رواية ارناط الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم حور طه
رواية ارناط الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم حور طه
رواية ارناط البارت الثاني والعشرون
رواية ارناط الجزء الثاني والعشرون

رواية ارناط الحلقة الثانية والعشرون
أكمل، بصوت هادي لكنه مشحون:
ــ ليه عايزه تمــ ـوتي…يا ناهد؟
يسكت لحظة، يمكن تستجيب
بس الصمت أصدق من أي رد:
ــ لما تختاري تمــ ـوتي وإنتي لسه بتقدري تعيشي… يبقى فيه حاجة وجعتك للدرجة دي…
يحاول يشوف رد فعلها… بس هي تمثال حي، ساكنه:
ــ زي ما اختارتي تسكتي سبع سنين…
اخترتي تمــ ـوتي وتختفي كمان؟
عينيه بتروح لإيدها الملفوفة بشاش….
آثار جرح الانتحــ ـار لسه واضحة…
لكنها مش بتشوفه كأنه مش يخصها…
كأنها جسد غريب هي محبوسة فيه…
أكمل، بنظرة مختلطة بين الشفقة والغضب المكبوت:
ــ الانتحـ ــار مش حل يا ناهد…
يصمت، صوته يخفت وهو يقوم من مكانه:
ــ هبعتلك الممرضة تغيرلك المفارش…
الــ ـدم مش لازم يبقى جزء من يومك…
خطا للباب بهدوء…
لكن قبل ما يفتحه، وقف.
بص عليها من فوق كتفه…
لسه قاعدة…
بس مش هنا.
زي شبـ ـح قاعد جوه جثـ ـة فيها نبض خفيف…!
خرج، وقفل الباب وراه…
قفل بهدوء غريب، كأنه بيقفل على سر كبير محدش لسه عرفه…!
لكن قبل ما يبعد، لمحها من الشباك…
ولأول مرة، شافها بتحرك إيدها…
بتمسك القلم… وبتكتب…
دفتر صغير مهزوز على ركبتها، وإيدها بترتعش…
كتبت… حرفين بس…
…ر… وبعدين …ا…؟!
عنيها كانت مسطولة كأنها بتكتب بلا وعي…
لكن هو حس… لأ، دي بداية…
مش مجرد حروف
ــ را…
مش ممكن تكون صدفة…؟
رجع بسرعة، عينه على الدفتر…
ــ را… يعني إيه؟
اسم؟ رمز؟
حد من الماضي؟ ولا بداية رسالة كانت نفسها تقولها ومقدرتش؟
كل شيء وارد…!
بس الحاجة الوحيدة اللي متأكد منها…
إنها لما اختارت تكتب، بعد سكوت سبع سنين…
مش هتكتب حاجة فاضية…؟
ــ را… وراه سر…
وسرها… بقى شغله الشاغل…؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|بعد مرور عشرة أيام|
وافقت سحر، لأول مرة، إنها تنزل من عليائها…
وتروح لراهب تتوسل منه يرجعلها ابنها…
سحر بصوت مخنوق
وهي واقفة قدامه بعينين مدمعين:
ــ أنا طلبت من أبوك الطلاق يا راهب…
وقلت له كل حاجة…
قلت له إن الطفل اللي نزل مش ابنه…
وإنك مالكش ذنب ف اللي حصل…
نفذت كل حرف من اللي قلتلي عليه…
سكتت لحظة، تحاول تسيطر على رعشة صوتها
ثم انفجـــ ـرت:
ــ بس هو سكت!
رفض يطلقني!
كنت فاكرة إنه أول ما يسمع الحقيقة هيطردني ويطلقني فورا…
أنا عملت اللي طلبته… فين ابني يا راهب؟
راهب وهو بيبعد عينه عنها
يفكر بصوت شبه مسموع:
ــ ليه… ليه رفض يطلقك؟
سحر بانفعال:
ــ روح إسأله!
اسأله بنفسك!
بس دلوقتي… رجعلي ابني!
ابني مليش ذنب…خرج ابني بره اللعبه دي!
راهب يخفض صوته بحدة:
ــ واطي صوتك!
ابنك رجع للمكان اللي اخذته منه…
سحر بسرعة تمسك تليفونها وتتصل بالدادة.
صوتها بيرتعش:
ــ راكان عندك؟
الدادة تطمنها:
ــ أيوه يا مدام…
راكان معايا في عربيه نزلته قدام البيت…
تتنهد، وتقفل المكالمة…
تدي راهب نظرة غاضبة، وتخرج من المكان…
لكن في عينيها وعد بالانتقام…
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|في الحديقة… بعد قليل|
عبد الحميد كان قاعد على الكرسي الخشبي …
ساكت، بيبص للشجر قدامه كأنه مش موجود…
يجيله راهب، وخطواته فيها نـ ــار…!
راهب بغضب مكتوم:
ــ عرفت الحقيقة…
وعرفت إن اللي ف بطنها مش ابنك…
وبرضو رافض تطلقها؟
ممكن افهم ايه هو سبب برودك!
عبد الحميد بنبرة صارمة:
ــ اتكلم معايا باحترام يا راهب…
راهب بصوت ساخر:
ــ سيبك من جوا الاحترام…
لأنه مش لايق عليك!
عبد الحميد بصوت عالي:
ــ راهب! ما تنساش إن اللي قدامك دا أبوك!
راهب ضحك بمرارة:
ــ أبويا؟
اللي طردني من البيت لما صدق كذبة مراته؟
اللي اختار يصدقها ويسيبني أنا؟
ودلوقتي بعد ما عرف إنها خانته… قاعد؟
ولا حتى رفعت ايدك واديتها قلم زي اللي اديتهوني؟
ما عملش حاجة!
وبتكلمني عن الاحترام اللي انت نفسك نسيته؟
عبد الحميد بحدة:
ــ أنا ما ينفعش أطلقها…
لو طلقتها… هبقى بكافئها…
نص أملاكي باسمها، ولو طلقتها، تبقى كسبت!
راهب قاطعه وهو بيضحك:
ــ ما شكتش لحظة في غبائك…
وعشان كده، عمري ما اعتمدت عليك…
عبد الحميد بغضب:
ــ وضح كلامك!
راهب قعد قدامه، ببرود مقصود:
ــ كنت متأكد إنك هتاخد القرار الغبي ده…
علشان كده، أمنت نفسي…
كل الأملاك اللي باسمك…
انت بايعها لي بيع وشراء…
قانوني.
أي تصرف تاني يعتبر باطل…
سكت لحظة، ثم كمل:
ــ لما سحر قالت لي إنك رفضت تطلقها…
كنت فاكر إن في حاجه تاني!
تقدر ترمي عليها يمين الطلاق…
وتحافظ على الشويه اللي فاضلين…
في كرامتك قدام الناس.
عبد الحميد بصوت مكتوم بالغضب:
ــ يعني انت سرقتني؟
راهب بصوت هادي:
ــ لأ، أنا حافظت على حقي… وعلى حق أختي.
حق شهد مش هيروح، وحقك انت كمان محفوظ…
طول ما انت ما بتعديش حدودك.
عبد الحميد:
ــ يعني عايز تتحكم فيا؟
راهب:
ــ أنا مش بتحكم…
أنا بس بحط سقف لغبائك…
علشان ما تضيعش الباقي…
ما تقلقش…
هتعيش في بيتك معزز مكرم…
بس اللعب من دلوقتي… بشروطي…
يسيب أبوه، يقوم، يمشي بخطوات واثقة، وسايب وراه أب مسموم بالصمت، وأرض بتغلي تحته.
لكن فجأة…
يرجع بخطوتين للوراء، يقف قدامه…
نبرته هادية لكن بتخفي عاصفة:
ــ أنا عندي استعداد أرجعلك أملاكك كلها دلوقتي وأخرج من الباب ده وما خلكش تشوف وشي تاني…
لو إديتني إجابة على السؤال اللي سألته لك من سبع سنين…أمي راحت فين؟
عبد الحميد يتنهد، وصوته ممزوج بين العجز والدفاع:
ــ وانت تفتكر إني عارف مكانها؟
ناهد من ساعة ما اختفت، وأنا ما أعرفش عنها حاجة…
دورت، فتشت، سألت…
بس للأسف ما قدرتش أوصل لها
راهب بوجع مكتوم، ونظرة مكسورة:
ــ للأسف… مش دي الإجابة اللي أنا مستنيها
عبد الحميد بحزن حقيقي:
ــ انت ليه مش قادر تصدق إني فعلا ما أعرفش مكانها؟
ناهد من ساعة ما اختفت، لا أنا ولا غيري قدرنا نوصل لها…
كأن الأرض انشقت وبلعتها
راهب يحدق في ملامح أبوه…
بصوت منخفض، كأنه بيكلم نفسه:
ــ بس انت كداب…
عبد الحميد يتشد:
ــ إيه؟
راهب يقرب منه خطوة:
ــ أيوه كداب…
فاكر لما دخلت أوضتك من سبع سنين؟
كنت واقف بتعيط…
مش بكاء حزن… لا… بكاء ندم…
عبد الحميد يتوتر، ينقل نظره بعيد:
ــ كنا وقتها كلنا مكســ ـورين…
مش كل دمعة لازم يكون وراها سر…!
راهب يهز راسه، بصوت هادي لكن مشحون:
ــ لا… مش كل دمعة، بس الدموع اللي وراها ندم
دي مش عادية
وسنين وأنا ساكت…
بس دلوقتي، أنا مش هسكت
ولو كانت ناهد مــ ـاتت…
يبقى أنا لازم أعرف مــ ـاتت… إزاي.
ولو كانت عايشة…يبقى أنا هوصل لها
حتى لو طلعت إنت السبب فاختفاءها…
وصدقني لو اتاكدت انك السبب ساعتها بس هنسى انك ابويا…!
عبد الحميد بصوت مبحوح:
ــ راهب… إياك تدخل في حاجات أكبر منك
راهب يضحك بسخرية:
ــ أنا ما عدتش صغير…
والحاجات اللي أكبر مني؟
أنا بقيت أكبر منها…!
يسيب أبوه… ويمشي ببطء…
لكن المرة دي ما بيرجعش!
وعبد الحميد،بيقعد على كرسي الحديقة…
عرق بارد نازل من جبينه…
وصوت خطوات راهب بيبعد… بس الحقيقة قربت!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|في شقة رائد|
كانت عالية قاعدة بتتفرج حواليها…
وعينها وقعت على صندوق قديم فوق الدولاب…
عالية بحماس:
ــ ده شكله يخص رائد… ننزله له؟
ليلى ابتسمت وهي بتقرب من الصندوق:
ــ هو في الحقيقة مش بس يخص رائد…
يخصني أنا كمان!
ده كنا بنحط فيه صورنا وإحنا صغيرين…
تقدري تقولي عليه صندوق الذكريات!
فتحت ليلى الصندوق…
وبدأت الصور تقع في إيديهم واحدة ورا التانية…
ضحكوا على صورة من ابتدائي…
واتأثروا بصورة من الثانوي…
وكانت ليلى تحكي قصة كل صورة…
كأنها بتعيش اللحظة من تاني…
لحد ما وقعت صورة مختلفة…
صورة لرائد… وجنبه بنت…
القرب اللي بينهم في الصورة كان واضح… ووشوشهم بتضحكوا لبعض.
سكتت ليلى… وعالية… لحظة صدمة…
بصوا لبعض، والهدوء ساد…
عالية بصوت مخنوق:
ــ م… ملك؟!”
ليلى بتهز رأسها بنفي مرتبك:
ــ لا، مستحيل… دي واحدة شبهها وخلاص… مستحيل تكون ملك.؟
عالية بثقة:
ــ لا، دي ملك… أنا متأكدة مليون في المية
ليلى وقفت، خدت الصورة، وخرجت بانفعال
نزلت بسرعة على شقة جدها،اكمل
دخلت غرفة رائد من غير استئذان
كان قاعد بيرسم في لوحة باين إنها لبنت
بس ما اكتملتش
ابتسم أول ما شافها، لكن ملامحها خلته يتجمد.
ليلى بغضب:
ــ انت تعرف البنت اللي في الصورة دي منين؟!
رائد بدهشة:
ــ مالك؟! إيه اللي حصل؟!
ليلى بصوت مكسور:
ــ جاوبني يا رائد… منين تعرف البنت دي؟
وإيه علاقتك بيها؟!
رائد يحاول يهديها:
ــ اهدي بس يا ليلى…
دي كانت زميلتي في الجامعة. كنا مرتبطين وقتها شوية…
حب مراهقة يعني، بس بعد التخرج كل واحد راح لحاله…
أنا حتى نسيت الموضوع ده خلاص…
ليلى منهارة:
ــ بس ليه خبيت عليا؟!
ليه ما قلتليش إن كان في علاقة بينك وبين… ملك؟!
رائد بيرفع حاجبه باستغراب:
ــ ملك…مين؟! دي اسمها سحر… سحر الطوخي…
ليلى بصدمة:
ــ إيه؟! إنت بتقول إيه؟!
رائد بياخد الصورة منها:
ــ أيوه، اسمها سحر… مش فاهم مين ملك اللي بتتكلمي عنها؟!
ليلى خدت الصورة من إيده تاني
وخرجت من الأوضة متلخبطة، عقلها بيغلي.
رائد ينده وراها:
ــ ليلى! مالك؟! فهميني يا بنتي! إيه اللي بيحصل؟!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|بعد مرور يومين|
توقفت سيارة عالية وليلى على بعد خطوات من فيلا فخمة محاطة بسور عالي، وبوابة حديدية مزخرفة
عالية نظرت حولها بتوتر:
ــ ليلى، إنتي عرفتي عنوانها منين؟
ليلى كانت عيناها معلقة بالفيلا:
ــ لما رائد قالي اسمها الحقيقي…
ماكنش صعب ألاقيها…
عالية بدهشة:
ــ ايوه… يعني ازاي؟! مش مستوعبة بصراحة!
ليلى التفتت لها ببرود، وكأنها بتلومها على سؤاله:
ــ عالية… البنت طلعت مهووسة بالسوشيال ميديا أول ما كتبت اسمها، لقيت صور، فيديوهات ومقابلات.
وبينهم… كانت في صورة ليها وهي بتحضر افتتاح مشروع مع جوزها… عبد الحميد العراف
رجل الأعمال المعروف.
بقيت عارفة كل حاجة عنها تقريبا
بما فيها عنوان الفيلا دي
عالية بقلق:
ــ طيب وإحنا واقفين هنا ليه؟! ناوية تعملي إيه؟”
ليلى بنبرة مصممة:
ــ لازم أدخل البيت ده
عالية برعب:
ــ إيه؟! تدخلي؟! طيب ليه؟! ولو دخلتي فعلا
وملك… أو سحر دي، عرفت إننا كشفناها؟!
ليلى بعينين مشتعلة:
ــ أنا لازم أواجهها
لازم أفهم علاقتها ايه باللي سرقه البحث بتاعي؟
اكيد هي تعرف حاجه عن أرناط؟
عالية تتمتم بحذر:
ــ ليلى… إنتي لسه بتحبي أرناط؟
ليلى بوجع عميق، وعيونها فيها لمعة غدره:
ــ أنا عايزة أوصله…
مش عشان أرجعه…
عشان أسمع منه، أفهم ليه…
ليه عمل فيه كده؟
هو حبني؟
ولا كنت لعبة؟
عالية تبتسم بحزن:
ــ أول مرة تكدبي عليا
إنتي لسه بتحبيه يا ليلى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أمام بيت قديم، الطراز فيه جميل وباهت في نفس الوقت…راهب ويوسف واقفين قدامه
والجو فيه ريحة حنين مش مفهومة
يوسف بتساؤل وهو بيبص حوالينه:
ــ ممكن أفهم إحنا واقفين هنا ليه؟
راهب بنظرة جانبية وابتسامة فيها خبث:
ــ معندكش فضول تعرف أبو راكان يبقى مين؟
يعني… الزوج الأول، أو زي ما مرات عمك بتحب تسميه… الرجل الأول
مع إني لسه مش عارف هي خلفت راكان بشرع
ولا بورقة عرفي؟
يوسف بنبرة مش عاجباه اللعبة:
ــ هو انت ليه مهتم بسحر؟!
بيتهيألي معلومة زي دي مش فارقة معاك
راهب ببرود وهو بيقفل زرار الجاكت:
ــ صح، ما تفرقش حاليا
بس سحر عاملة زي الأفعى، ساكنة طول الوقت وفجأة تطلع السم كله
أنا بس باخد احتياطي…
لما عرفت إنها مخلفه وعندها ولد،زمان
ساعتها المعلومه ما كانتش تفرق
بس المعلومة دي بقت مهمة بعدين
يوسف بضحكة قصيرة:
ــ مش معقول… عقلك شغال حتى وأنت ساكت
ما بتحبش تسيب حاجه للحظ!
راهب بهدوء عميق:
ــ عشان تعيش وسط الأفاعي… لازم تكون رفاعي.
تعرف تمسكها من رقبتها من غير ما تلدغك…
وتعرف إمتى تقص أنيابها
يوسف بغمزة ساخرة:
ــ طيب، هنعمل إيه دلوقتي؟
راهب وهو بينزل من على الرصيف ويعدل هدومه:
ــ هنتعرف على نسيب عمك
يوسف يضحك وهو بيتبعه:
ــ أو زي ما بتحب تسميه…
الراجل الأول لمرات أبوك…!
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية ارناط)