روايات

رواية عطر سارة الفصل الثامن 8 بقلم شيماء سعيد

رواية عطر سارة الفصل الثامن 8 بقلم شيماء سعيد

رواية عطر سارة البارت الثامن

رواية عطر سارة الجزء الثامن

عطر سارة
عطر سارة

رواية عطر سارة الحلقة الثامنة

مر شهر..
تركت به سارة قصر علام وذهبت للعيش بمنزلها، عادت بعد يوم شاق من المكتبة التي أصبحت تعمل بها، أغلقت الباب عليها بالمفتاح أكثر من مره ثم أزالت حبات العرق من فوق جبينها والقت بجسدها على اقرب مقعد مردفه بانهاك:
_ آه ياني كل حته في جسمي بتوجعني طلع أكل العيش مر فعلا وانا مش واخده بالي، بس أنتِ قويه يا سرسوره وهتقدري تكملي كفايه اللي وصلتي له لحد هنا..
انتفضت بالقليل من الخوف على رنين جرس المنزل نظرت للساعه وجدتها العاشره مساء فوضعت كفها محل قلبها المرتفع دقاته هامسة:
_ إيه ده معقوله يكون حرامي بس الحرامي هيخبط ليه؟!.. مهو كمان محدش يعرف مكاني عشان يجي يزورني ..
قامت بخطوات مرتجفه حتى وصلت للباب، وضعت عينيها امام العدسه لتجده معتز، رفعت حاجبها بتعجب، من أين علم في عنوانها وماذا اتى به لهنا؟!.. أخذت نفس عميق بعدما شعرت بالامان وفتحت اليه ليبتسم اليها ابتسامه واسعه مردفا بنبره مشتاقة:
_ بقى كده يا ساره أفضل شهر كامل أدور عليكي إزاي تعملي فيا حاجه زي دي وتسيبي البيت وتمشي على الاقل كنتي قولي مكانك عشان ابقى اطمن عليكي..
ابتسمت بسعادة وهي تري أمامها الشخص الوحيد الذي سأل عليها بعد جدتها منذ رحيلها من قصر علام أفسحت إليه المجال ثم اشارت لغرفه الصالون مردفة:
_ تعالى يا معتز ادخل انا بجد مبسوطه انك سألت عليا بس انت عرفت مكاني منين؟!..
دلف للداخل ثم قال بحماس:
_ من تيتا، ها بقي قوليلي مشيتي ليه إحنا كلنا بنحبك مين زعلك ؟!..
حركت رأسها بهدوء قائلة:
_ ما حدش زعلني يا معتز بس كده هيبقى احسن كتير انا معرفتش اتاقلم مع الاجواء هناك..
وضع يده على كفها مردفا بابتسامة حنونة:
_ انا عارف ان بابا صعب وبيتحكم في النفس اللي احنا بنتنفسه بس هو بيعمل كده عشان خايف علينا وأنتِ خلاص بقيتي واحده مننا فلو عمل كده معاكي يبقى خايف عليكي، لمي هدومك ويلا نمشي يا ساره انا مش مطمن عليكي وانتِ قاعده لوحدك هنا وبعدين كمان تيته صحتها بقت في النازل من يوم ما مشيتي يرضيكي يعني اللي بيحصل ده..
لم تقدر على التحمل أكثر، سقطت دموعها من بين عينيها، بكت مع شعورها بأنها كانت تحتاج فقط أخ تحتمي به، ربما هي من بدأت اللعبة ولكن لم تتخيل أن تكون النهايه بهذا الشكل المؤلم القاسي.
شهر كامل ولم يكلف نفسه عناء السؤال عليها، يبدو أنها كانت ولا شيء تحت سيطرة محمود علام، بين وجعها وبكائها لم تشعر بمعتز الذي قام من محله وجذب جسدها بين أحضانه هامسا:
_ بس كفايه دموع أنتِ دموعك غاليه لو تقوليلي بس في ايه يمكن اقدر اساعدك؟!..
_ وجنابك بقى هتساعدها إزاي وأنت هربان من مدرستك..
انتفضت من محلها برعب على صوته الذي كان مثل الرعد أبتعد عنها معتز ونظر لوالده بتوتر مردفا:
_ انا ما كنتش هربان ولا حاجه يا بابا اخدت اليوم اجازه عشان اطمن على ساره هي مش من العيله برضو والمفروض نعرف هي عايشه ازاي..
نظر للصغيره وهو يقرأ ما بعينيه منذ اتى معتز على الدنيا ومحمود يعلمه من نظره عين، لذلك ضرب الفازة المجاوره اليه بقوه ثم اشار له بامر قائلا:
_ امشي من هنا دلوقتي وليا انا وانت قاعده طويله عشان لو اللي شايفه في عينك ده حقيقي مش هيبقى خير..
والاخر أيضاً يفهم أبيه لذلك انسحب من المكان دون ان يضيف كلمه أخرى، أغلق محمود الباب خلفه بقوه اهتزت على آثارها هي بخوف ورفعت قدميها لتضم جسدها على المقعد الصغير لعلها تشعر ببعض الحمايه ثم قالت بتقطع:
_ انت ايه اللي جابك هنا، وبعدين مالك بتبص لي كده ليه كاني عامله جريمه لو سمحت.. في إيه أنت بتقرب كدة لية ؟!..
بداخله نيران مشتعله لو اطلقها عليها لخرجت روحها بنفس اللحظه، مشاعر ولده واضحه وهذا ما يزيد الامر جنونا بداخله، ربما تكون مراهقه ومع الوقت ستنتهي ولكن ليست مع سارة، سحبها من كفها لتقف امامه وبيده الاخرى ضم ذقنها اليه مرضفا بنبره ناريه:
_ أنتِ عايزة توصلي لايه بالظبط ليه مصممه تطلعي اسوء ما فيا وانا مش عايز اعمل كده مش عايز اؤذيكي ولا اوجعك..
رسمت بتلقائيه ابتسامه ساخره على ملامح وجهها المختنق وقالت من بين شفتيها المرتجفه:
_ كل ده ومش عايز تاذيني امال انت كنت بتعمل ايه طول الفتره اللي فاتت ما انت اذيتني والموضوع خلاص خلاص..
حدق بها بتعجب مشيراً على صدره ثم سألها:
_ انا باذيكي؟!.. عملت لك ايه انتِ اللي من اول ما دخلتي حياتي وقلبتيها كانت لعبتك من البدايه انك تخربي بيتي انا كل اللي عملته اني ما سمحتلكيش تعملي كده..
صرخت بوجع فقلبها لم يعد يتحمل كم هذا الضغط العائشة بداخله :
_ ما كنتش عايزه اخرب بيتك انا عرفت من الكل ان مراتك تعبانه وانها مش… مش بتديك حقوقك، حسيت للحظه ان انا ممكن اكمل اللي ناقص عندها واعيش وسطيكم وانا حاسه بالامان مش باخد حسنه منك كل اول شهر لجوز اختي اللي بيسرقها مني، انا عشت سنين طول عمري بسمعها صريحه إني عايشه عندهم ضيفه تقيله ولولا فلوسك كانوا رموني بره، لما جيت عندكم البيت سألت نفسي أمتا هيزهقوا هما كمان ويبقوا عايزين يرموني بره، ما كانش قدامي حلول غير اني اخد حته صغيره من راجل كل حاجه بالنسبه له مراته، كانت الحته الصغيره دي هتكفيني كنت موافقه اعيش على الهامش مقابل عيشتي معاكم في أمان، اضمن ان يكون عندي بيت وحياه ما احسش للحظه إن ممكن اترمي في الشارع لما اللي قدامي ما يبقاش حبيب وجودي… وانت بصراحه كتر خيرك عملت كده بسرعه قوي يومين بس وزهقت ولو ما كنتش كتبت لي الشقه دي بطلب مني يوم الصباحيه كان حالي دلوقتي في الشارع انا مش وحشه انتوا اللي كلكم وحشين وانت كمان انسان وحش واستغلتني لمصلحتك وخد بالك انت ما خسرتش حاجه انا بس اللي طلعت خسرانه..
صدم من كم القهر الظاهر على ملامحها، تألم من وجعها الواضح بعينيها الباكيه وجسدها المرتجف، لا يعلم لما بداخله رغبه شديده بضمها إليه، هو ليس سيء لتلك الدرجة، شديد يعلم وقاسي ببعض الاحيان ولكنه لم يكون ظالم بحياته ابدا سألها بنبره تائهه:
_ أنتِ شايفه ان انا استغليتك؟!..
اطلقت ضحكه مذهوله ودموعها تمطر على وجهها ثم ضربته بصدره عده مرات صارخه بغل:
_ ايوه استغلتني انا جيت لحد عندك وقولت لك ان كل اللي يهمني الفلوس لو كنت راجل كويس وبتحب مراتك زي ما بتقول كنت هتامن مستقبل بنت عمك وتحسسها بالامان من غير ما تاخد منها حاجة لكن انت اللعبه عجبتك واستغليت ده كاني واحده من الشارع وانا كنت راضيه عشان بس اعيش لكن حتى العيشه استخسرتها فيا، أنت مش ملاك ولا انا ملاك بس ارجوك ارحمني واطلع بره حياتي بقى، انا سبت لكم البيت وسبت لكم كل حاجه ومشيت ارحمني مش طالبة أكتر من كدة..
هل هو مثلما وصفته ام انها ترى الموضوع فقط من وجهه نظرها؟!.. لاول مره بحياته يقف امام أحد ولا يستطيع الدفاع عن نفسه، ربما لانها وضعته امام الحقيقه او لأن ما بداخله يصعب عليها فهمه، ظل صامت لعده لحظات ينظر لها فقط يرى انهيارها ولا يعلم ما بيده..
جذبها من جديد وأغلق ذراعيه حولها لتزيد في البكاء مردفة:
_ أبعد عني أنا مش عايزاك تقرب مني، كفاية بجد مش قادرة أتحمل وجع وقهر وقلة قيمة لحد كدة، أنت مش أول واحد توجعني بس أنت الوحيد فيهم إللي قدرت تكسرني وتطلعني خسرانة، أنا بكرهك يا محمود بكرهك..
حرك رأسه برفض لتلك الكلمة، لن يتقبل منها الكره كل ما يريده منها تعويض عن كل ما ضحي به بسنوات عمره الماضية، رفع كفه ليضعها على رأسها بصدره أكثر لو بيده لجعلها بين عظمه وجلده، قرب شفتيه من أذنها هامسا بتملك واضح:
_ ماينفعش أنتِ بذات مش هقبل منك الكلمة دي، لو كنتي مظلومة في سنينك إللي فاتت فأنا كمان كنت ميت، بعد ما لقيتك رجعت فيا روحي وشبابي، مش مسموح لك بعد كل ده تهربي لأني مش هقبل مفيش بأيدك حاجة غير أنك تعوضيني فاهمة تعوضيني وبس..
ابتعدت عنه وعينيها متعلقة بعينيه، وجدت بهما اصرار غريب على ما قاله، أبتلعت لعوبها بخوف هامسة:
_ يعني إيه ؟!..
_ يعني أنا رديتك لعصمتي يا سارة..
بعد ساعة عاد محمود للبيت، وقف أمام غرفه والدته لعده ثواني قبل ان يأخذ نفس عميق ويفتح بابها دون إذن، نظرت اليه حنان التي كانت تقرأ بكتاب الله صدقت واغلقته ووضعت فوقه قبله ثم وضعته بجانبه على الفراش مردفه بضيق:
_ أنت إزاي تدخل من غير ما تخبط نسيت كمان الاحترام؟!..
تنهد بضيق قائلا:
_ ماما بلاش طريقه الكلام دي انا ما عملتش حاجه غلط..
زادت نظراتها حده وقالت:
_ بذمتك أنت مصدق نفسك العيله الصغيره دي يا محمود البنت اليتيمه اللي كانت بتتحمى فينا من الدنيا؟!.. ما أنا ياما قولت لك اتجوز وكنت بتقولي لأ انا ما اقدرش اكسر قلب عايده ولا اجيب عليها ضره تاخد منها حته من جوزها حتى لو كانت عيانة، اشمعنا دلوقتي لغيت كل مبادئك ويوم ما تعمل كده تعملها مع مين؟!.. مع واحده ما لهاش ضهر ولا سند غيرنا هتقولي ايه يبرر لي مصيبه زي دي. أنت خيبت املي فيك انا طول عمري شايفاك الكبير اللي ما بتغلطش سندي في الدنيا انت طلعت شبه طاهر.. انا عملت كل حاجه في الدنيا عشان ما تطلعش زيه وبرضو طلعت زيه..
أغلى ما لديه هي والدته، لم يتحمل خيبه الأمل الظاهره بعينيها وجلس امام قدميها على ارضيه الغرفه قائلا:
_ لأ يا ماما انا مش شبه بابا وطول السنين اللي فاتت دي متحمل اني أعيش من غير ست عشان ما اشوفش في عين عايده الوجع اللي بشوفه في عينك كل ما تبصي لبابا بس انا بني ادم ومن حقي أعيش عمري بيخلص مش من حقي افرح فيه يومين..
بكل أسف ومثل عادتها معه يحن قلبها اليه من كلمه واحده من نظره تشعر بداخلها بقلة حيلته جذبته ليجلس بجوارها على الفراش وقالت ببكاء:
_ لأ من حقك يا محمود وانا ياما قولت لك ان علاقتك بعايده مش زي علاقتي بابوك وأنه كان بيعمل كده بمزاجه رغم ان عمري ما نقصته حاجة، الحكايه مش شبه بعضها يا ابني بس كنت بترفض وبتصمم على رأيك تقدر تقولي بقى اشمعنى العيله الصغيره دي اللي تعمل فيها كده؟!.. انا لو بعاتبك فانا بعاتبك على ساره مش على جوازك اللي كلنا اتحايلنا عليك فيه بدل المره ألف..
ماذا يقول وهو لا يعلم الإجابة؟!.. كيف يوصف ما يشعر به وهو عاجز، تائه، فقط يريد البقاء يريد ان يضمن وجودها بين يديه، ربما يكون أناني ولكنه موافق على أنانيته معها ولن يتنازل عنها، أخذ نفس عميق وكتمه لعده ثواني ثم اخرجه على تمهل ووضع راسه على فخذ والدته قائلا:
_ أهو السؤال ده بالذات انا مش عارف له إجابة، مش عارف اشمعنى هي.. يمكن لأنها صغيره ويمكن عشان حلوه ويمكن عشان لما بشوفها بحس انها ما لهاش غيري، مش عارف يا أمي وما تقوليليش سيبها، لأني مش هسيبها هي اتولدت عشاني ربنا خلقها تعوضني وانا كمان هعوضها هي بتدور على امان وانا هديه لها، يمكن تشوفيني ظالم وحتى لو كنت ظالم زي ما أنتوا كلكم شايفيني موافق ابقى معاها ظالم وأناني ومش بفكر غير في نفسي وبس، أنا ما اذيتهاش أنا اتجوزتها على سنه الله ورسوله، يمكن حرمتها من الفستان الأبيض والناس كلها تبقى عارفه لكن مش كل حاجة الإنسان بيحلم بيها بياخدها، بتبقى حاجه قصاد حاجه وهي كانت راضيه يبقى خلاص تفضل راضية..
صمتت حنان وهو الآخر صمت، ما قاله كان كافي لوصف حالته، ولدها العاقل وصل إلي مشارف الجنون وحديثها سيزيد الأمر سوء، تنهدت بتعب وهمست بعدما شعرت بانتظام أنفاسه:
_ ربنا يريحك قلبك يا إبني ويجعلك ليها زوج صالح ويجعلها ليك زوجة صالحة..
_____ شيما سعيد ______
بصباح يوم جديد..
فتحت سارة عينيها بتعب، عضت على شفتيها لتقلل من حدة ألم رأسها، ردها إليه وتركها وذهب وكأن رأيها لا يعني له شئ، مستمر بفرض سيطرته عليها وهذا ما يجعلها تشعر بالكراهية تجاهه، تجمدت محلها وهي تراه يدخل عليها مرتدي منامة نومه ويحمل صنية الافطار، انتفضت من فوق الفراش مردفة بغضب:
_ أنت بتعمل ايه هنا وايه اللي انت لابسه ده لا تكون فاكره بيتك..
رفع حاجبه إليها متعجباً وألقى عليها قبله سريعه ثم وضع الطعام على الفراش وبدأ يأكل ببساطة مردفا:
_ ما هو فعلا بيتي وبيت مراتي يلا يا روحي قومي اغسلي وشك وسنانك زي الشاطره كده وتعالي عشان نفطر..
نزلت من فوق الفراش صارخة:
_ مرات مين؟!.. لأ ثواني كده عشان انت فاكرني كيوت، انا ما لقيتش حد يربيني وعيت على الدنيا كانوا ابويا وامي مع السلامه واللي مربيني ازبل اتنين ممكن تشوفهم في حياتك، يعني انا مش مولوده في كومباوند يا ابن الباشوات خد نفسك كده وريني عرض قفاك واياك تفكر تدخل بيتي تاني هبلغ عنك..
ألقي عليها قطعة من الخيار وقال ببرود:
_ ولا أنا كمان متربي فلمي نفسك واخلي العيشه تبقى بالرضا عشان لو ما كانتش كده هتبقى بالغصب، هتشوفي مني وش وحش مش عايز اوريه لك..
_ براحتك أنا ما بقاش عندي حاجه اخسرها شوف اخرك فين واعمله، خد بالك خمس دقايق بالضبط لو ما غيرتش البيجامه دي وطلعت من هنا باحترامك هخليك تطلع بالبوليس، شوف شكلك هيبقى عامل ازاي قدام عيلتك يا محمود بيه واللي قدام المدام، ممكن لا سمح الله مشاعرها تتجرح وقتها مش هنعرف نلم مشاعرها المتبعتره وانا عارفه انت قد ايه بتحبها وبتخاف عليها فخاف على صحتها وامشي من هنا احسن لك..
يبدو أن الصغيره غير تلك الصورة التي رسمتها بخياله، تركت ما بيده وقام من محله بتمهل، ظلت عيناه مثبتة عليها يقول إليها الكثير ويتمني أن تفهم ما يرسله لها، تجاهلت أقترابه منها قررت التحلي بقوة وبداخلها تطمن قلبها بهذا البيت والمكتبة التي تعمل بها..
جذبها من خصرها مغلقا يده حوله ثم رفع يده الأخري ومررها على بشرتها الناعمة هامسا بنبرة خشنة:
_ اممم ده وش جديد بقى ما كنتش اعرفه ليكي، طلع عندك ضوافر وبتخربش حمستني ليكي زيادة يا سارة اكتر ما انا متحمس، كل يوم بيمر بينا بحس ان اللي جاي معاكي هيبقى حاجه مختلفه وممتعة..
أسلوبه مستفز لابعد درجة، يضمها اليه بتملك وكأنه يقولها صريحة ” أنتِ ملكي وليس من حقك الإعتراض” وهذا ما زاد الأمر جنوناً إبتعدت عنه ووضعت كفها على صدره لتبعده عنها، تحكم بها أكثر ونزل بأصابعه على شفتيها يمنعها من الحديث مكملاً:
_ بقى يا بسبوسه بتهدديني انك تبلغي عني البوليس؟!.. ويا ترى بقى لما البوليس يجي عشان يقبض عليا هتقولي له ايه، جوزي وبطرده بره بيته مش لطيفه في حقك، وقتها ممكن مثلا تهب في دماغي واعمل حركه قليلة الأصل واستخدم نفوذي وابيتك ليله ليلتين في الحجز تشوفي الأجواء هناك عامله ازاي..
للمرة المليون يظهر عجزها ويفتخر بسيطرته عليها، ترقرقت الدموع بعينيها هامسة:
_ بجد حرام اللي أنت بتعمله ده هو أنت عايز مني ايه تاني؟!..
تنهدت وأجابها هو الآخر بنفس شعور العجز:
_ عايزك عرفت اني مش هقدر اعيش من غيرك محتاجك في حياتي زي ما كنا متفقين الأول..
أبتلعت تلك الغصة المرة بحلقها الجاف مردفة:
_ وأنا ما بقتش عايزه، مش عايزة اكمل معاك أنت راجل بتحب مراتك وما فيش في قلبك مكان لغيرها، أنا مش الست اللي ابقى على الهامش استحق نهايه احسن من كده بكتير اللي زي ربنا خلقها عشان تحب وتتحب تخلف، كنت غبيه لما فكرت ان الفلوس هي اللي هتحميني أو حتى هتحسسني بالأمان أنا أماني الحقيقي مع راجل بيحبني وأنت مش الراجل ده..
صرخت بألم عندما ضغط على شفتيها بقوه وعيناه يتطاير منها نيران الغضب دفعها لتسقط على الفراش صارخا بجبروت:
_ إياكي تفكري تجيبي سيره راجل تاني أو تتخيلي نفسك مع غيري، لأن وقتها مش هتردد لحظه واحده فاني أخد روحك من بين ضلوعك..
أغلقت عينيها بخوف ليذهب هو إلي الخزانة ليأخذ بذلته البنيه وبدلها أمامها ثم ألقي عليها نظرة أخيرة قبل أن يأخذ هاتفه والمفاتيح ويترك لها المنزل قائلاً:
_ البيت ده مش هيفضل يحميكي كتير يا سارة..
_____ شيما سعيد _______
بنفس اليوم مساءاً..
كان يقف بسيارته على بعد مسافة صغيرة من منزلها، فتح زجاج السيارة وتحدث مع أحد رجاله بنبرة جامدة:
_ دقايق والبيت ده يبقي كوم تراب بس أياك تطلع منه فيها خدش واحد ساعتها هدخلك جواه تنتهوا سوا..
أومأ الرجل إليه برعب ووضع يده على عنقه قائلاً:
_ على رقبتي يا باشا الهانم هتطلع صاخ سليم، ما أنت عارفني شغلي مافيش منه..
أغلق الآخر زجاج السيارة قائلا بسخرية:
_ وريني شغلك..
بغرفتها خرجت من المرحاض وهي ترتدي روب الإستحمام وبيدها منشفة تجفف بها خصلاتها، وقفت أمام المرايا وعينيها تمر على أقل تفصيلة بها بحسرة، جمال كانت تري حقد وحسد الجميع من حولها بسببه ولم تأخذ منه إلا غيرة الفتيات وطمع الرجال، أبتعدت عن المرايا بضيق قائلة:
_ الاحسن لسة جاي يا سارة الدنيا هتضحك لك قريب أوي، بقي عندك بيت وشغل وووو يا لهوي….
صرخت بكل قوتها تشم رائحة النيران بكل مكان حولها، ركضت لتفتح باب الغرفة وهنا تجمدت ساقيها البيت يحترق باقي بينها وبين الموت خطوة واحدة..
مرت عليها لحظات من الرعب أغلقت باب الغرفة عليها بخوف كأنها تحتمي بها من مصير محتوم، لحظات أخري وجدت حالها ترفع هاتفها وتطلب رقمه تعلم رغم كل شيء بينهما أنه الوحيد الذي يهمه حياتها، أجابها بهدوء:
_ خير..
_ الحقني يا محمود البيت بيولع أرجوك تعالي خرجني من هنا بدأت اتخنقت..
_ هكون عندك حالا متخافيش طول ما أنا جانبك..
زاد شعورها بالاختناق فقالت:
_ بموت..

يتبع…..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية عطر سارة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *