روايات

رواية ارناط الفصل السادس 6 بقلم حور طه

رواية ارناط الفصل السادس 6 بقلم حور طه

رواية ارناط البارت السادس

رواية ارناط الجزء السادس

ارناط
ارناط

رواية ارناط الحلقة السادسة

ليلى وقعت على الأرض، ضهرها خبط في الحيطة وهي بتحاول تمسك أعصابها، بس الألــ ـم كان بيجري في جسمها زي كهربا بتلسع الجلد من جوه. كل نفس بيقطع صدرها، وكل نبضة في قلبها كانت زي طعنة سكــ ـين:
ــإيه ده؟… إنت حقنتني بإيه؟!
أرمان بابتسامة باردة:
ــ مركب بروتيني بيشتغل على الأعصاب الحسية… هيخلي كل لمسة تبقى نـ ـار، وكل صوت يبقى صدى في مخك.
ليلي بـ ـالم:
ــ ليه؟! ليه بتعمل كده؟!
أرمان:
ــ علشان تحسي… زي ما أنا حسيت. جسمك هيبقى معمل
العـ ـذاب… كل لحظة.
صمت لحظي، ثم يهمس لها:
ــ ودي كانت أول جرعة… الجاية هتفوقي بعدها بعيون مفتوحة… ولسه مش هتقدري تصـ ـرخي.
يخرج ويسيبها تتنفس بصعوبة، عضلاتها ترتجف، ودموعها بتنزل بهدوء… لكن عينيها بدأت تشوف الحقيقة بوضوح
مـ ـؤلم.
أصابعها بدأت ترتعش، حتى الهوا اللي بيلمس جلدها بقى كأنه جـ ـمر، بتحاول تبعد شعرها اللي لامس وشها لكنها
بتصـ ـرخ كل ما تلمس نفسها:
ــ ياااااه… ده مش ألـ ـم… ده جحيم!
تتلفت حواليها، بتدور على حاجة تساعدها، مية، مخدة، أي حاجة تخفف النـ ـار اللي ساكنة في جسمها، بس المكان فاضي، وبارد، وجدرانه كأنها بتضحك عليها بسخرية…!
الأنين بيخرج منها غصب عنها، وهي بتحاول تكتمه بأسنانها. دموعها نازلة من غير صوت، بس عينيها كانت بتحكي،
وبتصـ ـرخ… بتحكي عن اللي جواها، وعن اللي كانت بتحاول تنكره سنين.!
همست لنفسها وهي بتشد على نفسها:
ــ يمكن أستاهل… يمكن هو عنده حق… بس مش كده… مش كده يا أرمان…
في ركن الغرفة، بدأت تسمع صوته من جديد، مش في الواقع… لا، في دماغها. صدى صوته وهو بيقول:
ــ كل لمسة هتبقى نـ ـار، وكل صوت هيقعد يرن في مخك.!
وحست إنها مش لوحدها. الخوف بقى ليه شكل، ليه كيان… بيقرب منها… بيلمسها… بيسخن الدنيا حواليها.!
وفجأة، لمحت في طرف الباب المفتوح جزء من ظله… واقف… بيراقب.
صوت خطواته بيختفي، لكنه ساب أثر… ساب لعنة.
وليلى؟ بدأت تحس… لكن الإحساس مكانش إنساني، كان أكبر من طاقة بشر.
ليلى، غرقانة في عرقها، جسمها بيرتعش تحت اثر الألـ ـم، لكن عقلها هرب… وسابها تغوص في ظلال الذكرى.
كل حاجة حواليها اتبدلت، البرد اختفى، والصوت اللي بيزن في دماغها سكت. لقت نفسها واقفة في الحديقة القديمة… وقت الغروب، والنور البرتقالي كان بيرقص على وش أرنـاط.
ارناط،كان واقف قدامها، عيونه بتلمع
وصوته طالع بهدوء حذر:
ــ ليلى… أنا مش بعرف ألف وأدور… بس من يوم ما شفتك، في حاجة جوايا اتغيرت.!
ليلي، كانت بتضحك، بتقوله بحذر طفولي:
ــ بتقول كده لكل البنات؟
ارناط ،ضحك، ود ــم الخجل طلع في وشه:
ــ لو قلتلك إنك أول واحدة تخليني أقف قدامها مش عارف أقول إيه…هتصدقيني.؟
ارناط،قرب منها، كانت ريحته لسه عالقة في ذاكرتها… ريحة عطر وورد. مد إيده ولمس طرف صباعها بخفة، وقال:
ــ بحبك،يا ليلى… مش بس علشانك، بحبك علشان أنا معاك بقيت شخص تاني… أحسن.!
ليلي ما ردتش ساعتها، كانت بتبص له بعيون مبهورة، وقلبها بيخبط كأنه هيطير من مكانه.!
الذكرى اتكسـ ـرت فجأة، ورجعت لواقعها، عرقها لزق في جبهتها، والوجع لسه بياكل فيها، لكن دمعة نزلت على خدها وقالت:
ــ مش ناسية.
رغم كل شيء، لسه شايلة صوته جواها… وصورته، لما كان بيحبها بصدق… قبل ما ينهار عالمها بخيانته وغدره …وان هو مصدر المها الحقيقي:
ــ أرمان جـ ـرح جسمي، بس إنت يا أرنـاط… إنت اللي
جــ ـرحت روحي…أرمان علمني الألم… بس إنت اللي زرعته فيه.!
***
استطــاع أن يجــرح جســدي، لكنــك أنـت جـرحت.! روحـي،هـو علمني الألم، أما أنت فزرعته باعماقي.!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
داخلي – فندق – جناح عبد الحميد العراف – صباحا
عبد الحميد واقف قدام الشباك، بيبص على الحديقه، وفنجان القهوة في إيده. الموبايل بيرن، بيبص عليه… رقم المستشفى.
عبد الحميد بيرد:
ــ أيوه؟ صباح الخير.
موظف المستشفى متوتر:
ــ أستاذ عبد الحميد… إحنا آسفين، بس شهد مش موجودة في أوضتها. اختفت!
عبد الحميد مصدوم:
ــ يعني إيه اختفت؟! دي كفيفة! إزاي تخرج من غير ما حد يشوفها؟!
الموظف:
ــ دورنا في كل مكان، بس مالهاش أثر. والكاميرات عند جناحها كانت عطلانة..
إيد عبد الحميد بترتعش، الفنجان بيقع وبيتكسر على الأرض.
عبد الحميد غاضب:
ــ أنا جاي حالا… ولو حصل لها حاجة، كلكم هتتحاسبوا!
بيقفل المكالمة بسرعة، ياخد جاكيت بدلته. سحر بتصحى على صوته العالي.
سحر بنعاس:
ــ في إيه؟ مالك بتزعق كده؟
عبد الحميد:
ــ شهد اختفت من المستشفى!
سحر اتكأت على المخدة، نظرت له لحظة، وبعدين قالت بنبرة باردة:
ــ يمكن زهقت…وخرجت تتمشى شويه عادي…
هي مش طفلة.!
عبد الحميد اتصدم من ردها، قلبه بيخبط في صدره، ودمه بيغلي:
ــ إنتي سمعتي اللي بتقولي ده؟
شهد فقدت بصرها، كانت بتتعالج، تقوم تمشي من غير ما حد يحس ييها؟!
بيبصلها بذهول، كأن بيشوف حاجة أول مرة ياخد باله منها. بعدها بياخد المفاتيح ويخرج بسرعة، ووشه في مراية الباب باين عليه القلق والخوف.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
داخلي – غرفة مظلمة – مكان احتجاز ليلى
ليلى قاعدة على الأرض، ضهرها للحائط، نفسها متقطع، عرق بيبلل جبينها، وكل لمسة في جسمها وجع…
صوت المفاتيح بيلعب في الباب…
رعشة خوف تمر في جسمها.
الباب يتفتح…
نور خفيف يدخل…
وليلى ترفع عينيها بتعب.
ليلى بصوت مرتعش:
ــ أرمان… لا…ارجوك ما تدينيش حقن تاني..؟
لكن بدل ما يدخل أرمان…
تدخل عالية.
ليلى تشهق بصـ ـدمة:
ــ عا… عالية؟!
عالية تجري عليها، توطي عندها، عينيها بتلمع بالخوف والحنان:
ــ ليلى! أنا جيت… أنا هنا… هطلعك من هنا..
ليلى تبص ليها، عينيها بتدمع، مش مصدقة:
ــ كنت فاكراك مش هتيجي…
كنت فاكره انك مش هتدوري عليا…
كنت فاكره ان نهايتي هتبقى في المكان ده…
عالية تمسك إيدها بلطف:
ــ أنا أتأخرت، بس عمري ما كنت هسيبك…
اللي عمله فيكي مش هيعدي…
بس لازم نخرج الأول…
ليلى ترتجف تحت إيدها، وتهمس بتوجع:
ــ عاليه ما تلمسيني كتير… جسمي كله نـ ـار…
ارمان حقني بحاجة…بتخلي جسمي كله نـ ـار…
عالية تبطأ خطواتها، ملامحها متحولة بين الغضب والحنان:
ــ واطي… حقير! والله ما هسيبه يا ليلى…
بس نخرج من هنا الاول…
وانا هندمه على كل اللي عمله فيكي…
تساعدها تقف، وليلى تحاول تبتسم رغم الوجع:
ــ عمري ما كنت محتاجة لحد زي دلوقتي.
ويمشوا مع بعض… خطوة هروب، وخطوة بداية جديدة…وهم خارجين من الباب الخلفي، صوت خطوات تقيلة وراهم.
صوت رجولي:
ــ استنوا…!هربانين؟! وقفوا مكانكم!
عالية تمسك إيد ليلى،بهمس حاد:
ــ اجري…يا ليلي!
يبدأ الجري… وصوت صـ ـرخته يجلجل في المكان:
ــ البنات بيهربوااا!؟؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المستشفى – في غرفة راهب صمت تقيل بيخنق الجو..
الدكتور يدخل، في إيده مقـ ـص صغير…
يقرب من السرير بهدوء…
راهب قاعد، عيونه بس اللي باينة من بين الشاش… متوتر، إيده بتتهز من تحت الغطا…
سحر واقفة بعيد، متسمرة مكانها…
مش قادرة تاخد نفس…
الدكتور بصوت مطمئن:
ــ مستعد يا راهب؟
راهب يومي برأسه، بصمت خالص.
يبدأ الدكتور يفك الشاش… طبقة ورا طبقة… الصمت بيتحول لصفير خفيف في ودان سحر، وقلبها بيدق بقوة.
الشاش الأخير يتفك… ووش راهب يظهر.
الدكتور يتراجع خطوة، وسحر تحط إيدها على بقها، شهقة تخرج منها بدون صوت…
عنيها بتتسع، واللون يسحب من وشها.
سحر بهمس مذهول:
ــ ازاي… مستحيل؟
راهب ما بيتكلمش…
بيبص للمراية اللي جنب السرير.
يقرب منها بهدوء قـ ـاتل، عينه بتتحرك ببطء على ملامحه الجديدة…
يده تترفع، تلمس خده…
أول لمسة تخليه يرجع إيده بسرعة، كأنه اتحـ ـرق.
عينه تلمع، مش بدموع… بحاجة أعمق.
نظرة فاضية، كأن حد نزع منه حاجة كبيرة.
ياخد نفس عميق…
وبعدين يبتسم ابتسامة صغيرة، مش طبيعية… باهتة… مخيفة شوية،وبصوت واطي جدا:
ــ يمكن ما أقدرش أرجعلك نور عينيك…
ولا أغير اللي حصل…بس…كنت لازم أسيب جزء منه يعيش في الدنيا علشانك…؟؟!
ـــــــــــــــــــــــــــــ

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية ارناط)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *