روايات

رواية سيد القصر الجنوبي الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم رحاب ابراهيم حسن

رواية سيد القصر الجنوبي الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم رحاب ابراهيم حسن

رواية سيد القصر الجنوبي البارت الرابع والثلاثون

رواية سيد القصر الجنوبي الجزء الرابع والثلاثون

رواية سيد القصر الجنوبي الحلقة الرابعة والثلاثون

اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت ربي، وأنا عبدك لمت نفسي، واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعاً، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك، والخير كله بيديك، والشر ليس إليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك.
صلِ على النبي 3مرات
لا حول ولا قوة إلا بالله 3مرات
قالت ذلك سمر وراقبت رد فعل أمجد الذي تسمر للحظات والعصبية تزداد على ملامحه شيئا فشيء .. اعتدلت وجلست على الأرض بإرياحية ثم أكدت بثقة :
_ أيوة كنت نايمة في الدولاب وكل ما هتشوفني هتلاقيني نايمة ، ولو مجاليش نوم هاخد منوم ها.
وعندما أشتدت بعيناه وسيمة الغضب وجدت سمر نفسها تضحك بقهقهة عالية وبطريقة عفوية لم تختبرها منذ سنوات ماضية، وكلما نظرت له تعلو ضحكاتها بدرجة عالية .. ولكن مع كل غضبه هذا لم يستطع سوى أن ينصاع لأمر القلب ويهدأ ويلين .. ابتسم أمجد رغمًا عنه تدريجيًا والقى حمل قدميه على الأرض وجلس بالقرب منها .. وكلما ضحكت اكثر اتسعت ابتسامته اكثر فأكثر ، كأنها بثت فيه عدوى المرح، ثم قال وهو يحاول أن يستشف ما يدور بخلدها بعدما استطاعت سمر بالكاد التقاط أنفاسها المتسارعة من كثرة الضحك :
_ دخلتي هنا أزاي .. وليه ؟
ابتلعت سمر ريقها وبدأ التوتر يأخذ مكانه بينهما مرةً أخرى … وقالت وهي يتضح عليها علامات القلق والتردد :
_ أصلي نسيت حاجة هنا خاصة بيا ورجعت أخدها، وبصراحة لما أخدت بالي أنك خرجت جيت على طول .
نظر أمجد لها بنظرة مطولة بها تساؤل غامض لم تستطع تفسيره، فقال بنبرة عميقة ونظرة أعمق لعينيها :
_ هأجل اجابة النص الأول من السؤال وكمان مش هسألك نسيتي ايه هنا، عشان هسألك الأهم ، أنتي كنتي مرقباني ومستنياني أخرج عشان تيجي تاخدي اللي نستيه ؟ للدرجة دي مكنتيش طايقة تشوفيني؟
تحت نظرات عينيه المعذبة تلك قالت بصدق ونبرة هامسة تقريبًا تحمل ما بقلبها من عتاب :
_ أنت اللي مش طايق تشوفيني وطردتني من بيتك ، وأنا ما بحبش أفرض نفسي على حد ، حتى لو كنت بجد عايزة وحابة أفضل جانبه ..
ظل أمجد صامتا وهو ينظر لها بحنين وشوقا مخيف، كان صمته ونظراته ذات المعنى هذا إجابة وافية ، ولكنها أرادت أن تطأ قدميها معه على أرضٍ ثابتة لا أهتزاز فيها ، فقد سمرها عندما قال بغتةً وهو ينظر لعمق عينيها بعاطفة صادقة:
_ عشان خايف عليكي ، خايف عليكي من حاجات كتير أوي مافيش داعي لشرحها دلوقتي .. لكن صدقيني مكنش قصدي أطردك أبدًا ، أنا لومت روحي الأيام اللي فاتت لدرجة كرهت نفسي ، أنتي دايمًا كان قصدك تساعديني ، وأنا دايمًا كنت بتعصب عليكي بدون سبب ، من السخافة والندالة أني اجازي حد مصمم يقف جانبي بالمعاملة دي .. فعشان خاطري سامحيني .. سامحيني وحقك عليا.
وقال تلك الكلمات التي زلزلت قلبها ونزعت غضبها من جذوره والمتعت عيناه بألم شديد وصوت مرتعش من الحزن حينما أضاف قائلًا :
_ أنا تايه ومش لاقي نفسي ، عصبيتي دي زعل على نفسي واحساس بالضياع ، لكن مش انتي السبب أكيد ، بس للأسف كنت بطلع غضبي من اللي أنا فيه عليكي ، لأنك كنتي أقرب حد موجود حواليا ..و
و دون تردد اقتربت سمر وقطعت حديثه عندما رفعت يدها ومسحت دمعة عيناه برقة، وقالت بمحبة خالصة وعيناها غارقة بالدموع :
_ ما تكملش .. أنت مش محتاج تبرر ليا أسباب عصبيتك ، كنت هرجع من غير أي اعتذار منك ، أنا بس سيبتك يومين تهدا ، لكن مكنتش همشي وأسيبك.
عاتبها بشدة قائلا لعينيها القريبة منه جدّا :
_ وليه رفضتي تيجي لما اتصل بيكي دكتور وجيه وطلبتي ليا حد بدالك ؟
ابتسمت ودموعها تنزلق على خديها برشاقة :
_ خوفت أجي تطردني تاني .. وده كان هيبقى صعب عليا أوي.
وارتبك أمجد عندما لمست سمر يده بدفء سرى لروحه قبل جسده، وقال بشعور مجنون لاخذها بين ذراعيه الآن، ولكنه كافح ليخمده بداخله ولا يرتكب ذنبا عظيم، فتحاشى النظر اليها وقال باضطراب :
_ لأ مش هطردك تاني، كفاية اللي شوفته الأيام اللي فاتت .
كأنه ندم على تفوهه الجملة الأخيرة فقد بدا مضطربا أكثر وحائرًا .. فابتسمت سمر وكفكفت دموعها وهي تقول بتأكيد ووعد :
_ وأنا مش همشي وهفضل جانبك مهما قولت وعملت ، هفضل على قلبك.
ونهضت بحماس وهي تبتسم له وتجرجر حقيبتها التي لملمت فيها أغراضها وقالت :
_ دي شنطة هدومي ، هوديها الأوضة التانية عشان خلاص قررت اقعد معاك هنا ، أقرب وأسهل .
اتسعت عينان أمجد ، ليس فقط من وجود ملابسها بخزانته دون ان ينتبه، بل والأكثر أنها قررت من نفسها أن تقيم بشقته وهذا خارج نطاق التعقل والمنطق .. وكاد أن يعترض حتى أخذت هاتفه واتصلت بهاتف وجيه وقالت لأمجد وهي تنتظر رد وجيه على الهاتف :
_ وعشان تصدق انه عادي أنا هتصل بدكتور وجيه وأقوله قدامك.
وقبل أن يأمرها أمجد بقطع الأتصال أجاب وجيه مباشرةً، وبعد القاء السلام سألته سمر وهي تدرك أن وجيه على درجة عالية من الذكاء وسيفهم خطتها .. فقالت :
_ هو فيها حاجة يا دكتور وجيه لما أنقل وأقعد مع دكتور أمجد في شقته كـ ممرضة ليه لحد ما يفك الجبس حتى بعد أسبوع ، أصله معترض !، هو سامعك دلوقتي ..
ابتسم وجيه بمكر ثم سايرها وأجاب وقد تظاهر بالجدية:
_ لا طبعا ما فيهاش أي حاجة، ده بالعكس هيكون أفضل ليه ، خليكي معاه ولو في أي حاجة اتصلي بيا فورًا ..
دهش أمجد مما سمعه واختلطت الامور عليه، وراقبته سمر بابتسامة وهي ترى ردة فعله ، فقالت بتصميم له:
_ أعتبر ده أمر من دكتور وجيه بنفسه ، أظن لو فيها حاجة كان رفض ، أنا سمعتك رده بنفسك من غير ترتيب مني عشان تقتنع، وكمان هقول لعم فرحات يرجع لشغله عشان أنا هتولى كل شيء هنا .
رد أمجد بالرفض والغيظ، ولكن سمر لم تكترث لإجابته وذهبت وخرجت من الغرفة لتنفذ ما قالته .. فظل أمجد جالسا بذهول مما يحدث حوله ..
______________________________________
شعرت جيهان عندما فتحت عينيها بكسل وقد تفاجئت بغفوتها لفترة طويلة بأنها مُقيدة !
حتى ادركت بأنها مسجونة بين ذراعيه ورأسها على صدره ، ويبدو
بأنها ظلت هكذا طوال فترة نومها !!.
رفعت رأسها ببطء حتى نظرت لوجهه النائم في هدوء وثبات ، وظلت تنظر له بصمت تام وهي شاردة تمامًا وتسأل بحيرة ، لماذا عليه وهو يحمل هذا القدر من الوسامة والجاذبية القاتلة بأن يكون متعجرفا ومغرورا ومتلاعب هكذا ! .. وبعمق تفكيرها أخرجها صوته الرخيم قائلا :
_ بتفكري فيا مش كده ؟!
جف ريقها من الدهشة حينما فتح عينيه واقترب ناظرا لعيناها عن قرب مدمر لثباتها :
_ دي لسه مجرد بداية يا چي، الجاي أخطر ومش هتقدري عليه.
استشاطت غضبا وحاولت التملص من ذراعيه، ولكنه جذبها إليه بدفعة قوية حتى ارتمت على صدره مرةً أخرى وهمس بفحيح :
_ حضري نفسك عشان هاخدك في سهرة خاصة النهاردة بمناسية جوازنا .
قالت بأنفاس لاهثة من التوتر والارتباك من هذا القرب الخانق لدفعاتها :
_ مش عايزة سهرات معاك ، وما تنساش أني في الأصل وافقت على الجوازة دي عشان خاطر الولاد.
ابتسم أكرم بنظرة شديدة الخبث وعلّق على ردها بسخرية :
_آه، أخدت بالي ..
نظرت له وهي تفهم مغزى نظرته ونعتت نفسها بقسوة أنها اظهرت له شيء من صدق مشاعرها نحوه بالأمس واستغلاله لذلك ضدها، وتركها تنهض بعدما لاحظ دموع عينيها الحبيسة، وعندما ابتعدت جيهان عنه دخلت حمام الغرفة واغلقت الباب جيدًا وتركت لدموعها العنان وهي تعاتب قلبها بقسوة على ميلها لهذا المتعجرف القاسي .. رجل كأن قلبه صنع من جرانيت، لا يعرف الحب أو الرحمة!
وبعدما خرجت تظاهرت ببعض القوة والثبات وذهبت للمرآة تمشط شعرها بينما هو كان أختفى من الغرفة ، ولكن توقفت عندما انتبهت لدخوله الغرفة من جديد، واقترب ووقف خلفها مباشرةً، وبلحظة سحب المشط من يدها وهو يهمس بأذنها بخفوت وعيناه مغلقتان بتأثر وهو يستنشق عطرها:
_ ليكي تسريحة شعر بتجنني ، عايز دايما أشوفك بيها، لكن ده هنا وبس .
ازدردت جيهان ريقها وتسربت قشعريرة لجسدها عندما بدأ يمشط لها شعرها بمهارة عجيبة، حتى لململ شعرها الطويل على جانب واحد أعلى كتفها الايسر، ثم أدارها لينظر لعيناها مباشرة ويحتوي وجهها الصغير بين راحتيه ويقول بنظرة حنونة لعينيها :
_ كفاية دموع يا جيهان وأفتحيلي قلبك .. جربي وصدقيني مش هتندمي، أنا لما بقف قدام عنيكي كأني شايف كل أحلامي اتحققت .. من أول مرة شوفتك فيها وأنا جوايا حاجة بتقولي خدها يا أكرم وابعد بيها عن الكل ، هي دي اللي فضلت تستناها عمرك كله.
تسحبت ابتسامة على شفتيها بدهشة من تحوله المفضل لديها، ودموعها قد استرسلت على خديها من جديد، حتى قبّل أكرم جبينها برقة وهمس مرة أخرى :
_ لأول مرة في حياتي أحب ، أكرم حجازي اللي مكنتش في ست ولا بنت بتلفت نظرة وبالنسباله مش اكتر من نزوة أخيرًا واحدة سرقت قلبه وعقله وروحه .. مستعد يعمل اي حاجة عشان تبقى معاه ، ومستعد يغفرلها أي شيء وتنسى اللي فات وتبدأ معاه من جديد .. بداية جديدة هتخليكي تتأكدي أنك ما تحبتيش قبل ما تعرفيني .. هتعرفي يعني إيه راجل يحب ست ومجنون بيها .. دي الواقفة قدام عينيكي بتطيب عمر من الوجع.
واغمضت جيهان عينيها ودموعها نازفة وابتسامتها تضيء وجهها بقوة .. حتى سرقها أكرم من حزنها لعالما خاص بهما ..
__________________________________________
أنتهى زايد من اجتماعه المغلق بفريق العمل على مشروع شركته الخاصة الذي منذ فترة يستعد لتأسيسها، ثم خرج من المبنى وذهب مباشرةً لشركة والده..
وبالمكتب..
جلس أمام مكتبه الخشبي الفخم وبدأ يتناول مهام اليوم المنتظرة وصوله، حتى دخلت مكتبه “ماهي” بخطوات تعمدت فيها أظهار أنوثتها، فظهر على وجه زايد الضيق والنفور وشيء من السخرية، حتى قالت ماهي بتغنج وتجاهلت سخريته:
_ الكل بيشتكي من السكرتير اللي جبته بدل مراتك فرحة، بقا تجيب سكرتير ليك وأنا موجودة وحافظة الشغل كله؟! مش كنت أنا أولى بالترقية دي!
رد زايد بصرامة ودون زيف مفصحا:
_ وإيه الجديد؟ ما انا طول الوقت كان ليا سكرتير والوحيدة اللي اتعينت سكرتيرة كانت فرحة وكان بمزاجي ولهدف.. لكن أنتي بقا يا ماهي أعينك سكرتيرة ليه؟!
ابتلعت ماهي أهانته بغيظ وتحكمت في أعصابها حينما تمادت في دلالاها وقالت:
_ بصفتي أننا عشرة عمر مثلًا، أو صديقتك، مش أحنا طول عمرنا صحاب يا زايد؟
رفع زايد حاجبه لها بتحذير الا تتمادى وتتخطى الحدود المسموح بها:
_ عمرنا ما كنا صحاب ولا هنكون، والتزمي حدودك عشان لحد دلوقتي أنا بس عامل حساب لأبوكي الله يرحمه .. لكن هتتعدي حدودك معايا فأنا معنديش غير الطرد وقدام الكل .. تشتغلي بقا بكرامتك وتشليني من دماغك ولا؟
صدمت ماهي مما سمعته وقالت:
_ ده كله عشان الست فرحة مراتك؟ فيها ايه دي احسن مني؟ بس عموما خلاص يا زايد اعتبر اني ما كلمتكش ولا المقابلة دي حصلت، بس أنت هتندم عليا كتير أوي.
سخر زايد وقال:
_ طب خدي أحلامك وأوهامك معاكي وأنتي خارجة وبلاش عطلة .. وأبقي قولي للبوفيه يجبولي قهوة.
فهمت أهانته الخفية وخرجت والدماء تغلي بعروقها، وفجأة اصطدمت ماهي بفرحة التي أتت بخطوات سريعة ودخلت المكتب..
وتوقفت وهي تنظر لمكتب السكرتارية الفارغ، ثم قالت لماهي بشك:
_ مش كان في سكرتير هنا؟
فكرت ماهي بخبث وقالت وهي تتظاهر بتعديل ملابسها ورسم القلق والخجل على محياها بمهارة تحسد عليها وأجابت:
_ مش عارفة.. مش عارفة راح فين، أنا جيت من نص ساعة أبلغ زايد بشيء ومكنش السكرتير موجود
ضيقت فرحة عينيها ورددت وهي تراقب توتر ماهي وتصرفاتها الغريبة:
_ من نص ساعة!!
اجابت ماهي وهي تنظر للأرض بخجل:
_ ٱه.. بعد أذنك همشي.
وانصرفت ماهي وتركت فرحة تظن الظنون، فتعكر مزاحها وهي تقتحم مكتبه بوجه مكفهر من الغضب وتهتف بوجهه:
_ أومال راح فين السكرتير بتاعك يا أستاذ زايد وسايبك مع ماهي لوحدك؟!
أختفت الابتسامة التي ارتسمت على وجهه فور وصولها وقال بذهول:
_ أنتي بتقولي ايه؟!!
صرخت فرحة بغضب وهي تبك:
_ قصدي أن اللي اتعود على الرمرمة عمره ما هيتغير أبدًا.
اتسعت عيناه بغضب من ردها ونهض واقترب منها، وعندما رفع يده ليلقنها صفعة مدوية عقابا على إهانتها له دون ذنب واضح، تراجع في اللحظة الأخيرة وأنزل يده ولا زال الغضب يملأه قسمات وجهه وصاح بوجهها:
_ احمدي ربنا أني بعاملك معاملة خاصة غير الكل والا كان هيبقى رد فعلي وحش أوي ومش هتنسيه طول حياتك .. أنا لو عايز اشوف مزاجي مش هختار مكان شغلي عشان اعمل كده!
أنتي بقا دماغك اللي تعبانة وشكاكة فده مش ذنبي!!
بكت فرحة بحرقة وهي تشير نحو الباب وتقول:
_ أومال البت اللي اسمها ماهي دي خارجة من مكتبك وبتعدل في هدومها وهي الكسوف ماليها ليه؟
ايه اللي بينكم يخليها كده؟
زم زايد شفتيه بعصبية ثم قال:
_ أنا لسه طاردها من مكتبي لما بس لمحت بالكلام، تضحك عليكي انتي عشان غبية ومتسرعة .. تعرف تضحك عليكي كويس أوي .. بحركة عبيطة وساذجة خلتك بالشكل ده ..وأنا اصلًا خليت كرامتها تحت رجلي وطردتها .. وبعدين أنتي جاية هنا ليه؟!
تألمت فرحة من ضغط يده على معصمها وقالت ببكاء:
_ كنت جاية أفرحك وأقولك أنك هتبقى أب.. استنيت لما التحليل طلع واتأكدت وجيتلك ما فكرتش ولا قدرت استناك لما ترجع.. كان كل همي فرحتك، وطول الطريق بتخيل رد فعلك.. عشان تكسر فرحتي باللي قولته ده..
وأفلتت من يده وتوجهت نحو الباب لتخرج، بينما خرج زايد من جموده ومفاجأته بالخبر وأسرع خلفها … ولكنها أختفت بلحظات قليلة، وظل يسرع الخطا هنا وهناك باحثا عنها ولكنه لم يجدها..
وبالطريق….
أوقفت فرحة سيارة أجرة ووجهها غارق بالدموع وسرعان ما تحركت بها السيارة للعنوان المطلوب، ولمحها زايد على آخر لحظة وأخذ، سيارته خلفها…
لتقف السيارة الأجرة بعد أكثر من نصف ساعة سيرا بداخل زقاق ضيق لاحد المباني القديمة.
وخرجت فرحة من السيارة بعدما وضعت بيده بعض الجنيهات وذهبت لشقتها القديمة..
وأمام شقتها…
كادت أن تفتح الباب بمفتاحها الخاص حتى ظهر زايد ودخل خلفها سريعا وأغلق الباب عليهما … أضاءت فرخة زر الأضاءة وهي تمسح دموعها بعصبية وتقول لها:
_ جاي ورايا ليه؟ … أنا غبية، سيبني بقا في حالي.
وضع زايد يده على خصرها وقال بابتسامة وسعادة شديدة:
_ أنتي اتأكدتي أنك حامل بجد، يعني أنا هبقى أب؟
أجابته بأنفعال وبكاء:
_ يعني سبب مجيك ورايا هو أبنك مش أنا! ..
ضحك زايد وأخذها بين ذراعيه بعناق حار وقال بضحكة:
_ أنتي مجنونة ولا دي هرمونات الحمل؟!
وشهقت فرحة من البكاء كلما ارتفع صوت ضحكته، حتى ربت على جانب وجهها وقال بسعادة:
_ أظن ننسى اللي حصل ونفكر بس في فرحتنا وأبننا .. ما تخليش كيد واحدة حقودة يوقع ما بينا ..
مسحت فرحة دموعها وقالت بثقة:
_ مصدقاك .. عشان أنا اصلا أجمد منها.
هز زايد رأسه بتأكيد وهو يكتم ضحكاته وقال:
_ أتفق.
تحولت فرحة للنقيض وهي تسأل بابتسامة واسعة:
_ لو جت بنت هتسميها ايه يا زيزو؟ ..
أنفجر زايد من الضحك وهو ينظر لها ويقول:
_ أنا قولت انها هرمونات الحمل.
لم تكترث له فرحة وقالت بقلق:
_ أنا خايفة بس تطلع شبه الولية مرات ابوك .. من كتر غيظي منها ممكن بنتي تطلع شبهها يا دي المصيبة!
كافح زايد ليكتم ضحكاته وهو يراها تتحدث مع نفسها بشكل مثير للضحك بتلك الدرجة .. وقال:
_ ما تشغليش بالك هتطلع شبهي.
سألته فرحة بتعجب:
_ وليه مش شبهي؟!
ابتسم وهو ينظر لعيناها بخبث:
_ لأنك مشغولة بيا طول الوقت .. فغالبا كل ولادنا هيكونوا شبهي.
قرصته فرحة في خده بضحكة وقالت:
_ خلاسي وأنا أطول كل ولادي يبقوا سكر كده يا قمري أنت والميم دال.
فكر بجملتها زايد ثم ارتفعت ضحكته من جديد
_____________________________
استغلت سمر خلود أمجد للنوم ومغادرة العجوز بأمرا منها وأرادت أن تأخذ دشا سريعا ، ولكن أسفا أن تلك الغرفة ليست بها أي حماما خاص !!
فأختارت ملابسها التي سترتديها وخرجت من غرفتها وهي تسير على أطراف أصابعها كي لا توقظه وتزعج نومه..
وعندما دخلت الحمام ظلت بالمسبح الدافئ لبعض الوقت، وخرجت وهي ترتدي عباءة النوم الخريفية التي تصل لبعد ركبتيها بقليل ، وشعرها الطويل ينثر رزاز الماء وكانت تجففه بالمنشفة وهي تتوجه لغرفتها .. وفكرت بسخرية وهي تحدث نفسها ، أنها تستحي والنائم بالغرفة المجاورة ليس إلا زوجها !! يا للسخرية!!
وهنا شعرت ببعض الحرية وخطت بأطمئنان أكثر ، وفجأة قررت أن تعد لنفسها كوبا من القهوة حتى يجف شعرها قليلًا كي تمشطه، وعندما دخلت المطبخ صدمت بأمجد وهو يقف مستندا على عكازه ويمد يده ليأخذ مسحوق القهوة من رف عالٍ بدولاب المطبخ ويبدو أنه لم ينتبه أنها لا زالت مستيقظة من الأساس … فأسرعت سمر دون تفكير اليه خوفا أن يختل توازنه ويسقط .. وأخذت مسحوق القهوة من الرف وقالت له :
_ أنا هنا عشان لو أحتجت أي حاجة ، ليه ما ندهتش عليا ؟
تجمد أمجد وهو ينظر لها مشدوها ومأخوذا بها ، وشعرت سمر بالارتباك وادركت مظهرها ولكن ما يعيبها أن كانت تظهر هكذا أمام زوجها وأن كان لا يتذكر ذلك .. فقالت بابتسامة :
_ هعملك القهوة بنفسي ..
ودهش أمجد أنها لم تكترث لمظهرها هكذا أمام غريبا عنها !! … وضرب الأرض بعصبية بعكازه وقال بعذاب:
_ أنتي لازم تمشي وما تفضليش هنا .
وأسفا أنه بالفعل أختل توازنه وكاد أن يسقط ، ولكن دعمته يدها بكل قوتها حتى لا يتأذى من شدة السقوط وجلس على سجاد الأرض بكسرة احاطت به … ونظرت له سمر بألم وجلست بجانبه في صمت وهي تنظر له … حتى طفرت عيناه دمعة لم يستطع كبتها ، فأقتربت دون أن تفكر وضمته بعاطفة شديدة وكانت تبك وتّقبل رأسه وهي تعتذر .. !! حتى ابتعد قليلا مصدوما مما تفعله وعيناه غارقة بالدموع، فاقتربت له واعترفت بمحبة شديدة :
_ مش همشي وأسيبك .. لأني بحبك.
وبعد ذلك حدث ما لم يكن بالحسبان ولا مخطط له ..

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية سيد القصر الجنوبي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *