روايات

رواية ارناط الفصل العشرون 20 بقلم حور طه

رواية ارناط الفصل العشرون 20 بقلم حور طه

رواية ارناط البارت العشرون

رواية ارناط الجزء العشرون

ارناط
ارناط

رواية ارناط الحلقة العشرون

|مساء – بيت يوسف|
يوسف يجلس على الأريكة،راكان يلعب في الغرفة
وصوت هاتفه يرن اسم المتصل،راهب…
يوسف يرد:
ــ أيوه يا راهب؟
راهب بعصبية:
ــ أنا وصلت البيت، إنت أخدت راكان ورحت فين؟! أنا مش قايلك ماتتحركش غير لما اجي؟!
يوسف بهدوء:
ــ أنا في بيتي… والولد معايا، ما تقلقش…
راهب منفعل:
ــ الله يخربيتك يا يوسف! إنت اتجننت؟
بتاخد الولد على بيتك؟!
يوسف:
ــ فيها إيه يعني؟ الولد لطيف جدا…
رهيفا كمان حبته أوي…!
راهب يحذره:
ــ آه …بس أمه مش لطيفة…
ومش هتفكر لحظة لو عرفت إن ابنها عندك…
ممكن تروح فيها إنت ومراتك،يا يوسف!
يوسف بدأ يشعر بالتوتر:
ــ طيب… أعمل إيه؟
راهب بصوت حازم:
ــ اسمع اللي هقولك عليه ونفذه بالحرف…!
يوسف يصمت، يستمع جيدا، نظراته جدية…
ثم يغلق الهاتف بهدوء. رهيفا تخرج من المطبخ…
رهيفا بقلق:
ــ مالك،يا يوسف؟ حصل حاجة؟
يوسف يحاول السيطرة على صوته:
ــ جهزي نفسك… هننزل حالا…
رهيفا:
ــ ننزل؟ هنروح فين؟
يوسف يرتدي جاكيت بسرعة:
ــ هوديكي عند أمك… تقعدي معاها يومين…!
رهيفا باندهاش:
ــ ماما كويسة! ليه عايز تمشيني من البيت؟
يوسف وهو يبحث عن مفاتيحه:
ــ يلا يا حبيبتي، مش عايزين نتأخر…
لسه هنسافر الشرقية، والطريق طويل…!
رهيفا تنظر له، تدرك أن هناك شيء خطيــ ـر…
لكنها لا تسأل أكثر. تبدأ في تجهيز نفسها بسرعة…!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|شقة سحر – مساء|
إضاءة خافتة، ستائر مغلقة، سحر تجلس على الأريكة بثوب داكن، أمامها طاولة عليها كأس مشروب… ورجلها صلاح واقف بالقرب منها.بحزم:
ــ أنا هقلب كل مكان يخص راهب…
مخازنه، شققه، وحتى الأماكن اللي بيقابل فيها… رجالته. لازم ألاقي راكان…
سحر بانفعال، تمسك الكأس بقوة:
ــ راهب مش غبي يا صلاح… مش هيخطف ابني اللي كنت مخبياه عن الدنيا كلها… ويسيبه في مكان احنا نقدر نوصله!
ترتجف يدها من الغضب، ثم فجأة ترمي الكأس في الحائط، يتحطم بصوت حاد…
صلاح يحاول تهدئتها:
ــ راهب كان عارف بوجود راكان من الأول…
وعارف يستخدمه ضدك في الوقت المناسب …!
سحر تتنفس بصعوبة، تمرر يدها على جبينها:
ــ سفر عبدالحميد النهارده هيديني شوية وقت… أرتب أفكاري… وأقرر أنا هعمل إيه…
صلاح بانتباه:
ــ تامريني بحاجة دلوقتي؟
سحر ترفع يدها دون أن تنظر له:
ــ امشي… عايزه أكون لوحدي…
مش طايقة أشوف حد…
صلاح يومئ برأسه بصمت ويخرج من الغرفة…
سحر تغمض عينيها لحظة…
ثم تفتحهم وفي نظرتها وعد بالانتقام…
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|بعد المغرب، في غرفة هادئة|
ليلي كانت بتكتب ملاحظات عن شادي…
أكله ونومه،لكن فجأة لاحظت حاجة…
شادي، اللي لسه في عمر ست شهور…
قاعد بيتفرج على المكعبات اللي قدامه…
بس مش بيتعامل معاها زي أي طفل…
كان بيبدل مكان كل مكعب…
بنفس الترتيب اللي بتحطه ليلي …
في الرف بعد ما تنضفه…
ولما غيرت أماكنهم قدامه،ابتسم…
وبدأ يعيد ترتيبهم بنفس النمط القديم…
كأنه بيختبرها…
ليلى قلبها دق بسرعة،تهمس:
ــ إنت حفظت ترتيبهم؟
هو ماكانش بيتكلم…!
بس نظرته كانت مركزة علي، إيديها،كأن بيقولها:
ــ أنا واخد بالي… من كل حاجة…!
في يوم تاني…تذكرت ليلى!
كان في نقاش بينها وبين عالية في الصالة…
عن موضوع حساس…ولقوه بيبكي فجأة…
بس مش عشان جعان أو متضايق…
كان بيبكي وقت ما عالية قالت كلمة ،خطـ ــر…
عالية مستغربة:
ــ هو… فهمنا؟
ليلي:
ــ مستحيل. بس شادي مش طفل عادي…!
من بعدها، بدأت تلاحظ:
شادي بينتبه لعيون الناس، مش لصوتهم…
بيركز على ملامح الوجه…
بيرمش لما حد يكدب…
وبيضحك بس لما الكلام يكون صادق…!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|بعد مرور يومين|
خرجت شهد من الكافيه بخطوات هادئة…
عصاها البيضاء تتحرك أمامها بثقة تحفظها ذاكرة… الأماكن. الجو ساكن، لا صوت إلا همسات الشارع… ونبض المدينة في المساء. وقفت في المكان المعتاد. اللي دايما بتنتظر فيه سواقها، متولي…
وسمعت صوت سيارة بتقف قدامها…
فتحت الباب بهدوء،
وقبل ما تتحسس أي حاجة قالت بصوت عاتب:
ــ اتأخرت ليه يا عمي متولي؟ أنا واقفة بقالي كتير…
في الكرسي الأمامي، كان رائد بيبصلها بنظرة مبهورة. دي هي. البنت اللي بييجي مخصوص عشان يشوفها كل يوم، ولأول مرة تبقى قدامه بالشكل ده…
راكبة عربيته من غير ما تعرف!
ابتسم، قلبه بيرقص فرح…
وحرك العربية على مهل…
عينه كانت مش بتفارقها من المراية…!
شهد وهي قاعدة في العربية…
بتشم ريحة عطر مش مألوفة…
فبتكشر وتقول بتوتر:
ــ استنى… أنت مش عمي متولي. دي مش ريحته…
رائد بهدوء، بيحاول يطمنها بصوت رخيم ومتزن:
ــ عندك حق… أنا مش عمي متولي…
شكلك اتلخبطتي والعربية شكلها شبه عربيتك…
وأنا لقيتك داخلة وما حبيتش أزعجك…!
شهد بسرعة تمد إيدها لشنطتها…
وبتدور على تليفونها، أصابعها…
متوترة وهي تتحسس الزرائر:
ــ لو سمحت… وقف العربية فورا…
رائد وهو بيركن على جنب بسرعة وبهدوء:
ــ حاضر… خلاص، وقفنا. بس بالله عليكي…
ما تخافيش. أنا مش هــ ـأذيك… اهدي…
شهد بنبرة شكاكة:
ـ إنت مين؟ وليه سايبني أركب عربية مش عربيتي؟
رائد ياخد نفس عميق…
ويحاول يكون صادق في نبرته:
ــ لأنك كنتي باين عليكي تعبانة…
ومشيتي بسرعة ناحية العربية…
ولما قلتي اتأخرت ليه…
خفت أقولك الحقيقة فجأة تتوتري…
بس والله ما كان قصدي أي حاجة وحشة…
شهد تسكت لحظة، كأنها بتحلل صدقه من صوته وبعدين تقول بنبرة أقل حدة:
ــ بس صوتك… سمعاه قبل كده. فين قابلتك؟
رائد يبتسم، ونبرته دافئة:
ــ في الكافيه… من حوالي شهر. خبطتيني بالغلط… وإنتي خارجه، وقلتي أنا آسفة ومشيتي بسرعة…
شهد بصوت هادي:
ــ آه… افتكرت. إنت كنت لابس جاكيت خشن… حسيته لما خبطت فيك…
رائد بدهشة لطيفة:
ــ صح، إنتي عندك ذاكرة حس رائعة…!
شهد بابتسامة خفيفة، لكن لسه حذرة:
ــ ما قلتليش… إنت عايز إيه مني؟
رائد:
ــ ولا حاجة. بس حبيت أتعرف…
من غير ما أبان فضولي أو مزعج…
شهد:
ــ طب وأنت ليه ما قلتش إنك مش السواق…
قبل ما العربية تتحرك؟
رائد بعد تردد بسيط:
ـ بصراحة؟ لأني اتوترت… وحبيت أتكلم معاكي حتى لو دقايق. مش عايز أكون مجرد صدفة…
شهد، بنبرة فيها شيء من القبول:
ــ طب طالما نيتك سليمة…
وصوتك مش مـ ـرعب… وصلني…
رائد بصوت ناعم:
ــ زي ما تحبي… بس لو قابلتك تاني…
تسمحيلي أقول اهلا، واعزمك على فنجان قهوه؟
ضحكت شهد بهدوء:
ــ لو عرفتك من ريحتك أو صوتك…
هرد عليك. واقبل عزومتك…
رائد ابتسم، لكن قبل ما يرد…
عينه راحت للمرآة الجانبية…
ووجهه اتبدل فجأة…
ضوء عربية سوداء من غير نمر بتقرب بسرعة… وبتلحقهم، وسائقها بيدوس على الكلاكس…
مرتين كأنه بيبعث تحذير…
رائد ضغط على دواسة البنزين فجأة…
وشهد اتشبكت في الكرسي:
ــ في إيه؟! ليه سرعت كده؟!
صوته اتغير، بقى مشوش، فيه خوف لأول مرة:
ــ معلش، فيه عربية ورا شكلها بتتابعنا…
ماتخافيش، أنا مش هسيبك…
شهد مسكت طرف الباب، وجسمها كله توتر:
ــ مين بيتابعنا؟! إنت مين أصلا؟!
رائد ما ردش، بس العربية كانت بتزيد سرعتها… والطريق حوالينهم بدأ يضلم أكتر من العادي…
وكأن الدنيا كلها سكتت تستنى اللي جاي…؟!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في أحد المستشفيات الخاصة، كان يعقد اجتماع… لمجموعة من رجال الأعمال والمستثمرين…
هدفه دعم المستشفى والتبرع لها…
انتهى الاجتماع، وتفرق الحضور في الممرات…
وهم يتبادلون التحايا والابتسامات…!
راهب كان يسير بجوار صديقه الدكتور رائف
الدكتور رائف بامتنان:
ــ شكرا بجد يا راهب إنك لبيت دعوتي…
وتبرعك الكبير ده؟ مش عارف أشكرك عليه إزاي…
راهب بابتسامة هادئة:
ــ يمكن أنا اللي محتاج أشكرك…
عن التبرع يمكن يخف ذنوبي…!
رائف بتعجب:
ــ مش فاهم قصدك؟
راهب بصوت منخفض، كأن الكلام خرج منه غصب:
ــ انسا الموضوع… لو احتجت أي حاجة هنا، بلغني…
قبل أن يرد رائف، جاءت ممرضة مسرعة وعلامات القلق على وجهها…
الممرضة دخلت بسرعة، ملامحها مشوشة
وعينيها فيها لمعة رجاء:
– دكتور رائف! في مريضة حاولت تنتحـ ــر…
نــ ـزفت كتير،ومحتاجه نقل د،م حالا…
فصيلتها نادرة جدا، ومش موجودة عندنا…!
رائف وقف، وجهه اتشد، وصوته خرج متوتر:
ــ فصيلتها ــ Rh-null ــ الــ ـدم الذهبي…
قبل ما تكمل الممرضة، كان راهب واقف عند الباب صوته جه هادي لكن حاسم:
– دي فصيلة دمــ ـي… أقدر أتبرع ليها…
رائف لف له بسرعة، بص له بقلق واضح:
– راهب… متأكد؟ دي جرعة مش بسيطة…
والجسم بيتعب بعدها…
راهب اتنفس بهدوء، وبنبرة أقرب للعتاب:
– نسيت إني كنت دكتور زيك؟ وساعات بشتاق… أحس إني لسه بقدر أنقذ حد. يلا نلحقها…
رائف بنبرة مفعمة بالإعجاب والحنين…
وهو ينظر له بتمعن:
ــ راهب، لما كنت بتدخل غرفة العمليات…
كان الكل بيحس بالأمان…
كأنك داخل تحارب المـ ـوت بإيدين بتكتب حياة…
ماكنتش بس جــ ـراح ماهر…
كنت عالم بيشتغل بمشــ ـرط…
وبيفك شيفرة الألم كأنه بيحل معادلة…
الطب ما خسرش جـــ ـراح وبس…
خسر عقل نادر…زي فصيلة دمــ ـك، الـ ـدم الذهبي.
دخلوا معا غرفة التبرع. راهب جلس بهدوء…
وبدأت الممرضة تسحب منه الــ ـدم…
أنهى التبرع دون أن يرى المريضة…!
رائف بامتنان:
ــ ماعرفش أقولك إيه… أنقذت حياتها…!
قبل أن يدخل راهب لرؤية المريضة
رن هاتفه.يرد بسرعة:
ــ …ألــو…
صوت السائق متوتر وقلق:
ــ أنا جبت شهد هانم الكافيه زي كل مرة…
بس لما رجعت اخدها… ملقتهاش…
مش عارف راحت فين!
راهب يصاب بالتوتر:
ــ كلمتها على تليفونها؟
السائق:
ــ تليفون الهانم مقفول يا باشا…
راهب ينظر بسرعة نحو رائف:
ــ أنا لازم أمشي… هكلمك بعدين يا رائف
وخرج مسرعا، ونبضه يتسارع…؟!

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية ارناط)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *