رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم الفصل الثامن والثلاثون 38 بقلم فاطمة طه سلطان
رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم الفصل الثامن والثلاثون 38 بقلم فاطمة طه سلطان
رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم البارت الثامن والثلاثون
رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم الجزء الثامن والثلاثون

رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم الحلقة الثامنة والثلاثون
أتخلى عن حذري معك أنا الذي أُشيد الحواجز وأُقلل حديثي وأفرُ ممن حولي لكنّي معك أجدني أفعلُ خلاف ذلك لمجرد شعوري بأنك منطقتي الآمنة وكلّ أحبتي…
#مقتبسة
أحببتَك
في مُنتَصف أيام
السَيئه وفي أزدحَام يومَي
وبين جَميع أفكاري
كُنت انتَ الفكَره الوحَيدهَ
ألتي أتَمسك بِطرفهَا لأنجَو .
#مقتبسة
كل هذه الندوب والخدوش خلفتها الاشياء التي احبها، ليس الوقت أو الزمان ، فقط كل الاشياء التي وضعت لها في صدري مكان !
#مقتبسة
_____________
تمتم حمزة بهدوء:
-عادي هي مش أول مرة يا ياسمين وبعدين أنا بردهم ليكي بعد كام شهر..
تحدثت ياسمين بنبرة متهكمة:
-بس دول غير كل مرة يا حمزة ده ثلاث أضعاف أي مبلغ أنتَ طلبته وهو الفترة دي عنده مشاكل في شغله مقدرش اطلب منه ده..ومش هيصدق إني هعوز المبلغ ده لنفسي…
-ده أخر كلام عندك ولا إيه؟ لأني مش معقول هفضل أهاتي اكتر من كده.
ردت عليه بقوة:
-اه اخر كلام عندي.
-خلاص نشوف هو رأيه في الصور إيه ابعتها ليه ونشوف رأيه إيه والمبلغ ده كتير عليها ولا لا؟؟؟..
الحقيقة أنها لم تندهش من وقاحته أبدًا..
تحديدًا وقاحة شقيقها..
هذه هي ليست المرة الأولى على اية حال التي تحصل بها على تهديد هكذا منه سواء تفوه به بطريقة واضحة أو رأتها في عيناه، أو قالها بطريقة غير مباشرة..
لذلك لم تندهش…
تمتمت ياسمين بنبرة ساخطة وهي تنهض من مكانها وتقف أمامه:
-عارف يا حمزة إيه أكبر غلطة عملتها في حياتي؟.
رد عليها حمزة بسخرية شديدة:
-أنك كنتي عارفة راجل تاني وأنتِ يعتبر مقرأي فاتحتك على جوزك؟..
يبهرها في كل مرة يظهر فيها انعدام رجولته الواضحة!!
هزت ياسمين رأسها موافقة ثم قالت:
-اه دي غلطة برضو غير مقصودة لأني مكنتش أعرف، بس مش دي أكبر غلطة، الغلطة الحقيقية أن لما جه يهددني أنا جيت وقولتلك وحكيت لأخويا علشان يشوفلي حل، كنت متوقعة تقتلني، تدبحني، أو حتى تديني بالقلم لكن مكنتش متخيلة أنك هتأخد منه الصور وتخلص الموضوع معاه هو وتساومني أنا…
أردف حمزة بنبرة قوية:
-كنتي احترمتي نفسك أولى ومكنتيش وصلتي لهنا إيه رأيك؟..
تمتمت ياسمين بألم حقيقي:
-معاك حق، بس متنساش أن كل ده كان تخطيطك وتخطيط ماما…
تحدث حمزة وهو يشير إلى كل ركن في المنزل:
-كويس أنك عارفة أن لولا أحنا كان زمانك لسه ماشية مع الشمام ده، ولا كان زمانك في العز ده كله، احنا جوزناكي جوازة مكنتيش تطوليها من أساسه، وحتى لما جيتي حكيتي ليا اللي حصل أنا وقفت جنبك والواد مفكرش يهددك تاني..
قهقهت ياسمين بسخرية ثم أردفت:
-كتر خيرك يا حمزة بتهددني بنفسك، يا اخي ياريت الغريب هو اللي بيهدد فيا أحسن ما اخويا هو اللي بيهددني…
الحقيقة أنها لم ترغب أبدًا في الزواج من ابن خالتها تم إجبارها بشكل كُلي.
كانت تحب زميلها في الجامعة الذي لا يمتلك أي شيء وكان بينهما صور غير لائقة رُبما فاضحة نعم تعترف.
ظلت على علاقة به لمدة سنوات حتى بعد انتهاء الجامعة ولم يكن هو يمتلك ما يجعله يتزوجها كما كان يزعم، أخبرته بأن ابن خالتها تقدم لخطبتها حتى أن قراءة الفاتحة تمت من دون معرفتها مع عائلته، بينما هو كان مسافرًا تلك الأشهر وعاد بعدها ببضعة أيام وقتها تمت الخطبة..
في فترة ما التهديد ظهر…
لم يكن لديها شخص كما كانت تظن تستطيع أن تحكي له المأزق الذي تتواجد فيه إلا شقيقها؛ شقيقها الذي يقوم بتهديدها الآن…
تنهدت ياسمين وهي تتذكر تلك الذكريات المؤلمة ما يصبرها على هذا كله توبتها الحقيقية ومحاولتها للعيش بسلام برفقة زوجها الذي يعاملها بكل رفق ولين، تحدثت بانزعاج جلي:
-روح قوله وابعت له الصور ويحصل اللي يحصل لأني مش هقوله على فلوس تاني واللي عندك اعمله، بس بالمرة افتكر شكلك هيكون إيه قصاده.
رد عليها حمزة ببرود:
-أكيد مش هيعرف أن أنا اللي باعتها..
رفعت حاجبيها بانزعاج وهي لا تستطيع وصف القذارة الواقعة بها ثم سمعته يهتف بنبرة هادئة:
-طب ليه نعمل مشاكل لبعض؟؟ أنا الفلوس دي محتاجها ضروري جدًا وهتكون أخر مرة؛ وأنتِ عارفة إني برجعهم بعد مدة مش كبيرة يعني مش باخدهم وخلاص، علشان خاطري ساعديني.
قالت ياسمين بغضب:
-المبلغ كبير جدًا مش هيصدق اني هعوزه لنفسي، وهقوله هعوزه في إيه حتى لو قولت….
تنهد حمزة ثم قال بجدية تلك المرة جعلتها تنظر له بـ سُخطٍ:
-قوليله إني عندي مشكلة كبيرة وأنتِ عايزة تساعديني من غير ما يكون هو في الصورة، ودي الحقيقة اهو………..
_____________
في منزل عائلة خطاب تحديدًا في الشقة التي تمكث بها شقيقة طارق “هدير”، كانت معها حور التي عادت بعد الدرس برفقتها إلى هنا للمذاكرة سويًا…
أردفت حور وهي ترى الكتب الموضوعة أمامها والتي على ما يبدو تركتها هدير هنا منذ ليلة أمس:
-بس أنا حاسة أن الدنيا بتتلم معايا والله دلوقتي في المراجعة..
قالت هدير بسخرية شديدة من حالها ومن الضغط الذي يعاني منه طلاب الثانوية العامة في الفترة القليلة التي تسبق الامتحان “فترة المراجعة” بعدما يتم الانتهاء من شرح المنهج كاملًا:
-أنا حساها بتتبعتر معايا أكتر يا حور اسكتي أحسن..
ضحكت حور ثم أردفت بجدية شديدة وهي تحاوب المساعدة قدر المستطاع فهي تعلم الظروف الصعبة جدًا التي تمر بها هدير فهي بمفردها تمامًا، هي نفسها تمر بظروف صعبة في عائلتها لكن على الأقل العائلة معًا وهناك من يهتم بها برغم من الضغوظ والمرض:
-أنتِ الكئابة مسكتك من ساعة العضوية ما بدأت وبعدها المراجعات، متخافيش هنقعد نذاكرها مع بعض وهبسطها ليكي أنا كل يوم بحل عليها تقريبًا قبل ما أنام….
ابتسمت لها هدير ثم هتفت:
-خلاص هعتمد عليكي.
-خير ان شاء الله.
سألتها هدير باهتمام عن حال إيناس:
-إيه مفيش أخبار عن جواد وجنى؟.
هزت حور رأسها نافية مغمغمة:
-لغايت دلوقتي لا بس من بكرا يعني يمكن الوضع يختلف علشان المحامي بدأ في الإجراءات تقريبًا، وأكيد جوزها لما يعرف بكرا هيخاف ده جبان بيعمل حاجة هو مش قدها أصلا…
تمتمت هدير بنبرة حزينة:
-حسبي الله ونعم الوكيل فيه، ربنا يعمل اللي فيه الخير، إيناس غلبانة.
تحدثت حور بنبرة عاطفية من الدرجة الأولى:
-أمين يارب، العيال وحشوني أوي رغم إني كنت طول الوقت بشتكي من دوشتهم وإيناس خست النص في الكام يوم دول أكتر من الأول، هي رجعت الشغل بس يعتبر لا بتأكل ولا بتشرب إلا لما ماما تصوت في وشها…
هتفت هدير وهي تحاول أن تواسيها:
-خير ان شاء الله يرجعوا في أقرب وقت وهي نفسيتها هتتحسن بمجرد ما يرجعوا…
-ان شاء الله..
حاولت هدير إضافة جو من المرح مغمغمة حتى تقوم بتغيير هذا الموضوع:
-إلا صحيح إيه اخبار الكراش، اللي بيكتب ده….
عقدت حور ساعديها وعبست ملامحها مغمغمة:
-لو سمحت متجبيش سيرة الإنسان ده تاني…
اندهشت هدير من طريقتها وحديثها فقالت:
-ليه بس؟؟ حصل إيه أنا مش فاكرة، أخر حاجة قولتيها عنه غير أنه تقريبًا المتابعين عنده كتروا شوية…
لوت حور فمها بتهكم:
-اه ياختي كتروا، وأول ما كتروا شاف نفسه وخطب…هما كده الرجالة غدارة…
ضحكت هدير ولم تتمالك نفسها حقًا…
أمامها فتاة مجنونة….
أردفت هدير بعدم تصديق:
-اللي يشوفك بتتكلمي عنه كده تقولي الراجل كان مرتبط بيكي ولا واعدك بالجواز ولا يعرفك أصلا، ده كل الحكاية أنك بتابعي اللي بيكتبه وعامله ليه فولو لا أكتر ولا أقل يعني ممكن يكون ميعرفش أنك موجودة على وش الدنيا…ده أنتِ بتخافي تعملي لايك أحسن يظهر عنده…
غمغمت حور مدافعة عن مشاعر غريبة:
-وإيه المشكلة يا حبيبتي؟؟ ما أنا اللي كنت بدعيله يتشهر وبعدين حتى لو الموضوع في خيالي كفاية إني اتجرحت وده يخليني اشوفه راجل غدار…وبعدين أخر فترة كنت بعمله لايكات على فكرة لما بدأ يكون عنده ريتش علشان في الزحمة مش هبان…
تحدثت هدير ساخرة:
-لا أنتِ لسعتي وضاربة منك على الآخر، بقولك إيه ما تيجي نعمل اندومي؟…
نست كل شيء ونهضت وهي تأخذ الكيس البلاستيكي المتواجد بجانب الكتب والتي أتت به وهي قادمة معها:
-يلا بينا مهوا البيت اللي أمك مش فيه اعمل الاندومي وعيش يا جميل….
_______________
يجلس ومعه أرجيلته الحبيبة موضوعه أمامه ومشتعلة، يقوم بتدخينها وعلى الهاتف يسمع أحدى أغاني القيصر القديمة التي تعود إلى التسعينات تقريبًا….
كان يدندن معها بسعادة بالغة لا يدري أحد من أين أتت له، لكن إذا كان يعرف زهران خطاب سيجد أن هذا هو الطبيعي وعكس ذلك هنا تحدث المشكلة…
فجأة توقفت الأغنية لتصدع أخرى للقيصر أيضًا لكنها تعلن عن اتصال هاتفي تأفف بضيقٍ هنا…
أمسك الهاتف ليجد الاتصال من رقم غريب لم يقم بتسجيله فأجاب متأففًا لأن المتصل قام بإزعاجه من المزاج الرائق الذي يتواجد فيه:
-الو..
أتاه صوت انثوي خافت وخجول:
-الو ازيك يا عمو زهران..
رد زهران باستغراب:
-مين معايا؟..
جاءه صوت ريناد معلنة عن هويتها:
-أنا ريناد قريبة بهية اللي أخدت رقمك في الكافية…
تحدث زهران بهدوء:
-اه ازيك يا بنتي عاملة إيه؟؟.
ردت عليه ريناد بنبرة مترددة:
-الحمدلله كويسة…
وجدها زهران حتى الآن لم تفصح عن سبب اتصالها فأردف باستغراب:
-خير يا بنتي اؤمريني؟؟؟..
-أنا عايزة أكلم نضال ياريت حضرتك توصلني بيه.
سألها زهران بدهشة كبيرة:
-لامؤاخذة أنتِ عايزة نضال ابني في إيه؟.
-شغل.
كانت كلمتها مختصرة…
أردف زهران بنبرة هادئة:
-استني كده هو هنا هشوفه بيعمل إيه لو فاضي هديهولك…
-تمام منتظرة.
ضغط على الأيقونة الخاصة بكتم الصوت ثم توجه إلى حجرة نضال الذي كان متسطحًا على الفراش والهاتف بين يديه يشاهد أحد الأفلام:
-خد كلم يا صايع يا ضايع ياللي بتخون البت الغلبانة خد كلم البت قريبة بهية اللي اسمها ريناد عايزاك؛ وقال شغل قال…..
رأى نضال من مسافة بعيدة الهاتف مما جعله يغمغم:
-إيه اللي بتقوله وريناد عايزاني في إيه؟.
-أسال نفسك يا حبيبي عايزاك في إيه؛ أنا كاتم الصوت، رد عليها وشوفها يا بية، مش طالعلي أبدًا شبههي بس مش طبعي، أبوك بتاع نسوان اه بس عمره ما كان خاين، خلفة عار…
ترك الهاتف على الفراش ثم رحل من الحجرة هنا أمسك نضال الهاتف بعدم فهم سوى بأن والده جعله خائن من لا شيء..
ألغى ما كاني فعله والده وأجاب بنبرة هادئة:
-الو.
جاءه صوت ريناد بتردد:
-الو معايا نضال؟..
-ايوة معاكي، خير في حاجة ولا إيه…
تمتمت ريناد بنبرة جادة تلك المرة:
-عايزاك في خدمة تساعدني اعلمها لدياب وياريت محدش يعرف الموضوع ده حتى هو نفسه….
_____________
يجلس على الأريكة بجوارها كعادتهما كل ليلة بعدما قام بصناعة مشروب عصير طازج لهما وتناولاه، كان الحاسوب المحمول “اللاب توب” موضوع فوق فخذيه يقوم بالتقليب بين الصور الفوتوغرافية التي تجمعه بأصدقائه، شقيقه، جهاد وحتى والده كان يبتسم حينما يرى توثيق ذكريات مازال أثرها يتواجد في قلبه..
أما جهاد تراسل شقيقتها على الهاتف عبر أحدي تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي وما أن اخبرتها سلمى بأنها سوف تخلد إلى النوم قررت الانتباة والالتفات إلى زوجها قليلًا وترى ماذا يفعل؟!..
أقتربت قليلًا برأسها لتجده يقوم بمشاهدة صورة لهما في حفل خطبتهما تقريبًا….
هذا ما جعلها تضع رأسها على صدره بهدوء:
-أنا بحب كل تفصيلة وكل يوم جمعني بيك…
تمتم سلامة بنبرة جادة:
-وأنا اكتر، الحمدلله أني كنت دايما بحط الصور أول بأول على اللاب توب، وبرضو كنت رابط الدنيا بالجيميل لو مكنتش عامل كده قبلها كان زماني بتحسر على الصور دي..
تحدثت جهاد بدلال وهي تداعب عنقه وخصلاته بأصابعها:
-عادي يا حبيبي هما الصور كده كده عندي…
أردف سلامة بتلقائية:
-عارف يا حبيبتي بس أنا مش بتكلم على صوري أنا وأنتِ وبس لا في صور ليا مع اصحابي من أيام ثانوي وصور ليا قديمة أوي..
عبست جهاد بملامحها فالأمر لا يعنيها هي فقط..
لاحظ عبوسها وفهم تذمرها فتجاهله قليلًا وهو يقوم بالتقليب والتنقل بين صور خطبتهما وقراءة الفاتحة وبعض الصور التي تجمعه بها في العمل وفي خروجاتهم سويًا، كانوا شغوفين على ما يبدو بتوثيق اللحظات فكلاهما يحب التصوير…
فجأة أثناء مشاهدتهما صورة جماعية لهما مع أصدقائهما أخذت جهاد تضحك كالمجنونة مما جعله ينظر لها باستغراب…
فهو يجهل حقًا ما بها..
-إيه هي الصور بضحك أوي كده؟..
حاولت التوقف عن الضحك بصعوبة شديدة وهي تغمغم من بين ضحكاتها:
-لا ابدًا افتكرت حاجة..
ضيق سلامة عيناه سائلا أياها باستغراب:
-افتكرتي إيه؟؟..
-حاجة وخلاص كمل عايزة اشوف الصور كان في صور نسيتها..
تحدث سلامة باستنكار شديد وهو يغلق الحاسوب ويضعه على الطاولة التي تتواجد أمامه:
-لا أنا عايز اعرف الضحك ده كله ليه؟؟..
تمتمت جهاد وهي مازالت جاهدة تحاول التوقف عن الضحك:
-حاجة جت في دماغي يا سلامة في إيه؟؟.
بنبرة عنيدة كان يرد عليها:
-حابب أعرفها معلش..
تحدثت جهاد بتردد:
-افتكرت يوم ما موبايلك اتسرق منك..
ضيق سلامة عيناه متحدثًا بعدم فهم:
-وإيه اللي يضحكك في كده؟ ده كان يوم ملهوش ملامح وكنت متنكد على الآخر، مسروق واجي الاقيكي واقفة فضحاني قدام اخويا وصاحبه وأني متربتش وكلام غريب.
ضحكت جهاد مغمغمة بجدية:
-مهوا ده اللي مضحكني…
تحدث سلامة بسماجة وعدم فهم:
-والله ده اللي مضحكك؟؟؟..
تمتمت جهاد وهي تنظر له:
-هقولك أصلا أنا جيت اتخانق معاك ليه لأني مقولتش ليك ساعتها ولا قولت لأي حد أصلا إيه اللي خلاني أعمل ده كله…
قال سلامة بـغباء استفزها:
-وإيه المميز في الخناقة دي ما احنا علطول كنا بنتخانق يعني؟..
أردفت جهاد بنبرة ضاحكة وعادت تضحك مرة أخرى وهي تخبره:
-أخر رسالة بعتها ليا قبل ما الموبايل يتسرق كانت اقلعي ساعتها اتجننت ده أنا بعت ليك صف رسائل طويلة تقريبًا كنت بغلط فيك وبهدلتك وأنا بكلم نفسي أصلا….
لم تكن هي الوحيدة التي ضحكت!!
بل بمجرد أن سلامة سمعها تقص هذا الأمر صار يضحك هو الأخر لا يصدق حماقتها وظنها به:
-هو مفيش ثقة خالص ولا أنتِ غبية ولا شكلك كده؟؟؟ هقولك اقلعي في الشات؟؟ طب ما أنتِ قدامي أربعة وعشرين ساعة في الشغل والعربية وفي كل حتة هاجي في الشات اصيع وانحرف يعني؟؟ ده أنا كنت بشوفك اكتر ما بشوف ابويا.
قالت جهاد بخجل طفيف من حماقتها وقتها لكنها حاولت الدفاع عن نفسها:
-عادي مفيش حاجة مضمونة سلمى اختي قالتلي أوعي تثقي في راجل مهما كان هو مين، وبعدين أفرض كنت بتفتح معايا سكة كان لازم أحط ليك حد…
تمتم سلامة بسخرية:
-اه مدام فيها سلمى معاكي حق، وبعدين يعني أنا هقولك اقلعي واجري اقفل النت ومردش عليكي ليه برمي صاروخ واجري وخلاص ما اقعد استنى طلبي احسن، ده أنتِ مفيش دماغ بربع جنية حتى مخروم…
تحدثت جهاد بانزعاج:
-طب تصدق بقا أنا غلطانة إني حكيت ليك…
ضحك وهو يحاوطها بأحدى ذراعيه يجذبها ناحيته بقوة وطريقة تزعجها:
-ده أنا هتسلى على الموضوع ده من هنا للسنة الجاية يا جهاد…
صاحت جهاد بنبرة منزعجة:
-متمسكنيش كده..
-بحضنك..
-أنتَ بتحضن كده حيطة براحة وبعدين أنا مش لوحدي أنا اتنين في واحد..
ضحك وهو يقبل رأسها:
-نسكافية يعني ولا إيه؟
قالت جهاد ساخرة:
-ظريف أوي ما شاء الله عليك..
تمتم سلامة بنبرة مرحة:
-عارفة لما فتحت اللاب توب كده وشوفت صورنا من أول ما عرفنا بعض وصور قراءة الفاتحة والخطوبة وصورنا لما بنخرج كنت ناوي بقا أقعد اقولك بحبك قد إيه في جلسة صفا كده لكن أنتِ دخلتيني في القلع مع أن مطلوب بس اللي مش مطلوب انعدام الثقة…
تغيرت ملامح جهاد مرة واحدة وهي تبتعد عن أحضانه بطريقة افزعته ليسألها:
-في إيه؟؟..
قالت وهي تنهض من مكانها ثم تمشي كالمجنونة:
-أنا سايبة كيكة في الفرن زمانها اتفحمت…
نهض خلفها مغمغمًا:
-ازاي أنا مش شامم أي حاجة…
ولج إلى المطبخ خلفها لتجد أن الفرن غير مشتغل ففتحت الباب الخاص به لتجدها أمامها هنا عقبت:
-أنا شكلي مولعتوش أصلا……
_______________
اليوم لم يذهب إلى المستشفى…
حتى أنه لم يغادر المنزل منذ الصباح على عكس عادته حتى إذا لم يذهب إلى العمل لا يستطيع الجلوس في المنزل يوم كامل…
على ما يبدو هو يتغير وهذا ما يحدث حينما يصل الإنسان إلى أواخر الثلاثينات من عمره أم أن اليوم هي مجرد حالة خاصة له؟!..
لا يعلم ولكنه شعر بأنه لا يرغب في الخروج أبدًا اليوم…ولحسن الحظ لم يكن لديها عمليات اليوم تم تحديد موعدها مسبقًا..
كان يحتاج للراحة ويظن بأنه يستحقها…
قرر الاتصال بشقيقته كالعادة التي غادرت منذ مدة مع مربيتها ذاهبة إلى حيث البلد الذي يجلس فيها عماد…
-يعني الأمور كلها كويسة يا نسمة…
سمع شيء من الهاتف الموضوع على أذنيه وقال باطمئنان:
-الحمدلله، إيه مش ناوية ترجعي بقا وحشتيني ولا عجبتك القعدة عندك؟؟..
سمع صوت ضحكاتها وهذا شيء اسعده رغم الفراق والحنين إليها، المنزل بدونها لا يعني أي شيء، وهو يعلم بأن نسمة لا تكذب، من مثلها لا يكذب بل يتفوه بالصراحة لو كانت غير سعيدة هناك كانت ستخبره أو ترغب في العودة على الأقل….
-خلاص يا حبيبتي انبسطي وارجعي وقت ما تحبي خلي بالك من نفسك ومن منيرة؛ هكلمكم بليل فيديو كول لما عماد يرجع من الشغل….
قام بوداعها ثم انتهت المكالمة ليجد مكالمة تأتيه من صديقه أحمد وهبي فأجاب عليه:
-ألو..
أتاه صوت أحمد من الهاتف ساخرًا:
“إيه بقيت حبيب ورجعت الملاعب ولا لسه؟ بقالك ساعة بترغي”.
رد عليه جواد بنبرة تشبه نبرته:
-حبيب إيه وزفت إيه، أنتَ رايق والله أنا كنت بكلم نسمة.
“هحاول اصدقك يا دكتور، المهم فينك كده، في المستشفى؟ ولا قاعد في حتة؟!”..
تمتم جواد بنبرة هادئة:
-لا أنا في البيت، بتسأل ليه؟.
تحدث أحمد ببساطة:
-أبدًا واحشني وعايز اشوفك بقالنا كتير مقعدناش مع بعض، مدام في البيت أنا جايلك ونطلب أكل نتعشى مع بعض.
ضحك جواد ثم أردف بنبرة مرحة:
-تعالى وأنا هعملنا عشاء، بس واضح يعني مدام نيفين سايباك على راحتك خالص على عكس العادة..
تمتم أحمد بهدوء:
-لا طبعًا مش سايباني ولا حاجة كل الحكاية أنها مسافرة امستردام عند أخوها هي والعيال أسبوعين كده وراجعين علشان الامتحانات، يلا أقفل أقل من ساعة ان شاء الله وأكون عندك، محتاج حاجة اجيبها وأنا جاي؟!!.
…بعد مرور ساعة ونصف…
كان جواد يقف في المطبخ يقوم بتقليب الدجاج الموضوع على الموقد والرائحة الشهية تتصاعد منه؛ ثم وضع الخضروات فوقه بطريقة مرتبة بالإضافة إلى الفطر ثم قام بوضع ورق الزبدة وفوقه ورقة من الألومنيوم ثم وضعها في الفرن..
بعدها قام بطهي الأرز وخفض درجة الحرارة ثم تركه ينضج على راحته وجاء ليجلس على المقعد بجوار أحمد الذي كان يقوم بمراقبته هاتفًا:
-أنتَ ممشي الناس ولا إيه؟ ده مفيش غير عم رجب برا، إيه الهدوء والصمت اللي في البيت ده.
تحدث جواد ببساطة:
-أنا قايلهم يجوا كل يومين ينضفوا البيت وخلاص أنا في الغالب بأكل برا أو بعمل أي حاجة خفيفة بليل لما ارجع ملهوش لزوم يجوا كل يوم ويفضلوا قاعدين؛ أنا كنت بحتاجهم علشان نسمة مش أكتر لما ترجع ان شاء الله بقا يبقوا يرجعوا يوميًا.
هز أحمد رأسه بتفهم ثم غمغم بنبرة جادة وهو يغير الموضوع:
-أنا بجد معجب بأنك بتحب المطبخ أنا مقدرش أقف اعمل لنفسي شاي أو قهوة سبحان الله يعني..
لم يرد عليه جواد بل صمت مبتسمًا فلم تكن المعلومة غريبة، هو يدرك اختلافهما في بعض الأمور ليس هذا الأمر وحده…
تمتم أحمد بهدوء:
-مالك يا جواد شكلك مش عاجبني؟..
تحدث جواد بوجوم:
-عادي مخنوق شوية ومكنتش حابب أنزل النهاردة، أنا من ساعة ما نسمة سافرت هي ومنيرة وأنا حاسس بالوحدة، يمكن أه مكنتش موجود في البيت طول الوقت وفي أيام كنت باجي بعد ما تنام بس على الأقل حاسسها حواليا…وقلقان عليها برضو..
قال أحمد ببساطة فهو مدرك ويعرف حالة نسمة منذ سنوات، فهو صديق إلى جواد منذ ما يقارب العشرين عامًا وأكثر:
-عادي يعني، منيرة معاها وكمان هي عند اخوها مش مع ناس غريبة واهي بتغير جو ومدام مبسوطة خلاص متقلقش نفسك على الفاضي..
تمتم جواد بعدم اقتناع:
-معاك حق…
سأله أحمد بفضول واهتمام وكان هذا الأمر سبب من ضمن الأسباب التي جعلته يأتي إلى هنا:
-المهم يعني متصلتش سألتني عملت إيه مع إيناس بعد ما اتواصلت معايا.
في الواقع..
الفضول كان يقتله للاتصال لكنه لم يحاول أن يظهر مهتمًا، وفي الوقت ذاته كان مطمئنًا بأن صديقه سوف يفعل اللازم..
تحدث جواد بنبرة حاول جعلها ثابتة:
-عادي كان ورايا كذا حاجة ومشغول وكنت أكيد هكلمك أسالك..
هتف أحمد بوضوح شديد عكس المعتاد:
-هي كلمتني وأنا قولتلها تيجي المكتب وهي جت فعلا مع أخوها، كنت ناوي أخلي حلمي هو اللي يقابلهم بس بصراحة كنت عايز أنا اللي قابلهم بنفسي كان عندي فضول أعرف مين الست اللي جواد بنفسه بيتصل بيا علشانها وعايزني أعمل حوار عليها مع أن الحوارات شغلتي أنا معرفش دخلت فيها أنتَ ليه يا دكتور؟.
لهذا السبب تحديدًا لم يحاول الإلحاح أو الحديث معه لمعرفة أي شيء منه هو لأنه يعرف صديقه…
حاول جواد الدفاع عن شيء يجهله:
-عادي واحدة شغالة في المستشفى وبساعدها بس مش عايز أكون في الصورة…
تمتم أحمد موضحًا وجهه نظره:
-بس مش أنتَ اللي تهتم بواحدة في المطلق للدرجة خصوصا دي مش قضية صعبة علشان تكلمني بخصوصها ده أي محامي من اللي قاعدين على القهوة قدام محكمة الأسرة يخلصها فمعتقدش أن الموضوع اصلا كان محتاج كل ده…أنا سمعت منها ومن اخوها تحب تعرف إيه اللي حصل؟…
يُحب جدًا وقرأ ذلك أحمد في عينه ولكنه أنكر مغمغمًا:
-عايز تقول براحتك مش عايز براحتك برضو…
أخذ أحمد يقص له الأمر باستفاضة:
-ماشي هقول علشان أنتَ عايز تسمع جت وسمعت منها ومن أخوها ظروف طلاقها تقريبًا ايده كانت طويلة…
كانت منتهبًا ومنزعجًا الكلمات مستفزة على مسمعه…
أسترسل أحمد حديثه باستفاضة:
-وراح اخوها ضربه في خناقة وخلاه يطلقها وخد عفشها؛ ومن كام يوم حصلت مشكلة واخوها راح ضربه هو وصاحبه وراحوا القسم بس بطريقة ما حد ادخل ما بينهم وطليقها وصاحبه اتنازلوا عن المحضر اللي عملوه لاخوها..
تحفز جسده وغضب لمجرد سماعه أو ما ينسجه عقله من تخيلات ثم أخذ أحمد يستكمل حديثه عن انطباعه عنهما:
-هي ست هادية ومش بتتكلم كتير، أما اخوها بقا عصبي جدًا وده كان باين وهو بيحكي أصلا وضربه لطليقها وصاحبه، هو شكله واد جدع لكنه مندفع بشكل كبير وايده سابقة دماغه، بس اللي هو حكاه أي راجل دمه حر كان هيعمل زيه..
أردف جواد باهتمام تلك المرة:
-طب وهتعمل إيه معاها ومع طليقها ده علشان الولاد..
-الموضوع سهل وحلمي ماشي في الاجراءات وهو وابراهيم متابعين الموضوع هو سهل يعني الحضانة معاها في كل الأحوال وحتى لو اتجوزت هتكون مع امها، وكمان اللي عرفته ان جوزها شقته مش باسمه باسم امه علشان كده هو مأمن نفسه أنها مكنتش هتنفع تأخد منه حاجة أوي بس لا لازم نرفعلها قضية نفقة.
ألقى كلماته الأخيرة بخبثٍ واضح…
فـ ضيق جواد عينه ثم تحدث بعدم فهم:
-هي ناوية تتجوز ولا إيه؟.
ضحك أحمد ولم يتمالك نفسه وهو يرى تعابير وجه صديقه:
-لا يا دكتور متقلقش، اوعى تقلق أجين ضغطك يوطى مننا ده وشك أصفر مجرد ما قولت؛ وبعدين أنا بفهمك الحالة القانونية وعلشان لو فكرت متقلقش يعني…
شعر جواد بالغبظ فصاح مستنكرًا:
-أفكر في إيه؟..
ببراءة شديدة كان يجيبه:
-تتجوزها، مهوا واضح أنك مهتم بيها وجواد اللي اعرفه ولا بيعرف يصاحب ولا غيره كل ست يعرفها بيكون عايز يتجوزها…
تحدث عن فكرة الزواج بطريقة منطقية متجاهلا اندفاعه، شعوره حتى الذي لا يستطع ترجمته:
-أنا مش هتجوز لا هي ولا غيرها..
ضيق أحمد عينه متحدثًا بتهكم:
-إيه عملوا ليك تروما ولا إيه؟ هو أنتَ ناوي تعيش لوحدك كده؟ ده اللي يشوفك بتتكلم كده ميشوفش لما كنت متجوز واحدة وعايز تتجوز التانية كمان، لا اتجوز وخلف، وبعدين أنتَ بتكابر معايا ليه؟ أنا متأكد أن في حاجة حتى لو أنتَ مش معترف لنفسك..
كاد جواد أن يتحدق مما جعل أحمد يقاطعه:
-اتجوز وخلف مفيش سنين تانية في العمر تستاهل أنك تضيعها على مفيش، أنا اه معرفهمش أوي لاني مش هدي انطباع من قعدة واحدة، اه في فرق بينكم وده معتقدش يفرق معاك.
ابتلع ريقه ثم قال بسخرية:
-لأن أحلام مكنتش بنت وزير يعني بس مش هتخسر حاجة مدام عجباك او في دماغك او حاسس بحاجة سميها أي مسمى اتجوز وافرح وعيش معتقدش يعني أن في ست هتكون أصعب من رانيا أو أحلام مهما كانت لو في قبول أتكل على الله.
نهض جواد هاتفًا وهو بدأ يشعر بالتشوش الغريب فهو يواجهه تقريبًا بحقائق كثيرة يحاول الابتعاد عنها:
-قفل على الموضوع ده يا أحمد، أنا هقوم اشوف الأكل أحسن….
_______________
بعد مرور يومين…
جلسة منذ وقت طويل لم تحدث بين الثلاثة….
”في القهوة”
التي تتواجد في نهاية شارع خطاب كان يجلس سلامة برفقة نضال ودياب، هو من اتصل بهما وطلب منهما الاتيان كان يحتاج الدعم والتفكير وأن يأخذ رأي أي شخص في الموضوع الذي يشغل عقله…
تحدث دياب بعدما انتهى من قهوته وأخذ نفس من سيجارته:
-دلوقتي ده واحد بقاله ساعة عايزنا بس منطقش بكلمة، أنا لازمتي إيه في الحوار ده، من الساعة تسعة الصبح عمال تاخدني في مشاوير تغير زيت وتعمل إيه، وبعدها أخرها جايبني القهوة مش كنا روحنا شوفنا الدنيا هناك
كان نضال منذ الصباح يحرص على إبعاده عن مكان عملهما الجديد…
تجاهله نضال ثم وجه حديثه نحو شقيقه:
-ما تنطق يا ابني أحسن بدل القعدة دي…
تحدث سلامة موضحًا أخيرًا قرر أن يتحدث:
-دلوقتي أنا من كام يوم قدمت على موضوع سفرية دبي اللي في الشغل والحقيقة يعني الشغل كله قدم بس عشرة بس اللي اتقبلوا وأنا منهم، أنا أصلا مكنتش متخيل أنهم هيردوا بالسرعة الغريبة دي…
ابتلع ريقه ثم أسترسل حديثه بعدم فهم:
-وعايزين نطلع ورقنا والحاجة وأنا مش عارف أعمل إيه، ولا أقول لجهاد ازاي….من امبارح بحاول اجيبها يمين أو اجيبها شمال إني اقولها ومش عارف…
ثم أخذ يسرد تفاصيل أخرى بخصوص العمل…
هو لا يرغب طوال عمره الاستمرار فيه، في النهاية الأمر كله ستة أشهر فقط حتى في المستقبل ينوي أن يكون له عمل أو شيء خاص به…
لكن في الأول كان يرغب في اكتساب الخبرة المناسبة التي تؤهله إلى تلك الخطوة..
تحدث نضال ببساطة شديدة:
-خلاص قولها كل اللي أنتَ عمال تقوله ده وبتتكلم عنه وهي يا تقنعك يا تقنعها مفيش حلول تانية يعني مع أن التوقيت رزل أوي بس يعني دي الظروف عرفها وأوصلوا لحل وسط..
غمغم سلامة ساخرًا وهو يرد على شقيقه:
-تسلم يا نضال والله مكنتش عارف من غير نصيحتك دي هعمل إيه..
قال دياب خارجًا عن صمته:
-مهوا عايزنا نقولك إيه؟ ما لازم تصارحها وتشوفوا الأنسب ليكم مع بعض وأي علاقة بين أتنين بيجي فترة لازم يتنازل فيها طرف للتاني يعني يا أنتَ هتتنازل علشان تفضل هنا يا هي هتتنازل وتسيبك تسافر في النهاية في حد هيجي على نفسه وده طبيعي، ومش هنقول تنازل قد ما هو تقدير ومساعدة علشان خاطر خطوة في حياة التاني.
غمغم نضال وقد اعجبته كلمات صديقه حقًا كانت كلماته منطقية لكنها غريبة على دياب، دياب لا يصلح للحديث في تلك الأمور في العادة:
-الله على الحكمة والكلام الكبير…
ثم وردته رسالة شاهدها على شاشة الهاتف فابتسم بهدوء وهنا بدأ يشعر بالراحة…
تحدث دياب بنبرة ساخرة:
-لا والله كل الحكاية إني عايز أقوم اروح.
قال نضال ببساطة وهو يفك أسره:
-خلاص اتكل على الله روح…
غمغم دياب ساخرًا بنبرة متهكمة وهو يجهل ما يحدث من وراء ظهره:
-أخيرًا اخدت إفراج طول اليوم ساحلني في مشاوير، يلا سلام..
ثم رحل..
هنا قام سلامة بتحريك مقعده نحو مقعد شقيقه ثم أردف:
-نضال أعمل إيه شور عليا؟.
صاح نضال مستنكرًا:
-ما تقولها يا سلامة وزي ما قولتلك أوصلوا لحل وسط وخير ان شاء الله هتعمل إيه غير كده؟ هنسفرك من غير ما نقولها يعني هو أنتَ مسافر اسكندرية صد رد؟؟…
______________
والدتها لا تتصل بها…
بعد الشجار الذي حدث؛ هذا الشيء جعلها تشعر بالضيق الشديد وهذا نابع من كونها تعلم بأنها مخطئة نوعًا ما…
لذلك كان أول شيء تفعله اليوم بعدما ذهب حمزة إلى عمله بأنها أخذت سيارتها ثم توجهت إلى الحي الذي يتواجد فيه شارع خطاب الذي يتوسطه البناية الخاصة بعائلتها…
اندهشت انتصار من إتيان سامية فهي منذ زواجها وهي لا تأتي إلا نادرًا وإذا أتت هذا بعد إلحاح شديد منها، استقبلتها انتصار استقبال جاف نوعًا ما عن المعتاد…
فهي مازالت غاضبة منها وغاضبة جدًا….
تمتمت سامية بنبرة بدت منفعلة:
-خلاص يا ماما هتفضلي كده مش طايقاني أقوم اروح أحسن؟؟..
قالت تلك الكلمات وهي تقف بجوار والدتها في المطبخ وهي تقوم بطهي الطعام…
تحدثت انتصار بنبرة هادئة وثابتة:
-انا كلمتك اصلا؟ أنا بحضر الأكل علشان نأكل…
أنتهت من تقليب الطعام ثم خرجت من المطبخ مما جعل سامية تتبعها إلى أن جلسا الاثنان على نفس الأريكة..
أردفت وقتها سامية بانزعاج وثورة شديدة لا تدري هل بسبب مناقشتها هذا الأمر أم لما تحمله من أشياء لا تستطيع البوح بها إلى أي شخص:
-هو كل ده علشان مجتش افتتاح مكان أستاذ نضال يعني هتخاصميني بسبب كده؟.
تحدثت انتصار بنبرة غاضبة تشابه نبرتها:
-يا بنتي هو أنتِ غبية؟؟ هو أنا كنت برضعك غباء طيب؟ هو أنا كل مشكلتي أن مجتيش أنتِ مجنونة؟؟؟؟
تمتمت سامية بنبرة مغتاظة:
-أومال إيه المشكلة؟ ما طبيعي مجيش أنا مش عايزة احتك بنضال ولا يكون فيه بيني وبينه أي شيء، وطبيعي أكون عايزة احافظ على بيتي….
قالت انتصار بانفعال حقيقي تلك المرة:
-هو في حد جه جنب بيتك؟؟؟ ولا جه جنب المحروس جوزك؟ وبعدين عملك إيه نضال يعني؟؟ ده من يوم اللي عملتيه حتى من قبل ما تتجوزي وهو مش بيجي جنبك من أساسه….
ابتلعت ريقها ثم أسترسلت حديثها بوضوح:
-تيجي أو متجيش دي حاجة تخصك لكن أسلوبك ده مش هينفع يا بنتي، دول أهلك…
قاطعها سامية بإصرار أن تجعل نفسها محقة حتى ولو في كرارة نفسها تدرك بأنه لا:
-طبيعي يكون في حساسية بيني وبين نضال علشان ده واحد كان عايز يتجوزني وبيجري ورايا…
-فوقي يا سامية لنفسك شوية، وبعدين لو مشكلتك مع نضال بس، طب علاقتك بسلامة ومراته؟؟ علاقتك ببنت عمك اللي لسه جاية يا عيني لوحدها؛ بلاش دول كلهم، علشان نضال اللي عاملك أزمة نفسية وهيضايق المحروس جوزك، طب بنات خالك علاقتك بيهم إيه؟..
ابتلعت انتصار ريقها ثم قالت بنبرة جادة:
-فوقي يا سامية وحسني علاقتك باللي حواليكي لأنهم أهلك، أنا مش هعيش ليكي العمر كله ولا حتى عمك ولا خالك، اللي هيتبقى في الأخر هما عيال عمك، نضال ومراته، سلامة ومراته، وفاء وعيال خالك، هما دول اللي هيجولك في الفرح والحزن ويقفوا جنبك لما تكوني في مشكلة، الموضوع في أسلوبك وتعاليكي الغريب كأن الناس كلها مش من مستوى جنابك…
تمتمت سامية بنبرة هادئة رغم شعورها بالقلق بسبب كلمات والدتها:
-بعد الشر عليكم وبعدين يعني أنا علاقتي مش وحشة بحد أنا بس بحب أن علاقتي بالناس تكون من الوش كده تكون سطحية أحسن، أنا ميمهنيش غيرك..
أردفت انتصار بانزعاج جلي:
-أنا مهما قولت بالنسبالك كأني مقولتش حاجة..
تحدثت سامية بنبرة كانت تقصدها:
-ماما لو سمحت خلاص حقك عليا وبلاش نتكلم أكتر من كده أنا مخنوقة جدا..
سألتها انتصار بحنان أمومي بحت رغم غضبها الشديد منها:
-مالك مخنوقة من إيه؟.
ردت عليها سامية كاذبة:
-أبدًا كنت زعلانة أننا مش بنتكلم ومخنوقة كده من غير سبب فـ علشان خاطري بلاش خناق أكتر من كده..
_____________
“خلصتي؟”
كانت تلك الرسالة هي التي أرسلها نضال إلى سلمى حينما اقترب موعد انتهائها من العمل…وكان هو انتهى من الحديث مع شقيقه..
أرسلت له سلمى رسالة بسيطة:
“لسه في كلاس تاني اخدته علشان صاحبتي مجتش”..
“ماشي اما تقربي تخلصي قوليلي”
“طيب”
هي لم تكن ترغب في رؤيته بسبب التخبط الذي تتواجد به منذ يوم الافتتاح، هي ليست مجنونة تعلم جيدًا بأنه ليس هناك شيء بل هي التي تعيش على الأوهام أو رُبما الحقائق لا تعلم حقًا لكنها لا تستطيع نفض هذا الشعور الغريب..
…في شقة السيدة يسرا…
كانت جهاد جالسة على الأريكة تراقب نضال الواقف يقوم بتركيب الستائر حينما وجدهما يتحدثا مع أحد الرجال بعد صعوده ويخبرهما بأنه لن يستطع المجئ…
فتطوع نضال بإنهاء تلك المهمة السهلة بالنسبة له..
قابلهما نضال أثناء دخولهما الحي بسيارته يحملان العديد من الأكياس البلاستيكية الثقيلة نوعًا فصعد معهما وأخبرته يسرا بنبرة مهذبة بأن يدخل ويصنعا له الشاي حتى أنها أقسمت بأنه لن يرحل بتلك السرعة بعد إرهاقه معهما…
ترك هاتفه على الطاولة ومفاتيحه وولج إلى الشرفة واقفًا بالداخل يقوم بوضع الحلقات الذهبية في الستارة أولا، ثم أخذ يحاول دق المسمار في الحائط، وأغلق الباب على نفسه حتى يعطي الخصوصية لهما بالداخل نوعًا ما وقرر أنه حينما ينتهي من فعل هذا سوف يذهب إلى سلمى حتى يعيدها ويقوم بتوصيلها كالعادة..
دخلت سلمى من باب الشقة بعدما تم إلغاء أمر صديقتها من الأساس…
أغلقت الباب خلفها ثم خلعت حذائها ووضعته في المكان المخصص لها وهي بالفعل لا تري أي شيء من إرهاقها بينما جهاد تجلس على الأريكة تشاهد التلفاز..
-الجو لا يطاق بجد…
قالت تلك الكلمات ثم أخذت تخلع خِمارها متمتمة:
-أنتِ مقولتيش أنك جاية يعني؟؟.
ردت عليها جهاد بهدوء وتركيزها كله مُصب نحو التلفاز:
-ماما قالتلي اجي اتغدى معاكم.
تحدثت سلمى بعدما خلعت خِمارها والجزء الذي يتواجد أسفله:
-هي ماما فين طيب؟؟.
-في المطبخ..
ذهبت سلمى ووقفت بجوارها بعدما أمسكت “الريموت” الخاص بالمروحة وقامت بزيادة سرعتها…
ثم حاولت النظر نحو التلفاز لترى ما الذي تعطيه شقيقتها انتباه إلى تلك الدرجة….
لتجده فيلم يعود إلى فترة السبعينات تقريبًا…
تنحنح نضال ثم فتح باب الشرفة الذي لم يكن مغلقًا بالكامل وطل منه مغمغمًا:
-أنا خلصتها الحوار مكنش مستاهل تجيبوا حد لأن أصلا…..
توقف عن الحديث حينما نظرت له سلمى باستغراب لا تدري كيف يخرج نضال من الشرفة الخاصة بمنزلها!!!!!!!!!!
تحدث نضال بنبرة مندهشة:
-أنتِ بتعملي إيه هنا مش قولتي مش هتخلصي دلوقتي؟؟.
غمغمت سلمى بعدما نهضت أما جهاد أخذت تتابع ما يحدث بعدما جاء فاصل إعلاني يمنعها من متابعة فيلمها:
-أنتَ اللي بتعملي إيه هنا؟..
جاءت يسرا من المطبخ متمتمة:
-جيتي يا سلمى؟..
ثم اندهشت من أن ابنتها متخلية عن خِمارها في وجود نضال تعلم أنه زوجها ولكن ليس من عادة سلمى، أردفت يسرا بنبرة حنونة:
-عرفت تعملها يا نضال..
تحدث نضال بنبرة مغتاظة وهو يوجه بصره ناحية سلمى:
-اه خلصت..
تمتمت يسرا بنبرة لطيفة:
-تسلم يا ابني تعبناك معانا، تقعد تتغدى بقا مدام سلمى جت..
أردف نضال بنبرة غاضبة:
-هي قالتلي أنها هتتاخر أنا عايز أعرف بقا هي إزاي تيجي…
تمتمت سلمى بنبرة لا تقل عنه غضبًا:
-عادي الكلاس اتلغى خالص وبعتلك على الواتساب علشان أقولك إني هروح وقولتلك اللي حصل مردتش عليا…
تحدث نضال بانزعاج واضح:
-متصلتيش ليه؟..
هتفت سلمى بنبرة جادة:
-مجاش في بالي قولت ممكن تكون بتعمل حاجة مدام مردتش عليا يبقى مش فاضي وبعدين أنا ركبت علطول وجيت المكان مش بعيد أصلا…
أردفت يسرا بتوتر من الأجواء:
-خلاص يا ولاد حصل خير هو سوء تفاهم مش أكتر..
قاطع نضال حديثها بوضوح شديد وهو يشير ناحيتها:
-لا يا طنط ده مش سوء تفاهم هي متعمدة تعمل كده، هي أصلا من يوم الخميس وهي مضايقة مني بطريقة مش فاهمها، قولتلها في حاجة عملتها زعلتك تقولي لا، طب مالك متغيرة ليه؟ تقولي مفيش..
تمتمت جهاد بنبرة جادة وحكيمة لا تناسبها أبدًا:
-إيه رأيكم كفايا خناق ونأكل وبعدين تقعدوا كده ونشوف ليكم حل..
رغم غضبه إلا أنه جلس وأدركت سلمى متأخرًا جدًا بأنها كانت أمامه من دون خِمار لأول مرة فذهبت إلى حجرتها حاولت تغير ملابسها إلى تنورة وكنزة أخرى وقام بارتداء خِمار أخر، ثم أخذت تقوم بمساعدتهما في وضع الطعام تحت نظراته الغاضبة جدًا….
تناول الجميع الطعام على مضض ثم جلس في الشرفة في انتظار الشاي الذي وعدته به السيدة يسرا التي كانت تصنعه في المطبخ بينما سلمى تحتجز جهاد في الحجرة…
-شايفاني جيت يا غبية وقعدت جنبك وبرغي معاكي إلا ما نطقتي وقولتي أنه هنا وسايباني اقلع الخُمار..
تحدثت جهاد وهي تدافع عن نفسها بينما سلمى تستند بمعصمها على المقعد التي تجلس هي عليه:
-ماخدتش بالي، أنا كنت مركزة مع الفنانة فاتن حمامة في أفواة وأرانب حقيقي أنا معرفش وأنا صغيرة كنت شايفاها طيبة ازاي…
غمغمت سلمى بانزعاج جلي:
-أنتِ عايزة تشليني؟؟..
أردفت جهاد بعدم فهم:
-أنا مش فاهمة أنتِ مالك؟؟ ما يشوف شعرك مهوا جوزك، ده المفروض كنتي توريه حتة من الكتف بالمرة، إيه الزهق ده الراجل هيطفش منك أهو سامعة…
اقتربت منها سلمى بأعين شريرة تعرفها جهاد جيدًا مما جعلها تتحدث بسرعة وخوف حقيقي:
-لا أبوس ايدك بلاش عض، انا غلطانة، أنا غبية بس بلاش عض، متعضنيش قدام ابني بلاش جوزي اللي هيشوف العضة لأنه مش بيهمك بس شكلي قدام ابني ولا بنتي إيه؟؟؟؟
فتحت يسرا الباب ثم ولجت إليهما متمتمة:
-أنا عملت الشاي روحي اشربي معاه الشاي واقعدي معاه واحترمي نفسك كده ومتعمليش موضوع من لا موضوع الراجل كان كل همه أنه يوصلك وشكله بيتكلم بجد أنتِ أصلا قالبة وشك من يوم الخميس فعلا لما كنا في الافتتاح حتى معايا.
كلمات والدتها ازعجتها بدلًا من الوقوف بجوارها هي تؤكد صحة حديثه التي تعلم في كرارة نفسها بأنه صحيحًا..
أخذت الشاي الخاص به ثم ولجت إلى الشرفة لتضعه على المقعد الذي لا يتواجد له مسند ويتواجد بين المقعدين ثم جلست على المقعد الآخر…
سألها نضال بنبرة أكثر هدوئًا من بداية حديثهما:
-كدبتي عليا ليه؟ بلاش كدبتي عليا ليه، لأنك بعتالي على الموبايل بس أنتِ عارفة إني مش بركز أوي وكذا مرة اقولك اتصلي أحسن، ده معناه أنك عملتي كده علشان تبقي عملتي اللي عليكي وبعتي، المفروض أفهم من كده أنك كنتي مش عايزة تشوفيني أو بتتجنبي تشوفيني..
نظرت له بانبهار حقيقي بكل ما تحمله الكلمة من معنى فهو قام بالفعل بتحليل فعلتها كما يجب وكأنه دخل إلى عقلها…
تحدث نضال بنبرة جادة وهو يسألها:
-لأخر مرة بقولك يا سلمى إيه اللي مضايقك أو مزعلك مني وخليكي صريحة أحسن علشان منفضلش نزود في الخناق ونفضل قاعدين ند بـ ند لأن ده مش هيوصلنا لـحاجة أبدًا…
أردفت سلمى بنبرة مترددة وهي عاقدة ساعديها كأنها جالسة في جلسة رسمية ليست في منزلها أو بطريقة أدق في الشرفة مع الرجل الذي من المفترض أنه زوجها:
-ممكن أقولك جملة قولتها ليا في مشكلة حصلت قبل كده؟؟..
لم يفهم ما تقصده لكنه أردف بنبرة عادية:
-قولي…
تمتمت سلمى بأكثر نبرة صريحة وصادقة في الوقت نفسه استعملتها معه:
-أنا مش من حقي أغير عليك؟..
هو اندهش من اعترافها الواضح رغم أنه من ضمن الاحتمالات التي أتت في عقله بأنها تغيرت بعدما أتت سيرة سامية لكنه لم يرغب في أن يسألها سؤال مباشر في أمر هكذا حتى لا يتفاقم الأمر…
رد عليها ببساطة شديدة وهو يناظرها:
-حقك..
أسترسلت سلمى حديثها بوضوح وهي تنظر له:
-وأنا لما بفتكرها أو بتيجي في بالي أو سيرتها تيجي قصادي بضايق..او حتى لو أنا اللي جبت سيرتها.
هي تغار من أمراة كان يظن بأنه يكن لها المشاعر، لكن تلك المشاعر لا تقارن أبدًا بما يشعر به نحوها هي……………
كاد أن يتحدث لكنها أسترسلت حديثها بنبرة عقلانية:
-الكلام اللي قولته قبل كده أنها بنت عمك وأن ده طبيعي يجي سيرتها وأن ده وضع أنا عارفاه من الأول وأن طبيعي تجتمعوا كل ده أنا عارفاه بس مع ذلك اضايقت، ودي حاجة أنا مش هقدر أقولك غيرها، أو غير حياتك قبل ما اجي ولا هقدر أقول لنفسي متغيريش…
مد يده ووضع كف يدها بعدما حلتهما وفكت عقدتهما، وضعه بين راحة يديه:
-سلمى أنا مش عايزك تدي الموضوع ده أكبر من حجمه هو موضوع وخلص وأنا مقدر كل كلمة قولتيها، بس لازم تعرفي أن مفيش دلوقتي أي حد غيرك في حياتي وفي بالي وفي قلبي…
نظرت له نظرة متوترة وتسارعت أنفاسها لكن فجأة صوت رنين الجرس هو ما جعلها تسحب يدها من يده بشكل تلقائى مقاطعًا مشاعر جياشة تحوم في الأرجاء بعد اعتراف عاطفي منه نوعًا ما تلك الأحاديث بينهما ليست طبيعية في علاقتهما رغم أنها زوجته، لكن الفترة الماضية كان الأمر أشبة ب خطبة يتعارف الاثنان بها..
أتت والدتها من الداخل ثم فتحت الباب بعدما أشارت لهما بأن يظلا في مكانهما، وجدت والدتها بأنه الصبي الذي يعمل في المتجر التي طلبت منه بعض المشتريات…
تابعت سلمى الأمر بعيناها وكذلك نضال الذي قال مرة واحدة والباب مازال مفتوحًا ووالدتها تتحدث مع الصبي:
-على فكرة أنا كلمت الراجل، وهما هيجوا بقى يتصرفوا علشان نقفل المطبخ خالص علشان ترتاحي مع أن أنا مبحبش كده، بس اللي أنتِ عايزاه يعني في النهاية دي شقتك أنتِ ولازم تكوني مرتاحة فيها فكري بقا بالمرة لو في حاجة تانية محتاجة تغيريها..
تمتمت سلمى بنبرة جادة وهي تضيق عيناها:
-بجد؟.
-ايوة..
أردفت سلمى بنبرة ماكرة:
-بس إيه اللي خلاك تغير رأيك مرة واحدة يعني كان باين انك متمسك بكلامك..
-حبيت أعمل اللي يريحك وبس، وأكيد لما احسك مرتاحة وراضية هكون مرتاح…
ابتسمت له، ثم وجدته يسترسل حديثه بعدما أخذ رشفة من كوب الشاي الموضوع أمامه:
-بمناسبة الغيرة بقا ريناد كلمتني وكانت عايزاني في موضوع…
نهضت سلمى من مقعدها ثم وضعت يدها في جانبيها بطريقة سريعة:
-ريناد؟ ريناد مين..
-هتكون مين يعني؟ ريناد قريبة بهية…
-كلمتك ليه…
تمتم نضال مبتسمًا وهو يجدها تقف أمامه كأنها على وشك الانقضاض عليه:
-ياستي أقعدي، سبيني أكمل كلامي، وبعدين يعني ضيعتي لحظة أول مرة اشوفك من..
تمتمت سلمى بنبرة متوترة مقاطعة حديثه بسرعة جعلته يضحك أثناء حديثها وهو يراقب تورد وجنتيها وخجلها الواضح؛ فهو رأى شعرها وهذا شيء ازعجها:
-أنتَ خلص الشاي وانا هجيبلك حاجة تانية تشربها، بُص أنا هعملك قهوة سادة وتحكيلي بقا ريناد كلمتك ليه….
_______________
في المساء…
كانت جالسة على الفراش متذمرة وكل شيء بها غاضب مما يحدث..
هي لا ترغب في أن تستمر حياة كهذه…
هي عازمة على قول الحقيقة مهما كلفها الأمر…
أتى زوجها زين من الخارج بعدما كان يُنهى بعض المكالمات الخاصة بـعمله…
جاء ثم ترك قُبلة على رأسها بحنان شديد تعتاده منه في ل تفاصيلها معه…
-معلش يا حبيبتي اتأخرت عليكي..
أردفت ياسمين بتردد رغم أنها لا تجد أي حل أخر:
-ولا يهمك…
ثم أسترسلت حديثها مغمغمة:
-زين أنا عايزة اتكلم معاك شوية لو ينفع…
كان يحدثها بإرهاق طفيف:
-مينفعش نأجل الكلام لبكرا؟ ولا الموضوع مهم للدرجة؟..
هزت ياسمين رأسها بنبرة متألمة:
-لا مينفعش معلش أنا محتاجة أتكلم مش هقدر استنى أكتر من كده..
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم)