رواية ارناط الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم حور طه
رواية ارناط الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم حور طه
رواية ارناط البارت الرابع والعشرون
رواية ارناط الجزء الرابع والعشرون

رواية ارناط الحلقة الرابعة والعشرون
مكتب راهب – ليلا
راهب يقلب المكتب بعصبية…
يفتح أدراج، يرمي أوراق، عنيه بتدور بجنون…
راهب بغضب:
ــ الدفتر… الدفتر فين؟!
تفتح الباب بهدوء، وتدخل سحر بخطوات واثقة
في إيدها الدفتر،ببرود:
ــ بدور على ده؟
يلتفت راهب، عينيه تتعلق بالدفتر في إيدها
بيشد أنفاسه وبيتكلم بصوت مخنوق بالغضب:
ــ الدفتر ده بيعمل معاكي إيه؟! وإزاي تتجراي وتدخلي مكتبي وتاخدي حاجة منه؟!
سحر تقترب، نبرة صوتها متشفية:
كنت فاكره اني شريره… طلعت جنبك ملاك!
يمد راهب إيده بسرعة وياخد الدفتر منها بقوة
ينظر في عينيها بنبرة تهديد:
ــ إنتي مش فاهمة إن مهما كنتي شريرة…
جنب شري تبقي طيبة…
وعشان كده بقولك، بلاش تمشي في سكتي…
لأن الرحمة ماعرفتش ليها طريق لقلبي…
سحر بابتسامة خبيثة:
ــ بس فكرة إنك بتحب ليلى…
قلت اكيد هي أضعف نقطة فيك…بس انا بعترف لك دلوقتي اني كنت غلطانه في تفكيري ده!
راهب ينطقها كأنه بيعترف لأول مرة:
ــ حبيتها… وما حبيتش غيرها…
سحر بسخرية:
ــ وما أذيتش غيرها…
يسكت راهب، عينيه تركز فيها بحذر…
كأنه بيقرا النوايا من وشها…!
سحر تتحرك وتجلس على طرف المكتب
تدندش برجليها براحة:
ــ ليلى كانت هنا…
راهب يرفع حواجبه:
ــ هنا؟هنا فين ؟
تمشي سحر ناحيته، تقف وراه وتهمس في ودنه بصوت ناعم مليان سم:
ــ هنا… كانت واقفه، مكانك بالظبط!
سألت عليك…
بس أنا كنت أمينة… حفظت سرك…
وقلت لها إني معرفش عنك حاجة…
مع إن اللي أعرفه عنك…
أكتر بكتير من اللي تتصوره…
راهب يلف فجأة، يمسك دراعها بقوة.
بصوت غليظ:
ــ مش عايزك تقربي من ليلى… فاهمة؟!
سحر ترفع حواجبها باستفزاز:
ــ طيب…
مسموح أقرب لـ شادي؟ ولا ده كمان ممنوع؟
راهب متوتر:
ــ شادي؟ شادي مين؟
سحر تضحك:
ــ إيه ده؟ أنت مش عارف؟
ليلى سمت ابنك شادي.
آه، ابنك اللي قلت للمنظمة إنها أجهضته…
بس الحقيقة… إنها خلفته…
وهو ده الطفل اللي بيدوروا عليه…!
عروق راهب تنفر من وشه
مسكها من رقبتها ووشه بيغلي:
ــ لو أي حد عرف بوجوده…
هتكون نهايتك… فاهمه…
تسحب سحر نفسها منه، تكح
وتعدل هدومها،بتنهيدة فيها تحدي:
ــ اللي أعرفه عنك مافيش حد يعرفه غيري…
و البحث بتاعك… لازم يخلص…
والكل… هيستفيد…
راهب يبص لها نظرة طويلة
وبنبرة فيها فلسفة قاتمة:
ــ عندما قال سقراط،تكلم حتى أراك…
رد عليه دوستويفسكي بعده…
باكتر من بألفين سنة قال…
قد يكون في أعماق المرء…
ما لا يمكن نبشه بالثرثرة…
اياك ان تظن انك عرفتني…
لمجرد انني تحدثت اليك…!
إياكي تفتكري إنك عرفاني…
لأن سوء شخصيتي… أعمق بكتير من اللي ظهرلك.
سحر تبص له بصمت، لأول مرة يتسلل على ملامحها خوف صغير… يتدفن بسرعة ورا ابتسامة متماسكة.
بنبرة فيها خبث بارد:
ــ أنت بتخوف ناس كتير يا راهب…
بس أنا مش منهم…
أنا الوحيدة اللي دخلت جواك… وخرجت عايشة…
راهب يضحك بسخرية:
ــ دخلتي جوايا؟
ده لو فعلا دخلتي، كنتي خرجتي محــ ـروقة…
سحر تقترب منه ببطء:
ــ ده اللي أنت فاكره…
بس الحقيقة؟
أنا خرجت ومعايا نسخة من كل حاجة…
مذكراتك… تجاربك… الصور… حتى التسجيلات والفيديوهات اللي كنت عاملهم لليلى علشان تضغط عليها بيهم لو عرضتك
راهب يتجمد، نظراته بتتغير من تهديد لصمت
قــ ـاتل:
ــ إنتي بتلوي دراعي يا سحر؟
سحر ترمش ببطء:
ــ أنا بلعب معاك بنفس قواعدك…
فاكر لما استخدمت ابني ضدي ودخلته في اللعبه دلوقتي جه دور ابنك يدخل اللعبه لان هو البطل الحقيق…قلت لك انك غلطت غلط عمرك لما دخلت ابني جوه اللعبه
صمت لحظة… سحر ترجع لهدوءها فجأة وتقول:
ــ دلوقتي… اللعبة اتغيرت.
أنا اللي معايا الورق كله…
ولو جرالي أي حاجة…
ناس كتير قوي هتعرف إن شادي ابنك…
واولهم المنظمه اللي بتتنشق على معلومه…
ومستعده تدفع كثير قوي قصاد المعلومه دي…
راهب بصوت منخفض وعينه مسلطة على عينها:
ــ التهديد مش فن…
التهديد لعبة ،نفس طويل…
وأنا نفسي ما بيخلصش…
سحر:
ــ وأنا ما بخافش من اللعب اللي آخره د،م…
بس لو فعلا بتحب ابنك…
ابدأ فكر كويس في اللي ممكن يحصل لو طلع للعالم إن ورا كل التجارب دي… راهب العراف…
راهب يسكت… نظرته اتبدلت من غضب لتفكير… عميق… سحر بتبتسم بانتصار صغير…
وبتمشي ناحية الباب…وهي بتفتح الباب:
ــ بالمناسبة… ليلى لسه ما تعرفش ان هي وابنها كانوا مجرد تجربه… بس يمكن تعرف ما فيش حاجه مضمونه! انت مجبور تساعدني؟
تخرج وتقفل الباب وراها بهدوء…
راهب يفضل واقف مكانه… ماسك الدفتر، عينه على الباب، ووشه مش واضح هو حزين… ولا بيخطط لشيء أكبر !
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد مرور عدة أيام
كان رائد وشهد جالسين في الكافيه
كعادتهم مؤخرا. لقاءاتهم أصبحت يومية تقريبا وارتباطهم ببعض زاد عن مجرد تعارف.
شهد بدأت ترتاح له، تفتح له قلبها وتطلعه على ما خبأته لسنين.
رائد بفضول ناعم:
ــ يعني كان عندك أخت توأم؟
شهد بوجع في صوتها ودمعة على وشك تنزل:
ــ أيوه… شمس.
كانت نصي التاني. من سبع سنين، كنا عيلة…
ماما، بابا، راهب…
راهب كان الأخ المثالي، بيخاف علينا
بس عليا أنا أكتر شوية… بحكم مرضي.
بس يوم واحد غير كل حاجة…
شمس مــ ـاتت، وماما اختفت
رائد بدهشة:
ــ شمس… مـ ـاتت إزاي؟
شهد تطأطئ رأسها:
ــ انتحــ ـرت!
رائد بصدمة:
ــ انتحرت؟! ليه؟ إيه اللي خلاها توصل لكده؟
شهد بصوت مهزوز:
ــ لو قعدت أفتش فـ عقلها سنين، مش هلاقي إجابة
شمس ما كانتش ضعيفة…
اللي حصل يومها مافهمناهوش…
كل حاجة حصلت بسرعة…
بسرعة خلتنا مانلحقش حتى نودعها
رائد يلاحظ إن جسم شهد بدأ يرتعش
وبهدوء يلمس يدها:
ــ اهدي… ممكن نكمل كلامنا بعدين؟
شهد بهمس كأنها ما سمعتوش:
ــ ماما اختفت في نفس اليوم اللي شمس مـ ــاتت فيه…
خرجت تدور على شمس، ومارجعتش
اختفت كأن الأرض بلعتها…
ماحدش عرف عنها حاجة من يومها
رائد بجدية:
ــ طب… أنا حاسس إن في حاجز بينك وبين راهب؟
شهد تتنهد بعمق:
ــ بعد ما سافرنا هولندا
أنا عشت قصة حب…
سيف…
كان النور اللي دخل حياتي
طلعني من صدمة مــ ـوت شمس واختفاء ماما
علمني أعيش تاني
قررنا نتجوز… بس في السر
لاكن راهب من أول لحظة كان شايف إن سيف مش مناسب لي…
يمكن علشان مرضي… يمكن علشان هو ما صدقش إني أقدر أحب
بس الحقيقة…
تتوقف لحظة، ثم تكمل بصوت مكسور:
ــ الحقيقة إنه قتـ ــل سيف!
رائد بذهول:
ــ قتـــ ـله؟! تقصدي راهب؟!
شهد بنبرة مرتجفة ودموعها بدأت تلمع:
ــ كان بيقول إنه بيحميني…
وإن سيف بيستغل طيبتي…
بس سيف عمره ما كان كده
كان حقيقي، كل حاجة فيه كانت صادقة…
أنا شفت المـــ ـوت في عنيه وهو بيطلب من راهب يسيبه يعيش علشاني…
رائد بصوت واطي، كأنه بيتكلم مع نفسه:
ــ يعني راهب مش بس عالم مجنون… ده مجرم.
شهد بخوف:
ــ ما تكررهاش الكلمة دي…
لو راهب عرف إنك بتشك فيه أو بتحاول تقرب مني أكتر، ممكن يعمل فيك اللي عمله في سيف…
رائد يمسك إيدها:
ـــ أنا مش خايف…
بس أنتي لازم تبقي عارفة إنك مش لوحدك…
أنا هنا، وعمري ما هبعد
شهد بهمس:
ــ أنا بقيت بخاف… بخاف من كل حاجة حواليا…
حتى الحاجات اللي بحبها بخاف تروح مني فجأة… زي شمس، زي ماما، زي سيف…
رائد يحاول يطمنها:
ويمكن عشان كده أنا جيت…
علشان أكون اللي ما بيروحش.
ده غير انه لو كان عايز يؤذيني ما كانش هيسمح لي اقرب منك
تسكت شهد، وتحاول تكتم شهقة كانت على وشك تطلع… لكن صوتها ييجي هامس ومليان ألم:
ـــ لو عرفت الحقيقة كلها عن راهب…
هتبطل تحبني؟
رائد ينظر في عينيها:
ـــ الحب الحقيقي ما بيتبنيش على اللي حوالينا… بيتبني على اللي جوانا.
وإنتي جواكي نضيف… حتى لو اللي حواليكي مش كده.
شهد تحس بامتنان، لكنه مخلوط بالخوف… تحس إن قلبها بيدق لأول مرة من يوم ما فقدت سيف…
بس كمان بيصـ ــرخ من الخطـ ـــر…
هاتف رائد يرن… اسم جدو أكمل يظهر على الشاشة يرد بهدوء:
ــ أيوه يا جدو…
أكمل بصوت متوتر:
ــ ليلي ما كلمتكش؟!
رائد:
ــ لا… في حاجه حصلت؟
أكمل:
ــ أختك خرجت مع عالية، وقالوا إنهم رايحين يشتروا شوية حاجات لشادي، بس اتأخروا جدا…
بقالي ساعات برن عليهم، تليفوناتهم مقفولة!
رائد يحاول يخفف قلقه:
ــ طيب يا جدو، يمكن التليفونات فصلت شحن
أكمل بانفعال:
يا ابني، بقالهم أكتر من خمس ساعات برا!
وأنا قلبي مش مطمئن… في حاجه غلط
انت فين؟ ارجع البيت حالا!
رائد بقلق بيظهر على ملامحه:
حاضر يا جدو، جاي فورا
يقفل الخط وينظر لشهد بنظرة اعتذار:
شهد… ممكن أوصلك البيت؟
جدو قلقان على ليلى، وأنا كمان بدأت أقلق.
شهد بهدوء واهتمام:
لا، عادي يا رائد… روح إنت اطمن عليها، أنا السواق جايلي دلوقتي. ما تشغلش بالك
رائد:
ــ طيب… بس لو احتجتي أي حاجة… كلمنيني فورا
شهد بابتسامة بسيطة تخفي قلقها عليه:
ــ تمام… بس طمني أول ما توصل.
رائد:
هطمنك أول ما أعرف أي حاجة
يقوم بسرعة، يدفع الحساب،ثم يخرج…
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليلى مقيدة على كرسي حديدي، عيونها متعلقة بصندوق زجاجي أمامها. الصندوق محكم الإغلاق وعالية جالسة جوه تحضن شادي اللي بيرتجف من البرد والخوف.
ليلى عنيها بتتسع بالــ ـرعب لما تلاحظ تسريب ميه بيبدأ يدخل من أسفل الصندوق ببطء!
ليلى بصوت مرتعش:
ــ إنتو مين؟! وعايزين مني إيه؟!
تصـ ــرخ!
ــ طلعوا عاليه وشادي من الزفت ده فورا!
رجال مقنعين واقفين وراها بصمت مرعب
صوت واحد منهم يرد ببرود قـ ــاتل:
ــ عايزين الشفرة.
مدة التفاوض معاكي انتهت…
يا تقولي الشفرة، يا تشوفي أفظع مشهد ممكن تتخيليه!
ابنك وصاحبة عمرك هيمــ ـوتوا قدام عنيكي… هنا… دلوقتي!
الماء داخل الصندوق بقى عند أقدام عالية، وشادي بيعيط وبيتمسك بيها بخوف. عالية تحاول تهدي شادي، لكن عينيها مليانة ذعر. تبدأ تخبط على الزجاج ،بصوت مخنوق:
ــ ليلى!! ليلى الميه بتزيد… ليلى خرجينا!!
ليلى بتحاول تفك قيودها بجنون، صوت أنفاسها بيتسارع، الدموع بتغرق عينيها وهي تبص لهم عاجزة، قلبها بيتقطع:
ــ هديكم… هديكم اللي إنتو عايزينه…
بس أخرجوهم من الصندوق ده، أرجوكم!
الرجل المقنع يقترب منها، يركع قدامها
ونظراته تقطر تهديد:
ــ لا. مش هيخرجوا…
غير لما ناخد الشفرة… ونتأكد إنها صحيحة
مش زي المرة الأولى…
مش هنسيبلك فرصة تلعبي بينا تاني
ليلى تصــ ـرخ بانهيار:
ــ مافيش لعب!
أنا هديكم الشفرة…
بس طلعوهم الأول!
ارجوكم!
الميه بقت عند صدر عالية
وهي بتشيل شادي فوق راسها علشان يتنفس وعينيها بتدور في رعب بين الطفل والزجاج
الرجل بهدوء شيطاني:
ــ اتكلمي… وإلا الصندوق هيتحول ويبقى قبر ليهم!
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية ارناط)