رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم الفصل الثالث والثلاثون 33 بقلم فاطمة طه سلطان
رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم الفصل الثالث والثلاثون 33 بقلم فاطمة طه سلطان
رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم البارت الثالث والثلاثون
رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم الجزء الثالث والثلاثون

رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم الحلقة الثالثة والثلاثون
ربما لو سألتني اليوم عن الحُب.. لن تجد تفسيرًا واضحًا، لكنني سأخبرك شيئًا، أتعرف كيف يسقط المطر على الأرض الجافّة فتبتل ثم ينمو العُشب والزهر فتسكنها العصافير والفراشات؟ هكذا كان حضورك، وكذلك كان قلبي تمامًا.
#مقتبسة
“أحبك لأنك الوحيد الذي لم تراني أبيضًا، وقبلتني برماديتي، بطهري وأخطائي ..”
#مقتبسة
”لَنّ يَحتويك إلا شَخص يُحبك”
#مقتبسة
______________
سمع منها…
وكانت النتيجة هي أنه جن جنونه…
ثار نضال بشكل مخيف حتى أنه ارتفع صوته في منزل السيدة يسرا رغم محاولات سلمى بألا تغضب وتشرح له الوضع لكنه لا يفهمها…
قامت سلمى بتكرار الكلمات ألف مرة لعله يفهم…
أقسمت له مئة مرة…
لكنه كان غاضب بشكل يجعله لا يقبل النقاش..
تمتمت سلمى محاولة قول أي شيء قد يخفف من غضبه:
-اعمل حساب على الأقل أن ماما بتكلمك وواقفة ما بينا يا نضال مش كده.
بالفعل كانت كلماتها رنت في صغاه وحاول الهدوء لكن محاولاته كانت فاشلة وهو يقول بغضب جامح:
-ما أنتِ السبب، أنتِ السبب هو أنا يعني بتعصب علشان مش لاقي حاجة اعملها فقولت اتعصب شوية…
قاطعته سلمى هاتفة وهي تقسم للمرة التي أصبحت لا تعرف عددها فهي تكرر الأمر لعله يهدأ تحت نظرات يسرا:
-قولتلك أنا مش الفيديو، والله ما في الفيديو، دي أصلا أول مرة الموضوع ده يحصل خلال السنين دي كلها، الحكاية كلها أن دي واحدة كانت واقفة في الأخر تقريبًا وفاتحة الموبايل وحطاه على الأرض وهي نزلت ستوري عندها وعملت منشن لصفحة الجيم وهي اكونتها مفتوح وعندها شوية متابعين…
ابتلعت ريقها وهي تكرر له الكلام التي قالته في السابق على أمل أن يقتنع تلك المرة:
– الحمدلله اني لأني ادمن في الصفحة شوفته ودخلت كلمتها لأن كمان في بنتين ظهروا معاها، ومسحت الفيديو واعتذرت وكان الموضوع اتلم بس في حد في الجيم عرف والبنات بهدلت الدنيا ومعاهم حق واحنا بنحاول نحل المشكلة لأن دي مش سمعة كويسة لـ جيم بنات بس…
غمغم نضال بنبرة غاضبة:
-على أساس أنك لو في الفيديو كنتي هتقولي أصلا؟ مكنتيش هتقولي حاجة ودي مشكلتك…
تحدثت سلمى بنبرة مغتاظة:
-علشان دي مش مشكلة شخصية ليا دي مشكلة في الشغل وأنا مطلعتش في الفيديو اكيد كنت هقول وقتها، اهدى شوية مش كده..
أردفت يسرا أخيرًا خرج صوتها مرة أخرى:
-صلي على النبي يا نضال يا ابني الأمور متتاخدش كده ومتتحلش بالعصبية، والموضوع ميخصهاش، وأكيد كانت هتقول..
غمغم نضال بنبرة واضحة:
-لا مكنتش هتقول حاجة من أساسه؛ والله اعلم بتكدب عليا وهي في الفيديو يمكن و…
قاطعته سلمى بثورة لا تقل عنه شيئًا:
-أنا مش في الزفت الفيديو وحلفت ليك مليون مرة ولولا أن فيهم بنات محجبة بشعرهم كنت وريتهولك، أنا مش هحلف كدب علشانك ولا علشان أي حد أنا مش كدابة يا نضال…
تحدث نضال بنبرة هائجة:
-مش كدابة بس بتعرفي تخبي، أنا مش واحدة قارئ فاتحتك ولا مجرد خطيبك أنا جوزك ومش من الطبيعي تطلبي مني أهدي واسمع لما تكون مراتي عُرضة أنها تتصور وتنزل على أي زفت…
ردت عليه سلمى بنبرة جادة:
-وأنا مش هقبل بده سواء في وجودك أو قبله، ودي أول مرة حاجة تحصل عندنا من سنين، البنت دي جديدة واتصرفت بغباء واعتذرت ومسحت الحاجة…
تمتمت يسرا كونها تجد الأمور تزداد تعقيدًا نوعًا ما وكأن أمامها ثوران يتناطحان:
-خلاص يا نضال يا ابني اهدي شوية وارجعوا اتكلموا في الموضوع مع بعض على الأقل تعرفوا تسمعوا بعض لكن الموضوع كده مش نافع..
مسح نضال وجهه بيده بعدما أخذ نفس وهو يحاول أن يتجنب النظر لها:
-معاكي حق يا طنط أنا همشي أحسن؛ وحقك عليا لو صوتي علي قدامك غصب عني اتمنى متزعليش مني…….
ردت عليه يسرا بنبرة رزينة:
-حصل خير يا ابني.
_____________
….في اليوم التالي….
هل فعلت لأنها اعتادت أن تكون خاضعة لشقيقها؟
أم لأنها تخاف منه ومن ما يتواجد معه…رغم أنه للمرة الأولى لا يقوم بتهديدها
لا تعلم ما الذي حدث لها وجعلها تخضع له وتنفذ مطلبه، اتصلت بها في الصباح وأخبرتها بأنها تود مقابلتها…..
لم ترفض وفاء أبدًا بل وافقت وطلبت منها الموقع الخاص بالمكان وأتت مستخدمة أحد التطبيقات المعروفة الخاصة بالسيارات من أجل خدمة توصيل قد تبدو آمنة نوعًا ما، فهي ترغب في معرفة ما يريد بالتأكيد هو السبب في اتصال شقيقته بها..
تجلس أمامها ياسمين تحاول قول أي شيء وأن تبدأ الحوار لأنه بعدما صافحتها هناك صمت مُرعب خيم عليهما…
-إيه اخبارك؟ أكيد الفترة دي مش سهلة في حياتك بعد اللي حصل حمزة قالي على موضوع عيلتك.
ابتسمت وفاء بسماجة هاتفة بنبرة ساخرة:
-والله كتر ألف خيره يا ياسمين أنه مهتم وحكالك أحوالي، بس واضح أن في حاجة نسي يقولها مهمة أوي، هي أنه خاين، كداب، مش راجل، و ***…
تمتمت ياسمين بنبرة متوترة على ما يبدو هي أقدمت على فعل لا تقدر عليه:
-أنا مقدرة كويس اللي حصل وعارفة أن حمزة غلط جدًا وصدقيني أنا كنت فاكراه فشكل معاكي وده اللي كنت فهماه.
لم تكذب هكذا كان ظنها…
بعدما أنهى الشراكة مع والدها الذي يُدعى مجدى..
توقف عن سفره إلى مرسى مطروح..
وقتها ظنت بأن الأمر قد انتهى..
لم يأتِ في عقلها بأنه يحاول اقناعها بزيجة بتلك السرعة وهو مازال يعلق فتاة أخرى معه..
تمتمت وفاء بجمود:
-واديكي عرفتي يا ياسمين، واتصلتي بيا وعايزة تشوفيني، خير؟..
قالت ياسمين رغمًا عنها ولم تجمل الوضع:
-حمزة اللي عايزني أقعد معاكي يا وفاء، هو قلقان تخربي علاقته بـ سامية، أنا مش عارفة اقولك إيه بالظبط بس كل اللي اعرفه أنه خايف جدًا يخسرها؛ ويمكن لأول مرة يقول حاجة عدلة أنك مش هتكسبي حاجة من أن علاقتك بـ سامية بنت عمك المفروض تبوظ..
هتفت وفاء وهي تعقد ساعديها بعدما وضعت الحقيبة الجلدية التي كانت تتواجد على فخذيها فوق الطاولة الخشبية:
-يعني أنتِ جايباني ومكلفة نفسك كل ده علشان تقولي الكلمتين دول يا ياسمين؟!.
ابتلعت ياسمين ريقها بحرج كبير فاسترسلت وفاء حديثها ببسالة بعدما فكت ذراعيها مرة أخرى:
-ازاي متقوليش أصلا لسامية أنه كان خاطب قبل كده؟ ولا قبل كده إيه؟ ده كان وقتها لسه خاطب…بس يعني ده على اعتبار أنك كنتِ فاكرة أنه فشكل…
أكملت حديثها بثبات:
-اقولك أنا ليه مقولتيش وهو كان واثق من نفسه ومقالش علشان الموضوع مكنش معروف هنا ومحدش كان يعرف أنه خاطب بهيمة أساسًا في حتة تانية، أنا مستغربة ازاي معندكوش ضمير للدرجة دي وأنتِ معندكيش ضمير لدرجة أنك تساعدي اخوكي ويجرك معاه في كل بيت مهو أنتِ الذراع اليمين بتاعه.
هتفت ياسمين بوجع حقيقي ونبرة متألمة:
-صدقيني أنا مش كده…
هي مغصوبة..
مقيدة…
من قِبل شقيقها الذي كان يجب أن يكون الدرع الحامي لها…
تمتمت وفاء بنبرة متهكمة رغم شعورها بأن تلك المرأة ليست مخادعة لكنها جبانة رُبما أو هناك شيء لا تفهمه:
-مش فارقة المهم اللي عملتيه وأنا مش مسامحة..
قالت جملتها الاخيرة بغلٍ كبير ثم أسترسلت حديثها:
-قولي لاخوكي وفاء سكتت دلوقتي علشان لسه بتضبط أمورها لكن مش ناوية تسكت علطول، قوليله إني مش هنسى اللي عمله وهيدفع ثمنه غالي أوي والله ما هنسى أفوق بس من اللي أنا فيه وهفوق له، قوليله وفاء مجدي مش هتسيب حقها. .
نهضت من المقعد هاتفة وهي تعدل اسمها:
-ولا اقولك بلاش وفاء مجدي قوليله وفاء زهران خطاب بنت عم سامية مش هتسيب حقها وهاخده منك ومنه…
_____________
..في المستشفى..
كان اليوم موعد فحص السيدة حسنية والدة دياب لم يكن لديها جلسة اليوم، لديها بعض الفحوصات والتحاليل حتى يطمئن الطبيب على صحتها وهل أثر الكيماوي على بعض الوظائف الأخرى أم لا كما يتم متابعة دلالات الأورام…
يجب الاطمئنان بطريقة دورية…
كان هناك بعض التأثيرات عليها وكان هذا شيئًا طبيعيًا، لكن هناك انخفاض في نسب تحاليلها تلك المرة لذلك أخبرهم الطبيب بأن عليهما حجزها لمدة أيام ويقومون بتعليق المحاليل الطبية لها والسيطرة على داء السكري وضبط مستواه، لم يكن لديها سكري في السابق لكنه بدأ يظهر في تحاليها الأخيرة الفترة الماضية…
تمتم دياب بانزعاج واضح وهو يقف في الرواق بجانب شقيقته التي أخبرت الفتاة التي تعمل معها بأن هناك وضع طارئ:
-طب وهنقولها ازاي دي بقا؟.
هتفت إيناس بتردد:
-مهوا ملهاش حل تاني يا دياب لازم تتحجز يضبطوا ليها السكر وكل حاجة، هي بقالها فترة مش بتأكل كويس وعلاج السكر كنت كل ما أكلمها تتخانق معايا وأصلا التغذية مهمة في فترة زي دي.
تمتم دياب بنبرة هادئة:
-ماشي أنا هقولها وخلاص نشوفلها أوضة…ونمشي في الإجراءات.
قالت إيناس بجدية شديدة:
-بس يعني في حاجة مهمة غير أنها تقعد، اليوم هنا غالي وأكيد أنتَ معكش فلوس علشان المشروع الجديد ممكن نشوف مستشفى عندنا….
قاطعها دياب برفض تام:
-المستشفيات الخاصة كلها نفس النظام يا إيناس حتى اللي عندنا مش هتلاقيهم رُخاص يعني، بس الفرق أن هتكون المستشفى مش نظيفة، كمان هنا هما عارفين حالتها والدكتور يتابعها أضمن، وبعدين مفيش حاجة أنا هتصرف ومعايا متقلقيش ولا تشيلي هم.
هتفت إيناس بعجز حقيقي فهي تعلم مقدار العبء الذي يقع على عاتقه:
-أنا هبات معاها أنا شغلي بيخلص مع مواعيد الزيارة، هكمل اليوم معاها وأنتم تعالوا الصبح وبعدين متقلقش والله الدكتور بيقول كل الأمور كويسة هما عايزين يضبطوا الدنيا بس…
تمتم دياب بنبرة هادئة:
-خير ان شاء الله يا إيناس.
قالت إيناس بتوضيح ونبرة منخفضة:
-الشبكة بتاعتي هتلاقيها تحت الرف اللي فيه هدوم العيال من فوق، الدهب دلوقتي غالي بيعهم علشان فلوس المستشفى وكمل عليهم…..
هتف دياب بحرج ورفض واضح:
-لا أنا هتصرف ومعايا متقلقيش….
تحدثت إيناس بنبرة عنيدة:
-أيوة معاك بس مينفعش تخلص اللي معاك أنا مش هعمل حاجة بالشبكة يعني خلصنا منها وكمل عليها، ونشوف لسه هتقعد كام يوم….المهم دلوقتي تعالى نقولها مع بعض…
بعد مرور بضعة دقائق وعلى الأريكة الحديدية…
كانت حُسنية تجلس بينهما…
مما جعلها تهتف بنبرة غاضبة:
-لا قعاد في المستشفى مش هقعد دول عايزين يشتغلونا علشان يلموا فلوس أنا زي الفل وكويسة اهو قدامكم وبعدين اللي هيعملوه في المسشتفى نعمله في البيت عادي أجيب البت شيماء بنت نجاح مهي ممرضة تعلق ليا المحاليل وكل حاجة…
ثم سألتهما برهبة وخوف حقيقي:
-اوعوا يكون في حاجة تانية وأنتم مخبين عليا أنتَ وهي؟.
تحدث دياب بنبرة هادئة يعدما رفع كف يدها وقام بتقبيله:
-والله يا ماما ما في أي حاجة هما عايزين بس يطمنوا عليكي وهما يومين بالكثير تلاتة والله.
-لا يا ابني دول هتلاقي يومهم أغلى من اليوم في الهيلتون…وبعدين أنا كويسة مفيش حاجة الدكتور بيكدب…
قال دياب بنبرة جادة وصادقة:
-فداكي يا ست الكل فلوس الدنيا كلها تحت رجلك، أهم حاجة تكوني بخير وبس.
______________
ذهبت والدتها للجلوس مع صديقتها ومواساتها في تلك الأيام، وكانت سلمى تجلس في منزلها تشعر بالضيق هي لم تذهب إلى العمل بعد تلك المشكلة.
كما أن نضال لا يحدثها من بعد رحيله ليلة أمس، لذلك سوف تهبط لشراء بعض الطلبات الخاصة بالمنزل وتفكر المرور من جانب الجزارة و “مشويات خطاب” لعلها تراه وتتحدث معه، فهي تدرك أن الأمر لا ينفعه الحديث على الهاتف…
حينما كانت ترتدي ملابسها أتاها اتصال من شقيقتها تخبرها بأنها تشعر بالضيق هي الأخرى لتأتي وتجلس معها كونها لم تذهب إلى العمل وتجلس بمفردها، ووجدت سلمى حديثها منطقي نوعًا ما لذلك قررت أن تذهب إليها وتمر قبلها على الجزارة ومشويات خطاب لعلها تراه…
هبطت من المنزل فعلت ما قالته ولم تجده عند الجزارة أو حتى عند مشويات خطاب لذلك ذهبت عند شقيقتها….
قابلها زهران الذي كان يدخن أرجيلته ويجلس أمام الجزارة ألقت التحية عليه ففتح لها بوابة المنزل وصعدت متوجهة صوب شقة جهاد…
أخذت تساعدها في ترتيب المنزل كالعادة عند إتيانها فهي لم تجد أكثر من جهاد وسلامة أشخاص غير منظمة في حياتها، المكان نظيف تمامًا لكنه يفتقد اللمسة الأخيرة والترتيب…
صنعت لهما جهاد أكواب عصير طازجة من الفراولة هذا بداية موسم ظهورها…
أخبرت جهاد شقيقتها بما فعلته اليوم وهو أنها ذهبت وتركت العمل، وكان تعقيب سلمى عليها:
-كويس أنك عملتي كده أنتِ مش قد الشغل ولا الجواز ما بالك الاتنين مع بعض.
نظرت لها جهاد ساخرة ثم غمغمت:
-اتريقي يا سلمى اتريقي بكرا نشوفك يا حبيبتي هتعملي إيه لما تتجوزي..
تمتمت سلمى بانزعاج عند ذكر أمر الزواج فهو لا يُحدثها من الأساس:
-لا بلاش تستني يا حبيبتي…
هتفت جهاد بتردد:
-ده على كده واضح أنك انتِ ونضال متخانقين.
تمتمت سلمى بانزعاج كبير:
-اه اتخانقنا امبارح…
ثم أخذت تقص لها ما حدث خاتمة حديثها بنبرة شديدة الانزعاج والضيق:
-أنا مش عارفة ماله من أقل حاجة يخاصمني وبعدين حلفت مئة مرة إني مش في الفيديو وبعدين يعني هقوله حاجة زي دي ازاي وليه؟؟..
قالت جهاد مستنكرة:
-يمكن مثلا تقوليله علشان هو جوزك؟.
هتفت سلمى بإحباط:
-لما يكون الموضوع يخصني وبعدين أنا لسه بحاول اتعود على وجوده في حياتي ومش سهل عليا إني لازم أشارك كل حاجة في حياتي مع حد كونه واجب؛ أنا لسه بتعود على ده أنا طول عمري بعمل وبخلص كل حاجة مع نفسي وبتصرف من نفسي…
-أيوة وأنا فاهماكي بس الوضع اتغير برضو، سيبك من موضوع الخناقة طيب قوليلي إيه الدنيا ما بينكم عمومًا يعني لاقية نفسك معاه؛ حاسة أنك ميالة ليه؟.
قالت سلمى كاذبة:
-عادي يعني..
-هو إيه اللي عادي يعني أنطقي….
..في الطابق السفلي..
خرج نضال من حجرته متوجهًا صوب المطبخ حتى يقوم بصنع كوب من القهوة قبل أن يهبط…
وجد زهران يقف في المطبخ يقوم بإشعال الفحم وبمجرد أن وجده:
-غريبة يعني لسه منزلتش لغايت دلوقتي..
تحدث نضال بنبرة موضحة وتلقائية:
-لا نزلت صليت العصر وجيت، مشوفتنيش علشان مكنتش ساعتها تحت معرفش كنت فين، واهو هشرب قهوة واخد دش وانزل..
تمتم زهران بهدوء:
-ماشي على فكرة البت سلمى جت هنا عند اختها.
رد نضال عليه رد مُبهم لم ينل استحسان زهران وأثار شكوكه:
-اهلا وسهلا اعملها إيه يعني؟…
هتف زهران بعدما ترك الفحم على الجهاز الخاص به الذي يقوم بإشعاله:
-مدام وصلنا لكده يبقى أنتَ متخانق معاها علشان كده وشك مقلوب…
تمتم نضال بنبرة مختصرة:
-أنا متخانقتش مع حد علشان مش لاقي حاجة اعملها مثلا هي السبب..
أردف زهران بجدية نادرة:
-هي السبب ولا مش هي السبب المهم أن في خناقة وأنتَ من واجبك كراجل أنك تخلصها وبعدين يعني هتكون عملت إيه البت غلبانة ومسكينة.
رد عليه نضال ساخرًا:
-معملتش حاجة أنا بفتري عليها هي غلبانة فعلا، وأنا راجل مفتري تعملي إيه بقا..
تحدث زهران مستنكرًا:
-أنا هعملي الحجر وانزل أنا وأصيلة أحسن التفاهم معاك صعب يا ابني براحتك أنا هقعد احرق دمي معاك ليه؟؟
…عودة مرة أخرى إلى الأعلى…
كانت سلمى تقوم بترتيب الخزانة الخاصة بجهاد مما جعل جهاد تعقب بعدم فهم:
-خلاص يا سلمى بقا أنتِ هتهدي البيت من أوله لأخره علشان تهدي..
تحدثت سلمى بسخرية وهي تقوم بطي الملابس التي قامت جهاد بغسلها وتجفيفها:
-أنتِ بتقولي فيها أنا امبارح فضيت الدولاب عندنا من أوله لاخره في الأرض، وهخلص الدولاب ده وهنزل لو ملقتهوش تحت هكلمه بقا..
تم قرع الجرس فأردفت سلمى وهي تسأل شقيقتها:
-ده سلامة ولا إيه؟ مش قولتي هيتأخر.
ردت عليها جهاد بعدم فهم:
-معتقدش سلامة لأنه هيتصل قبل ما يجي وعارف أنك هنا وأنا قولتله عايزة حاجات من تحت وقولتله يكلمني لما يجي، روحي افتحي الباب أنتِ يمكن دي وفاء أو عم زهران باعت حاجة مع حد، بما أنك لابسة وأنا هلبس الاسدال واجي وراكي…..
خرجت سلمى من الغرفة ثم سارت بضعة خطوات متوجهة صوب باب الشقة ما أن فتحته حتى وجدته أمامها ابتسمت رغم أنها كانت تتعهد بشجار جديد له من أجل أن تتصالح معه….
تحدث نضال متفاجئًا أو متصنعًا المفاجأة:
-إيه دا بتعملي إيه هنا؟.
عبست ملامحها في ثواني إذن هو لم يأتِ من أجلها مما جعلها ترد عليه بسخرية طفيفة:
-هكون بعمل إيه يعني؟ جاية أشوف جهاد.
تحدث نضال وهو يرفع أحد حاجبيه:
-ومقولتليش ليه انك نازلة؟ أعرف أنك نازلة بالصدفة كده؟
ردت عليه سلمى بوضوح وشفافية:
-ما أنتَ مبتكلمنيش.
وكان هو يعقب عليها بنبرة بينة وأشد وضوحًا منها تحمل لمحة من عتابٍ ملحوظ:
-حضرتك بعتي حاجة وأنا مردتش عليها؟.
حاولت الدفاع عن نفسها وهي تخبره بأنها بالفعل لا تتكبر عليه بل هي ترغب في إنهاء الخلاف بينهما أيضًا وتعترف بهذا تلك المرة:
-كنت لسه هكلمك وأنا نازلة.
تمتم نضال بنبرة هادئة:
-ده معناه إني علطول هفضل سابقك بخطوة.
انفجرت مرة واحدة وهي تتحدث بنبرة لا تعلم كيف كانت هل مرتجفة، قوية؟؟
أم منفعلة…
أو خليط لهذا كله…
-أنتَ بتتخانق معايا يا نضال وبتخاصمني وبتتجاهلني وده بيضايقني مهما كان السبب المفروض تناقشني..
قاطعها نضال ساخرًا وهو يعقد حاجبيه:
-أناقشك أكتر من كده إيه؟ ده من كتر المناقشة كنا هنشد في شعور بعض قدام أمك…وبعدين الكلام ده كان امبارح مكنش من اسبوع ولا شهر يعني ملحقتش اتجاهلك ولا أعمل حاجة.
نعم كان أمس…
لكنه مر عليها وكأنه أشهر ليست ليلة واحدة..
أسترسل حديثه بنبرة جادة وصادقة إلى أبعد حد:
-وبعدين يعني أنتِ مضايقك أني بزعق وبتخانق معايا علشان خايف عليكي وغيران عليكي؟، المفروض لما اسمع أن ممكن يكون نشر ليكي فيديو وأنتِ في الجيم اعمل إيه؟ أقولك ألف مبروك يعني ولا اعملك إيه؟ ده أنا كده معملتش حاجة..
تحدثت سلمى بعدم استيعاب واصظيق إصراره:
– بس أنا مش في الفيديو…
أردف نضال مفسرًا الأمر:
-ولو كنتي في الفيديو مش هتقولي يا سلمى وهي دي أساس المشكلة أصلا أنك بتخبي عليا حاجات مهمة وحتى لو مكنتش المشكلة دي خاصة بيكي برضو هتعملي كده في غيرها.
تمتمت سلمى باستسلام:
-معاك حق.
ضيق نضال عينه هاتفًا بنبرة مرحة:
-إيه الاستسلام المُريب ده، يعني حتى لو مش ناوية تكملي خناق، فين اوعدك إني اتغير والكلام ده؟.
تنهدت سلمى ثم نظرت له مغمغمة بصدقٍ فهي تحاول:
-اوعدك إني هتغير وأنا مش قصدي أنا بحاول فعلا اشاركك كل حاجة بس أنا الموضوع ده مكنتش حاسة أنه له لازمة تعرفه لأني عارفة كويس أن ده اللي هيحصل ودي حادثة نادرة مش من الطبيعي أنها تحصل في جيم بنات بس ده اللي أنا عايزة اوضحه ليك.
رفع كف يدها ثم قام بتقبيله وهي لا تستوعب ما يفعله…….
لم يكتفي بهذا فقط!!
فأردف نضال وهو يقترب منها ثم هبط برأسه واضعًا رأسها بين كفيه تاركًا قُبلة على جبهتها ثم رأسها هاتفًا:
-خلاص حقك عليا متزعليش أنا مش قصدي ازعلك برضو حتى لو كنتي اللي غلطانة..
مشاعر عميقة تتولد..
تتولد ببطئ لكن يتم حفرها بصعوبة تجعل خلعها أو نبذها شيئًا مستحيلًا….
سلمى غريبة..
كانت غريبة في حياته..
هو لا يستطيع أن يطيل الشجار معها ولا يستطيع الغضب منها مهما بلغ ما فعلته، هي تجعل مخاصمتها جهاد لا يقدر عليه…
السيطرة على غضبه لم تكن في قاموسه في السابق لكنها هذبت جزء بداخله….
أما هي ارتجفت من قبلاته ولمساته تلك…
هي تشعر بتوتر كبير جدًا…..
لكنها مشاعر أعمق بكثير من مجرد إعجاب فتاة بـ شاب في شارعهم لا يجمعهما شيء…
جاءت جهاد من الداخل تزامنًا مع ابتعاده عنها وهي تغمغم:
-حاسة اني سيبتكم كتير وده عكس طبيعتي اتمنى تكونوا اتصالحتوا بدل ما سلمى تكسر الدولاب فوقنا.
ابتعدت سلمى خطوتين للخلف….
مما جعل نضال يبتسم رغمًا عنه…
ثم أردف مقترحًا وهو يشير ناحية الشقة التي تتواجد مقابل شقة سلامة وجهاد:
-تعالوا اتفرجوا على الشقة بما أني هنا وسلمى هنا، نشوف لو حابة نبدأ نغير أو نعدل حاجة فيها……
_____________
يجلس “جواد” في مكتبه والهاتف فوق أذنيه يتحدث مع شقيقه “عماد” عبر الهاتف…
أتاه صوت شقيقه مرحًا:
-خلاص يا جواد أنتَ اخوها وأبوها وأنا معرفش عنها حاجة يا سيدي وابن البطة السوداء..
أنهى حديثه المرح ثم أسترسل حديثه بجدية:
-جواد أنا عارف انك أنتَ اللي تعرف عنها كل حاجة وأنا مجرد شخص بيجي زيارات علشان ظروف حياته؛ بس أنا اخوها برضو وهخاف عليها وصدقني هتكون في عيني ومنيرة هتكون معاها مش لوحدها ولو حصل أي حاجة في أقرب طيارة وهتلاقيني جبتها وجيت….
غمغم جواد معتذرًا لعل خوفه أنقلب ضده وطريقة حديثه لم تكن جيدة نوعًا ما دون أن يدري:
-اسف والله يا عماد أنا مش قصدي..
تمتم عماد بهدوء:
-عارف يا جواد، سيبك من كل ده، أنا ضبطت هنا الأوض ليهم وكل حاجة تمام حتى بعتلك الصور على الواتساب، وحجزت التيكت لينا احنا الثلاثة، وليا لوحدي بعد بكرا الفجر هكون عندكم ان شاء الله هقعد يومين كده وبعدين هاخدهم ونسافر على طول ان شاء الله.
-ان شاء الله.
تمتم عماد محاولًا أن يغير الموضوع:
-مقولتليش صحيح إيه اخبار رانيا؟
تحدث جواد منفعلًا:
-متفكرنيش بيها أحسن يا عماد أنا والله بخاف حد يقول اسمها أو يجيب سيرتها ألاقيها في وشي..
ضحك عماد هاتفًا باستغراب:
-والله معاك حق، هي كلمتني أكتر من مرة وعايزاني أوعيك وافهمك واعرفك مصلحتك برجوعك ليها بس أنا بنفض ليها من غير ما أكلمك بقولها هو مش راضي، بصراحة أنا مستغرب التفاني اللي هي فيه ده دي لو كانت عملت ربع المجهود اللي بتعمله علشان ترجعلك مكنتوش وصلتوا لهنا..
هتف جواد بهدوء مُحللًا الموقف:
-هي بس لسه مش لاقية بديل ينفع يكون مكاني ويصرف لو لقت مش هنسمع حتى صوت ليها، هي حست أنها خسرت بس مش أنها خسرت راجل لا خسرت مكانة وفلوس رغم أنها أصلا مبقتش محتاجة لده بس ماشية بالمثل اللي هو البحر يحب الزيادة..
تمتم عماد بانزعاج:
-اهو ربنا نجدك والله يا جواد من الاتنين سواء دي أو التانية اللي أنا مش فاكر اسمها، أنا هقفل دلوقتي علشان خلاص هتحرك بالعربية راجع البيت لما أروح هكلمك.
-تمام مع السلامة، على مهلك…
-مع السلامة.
هكذا انتهت المكالمة بينهما بقلبٍ مكسور..
هو لا يفضل رحيل شقيقته…
لكنه الأنسب الآن..
هو مطمئن لذهاب منيرة معها…
ولأن زوجة عماد أمرأة طيبة وحسنة المعشر ليست قاسية بل تحب نسمة وتتصل بها باستمرار للاطمئنان عليها…كل الحكاية أنه سوف يشتاق إليها…
قام أحد بطرق الباب وأذن هو له بالدخول فولجت المرأة الأربعينية التي تقوم بإدارة الاستقبال وهي تحمل بضعة ملفات.
-اتفضلي..
أقتربت من مكتبه ثم وضعت الملفات على المكتب هاتفة:
-دي الفايلات اللي حضرتك طلبتها مني…
-تمام تسلمي.
هتفت المرأة بنبرة جادة لأنها أدركت بأنه يهتم بتلك الفتاة بشكلٍ خاص:
-صحيح في حاجة حصلت يا دكتور معرفش هتهم حضرتك ولا لا بس حسيت يعني أنه المفروض تعرفها….
ضيق عينه وهو يسألها:
-حاجة إيه دي؟!
ردت عليه بنبرة هادئة:
-إيناس اللي اشتغلت في الرسيبشن أو لسه تحت التدريب والدتها اتحجزت في المستشفى من شوية، وتقريبًا هي اللي هتبات معاها…
سألها جواد باهتمام واضح وهو يعتدل في جلسته:
-ليه حصل حاجة؟.
تمتم المرأة بنبرة عملية:
-مش عارفة أنا مشوفتش الملف بتاعها بنفسي، بس على حسب اللي قالته إيناس بأن هي كويسة هو بس نتائج التحاليل بتاعتها مش أحسن حاجة فالدكتور طلب يحجزها كام يوم، أنا قولت لحضرتك بما أنها لسه مشتغلتش بشكل رسمي هل اعمل ليها خصم خمسة عشر في المئة ولا لا كونها لسه في فترة التدريب؟
هتف جواد بنبرة ثابتة:
-اعملي ليها حتى لو لسه مشتغلش مدام كده كده مكملة معانا ان شاء الله.
-تمام و…
قاطعها جواد معدلًا:
-خليها خصم ثلاثين في المئة من الإجمالي وعرفيني هي في أنهي اوضة بالظبط…وياريت الكلام ده محدش يعرف عنه حاجة حتى هي…عرفيها أنه علشان هي بقت من العاملين هنا…لأنه لو عرفت أنه ليها هي احتمال كبير ترفض…وبلغي الحسابات بده.
رغم أنها اندهشت مما قاله لكنها ليست فضولية لكن تلك الفتاة تعني له شيء لا تفهمه، رغم أنه لا يقترب من المكان الذي تتواجد فيه حتى إلا أن هناك شيء غريب.
-تمام يا دكتور..
______________
الكثير من الملابس النسائية والمنامات الحريرية أمامها يخرج واحد تلو الأخر من الأكياس….
بعدما عاد من العمل وأخذ حمامه؛ ارتدى ملابسه ثم تناول الغداء، وأثناء غسيلها الصحون أخبرها بأنه قد نسى شيئًا ما في السيارة سوف يهبط حتى يأتي به، بالفعل عاد حينما انتهت تقريبًا وها هو يخرج الملابس من الأكياس البلاستيكية التي تعود إلى أفخم العلامات التجارية.
كانت سامية تراهم وهي تشعر بالخجل والسعادة في وقتٍ واحد ثم عقبت بجدية:
-معرفش ليه تعبت نفسك يا حمزة ده أنا لسه عندي حاجات متلبستش أصلا…
تمتم حمزة بهدوء والبسمة تحتل ثغره:
-عارف يا حبيبتي بس أنا دول عجبوني وحابب أشوفهم عليكي وتلبسي على ذوقي، عايز اشوف حبيبتي لابسة ليا اللي أنا عايز اشوفه…
لا تدري لما دومًا كلماته تحمل أكثر من معنى..
هل هو لا يحب ذوقها واختيارها في الملابس؟!
أم أنه كونه رجل يحب رؤية ملابس معينة على زوجته
وهذا حقه؟.
أسترسل هو حديثه لم يجعلها أن تظل بين أفكارها طويلًا:
-وبعدين بصراحة بقا أنا كنت حابب اجيبلك حاجة اعتذر بيها عن سوء الفهم اللي بيحصل ما بينا كل شوية، أنا عارف أن في تاتشات مش لذيذة بتحصل ما بينا علشان لسه بنحاول نفهم بعض علشان كده أنا مش عايزك تزعلي مني، وعايزك تعرفي أني مبحبش حد في الدنيا دي زي ما بحبك..
كانت مازالت واقفة مما جعلها تقترب وتحاوط عنقه ثم احتضنته هاتفة بحب حقيقي ومشاعر صادقة لم تتوهج إلا معه:
-وأنا بحبك أوي يا حمزة ربنا يخليك ليا يارب..
-ويخليكي ليا يا عيون حمزة.
قالها وهو يحاوط خصرها ويترك بضعة قُبلات على وجهها وعنقها فقاطعته سامية هاتفة وهي تخرجه من هذا الجو المشحون بالعاطفة:
-في فيلم اجنبي جاي النهاردة عرض أول قرب يبدأ إيه رأيك لو اعمل لينا قهوة وفشار بالكراميل ونقعد نتفرج عليه؟.
ابتعد عنها حمزة متحدثًا بمرحٍ ونبرة شغوفة:
-يعني ده وقت فيلم؟
ضحكت بخجل وهي تجيب عليه:
-ايوة علشان خاطري..
أخذ كف يدها ثم قام بتقبيله هاتفًا:
-وخاطرك عندي غالي، يلا بينا بس أنا اللي هعمل القهوة وكل حاجة علشان إنتِ تعبتي في عمايل الأكل..
هي مغرمة بـ تقديره لها…
عقبت سامية على كلماته بهدوء:
-نعمل الحاجة مع بعض…
بعد مرور نصف ساعة…
كانت تجلس بين أحضانه على المقعد الوثير والضخم الذي يتسع إلى شخصين بجانب بعضهما فكانت بين أحضانه وفوقهما غطاء خفيف…ومناسب إلى الأجواء الربيعية..
تمتم حمزة برفقٍ شديد وهو يمرر أصابعه في فروة رأسها يدلكها:
-صحيح طنط وعمك عاملين إيه؟.
ردت عليه سامية بعفوية:
-الحمدلله كويسين ده حتى لسه عمو مكلمني علشان يحولي الفلوس بتاعتي بما أننا أول الشهر.
تجاهل حديثها وغمغم متصنعًا العفوية وهو يسألها:
-إيه اخباره مع البنت اللي طلعت ليه من تحت الارض دي؟.
كان يرغب في الحديث مع الأمر لذلك كان يحاول التمهيد له وهو يعرف ما يفعله جيدًا…
أخبرته شقيقته باللقاء لذلك كان عليه أن يتبع خطة أخرى…..
تمتمت سامية بلامبالاة:
-يعني عمي زهران عادي مش حساه مضايق بل على العكس بيحاول يتقبلها؛ نضال وسلامة اللي تقريبًا الدنيا بينها وبينهم مش أحسن حاجة.
قال حمزة بنبرة لئيمة:
-مش عارف بس فعلا عمك طيب رغم أنه يبان عكس كده وخايف عليه من البت دي أنا لما شوفتها بصراحة مرتحتش ليها بس محبتش أتكلم في الموضوع ده قدام والدتك وقتها.
رفعت سامية رأسها التي كانت تضعها على صدره هاتفة وهي تنظر له:
-مش مرتاح ليها ازاي؟!.
تمتم حمزة بهدوء شديد:
-مش عارف يعني أنا ليا نظرة في الناس وبحس بيهم ولما شوفتها مرتحتش وتقبل عمك ليها غريب بس كويس أن عياله مش زي ابوهم ناصحين شوية؛ وأنتِ خلي بالك منها أنتِ وطنط.
سألته سامية بعدم فهم رغم أنها تأثرت بكلماته إلى حدٍ كبير:
-اخلي بالي منها ازاي يعني؟
حاوط وجهها بحنان هاتفًا ببراءة لا تناسبه:
-يعني معرفش زي أنك تحاولي متختلطيش بيها كتير خليها في حالها وأنتِ في حالك، يعني يُفضل ليكم كلكم مش أنتِ بس تكونوا معاها على الحياد كده..
تحدثت سامية بمقتٍ:
-نكون على الحياد ازاي بس دي ماما يوميًا معاها…
قال حمزة وهو يُقبل رأسها:
-مش مهم براحتها المهم عندي أنتِ؛ أنا بخاف عليكي من أي حد ومن أي حاجة ممكن تضايقك….
نظر على التلفاز وغمغم يحاول أن ينتشلها من الدوامة الذي جعلها تدخل فيها قصرًا:
-الفيلم جه، الإعلان خلص واحنا مش واخدين بالنا..
______________
تركت حُسنية الصغار برفقة بهية وحفيدتها قبل أن تذهب إلى الفحص، ولم يعود دياب إلا في الثامنة مساءًا وها هو يقف بداخل شقة بهية يخبرها بما حدث……
وأن والدته سوف تمكث تلك الليلة في المستشفى….
هتفت بهية بنبرة هادئة وحنونة:
-ربنا يشفيها يا ابني ويشفي كل مريض ان شاء الله هتعدي يا حبيبي متقلقش يا ابني.
تحدث دياب بنبرة مكتومة:
-أمين يارب..
أثناء حديثهما كانت بهية تأخذ جواد في أحضانها وهو مستغرق في النوم انحنى دياب ثم أخذه منها برفقٍ حاملًا أياه على أكتافه هاتفًا:
-معلش تعبناكي معانا.
ردت عليه بهية بعتاب طفيف ظهر في نبرتها:
-عيب يا ابني متقولش كده احنا أهل وواحد وبعدين أنا بحب الأيام اللي بتقعد العيال دي فيها معايا والله بحبهم أوي ربنا يحفظهم ويخليهم ليكم…
-أمين يارب.
جاءت من الداخل ريناد خلف جنى وبالطبع لم يخلُ وجهها من مستحضرات التجميل المختلفة لكن لم يكن وجهها بالكامل فكانت ريناد تسير خلفها وهي تحمل المناديل الخاصة بإزالة مساحيق التجميل من البشرة…
تمتم دياب بهدوء متجنبًا النظر إلى ريناد والتي لا تعلم لما يتجاهلها على حسب علمها لا يتواجد بينهما شجارات بينهم تلك الفترة تم تصفية كل شيء ولم يحدث شجار جديد…
-يلا يا جنى نطلع بقالي ساعة بقول يلا ده اخوكي نام وأنتِ لسه مسمعتيش الكلام..
تحدثت جني ببراءة وهي تقترب منه:
-خليني أبات مع ريناد النهاردة.
تمتم دياب برفض قاطع:
-لا مينفعش يلا كفاية كده أنتِ أكيد صدعتيهم طول اليوم…
هتفت بهية بحنان وهي توجه رأسها نحو الصوت:
-خلاص سيبها يا ابني مدام إيناس وأمك في المستشفى سيبها معايا أنا وريناد وبعدين يعني متقلقش لو حصل أي حاجة هنطلعها ليك احنا مش بينا سكة سفر ده هما كام سلمة.
رد عليها دياب بأدبٍ:
-ربنا يخليكي بس مينفعش هي هتطلع تبات معانا ومع اخوها….
صعدت جنى بخفة على الطاولة ووقفت عليها ثم قالت بصوتٍ خافت بجانب أذن دياب لم يسمعه سواه:
-ابات ولا أقول أنك كنت بتتفرج…
وضع دياب يده على ظهرها جعلها تهبط بيده إلى أسفل وهو يحملها بذراع واحد:
-خلاص باتي معاهم براحتك، عن إذنكم أنا بقا…
هتفت بهية بنبرة هادئة:
-ماشي يا ابني اتفضل، وصليه يا ريناد لغايت الباب.
تلك العادة تلازم بهية تفعلها بنفسها أو تجعلها تفعلها رغم اندهاش ريناد بأنها تفعل هذا مع الجميع رغم أن الباب أمام أعينهم، ليس بعيدًا أبدًا ولا يتواجد مسافة من الأساس، لكنها تحب مرافقة والترحيب بالضيف حتى أخر لحظة حتى أنها تفعل هذا مع أطفال الحي.
تلك المرة لم تنزعج ريناد ولم يخرج منها أي اعتراض بل على العكس هي ترغب في شكرها لأنها تود الحديث معه……
فتحت باب الشقة ثم خرج دياب وقبل أن يُلقي التحية حتى يصعد على الدرج كانت تمنعه وهي تتحدث بنبرة لينة فهي تدرك بأنه منزعج ومهموم قرأت ملامحه، كما أن الأمر واضح والدته في المستشفى الأمر لا يحتاج إلى ذكاء:
-متقلقش هتكون كويسة ان شاء الله هو الدكتور أكيد حابب يطمن مش أكتر…
-ان شاء الله.
قالت ريناد وهي تقصد كل حرف تتفوه به لم تكن مجاملة أبدًا:
-لو احتجت اي حاجة أنتَ أو حور، أو جواد، أو حتى طنط وايناس قولي على طول مهما كانت.
الغريب بأن ريناد التي لا تستطيع التصرف ابدًا…تعرض المساعدة، وأي نوع من المساعدة التي لا تعلم هل سوف تستطيع القيام بها أم لا من الأساس من أجله هو فقط.
تحدث دياب بنبرة شاكرة:
-تسلمي.
هتفت ريناد وكأنها لا ترغب في أن تنتهي المحادثة، تريد أن تطلب منه أن يطيلها لكن المحادثات بينهما قصيرة إلى حد يغضبها ويزعجها ولو طالت يحدث لأن هناك شجار قام بينهما لا أكثر:
-على فكرة أنا هاجي بكرا أنا كمان علشان اطمن على طنط.
-ملهوش لزوم تتعبي نفسك…
تحدثت ريناد بغيظٍ:
-مفيش تعب ولا حاجة يا دياب أنا حابة أطمن عليها مع نينا بهية لو مكنش يضايقك في حاجة.
تمتم دياب بنبرة جادة:
-وهو هيضايقني ليه يعني؟ أنا بس علشان المشوار بعيد عليكم لا اكتر ولا أقل..
هتفت ريناد وهي ترد عليه بنبرة جادة وشغوفة:
-عادي مش مشكلة أنا واخدة على كده المشاوير مش بتتعبني وحتى لو هتتعبني مش مشكلة كفايا أني اشوف طنط واطمن عليها وعلشان مسيبش نينا بهية تروح لوحدها…
لم يكن له طاقة أن يجادلها…
رغم أنها تخفف قليلًا من الضوضاء والهموم التي تتواجد في عقله بسبب صوتها ونبرتها لكن يبدو أن المحادثة يجب أن تنتهي حتى لو لم يكن لأي شخص منهما رغبة لفعل هذا.
-طيب؛ عن اذنك….
….بعد مرور ساعة….
كانت حور تجلس على الأريكة بجواره بعدما عادت من درسها، كان يومها طويلًا جدًا، لديها درسين في يومٍ واحد غير امتحان ذهبت لتحضره….
كانت تتصل بأي شخص منهم حينما تسنح لها الفرصة لم يخبرها أي شخص بما يحدث أبدًا….
لقد اخفوا عنها…..
بكت بمجرد أن أخبرها دياب..
أخذها دياب في أحضانه هاتفًا:
-يا بنتي بطلي عياط ونكد، ويعني احنا كنا بنقنع أمك أنها تبات ومكناش فاضين نقولك….
ابتعدت عنه حور هاتفة بنبرة خائفة:
-لا انتم مخبين عليا حاجة اكيد مخبين عليا حاجة….
تحدث دياب بصدقٍ:
-والله ما في اي حاجة أكتر من اللي قولتها ليكي وأنتِ بكرا ان شاء الله هتشوفيها بنفسك وتتأكدي..ناخد هدوم لايناس ونروح من بدري وبعدين ياستي اتصلي بيها وهترد عليكي مفيش حاجة والله.
تمتمت حور وهي تمسح دموعها بالمنديل الورقي:
-بس كان المفروض أنا اللي ابات معاها..
هتف دياب بنبرة جادة:
-هي رايحة تصيف يا حور؟ اللي فاضي هو اللي يبات وانتِ وراكي دروس وغيره وهما يومين ثلاثة بالكتير ان شاء الله وهتكون هنا وسطنا بإذن الله….
جاء جواد من الداخل ويبدو أنه استيقظ من نومه:
-أنا جعان…
حاول دياب المرح مع شقيقته هاتفًا بسخرية:
-اهو في الحالات اللي زي دي بقا بنقول ياريت إيناس اللي كانت هنا….لأني اعرف واحدة البطاطس مش بتفلح فيها…
حاولت حور الدفاع عن نفسها من وسط بكائها:
-لا أنا بخليها جولد..
ردد دياب كلمتها باستنكار هاتفًا:
-اه جولد اه..
ثم رفع صوته قائلا رغم الظروف السيئة التي تحيط به لكنه حاول إسعادهما:
-طيب ده عرض مش بيتكرر كتير بما أن مفيش أكل النهاردة محدش عمل واحنا جعانين ومفيش حد فينا بيتصرف شوفوا عايزين تأكلوا منين وهطلبه ومش هعترض على أي مكان…..
_____________
يجلس سلامة على الأريكة يقوم بممارسة أحد ألعابه الإلكترونية…
سمع بعض الأصوات الغريبة مثل اصطدام شيء بالأرض تحدث سلامة بعدما أغلق الهاتف مرة واحدة برعبٍ:
-جهاد أنتِ كويسة؟!
ردت عليه من الداخل بنبرة مرتفعة حتى تصل له:
-اه كويسة يا حبيبي..
كانت جملتها طبيعية وصوتها لا يظهر أي شيء لكن تلك الأصوات ليس طبيعية أبدًا مما جعله ينهض من مكانه وتوجه صوب غرفة النوم التي كانت تجلس بداخلها بعدما تركته بعدما تناول العشاء معها.
وجد عدة حقائب سفر كانت تتواجد في أحد الجوانب ومنهم من كان يتواجد فوق الخزانة….
تحدث سلامة بعدم فهم:
-أنتِ نزلتي الشنط دي ليه من فوق الدولاب…وبعدين ازاي تعملي كده أصلا؟! المفروض متشيليش حاجات تقيلة…
أرادت جهاد مشاكسته وهي تضع يدها على بطنها التي لا تظهر عليها أي ملامح فهي فقد بدأت في شهرها الثاني…مازال جسدها كما هو تقريبًا…
-عايزة أحضر شنط للبيبي علشان الولادة..وبعدين هما فاضيين مش تقال..
رد عليها سلامة ساخرًا:
-هو احنا جيبنا حاجة من أساسه علشان تحطيها في الشنط، ولا هي الشنط دي بتتحضر قبل ما ندخل في الشهر التاني؟ مش شنطة الولادة دي بتتحضر لما تكون بطنك قصادك مترين ورايحين نسخن العربية علشان تولدي…
ثم أسترسل حديثه وهو يقلد حركتها على بطنها ويمرر يده على بطنه:
-وبعدين أنتِ بتعملي إيه ولا بتوريني إيه؟ هو ظاهر حاجة أصلا…بطلي عبط يا جهاد..
ضحكت جهاد بخفة وهي تقترب منه:
-بهزر معاك عايزة أغير مكانهم مبوخين شكل الدولاب ممكن نحطهم تحت سراير الأطفال..
تمتم سلامة معترضًا:
-ياستي أنا معنديش مشكلة بس برضو متشيليش حاجة تقيلة ولا تقفي على حاجة، اسمعي كلام الدكتور…لو كنتي مستعجلة للدرجة كنتي عرفتيني وجيت أنا شيلتها ليكي..
انقلبت ملامح جهاد تمامًا وهي تسأله:
-أنتَ خايف على اللي في بطني أكتر مني صح؟ حبيته اكتر ما حبيتني..
تمتم سلامة ساخرًا:
-استاذة امينة رزق مش وقتك لما نكون في موقف درامي ابقي احضري..
رفعت جهاد سبابتها في وجهه هاتفة:
-لو سمحت اوعى تقلل من هرموناتي..
-ان شاء الله.
تحدثت جهاد بنبرة هادئة:
-احنا لازم نروح لثيرابيست يا سلامة…
قالت كلماتها ثم حاوطت عنقه مما جعله يسألها بعدم فهم:
-ليه ان شاء الله يا حبيبة سلامة؟ إيه المشكلة اللي في حياتنا ولا إيه اللي مخليكي عايزة تروحي بتشتكي من إيه؟.
ابتسمت له وهي تخبره بهدوء شديد:
-علشان نتعالج أنا وأنتَ من القطط، مينفعش نكون خلاص هنبقى أب وأم ولسه بنجري من القطط، كده مش هنكون قدوة حسنة لابننا أو بنتنا مش هيكونوا شُجعان لما يلاقونا بالمنظر ده..
تحدث سلامة متهكمًا:
-جهاد تعرفي تسكتي وتبطلي تفتي؟
تمتمت جهاد منزعجة وهي مازالت على وضعيتها تحتضن عنقه:
-الله؟ أنا بتكلم في كلام علمي ومنطقي أنا لازم ابني او بنتي يكونوا شجعان…
ثم غيرت مجرى الحديث تمامًا هاتفة:
-سلامة أنا نفسي أخلف توأم أوي، تفتكر في عادات ممكن اعملها علشان يكونوا توأم؟ غير إني ادعي طبعًا.
تحدث سلامة ساخرًا تلك المرة لم يتحمل:
-طب بلاش خبرتك الحياتية علشان واضح أنها مش موجودة، ماخدتيش علوم أو أحياء في حياتك كلها؟ هو إيه اللي تعملي إيه علشان يكونوا توأم هنحطلك بيكنج بودر ولا هنزود خميرة، هما لو توأم فهم توأم من الأول، مفيش حلول تتعمل، مش هيعملوا انشطار في اللحظة الاخيرة…ولا هو واحد اتكون والتاني لسه بيشور نفسه يجي معاه ولا يستني كام سنة…
تمتمت جهاد وهي تحل يدها حول عنقه:
-أعملي فيها دكتور اعملي، أنا اللي غلطانة عمومًا إني قاعدة باخد وادي في الكلام معاك……
جذبها من خصرها هاتفًا بجدية:
-يا جهاد مهوا برضو لو اللي بيتكلم زيك مجنون يبقى اللي بيسمع عاقل، وبعدين أحنا محتاجين نزود خبرتك الحياتية شوية..
تحدث جهاد بنبرة ساخرة ووجه غاضب:
-خبرتي متفرقش عن خبرتك في حاجة يا سلامة.
تمتم سلامة رافضًا:
-لا أنا عندي خبرة عنك في حاجات كتير..
-قولي حاجة واحدة…
هتف سلامة وهو يغني أحد مقاطع الأغنية الشهيرة:
-في حاجات تتحس ومتتقالش، وأنا مش بتاع قواله أنا بتاع إحساس وبس…
نظرت له جهاد بطرف عين وهي تحاول أن تتغاضى عما قاله في حقها بأنها عديمة الخبرة وكأنها طفلة صغيرة:
-طب يلا ساعدني علشان نحط الشنط تحت السراير اللي هناك ونمسحها بالمرة..
تحدث سلامة بنبرة مغتاظة:
-عمال اتكلم في احساسيس الاحاسيس وأنتِ تقوليلي يلا نعمل الشنط، ده أنا كنت كملت الجيم أبرك ليا والله..
_______________
اليوم التالي…
…في المستشفى…
في موعد الزيارة، يجب أن يتواجد في الغرفة ثلاثة أشخاص بالأكثر، لذلك ألقى نضال التحية على والدة صديقه وتمنى لها الشفاء ثم جلس في الخارج مع صديقه تاركًا الفتيات لهم مُطلق الحرية في الجلوس مع والدتهما…..
اتصل زهران به منذ ساعة تقريبًا كان يسأله عن مكان المستشفى وأنه قادم…
أتى زهران بالفعل وهو يحمل الفاكهة الطازجة والعصائر تلك الأشياء الخاصة بزيارة المريض…
ولج إلى داخل الحجرة برفقة دياب ونضال بينما خرجت حور وجلست مع الأطفال في الخارج.
تمتم زهران وهو يجلس على المقعد البلاستيكي:
-سلامتك يا أم دياب منشوفش فيكي حاجة وحشة يارب..
هتفت حُسنية بنبرة هادئة:
-الله يسلمك يا معلم زهران تعبت نفسك والله.
قال زهران ببساطة:
-ولا تعب ولا حاجة أحنا أهل وجيران وكان لازم اجي اطمن عليكي..
ثم أسترسل حديثه وهو ينهض ولم يمر على إتيانه خمس دقائق على الاقل:
-يلا أنا همشي بقا مش عايز أطول عليكم.
تحدث دياب بدهشة:
-هو أنتَ لحقت يا عم زهران ده ملحقتش ترتاح من المشوار.
رد عليه زهران بعدما أقترب منه وربت على كتفه:
-علشان البنات يقعدوا مع امهم قبل ما الزيارة تخلص مواعيد الزيارة دي بتبقى مقرفة، يلا خلي بالك على نفسك يا ابني وعلى امك واخواتك..السلام عليكم…
رد دياب عليه هو ووالدته…
-وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
خرج نضال برفقة أبيه متمتمًا بعدما أبتعد عن الغرفة قليلا:
-مقولتش يعني أنك جاي يا بابا من الصبح فاجئتني…
تحدث زهران بنبرة جادة:
-كده قولت اجي اطمن على الولية وبالمرة امشي رجلي…..
لم يصدق نضال إجابة أبيه لذلك نظر له نظرات ذات معنى مما جعل زهران يتفوه بالسبب الحقيقي:
-دياب مش هيخليك تدفع مصاريف المستشفى علشان كده جيت أنا هروح في الحسابات اشوف إيه الدنيا ولما يعرف اني دفعتها يبقى يجي يتكلم معايا أنا بقا، يلا سلام…
قال زهران كلماته ببساطة ثم رحل ولم يعطِ فرصة حتى لنضال بأن يتفوه بحرف، وقبل أن يذهب خلفه كان دياب يخرج من الغرفة هاتفًا وهو يراقب رحيل زهران من الرواق:
-مقولتش يعني أن عم زهران جاي لما جيت معانا الصبح…
هتف نضال بهدوء وهو ينظر له:
-عادي ابويا صاحب واجب..او يمكن بيدور على عروسة جديدة يا دياب وجاي يشوف أمك ما من ساعة موضوعه مع طنط يسرا باظ وهو عايز يتجوز…
تحدث دياب ساخرًا:
-إيه أول date اللي ملهوش حل ده في المستشفى……
كاد نضال أن يرد عليه لولا أنه لمح بهية وريناد يقتربا منهما…
كانت بهية تمسك بيد ريناد التي توجهها بحذر كيف تسير لأنها نست العصا التي كانت تستخدمها في المنزل لذلك كانت هي بوصلتها……
هتف نضال بنبرة هادئة:
-بهية وقريبتها جم….
بعد مرور نصف ساعة كانت تجلس فيها ريناد؛ وبهية ومعهما حور في الداخل بينما الاطفال أخذهما نضال لشراء الحلوى لهم…
كان دياب يجلس أمام الغرفة يشرب الشاي..
سمع صوت خطوات تأتي من مسافة ليست بعيدة نهاية الرواق تقريبًا….
رفع رأسه ليجد أخر شخص قد يتوقع رؤيته في المستشفى وهي “لـــيلــى”
خطيبته السابقة..
أقتربت منه ليلى هاتفة بتردد وهو ينظر لها بدهشة:
-مساء الخير يا دياب، وألف سلامة على طنط…
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم)