رواية صرخات أنثى الفصل الرابع والثمانون 84 بقلم آية محمد رفعت
رواية صرخات أنثى الفصل الرابع والثمانون 84 بقلم آية محمد رفعت
رواية صرخات أنثى البارت الرابع والثمانون
رواية صرخات أنثى الجزء الرابع والثمانون

رواية صرخات أنثى الحلقة الرابعة والثمانون
شعر بملمس يدها على ذراعه، وإلحاحها بنداء صوتها الخافت على استيقاظه، فتح رماديته بتعبٍ؛ فوجدها تناديه باصرار:
_عُمران، قوم.
استقام بجلسته وهو يفرك عينيه بنومٍ، مرددًا بنعاسٍ يغلبه :
_خير يا بيبي، بتصحيني ليه؟
وأضاف وهو يغلق عينيه بارهاق:
_الفجر أذن؟!
نفت ذلك ورددت بانزعاجٍ:
_فوق لاني عايزاك في حاجة مهمة.
فتح نصف عين وهو يسحب هاتفه عن الكومود يتأمل التوقيت، ومن ثم وضعه قبالتها هادرًا:
_الحاجة المهمة دي ليها معاد حكومي ٣ الفجر؟
هزت رأسها بتأكيد، جعله يصك أسنانه غيظًا منها، وقال ببسمة مخادعه:
_أولًا خلينا متفقين إن مفيش ست مواضيعها مهمة، لإنها بالنهاية هتطلع تفاهات، بس انا عشان خاطرك جاهز ومستعد أسمع مواضيعك التافهة للصبح، إتفضلي.
عبثت بغطاء الفراش بارتباكٍ ، ثم لاح لها ابتسامة واسعة فور ان وجدت المخرج لحرجها هذت:
_مش أنا اللي عايزاك، ده ابنك حبيبك.
زوى حاجبيه متهكمًا:
_ابني! أممم فهمت.
سحب “عُمران” الغطاء من فوقه قائلًا بسخطٍ:
_قوليله بابي عنده meeting مهم دلوقتي، يقدر يعدي عليا وقت تاني.
سحبت الغطاء من فوقه بعنف، ورددت:
_عُمران قـــــوم بقولك عايزينك!
وأضافت بتوسلٍ صدمه:
_عايزين سوشي وبسرعة لو سمحت!
أشار لها بجدية مضحكة:
_بتندميني إنتِ وابنك إني رجعت البيت مرة بدري يعني! دي ضريبة الدلع اللي دلعتهولك ولا أيه مش فاهم؟
وأضاف بعدما استعاب صدمته:
_وبعدين عايزة تضربي الأكل ده دلوقتي وعادي كده عندك!! استني استني!!
واستند بجذعه قبالتها، يتفحصها بنظرة جعلتها ترفع الغطاء تخفي ذاتها رغم أنها ترتدي بيجامتها، وبتوتر قالت:
_بتبصلي كده ليه؟!
استقام بمستوى جلستها، وقال بدهشةٍ:
_هو إنتِ زدتي الوزن ده كله أمته!! الظاهر إني فعلًا كنت مقصر تقصير خطير معاكِ!!
وسألها بجدية تامة:
_مايا هو إنتِ بطلتي تلعبي رياضة!!! أنا بنفسي حاجزلك مع مدربة تمارين الحوامل، حضرتي كام حصة معاها؟
ابتلعت ريقها بتوترٍ، واسرعت تتمدد بالفراش وهي تهدر بانفعالٍ زائف:
_كل ده عشان طلبت منك سوشي، خلاص مش عايزة منك حاجة، نام يا عُمران وخليك عارف إن قلبي وابني غضبانين عليك.
ضحك ساخرًا:
_قصدك كرشك اللي غضبان عليا.
احتقنت عينيها فصارحها بوقاحه:
_مايا إنتِ بقيتي شبه البطريق!
جلست قبالته تشير على ذاتها بصدمة:
_أنا بطريقة يا عمران!!
هز رأسه وقال بصرامةٍ حازمة:
_ أيوه وكل ده من إهمالي فيكِ عشان كده من ستة الصبح تجهزيلي نفسك، أنا هبعت أجيب المدربة تدربك هنا قدامي لحد ما أخد كورس أتعلم منه التمارين المسموح بيها للحوامل.
ضمت شفتيها معًا بحزنٍ، وقالت بغضب:
_طبيعي إن اي واحدة حامل تزيد في الوزن، انا دلوقتي في الشهر السادس وطبيعي ان جسمي يزيد، وبعدين أنا تعبانه ومرهقة ومش قادرة ألعب رياضة،بعد الولادة هرجع أظبط وزني وجسمي تاني.
أخبرها بعقلانية أذابت غضبها:
_التمارين دي هي اللي هتساعدك على الولادة بشكل طبيعي، وبتخفف عنك أي وجع بتحسيه بالفترة الاخيرة.
أدلت شفتيها بضيقٍ، لحق نبرتها المضحكة:
_يعني مش هتجبلي سوشي؟
ضحك وهو يتابع تذمرها، فأحاطها بذراعيه ويده تعبث بوجنتها بدلال:
_حبيب قلبه عايز يأكل سمك ني الساعة ٣ الفجر، يرضي مين ده يا ناس!!!
أبعدت يده عن وجهها وتمددت قائلة بانزعاجٍ:
_نام يا عُمران، تصبح على خير.
تمدد جوارها يقابل عينيها، وقال بحنان:
_بذمتك قلبي هيهون عليه حبيبه ينام وهو زعلان كده!
توسعت عينيها متسائلة بلهفة:
_هتجبلي بجد!
هز رأسه بخفةٍ وقال:
_هأخد شاور وهشوف لو في محلات فاتحة نطلب منها.
ردت عليه بفتور:
_لسه هستنى اما تعمل الاوردر، ما تنزل إنت يا عُمران، ابنك جعان!
ضيق ردمايتاه بغضب، وهتف:
_لو فاكرة إني مطيع معاكِ كده عشان جنابه تبقي متعرفنيش كويس، أنا مبخدش أوامر من حد عشان أخدها من عيل لسه عداد عمره ما ابتداش!
وأستطرد بغيظٍ ووعيد:
_ ده أنا هفخت عين أمه بس لما يجي، بصي يا بيبي إنتِ تسيبهولي وأنا أوعدك إني هربيهولك تربية أورجينال!
ارتعبت من طريقته بالحديث، وضمت بطنها المنتفخ، كأنها تحميه من قسوة ابيه الظاهرة، بينما انحنى عُمران يلتقط قميصه، ارتداه وهو يتمتم بصوتٍ كان مسموعًا لها:
_على أخر الزمن عُمران الغرباوي هيأخد أوامر من عقلة الأصبع ده،يجي هو بس وهسوي أموري معاه بدري بدري!
*****
جلس على الرمال يتأمل سطوع الشمس، وتعامدها على سطح المياه في صورة إبداعية تقشعر لها الأبداع، وبينما هو هائم تلتف من حوله بقعة سوداء إنحصر داخلها، تجعل ما يحيطه مُثقل بالهموم.
حل زر قميصه الأبيض الذي شمله باهمالٍ، وترك الهواء يسفخ صدره بقسوةٍ، بينما عينيه تتابع الموج الغفير وكأنه يتحداه بأنه يفوقه بعمق أوجاعه، منذ قليل كان يشعر وكأنه ملكًا متوج بين ذراعيها، والآن تنخر البرودة عظامه، ويفوق الألم حد احتماله.
سحب آدهم هاتفه من جيب بنطاله القماشي، يعيد فتحه من جديد، فاسترعى انتباهه عدد من الرسائل المرسلة من قائده الأعلى “مراد زيدان” ، ينهره بشدة على تجاهله لتعليماته ويهدده بشكلٍ صريح إن كان يخفي عنه شيئًا، بل ويتوعد له بعقاب قاس فور عودته من ميلانو.
تجاهل كل شيء، ومرر إصبعه على رقم آيوب، أطال برنينه لثلاث مرات متتاليات، يترقب سماع صوته بلهفةٍ، حتى أجابه بحدةٍ بالرنة الرابعة:
_خير يا باشا، لسه في حاجة تانية نسيت تقولها؟!
سماع صوته أراح جزء من وجعه الغائر، فتنهد وهو يخبره بمزحٍ حزين:
_نسيت أقولك إني كنت سعيد لما عرفت أنك أخويا، يمكن لإني بحبك وبعزك أكتر من أي صديق قابلته، ومكنتش لاقي أي سبب ولا مبرر لده لحد ما عرفت.
أطلق الهواء الذي يثقل أنفاسه، وقال:
_أنا متلخبط ومش قادر أستوعب حاجة، هو آآ.. إنت ممكن تقطع سفرك وتنزل ؟
وأضاف بترددٍ:
_عايزك معايا يا آدهم!
أغلق عينيه بحزن، وأجابه:
_مش هينفع قبل ما أنجز اللي جيت هنا عشانه، ولو حصل أوعدك إني هنزل على اقرب طيارة نازلة مصر، وهكون جنبك ومعاك كتف بكتف يا آيوب.
خيم الصمت عليه للحظاتٍ، ثم قال:
_ماشي يا آدهم، هستناك بس متتأخرش.
ابتسم من بين دموع عينيه الهابطة على وجنته، وقال:
_إدعي ربنا يجمعنا مرة تانية يا آيوب.
ارتابه قلقًا ملموسًا، وهدر بتوتر:
_ليه بتقول كده؟! أنا فاكر أنك قولتلي انك طالع مهمة تبع شغلك، آدهم إنت كلامك مش مطمني، سيب كل حاجة وإتحجج بجوازك وإنزل.
وبخوفٍ سأله:
_ينفع تعمل ده؟
ازدادت بسمته فرحة بلمس خوفه الواضح، وقال بثباتٍ:
_لا مينفعش.
وأضاف بحبٍ:
_متقلقش عليا، أخوك راجل وقدها!
صمت قليلًا يستوعب علاقته الجديدة على مسمعه، لا يصدق أن اقرب أصدقائه هو نفسه اخيه الذي ظهر فجأة، تنحنح آيوب هاتفًا:
_خد بالك من نفسك، لا إله إلا الله.
رد عليه وابتسامته مازالت ترتسم على ملامحه الجذابة:
_محمدًا رسول الله.
قالها وأغلق الهاتف على الفور، لضمان السرية التامة وحرصًا على كل خطوة يمضيها، ثم ولج لجناحه يتمدد جوار شمسه التي سطعت بعالمه المقهر، جذبها إليه، وغفى وهي بين أحضانه!
******
راقبها وهي تلتهم أخر قطعة من الطعام بابتسامةٍ صغيرة، ختمها بقوله الماكر:
_أكلنا وإنبسطنا الحمد لله، نقوم زي الشاطرين كده نأخد شاور ونجهز قبل المدربة ما توصل.
تركت العُلبة جوارها على الكومود، وتمددت على الفراش بتعبٍ:
_لا أنا بعد الواجبة دي محتاجة أريح شوية، الساعة لسة ٦ هريح ساعتين ونقوم نشوف المدربة بتاعتك دي حاضر.
وأحاطت جسدها بالغطاء، هاتفة بنعاسٍ:
_تصبح على خير يا ميرو.
حرك رأسه يسارًا ويمينًا يستعيد نشاطه البدني، وبحركة واحدة أزاح عنها الغطاء، وحملها بين ذراعيه فتعلقت برقبته بهلعٍ، وسؤالها الوحيد يتردد ببراءة أضحكته:
_بتعمل أيه؟!
رد عليها بنفس برائتها المضحكة:
_بصرف عنك الكسل يا بيبي، وبما إنك مرهقة وتعبانه هساعدك من أول الشاور لحد ما تكوني جاهزة لاستقبال المدربة على أتم الاستعداد.
جحظت عينيها بصدمة، وبذعرٍ صرخت:
_تساعد مين يا عُمران؟
غمز بخبث أخجلها:
_ حبيب قلبه!
صرخت بجنون وعصبية:
_إنت وقح، نزلني أحسن ما أصرخ وأفضحك.
عبث بحزن مصطنع، وقال:
_وأيه الفضيحة في إني أساعدك وإنتِ تعبانه؟ ده حتى الجيران لبعضها وأنا جارك وابن خالتك وجوزك وحبيبك وأبو ابنك، كل دول مش كفايا يا بيبي؟!
لكزته بعنفٍ وصاحت بانفعالٍ:
_لا إنت متحرش ووقح ، نزلني حالًا بقولك.
أغلق عينيه بانزعاج، وهمس لها:
_صوتك يا بيبي، أزعجتيني أنا وابني.
وخطى تجاه حمام الغرفة، فأسرعت تناديه برقةٍ زائفة وهي تغتصب ابتسامة مغتاظة:
_طيب يا حبيبي ممكن تنزلني وأنا أوعدك إني خلال خمس دقايق أكون لابسة ونازلة معاك للمدربة؟
حقق إنتصارًا سريعًا، فعاونها على الوقوف، وقال وهو يتابع ساعة يده:
_وقتك بينفذ.
أسرعت من أمامه على الفور، بينما اتجه هو ينظف الغرفة من الأطباق وبقايا الطعام، وإذا به ينتبه لهاتفها، يعيد رنينه الرابع.
حمله عُمران وإتجه يطرق باب الحمام، قائلًا:
_مايا موبيلك بيرن.
وأضاف وهو يضعه على الخزانة المجاورة للباب:
_باباكِ اللي بيرن، هسيب الموبيل هنا.
خرجت بعد دقائق تنشف خصلاتها والضيق يملأ مُقلتيها، جذبت الهاتف وغبث به لثوانٍ ثم تركته واتجهت للمقعد تمشط خصلاتها بصمت.
انحنى عُمران يجذب حذائها الرياضي، وبحركةٍ لطيفة منه عاونها على ارتدائه، وحينما استقام بقامته الممشوقة، انتبه لهاتفها يضيء بالرنين مجددًا، وقد تيقن أنها فعلت الوضع الصامت.
طالعته مايا بارتباكٍ، وقالت لتشتته عما يراه:
_أنا جاهزة.
استدار لها يتعمق بحدقتيها، وبهدوءٍ قال:
_مش عايزة تردي على عثمان باشا ليه؟ في حاجة حصلت!
سحبت نفسًا طويلًا، وقالت بقهرٍ:
_وأرد عليه ليه؟
رمش بذهول، وردد:
_يعني أيه ليه!! أكيد عايز يطمن عليكِ!
ربعت يديها أمام صدرها وهتفت بنفس الهدوء المخادع:
_ويطمن عليا ليه بردو! أو بالمعنى الاوضح أيه اللي فكره بيا اليومين دول؟!
شعر وكأن الكثير يفوته هنا، لطالما كان يشهد عدم وجود والدها منذ توقيت سفرها إلى لندن لمتابعة دراستها، ولكنه ظن أن هناك بعض الاتصالات الشخصية متبادلة بينهما.
إنسلخ عن صمته متسائلًا باهتمامٍ:
_فيكِ أيه يا حبيبتي؟ إحكيلي حصل أيه مضايقك منه بالشكل ده!
جلست على الفراش من خلفها تدعي إنشغالها بترتيب حجابها بمرآة السراحه القابعة على بعد منها:
_مفيش حاجة جديدة يا عُمران، الطبيعي والمعتاد لعثمان باشا من بعد وفاة ماما الله يرحمها، تقريبًا كل شهر جوازة شكل، وأغلبهم بنات من عمري تقريبًا، عايش حياته بالطول والعرض، وأخر اهتماماته أنه عنده بنت.
واستدارت تجاهه بابتسامة لم تصل لعينيها التعيسة:
_كل ضميره يصحى ويفكره بيا يتصل بيا مكالمة كل شهرين تلاته، الغريبة اني اتعودت منه على كده وإتأقلمت على الوضع ده من لما سفرت لندن لخالتو، صدقني طول فترة وجودي معاها ومعاكم محتاجتش ليه أبدًا، ودلوقتي انا استغنيت عن مكالمته اللي بيعملها بعد فقدان الذاكرة المؤقت ليا.
وأضافت بابتسامة منكسرة:
_الحاجة الوحيدة اللي مش بينساها هي المبالغ اللي بيحولها في حسابي كل أول شهر ، مع إني دلوقتي مش محتاجة لمصروفه الكريم وأنا زوجة البشمهندس عُمران سالم الغرباوي ولا أيه؟!
مزقت كلماتها صدره القوي، واستهدفت قلبه، تحرك لها بآلية تامة، يجلس بجوارها، ويتمعن بمُقلتيها بصمتٍ، جعلها تغرق برماديتاه، قرأت فيهما حزنه الصريح، وحيرته فيما سيقوله ليخفف عنها وجعها، فابتسمت وهي تخبره بعشقٍ:
_صدقني مش زعلانه، وجودك جنبي عوضني عن كل علاقة مكتملتش في حياتي يا عُمران.
واستكملت وهى تضم كفها بين كفيه، ورددت على استحياء:
_لما سفرت لندن عشان أكمل دراستي، كنت براقبك من بعيد وبعد الايام يوم بعد يوم وانا مستنياك تطلبني من فريدة هانم، وبالرغم من كل اللي مرينا بيه الا إني ثقتي وإيماني بحبي ليك خلاني أحارب عشانك.
وهمست له وهي تضع كفها الرقيق فوق صدره مستهدفة موضع قلبه بالتحديد، وقالت ومازالت عينيها تعاتق عينيه:
_كنت واثقة إن ليا مكان هنا يخصني، حتى لو كنت أنت بتكابر ومش معترف بيه.
ابتلع طعم العلقم بمرارة، وقال:
_أنا كنت السبب في عذابك ووجعك يا مايا، خليتك تعيشي أيام صعبة، أنا مستهلش حبك ده.
هزت رأسها باعتراض وقالت:
_تستاهل حبي وحربي الكبيرة اللي خوضتها عشانك، أنا مقدرش أعيش من غيرك يا عُمران.
تدفقت دموعها وهي تترجاه بخوف اعتراها فجأة:
_أوعدني إنك مش هتبعد عني، أوعدني إن مهما حصل بينا متتخلاش عني يا عُمران.
ثنى ركبتيه، وانحنى عليهما يقبل يديها بحبٍ، ومن ثم طبع قبلة على جبينها، وهو يتفنن باختيار حديث يطمئن قلبها إليه:
_أنا دنيتي ابتدت من باب جنة حبك يا مايا، ربنا كرمني بيكِ وأنا كلي معاصي وذنوب، كنتِ أول إيد مسكتني لطريق التوبة، رفضت أكونلك زوج الا لما أتطهر من كل أخطائي.
مرر إبهامه على كفها الرقيق وهو يتابع:
_ لما مسكت إيدك مسكتها وأنا رامي كل الماضي ورايا، فتأكدي إني مستحيل هسيبها.
وضمها بين ذراعيه وهو يهمس لها بعشق:
_احتياجي ليكِ أكتر من احتياجك لوجودي معاكِ.
****
حائل رخامي ضخم يحيط بالمكان المخصص لقضاء السهرات النهارية قبالة أمواج البحر، أسطول ضخم من المقاعد الطاولات المطولة، تحوي عدد من المشروبات والخمور المحرمة، وعدد من النساء المتبرجات، الاتي تمارسن الزنا بفجورٍ غير مبالية بعذاب الله الواحد الأحد.
يلتف من حولهن الرجال، يتجرعون الخمور ويتقربون منهن بشكلٍ مقزز، والاغلب منهم يجذب العاهرات الوضيعات، للخيم المتطرفة من حولهم، ليمارسن الفجور بجراءة ودناءة، ومن يين هذا الجمع الغفير كان يشق الصفوف بشموخ طالته الواثقة، وبنيتاه تنتقل بين الوجوه بسخطٍ ونفور، مازال وشاحه الأسود المحيط ببندقية عينيه والمتدلي من خلفه كالفارس الهمام يجذب انظار المحاطين به، تلك المرة تعد من القلائل اللاتي يخرج بها دون رفيقه المرافق له كالظل.
انتقلت جميع نظرات النساء إلى ذلك الرجل الغامض، يتطلعون لجسده الممشق دون حياء، حتى أن أغلبهن حاولن الاقتراب منه، ولكن نظرته المحذرة جعلتهن يترجعن رعبًا منه، بينما مازال يقف بمنتصف المكان باحثًا عن غايته، حتى ظهرت أمامه فتاة شقراء، ترتدي شورت قصير وقميص نسائي يصل لمنتصف خصرها، بينما تعقده بشكلٍ فج.
أسرعت تجاهه وهي تردد بنبرتها الغربية:
_أووه عزيزي لقد عدت مجددًا.
وما أن دنت إليه لتعانقه، حتى ارتد جسدها للخلف، فتخشبت ألمًا وانخفض بصرها للاسفل لتجد خنجره المغلق يحيل بين جسده وجسدها، ومن خلف لثامه الأسود قال:
_إحذري أن يمسني جسدك اللعين.
ارتابت من أمر ذلك الملثم الغامض، وبدأت ترسم ابتسامة واسعة وهي تجيد تمثيل دورها باتقان، بأنه احد زبائنها الذين يترددون لزيارتها بهذا الوكر المنحدر، الذي يمارس فيه نوع من انواع الدعارة المنحدرة.
أشارت له وهي تسرع لاحدى الخيمات:
_لقد إشتقت لك، اتبعني.
شكلها بنظرة مستحقرة، ثم اتبعها لمحل ما أتجهت إليه، فما أن ولجوا للخيمة، حتى شرع بهز أركانها بحرافية ابتاعها من تدريبه المسبق قبل ترك المخابرات، ليوهم من بالخارج بلقاءٍ عابر بينه وبين تلك اللعينه.
راقبته بابتسامة اجتهدت لتجعلها مغرية، ثم قالت وهي تحاول أن تتأمل وجهه الملثم:
_لماذا تعذب نفسك بهذا الرداء، فلتنزعه ولتقضي بعض الوقت رفقتي.
سكنت عينيه عاصفة رملية مثل تلك التي أعتاد العيش برفقتها بالصحراء الجرداء، وبدون أدنى مجهود قال:
_لا تعبثي مع ناقوس موتك يا امرأة، إطيعي أمري دون أي كلمة أخرى.
جلست على الفراش الصغير المصنوع من الاغطية، وهي تبرز ساقيها العاريتين عن عمد في محاولة لاغرائه، قائلة وهي تشق نفسًا طويلًا من السيجار الذي تحمله:
_أتعلم أيها الغريب لقد عملت بتلك المهنة لسنواتٍ ولكنني لم أقابل أحدٌ مريبًا مثلك، لولا جمال القهوة التي تشكلت بعينيك لظننت أنك رجلًا أليًا لا تحمل أي مشاعر أو إنسانية.
وأضافت وهي تسترخي بنومة مقززة مثلها:
_زار خيمتي الكثير من الرجال، منهم من يتودد لي لنيل المتعة بمقابل مالي، ومنهم أمثالك، يلجئون لي لتبديل الممنوعات كالـ المخدرات والالماس مع رجالًا أخرون يأتون إلى هنا لتسليم المال وما أنا الا وسيط وستار لكلاهما، ولكن لا يغادر ذاك أو هذا دون أن يقترب مني الا أنت لم أحظى بمرافقتك يومًا.
ونهضت تتجه له بخطوات جعلته يحدقها بتحفزٍ وعزمًا على ما سيفعله بها وتستحقه، رفعت يدها تمررها على صدره برفقٍ وبدأت تقترب إليه، ففجأها حينما لف ذراعها للخلف، وبحركة سريعة استمعت لصوت طقطقة عظامها، اعلان صريح بانكسارها.
استرخت جمود نظراته وهدأت حينما وجدها تصرخ وتبكي بجنون، شفي غليله الذي يحمله لأي بشري يحاول تخطي حدوده، سبق وفعلها والآن لن يناله الطعنة الثانية من بني البشر!!!
تراجعت للخلف تفرك ذراعها وهي تبكي بوجعٍ، بينما يتأملها بانتشاءٍ، واقترب منها، تراجعت للخلف برعب حتى سقطت أرضًا، فزحفت للخلف تصيح بتوسل:
_أرجوك سيدي لا تفعل، أعتذر منك اعدك أنني لن أكررها مجددًا.
استطاعت من بنيته القاتمة لمس ابتسامته الراضية، وخاصة حينما جلس على المقعد يرطم وجنتها وهو يردد بفحيح مخيف:
_فتاة مطيعة!
أخرج “ليل” من جيب سترته السوداء كيس به قطعة ألماس ضخمة، وبداخلها صورة مطوية، ثم قال:
_حينما يأتي هذا الشاب إلى هنا، إصطحبيه إلى خيمتك وإمنحيه هذا.
وألقى لها رزمة من الدولارات قائلًا بحزمٍ:
_وهذا لكِ.
وتابع وهو ينصب قامته المخيفة بحجم جسده الضخم:
_إياكِ وإرتكاب أي حماقة قد تسببك رقبتك الصغيرة، أعدك أني سأهش رأسك أسفل حذائي إن استلم القطعة رجلًا غيره.
أمأت برأسها عدة مرات والرعب يحيل بها، وما أن تأكدت من رحيله حتى عادت أنفاسها لطبيعتها، بينما هو يشق طريقه كالشبح الذي لا يترك خلفه بصيص على وجوده أو دليلًا على كونه بشري!
******
بصعوبة تمكنت “مايا” من ان تقنع عُمران بتركها تتدرب بمفردها مع المدربة، كادت أن تنصهر من فرط الخجل حينما كانت تطالب المدربة من عُمران أن يساعدها ببعض تمرينات الثنائيات، وما عليه سوى استغلال تلك الفرص كالمعتاد، حتى توسلت له ان يغادر فلم يصعد لغرفته الا حينما استلم رسالة من جمال يخبره أن يصطحبه بطريقه للشركة في يومهما الأول لأن سيارته قد تعطلت عن العمل فجأة.
أبدل عُمران ملابسه لبذلة كلاسيكة الطراز، وصفف شعره بعنايةٍ، ثم أتم بحذائه واتجه للخروج، فوجد “فاطمة” تشرف عليه ببذلتها النسائية المحتشمة، وتطرف بحديثها بلطفٍ:
_من اول يوم ومتأخر، لا يا بشمهندس لازم تتعلم تظبط مواعيدك زي الأول.
استقبلها ببسمة هادئة، وقال يمدحها:
_ما الBusiness woman (سيدة الاعمال) فاطيما هتعلمني إزاي ابقى منضبط في مواعيدي.
استدارت تجاه زوجها الذي يحيط كتفيها بكل حب وعشق يقطر من رماديتاه، وسألته بمزحٍ:
_رأيك أعلمه ولا أسيبه ضايع كده يا علي؟
ضحك ثلاثتهم، فمال علي يقبل رأسها وهو يهمس بعاطفة تبرز حبه العتيق لها:
_اللي تشوفيه صح يا روح قلب علي.
رفع عُمران احد حاجبيه مندهشًا من ظهور داء الوقاحة على أخيه المثقف، الخجول، فحك ذقنه النابتة وقال ساخرًا:
_من أمته الرومانسية المنحرفة دي يا علي؟
تلون وجه فاطمة حرجًا، ابعدت ذراع علي وهبطت الدرج مرددة بتوتر:
_هنزل أفطر مع فريدة هانم وأنكل أحمد.
تركتهما في مقابلة عصيفه، دنى عُمران منه وقال بسخرية:
_والله كبرت وإنحرفت يا دكتور ، لأ وقدام أخوك الصغير المحترم ، التقي اللي من المسجد للبيت ومن البيت للمسجد!!! ، بتفتح عيني للرزيلة يا علي!!
شمله علي بنظرة أحاطته من اخمص قدميه لرأسه، ومال يستند على درابزين الدرج هادرًا:
_ده إنت الرزيلة بعينها يا وقح.
وأضاف وهو يتبع زوجته:
_لم حواراتك السارحة دي وحصلني.
كبت ضحكته بابتسامة وهو يزعن طاعته وخوفه الصريح:
_في ديلك يا بابا علي!
تابعه وهو يهبط للأسفل، ثم جذب هاتفه يدون رسالة لآيوب
«النهاردة أول يوم، لو اتاخرت هخلي أستاذ ممدوح ينفخك، هعدي على جمال وبعدين هفوت عليك ألقيك على رأس الحارة واقف مطيع كده وبتستناني، أتمنى تكون فهمت كلامي يابن الشيخ مهران..»
أعاد هاتفه لجاكيته وأتجه للاسفل، سحب المقعد المجاور لأخيه وهتف:
_صباح الخير.
جلس يجذب احدى الاطباق يضع فيهما قدرًا من الجبن والسلطات، وشرع بتناول طعامه بجو حله الصمت، والحزن الطابق على الوجوه، فرغمًا عنهم تتجه نظراتهم لمقعد شمس الفارغ.
ترك علي طبقه فارغًا، لم يملك شهية تناول الطعام، إنسحب بهدوء لغرفة مكتبه، تهاوت دمعة فريدة على خدها، ورددت بتأثرٍ:
_أنا مش متخيلة المكان من غير شمس.
قرب أحمد يده من كفها، يفركه بحنانٍ:
_ليه بس يا فريدة، هي مسافرة مع جوزها وراجعه تاني، دول كلهم على بعض أربع أيام!
تركت الشوكة من يدها وقالت بدموع:
_مش قادرة يا أحمد، محدش من ولادي فارقني قبل كده، علي وعمران بيسافروا تبع الشغل وبيرجعوا على طول، ولما عمران طول شوية نزلنا كلنا مصر.
وأضافت وقد تسارعت بالبكاء:
_مش هقدر صدقوني.
ترك عُمران الطعام، ونهض عن مقعده يتجه للمقعد الذي يجاور مقعد أمه الرئيسي من الجانب الأخر، يقربه منها، يزيح دموعها بحزنٍ، وقال مبتسمًا مستغلًا الفوبيا الدائمة لديها تجاه الاهتمام بنفسها ووجهها :
_فريدة هانم العياط بيكرمش الوش وبيظهر التجاعيد يرضيكِ تبوظي الوش القمر!
رفعت عينيها له، وقالت تستجدي به:
_عُمران خلي آدهم يوافق يعيش معانا هو وشمس بالقصر، أنا مش هستحمل انها تبعد عني.
أسرع أحمد يجيبها:
_القصر لسه مخلصش يا فريدة، وبعدين آدهم كان واضح وصريح من البداية إنه مش هيقبل بده.
أشار عُمران باصبعيه لعمه، بمعنى أنه سيحل الأمر، ومال يقبل يديها، وقال بابتسامته الجذابة:
_أوعدك إني هحاول أتكلم معاه في الحوار ده، حتى لو هجبهاله إنك محتاجاها معاكي خلال فترتك الاخيرة من الحمل.
وتابع وهو يتطلع لبطنها المنتفخة بحماس:
_مش هانت ولا أيه؟
مسدت على بطنها المتتفخة وقالت بفرحة:
_هانت جدًا، انا سابقة مايا بكتير، ومع ذلك تحس إنها هي اللي سابقاني وزنها تقل جداا، خد بالك منها يا عمران أنا مش قادرة أشد عليها المرادي، قلبي مش مطاوعني أجوه البيبي، ده مهما كان ابنك يا حبيبي!
انفجر ضاحكًا وشاركه أحمد وفاطيما بالضحك، بينما يهتف عُمران مازحًا:
_لا بلاش تجوعي مايا، لما يوصل البطريق ده إتعاملي معاه بالطريقة اللي تناسب جنابك، لكن بسكوتي بسكوتة نواعم متستحملش ده.
تمادت ضحكات فاطمة بشكل جعل الجميع يراقب محل نظراتها، فوجدوا مايا تقترب منهم وهي تتناول كيس من بسكوت النواعم، تتناوله بنهمٍ، وتتجه إليهم، سحبت احد المقاعد وجلست تتأمل الطعام هاتفة بارهاق:
_أنا واقعه من الجوع..
تركت البسكويت جانبًا وشرعت بتناول الطعام ولم تلقي بالًا بنظراتهم المضحكة، مال عُمران لفاطمة يهمس لها:
_اديني أنا البسكوت ده يا فطوم.
جذبت فاطمة البسكويت من امام مايا المشغولة بتناول المخبوزات بنهمٍ، تناول عُمران البسكويت وجذب إحدهن لفريدة التي تتابع مايا بدهشة، قائلًا:
_وضع مؤقت، بعد الولادة هنزلها الجيم من الفجر، متقلقيش على صحة مراتي وأنا موجود!
ونهض يشير لفاطمة الذي أحمر وجهها من فرط الضحك:
_يلا يا فاطمة، هوصلك قبل ما أفوت على جمال وآيوب.
******
ارتدت فستان من اللون الأزرق وحجابًا أبيض اللون، ومن فوقه قبعة أضافت لها جاذبية مهلكة، خرجت “شمس” تبحث عنه، فوجدته يسبح بالمياه القريبة من جناحهما الخاص، اتبعته شمس حتى خرجت خارج حدود جناحهما للباحة العامة، أختارت الجلوس على مقعد قريب لمحل سباحته نوعًا ما، وجلست تراقبه بحب واعجاب يبدو باديًا عليها.
كانت تتابع هاتفها تارة وتتابعه تارة آخرى، تجيب على رسائل علي ووالدتها، ليطمئنوا عليها، وما أن انتهت من محادثتهم حتى عادت ببصرها تجاه موقع زوجها، فلم تجده بالمياه مثلما كان منذ قليل.
تركت شمس كوب العصير عن يدها، ونهضت تتمشى على الشاطيء باحثة عنه بين الرجال، ولكنها لم تجده، تمعنت من حولها جيدًا حتى وجدته يقف على بعدٍ منها، يجفف جسده بالمنشفة ويجمع اغراضه بحقيبته السوداء الذي تركها بمحل ما بدأ السباحه، عازمًا العودة لمحل جلوسها، وما أن استدار حتى تفاجئ بالفتاة المنشودة قبالته، ترتدي ملابس سباحة فاضحة على الرغم من الشاش الذي يحيط إحدى ذراعيها.
ارتبك آدهم قبالتها، المعلومات التي يمتلكها تؤكد أن هناك مكان محدد للقاء تلك الفتاة، لم يكن بالحسبان هذا اللقاء الذي سيحول زمام الخطة المدروسة التي وضعها الاسطورة رحيم زيدان، والتي حرص بها على سلامة اعضاء فريقه باكملهم، حتى ليل الذي يخشاه الموت وتهابه المهالك، كان يضع سلامته بالحسبان!!
أكد عليه رحيم بأن تواجده بهذا الفندق سيضعه تحت المراقبة الدقيقة، حسب حساب كل خطوة خطاها ولكن تلك لم تكن من مخيلاته، ولا خُيل إلى ليل نفسه.
دنت الفتاة منه حتى كادت أن تتعركل بحفنة من الرمال أو مثلما إدعت، فمالت بجسدها تجاهه عن عمدٍ، وعلى الفور تلقفها آدهم ومال بها، حينما احاطت عنقه، تحركت نواجذه من فرط عصبية ضغط أسنانه بعضهما البعض، وكما تدرب كان عليه دراسة الموقف من جميع الزوايا، هو الآن تحت لادار المراقبة، خطة رحيم العبقرية كانت باختلاق مشكلة صغيرة رفقة زوجته والذهاب لتلك الحانة لادعاء شربه الخمور حد الثمالة، ومن بعدها تستغله تلك الفتاة لاستدراجه لخيمتها مثلما تفعل مع الاغلب، وحينها سيستلم منها قطعة الالماس كمان تعتقد بانهما يهربان قطعة باهظة من الألماس، ولكن ظهورها المبكر وبمكان كذلك وبحضور زوجته أمرًا كارثيًا.
عقله يفكر طوال تلك الفترة ومازالت الفتاة تتعلق برقبته بدلال، وعينيها تلتهم جسده ووجهه بوقاحة، درس آدهم الموضوع من عدة اتجاهات، لذا عليه ان يبدو لمن يراقبه أن تلك الساقطة نالت استحسانه لذا سيتسلل خلفها لمحلها عن عمد، لذا وبكل أسف وهو يعتصر قلبه أسفل قدميه، رسم لها ابتسامة جذابة، وملامح الاعجاب تتفنن للظهور لتلك الكاميرا التي ترصد أقل حركاته.
عاونها على الوقوف ومازال يبتسم لها، متسائلًا:
_هل إنتِ بخير؟
اشارت له برأسها، ومازالت يدها تتحسس عضلات صدره بوقاحة، ومالت تهمس له:
_هناك شيئًا يخصك معي، إن أرادت فلتأتي ليلًا عسى أن نمضي وقتًا لطيفًا قبل أن أقدمه لك.
هز رأسه وهو يجيبها:
_سأتي بالتأكيد.
استقامت بوقفتها وغادرت فور أن نالت مبتغاها، ولمرة أخيرة اضطر أن تلاحقها نظراته ليؤكد لمن يراقبه سقوطه السريع في سحر تلك اللعينة.
بينما على بعدٍ منه، تراقبه بصدمةٍ وعينيه تجحظان في دهشة، تتمنى لو أنها فقدت النظر لتوها، ليتها لم تأتي إلى هنا بحثًا عنه، رأت كل شيئًا بعينيها، وإن أقسم لها بأنه لم يعجب بها لن تصدقه وقد رأته بأعين أنثى تهتم بدراسة التفاصيل.
سحب آدهم حقيبته واتجه بحزنٍ إليها، ارتسم بثباتٍ مخادع، وهتف باستغرابٍ:
_واقفة عندك كده ليه يا شمس؟
انتقل بصرها الحاد إليه، وهدرت بانفعالٍ شرس:
_ايه اللي أنا شوفته ده!!
ابتلع ريقه بارتباكٍ، وادعى عدم استيعابه للأمر:
_مش فاهم، شوفتي أيه!
ربعت يدها أمام صدرها وصوت أنفاسها المضطربة تعلو لتصبح كهدير الرياح المحاط بهما، استمدت اتزانها المرتجف وصرخا بوجهه:
_متستهبلش يا آدهم، أنا شوفتك بعنيا وأنت مبلم في الهانم اللي لفة ايديها القذرة حوليك، والله أعلم لو مكنتش موجودة معاك كانت أخدتك على فين؟؟!
لم يرغب أن تسوء الامور بينهما ببداية حياتهما معًا، مهاراته حدثته بما يحدث من حوله، وخاصة بمن يراقب ما يحدث، وبقمة أسفه ما يحدث الآن بينه وبينها قد يساعده بتنفيذ الجزء الاخير من خطته الموضوعة بالوقت الحالي، بعدما حدث الأمر الاضطراري بمقابلة تلك الفتاة بغير محتمل الخطة الموضوعة من قبل الاسطورة.
لذا استرعى غضبه وبداخله يحتقن قلبه من فرط الاختناق، فصاح بغضبٍ:
_فوقي لكلامك معايا يا شمس، مش أنا اللي تسحبني واحدة ست وراها، شكلك أخدتي ضربة شمس من كتر قعدتك على الشط، ادخلي ريحي جوه لحد ما تفوقي كده وتعقلي.
همست بعدم استيعاب لما تسمعه، وكأنه شخصًا آخر لا تعرفه، اهتزت بوقفتها حتى كادت بالسقوط للخلف، وباستنكار سألته:
_إنت بتكلمني أنا بالشكل ده يا آدهم، معقول!!
ود لو يلقي كل شيء في مهب الريح ويجذبها داخل ذراعيه، ود لو أعتذر لها عما فعله ولكنه وإن أحبها أكثر من روحه ومن حياته هناك بالطرف الآخر شرف بلده، ربما يحبها أكثر من نجاته ولكنه بلا شك يحب بلده أكثر.
استجمع شتات نفسه وقال بوجوم:
_ادخلي الجناح دلوقتي يا شمس.
صرخت بقوة لطالما تربت عليها بين أشقائها ووالدتها:
_مش هنسحب من نقاش أنا صاحبة الحق فيه يا آدهم، ودلوقتي حالًا هتفهمني أيه اللي شوفته ده؟!!
على صرخه أكثر من صوتها الرقيق:
_شوفتي أيه!! واحده وكانت هتقع وأنا لحقتها وشكرتني ومشت، الحوار انتهى لكن لسه شغال عندك مسلسل بمشاهد كاملة!!
رفضت تصديق ما يحاول قوله، ورددت بألمٍ:
_كلامها مكنش شكر ليك، حوارها كان طويل معاك وإنت كمان كان واضح اعجابك ليها بشكل واضح جدا على فكرة.
ألقى المنشفة والحقيبة أرضًا وصرخ بانفعال:
_إنتِ عنيدة بشكل يخنق، تصدقي ولا لا أنا حكيتلك على اللي حصل.
وتابع وهو يمضي تجاه الجناح:
_بدأتي النكد من بدري، أنا سايبلك السويت كله وماشي عشان ترتاحي على الآخر يا شمس هانم!!
وما ان استدار، حتى لمح بطرف عينيه ذاك المتلصص عليهما، مضي مهمومًا لجناحه، وترك قلبه يبكي من خلفه.
جلست شمس على اقرب مقعد بحري قابلها، وهي كالتائهة تردد ببكاء:
_لأ… لأ… مستحيل آدهم يعمل فيا أنا كده.
ومررت يدها على جبينها وهي تهمس بوجع:
_أكيد فهمت الموضوع غلط، بس ازاي!!
تمادى بكائها ورجفة جسدها تزداد تباعًا، فلم تجد سوى هاتفها، جذبت الهاتف واختارت رقم عُمران ، وقبل أن تهاتفه تراجعت، لم تجده الشخص المناسب لحل مشكلتها، لطالما كان حاد وعدواني ضد زوجها، بل المناسب لذلك هو علي، الوحيد الذي سيتفهم أمرها.
رفعت هاتفها إلى آذنيها تنتظر سماع صوته الهادئ، فأتاها صوته المتلهف لسماع صوتها:
_ما كنا اتكلمنا صوت من الأول، الرسايل دي مش بحبها، بس اتفهمت إنك ممكن تكوني بالجناح جنب آدهم ومكسوفة تكلميني قدامي.
وأضاف بحب:
_ها يا حبيبتي طمنيني عليكي؟
انفجرت بنوبة بكائها، وهدرت بصوتها المحتقن من فرط دموعها:
_أنا مش كويسة خالص يا علي، آآ… أنا محتاجالك أوي.. يا ريتك جنبي… آآ.. أنا بردانه أوي بالرغم من إن في نار جوايا، أنا مصدومة ومش قادرة أستوعب ولا أصدق إن ده الراجل اللي حبيته يا علي!
ارتاب لأمرها، وسألها باهتمام:
_شمس حبيبتي اهدي واسمعيني، أنتِ مش بعيدة عني لو عايزاني ساعات وهكون عندك، إنتِ مش لوحدك أبدًا فاهمه، خدي نفسك بانتظام وأشربي مية، وبعدين اتكلمي وقوليلي مالك؟ انا سامعك وجنبك يا حبيبتي.
*****
صف عُمران سيارته أسفل عمارة جمال، ووقف يتأمل المدخل بارتباك، كان يتهرب سابقًا من زياراته لوالدة جمال حتى لا يلتقي بصبا، مهما حدث ومهما تخطوا الموقف، سيظل الأمر يحمل حساسية عميقة بينهما، لا يريد ان يلتقي بها أبدًا، لذا كان حريص على الاعتذار كلما شددت أشرقت على زيارته لها، بل حرص على مكالماتها الدائمة.
رفع هاتفه يحرر زر الاتصال، وبجدية تامة قال:
_انزل يا جمال أنا تحت بيتك.
قابله بلهفة وإصرار:
_اطلع الأول، قبل ما نمشي لازم تشوف عمران الصغير.
ضم مقدمة أنفه بيده فقد حدث ما لا يريده، فقال بثبات مزيف:
_جمال مفيش وقت، النهاردة أول يوم لينا كمدراء مينفعش نتأخر، مرة تانية هاجي معاك وهشوفه أكيد.
تمتم بانزعاجٍ:
_هو أنا معرفش أوقعك أبدًا، طيب نازلك.
أغلق جمال الهاتف، ووضع الصغير بيد والدته، ثم سحب سترته يرتديها، فحملت أشرقت الصغير ولحقت به تردد بضيق:
_مرضاش يطلع بردو؟
اوما بامتعاض وقال:
_قال هيفوت في وقت تاني.
سحبت الحاجة أشرقت حجابها وحملت الصغير واتجهت للخروج قائلة:
_لا كده بيستهبل، أنا نازله اشوفه.
لحق بها جمال بعدما جذب باب شقتها من خلفه، هبطوا معًا، واتجهوا لسيارته المصفوفة جانبًا وكان يستند على بابها ويراسل آيوب من الحين للآخر.
تسلل لمسمع عُمران صوت آشرقت تدنو إليه ناطقة بنزق:
_اتكبرت علينا ولا أيه يابن فريدة هانم.
ابتهجت معالمه فرحة، فنزع عنه نظارته السوداء، وهو ينطق ببهجةٍ:
_أنا أقدر بردو يا شوشو، ده احنا بينا قصة حب اسطورية هيجلدوها في كتب تاريخ انجلترا.
ضحكت بصخب وهي تضمه بحب، احتضنها عُمران وانحنى يقبل كف يدها باحترام، مضيفًا:
_وحشتيني جدًا والله.
سحبت كفها وهي تتصنع ضيقها الصريح:
_مهو واضح، من يوم ما نزلت مصر، وأنا مش عارفة اتلم عليك، كل ما أعزمك ما تعبرنيش.
مرر يده بين خصلاته التي اكتسبت طولًا جذابًا، وقال بحرج:
_غصب عني والله، بنقل معظم مشاريعي هنا في مصر، مشغول أغلب الوقت جمال عارف الكلام ده اساليه حتى.
وضع يديه بجيب جاكيته وهدر بسخط:
_كداب ياما، ده صايع ليل نهار في حارة الشيخ مهران!
منحه عُمران نظرة متوعدة، وتغاضى عن حديثه سريعًا وهو يحمل الصغير بفرحة:
_ما شاء الله تبارك الله، زي القمر ربنا يحفظهولك وتفرح بيه يا عبحليم!
ردت عليه أشرقت وهي تمر بيدها على كتفه بحنان:
_نفرح بخلفك إنت الأول وبعد كده نرجع للواد ده تاني ميضرش.
ضحك ببشاشة وقال يمازحها :
_والله إن كان عليا فأنا مش مقصر، كلها تلات شهور وتشيلي أول انتاج محلي من نسلي بإذن الله.
تعالت ضحكاتها وهتفت:
_ربنا يجيه على الكامل يا حبيبي، وعقبال ما تخاويه يا ررب.
مسد على جاكيته بطريقة زادت من ضحكاتها:
_لا أنا كده زي الفل، لسه محتاجين ندرس العينة بشكل دقيق، وأعتقد بعد الدراسة القرارات هتكون غير مش كده ولا أيه يا حليمو؟
حك جبهته وتمتم بسخط:
_العينة هتخليك تستكفي بهذا القدر.
تلاشت ضحكة عُمران وبدى متوترًا بوقفته، حينما وجد صبا تقترب منهم وهي تحمل بعض الاكياس بيدها، بعد عودتها من البقالة، سرت رعشة طفيفة بجسدها فور لقائها الأول بعمران بعد ما تعرضت له بذلك اليوم المأساوي، ذلك اللقاء الذي خشاه عُمران وحذر من الوقوع به، وقد حدث ما خاف منه الآن.
مهما انتهى النزاع، وتصالحت النفوس، ستظل هناك بقعة معتمة ترتبط بذهن كلاهما بهذا اليوم المشئوم، ضمت صبا الأكياس اليها بحرجٍ، وكأنها تخطو عارية دون ثيابها، يُصاغ نفس المشهد عليها وبالرغم من ان الفضل الاكبر بنجاتها بهذا اليوم كان بسبب عُمران، ولكن الأمر حساس برمته.
تنحنحت بخفوت وهي تؤدي السلام، وبتوتر قالت:
_ازيك يا بشمهندس.
أخفض عُمران عينيه أرضًا وأجابها:
_بخير الحمد لله، مبروك ما جالك يا مدام صبا، ربنا يباركلكم فيه يا رب.
ردت بنبرة روتينية:
_تسلم يارب، وعقبال عندك قريب بإذن الله.
هز رأسه ببسمة خافتة، واستدار لجمال يخبره بتوتر التمسه جمال:
_مش يالا يا جمال، اتاخرنا جدًا.
أشار لوالدته بالصعود برفقة زوجته، وما ان صعدت الدرج حتى ناداها:
_أم عمر احدفيلي مفتاح عربيتي على التربيزة فوق.
صعدت سريعًا للاعلى، بينما ضم كتفه يد عُمران القوية، جعلته يستدير إليه برعب، بينما الاخير يهدر من بين اصطكاك أسنانه:
_يعني عربيتك شغالة وبتشتغلني بروح أمك!!
ازاح يده عن كتفه ورفع صوته مدعيًا جديته:
_أيوه ضحكت عليك عشان أجيبك لحد هنا، أوعى تكون فاكرني أهبل ومصدق اسطوانة انشغالك اللي قولتها لامي دي، ولا هضمتها انا عارف إنت مش عايز تيجي هنا ليه، وجبتك أهو وبمزاجي!
احتقنت رماديتاه بشكل مخيف، ومال إليه يتوعد له:
_ده أنا همسح بيك بلاط شارع بلاطة بلاطة، بقى بتصيع عليا أنا يا عبحليم، شكلك محتاج شدة من بتاعت زمان، وديني لارزعك رأس تنيمك جنب المدام سنتين قدام، تعالـــــــى!
هرول جمال راكضًا حول سيارة عُمران، وقال ضاحكًا:
_اعقل يا طاووس، وافتكر أنك من عيلة ارستقراطية محترمة!
صعد فوق مقدمة السيارة في محاولة للامساك به:
_مش واكل معاك الانسان الارستقراطي المحترم اللي جوايا، إنت عايز النسخة اللي من العتبة وأنا عنيا ليك يا جيمي.
ومال للنافذة يبحث عن مدته، هادرًا بحيرة:
_راحت فين دي؟!! بقالي فترة مستعملتهاش.
استرعى انتباه جمال، ففتح الباب الاخر يعاونه على البحث وهو يتساءل باهتمام:
_هي أي دي؟
ارتسمت بسمة شيطانية على وجهه وقال:
_لقيتها الحمد لله، انت طول عمرك ابن حلال يا عبحليم.
استقام بوقفته وقال دون مبالاة:
_طيب كويس انك لقيتها، يلا اطلع بعربيتك وأنا هحصلك.
سحبه عُمران من تلباب قميصه، يلقيه فوق مقدمة السيارة، وانحنى من فوقه يضع سكينه فوق رقبته هادرًا بعنف:
_وحشتك وقاحتي وأنا أبدًا مبخلش عليك بيها، قولتلك قبل كده أنا انسان ارستقراطي محترم بس أمثالك اللي بيخرجوني عن شعوري!
حاول جمال تخليص نفسه، وهمس لعمران بصدمة:
_عُمران احنا في الشارع!
قال ببسمة باردة:
_ولا يهمني.
اقترب منهما فتى صغير، يتلصص لما يحدث، فمال له عُمران يخبره:
_اجري يا شاطر إلعب بعيد.
تمعن به الصغير، وراح يهرول مرددًا:
_يا حاجة آشــــــــرقت عمو جمال متثبت بالمطوة، يا حاجة آشرقت في واحد مثبت ابنك بمطوة!
توسعت مقلتي عُمران بصدمة، فدفعه جمال للسيارة وصرخ به:
_اطلع بسرعة يا عُمران قبل ما الناس تتلم، الواد ابن الـ** فضحنا!!
قاد عُمران السيارة وبعدما خرج من نطاق منطقة جمال السكانية، أشار لجمال بعنجهية:
_إنت فاكر إننا هربنا خوفًا من كائن البطريق المزعج ده، أنا بس مش حابب نتأخر على الشركة من اول يوم.
هز جمال رأسه وهو يحتبس ضحكاته:
_مفهوم!
****
ساعة كاملة قضاها علي بالحديث مع شمس حتى امتص غضبها، وخاصة حينما قال برفق:
_الغيرة مناصفة ما بين الست والراجل يا شمس، غيرتك على آدهم هي اللي وصلتك للنقطة دي، ويمكن تكون هي اللي شعللت بينكم النار دي والشيطان كمل الباقي.
وأضاف بلينٍ:
_فكري بعقلك وأوزني أمورك، لو مصدقة من جواكِ إن ادهم ممكن يعمل كده، يبقى كل شيء شبه منتهي وكلامنا مالوش أي لازمة، لكن لو مش مصدقاه يبقى هتعتذري عن كلامك في حقه وهتعدي الموقف ده، لانه من الجهات متصيغ وفي توقيت غلط.
تنهدت براحة وقالت بامتنان:
_شكرا يا علي، لولاك مكنتش هعرف أعمل أيه حقيقي، ربنا يخليك ليا وميحرمني منك.
أغلقت شمس الهاتف بعدما اقتنعت بحديث علي، واتجهت لجناحها تبحث عن آدهم لتعتذر عما بدر منها، ولكن وللغرابة لم تجده بأي مكان داخل أو خارج الجناح، وبتفحص متعلقاته الشخصية تأكدت بأنه خرج بالفعل.
****
بحث عنها آدهم بين الجموع، ولكنه لم يجدها، لثانٍ مرة يتدمر جزء من المخطط المتوقع وهو وجودها الشبه دائم بالحانة.
جلس آدهم على الطاولة، يتصنع شربه لكأس من النبيذ الاحمر، وعينيه تدور باحثة عنها، على أمل ان يجدها، ولكن طال به الوقت ولم تأتي للقائه، لذا وبكل هدوء نهض من مكانه واتجه لخيمتها بحسب المواصفات المدروسة.
وضع آدهم يده على باب الخيمة وما كاد بالدخول، حتى تلاقى اشارة من جهاز مزروع بدبلة زواجه، مرر يده بشكل متقن فاذا به يسمع لصوت رحيم يصيح به:
_آدهم اخرج من عندك فورًا، ده كمين منصوبلك، اطلع من عندك.
قالها في نفس لحظة رفعه لغطاء الخيمة، فتوسعت مقلتاه في صدمة، وردد بصوت منخفض:
_قتلوها!
استمع رحيم لما يقول بوضوح، وبصرامة أمره:
_اطلع من عندك حالا يا آدهم، ده أمر مباشر مني، سامعني!!
ولج آدهم للداخل يحوم حول فراش تلك الفتاة الملقاة باهمال وعنقها ينزف بغزارة، مال يتفقدها باهتمام ثم عاد يهمس للجهاز:
_مقتولة من عشر دقايق لاتناشر دقيقة بالظبط، معناها انهم مقدروش يكشفوني بشكل كامل.
صرخ فيه رحيم بعنفوان:
_وجودك عندك هيثبتلهم انك المسؤول عن تهريب الميكروفيلم، اطلع من عندك حالا واتصرف زي أي شخص دخل مكان ولقى فيه قتيل، اهرب يا آدهم.
رد عليه بجملة واحدة:
_والميكروفيلم يا باشا؟
صاح مجددًا بعصبية:
_فريقي موجود عندك هنلاقي ألف طريقة نمنعهم بيها، اخرج بسرعة من عندك والا هتكون بتعرض حياتك إنت ومراتك لخطر كبير!!
فتح الخزانة وألقة محتوياتها وهو يبحث عن الالماس باتقان، بينما يستمر بالحديث:
_أنا آسف يا باشا مش هقدر أسيبهم يوصلوله بالبساطة دي، هما مقدروش يوصلوا لحاجة، كل ده طعم عشان يوقعوني لكن محدش فيهم وصل للميكروفيلم.
وجد ضالته بين أغراضها، حمله يين يديه وقال ببسمة ثقة:
_كنت متأكد إنهم موصلوش لحاجة.
انفجر رحيم بغضب جحيمي:
_مش هيسيبوك يا آدهم، إنت كده كشفتلهم نفسك بكل بساطة!!
اجابه بشجاعة وقوة:
_أموت وأنا بحمي شرف بلدي أهون ألف مرة من إني أنسحب زي الجبان يا باشا.
مرر رحيم يده بين خصلاته بعنف، واسترعى هدوئه وهو يخبره:
_اطلع من عندك وحاول توصل مع مراتك عند النقطة ج، هتلاقي هناك اللي مستنيك وهيرجعكم مصر، اتحرك حالا.
خرج من الخيمة يهرول من بين الزحام، ولكنه فجأة وجد عدد من المسلحين يسدون طريقه، كالجدار الصلب، ولم يبقى سواه الا المواجهة، وحتى وإن انتصر مازالت للحرب بقية!
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية صرخات أنثى)