها عليّ فاطمة وقد وصلت للحافة.
ازداد صوت بكاء فاطمة ليتحرك وهو يجبرها على الاستدارة، ثم مال يجذبها لاحضانه بحب شديد، بينما هي استكانت دون كلمة واحدة .
وهو فقط يضمها مربتًا عليها بهدوء لتبدأ في البكاء بين أحضانه وكأنها لا تصدق أنها حازت مسكنًا واخيرًا .
وهو فقط يحاول التفكير في حل لكل ذلك، كان يعتمد على الملكة لتساعده في إخراج فاطمة من بئرها، لكن أعان الله الملكة على ما مرت به مؤخرًا .
ضمها بخوف وهو يشعر أنه وحيدًا في مواجهة مرضها النفسي، نزلت دموعه بخوف وهو يتحرك بها بهدوء وكأنه يهدهد جسدها يردد عليها بعض الآيات القرآنية كي تنام بهدوء .
_ لن أتركك ولن اتخلى عنك فاطمة ولو فعل العالم بأكمله، سأظل أنا، فما لي سواكِ فاطمة، فلا ….لا تتخلي عني أرجوكِ، حتى وإن اضطررت لمحاربة الجميع وحدي سأفعل على أن تكوني بخير .
نطق كلمته الأخيرة بصعوبة بسبب غصته التي استحكمت حلقه وهو يقبل رأسها وقد بدأت دموعه تهبط يفكر في طريقة ليساعدها، أما عن فاطمة فقد أغلقت عيونها تنام وأخيرًا بعد أيام طويلة من السهاد والخوف والقلق، واخيرًا تنال راحتها بين أحضانه…..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كانت تقف جوار الباب المغلق الخاص بغرفته وهي تراقب ظهره لا تدري ما يجب قوله، فقط تنظر له تحاول التحدث بأي كلمة قد تجعله يدرك وجودها في المكان .
_ زيان .
توقف زيان عما كان يفعل يستدير لها بهدوء، أما عنها فقد تقدمت منه خطوات صغيرة وكادت تقترب أكثر، لكن شيء حال بينها وبينه، تنظر له بوجع وقد اشفقت عليه أن تمسه امرأة مثلها، شعور الاستحقار لذاتها أصبح ملازمًا لها بشكل مرعب .
أما عن زيان فقد نظر للمسافة بينهما بعدم فهم وهي فقط ابتلعت ريقها تحاول الحديث بصوت منخفض :
_ لقد ….هل ….هل أنت مصر على الاحتفاظ بي، صدقني أنا لن احزن إن….
قاطعها زيان الذي ألقى قطعة الثياب التي كان يحملها بين أنامله ارضًا يندفع لها مبددًا كل المسافة بينهما يتحدث بصوت مرتفع :
_ الاحتفاظ بماذا يا امرأة ؟؟ هل تتحدث عن قطعة أثاث هنا ؟؟ أنتِ زوجتي نازين ألا تستوعبين مقدار هذه الكلمة ؟؟
_ لكنني لم اعد كما كنت و….
صرخ في وجهها بجنون وقد فاض كيله من تلك الكلمات التي تستمر بتردديها طوال الوقت :
_ أخبرتك أنني لا اهتم نازين …
صرخت بالمثل في وجهه وهي تبكي بوجع :
_ لكنني أفعل زيان، أنا اهتم بما حدث أنا مازلت اتألم، جرحي لم يبرأ بعد لأتصالح مع حياتي، إن كان ما حدث لا يعنيك فهو يعنيني وأكثر مما تتخيل ..
صمتت تهمس من بين أنفاسها الباكية :
_ يعنيني زيان، يعنيني كل تلك الأيام التي كنت اتنقل بها بين ….
صرخ زيان وهو يضرب الطاولة بقدمه وقد شعر بالغضب يسيطر عليه كما لم يحدث في حياته :
_ توقفي فقط توقفي عن ذكر ما حدث كل ثانية، توقفي عن جلدي بكلماتك، توقفي عن قتلي كل ثانية نازين توقفي …فقط توقفي عن معاقبتي بهذه الكلمات .
اقترب منها يمسكها من كتفها بقوة وهو يهتف من أسفل أسنانه :
_ هل يسعدك رؤيتي بهذه الحالة ؟؟ هل يرضيكِ معرفة أنني أتمنى لو قُتلت بتلك الحادثة في المشفى قبل معرفة ما حدث ؟! هل يسعدك إدراك حقيقة أنني الآن اعض أناملي ندمًا لذهابي ذلك اليوم للمقابر ورؤيتك هناك ؟! هل يسعدك هذا نازين ؟؟ ها يسعدك معرفة مقدار الجحيم الذي يشتغل داخلي، يسعدك ؟
نظرت له بصدمة من كلماته وقد بدأت دموعها تتساقط بقوة لينظر لها هو بشر قبل أن يصرخ بصوت مرتفع أكثر وهو يتركها دون اهتمام:
_ يسعدك معرفة أنني الآن فقط اتمنى لو أنني لم أحيا لحظة واحدة بعد ذلك اليوم الذي تلقيت به خبر موتكم، هل تعتقدين أن الأمر بهذه البساطة ؟! تظنين أن الأمر لا يقتلني فتستمرين بذكره على مسامعي مرات ومرات وكأنكِ تنتظري انهياري بفارغ الصبر .
تركها ينظر لها بضيق واختناق يتنفس بسرعة كبيرة وقد بدا أنه يعاني في التنفس بشكل طبيعي، وهي فقط تقف مكانها تراقبه بصدمة ولم تكن قادرة على تحريك يديها حتى لتساعده .
أما عنه استدار يعطيها ظهره وهو يهرول صوب المرحاض تاركًا إياها تقف مصدومة دون أن تقدر على تحريك قضة حتى .
كاد يدخل المرحاض، لكنه توقف فجأة يستدير لها مجددًا ينظر لوجهها الشاحب وقد بدا أنها تصارع روحها :
_ و…..نازين .
رفعت عيونها له بصدمة ليتحدث بجدية يراقب عيونها يدرك جيدًا ما يدور داخلها في هذه اللحظة وكيف لا يفعل وهو يدركها كخطوط يده :
_ ما قيل منذ ثواني لم يكن اتهامًا لكِ أو لومًا بقدر ما كان ضيقًا من حالتي، فلا تسمحي لشيطانك أن يتفرد بعقلك الغبي هذا ويخبرك أنني الومك على ما حصل، إن كنت ألوم أحدهم في هذه اللحظة فهو نفسي .
ختم كلماته يتحرك للمرحاض يغلقه بقوة تاركًا إياها خلفه تتهاوى ارضًا ببطء وهي تنظر صوب المرحاض بأعين ضبابية تماثل ضبابية مستقبلها .
_ ماذا يعني بهذا الحديث ؟!
رفعت عيونها صوب الباب الخاص بالمرحاض وظلته تتأمله لدقائق طويلة شاردة لا تشعر بشيء حتى شعرت أن عقلها على وشك الانفجار من التفكير، فقررت ونفذت مباشرة تنهض متحركة صوب المرحاض .
تنفست بصوت مرتفع ثم رفعت يدها تشعر بالتوتر يملئ صدرها، لكن القلق لم يكن كبيرًا بقدر حاجتها لإيجاد إجابة عن تساؤلاتها ومعرفة القادم في حياتها وكيف ستسير أمورها في هذا المكان معه .
ولشدة الاصرار الذي ملئ صدرها في هذه اللحظة رفعت يدها بقوة شديدة، ومن ثم وبكل عنف ضربت الباب ضربات متتالية وكأنها تلغي بتلك القوة أي فرصة تراجع قد تصدر من جبنها، فجأة وحينما حطت كفها على الباب حتى انطلقت صرخات مرتفعة .
اتسعت عيونها بصدمة وهي تراقب زيان يتراجع للخلف يضع يده على عيونه متأوهًا بصوت مرتفعًا، وقد فتح الباب في اللحظة التي قررت هي وضع كل قوتها في الطرقات على الباب .
أطلق صرخة وهو يتراجع للخلف تحت عيونها المصدومة ولم تكد تتحدث لتعتذر حتى أبصرته يتراجع بتلقائية للخلف يفرك عيونه بوجع .
_ اه عيوني لقد فقأتيها نازين .
فتحت نازين فمها لتعتذر، لكن كل شيء حدث سريعًا فقبل التحدث بكلمة واحدة أبصرت جسد زيان ينزلق على الأرضية الصلبة ساقًا بعنف كبير لتنصدم رأسه في الرخام أسفله لتنطلق منه صرخة رنّ صداها في القصر بأكمله……
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تجلس على فراشه وهي تشعر أنها تحلم، لا تصدق أن كل ما تمنته حدث، هي في منزلها مع زوجها وهو بخير دون أن يتأذى بسم أو سهم .
تنهدت واخيرًا براحة وقد سقطت دموعها مبتسمة دون شعور، لم تفهم بعد ما حدث وسبب ترك ذلك الحقير لها، لكنها في جميع الأحوال شاكرة كرم الله لها، ولم تدرك أن عودتها كانت جزءًا كبيرًا من خطة تحطيم أرسلان لشظايا صغيرة .
سمعت صوت طرقات على باب الغرفة تبعه صوت أرسلان وهو يتحدث بصوت خافت :
_ سليمىٰ انتهيتِ ؟؟
ابتسمت بسمة صغيرة وهي تجيبه بصوت هادئ :
_ نعم انتهيت .
ثواني وابصرت الباب يُفتح وأرسلان يتحرك داخل الغرفة الخاصة به والتي كانت جزء صغير من جناح أكبر، يحمل بين يديه صينية طعام متوسطة الحجم مبتسم الثغر هادئ الملامح بشكل غريب عنه وكأنه فقد جزءًا من روحه التي تعرفها .
اقترب منها يضع الطعام أمامها، ثم تحرك صوب النافذة يغلقها بسرعة ومن ثم سحب منشفة من خزانته يتحرك صوبها يضعها على شعرها وهو يجففه بهدوء :
_ تشعرين أنكِ أفضل الآن ؟!
رفعت عيونها له تطيل النظر في عيونه مبتسمة :
_ السؤال هو، هل تشعر أنت أنك افضل ؟!
نظر لها بعدم فهم لتسحب هي المنشفة من يده تهتف بجدية وهي تنظر لعمق عيونه وكأنها تحلل مشاعره ودواخله :
_ هذه مجرد خدوش وجروح جسدية سهلة الشفاء أرسلان، الأهم هو تلك الجروح النفسية .
رفع حاجبه يشاكسها كعادته حينما يشعر أنها اقتربت أكثر من اللازم من جروحه التي يغطيها بتصرفاته الغريبة :
_ وما رأي طبيبتي في جروحي النفسية سليمى ؟!
ابتسمت له وهي تتحرك عن الفراش تستدير له حيث كان يقف خلفها، تستقر على ركبتها ومن ثم مدت يدها لوجهه تصنع تقطيبة ضيق بين حاجبيه، ومن ثم محت بسمته الكاذبة، تحرك شفتية لترسم بسمة ساخرة، وهو يتابعها بعدم فهم يرفع حاجبه منتظرًا أن تنتهي، وحينما انتهت ابتسم له :
_ الآن تبدو أرسلان الذي اعرفه، ذلك المبتسم الهادئ لا اعرفه، فلا تجبرني على التعامل مع غريب أرسلان .
صمت تطيل النظر به ثم استرسلت في حديثها :
_ أما عن جروحك النفسية فـ ….أنت قوي أرسلان أكثر مما تتوقع، لهذا كنت أثق أنك ستجدني .
نظر لها طويلًا، ومن ثم همس لها بصوت حاول جعله متماسكًا تكسره الكلمات التي قرأها، ويكره أن يسألها عنها، يكسره أن تعاني امرأته في حياته كل ما عانته هي، تلك الجروح على وجهها تقتله .
مد يده لوجهها يتحسس جروحها بهدوء شديد :
_ لكنني لم أجدك سلمى، بل أنتِ من وجدتيني .
_ هذا يعتمد على زاوية نظرك للأمر أرسلان، فوجودك في الغابة في هذا المكان وهذا الوقت هو ما جعلني أجد طريق العودة، فتخيل أن اهرب ولا أجد من يدلني عن الطريق ؟! سأهيم المتبقي من عمري في غابات لا اعلم عنها شيئًا .
ظل ينظر لها طويلًا وافكار كثيرة تدور في عقله، لكنه فقط ابتعد عنها فجأة يتحرك صوب الشرفة يقف أمامها وكأنه يبعد نفسه عن سحرها يتحدث بصوت منخفض :
_ إذن أخبريني ما حدث معكِ سلمى ولا تغفلي عن شيء مهما كان ذلك الشيء صغيرًا رجاءً .
نظرت له سلمى بصدمة كبيرة وهي تتعجب ابتعاده بهذه الطريقة، بينما هو شعر بأنه إن ظل ثانية جوارها فسيخر ارضًا معترفًا بكل شيء يكتمه داخل صدره يرتجي منها راحة لا حق له فيها .
أما عن سلمى فأخذت تحدق في وجهه دون كلمات تراقب هروبه الواضح منها، تراقب غضبه الظاهر على حركات يده ونظرات عيونه .
لكنها ورغم ما فعل تأتأت بصوت منخفض وقد قررت أن تخرج من ذلك الكئيب زوجها تتحرك عن الفراش صوب النافذة تقف أمامه:
_ لم اعهدك جبانًا مولاي .
تشنجت ملامح أرسلان وهو يفتح فمه ليجيبها لتسبقه هي وهي تردد ببسمة واسعة :
_ نعم نعم خسئت أنا واشباهي الاربعين، أعلم اعلم…
اتسعت ابتسامة أرسلان بقوة قبل أن ينفجر في الضحك بصوت مرتفع عليها وقد كانت تحاول تضخيم صوتها وتقليده، تنطق جملته بنفس نظراته ونفس تعبيرات وجهه الساخرة المستنكرة .
أما عنها فراقبته ببسمة واسعة تشعر أن جزء من روحه عاد وكم عز عليها أن تبصر انكسارًا وحزنًا في عيونه وإن كان لأجلها.
خرجت كلماتها دون وعي من فمها بلغتها التي تربت عليها وبلهجة لاتينية بامتياز :
_ ضحكتك جميلة جدًا .
رفع حاجبه وهو لا يفهم ما قالت :
_ هل كان هذا غزلًا بي ؟؟
وبنفس اللغة الخاصة بها أجابت وهي تلملم خصلاتها التي بدأت تتطاير بشكل مزعج في المكان بسبب وقوفها أمام النافذة والتي سبق هو واغلقها جزيئًا :
_ نعم هو كذلك أحسنت.
اقترب منها يتحدث بصوت منخفض وهو يحدق في عيونها عن قرب :
_ ألا يمكنك امتلاك الشجاعة ولو لمرة واحدة والتغزل بي بصوت مرتفع وبلغة افهمها ؟؟
رفعت حاجبها ساخرة وهي تجمع خصلات شعرها في ربطة في الخلف :
_ حينما تمتلك أنت هذه الشجاعة وتعترف أنك أكثر الرجال حظًا في هذا العالم لامتلاكك امرأة مثلي.
_ أنا بالفعل افعل .
توقفت يد سلمى عما تفعل وهي ترفع عيونها له بتعجب لتتسع ابتسامته وهو يكرر كلماته بتأكيد يميل أمام وجهها هامسًا ؟!
_ أنا أفعل واعترف واقسم بذلك إن أردتي.
اتسعت عيون سلمى شيئًا فشيء وقد فغرت فاهها وهي تراقبه بصدمة :
_ هل اعتبر هذا اعترافًا مباشرًا بالاعجاب بي جلالة الملك ؟!
وانتظرت منه كلمة السر الخاصة به والتي ينطقها كلما حصرته في الزاوية، أن يتحدث ويخبرها ” شايد ” و….
_ نعم هو كذلك وأكثر.
ولم يكن من سلمى سوى أن همست بملامح بلهاء مصدومة :
_ أوه….
اتسعت بسمته وهو يميل عليها يتحدث بخبث :
_ والآن دورك لتتحدثي عن كم أنا شخص مبهر وسيم قوي و…
_ نرجسي .
_ نعم وهذا أيضًا، إذن هل تعرفين أنني رجل لا أُعوض ؟؟
التمعت عيون سلمى وهي تنظر له وكم كانت تتمنى القول أنه أكثر مما ذكر في عيونها، لكنها لن تجود عليه بأكثر مما قال هو .
_ نعم أنت كذلك بالفعل جلالة الملك .
تنفس أرسلان بصوت مرتفع يستقيم في وقفته، ثم اقترب منها خطوة واحدة يجذبها لأحضانه بقوة وهو يغمض عيونه وأخيرًا براحة شديدة وقد شعر للحظة أو خُيل له أن قربها سكّن كل جروحه، أخذ يزفر براحة .
_ كنت على استعداد لأهيم المتبقي من عمري بحثًا عنك سلمى، كنت مستعدًا لأفني سائر أيامي لأجلك سلمى، والله لأقتص لكِ منهم واحدًا تلو الآخر، لكِ مني عهدًا بحياتي وقسمًا بالله أن اجعلهم يتمنون تقبيل الرمال التي تسيرين عليها طلبًا للصفح منكِ .
همسات سلمى وهي تدفن وجهها في صدره كتبت دموعها تهمس بصوت خافت :
– ولن أفعل.
_ لن أسمح لكِ حتى إن أردتي، فإن سامحتي بحقك، فلن اسامح بحق زوجتي سلمى .
بكت سلمى بصوت منخفض :
_ لقد رأيت ما لم أتخيل أن أرى في حياتي أرسلان النساء هناك .
صمتت وهي تحاول التنفس من بين شهقاتها ليضمها بقوة يتنهد بعصبية كلما تخيل أن هناك المزيد والمزيد من النساء أسفل أيديهم النجسة :
_ سأخرجهم، اقسم لكِ سأفعل حلوتي …
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثلاث ساعات مروا وخرج من جناحه بعدما تأكد من نوم زوجته بهدوء ودون أي مشاكل وعالج جروحها وسمع لها بكل صبر حول كل ما حدث معها .
يسير في ممرات قصره وهو يشمر أكمام ثيابه وعيونه ترسل رسالات تحذير لكل من تسول له نفسه في هذه اللحظة ويقاطع طريقه .
عقله يرسم في ثواني خطته التي سيقتص بها لزوجته، ورغم رغبته العميقة في تنفيذها الآن ليهدأ الضجيج داخل صدره وتنطفًا نيران قلبه المشتعلة، إلا أنه لن يحطم التقاليد وسينتظر ليتناول طبق انتقامه باردًا مثلجًا، سيتناوله ويستمتع بكل قطمة منه .
اقتحم غرفة الاجتماعات والتي دعى لها الجميع وايقظهم من نومهم دون اهتمام بأي اعتبارات وكل ما يدور برأسه أنه واليوم سيضع النقاط الأخيرة في حياة المرتدين ومن يقودهم .
انتفض جسد خالد عن المقعد بعدما كاد يسقط في النوم وهو جالسًا، ينظر حوله بعدم فهم يحاول إدراك كيف وصل لهذا المكان، قبل أن يتذكر فجأة أنه كان نائمًا بسلام في غرفته قبل أن يجد رجل يسحبه مرددًا على مسامعه أن الملك طلب إحضاره لاجتماع عاجل .
أخذ يتمتم كلمات حانقة وهو يفرك عيونه بضيق :
_ ألم يكن من الممكن تأجيل هذا الهراء حتى الصباح ؟!
نظر له أرسلان نظرات اصمتته، ومن ثم حرك عيونه بين الجميع ليبصر الملامح جميعها متحفزة، وأولهم سالار الذي كان يجلس على المقعد المقابل له في الطاولة يضم يديه لصدره في انتظار ما يريد قوله .
_ اشكركم لتلبية الدعوة جميعًا، لكن الأمر لم يكن يتحمل الانتظار حتى الصباح .
قلب خالد عيونه بسخرية وهو يتمتم بكلمات شبه مسموعة يسخر فيها مما يقال، لكن فجأة انتفض جسده يطلق صرخة مرتفعة حينما ضرب أرسلان الطاولة بعنف جعل الكاسات عليها تهتز وأحدهم يسقط متحطمًا أسفل أقدامه.
بينما هو نظر لأرسلان بعيون مفزوعة هامسًا :
_ يا لطيف .
أما أرسلان فركز عيونه عليه ليبدأ خالد ينظر حوله بتوتر وكأنه يبحث عما ينظر له أرسلان قبل أن يدرك أنه ينظر له، لذا ابتلع ريقه ينظر له :
_ ماذا ؟! اقسم أنني لن ااااا
قاطعته صرخة من أرسلان وهو يقول بصوت جهوري جعل جسد خالد يلتفت حوله بهلع .
_ تيّــــــــــــــم .
نظر له تيم باحترام شديد :
_ مولاي ؟!
_ خالد، أخ زوجتي العزيز منذ اليوم في عهدتك، أريد أن اتسلمه منك مقاتلًا بارعًا، فهو سيشاركنا الحرب القادمة، ومن يدري لربما أوكلت له قيادة أحد جبهات الجيش .
ختم حديثه ببسمة جانبية جعلت ملامح خالد تتشنج وهو يشير لنفسه بعدم إدراك لما قيل :
_ هذا أنا ؟؟
ابتسم له أرسلان بسخرية :
_ نعم أنت يا عزيزي أي اعتراض ؟؟
ضرب خالد على الطاولة بقوة وهو ينهض عن مقعده لكن فجأة شعر بتنميل ووجع كبير في كفه ليرفعه صوب فمه ينفخ به، قبل أن ينتبه لنظرات الجميع، فاعتدل يعدل من وضعية قميصه الاسود والذي كان يلائم جسده وبامتياز :
_ اسمح لي يا سيادة الملك أنا لست جنديًا من جنودك لتتحكم بي، أنا مهندس و…..
قاطعه أرسلان وهو ينظر له متحدثًا بجدية وجمود شديد:
_ سمعت ما قلت تيم؟؟ مسموح لك بفعل كل ما تريده ولا اهتم بوسيلة تدريبك له طالما أنني سأبصر نتيجة ترضيني .
هز له تيم رأسه يجيب باحترام :
_ لك ما تريد مولاي .
تشنجت ملامح خالد مما يحدث ولم يكد يعترض حتى أبعد عنه أرسلان عيونه، ينظر صوب المعتصم يبتسم بسمة صغيرة مريبة يهمس بصوت غامض :
_ إذن يالمعتصم هل تتذكر العنوان الخاص بالجحر ؟؟
هز له المعتصم رأسه بنعم وهو ينتظر القادم من حديثه، بينما يبدو أن سالار استشف ما سيقال قادمًا، وقد اتسعت بسمته ينظر صوب أرسلان الذي أخرج رسالة من جيبه يلقي بها على الطاولة أمام المعتصم وهو يردد بصوت مرعب :
_ إذن ارتدي ثياب ثقيلة يا بني فالأجواء في سبز باردة هذه الأيام خاصة أطرافها الجنوبية، تحديدًا منطقة الجحر …………
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بداية الحرب ومن يعلم كم من الأسرار ستنكشف ….
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أسد مشكى)