رواية أحببتها ولكن 7 الفصل الثامن والثمانون 88 بقلم بيسو وليد
رواية أحببتها ولكن 7 الفصل الثامن والثمانون 88 بقلم بيسو وليد
رواية أحببتها ولكن 7 البارت الثامن والثمانون
رواية أحببتها ولكن 7 الجزء الثامن والثمانون

رواية أحببتها ولكن 7 الحلقة الثامنة والثمانون
وإن ضاقت عليك الأرضُ يومًا،
فلا تيأسْ…
فربُّك واسعُ الرحمة،
يأتيك بلطفٍ حيث لا تدري،
ويمسحُ على قلبك المكسورِ في لحظة.
هو الذي إن ناديتَه سرًّا،
أجابكَ جهرًا…
وإن بكيتَ في زاويةٍ منسية،
أرسل لك نورًا من عليائه يُضيء دربك.
تعثّر قلبك؟
تعبتْ روحك؟
ضاعت خطواتُك؟
يكفي أن تهمس: “يا رحيم”،
فيملأ الطمأنينة في صدرك،
ويغسل وجعك بماء الرضا.
_ارتجال.
_____________________________
رحمة الله ليست بعيدة كما يتخيلها البعض، إنها أقرب مما نُدرك، تُلامسنا في لحظات الانكسا’ر، وتحتضن أروا’حنا حين تتيه بين الذنب والضعـ.ـف، لا تحتاج لاستحقاق ولا تُقاس بمعايير البشر، بل تأتيك فجأة، تمامًا كما يفعل النور حين يشـ.ـق عتمة طويلة، ربما تُخفيها الأقدار خلف أ’لم، أو تُخبئها في هيئة تأخير، لكنها دائمًا هناك … تنتظر قلبًا يوقن بها ولو بعد حين..
<“لحظة خـ.ـطفها، لحظة تمسّك بها.”>
في شقة “حُـذيفة”،
كانت “أيسل” تقوم بتنظيف شقتها بعد أن رافق أبيها زوجها وطمئنها عليه، بينما كان “عـدنان” يجلس أمام شاشة التلفاز الكبيرة يُتابع مباراة فريقه المفضّل لأول مرَّة بهدوءٍ على غير العادة، كان يسند رأسه إلى كفيه وعينيه مثبتتان فوق الشاشة وكأنه يشاهد فيلمًا عاديًا، وقفت “أيسل” على عتبة الغرفة تنظر إليه بعد أن وصلها صوت المُعلّق يُهلل لإحراز فريقه المفضّل الهدف الأول بعد أن توقّعت سعادته وصر’خاه المعتاد، ولكن هذه المرة لم يسعد، لم يُهلل، لم يصر’خ ويقفز فرحةً..
_غريبة، أنا قولت إنك هتفرح وهتتنـ.ـطط زي كُلّ مرَّة، إيه اللِ جرى ..!!
هكذا قالت وهي تجاوره في جلسته، رفعت يَدها وهي تمسح فوق خصلاته الناعمة بحنوٍ، نظر إليها “عـدنان” وجاوبها بنبرةٍ تكسوها الملل قائلًا:
_الماتش مش حلو عشان بابا مش بيتفرج عليه معايا.
لامست كلماته قلبها وجعلت الحزن يتمـ.ـلّك مِن قلبها مِن جديد، تذكّرت أن في مثل هذه الأوقات كان “حُـذيفة” يأخذ عُطلة خصيصًا لأجل متابعة مباريات فريقهما المفضّل مع ولدها، في مثل هذه اللحظات كان صوتهما يتغلغل في أذنيها وكأنها سمفونية ذات نغمات هادئة، تذكّرت كيف كان يُعانقها مع كُلّ هدف يُحرزه الفريق وكُلّ كلمة يقولها إليها يغدقها بها، أخرجت زفيرة هادئة ونظرت إليه مبتسمة الوجه وقالت:
_عندك حق، كان الماتش بيكون حلو بوجوده، بس هو قريب هيفوق ويبقى كويس، وعشان كدا لازم تفرحه بفوزه، قولي مين اللِ جاب الهدف دا عشان أنا مبفهمش فالكورة ومعرفش مين اللِ بيلعب.
_واحد أسمه “لويس دياز”، مِن اللاعيبة المفضّلة ليّا أنا وبابا، بس هو بابا هيكون كويس بجد ولا بتقوليلي كدا عشان أسكت ومسألش عنه، أنا خا’يف أوي عليه وحاسس إن في فراغ جوايا عشان هو مش موجود.
كلماته تؤ’لمها قبل أن تؤ’لمه هو، فهي تتفق مع كُلّ كلمة يقولها ولدها، وجود زوجها يُشكّل فارقًا في حياتهما، ليس مجرد زوج أو أب، بل هو في مقامٍ أكبر مِن ذلك بكثير، ولكن يجب أن تكون قوية حتى تُكمل هذا الفراغ الذي تركه فجأةً، برغم العذ’اب الذي تعيش فيه الآن ولكنها تثق في ربها وتعلم إن ضا’قت فعند الله المتسع، برغم آلا’مها وحزنها على زوجها ابتسمت في وجهه، بسمة مو’جعة ولكن في ثناياها الأمل حاضرًا:
_هيرجع، بُكرة يرجع وهتقول ماما كان عندها حق ومش هيبعد عننا تاني، عشان هو عارف إننا بنحبه أوي ومنقدرش نعيش مِن غيره لحظة واحدة، المهم إنك تدعيله.
عانقها الصغير واضعًا رأسه فوق صدرها يستشعر الأ’مان الذي افتقـ.ـده في أحضانها، لم تبخل عليه، لم تُبعده عنها ولم تحر’مه مِن الشعور بالأ’مان، برغم أنها تفتقره في تلك اللحظة، ولكن مثلما يُقال فاقد الشيء يُعطيه، وهي أعطته ما تفتقده في هذه اللحظة، ثبتت عيناها الدامعة فوق شاشة التلفاز الكبيرة، وشردت بعقلها بعيدًا، تتذكّر حبيبها، تتذكّر جميع الذكريات الجميلة التي كانت بينهما حتى هذه اللحظة..
منذ أن قرر خطبتها يوم تخرجهما سويًا، مرورًا بعامٍ ونصف كامل، حتى تزوجا وكان في تلك الليلة يراها وكأنه لم يرى أنثى جميلة مِن قبل، عادت ذاكرتها تُذكّرها بتلك اللحظة التي صارحها بها وأخبرها بما لا يعلمه غيره:
_أول مرَّة أشوف بنـ.ـت حلوة فحياتي، مش ببا’لغ أو بقولك كلمتين يفرحوكي وخلاص، بس أنا لمَ بدأت أكبر كان بيتقالي لازم تغض بصرك، لازم تغض بصرك عشان متتفـ.ـتنش بجمال بنـ.ـت حوا، وقتها أنتَ اللِ هتشيل ذنبك لوحدك محدش هيشاركك فيه معاك ولا حد هيتحاسبلك، عشان كدا حاولت على قد ما أقدر أعمل كدا، مفيش حاجة مستحيلة ولا صـ.ـعبة، بس أنا أقدر أخليها أسهل عليّا، عشان كدا بصارحك بالحقيقة، أول مرَّة عيوني تيجي على واحدة ومحدش يقولي حرام غضب بصرك، خلاص النظرة بقت حلال.
بسمةٌ خفيفة ارتسمت فوق شفتيها بعد أن تذكّرت تلك اللحظة، ومِن بعدها تذكّرت أول عناق، كانت حياتها معهُ مُميّزة، وكأنه يصطحبها لعالمٍ بعيدٍ عن الجميع، لا يجمع سواهما، استفاقت على صوت المُعلّق الذي هلل عاليًا بعد أن ضاعت الكرة ولم تسكُن الشباك، نظرت إلى “عدنان” الذي كان يشاهد المباراة بتركيزٍ ليجذ’ب انتباهها صوت جرس الشقة يعلو في الخارج..
نهضت بحذ’رٍ بسبب انتفا’خ بطنها وتركت ولدها وخرجت بخطى بطيئة بعض الشيء، وقفت خلف الباب ووضعت خمار منزلها فوق رأسها ثمّ امسكت المقبض وأدارته بخفة ليُفتح الباب ويظهر “شهـاب” أمامها لأول مرَّة تقريبًا، شَعَر “شهـاب” بالقليل مِن الإحر’اج ولذلك حمحم بهدوءٍ وقال:
_أتمنى مكونش أزعجتك، آسف لو جيت مِن غير ميعاد.
نفت “أيسل” قوله ورفعت عنهُ الحر’ج حينما قالت بنبرةٍ هادئة وابتسامة خفيفة تزين شفتيها:
_لا مفيش أي أزعا’ج، أتفضل.
وَلَجَ “شهـاب” ووقف بعيدًا عنها، بينما أغلقت هي الباب وألتفتت إليه تعتذر لهُ على الفو’ضى التي تُخلّف شقتها بقولها:
_آسفة على المنظر دا، بس اللِ حصل كركب الدنيا وقولت يعني استغل الفرصة وأجي أروقها وبالمرة “عدنان” يرتاح شوية مِن تعـ.ـب المستشفى.
رفع عنها الحر’ج هذه المرة بقوله الهادئ:
_لا ولا يهمك كان الله فالعون، هما بس كلموني وقالولي إنهم مشغولين شوية بخصوص القضـ.ـية ومحدش فاضي فقالولي يعني أعدي أخدكم فطريقي للمستشفى.
ردت عليه “أيسل” تعتذر مِنْهُ بقولها الحر’ج:
_متواخذنيش، بس بصراحة أنا لسّه مخلصتش وقدامي ساعة كمان، فأنا بصراحة مش عارفة إيه اللِ المفروض يحصل دلوقتي وهيبقى حرام عليّا أوديك المستشفى وبعدها بساعة تيجي المسافة بعيدة، لو مش هز’عجك أو أدوشك ممكن تقعد مع “عدنان” جوّه هو لوحده وبيتفرج عالماتش وهو مضا’يق عشان كان متعود إن “حُـذيفة” بيكون معاه على طول.
قبل أن يرد عليها أو يأخذ لحظة للتفكير في الأمر خرج “عدنان” بوجهٍ عابس، نظرا إليه معًا لتسأله “أيسل” عن السبب قائلة:
_مالك يا “عدنان” سيبت الماتش ليه.؟
نظر إليها “عدنان” متجهم الوجه وجاوبها بنبرةٍ تملؤها الضيـ.ـق قائلًا:
_مليش نفس أتفرج عالماتش لوحدي، مش عايز أعمل أي حاجة.
تقدّمت مِنْهُ خطوتين وجاوبته بنبرةٍ هادئة قائلة:
_طب ولمَ بابا يفوق ويعرف إن فريقكم المفضّل لعب وأنتَ متفرجتش عليه عشان تقوله إيه اللِ حصل إيه اللِ ممكن يحصل.
نظر إليها “عدنان” ولم يتحدث، بل اشاح بصره بعيدًا عنها والعَبرات تلتمع داخلهما بوميضٍ لم يُخفى عن “شهـاب” الذي تقدّم مِنْهُ، فصـ.ـل المسافة القائمة بينهما، جلس القرفصاء أمامه ونظر في عيناه وحادثه بنبرةٍ هادئة بقوله:
_”حُـذيفة” قالي قبل كدا إنك بتحب ماتشات الليفر وعُمرك ما فَوِت ماتش واحد، وبيني وبينك أنا كمان مِن عشاق الليفر وعارف مِن اللِ جاب الجول الأول مِن غير ما أشوف الماتش.
نظر إليه “عدنان” نظرةٍ متر’قبة وكأنه لا يُصدق حديثه، كان الشـ.ـك يحوم داخل قلبه ولذلك سأله بنبرةٍ متر’قبة:
_عرفت أزاي؟ طب قول مين اللِ جاب الجول الأول.؟!
أبتسم إليه “شهـاب” وجاوبه بنبرةٍ هادئة وهو ينظر إليه نظرةٍ واثقة:
_”لويس دياز” جاب الجول الأول باسيست مِن “صلاح”.
جحظت عينان “عدنان” قليلًا وكأنه لا يُصدق ما سَمِعَه قبل لحظات، نظر إلى والدته التي كانت تنظر إليه وابتسامة خفيفة ترتسم فوق شفتيها ثمّ عاد ينظر إلى “شهـاب” وسأله بنبرةٍ فضولية:
_عرفت أزاي.؟
اتسعت البسمةُ فوق شفتين “شهـاب” الذي جاوبه بنبرةٍ هادئة:
_سر مينفعش أقولك عليه … تيجي نكمل الماتش مع بعض.؟
أقتراحًا بسيطًا فتح أمام “عدنان” طاقة مِن الفرحة والحما’س اللامحدود، وجد أخيرًا شريكًا يشاركه ما يُحبّه، وكأنه وجد كنزًا ثمينًا لم يسبُق أن وصل إليه أحدًا، وافق على الفور بقوله الحما’سي:
_موافق طبعًا، بس قولي الأول مين تاني نادي بتحبّه بعد الليفر.؟
أبتسم إليه “شهـاب” وجاوبه بنبرةٍ هادئة بقوله:
_ريال مدريد ومانشستر سيتي طبعًا.
قام “عدنان” بمصافحته بحركة صبيا’نية كما أعتاد مع أبيه وقال بوجهٍ مبتسم:
_أنا وأنتَ بقينا صحاب خلاص.
ضحكة هادئة أرتسمت فوق شفتي “شهـاب” وهو ينظر إليه، وكأنه يرى رفيقه أمام عيناه، يُشبهه للغاية وكأنه نُسخة مُصغرة مِنْهُ، اصطحبه “عدنان” إلى الغرفة وجلس مجددًا فوق الأريكة وجاوره هذه المرة “شهـاب”، اندمج الصغير مع المباراة بينما نظر “شهـاب” إلى “أيسل” التي وقفت على مقدمة الباب وقال:
_تقدري تقفلي الباب عشان تاخدي راحتك وأول ما تخلصي عرفيني عشان نتحرك لأن محدش معاه تقريبًا.
حرّكت “أيسل” رأسها برفقٍ وهي تبتسم إليه ثمّ سألته بنبرةٍ هادئة:
_تحب تشرب إيه.؟
جاوبها “شهـاب” بنبرةٍ هادئة بقوله مبتسمًا:
_لا أنا مش عايز حاجة شكرًا.
حرّكت رأسها مجددًا برفقٍ وهي تبتسم لهُ ثمّ وجّهت حديثها إلى صغيرها قائلة:
_”عدنان” نقعد محترمين زي ما متعودين ومنضا’يقش عمو كتير.
نظر إليها الصغير وأومأ برأسه دليلًا بموافقته على حديثها، بينما خرجت “أيسل” وأغلقت الباب خلفها بالمفتاح لتبدأ تنظيف بقية الشقة براحة تاركةً صغيرها مع “شهـاب” الذي نظر إليه وضمه بذراعه الأيسر إلى أحضانه مبتسم الوجه بعد أن بدأ يُتابع المباراة مع الصغير.
__________________________
<“مواجهة لم تكُن هينة، لم تكُن سهلة.”>
المواجهة كانت حتمية، حاسمة، وكأن قرارًا أُتُخذ فجأةً ولن يتراجع صاحبه بهِ مهما كلفه الأمر، كان “ليل” يقود سيارته بسرعةٍ كعادته، يجاوره “يـوسف” الذي كان ينتظر اللحظة الحاسمة وفي الخلفية كان “رمـزي” جالسًا وهو غير راضٍ عمَّ سيحدث بعد قليل..
وصلوا أخيرًا إلى الوجهة المنشودة، صف “ليل” سيارته أمام بوابة البيت الكبير وهو ينظر إليه واجهة البيت، نظرته تحمل الشـ.ـر، الوعيد، وبجانبه “يـوسف” الذي قال بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_لقد وصلنا يا رفاق، دي باينلها هتحلو عالآخر.
هبطوا جميعًا مِن السيارة وأعينهم مثبتةً فوق المنزل، حديقة واسعة يتوسطها منزل حجمه كبير واجهته تعكس رُقي أصحابه، تحدث “يـوسف” ساخرًا وهو ينظر إلى واجهة المنزل قائلًا”:
_يعني ابن ناس وعيشة مرتاحة وڤيو حلو وبيت يتمنى يسكنه كلـ.ـب بلدي، أحيه عالنية السو’دة، دا صدق اللِ قال الكلـ.ـب المصعو’ر لو أديته حتة لحـ.ـمة بيرجعلك تاني عشان تديله، ودا ربنا مديه بس مش شبعان، عيني على حظكم الفقـ.ـر يا عيلة الدمنهوري.
كانت عينان “ليل” تتفحصان المكان مِن حوله وكأنه يدرسه، جاءه سؤال “يـوسف” هذه المرة حينما قال:
_هندخل أزاي يا رياسة.؟
جاء الرد هذه المرة مِن “رمـزي” الذي كان غير راضٍ عمَّ يفعلانه قائلًا:
_يا جماعة كدا مينفعش اقسم بالله، أعقلوا شوية هتروحوا فد’اهية.
ألتفت “يـوسف” نحوه ينظر إليه بتهكمٍ واضح ثمّ جاوبه بنبرةٍ ساخرة:
_وربنا المعبود لتسكوت يا شيخ، أسكت عشان أنتَ طيب وطيبتك دي هتوديك فدا’هية.
شَعَر “رمـزي” أن رفيقه يسخر مِنْهُ ولذلك جاوبه بنبرةٍ حا’دة:
_”يـوسف” على فكرة أنا مبهزرش، تفكيركم الشيطا’ني دا مش هيجيب معاكم غير المصا’يب وبس.
أخرج “يـوسف” سيجارة وضعها بين شفتيه ثمّ أخرج قداحته وأشعـ.ـل السيجارة خاصته ليسحب نفسًا عميقًا مِنها ثمّ يزفره بعمقٍ، نظر إلى “ليل” وقال بنبرةٍ هادئة:
_طبعًا سعتك مبتدخنش عشان ظابط ودا مبيدخنش عشان شيخ والتدخين حرام، أنا الوحيد اللِ متربتش هنا.
أبتسم “رمـزي” ساخرًا وجاوبه بنبرةٍ تهكمية:
_كويس إنك عارف نفسك واللهِ.
تجاهل “ليل” سخريته ووجّه حديثه إلى “ليل” مشيرًا نحو السو’ر الحد’يدي الفاصل بينهم وبين الحديقة الداخلية قائلًا بجدية:
_أنا بقول ننـ.ـط مِن عالسو’ر لجوّه، إحنا لسّه هنخبط ونستأذن ونستنى جناب الملك لمَ يتكرم عليك عشان يفتحلك، الأصول بتقول صاحب البيت مش موجود يبقى أنتَ المشرف حين عودته.
_لا واللهِ؟ ودا فحُكم مين إن شاء الله ..!!
ر’ماه “رمـزي” نظرةٍ حا’دة بعد أن أز’عجه تفكير رفيقه المختـ.ـل ليأتيه الجواب حاضرًا مِن “ليل” الذي وافق على اقتراح “يـوسف” بقوله الهادئ:
_تصدق يا “چـو” عندك حق، مِن أمتى وكان في بنا أصول أساسًا دا محتاج درس فالأصول لوحده دا أقل واجب أعمله مع أهله.
أبتسم “يـوسف” بعد أن وافق “ليل” على حديثه ثمّ نظر إلى “رمـزي” الذي لم ييأ’س ووقف في مواجهتهما بالمر’صاد تزامنًا مع قوله الحا’د:
_جنا’ن أهلكم دا أنا مبحبهوش، نعقل بدل ما تروحوا فدا’هية أنتوا بتقرروا مِن غير ما تفكروا ودا جايبكم لورا على طول، يا جدعان فينا مـ.ـخ مش كُلّ حاجة بالد’راع كدا ..!!
نظر إليه “ليل” نظرةٍ ذات معنى ثمّ جاوبه بنبرةٍ هادئة وقال مبتسمًا:
_لا يا حبيب أخوك مبتتحسبش عندنا كدا، “يـوسف” بيتكلم صح، أحسن حاجة نها’جم الخصـ.ـم وهو مدي الأ’مان، عشان لمَ يتلسو’ع تعلّم على قفاه العُمر كُلّه، أنا لو حد د’اسلي على طرف بد’وس على أُمّه، ما بالك باللِ دا’س على أخويا وفر’مه وكمل عادي.
جاءه جواب رفيقه الذي قال بنبرةٍ هادئة:
_متتعـ.ـبش نفسك كتير يا “رمـزي”، إحنا خدنا القرار خلاص.
أنهى حديثه مقتربًا مِن الجدار الحد’يدي العا’زل بينهم وبين الحديقة الخارجية، عانقت شفتيه السيجارة ثمّ بدأ يتصلّـ.ـق الجدار الحد’يدي ذاك بسلاسة وكأنه خبيرًا في هذا الأمر، تفاجئ “رمـزي” بفعل صديقه، يراه يتصلّـ.ـق بمهارة وكأنه خبيرًا في هذه الأمور، ومعه “ليل” الذي اندهش بفعله وعقب على فعله ذاك بقوله:
_اقطـ.ـع دراعي مِن هنا إن ما كُنت بتشتغل حر’امي ڤلل قبل ما تتوب وترجع تاني.
أصبح جـ.ـسد “يـوسف” بالجهة الداخلية للحديقة بعد أن تصلّـ.ـق بمهارة وسهولة، نظر لهما وقال بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_ياض دا أنا صا’يع على قديمُه أنتَ غلبان متعرفش حاجة.
نزل بمهارة وألتفت بعدها ينظر حوله إلى المكان، حديقة واسعة خضـ.ـراء، مقاعد خشبية بيـ.ـضاء يتوسطها طاولة متوسطة الحجم في إحدى زوايا الحديقة، وأخيرًا هذا البيت الكبير الذي يؤدي إليه ممر طويل، لحظات وكان “ليل” يجاوره متفحصًا المكان بعيناه..
_البيت بتاع ولاد ناس، إنما صاحبه مش كدا خالص.
هكذا عقب “يـوسف” على ما يراه أمامه، بينما شَعَر “ليل” أن تلك هي لحظته المنتظرة ولذلك نظر إلى “يـوسف” وقال:
_فضهر بعض.
نظر لهُ “يـوسف” وجاوبه بنبرةٍ جادة:
_رجا’لة عابدين مبيسبوش حد فضـ.ـيقة حتى لو فيها د’م، خش وأنا فضهرك.
كلاهما أجتمعا على قرارٍ واحد، فر’يستهم واحدة وهدفهم واحد، لن يصعُـ.ـب شيئًا على “ليل” فإن أراد شيئًا بعينه يأخذه وإن كان بالقو’ة، وعن “يـوسف” فكان وكأنه صورته المعكوسة التي تشجعه على مصا’ئبه السو’د’اء مهما كانت نتائجها في الأخير..
وفي الخارج ظل “رمـزي” وحيدًا بعد أن حاول إيقافهما عن جنو’نهما وفشـ.ـل في ذلك، يقف منتظرًا ومتر’قبًا مِن أيُ إتجاهٍ ستسـ.ـقط الكا’رثة فوق رأسه، برغم غـ.ـضبه مِنهما وعدم راحته لِمَ يفعلانه حاول طر’د الأفكار السو’دا’ء مِن رأسه مستغفرًا ربه، منتظرًا أولى كوا’رثهما.
في الداخل تسـ.ـللا كاللـ.ـصوص، وكأنهما يخططان لسر’قة قصر الملك ليس وكأنهما خططا للإيقا’ع بفر’يستهما، كان “ليل” في المقدِّمة، يتر’قب كُلّ خطوة يخطوها، فهو يعلم أن “جرجس” ليس هينًا خصيصًا عندما يما’رس طقوس السحـ.ـر، بينما كان “يـوسف” خلفه، يحاميه ويَده بداخل جيب سترته ممسكًا بمُد’يته تحسُبًا لأي لحظة غد’ر مِن الممكن أن تفاجئهما..
رائحة قوية تسللت إليهما، رائحة لا يعلمها إلا مما’رسي السحـ.ـر، رائحة الشـ.ـر تفوح في الأرجاء، وضـ.ـحية جديدة تسـ.ـقط بين يَديه، تساءل “ليل” عن مصدر الرائحة بقوله:
_إيه الريحة دي.؟
جاوبه “يـوسف” بتهكمٍ واضح وبسمةٌ ساخرة تُرسم على زاوية فمه:
_ريحة الحبايب.
ألتفت إليه “ليل” برأسه ينظر إليه مستنكرًا قوله تمامًا، بينما جاوبه “يـوسف” ساخرًا بعد أن نظر إليه بقوله:
_أومال عايزني أقولك إيه، دا زمان إبليـ.ـس وكـ.ـتيبته جوّه معاه، عاملين قعدة عرب عشان يشوفوا هيعملوا إيه فالضـ.ـحية الجديدة.
بدأ “ليل” يشعُر بالخطـ.ـر تجاه “جرجس” بعد أن أنذ’رته كلمات “يـوسف”، نظر أمامه وهو يُفكر ماذا سيفعل في هذه اللحظة فلن يُغا’مر هذه المرة، أخرج زفيرة عميقة ونظر مجددًا إلى “يـوسف” وقال:
_أنا شايف إننا كُنا جيبنا “رمـزي” معانا، الوضع دا محتاجه هو.
جاوبه “يـوسف” هذه المرة بنبرةٍ جادة وقال:
_مش هييجي صدقني، “رمـزي” مبيحبش يدخل فمشا’كل مش بتاعته طالما متقصدش فيها، يعني دخوله هنا مِن سابع المستحيلا’ت، مش بعيد تلاقيه واقف برَّه وبيدعي علينا.
_خلاص يبقى نواجه واللِ يحصل يحصل، أنا معنديش أعز مِن “حُـذيفة” ولو حد أذ’اه أنا معاه، أنا خدت عهد على نفسي مش همشي مِن هنا غير ومعايا حق “حُـذيفة” بالذوق بقلـ.ـة الأدب مش هتفرق معايا.
كلماته حا’سمة، وصا’رمة، وكأنه ير’فض النقاش في هذا الموضوع بشكلٍ نهائي، فقد أتخذ قراره وانتهى الأمر، لن يكترث للعوا’قب ما دام ما فعله هو الأصح، بينما على الطرف الآخر، كان “جرجس” في غرفة المعيشة يجلس فوق الأريكة، مَن يراه وكأنه رأى جـ.ـنيًا هو مَن يُما’رس طقوس السـ.ـحر ومتـ.ـلبسًا لجسـ.ـد بشريٍ ضعيـ.ـفٍ، كان ممسكًا بدُ’مية صغيرة خاصة بأعمال السحـ.ـر، بمنتصفها صورة لضـ.ـحية جديدة، فتاة عشرينية جميلة ر’فضت صُحبته..
كانت مربو’طة بقطعة قماش بإحكا’مٍ، وكلماتٌ معقـ.ـدة فوق أنحاء جسـ.ـد الدُ’مية وكأنها تعو’يذات ملعو’نة، وأخيرًا إ’برة حا’دة ر’فيعة السُمك تُغر’ز في أنحاء جسـ.ـدها، وكأنها خنا’جر ملعو’نة تتلذذ بتعذ’يب ضـ.ـحاياها، كانا يُر’اقبانه وهما في صدمةٍ مِن أمرهما، كانت لحظات صـ.ـعبة، صادمة، مو’جعة، وكأنهما محلًا لتلك المسكينة التي بالتأكيد تُعذّ’ب الآن..
_الموضوع دا محتاج “رمـزي”، كلمه وقوله يحضر وقتي ومِن غير نقاش، زي ما أنا مقبلش الأذ’ىٰ على أختي مش هقبله على البنـ.ـت دي مهما حصل.
أوامر تُلـ.ـقى دون أن يتم النقاش بها، وقراراتٍ تؤخذ دون الرجع فيها، فقد تم وضعهم تحت اختبار صـ.ـعب للغاية، ويجب أن ينجحا بهِ مهما كلفهم الأمر، آن الأوان لأن يتم تخلـ.ـيص البشرية مِن شـ.ـر أمثاله، أبتعد “يـوسف” عنه كي يُهاتف “رمـزي” تاركًا “ليل” يُتابع ما يفعله “جرجس”، ولأول مرَّة يرى نفسُه على حقٍ حينما ر’فض إقامة جلسة الصُلح بينهما، نعم يعلم أن “كريم” لرُبما استفاق بعد مر’ض صغيرته الوحيدة، ولكن تبقى أ’فعى سا’مة تأبى ترك الشـ.ـر..
دقائق غاب فيها “يـوسف” تاركًا “ليل” يتر’قب ما يحدث حوله، ولحظات فيـ.ـصلية عاد بعدها “يـوسف” ومعهُ “رمـزي” الذي كان يستغفر ربه سرًا ويبدو أنَّهُ مر’غمًا على فعل ذلك، ألتفت لهما “ليل” الذي نظر إلى “رمـزي” مباشرةً وحادثهُ بهمسٍ قائلًا:
_”رمـزي” مجيتك لهنا مش مِن فراغ، أنا عارف إنك مش راضي عن اللِ بنعمله بس اللحظة دي غير، “جرجس” عمل سحـ.ـر لبنـ.ـت مِن سِن أختي معرفش سببه إيه بس أنا و “يـوسف” شفناه، البنـ.ـت دي حياتها متعلـ.ـقة بين إيديك يا “رمـزي”، أنتَ فإيدك تنقـ.ـذها.
رجاءًا خفي، وأملًا لم يمو’ت، وثقةً كبيرة لم تُخذ’ل يومًا، ومهمة جديدة تُضاف لمهام “رمـزي” الذي أخرج زفيرة هادئة وبدأ يرى رؤيته التي أصبحت ترافقه في كُلّ مرَّة كظِله، رأى ما رآه صديقاه تمامًا، وهذا كان كفيلًا بأن يجعله يتحرك ويقف أمام الشـ.ـر بنفسُه، نظر إليهما ورفع سبّابته في وجههما وهو يُحذ’رهما بقوله:
_مش عايز أي حد يتدخّل مهما حصل، مش عايز أي تهو’ر أنا عارف كويس أزاي هقدر أتعامل معاه.
قرار أتخذه “رمـزي” وحر’بًا قرر خوضها دون رجعة، تركهما وتقدّم مِن “جرجس” بخطى واثقة، ثابتة، تُخبر ألف عد’و أنها لا تهابه، عيناه أمتلئت بالعزيمة، ومواجهة مرتقبة تجمع الخير أمام الشـ.ـر قولًا وفعلًا، وقف على مقربةٍ مِنْهُ، واثقًا مِن نفسُه، شامخًا، عيناه وكأنها تُرسل تحذ’يراتٍ واضحة للعد’و، برغم هيبة المكان وما يحوطه مِن شـ.ـرٍ، وقف جامدًا لا تُخيفه ألف دُ’مية، ولا يُزعزع إيما’نه ألف وسو’اسٍ..
ضحكة مكتو’مة كسـ.ـرت حِدَّ’ة هذا الصمت المحيط بهما، ضحكة مغمورة بالشـ.ـر، بالسخرية، كان “رمـزي” ينظر إليهِ نظرةٍ ثا’قبة، وكأنه ينتظر معرفة سبب هذه الضحكة:
_شوفوا مين جه لحد عندي، الشيخ “رمـزي إبراهيم الأحمدي”، شيخ الكرامات الواسعة، اللِ بيلجأله ألف ضـ.ـعيف.
همسٌ كهمس أ’فعى سا’مة تتسـ.ـلل تحت الرمال للانقضا’ض على فر’يستها، ونظرةٍ تُغلفها الشـ.ـر صُوِبَت نحوه، وكأنها تُحاول زعز’عة قوته الز’ائفة مِن منظوره، ولكن بدلًا مِن كُلّ ذلك أبتسم إليه “رمـزي” بسمةٌ هادئة، وعيناه ألتمعت بوميضٍ لا يُمكن تجاهله، ذم شفتيه قليلًا ورُفِعَ حاجبيه قليلًا وهزّة صغيرة مِن رأسه كانت جوابًا على ما قاله، يُفكر لوهلة في كلماته التي كانت مقنعة مِن منظوره ثمّ قرر كسـ.ـر هذا الصمت بقوله الرزين القو’ي:
_مِن ناحية إنِ شيخ بتاع كرامات ففدي عندك حق وموافقك عليها كمان، أنا يا عمّ شيخ مبروك زي ما الناس بتقول، بس اللِ بيلجألي ألف ضـ.ـعيف دي مش صح، الإنسان آه ضـ.ـعيف مش هنـ.ـكر دا وهوافقك برضوا عليه، بس مسألتش نفسك بيبقى ضـ.ـعيف بإيه؟ إيه الحاجات اللِ ممكن تضـ.ـعف إنسان مؤمن مِن منظورك.؟
أبتسم “جرجس” بسمةٌ واسعة وجاوبه بهمسٍ مغموسٍ بالشـ.ـر:
_كُلّ حاجة بتضـ.ـعف الإنسان يا شيخ “رمـزي”، كُلّ حاجة.
عارضه “رمـزي” هذه المرة وقال بنبرةٍ هادئة:
_لا مش كُلّ حاجة، الإنسان في حاجات مُعيّنة قادرة تضـ.ـعفه، زي اللِ إيمانه ضـ.ـعيف، ييجي واحد زي حالاتك كدا حابب يستمتع بتشـ.ـتيته، يقوم يعمله كام سحـ.ـر على كام عمـ.ـل ويتحـ.ـكم فبني آدم عشان يقنعه إنُه الأقوى مع إنُه أضـ.ـعف مِمَّ يتصور بس را’فض يعتر’ف بضـ.ـعفه، أو واحد تاني ماشي ورا ملاذاته، ييجي فلحظة ضـ.ـعف مِنُه الشيطا’ن يمسكه وسو’سة ويضـ.ـعفه أكتر قدام حاجة بيحا’رب نفسُه عشان ميقربش ناحيتها وفثانية يروحلها، سواء بقى سر’قة، نصـ.ـب، خد’اع، وهم بالحب، قتـ.ـل، شهو’ة، أي حاجة مِن دول، بس لمَ يفوق بعدها بيند’م ند’م عُمره ودا د’ليل على إنُه مِن جوّاه كويس بس الشيطا’ن لعبها عليه صح.
أومأ “جرجس” رأسه بنفيٍ واضح ير’فض حديث “رمـزي” بقوله الساخر:
_دا اللِ كُلّ الناس بتو’هم نفسها بيه، الإنسان يا شيخ “رمـزي” ضـ.ـعيف، مننكـ.ـرش إنُه ضـ.ـعيف، وفلحظة ضُـ.ـعفه قدام حاجة عايز يعملها ومش عارف عشان جوّاه صوت تاني أسمه ضميره، وأكيد أنتَ سِيد العارفين بيه يعني.
نظر إليه “رمـزي” نظرةٍ ذات معنى ثمّ جاوبه بنبرةٍ هادئة مشيرًا إلى الدُ’مية التي كانت على سطح الطاولة أمامه بقوله:
_والعروسة دي بمناسبة إيه، والبـ.ـنت دي ذ’نبها إيه.؟
جاوبه “جرجس” بنبرةٍ مغموسة بالحقـ.ـد بعد أن تذكّرها وقال:
_دي أنا قاصدها، شايفة نفسها عالكُلّ، ويوم ما حاولت أقرّب مِنها ر’فضتني، كُنت عايز أكسـ.ـر عنيها وكبرياءها، بس معرفتش، فقررت أكسـ.ـرها بطريقتي عشان تعرف إنِ مبتعاندش ولو أتعاندت بئذ’ي.
نظر “رمـزي” إلى صورة الفتاة قليلًا، كانت جميلة، بشرتها بيـ.ـضاء وعيونها خضـ.ـراء كخُـ.ـضرة الحديقة في أول يوم ربيعٍ لها، معالم وجهها هادئة وناعمة تفتـ.ـن أيُ ر’جُلٍ مهمًا كان، وأخيرًا كان حجاب رأسها يُخفي جمالها الحقيقي، أخرج زفيرة عميقة مبعدًا عيناه عن الصورة مستغفرًا ربه بعد أن شَعَر أنَّهُ بدأ ينجرف لطريقٍ ليس بطريقه تحت نظرات “جرجس” الخـ.ـبيثة الذي كان يُر’اقبه مبتسم الوجه..
_شوفت بعينك، أنتَ نفسك يا شيخ مقدرتش قدام جمالها، ما بالك باللِ زيي.
نظر إليه “رمـزي” وأبتسم بسمةٌ هادئة وكأنه يسخر مِن حديثه قائلًا:
_مفيش حد معصو’م مِن الغـ.ـلط، ومش عشان أنا شيخ أبقى مبغـ.ـلطش، بس لمَ أغـ.ـلط وأعرف إنُه غـ.ـلط ببعد تاني بسرعة، مبنغمرش جوّه الغـ.ـلط وأقول دا الشيطا’ن ضحك عليّا، دا بيبقى شيطا’ن النفس اللِ بيغو’ي أي بني آدم مهما كان.
ولأنهُ ما’كرًا ويعلم جيدًا كيف يصطا’د ضـ.ـحاياها بسهولة إلى ألغا’مه سأله بنبرةٍ هادئة مغمورة بالخـ.ـبث الخـ.ـفي:
_طب هسألك سؤال وتجاوبني عليه بوضوح وصراحة، مش حابب تجرّب مرَّة، مش هيجرى حاجة، وليك عليّا هجيبلك أحلى بنـ.ـت وأتحداك إنك هتضـ.ـعف، متقـ.ـلقش مرَّة مش هتضطـ.ـر فحاجة، أعتبرها ذنب عملته زي أي ذنب بتعمله وبتند’م عليه بعد كدا يعني مش هتفرق.
أبتسم “رمـزي” بإتساعٍ متفاجئًا ومندهشًا بما يقوله “جرجس”، فكان يعلم أنَّهُ سوف يُحاول التغلغل إليه عن طريق نقاط ضـ.ـعفه، ولكنهُ لم يكُن يعلم أنَّهُ سيكون بهذه المرحلة، جاوبه بنبرةٍ هادئة وهو ينظر في عيناه قائلًا:
_لا أنتَ كدا بتحلم، دا عشم إبليـ.ـس فالجنة، أعمل حاجة عارف إنها غـ.ـلط وهاخد عليها ذنب وأعمل نفسي عبيط بعدها وكأني مش واخد بالي لا، بتحلم يا حبيبي مستحيل أعملها، مش الشيخ “رمـزي” اللِ يتضحك عليه ويتغو’ي بحاجات زي دي لا، أنا مكتفي بواحدة بس، واحدة متحـ.ـللالي ومـ.ـغمية عنيا مخلّياني مش شايف غيرها، ولو حتى الشيطا’ن حاول مرَّة يغو’يني عارف كويس أوي أزاي أتعامل معاه، كان غيرك أشطر.
تحدث “يـوسف” بهمسٍ في تلك اللحظة بعد أن نظر إلى رفيقه قائلًا:
_الواد “رمـزي” فكّرني بنفسي زمان، قبل ما أتجوز كُنت صانيع ومقضيها معاكسات على أي اننثى معديّة قدامي.
ألتفت إليه “ليل” بجسـ.ـده وجاوبه بنبرةٍ مماثلة قائلًا:
_كُنت عايز اللِ يعيد تربيتك.
منحه “يـوسف” ضر’بة عـ.ـنيفة بعض الشيء بقـ.ـبضة يَده فوق كتفه وهو ينظر إليه، بينما ضحك “ليل” بخفوتٍ وعاد ينظر إلى “رمـزي” قائلًا:
_الواد “رمـزي” دا مش سهل ومكا’ر، برغم براءة وشه دا بس جوّاه حتة مش سا’لكة برضوا.
أبتسم “يـوسف” وجاوبه بغرورٍ لا يليقُ إلّا إليه بقوله:
_مصاحب “يـوسف المُحمَّدي” عايزُه يطلع إيه يعني.
رفع “ليل” رأسه قليلًا حتى يُتيح إليه فرصة لرؤيته وجاوبه بنبرةٍ ساخرة:
_بيعجبني فيك صراحتك فنفسك، عارف إنك سا’فل مِن يومك عشان كدا لمَ حد بيقولك أنتَ لسا’نك طويل ليه مبتزعلش، بترز’ع كلام زي السـ.ـم على طول.
ضحك “يـوسف” بصوتٍ خافت ولفّ ذراعه حول عُـ.ـنُق رفيقه ممازحًا إياه، بينما أخذ “رمـزي” يدور في المكان بخطى واثقة تحت نظرات “جرجس” المترقبة إليه، كان “رمـزي” هادئًا على غير العادة، ملامحه توحي بعا’صفة قو’ية مازالت لم يحين موعدها حتى هذه اللحظة، كان يُخـ.ـطط ويدرُس ما سيفعله بعد قليل، فالقادم ليس سهلًا ومِن المتوقع أن يحدث عكس ما كانا يخططان إليه..
تقدّم مِن “جرجس” الذي كان ينظر إليهِ بترقبٍ وحذ’رٍ شـ.ـديدٍ شاعرًا بلفحة غد’ر تقترب مِنْهُ خفيةً، وقف أمامه والنظرات بينهما تبوح عن أشياءٍ لم يُباح بها حتى تلك اللحظة، وقف أمامه مباشرةً تفصـ.ـل بينهما سنتيمتراتٍ فقط، الترقب مِن “جرجس”، والغد’ر مِن “رمـزي”، في تلك اللحظة أخرج “ليل” سلاحه بهدوءٍ شـ.ـديد وهمس بحقـ.ـدٍ وعيناه مثبتتان فوق “جرجس” قائلًا:
_و’قعت يا “جرجس” خلاص، كُلّها ثوانِ وتـ.ـقع، للأبد.
في المحيط الخارجي للمنزل،
أنتشروا رجا’ل الشـ.ـرطة في أنحاء المنزل مِن الداخل، عسا’كر مُلـ.ـثمة وأسلـ.ـحة على أتم الاستعداد للتدخُل إن تطلّب الأمر، والبقية أنتشروا إلى الداخل، حركاتهم خفيفة وسريعة، نظراتهم تدور في أنحاء المكان، في تلك اللحظات وبينما كان الصمت يسود المكان صدح هاتف “ليل” عاليًا يُعلنه عن أتصالٍ هاتفي جعل الخطة تُنز’ع بالكامل..
ففي لحظة خا’طفة نظر “جرجس” بسرعةٍ فائقة نحو مصدر الصوت ومعهُ “رمـزي” الذي كان أسرع وهجـ.ـم عليه يمنـ.ـع عنهُ الحركة، ترك “يـوسف” “ليل” واقترب مِن رفيقه مخرجًا مُد’يته ممسكًا بعُنُـ.ـق “جرجس” وسلا’حه بيَده الأخرى في رسالة تهـ.ـديدية واضحة قائلًا بنبرةٍ حا’دة:
_إثبت مكانك يالا ولا حركة بدل ما أخليك علامة مُسـ.ـجلة ..!!
بينما أجاب “ليل” على هاتفه بعد أن رأى المتصل جده قائلًا:
_نعم، تمام ماشي، لا كُلّ حاجة زي الفُل متقـ.ـلقش، معايا سفّا’ح.
بينما كان “جرجس” يُحاول الهر’وب والفر’ار مِن أيديهم أحكم “يـوسف” قبـ.ـضته فوق عُنٌـ.ـقه وقال بنبرةٍ حا’دة موجّهًا حديثه إلى رفيقه قائلًا:
_سيبه أنتَ يا “رمـزي” وشوف شُغلك.
أنسحب “رمـزي” بالفعل تاركًا تلك المهمة إلى رفيقه الذي وجّه حديثه إلى “جرجس” قائلًا بنبرةٍ حا’دة:
_يمين بالله حركة تانية لأكون راشـ.ـق المطـ.ـوة دي فيك ومش هيهمني المكان بقى، إ’ثبت ياض ..!!
بدأ “رمـزي” يبحث عن تلك الأعما’ل التي قد فعلها للعديد مِن الأبرياء وكان على رأسهم رفيقه الحبيب، بينما أقترب “ليل” مِن “جرجس” الذي كان يلتزم الصمت وهو ينظر إلى المُد’ية بترقبٍ شـ.ـديدٍ، وضع “ليل” كفه فوق كتف رفيقه وقال بنبرةٍ هادئة وهو ينظر بمكـ.ـرٍ إلى “جرجس”:
_والله وو’قعت يا “جرجس”، خلصت اللعبة خلاص يا معلّم، Game Over يا ابن العبيطة.
أتسعت البسمةُ ثَغْر “يـوسف” الذي نظر إليه دون أن يتحدث، بينما أبتسم “ليل” ووضع يَديه في جيب سترته وقال بنبرةٍ با’ردة:
_٥ ثوانِ والبو’ليس يشرّفنا، مش حابب تقولنا أعظم إنجاز عملته لحد دلوقتي إيه يا “جرجس” برضوا، كُلّ أجي أسألك أنسىٰ يا أخي.
جاوبه “يـوسف” بنبرةٍ ضاحكة وهو ينظر إليه قائلًا بتساؤلٍ:
_حد قالك قبل كدا إنك كيا’د.؟
نظر إليه “ليل” وأدعىٰ التفكير قليلًا ثمّ جاوبه بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_لا أتقالي مِن مراتي، وأنا صدقتها عارف ليه؟ لأنها مبتكدبش عليّا اللِ فقلبها على لسانها على طول.
حرّك “يـوسف” رأسه برفقٍ بعد أن راق لهُ حديثه وقال:
_واللهِ بتفهم، أنا نفسي موافقها على أي حاجة بتقولها.
نظر “ليل” مجددًا إلى “جرجس” وأبتسم قائلًا:
_مبروك عليك السجـ.ـن يا “جرجس”، كان ممكن نتعامل معاك بطريقتنا بس مش هينفع للأسف، بس البو’ليس مش هيأ’ثر يعني أنتَ مش أحسن مِن غيرك.
__________________________
<“برغم عو’ائق الماضي، مازال الكفا’ح مستمرًا.”>
طـ.ـعنة واحدة تكون سا’مة،
كلمة واحدة كالر’صاصة،
وفعلًا صغيرًا يُميـ.ـت،
وبرغم النز’يف الذي لن يتوقّف،
وبرغم رائحة الماضي،
وذكرى سا’مة لا تُفارق العقل،
كانت ثمة نظرة تمسح كُلّ شيءٍ،
وكلمة صافية تُسعد القلب،
ولمسة د’افئة تُذ’يب هذا الصـ.ـقيع.
كانت تقف في المطبخ تُعد مشروبًا سا’خنًا وتضع قطعًا متوسطة الحجم مِن الكعكة التي أعدتها في الليلة الماضية خصيصًا لهُ، السكون يحوم حولها، والهدوء مرسومًا فوق معالم وجهها الجميلة، بسمةٌ خفيفة تُرسم فوق شفتيها، ونظرةٍ صافية باتت تُلازم عينيها منذ أن أصبحت معهُ، غافلةً عن أحاديثٍ جانبية وكلماتٍ ستكون مو’جعة في الخارج إن استمعت إليها..
في غرفة المعيشة الداخلية،
كان “مينـا” يجاور والدته “ميرڤت” بعد أن جاءت في زيارة لهما لأول مرَّة، ولأجل أن تتحدث في شيءٍ تخشى دومًا التحدث بهِ حتى لا تُرى في صورة ليست لها، صوته الهادئ كسـ.ـر حِدَّ’ة هذا الصمت حينما قال:
_خير يا أمّي في إيه قلـ.ـقتيني؟ أخواتي كويسين؟ أنتِ كويسة؟ حد مِن طرف “يوحنا” رجع يضا’يقك تاني أو يتعر’ض لـ “كاترين” أختي.؟
نفت قوله سريعًا بعد أن رأت تلك النظرة الكا’رهة كُلّما جاء شيئًا يُذكّرهُ بهم، أخذت “ميرڤت” نفسًا عميقًا وقالت بنبرةٍ هادئة وبسمةٌ صافية تُزيح تلك الشـ.ـكوك:
_متخا’فش محدش عمل أي حاجة وأخواتك كويسين، “بيشوي” خَد “كاترين” و “جرجس” إمبارح ورجعوا البيت تاني لفترة لحد ما “بيشوي” يظبّط أوضاعه ولو جاتله سفرية هياخدهم معاه، و “ديفيد” و “مارينا” كويسين مفيش حاجة وأنا أهو قدامك زي الفُل، أنا بس عايزة اتكلم معاك وخا’يفة يعني تفهمني غـ.ـلط.
بدأت الشـ.ـكوك تزداد أكثر بعد أن سَمِعَ تلك الكلمات تُقال، هو يعلم والدته جيدًا ويعلم أنها تخشى التحدث دومًا إن تعلّق الأمر بهِ ولذلك قال بنبرةٍ جا’دة:
_في إيه يا أمّي أتكلمي عادي هي أول مرَّة يعني.؟
أخذت نفسًا عميقًا ثمّ زفرته بتروٍ تُحاول ترتيب الكلمات داخل رأسها أولًا قبل أن تخبره أيُ شيءٍ، وهو ينظر لها والخو’ف بدأ يستحو’ذ على قلبه، لحظات مِن التو’تر القائم في المكان كسـ.ـرته هي حينما بدأت حديثها بنبرةٍ خافتة للغاية حتى لا تسمعها “برلين” قائلة:
_أنا عايزة أتكلم معاك بخصوص مراتك، أنا يعني بقالي يومين كدا مش مرتانحة، التفكير مش سايبني ومش عارفة أقعد شوية مع نفسي فهدوء.
نظر إليها “مينـا” نظرةٍ ترقبية وسألها بنفس النبرة قائلًا:
_هي “برلين” ضا’يقتك فحاجة وأنا معرفش.؟
وسريعًا أبعدت الشـ.ـكوك عنهُ حينما جاوبته بتلهفٍ بنفس النبرة قائلة:
_لا لا أبدًا، دا مِن يوم ما أتجوزتها وأنا حباها وقلبي مرتاحلها وبعاملها زي أخواتك بالظبط، أكمنها غلبانة وحظها كان و’حش، بس خلّينا فدلوقتي، أنا لا بتدخل فحياتكم ولا أي حاجة أنا بس عايزة أطمن قلبي عشان مفضلش كدا كتير، يعني أنتَ فعلًا هتعمل زي ما قولتلها قبل الجواز؟ هتوديها تتعا’لج بجد ولا كُنت بتها’ودها أنا خا’يفة ترجع فكلامك يا “مينـا” هتكسـ.ـر بخاطرها ساعتها وأنا ميرضنيش كدا.
كان يخشى أن يكون الأمر غير ذلك ولذلك كان يشعُر بالقـ.ـلق الشـ.ـديد مِن تلك الأفكار السو’د’اء التي كانت تضر’ب رأسه، ساد الصمت بينهما هُنَيهة ثمّ جاوبها بنبرةٍ جادة لا تقبل المزاح قائلًا:
_أنا مستحيل أديها كلمة وأرجع فيها مهما حصل، اللِ قولته أنا هنفـ.ـذه وبالحرف، بس مش دلوقتي، لسّه معداش شهر على جوازنا يا أمّي أروح أنا أقولها يلا تعالي نشوف دكتورة عشان تتعا’لجي مينفعش، هتفكر إنِ عامل على هـ.ـم عيل وهي مش فارقالي ودا مش هيحصل، إحنا مش بناخد كُلّ حاجة مِن الدنيا وأظن فاكرة لمَ كُنت هضـ.ـيع مِنك قبل كدا، لمَ حصل هجو’م على الكنيسة وو’قعت فوق دماغنا وكُنت بين الحياة والمو’ت، ساعتها كانت رسالة لينا، مش كُلّ حاجة عايزنها بناخدها، ولو هي كانت فعلًا ليّا بس مش هنخلف عشان هي عندها مشـ.ـكلة أنا مش هشـ.ـيل هـ.ـم عيل لأن اللِ كُنت عايزها خلاص بقت معايا فمش هيفرقلي يكون عندي عيل أو لا قد ما هيكون فارقلي إنها معايا..
_أنا هستنى فترة نعيش فيها يومين حلوين بدون أي مشا’كل أو أي حاجة تعـ.ـكنن عليها وترجعها لنقطة الصفر تاني، مش هفاتحها فالموضوع إلّا لمَ تقولي هي إنها مستعدة تتعا’لج، غير كدا أنا مش هتكلم معاها فالموضوع وأرجوكي أوعي تفتحي معاها الموضوع دا مهما حصل، كفاية المرة اللِ حكيتلي فيها قعدت كذا يوم فحالة مش كويسة وأنا مصدقت إنها رجعت تضحك تاني وبعدت عن عمتها وبنتها.
ردت عليه “ميرڤت” تصحح لهُ الصورة مِن منظورها بقولها الهادئ:
_يا حبيبي أنا مقصدش كُلّ دا، أنتَ فاكرني شا’يلة هم العيل يعنى، أنا خا’يفة على مشاعرها، وخا’يفة لو بدأت فعلًا تتعا’لج يمكن بعد الشـ.ـر تكون خلاص، أنا شا’يلة هـ.ـمها هي وخا’يفة عليها تتكسـ.ـر مش سهلة يعني على واحدة لمَ تكتشف إنها مبتخـ.ـلفش هتشوف أي حاجة بنظرة غير نظرتك وهتحس إن نا’قصها حاجة على طول، أنا لو مكُنتش قابلة بيها بجد كُنت ر’فضتها مِن الأول.
وقبل أن يُجيبها “مينـا” منـ.ـعه ولوج “برلين” التي كانت تحمل صينية معدنية متوسطة الحجم بيَديها، وقفت “برلين” على مسافة وجيزة بينهما وهي تنظر لهما وقعد شَعَرت بالتوتر قليلًا بعد أن أستمعت إلى حديثهما ر’غمًا عنها، شَعَر “مينـا” بتغيُرها ولذلك نهض واقفًا وكسـ.ـر المسافة الفا’صلة بينهما بتقدُّمه مِنها..
مدّ يَديه وأخذ الصينية مِنها ونظر في عيناها التي كانت تكسوها العَبرات الخفيفة، نظرتها كانت ضبا’بية وكأن الجر’ح عاد ينزُ’ف مجددًا وكأنه يأبى تركها، حاولت هي تما’لُك نفسها وابتسمت بسمةٌ ز’ائفة وقالت بنبرةٍ متحشرجة بعد أن نظرت إلى “ميرڤت”:
_شكلكم كُنتم بتتكلموا فموضوع شخصي، هسيبكم تكملوا كلامكم على راحتكم، الكيكة دي أنا عملتها إمبارح عايزة حضرتك تدوقيها وتقوليلي رأيك فيها بصراحة حتى لو مش قد كدا عادي مش هزعل.
أ’لقت نظرة أخيرة على “مينـا” ثمّ أنسـ.ـحبت مِن المكان سريعًا إلى غرفتها، بينما وضع “مينـا” الصينية فوق الطاولة ونظر إلى والدته قائلًا:
_شكلها سمعتنا، هروح أشوفها وأرجعلك.
كانت نبرته تحمل بُحَّة الخو’ف فهو يخشى أن يتحدث عن هذا الموضوع أمامها حتى لا يُعذ’بها ويُزيد مِن نز’يفٍ يأبى الألتئا’م، تركها ولَحِقَ بها بالفعل وقلبه ينبـ.ـض بعـ.ـنفٍ، متوترًا، لا يعلم إلى ماذا استمعت ولكنهُ يثق أنها تبكي وحيدة في غرفتها الآن، وقف أمام باب الغرفة لثوانٍ معدودة، مضطربًا، خا’ئفًا، ولكنهُ في النهاية سيواجه الأمر لا شـ.ـك في ذلك، أمسك بالمقبـ.ـض لثوانٍ في صر’اعٍ مع نفسُه ثمّ أداره برفقٍ وفُتِحَ الباب، د’فعه بهدوءٍ وولج وعيناه تجوب في الغرفة ليراها تجلس فوق الفراش وعند ولوجه رفعت كفيها وبدأت تُزيل عَبراتها عن صفحة وجهها..
أغلق الباب خلفه برفقٍ دون أن يتحدث ثمّ بدأ يقترب مِنها بخطى بطيئة، وكأنه تعمـ.ـد ذلك حتى يجد الكلمات المناسبة ليقولها إليها، فهو لا يعلم ماذا يفعل وماذا يقول وكيف يحتويها، جلس أمامها، يفصـ.ـلهما سنتيمترات فقط، كانت تنظر إلى الأسفل، رو’حها تحتر’ق، وقلبها ينزُ’ف مِن شـ.ـدة الأ’لم الذي يأبى تركها تحيـ.ـا، والعَبرات السا’خنة تحر’ق عينيها وكأنها تأبى السقو’ط حتى لا تُزيد مِن آلا’مها، أر’تجفت يَديها بخفةٍ وأزدادت حرارة جسـ.ـدها بشكلٍ ملحوظ..
وكأن نير’انًا خفية تحر’قها دون أن يراها أحد، تقتـ.ـلها، ولكن ببطءٍ لعـ.ـين، آ’لمه قلبه حينما رأى حالته المؤ’لمة تلك عادت تضمها إلى أعما’قها وكأنها تأبى تركها، لم تستطع النظر لعيناه، وكأنها إن نظرت إليهِ زادت كسـ.ـرتها وأتسع هذا الشـ.ـرخ الصغير بداخلها، رفع كفه الأيمن، تُلامس أنامله البا’ردة بشرتها السا’خنة، لحظة صامتة ومؤ’لمة بين نا’رٍ لا تأبى الإنطفاء، وثلوجًا لا تنصـ.ـهر أمام حرارتها، أغمضت عينيها حينما شَعَرت بلمسة أنامله فوق صفحة وجهها وبلمسة با’ردة تغـ.ـزو نير’انًا تلتـ.ـهمها..
بالتزامن مع ملامسة أنامله لصفحة وجهها سـ.ـقطت عَبراتها فوق ظاهر كفها، ورُ’جفة صغيرة تملّـ.ـكت مِن جسـ.ـدها، اهتزت وتيرة أنفاسها ورويدًا رويدًا بدأت تتسارع وتُسمع في الغرفة، اقترب مِنها أكثر يفصـ.ـل المسافة القائمة بينهما بقوله الهادئ:
_عيطي لو العياط هيريحك يا “برلين”، شاركيني و’جعك، مش إحنا أتفقنا نتشارك كُلّ حاجة سوى.؟
وأمام حنانه ونبرته التي دومًا تُجني بثمارها أستسـ.ـلمت أمامه وبدأت تبكي بضعـ.ـفٍ أعتادت عليه منذ أن غد’ر بها الجميع، ضمها إلى د’فء أحضانه يحاوطها بذراعيه يمسح فوق ظهرها بحنوٍ، كانت تبكي للمرة التي لا تعلم كم تكون، تبكي وهي تخشى أن يمّـ.ـل مِنها ويتخلّى عنها يومًا مثلما فعل غيره مِن قبل، تخشى أن يتركها في منتصف الطريق وحدها، لن تتحمل هذه المرة أن تنكسـ.ـر للمرةِ الثانية، ولكن تلك اللحظة، وهذا العناق، وتلك اللمسة الحنونة أستطاعت إذا’بة كُلّ شعورٍ سـ.ـيءٍ بداخلها..
بين الدقائق والأخرى يمنحها قبّلة حنونة فوق رأسها، يَدهُ تمسح فوق خصلاتها بنعومة، وكأنه يقف أمام أوجا’عها بالمر’صاد، كُلّما بكت وزاد بُكاءها يُشـ.ـدد هو مِن ضمته إليها وكأنه يُريد أن يُخبرها أنَّهُ هُنا، ينتظر سماعها، ينتظر مشاركة أوجا’عها، ينتظر وينتظر، لم يمّـ.ـل، لم يشعُر بالغضـ.ـب مِنها، أو بالضـ.ـيق، فقط بقى هُنا، بجانبها، وكأنه أقسم ألّا يتركها وحدها تغو’ص في بحو’ر أوجا’عها وحيدة دون شريكٍ يُعاونها..
الوقت يَمُر، ومع كُلّ دقيقة كانت بحالة مختلفة، بدأت تهدأ قليلًا، بدأت أنفاسها تنتظم ولو قليلًا، وهو كان هُنا حاضرًا، لم يشـ.ـكو، ولم يوبخها، ظل كالظِل إليها مرافقًا إياها، نظر إليها بعد أن أخفض رأسه قليلًا نحوها يراها لا تنظر إليه كما توقّع، عينيها مبللة بالدموع وشهقا’تها صامتة، وأوجا’عها مكتو’مة، حتى تخشى الأ’نين فيرحل، منحها قبّلة أخرى فوق رأسها وبدأ يمسح على رأسها نزولًا لظهرها، وبيَده الأخرى رفعها يمسح عَبراتها عن صفحة وجهها برفقٍ، لحظات أخرى أستمر فيها الصمت حتى قرر هو كسـ.ـره بقوله الهادئ:
_العياط عُمره ما كان ضـ.ـعف مِنا، أو حتى حاجة تخلّينا نخجل مِنها بالعكس، بابا زمان كان بيقولي عيط يا “مينـا” زي ما تحب وفأي مكان محدش هيحاسبك ويقولك بتعيط ليه، قالي العياط دا قوة، بس الناس بتحطه فصورة الضـ.ـعف، البني آدم عيط يبقى ضـ.ـعيف، مع إنُه مش ضـ.ـعيف، هو قوي، قوي جدًا كمان، بس غصـ.ـب عنُه بيكون جوّاه طاقة سـ.ـلبية محتاج يخرّجها فمش هيخرّجها غير فالعياط، مِن وقتها مبخجلش إنِ أعيط، لو عيطت ممكن أعمل زيك كدا، أقعد بعيد عن الناس، بس أول ما إيد الطبطبة تتمدلي بنسىٰ نفسي وبنسىٰ كُلّ حاجة، زي ما حصل معاكي دلوقتي كدا..
أخرج زفيرة عميقة ودام الصمت بينهما مجددًا هُنَيهة وكسـ.ـره مِن جديد بقوله:
_عايزك تعرفي حاجة واحدة مش همّـ.ـل إنِ أقولهالك كُلّ شوية، أنا مش هغـ.ـصبك على أي حاجة أنتِ مش حبّاها، مهما حصل حتى لو أنا عايزها، آخر همي العيال، قولتلك إن الجواز الهدف مِنُه مش بس خلفة، دا استقرار ومودة، بس الناس ر’بطته بالخلفة معرفش ليه بصراحة، ور’بطته بالسن، يعني لو واحدة سألت بنـ.ـت لسّه فبداية عُمرها قولي مثلًا ٢٣ سنة لسّه بتبدأ حياتها بعد التخرُج وبتشوف مشروعها وحلمها، تيجي واحدة تانية تقولها أنتِ متجوزة يا عسولة؟ فترد عليها تقولها لا فجأة تلاقي التانية اتصدمت وبدأت تضر’ب أخماس فأسداس وأزاي دا أنتِ كدا قطـ.ـر الجواز فاتك يعني إيه متجوزتيش وجبتي ٣ عيال ورا بعض، تلاقي يا عيني العسولة اللِ عندها ٢٣ سنة دي أتصدمت أول ما بدأت هي تقولها دا أنا بنتي عندها ١٧ سنة ومخلفة عيلين والتالت فالطريق..
ضحكة خفيفة فـ.ـلتت مِن بين شفتيها بعد أن بدأت نبرته تميل إلى السخرية، بينما اكمل هو قوله بنبرته الساخرة:
_تحسّي إنك لمَ بتشوفي بلا’وي الناس بتهون عليكي بلو’تك، عارفة يا “برلين” أنتِ بالنسبة ليها واحدة عجو’زة، آه واللهِ أو واحدة عايشة حياة بابي ومامي متجوزة بس متدلعة تقوم فلحظة رز’عاكي واحدة يا عد’يمة المسؤولية تخلّيكي عايزة تقومي تجيبيها مِن شعـ.ـرها.
بدأت تضحك، بدأت تتناسىٰ ولو قليلًا ما يؤ’لمها، بدأت تعود ولو للحظات إلى تلك الفتاة التي أفتقـ.ـدتها، تلك البريئة التي كانت تعيش في سلامٍ لا تعـ.ـبأ بمشا’كل الحياة، أقصى آمالها زهورها الجميلة ومحلها الصغير، أبتسم بسمةٌ هادئة بعد أن رآها تضحك، تعود رويدًا رويدًا، شـ.ـدد مِن ضمته إليها وترك قبّلة أخرى فوق رأسها وربّت فوق ظهرها قائلًا:
_أنتِ أهم عندي مِن أي حاجة تانية، خلّينا نعيش حياتنا فهدوء شوية دا أنا بقعد طول اليوم مع جو’اميس برجع بحسّ إنِ راجع لملاذي، كأنهم خدوني غصـ.ـب واقتد’ار.
رفعت رأسها برفقٍ، تنظر في عيناه التي كانت تحتضنها مِن قسو’ة الحياة، دفءٍ يغمرها لأول مرَّة، وحنانًا يحتضنها وكأنه يُجبـ.ـرها على الخضو’ع إليه ومرافقته، منحته بسمةٌ صافية، بسمةٌ مليئة بالحياة، سعيدة، وكان الفضل إليه فهو يستطيع أن يجذ’بها مِن بقا’ع أحز’انها لعالمه الخاص، العالم الذي لا يعلم عنهُ شيءٍ سواهما، منحها أيضًا بسمةٌ حنونة ودا’فئة ثمّ اقترب برأسه نحوها قليلًا يُلثم خَدِّها بحنوٍ..
_شوفي لمَ بتضحكي وعيونك الحلوين دول يلمعوا الدُنيا بتحلوا أزاي، أوعي بقى تحر’مينا مِنها يا عسولة مش عشان قولتلك إن عيونك حلوين وضحكتك أحلى تذ’ليني بعد كدا.
نظرت في عيناه قليلًا دون أن تتحدث، وكأن تلك اللحظة فريدة مِن نوعها وليس مِن السهل تكرارها، لا يعلم ما الذي يحدث كُلّما نظر في عيناها، وكأنها بستانًا مِن الزهور، أو وطنًا يضم غريبًا ضا’لًا في أراضيها، وبلحظة الصفاء تلك سألته سؤالًا لم يتوقعه مِنها، نظرت إليه نظرةٍ متر’قبة وقالت بنبرةٍ هادئة:
_هو أنا لو أكتشفت إن مينفعش معايا علاج، وإنِ مش هينفع أخلّف، أنتَ ممكن تتخـ.ـلّىٰ عنّي.
_مستحيل، مستحيل اسيبك، مستحيل أتخـ.ـلّىٰ عنك مهما حصل، حياتنا مش هتـ.ـقف على العيل، كفاية أنتِ عليّا، أنتِ بالكُلّ يا ست الكُلّ.
أند’فع في بادئ الأمر يرد عليها ويُبد’د أفكارها، ثمّ لا’نت نبرته حتى أصبحت أكثر د’فئًا، بسمةٌ حنونة أرتسمت فوق شفتيها وردها وصله في الحال حينما رفعت نفسها قليلًا تُلثم خَدِّه ثمّ قالت بنبرةٍ هادئة وكأنها تستسمحه:
_أنا بحبك أوي، أنتَ العوض اللِ كُنت مستنياه على فكرة، بس كُنت عايزة أطلب مِنك طلب وتوافقني عليه عشان خاطري.
أخرج زفيرة عميقة ونظر إليها نظرةٍ ذات معنى ثمّ سألها بنبرةٍ هادئة:
_قولي محتاجة إيه.؟
جاوبته بحما’سٍ في الحال قائلة:
_أبدأ أفتح المحل تاني، وتيجي مرَّة كُلّ أسبوع تقضي اليوم كُلّه معايا مِن أوله لأخره، ممكن.؟
حما’سًا قابله التردد مِن قِبَله، تفاجئ “مينـا” كثيرًا ولم يُعطيها الرد مباشرةً، تبدّلت تعبيرات وجهه بلحظة مِمَّ جعلها تخشى ردة فعله، رأت الر’فض واضحًا حينما أبتعد بنظراته عن مر’ماها، ولوهلة لم تنتظر لسماع الرد، أبتعدت عنهُ بعد أن وصلتها الإجابة وقبل أن تنهض لتخرج منـ.ـعتها يَده حينما قبـ.ـض على معصم يَدها، جذ’بها برفقٍ لتجلس مجددًا ولكن هذه المرة لم تنظر إليه..
كانت تنظر بعيدًا ومعالم وجهها يعلوها الضيـ.ـق الزا’ئف، نظر إليها “مينـا” ولم يستطع أن يمـ.ـنع بسمتهُ مِن الظهور، مدّ كفه نحوها يُبعد خصلا’تها عن وجهها إلى الخلف، وكأنه تعمّد فعل ذلك، عيناه ضحكت قبل فمه، لأول مرَّة يشعُر بأن تلك الحركات البسيطة تكُن الأحب إلى قلبه، اقترب مِنها وحاوطها بذراعه وقال بنبرةٍ هادئة:
_كُلّ دا عشان مردتش عليكي، أومال لو كُنت قولت لا كُنتي عملتي إيه.
لم تُجيبه، بل ألتزمت الصمت جوابًا عليه، حتى لم تُكلّف نفسها عناء النظر إليه، ظنّت أنَّهُ سوف ييأ’س، ولكن اليأ’س لم يجد لهُ نهاية يومًا، اقترب منها أكثر يمنحها قبّلة هادئة فوق خَدِّها ثمّ تليها أخرى وكأنه يُحاول إرضاءها، أعتذارًا حنونًا مِنْهُ شـ.ـتتها وجعلها تخطـ.ـف نظرات سريعة بطرف عينها عليه، لم يبتعد بل اقترب وهمس لها بجانب أذنها قائلًا:
_أنا على طول كُنت بر’فض أي طلب لأي حد كان بيحاول يلهيني عن شُغلي، مهمًا مين هو، كُنت بكر’ه اللحظة دي ومبحبش أأ’ثر فشُغلي عشان كان عندي أهم مِن نفسي، بس لحد عندك وعملت كنترول جا’مد، لأول مرَّة “مينـا” هيكسـ.ـر سيستيمه لأجل عيون الغزلان دول، أنا مقدرش أز’علك يا ست الكُلّ ولا أكسـ.ـر بخاطرك، الخميس الجاي هخلّص شوية ورق كدا مهمين وهرجع بدري ومش هاجي عالبيت هجيلك على طول وهنمشي مع بعض فآخر اليوم، كدا مَرضي يا غزال.؟
لم تستطع أن تمـ.ـنع بسمتُها مِن الظهور، أبتسمت فرحةً حينما وافق على طلبها ولمعت عينيها بوميضٍ لم يستطع تجا’هله، نظر إليها نظرةٍ ما’كرة وهمس لها وكأنه يبوح بسرٍ يخشى إفشا’ءه:
_إحنا لو خلفنا بنـ.ـت حلوة شبهك كدا مش هلاحق على صواني البسبوسة دي، كفاية عليّا الصينية الحلوة دي.
ضحكت وكأنه يغازلها لمرته الأولى، ضحكتها صافية ونابعة مِن القلب، عادت عيناها تومض مِن جديد وكأنها عادت للحياة، ضمته هذه المرة واضعةً رأسها فوق موضع قـ.ـلبه، تسمع نبـ.ـضه السريع، وكأنها ألحانًا موسيقية فريدة مِن نوعها، لحظة صفاء تمنى أن تدوم، فلن يستطيع أن يراها سوى وهي تضحك، وكأن الحياة غمرتها مِن السعادة ما يغمرها لسنواتٍ وسنوات.
قُل لِمَن قال بأن الحُبّ لاذع،
لأجل أختيارك الخاطئ كان مذاقه لاذع.
_______________________________
<“الخطوات لم تكذُ’ب يومًا، والدلائل إثبا’تاتٌ ملمو’سة.”>
إن لم تكُن واثقًا مِن نفسك فلا تُغا’مر،
فليس كُلّ مَن غا’مر قد نجـ.ـا.
في الوحدة السكنية – بموقع الجر’يمة،
كانت الشـ.ـرطة تحاوط المكان، إضاءات الكاميرات تتوهّج بين الحين والآخر، شرائط صفر’اء عر’يضة ر’فيعة السُمك تُغطي مسرح الجر’يمة، كشفٌ متواصل على كُلّ شيءٍ في المكان، يتم ر’فع البصمات في أنحاء المكان، وكان المشرف على هذا كُلّه “سيـف” الذي كان يُتابع آخر التطورات التي وصلوا إليها..
يتم ر’فع البصمات عن سيارة “حُـذيفة”، وبصمات الأقدام في المكان كذلك، تحـ.ـقيقات مع الساكنين في تلك المنطقة واستجو’اب فرد الأمن، لا ثغرة تمضي دون أن يكونوا على دراية كافية بها، اقترب الضابط مِن “سيـف” ليقف بجانبه ويقول بنبرةٍ جادة:
_باشا إحنا عملنا دور’يات عالمكان بالكامل، وراجعنا كاميرات المرا’قبة أتضح إن منهم كاميرا أسلا’كها مقطو’عة ودي كانت كاميرا بترصد الوجهة الخلفية للكومباوند وأولى أحتمالاتنا إن الجهة دي هي اللِ العصا’بة دخلت مِنها لأن فرد الأمن اللِ عليها كان تقريبًا متخد’ر وعشان ميتكشفو’ش أضطروا يقـ.ـطعوا أسلا’كها بس لاحظنا فالكاميرات التانية إن مِنهم واحد فإيده الشما’ل وشـ.ـم برسمة الأ’فعى ولمَ استجوبنا العصا’بة دي واحد واحد كان مِنهم واحد عنده نفس الرسمة دي فإيده الشما’ل يعني دا أول د’ليل حقيقي ضـ.ـدهم.
أخرج “سيـف” زفيرة عميقة وأومأ رأسه برفقٍ وجاوبه بنبرةٍ هادئة بقوله:
_حلو، كملوا ر’فع البصمات سواء الإيد أو الر’جل وكملوا تحـ.ـقيق مع فرد الأمن، قولي فرد الأمن اللِ كان مسؤول عن الجهة الخلفية مفيش أخبار عنُه.؟
جاوبه الضابط بنبرةٍ جا’مدة قائلًا:
_فاق يا فندم واللِ عرفناه إنُه كان فغيبو’بة سُكّر واللِ لحـ.ـقه زميل لِيه بس لسّه التحـ.ـقيقات مع الباقي شغالة.
أشار إليه “سيـف” بالذهاب وظل مكانه يُتابعهم بعيناه حتى ورده إتصالًا هاتفي مِن “بيسان”، أخرج هاتفه مِن جيب سترته ونظر لهُ للحظة، أبتعد عن الجميع وجاوبها قائلًا:
_عيوني، لسّه شغال مش عارف لسّه هخلّص أمتى، تمام مفيش مشـ.ـكلة خلّيها تروح بس تخلّي موبايلها مفتوح وأول ما أتصل بيها ترد عليّا على طول، لا هو كلمني فعلًا واستأذني الأول وأنا وافقت، تمام، عيوني حاضر مش ناسي، حاضر يا عيوني حاضر أنا لسّه فاكر حاضر، أستسمحك أقفل بقى عشان أشوف شُغلي.؟
لحظات وأغلق المكالمة معها مبتسم الوجه وعاد إلى عمله مجددًا يشرف على الأمر ويُتابع ما يحدث بعينيه وعقله منشغلٌ في العديد مِن الأشياء الأخرى التي لم تترك رأسه يومًا، فبجانب أعماله الكثيرة كانت هي متواجدة هُنا، تُخصص لنفسها وقتًا خاصًا لها فبرغم الصعا’ب تكون هي محط الراحة، دواءًا يشفي ولا يُمر’ض.
_______________________________
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أحببتها ولكن 7)