رواية جعفر البلطجي 3 الفصل الخامس والستون 65 بقلم بيسو وليد
رواية جعفر البلطجي 3 الفصل الخامس والستون 65 بقلم بيسو وليد
رواية جعفر البلطجي 3 البارت الخامس والستون
رواية جعفر البلطجي 3 الجزء الخامس والستون
رواية جعفر البلطجي 3 الحلقة الخامسة والستون
لا تصالحْ،
ولو منحوك الذهبْ،
لا تصالحْ،
ولو حاولوا أن يغسلوا عنك العا’رْ،
لا تصالحْ،
ولو كان فيه أن تمو’تْ،
وتظل الحياة كالجحيـ.ـمِ،
في كل مكانْ،
لا تصالحْ،
ولو كان المو’ت يجلب لك الطمأنينةْ،
حتى لو كان المدى أ’عمى،
فالشرف لا يمكن أن يكون للبيع!،
لا تصالحْ،
ولو أعطوك كل ما جاؤوا به،
فالصمت سرٌّ من أسرار الرِّوحِ،
لا تصالحْ،
أبدًا مع نفسك واحتفظ بثورتك،
واحتفظ بشرفك في قلبك،
وأبقى حريصًا على كرامتك!.
_أمل دنقل.
__________________________
خذلان الأقرباء،
هو من أكثر التجارب التي قد تؤ’لم الإنسان، لأنه يأتي مِن مَن كانوا يفترض أن يكونوا مصدر دعم وعون، عندما يخذلك مَن كان قريبًا منك، يتسـ.ـلل لقلبك شعورًا بالخذلان، ويُصبح الأ’لم مضاعفًا لأنه يترسخ في القلب والذاكرة، قد تكون التوقعات كبيرة في حين أن الواقع قد يكون مختلفًا تمامًا، الأقرباء قد يكونون أكثر قدرة على جر’حك لأنك تعتقد أن روابط الد’م يجب أن تكون أساسًا للوفاء والولاء، الخذلان من الأقرباء يجعل الإنسان يشـ.ـك في مفهوم الحُبّ والدعم، ويثير تساؤلات عن معنى الصلة الحقيقية، أحيانًا يكون الخذلان نتيجة لأحداث غير متوقعة، أو لأن شخصًا ما قد تغيَّرت أولوياته ومشاعره..
<“ضر’بةٌ قو’ية فوق الرأس بمئة شعور مِن الأ’لم.”>
الصمت هو سيد هذا المكان منذ قليلٍ مِن الزمن،
كانت “زُبيدة” تقف أمامه جسـ.ـدًا مجـ.ـمد، ورو’حًا مـ.ـيتة، وقلبًا نا’زفًا، وعقلًا لا يستوعب ما يحدث حتى تلك اللحظة، تثاقلت أنفاسها وأصبح ذلك واضحًا أمام عينيه حينما رأى ثقل حركة صد’رها الذي كان قبل قليل يعلو ويهبط، نظر إلى عينيها بعيناه الحزينتين، ترقرق الدمع في المُقل وأعتصـ.ـر الأ’لم قلبه حينما تيَّبـ.ـستها تلك الحالة المفاجئة التي أصا’بت قلبه بالخو’ف عليها..
_”زُبيدة” مالك، “زُبيدة” أنتِ كويسة؟ أنتِ سمعاني طيب أتكلمي أعملي أي حركة قولي أي حاجة تعرفني إنك معايا بس متسكوتيش كدا أنا قلبي بيتو’جع عليكِ.
أنهى حديثه وهو يرجوها بأن تكسـ.ـر حِدَّ’ة هذا الصمت وقول أيُ شيءٍ لهُ حتى لا يظل عقله يُفكر في مشاهد سو’دا’ء نهايتها مأ’ساوية، رفع كفيه يضعهما على كتفيها واقترب مِنها فاصلًا الخطى الفاصلة بينهما، ينظر إلى عينيها الشاردتين في نقطةٍ أخرى وعقلها في عالمٍ آخر بعيدًا كُل البُعد عنهُ، حاول معها مجددًا وهو يقول بنبرةٍ هادئة وحنونة في محاولةٍ مِنْهُ لإعادتها لهُ:
_”زُبيدة” أنطقي قولي أي حاجة ساكتة ليه كدا، عيطِ طيب، لو مش عارفة تتكلمي أو مش لاقية كلام تقوليه عيطِ، على الأقل أفهم إنك لسه معايا وسمعاني، “زُبيدة” عشان خاطري يا حبيبتِ متو’جعيش قلبي عليكِ أكتر مِن كدا أنا مش قادر أشوفك فالحالة دي، أتكلمي عشان خاطري، ز’عقي، صوَّ’تي، أعملي أي حاجة بس متفضليش ساكتة كدا عشان خاطري أنا.
أر’تمى في أحضانها محاوطًا إياها بذراعيه يضمها إلى د’فء أحضانه مشد’دًا مِن ضمته إليها، صمتها يُخـ.ـيفه بشـ.ـدة ويجعله يتصوّر أشياءٍ مستحيلة مِن المنطق أن تكون ممكنًا، وقد أدرك في هذه اللحظة أنَّهُ تسّرع وأر’تكب خـ.ـطًأ فاد’حًا حينما أخبرها بالحقيقة، ولكنهُ في النهاية كان سيُخبرها فلا يستطيع أن يُكذب عليها مهما كان الأمر معقـ.ـدًا ويستحيل قوله بكُلّ صراحة..
بينما عنها فقد كانت مصدومة، كانت لا تزال غير قادرة على استيعاب ما قاله، فمَن حر’مها مِن أمنيتها الوحيدة التي تمّنتها مِن هذه الحياة هي نفسها شقيقتها، أقرب الأقربين لها والتي تُجالسها وتسرد إليها الكثير والكثير، لا تُصدق أنها هي مَن طـ.ـعنتها غد’رًا في ظهرها الآن بعدما ما مرّت بهِ، شَعَرت بالد’وار يُسيطـ.ـر ويُفر’ض حصا’ره على رأسها بشكلٍ فا’ضح لترفع أمامه را’يات استسلا’مها وتسـ.ـقط في ظلا/مه وهي لا تعلم إن كانت ستستيقظ مجددًا أم لا..
ثقل جسـ.ـدها فجأةً بين ذراعيه وترا’خى في قبـ.ـضتيه ليبتعد قليلًا عنها وهو ينظر لها بقـ.ـلقٍ بائن على صفحة وجهه، لم يكُن أمامه حلًّا سوى أن يحملها بين ذراعيه ويتوّجه بها نحو الغرفة الهادئة خاصتهما، وضعها فوق الفراش ثمّ جسى فوق الفراش وحاول إفاقتها بضر’به على صفحة وجهها برفقٍ تزامنًا مع قوله المتوتر:
_”زُبيدة”، “زُبيدة” فوقي يا حبيبتِ، قومي يا “زُبيدة” الله يرضى عنك أنا مش هستحمل أكتر مِن كدا عشان خاطري، هند’م على اللحظة دي قدام أنا عارف كدا كويس.
أنهى حديثه وبحث حوله عن أيُ شيءٍ يجعلها تستعيد و’عيها مِن جديد ليسـ.ـقط بصره على زجاجة العطر الخاصة بهِ والتي تُد’من هي رائحتها، نهض مقتربًا مِن طاولة الزينة بخطى وا’سعة آخذًا الزجاجة بحركةٍ خا’طفة ثمّ عاد إليها مجددًا وجاورها في جلسته كما كان، فتحها ونثر مِنها القليل فوق يَده ثمّ قرّبها مِن أنفها داعيًا المولى عز وجل أن تستعيد و’عيها مجددًا وتعود إلى سابق عهدها..
_بسم الله، “زُبيدة” فوقي، أنتِ كويسة وزي الفُل مفكيش حاجة قومي يلا، يا بنتي.
بدأ اليأ’س يتمـ.ـلّك مِنْهُ حينما تلقى عدم الاستجا’بة مِنها مِمَّ جعله يشعُر بالإحبا’ط الشـ.ـديد وبدأ الخو’ف يتمـ.ـلّك مِنْهُ بشكلٍ صريح، ولكن لم يلبس سوى دقائق قليلة ورآها بدأت تستعيد و’عيها مِن جديد بعد أن تغلغلت الرائحة القو’ية داخل أنفها، بدأت تفتح عينيها مجددًا برفقٍ كي تعود إلى و’عيها بشكلٍ كامل ويطمئن قلبه هو عليها..
أغلق الزجاجة وتركها فوق سطح الطاولة التي كانت تجاور الفراش بعد أن رآها بدأت تعود إلى و’عيها ليقترب مِنها أكثر وهو يَمُد كفه الأيسر نحوها، لامست أنامله خصلاتها الناعمة السو’د’اء ليُعيدها إلى الخلف ويتركها تتسـ.ـلل فوق صفحة بشرتها النا’عمة حتى تظل وا’عية لِمَ يحدث حولها تزامنًا مع قوله الهادئ القلـ.ـق:
_”زُبيدة” طمني قلبي بالله عليكِ، أنتِ كويسة ولا حاسّة بأي تـ.ـعب.
الصمت كان جوابًا صريحًا على جميع أسئلته، هو يكر’ه هذا الصمت وهي لا تمـ.ـلُك سواه كجوابًا صريحًا لهُ، حاوط وجهها بكفيه وأجبـ.ـرها على النظر في عيناه التي كانت تملؤها الإصر’ار والو’عيد لمَن تجر’ءوا وقاموا بأذ’يتها بتلك الطريقة، نظر إلى عينيها وقال بنبرةٍ كانت تحمل وعدًا صادقًا لن يُخذ’لها هذه المرة:
_وعهد الله وأنتِ عارفة كويس أوي إنِ مبسكوتش عن حقِ ولا بسيبه برَّه ليلة واحدة بس، هيكون يومها أسو’د ومش هعديهالها بالساهل كدا بالذات المرة دي، أنا سكت كتير أوي قبل كدا وكانت لمَ تجر’حك بالكلام وتيجي تشـ.ـتكيلي أنا مبتكلمش وبعديها بس المرة دي مش هتعدي، سواء ليها أو للـ*** التاني اللِ كُنت مآمنله على نفسي حتى لو فيها مو’تي وربنا المعبود ما هتعدي، وبحق كُلّ دمعة نزلت مِن عينك وكُلّ و’جع حسيتي بيه أنا ما هعديها، ثقِ فيا يا “زُبيدة” وأنا مش هخذ’لك المرة دي.
وبرغم ما قاله إليها وتوعده لهما بالهلا’ك لم تُعطيه موافقتها، لم تسانده، لم تٌخبره أنها تُريد حدوث ذلك، كُلّ ما كانت تُريده هو شيئًا واحدًا فقط مِنْهُ تتمنىٰ أن لا يُخذلها، نظرت في عينيه ترى بهما عزيمة وإصر’ار لاستعادة الحق مِن أفواه الضبا’ع الجائعة لأول مرَّة تقريبًا، عينيها التي كانت تحمل ضـ.ـعفًا وخـ.ـيبة أمل وأ’لمٍ لن يتم مداواته بسهولة..
طلبًا واحدًا فقط كانت تُريده في هذه اللحظة حتى لا تشعُر بهذا الضعـ.ـف وتلك الغُصَّة التي تسكُن في قـ.ـلبها لا تأبى تركها، ترقرق الدمع في المُقل ورَجَتهُ بنبرةٍ تملؤها الضعـ.ـف قائلة:
_خُدني فحضنك يا “يعقـوب”.
مطلبًا هو بمثابة الحياة أو المو’ت بالنسبةِ إليها، فهو الآن أمامها طوق النجا’ة مِن الغر’ق في بحو’ر العذ’اب، ليست مستعدة لخسا’رته أو خسا’رة نفسها ولذلك أتخذته سببًا أولي لنجا’تها مِن الغر’ق، وعنهُ فلم يبخـ.ـل عليها، لم يتأخر في تلبية هذا المطلب، فتلك أول مرَّة تضعـ.ـف هي بها ويكون هو المنقذ لها، اقترب مِنها وضمها دون أن يتحدث أو يُفكر مرتين في الأمر، أخذها إلى عالمه الخاص، هذا العالم الذي هو بهِ الحا’مي..
بمثابة أن ضمها شَعَر بذراعيها تحيطان بهِ بقو’ة وكأنها تُحاول إرسال القليل مِمَّ تشعُر بهِ إليه، مسح فوق ظهرها برفقٍ واقترب مِنها يُلثم رأسها بحنوٍ وكأنه يؤكد على حديثه ووعده لها..
وبعد مرور القليل مِن الوقت،
أبتعد عنها بعد أن شَعَر بانتظام أنفاسها ينظر لها ليراها غَفَت دون أن تشعُر بنفسها، استقام واقفًا على قدميه ووضع الغطاء الثقيـ.ـل فوق جسـ.ـدها يدثره جيدًا واطمئن عليها ثمّ تركها وخرج مغلقًا الباب خلفه، اقترب مِن الشرفة بخطى هادئة ليقف أمام السو’ر الحد’يدي ينظر إلى شوارع وأزقة حارته بهدوءٍ لم يعهده مِن قبل وعقله قد تولى الأمر هذه المرة وبدأ يُفكر في خطوته القادمة..
في إحدى شقق الحارة،
كانت “رانيـا” تجلس فوق الأريكة بغرفة المعيشة وأمامها طاولة متوسطة الحجم يعلوها رسمة مثلثية وفوقها وعلى نطاقها الشمو’ع السميكة، كانت تنظر لها بتدقيق وبين الحين والآخر تُجحظ عينيها قليلًا بطريقةٍ مـ.ـخيفة، كانت تتأمل صورة شقيقتها منذ قرابة الخمس دقائق وتشعُر بحرا’رة بجانبها وتسمع همسات تد’فعها لفعل ما أنتوت عليه، فتلك فرصتها بعد خروج “سلمان” وصغيريه مِن الشقة لزيارة والدته..
همساتٌ شيطا’نية د’فعتها لار’تكاب جر’مًا لن يُغتفر، سحبت الصورة بكُلّ هدوء وهي تتأمل شقيقتها التي ستكون ضحـ.ـيتها في تلك اللحظة بسبب تفكيرها المر’يض وطواعيتها للشيطا’ن الذي كان يرسُم الطريق أمامها وهي فقط تتبع خط السير بكُلّ يُسرٍ، أخذت تلك العروس الصغيرة الخاصة بتلك الأشياء ووضعت صورة شقيقتها على جسـ.ـد العروس بعد أن قررت فعل ما بدأته، أخذت قطعة قماش ر’فيعة ور’بطتها بها بقو’ة..
هدفها كان واضحًا فهي الآن تُحاول سحبها إلى هذا الطريق معها حتى تجعلها تؤمن بهِ مثلها وتُصبح نسختها الأسو’أ، تأ’لمت “زُبيدة” في نومتها بعد أن داهمها أ’لمًا سا’حقًا في معدتها وهذا يعود إلى تلك الشيطا’نة التي كانت سعيدة بما تفعله، أخذت القلم الحبـ.ـري الأحمـ.ـر وأول كلماتها كانت بمنطقة أسفـ.ـل البطـ.ـن وكانت تعلوها كلمة _مر’ض_ وبعدها بدأت تكتُب كلماتٌ وأحرفٍ صغيرة مختصرة على أنحاء جسـ.ـد العروس..
بينما لم يكُن الأمر بسيطًا على “زُبيدة” التي ظنت أنهُ مجرد أ’لمًا بسيطًا وسيزول، بل الأمر أصبح أسو’أ بعد أن شَعَرت بجسـ.ـدها مكـ.ـبلًا بالكامل وكأن شيئًا ما يتـ.ـملّك مِنها دون أن تراه هي، حتى صوتها لا تستطيع إخراجه، الأمر كان وكأنه يُشبه بشيءٍ يُفرض سيطـ.ـرته على ما يُحب إمتلا’كه لهُ، لحظات قليلة في هذا الأ’لم والصرا’ع الصامت أمام شيءٍ تجهله حتى هذه اللحظة حتى استكان جسـ.ـدها فجأةً وسقـ.ـطت هي دون أن تنهض مجددًا..
تركت “رانيـا” العروس جانبًا بعد أن أنهت مهمتها والسعادة تغمُر قلبها بعد أن أنهت ما كانت تنوي عليه ونجاحها لفعل هذا الأمر منتظرةً سماع آخر أخبار شقيقتها وزوجها بالانفصا’ل وسقو’ط شقيقتها دون عودة فمنذ زمنٍ كانت تُحب “يعقـوب”، بل كانت تعـ.ـشقه وتراه حياتها وسر سعادتها، كانت تُحاول إغو’اءه دومًا حتى ينتبه لها، ولكنهُ لم يكُن يرى سوى “زُبيدة” في هذه الأثناء..
كانت أول امرأة تجذ’به بتلك الطريقة وتجعله لا يستطيع رؤية أخرى سواها، وحينما عَلِمَت هي جُـ.ـن جـ.ـنونها وحاولت كثيرًا أن تظهر أمامه أكبر وقتٍ ممكن حتى وصل الأمر بها لإنسا’به جر’يمة ليس لهُ يَدٌ بها وحينها تمت معا’قبتها هي حين معرفتهم أنهُ كان ملعو’بًا حقيـ‘ـرًا مِنها، وحتى قرر هو أخذ خطوة جادة تجاه “زُبيدة” وفي ليلةٍ وضحاها رأته يطلب شقيقتها بدلًا مِنها وبعدها يتزوجها أمام عينيها ببساطةٍ ويُسر وكأنه يتعمد تجا’هلها..
حتى قررت منذ هذا اليوم بأن لا تدع لهما يومًا يسعدا بهِ معًا وجعلت هذه السنوات جحـ.ـيمًا عليها بعد أن استعانت بـ “فتـوح” طرفًا في هذه اللعبة الحقيـ.ـرة ومع مرور الوقت أستطاع “فتـوح” جذ’به إلى طريقه بكُلّ سلاسة وتد’مير حياته دون أن يشعُر الآخر بأيُ شيءٍ، والآن أكملت طريقها حتى لا يتحقق حُلم شقيقتها وتمتلك طفلًا يكون أبيه هو حبيبها الذي أصبح اليوم برغم كُلّ ذلك عشـ.ـقًا لا يُمكن نسيانه.
________________________
<“بداية الطريق كان أملًا، بدايته كان سراجًا.”>
النهاية لم تكُن يومًا لنهاية أيُ شيءٍ،
النهاية كانت البداية لحياةٍ أُخرى تنتظر المعا’فرة لأجلها، الحياة كانت عبارة عن فرصة، وبدايتها كان أملًا وسراجًا..
في أُمسية اليوم،
كانت “مهـا” تجلس فوق الأريكة وعلى قدميها حاسوب “سـراج” الآلي تعمل عليه بعد أن سمح إليها بالعمل وكان اليوم هو يومها الأول وكان بمثابة تدريبًا بسيطًا لها كي تعتاد على طبيعة العمل، كانت تُحاول أن تتجنب الأخطا’ء طيلة الوقت حتى تشعُر أنها قد تعلّمت شيئًا، بينما كان “سـراج” يجاورها بوقفته وهو يختبر الروبوت للمرة الأخيرة قبل حفل الافتتاح المقرر إقامته بعد يومين..
نظر إليه “سـراج” بعد أن أعاد برمجته ليسمعه يقول بآلية:
_أهلًا بك، أنا هُنا لتقديم المساعدة أخبرني كيف يُمكنني مساعدتك اليوم ..!!
جاوبه “سـراج” بعد أن نظرت لهُ “مهـا” التي إنجذ’بت لهذا الروبوت:
_أديني معلومات رئيسية عن شركة “آل مُحمَّدي” وخصيصًا فرع صناعة التُحَف.
جاءته المعلومات في الحال بعد أن أخبره بمطلبه قائلًا بسلاسة وآلية:
_أكيد، شركة “آل مُحمَّدي” هي الشركة الأم ويتبعها سلسلة شركات تانية لمجالات مختلفة وتحديدًا فرع تصنيع التُحَف، هي مِن أكبر المنافسين في العصر الحديث، شاملة تصنيع حاجات كتير جدًا ومختلفة أبرزها صناعة الحديد والصُلب وصناعة السيراميك المعروف في السوق بسيراميك ASR وهو اختصار لإسم مالك الشركة البشمهندس “عـدنان سُلَّيم رجب” الشهير بـ “عـدنان آل مُحمَّدي”وهو مهندس كان شاطر جدًا في إدارة السوق وتسويق شركاته اللِ أصبحت دلوقتي مِن أكبر وأعرق الشركات على المستوى المحلي والعالمي..
_ومِن أبرز فروعها في الوقت الحالي هو فرع تصنيع التُحَف، فرع متميز بيصنّع تُحَف مِن أي حاجة قديمة وبقت خُردة آخر تُحفة تم تصنيعها كانت طرابيزة مِن برميل كبير قديم أصبح غير قابل للاستعمال تم تحويله لطرابيزة بمقعدين مريحين والاختراع دا برغم بساطته لكن عمل شُهرة كبيرة أوي فالسوق وأصبح الطلب عليه كبير لأن الناس شايفاه عمل فني كان بعيد كُل البُعد عن العقل.
شَعَر “سـراج” بالرضا بعد أن تم أختباره ونجح لينظر إلى “مهـا” التي قالت بنبرةٍ هادئة:
_حاجة تُحفة أوي، أنا مستبشرة خير يا “سـراج” أنتَ تـ.ـعبت كتير أوي عشان يطلع بالشكل المطلوب والحمدلله أهو شغال كويس والمعلومات فيه مش قليلة أبدًا.
أخرج زفيرة هادئة ونظر إلى الروبوت قائلًا:
_برمجته مكانتش سهلة يا “مهـا” خالص خد مجهود كبير أوي مِني والحمدلله إنُه زي الفُل كان لازم أختبره قبل حفل الافتتاح اللحظة دي هتفرق جامد أوي معايا وأنا لازم أستـ.ـغلها صح، أدعيلي أنتِ بس والمشروع دا ينجح والروبوتات دي تروح لشركات عالمية برَّه وأنا أوعدك إنِ هدلعك آخر دلع كُلّ اللِ تتمنيه هيكون عندك.
أبتسمت هي وجاوبته بنبرةٍ هادئة وصادقة:
_أنا ميهمنيش فلوس خالص يا “سـراج”، أنا اللِ يهمني بجد هو أنتَ، فرحتك بنجاح المشروع وتقديمك فالحفل دا عندي بكنوز الدُنيا كُلّها المهم إنك تنجح وتكبر أكتر ويبقالك كيان كبير ويجيلك الطلب مخصوص مِن الناس اللِ هي هاي هاي دي وأنا بقى أفضل رايحة جايَّة حواليك أبخرك وأرقيك لاحسن أخا’ف عليك مِن شـ.ـر العين لو جرالك حاجة لقدر الله أنا واللِ فبـ.ـطني هنتشـ.ـرد مِن غيرك يرضيك يا “سـروجتي” أتشر’د أنا وابنك فالشوارع.
رنت ضحكته عاليًا بعد أن أستمع إلى حديثها ورأى أسلوبها الذي يراه لأول مرَّة منذ أن ألتقى بها، ترك ما يفعله واقترب مِنها يجاورها في جلستها، حاوطها بذراعه الأيسر ونظر إلى عينيها وقال بنبرةٍ هادئة ووجهٍ مبتسم:
_إيه الدلع دا كُلّه، هو الحمل بيغيَّر مود السـ.ـت بجد للدرجة دي، يعني أنا أفهم مِن كدا إنك خا’يفة العين تصيـ.ـبني وأروح فيها فتقومي تتشر’دي، يعني أنتِ خا’يفة تتشر’دي ومش خا’يفة يجر’الي حاجة.؟
شـ.ـهقة صغيرة خرجت مِنها بعد أن أستمعت إلى حديثه لتُنكر ذلك فورًا بقولها:
_لا أنا مقصدش كدا، أنا أخا’ف عليك أنتَ طبعًا هو أنا ليا مين غيرك يعني يا “سروجتي”، بُص هصارحك بقى عشان مفضلش ألف وأدور عليك كدا كتير، أنا عايزة مِنك تعملي واحد زي الروبوت دا بس يساعدني فشغل البيت حاكم الأيام بتجري وشوية هتلاقيني ماشية فالسادس مش هقدر على شغل البيت.
منذ أن بدأت بمصارحته ولانت نبرة صوتها إلى الرِقة حتى لا ير’فض أمامها مطلبًا ويوافق دون تفكير، أتسعت بسمته على ثَغْره وضمها إلى د’فء أحضانه تزامنًا مع قوله الهادئ:
_أنتِ بالذات مقدرش أقولك على حاجة لا، أطلبي مِنُه أي حاجة كدا.
نظرت إليه لتراه يحسها على طلب أيُ شيءٍ مِنْهُ ولذلك سألته أولًا قبل أن تطلب مِنْهُ شيئًا:
_طب هو أسمه إيه؟ أكيد لِيه أسم.
_أسمه “جـواد”.
أعجبها الإسم ولذلك قالت بنبرةٍ حما’سية وهي تنظر لهُ:
_الإسم حلو أوي، إيه رأيك لو جبنا ولد نسميه “جـواد”.
فكّر قليلًا في الإسم بعد أن أقترحته هي عليه بحما’سٍ غريب يراه لأول مرَّة، نظر لها نظرةٍ ذات معنى وقال:
_”جـواد” أسم حلو مش و’حش برضوا، “جـواد سـراج عبدالمطلب زكريا”، تصدقي حلو.
_أنا ما بقولش حاجة و’حشة يا “سـراج”.
نظر لها بطرف عينه نظرةٍ ذات معنى ثمّ أبتسم لها وبعدها أشار تجاه “جـواد” يُذكّرها بطلب أيُ شيءٍ مِنْهُ، ولذلك نظرت إليه هُنَيهة ثمّ قالت:
_”جـواد”.
حرّك رأسه بشكلٍ آلي لينظر إليها تزامنًا مع قوله:
_نعم، أؤمري.
نظرت “مهـا” بطرف عينها إلى “سـراج” بوجهٍ مبتسم ثمّ نظرت إليه وقالت بنبرةٍ هادئة:
_محتاجة كوباية ميَّة ممكن.
_أكيد.
هكذا جاوبها ثمّ تركها وأتجه نحو المطبخ بخطى ثابتة، أتسعت بسمةُ “مهـا” حتى أصبحت ضحكات خفيفة، رفعت رأسها تنظر إلى “سـراج” الذي بادلها نظرتها بأخرى حنونة وكفه الأيمن يسير على خصلا’ت شعرها النا’عم برفقٍ، بينما هي قررت أن تُطالبه هي كذلك بهِ قائلة:
_”سـراج” أنا عايزة واحد هنا مش هتنا’زل عنُه، لذيذ ومش هيـ.ـتعبني أول ما هطلب مِنُه حاجة هيوافق على طول مِن غير ما يتعـ.ـبني.
نظر لها هو نظرةٍ ذات معنى ثمّ قال بنبرةٍ هادئة:
_لا هيتـ.ـعبك، أستني هوريكِ.
جاء “جـواد” حاملًا كوب الماء ليقف أمامها ويَمُد يَده بهِ تزامنًا مع قوله:
_الميَّة يا “مهـا”.
أخذت الكوب مِنْهُ شاكرةً إياه بوجهٍ مبتسم بشوش، بينما نظر “سـراج” إلى “جـواد” وقال بنبرةٍ هادئة:
_”جـواد” ممكن تعمل فحص شامل لـ “مهـا”.
تعجبت “مهـا” ونظرت إلى زوجها لتسأله قائلة:
_فحص شامل أزاي يعني، هو مش المفروض دا بتاع شغل شركات ..!!
لم يُجيبها بل أنتظر قليلًا حتى يحين موعد جواب هذا السؤال، بينما نظرت هي إلى “جـواد” الذي أجرى لها فحصًا شاملًا في غضون دقائق ثمّ قال بنبرةٍ آلية:
_صحة المـ.ـخ كويسة جدًا لمعا’لجة النسيان شرب ميَّة كتير وفيتامينات، حالة الجسـ.ـم كويسة بس لازم تهتمي بالأكل والفيتامينات كويس عشان صحة الجنين وصحتك وتهتمي بعدد السعرات الحر’ارية اللِ لازم تدخل الجسـ.ـم كُلّ يوم.
نظرت “مهـا” إلى “سـراج” الذي أبتسم ووجّه حديثه لها قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_إيه رأيك، عارف كُلّ حاجة مهما طلبتي مِنُه هيعمله.
نظرت “مهـا” إلى “جـواد” هُنَيهة ثمّ أبتسمت بسمةٌ واسعة على ثَغْرها بعد أن وجدت راحتها في الأيام القادمة وكان الفضل يعود إلى زوجها الذي كان دومًا يبحث عن راحتها في المقدِّمة.
____________________________
<“لم يُقيـ.ـد حُـ.ـريتها، بل جعلها ترفرف في سما’ء الحُـ.ـرية.”>
لم يكُن مصدرًا لتقييـ.ـد الحُـ.ـرية،
بل كان أكثر سلاسة وبساطة معها، كسـ.ـر قيو’دها بالكامل وتركها فوق أرض الحُـ.ـرية تركض وتحظى بحُـ.ـريتها تحت سماء لم تعلم سوى الحُـ.ـرية..
كانت “تسنيم” تجلس فوق الفراش تنظر إلى “رمـزي” الذي كان يجلس فوق المقعد أمامها ممسكًا بمصحفه الذي كان يقرأ بهِ بصوته العذب الذي كان يرن في أُذُنيها، كانت تضغـ.ـط على كفيها بتوترٍ وقلـ.ـق أصا’بها منذ باكورة الصباح، وهذا أفضـ.ـح شرودها، أغلق رمزي المصحف بهدوء ثمّ نظر إليها مبتسمًا وقال:
_مالك يا “تسنيم”؟ شايفك مش على بعضك.
تنهدت وهي تخفض بصرها حتى لا تصطـ.ـدم عينيها بعيناه وقالت بنبرةٍ هادئة:
_مش عارفة، بس حاسّة بخو’ف كده، مش عارفة ليه.
اقترب مِنها “رمـزي” ثمّ جلس بجوارها وأمسك بيديها بحنان وقال بنبرةٍ د’افئة كعادته:
_طالما أنا جنبك ليه الخو’ف؟ نسيتِ حديث النبي ﷺ: لو اجتمعت الإنس والجن على أن يضر’وك بشيءٍ، لن يضر’وك إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك.؟
لحظة ورفعت رأسها تنظر إلى عينيه بامتنان، فهو دومًا يتخذ منهج الحنان طريقًا مُيَّسرًا معها، أبتسمت لهُ بسمةٌ هادئة ونا’عمة ثمّ قالت:
_عارفة، بس ساعات بحسّ الدنيا بتضيـ.ـق عليا.
مسح هو على رأسها برفقٍ وقال بنبرةٍ حنونة:
_وأنا موجود عشان أوسعهالك، “تسنيم” أنتِ أما’نة عندي، وأنا بحبك حُبّ مش بس مِن القلب، حب لله وفي الله، لو في ضيـ.ـق هنعديه سوا، ولو في فرح هنعيشه سوا.
ترقرق الدمع في المُقل بعد أن أستمعت إلى حديثه وسكنت الابتسامة فوق ثَغْرها، برغم كُلّ ذلك مازال يُحاول أن يُطمئنها كلما سكن الخو’ف قلبها، وبرغم ذلك سكنت مخا’وفها في حضن قلبه الذي كان دائمًا لها ملاذًا آمنًا، وضعت رأسها فوق كتفه وحاوطت بذراعها عُنُـ.ـقه مغمضة العين بعد أن بدأت رائحة المسك الهادئة تتغلغل داخل أنفها، بينما حاوطها هو بذراعيه يضمها إلى د’فء أحضانه تاركًا كفه يمسح فوق خصلا’ت شعرها الأسو’د النا’عم..
_مش عايزك تسلمي نفسك للخو’ف يا “تسنيم”، أنا جنبك المفروض متخا’فيش دي هتبقى عـ.ـيبة كبيرة أوي فحقي، طب حفاظًا على شكلِ اللِ مر’مغتي بيه الأرض دا.
مازحها بحديثه في النهاية لتضحك هي وتقرر ممازحته كذلك بقولها:
_ومش عـ.ـيبة فحقك لمَ تكون متعاقد مع شركة المسك ومتدنيش أزازة واحدة حتى.؟
ضحك هو وجاوبها بوجهٍ مبتسم بعد أن نظر إليها قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_هو أنا منـ.ـعتك تاخدي مِن المسك بتاعي؟ وبعدين أنا مسمحلكيش تغـ.ـلطي فيا بالطريقة دي، أنا الوحيد اللِ بياخد مِنُه مسك عمومًا لدرجة إنُه حفظني وبقى بيجهزهالي عشان أول ما أروحله أخُدها على طول.
رفعت رأسها قليلًا حتى تستطيع رؤيته بشكلٍ أوضح لتمنحه بسمةٌ صا’فية وتُجيبه بنبرةٍ هادئة حنونة:
_ولو ملقتش أنا أجيبلك دستة مِنُه، بسببك أنا أد’منته على فكرة وبقيت لازم أشمه فأي مكان.
_طب الحمدلله عملت إنجاز حلو يستحق التقدير.
عادت تضحك وتُطرب أُذُنيه بضحكاتها الرنانة التي أصبحت أد’مانًا بالنسبةِ إليه يجب أن يسمعها كُلّ يوم، دام الصمت بينهما قليلًا وسكنت بينهما لحظة هدوء عابرة حتى قرر هو كسـ.ـرها بقوله الهادئ:
_بقولك إيه، ما تيجي نتسابق.
استنكرت قوله ولذلك قالت بنبرةٍ هادئة:
_نتسابق !! بس يا “رمـزي” إحنا كبرنا على الحاجات دي.
نهض واقفًا على قدميه أمامها ومدّ يَده لها قائلًا بنبرةٍ هادئة ووجهٍ مبتسم:
_ومين قال كده؟ النبي ﷺ كان بيسابق السيدة “عائشة” حتى بعد مرور سنوات على زواجهم، يلا، وريني شطارتك.
نظرت إليه نظرةٍ ما”كرة ثمّ مدّت كفها تُمسك بكفه تزامنًا مع وقوفها على قدميها أمامه، أخذها ووقفا على مقدِّمة الغرفة مشيرًا نحو الخارج قائلًا:
_مِن هنا لحد الصالة، الطُرقة طويلة يعني تنفع.
نظرت هي إلى غرفة المعيشة قليلًا ثمّ نظرت إليه مجددًا ترى الحما’س في عينيه ولذلك وافقت على قوله وأخذت وضعية الاستعداد قائلة:
_ماشي وأنا موافقة، بس مش عايزة غـ.ـش عشان منزعلش.
نظر لها والبسمةُ تعلو ثَغْره ليَمُد يَده تجاه خصلا’ت شعرها التي كانت معقو’دة بجديلة رقيقة ليسحب ر’بطتها برفقٍ وتنسدل خصلا’تها السو’د’اء خلف ظهرها بنعومة، برر فعلته بقوله الهادئ:
_شعرك وهو مفرود أحلى بكتير.
أرتسمت بسمةٌ وا’سعة على ثَغْرها ثمّ قالت:
_مستعد؟ ١ .. ٢ .. ٣.
وبعد أن أنهت العد ركض هو سريعًا نحو غرفة المعيشة ولَحِقَت هي بهِ تُحاول تجاوزه لتُصبح محاولتها فا’شلة بعد أن وصل هو قبلها، ألتفت لها ضاحكًا وهو يلهث بخفة لتشاركه الضحك قائلة:
_إيش حال لو معدتش يعني، أنا اللِ المفروض كُنت أكسب.
رفع كتفيه قليلًا وأنكـ.ـر قولها بقوله الهادئ:
_الحياة مش دايمًا مكسب يا “سُكّر”، مرَّة “رمـزي” يكسب، مرَّة “تسنيم” تخسـ.ـر، ويفضل العامل الثابت فالليلة دي العقا’ب، ها .. تحبي تتعا’قبي أزاي يا حياتي.؟
نظرت إليه نظرةٍ حذ’رة بعد أن رأت المكـ.ـر في عينيه لتعلم أن العقا’ب لن يكون هينًا خصيصًا أنها الطرف الخا’سر الآن، بدأ يقترب مِنها بخطى هادئة وهو يُفكر بصوت عالِ:
_تعا’قبها بإيه يا “رمـزي”، تعا’قبها بإيه … بس لقيتها، هتعمليلي أكلة بحبها.
ظنّت أن العقا’ب سوف يكون قا’سيًا في بادئ الأمر ولكن حينما أخبرها بمطلبه رأت العقا’ب أصبح مقبولًا، ولكنها أحبت مشا’كسته قليلًا ولذلك أبدت بمعا’رضتها أمامه قائلة:
_آه أنتَ بتستغـ.ـلني بقى يا “رمـزي”.
حرّك رأسه برفقٍ ينفي قولها بقوله الهادئ:
_لا يا حبيبتي هو مش استغلا’ل، دا أسمه ذكاء والنبي ﷺ كان بيحب الأكل مِن إيد زوجاته، وأنا بقى بعشـ.ـق أكلك ريحته بس كفيلة تخلّيني ما أكلش مِن إيد حد تاني غيرك.
يعلم جيدًا كيف يُسعدها بكلماته البسيطة وأفعاله التي تجعلها تشعُر وكأنها تعيش تلك اللحظات لأول مرَّة معهُ، ترقرق الدمع في المُقل وقد فصلت المسافة بينهما بأقترابها مِنْهُ ومعانقته، استقبلها هو بصدرٍ رحب محاوطًا إياها بذراعيه يمسح على ظهرها برفقٍ لتسمعه يقول بنبرةٍ هادئة:
_كُلّ اللِ يهمني سعادتك معايا، مش عايز ييجي علينا يوم تقولي فيه إنِ عيشتك أسو’أ يوم فحياتك، بيني وبين ربنا عهد مش عايز أخا’لفه مهما حصل.
أرتسمت بسمةٌ حنونة على ثَغْرها وهي لا تعلم إلى أين سيصل عـ.ـشقها إليه بعد الآن فحتى هذه اللحظة أصبحت لا تُريد سوى قُربه مِنها دائمًا فهذا كان عوضًا عن ما رأته مع آخرٍ لا يعلم كيف يرى النساء سوى خا’دماتٍ لأمثاله، وإن قارنت بينهما فستظلـ.ـم “رمـزي” كثيرًا بها فهو لا يُمكن أن يُقارن بهِ مهما حدث، أبتعدت عنهُ قليلًا لتنظر لهُ مبتسمة الوجه ثمّ مازحته بقولها:
_قولي بقى يا سي الشيخ، عايز تاكل إيه مِن إيدي.
فكّر هو قليلًا في الوجبة التي يُريد تناولها قائلًا:
_بما إن دا عقا’ب مش طلب، فلازم أختار أكلة تقيـ.ـلة تاخد وقت ومجهو’د.
تبدلت تعبيرات وجهها في لحظة وهي تنظر لهُ بعد’م رضا لتمنحه ضر’بة خفـ.ـيفة على ذراعه قائلًا:
_دا أزاي بقى يعني، مِن شوية عمال تقول النبي كان بيعامل زوجاته وبيساعدهم وبيعمل أي حاجة لنفسُه عشان راحة زوجاته ودلوقتي أنا مش شايفة غير واحد تاني عكس اللِ كان بيتكلم مِن شوية.
ضحك هو عاليًا بعد أن أستمع إلى حديثها ليحاوطها بذراعه الأيسر وهو يشا’كسها بوجهٍ مبتسم:
_بهزر معاكي مالك قفـ.ـشتي كدا ليه فجأة، خلاص أنا مش هطلب حاجة تقيـ.ـلة عليكِ، عايز تشيز كيك.
نظرت إليه نظرةٍ ذات معنى وقالت:
_بس دا أنا بعمله لمَ أجي أصالحك، كدا هتبو’ظلي السيستم.
ضحك هو وقد جاوبها بنبرةٍ ضاحكة قائلًا:
_ما أنتِ ممكن بقى تز’عليني وتروحي تعمليه وتصالحيني عشان السيستم بتاعك ميبو’ظش.
_لا أطلب غيره، مش عايزين أي حاجة تضا’يقنا أو تبوّ’ظ فرحتنا دي أنا مصدقت بصراحة.
عاد يُفكر مجددًا في شيئًا آخر غيرها ليقول بعد لحظات مِن الصمت:
_بس لقيتها، أنا بقالي يومين نفسي هفاني على صنية مكرونة بشاميل، فرصتك أهي وجَت لحد عندك.
وافقت دون أن تُفكر مرتين قائلة بنبرةٍ هادئة مبتسمة الوجه:
_ماشي وأنا موافقة، هعملك بُكرة أحلى صنية مكرونة بشاميل وبالفراخ كمان.
_دا أنتِ كدا مدلعاني وراضية عنّي بجد بقى.
مازحها وهو ينظر لها لتضحك هي وتُجيبه بنبرةٍ هادئة قائلة:
_وأنا ليا مين غيرك أدلعه يعني يا سي الشيخ.
_يمين بالله سي الشيخ معرفش يحب قبل كدا.
هكذا جاوبها مصارحًا إياها بتلك الحقيقة التي أكتشفها معها بعد مرور الأيام بينهما، فهو معها يحظى بالحياة التي تمناها ويُحقق أحلامه معها، هو كان يحلُم وهي أتت لتُنفذ أحلامه وتجعلها وا’قعًا ملمو’سًا، كلاهما مختلفين، ولكن جمعهما الحُبّ سويًا، فكان هو خيرُ الزوج الذي كانت تتمناه منذ زمنٍ، وكانت هي بالنسبةِ إليه عالمه الخاص وملاذه الذي يلـ.ـجأ لهُ متى يشاء.
__________________________
<“سـ.ـقط مرَّة ونهض محاولًا التعلُم مِن هذه الأخطا’ء.”>
مع مرور الوقت تحسنت صحة “ثُريا” بشكلٍ ملحوظ بعد أن داهمتها وعكة صحية جعلتها طر’يحة فراشها لمدة أسبوع كامل، كان “حسـن” يجاورها في جلستها يتحدث في هاتفه مع رفيقه في العمل، كانت “ثُريا” تنظر إليه طيلة الوقت تتابعه دون أن تتحدث وهي تُفكر كيف ستتحدث معهُ بخصوص “نورا” وما حدث بينهما قبل وعكتها الصحية..
وبعد مرور القليل مِن الوقت،
أنهى حديثه معهُ وأغلق المكالمة بوجهٍ مبتسم، نظرت إليه بهدوء قليلًا بعد أن قررت محادثته بشأن هذا الأمر قائلة:
_”حسـن” أنا كُنت محتاجة أتكلم معاك فموضوع ضروري.
أنتبه لها بعد أن جذ’بت انتباهه بحديثها ليسألها عن الأمر بقوله الهادئ المتسائل:
_قولي يا “ثُريا” بقى أنتِ اللِ بتستأذني مِني عشان تتكلمي معايا، إيش حال لو أنا معرفكيش يعني، قولي عايزة تتكلمي معايا فأيه.؟
أخذت هي نفسًا عميقًا ثمّ زفرته بهدوءٍ وقالت بنبرةٍ هادئة:
_أنا عايزة أتكلم معاك فموضوعك أنتَ و “نورا”، مِن ساعتها ومفيش بينكم أي أخبار ولا عودتوا زي الأول يا ابني وأنا مش حابة كدا، طب لو مش عشانكم عشان خاطر الو’اد دا، حرام يتظـ.ـلم بينكم كدا يا “حسـن”، عارف أنا كُلّ اللِ فارقلي دلوقتي هو الو’اد الصغير دا و “نورا” بس أنتَ لا عشان أنتَ غـ.ـلطان والغـ.ـلط كُلّه عليك.
أخذ نفسًا عميقًا ثمّ زفره بعمقٍ ومسح فوق وجهه بكفه وألتزم الصمت قليلًا بعد أن عادت والدته تُذكّره بتلك الدائرة التي لم يخرج مِنها حتى هذه اللحظة ولا يعلم كيف يُصلح كُلّ ذلك، نظر لها وكسـ.ـر هذا الصمت بقوله الهادئ:
_أنا عارف إنك مش متعاطفة معايا وشيفاني الغـ.ـلطان وأنا مش هنكر دا أنا فعلًا غـ.ـلطان والغـ.ـلط راكبني مِن فوق لتحت كمان، أنا حاولت أفتح كلام معاها وأحاول أصلّـ.ـح الوضع بينا شوية بس هي را’فضة، واخدة جنب مِني وكُلّ ما أجي أكلمها تسيبني وتبعد، أنا بدأت أتخـ.ـنق حتى مبقتش بترضى تنام جنبي، بتاخد “مُراد” وتدخل أوضته وتقفل الباب تفضل قعدة معاه جوّه وأنا لوحدي برَّه، كُلّ يوم أدخل عليها ألاقيها نايمة معاه والموضوع دا مش عاجبني ولا مر’يحني أنا مش حابب كدا مهما كان اللِ بينا مينفعش تسيبني كدا وتنام جنب أبنها.
نظرت إليه “ثُريا” نظرةٍ ذات معنى ثمّ قالت:
_يعني أنتَ مضا’يق عشان مبقتش تقعد معاك فمكان واحد ومبقتش تنام جنبك، مش مضا’يق إنها شا’يلة مِنك جا’مد ومش قاد’رة حتى تديك فرصة وتتكلم معاك، أنتَ غـ.ـلطت ولازم تتحمل أي رد مِنها عشان غـ.ـلطك مش سهل وهي أستحملتك كتير أوي وبصراحة أنا معاها فأي حاجة تعملها مهما كانت عشان تتربى وتعاملها حلو بعد كدا دي بنت ناس مش جاية مِن الشارع يعني أما’نة معاك، شوف “رمـزي” بيعامل “تسنيم” أزاي مخليها ملكة مش محتاجة حاجة ولا مرَّة أشتـ.ـكت مِنُه أو راحت لأهلها غـ.ـضبانة، غير مِنُه يا “حسـن” هو مش أحسن مِنك فحاجة و “نورا” مش و’حشة عشان تتعامل معاملة زي دي، أتغيّر شوية يا “حسـن”، أتغيّر شوية يا ابني وعاملها حلو واحتويها هتلاقي مِنها الحُبّ والدلع كُلّه، جرّب مش هتخسـ.ـر حاجة.
كان يستمع إليها طيلة الوقت دون أن يتحدث، لم يجر’ؤ على التحدث أو قول حرفٍ واحد فهي محقة في كُلّ شيءٍ، كُلّ ما كان يؤ’لم قلبها هي “نورا” التي كانت أكثر مِن زوجة لهُ فلم ترى مِنها سوى الحُبّ والاهتمام والعطاء، لم تقف بصف ولدها هذه المرة، فهي تعلم أنَّهُ مخـ.ـطئ هذه المرة وخـ.ـطأه لا يُغتفر ولذلك أرادت أن توعيه قليلًا حتى لا يجد نفسُه يومًا داخل دائرة سو’د’اء لا مخرج مِنها..
_حاضر ياما، هتكلم معاها وهحاول مرَّة و ٢ و ١٠.
نظرت إليه “ثُريا” نظرةٍ ذات معنى ثمّ قالت بترقبٍ:
_”حسـن”، هو أنتَ عامل حاجة مِن ورايا ومش عايز تقول.
تفاجئ “حسـن” الذي نظر إليها بعد أن صارحته، ابْتَلَـ.ـعَ غُصَّته وز’اغت نظرته بعد أن كُشِفَ أمره، أخذ نفسًا عميقًا ثمّ زفره بهدوءٍ وقال بنبرةٍ هادئة:
_حاجة زي إيه ياما، مش مخبي حاجة.
أعتدلت في جلستها ونظرت إليه نظرةٍ ذات معنى وقالت:
_لا مخـ.ـبي وعنيك فضـ.ـحاك كمان، لو عامل حاجة مِن ورايا قول وألحـ.ـق نفسك قبل ما الدنيا تطر’بق فوق راسك وتخسـ.ـر اللِ وراك واللِ قدامك.
حاولت محا’صرته وغلق الدائرة عليه حتى لا يهرُ’ب مِنها فهي تعلمه جيدًا وتعلم أنَّهُ ليس سهلًا في الإفصا’ح عن أخطا’ءه، نظرت إليه بتمعن وقالت:
_الموضوع في واحدة تانية يا “حسـن” مش كدا.
صُدِ’مَ “حسـن” وجحظت عيناه بعد أن صارحته والدته بالحقيقة التي سعى لإخفا’ءها حتى لا يتم كشـ.ـفه، نظر لها ليرى نظرتها التي تبدلت وأصبحت أكثر مكـ.ـرًا بعد أن كشـ.ـفت حقيقة كانت مخبو’ءة، تحدث بنبرةٍ مذهولة قائلًا:
_أنتِ عرفتي منين.
_يعني أنا صح بقى.؟
سألته بعد أن أو’قعته في شبا’كها بمهارة دون أن تبذ’ل مجهو’دًا، وعنهُ فقد تأكد أنَّهُ قد سقـ.ـط في شبا’كها دون أن ينتبه، ابْتَـ.ـلَعَ غُصَّته وقال بنبرةٍ متوترة حاول أن يجعلها هادئة قدر المستطاع:
_أيوه ياما، زميلة ليا فالشغل.
_متأكد مِن حوار الزمالة دا، يعني ينفع “نورا” تكلم واحد مِن وراك وتكتشف أنتَ دا وتقولك أصل دا زميلي فالشغل، هتقبلها على نفسك.؟
داهمته وأ’لقت بسؤالٍ مفاجئ عليه مِمَّ جعله يند’فع في الجواب عليها بقوله الحا’د:
_لا طبعًا مش هقبلها على نفسي، أنا كدا بيتقـ.ـل مِن ر’جولتي ..!!
_أديك جاوبت بعـ.ـضمة لسانك، بتقـ.ـل مِن ر’جولتك وهي نفس الكلام بيتقـ.ـل مِن أنو’ثتها، يا “حسـن” البيوت ميخر’بهاش غير واحدة تانية يا حبيبي، “نورا” بنت ناس وبتحبك ولو تطول تقيـ.ـدلك صوابعها العشرة شـ.ـمع هتعمل كدا عشان ترضى وتعاملها كويس، أبعد عن البت دي يا ابني هتيجي عليك بالخر’اب وهتخسـ.ـرك مراتك وابنك، أبنك هيكون فحضانتها ومش هتشوفه بعد كدا غير بأمر مِن المحـ.ـكمة وليه نوصل لنقطة زي دي يا حبيبي، أعقـ.ـل يا “حسـن” وأرجع لمراتك وأتعلم مِن “رمـزي” شوية يمكن تغيَّر مِن نفسك وحياتك تتغيَّر شوية.
دام الصمت قليلًا بينهما بعد أن أخبرته بما يجب عليه فعله حتى لا يخسـ.ـر حياته وسعادته بسبب تلك المرأة، أخرج زفيرة عميقة وقال بنبرةٍ هادئة:
_يعني أنا مطلوب مِني أعمل إيه دلوقتي.؟
نظرت إليه نظرةٍ ذات معنى وقالت بنبرةٍ هادئة:
_يعني تطلع تحاول تراضيها وتتكلم معاها بأي شكل ولو على “مُراد” أنا هاخده يقعد معايا وأنتَ حاول تصلّـ.ـح الدنيا بينكم، وصارحها يا “حسـن” وقولها عشان متعرفش مِن برَّه وتخر’ب الدنيا بينكم برضوا لو عرفت مش هتسامح وهيبقى مِن حقها بصراحة يعني عشان وقتها متجيش تقولي أتكلمي معاها ياما.
وضعته أمام الأمر الواقع حتى ينتبه لنفسُه ويتخذ القرار المناسب قبل فوا’ت الأو’ان، حرّك رأسه برفقٍ وقال بنبرةٍ هادئة:
_حاضر ياما، حاضر.
أنهى حديثه ونهض واقفًا على قدميه يُهندم ملابسه ثمّ تركها وخرج دون أن يتحدث تحت نظراتها التي كانت تُتابعه حتى اختـ.ـفى إثره مِن أمامها، أخرجت زفيرة عميقة وهي تدعو إليه بصلا’ح الحال والراحة، وَلَجَ إلى شقته بكُلّ هدوء ليرى صغيره يجلس فوق الأرضية يلعب بألعابه البلا’ستيكية، اقترب مِنْهُ بخطى هادئة ليميل نحوه حاملًا إياه على ذراعه يُلثم خَدِّه الصغير بحنوٍ قائلًا:
_وحشتني ياض يا مسمسم أنتَ، إيه الحلاوة دي.
نظر إليه “مُراد” وأتسعت بسمتهُ الصغيرة على ثَغْره بعد أن تلقى قبّلة مِن أبيه، منحه “حسـن” قبّلة أخرى تليها أخرى ليضحك الصغير بعد أن بدأ أبيه إغرا’قه بسيـ.ـلٍ مِن القبّلات العديدة، نظر إليه بعدها وسأله بنبرةٍ هادئة بقوله:
_إيه رأيك تنزل تقعد مع تيتا شوية، عايزاك تنزل تقعد معاها وجيبالك حاجة حلوة.
وفور أن سَمِعَ الصغير أسمها ظهر حما’سه الشـ.ـديد وأزدادت فرحته لرؤيتها ليأخذه “حسـن” ويخرج مِن الشقة ينز’ل الدرج بهدوء وهو يُدا’عبه، أقترب مِن والدته وهو يحمل الصغير الذي ما إن رأى جدته أمامه سَعِدَ بشـ.ـدة وتهللت أساريره برؤيتها مِن جديد، أخذته “ثُريا” مرحبةً بهِ بقولها السعيد:
_حبيب تيتا يا حياتي، وحشتني يا واد يا مسمسم أنتَ، إيه الحلاوة دي، دي “نورا” مدلعاك عالآخر.
_أنا هطلع أنا بقى يا “ثُريا”.
حرّكت هي رأسها برفقٍ دون أن تتحدث وعادت تندمج مع الصغير الذي أغدقها بضحكاته الرنانة التي تعالت بعد أن بدأت تد’اعبه كما أعتادت، بينما صعد هو مجددًا ووَلَجَ إلى شقته مغلقًا الباب خلفه بعد أن أعطى صغيره إلى والدته كي يستطيع التحدث مع “نورا” مثلما يُريد هو، أتجه إلى غرفتهما ليجدها تجلس على طرف الفراش وتطوي ملابسه النظـ.ـيفة بهدوءٍ..
تردد هو قليلًا فهو حتى هذه اللحظة لا يعلم كيف سيبدأ قول هذا لها ومصارحتها بما فعله فقد بدأ خو’فه يحوم حوله بعد أن راودته فكرة أنها مِن الممكن أن تر’فض مسامحته حفاظًا لكرا’متها وكبر’ياءها كأ’نثى، ولكن برغم ذلك أراد بداخله أن يُصلـ.ـح ما قام هو بإفسا’ده ولذلك أخذ الخطوة وتقدَّم مِنها بخطى هادئة دون أن يتحدث حتى جاورها في جلستها..
رفعت بصرها تنظر إليه للحظة ثمّ عادت تُكمل ما تفعله دون أن تتحدث، ابْتَلَـ.ـعَ هو غُصَّته وقال بنبرةٍ هادئة:
_”نورا” أنا محتاج أتكلم معاكِ شوية، عايزك تسمعيني.
لم تتحدث وظلت ملتزمة الصمت معهُ، بينما لم يجد هو قرارًا سوى أن يتحدث ويُخبرها بكُلّ شيء ولذلك قبل أن يبدأ حديثه أقترب مِنها ليرقد على الفراش واضعًا رأسه على فخـ.ـذيها قائلًا:
_آسف على كُلّ مرَّة ز’علتك فيها سواء عن عمـ.ـدٍ أو لا، أنا غـ.ـلطت كتير وياما ز’علتك ونيمتك مضا’يقة، حقك عليا يا “نورا” سامحيني وتعالي نفتح صفحة جديدة مع بعض، أنا مش قا’در أكمل مِن غيرك أكتر مِن كدا، أنا حاسس إنِ مش كويس مِن غيرك، حقك على قلبي يا “نورا” عشان خاطري سامحيني.
زفرت هي بعمقٍ ولم تتحدث ولم تُبدي ردة فعلٍ صريحة بعد أن أمسك بيَدها وضمها إلى د’فء أحضانه بعد أن وضعها على موضع قـ.ـلبه النا’بض ثمّ ألتفت برأسه لها ينظر إليها ليراها تنظر بعيدًا عن مر’ماه، استلقى على ظهره وظل ينظر لها دون أن يحيـ.ـد ببصره عنها قائلًا:
_إيه يا “نورا”، هو أنا مز’علك للدرجة دي لدرجة إنك مش عايزة تبُصي فعيني، هو أنا طلعت و’حش أوي للدرجة دي.؟
لحظات ونظرت إليه بعد أن شَعَرت بنظرته نحوها التي لم تحيـ.ـد عنها لحظة واحدة، لحظات مِن تبادل النظرات بينهما قطـ.ـعتها هي بقولها المعاتب:
_فاكرها سهلة أوي كدا يا “حسـن”، بكلمتين حلوين هـ.ـلين.
نهض وجلس ينظر لها نظرةٍ ذات معنى وقال بنبرةٍ هادئة:
_مستعد أعمل أي حاجة عشان ترضي عنّي ونفتح مع بعض صفحة جديدة، أنا بحبك يا “نورا” ومتستا’هليش غير معاملة حلوة وإنِ أشيلك جوّ’ه عيوني وقلبي، بس قبل ما نتصا’فى أنا عايز أصارحك بحاجة مـ.ـهمة عشان محسش بتأ’نيب الضمير.
نظرت إليه نظرةٍ ذات معنى وسألته بنبرةٍ هادئة قائلة:
_عايز تقول إيه.؟
ابْتَلَـ.ـعَ غُصَّته بتوترٍ شـ.ـديد أمامها، كانت تنظر إليه بترقبٍ تنتظر سماع ما سيقوله لتَمُد كفها تحاوط شطر وجهه وهي تتأمله قائلة:
_قول يا “حسـن”، عايز تقول إيه ومخو’فك أوي كدا.
نظر لها قليلًا والخو’ف مسيطـ.ـرًا عليه لا يعلم كيف سيبدأ قول هذا لها ولكن أمام إصر’ارها خضـ.ـع لها وقال بنبرةٍ هادئة:
_بصراحة كان في حاجة و’جعاني ومش هرتاح مِنها غير لمَ أقولهالك، مِن وقت ما بدأت المشا’كل بِنا وكان سببها طرف تالت، واحدة زميلة معايا فنفس المجال بدأت تقرّب مِني واحدة واحدة، كُلّ شوية خنا’قة شكل بِنا بسبب وبدون سبب وهي كانت السبب، وأنا غلطت عشان لمَ كانت بتحصل بِنا مشكلة بجري أحكيلها، بس مِن ساعتها أنا قـ.ـطعت معاها خالص وبعدت عنها وقررت أصارحك وأفتح صفحة جديدة معاكِ بعد ما بعدتِ عنّي وتجنبتيني خالص، أنا مش كويس وأنا بعـ.ـيد عنك يا “نورا”، وحشتيني أوي ووحشني حُضنك الدا’في وحنيتك عليا، أنا مش هجبـ.ـرك إنك تسامحيني براحتك خُدي وقتك بس أنا واللهِ هرجع تاني أحسن زي الأول أنا أتعلمت الدرس جا’مد أوي صدقيني.
أنهى حديثه واخفض رأسه مشـ.ـددًا على قبـ.ـضة يَديها بيَديه ثمّ اخفض رأسها نحوها يُلثم كفيها بحنوٍ ثمّ وضع رأسه مجددًا على فخـ.ـذيها ملتزمًا الصمت، بينما شردت هي مع نفسها بعد أن صارحها بتلك الحقيقة وبهذا الفعل الذي لم تتوقع أن يصدُر مِنْهُ، وبعد أن كانت تخـ.ـطط لمسامحته جاءت تلك الحقيقة تضر’ب رأسها بقو’ةٍ حتى تجعلها تُعيد تفكيرها بشأن هذا الأمر مجددًا.
__________________________
<“شـ.ـرًا تمكّن مِنها، وضـ.ـررًا كاد يتمـ.ـلّكه.”>
بحلول أمسية اليوم الذي شارف على الانتهاء،
كان يقف في الشرفة يُدخن سيجارته بكُلّ هدوء والتي شارفت على الانتهاء، كان شارد الذهن يُفكر في أمر “زُبيـدة” وماذا يجب عليه أن يفعل لأجلها فحالتها تُقـ.ـلقه بشـ.ـدة وتجعل عقله يكاد يفقـ.ـد صوابه، سحب نفسًا عميقًا مِنها ثمّ زفر هواءها الأبيـ.ـض وأ’لقاها أرضًا بعد أن انهاها، رفع رأسه ينظر إلى السماء الكُـ.ـحلية المزينة بالنجوم المضيئة قليلًا ثمّ قرر الولوج للاطمئنان عليها..
وما إن وَلَجَ إلى غرفة المعيشة توقف مكانه حينما رآها تقف على مقدِّمة الغرفة وتنظر إليه مِن أسفل أهدابها بنظراتٍ مـ.ـخيفة تنظر إليه بها لأول مرَّة، نظر إليها بترقبٍ يعقد حاجبيه متعجبًا، سألها بنبرةٍ هادئة بقوله:
_في إيه يا “زُبيـدة”، مالك.؟
لم تُجيبه وظلت تنظر إليه، سارعت نبـ.ـضات قلبه بقـ.ـلقٍ ولكنه أعاد سؤاله مجددًا بقوله:
_”زُبيـدة” أنتِ كويسة، إيه اللِ حصل وبتبُصيلي كدا ليه.
كانت يَدها اليُمنى خلف ظهرها والتي أخرجتها بكُلّ هدوء لينظر هو لها يراها ممسكةً بسـ.ـكينٍ حا’دة وبدأت تقترب مِنْهُ بخطى هادئة، جحظت عينيه قليلًا وبدأ يعود إلى الخلف بخطى بطيئة وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
_”زُبيـدة” أهدي، أهدي وأر’مي السـ.ـكينة دي كدا مينفعش.
لم تستمع إليه وأصّرت على ما تفعله، لحظات مِن الصمت التام بينهما قُطِـ.ـعَ حينما اقتربت هي مِنْهُ بخطى وا’سعة ترفع السـ.ـكين عاليًا منتو’يةً على إنها’ء حياته، تفاجئ “يعقـوب”، بل صُدِ’مَ حينما رآها تُحاول قتـ.ـله ليُمسك بيَدها الممسكة بالسـ.ـكين التي رفعتها عا’ليًا، تها’وى جسـ.ـده الذي فقـ.ـد تو’ازنه وسـ.ـقط فوق الأريكة وهي فوقه تُحاول غر’ز السـ.ـكين بجسـ.ـده بينما كان هو يُحاول إبعادها عنهُ بكُلّ ما أوتي بهِ مِن قوة..
نظر إليها ليرى أخرى غير تلك الرقيقة الهادئة التي كان يعلمها يومًا، كانت السـ.ـكين بينها وبين جسـ.ـده إنشًا واحدًا فقط وتختر’قه، كانت تسعى لغر’زها داخل جسـ.ـده وهو يُحاول بشتى الطرق إبعادها:
_”زُبيـدة” فوقي يا حبيبتي، أنا “يعقـوب” حبيبك، عايزة تقتـ.ـلي حبيبك اللِ متقدريش تعيشي مِن غيره، أنا حبيبك يا “زُبيـدة” أهدي وأر’مي السـ.ـكينة دي مِن إيدك.
ولكن كُلّ ذلك لم يُبدي نفعًا معها فقد كان عقلها مغـ.ـيبًا عن الواقع تمامًا، جاءه الغـوث مِن ربّ العالمين حينما صدحت طرقات عالية على باب الشقة، نظر إليه بتلهفٍ واستغا’ث بمَن بالخارج قائلًا:
_حد يلحـ.ـقني يا اللِ برَّه همو’ت ..!!
كان الطارق “ضياء” شقيق “زُبيـدة” الأكبر بعد “رانيـا” والذي جاء لزيارتهما ليسمع صوت “يعقـوب” مِن الداخل يطلب الإغا’ثة ولذلك ضر’ب على الباب وقال بنبرةٍ عالية:
_”يعقـوب” أنتَ كويس ..!!
جاءه صوته العالِ مِن الداخل حينما قال:
_أختك هتقتـ.ـلني يا “ضياء” ..!!
تسارعت نبـ.ـضات قلبه خو’فًا حينما أستمع إلى صيحاته في الداخل ولذلك لم يجد حلًا سوى أن يطرق على الباب الذي يقابلهم، كان الخو’ف يحتضن قلبه حتى أعصا’ب جسـ.ـده لم تعُد تُسـ.ـعفه، لحظات وفُتِحَ الباب مِن قِبَل “إسلام” جاره الذي تعجب وجود “ضياء” وسأله قائلًا:
_”ضياء”، خير في حاجة ولا إيه.؟
_عندك مفـ.ـك أو أي بنـ.ـسة شعر.؟
سأله بعُجالة وهو ينظر لهُ ليُبدي “إسلام” بموافقته قائلًا:
_آه ثوانِ هجيبلك.
تركه ووَلَجَ إلى الداخل كي يأتي بها تاركًا “ضياء” يأ’كله الخو’ف على “يعقـوب” ولا يعلم ما الذي يحدث معه في الداخل ومَن الذي يُحاول قتـ.ـله، لحظات وجاء “إسلام” يُعطيه ما طلبه ليشكره الآخر ويذهب سريعًا إلى باب شقة شقيقته يُحاول فتحه تحت نظرات “إسلام” المتعجبة والذي لا يفهم شيئًا حتى تلك اللحظة..
لحظات وفُتِحَ الباب ليولج هو مسرعًا ويقف مكانه متـ.ـصلب الجسـ.ـد، مجحظ العينين بعد أن رأى شقيقته تُمسك السـ.ـكين وتُحاول قتـ.ـل “يعقـوب” الذي خا’رت قواه وأصبح لا يستطيع مقا’ومتها بعد أن زادت قو’تها وعزيمتها لفعل ما تُريده، ركض نحوها يجذ’بها مِن فوقه بكُلّ قو’ته وهو يصر’خ بها قائلًا:
_أنتِ بتعملي إيه يا “زُبيـدة” أعـ.ـقلي ..!!
قا’ومته وحاولت الفر’ار مِن قبـ.ـضته ليشـ.ـد هو قبـ.ـضته عليها ويجذ’بها بعيدًا عن “يعقـوب” الذي أعتدل في جلسته وهو يلهث بعنـ.ـفٍ وينظر لها بصدمةٍ واضحة، لا يُصدق ما كادت أن تفعله بهِ قبل قليل، نهض واقفًا ينظر لها وهو يلهث ليقترب مِنها بخطى هادئة محاولًا تهدأتها ليستطيع أخذ السـ.ـكين مِنها قائلًا:
_”زُبيـدة” أهدي يا حبيبتي ووحدي الله كدا غـ.ـلط ومش هتأ’ذي غير نفسك، عشان خاطري يا حبيبتي أهدي ولو أنا مز’علك فحاجة هراضيكِ وأصالحك، بس أر’مي السـ.ـكينة عشان متعو’ريش نفسك.
برغم شـ.ـراستها وعنـ.ـفها ضـ.ـده كان يُعاملها بحنوٍ ولطفٍ حتى لا تؤ’ذي نفسها بها فهو يخا’ف عليها ويعلم أنها ليست في و’عيها لفعل ذلك، مدّ يَده بحذ’رٍ كي يأخذ السـ.ـكين مِنها وهو يتحدث بنبرةٍ حنونة وهادئة، كانت ملتزمةً الصمت والهدوء وهذا طمئنه نوعًا ما نحوها، ولكن ليس في كُلّ مرَّة تأتي الشجرة بثمارها، با’غتته وضر’بته بها في ذراعه ليصر’خ هو متأ’لمًا ممسكًا بجر’حه الذي بدأ ينزُ’ف بطريقةٍ أر’عبت “ضياء” الذي أحكـ.ـم ذراعيه حولها حتى لا تُفـ.ـلت مِن قبـ.ـضتيه وتقتـ.ـله بالفعل..
كانت الصدمة حاضرة والقلـ.ـق مسيطـ.ـرًا على المكان، نظر “يعقـوب” بمعالم وجهه المتأ’لمة إلى “زُبيـدة” التي أبتسمت لهُ بسمةٌ خـ.ـبيثة بعد أن حققت مُرادها واستطاعت إيذ’اءه ببساطة، كان يرى أخرى غير التي يعلمها، أخرى هي النسخة الأسو’أ مِن حبيبته، فقد تمكّن الشـ.ـر مِنها، وأصا’به هو بالضـ.ـرر الو’خيم.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية جعفر البلطجي 3)