روايات

رواية نصيبي في الحب الفصل الثالث والثلاثون 33 بقلم بتول عبدالرحمن

رواية نصيبي في الحب الفصل الثالث والثلاثون 33 بقلم بتول عبدالرحمن

رواية نصيبي في الحب البارت الثالث والثلاثون

رواية نصيبي في الحب الجزء الثالث والثلاثون

نصيبي في الحب
نصيبي في الحب

رواية نصيبي في الحب الحلقة الثالثة والثلاثون

عند نور، بدأوا يلبسوها الفستان بهدوء، صوت القماش وهو بينزل على جسمها كان كأن الزمن وقف للحظات، كل حركة كانت بتتم بحذر واهتمام… سحاب بيتقفل، هيربسيس بيتظبط، ميكب بيتعدل
لما خلصوا، نور وقفت قدام المراية، خدت لحظة، وبعدين بصّت لنفسها… الدموع لمعت في عينيها، مش بس من الفرحة، لكن من كمية المشاعر اللي اتحبست وخرجت دلوقتي في لحظة وحدة.
سارة همست وهي بتبص عليها
“يا بخت يوسف بيك…”
نور ضحكت وهي بتحاول تمسح دموعها قبل ما يبوظ الميكب، وقالت بنبرة كلها دفا
“هو اللي بختي بيه.”
جت نهال وقالت
” وسعوا كده”
بصتلها بفرحه وقالت
” بسم الله ماشاء الله ايه الجمال ده كله”
نور حضنتها بفرحه وقالت
” بجد طالعه حلوه، هعجب يوسف”
قالت باستنكار خفيف وهي بتضحك
“تعجبيه؟ ده هو أصلاً مش مصدق إنه هيتجوزك!”
البنات ضحكوا، ونور غطت وشها بإيدها بخجل وقالت
“بلاش كسوف بقى… قلبي هيقف من التوتر.”
ملك دخلت وهي ماسكة الموبايل وبتصورها وقالت بحماس
” والليله هنعمل هوليلا”
سارة قربت من نور وقالت
“يلا يا قمر، لحظتك جت، متخليش التوتر يسرقها منك.”
نور أخدت نفس عميق وقالت
“أنا جاهزة… بس فين يوسف؟ هو فين؟”
داليا بصتلها بسرعة وقالت
“أكيد نازل، متقلقيش… يوسف مش ممكن يتأخر عن اللحظة دي.”
يوسف كان سايق بسرعة، عينيه على الطريق بس عقله مليان أسئلة، قلبه بيدق بقوة، وكل لحظة بتعدي بتزود توتره. العنوان اللي تبعت له من الرقم الغريب واضح، بس فكرة إن ريكاردو يكون في خطر كانت زي سكينة بتقطع جوه صدره.
وصل قدام عمارة قديمة شويه، مش باين فيها أي حركة، وقف العربية بسرعة ونزل، أول ما قرب من الباب الخارجي، لقاه مفتوح نص فتحة، دخل بحذر، صوته بيهتف “ريكاردو؟”
مفيش رد.
صوت خطواته على السلم كان هو الصوت الوحيد في المكان، طلع دور بعد دور، لحد ما لقى باب شبه مفتوح في آخر طرقة.
قرب منه، مد إيده، وفتح الباب بهدوء…
وأول ما دخل، سمع الصوت اللي جمد الدم في عروقه.
“أخيرًا جيت… يا يوسف بيه.”
لف بسرعة، ولقى راجل واقف ورا باب مقفول نصه، ملامحه مش واضحة، بس في ضله كان باين إنه مش لوحده، سمع صوت أنين خافت.
“ريك؟”
يوسف نده بصوت مهزوز.
الراجل ضحك، وقال
“عايز صاحبك؟ ولا نوصلك لعروستك؟”
يوسف اتجمد، عقله مش قادر يفسر اللي بيحصل.
“اختار… يا تيجي معايا بنفسك، يا إما هرجعه بلده… بس مش حي.”
يوسف حس إن الدنيا بتضلم حواليه، بس بدون تفكير، قال بصوت ثابت
“سيبه… أنا جيت، سيبه.”
الراجل قال بنبرة هادية ومرعبة
“هتيجي؟ تمام، تعالى ورايا”
عند نور … مسكت موبايلها، وبعتت رسالة ليوسف
“جاهزة… مستنياك.”
لكن مفيش رد.
استنت شوية، وبعدين قررت ترن.
رنّة، اتنين، تلاتة… مفيش رد.
نور بدأت تتوتر، قلبها بيهمس بخوف مش مبرر.
قررت ترن على آدم.
“آدم، يوسف فين؟ مش بيرد عليا.”
آدم رد بسرعة، صوته كان طبيعي لحد دلوقتي
“استني أشوفه، أكيد بيجهز.”
آدم طلع بسرعة، خبط…
ولا رد.
خبط تاني… مفيش.
فتح الباب، دخل…
الجاكت بتاع بدلته متعلّق، ومكانه واضح على الكرسي، بس يوسف مش موجود.
آدم لف في الأوضة، الحمام فاضي، البلكونة مفيهاش حد…
مسك موبايله بسرعة ورن على يوسف…
رن، لكن برضو مفيش رد.
خرج من الأوضة فورًا، ورن على نور.
“نور، يوسف مش في أوضته.”
نور صوتها اتغير، قالت بقلق
“إزاي يعني؟ أنا آخر مرة كلمته كان لسه طالع يغير هدومه، قالي إنه هيجهز وهيكلمني.”
آدم بص حواليه كأنه بيحاول يفهم
“هو مش موجود، وبرن عليه مش بيرد، وجاكت بدلته لسه هنا.”
نور وقفت فجأة، وكل البنات حواليها بصولها بتوتر، قالت بسرعة
“شوفه يمكن نزل تحت كده من غير ما يقول، وكلمني… المفروض كنا نكون نازلين دلوقتي أصلاً.”
آدم قال وهو بيبص في ساعته
” الفوتوجرافر وصل اصلا، والمأذون على وصول، والناس بدأت تيجي، حتى صحاب يوسف كلهم تحت… ما عدا ريكاردو، يمكن يكون معاه.”
نور حسّت أن رجليها بدأت تبرد
“شوفوا طيب بسرعه… بالله عليك يا آدم، شوف يوسف فين.”
” طيب اهدي، هشوفه وارن عليكي”
خرج يوسف معاه، رجليه بتتحرك بس قلبه تقيل، وكل خطوة ماشيها بالعافية، أول ما نزلوا من العمارة، لقاه بيقوده لشارع جانبي، وهناك، فجأة، ظهروا حواليه 3 شباب ضخام، اندفعوا عليه بسرعة وكتفوه بإحكام.
يوسف حاول يقاوم، بس واحد منهم شد دراعه من ورا، والتاني ضغط على كتفه، والتالت حط إيده على بقه، قبل ما يقدر يتحرك تاني، سمع صوت الراجل اللي جابه
“من غير ما يتخدش… ده عريسنا.”
الرجالة شدوه ناحيتهم بحذر، وكأنهم بيتعاملوا مع حاجة غالية، يوسف قال بعصبية وهو بيقاوم “انت مين؟ وعايز إيه؟!”
الراجل قرب منه بخطوات ثابتة، وشال نضارته الشمسية اللي كانت مغطيه عينيه، وبصله في عينه وقال “أنا مين؟ أنا ياسين… ياسين الدمنهوري.”
وقف لحظة، ابتسامة سامة على وشه، وكمل
“وعايز إيه؟ فبينا حساب… ولازم يتصفى يا بنّا.”
يوسف أول ما سمع الاسم، كأن طلق نار ضرب في دماغه، وشه اتغير، اتنفس ببطء وقال ببرود مفاجئ
“قول كده من بدري.”
ضحك ياسين بخفة، ضحكة مريبة فيها
“بس أنا بحب المداخل الدرامية.”
لف وشه بإشارة صغيرة، والرجالة شدوا يوسف وهو بيقاوم، أخدوه لحد باب مخزن قديم، فتحوه، ودخلوه، ريحة التراب والرطوبة ضربت في وشه، ومعاها نور خافت طالع من لمبة صفرا باهتة في السقف.
وفي الركن… كان ريكاردو، مربوط على كرسي، هدومه مكرفسة، وشه متغطي
يوسف أول ما شافه، اتقدم بسرعة لكن الرجالة مسكوه، بص لياسين وقال
“إيه اللي عملته فيه؟!”
ياسين قرب منه وقال ببرود
“ولا حاجة… لسه.”
ريكاردو سمع صوته وقال باستنجاد ” جوزيف؟! انت جيت؟!”
يوسف قاله بصوت عالي ” متقلقش يا ريكو هخرجك من هنا”
ياسين بص ليوسف وقال بنبرة أكثر جدية
“عارف أنا ليه جبت صاحبك؟ علشان عايزك تحس بالعجز”
بصله يوسف وقال بحدة
“أنا معرفكش… بس شكلك من الناس اللي فاكرة إن الانتقام شطارة، بس في الآخر… كل اللي بتخسره أكتر من اللي بتكسبه.”
ياسين ضحك تاني وقال
“ده اللي هنشوفه… بس دلوقتي، خليني أسألك سؤال مهم… هتختار تنقذ صاحبك؟ ولا تروح لعروستك وتسيبه هنا؟”
وبص في ساعته، وقال
“على فكرة… الفرح خلاص قرب يبدأ، علشان لو اختارت عروستك يعني”
يوسف عض على شفايفه، عينه ولعت نار، قلبه بيدق كأنه بيعد ثواني ما بين الحياة والموت، شد نفسه من اللي ماسكينه، بص لياسين وقال بصوت عالي مليان غضب
“إنت مفكر إنك كده كسبت؟! لاء، أنا عمري ما هسيب صاحبي، ولا هسيب حقي!”
شد جسمه بقوة، خبط كوعه في وش واحد من اللي ماسكينه، التاني حاول يسيطر عليه، لكن يوسف كان أسرع، ضربه برجله ووقعه، واتقدم ناحية ريكاردو وهو بيزعق “ريك! متخافش، هطلعك من هنا!”
ياسين رفع حاجبه وبص حواليه، وقال
“يلا، وروني بقى الرجولة!”
رجالته هجموا، لكن يوسف كان بيقاوم بعنف، ضرب، اتخبط، لكن عينه ما سابتش ريكاردو، كأنه بيشوف فيه أخوه، واحد مسكه من ضهره، لكنه اتشقلب ووقعه على الأرض، وفضل يقاتل لحد ما قرب من ريك، حاول يفك الحبال، لكن ياسين جه من وراه
آدم قفل المكالمة بسرعة مع نور، ولما لف لقى محمد واقف قدامه بيسأله بقلق واضح
“يوسف فين؟ المفروض يكون نازل دلوقتي.”
آدم حاول يبان طبيعي، وقال وهو بيبلع ريقه
“لسه هشوفه، شكله اتأخر في التجهيز شوية.”
بصله بنظرة شك خفيفة، لكنه هز راسه وقال
“قولّه الناس بدأت تيجي… ولسه الصور”
آدم هز راسه وكمّل مشيه بسرعة، ووشه كان باين عليه التوتر وهو بينزل السلم يدور بعينه على أي أثر ليوسف، مرّ على القاعة، دخل أماكن الكواليس، سأل حد من المنظمين، بس كله بيهز راسه بالنفي
مسك موبايله تاني ورن على يوسف…
لسه مفيش رد.
آدم بدأ يحس بالخطر، وحس إن الموضوع كبر أكتر من إنه بس اتأخر.
عينه وقعت على تيمور، جري عليه وقاله
“يوسف مش موجود.”
تيمور ضحك وهو بيعدل الكرافتة
“يعني إيه مش موجود؟ بيجهز جوه ولا إيه؟”
آدم قال بسرعة وبصوت واطي
“مش في أوضته، والجاكت بتاع بدلته هناك، ومش بيرد… ونور بتسأل، و… مش لاقيله أي أثر.”
تيمور وقف فجأة، والضحكة اختفت من وشه، وقال هو بيطلّع موبايله
“يبقى في حاجة غلط… يوسف مش النوع اللي يتأخر عن لحظة زي دي، ومش بيرد؟! لاء، لازم نعرف فين راح.”
آدم قال
“هبدأ أراجع الكاميرات، وأشوف خرج إمتى ورايح فين.”
تيمور قال وهو بيجري معاه
“وأنا هبلّغ الأمن… لازم نتحرك بسرعة.”
لف يوسف لياسين بغضب، عينيه مولعة نار، وقال بصوت حاد
“انت فاكر نفسك بتعمل إيه؟!”
ريكاردو رفع راسه بسرعة، صوته كان مهزوز لكنه مليان أمل
“جوزيف؟! متسبنيش هنا”
يوسف قرب منه بخطوات سريعة، وشال الغطا من على عينيه بإيده، وقال وهو بيحاول يطمنه
“أنا هنا، متقلقش… هخرجك من هنا.”
ضحكة باردة خرجت من ياسين، قرب وهو حاطط إيديه في جيوبه وقال بنبرة كلها سخرية
“ده مش قبل ما أعمل اللي أنا عايزه… يا بَنّا.”
يوسف قرب من ياسين، عينيه ثابتة، ونبرته مليانة غضب مكتوم وهو بيقول
“اسمع… أنا مشكلتي مش معاك، ولو اللي باعتك راجل وقدّي فعلًا، مكانش اتجرأ وخد حاجة تخصني من الأول، ولا بعتلي قريبه يعمل الشو الرخيص ده.”
ضحكة عالية خرجت من ياسين، صوتها واثق ومتحدي، وقال وهو بيبصله من فوق لتحت
“اللي يمس عيلتي يخصني، ولو انت فاكر إنك لما تخسر عمي شركته، اللي هي كل حياته واللي تعب وشقي وكبرها، وتعدي منها سالم… تبقى بتحلم، خسارة قدام خسارة، يا بنا، وانت النهارده… هتخسر واحد من الاتنين”
يوسف قرب أكتر، صوته بقى واطي وبيخرّج الكلام كأنه سم
“لو اتدخلت، هتكون فتحت على نفسك طاقة جهنم… ومش هتعرف تقفلها، وعمّك اللي أنت خايف عليه، هتخسره، وهتروح تزوره في قبره من اللي هيحصله.”
ياسين رفع حاجبه وقال بتهديد
“تقريبًا انت ناسي الوضع اللي انت فيه حاليًا؟”
يوسف قال بسخريه
“لاء، أنا بفكّرك بعواقب اللي ممكن يحصل…”
ياسين اتنفس ببطء، وابتسامة ساخرة رجعت لوشه
“علشان انت متعرفنيش، بس هتعرف، أنا مبتهددش، ومبخافش، ولو كنت كده، مروان مكانش بعتني انتقم له.”
يوسف اتحرك خطوتين وقال بنبرة كلها غل “كان نفسي ييجي بنفسه… نفسي أقابله وش لوش أوي.”
“قريب، قريب أوي، مش هتشوف غير خلقته… بس مع حد غالي جدًا عليك، وده وعد… وعد من ياسين الدمنهوري يا بنّا.”
نور قاعدة على الكنبة، إيديها في إيدين بعض وبتضغط عليهم بقوة، عينيها بتجري في كل الوجوه حواليها، بس مفيش ولا كلمة بتدخل عقلها، الكل حواليها بيحاول يهديها، أصواتهم متداخلة
“أكيد جاي متأخر شوية بس.”
“يمكن حصل حاجة عطلته ”
“ما تقلقيش، يوسف عمره ما يسيبك كده.”
لكن قلبها مش سامعهم، قلبها بيصرخ بصوت أعلى من أي حل، كل لحظة بتعدي كأنها سنة، وكل ثانية يوسف مش فيها، بتخلي القلق يزيد أضعاف.
دخل آدم بسرعة، ملامحه متوترة وهو بيقول
“المأذون تحت وبيستعجل… والفوتوجرافر مشي”
الكلمات دي كانت كأنها طوبة نزلت على صدرها، كل آمالها بدأت تتفتت، حاجة جواها بتنهار بصمت.
رفعت عينيها ببطء، بصت حواليها… شايفة الكل بيتكلم، بيتحرك، بيحاول يفهم، بس هي مش معاهم، هي في عالم تاني…
كل اللي شاغلها دلوقتي سؤال واحد بس
هو فين؟
هل هو كويس؟
هل حصله حاجة؟
صوت في عقلها بيهمس بكل السيناريوهات…
بس مفيش إجابة.
هي قاعدة، ساكنة من بره، لكن عاصفة كاملة جواها مش سايبها تاخد نفس
ياسين بعد عن يوسف شوية، بدأ يتمشى قدام يوسف، رايح جاي، خطواته بطيئة لكن وراها نية واضحة، فجأة وقف، لف وبصله وقال بصوت هادي لكن فيه تهديد
“مينفعش نسيب العروسة مستنيّة أكتر من كده… لازم نطمنها، ودلوقتي، تختار، يا ترنّ عليها وتقولها إنك كنت بتلعب بيها، وإنك مش جاي…”
يوسف ضحك، ضحكته كانت عالية وصافية كأن حد حكاله نكتة بايخة وهو قرر يبالغ في رد فعله، ضحك كأن اللي بيتقال هزار.
لكن ياسين مغيرش ملامحه، بصله ببرود وقال بنفس النبرة
“يا إما… هقتِل صاحبك قدّامك دلوقتي، اختار.”
ريكاردو أول ما سمع الكلام ده، عينه وسعت، اتوتر، وحاول يتحرك رغم الرباط، وصوته خرج ضعيف ومخنوق من الخوف، يوسف لسه بيضحك، ضحكة كلها تحدي.
ياسين فضل ثابت، وقال وهو بيشاور حواليه
“مفيش وقت يا بُنا… المكان فيه قنبلة، وهتتفجر بعد خمس دقايق.”
يوسف سكت، الضحكة اختفت فجأة، عينه بدأت تلمع بتركيز، وبص حواليه بسرعة.
ريكاردو بدأ يهزّ راسه برفض، ووشه بقى كله قلق.
ياسين طلع موبايله، وفتح الستوب ووتش، ضغط على زرار البدء، وقال
“أربعة دقايق… وتمانية وخمسون ثانية.”
ريكاردو بص ليوسف، صوته طالع بخوف حقيقي
“جوزيف؟!”
دماغ يوسف وقفت للحظة، كل حاجة حواليه كأنها وقفت، الصمت كان تقيل، والتوتر مالي المكان، مش عارف يعمل ايه
ياسين قرب منه، ومدّله الموبايل بتاعه اللي خده منها
“كلمها، يلا.”
سكت لحظة، وبعدين كمل بصوت أهدى
“بس ياريت تقولها كلام يخليها تكرَهك… كلام يخليها متحبش تشوف وشّك تاني أبدًا، والا انت عارف”
يوسف كان واقف ثابت، أو مش مستوعب، زي اللي بيحل امتحان ولسه قدامه نص الامتحان في ٥ دقايق ومش عارف يبدأ منين، بس الامتحان ده اصعب بكتير
ياسين قال
” مفيش وقت للتفكير، أنجز قبل ما الوقت يخلص”
يوسف خد الموبايل من إيده، عينه سابت ياسين وبصت على الشاشة، باصص على اسمها
اتنهد، والنبض في ودانه كان بيخبط، بس ملامحه ثابتة، هادية… ده الظاهر.
ضغط على زر الاتصال، الموبايل بيرن…
نور كانت قاعدة وسط البنات، دموعها نازلة من غير صوت، أول ما سمعت نغمة يوسف، قلبها نط، قامت بسرعة ومسحت دموعها، وردّت وهي بتلهث
“يوسف؟! انت فين؟! أنا بموت من الخوف عليك، طمني…”
يوسف سكت لحظة، كانت سامعة أنفاسه بس، قالت تاني بنبرة متوسلة
“يوسف؟ قولّي بس إنك كويس…”
صوته أخيرًا طلع، بس كان غريب، بارد، مش يوسف اللي تعرفه
“أنا كويس، بس… مش جاي.”
الدنيا وقفت، نور اتجمدت في مكانها، صوت البنات حواليها بقى بعيد، قالت بصوت مهزوز
“يعني إيه؟!”
يوسف شد نفسه وقال بنبرة متعمدة تكون جارحة
“يعني كنت بلعب بيكي، كان مجرد وقت، تجربة، بس لقيت إني مش قادر أكمل تمثيلية الحب دي، أنا آسف لو فهمتي غلط، بس واضح إنك كنتي عايشة في وهم.”
نور سكتت، نفسها انحبس، وكل حاجة جواها وقعِت، قالت بصوت خافت
“انت بتتكلم بجد؟”
يوسف قفل عينه، وقال بصعوبة وهو بيحاول يثبت صوته
“آه… ومش عايز أشوفك تاني، انسيني يا نور.”
وفصل المكالمه بسرعه، مش قادر يوجهها
الموبايل وقع من إيد نور، والدموع اللي كانت ساكنة نزلت مرة واحدة، نحيب مش مسموع، بس وجع بيصرخ، البنات حواليها، بيحاولوا يفهموا، لكن هي كانت خلاص… اتكسرت.
في الناحية التانية، يوسف واقف، سنانه بتضغط على شفايفه، إيده بتترعش، والموبايل في الأرض، عينه على ريكاردو، وصدره بيطلع وينزل بسرعة.
ياسين بصله وقال ببرود
“برافو، عريس ممتاز… خلينا نخرج قبل ما القنبلة تشوف شغلها.”
يوسف كان واقف في مكانه، عينه لسه على الباب اللي خرج منه ياسين، ونبضه بيدق بعنف في صدره، وجسمه متجمد من وجع المكالمة… من صوت نور وهي بتنهار، من كل حاجة اضطر يقولها، وهو قلبه بيتمزق جوه صدره.
ياسين وقف عند الباب وقال بجفاف
“قدامك ٣ دقايق تفك صاحبك وتخرجوا يادوب.”
وبعدها خرج من غير ما يبص وراه.
صوت خطواته اختفى، وساب وراه صمت مخيف.
ريكاردو صرخ، صوته كان بيترعش من الخوف “جوزيف… فكني بسرعه، المكان هينفجر!”
يوسف اتنفض من مكانه، كأنه رجع للحظة، وبسرعة جري ناحية ريكاردو، إيديه كانت بتترعش بس بتتحرك بسرعة، بيفك الحبال
ريكاردو كان بيحاول يساعده بإيده اللي بتترعش وبيعدّ الثواني في دماغه.
اول ما يوسف فكه، سحب ريكاردو من إيده وقال بسرعة “يلا اجري!”
الاتنين جريوا بأقصى ما فيهم من قوة، أنفاسهم تقيلة، والطرقات في الأرض بتهز تحت رجليهم… وأول ما خرجوا من الباب الحديدي الكبير، ووقعوا بره على الأرض، والانفجار ملى المكان
يوسف كان نايم على الأرض، وشه مليان تراب، صدره بيطلع وينزل بسرعة، وركّز عينه في السما…
وكل اللي سمعه بعدها كان صوت واحد… ضحكة ياسين اللي بتتردد في دماغه زي الصدى
نور بعد ما سمعت كلام يوسف والخط اتقفل، مكانتش مصدقة، كانت حاسة إن قلبها اتشل، وإنها في كابوس مش قادرة تصحى منه، عينيها اتعلقت بالموبايل كأنه ممكن يرجع يتصل، يرجع يعتذر، يرجع يقول إن ده كله هزار… لكن مفيش.
البنات حواليها كانوا بيكلموها، بيسألوها
“نور؟ في إيه؟ مالك؟ يوسف فين؟!”
بس هي مكانتش معاهم… كانت غايبة عن الدنيا.
وقعت على الأرض، وعيونها باهتة، مفيهاش أي رد فعل.
البنات اتجمعوا حواليها، نزلوا لمستواها، بيحاولوا يفهموا، بيهزوا فيها، لكن هي ما كانتش شايفة ولا سامعة، كل حاجة كانت ساكتة جوا دماغها، إلا صوته… صوته البارد اللي قال
“كنت بلعب بيكي.”
“انسيني، يا نور.”
كانت بتهز راسها يمين وشمال، ببطء، كأنها بترفض تصدّق، بترفض تعترف إن ده حصل فعلًا.
“لأ… لأ… مستحيل… مش يوسف…”
وفجأة، بكل قهر الدنيا، فكت شعرها بعصبية، كأنها بتحاول تتحرر من كل حاجة…
قامت وقفت، ماشية بخطوات سريعة متلخبطة، وخرجت من الأوضة من غير ما تبص وراها.
اتنين منهم خرجوا وراها بسرعة، وعلى راسهم داليا.
نور نزلت السلالم بسرعة من الأوتيل، دموعها مغرقاها، مش شايفة قدامها.
داليا كانت بتجري وراها، تنادي عليها
“نور! استني! إنتي رايحة فين؟!”
لكن نور مسمعتش، أو يمكن سمعت ومهتمتش.
فضلت تجري لحد ما داليا لحقتها ووقعت بيها على الأرض
داليا حضنتها من كتفها وقالت وهي بتنهج
“نور… نور، في إيه؟ قولي في إيه؟”
نور كانت بتعيط بصوت متقطع، ووشها كله ألم، وقالت
“داليا… عايزة أمشي… لو فضلت هنا هموت… هموت والله… سيبيني أمشي.”
داليا حاولت تهديها وقالت بحنية وخوف
“يوسف قالك إيه خلاكي عاملة كده؟ قولي يا نور؟ قوليلي!”
بس نور هزت راسها، وعينيها كانت مكسورة وقالت بصوت باكي
“سيبيني…”
قامت وقفت تاني، وجسمها بيترعش، وكملت جري وهي بتعيط لحد ما وصلت للبوابة.
وقفت، بتدور حواليها زي التايهة، ولما شافت عمها جاي من جوه، جريت عليه بسرعة وقالت بلهفة
“عايزة أمشي من هنا… مشيني عشان خاطري!”
اتصدم من حالتها وقال
“اهدي يا حبيبتي… في إيه؟”
قالت وهي بتبكي بحرقة
“عايزة أمشي… مش هفضل هنا دقيقة واحدة… عشان خاطري.”
بص في عنيها، وشاف كل الانهيار والوجع، ماقدرش يقول لاء، عارف إن اللي فيها كبير، وإنها مش هتهدى غير لما تسيب المكان اللي كسرها.
مسك إيديها، وخدها معاه، وركبوا عربيته
من بعيد كان واقف، مش فاهم ايه اللي بيحصل وليه اليوم اتقلب بس قرر يمشي وراهم
يوسف كان واقف وسط التراب والدخان، أنفاسه تقيلة وجسمه كله بيترعش، هو وريكاردو خرجوا بأعجوبة من الانفجار، بس صدمة اللي حصل لسه مرسومة على وشوشهم.
ريكاردو قعد على الأرض وهو بيكح وبيقول
“إحنا لسه عايشين… يوسف، إنت خلصتني… بس التمن كان كبير.”
يوسف مسمعهوش، كان عقله كله مع نور، صدمتها بعد اللي قاله، اكيد دلوقتي منهارة، ازاي ممكن يصلح اللي حصل
بص حواليه، مفيش عربيات، مفيش أي طريقة سريعة يخرج بيها من المكان ده، كانوا في منطقة نائية، شبه مهجورة، والطريق بعيد وضلمه، حتى عربيته مش قادر يلاقيها
يوسف قرب من ريكاردو وسنده وقاله
“قوم… لازم نمشي من هنا… هنمشي على رجلينا لحد ما نوصل لبره
ريكاردو قال بصوت منهك
“نور؟ هتعمل إيه؟”
يوسف قال بنبرة فيها وجع مكتوم
“هحاول أوصلها… وأشرح… حتى لو مسمحتليش، هقول الحقيقة… بس مش دلوقتي، لازم نخرج الأول من ده، وبعدين أتحمل نتيجة اللي عملته.”
وبدأوا يمشوا وسط الضلمة، الطريق طويل، والسكوت بينهم تقيل
نور كانت قاعدة جنب عمها في العربية وهي بتعيط بحرقة، ملامحها منهارة ودموعها مش بتقف، حاولت تمسك نفسها لكنها فشلت، وكل شوية صوت شهقتها بيكسر الصمت.
السواق، وهو مركز في الطريق، قال لحسن
“في عربية ماشية ورانا من ساعة ما اتحركنا، مش طبيعي كده.”
حسن بص من المراية الجانبية وسأل
” متعرفش مين فيها ؟!”
السواق هز راسه وقال
“مش واضح مين فيها… الازاز مفيهوش رؤية.”
حسن قال بهدوء
” نوعها ايه العربيه دي”
السواق قاله نوعها وحسن قال ” معتزززز”
السواق قال وهو بيبطّئ السرعة
“انزل أشوفه”
حسن قال بحزم
“لا خليك ماشي زي ما انت، انا حذرته قبل كده ودلوقتي لازم يتحمل نتيجة عناده”
فتح فونه وكلم حد مهم من الداخليه وبلغ عنه أنه بيطارده وبيهدد سلامة عيلته ووصى توصيه محترمه عليه
باك
عدّت الأيام بسرعة، وفعلاً جه أول يوم امتحانات، يوسف كان واقف من بدري قدام المدرج اللي المفروض نور تمتحن فيه، عينه على كل طالبة داخلة، قلبه متعلق بلحظة يشوفها فيها، لحظة ممكن تغير كل حاجة.
في نفس الوقت، كانت نور واقفة قدام الكلية من بره، شايفة عربيته، بس مش شايفاه هو، قلبها كان بيدق بسرعة، بلعت ريقها بتوتر، رغم إنها لابسة كاب، وكمامة، ونضارة شمس، لكن القلق كان باين على ملامحها من جوه، فكرة إنها ممكن تشوفه كانت عاملة زلزال جواها.
طلعت فونها بسرعة ورنت على مروان، وبعد ثواني رد عليها بصوته المعتاد
“ايه يا نور؟ إزيك؟!”
قالت وهي بتحاول تثبت صوتها
“الحمد لله… تمام.”
رد بسرعة
“إنتي فين؟ في الكلية؟!”
قالت
“آه، قدام الكلية… بس لسه مدخلتش.”
سألها بقلق خفيف
“ليه؟ الامتحان خلاص خمس دقايق ويبدأ.”
قالت بخوف واضح
“أنا عايزة أدخل… بس يوسف ممكن يكون في الكلية؟!”
قال بنبرة هادية يطمنها
“عارف، شايفه واقف قدام المدرج.”
قالت وهي بتهمس
“طب… وأعمل إيه؟!”
قالها بحزم واهتمام
“ادخلي، هتلاقيني مستنيكي عند الكافيتيريا، غيرت مكانك متقلقيش.”
اتنهدت وقالت
“تمام…”
وقتها خدت نفس عميق، وشدت على شنطتها، وبدأت تمشي بخطوات مترددة…
يوسف كان واقف قدام المدرج وعينه على كل ملامح المكان، الامتحان بدأ، وهي لسه مجتش، قلبه كان بيقع كل ثانية، كل ما الوقت بيعدي، الأمل جواه بيقل…
“معقول مش هتيجي؟!”
سأل نفسه بصوت خافت، وعقله بيغلي.
يمكن فعلاً قررت تختفي، يمكن مش ناوية تسامح، يمكن خلاص انتهى كل شيء.
كان تايه، مش عارف يعمل إيه، كل اللي عارفه إنه لازم يشوفها، لازم يتكلم معاها… بس الطريق ليها مش واضح، كأنه مبقاش يعرف يوصلها.
وفضل واقف، رغم الإحساس بالقهر واليأس، لسه عنده أمل ضعيف… يمكن تظهر، يمكن.
أما نور، فكانت لسه خارجة من الامتحان، ودماغها مشغولة بيه… بيه هو، يوسف، كانت بتفكر طول الوقت، نفسها تشوفه، ولو مرة أخيرة، تشوفه بس، تملي عينها من شكله اللي وحشها رغم كل اللي حصل.
خدت نفس عميق ومشيت ناحية المدرج، وقفت من بعيد، شافته.
كان واقف، حالته متدهورة، وشه شاحب، باين عليه الإرهاق والتعب، كأنه مش بينام… كأنه موجوع.
سألت نفسها “هو عايز مني إيه؟! بعد ما وجعني كده، بعد ما وقعني ومشي… جاي دلوقتي ليه؟”
كانت لحظة مريرة، لأن قلبها لسه بينبضله، بس وجعها أقوى.
وفجأة، وهي غرقانة في تفكيرها، شافته بيرفع عينه… بيبصلها، شافها

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية نصيبي في الحب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *