رواية ارناط الفصل الحادي عشر 11 بقلم حور طه
رواية ارناط الفصل الحادي عشر 11 بقلم حور طه
رواية ارناط البارت الحادي عشر
رواية ارناط الجزء الحادي عشر

رواية ارناط الحلقة الحادية عشر
دخل أَرمان جناح الفندق اللي كانت سحر فيه…
لقاها مرمية على الكنبة، زجاجة الخمــ ـر بإيدها…
وعينيها شبه مغمضة وهي تضحك ضحكة فارغة…
اقترب منها بخطوات بطيئة، نادى:
ــ سحر…
مافيش رد… بس عينيها نص فتحة، شافته قدامها…
وبسبب السكـ ــر الشديد خيل ليها إنه راهب…
ابتسمت بضعف، مدت إيديها له…
وهو استغل اللحظة…
اقترب أكتر، وهي تتجاوب معاه ببراءة السكــ ـر…
تدندن باسمه:
ــ راهب… متسبنيش…!
أَرمان بص على ملامحها،شافها فرصة سهلة…
وبعد لحظات فقدت سحر كل ادراكها…
واستسلمت للوهم اللي كانت شايفاه…
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|عند ليلي|
دخلوا من الباب الخلفي للعمارة…
خطواتهم كانت سريعة وحذرة…
ريحة الغبار والرطوبة ضـ ــربت أنفهم…
أول ما فتحوا باب الشقة…
الأثاث متغطي بطبقة تراب خفيفة، والستائر مقفولة
وقفت ليلى في نص الصالة، عينيها بتلمع بمرارة…
كأنها رجعت لحياتها معاه، لورا بلحظة…
كل ركن بيحكي قصة، كل كنبة وكل خربوش..
في الحيط كان ليه ذكرى…
افتكرت ضحكته وهو بيجري وراها بالمطبخ…
|فلاش باك|
كانت ليلى واقفة في المطبخ، بتحضر الأكل…
أصابعها بتتحرك بنعومة وهي بتقطع الخضار…
ريحة الأكل بدأت تعبي المكان، دافية، فيها طمأنينة..
من غير ما تحس، دخل أرناط…
خطواته كانت خفيفة كأنه خايف يوقف اللحظة..
وقف وراها…
بهدوء، لف دراعيه حوالين خصرها…
حضنها من ضهرها بحنان…
وقرب شفايفه من رقبتها…
طبع قبلة شوق، دافية، خلت قلبها يدق أسرع…
همس بصوته الخشن الدافي:
ــ وحشتيني…
ليلى ابتسمت، صوته لمس قلبها…
لفت عليه برقة،حتت إيدها على رقبته، والإيد التانية. على خده، لمسته كأنها بتتأكد إنه حقيقي…
وباسته… قبلة مليانة حب وشوق…
همست وهي بتبص في عيونه:
ــ وانت كمان وحشتني أوي… اتأخرت ليه؟
ضحك أرناط، لمس طرف مناخيرها بأنفه وقال بحب:
ــ معلش، كنت بخلص شوية شغل…
بس أول ما خلصت رجعتلك بسرعة الصـ ـاروخ…!
ضحكت ليلى وهي تمسح إيده بلطف، عيونها بتلمع بفرحة خالصة:
ــ بحب حياتي معاك…
بحب أشوفك طول الوقت معايا…
بحب أسمعك وانت بتتكلم، مش بزهق منك أبدا…!
أرناط ابتسم بحنية، حضنها أكتر…
وفجأة، شالها من الأرض كأنها ولا حاجة…!
حضنها بقوة لصدره، وهمس في ودنها:
ــ وأنا بعشقك بكل تفاصيلك…
ما تخيلتش حياتي ثانية واحدة من غيرك…
انتي حلم… وأنا لسه مش مصدق إنه اتحقق وبقي بين ايديا…
ليلى غمضت عينيها، وحست بقلبها بيدق على إيقاع قلبه، كأنهم أصبحوا دقة واحدة..
المطبخ اتحول لعالم صغير، هم الاتنين بس سكانه…
والحب كان هو الهوى اللي بيتنفسوه…
|عوده من الفلاش باك|
ابتسمت ابتسامة صغيرة حزينة، وشالت إيدها…
تتحسس الترابيزة اللي جمعتهم أيام وليالي…!
صوت عالية رجعها لأرض الواقع فجأة…
شدتها من الغيبوبة اللي غرقت فيها…!
عالية بنبرة متوترة:
ــ ليلى… ليه؟ ليه مصرة تيجي الشقة دي؟!
أنتي عارفة إن البوليس أكيد بيراقبها…
غير أرمان اللي قالب الدنيا عليكي…!
لفت ليلى ببطء ناحيتها، عيونها كان فيها خليط بين التصميم واليأس بصوت مبحوح:
ــ غزل… قبل ما تمــ ـوت، قالت لي،دفتر مذكرات…
أنا متأكدة إنها كانت تقصد دفتر أرناط…
أنا كنت بشوفه ساعات يدخل مكتب، يقفل الباب… عليه، ويكتب في دفتر قديم جلد لونه بني…
بس أول ما كنت أقرب… كان يخبيه بسرعة…
كأنه بيخاف إني أعرف حاجة…؟
عالية كانت واقفة عند الباب…
كل شوية تبص وراها بخوف…
ــ طيب يا ليلى حاولي تلاقي الدفتر ده بسرعه…
مش لازم نفضل هنا اكتر من كدا…!
ليلى كانت ماشية بخطوات تقيلة كأنها داخلة على… قبـ ـر عينيها بتلف في المكان… الحيطان، الكنب… المكتب، كل حاجة بتقلب المواجع جواها…
دخلت غرفة المكتب، قلبها بيدق بسرعة…
الريحة، السكون، الظلمة…
كل حاجة بتضغط عليها…!
مدت إيدها ورجت الأدراج واحد ورا التاني..!
مفيش حاجة… مفيش غير أوراق قديمة…
وأقلام.. ناشفة، وصور كان بيرسمها..!
عينها وقعت فجأة على حاجة تحت المكتب…
انحنت… سحبت صندوق خشبي صغير مقفول…
قلبها كان بيخبط في ضلوعها…!
ليلى همست:
ــ ارناط…هو هنا… حاسة بيه..؟!
فتحت الصندوق…
ولقت الدفتر،جلده، وفيه ريحة مـ ــوته…
كأنه شاهد عاللي حصل…؟
مسكت الدفتر، وإيديها بترتعش…
وقلبها بيصــ ـرخ من جواها:
ــ أنا قتـــ ــلته… أنا اللي عملت كده…
بس كان غصب عني…!
ليلى قعدت على الأرض جنب المكتب…
ضامة الدفتر بين إيديها المرتعشة…
فتحت الصفحة الأولى بحذر…
كأنها خايفة تلمس الكلام اللي مكتوب فيه…!
خط أرناط كان منظم، بس البرد اللي بين الحروف… كان بيخترقها زي السكـــ ــاكين…!
قلبت أول صفحة، وظهرت ملاحظات متفرقة… مكتوبة بجفاف غريب:
ــ العينة متوافقة حتى الآن…
ــ لا أعراض جانبية ظاهرة…
ــ التقدم النفسي والعاطفي أعلى من النسبة المتوقعة…
ــ ضرورة استمرار المتابعة دون لفت الانتباه…؟!
ليلى شحبت ملامحها…
وكل حاسة فيها كانت بتصـ ـرخ خطــ ـر…
إيه اللي كان بيتابعه فيها؟
وإزاي كانت مجرد ،عينة، في نظره؟
رفعت عينيها عن الورق، وحست إن كل الذكريات الحلوة اللي عاشتها معاه، كانت بتتحطم واحدة واحدة…
عالية قربت منها، همست بخوف:
ــ ليلى… مالك؟ بتبصي كده ليه؟
بس ليلى ما قدرتش ترد.
أصابعها كانت بترتجف وهي بتقلب صفحة كمان، تلاقي مكتوب بخط مشوش:
ــ البروتوكول الثاني جاهز… يبقى الاختبار النهائي.؟!
قبل ما يستوعبوا أي حاجة تانية…
سمعوا صوت خربشة ورا الباب…
صوت حد بيحاول يفتح بحذر…!
عالية اتجمدت مكانها لحظة
وبعدين بسرعة جرت ناحية ليلى وشدت إيدها وهمست برجفة:
ــ لازم نمشي… حالا…!
ليلى كانت بتسحب شنطتها بسرعة…
لكن الدفتر وقع منها على الأرض…
انحنت تمسكه، إيديها بترتعش، بس مع اقتراب صوت الباب وهو بيتفتح، قلبها وقع.
عالية همست بانفعال:
ــ سيبيه… يلا…!
ليلى رفعت عينها المرتبكة لعالية، لحظة تردد…
ثم سابت الدفتر مكانه، وقامت بسرعة…
اتحركوا ناحية الباب الخلفي…
وقلبهم بيخبط في ضلوعهم من الخوف…!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|في ــ الصباح ــ بالفندق|
صحيت سحر على صوت رنين تليفونها…
اسم عبدالحميد بيظهر على الشاشة…
اتحركت بجزع وهي تحس بجسم غريب جنبها… التفتت ببطء، وقلبها وقع لما شافت…
أَرمان نايم جمبها ومبتسم…!
شهقت بهمس وغطت جسمها بالملاءة وهي بتقول بخوف:
ــ ايه اللي حصل؟! انت بتعمل ايه هنا؟!
أَرمان اتثاقل وقام، قرص خدها بخفة وهو بيضحك ببرود:
ــ صباح الخير يا أحلى واحدة…
كنتي لذيذة أوي ليلة امبارح…!
سحر أغمضت عينيها بألم، الــ ـدم كان بيغلي في عروقها… كل حاجة فهمتها فجأة…
بانفعال مكتوم قالت:
ــ إنت استغليتني… إنت… عملت فيا إيه؟!
ابتسم أَرمان بهدوء شيــ ـطاني وقال وهو داخل الحمام:
مفيش حاجة… انتي اللي كنتي عايزاني…
وسابها غارقة في صدمتها…!!
ثم!
خرج أَرمان من الحمام وهو بيعدل قميصه بهدوء… لمحة انتصار واضحة في عينيه. قرب من سحر وقال بنبرة باردة:
ــ بالمناسبة… غزل راحت عند ليلى وعالية…
وهي اللي رجعت شهد البيت…
ابتسم بسخرية وأضاف:
ــ وأنا اتصرفت معاها… قتـ ــلتها قبل ما تفتح بوقها وتقولهم كل حاجة تعرفها…
سحر شهقت وانفعلت فجأة، صوتها كان مليان غضب:
ــ إنت غبي! كل مرة تدخل في شغلي تبوظه..!
كان ممكن أسامحك على غبائك ده…
بس بعد اللي عملته… واستغلالك ليا…
خلاص، دورك خلص…؟
أرمان رفع حاجبه بتهكم وقال بتحدي:
ــ كنتي هتقدري تعملي إيه؟…انتي من غيري ولا حاجه…
سحر ابتسمت بســـ ـم وقربت منه ببطء…
فجأة طلعت مســ ـدس صغير من ورا ضهرها… صوبته على صدره وقالت ببرود:
ــ كان لازم تفكر قبل ما تلمــ ـسني…!
ضغطت الزناد بلا تردد…
طـــ ـلقة اخترقت صدره بجانب قلبه…
وقع أَرمان على الأرض يتلوى من الألم…
عينيه متسعة بالصــ ـدمة…!
سحر اتصلت بأحد رجالها، قالت بأمر حاد:
ــ خده… وارميه في أي مكان بعيد عن هنا…
رجالها دخلوا بسرعة، شالوه وهو بينـ ـــزف…
سحر وقفت تتفرج عليهم ببرود تام…!
بعدها دخلت الحمام، خدت شور طويل…
غسلت كل أثر لليلة دي، لبست فستان بسيط وأنيق… حطت مكياج خفيف، ونزلت من الأوضة كأن اللي… حصل مجرد حلم سخيف اختفى مع الصبح…
مشت في ممرات الفندق ورأسها مرفوعة…
كأنها ولدت من جديد…!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
راهب كان يجلس على المكتب…
سطور الورق أمامه كانت بيضاء…
قبل أن يبدأ بغمس قلمه في سواد نفسه…
كتب:
ــ عندما تتم الدورة الرابعة…
ــ ستفتح البوابة بين الماء والــ ـدم…
ــ وتنبض البذرة في الظلمة…!
ــ ستحس الحاملة بارتعاشة الروح…
ــ أول صفير للحياة يناديها…!
ــ ستجهل أول الأمر…
ــ وستحاول إنكار النبضة…
ــ لكنها، كما كان مقدرا…
ــ ستسجد للحقيقة الغائبة عنها…!
ــ سيقفل الباب في الليلة الرابعة…
ــ ويحكم القيد حول قلبها إلى الأبد…!
ثم!
رفع رأسه ببطء…
لمعت عينيه تحت الضوء الأصفر:
ــ ولا مهرب لمن وقع عليه الاختيار…؟!
ثم أغلق الدفتر ببطء…
كأن كل كلمة داخله كانت ختم قدر لا رجوع فيه…!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|عند ــ ليلي|
كانت الليلة ساكنة،هدوء خانق بيملأ أوصالها…
بس جواها… كان في عاصفة…!
ليلى حطت إيديها على بطنها…
مكان ما الألم الخفيف بدأ…كضوء ضعيف…؟
زي لمسة من يد مش مرئية…
شهقت بدون وعي:
ــ إيه ده…؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية ارناط)