روايات

رواية الماسة المكسورة الفصل الثاني والستون 62 بقلم ليلة عادل

رواية الماسة المكسورة الفصل الثاني والستون 62 بقلم ليلة عادل

رواية الماسة المكسورة البارت الثاني والستون

رواية الماسة المكسورة الجزء الثاني والستون

الماسة المكسورة
الماسة المكسورة

رواية الماسة المكسورة الحلقة الثانية والستون

[بعنوان: بداية العاصفة]
بعد لحظات، رن الهاتف مرة أخرى. قرر الرد.
سليم: ألو، مين معايا؟
مع تبادل الشاشة بينه وبين دغمش.
دغمش بصوت هادئ ومتحفظ: عايز تعرف مين إللي عمل الحادثة؟! أنا عندي استعداد أوصلك لناس منهم. بس تديني مليون جنيه.
توقف سليم بصدمة: إنت بتقول إيه؟
دغمش بثقة: قولت إللي سمعته يا سليم بيه، أنا عارف حاجات كتير عن إللي حصل يوم الحادثة بتاعتك، يمكن أكون ما أعرفش مين البوص الكبير، بس أقدر أوصلك للناس إللي يوصّلوك ليه.
سليم بقوه: طب أنا اضمن منين إنك بتقول الحقيقة؟
دغمش بجمود: مافيش ضمانات يا بيه. تدفع المليون، وأديك أسطوانة فيها حاجات كتير.
سليم باستفسار: طب، هعرفك إزاي؟
دغمش بنبرة غليظة: أنا إللي هعرفك يا سليم بيه بكرة في حديقة الحيوانات الساعة ٤ونص بالظبط تكون الدنيا هديت والناس بدأت تمشي عند بيت الفيل ياريت ماتجيبش حد معاك ولو قلقان ممكن تجيب دراعك اليمين مكي، بس نصيحة بلاش سلاح عشان ماحدش يزعل.
أغلق دغمش الهاتف فجأة، كسر الشريحة وألقاها. ثم تحرك باتجاه أحد البيوت في الحارة.
بينما سليم ظل متوقفًا، غارقًا في حالة من الصدمة والذهول والتوتر وعدم اليقين، لا يدري هل يصدق ذلك الشاب أم يتجاهله. شعر كأنه غريق يتشبث بأي قشة للنجاة، غير قادر على اتخاذ القرار الصحيح.
ثم أمسك هاتفه وقام بعمل مكالمة.
على اتجاه آخر عند دغمش أو محروس.
يدخل دغمش بيتًا صغيرًا قديم الطراز. تفتح له فتاة تبدو عليها علامات القلق والتعب
الفتاة بلهفة: عملت إيه؟ عرفت تجيب فلوس يا محروس؟
دغمش بضيق: بكرة.
الفتاة: أمك تعبانة أوي!
دغمش بانفجار غضب: يا ستي، بقولك بكرة! بطّلي زن بقى!
دخل الغرفة، أغلق الباب بعنف، فتح دولابًا قديمًا، وأخرج أسطوانة مدمجة. نظر إليها بطمع وهمس لنفسه: بكرة، إنتِ إللي هاتنقذي حياتي وحياة أمي.
💞_________________بقلمي_ليلةعادل
مجموعة الراوي.
مكتب سليم
نشاهد سليم متوقفا في منتصف الغرفة يبدو عليه القلق والتوتر، يدخن سيجارة وينفث دخانها بقوة ، كانت علامات التفكير العميق بادية على وجهه. فجأة، يُفتح الباب ويدخل مكي ويغلق الباب خلفه وتحدث بحذر.
مكي بتوتر: أنا مافهمتش منك حاجة في التليفون يا سليم.
سليم بإندفاع وسعادة مشوبة بالأمل: في واحد كلمني، قال إنه عنده معلومات عن إللي عمل الحادثة.
مكي بريبة: وإنت صدقته إزاي؟ مش يمكن بيكدب؟
سليم متعجباً: وهايكذب ليه؟ كان بيتكلم بثقة غريبة، كأنه واثق إن عنده حاجة تهمني.
مكي بحزم: بس ده مش معناه إنك تثق فيه بسهولة. يا سليم، ممكن يكون ده فخ، أو مجرد واحد بيلعب على أملك.
سليم بغضب مكبوت: مش قادر أستنى، يا مكي. ده أول خيط يوصلني للحقيقة. وأنا مش هسيب أي فرصة تضيع مني.
مكي بحكمة: طيب، هفترض معاك إن الكلام صح، بس ماتبقاش متهور. مش أي أمل يظهر قدامك تسيب عقلك ليه بالشكل ده،خلينا نبقى حذرين.
سليم بحسم: عشان كده أنا عايزك معايا، هانروح سوا بكرة، ومعانا الرجالة. لو كان صادق، هعرف أتصرف. ولو كان كذاب… (يبتسم ببرود) أنا أللي ها اقدمه وجبة للأسود!
نظر مكي لسليم للحظة، يدرك أن لا مجال للجدال معه. هز رأسه بالموافقة.
قصر الراوي
جناح سليم وماسة العاشرة مساءً
نشاهد سليم يجلس على المقعد، وعينيه مشدودتين نحو النافذة المفتوحة، حيث يختلط الضوء بنسمات الهواء الباردة، كان مازال يرتدى ملابسه، كان يفتح أول أزرار قميصه من عند العنق، وكأن ثقل أفكاره جعل جسده يبدو أكثر استرخاءً مما هو عليه، كان يمسك بين يديه كوب من الشاي كالثلج، لم يُكمل شربه.
في ذهنه، كان محروس أو دغمش كما يلقب.. فهو محور تفكيره. كلمات محروس كانت تدور في رأسه بلا توقف، وكل كلمة كانت تحمل مفتاحًا يفتح بابًا جديدًا في لغز الحادثة التي مر بها. بدأ يشعر بأنه أخيرًا على وشك الوصول إلى حل، كأن هناك خيطًا يربط الأحداث ويكشف عن الجاني الذي ظل لغزه عالقًا في ذهنه طوال الأشهر الماضية، كان يتمنى أن تاتي الساعة الرابعة عصراً بسرعة.
خلفه، كانت ماسة متوقفة وهي ترتدي قميص نوم طويل وعليه روب وشعرها مسندلا ملامحه كانت رقيقة، تراقب في صمت. كان قلبها مليئًا بالقلق، ولكنها حاولت أن تكون هادئة.كانت عيناها لا تتركانه للحظة، وكأنها تنتظر لحظة ما لتكسر الصمت الذي بينهما ثم قطعت الصمت وقالت.
ماسة بتردد: حبيبي… أنا حاسة إن في حاجة شغلاك. من ساعة مارجعت وإنت مش على بعضك ده أنت حتى ماغيرتش هدومك، في حاجة؟؟
رد سليم ومازال ينظر أمامه بعد أن أخد نفسًا عميقًا.
سليم بنبرة هادئة لكن حادة: مافيش حاجة يا ماسة، مجرد شوية تفكير.
اقتربت ماسة منه وهي تضع يدها على كتفه برفق:
طب ما تقول لي يمكن أساعدك… ماتبقاش أناني تشيل كل حاجة لوحدك.
ينظر سليم لها بابتسامة خفيفة، يخفي وراءها الكثير:
إنتِ أكتر واحدة بتساعديني. بس في حاجات ماينفعش أتكلم فيها دلوقتي.
ماسة محاولة إقناعه: سليم، أنا مراتك، وإحنا عدينا بحاجات أصعب مع بعض. أي حاجة بتحصل دلوقتي مش هاتبقى أصعب من إللي فات شاركنى همك وتعبك وقلقك.
قام سليم عن المقعد، أمسك بيد ماسة وقربها منه.
قال بنبرة دافئة لكنها حاسمة: ماستي الحلوه، كل إللي عايزه منك إنك تدعي لي بكرة… لأن ممكن نسمع خبر حلو.
ماسة بدهشة: خبر إيه؟! إنت وصلت لحاجة؟!
سليم هز رأسه بابتسامة: ماتفكريش كتير. كل حاجة في وقتها هاتفهميها، المهم إنك تكوني معايا، ده كفاية عليّا.
شعرت ماسة أن وراء كلماته شيء كبير، لكنها قررت ألا تضغط عليه. هزت رأسها بإيجاب، ووضعت رأسها على كتفه.
ماسة بصوت خافت: ربنا يريح بالك يا سليم ويجيب لك كل الخير. بس أوعى تتعب نفسك زيادة، إحنا محتاجينك وحياتي عندك أوعى تخاطر بنفسك.
سليم بحنان: كل إللي بعمله ده علشان خاطر ماسة.
ماسة ابتعدت وهى تمسح على صدره بحب: طب يلا قوم غير هدومك وارتاح شوية.
سليم بحب: لا أنا مش هنام لحد بكرة، أرجوكي يا ماسة، سيبيني براحتي لو بتحبيني فعلاً سيبيني براحتي.
ماسة: حاضر.
💞_________________بقلمي _ليلةعادل
حديقة حيوان الجيزة 4:30 مساء
مظهر عام لحديقة الحيوانات، حيث زحام الزوار، حركات الأطفال بجوار أقفاص الحيوانات، وتفاعل الناس مع الفيل.
يظهر دغمش( محروس)، يسير بين الزحام مرتديًا سويت شيرت، ويغطي معظم وجهه بالكابيتشو (الطاقية بتاعة السويت شيرت يعني) يتحرك بحذر واضح، يلتفت حوله بترقب.
وبعد قليل، يدخل سليم ومكي الحديقة. يسيران معًا بهدوء وخلفهم رجال سليم متنكرون في زي عادي وموزعون بين الزوار بالخفاء، وصلا إلى بيت الفيل، حيث وقفا وتبادلا الحديث.
نظر مكي حوله: مافيش حد واضح حوالينا.
سليم بصوت منخفض: هو قال إنه هايعرفني لوحده.
وضع مكي يديه على خصره حيث المسدس: أنا محضر مسدسي لأي طارئ.
سليم بحزم: خليك عاقل، إحنا وسط الناس وأطفال.
أثناء ذلك كان محروس يراقب الموقف من بعيد. أخرج هاتفه وأجرى اتصالًا بـ سليم.
رد سليم على الهاتف: إنت فين؟
دغمش بجمود: حط الفلوس في صندوق الزبالة إللي جنبك.
سليم بحزم: الأسطوانة الأول!
محروس بسخرية: بصراحة ماتوقعتش إنك هتيجي لحد عندي بنفسك…(بأمر) حط الفلوس الأول.
سليم ببحة رجولية: قلت الأسطوانة الأول.
دغمش بتوتر: أضمن منين إنك هاتديني الفلوس؟
سليم بقوة: كلمة سليم كفاية، وأنا هاديلك الأمان.
دغمش فكر للحظات ثم قال: طب بص قدامك على صندوق الزبالة على بعد 10 متر. بعد ثلاث دقايق هتحط إيدك، هتلاقي الأسطوانة، وتسيب الفلوس مكانها.
سليم بقوة ممزوجة بتهديد: ماشي، لو الأسطوانة طلعت اشتغالة لو في جحر التعبان هجيبك مش سليم إللي يتلعب بيه.
دغمش: الأسطوانة ماتهمنيش ولا إللي فيها يهمني يا باشا، أنا محتاج الفلوس وأكيد لو كسبت ثقتك يمكن أبقى من رجالتك وأغلق الخط.
مكي بحذر: خليك إنت هنا، أنا إللي هجيبها.
سليم: لا، أنا هاجي معاك.
مكي بحزم: اسمع الكلام، ممكن يكون فخ. خليك هنا!
أخذ مكي حقيبة الفلوس من يد سليم بعد ٣ دقائق أعطي إشارة للرجالة باليقظة. تحرك بإتجاه الصندوق، لكن فجأة صدرت صرخات من الزوار في الحديقة. وأخذ الناس يركضون نحو إتجاه معين في حالة من الذعر.
مكي بقلق: فيه إيه؟! إيه إللي حصل؟
سليم بغضب وتوتر: في حاجة غلط بتحصل!
بدأ سليم بالسير نحو الإتجاه الذي يركض فيه الناس، بخطوات سريعة إلى حد ما بسبب إصابته التي تُعيق حركته وتشعره بالعجز والغضب، يصل الأثنان إلى مكان الزحام ليجدا محروس مُلقى على الأرض، غارقًا في دمه، مذبوحًا بطريقة وحشية.
سليم باتساع عينيه بصدمة: قتلوه!
بحركه تلقائية متهورة بيأس، ينحني سليم لتفتيش جسده بحثًا عن الأسطوانة أو أي دليل بجنون.
مكي سحب سليم بعيدًا: سليم، أبعد عنه، ممكن يكون لسة في خطر حوالينا.
سليم بغضب وقهر نظر له: قتلوه يا مكي! علشان موصلش للحقيقة.
سحبه مكي من يده: أهدى، إحنا كدة عرفنا إن في حاجة، وحاجة كبيرة كمان.
سليم بضجر: في خاين يا مكي في خاين إنت لازم تعرفلي مين ده توصلنا مع أهل الواد ده هيوصلنا لمعلومات كثيرة.
مكي وهو يريت على كتفه: ماتقلقش.
بدأ رجال الشرطة الخاصة بالحديقة يحاصرون المكان، لكن أثناء ذلك يظهر أحد الأشخاص من الزوار. يبدو عليه هدوء غريب وسط الفوضى، وقف مبتسمًا بخبث، وضع يديه في جيبه وكأنه يتابع الأحداث باستمتاع.
بعد دقائق تحرك وأخرج هاتفًا صغيرًا من جيبه وأنحني قليلًا خلف شجرة، ثم تحدث بهدوء.
الرجل بصوت خافت: تمام يا باشا، محروس خلص، مفيش حاجة هاتوصل لسليم. الأسطوانة في أمان.
سمع صوت حاد من الهاتف: أطمن أن سليم مشي، وخلّيك بعيد عن أي شك. هتلاقي تعليمات جديدة قريب.
أغلق الرجل الهاتف بسرعة، ووضعه في جيبه وأخرج تلك الأسطوانة، لعب بها بين يديه، ثم اندمج مع الحشد وكأنه أحد الزوار العاديين.
💞_______________بقلمي_ليلةعادل⁦。⁠◕⁠‿⁠◕⁠。⁩
في قصر الراوي
الصالون العاشرة مساءً
نشاهد جميع أفراد عائلة الراوي يجلسون مع بعضهم، يتحدثون في الأمر بحضور مكي وإسماعيل.
فايزة بتهكم: ازاي يا سليم ماقولتلناش؟! إزاي تتصرف لوحدك كدة!
عزت: مظبوط، يا سليم. كنت تقول لي، ونشوف مع بعض حل.
سليم بكبرياء: كنت هاتعملوا إيه؟ كنتم هاتعملوا حاجة أكتر من إللي عملتها!؟ وبعدين خلاص، رجعنا للصفر من تاني.
عماد: أنا شايف العكس. دلوقتي عرفت إن في خائن. من رأيي تدور على رجالتك.
صافيناز بتأييد: ده حقيقي، مين إللي هايعرف يعني غيرهم؟
سليم وهو يضع وجهه بين يديه بتعب: مش عايز أتكلم في الموضوع ده، لو سمحتوا.
ماسة بهدوء وذكاء: حبيبي، ماتضيقش. ده معناه إن في حد ممكن يخون من رجالة الشخص ده لإن إللي كلمك كان محتاج فلوس، ربما حد تاني يحتاج فلوس وهيتصل بيك.
طه بتأييد: صح ماسة بتتكلم صح.
فريدة: إيه رأيك يا سليم، تعمل إعلان في المجلات إنك هتدي مليون دولار للي عنده معلومة عن الحادثة؟
ياسين: فكرة حلوة جدًا! ممكن كمان تخلي رجالتك وكل العصابات إللي حوالينا يعرفوا إن سليم الراوي مستعد يدي فلوس بلا نهاية لأي حد يوصله معلومة.
إبراهيم تدخل: بالظبط. الفلوس هاتزغلل عيونهم، ممكن حد يخون مش لازم الكبار، حد من الصبيان . وأكيد ده صبي من إللي كانوا موجودين يوم الحادثة يا سليم واحتاج لفلوس علشان كدة كلمك.
نهض سليم بصمت، هو لا يجد كلمات كي يقولها، فكان لديه أمل كبير ليصل لمسبب الحادثة لكن ضاع الأمل مرة أخرى، توجه نحو السلم وصعد حتى غرفته.
ماسة وهي تنظر لأثارة بحزن: أنا هطلع له، مكي حاول تدور تاني، دور ورا كل الناس إللي شغالين معاكم. أكيد في حد فيهم خاين.
مكي بتهدئة: ماتقلقيش.
جناح سليم وماسة
نرى إضاءة خافتة،أجواء هادئة إلا من صوت المقعد الهزاز الذي يجلس عليه سليم أمام النافذة، يدخن سيجاره بصمت، وجهه متعب وعيناه مثقلتان بالحزن
دخلت ماسة الغرفة بهدوء، أشعلت الضوء بخطوات مترددة. اقتربت منه وجلست على الأرض أمامه، رفعت يدها ومسحت على قدمه بحنان. صوتها خرج بنبرة تجمع بين العتاب والقلق.
ماسة بعتاب: ليه ماقلتليش؟ ليه خبيت عليا؟ هو أنا مش قلت لك تخلي بالك من نفسك؟ إزاي تخاطر كده؟ أمال إللي شغالين معاك بيعملوا إيه؟ ولازمتهم إيه؟
نظر إليها سليم بصمت للحظات، زفر بعمق، ثم وضع السيجار جانباً.
سليم بنبرة ضعيفه: علشان إللي عملتيه دلوقتي ماحبيتش أقول لك، مش عايز أسمع الكلمتين دول، مش عايز أخوفك عليا.
ماسة بإعتراض: إزاي يعني أفرض حصلك حاجة.
سليم تنهد وقال بتفسير: لو كانوا عايزين يقتلوني يا ماسة، كانوا قتلوني، أنا رايح جاي كل يوم قصادهم، قلت لك القوانين بتاعتهم قاسية، هما عايزين يسيبوني عايش محتار عامل زي المجانين أنام مفتح عين ومغمض عين، التوتر والخوف، يبقوا ملازمني هما كدة بيتلذذوا في عذابي، هما عايزين يحرقوا قلبي ويجيبوني بيكي، بس أنا مخبيكي عنهم وهأفضل مخبيكي عنهم، شفتي يا ماسة بقى إن ليا حق مخرجكيش.
ماسة مسحت على قدمه بتفهم: طيب أنا مش عايزاك تزعل. المهم دلوقتي إننا عرفنا إن في خاين. دي خطوة ايجابية.
هز سليم رأسه بنفي قال بعقلانية: مافيش خاين عندي، محدش كان عارف حاجة غير العشري ومكي. وأنا واثق فيهم، حتى إسماعيل ماكانش يعرف التفاصيل، قلت له بس إني محتاجه معايا في مشوار مهم، وهناك عرف. باقي الرجالة ماعرفوش إحنا رايحين فين ولا ليه! إلا قبلها وإحنا بالطريق وبرده مايعرفوش التفاصيل.
حاولت ماسة تهدئته، وضعت أناملها اسفل ذقنها: يعني تفتكر إنهم كانوا مراقبين الولد ده؟
سليم بتأكيد وذكاء: أيوة أكيد كانوا بيراقبوه، أنا مش عبيط علشان أدي حد التفاصيل كلها، حتى لو رجالتي، لكن دلوقتي بقيت متأكد إن إللي عمل الحادثة دي إيده مش سخية على رجّالته… وإن هما محتاجين فلوس، وإللي اسمه محروس ده اتصل بيا وطلب فلوس، ده معناه إن إللي وراه مادفعش لما طلب فلوس..ودي نقطة في صالحنا. لو عرضنا فلوس أكتر، أكيد حد منهم هايضعف وينطق.
ماسة: طب اعمل كدة فكرة فريدة حلوة وانت اهو بنفسك قولت محتاجين فلوس.
سليم بتوضيح: مش هينفع دلوقتي، هما دلوقتي هايبقوا خايفين يكون مصرهم زي إللي حصل مع الشاب ده ..( تنهدت بتعت وقهر) وماقداميش غير إني أصبر.
ابتسمت ماسة بخفة محاولة رفع معنوياته. اقتربت أكثر، ووضعت قبلة على خده: إنت صح يا حبيبي، خلاص روق. إحنا إن شاءالله هنمسك الخيط قريب. ونوصلهم ماتشيلش هم.
جلست على قدمه برفق، تضم رأسه إلى صدرها بحنان، وكأنها تحاول احتواء حزنه: إحنا مع بعض، وهانتخطى كل ده.
💞_______________بقلمي_ليلةعادل ⁦◉⁠‿⁠◉⁩
غرفة صافيناز وعماد
نرى فايزة تتوقف أمام صافيناز وعماد ورشدي، ويبدو على وجوههم ملامح الانزعاج والتوتر.
فايزة بشك وهي تشير بيدها: إنتم إللي ورا الحكاية دي؟
صافيناز متعجبة: ورا إيه؟
فايزة باتهام: إنتم السبب في قتل الشاب ده!
رشدي متعجباً: في إيه يا ماما؟ إنتي ليه محسسانا إن إحنا مجرمين!
فايزة بتهكم: إنتم فعلاً مجرمين إللي يفكر زي الأفكار إللي عملتوها يبقى منحط ومجرم خسيس!
صافيناز بهدوء: مامي إحنا مالناش علاقة خالص باللي حصل، ومانعرفش حاجة، اتفاجئنا زيكم. إحنا مش عارفين أصلاً إزاي ده حصل؟! بعدين بالعقل كدة، هانعرف إزاي وسليم ماقالش لحد غير مكي وعشري، مفيش حد فينا يقدر يطلع بمعلومة منهم.
فايزة بشك: وأضمن منين إنكم مابتلعبوش عليا؟!
رشدي توقف أمامها: إحنا بجد مانعرفش حاجة، وده يخوف أكتر! في حاجة غلط الموضوع كبير ويخوف.
فايزة بتهديد مبطن: اممم، عموماً هانشوف.
زي ماقلت، لو حسيت إنكم بتلعبوا من ورايا، هندمكم على عمركم كله، حتى لو هيكلفني الأمر حياتي!
غادرت فايزة الغرفة بعد أن رمقتهم بنظرة حادة، وكان التوتر يملأ الأجواء.
زفر رشدي، ثم وجّه نظره إلى عماد وصافيناز: إنتم بجد ماتعرفوش حاجة؟ عرفوني علشان أبقى فاهم.
عماد بنفي: أكيد مش إحنا، العصابة التانية واضح أنهم مراقبين رجالتهم علشان عارفين إن سليم مش هايسكت، هما سابقينا بخطوات.
جلست صافيناز على المقعد، وسحبت شعرها للخلف، ثم وضعت قدمًا فوق الأخرى وقالت بحيرة وتعجب:
بجد… هموت وأعرف مين السبب في كل ده!
رشدي بتوتر: الإسطوانة دي لو كانت وقعت في إيده، كانت هاتودينا في داهية!
أمعن رشدي النظر في ملامح عماد قليلًا، وكأنه يدرسها. حكّ لحيته بشك: قلّي يا عماد، إيه إللي يخليني ماشكّش إنك إنت ومراتك، أختي، ورا حادثة سليم؟
توقفت صافيناز وقاطعته بغضب: إنت اتجننت؟!
رشدي بهدوء: اتجننت ليه؟ مش ممكن تكون حقيقة؟ أنا ومنى مستحيل نكون ورا الحادثة. منى مالهاش في السكة دي، وأنا كمان ماليش علاقة بالمافيا. ولو أنا إللي وراها، إيه إللي يخليني أضرب العربية؟ ما أنا عارف إن في ناس مستنياني.
صافيناز بعصبية: رشدي، كفاية العبط وأعقل. مش وقتنا نخسر بعض، ومش وقت الشك. إحنا محتاجين لبعض، علشان نفكر ونفهم مين إللي ورا الحادثة.
إحنا عارفين حاجات بابي وسليم مايعرفوهاش. إحنا معانا خيوط مش عندهم. لازم نشتغل مع بعض بدل مانضيع الوقت في الشك، علشان لو شكينا في بعض، هانتحرق.
رشدي بهدوء: أنا لحد دلوقتي عاقل، بس أهو، بقولها للمرة الألف: لو جه الطوفان، هايبقى عليا وعلى أعدائي.
صمت قليلًا، ثم نظر نحو عماد بحدة: وحذاري يا عماد، لو كنت بتلعب من ورايا وكنت إنت إللي ورا قتل الواد ده!
عماد بإنفعال: لو أنا إللي وراها، مش ها أقول ليه؟ وهعرف منين؟
هو في حد فينا بيعرف يوصل لمعلومة عن سليم؟
سليم مش سهل، اختراقه مجازفة. لو فكرنا نزرع ميكروفونات أو كاميرات يبقى سلملنا نفسنا بإيدينا، مكي وعشري بيكشفوا كل 3 أيام وساعات كل يوم!
على المكاتب .. ده القلم لو اتنقل من مكانه بيعرف! والباشا زيه بالظبط! فعملها إزاي يا نبيه؟
رشدي بدهاء: يمكن في حاجة تانية أنا ماعرفهاش، يمكن إنت متفق مع العصابة التانية، وعارف كويس الإسطوانة دي فيها إيه! وجالك أمر تتخلص منها.
عماد بثقة: أنا مش هرد عليك، بس إللي بتفكر فيه مالوش أي أساس، المهم دلوقتي لازم نفتح عينينا أكتر من الأول ونحذر، سليم بعد المصيبة دي. عينيه هتتفتح أكتر وأكيد هيزود المراقبة أضعاف. مش عايزين نتجمع ولا نتكلم في أي حاجة. نتقابل هنا في أوضة النوم، ولازم ميكنش معانا تليفونات، أكيد هيخترقها.
صافيناز: لازم نعمل كدة فعلاً وانت اعقل يا رشدي.
نظر لهما رشدي دون تحدث وتوجه نحو الباب. خرج من الغرفة، تاركًا خلفه صمتًا كثيفًا.
اقتربت صافيناز من عماد، وضربته على كتفه: أوعى تكون إنت إللي ورا كل ده!
عماد بدهشة وغضب: هو في إيه؟ والله ما أنا! معرفش حاجة، اتفاجئت زيكم! صافيناز، إنتِ هتصدقي كلام رشدي المتخلف ده؟
صافيناز بتنهيدة: دي مصيبة… لو الموضوع كبر، سليم مش هايسكت… عماد، إحنا لازم نتصرف، لازم نوصل للي عمل الحادثة. أنا خايفة يكون ماسك حاجة علينا.
تبادلا النظرات، وكان في أعينهما قلق حقيقي.
في منطقة شعبية.
منزل دغمش التاسعة مساءً
نشاهد مكي جالسًا مع الفتاة التي ظهرت سابقًا مع دغمش، والتي اتضح أنها زوجته ترتدي عباءة سوداء وحجاب. مع الاستماع لصوت قرآن فهو يبدو إنه عزاء.
الفتاة وهي تبكي: والله يا بيه، أنا معرفش حاجة. محروس أقصد دغمش ماكنش بيحب يتكلم في الأمور دي خالص. هو يعني على باب الله، ساعات يشتغل على توك توك، وساعات تانية في محل أو أي شغلانة تيجي.
مكي: يعني مالوش شغل ثابت؟
الفتاة وهي تبكي: لا، والله يا بيه.
مكي: طب مين أصحابه؟
الفتاة: أصحابه كتير، بس أنا معرفهمش، إحنا لسة متجوزين قريب، من حوالي شهرين فا أنا لسة يعني معرفش حاجة.
مكي: ماكنتيش تعرفيه قبل كدة؟
الفتاة: لا، والله يا بيه.
مكي يطمئنها: لو عارفة أي حاجة، قولي وماتخافيش.
الفتاة وهي تمسح دموعها بالمنديل: والله معرف حاجة، ولا أعرف إزاي جوزي اتقتل كدة. حسبي الله ونعم الوكيل.
مسح مكي وجهه بضجر، متسائلًا بنبرة هادئة:
طب آخر حاجة حصلت بينكم كانت إيه؟ قالك رايح فين أو هايعمل إيه؟
الفتاة، وهي تبكي بحرقة: هو كل إللي قاله إنه رايح مشوار وهايرجع ومعاه فلوس، كان عايز يعمل عملية لحماتي… حماتي عندها القلب، وكان لازم تعمل عملية كبيرة وماكانش معاه فلوس. قالي: يا ألفت، هروح أجيب الفلوس واستنيني. وبعدها نزل، ورجع راجلي مدبوح!
أخذت الفتاة تبكي بحرقة
هز مكي رأسه بتفهم، ثم مد يده بكارت: ده رقمي. لو عرفتي أي حاجة، كلّميني. وخليكي عارفة إنك تحت عيني.
الفتاة بصوت مكسور: حاضر…
غادر مكي مع بعض الرجال، وأغلق الباب خلفه.أثناء نزولهم الشارع اقترب عشري وقال بلهجة ضيق
عشري: محدش عارف حاجة، بس الكل بيقول إنه كان بيمشي مش مظبوط. وبتاع مشاكل، وبلطجي. كان ممكن حد يجره في خناقة أو يضرب حد.
مكي: أنا كنت متوقع إننا مش هانوصل لحاجة؟
علق عشري بقلق: سليم هايتضايق أوي لما يعرف ده.
ساد الصمت لحظة، وتابعوا طريقهم في صمت ثقيل
في إتجاه آخر.
في منزل دغمش..
بينما كانت زوجته ألفت تجلس في رعب شديد. فجأة خرج شخص ضخم الذي كان يجلس مع دغمش في المقهى الذي يدعى (صابر) تقدم منها وهددها وهو يحمل مسدسًا.
صابر بسخرية: شاطرة يا ألفت، إنتي كدة تعجبيني لا ممثلة جامد ها أبقى أكلمك حد من المنتجين.
جلس أمامها بنبرة جادة بتهديد:
.. بصي يا ألفت، إنتي وإللي زيك الرصاصة بتاعت المسدس ده أغلى منها. فلو خايفة على عمرك، حطي لسانك جوه بقك.
ألفت برعب: والله العظيم ماهتكلم، بس سيبني في حالي.
صابر وهو ينظر إليها بعينين قاسيتين: هسيبك في حالك، مكي هايفضل حاطك تحت المراقبة، فأوعي خيالك يضلك وتعملي حركة كدة أو كدة، إنتي فاهمة؟ ولا تحبي تفهمي بطريقتي.
أجابته ألفت، وهي ترتجف من الخوف: والله العظيم، ماهفتح بوقي، أنا ماليش دعوة أبوس إيدك سبني.
ولا شفت حاجة ولا أعرف حاجة أنا بشتري عمري يا بيه.
صابر وهو يبتسم ابتسامة قاسية: شاطرة.
ثم تركها وخرج من الشقة، وأغلق الباب وراءه بشدة.
أخذت ألفت تبكي بحرقة، وبنبرة مليئة باليأس،: الله يسامحك يامحروس، الله يسامحك. كان مالي ومال القرف ده؟ والله العظيم، لهسيب الشقة وأروح عند أهلي. منك لله.
على إتجاه آخر..
في شقة متواضعة.
نرى شاب يقف في بلكونة صغيرة، يشعل سيجارة ويتابع الشارع بصمت. ملامحه حادة، ونظراته تعكس التوتر بعد صعود ذلك الرجل الضخم سيارته تتحرك،. بعد لحظات، يدخل غرفته بخطوات ثقيلة. يفتح دولابًا قديمًا، يُخرج منه أسطوانة صغيرة، ويمسكها بين يديه وهو ينظر إليها بشرود.
فلاش باك
في مكان مهجور بجوار مقلب قمامة، يقف محروس (دغمش) بجانب الشاب رضا (التمساح) المكان مليء بالروائح الكريهة، والجو مشحون بالتوتر.
تمساح بضيق: فيه إيه يادغمش؟ جايبني هنا ليه؟ أنا بطني اتقلبت من الريحة يا جدع!
دغمش بنبرة جادة: اسمعني كويس، يا تمساح. أنا عايزك تمسك الإسطوانة دي.
تمساح متعجبًا وهو يقلبها بين يده: أسطوانة إيه دي؟ وليه معايا أنا؟
دغمش: لو حصل لي حاجة، توصلها لسليم الراوي.
تمساح بإندهاش: سليم الراوي؟ إنت صاحي؟ ده إحنا قتلناه هو ومراته، أنا إللي ضربتها بنفسي! مالك يا دغمش إنت معلي.
دغمش مقاطعًا بغضب: اسمعني للآخر! يا رضا لما كنت مستنيك في العربية، معرفش ليه صورت الليلة كلها، كنت عايز فلوس، وكلمت الواد البقف إللي اسمه صابر.. مارضيش يديني حاجة.
تمساح بتهكم: يا عم أبعد عن الحوارات دي. إنت كدة هاتودينا في داهية، والناس دي مابترحمش.
دغمش بتنهيدة: أمي بتموت، وكنت عايز فلوس للعملية. كلمت سليم، وماقلتلوش حاجة عن إللي عندي. قلتله بس إن معايا معلومات.
تمساح بقلق: وإنت فاكر سليم هايصدقك ويسيبك تعيش؟ ولا هما هايسبوك؟!
دغمش: آها هو مش عايزني أنا تاره معاهم … لو حصل لي حاجة، إنت سلمه الإسطوانة. مش عايز منك حاجة غير كدة. وهو هايديك فلوس حلوة.
تمساح: يا سلام ده لو عرف أنا مين هايدبحني؟
محروس بتنبيه قال بسخرية: هايعرف منين إنك إنت إللي غرزت السكينة في بطن مراته؟! إنت قول له إنك كنت من ضمن الواقفين ومعاهم سلاح، أو صاحبي وأنا أمنتك على سري .. مش هاتغلب يا رضا .. دمي أمانة في رقبتك لو حصل لي حاجة يا صاحبي.
وضع الأسطوانة في يد رضا، وأنصرف بخطوات ثقيلة..
((العودة إلى الحاضر))
نظر رضا للأسطوانة بين يديه، تنفس بعمق وقال بصوت منخفض: ما تزعلش مني بقى يا صاحبي… رقبتي غالية، بس الدنيا مش بتسلم كدة.
أخرج ولاعة من جيبه، فتحها وقربها من الأسطوانة. النيران تقترب، ولكنه تردد للحظة قبل أن يقرر مصيرها.
💕________________بقلمي_ليلة عادل
كورنيش النيل – الخامسة مساءً
نرى مكي وسلوى يجلسان جنب بعض على مقعد خشبي، ويتناولان الذرة المشوية أمام النيل. بجانب سلوى شنطة هدايا بداخلها باقة ورد جميلة.
سلوى وهي تنظر من حولها: الجو فعلاً حلو، كان عندك حق، القعدة على النيل دلوقتي جميلة.
أكملت وهي تنظر له بجدية: بس إنتوا كدة خلاص مش عارفين توصلوا لأي حاجة تخص الشخص ده؟
مكي بأسف وهو يتناول الذرة: للأسف، هما كانوا عارفين كويس إننا هاندور وراه وهانوصل لأهله. مأمنين نفسهم بشكل رهيب.
سلوى متعجبة: والله، الحكاية دي تحسها زي أفلام الأكشن الأجنبية. الموضوع غريب بجد! المشكلة إن ماسة هي إللي بتدفع التمن، وسليم قفل عليها أكتر من الأول. دلوقتي أول حاجة قال لها: شفتي؟ أنا كدة عندي حق، لسة بيراقبونا وفي خطر عليكي.
مكي برجاء لطيف: اتكلمي معاها يا سلوى، خليها تتحمل شوية. سليم بيحبها جداً وحقيقي خايف عليها.
سلوى بتوضيح: والله، ماسة مستحملة ومابتشتكيش، وبتكدب علينا لما تقول مش مضايقة، لكن أنا بكلمها عشان أحسسها باهتمامي. بس كتر الضغط بيولد الانفجار يا مكي، ماسة مستنية تدخل الجامعة، وهاتبقى مصيبة لو سليم رفض.
هز مكي رأسه نافيًا:معتقدش انه هيرفض دخلها الجامعة، بعدين إحنا هانتكلم معاه بس عندي الأيام دي…
صمت للحظه واقترب منها بابتسامة عاشقة.
سلوى برفعة حاجب تساءلت: بتقرب كدة ليه؟
مكي مفسرًا بضحكة: هحب فيكي شوية.
سلوى بمزاح ساخر: بس يا أبو وردة في الشنطة!
ضحك مكي: المهم إن الورد يعجبك مش مهم جايبه في إيه!!
سلوى بتنهيدة خفيفة: صح، عجبني.
مكي بجدية خفيفة: قوليلي بقى، بعد فترة من ارتباطنا، إيه رأيك فيا؟
سلوى بنبرة ماكرة: رأيي إزاي؟
مكي: يعني عملتي مقارنتك؟
سلوى: مكي، إحنا مكملناش لسة 4 شهور!
مكي متعجباً: ليه !! هو أنا صعب كدة؟
ضحكت سلوى: بالعكس سهل. الصراحة، فهمت إنك عملي جدًا وغيور جدًا.
صمتت لثوانٍ ثم أضافت: بصراحة، الفترة إللي عرفتك فيها زمان عرفتني كل حاجة. مش حاسة إنك جديد عليا، الفرق الوحيد دلوقتي إننا بنتكلم وبنتقابل قدام الكل… طب وأنا؟!
مكي بابتسامة: يعني بقيتي أهدى شوية ده إللى حسيته؟
سلوى بمزاح وهي تضحك: بص أنا مش بحب أقلل من نفسي. يمكن طولت شوية، بس مفيش أختلاف كبير حاساه فيا.
مكي وهو يضحك: لسه بردو شبر ونص وبتجيلي لعند وسطي.
ضيقت عينيها وضربت بمزاح على كتفه: احترم نفسك القصر نص الجمال.
مكي ضحك: الجمال كله ماتزعليش يا سوسكا ..طب ما دام كدة، تعالي نتجوز.
سلوى بإبتسامة ثابتة: قلتلك بعد أول سنة في الجامعة.
مكي: مصممة؟
سلوى: أيوة.
مكي: طب خلينا نبدأ نجهز. نشتري الفيلا ونفرشها.
سلوى هزت رأسها بموافقة: اللي إنت عايزه.
مكي بتوجس: سوسكا،عندك مانع نقعد مع ماما بعد مانتجوز يعني هانقضي شهر العسل وبعده نقعد مع ماما، ممكن نقعد شهر أو شهرين مثلا، وبعدها نرجع لفيلتنا. هي ملهاش غيري، ومقدرش أسيبها.
سلوى: طيب ماتخليها هي تيجي تعيش معانا؟
مكي بتوضيح: هترفض، متعلقة بالشقة لأنها فيها ذكرياتها مع بابا و سامح أخويا. بس ماتخافيش، ماما طيبة ومش زي الحموات إللي بنشوفهم في الأفلام. هاتبقى ونيس ليكي خصوصًا إني بأبقى بشغلي كتير.
سلوى هزت راسها بإيجاب: عموماً، ماعنديش مانع بس لازم تقولهم عندي.
ثم أضافت بجدية: بس يا مكي، أنا مش موافقة إنك تفضل تشتغل مع سليم.
مكي بهدوء: بصي، الوقت الحالي صعب أبعد. لازم نعرف مين ورا الحادثة. خصوصا بعد إللي حصل، سليم محتاجني ماينفعش اتخلى عنه …
لكن بعد كدة هشتغل في شركة السياحة بتاعته. وإنتي كمان هتشتغلي في الشؤون القانونية بما انك هتكون مستشارة.
سلوى تبسمت: طيب ماشي بتعرف تقنعني.
توقف مكي ومد يده: يلا نتمشى شوية.
سلوى وهي تمسك يده: يلا.
بدأا بالتحرك معًا، وهي متعلقة بذراعه. كان الجو جميلا وهما يشربان حمص الشام، وبرغم أن مكي لا يجيد التحدث برومانسية، إلا إن سلوى كانت تشعر بسعادة كبيرة بقربه.
سيارة مكي السابعة مساءً
نرى مكي وسلوى يجلسان في السيارة وهو يقودها.
مكي وهو ينظر لها بحماس: بقولكِ إيه، أنا جعان. تيجي نروح نتغدى؟
سلوى بإعتراض: أنا مش عايزة أتأخر.
مكي بضيق: أنا ماصدقت أبوكي وافق يخرجك معايا. الوقت حلو وإحنا مع بعض، وهو قال لي الساعة 9 تبقي في البيت ولسة الساعة 7.
سلوى تبسمت: طيب ماشي.
غمز مكي لها مداعبًا: بقول لكِ إيه، هشغل لكِ أغنية حلوة.
فتح كاسيت السيارة وشغل أغنية يا معلمني الهوى لعبد الباسط حمودة.
الأغنية: يا عمى وعم قلبي يا معلمني الهوى…
نظرت سلوى للأغنية بدهشة، ويبدو أنها لم تعجبها.
أما مكي، فبدأ يغني بانسجام شديد مع عبد الباسط، ويقوم بحركات وإيماءات تتناسب مع كلمات الأغنية.
مكي وهو يغني: اتفضل جوه قلبي تعالى نعيش سوا… يا سيد يا جامعة في الحب وفي الملوعة… أنا قلبي ناره والعة وفي إيديك الدوا…
سلوى كانت تنظر له بابتسامة وتعجب من طريقته، فانتبه لها.
مكي متعجبًا، وهو يعقد حاجبيه: مابتغنيش معايا ليه؟ الأغنية مش عاجباكي؟ ده أنا بهديها لكِ.
سلوى باستهجان: إنت سبت كل الأغاني إللي في الدنيا، ما لقيتش إلا دي؟
مكي متعجبًا: مابتحبيش الشعبي ولا إيه؟ لا كدة مش حلو. ده الأستاذ.
رفعت سلوى حاجبيها بدهشة: الأستاذ؟ أمال تامر حسني؟ إيه؟
مكي باستنكار: تامر حسني ده تحبه؟ واحدة زيك كدة؟
سلوى رفعت حاجبها: مالها إللي زي بقى، إن شاء الله!!
ابتسم مكي و مد يده ليقرص خدها بدلال:
كتكوتة يعني! لكن أنا عيب عليا أسمع تامر حسني.
سلوى متبسمة: والله يا مكي عندك حق، عموماً شكراً. إنك مسمعني أغنية كلماتها فيها غزل كويس ماسمعتنيش دقيقة حداد لطارق الشيخ.
ضحك مكي: إنتي بتسخري من رومانسيتي؟ بعدين، ده أنا هاخدك مكان رومانسي يجنن في السيدة.
سلوى بقلق: وحياة ربنا، بقلق منك. إنت لما بتقول لي على حاجة رومانسية. إنت رومانسيتك محتاجة تظبيط زوايا.
مكي متظاهرًا بالضيق: يعني أفهم إيه إن طريقة حبي ليكي مش عاجباكي؟
سلوى مبتسمة: لا يا حبيبي، هو أنا اتكلمت.
مكي بسعادة: تصدقي؟ إنتي أول مرة تقولي لي يا حبيبي. حلوة حلوة. قوليها تاني كدة.
سلوى بمزاح: سوق يا مكي سوق، وبص قدامك بدل ما نلاقي نفسنا لابسين في العربية إللي قدامنا.
مكي بمزاح: ماهو إنتي لو ماقلتليش حبيبي دي تاني أنا هلبس في العربية بجد.
سلوى بدلع: طب يا حبيبي وروح قلبي بص قدامك.
مكي: تصدقي، الكلام الحلو ده بيعمل حاجة كده زي قشعريرة قوليها لي على طول، يا حبيبي.
سلوى بدلال: لما إنت تقول لي يا حبيبتي ها أقول لك.
مكي بسعادة: بس كدة؟ ها أقول لك يا حبيبتي، ويا روح قلبي كمان، ويا ست البنات. حلو كدة؟
سلوى: حلو.
مكي: استني استني، هعمل لك حاجة رومانسية دلوقتي جامدة.
نظر مكي في مرايات السيارة ليتأكد إنه لا يوجد سيارات بجانبهم، خفف السرعة قليلا،مد يده للخلف وأخذ وردة من البوكيه. اقترب منها ووضعها في شعرها.
سلوى بدهشة وابتسامة: لا لا حقيقي أفعالك الرومانسية النهاردة كتير مسمعنى عبد الباسط و وردة في شعري.ويا روح قلبي. إحنا هانتحسد يا مكي.
ضحك مكي بجاذبية: طب بطلي شقاوة بقى وخليني أسوق علشان نطلع المكان الرومانسي .ثم غمز لها
أحد المطاعم الشعبية في السيدة زينب الثامنة مساءً.
نرى مكي وسلوى يترجلان من السيارة ويدخلان إلى المسمط الشعبي.
سلوى بنظرات مستغربة: هو ده المكان الرومانسي؟ قلت لك، أنا بخاف من رومانسيتك.
مكي بإبتسامة عريضة: أيوه يا بنتي، ده مكان رومانسي. مش شايفة الأكل والجو؟ المكان نفسه بيحكي قصص حب! وأوعي تقولي لي إنكِ ما بتحبيش الأكل ده.
سلوى بضحكة خفيفة: لا، باكله. إحنا في بيتنا متعودين على كل حاجة. مافيش حاجة أقول عليها لا. بصراحة الأماكن دي ليها جو مميز.
مكي بحماس: تعالي بس نقعد.
جلسا على إحدى الطاولات. سحب مكي الكرسي لسلوى برقي ثم جلس أمامها.
مكي: بصراحة، أنا بحب الأماكن دي. بحس فيها بالراحة، مافيهاش تكلف، وكل حاجة فيها حقيقية. الأماكن الفاخرة كلها مظاهر كذابة، كمان أنا بقضي أغلب وقتي في الشغل البدلة والكرافتة والمظاهر، فبستنى اللحظة إللي أخرج فيها وأقعد في مكان بسيط زي ده.
سلوى بتأييد: عندك حق. البساطة دايمًا أحلى.
مكي: طب هقولك على فكرة. الخروجة الجاية إنتِ تختاري المكان.
سلوى: أنا؟ بس أنا معرفش أماكن كتير. يعني، خرجت مع صحابي قبل كدة، لكن ماعنديش خبرة بالأماكن. إنما بحب الأماكن إللي فيها هيصة، موسيقى عالية، ورقص. الحفلات يعني.
مكي: خلاص. المرة الجاية أودّيكي مكان في كل إللي بتحبيه.
أتي الجرسون ليأخذ الطلبات، وبعد قليل قدم الطعام لهما.
مكي وهو يقدم لها ملعقة من الطاجن: على فكرة، المكان ده أكله حلو ونضيف.
سلوى تتذوق الطاجن: آه، طعمه حلو. ده طاجن كوارع، صح؟
مكي بإبتسامة: أيوة، طبعًا.
سلوى بمزاح: بس على فكرة، إحنا في بيتنا بنعمله أحلى من كده. لما تيجي عندنا المرة الجاية، هعمل لك حاجات أجمل من إللي هنا.
مكي بنبرة مرحة: وأنا سايب لكِ نفسي.
سلوى وهي تتناول قطعة ممبار بمزاح: مش بقول لك، أنا بخاف من رومانسيتك؟! الرومانسية عندك ماتش مصارعة أو فيلم أكشن، ، والنهاردة تأكلني في مسمط! فاضل وتاخدني أتعلم ضرب نار.
ضحك مكي: على فكرة، أنا مستحيل أعلمك ضرب نار أو حتى أشوفك ماسكة سلاح. أنا ما بحبش إنكِ تكوني قريبة من الحاجات دي.
تنهدت سلوى بابتسامة: أنا عارفة. وبالمناسبة، أنا مش زعلانة من طريقتك. بالعكس، بحبها. يمكن لو اتغيرت، ماتبقاش إنت مكي إللي أنا أعرفه وحبيته.
مكي بنظرة عميقة: بحبك.
شعرت سلوى بالخجل، واحمرّت وجنتاها. نظرت للأسفل بخجل شديد.
مكي وهو يمسك يدها: بوعدك إنكِ دايمًا تكوني مبسوطة وسعيدة، وأشوف ضحكتك الحلوة دي على طول. يا سوسكا. يا أحلى سوسكا
سلوى بصوت منخفض: يلا نكمل أكل بقى، علشان ما نتأخرش على بابا.
مكي بابتسامة هادئة: يلا.
أكملا الطعام وسط جو من الألفة و البساطة والسعادة.
قصر الراوي الخامسة مساءً
الهول
نشاهد هبة جالسة في الهول، تحمل طفلتها نالا وتتحدث عبر الهاتف.
هبة بابتسامة هادئة: زي ماقلتلك، الموضوع مش بالكَمّ، بالكيف.
يدخل سليم، يبتسم فور رؤيته لهبة ويتوجه نحوها.
سليم بابتسامة: إنتم هنا؟ أخبارك إيه؟
هبة تبسمت: الحمد لله، وإنت أخبارك إيه يا سليم؟
سليم: تمام، الحمد لله.. نظر لنالا .. إيه القمر ده؟ هاتيها، وحشتني أوي.
يحمل سليم نالا من حضن هبة، يداعبها قليلاً بينما تستأنف هبة حديثها على الهاتف:
زي ماقولتلك حتى لو عندك احتياجات، لازم تقدري تعبه… هو ماكانش كده زمان خلي عندك دم إيه يعني مرة في الأسبوع، الإحساس والمشاعر أهم.. أصبري عشان (أخفضت صوتها ) سليم جنبي.
لكن سليم كان منتبها لطريقة حديثها،بعد ثواني، يعيد نالا إلى حضن هبة ويصعد إلى جناحه.
جناح ماسة وسليم
يدخل سليم ليجد ماسة تتحدث في الهاتف.
ماسة: يعني إنتِ شايفة إن يوم واحد كفاية؟ متأكدة؟
استشعر سليم أن ماسة تتحدث مع هبة عن علاقتهما الخاصة فيشعر بالجنون .. أقترب متسائلاً.
سليم بإنفعال: ماسة بتكلمي مين؟
ماسة نظرت له: سليم! خضتني. بتكلم مع ريتال.
سليم بشك: بتتكلمي مع ريتال؟ ولا مع هبة؟
ماسة متعجبة: هبة!! هبة في أوضتها.ولو عايزة أتكلم معاها هروح أكلمها… هو في إيه مالك؟
سليم بحزم: هاتي التليفون.
ماسة باستغراب تام: هو إنت مش مصدقني؟
سليم بغضب: قلت هاتي التليفون!
سحب الهاتف من يدها بغضب ونظر إلى الاسم توقفت ماسة أمامه تحاول أن تفهم ما أصابه.
قرأ سليم الإسم ريتال؟! لكنه مازال يشك وضعه على أذنه قال: عاملة إيه؟
ريتال على الهاتف: إزيك يا سليم؟ أخبارك إيه؟
سليم ارتبك للحظه ثم قال: الحمد لله. مش ناوية تيجي بقى؟
ريتال: هاجي إن شاء الله. بس إنت بقى هتوافق تخلي ماسة تيجي فرحي؟
سليم باعتذار: بعتذر منك يا ريتال، إنتي فاهمة الوضع الف مبروك.
ريتال: الله يبارك فيك.
أعطي الهاتف لماسة التي نظرت له بغضب وتحدثت في هاتفها: ريتال معلش هكلمك بعدين.
أغلقت الهاتف، ونظرت له ماسة بغضب: بتاخد التليفون مني علشان تتأكد؟! أنا قلت لك بتكلم مع ريتال. حتى لو كنت بكلم هبة، إيه المشكلة؟ من إمتى ده بنا أصلا؟!
سليم بضيق وهو يشيح بوجهه بعيداً: مش عايز أتكلم في الموضوع.
ماسة بغضب: لأ، هنتكلم في الموضوع! أنا صبرت كتير وتحملت أكتر. إللي بتعمله ده اسمه إهانة!
نظر لها وحاول سليم تهدئتها، لكنها استمرت في الحديث: ردي عليا انت إزاي تعمل كدة؟!
سليم بغضب شديد: قلت لك خلاص يا ماسة.
ماسة بإنفعال: لا مش خلاص يا سليم والله ماخلاص وهاتقولي إللي إنت عملته ده سببه إيه!!
سليم نظر لها متسائلاً: قولي لي الأول تقصدي إيه بيوم واحد؟!
زفرت ماسة محاولة لجم غضبها: أقصد محفظة القرآن كانت بتقول لي ممكن تيجي لك يوم واحد وأنا بقول لها يوم واحد كفاية متأكدة لأن المحفظة مشغولة وحضرتك مانعني من الخروج… ها أنا أهو قلت لك قول لي بقى إنت إيه مشكلتك وهاتقول يا سليم.
سليم بهدوء: هبة كانت بتتكلم مع حد من أصحابكم واضح إن هي عندها مشكلة مع جوزها في العلاقة الخاصة، ومتضايقة يعني إن الموضوع ده بيحصل مرة واحدة.
اتسعت عينا ماسة من الصدمة: أنت اتجننت ياسليم! إنت ممكن تفتكر إني أتكلم مع حد في حاجة خاصة بالشكل ده؟ أنا أختي إللي هي أختي، ماينفعش أتكلم معاها في مواضيع زي دي. إللي بيني وبينك مايخرجش برة أبداً !
سليم بهدوء وهو يجلس على الفراش: خلاص، آسف.
ماسة بغضب: هو إيه إللي خلاص آسف إنت إزاي تفكر عني كده.
سليم بخذلان من نفسه ولا يستطيع النظر لها: معرفش.
ماسة بغضب ودموع تهبط من عينيها متعجبة بألم: إزاي ماتعرفش، أنا مش مصدقاك أقسم بالله
ما مصدقة، أنا ماسة حبيبتك … يعني أنا مقدرة عصبيتك ومقدرة كل حاجة، بس مش للدرجة دي، وبعدين ثانية واحدة هو إنت شايف إن إنت عندك مشكلة علشان أروح أشتكي.
رفع سليم عينه بحسم: طبعاً لا.
ماسة متعجبة: أمال ليه فكرت فيا كدة ؟!
سليم بضيق مما صدر منه: خلاص ياماسة قلت لك آسف أقفلي الموضوع بقى.
جلست ماسة وقالت بألم وقهر: تعبت، والله العظيم تعبت والله حرام إللي بيحصل فيا ده بجد.
بكت بحرقة بعد ثواني نظرت له وقالت: أنا هعدي الموضوع ده المرة دي بس، بس والله يا سليم لو عملتها تاني هاتشوف ماسة ماتعرفهاش.
سليم رفع عينه نحوها بضجر: ده تهديد؟
ماسة بطفح كيل: اعتبره زي ماتحب، بس خليك فاكر إني مش هسمح إنك تشك فيا كدة تاني.
وضعت ماسة رأسها بين كفيها، ونظراتها ثقيلة تسقط على الأرض. تنفست بتعب وكأن كل كلمة أصبحت تُنهكها.
كان بجانبها سليم يجلس، متكئًا على الأريكة، ورأسه مائل للخلف، تتقاطع في عينيه مشاعر متضاربة بين الندم والعجز. صمت ثقيل يلفّهما، وكأن الكلمات عاجزة عن التعبير.
بعد لحظات من الصمت، قطع سليم الهدوء بصوت خافت، محمّل بالثقل:
مش عارف أقولك إيه… بس حقيقي أنا… آسف.
قال سليم كلماته ونهض ليغادر، تاركًا ماسة غارقة في أحزانها.
خلال اليوم
ظلت ماسة في غرفتها تتابع الأفلام لساعات، بعد أن اتصلت بسليم لتطمئن عليه، لكنه أخبرها بإنه في اجتماع مهم.
مع حلول الليل، الساعة العاشرة مساءً
تلقت ماسة اتصالًا من سليم الذي طلب منها أن تهبط إلى الحديقة وأن تغيّر ملابسها، لأن هناك أحد المستثمرين يريد أن يراها.
بدّلت ملابسها، ارتدت فستانًا محتشمًا، وضعت القليل من مستحضرات التجميل. بدت جميلة كعادتها، ثم هبطت لأسفل واتصلت به. لأنها لم تجده في الحديقة، فأجابها أنه في الحديقة الخلفية في الأعلى.. صعدت إلى الدرج حيث الحديقة العلوية.
فور صعودها، فوجئت بالألعاب النارية تضيء السماء بألوان وأشكال جميلة، فابتسمت بدهشة وسعادة. فهمت أن سليم قد حضّر لها مفاجأة.
جاء سليم من خلفها واحتضنها، وضع رأسه بين حنايا رقبتها، كانت يداه تحيطان بها بحنان إحداهما على صدرها والأخرى على بطنها. شعرت ماسة بشعور غريب يسري في جسدها، كعشق غامر. أغمضت عينيها، فهي تحبه. مهما حدث بينهما، فالحب في قلبها أكبر من أي شيء. ابتسمت في سرها.
وضع سليم قبلة بين حنايا رقبتها قائلاً:
أنا آسف على كل حاجة، عارف إني زودتها. حقك عليا، يا أحلى ماسة، يا قطعة السكر إللي محليّة حياتي.
أدارها إليه ونظر في عينيها بحب، ثم وضع كفه على خدها:
وحشتيني… وحشتني الأيام الحلوة دي.
ماسة بعشق غمر قلبها: إنت كمان وحشتني أوي.
سليم بتأكيد: سامحتيني من قلبك.
ماسة بعشق: قلبي مايعرفش يزعل منك يا سليم… قلبي مايعرفش غير إنه يحبك وبس.
شّدها سليم إلى أحضانه، ضمّها بشدة، ثم أخرج من جيبه علبة قطيفة مستطيلة تحتوي على إنسيال من الماس. قام بإلباسه لها، ثم قبّل يدها.
ماسة بسعادة: ميرسي يا حبيبي، حلو أوي.
نظرت إلى السماء: بس حلو أوي إللي إنت عملته ده!
سليم بابتسامة لطيفة: أنا مش بس عملت كدة، تعالي.
أمسك بيدها، وسار معها فوقعت عينيها على شاشة كبيرة، وخيمة، وبعض الأضواء الصغيرة التي كانت تزين الخيمة، ووجدت بعض الشُلت الملوّنة. كانت الأجواء في منتهى الجمال.
سليم بحماس: إحنا النهاردة هانقعد هنا ونتفرج على فيلم، ونتفرج على النجوم، ونقضي وقت حلو مع بعض زي زمان، وبعدين هننام في الخيمة دي.
تحمست ماسة: فكرة حلوة أوي، موافقة جدًا.
ساعدها سليم على الجلوس على إحدى الشُلت، ثم بدأ في تشغيل الفيلم داخل الخيمة، جلب لها فشارًا ومسليات، وأعطاها إياهم.
سليم بعناية: بردانة؟
ماسة: تؤ، بس ممكن تجيب الشال علشان لو الجو برد.
دخل سليم وأحضر الشال مع ترمس شاي وكوبين، وجلس بجانبها. وضعت ماسة رأسها على صدره بعد أن وضع ذراعه خلف ظهرها.
أخذا يتابعان الفيلم في أجواء رومانسية رائعة، يتناولان الفشار والمسليات..
كان الفيلم يعرض مشهدًا رومانسيًا، فابتسمت ماسة بينما كانت تتناول الفشار والمسليات وتراقب سليم من زاوية عينها. الإضاءة الخفيفة كانت تنعكس على وجهه، وتجعل ملامحه تبدو أكثر وسامة في تلك اللحظة. وضعت يديها على قلبها، شعرت بالدفء ينبع من حبه لها…بينما سليم كل بضع دقائق يخطف النظر لها متأملا إياها بعشق بإبتسامة حب..
ثم، في لحظة من السكون، رفع سليم رأسه لينظر إلى السماء المليئة بالنجوم.
سليم قال بصوت هادئ: شايفة النجوم؟
ماسة بابتسامة نظرت للسماء: أيوة، دي أروع حاجة في الليل أنا با اعتبرها أمانينا.
سليم مبتسمًا: إنت شبه النجوم، النجوم بتزين السماء وبتخلي الليل دافئ وجميل وبتعمل معنى وشكل للسماء، ولما بتغيب؟! بتخلي السماء فاضية وكئيبة والليل حزين، السماء ماتقدرش تحلى من غير النجوم، لكن النجوم كدة كدة حلوه ومؤثرة.
ماسة تبسمت بحب: النجوم كمان ماتقدرش تظهر ألا بوجود السما، هو ده مسكنها، السما حتى لو مظهرها كئيبة من غير نجوم بس موجودة، بس النجوم ملهاش وجود إلا بوجود السماء ولا إيه؟!
سليم تبسم : إيه؟!
تبادلا النظرات بعشق اقتربا من بعدهما ضما بعضهما ثم أحاط سليم ذراعيه حول ظهرها ووضع رأسها على صدره.
وظلا جالسين في صمت، مستمتعين بالأجواء الرومانسية، يشاهدان النجوم ويتحدثان عن أحلامهما. وكانت السماء تتغير ببطء، من ظلام الليل إلى إشراقة النجوم التي تضيء كل شيء من حولهما. بعد فترة طويلة، بدأ التعب يظهر على وجهيهما، فقررا أن يناما في الخيمة.
تدثرا بالبطانيات في جو من السكينة والراحة، مع إحساس بأن تلك الليلة ستكون ذكرى جميلة تحفظها قلوبهما للأبد.
💕__________________بقلمي_ليلةعادل
في فيلا عائلة ماسة السادسة مساءً
الصالون
الجميع يجلسون حول طاولة صغيرة عليها أطباق حلوة أم علي ساخنة. أجواء مريحة وأحاديث عائلية دافئة.
ابتسمت ليلى وهي تتناول أم علي: تسلم إيدك يا أم عمار، بجد تحفة!
تنظر إلى سلوى متسائلة: يا ترى عروستنا بتعرف تعمل الحاجات الحلوة دي ولا لأ؟
سعدية بفخر وبتطبطب على كتف سلوى: بناتي بيعرفوا يعملوا كل حاجة، إللي تحلمي بيه قولي عليه وهاتعمله.
ليلى بفرحة: ماشاء الله، ربنا يحميهم.
سعدية بغمزة لمكي تساءلت بتهكم: وإنت مش قايل لمامتك حاجة ولا إيه؟
مكي مستغربا: مش قايل إيه؟
سعدية برفعة حاجب: إننا كنا شغالين عند قرايب سليم.
ليلى بهدوء وابتسامة: لا، أنا عارفة كل حاجة، وبعدين الشغل مش عيب، مدام حلال. طب ما إبني كمان شغال عندهم حارس، ومحمد الله يرحمه كان زيه بس الحمد لله ربنا فتح عليه واشتغل في الحراسات بعد ما ساب الشرطة، يعني ماتتخميش في لبسنا.
مجاهد وهو يمسك كوب الشاي: جوز حضرتك كان ظابط؟
ليلى بتوضيح: لا، أمين شرطة. لكن سابها من زمان واشتغل في الحراسات، علشان يكون قريب من الباشا عزت بيه، ودي أخدت سنين طويلة عشان يكون حارسه الأول.
سعدية بإحراج: متأخذنيش يا مكي بس الولا إللي كان خاطب سلوى ماقلش لأهله واستعر مننا.
ليلى بتفخيم: لا إبني راجل، ده تربيتي.
مجاهد: ربنا يخليهولك.
مكي بهدوء وبصوت واطي لمجاهد: عمي، سلوى قالت لي إنها فتحت الموضوع معاكم، إننا نسكن مع أمي رأيك إيه؟
مجاهد بحزم وبصوت واثق: أنا موافق،المهم البت تكون راضية.
سلوى بهدوء تبسمت: وأنا كمان موافقة.
ربتت ليلى على إيد سلوى بسعادة: ماتخافيش، ياحبيبتي، إنتِ زي بنتي. مش هخليكي تعملي حاجة، بس ممكن أطلب منك تعملي لنا حاجات حلوة زي أم علي؟
ضحكت سلوى :عيوني يا طنط مكي قال لي إن حضرتك بتحبي الفطير، بكرة هأعمل لحضرتك وأبعتهولك.
ليلى: حبيبتي، تسلم إيدك.. لا، تعالي أعمليه عندي وعلميني.
سعدية بتودد: عنينا يا غالية، بس خليها بعد بكرة، علشان هنروح لماسة. وبعدين يا بني أنا موافقة بنتي تقعد مع مامتك، ماينفعش تسيبها بعد ماكبرتك، بس لازم تجهز شقة للبت.
مكي بحماس: من غير ماتقولي، ده أكيد. ومش شقة، فيلا كمان!
عمار ضاحكًا: بتكسب فلوس كتير كدة؟
مكي بثقة: آه، شغال مع سليم من سنين، وليا مكافآت كمان.
مجاهد بنظرة جادة: بتقبض كام في الشهر؟
مكي ضاحكًا: كتير، الحمد لله.
ليلى: خلاص، من بكره دور على فيلا حلوة واكتبها باسم سلوى. وبردو ياحبيبتي ماتقلقيش، ها أخلي مكي يغيرلك أثاث الشقة كله ويدهنها لك.
سلوى بتواضع: مش لازم كلها، ممكن لما أجي أشوف إللي محتاج يتغير.
ليلى: خلاص، بعد بكرة تيجي تتغدي عندنا وتشوفي شقتك، وتعلّميني الفطير.
ضحك الجميع في جو مليء بالدفء والسعادة.
مجموعة الراوي
غرفة الاجتماعات التاسعة صباحًا
نشاهد جميع العائلة تجتمع ومعهم رؤساء الأقسام، حول الطاولة الكبيرة، لكن ننتبه أن سليم أصبح يجلس محل عزت لأنه الآن أصبح رئيس مجلس الإدارة بعد نقلهم الأسهم له حيث بدأ سليم في عرض فكرة جديدة تهم الجميع. على الطاولة توجد أوراق ومستندات تتعلق بالتوسع الكبير في المشاريع المستقبلية.
عزت: الفكرة عجباني هتوسع نشاط المجموعة خارج الشرق الأوسط بشكل اقوي وأضخم لكن مشروع بالحجم ده هنحتاج شركاء.
سليم: انا محبش الشراكه احنا اللى هنمول المشروع
هناخد قروض من البنوك.
عزت مستفتيا الجميع: أنا موافق على المشروع، مين موافق؟
رفع الجميع أيديهم ما عدا رشدي. تردد لحظات ثم رفع يده.
سليم: هعمل الميزانيات وأبعتها لحضرتك دلوقتي. خلصنا من أهم نقطة. فيه نقطة تانية، أنا هدخل مشروع جديد تنقيب عن دهب وماس، حضرتك إللي هاتمون لي المشروع، يعني أعتقد دي أول مرة أطلب منك إنك تمولني في مشروع.
عزت: مفيش مشكلة يا سليم، الشيك مفتوح على الرقم إللي إنت عايزه.
سليم بتأكيد:. المشروع ده هايبقى خاص بيا فقط، هايبقى بأسمي أنا ومراتي.
فايزة بتأييد: محدش قال حاجة، سليم. إنت من حقك، يكون ليك مشروع خاص بيك زيك زي إخواتك. على الأقل أنا متأكدة إنك هاتنجح، مش هاتفشل زيهم.
سليم بقوة: يلا بقى، نبدأ الاجتماع في المشاريع بتاعتنا. سمعوني بقى أخباركم إيه؟ وأخبار الشغل؟
وبعد انتهاء الاجتماع، بدأ الجميع بالخروج من الغرفة، كان طه على وشك المغادرة، لكنه توقف فجأة حين سمع صوت منى يناديه من خلفه.
منى: طه استنى.
استدار نحوها وقال بهدوء: أفندم.
اقتربت منه وخاطبته بنبرة ضيق:
محتاجة أفهم، هتفضل لحد إمتى كده؟ كل واحد في أوضته؟! مافيش حتى كلمة؟ بتعاقبني على إيه؟
عقاب الهانم اللي اتآمرت على مرات ابنها الحامل؟ ولا رشدي اللي كان هيقتل سليم وبيهددك بولادك؟
قاطَعها طه بنبرة استهجان، وقد ظهر الغضب في عينيه: آااه، جينا لمربط الفرس، بصرف النظر إني مش طايقك عشان حطّيتي إيدك في إيدهم ولوّثتي نفسك بدم، بس لولا إنك اشتركتي معاهم، مكنّاش وصلنا للي إحنا فيه، ولا كان رشدي حط سكنته على رقبتي.
هزّت منى رأسها وقالت باستهجان: والحل؟! هتفضل كده؟ أنا زهقت يا طه؟
رد عليها بجمود، وكأنه أنهى الحديث قبل أن يبدأ:
معنديش حلول ليكي يا منى، إنتي بتدفعي تمن اختياراتك، ده إنتي حتى مش مِبطّلة، لسه مستمرة في ضغوطك، مافيش لحظة ندم.
رمقها بنظرة سريعة من أعلى لأسفل، ثم استدار وغادر دون أن يضيف شيئًا آخر.
توقفت منى مكانها تتنهد بعمق، ووضعت أطراف أصابعها على جبينها تفكر بصمت، كانت تشعر أنها على وشك أن تخسر كل شيء…
لا بد أن تتراجع.
مكتب سليم
عشري ومكي وعرفان جالسين أمام المكتب، كل واحد منهم يبدو مشغولًا بعمله.
عشري بتفسير: مسحت المكاتب والقصر زي متعودين، مافيش أي حاجة جديدة، الكاميرات اللي زراعتها مسجلتش أي حاجة غير العاديه.
عرفان أضاف وهو يعطي ورق وصور بها أشقائه: إحنا مراقبين الكل، رشدي لسه بيقابل البت اللي مرافقها، وبدأ يشد، لكن مش محدد كام جرعة شد، بس لسه في الأول، واحد من رجالتي شافه في الحمام الديسكو بياخد سطر.. وسارة، مرات عماد، رجعت أخدلها شقة في الزمالك. صافيناز منى وطه مافيش أي حاجة عليهم، بس شفت منى قابلت نيللي مرتين، وراحت لها مرة
عشري معلقاً: بس نيللي دي شفناها كمان مع فريدة هانم وصافيناز حتي فايزة هانم، في أكثر من مكان زي النادي، الجيم، تحركاتهم طبيعية.
سليم استمع بكل هدوء، لكنه كان يحاول فهم الصورة كاملة. رد بصوت منخفض: أنا محتاج أفهم… في حاجة غلط؟
مكي: لحد دلوقت كله تحت سيطرة مافيش اى تحركات مثيرة للإنتباه.
سليم: تمام روحوا، إنتوا، بس لازم تزوّدوا المراقبة، وأي حاجة تشكوا فيها، حتى لو مجرد شك، تعالوا وقولوا لي فورًا.
قصر الراوي الثانية مساءً.
في الصالون.
نرى سلوى وماسة تجلسان على الأريكة، تتناولان العصير وتتبادلان الحديث.
ماسة متعجبة: يعني، إنتي ماعندكيش مشكلة تقعدي مع مامته في الشقة؟
سلوى وهي تشرب العصير: لا، يعني أنا شفت إنه حرام مامته تتحرم منه، وماعندهاش غيره، فا إيه المشكلة يعني؟
ماسة بتأييد: صح يا سوسكا، طنط ليلى شكلها طيب أصلا ماما قالت إنها ست كويسة. طب بابا وماما وافقوا؟
سلوى رفعت حاجبها مفسرة: أمي حكمت رأيها وقالت إنه لازم يجيب لي شقة ويكتبها بإسمي. بصراحة، مكي قالها من غير ما تقولي، لازم تكون ليها شقتها، وأنا هفرشها لها. بس مكي مُصر إننا نتجوز بعد مانخلص أولى جامعة. مش عايز يستنى أكتر من كدة.
ماسة بتأييد: أيوة، الصراحة كفاية يا سلوى. إنتي عايزة تعرفي عنه إيه؟ ده أنا ماتخطبتش لسليم غير يومين بس!
سلوى: ما أنا عايزة أتعرف عليه أكتر، زي ماهو قال لي.
نظرت لها ماسة بتهكم: ما تبطلي عبط بقى يا سلوى. لو هاتطولي الخطوبة علشان تتعرفي على مكي، تبقي فعلاً لسة دماغك صغيرة. ماينفعش تتجوزي، أكبري بقى.
سلوى تبسمت بلطف: يا ستي، خلاص، أنا بفضفض معاكِ، أكيد أنا حابة الخطوبة، علشان فيها لحظات حلوة، مافيهاش مسؤوليات وطبعًا. علشان فعلاً أعرف مكي أكتر من كده. بس عارفة، رغم إنه مابيعرفش يقول كلام حلو ولسة بيجيب لي الورد في الشنطة، بس أنا بحبه أوي، مش حاسة إني متضايقة.
ماسة وضعت يدها على قدميها بطمأنينة:
ماتقلقيش، أكيد لما تتجوزوا الموضوع هايختلف.
سلوى بتوضيح: أنا مش قلقانة، أنا أصلاً مابحبش الكلام الكتير، بحس إنه تلزيق. المهم، سليم لسة منعك من الخروج.
ماسة تنهدت بضيق: إنتم مابتزهقوش من الكلام في الموضوع ده؟
سلوى: يا ستي، خلاص، عموماً كلها ثلاث شهور تقريبًا والجامعة هاتفتح، وتتحرري.
ماسة ضحكت متعجبة: أتحرر من إيه؟ هو ساجني!!!! يا ستي والله بجد مش متضايقة. بفكر أخلي سليم يعزم طنط ليلى هنا، عايزة أتعرّف عليها، تعرفي إني ماشفتهاش غير يوم خطوبتك بس ماتكلمناش كتير؟
سلوى متعجبة: بجد؟ طب إللي هنا مش هايتضايقوا.
ماسة بلا مبالاة: يضايقوا عادي إيه المشكلة؟
ضحكتا معا بصوت عالي.
السفرة الرابعة مساءً
نرى سليم وماسة يجلسان على طاولة السفرة، ويتناولان الطعام كان يوجد ورق عنب وفراخ مشوية وبطاطس وشوربة وكانت ماسة تزين السفرة بورد وشموع لكي تعطي العشاء لمسة رومانسية لطيفة.
سليم: وهو يتناول الطعام بإبتسامة دافئة: تسلم إيدك يا حبيبتي، بقالّي كتير ماكلتش حاجة من إيدك.
ماسة بابتسامة خفيفة وهي تراقبه: ألف هنا، حسيت نفسي زهقانة كدة قلت أما أعمل حاجة.
نظر سليم لها بحب وأمسك يدها قبل أن يطبع قبلة عليها: وأنا مش عايزك تزهقي، بس ماتبطليش تعمليلي أكل بإيدك.
داعبته ماسة بدلع: سالوملوم إيه رأيك نعزم طنط ليلى – مامت مكي – ومكي وماما وبابا وإخواتي على الغداء هنا؟
سليم رفع حاجبه بإستغراب: اشمعنا؟
ابتسمت ماسة ووضعت الشوكة على الطاولة:
عايزة أتعرف على طنط ليلى أكتر، تصوّر يعني ماشفتهاش غير مرة واحدة يوم الخطوبة.
سليم تأمل قليلاً، ونظر أمامه وكأنه يفكر بصمت بينما يتناول الطعام: أمّم…
ماسة بترقب وتركيز على تعابير وجهه: لو إنت مش موافق مفيش مشكلة…نعمله عند ماما ونروح.
ابتسم سليم بخفة ونظر لها: وهرفض ليه؟ طنط ليلى أنا بعزها جدًا. ماشي، شوفي جدولي ونعزمهم.
ثم يأخذ قطعة من الدجاج ويقدمها لماسة بنفسه بإبتسامة واسعة، وهي تبتسم بخجل وتتناولها.
داخل السيارة العاشرة صباحاً
سليم يجلس في المقعد الخلفي، منهمكًا في العمل على جهاز التابلت، بينما مكي يجلس في المقعد الأمامي بجوار السائق. أجواء السيارة هادئة.
رفع سليم عينيه عن التابلت: مكي، خلي بالك، النهاردة إنت وطنط ليلى معزومين على العشاء الساعة 6:00. حماتك وحماك هايبقوا موجودين، ماسة نفسها تتعرف على طنط.
مكي بتردد: يا ريت يا سليم، بس…مايمكن فايزة هانم تضايق.
سليم بهدوء وحزم: تضايق؟ ده بيتي، أستقبل فيه إللي أنا عايزه في أي وقت. بلاش عناد، بدل متخليني أجيب مامتك وأجيبك تعيش معانا في القصر.
صما مكي، متجنبًا الرد
في قصر الراوي السادسة مساءً
القصر يفيض بأجواء الرفاهية، ماسة وسليم يقفان عند المدخل لاستقبال الضيوف، تظهر ليلى بابتسامة عريضة، يتبعها مكي بخطوات واثقة.
سليم بابتسامة: إزيك يا طنط ليلى؟ عاملة إيه؟ وحشتيني جدًا.
ليلى تبتسم وتصافحه: الحمد لله ياسليم. إنت أخبارك إيه؟
سليم: تمام الحمد لله.
ماسة بترحيب: إزاي حضرتك؟ نورتينا.
ليلى بلطف: حبيبتي، ده نورك إنتي. ما شاء الله زي القمر!
ماسة: ده من ذوقك. اتفضلي.
توجه الجميع إلى الصالون حيث الأجواء مليئة بالدفء والحديث المرح بين أفراد الأسرة بعد ان انضم لهم عائلة ماسة، بعد ذلك توجهوا إلى الحديقة لتناول العشاء وسط الخضرة والزهور، في أجواء هادئة ومميزة. عبرت ليلى عن إعجابها بالطعام الذي أعدته ماسة بنفسها.
( بعد أيام)
قصر الراوي – حديقة القصر – الخامسة مساءً
ماسة كانت تتنقل بين الممرات، ملل يثقل قلبها، لكنها تصبر لاعتقادها أن ما تفعله هو الصواب. بعد شهور من الحصار، بدأت الروتينات المملة تؤثر عليها، لكنها أقنعت نفسها أنها تتحمل خوفًا على سليم.
هبة كانت تراقبها من بعيد، ثم اقتربت وجلست بجانبها.
هبة: هاي! إيه يا ماسة؟
ماسة: نيمتي نالا.
هبة: لحد إمتى هاتفضلي كده؟ حرام عليكي نفسك.
ماسة: أنا مالي يعني؟
هبة بقلق: ليه بتدمري حياتك؟ الأشجار دي كانت رمز للحرية، دلوقتي بقت زي قضبان السجن حواليك.
ماسة بابتسامة خفيفة: إيه الكلام الكبير ده؟
هبة: مش كلام كبير، ده الحقيقة. سليم مش هيتغير لو فضلتي كده، هتضري نفسك وهو كمان. ده مش حل.
ماسة تنهدت: سليم عنده حق. لحد دلوقتي الفاعل مجهول، حتى لما سليم لقى واحد منهم، اتقتل بعدين أنا مش هفضل كدة متاكدة ان موضوع هينتهى لما الدراسة تبدأ.
هبة: سليم مش هيدخلك الجامعة زي ماوعدك. هيتحجج بالخوف. وهاتلاقي نفسك محبوسة أكتر.
ماسة بتحدي: سليم وعدني، وسليم عمره مايرجع في كلامه.
هبة: مش قصدي اقلل من وعودة، بس الخوف جواه أقوى من أي وعد. لو فضلتي كده، مش هتضعي أنتِ بس، سليم كمان هايضيع.
ماسة: إن شاء الله كل ده هاينتهي قريب.
هبة: أتمنى
داخل الملهى الليلي – الوحدة صباحا
كانت نيللي ترقص مع رشدي، متأملة عينيه، لكنها سرعان ما شعرت بالغيرة تشتعل في قلبها حين تركها فجأة، وبدأ يرقص بين مجموعة من الفتيات، يضحك ويتمايل بخفة، كأنها لم تكن.
بخطوات جريئة، دخلت بينهن، جذبت أنظاره مجددًا، ورقصت معه بقوة، تفرض وجودها عليه وعلى المكان، حتى عاد إليها بنظرات مبهورة.
احتسى رشدي كأسين من الخمر، وبدا فاقدًا لتوازنه، تلمع عيناه ببريق غريب. رمقته نيللي بنظرة مثيرة، أخرجت ورقة صغيرة من جيبها، استخرجت منها حبة، واقتربت منه بخفة، وضعتها في فمه دون أن تنطق. تناولها منها بلا تفكير، واستمر في الرقص.
منزل رشدي – بعد قليل
دخلا الشقة يتبادلان القبلات بشغف، تائهين بين الضحكات واللمسات، حتى وصلا إلى غرفة النوم.
دفعها رشدي على الفراش بنعومة فيها شيء من الخشونة، خلع قميصه، واقترب منها، وضع كفه على وجهها بحنان مفاجئ، ثم همس بصوت خافت:
ماسة… أحبك.
تجمدت نيللي لوهلة، لكن رشدي لم ينتبه، وقد أكمل اقترابه منها، غارقًا في وهمه.
♥️________بقلمي_ليلةعادل___________♥️
ومرّت الشهور…
أصبحت ماسة حبيسة ذلك القصر الذي تحول إلى سجن كبير لها. اعتادت جدرانه وأسواره، اعتادت الصمت الذي يخيّم على المكان، واعتادت العيش دون خروج. ومع ذلك، لم تستسلم للفراغ الذي يحيط بها. بل صنعت لنفسها حياة جديدة، تعلمت خلالها الكثير.
أصبحت تتقن اللغات التي كانت تعرفها من قبل، حتى صارت تُجيدها كالعربية، وربما أفضل. تعلمت العزف على البيانو والجبتار، ركوب الخيل، ولعب التنس. اعتنت بلياقتها البدنية واهتمت بنفسها.
على الرغم من كل ذلك، لم يحدث أي صدام كبير بينها وبين سليم. ورغم حديث الجميع اصدقائها معها عن ضرورة رفضها هذا الوضع، كانت ماسة متفهمة. ومستوعبة وضعه النفسي وتحاول دعمه، اعتقدت أن الوقت كفيل بتهدئة حالته، ربما بعد أيام أو أشهر، وربما بعد أن يتقبل فكرة عدم العثور على من تسبب في تلك الحادثة التي غيرت حياتهما.
ماسة كانت تتحلى بصبر شديد. تفادت إثارة غضب سليم أو الدخول في أي جدال معه. تفهمت حالته النفسية، وحاولت أن تكون مصدر هدوء وسلام له. تحملت كل شيء بدافع حبها له، ولم تفقد الأمل في أن يتغير، ولو بعد حين.
لكن في الوقت الذي كانت فيه ماسة تحاول أن تخلق معنى لحياتها داخل القصر، كان الجميع من حولها منشغلًا بحياته الخاصة.
هبة، صديقتها المقرّبة، كانت مشغولة تمامًا بدراستها، بحياتها الزوجية، وبالاعتناء بابنتها الصغيرة. لم تعد تزور القصر كثيرًا، وأصبحت غائبة عن حياة ماسة بشكل شبه كامل.
سلوى، كانت هي الأخرى منشغلة بتطوير نفسها. كانت تركز على دروسها التحضيرية قبل دخول الجامعة، وتخرج باستمرار مع أصدقائها. حياتها كانت مليئة بالحركة والنشاط، بعيدة تمامًا عن السجن النفسي الذي تعيشه ماسة كانت علاقتهما بمكي تقوه كل يوم بشكل اكبر كما بدا في البحث عن فيلا تهما
أما العائلة فكانت منشغلة بالمشروع الجديد، وكان الجو هادئًا، لا يبدو أن هناك ما يُثير القلق.
ظل طه بعيدًا عن منى، لكنه عاد إلى الغرفة، ليست ذاتها بل المجاورة. كان بين الغرفتين باب مشترك، كي لا يشعر أحد بوجود خلاف بينهما، وكان ذلك يُزعج منى بشدة.
أما رشدي ونيللي، فكانت علاقتهما تزداد تقرّبًا يومًا بعد يوم؛ كان يلتقي بها باستمرار، يخرج ويسهر معها، وقد بدأ يُدمن الإحساس الذي يشعر به بعد شمةٍ خفيفة من المخدر، لم يصل بعد لمرحلة الإدمان، لكن الخطوات التي قطعها لم تكن بسيطة أبدًا.
أما ماسة، فعلى الرغم من إدراكها أن الجميع لديه حياته الخاصة، لم تشعر بالاستياء أو الغيرة. كانت تتحمل كل ذلك بصبر عجيب، وبحب نادر لا يزال يجمعها بسليم. لم تكن تهتم كثيرًا بأن كل من حولها يعيش بحرية، بينما هي محاصرة في القصر.

كانت قوتها وإصرارها لا يتزعزعان. تحمّلت كل شيء بشجاعة، مستندة إلى حبها العميق لسليم وإيمانها بأن الأوقات الصعبة قد تكون مؤقتة. كانت كل ما تتمناه في تلك اللحظة هو الفرصة لدخول الجامعة، اليوم الذي ستتمكن فيه من الخروج من الروتين القاتل وبدء حياة جديدة.
عاشت على أمل ذلك اليوم، وكأنّه هو الذي سيمنحها الحياة لتكمل أو تتحمل تلك الأوقات الصعبة حتى تنقضي. متمسكة بالعزم على تجاوز هذه المرحلة مهما كان الثمن، كانت تنتظر اللحظة التي ستعود فيها إلى حياتها السابقة وتحقق أحلامها التي طالما رأت أنها على وشك التحقيق.
لكن لا تدري أن تلك اللحظة، كانت الشرارة التي بدأت تغير حياتها بشكل كبير، لتضعها أمام تحديات لم تكن تتوقعها.
💕_______________بقلمي_ليلةعادل。⁠◕⁠‿⁠◕⁠。
قصر الراوي.
جناح سليم وماسة السابعة مساءً.
نرى سليم جالسًا على الأريكة يقرأ كتابًا. بعد قليل، دخلت ماسة الغرفة ممسكة ببعض الأوراق وتبتسم بإشراق.
ماسة بلطف: حبيبي، ممكن نتكلم شوية؟
نظر إليها سليم بابتسامة قائلاً: طبعًا.
تبسمت ماسة وجلست بجانبه، بينما وضع سليم الكتاب بجانبه، وعدل جلسته في زاويتها وانتبه لها.
ماسة باسترسال: أنا عايزاك تطلّع الأوراق بتاعة الشهادات شهادة الثانوية، وشهادة الميلاد، عشان التقديم وكده. وأنا كمان حددت خلاص هادخل إيه، هادخل أداب قسم آثار، وجبت شوية حاجات عشان أقعد أقرأها قبل ما أدخل.
ضيق سليم عينيه، بعدم فهم: مش فاهم؟!
ماسةبابتسامة مشرقة: إيه يا روحي؟ خلاص، الجامعة فاضل عليها شهر، فـ لازم نبدأ نمشي في الإجراءات عشان التقديم الجامعة. أنا راحت عليا السنة اللي فاتت كلها، وسلوى فضلت مستنياني، بس الندلة هتدخل حقوق، بس مش مهم. هنقى كلنا مع بعض في نفس الجامعة، حتى عمار هيبقى معانا في، بس كلياتنا مختلفة.
سليم: هو فعلاً عمار كلمني في الموضوع ده.
ماسة تبسمت بتودد: عشان كده بقولك، معلش، ظبّط لنا بقى أوراق التقديم.
سليم متعجباً: بس ده ماله بيك يا ماسة؟
ماسة متعجبة وعقدت حاجبيها: يعني إيه ماله يا سليم؟
سليم بهدوء: يعني أنا هخلص أوراق سلوى وعمار، لكن انتي وضعك مختلف، وأظن إنتي فاهمة.
كانت ماسة تحاول استيعاب مايقوله، حكت في حاجبها وحاولت تهدئة توترها،. تحاول أن تقنع نفسها أن الوضع ليس صعبا مثل ماتتخيل.
ماسة بصوت متوتر يخرج بصعوبة: فاهمة إيه ياسليم؟
سليم بعقلانية محاولا اقناعها: أكيد عارفة وفاهمة، إن وضعك مختلف عنهم إنتي في خطر على حياتك.
ماسة ودموعها على وشك الهبوط، قالت بنبرة متحشرجة: إنت أكيد مش هتعمل فيا كده، صح؟ مش هتعمل كده!
سليم محاولا تهدئتها. وضع يده على كتفها: الموضوع مش زي ما إنتِ فاكرة، اهدي شوية، الموضوع بسيط خلينا نتناقش مسألة وقت.
نظرت ماسة أمامها وهي تهز رأسها متعجبة بصوت منخفض أشبه بالبرطمة:وقت؟ ونتناقش.
سليم بنظرة متسائلة وهو يضيق عينيه: بتقولي إيه؟
نظرت له ماسة بشدة ورفض، قالت بنبرة متأثرة حزينة: بقولك وقت إيه تاني؟ أنت بقالك كتير بتقول لي “اصبري شوية”، والشوية بتوعك دول بقالهم أكثر من سنة وشهرين، سنة وشهرين ماشفتش الشارع، ماشفتش غير أسوار القصر ووشوش عيلتك اللي كرهاني، وحراسك اللي بقوا شبه السجانين! كفاية، أنا صبرت عشان بحبك، صبرت عشان متفهمة الوضع ده، ضحكت على نفسي، قلت “اصبري شوية”، وهيهدى، وكان أملي الوحيد هو وقت دخولي الجامعة، بإنك هتسيبني بقى وترحمني،وتديني حكم الإفراج.
أمسكت يده برفق، حاولت أن تهدئ نفسها وقالت بصوت منخفض برجاء: كفاية، يا سليم مابقتش قادرة، صدقني خلاص وصلت لآخرها، أوعى تدوس على أملي الأخير.
سليم بعقلانية: بصي يا ماسة، أنا فاهم إنّي ظلمتك وبقالك فترة محبوسة، بس أنا كمان…
قاطعته ماسة وهي تشير في وجهه بشدة: أوعى تقول لي إني زيك! إنت مش زيي، إنت بتخرج وبتسافر، حتى لو بتروح شغلك، بس بتخرج! وبعدين إنت موافق وقابل الوضع ده، أنا بقى مش موافقة! أنا يا سيدي، مش حابة الحياة دي!
سليم تنهد بقلة حيلة: طب اصبري كمان شوية.
ماسة توقفت، ونظرت له برفض: لا مش هصبر تاني، سكت سنة وشهرين، أكتر من كده لا، أنا عايزة أبقى مع أخواتي؟ المفروض كنت دخلت من سنة فاتت لكن اللي حصل خلاني أأجل مش هأجل تاني، هخرج يا سليم مش هفضل محبوسة تاني هنا، هخرج وأشوف الناس.
رفع سليم عينه لها وقال بحسم وقوة: مافيش خروج، يا ماسة، من القصر ده غير لما أوصل للي عمل الحادثة حتى لو بعد سنين، اسكتي بقى.
ماسة بصوت عالٍ بمواجهه: مش هتوصله يا سليم؟ ولا عمرك هتوصل؟! وأنا مش هفضل، محبوسة أكتر من كده! هرفع صوتي، وهقول لك إني مش هقبل إنك تتحكم فيا أكتر من كده! أنا استحملت كتير، وسكتت كتير، وعديت أكتر، لكن أكنر من كده، أقسم بالله ماهينفع! ارحمني، عشان أنا جبت آخري!
توقف سليم أمامها: هتعملي إيه يعني؟
ماسة بانفعال: هعمل كتير!
سليم بأمر: وطي صوتك.
ماسة بضجر: مش هوطي صوتي! وأنا مش هسكت، ولا هسمح لك تتحكم في حياتي أكتر من كده! مش هسمح لك تفرض عليَّ أفكارك المريضة أكثر من كده!
اتسعت عينا سليم بصدمة واستهجان: أفكار مريضة!!
ماسة بغضب انفجرت به: أيوة أفكارك مريضة! أوعى تكون فاكر نفسك شخص عاقل! إللي بيحبس مراته أكثر من سنة في البيت، وحرم عليها الخروج حتى معاه! إنسان مريض الفكر، اللي يفكر إن كل الناس عايزين ياخدوه مراته منه ويسرقوها منه مريض! أنت مريض، ولازم تستوعب ده وتروح تتعالج! لكن أنا مش هخليك تحبسني أكتر من كده! كنت فاكرة إنك هتهدى، وإن مع مرور الوقت هتعقل، لكن أنت كل مادا بتزيد فيها، إنت شوية وهتقول لي ماتخرجيش الجنينة!
سليم بشدة ممزوجة بغضب: طب اهدى كده واعقلي، عشان موركيش بقى المريض ممكن يعمل فيكي إيه.
ماسة بصوت عالٍ: هتعمل أكتر من كده إيه؟!
نظر سليم داخل عينيها: هعمل كتير يا ماسة.
ماسة بغضب: وأنا مش هسمح لك تعمل فيا أكتر من كده! وهخرج يا سليم! من اللحظة دي، هخرج! ومش هسمح لك تتحكم في حياتي أكتر من كده! أنا تعبت! تعبت! قلت لك روح لدكتور مروان، وأنت مش عايز تروح، كإنك مبسوط بالوضع ده!
سليم بنكران: أنا مش مريض يا ماسة.
ماسة بحدة: لا مريض يا سليم، ولازم تعترف بإنك مريض!
اقترب منها بشدة أمسكها من كتفيها بقسوة وقربها عليه ونظر داخل عينيها: أنا مش مريض ولو في نظرك خوفي عليكي وحمايتي ليكي مرض، أوكي مش مهم.. بس بردو مش هتخرجي.
تركها وخرج للخارج تاركا أيها تبكي بحرقة.
الحديقة.
توقف سليم في الحديقة بعد مشاجرته مع ماسة، وهو غاضب جدًا يجزّ على أسنانه وعيناه محمرة تقدح شررا من شدة الغضب أخذ يدخن السجائر بشراهة انتبه له مكي الذي جاء وتوقف بجانبه.
مكي باهتمام: مالك ياسليم؟
تنهد سليم وزفر أنفاسه بتعب وهز رأسه بلا: مفيش حاجة.
مكي مركز النظر في ملامحه: ازاي يعني مفيش حاجة؟ شكلك متخانق مع ماسة.
سليم بضيق ونكران وهو ينظر امامه ويدخن سجارته: بتقول عليّ إني مريض عشان خايف عليها ومش عايزها تخرج،، (بغضب نظر له) أنا مش مريض، هي مش خايفة على نفسها، أنا خايف عليها. أوعى تقول إنت كمان إني مريض.
مكي بهدوء محاولا استيعابه: لا يا سيدي، أنت مش مريض. هي كلمتك في موضوع الجامعة صح؟
هز سليم رأسه بإيجاب: آمممم.
مكي بعقلانية ورجاء :طب خليها تروح الجامعة، وأنا هوديها وأجيبها بنفسي. وهحضر معاها المحاضرة. إيه رأيك؟ مش أنا بس، هادخل معانا حراس تانين. بصراحة، الحكاية طولت يا سليم، إحنا ما وصلناش لحاجة. هما سبقونا بخطوات، يمكن لو طلعتها نوصل لحاجة.
سليم برفض وخوف: مش هغامر بيها.
اقترب مكي منه محاولا إقناعه: سليم، انت كده هتحصل بينك وبين ماسة مشاكل كتير. اللي إنت عامله فيها دة بزيادة، صدقني ماحدش هيقدر يتحمل كده.
سليم باستهجان وتعجب: هو أنا عامل فيها إيه؟ أنا بكربجها؟ أي حاجة نفسها فيها بجيبها لها. حتى السينما، الأفلام اللي بتنزل بتيجي لحد عندها وعلى قد ما أقدر بقعد معاها، وكتير مابروحش شغلي وأقعد معاها. والحبس اللي هي محبوسة فيه، أنا كمان محبوس زيها وبعدين ما في ستات كتير ما بتخرجش ومابتشوفش الشارع بالسنين.
مكي بعقلانية: ماهو اللي إنت فيه ده برده مش صح. تحبسها وتمنعها من الخروج وماتروحش شغلك؟ وبعدين لا ياسليم، مافيش ستات كده. انت بتتكلم عن الستات اللي من الطبقات الأقل منك. يمكن مبيخرجوش، بس بيزوروا أهاليهم ينزلوا السوق. لكن ماسة مابتخرجيش بره باب القصر. إنت حتى منعتها من زيارة أهلها. منعتها تخرج تجيب حاجات من السوبر ماركت أو من الصيدلية. وحتى معاك.
سليم بضجر: مكي، ماتعصبنيش. إنت عايز تقنعني إني غلط؟
مكي: بص يا سليم، أنا مش بقول إنك غلط، صدقني انا مقدر ومتفهم خوفك عليها. اللي حصل لكم صعب، لكن فيه طرق تانية نقدر نعملها. مش لازم الخروجات تكون الحل، بس اسمح لها تروح عند أهلها، اسمح لها تخرج معاك بنفسك. خفف الحبل شوية عليها.
سليم بحسم: قلت لك، مش هغامر بيها. هي هتزعل شوية، والموضوع هيمر زي كل مرة.
نظر سليم أمامه بضجر: طيب، سيبني لوحدي يا مكي، محتاج أكون لوحدي.
تنهد مكي بيأس وتركه، ماشياً بعيدًا.
❤️_______بقلمي_ليلة عادل ______♥️
في اتجاه آخر
جناح سليم وماسة.
كانت ماسة مازالت تجلس على الفراش تبكي، ممسكة بهاتفها وتتحدث: خلاص هستناكم بكرة، ماتتأخروش عليّ، مش بعيط، عندي برد، سلام.
وضعت الهاتف جانبها وأخذت تبكي أكثر…
بعد قليل، دخل سليم الغرفة، فمسحت ماسة دموعها بسرعة محاولة أن تظهر قوية. لم يهتم سليم لها أو تحدث بأي كلمة، بل دخل إلى غرفة الملابس. بدأ يغير ملابسه، بينما كانت ماسة تنظر أمامها، فكرت هل تذهب له وتتكلم أم لا؟ لكنها كانت تشعر بالغضب والحزن معًا. زفرت باختناق، نهضت ودخلت خلفه.
ماسة بجمود: سليم، لو سمحت، خلينا نتكلم.
سليم التفت إليها وقال بحسم: مش هتكلم ولا هتناقش، أنا بلغتك بقراري.
ماسة بغضب: هو أيه ده؟ لا هنتكلم!!
سليم اقترب منها أشار بأصابعه أمام وجهها ببحة رجولية قال بشدة: صوتك مايعلاش، أنت فاهمة؟
ثم أضاف وهو ينظر لها باستغراب: بعدين، هو أنا مش مريض؟! المريض محدش بيتناقش معاه، بيتقال له سمعًا وطاعة وبس.
أكمل ارتداء تيشرت منزلي دون اهتمام لها.
ضيقت ماسة عينيها قليلا قالت بشدة: ده مش مرض، ده كبرياء سليم الراوي علشان يتقال له سمعًا وطاعة فاكرني جارية عندك أو عبدة.
مد سليم وجهه بلا مبالاة: سميها زي ماتسميها، وكفاية كلام. كل ماتزوديها، بتزعليني منك أكتر…
مرر عينه عليها متعجبًا: ماتوقعتش أبدًا تكوني كده. أنتِ خذلتيني فيكي.
تبسمت ماسة متعجبة لأنه يشعرها بأنها المذنبة وهو البريء رغم أنها لم تخطئ بشيء: عايز تفهمني إن أنا شريرة وغلطانة في حقك وأنت ملاك؟ صح؟ يخرب بيت دور الضحية.
سليم بتوضيح بنبرة ساخطة: أنا مقولتش إنك شريرة أو غلطانة ولا أنا بمثل دور الضحية، لكن أنتِ بتقولي حاجات ماكنتش أتوقع تطلع منك، مش هقول لك تاني يا ماسة، اتكلمي معايا بأدب عشان لو اتعصبت، صدقيني، أنتِ بس اللي هتندمي.
ماسة برفعة حاجب: أنا هموت وأعرف هندم إزاي.
سليم: خليها لوقتها، يلا نروح ننام.
تحرك تحت نظراتها المتعجبة..نظرت له ماسة بضيق، تحركت خلفه بتذمر: نروح ننام؟ فاكر إنني ممكن أنام جنبك؟ تبقى مجنون.
تحركت ماسة بعيدًا عنه، وذهبت نحو الفراش. مسكت الوسادة والغطاء، و وضعتهم على الأريكة.
توقف سليم وهو ينظر إليها. تسألت متعجبا: إيه اللي إنتِ بتعمليه ده؟
ماسة بجمود: اللي إنت شايفه.
سليم بعنف: يعني انتِ زعلانة مني وهتنامي بعيد عن حضني، واتهمتيني بالجنون وبأني بمارس كبريائي عليكي؟ كل ده عشان رفضت أوديكي الجامعة وأخرجك؟
خرجت ضحكة صغيرة منه مليئة بالخذلان، لم تصل إلى عينيه أضاف بحزن: يعني حبك ليا أصغر بكتير من إن أحرمك من الخروج؟ يا سلام على الحب! الصدق والوعود الكدابة.
ماسة بغضب: إنت مش حاسس خالص إنك غلطان؟
سليم بحسم: لا.
ماسة بجمود: تمام تصبح على خير.
تمددت ماسة على الأريكة. ظل سليم ينظر إليها متعجبًا من أنها لم تحاول التصالح أو تجاوز الموقف، حتى وصل الامر إنها لم تنام بالقرب منه، فـ لهذا الحد وصلت الأمور بينهما؟
سليم بحدة:طب تعالي على السرير وأنا هنام على الكنبة.
ماسة بأسف: لا، شكرًا، أنا محتاجة أنام هنا.
حاول سليم أن يسحبها: اسمعي كلامي، يا ماسة، قومي يلا، نامي على سريرك.
ماسة بعناد سحبت يدها: قولتلك مش هنام، مش هتتحكم فيا.
سليم بغضب: تحكم في إيه يا بنتي؟ بطلي الجنون ده يا ماسة!!
ماسة بنبرة هادئة:. ماتعملش نفسك زعلان عليّا، بلاش تمثيل ،ماشي؟
سليم بخزي من تصرفها وهو يتك على كلامه: ماعملش نفسي زعلان عليكي وتمثيل؟!( تنهد) أنا هنام عشان أنتِ بتقولي كلام أنتِ مش عارفة ولا فاهمة إيه اللي بتقوليه.
ماسة باقتضاب: تصبح على خير.
تمدد سليم على فراشه، لكنه ظل مستيقظًا، يغمره شعور بالغضب الشديد، كان حزينًا جدًا بسبب ماقالته ماسة، وكان عاجزًا عن استيعاب الأمر، كان يتوقع منها شيئًا مختلفًا تمامًا، ولم يكن يتخيل أنها قد تصل إلى حد اتهامه بهذا الشكل، مما زاده شعورًا بالخذلان انها نامت بعيداً عنه لأول مرة منذة اخر مشكلة بينهما منذة سنوات، ومع ذلك، حاول أن يظل هادئًا وألا يظهر لها أنه مستيقظ.
أما ماسة، فكانت مستيقظة أيضًا، غير قادرة على تهدئة نفسها. كان قلبها مملوءًا بالغضب والحزن. بعد كل تلك الفترة التي انتظرت فيها، عسى أن يأخذها إلى الجامعة، يأتي في النهاية ليحرمها منها؟ كان ذلك أمرًا صعبًا للغاية بالنسبة لها، خاصة أنها كانت ترى أن ذلك من حقها، وليس مجرد طلب أو أمر معقد. ولكن سليم لم يشعر أبدًا أنه ارتكب خطأ، بل على العكس، كان يشعر أنها هي المخطئة لأنها أخذت تتهمه وتنتقده. وأن مشاعرها قد لا تكون مفهومة، أو أن محاولة التعبير عنها قد تزيد من تعميق الجرح بينهما.
في اليوم التالي
استفاق سليم وارتدى ملابسه بسرعة، محاولًا تغيير جوه ليشغل نفسه وينسى الخلاف الذي حدث. توجه إلى مجموعة، بينما كانت ماسة تظل على سريرها، متظاهرة بالنوم، لكنها كانت في الواقع غارقة في دوامة من الأفكار. كانت تنتظر أن يخرج سليم لتتمكن من تهدئة نفسها والتفكير بعمق في كل شيء، كانت تترقب قدوم والدتها، تأمل أن تجد عندها الراحة أو نصيحة قد تساعدها في فهم الموقف بشكل أفضل.
قصر الراوي
جناح سليم وماسة الثانية عشر ظهراً
نشاهد سعدية تجلس على الأريكة ومعاها سلوى وفي منتصف تجلس ماسة.
سعدية متعجبة وهى تضيع يديها أسفل ذقنها: أنا مش فاهمة يعني هو دلوقتي مش عايزك تدخلي الجامعة؟ طب ليه؟
ماسة بحزن: هو مش بس مش عايز يدخلني الجامعة، وهو مش عايز يخرجني خالص. لسه خايف عليا من العصابة اللي مش عارف يوصل لها دي.
سلوى بضيق: والله العظيم كده كتير!
سعدية بهدوء: استني بس يا سلوى نفهم، وانتي عملت إيه؟
ماسة بحدة: عملت كتير. اتخانقت معاه وقالته أنه مريض، وأن اللي هو فيه ده مش معقول ولا مقبول ولازم يروح يتعالج عند دكتور نفسي ونمت على الكنبة، بصي احنا اتخانقنا مع بعض، وهو اتقمص وقال ايه؟! عملي فيها زعلان وكإن أنا الشيطانة وهو اللي ملاك.
سعدية وهى تضع يدها أسفل ذقنها بتهكم وغضب مررت عينيها عليها: أخص عليكي وعلى تربيتك! والله انتِ طلعتِ واحدة ماعندهاش أصل خالص!
اتسعت عينا ماسة بصدمة:ايه اللي انتِ بتقوليه ده يا ماما؟ أنا ماعنديش أصل؟
فجأة ضربتها سعدية على كتفها بقوة، وصوتها بدأ يعلو بانفعال: آه، ماعندكيش أصل ومش متربية. بقى في واحدة متربية تقولي لجوزها انت مريض روح اتعالج! وكمان ياقادرة تخاصميه وتنامي على الكنبة اه يا ناقصة… هو عمل إيه يا بت عشان كل ده؟ عشان خايف عليكي؟! تروحي تزعلي جوزك منك؟ وتقفي قصاده وتعلّي صوتك عليه وتعملي اللي انتِ قلتيلي عليه ده؟
ماسة باندهاش: أنا مش فاهمة إنتي عايزة تقولي إن أنا اللي غلطانه؟!
سعدية، بقوه وهي تشير إليها بيدها: أيوه، هي دي الحقيقة! بتتلككي عشان تخرجي، وتتفسحي! لا ياختي، مش على جوزك! ده شايلك فوق راسه، وخايف عليكي، ومش عايز يخسرك بعد اللي حصل! وإنتِ بدل ما تحمدي ربنا، جاية تتنمردي عليه وتقوليله مريض؟!
سلوى باستهجان: ما هو فعلاً مريض، ماسة ماغلطتش اللي يحبس مراته كل الفترة دي انسان مريض قال في حد هيخطفها منه.
سعدية بتهكم وغضب: اسكتي انتِ يا بت، بدل ماديكي بالجزمة على وشك! انتِ بتقويها على جوزها؟ بدل متعقليها، والله يا سلوى لأربيكي إنتي كمان، أنا مش عايزة أسمع حسك!
ماسة، متعجبة ودموعها تلمع في عينيها: أنا مش فاهمة، في إيه يا ماما؟! أنا عملت إيه عشان كل ده؟! كنتِ عايزاني أسكت؟! عايزاني أرضى؟! أنا بقالي اكتر من سنة ماشوفتش الشارع! وساكتة ومستحملة! حرام بجد!
جزت سعدية على أسنانها بغل: وتقعدي 20 سنة كمان ايه يعني، إن شاء الله عمرك ماتشوفي الشارع في حياتك مرة تانية، إيه يا اختي اللي حصل؟ ما انتي طول عمرك كنت محبوسة، ومابتشوفيش الشارع ده عامل إزاي؟ ده انتي يا بت كان أكبر حلم في حياتك تروحي تشوفي كفر الشيخ دي كانت عاملة إزاي! ولا تكوني نسيتي أصلك ياعديمة الأصل..
ده أنتي كنتى أول كل شهر، أخرك كنتي تروحي عند المراجيح اللي في أول شارع المزرعة، والا ناسية؟ وماكنتيش بتروحي لوحدك، أبوكي بياخدك أنتي واختك مقصوفة الرقبة دي. …
صاحت بها متهكمة:
إيه؟ نسيتي أصلك صح؟ تعالي بقى، أنا يا أختي هافكرك بأصلك…
نظرت إليها بعينين تشتعلان غضبًا ثم سحبتها بعنف من كتفها، ووقفتها أمام مرآة التسريحة، تهزها بعنف وكلماتها تفيض بغضب عارم، بينما ماسة تبكي بصمت، دموعها تسيل بلا توقف..
تحدثت سعدية وهي تنظر لها في المراية:
أوعي يا بت تفتكري إن اللبس الحلو والصيغة الغالية اللي انتي لابساها ينسوكي أصلك! انتي كنتي حتة بنت خدامة ملهاش لازمة ولا قيمة!! إحنا كلنا كده، كنا مالناش لازمة! خلق معفنة، يمسحوا البهوات جزمهم بيها! اتبهدلنا، واتلطمنا، وتوجعنا، كنا بننام من غير عشا! الكرباج بتاع منصور اللي كان بيقطع ضهرنا بيه، ولا تكونيش نسيتي منصور ولورين كانوا بيعملوا فيكِي إيه يا حلوة؟! كانوا بيرمولنا بواقي الأكل وهدومهم القديمة، لحد ما جه سليم، ابن الباشوات! ونجدك من ايديهم،وفاكرة لما قالك: يا ماسة، من غير يا بت… كنتي بتحسي بسعادة الدنيا والا نسيتي؟
أكملت بتهكم، وغضبها يتفجر ممزوجًا بتعجب مكتوم. قبضت على كتفها بقسوة كأنها تحاول أن تنتزع منها إجابة بالقوة. كانت ماسة تقف عاجزة، تبكي بحرقة صامتة، ودموعها تنهمر بلا توقف، تبلل وجهها الذي بدأ وكأنه لوحة ممزقة بالألم. شعرها المبعثر التصق بوجنتيها المحمرتين، ويداها المرتعشتان خانتاها كأن جسدها كله يصرخ بالعجز. لم تستطع النطق، وكأن الكلمات قد خذلتها هي الأخرى، تاركةً قلبها غارقًا في دوامة من الحيرة والخوف واليأس، بينما توقفت سلوى تنظر بحزن لكنها لا تستطيع التدخل.
استرسلت سعدية بغضب عارم لا يتوقف: جه واتجوزك وعملك هانم وداكي كل البلاد، ماحرمكيش من حاجة، علمك ورفعك يا جاهلة وخلاكي زي أخواته! ياجاحدة، يا معدومة الأصل ده انتي ماكنتيش بتعرفي تكتبي وتقري غير اسمك يا عديمة الشكر، يا ناكرة الجميل!
بنبرة متعجبة تحمل أقصى درجات القسوة والغضب، وعينها تترقرق بالدموع، أكملت دون توقف:
ده لو طال يجيبلك نجمة من السما كان جابها لك! والله ما كان أخرها عليكِ… ده يا بت اللي نفسك فيه واللي مش نفسك فيه كان بيجيبه ويحطه تحت رجلك! شغل إخواتك وعلّمهم، ونظف إخواتك وأبوكِ وأمك، وجاب لهم بيوت! كان بيقف في وسط أهله عشان خاطرك… ولو حد قال لنا كلمة، شوفي كان بيعمل فيهم إيه! وعشان ياخدك من أساسه زمان، عمل إيه؟! وتنازل عن إيه؟! يا قليلة الأصل… يا واطية!
لفتها أمامها بعنف وأكملت بتهكم، وغضبها يتفجر ممزوجًا بتعجب مكتوم. قبضت على كلا كتفها بقسوة اكبر واصلت بحنق واستهجان: وعشان الراجل بس تعب شوية وبقى خايف عليكي، تقولي له: إنت مريض ومجنون ..تتهميه بالجنان؟ آه يا قليلة الأصل يا واطية. تفو عليكِ وعلى تربيتك الزبالة! والله أنا اللي معرفتش أربيكي، انتِ اللي زيك يا بت تقعدي تحت رجل جوزك وتبوسي رجله صبح وليل على كل حاجه عملها… انتي اللي زيك تقعد طول حياتها تصلي وتحمد ربنا إنها خرجت بالسلامة من اللي كانت فيه هي وجوزها.
نظرت إليها بتعجب وهي تضع يدها تحت ذقنها بشدة كأنها تحاول السيطرة على غضبها الذي يتفجر في كلماتها:
إنتِ يا بت ليكِ نفس تخرجي؟! وبنتك ماتت مقتولة وهي لسه في بطنك! وشفتي الموت بعينك وبردو ماتعظتيش ونفسك جيباكي تخرجي وتشوفي الدنيا؟! آه يا بجحة! يا عديمة الدم والإحساس!!
تقدمت نحوها بخطوة، وكأنها ترميها باتهامها:
وبعدين مريض ليه؟! ده انتِ اللي مريضة، ماعندِكش دم ولا إحساس! الراجل خايف عليكِ، بيحميكِ، ده أنتوا لسه ماعرفتوش مين اللي عمل فيكم كده، مش يمكن يكون مراقبكم بره ومستني الفرصة عشان يئذيكِم أكتر!”
رفعت صوتها وهي تهزها بقوة:
إيه يعني مابيخرجكيش؟! إيه يعني مش عايزك تشوفي الشارع؟! فاكرة لو كنتِ اتجوزتي واحد مننا كان هيخرجك؟! ده كان زمانه مقعدك في البيت، وبيديكي بالجزمة لو فتحتِ بُقك! إحنا من إمتى كان لنا بالخروج والسهر والسرمحة في الشوارع يا ست ماسة؟! ولا انتي عشان سليم دلعك وسفرك بلاد عمرك في حياتك ماكنتي تحلمي فيها بقيتي فاكرة إنك حاجة كبيرة؟! لا يا حبيبتي، لو إنتي أخدتي على الدلع ده، أنا عندي استعداد أقوله يربيكِ! ولو هو ما أدّاكش بالجزمة، أنا هديكي بيها! لأنك فعلاً مش متربية!
كانت كلماتها كسياط حارقة، مليئة بالغضب والقسوة، تسحب ماسة من أي محاولات للهرب من مواجهة ماضٍ بدأت بنسيانه ولم تكن تريد تذكره.
نظرت لها ماسة بعيون غارقة في الدموع، تستمع إلى كلماتها التي كانت تسقط على قلبها كالجمر. بصوت مختنق بالألم، قالت:
يا ماما… حرام عليكِ! اية إللي انتِ بتقولي لي ده؟! انتِ ظلماني!
لم تتركها سعدية تكمل، بل صفعتها على وجهها بقوة، صوت الصفعة صدح في الغرفة كأنه إعلان عن حكم قاسٍي. صاحت أمها بغضب يكاد يحرق الهواء:
لا يا أختي، مش ظلماكي! مش ظلماكي يا قليلة الأدب والأصل! اللي تعمل اللي انتي بتعمليه ده، وتتغيري على جوزك اللي عامل منك هانم وتعامليه بسافله، تبقى قليلة الأصل وتربية والأخلاق! فاهمة؟!
انهارت ماسة بالبكاء أكثر، صوتها المرتجف بالكاد يخرج:
أنا… أنا استحملت سنة! سنة كاملة، متكلمتش! كنت ساكتة!
لكن كلماتها لم تجد الرحمة في عيني سعدية، التي استمرت نظراتها تشتعل بالغضب والاتهام، وكأنها لا ترى أمامها سوى انعكاس لخيانة ابنتها وجحودها في حق زوجها لا يمكنها تحمله أو التغاضي عنه.
خبطتها سعدية على كتفها بقوة: وانتِ يا بت، عشان استحملتي سنة، يبقى خلاص؟ والله العظيم يا ماسة، لو مابطلتيش ردك ده وكلامك المستفز ده… لأضربك وأهينك يا بنت بطني.
اقتربت سلوى التي كانت تشاهد كل ما يحدث بغضب واضح وعدم رضا على تصرفات سعدية، وقالت بتهكم وهي تحاول كبح مشاعرها:
على فكرة يا ماما، اللي انتِ بتعمليه ده غلط! انتِ بتعملي إيه؟ بتزرعي في دماغها إيه؟! حرام عليكي.
نظرت إليها سعدية بشراسة، وصاحت بغضب:
حرمة عليكي عشتك ياختي، كلمة كمان يا سلوى، وحياة ربنا، هديكي بالشبشب على وشك! طب والله العظيم، ما انتِ شايفة الشارع تاني إنتي كمان! وريني هتعملي إيه! مش بقول لكم، خدتوا على الصياعة، نسيتوا أصلكم! أنا بقى هفكركم بأصلكم يا سفلة! بدل ماتعقلي أختك، عمالة تسخنيها على جوزها! إحنا من إمتى عندنا الأفكار دي يا أختي؟!
حاولت سعدية ان تضربها لكن امسكتها ماسة برجاء بنبرة مبحوحة: ماما وحياتي ماتضربهاش.
أشارت سعدية بيدها بعصبية، وكأنها تحكم قبضتها على الوضع:
بت، أنا مش جاية لك تاني، ولا أختك دي جاية لك تاني! هتروحي تعتذري لجوزك وتبوسي رجله، وتتأسفي له على اللي حصل، وتنسي موضوع الجامعة والتعليم ده من حياتك! لا خروج، ولا مناقشة، اللي جوزك يقول عليه، تقولي حاضر وأمر. فاهمة؟!
تقدمت بخطوات ثقيلة نحو سلوى، وصاحت:
يلا يا حلوة، قدامي! وانتِ كمان، مفيش جامعة ولا خروج!، وأي كلام تاني، هوريكي!
أسرعت نحوها ماسة مسرعة، ووضعت يدها على صدرها كأنها تحاول تهدئة دقات قلبها الموجوعة، وقالت بصوت مختنق، والدموع تبلل وجهها:
ماما… عشان خاطري، مالكيش دعوة بسلوى… أنا هعمل اللي انتي عايزاه. أنا غلطانة فعلاً بس سلوى تدخل جامعة عشان خاطري.
نظرت سعدية إلى ماسة بغضب عارم وقالت بلهجة قاسية:
مالكيش دعوة بسلوى، واعرفي طول ما انتِ مزعّلة سليم منك وقليلة الأصل وناكّرة حقه كده، أنا مش داخلة بيتك ده تاني! دي آخر تربيتي فيكِ يا ماسة! يا خسارة تربيتي… بقى كده يا ماسة؟ عشان الراجل تعب شوية تعملي كده؟! والله العظيم طلعتي واطية! تفوو عليكي! مالكيش كلام معايا تاني، فاهمة؟!
أمسكت سعدية بكتف سلوى وسحبتها نحو الخارج بعنف، غير آبهة بتوسلات ماسة التي لحقت بها، تبكي وتعتذر بصوت مكسور:
ماما… عشان خاطرِك، ماتزعليش مني! والله ما كان قصدي… أنا آسفة، ماما!
توقفت سعدية للحظة، والتفتت نحوها بتهكم:
بس يا بت، ماتخلينيش أزعق واحنا هنا! يلا، ادخلي أوضتك وماتتأسفيش ليا اتأسفي لجوزك وراضيه يا ماسةهانم.
حاولت سلوى تهدئة الموقف، ونظرت إلى ماسة بنظرة حانية:
ماسة، أمك دلوقتي متعصبة. خشي أوضتك، وأنا ههديها وهكلم بابا وأشوف حل في الموضوع ده.
توقفت ماسة مكانها، تنظر إليهما وهما تتحركان أمامها، تشعر بالعجز والضياع. كانت تود أن تتكلم، ولكن حضور أفراد عائلته كان يجعل الوضع أكثر تعقيدًا
مسحت دموعها بسرعة، وكأنها تحاول أن تخفي كل ما في قلبها واتجهت إلى جناحها، حيث أغلقت الباب خلفها .. جلست على الأرض تبكي بحرقه.
مجموعة الراوي الثانية مساءً
مكتب سليم
نرى سليم يجلس خلف مكتبه بثقل، عينيه شاردتين في الفراغ بينما كان المدير ورشدي يتبادلان الحديث، والجو حوله يفيض بالهدوء والرصانة. لكن ذهنه كان غارقًا في بحر من الأفكار المضطربة، يواجه عاصفة داخلية لا يستطيع إيقافها. لم يعد يستطيع التركيز في الاجتماع، ولا على تفاصيل الأوراق التي أمامه. كان قلبه معلقًا بما حدث بينه وبين ماسة، وكأن الزمان توقف لحظة في ذهنه. وجهه شاحب، وعيناه تائهتان، لا تريان إلا الضباب الذي يلف أفكاره. حاول أن يبدي اهتمامًا بما يُقال، لكنه كان يستمع لصوت بعيد لا يعبره. مشاعر الحيرة والقلق تجتاحه، وكأن العالم من حوله يتلاشى في ظل تلك الفوضى العاطفية التي لا يستطيع الهروب منها.
كان المدير يتحدث، لكن سليم كان في عالم آخر.
المدير متساءلا: إيه رأيك يا سليم بيه؟
لكن سليم ما زال غير منتبها، فتبادل نظرة مع رشدي ثم قال: سليم بيه
انتبه سليم نظر له: إيه؟ أنت قلت إيه؟معلش ماخدتش بالي
المدير: كنت بكلمك عن العرض اللي جابه رشدي بيه…
سليم نظر لرشدي: كنت بتقولي إيه يا رشدي؟
رد رشدي بسرعة، محاولًا لفت انتباه سليم:
مستر زازو برنارد عايز يشاركنا، هيدينا خامات ببلاش مقابل إنه يشترك بالخامات فقط.
سليم هز رأسه بإيجاب: تمام، سيب لي الأوراق أدرسها وأشوف.
ثم تدخل مدير آخر: العرض ممتاز جدًا لأنه هياخد نسبة صغيرة مقابل الخامات اللى هنستوردها.
سليم تنهد بتعب، وكان لا يزال غير قادر على التحدث بشكل جيد، فرفع يده وقال بصوت منخفض: بعدين… مش قادر أتكلم دلوقتي. خليني أفكر شوية، وهرد عليكم. معلش، سبوني لوحدي.
واكتفى بتوجيه نظره بعيدًا عنهم، غارقًا في أفكاره المشتتة
نهض المدير ولكن تبقى رشدي.
رشدي بتصنع الإهتمام تسال بخبث: مالك؟ زعلان من ماسة؟
عقد سليم حاحبيه متعجباً ماسة اشمعنا.
نظر له رشدي بنصف ابتسامة خبيثه: اصلك مش بتبقى كدة الا لما بتكونوا زعلانين او بتحديد مزعلها.
سليم مد وجهه بنفي: تؤ، المشروع جديد شغلني…. من فضلك، سبني لوحدي.
رشدي تبسم: تمام، أيها الأمير الصغير.
خرج رشدي وهو يقلب وجهه بضيق..
فيلا عائلة ماسة.
الصالون الثانية مساءً
نرى مجاهد جالسا في الهول يشاهد مباراة كرة قدم بعد قليل تدخل سعدية وهي تسحب سلوى من يدها وهي غاضبة.
سلوى بضجر: يا ستي أوعي كده، انتِ ماسكاني كده ليه؟
سعدية بغضب: اخرسي خالص بدل ما أديكي على وشك!
سلوى بتهكم: تديني على وشي ليه؟! عشان قولت كلمة حق يعني؟
سعدية بتهكم: كسر حقك يا سلوى! والله لو ماتلميتي هتشوفي أنا هعمل فيكِ إيه!
التفت مجاهد منتبهًا للصوت العالي اقترب منهم:
في ايه يا سعديه صلي على النبي براحه؟! ايه يا سلوى، مزعلة أمك ليه؟
سلوى بتوضيح غاضب: أنا مش مزعلاها ولا عاملة لها حاجة، هي اللي عمالة تعمل مشاكل!
أمسكت سعدية بشعر سلوى وهي تهزها قال بغضب:
أنا عايزة أعمل مشاكل يا سافلة يا مجرمه؟ وحياة ربنا، أنتِ ماتربيتيش يا سلوى! انا بقى هربيكي من أول وجديد!
سلوى وهي تبكي: بقيت قليلة الأدب عشان بقول الحق؟
مجاهد بضجر: في إيه؟! ما تفهموني، وسيبي شعرها يا سعدية، البت كبرت!
سعدية بتهكم وهي مازالت تمسكها منوشعرها: كبرت بس ماتربتش! نسيت نفسها هي وأختها…نسيوا أصلهم إيه وبقوا إيه؟! ما هو كده الخسيس لما ربنا بيكرمه بشوية فلوس بينسى أصله! اتفو عليكي يا واطية.
ثم قامت بدفعا بقوة، وضربتها على كتفها
تنهد مجاهد بضجر: في إيه يا سعدية؟ صلي على النبي مش كدة استهدي بالله، عملوا إيه العيال بس؟
نظرت سعدية لسلوى وهي تقول بسخرية متهكمة: قولي له يا غندورة عملتي إيه؟ قولي يا سافلة يا عديمة التربية!
سلوى وهي تبكي: كل ده عشان قلت إن ماسة عندها حق في اللي عملته مع سليم وإنه فعلاً مريض؟
سعدية ضربتها على كتفها بقوة: ماتقوليش كلمة مريض قصادي يا بت! بدل مديكي على وشك!
أكملت بتهكم: أهو، أنتِ اللي مريضة! ومتربتيش، الراجل المحترم اللي مش عايز مراته تتسرمح في الشوارع بقى بالنسبالك مريض؟ هنبقى نشوف رأي مكي في الكلام ده إيه!
سلوى وهي تمسح دموعها: ماتدخليش مكي، مالوش علاقة!
سعدية: ليه يا أختي؟ بلاش ده مش صاحبه.
مجاهد باختناق: يا سعدية، اسكتي بقى، خليني أفهم!
سعدية وهى تنغزها من ظهرها : ماهي عندك اهي! افهم منها! اتفو عليكي والله ماهتشوفي الشارع تاني يا سلوي، نسيت نفسها لولا الملامة كنت جبت التانية وحطتها تحت رجلي بس أعمل ايه؟! في عصمة رجل متستهلهوش.
مجاهد بغضب: انتى هتسكتي والا لا.
سعدية جلست: سكت اهو لما أشوف هتعمل ايه؟!
جلس مجاهد وحاول تهدئتها: سلوى تعالي أقعدى هنا وفهمينى في ايه؟!
جلست سلوى قالت بتوضح منفعل: يا بابا، ماسة وسليم حصل بينهم مشكلة بسبب إنه حابسها طول الفترة دي، ومش عايزها تخش الجامعة معانا!
مجاهد بحكمة: يا بنتي لو هو مش عايزها تدخل الجامعة مراته وهو حر فيها، محدش يقدر يتكلم!
سلوى باعتراض: ده حتى مش عايزها تخرج، عايزها تفضل محبوسة! ده حرام، فات كتير أوي وماسة قالتله يروح لدكتور نفسي، وماما بهدلتها، قالتلها: إنتي عديمة الأصل ومش محترمة ونسيتي نفسك، وكلام يوجع القلب. وأنا قلتلها: حرام عليكِ، الكلام اللي بتزرعيه في دماغها ده غلط، وسليم كمان غلطان.
حاولت سعدية التحدث، لكن مجاهد قاطعها بنظرة حادة: عليا الطلاق لو اتكلمتي بعدها! ما هتباتي فيها، ماتفتحيش بقك.
سعدية: طب طب أهو إنت اللي بوظت دماغهم.
تنهد مجاهد ونظر لإبنته وقال بحكمة:
بصي يا سلوى، إنتي كبرتي يا حبيبتي وعلى وش جواز. مش عيب إن الست تسمع كلام جوزها، العيب لو وقفت قصاده وحطت راسها براسه وقالتله “لأ”. سليم طول فترة جوازه بأختك وهو شايلها من على الأرض شيل، ولو يطول كان يحطها فوق دماغه. أختك سرها معاكي، واللي بقوله ده صح ولا غلط؟
هزت سلوى رأسها بإيجاب بتفسير توضح موقفها: أنا ماقلتش حاجة. سليم طول فترة جوازهم وهو كويس معها وبيموت في التراب اللي بتمشى عليه، يمكن بعد الحادثة بشوية بقى عصبي ومش طايق حد، بس ده طبيعي. اللي مش طبيعي إنه لحد دلوقتي عايز يحبسها كأنها مسجونة.
مجاهد بحكمة: هو عايز كده، هنقول له “لأ”؟ مراته، وهو حر فيها. خايف عليها. هي كمان لازم تتحمله حتى لو غلطان. يا بنتي، الست الأصيلة بتتحمل جوزها، وتقول له حاضر ونعم. هو ماخانهاش، ما شتمهاش، ماضربهاش، مابطلش يصرف عليها، ومابيعيرهاش بأصلها. راجل كويس، كل مشكلته إنه عايزها تفضل في البيت عادي حر.
سلوى باعتراض: يا بابا، حر إزاي؟
تبسم مجاهد واسترسل بحكمة: يا بنتي، إيوه، حر وحقه شرعاً، إنتي لما تتجوزي مكي، ويقول لك ماتخرجيش وماتروحيش عند أهلك حتى، ده حقه منقدرش نقوله حاجة. ربنا سبحانه وتعالى أداله الحق ده، هو بقى هيتحاسب عليه لانه منعك من اهلك.. الزوج يا سلوى لازم يتقال له “حاضر” و”نعم”، حتى لو قليل أصل وواطي ومطلع عين مراته، لازم يتقال له “حاضر” و”نعم” طاعته واجب، إلا تبقى ناشز وربنا يغضب عليها والملايكة تلعنها، هو بقى حسابه بقى عند ربه، إنما واحد زي سليم بيعمل كل حاجة كويسة لأختك، بس مش عايزها تخرج، ده منقدرش نقول عليه راجل قاسي او شديد او مريض، هو راجل محترم وكويس وليه أسبابه، هو خايف عليها واللي حصلهم مش هين يا بنتي، إيه المشكلة لما تتحمل حبه كمان، الست الجدعة المتربية تتحمل جوزها وتقول له عيني هعملك اللي يرضيكي ويريحك، هو مابيقولهاش تعمل حاجة حرام، ولا منعنا نشوفها، الراجل كويس معاها…
عقد حاجبيه وتسأل بحكمه:
تفتكري يا بنتي؟ لو أنا شايف إن سليم راجل مش وحش وغلطان؟ طول السنة اللي فاتت دي، أنا كنت هسكت؟! طبعاً لا، كنت هتكلم معاه، بس أنا عارف ومقدر فاهم وجعته، لأنه بيعمل كل حاجة من وجع قلبه. ربنا لوحده اللي عالم بحسرت قلبه ووجعه، كل اللي بيعمله ده من وجعه وحسرته. على بنته اللي اتاخدت منه في لحظة، اللي كان مستنيها بقاله سنين، على حياته اللي اتدمرت، على حياته اللي بقت بين الحياة والموت. مراته نفسها كان ممكن تموت، وأنه كمان اتحرم من الخلفة، اتحرم يعرف يلعب براحته ويجري براحته. وتسببوا في مشكلة لرجله، كل ده مش عايزاه يبقى مجنون؟ ده غير إللي عمل فيهم كل ده، لسه عايش ومش عارف عنه حاجة..
وبعدين، هو مش من كم شهر وصل لواحد واتقتل قصاد عينه، يعني لحد دلوقتي هم مراقبينه. أنتي مش خايفة على أختك؟ أنا خايف على بنتي، تخرج يحصل لها حاجة. هو كده فاهم وعارف إن ماسة أمانها في البيت. أنتي لازم تعقليها يا سلوى، أنا عارفة إن أنتِ زعلانة على ماسة، نفسك تخرج وتروح وتدخل الجامعة زي ما كان نفسها، بس أختك تخش الجامعة وتخرج، والا يحصل لها حاجة تانية؟
سلوى بخوف: لا طبعاً بعد الشر عليها بس ممكن مايكونش في حد مراقب.
مجاهد بهدوء: بس برضوا ممكن يكون فيه يا بنتي؟!
سلوى: بس الحراس هيكونوا معاها!
مجاهد تنهد: الحارس الحقيقي هو ربنا. لو مكتوب لها حاجة، هتيجي لها حتى وهي في أوضتها بس العقل بيقول ايه ؟!وربنا سبحانه وتعالى قال ايه؟! لازم نحرس مانرميش نفسنا في النار ونقول ربنا هينقذنا ربنا إدانا العقل عشان نفكر بيه، العقل دلوقتي بيقول ايه؟! نستنى شوية، وبعدها نتكلم معاه، ونشوف وجهة نظره.
سلوى بتصميم: بس أنا شايفة إنه مش طبيعي يفضل يحبسها كده.
مجاهد بعقلانية: الجواز حياة كبيرة ومسؤولية، مش كل حاجة دلع وخروج. الست اللي تقف لجوزها على حاجات تافهة، ماتنفعش معاه ماتستاهلش انها تتجوز ولا تفتح بيت، ولو فضلتي تفكري كده مش هتعيشي كويس يا سلوى يا بنتي.
التفت لسعدية وقال بتنبيه ممزوج بشدة:
وانتِ يا سعدية، بالراحة على البنات، هما صغيرين وماشافوش الدنيا، ماينفعش نبهدلهم كده. سلوى شافت شوية وفهمت، لكن ماسة اتجوزت 15 سنة عيلة وجوزها كان مدلعها على الآخر، وهي طول عمرها حساسة، وبتشيل كل حاجة جواها. لو قفلت، قفلتها وحشة.
سلوى بضيق: ماما بهدلتها ووجعتها بكلامها. قالت كلام مايتقالش! لدرجة ان هي عايرتها ببنتها.
مجاهد بعتاب: يا سعدية، حرام عليكِ. ماسة موجوعة على بنتها اللي راحت. الكلام اللي قولتيه يزيد وجعها.
سعدية باستهجان: أنا قلت الكلام ده عشان أعقلها. الست الجدعة تفضل حزينة على بنتها مش زعلانة عشان جوزها منعها من الخروج.
مجاهد بغضب وعدم رضا: جدعنة إيه اللي بكلام زي ده؟ بالراحة في الكلام يا سعدية. ماسة محتاجه حد يطبطب عليها، مش حد يوجعها أكتر وانت يا سلوى مش معنى الكلام إنك ماغلطتيش لا إنتي غلطتي وأمك عندها حق.
سلوى بتوتر وخوف: يعني إيه؟ مش هتخلوني أشوف الشارع ولا أروح الجامعة؟
مجاهد بحدة: اطلعي اوضتك دلوقت يلا.
سلوى برجاء: يا بابا.
مجاهد بشدة: قلت اسمعي الكلام.
تنفخت سلوى بضيق وصعدت الدرج.
نظر مجاهد لسعدية وقال بهدوء، مع إشارة بسيطة بيده: بالراحة عليهم.
سعدية بتهكم، رفعت حاجبها وغيرت نبرة صوتها:
بالراحة؟ بناتك دول ماينفعش معاهم بالراحة، دول عايزين كسر راقبيهم، نسيوا نفسهم ونسيوا أصلهم، كانوا خدامين، مالهمش لازمة. مداس للبهوات اللي زي سليم، عشان الراجل منعها شوية من الخروج بقى وحش ومريض ومجنون وعايز يتعالج؟ والثانية بدل ما تعقلها، بتقويها السافلة.
مجاهد بتأييد: هما غلطانين، بس بالراحة،
(مع تنهد خفيف..)أنا بكره هروح لماسة، وإنتِ متتكلميش معاها في موضوع بنتها تاني، مع نبرة حازمة. حرام عليك، إنتِ عارفة قد إيه ماسة اتوجع قلبها على بنتها.
سعدية بضجر: كان لازم أقول لها الكلام ده عشان تعقل.
يا مجاهد بناتك نسيوا نفسهم، وأنا أهو بقول لك، مالكش دعوة. أنا بعرف أتعامل معاها.
قصر الراوي
جناح سليم وماسة، السادسة مساءً
نرى ماسة تجلس على الفراش، تضم قدميها إلى صدرها، دموعها تتساقط بصمت عيناها الحمراوان تحملان آثار يوم طويل من البكاء والحيرة. صوت والدتها كان يتردد في رأسها، يخترق كل أفكارها كأنها أُعيدت آلاف المرات:
سليم عمل لك كتير… إزاي بعد كل ده مش قادرة تتحملي؟
شعرت بوخز مؤلم في قلبها، وبغصة في حلقها، وكأن كلمات والدتها أصابت جزءًا حساسًا فيها، ربما كانت والدتها محقة! ربما كانت فعلاً “قليلة الأصل! كما تساءلت لنفسها بمرارة، سليم لم يكن مجرد زوج عادي، كان كل شيء، بل الرجل الذي قدم لها الكثير والكثير منذ دخوله حياتها، حولها من خادمة يائسة إلى هانم، سيدة مرفهة، لم يبخل عليها بشيء من حب، و وقت، واهتمام وأمان، كان يضعها في المركز الأول دائمًا، كأنها محور الكون ..
أمن لها حياة مترفه، تعيشها وكأنها في حلم لا ينتهي. حتى بعد الحادثة التي كادت تفقدها حياتها، ظل يحميها، يبني حولها جدرانًا من الأمان والحنان وكان لها السند الذي لايميل..
قالت مؤنبة نفسها:
إزاي بعد كل ده أكون مش قادرة أتحمله وهو في أسوأ حالاته؟ هو خايف عليا…
لكن، في نفس الوقت، كان هناك صوت آخر داخلها. صوت رفض أن يستسلم. صوت حمل نبرة غضب وتمرد: لا هو مش خايف هو حبسنى، سجني، ده مش خوف، ده جنون، ومرض، لو قبلت اكتر من كدة هبقى بموت نفسي.
فكرت ماسة، وهي تتذكر كلماته حينما أغلق أبواب القصر عليها: أنا مش هسمح لأي حد يقرب منك تاني. مش هخليكِ تواجهي خطر زي ده أبداً!
كانت عيناه حينها مليئة بالخوف والغضب. لم تستطع أن ترفض وقتها. شعرت بحبه، بحاجته لحمايتها، لكنها الآن… الآن وبعد شهور من الحبس، بدأت تتساءل:
هو ده حب؟ ولا ده خوف؟ ولا فعلاً سليم بقى مريض؟! ولا انا ظلماه؟!
حاولت أن تقنع نفسها:
أنا غلطانة… هو عنده حق. العصابة دي لسه برا، ولسه محدش عارف مين هما، لو خرجت فعلاً ممكن يحصل لي حاجة. لازم أتحمل أكتر، ده أقل حاجة أعملها عشانه…
لكن في نفس الوقت، كان هناك صوت آخر داخلها، صوت مليء بالتمرد والغضب:
هو مش بيحميني… هو حابسني! أنا إنسانة، مش لعبة يتحكم فيها. الحب الحقيقي مش كده. أنا بحبه، بس ده كتير أوي. إزاي أعيش كده وأنا محبوسة في القصر زي السجينة؟
استمعت لتردد صوت والدتها وهو يتسرسب في أذنها وهي تقول لها: انتي عديمة التربية انتي أنانية ونسيتي نفسك وأصلك، انتي قليلة الأصل ..
بس سرعان ما استمعت لصوت الرفض وتمرد:
لا! أنا مش قليلة الأصل. أنا اتحملت كتير! سليم مش بيحاول يساعد نفسه، وكل يوم حاله بيسوء أكتر، وأنا اللي بأدفع التمن. ده مش ذنبي! أنا مش غلطانة لو رفضت أكمل بالشكل ده.
كانت أفكارها تتصارع بشدة، كأنها في معركة لا نهاية لها. بين لحظة وأخرى، كانت تميل لفكرة أنها المخطئة، وتلوم نفسها:
يمكن أكون قليلة الأصل فعلاً. بعد كل اللي عمله عشاني، مش قادرة أتحمله في خوفه وحزنه.
لكن سرعان ما يعود الصوت الآخر ليصرخ داخلها:
لا! انتي مش قليلة الأصل. اللي بيعمله ده بيضرنا إحنا الاتنين. حبه وخوفه اتحولوا لحاجة بتخنقني. ولو استسلمت، مش بس أنا اللي هتدمر، هو كمان.
عادت إلى لحظة الحادثة التي فقدت فيها ابنتها، والدموع تملأ عينيها من جديد. المشهد ما زال عالقًا في ذاكرتها: صراخ، دماء، خوف، رصاص. ربما لو لم تكن موجودة وقتها لما حدث هذا كله. ربما كان سليم محقًا في قلقه عليها.
لكن هل يعني هذا أنها يجب أن تعيش للأبد خلف جدران القصر؟ أن تصبح أسيرة خوفه؟
كانت عالقة في دوامة، تتأرجح بين هذا وذاك. أفكارها كانت كالأمواج المتلاطمة، تضربها من كل جانب. “أنا قليلة الأصل… لا، أنا مش قليلة الأصل. أنا بحبه لازم أتحمل… لا، أنا عايزة أعيش.
فجاه وضعت يدها الاثنين على أذنيها كأنها تحاول ان تهرب من تلك الأصوات ثم صرخت ب ااااااه
في النهاية، بعد ساعات من التفكير، بدأت تصل لحقيقة ما. لم تكن قليلة الأصل كما ظنت للحظة، هي تحبه، وهذا ماجعلها تستمر طوال الوقت، لكن ربما كان يجب أن تتحمل أكثر. أن تصبر أكثر. أدركت أن الحب الحقيقي ليس فقط أن تقف بجانبه في سعادته، بل أن تصمد معه في ضعفه، حتى لو كان ذلك يعني أن تكتم ألمها قليلًا وتتحمل.
مسحت دموعها، وأخذت نفسًا عميقًا. ربما لم تجد الإجابة الكاملة بعد، لكن شيئًا واحدًا أصبح واضحًا: هي ليست مخطئة تمامًا، لكنه أيضًا يستحق فرصة أخرى منها، فرصة أخيرة للصبر والحب.
💞________________بقلمي_ليلةعادل
قصر الراوي
جناح سليم وماسة العاشرة مساء
نشاهد ماسة ترتدي فستان يومي لطيف وتضع قليلًا من المكياج. بعد فترة، يدخل سليم الجناح. وعندما رآها، توقفت ماسة وتوجهت نحوه، ثم قامت بحضنه من الخلف.
ماسة بأسف: سليم أنا آسفة، حقك عليا.
رفع سليم حاجبه بضيق، ثم نزل يديها.
ماسة متعجبة: مالك؟ أنا بقول لك آسفة وبصالحك.
سليم بجفاء: أنا مش متقبل أسفك، ولا هقبله.
عقدت ماسة حاجبيها بحزن: ليه كده؟
سليم بخذلان: لأنك مش مقتنعة إنتِ شايفاني مريض ومش طبيعي ومجنون. واضح في عينك إنك مش مقتنعة بأسفك. هو أنتِ أصلاً حاسة إنك مش غلطانة.
ماسةبإصرار: أنا غلطانة ياسليم غلطانة وزعلانة و والله العظيم آسفة.
سليم بنصف إبتسامة لم تصل لعينه: يا ترى اقتنعتي امتى بعد كلام مامتك؟
ماسة متعجبة وعقدت حاجبيها: مش فاهمة إيه اللي بتقوله ده.
سليم بتأثر ملموس وبنبرة جادة: اللي أنا بقوله إني زمان لما كنت بأعتذر، كنت عارف إني غلطان. ماكنتش بستنى حد يقول لي إني غلطان عشان أعتذر لك، لأنك ماكنتيش بتهوني عليا يا ماسة، ماكانش بيهون عليا أعدي يوم واحد وانتي زعلانة مني، لكن أنتي استنيتي والدتك تيجي، واتكلمتي معاها، وحكيت لها اللي حصل، وأكدت لك إنك غلطانة ولازم تعتذري لجوزك. فاعتذرتي، أوعي تقولي ماحصلش.
ماسة بتفسير: حصل، بس مش زي ما أنت فهمت أنا هفهمك.
سليم متعجبًا: تفهميني إيه ياماسة، لو كنتِ عايزة تصالحيني، كنتي اعتذرتِ، كان قدامك طول الليل امبارح، وكان قدامك طول اليوم النهاردة. لكن انتي اعتذرتِ بعد ما مامتك مشيت، وأنا مابقبلش اعتذار مش من القلب.
مرر عينه عليها بحزن شديد، وبنبرة متأثرة ممزوجة بالأسف وقال:
عارفة، كان ممكن أقبل أسفك في حالة واحدة، حتى لو كان عشان ترضيني وبس، حتى لو من جواكِ مش راضية. لكن حبك ليّا كان دفاع، عشان تهدي الموضوع بينا. بس ده ماحصلش. عشان كده يا ماسة، أنا آسف، مش هقبل أسفك… أنا مش قادر أصدق إنك مستنية حد يحنن قلبك عليّا، أنا والله مصدوم فيكِ.
ماسة وهي تبكي بوجع: هو أنتوا بتعملوا معايا كده ليه؟ محسسيني إني وحشة كده؟
سليم: ماقلتلكيش انك وحشة ومقدرش أقول كدة.
جلست ماسة على الأريكة، ثم قالت بحزن: أنا مش قليلة الأصل ولا واطية يا سليم، بس أنا تعبت. كان عندي أمل أدخل الجامعة، بس مش مهم، خلاص موافقة. بس مش قادرة أتحمل إني أكون محبوسة هنا أكتر من كده. هو ده اللي قلته لأمي، وهي قالت لي إنك غلطانة. هو ده كل اللي حصل.
سليم بنبرة حادة: والله يا ماسة، أنا بقالِي سنة بأقنعك، وأنتِ مش قادرة تقتنعي. خلاص مش هفضل أعيد وأزيد في نفس الكلام. حقيقي زهقت. اللي قلته هيتنفذ، حتى لو مش مقتنعة. المهم إني شايفه صح. أنتي مش مدركة حجم المأساة اللي إحنا فيها. مش هينفع أرمى ابني في البحر عشان عمال يعيط ويخبط في الأرض عشان أخلص من ذنه وأسيبه يغرق.
سليم بغضب شديد: مافيش بحر، يعني مافيش بحر. خليه بقى يقعد يتنطط ويعيط، لأنه مش فاهم إني بحميه مش مهم يتفلق….. أنتِ كمان مش فاهمة إني بحميكي. شايفة إني بأحبسِك، عشان كده بتقولي عليَّ مريض ومجنون؟ مش طبيعي؟ متحكم ومتملك؟ قولي كل حاجة أنتي عايزاها مش مهم، مش هيغير من قناعاتي؟ طول ما أنتِ مش حاسة بحجم المسؤولية والمصيبة اللي إحنا فيها، هتفضلي هنا، يا ماسة فاهمة..
تحرك خطوتين ثم عاد و نظر لها. قائلا بصوت منخفض، وهو يواجهها بحزن وألم:
عارفة إني ماكنتش أتخيل إنك هتبقي كده معايا. كنت متوقع إنك هتفهمي قد إيه أنا بحاول أحمِيكِ وأحمي اللي بينا. أنا مش قادر أصدق إنك مش شايفة حجم التضحيات اللي بأعملها علشانك. لو كنتِ شايفة إن كل ده ملوش قيمة، وحاسة إنك لوحدك في ده، أنا فعلاً مش عارف أعمل إيه عشان تقتنعي.
ثم نزّل عينيه وقال بصوت مكسور:
كنت فاكر إنك هتحسّي بيا وتفهميني، اللي عدا علينا مش قليل وكبير أوي، لكن شكلك مش قادرة تفهمي… مش عارف أقول إيه عشان يوصل لك إني مش عايز أشوفك متعذبة كده، أنا كنت دايمًا وطول السنين اللي فاتت بحاول أخليكِ سعيدة وفرحانة ومابيهونش عليا تنامي زعلانة مني لكن للاسف انا هنت وبزيادة.
تركها سليم وتوجه إلى الشرفة. وقف هناك، وأخرج سيجارة، وكان يظهر عليه الغضب والحزن الشديد.
بينما جلست ماسة تبكي بشدة، ومع مرور الوقت، ومع تعبها من البكاء، غفت أخيرًا. فقد مر وقت طويل منذ آخر مرة نامت فيها، وكانت قد سهرَت ليلتها. بعد فترة، دخل سليم الغرفة فوجد ماسة قد غفت. نظر إليها للحظات بحزن عميق، بدا أن آلامه وأحزانه أصبحت أكبر بكثير مما كانت عليه من قبل. أكثر ما كان يؤلمه هو أنها لم تحاول الاعتذار أو التوصل للمصالحة إلا بعد أن طلبت منها والدتها ذلك، وهذا جعله يشعر بالألم الشديد.
أخذ الغطاء وتمدد على الأريكة، فبدا أن الوضع بينهما يزداد سوءًا. في صباح اليوم التالي، ذهب سليم إلى العمل دون أن يترك لماسة رسالة أو وردة أو أي شيء ينهي الخلاف أو يقلل من الهوة التي بدأت تتسع بينهما.
استيقظت ماسة وشعرت بحزن شديد عندما اكتشفت أنه لم يكن بجانبها. وزاد حزنها أكثر عندما وجدت الغطاء على الأريكة، ففهمت أنه هو من تركه هناك. شعرت بحزن أكبر وأخذت تبكي، حتى أنها لم تقوَ على تناول أي شيء.
♥️_________بقلمي_ليلة عادل_________ ♥️
قصر الراوي الثالثة مساءً
نرى ماسة ترحب بوالدها أمام الباب بابتسامة حارة تضمر خلفها مشاعر متضاربة.
ماسة بإبتسامة: بابا! وحشتني، إيه المفاجأة الحلوة دي؟ تعالى.
مجاهد بحنو: إزيك يا حبيبتي؟ عاملة إيه دلوقت؟
ماسة: أنا كويسة، الحمد لله.
مجاهد: قلت أجي أشوفك كده، أمك قالت لي إنك زعلانة.
ماسة تبسمت بنفي: لا خالص، هي فهمت غلط. تعالى نتكلم فوق عشان ناخد راحتنا.
مجاهد وهو يبحث بعينه: الأول بس قولي لي فين سليم؟ عايز أسلم عليه.
ماسة: سليم في المجموعة، ملوش مواعيد،، دلوقت نبقى نكلمه واحنا فوق نشوف هييجي إمتى.اعمل حسابك هتتغدى معانا.
مجاهد: إن شاء الله. إنتي قاعدة لوحدك؟
ماسة مدت شفتيها: معرفش، يمكن.
توجها إلى المصعد حتى الطابق الثالث، حيث جناح سليم وماسة.
جناح سليم وماسة
دخلت ماسة الغرفة وهي تشير إلى والدها.
ماسة: تعالى يا بابا، ادخل.
دخل مجاهد وجلسا على الأريكة بجانب بعضهما.
ماسة: تشرب إيه؟
مجاهد: ولا حاجة.
ماسة: لا، ازاي؟
مجاهد بتوضيح: أنا قاعد شوية معاكي. خلينا نتكلم. مالك يا حبيبتي؟ أمك وأختك قالوا كلام مفهمتش منه حاجة غير إنك مزعّلة سليم. إيه اللي حصل؟ ده محصلش وإنتم صغيرين، تعملوا كده، وإنتم كبار وهو تعبان.
ماسة بحزن: هتسمعني ولا هتقول زي ماما: وتقولي اني ماعنديش أصل؟
مجاهد بحنان: قولي يا حبيبتي، هاسمعك.
بدأت ماسة تروي له ما حدث وهي متأثرة بشدة وعينيها مدمعة.
مد مجاهد يده على قدميها قال: بصي يا ماسة إنتي غلطانة يابنتي.
ماسة متعجبة عقدت بين حاجبيها: ازاي بس يا بابا، إنت شايف إن طبيعي أفضل سنة محبوسة؟ ومعترضش.
مجاهد بتوضيح بحنان الأب: لا يا حبيبتي، مقصدش إنه طبيعي تبقي سنة محبوسة. بس اللي مش طبيعي، يا بنتي، إنك تعملي مشكلة مع جوزك وتتهميه بالمرض والجنون عشان منعك من الخروج.
ماسة بتوضيح وحزن: يا بابا مكنتش أقصد ده أقصد أن خوفه الزيادة ده كله وهم وهواجس خلقها في دماغه مش حقيقية.
مجاهد عدل من جلسته وتساءل بحكمة: طب أنا هسألك شوية أسئلة يا ماسة، وتردي عليا بـ”آه” أو “لا”، ماشي؟
هزت رأسها بإيجاب بصمت.
مجاهد:هل سليم في مرة شتمك أو قال لك لفظ وحش؟
هزت ماسة رأسها بلا: لا.
مجاهد: طب يا حبيبتي، وقف مرة وعايرك بشغلك زمان؟ أو شغلنا أو أصلنا؟؟
ماسة: لا، عمره.
مجاهد: بيمد إيده عليكي؟
ماسة بنبرة مكتومة: برده لا.
سألها مجاهد بحنو: طيب في حاجة بيحرمك منها؟ في حاجة بتطلبيها ومابيجبهاش؟ بخيل عليكي بكلمة أو بطبطبة أو بأي حاجة نفسك فيها؟ بيزعلك مش حنين عليكي ؟! ردي.
ماسة بتأثر: لا، يا بابا، لا سليم حنين جداً واللي بطلبه بيجيبه مهما كان.
تنهد مجاهد بتعب قال بحكمة:
طب يا ماسة،قصاد كل ده عشان حاجة واحدة هو عملها ورافضها ؟ ننسى بقى كل حاجة حلوة عملها؟ كده يبقى إحنا فعلًا “ما عندناش أصل” وبننكر الخير وبننساه، وطماعين وانانين عايزين كل حاجة…
برزانة وعقلانية ركز النظر في ملامحها:
يا بنتي، ربنا رزقك بالراجل ما شاء الله، مش هقول لك بقى عشان غني، لا. أنا بتكلم على الأخلاق ومعاملته معاكي. سليم من وقت مادخل حياتك وهو بيعاملك حلو، وبيعمل أي حاجة عشان يشوفك سعيدة.
ماسة بتوضيح: ما أنا، يا بابا، بقالي سنة بقول “حاضر”. وبعدين أنا ماعترضتش على أي حاجة غير إني نفسي أخرج حتى آجي عندكم.
مجاهد بحكمة نظر في وجهها وتحدث بحنان:
طب يا بنتي، لو الراجل فعلاً مريض وبقى عنده أفكار زي مابتقولي. نستحمله ولا منستحملوش؟ هتقولي استحملته سنة، يعني خلاص كدة عملتي اللي عليكي لا يا ماسة يا بنتي لا؟ سيدنا أيوب عليه السلام مراته فضلت مستحملاه سنين وهو مريض. ست أصيلة، مجاش عليها وقت قالت: أنا زهقت، كفاية، أنا استحملت سنين، لكن فضلت صابرة لحد ما ربنا شفاه…أنتي كمان لازم تعملي كده. استحملي جوزك، قولي له حاضر ونعم واللي إنت شايفه صح، تفضلي متحملة لحد ماربنا يهديه.ونيجي للحق يابنتي هو خايف عليكي. اللي حصل برده مش هين، يا ماسة. اللي مريتي بيه كان صعب. هو خايف يخسرك زي ماخسر بنته.. شاف الموت بعينه ..
مد يده وربت على كتفها بحنان وتأثر:.
وانتي يا حبيبتي، كل فترة كده، اتكلمي معاه بالراحة. مرة هتلاقيه بيتعصب، مرة هتلاقيه بيرد عليكي بهدوء، ومرة مش عايز يتكلم.. وأنا متأكد هيجي عليه وقت وخلاص هيرجع زي زمان ..
بعدين ماننساش أصلنا، إنت مش متربية مثلًا على الخروج والمرواح؟ طول عمرك جوه المزرعة، وسليم هو اللي خرجك و وراكي الدنيا اوعي تنسي إنتي كنتي ايه يا ماسة اوعي، وحتى يا بنتي لو كنتي واخدة على المرواح والمجي والخروج ومتربية زي اخوات سليم والعالم دول؟!!
مينفعش يا بنتي عشان جوزك مر بأزمة وتعب شوية تتكبري عليه! لا يابنتي، هو ده الوقت اللي بتبان فيه الست الأصيلة المتربية اللي بتحب جوزها وصايناه وتستاهل كل الحلو اللي جوزها بيعمله لها،
هو ده الوقت اللي بيثبت الست الأصيلة من الست اللي ما عندهاش أصل…
عارفة انتي هتكبري في نظره يا ماسة وهيحبك أكتر وأكتر ومن نفسه هتلاقيه بيقول ايه اللي أنا بعمله ده وهتلاقيه جاي لك ويقول لك تعالي نخرج لأنه شايفك قد ايه صابرة ومتحملة وشايلاه فوق راسك.
ماسة بتأثر: عندك حق. بس أنا مش قليلة الأصل، يا بابا والله.
تبسم مجاهد وهو يمسح على كتفها: يا حبيبتي، إنتي مش قليلة أصل، بس عشان لسه صغيرة، وسليم دلعك بزيادة وماحرمكيش من حاجة، بس أنا أهو بأسمعك وبفوقك، اللي انتي فيه ده يا ماسة، غلط وعيب كبير في حقنا كلنا يا حبيبتي.
ماسة هزت رأسها بإيجاب: حاضر، يا بابا، بس أنا صالحته وهو مارضاش يتقبل اعتذاري أصلًا.
مجاهد تبسم: حقه يابنتي زعلان، معلش بس إحنا لازم نجرب تاني وتالت وسليم بيحبك ولما يشوفك بتعتذري وحاسة بغلطك هيسامحك،زربنا يهدي سرك، يا حبيبتي.
ماسة بتحايل: طب بالله عليك يا بابا ماتخليش ماما تقعد سلوى من الجامعة أو تمنعها من الخروج أو أنها تجيلي هنا.
مجاهد بنفي: لا، سلوى لازم تتربى، لازم تتعلم إن الست لازم تتحمل جوزها. أنا مش عارف إيه الأفكار اللي جات لكم. نسيتوا أصلكم، نسيتوا الصح والدين بيقول إيه. أنتم لازم تراجعوا نفسكم تاني وتفتكروا أصلكم ودينكم بيقول إيه؟!
الراجل يا بنتي، طول ما هو مش بيحرم مراته من حاجة ولا بيمنعها عن أهلها ولا بيعايرها، وبيطبطب عليها وحنين عليها وبيتقِّي الله فيها يتقاله حاضر، وسليم بيعمل كل ده. لكن تطلعوا على الراجل انه وحش ومريض عشان بطل يخرجك؟! لا، ده أنتِ كده ساعتها هتبقي وحشة،وأختك هتبقى أوحش لأنها مش بتعقلك. وأنا أهو بأعلمك وبأعلم أختك الصح من الغلط. بصي يا بنتي، لازم تعرفي إن أنا مش هقبل عليكي الحاجة الوحشة ولو كنت شايف إن سليم غلطان والله كنت كلمته، بس الراجل مش غلطان و عداه العيب.
ماسة: ماشي يا بابا، أنا خلاص والله عرفت إن أنا غلطانة، بس ماتزعلوش سلوى.ما تاخدوهاش بذنبي هي بس زعلانة عليا.
مجاهد بحكمة: إحنا لازم نعلمها الصح يا ماسة، ماتقلقيش على أختك، يلا كلمي جوزك واطمني عليه.
بعد مغادرة والدها الجناح، جلست ماسة في غرفتها وحيدة، تنظر إلى الفراغ وكأنها تبحث عن إجابات. كانت ساق واحدة ممدودة والأخرى مثنية قرب بطنها، تغرق في بحر أفكارها. استرجعت تفاصيل حديث والدها معها، وكلماته التي تركت أثرًا عميقًا في قلبها.
بدأت الأفكار تتداخل في رأسها؛ تذكرت والدتها، سلوى، وهبة، وكل المواقف التي مرت بها مؤخرًا. عقلها مشوش، وقلبها مثقل بالهموم. ما زالت كلمات والدها عالقة في ذهنها، تفتح أبوابًا من التأمل والحيرة.
ثم استرجعت مواقف سليم معها. تذكرت حزنه وألمه عندما كانت هي تتجاهل محاولاته للاقتراب. كان يريد منها أن تبادر بالمصالحة، وهي الآن تدرك تمامًا أنه كان محقًا. لو لم تكن كلمات والدتها قد أشعلت الموقف، لربما انتهت الأمور بسلام، لكنها تعرف أنها أخطأت في حقه.
تنهدت، ودموعها تنساب بهدوء، مسترجعة كل شيء: فقدانهما لطفلتهما قبل أن ترى النور، إصابة سليم التي كادت أن تأخذه منها، وكل الحب الصادق الذي كان يفيض به تجاهها منذ بداية زواجهما كان دائمًا يعاملها كأميرة على عرش قلبه المتيم بها رغم كل شيء مرا به.
نهضت فجأة وكأنها قررت أن تتحرك بدلاً من الاستسلام للأفكار. نزلت إلى المطبخ، وبدأت بتحضير وجبة بيديها، تريد أن تعبر له عن حبها واعتذارها بطريقة خاصة. بعد أن انتهت من الطبخ، عادت إلى غرفتهما، وأخذت حمامًا ساخنًا يزيل عنها التعب.
ارتدت قميص نوم رقيقًا، وزينت وجهها بمستحضرات تجميل خفيفة. رتبت الطعام على طاولة صغيرة، وأشعلت الشموع لتملأ الغرفة بجو رومانسي. جلست تنتظره بابتسامة هادئة على شفتيها، وقلبها ينبض بالتوقع، عازمة على أن تجعل تلك الليلة بداية جديدة لهما.
على الجانب الآخر، بعد وقت، وصل سليم إلى القصر.
كان في استقباله عند المدخل الخادمة سحر التي ابتسمت فور رؤيته.
سحر: حمدلله على السلامة يا سليم بيه.
سليم: الله يسلمك. ماسة هانم فين؟
سحر: في أوضتها.
سليم باهتمام: هي أكلت النهارده؟
سحر: أيوه، أكلت. باباها جه واتغدوا سوا وقعد معاها شوية.
ابتسم سليم باطمئنان: طيب، تمام. هاتيلي القهوة على المكتب، عندي شغل.
سحر: مش هتتعشا يا سليم بيه؟
سليم: تؤ، هتعشا معاهم. كلها ساعتين، ممكن تعمليلي تفاحة كده عشان آخد الدوا.
سحر: عيوني يا بيه.
دخل سليم مكتبه وجلس على المقعد. فتح اللاب توب وبدأ في العمل، بينما كانت ماسة في الطابق العلوي تجهز كل شيء لاستقباله. أعدت طعامًا بعناية، أشعلت الشموع، وشغلت موسيقى هادئة تضفي أجواءً رومانسية.
بعد وقت، عادت سحر بالقهوة والتفاحة إلى سليم، ووضعتهم أمامه.
سحر: اتفضل يا بيه.
سليم بتهذيب وهو يتحسس قدمه اليمنى بألم: من فضلك يا سحر، اطلعي فوق هاتيلي الدواء المسكن بتاعي.
سحر: حاضر يا بيه.
صعدت سحر إلى الجناح العلوي وطرقت الباب. فتحت ماسة الباب وبدا عليها الحيرة.
ماسة: نعم يا سحر؟
سحر: سليم بيه عايز الدوا بتاع رجله.
ماسة عقدت حاجبيها: هو سليم؟ رجع؟
سحر بتأكيد: أيوه، رجع من نص ساعة.
زمت ماسة شفتيها بضيق وأومأت برأسها.
ماسة: طيب، لحظة.
دخلت إلى الغرفة وأحضرت الدواء بعد قليل. مدت يدها لسحر.
ماسة: اتفضلي. لو سمحتي، ماتقوليلوش إن أنا عرفت إنه رجع. اديله الدوا من غير كلام. لو سألك، قولي له كنت في الحمام.
سحر: حاضر يا هانم.
أغلقت ماسة الباب وتنهدت بضيق، وهي تهمس لنفسها.
ماسة: ماشي يا سليم، حاضر.
توجهت إلى خزانة الملابس وبدأت في تبديل ملابسها استعدادًا للنزول إليه. كانت تحدث نفسها بهدوء، محاولة ترتيب أفكارها وطريقتها في لقائه بعد هذا الغياب الطويل.
في غرفة منى وطه،
دخلت منى وبدت عليها ملامح الغضب الشديد، بينما كان يتوقف طه عند التسريحة يخلع ساعته
أغلقت الباب بقوة واستدارت نحوه قائلة بصوت مرتفع:
منى بضجر: عايزة أعرف هيفضل الوضع ده لحد إمتى؟
نظر طه لها ببرود، ثم قال: أنهي وضع يا منى؟
منى بغضب: الوضع اللي إنت بتعمله!! النهاردة أنا طلبت منك فلوس، قلت لي مافيش، رغم إنك عارف إني محتاجها غير انك بقيت بتعاملني زي كرسي أو فازة من الفازات القديمة في القصر. إحنا بقالنا أكتر من ثلاث شهور بعيد عن بعض، وكل واحد فينا بينام في أوضته. مش مجبرة أستحمل الوضع ده أكتر من كده!
طه بهدوء: قلت لك قبل كده يا منى، علاقتنا انتهت.
منى بحزم: خلاص، طلقني.
طه مبتسمًا بسخرية: لا، ماليش مزاج. ولو مصرة أطلقك، رجعي كل حاجة أخدتيها، وساعتها هفكر في الطلاق.
منى بشدة: ماتتحدانيش يا طه! فاهم؟
أكملت بسخرية: بدل ما إنت شاطر اوي كده، وبتعرف تقلد سليم، شوف إخواتك. عمالين يعملوا مشاريع ويكبروا، وإنت لسه زي ما إنت! شوف سليم مشروع التنقيب اللي دخله، بيكسب ملايين ولسه مش مكمل فيه شهر أو شهرين!
طه بابتسامة ساخرة: يدخل زي مايدخل وبعدين أنا كمان خليت الباشا يفتح لي مجال للشحن الجوي، وكمان شركة طيران. أنا صاحب النصيب الأكبر فيها لأنها فكرتي ونجحت وأثبتت للكل ان طه مش غبي زي ما انتم فاكرينه. وبعدين، إنتِ مالك؟ ليه ببرر لك أصلاً؟
منى محاولة استعطافه: كل اللي إنت بتعمله ده عشان خاطر اتفقت مع صافي والهانم على قتل ماسة.
طه بخزي: لاني طلعتِ مخدوع فيكي يا منى، لانك ماتستاهليش كل الحب اللي قدمته ليك. طمعك عماكي.
منى بغضب تحاول قلب الترابيزه: أوعى تكون بتحب ماسة عشان كده زعلان عليها اوي كده! بعد كل الحب اللي حبتهولك
طه ضحك: الكلام ده كان زمان، ممكن تضحكى عليا باسم الغيرة، لما كنت بخاف عليكي وعلى زعلك لأني كنت بحبك، بس دلوقتي بقى طه القديم مات. مش عشان ماسة، بس لأنك طلعتِ زيهم بالظبط. قلبك أسود لدرجة إنك ممكن تقتلي علشان توصلي لأهدافك.
منى بتمثيل وصعبنيات: أنا عملت كل ده عشانك! عشان اخليك الملك عشان مصيرنا ميبقاش زي ماسة وسليم تخيل عملوا كدة ف سليم وهو أقوى واحد فيكم احنا هيعملوا فينا ايه؟ أنا عملت كدة عشان احافظ على حياتنا
تبسم طه فهو أصبح يفهمها جيدا: تؤ عملتي عشان نفسك، مش عشاني.
منى: طب أنا عايزة أطلق يا طه، مش هتحمل الوضع ده أكتر من كده! إنت خلاص مبقتش بتحبني ولا عايزني سيبنا نطلق.
جلس طه على الأريكة، أسند ظهره، ونظر لها بثبات:
طه: قلت لك، ما عنديش مشكلة أطلقك، بس بمزاجي. لما أشوف الوقت المناسب. وقبل ما تطلقي، هتتنازلي عن كل حاجة، وأولهم الولاد. وقتها هتبقي زيك زي أي واحدة.
منى بشدة: بدل ماتعمل فيها راجل معايا، روح اعمل راجل مع إخواتك! او مع رشدي اللي بيهددك بعيالك!
في تلك اللحظة، نهض طه بغضب، وبدون تردد، صفعها بقوة، نظرت له منى بصدمة كبيرة كادت عينيها تخرج من مكانها

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية الماسة المكسورة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *