روايات

رواية أسرت قلبه الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم سولييه نصار

رواية أسرت قلبه الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم سولييه نصار

رواية أسرت قلبه البارت الثاني والثلاثون

رواية أسرت قلبه الجزء الثاني والثلاثون

أسرت قلبه
أسرت قلبه

رواية أسرت قلبه الحلقة الثانية والثلاثون

(ضياع )
(نحن لا ندرك قيمة الأشياء حتى نخسرها )لقد قرأ تلك العبارة عدة مرات ولكنه تجاهلها. .كما تجاهل الحب في عينيها …كما تجاهل عطفها وحنانها ….اللهفة التي تخبره انه كل شئ في حياتها …تألق عينيها من اجله…تلك اشياء ظنها بسيطة …أخذها كأمر مسلم به والنتيجة انه حُرم منها …هو الآن يبحث عن الحب في
عينيها ..اللهفة وتألق عينيها من أجله بضراوة فبختنق وهو لا يجده….والآن قلبه يصرخ بها سامحيني …عودي وأحبيني ..امنحيني فرصة آخرى للحياة ولكنها لا تستجيب!
)جورج الحكيم لماريانا إسحاق)
…………
رمش يوسف للحظات وهو يستوعب ما تقوله سمرا بينما تجمدت ماجدة كليا وهي تمسك كف ابنها بقوة …..
-سمرا خلينا ندخل ونتكلم جوا…
ثالتها ماجدة وقد خرجت من جمودها سريعاً هي الى الآن لم تستوعب الأمر ….الكلمات تدور داخل عقلها بقوة ولا تستوعبها…لطيف قتل حماد ويوسف هو السبب …كيف هذا …شعرت بالدوران قليلا لدرجة انها تمسكت بيوسف وهو تردد بصوت مبحوح ؛
-خلينا ندخل جوا…خلينا ندخل جوا يا سمرا…
ولكن سمرا شدت على قميص يوسف وهي تهدر بعنف بينما الدموع تغرق وجهها …فبدت انها لم تسمع كلام ماجدة ولم تلاحظها من الاساس ….
-انت حقير …حقير …جوزي مات بسببك …اتقتل بسببك ….كل ده عشان تتجوزها …ضحيت بيه ….
أمسك يوسف كفها وقال بهمس :
-خلينا ندخل أنا بجد مش مستوعب اللي بتقوليه …
بعد محاولات عديدة من يوسف ولجت سمرا الى المنزل معه ومع ماجدة ..كانت في حالة إنهيار تام قلبها يؤلمها كلما تتذكر الحالة التي وجدت بها زوجها …..
جلست على الأريكة وهي تتذكر ما حدث من يومين…..
…….
خرجت من المطبخ سريعاً وهي تتجه الى الهاتف الذي يرن بقلب خافق…لقد اختفى زوجها منذ يومين …لقد ظنت انه ينام عند احدى عشيقاته…نعم تعرف من البداية ما يفعله ..تعرف انها قام علاقات لا عدد لها مع فتيات الليل …حتى أنه توقف عن لمسها تماماً مكتفيا بفتيات اكثر اثارة من وجهه نظره…وهي تقبلت هذا ما دام يعود اليها كل مرة ..حتى لو لم يكن يلمسها ..يكفي انه يأتي…يمكث معها وتراه …يكفي انه الحامي لها !! ….وغيابه لمدة يومين دون ان تسمع منه أي شئ قد اقلقها …لقد كان يتصل بها على الأقل …لذلك قد ابلغت الشرطة واخذت تدعو الله ان يكون بخير …لا يهم ان كان يخونها مع احدى عشيقاته…حقا لا يهم…المهم أن يكون بخير ….
رفعت هاتفها وفتحته وقد استطاعت ان تسمع دقات قلبها بفعل التوتر والخوف والترقب ….اخذت تستمتع للصوت على الجهة الآخرى …فجأة سقط قلبها برعب وقد انفجرت الدموع من عينيها حتى اغرقت وجهها…سقط الهاتف من يدها وسقطت هي على الأرض وقد ارتفع نحيبها
بعد قليل ….
كانت تسير على قدمين كعيدان المعكرونة تشعر انها سوف تسقط في أي وقت …لقد اتصل بها الشرطي واخبرها انه يظن انهم وجدوا جثة زوجها ملقيه في النهر …..وطلب منها ان تأتي وتتعرف على جثته واجراء بعض التحاليل للتأكيد من هويته …حيث ان الماء شوه ملامح وجهه بالكامل ………..
……..
بعد قليل وقفت أمام الجثة وقلبها يرتجف داخلها…الدموع تغرق وجهها …تتمنى ان يكون هذا مجرد كابوس…تتمنى ان يكون زوجها حي يرزق ..وان يكون هذا شخص آخر …تعلم ان هذا مستحيل ….ولكنها تتمنى هذا…
كشف الطبيب عن وجه الجثة لتتراجع سمرا وهي تشهق بقوة …فملامح هذا الرجل كانت مشوهة للغاية ….ولكن عينيها توسعت بصدمة وهي تنظر إلى كف هذا الرجل…كان ابهامه في يده اليمنى مقطوع …انه هو …هو زوجها حماد فكرت وهي تترنح وفجأة سقطت على الأرض وقد فقدت تماسكها ثم اخذت تصرخ بقوة …..
-لا لا حماااد
…….
خرجت من شرودها وهي تبكي بعنف …كان يوسف ينظر إليها وضميره يؤنبه….هو من فعل هذا …لقد عرض حماد للخطر …
بينما ماجدة خرجت من الغرفة بعد ان ادخلت محمد لكي لا يسمع ما سيحدث ….
اقتربت ماجدة من صديقتها التي تبكي ….جلست بجوارها لتنظر إليها سمرا وهي تقول بإختناق:
-جوزي مات يا ماجدة …حماد مات ….مات وسابني يا ماجدة …أنا بموت!!
ضمتها ماجدة بآسى والدموع تثقل عينيها.. شعرت الآن انها لعنة على الجميع …لقد اذت صديقتها ..تسببت في موت زوجها …جعلت يوسف يتورط في هذا الأمر … فجأة تبددت سعادتها الوهمية وأدركت ان امثالها لم يُكتب لهم السعادة ….انهمرت دموع ماجدة وهي تمسك كف رفيقتها وتهمس :
:-انا اسفة …اسفة …..
-جوزي مات بسبب جوزك وطليقك…انتوا خربتوا بيتي ….
كانت تقولها بآسى ….وجهها قد اصبح احمر البكاء…شعرت ماجدة ان معدتها تتلوى من الألم …لا تعرف ماذا تقول او كيف تواسيها …نظرت الى يوسف بإستجداء والدموع تنهمر من عينيها …كانت عيني يوسف تبرق بغضب …هو من حفر قبره بيده …اقترب يوسف من سمرا وقال :
-أوعدك اني هجيب حق حماد يا سمرا..
……….
بعد شهرين …..
-أنا خايفة ؟!
قالتها نوران وهي تحاول الا تبكي كي لا تفسد مساحيق التجميل البسيطة التي تزين شكلها ….كانت بالمركز التجميلي الخاص بالعرائس تجلس على الأريكة وترتدي فستانها الكريمي الواسع الذي يزين بطبقة من التل رقيقة…وترتدي عليه خمار طويل من نفس اللون …أما رحيق كانت تجلس بجوارها ترتدي فستان يشبهها لكن الاختلاف انها ترتدي نقاب ابيض عليه اليوم هو زفافهما قد قررت دلال ان زفاف الفتاتان سيكون واحد …ستخرج عروسين في نفس الليلة …والامر كان سهل لان نوران انهت امتحاناتها وكانت تلك السنة الأخيرة لها ….كما ان أمجد اراد ان يتم زفافه هو وجيلان معهما ولكن جيلان رفضت بشدة وطلبت تأجيل الأمر مما جعل امجد يكاد يفقد عقله …كان يرغب حقاً في قتلها تلك القطة المشاكسة هي تصر على تعذيبه …. .تنهدت امسكت رحيق كفها وهي تقول :
-اهدي…كل حاجة هتتحل ….ربنا هيحلها من عنده يا نوران …
نظرت نوران إليها وقالت بأمل:
-تفتكري يا رحيق ان كل حاجة هتمر ولا هتفضح …جاسم مش هيرحمني
…..صمتت قليلا وأكملت :
-تفتكري هتمر …تفتكري مش هيعرف …طيب لو عرف يا رحيق أنا هعمل ايه …أنا مستعدة والله ابقى خدامة ليه بس ميفضحنيش….
قالتها بآسى وهي تشعر بالعالم بضيق بها ….رمشت رحيق وهي تشعر بالألم….تشعر حقا بشقيقتها وتتألم من اجلها ترغب ان تساعدها فلا تستطيع ….تشعر بالإرتباك …ماذا تفعل من اجلها…وكيف تساعدها ….تشعر انها عاجزة تماما ولكنها ظلت تدعو لأيام ان يغفر الله نوران وان يسترها امام زوجها ….
ضمت رحيق نوران برفق وهي تقول :
-كل حاجة هتتحل ربنا هيسرها يا نوران …
……
كان الزفاف اسلامي بسيط كان القرار مشترك ما بين رحيق ونوران …جاسم اعجبته الفكرة اما عاصي فلم يبالي ابداً……فهو لا يمتلك أي اهتمام بعروسه …..
….
مرت لحظات الزفاف ثقيلة على نفس نوران تشعر بالفزع كلما لمس جاسم كفها….كان جاسم محتار وهو يرى خوفها غير المبرر وتذكر المرة التي مرضت بها عندما قبلها ….
……
انا آسف لو جرحتك يومها …أنا كنت بقاوم حبك يا نوران ولما استسلمت قررت اكون نفسي واتقدملك …عشان انتِ أغلى من اني اربطك معايا من غير ما اكون جاهز….أنا بحبك والله
عانق وجهها ثم اقترب وهو يقبلها بلطف شديد …فجاة دفعته بقوة وهي تشعر بالغثيان ثم خرجت من الغرفة بسرعة وهي متجهه للحمام وهي تتقئ
شعر بالإرتباك وهو يخرج خلفها من حسن لاحظ ان الحمام قريب من غرفتها والجميع مشغول الآن ….
ذهب خلفها الى الحمام وجلس بجوارها وهو يربت على ظهرها ويهمس :
-حبيبتي انتِ كويسة …أنا اسف مكانش لازم استعجل…
كانت الدموع تطفر من عينيها…مسح دموعها بحنان شديد ثم حملها خارجا من الحمام وولج بها للغرفة مسرعا وهو يشكر الله ان احد لم يراه حيث ان الجميع في الصالة خارجا يحتفل بعقد القرآن ….
اجلسها على الفراش وهو يربت على شعرها وقال بلطف :
-انا اسف…انتِ لسه مش متعودة عليا أكيد .. متقلقيش قدامنا شهرين نتعود على بعض ….
ارتجف جسدها ليقبل رأسها ويمسك كفها ويقول :
-أنا بجد.بحبك أووي يا نوران …….
أغمضت عينيها وهي تشيح بوجهها …ابتسم وهو يقول :
-يظهر أن مشواري معاكي طويل …
….
عاد من شروده وهو ينظر إليها بينما يفكر أنه لم يسعه الوقت ليقترب منها خاصة مع اقتراب امتحاناتها وتوترها الملحوظ ولكن لا بأس هو تزوجها …سيكون اليوم معها تحت سقف واحد وسيفعل بها ما يريد !!
….
انتهى الزفاف ….
وقفت هي في غرفة الفندق التي حجزها جاسم لليلتين وكان متفق أن تُسافر معه إلى الغردقة حيث مقر سكنه وعمله وتعيش هناك خاصة أن ليس هناك اي عوائق تمنعها …فقد أنهت دراستها …كانت ما زالت بفستان الزفاف تشعر بالرعب ….دقائق وسوف ينكشف كل شئ ….تمنت أن يحدث أي شئ يؤجل المحتوم ….ولكن الى متى ستظل تعيش في الرعب …….ربما لو عرف سيستر عليها …هو لا يحبها فحسب بل هي ابنة خالته لن يرضى لها الفضيحة ابدا…كانت تتمنى هذا داخلها …ولكن جاسم رجل …رجل يريد أن يكون الاول في حياة المرأة التي يحب ….رجل غير مقبول لديه ابدا ان تكون قد مست من قبل …رجل بالتأكيد لن يغفر لها زلتها حتى لو كانت مظلومة …حتى لو كان ابن خالتها …حتى لو كان يعشقها …هو بالنهاية رجل ….ارتعشت قليلا وهو يلج إلى الغرفة …شحب وجهها قليلا وهو ينظر إليها …عينيه كانت تفيض حباً وهو يقترب منها ويقول :
-ده كأنه حلم واتحقق يا نوران …
ثم اقترب منها وحملها وهو يعانقها …ثم أزاح الخمار بلطف عنها وهمس ؛
-انا هنسيكي كل لحظة بكيتي فيها بسببي …هعتذرلك بطريقتي ….
ثم اتجه بها إلى الفراش….
…………
كعادتها اخر شهرين جلست على الفراش بجوار الصغير وهي تستعد للنوم…كان قد نام أخيراً فهو قد حصل على عطلته وبالتالي هي في عطلة ….تنهدت وهي تتذكر كم أنها أصبحت تتجاهل امير في الأسابيع التي مضت وبسبب انشغاله في مشروعه الجديد كان متوتر للغاية ولكن بعد نجاحه الباهر يبدو أنه قد هدأ قليلا…..
انفتح الباب فجأة لتعبس وهي تجده يقف أمام الغرفة …
-نعم عايز ايه ؟!
قالتها ببرود وهي تستعد لتنام ثم أكملت بإستفزاز :
-اقفل الباب لو سمحت عايزة انام. ..
ولكنه لم يستمع لها بل اقترب منها ثم انحني وحملها فجأة لتشهق وهي تضربه على صدره:
-انت بتعمل ايه يا بني ادم انت سيبني …بقولك سيبني …
ولكنه لم يهتم وهو يسير بها نحو غرفتهما ….
-امير …انت اتجننت صح …
حاصر عينيها وابتسم قائلا:
-دي الطريقة الوحيدة اللي تليق بيكي …أنا استنيت شهرين كفاية …وانا عايزك دلوقتي ….
ثم وضعها على الفراش …حاولت الاعتراض والنهوض ولكنه امسك ذراعيها وثبتها على الفراش وهو يقول بصدق :
-انا بحبك …بحبك ..ارتاحتي دلوقتي !!!!
نظرت إليه مشدوهة وقد شحب وجهها قليلاً ليستغل هو صدمتها ويقترب منها بينما ينال منها حقه كامل …ياخذ حق تلك الأيام التي منعت عنه حقه فيها !!!
…………..
-مش كنا اتجوزنا زيهم النهاردة ..كان زمانك طالعة معايا دلوقتي الشقة….
قالها أمجد بضيق ….كان يشعر بالغيظ من والدتها والتي تساند جيلان في كل قرار تتخذه….
ابتسمت دلال بخبث وهي تغمز لجيلان وتقول :
-تصبحي على خير يا حبيبتي ..أنا رايحة انام تعبت اووي النهاردة ….
ثم نظرت إلى أمجد وقالت:
-متقعدش هنا كتير لو سمحت….تطلع شقتك علطول …البنت عايزة تنام…تعبت النهاردة اوووي ….
هز أمجد رأسه وقال:
-تمام يا أمي روحي أنتِ تصبحي على خير ….
استدارت دلال وهي تضحك ضحكة صغيرة …جيلان بالفعل تأخذ بنصيحتها …لقد عذبت أمجد كثيرا وهي لا تعطيه أي اهتمام …بينما المسكين يفعل المستحيل ليرضيها …ولكنها لا ترضى ابدا …تعذبه …تخبره أنها لن تستسلم …يخرج أحيانا عن طوره بسببها ولكنه يعود ويحاول السيطرة على أعصابه فهو لا يريد خسارتها …..هذا ما إرادته دلال …أرادت أن يدرك ابنها الاحمق ما خسره عندما أصر أن جيلان صغيرة عليه وأنه لا يريدها…تريد أن تتأكد أنه لن يكرر خطأ احمق كهذا مجدداً.
ما أن ذهبت والدته حتى استغل الفرصة وجذب جيلان نحوه …صرخت بفزع وهي ترمش بينما تجد نفسها ملتصقة به بينما كفيه على خصرها يمنعها من التحرك …رفعت نظراتها الفزعة وهي تنظر إليه ثم رفعت كفيها وهي تضعها على صدره لكي تدفعه بينما تقول بوجه احمر من الخجل والغضب :
-ابعد .. ابعد يا أمجد …انت اتجننت…والله انادي مرات عمي واقولها على عمايلك …
-ناديها …انا مبعملش حاجة غلط ولا حرام …أنتِ مراتي …من حقي اعمل كده …
حاولت أن تفك يديه عن خصرها ولكنها فشلت تماما وهي تهمس بفزع :.
-بقولك سيبني …انت بتعمل ايه ؟!
اخذ ينظر إليها لحظات والحيرة ترتفع داخله …يريد أن يفهم لماذا هي تبعده عنها بتلك الطريقة …..لقد ظل يطاردها لشهرين كاملين …شهرين وهو يعتذر …يخبرها أنه يحبها …أراد أن يتزوجها اليوم لتكون معه للابد ولكنها رفضت وهو قد احترم قرارها…كيف يمكنه أن يقنعها أنه يحتاجها بشدة …يريدها بجواره ..ليست زوجة فحسب بل لتكون رفيقة عمره…الا يمكنها أن تغفر وتعطيه فرصة؟!هو يعترف أنه أخطأ كثيرا ولكنه يريد أن يصلح هذا الخطأ …يريد أن يداوي جراح قلبها ولكنها لا تعطيه أي فرصة …تقسو عليه وهو الذي أدرك كم يحبها ..ولا يمكنه أن يتحمل معاملتها تلك …يشعر أن الآية انقلبت الآن …فهو ما كان من البداية يعاملها بجفاء ولا يهتم بنظرات الحب الصارخة بعينيها …لم يهتم بمحاولتها للتغيير من اجله وذهب بكل برود ليخطب أخرى …..لم يهتم يجرحها …هل شعرت بهذا الألم الذي يشعر به الآن وهو يحاول الاقتراب منه ولكنها لا تقبل …ولكن لا بد أن الألم كان أسوا …فقد كان ألمها مصاحب لألم الغيرة
بالطبع شعرت بالغيرة وهو يخطب غيرها ويجهز لحياته معها. . هو يعرف هذا الشعور. ..ألم يجربه عندما طلب فادي يد جيلان …لقد شعر أن عالمه يُهدم ورغم أن فادي قد أعلن سروره بعقد قرآن ابن خالته على جيلان ولم يُكسر قلبه لحسن الحظ ولكنه أراد اليوم في زفاف نوران ورحيق أن يكسر رأسه لانه رأه يكلم جيلان ….وما أن اقترب منهما بغضب اكتشف أنه يحييها فقط بلطف …ولكنه رغم ذلك لم يستطع أن يسيطر على شعور الغيرة .. …
خرج من شروده بينما يراها ما زالت التحرر منه …
-أمجد بقولك ابعد !!
قالتها وقد لون الغضب نبرتها كما لون وجهها
لم يستمع لها بل قربها أكثر حتى اصطدمت أنفاسه بجبهتها…كتمت أنفاسها وهي تقول بإختناق:
-لو سمحت سيبني. . قولت سيبني.
-فيه ايه يا جيلان…هو عقابك ليه مش هيخلص…
رفعت عينيها وهي تنظر إليه وتقول :
-انا مش بعاقبك ولا حاجة …لو سمحت سيبني …بقولك سيبني …عايزة اروح انام …
-جيلان أنا اتحملت كتير …بحاول اعدي واصبر وادادي واصالح عشان عارف اني غلطت في حقك …بس تعبت من التصرفات الطفولية دي !!!
تخشب جسدها بين يديه ونظرت إليه ببرود اربكه…رباه لقد أخطأ مجددا…أرجعت رأسها للخلف قليلا وقالت ببرود:
-مادام شايف تصرفاتي طفولية كده ممكن تسيبني وتروح تتجوز واحدة غيري …أنا مش اجبرتك تتجوزني ….
عض لسانه بغضب وهو يفكر أنه يجب أن ينتبه إلى كلامه كي لا يزعجها …ابتسم وقال بلطف :
-مقدرتش احب غيرك ….
التمع بريق الدموع في عينيها وقالت :
-لا يا أمجد عادي انت روحت خطبت وحبيت غيري …ولما جيت اعمل أنا كده قلبت الدنيا ….
زفر بضيق وهو ما زال ممسكاً بها وقال:
-هو أنا مفروض اتعاقب لحد امتى ….
اشاحت بوجهها عنه ليقبل خدها ويقول :
-أنا بحبك …بحبك ماشي . .بحبك أنتِ أنا عرفت ده متأخر صحيح …غلطت عارف والله بس انا بحاول اصلح غلطي …بحاول اصلح عشان باقي عليكي وبحبك يا جيلان فساعديني شوية ….
شهقت بخفوت والدموع تنساب من عينيها ليضمها إليه ويقول :
-أتأكدي اني محبتش غيرك …قاومت كتير بس فشلت في النهاية ….هحبك دايما يا جيلان
ابعدها قليلا ثم قبل رأسها وقال:
-روحي ارتاحي دلوقتي …مش عايز امي تطلع وتبهدلني …
هزت رأسها وهي تتحرر منه وتذهب بينما يتنهد هو يفكر …الى متى سوف يتعذب ببعدها عنه
…….
في احدى الحانات ….
كان يجلس على المقعد أمام الساقي وهو يشرب كأس الخمر….قميصه مفتوح حتى الصدر وسترته ملقاه على جنب ….كان يعرف ما يفعله …وهذا الذي كان يفعله من شهر تقريباً…يأتي هنا ويشرب حتى يفقد الوعي من السكر ثم يأتي كريم صديقه يعيده لمنزله ويبقى معه حتى الصباح …ويتكلم معه لكي يعود إلى رشده ولكنه لا يهتم لكلامه ويعود هنا مرة أخرى …تلك أصبح الروتين الخاص به منذ أن رفضت العودة إليه …منذ أن أخبرته ببساطة أن يتركها وشأنها…..
صيحة منخفضة خرجت من بين شفتيه …صيحا غضب …يأس …يتذكر عينيها ..رباه عينيها أصبحت باردة …ما زالت نظراتها تلاحقه حتى بعد شهر …ثلاثين يوماً كاملين !!! …أغمض عينيه ودموعه تنساب بقوة وتذكر في أحد المرات عندما ذهب إلى منزلها وأحدث فضيحة هناك أنه يريد أن يراها …كان هذا بعد محاكمة السارقين الذين سرقوا منزله واعتدوا عليها ….لقد تم الحكم عليهم بسرعة ولكن ادهم كان حكمه أخف من حاتم …يومها ذهب إليها وطلب من والدتها أن يراها واخبرها بكل صراحة أنه لن يذهب حتى يرى ماريانا
……….
-انت بجد مجنون …هو فيه ايه يا بني …انت مش ناوي تسببها في حالها …حرام عليك كفاية اووي اللي حصلها بسببك …سيب بنتي في حالها بقا !!
صرخت والدة ماريانا به …كانت عينيه حمراء من أثر البكاء …كان يبدو في حالة مذرية للغاية …يشعر بالضياع ….
-ممكن بس تخليني اشوفها …اشوفها مرة واحدة بس عشان خاطري يا طنط ….أنا عايز اكلمها …أنا هتجنن واشوفها ومش عارف …مر شهر من اخر مرة شوفتها ….
-انت دمرت بنتي …عايز ايه تاني …حرام عليك سيبها تتعافى بعيد عنك ..روح اعمل اللي بتعمله …روح لسيلا دي …روح لحبيبتك وعك معاها براحتك وسيب بنتي في حالها ….
-حرام عليكي خليني اشوفها …أنا مش عايز غيرها …صدقيني هموت …أنتِ مش عارفة باللي فيا….
-مش عايزة اعرف !!!
قالتها بقسوة شديدة ثم أكملت :
-مش عايزة اعرف اللي فيك ولا مهتمة اصلا …كفاية يا ابني اللي عملته في ماريانا …البنت لحد دلوقتي بتعاني … بحاول أخرجها من اللي هي فيه ومش عارفة
-مش قادر …والله ما قادر انساها …
قالها بتعب …بيأس ….كانت الدموع تنهمر من عينيه دون كبرياء … ألمه كان عظيم …كان مستعد للتوسل…بالإضافة لإنهياره لأنها غادرت حياته ولأنه أدرك كم يحبها …فهو يشعر بتأنيب الضمير بسبب خسارته ..هي لم تخسر طفلها فحسب بل خسرت حياتها. ..بهجتها وسعادتها والسبب هو …لا يصدق أنه أذى أكثر شخص أحبه في تلك الحياة….لقد أحبته ماريانا كثيرا .. اعطته كل شئ …الحب ..الاحترام …الاهتمام …وهو ..هو بيده ألقاها إلى النيران ….لقد اخذها كشئ مسلم به في حياته. ..ضمن حبها …ضمن بقاءها …ظنها أنها لن تذهب ابدا …لن تتركه ابدا !!ولكنها فعلت وتركته وهو الآن يموت فقط ليراها ….مستعد أن يموت ويضمها للمرة الأخيرة …لقد أخذت كل ما يخصها من المنزل لم يجد أي شئ يذكره بها ولكن ذكرياتهما سويا كانت تقتله !!…
-انا متأكدة أن سيلا هتخليك تنساها …خلاص روحلها وسيب بنتي في حالها …ابوس ايديك يا بني كفاية حرام عليك …عايز ايه منها تاني …دي خسرت ابنها واتحرشوا بيها واتذلت لحبيبتك …عايز تموتها كمان
-خلاص يا ماما دخليه …
قالتها ماريانا بهدوء وهي تخرج ….
صوب جورج نظراته نحوها .. كانت عينيه تلتهمانها …. آه ..شوقه لها في تلك اللحظة كان كبير للغاية …شهر. . ثلاثين يوما وهو يتوسل لكي يراها فقط وها هي تخرج من غرفتها …شعرها الأسود الطويل يعانق وجهها …ترتدي منامة من القطن محتشمة …تبدو جميلة …ضعيفة ..هشة …ونظراتها فارغة من الحياة تماماً!؛!….
ولج جورج وهو يقول بشوق :
-ماريانا…ماريانا ..
كان لا يصدق عينيه وهو يراها بتلك البساطة …هل اشفقوا عليه اخيرا ….زفرت والدتها بضيق وأغلقت الباب وهي تقول :
-انا رايحة اعملكم حاجة تشربوها ….
وما أن تركتهم حتى اندفع نحوها …جلس على الأرض بجوارها ثم أمسك كفها وأخذ يقبل باطنه كالمجنون ….
-يا حبيبتي …يا حبيبتي !!
قالها ودموعه الساخنة تنهمر على كفها …
سحبت كفها بلطف وهي تقول :
-جورج …
نظر إليه بعينين حمراء وقال:
-مش قادر اعيش يا ماريانا والله ما قادر اعيش من غيرك …انا بموت والله …
-جورج …
قالتها بهدوء إلا أنه امسك كفها بقوة وهو يقول :
-ارجعي معايا البيت …ارجعي يا ماريانا …والله ما هزعلك تاني …والله هعمل اللي أنتِ عايزاه بس ارجعي …أنا والله بحبك …مش قادر اتخيل انك سيبتيني …انا بموت يا ماريانا …بموت والله …
-جورج كفاية …
قالتها بهدوء …عينيها فارغة تماماً من المشاعر …كان يبحث عن الحب …عن اللهفة التي كانت تظلل عينيها دوما فأختنق وهو يبحث دون جدوى …لا لا…هذا مستحيل …ماريانا ما زالت تحبه …ماريانا لن تتوقف عن حبه…لا يجب أن تفعل والا سوف يموت …
-كفاية أنتِ يا ماريانا . .تلاتين يوم وانا زي المجنون باجي كل يوم عشان اشوفك بس مش قادر …..أنا غلطت بس والله ندمان على كل لحظة كنت بعيد عنك … سامحيني وارجعيلي ….
ثم أمسك كفها وبدأ يقبله مجددا كالمجنون …
-أنت بتحبني يا جورج ؟!
قالتها وهي تنظر إليه …نظر إلى عينيها الخالية من المشاعر وقال :
-بموت فيكي مش بحبك بس ….مش واضح من حالتي …أنا مفيش حد مترجتهوش أن يحاول يصلح بيننا ….
سحبت كفها وقالت وهي تبتسم بشفقة على حاله :
-لو بتحبني صحيح سيبني. ..ارجع لحياتك يا جورج …لو عايز تروح لسيلا روح …وارجع لشغلك …متجيش هنا تاني …أنا مبقتش اخصك خلاص …
ثم تركته ونهضت ….
..
خرج من شروده ونحيبه قد تعالى …هز الساقي رأسه فهو يفعل ما يفعله كل يوم …يشرب ثم ينفجر بالبكاء ويفقد الوعي ثم يأتي صديقه ليأخذه
……..
-انا مبسوطة اووي انك اخيرا جيتي بيتنا …
قالتها أملاك وهي تقترب من رحيق وتحرك الكرسي المتحرك الخاص بها نحوها. .
ابتسمت رحيق بحنان وهي تقترب من الفتاة وتضمها وهي غير مهتمة بتجعد فستان الزفاف الخاص بها ….
ابتسمت أملاك وهي تضمها بقوة مستشعرة لأول مرة حنان امرأة…..كان عاصي يقف وهو يشعر بالرضا ..هذا ما يريده من هذا الزواج …هذا فقط ….ليس مهتم بعلاقة زوجية أو حب …هو يريد ام لإبنته ….
ابتعدت أملاك عن رحيق وأمسكت كفها وقالت وهي تنظر لوالدها :
-بابا هو ينفع ماما رحيق تنام معايا النهاردة ؟!
هز عاصي رأسه وقال:
-لا يا بابا مينفعش …النهاردة ليلة دخلتنا ولازم تبقى معايا انا ….
شهقة خفيفة هربت منها وهي تنظر إليه …كيف يقول هذا على الملأ …فيما سيفكر الخدم …احمر وجهها تحت غطاء الوجه بإرتباك …لتقول أملاك مرة آخرى :
-طيب مينفعش انام معاكم في الاوضة …
-املاك فيه ايه …قولتلك مينفعش يا بابا …رحيق هتبقى معاكي طول النهار . ايه مش كفاية….لازم تدي بابا شوية وقت …أنا جوزها في النهاية ….
مش صح يا مراتي …
قالها وهو يجذبها إليه برقة حتى التصقت به بينما وضع ذراعه على خصرها….
انتفض جسدها بشكل مبالغ فيه لدرجة أنه عبس بشدة …لا يصدق …هل تخجل لتلك الدرجة ؟!!كانت ترتعش فعلا بين يديه …شعر بإضطراب دقات قلبها …أنه المرة الأولى الذي يرى امرأة تخجل بتلك الطريقة …فجأة ابتسم بسخرية وهو يفكر انها لا بد أنها تمثل هذا …فلا يوجد أمراة في هذا الزمن تخجل لتلك الدرجة ….
-نهلة ودي أملاك اوضتها وخليكي معاها لحد ما تنام …هي النهاردة سهرت زيادة عن اللزوم ..
قالها عاصي بجدية موجهاً كلامه لنهلة المربية الخاصة بأملاك …
نظرت نهلة بحزن إليه ثم إلى زوجته وتمتمت:
-أمرك يا عاصي بيه ….
ثم دفعت الكرسي المتحرك نحو الغرفة التي بالدور الأرضي والتي تكون لأملاك …
-يالا نطلع احنا.
قالها بنبرة جامدة وهو ما زال مبقيا على يده على خصرها …كانت ما زالت ترتعش وقد احمر وجهها بالكامل بسبب خجلها منه ….ولكنه لم يرحمها بل ظل يسير بها حتى صعدا للأعلى إلى غرفتهما….
….
فتح الباب لتلج هي بتوتر وتنظر إلى الغرفة ذات الاثاث الراقي …الحادة قليلا والمنظمة بشدة ….
ابتلعت ريقها وهي تنظر إلى الفراش الواسع وهي تفكر أن ربما الله يحبها لأن عاصي لا يرغب بها ولم يجعلها زوجته….فلمسه بسيطة منه جعلتها ترتجف بتلك الطريقة الغريبة …..
-تقدري تغيري براحتك هنا …أنا هطلع الجنينة أدخن شوية تكوني خلصتي يا عروسة ….
ثم تركها وذهب ….
وضعت كفها على قلبها وهي تحاول أن تهدأ من دقات قلبها …هذا الرجل متقلب المزاج سوف يرهقها معه….يجب أن تتجنبه بإصرار …هي هنا من أجل أملاك…أملاك فقد يجب ألا تنسى هذا ….
اتجهت نحو الخزانة وأخرجت لها قميص اوصتها دلال بإرتداءه بعد جدال واسع حيث أن هذا القميص هو أكثر قميص محتشم من بين ما أتت به والدتها …بدون اكمام و قصير قليلا ….
-الله يسامحك يا ماما دلال ده قميص البسه برضه ….ده قصير خالص يقول عليا ايه …الحق عليا اني وعدتك يعني …كان ينقطع لساني …اكيد هيفهمني غلط ….
هزت رأسها ثم سحبت الاسدال وهي تلج للحمام لكي تتوضأ وتصلي ركعتين وتدعو الله أن تمر ليلة نوران على خير
بعد أن أتمت صلاتها نهضت وهي تخلع الاسدال عنها في تلك اللحظة ولج عاصي …شعرت بقدومه وارتبكت قليلا بينما ما زال رأسها عالقه بالإسدال فلم تراه…توقف للحظات وهو يراها بتلك الحالة…وقعت عينيه على بشرة ساقيها السمراء الظاهرة من القميص …وثبتت عينيه هناك ……خلعت الاسدال سريعا وهي تنظر إليه بإرتباك لتجد نظراته مشتعلة على غير عادته …نظرت إلى حيث ينظر لتشهق وهي تجد قميصها قد ارتفع قليلا وأصبح أعلى ركبتها …وهو ينظر إليها دون أن يرمش حتى ….شدت قميصها للاسفل وقد احمر وجهها بالكامل وشعرت بوجهها ساخن بفعل الخجل …..
نظر اخيرا إلى وجهها وقد اختفت نظراته المشتعلة وقال :
-تقبل الله …
ثم ولج إلى الحمام لكي يستحم ويصلي قبل أن ينام ….
….
خرج بعد قليل وكان شعره الطويل قليلا رطب بفعل المياه …كان يرتدي بنطال اسود من القماش وقميص قطني بنص كم ….
فرش سجادة الصلاة وبدأ في الصلاة بينما جلست رحيق على الفراش بإرتباك وهي تفكر كيف ستنام جواره …لا بد أنها سوف تموت من الخجل. ….
أنهى صلاته ووضع السجادة في مكانها في الخزانة التي كانت منظمة للغاية …تعترف أنه حقاً منظم للغاية ….
ثم خلع قميصه القطني فجأة لتبهت وهي تنظر إليه…..
-انت …انت بتعمل ايه ؟!
قالتها فزعة …بينما عينيها متسعتان ووجهها اصبح احمر بالكامل ….توقف مكانه لحظة وهو يرفع حاجبيه ويقول :
-هنام!
-هتنام هنا …بالمنظر ده ….
قالتها وهي تشير بعصبية الى جذعه العاري…
التقطت عينيها رغماً عنها شكل صدره العضلي العريض…اشاحت بوجهها مرتبكة وهي تهمس :
-استغفر الله العظيم يارب …..
نظر إليها بسخرية …كان لا يصدق انها تخجل لتلك الدرجة …لا بد انها تدعي هذا . ..
-ايوة هنام هنا …دي اوضتي وده سريري ….
-بس انت قولت مش هيحصل بيننا حاجة …
نظر إليها بنفاذ صبر وقال :
-اظن سنوات عمرك اللي اكتر من التلاتين كفيلة تعرفك ان اللي بيحصل بين اتنين متجوزين في الليلة دي هي اكتر من النوم جنب بعض …أنا مجرد هنام.جنبك….
شعرت بالإحراج ثم رأته برعب ينام على الفراش ….
نهضت وقالت بإرتباك :
-انا رايحة انام عند أملاك …
ثم استدارت لتذهب ولكنه أمسك ذراعها وشدها نحوه حتى سقطت برعب على صدره …توسعت عينيها بصدمة وقد تجمد جسدها بالكامل وهي تدرك وضعها المخزي …كان اللهب الأزرق يتصاعد بعينيه وقال؛
-بصي أنا تعبان محتاج انام ..مش فاضي لتصرفات الاطفال دي …فيه خدم في البيت وهيتكلموا لو شافوا العروسة اللي ليلة دخلتها النهاردة راحت تنام عند بنت جوزها …هقولها تاني يمكن تستوعبيها …أنا مش هلمسك …عشان ببساطة انتِ مش بتجذبيني ولا بأي طريقة …وغير كده انتِ مش نوعي المفضل ….كلامي مفهوم !!!
هزت رأسها وهي تمنع دموعها من الانفجار ثم ذهبت بهدوء ونامت على جانبها ….ابتسم هو برضا وأغمض عينيه لكي ينام ….
………..
في اليوم التالي ….
تنفست عدة مرات وهي تحارب التوتر ….لا تعرف كيف اطاعته وخلعت غطاء الوجه لكي يتناولا الإفطار بالأسفل ثم سوف يذهبان إلى منزل رفيقه لحفل نهاري …كانت تقف أمام المرآة تنظر إلى انعاكسها وبريق الدموع بعينيها ….لقد بدأت بتقبل نفسها ببطء طوال الشهرين الفائتين ….وسيف كان معها في كل خطوة لم يتركها ابدا ….أخبرها مرارا أنه يحبها كما هي …أغمضت عينيها والدموع تنهمر منهما وهي تتذكر اعترافه بالحب للمرة الثانية …..
…….
توقفت السيارة أمام إحدى المطاعم الشهيرة …خرجت هي منها وهي تنظر حولها بحيرة بينما أخبرها سائق عمها أن سيف ينتظرها بداخل المطعم …هزت رأسها وهي تلج للمطعم الراقي الذي لا يناسب ملابسها ابدا ..فهي كانت ترتدي فستان باللون الاسود عليه غطاء الوجه وحذاء رياضي ابيض ….
عبست وهي ترى الإضاءة الخفيفة للمطعم
-سيف …
قالتها بخفوت وهي تنظر حولها …فجأة رمشت بدأت الانوار تفتح حتى ظهر الشكل الرائع للمطعم الفارغ …كانت قد اُزيحت الطاولات وبقت طاولة فقط في المنتصف عليها كعكة عليها اسمها ..بينما كان يقف بجوار المقعد الأنيق وهو يمسك الجيتار …كان مرتدي قميص ابيض تعلوه ستره زرقاء وبنطال ازرق من الجينز ….
..
..
تجمدت للحظات وهي تنظر إليه بينما بدأ هو في الغناء اغنية لعبد الحليم بينما يعزف بجيتاره
هيا دى هيا فرحة الدنيا
دق يا قلبى غنى يا عينيا
ابتسامتها ويا رقتها ورده بتفتح يا حلاوتها
و انتا يا قلبى ياللى حبيتها أدى نظرتها لسه فى عينيا
هى دى هى فرحة الدنيا دق يا قلبى غنى يا عينيا
بالى كان خالى و انشغل بالى
نظره و التانيه غيرو حالى
و ابتدا عمرى بالهوا الغالى
و ابتدا قلبى يعرف الدنيا
هيا دى هيا فرحة الدنيا رد يا قلبى غنى يا عينيا
ترك الجيتار واقترب منها وهو يجذبها إليه ثم يبدأ يرقص معها وعينيه تحاصر عينيها الزرقاء بينما يكمل ؛
العيون ديا هى احلامى
هى يا عينيا حبى و غرامى
نورها حواليا مالى ايامى
و الهنا كله فى العيون ديا
و المنا كله العيون ديا
هيا دى هيا فرحة الدنيا
دق يا قلبى غنى يا عينيا
…..
انتهى من الأغنية وهو يبتسم لها ….ابتسمت بتوتر وهي تقول بينما تبتعد عنه :
-صوتك حلو على فكرة…
-أنا بحبك يا مياس
-متقولش كده …
قالت بإختناق ودموعها تنهمر من عينيها …فعبس وقال :
-ليه مش قادرة تصدقيني …أنا بحبك….
ابعد غطاء الوجه عنها ليجد ملامحها يائسة …مسح دموعها وقال:
-بصي في عيوني يا مياس …شايفة اي حاجة فيها غير الحب …
ابتلعت ريقها وهي تبحث عن الإشمئزاز أو الشفقة فلم تجد …أغمضت عينيها وهي تقول :
-ممكن لو عملت العملية ونجحت اقبل حبك ده …انت تستحق واحدة حلوة..مش مشوهة ….
شدد على وجهها وهو يقول بعنف عاطفي :
-اسمعي اللي هقوله عشان هقوله علطول وهقولهولك كل يوم …أنا بحبك ..بحبك زي ما أنتِ سواء عملتي العملية ولا لا سواء نجحت ولا لأ انا بحبك….قلبي بيحبك يا مياس وأنا بصدق قلبي…حبيني يا مياس زي ما بحبك ….
بكت وهي لا تستطيع أن ترد عليه …
مسح دموعها برفق وهو يقول :
-أسف …اسف مكنتش معاكي ..اسف اني مقدرتش أحميكي…
ثم عانقها بعاطفة وأكمل :
-وعد أن عمري ما هسيب ايدك يا مياس …حتى لو أنتِ طلبتي ده …
،خرجت من شرودها على قبلته اللطيفة التي سقطت على وجنتها …نظرت إليه بخجل ليمسح دموعها بصمت دون أن يعلق ….ابتلعت ريقها وقالت:
-انا خايفة …
-أنا معاكي…معاكي دايما …
ثم قبل كفها وقال :
-يالا يا مراتي يا اغلى من حياتي ….
ابتسمت له بعيون لامعة وهي تضع كفها في كفه وتسير معه …تمنحه ثقتها كما منحها قلبه ….
خرجا من الغرفة وأطرقت هي رأسها بخوف وهي تتمسك به وكأنه أمانها… ماذا ستكون رد فعل الخدم على شكلها …فلم يرى أحد وجهها غير سيف وعمها ….ضمها إليه وهو يهمس بلطف :
-اهدي يا حياتي …
ثم قبل رأسها …وقال :
-بالمناسبة فستانك حلو اووي …
نظرت لفستانها الأزرق الذي يماثل لون عينيها الرائع …وحجابها من اللون الأبيض ….
نظر إليه وعينيه تفيض بالعشق وقال:
-يا بختي بيكي ….
……………..
خرجت من الحمام وشعرها رطب بفعل الماء …لم يتحدث منذ الأمس ….تذكر أن أثناء إتمام زواجه عليها تجمد للحظات وهو ينظر إليها بشك ولكنه أزاح تلك النظرات سريعاً وهو يقبلها بلطف …كانت تشعر بالفزغ …لماذا لم يتكلم …لماذا لم يعلق …..
وجدته يقف أمام النافذة ثم اقتربت منه بهدوء وهي تقول :
-جاسم ….
نظر إليها فورا …كان يبدو عليه الشرود قليلا ….
-جاسم امبارح …امبارح ….
وضع كفه على فمها وقال:
-بس ..بس متكمليش …أنتِ فاكرة اني جاهل ولا ايه …أنا عارف ان فيه حالات معينة للستات بتكون مختلفة …أنا واثق فيكي يا نوران …مستحيل تكوني عملتي حاجة غلط …
أغمضت عينيها بآسى وهي تفكر أنه يثق بها…هو أعتقد أن ما زالت عذراء وان ما حدث نتيجة لأختلاف لديها ….كانت لا تريد أن تخدعه أكثر من هذا …لا يمكنها ان تتحمل هذا الذنب لتقول فجأة وهي تبكي :
-لا يا جاسم …ده مش بسبب حالة عندي ولا سبب طبي…أنا فعلا مكنتش بنت …انت مش اول واحدفي حياتي !!!!

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أسرت قلبه)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *