روايات

رواية نصيبي في الحب الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم بتول عبدالرحمن

رواية نصيبي في الحب الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم بتول عبدالرحمن

رواية نصيبي في الحب البارت الرابع والثلاثون

رواية نصيبي في الحب الجزء الرابع والثلاثون

نصيبي في الحب
نصيبي في الحب

رواية نصيبي في الحب الحلقة الرابعة والثلاثون

اتجمدت في مكانها، لحظة سكون رهيبة، قلبها وقع، وبسرعة لفت ومشيت، خطواتها متلخبطة، بس مصممة تمشي.
أما هو، فبمجرد ما عينه وقعت عليها، حتى وهي متنكرة، قلبه اتشد، حاسس إنها هي، هي نور.
جريت؟ يبقى أكيد هي.
بدون ما يفكر، جري وراها، رجليه كانت بتتحرك أسرع من عقله، لازم يلحقها.
هي سرعت، وهو زود سرعته…
المسافة بتقرب، وهي بتحاول تهرب، بس هو مصمم يوصلها…
لأن اللحظة دي هي الفرصة الأخيرة.
وصلها ومسك دراعها وقفها، قال بصوت مبحوح
“نور…”
كانت واقفة ثابتة، ملامحها جامدة، بس جواها عاصفة، قرب منها بهدوء، وشال النضارة اللي على وشها بإيده المرتعشة، كان عايز يشوف عينيها… يشوف الحقيقة اللي مستخبية جواهم.
قال بصوت يحاول يكون ثابت
“افتحي عينيكي وبصيلي، حتى لو نظرات كره، بصيلي…”
فتحت عينيها ببطء، وبصّتله… وللحظة، كل حاجة وقفت، عينها اتعلقت بعينيه، والذكريات كلها رجعت دفعة واحدة.
نزل الكمامة اللي على وشها، عايز يشوف ملامحها، حتى لو متغيرة، حتى لو باين عليها التعب… كانت في نظره لسه أجمل من أي حاجة في الدنيا.
قال وصوته كان مخنوق بالشوق والقهر
“مش هسألك غير سؤال واحد… إزاي قدرتي تبعدي الفتره دي كلها؟ بالرغم من إني مقدرتش أسيبك أكتر من أسبوع… أول ما عرفت إنك تعبانه رجعت فورًا، مهمنيش غيرك، ليه لما عرفتي إني عايز أشوفك بعدتي أكتر واختفيتي؟ ليه مسمعتنيش وبعدتي عني كل ده؟”
كانت لسه ساكتة… وكل كلمة بتقطع فيها، رجعت خطوة لورا، زي حد بيهرب من مواجهة نفسه.
كانت دموعها على حافة الانهيار، بس لسه بتحاول تمسك آخر خيط من الكرامة
حاولت تتحرك بس إيده سبقتها ومنعها، وقال بصوت واطي مليان قهر
“أنا مش عايزك علشان أقولك نرجع، لأني عمري ما هجبرك… أنا بس عايزك تفهمي الحقيقة… حقيقة كلامي اللي كنت مجبر عليه، ويعزّ عليا إني أقول مجبر، بس ربنا وحده اللي شاهد إني كنت فعلاً مضطر،
عايزك تسمعيني… وبعدها أنا همشي،
بس لما أمشي… تبقي عارفة الحقيقة… وتكوني عارفة إني عمري ما حبيت غيرك،
أنا عايز لما أخرج من حياتك أبقى ذكرى حلوة… عايزك تعرفي أن قلبي مفيهوش غير واحدة بس…هي انتي… ومفيش حد تاني، لازم أحكيلك… وانتي لازم تسمعي.”
نور أخيرًا كسرت صمتها، بصوت متكسر بس حاد
“مش عايزه أعرفك تاني… سيبني فحالي،
أنا عمري ما هثق فيك تاني…انت أكبر كدّاب شوفته في حياتي، كدّاب في كل حاجه…سيبني فحالي.”
قال وهو بيحاول يسيطر على وجعه
“هسيبك… بس لما تسمعيني، مش هقدر أمشي وأنا سايبلك ذكرى وحشه…بس اسمعيني.”
هزّت راسها بحدة وقالت
“مش عايزه… مش عايزه أسمعك،
ابعد عني… أنا مش طايقة أشوفك.”
جت تمشي، مسكها من دراعها وقال “مش بمزاجك…
انتي مجبرة تسمعي، ومتقلقيش… مش هتسمعيني أنا.”
سحبت دراعها منه بعنف وقالت بصوت عالي
“لا انت ولا غيرك…
مش هصدّقك أصلًا!
وندمانه على كل حاجه صدّقتها منك،
معرفش كدبت عليا كام مره، بس غالبًا كدبت في كل كلمه،
وانت بتحب دايمًا تحط نفسك في دور الضحيّة، وانت اللي بتدمّر اللي حواليك.”
كان واقف، ملامحه بتتكسّر، قال
“أنا مش عايز منك أي حاجه… غير إنك تسمعي… لآخر مرّة… وبعدها… مش هجبرك عل…..”
فجأة، رن فونها.
طلعت الموبايل من شنطتها بسرعة، وقبل ما ترد، خطفه من إيدها، عينيه وقعت على الاسم.
“مروان.”
اسمه كان مطبوع على الشاشة بوضوح.
قال وهو ماسك الموبايل في إيده ووشه متجهم
“إيه ده؟!”
ردّت بسرعة وهي بتحاول تخطف الموبايل منه
“ملكش دعوة.”
رفع حاجبه باستنكار وقال بعصبية
“مليش دعوة؟! لاء علشان أكون فاهم… ده كان بيتواصل معاكي؟!”
قالت وهي بتحاول تحافظ على هدوئها
“دي حاجة متخصّكش، ومتتدخّلش… وبعد إذنك، متعطلنيش أكتر من كده.”
قال بين أسنانه وهو بيغلي من الغضب
“خربها وقعد على تَلّها ابن الـ…!”
نور برقت بعينها وقالت بسرعة
“احترم نفسك لو سمحت!”
بس هو تجاهل كلامها، وعينيه كانت مولعة نار، ولف فجأة ماشي ناحية مكتبه، وهو بيقول
“يا أنا يا هو النهاردة!”
نور اتخضت، قلبها وقع في رجليها، جريت وراه بسرعة وهي بتقول
“رايح فين؟!”
كان ماشي بخطوات سريعة، تجاهلها تمامًا، فزاد قلقها وقالت بصوت عالي
“يوسف، كلّمني هنا!”
بس هو مكمل طريقه، لا التفت لها ولا رد، وكأنه ما بقاش سامع أي حاجة، كان في كذا مكتب هو مش عارف ايه فيهم مكتبه، قرأ كل الأسماء بسرعه لحد ما لقا مكتبه
دخل المكتب بغضب عارم، الباب اتفتح بعنف ومروان اتفاجئ وهو واقف مكانه مش مستوعب اللي بيحصل، قبل ما ينطق بكلمه، يوسف كان قرب منه بسرعة، مسكه من قميصه وبدأ يشتمه بعصبية وهو بيضربه ضربات سريعة
مروان حاول يفلت، لكن يوسف كان فقد السيطرة تمامًا، الضربات كانت نازله عليه، لحد ما دخلت نور بسرعة، حاولت بكل قوتها تبعد يوسف، كانت بتصرخ
“يوسف كفاية! حرام عليك! وقف بقى!”
بس قوتها مكانتش تفرق معاه، مروان اضطر يزقه بقوة بعيد عنه وهو بيمسح الدم اللي نازل من بقه، وبص ليوسف بعصبية وقال
“إنت غبي؟!”
يوسف كان واقف بيتهز من الغضب، عينيه مليانه نار، وقبل ما يرجع يهجم عليه، نور وقفت قدامه ومدت إيديها تمنعه، وقالت
“يوسف! انت فاكر نفسك بتعمل إيه؟!”
قالها وعينيه مش بتفارق مروان
“أنا لسه معملتش… لسه هعمل!”
مروان قال بسخرية وهو بيشد نفسه
“وفاكر لما تعمل الشو ده، هتبقى راجل في نظرها؟ هي كده هترجعلك؟”
يوسف زفر بقوة، وبصله بحدة وقال
“لما تعرف حقيقتك، نبقى نشوف مين اللي راجل… عامل فيها دكر وانت أبعد ما تكون عنهم.”
بص لنور، وصوته بدأ يهدي بس نبرته كانت مليانه وجع
“يوم كتب الكتاب، بدل ما يفكر يواجهني بعتلي ابن عمه، الهمجي، خطف ريكاردو وكلمني هددني اني لو مجيتش هيقتله، ولما روحت هددني اني لو مكلمتكيش قولتلك اني مش جاي واني كنت بلعب بيكي وقتها هيفجر ريكاردو، ويا اخسره يا اخسرك، وقتها انتي هتبعدي وهو هيكون انتقم، بالرغم من اني كنت ناوي اساعده يرجع شركته، بس باللي عمله هو خسر شركته وابوه، وبسببي”
نور كانت مصدومة، بتبصله بعينين مفتوحة على آخرهم، ورجعت خطوه لورا وهي بتقول
“خسر أبوه بسببك؟ إنت…”
قال يوسف بسرعة
“مش زي ما انتي فاكره… بس آه، أنا دمرتله شركته، وأستاذ أشرف معرفش يستحمل الصدمة… وودع، بس هو السبب يا نور، فاكر إنه كده بينتقم مني… بس ميعرفش إن اللي بدأ، لازم يستحمل للنهاية.”
مروان رفع صوته وقال
“نور، انتي عارفاه… كداب! بيألف علشان يلعب على عواطفك… ده كله علشان تصدقيه!”
يوسف ضحك ضحكة مريرة، وبصله وقال
“بتاخد بوينت عندها كده؟ طب اسمع ده.”
طلع موبايله، وفتح تسجيل صوتي واضح جداً، فيه صوت ياسين وهو بيكلم مروان
“النهارده هنتقملك منه… كل حاجه هتكون خلصانه النهارده… اوعى تكون اتراجعت.”
جه بعدها صوت مروان، واضح ومليان غضب
“مش هتراجع… النهارده يوسف لازم يقع، لازم يدوق من نفس الكاس… لازم يدوق طعم الخساره ”
نور كانت واقفة مش مصدقة، مروان حاول ياخد الفون من إيد يوسف وقال
” انت مفبركه وجاي تكدب كمان”
يوسف شد الفون بعيد عنه وقال”مفبرك؟! ده صوتك، وأنت اللي نطقته، ولا هتقول كنت بهزر؟”
نور بصت لمروان ودموعها بتلمع، وقالت بصوت مكسور
“يعني… كنت السبب؟ كنت فعلاً عايز تدمره؟”
مروان قرب منها وقال
“نور… الموضوع مش كده، أنا…”
قاطعه يوسف وقال
“هو كده بالظبط، وأنا عندي تسجيلات تانية لو عايزة، بس دي كفايه تعرفك أني مكدبتش، وأن اللي حصل وقتها… كان غصب عني.”
نور بصت لمروان، وكل حاجة بقت واضحه قدامها
يوسف قال
“ابن عمك واضح إنه لازم يسجل المكالمات بينه وبين أي حد، وده فادني علشان أقدر أثبت اللي حصل بالظبط.”
بص لنور بعينين صادقة وقال
“أنا مليش أي مصلحة إني أكون بضحك عليكي وأذيكي، خصوصًا إنك بنت خالتي، مش بس حبيبتي… يعني من عيلتي، وعمري ما أقبل أذيتك من الغريب، فأكيد عمري ما هأذيكي.”
مد إيده في جيبه وطلع فلاشة صغيرة، مسك إيدها، فتحها، وحط الفلاشة فيها وهو بيقول
“دي كل التسجيلات اللي تثبتلك الحقيقة أكتر، لو سمعتيهم كلهم هتعرفي إني كنت في موقف صعب، وأكيد مكنتش هسمح إن صاحبي يموت، لو مات مش هعرف أرجعه… بس إنتي مكنتيش هتموتي لو قلتلك كده.”
بص لمروان بحدة وقال
“خسرت كل حاجة… خلي بالك على نفسك من اللي فاضلك، ياريت تكون اتعظت من كل اللي حصل، علشان لو شوفتك في طريقي مره تانيه، مش هتردد لحظه انسفك من على وش الدنيا ”
رجع يبص لنور وقال بنبرة هادية لكنها تقيلة
“أنا كده عملت اللي عليّا، وفهمتك اللي حصل، علشان لما أمشي أكون مرتاح إنك مكرهتنيش، وإن اللي حصل كان غصب… وكده أنا اتأكدت إن حظي في تكوين أسرة سئ
ابتسم ابتسامة حزينة وقال
“هتفضلي بنت خالتي، ولو احتجتي حاجة، كلميني… هكون معاكي.”
انسحب بهدوء… وهي كانت واقفة مكانها، مش مصدقة اللي سمعته، ولا اللي حصل قدامها.
قبل ما مروان يتكلم، صوت نور جه حاد وحاسم
“لو سمحت، لحد كده كفاية… أنت دمرت حياتي في أكتر يوم كنت مستنياه، بالرغم من إني طلبت منه يوقفك تاني على رجلك… وكان فعلاً بيبدأ، بس إنت نهيت كل حاجة.”
عينيها اتملت دموع، وصوتها اتكسر وهي بتقول
“أنا عمري ما هحب غيره… وإنت منعتني من الحب ده.”
مروان قال بارتباك
“نور، أنا بحبك… وكنت عايز أكون معاكي، منكرش إني كنت عايز أنتقم منه، بس برضه… بحبك، ليه هو خد كل حاجة؟!”
نور رمقته بنظرة تقيلة كلها وجع وقالت
“وأنا قلتلك… إني بحبه، شوفتني بتوجع، وبرضه مقلتش إنه كان مجبر يسيبني في اليوم ده، بعد ما كنت بحترمك… بقيت بحتقرك، للأسف.”
لفت ومشيت بسرعة من قدامه، وسابته واقف بإحساس مر، كأنه خسر كل حاجة للأبد، ودي مش اول مره، بس المرادي خسر بجد
يوسف رجع البيت وكان محمد خاله موجود، طلب منه يتكلم معاه شويه، يوسف قعد معاه، وقبل ما يتكلم محمد، يوسف سبقه بالكلام وقال بصوت هادي لكنه مليان تعب
“عارف انت عايز تقول إيه، بس وفر كلامك، أنا شوفت نور النهاردة، وفهمتها كل اللي حصل… وهمشي بكرة، خلاص، كل حاجة انتهت.”
محمد بصله باستغراب وقال
“يعني إيه هتمشي؟! بتهرب يا يوسف؟! ده اسمه هروب مش نهاية، أنت عملت اللي عليك، بس برضه لازم تفضل واقف، البني آدم اللي بيقع وميحاولش تاني بيكون بيموت بالبطيء.”
يوسف قال بصوت مطفي
“أنا مبهربش، أنا بس مش قادر أكمل حرب خسرانة، لما تبقى بتحارب علشان حد بيهرب من مجرد سماع صوتك، وقتها لازم تفهم إنك مهما عملت مش هتوصله، مش كل حاجة في الدنيا بتتصلح، ومش كل الجراح بتتعالج، في حاجات لما بتنكسر، مبترجعش.”
محمد قال بهدوء
“ولو هي كانت تستاهل، هتحاول تاني، مش علشان انت ضعيف، لاء علشان قلبك لسه حي… بس لو مش هتقدر تكمل، فامشي وانت رافع راسك، لأنك حاولت بكل الطرق تكون راجل، وتحافظ على اللي بتحبه.”
يوسف سكت لحظة، عينه نزلت على الأرض وقال
“أنا خسرت كل حاجة يا خالو، بس على الأقل مشيت وقلبي نضيف.”
يوسف طلع عند هبة، خبط على أوضتها ودخل بابتسامة خفيفة وقال
“فاضية؟”
هبة ابتسمت وقالت
“آه يا يوسف، تعال.”
دخل وقعد جنبها وقال
“إيه الأخبار؟”
قالت وهي بتبتسم براحة
“الحمد لله، أحسن كتير، النهاردة كانت آخر جلسة عند الدكتورة، حاسة إني بقيت بني آدمة جديدة.”
قال وهو بيبتسم برضا
“طب الحمد لله.”
سكت شوية كأنه بيجمع كلامه، وقال
“أنا خلاص همشي بكرة… هتيجي معايا؟”
هبة رفعت عينيها ليه وقالت بدهشة
“هتمشي؟! بجد؟ طب ونور؟!”
قال بهدوء
“شوفتها النهاردة، وفهمتها كل حاجة… وكده أنا عملت اللي عليّا.”
هبة قالت بحذر
“مش ممكن… ترجعوا؟”
هز راسه وقال بصوت فيه حزن ورضا في نفس الوقت
“مش هقدر أجبرها يا هبة… المهم عندي إنها عرفت الحقيقة، والباقي مش بإيدي، ها، هتيجي ولا هتفضلي هنا؟”
هبة قالت بصراحة وبنبرة خفيفة
“بصراحة… كنت عايزة أجي، بس سارة هتتجوز بعد شهر، وعايزة أكون معاها، وبعد كده هروح معاك.”
ابتسم وقال
“تمام… اتفقنا.”
دخل أوضته وقعد على كرسيه، كان سرحان بيفكر في اللي حصل، في كل كلمة قالها لنور، وكل نظرة شافها في عنيها. صوت الباب خبط بلطف، وبعد لحظة دخل آدم.
يوسف رفع عينه وقال بنبرة فيها قلق
“إنت كنت فين؟ رنيت عليك.”
آدم قال وهو بيقفل الباب وبيقرب منه
“كنت عند ماما… بطلعها من السجن، دفعت كل الديون اللي عليها، واتفقت مع بابا إني هبعتلها كل شهر مبلغ تصرف منه.”
يوسف ابتسم وربت على ضهره بحنان وقال
“عين العقل، دي مهما كانت، هتفضل مامتك، مهما عملت، مينفعش تكرهها، الأم ليها مكانة خاصة، وتعمل اللي هي عايزاه، وانت مينفعش تتكلم، علشان لما ربنا ييجي يسألك عنها، تكون بريت بيها وعملت اللي عليك… ياريتها معايا، مكنتش سبتها أبداً.”
آدم قال بصوت فيه شجن
“ربنا يرحمها يا رب… بس إنت عارف؟ لما خرجتها وقلت لها إني هبعتلها فلوس كل فتره، لقيتها عيطت وحضنتني، مكنتش متخيل إنها هتعمل كده… كنت دايمًا حاسس إنها بتكرهني.”
يوسف هز راسه وقال بهدوء
“مفيش أم بتكره عيالها يا آدم، ممكن هي كانت شديدة شوية، فإنت افتكرت كده… لكن هي مش كده، المهم، إنت حاسس بإيه دلوقتي بعد ما عملت كده؟”
آدم تنهد وقال وهو بيبتسم لأول مرة براحة
“هتصدقني لو قلتلك إني مرتاح؟ حاسس إن في غمة انزاحت من عليا… وبالذات لما طلبت مني أروح لها وأتطمن عليها كل فتره”
يوسف قال وهو بيبص له بدعوة صادقة
“ربنا يهديها أكتر وأكتر… ويهديك معاها.”
آدم قال وهو بيقعد
“يارب”
يوسف سأله ” بس انتي كنت قايل انك هتروح كليتك ولا انا متهيألي”
ادم هز رأسه وهو بيعدل قعدته وقال بتوضيح” لاء مش كليتي انا، نور قبل كده كانت طالبه مني اقدم لداليا تكمل تعليمها وكنت بشوف اي المتاح لوضعها وكده، بس بعد اللي حصل كنت نسيت”
يوسف ابتسم وقال ” كويس، داليا انسانه كويسه وتستاهل حياه احسن”
ادم غير الموضوع وقال” المهم، انت شوفت نور؟ إنهارده أول يوم امتحانات.”
يوسف اتنهد، قال وهو بيبص قدامه
“أيوه شوفتها… حكيتلها كل حاجة، شرحتلها اللي حصل من الأول للآخر.”
آدم بصله وقال بسرعة
“طب ومش هترجعوا؟”
يوسف هز راسه وقال بنبرة فيها حسم
“أنا همشي بكرة يا آدم… خلاص، كل حاجة انتهت.”
آدم اتنهد وقال بإصرار
“ليه؟ سيبلها فرصة حتى… يمكن تفكر، يمكن تراجع نفسها.”
يوسف بص له وقال بهدوء وعمق
“بص يا آدم، أنا مؤمن جدًا بحاجة… إن ربنا كاتبلي نصيبي، سواء كان حلو أو وحش، فأنا سايبها على الله، لو هي من نصيبي فأكيد هنلتقي، لأن نصيبك هيصيبك، فاهمني؟”
سكت لحظة وكمل
“لو كل واحد قدر يفهم إن اللي بيحصل معاه ده نصيبه ومكتوبله، وسابها على ربنا، هيرتاح… هيرتاح جدًا.”
آدم قال
“فاهم منطقك… بس برضه لازم تحاول، ولو مرة… فاهم؟”
يوسف ابتسم ابتسامة حزينة وقال
“ياما حاولت يا آدم… ياما والله حاولت، بس المرة دي مفيهاش محاولة، المرة دي هتكون إجبار… وأنا مش هجبر حد على حاجة، وزي ما قلتلك… أنا راضي بنصيبي.”
سكت شويه وقال ” إذا أردت شيئًا بشدة افعل ما بوسعك ؛ لتناله ثم أطلق سراحه ،
فإن عاد إليك فهو مِلكٌ لكَ للأبد ،
و إن لم يعُد فهو لم يكن لكَ من البداية”
تاني يوم ، يوسف كان واقف في صالة المطار، لابس قميص أبيض مفتوح من فوق شوية وبنطلون جينز غامق، شكله مرتب لكن عينه تعبانة، شايل شنطة صغيرة على ضهره، وجنبه شنطة سفر كبيرة، بص حواليه، ولسه مش مصدق إنه خلاص هيمشي… ويسيبها، كان في حلم جميل مش عايز يفوق منه
كان واقف قدام البوابة، قلبه بيضرب بسرعة، من الألم، من الندم، من الحنين
خلاص المفروض أنه هيطلع الطياره دلوقتي، بس حاسس أنه مش قادر، بس لازم، جهز نفسه أنه يطلع
بس فجأة، سمع صرخة بتخترق الزحمة
“يوسف!!!”
لفّ بسرعة، عينيه وقعت على نور… جاية بتجري، شعرها بيطير وراها، ووشها مجهد، بس عينيها… عينيها فيها كل حاجة، حب، خوف، ولهفة.
فضل واقف في مكانه، مش قادر يتحرك، مش مصدق إنها فعلاً جات.
وقف، مش قادر حتى ياخد خطوة.
وصلتله، وقفت قدامه، بتحاول تلم نفسها وهي بتنهج.
“كنّت هتسيبني؟!”
قالتها بصوت مبحوح
“يعني أنا ضحيت بكل حاجة، واتكويت، واتوجعت، وفضلت مستنياك، وكل ده علشان في الآخر تسيبني وتمشي؟!”
صمت…
“كنت فاكرة إنك هتحارب عشاني، إنك مش هتسبني بسهولة، إنك لو بتحبني بجد هتفضل تحارب، حتى لو الدنيا كلها وقفت ضدنا… بس أنت؟! اخترت تهرب!”
دموعها نزلت، ووشها فيه مزيج من العتاب والانكسار، قالت
“أنا كنت مستنياك… وأنت كنت بتلم شنطتك”
قال بصوت مكسور
“أنا عملت اللي عليّا، المفروض أسيبك تعيشي، تستريحي، تتنفسي…”
قاطعته وهي بتقرب منه أكتر
“أنا مش عايزة أعيش، ولا أتنفس، ولا أرتاح… من غيرك.”
قربت وشها من وشه، المسافة بين أنفاسهم بقت شبه معدومة، وقالت بصوت خافت، بس فيه نار
“أنا بحبك… ومش هقدر أعيش من غيرك، كنت هخسر حياتي، بس أنا جيت ألحق قلبي قبل ما يطير من بين إيديا.”
اتجمد مكانه، مش مصدق، هي فعلا موجوده؟ فعلاً جاية عشان تمنعه؟
مدت إيديها، حطتهم على وشه، قربته منها أكتر، وهمست بقلب بيخترق كل الحواجز
“أنا عايزة أكون ليك، وبس ليك… كل لحظة فاتت بعيد عنك كانت عذاب، أنا كنت عنيدة وخايفة… بس دلوقتي لا عناد ولا خوف يقدروا يبعدوني عنك.”
نزلت دمعة من عينه، حاول يخبيها وهو بيقول
“بس أنا جرحتك، سبتك في يوم مستنيتي فيه، و…”
قاطعته وهي بتحط إيديها على وشه، قربت منه وقالت
“جرحتني، آه… بس جرحي كان بسبب حبي، وأنا مستعدة أعيش العمر كله أداوي الجرح ده بس وانت معايا.”
يوسف قرب منها خطوة، كأنه أخيرًا استسلم، حضنها ببطء، حضن فيه كل الشوق اللي اتحبس جواه شهور، وبدون ما يتكلم، رفع راسه وبص في عينيها وقال
“أنا كنت همشي، وأنا ميت، مكسور، فاضي… بس دلوقتي، رجّعتيلي قلبي، رجّعتي يوسف اللي كان بيحبك ومش شايف غيرك.”
نور قربت منه أكتر، لمست جبهته بجبهتها، وقالت
“لو مشيت، هموت وأنا عايشة… بس لو فضلت، أضمنلك حياة حلوه ليا أنا وإنت بس، مهما الدنيا عملت فينا.”
يوسف بص في عينيها لحظة طويلة، وبعدين… ساب شنطته على الأرض، شدها في حضنه بقوة وقال
“خلاص… أنا اخترتك، وعمري ما هسيبك تاني.”
“أنا كل لحظة وانت بعيد كنت بموت… كنت بدعي في كل صلاة إنك ترجع، إنك تبرر، إنك تقول إني لسه غالية عليك… وكنت متأكدة إنك بتحبني، بس وجعتني، أوي يا يوسف”
رفع إيده على خدها وقال بصوت مخنوق
“أنا كنت تايه، بس قلبي عمره ما نسي صوتك، ولا ريحتك، ولا ضحكتك… نور، أنا مكسور، مكنتش عايز غيرك”
قالت وهي بتعيط
“وانا كمان، مفيش حاجه ليها طعم من غيرك… بحبك، غصب عني، رغم الوجع، رغم الانكسار، بحبك، ومستعده أبدأ من الصفر وانت جنبي”
هنا، لحظة صمت مهيبة نزلت، وكل حد حواليهم اختفى…
يوسف قرب، حضنها بقوة، حضن مليان لهفة، خوف، وندم، حضن فيه رجوع أرواح مش أجساد.
بعد لحظة، بص في عنيها، وقال
“أنا رجعت لنفسي برجوعك، عايز اعيش الباقي من عمري معاكي، عايز اكبر معاكي”
نور لمست وشه وهمست
“قولي إنك لسه بتحبني”
يوسف قالها وهو بيبوس إيدها
“أنا مبطلتش في يوم، انا بحبك، بعشقك، هموت من غيرك”
وبجرأة مش معتادة منها، قربت وباست طرف شفايفه، لمسة خفيفة، حنونة، مجنونة…
بس كانت كفيلة ترجّع الدم في عروقه.
وهو شدها في حضنه، قال
“نور… يا بنت قلبي… يا حب عمري… متقلقيش، أنا معاكِ… وللأبد”
تمت.

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية نصيبي في الحب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *