رواية زهرة العاصي الفصل الخامس عشر 15 بقلم صفاء حسني
رواية زهرة العاصي الفصل الخامس عشر 15 بقلم صفاء حسني
رواية زهرة العاصي البارت الخامس عشر
رواية زهرة العاصي الجزء الخامس عشر

رواية زهرة العاصي الحلقة الخامسة عشر
صوت خطوات بطيئة بيقرب…
عاصي واقف وراها، لابس بدلة سوداء، وملامحه ومشاعره متداخلة بين الحزن واللوم.
عاصي (بصوت هادي بس فيه مرارة):
ـ حتى وهي بتموت… كنتِ لوحدك ومقدرتش أكون معاكي، رغم وعدي إني أكون سندك.
زهرة (بصوت متكسر وهي لسه قاعدة على الأرض):
ـ مش بإيدي… الدنيا دايمًا بتسحب مني اللي بحبه.
عاصي (بيشد نفسه علشان ميضعفش):
ـ لأ… إنتي اللي بتهربي، وكل مرة تكسري اللي حواليكي، وبعدين تبكي على الأطلال.
زهرة (بصوت كله وجع وهي بتقوم ببطء):
ـ هو أنا اللي كسّرت؟! أنا اللي عشت سنين عشان أحقق حلمها إني أكون مهندسة شاطرة، متصورتش إن حلمي يتحول لكابوس. أنا اللي دفعت التمن في كل لحظة!
عاصي (بصوت واطي، وقلبه بيوجعه):
ـ ليه سبتيني؟ ليه وافقتي تتجوزي سليم؟!
زهرة (بعنيها المليانة دموع):
ـ كنت مجبورة، كان لازم أبرأ نفسي، ومكنش في حل غير كده…
عاصي قرب منها خطوة، ووشه حزين جدًا:
ـ كنت هجيبلك حقك، ولحد النهاردة وعدي ليك حقك وبراءتك هتظهر. وأنا عمري ما بطلت أحبك، ياريت مكنتش اتسرعت في الحلول الزائفة. حبلها صغير…
زهرة (بتهمس، وهي بتبص على القبر):
ـ بس الحلول الزائفة هي اللي خلتني أتهم بجريمة قتل…
السكوت نزل بينهم… الهوى بيعدي بهدوء حوالينهم، وزهرة بتلف وشها ناحية القبر من تاني، والدموع سايحة على خدها…
بدأ الناس بالتفرق، والهواء مشبع برائحة التراب والرطوبة. وقف عاصي بجانب سيارته، ملامحه تعكس الصدمة مما حدث. زهرة تقف بعيدة، غير قادرة على الحركة. فجأة، يقترب سليم من عاصي بخطوات هادئة، لكن عينيه تحملان نارًا.
سليم (بصوت ثابت، فيه غل لعاصي):
ـ شكلك تأخرت يا دكتور… زهرة الآن زوجتي، وستكون لي وحدي.
عاصي (يرفع عينيه، نظراته تحمل ألمًا):
ـ لا، الورق يثبت الملكية، مهما كانت مجبورة في يوم هتتحرر… وهي لم تكن قط شيئًا تملكه.
سليم (بضحكة باردة):
ـ يبقى أنت لا تعرفها… زهرة بدور عن الأمان، وأنا الوحيد اللي كنت موجودًا وقت ما انهارت. وقت زياد خطفها، كنت فين أنت؟ أنا كنت معها.
عاصي (يخطو خطوة للأمام):
ـ وصولك ليها ما يعنيش حماية، وإنت متأكد كنت موجودًا؟ أم كنت تستغل لحظة ضعفها؟ لو كنت بتحبها، ليه استغلت موقف زي ده عشان تجبرها على الجواز؟
سليم (صوته يرتفع):
ـ كنت بحبها غصب عنك، وجوزي منها عشان محدش يلعب بيها ويخليها تهرب عنده. أنا هخليها تجبر إنها تنسي أي مشاعر تجاهك… ومن تعلقها بك، وإنت غير قادر على الاعتراف! أخذتها لأحميها منكم جميعًا!
عاصي (يهمس بصوت مكسور):
ـ سبحان الله، إنت وزياد نسخة واحدة فعلاً، زي ما زينة قالت. كل واحد فيكم يقترب منها يريد امتلاكها. فقط… أما أنا كنت أحاول فهمها، مش امتلاكها.
سليم (بحدة):
ـ وفشلت! أما أنا؟ أنا زوجها دلوقتي… سأعيش معها وستعرف قيمتي.
عاصي (نظره مستقيم):
ـ هتكون زوجها… لكن الحب عمر ما يجى بالفرض، لازم يكون بالرضا. ومهما فعلت، طول ما هي عارفة إنها مجبورة، لن تحبك أبدًا.
سليم (بعناد):
ـ الحب بيجى بعد العشرة، وعندي وقت… أما أنت؟ وقتك انتهى.
عاصي (ببرود مرير):
ـ ولو حصل لها حاجة، هكون أول واحد يقف في وشك حتى وهي معك…
ينصرف سليم كله غضب من كلام عاصي دون رد، لكن ظهره يكشف كل شيء. كان عاصي واقفًا، ينظر إلى الفراغ، وقلبه مليء بالخوف عليها.
بعيدًا قليلاً…
كانت زهرة واقفة تستمع لكل كلمة. قلبها يدق بسرعة، والدموع تنهمر… لا تعرف إن كانت تبكي على أمها أم على نفسها.
بعد الجنازة – في بيت العيلة – غرفة جانبية – العصر
الجو حزين، الناس لسه بيغادروا، وصالح قاعد على كرسي متخشب من الصدمة، وزهرة قاعدة جنبه عينيها حمرا ومش بتتكلم. سليم واقف جنبهم ووشه باين عليه الحزن والتوتر، لكنه في الحقيقة بيخطط لكل حاجة.
سليم (بصوت هادي ومكسور):
ـ عمو صالح… أنا مش قادر أصدق اللي حصل، بس لازم نتصرف بسرعة. أنا خايف على زهرة من اللي جاي.
صالح (بصوت متعب):
ـ زهرة مالهاش حد غيرنا… وإنت شايف الهمّ اللي فوق دماغها. بس تعمل إيه؟ الشرطة بتطاردها، والإعلام قلب الدنيا…
سليم (بيقرب بحنية):
ـ علشان كده بقولك نوديها مكان بعيد… بيت في أطراف البلد. أنا أعرف حتة أمان، بعيد عن العيون، وهنروح إحنا التلاتة، وأنا آخد بالي منها، لحين ما تهدى الدنيا.
زهرة ترفع عينها لأول مرة وتبصله بتردد.
زهرة:
ـ إنت شايف إن ده الحل؟ أنا مش عايزة أهرب…
سليم (بحزم وحنية):
ـ مش هروب… ده حماية. لحد ما نعرف مين عدونا الحقيقي. إنتي محتاجة ترتاحي… وأنا وعدت أمك قبل ما تموت إني أحميك.
صالح يمسك إيد بنته، وعينه فيها دموع:
صالح:
ـ روحي معاه يا بنتي… سليم راجل ونعم السند، وهو ابن أخويا، مش هيأذيكي أبدًا.
زهرة تومِّي برأسها وهي مكسورة، وسليم يبتسم لنفسه ابتسامة خبيثة ماحدش شايفها… كأنه كسب أول خطوة.
اسمعي مني يا زهرة:
الشرطة هتكون في أي لحظة في كل مكان في البلدة، تعالي معي.
تهز رأسها بتوهان، قلبها مكسور على أمها ونظرة عاصي ليها.
سليم:
لازم نثبت لهم إنك كنت معايا.
تهز راسها بالرفض:
ـ أنا ممكن أحبس نفسي في الأوضة لحد ما يعد الوقت.
انزعج سليم وحاول يظهر عكس ده:
ـ ولو فتش المكان حتة حتة وفهموا اللعبة، ووعد مني قبل المحاكمة، هديك إلى القسم. ومتقلقيش، أمي معانا وأنا على وعدي، فترة بس عشان صعب تروحى دلوقتي وأنتِ مكسورة بعد وفاة والدتك.
رد الأب صالح:
ـ روحي يا بت، أنا مقدرش أسيب البلد وجدك حزين ومكسور على أمك، وكمان بيتهمني إني السبب عشان اتسرعت وجوزتكم لبعض. لازم أقعد وأفهمه إن ده لمصلحتك. صعب نغيب والناس بتجي تعزي.
توافق زهرة وتذهب تركب العربية.
يغلق سليم العربية بإحكام وينظر لها.
تشعر زهرة بشي غريبة وخوف جوها وتسأله:
ـ فين مرات عمي؟
وقبل ما تحاول تفهم، كانت العربية طارت بيها، وهو نظر لها بنظرة انتصار.
ـ سبقتنا على هناك.
بعد وقت، وصل على بيت بعيد عن البلدة.
يفتح الباب بفرحة:
ـ نورتي يا عروسة!
تدخل زهرة البيت وتبحث بعيونها وتسأله:
ـ فين مرات عمي؟
يشير سليم إلى غرفة النوم:
ـ ادخلي هنا واستريحي، يا زهرة أكيد بتجيب لوازم.
تدخل زهرة وتجلس في ركن الغرفة، تحتضن نفسها وتنظر حولها بخوف. عيونها حمراء من كثرة البكاء، وترتعش من الخوف، ولا تستطيع النوم أو الاطمئنان.
يأتي الليل وفجأة يُفتح زياد الباب بعنف.
زهرة العاصي (الكاتبة صفاء حسنى حصري قيد الكاتبة)
يدخل سليم الغرفة، ويغلق الباب خلفه بعنف. تشعر زهرة بخوف شديد. يقترب سليم منها.
سليم (صوته واطي، مليء بالتوتر):
ـ عايز أعرف… الحقيقة كلها، من دون لف ودوران. ما علاقتك بالدكتور عاصي؟ وليه هو متأكد إنك بتحبيه؟ وعلاقتك مع زياد وصلت لحد فين؟
تنصدم زهرة من أسئلته.
زهرة (ببرود حزين):
ـ أنت تستجوبني؟ أنت عارف إني وافقت على الزواج فقط بطلب من أبي، وكي أرفع رأسه. ليه مصمم تشغل بالك وأنا عارفة لو قولت ليك حاجة مش هتصدقني؟ وقامت تدور على مرات عمها؟ هي مرات عمي اتأخرت ليه؟
نظر لها سليم (بصوت مهزوز):
ـ إنتي دلوقتي مراتى، أقدم الناس، وعايز أكون على نور. مقدرش أعيش على الشك… قلبي يصرخ عشان أحبك، وعقلي يقول إنك كنتِ معه برضاكِ… وأنتِ اختارت الصامتة!
تسكت زهرة، وتنظر إليه بعيون دامعة. يقترب منها بهدوء، ويمسك يدها. تنتفض زهرة.
زهرة:
ـ طلقني يا سليم بعد الحكم، عشان يرتاح قلبك وعقلك.
يرفض سليم ويحاول التحدث بهدوء.
سليم:
ـ طلاق إيه، يا بنت الناس؟ كل غرضي هو وضع كل النقاط على السطور. لو استمرينا في العيش وأنا بشك فيك، كيف أثبت للمحاكمة إنك زوجتي؟
زهرة (بدموع):
ـ أنت لو بتحبيني بجد هتفهمني وهتعرف إني كويسة.
يقترب منها سليم ويتغير من الهدوء للحقيقة:
ـ دعيني أثبت لنفسي أنك شريفة وتستحقيني تكوني زوجتي.
تنتفض زهرة وتبتعد، وتسأله:
ـ أنا مش فاهمة، تثبت لنفسك؟ وعايز توصل لإيه وفين مرات عمي؟
يضحك سليم ضحكة مخيفة:
ـ مرات عمك مش هنا، إزاي تيجي مع عريس وعروسه؟
تخاف زهرة برعب:
ـ أريدك يا زهرة، أحتاجك، وأريد أن أتأكد أنني أنا من امتلكك، وليس أحداً آخر. وبعد ذلك، سنرى المحكمة والقضية، ربما تكونين حاملاً بطفلي، وأكون قد عششت في قلبك بعد هذه الليلة. وسنكون أسرة معًا.
تشهق زهرة بخوف شديد.
زهرة:
ـ لا يا سليم، لا تفعل ذلك بالله عليك، أقسم بالله إني شريفة.
يدفعها سليم بقوة.
سليم دخل الأوضة وقفل الباب، زهرة اتخضّت أوي. قرب منها سليم، وصوته واطي وفيه توتر:
ـ عايز أفهم الحقيقة كلها، من غير لف ودوران. إيه علاقتك بدكتور عاصي؟ وليه بتقولي إنك بتحبيه؟ وزياد كان فين في كل ده؟
زهرة اتصدمت من أسئلته.
زهرة:
ـ إنت بتستجوبني؟ إنت عارف إني وافقت على الجواز عشان بابا، وعشان أرفع راسه. ليه مصمم متصدقنيش؟
سليم صوته بيهتز:
ـ مقدرش أعيش على الشك… قلبي بيصرخ إني بحبك، ودماغي بتقول إني كنتِ معاه برضاكِ… وساكتة!
زهرة سكتت، بصّت له بعيونها المليانة دموع. قرب منها بهدوءقرب منها بهدوء، مسك إيدها، هي اتنفضت:
زهرة:
ـ طلقني يا سليم بعد المحكمة، عشان قلبك ودماغك يرتاحوا.
سليم:
ـ طلاق إيه، يا بنت الناس؟ أنا عايز أحط كل النقاط على السطور. لو فضلنا نعيش وإحنا بنشك في بعض، عمرنا ما هنرتاح. أنا مش جاي أؤذيكي… أنا جاي أفهم، وأسندك، بس لو إنتِ فعلاً عايزاني.
زهرة (بدموع):
ـ أنا مش عايزة حد يثبتني بموقف، ولا يختبرني بجسمي! عايزة حد يصدقني… كده وبس.
سليم قرب منها:
ـ خليني أثبت لنفسي إنك شريفة، وإنك تستاهليني.
زهرة بعدت عنه:
ـ مش فاهمة، تثبت لنفسك إزاي؟ إنت عايز توصل لإيه؟ وفين مرات عمي؟
سليم ضحك ضحكة مرعبة:
ـ مرات عمك تيجي ليه مع عريس وعروسة؟
شهقت زهرة وقامت من مكانها:
ـ ده مش اتفقنا، اتصل بيها أو ترجعني!
رفع صوته سليم:
ـ مفيش اتفاق ما بيني ومفيش خروج من هنا إلا لما أكون أمتلكك، وأتأكد إني أنا أول رجل في حياتك، ومفيش حد تاني. وبعدين نشوف المحكمة والقضية، وممكن وقتها تكوني حامل في ولدي، وأكون عششت في دماغك. نبقى أسرة مع بعض.
زهرة شهقت بخوف:
ـ لأ يا سليم، اوعى تعمل كده بالله عليك، أقسم بالله إني شريفة.
ظهر سليم على حقيقته:
ـ دلوقتي هنعرف إن كنتِ شريفة، ولا لأ.
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى
-فى أوضة عاصي – الدنيا هادية بس فيها قلق باين في ملامحه وهو نايم على السرير، ووشه متقلب في الحلم
كان عاصي نايم، جسمه ساكن بس جواه في دوشة… قلبه مش مرتاح من ساعة ما زهرة ما اتجوزت ، والحلم جاله فجأة، كأنه حقيقي أكتر من الحقيقة…
داخل الحلم:
الدنيا مطر… مطر كتير بيغرق الأرض والسماء سودا، والبرق بيشقها كل شوية.
في وسط المطر، ظهرت زهرة… ماشية على إيديها ورجليها، هدومها مبلولة، شعرها سايح على وشها ومكشوف، وحجابها على الارض، باين التعب والوجع على كل تفصيلة فيها…
كل ما كانت تقرب، كانت بتبص ناحيته وتصرخ:
زهرة (بتصرخ بصوت مخنوق):
ـ عاااصي!!!
ـ إلحقنييييي!!
ـ أنا هنا… مش قادرة أهرب… مش قادرة أتنفس!!
كانت بتنزف، ومياه المطر مخلوطة بالدم، جسمها بيرتعش، وعنيها بتدور عليه وسط الظلمة.
عاصي (في الحلم، بيحاول يجري ليها):
ـ زهرة!!!
ـ استني!! أنا جاي… أنا معاكِ!
بس رجله بتغرز في الأرض، كأن المطر رابطها… بيحاول يتحرك، يصرخ، بس صوته مش طالع…
وهي بتبعد، صوتها بيخفت… وبتختفي وسط المطر، وتفضل كلمة واحدة ترن في ودنه:
زهرة (بهمس بيقطع القلب):
ـ متتأخرش…
قطع الحلم – عاصي بيصحى مفزوع – قلبه بيدق بسرعة – عرقان وأنفاسه سريعة
عاصي (بيهمس لنفسه وهو بيبص في السقف):
ـ زهرة… أنا حاسس بيكِ…
ـ مستحيل أسيبك هناك… مستحيل.
يقوم من السرير بسرعة، قلبه بيجري قبله… عارف إن الحلم ده مش مجرد كابوس، ده نداء حقيقي.
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى
بيت الجد “الحاج محمد ” – قاعد في أوضته وسط العتمة – عينه في الأرض، حوالين منه صور وردة وزهرة
صوت الموبايل بيرن…
الحاج محمد (بص بعين مطفية):
ـ مين بيتصل في الوقت ده…
يبص في التليفون يلاقي اسم “عاصي”، يرد بصوت مبحوح:
الحاج محمد :
ـ أيوه يا عاصي…
عاصي (صوته متوتر ومليان قلق):
ـ الحاج محمد … معلش أنا آسف إني بطلبك دلوقتي، بس أنا محتاج أعرف… زهرة فين؟
ـ حضرتك آخر مرة كلمتها؟ كانت مع مين؟
ـ زهرة فى امان عندك والا لا … وأنا متأكد إن في حاجة مش طبيعية.
الحاج محمد (بصوت مكسور، بيكلم نفسه):
ـ أنا مخبرش…
ـ مخرجتش بعد موت وردة من الأوضة…
ـ ولا حتى بصيت في عيون زهرة…
ـ كنت مقطعها… عشان اتجوزت من سليم.
ـ فاكر آخر مرة كلمتها…
ـ كنت باتهمها إنها السبب…
ـ السبب في موت الغالية… بنت الغالي…
عينه تدمع وهو بيمد إيده ياخد صورة قديمة لوردة وهي شايلة زهرة وهى صغيرة…
الحاج محمد (بصوت واهن):
ـ أنا مخبرش…
ـ مخرجتش بعد موت وردة من الأوضة…
ـ ولا حتى بصيت في عيون زهرة…
ـ كنت مقطعها… عشان اتجوزت من سليم.
ـ فاكر آخر مرة كلمتها…
ـ كنت باتهمها إنها السبب…
ـ السبب في موت الغالية… بنت الغالي…
عنينه تدمع، بيقوم ببطء، يمد إيده ويمسك صورة قديمة لوردة وهي شايلة زهرة وهى صغيرة، لمس الصورة بحنان ووجع.
الموسيقى تعلى شوية – ننتقل لفلاش باك – زمن سابق
المكان: ساحة البيت، جدته وزهرة واقفين بيواجهوا بعض، الجو مشحون، نظراته قاسية ونظراتها مجروحة.
زهرة (بتقرب من جدها، عنيها مليانة دموع):
ـ إوعى تسبني إنت كمان يا جدي…
الحاج محمد (بيرفع صوته بغضب):
ـ إنتي السبب!
ـ لو ما سمعتيش كلام أبوك واتجوزتيش من الفاشل الضايع ده… ماكنّاش خسرنا وردة!
زهرة (دموعها بتنزل وهي بتترجّيه):
ـ يا جدي… أنا…
ـ أنا اتجوزت غصب عني…
ـ عشان أكون هنا معاكم، في حضن ماما…
ـ وردة… وحضنك…
ـ جيت لما هي تعبت… ولما عرفت إن تعبها كان عشان خافت عليا…
توقف لحظة، تاخد نفس، ترفع صوتها بنبرة مقهورة ومتمردة:
ـ إنت اللي السبب في كل ده!
ـ عشان تجيب حق بنتك سعاد… خلتني ظل زينة!
ـ وضحكتوا عليّا أنا… إنت وهي…
ـ وكانت النتيجة إني اتهمت في جريمة قتل…
ـ وحفيدتك زينة تاخد حقها عادي…
ـ لكن أنا؟ أنا اتسجنت!
ـ آه، إنت ظالم يا جدي…
ـ بتحاسبني إني مرة واحدة اختارت تدافع عن حقها؟
ـ رغم إني كنت ضهر لزينة!
الحاج محمد (بيصرخ بقسوة):
ـ اطلعي برا!
ـ برااااااااا!
ـ ماعيش عايز أشوف وشك، إلا لما تعقلي…
ـ وتفهمي إني ما فرّقتش بينكم!
ـ زينة عاشت في حضني على إنها يتيمة…
ـ عشان أحميها منهم!
ـ ما شافتش النور، ولا حد كان يعرف ليها أهل…
ـ والكل قال وردة اتبنتها، عشان تكون أخت لزهرة…
ـ وجايه تتهميني إني السبب؟
ـ عشان مرة واحدة قررت أساعدها تثبت هويتها؟
ـ وتكشف المجرمين اللي محوا كل دليل على وجودها؟
ـ وكتبوا شهادة موتها وهي لسه عايشة؟
ـ من إمتى كنت أناني يا بت؟!
زهرة (دموعها نازلة، صوتها هادي وواهن):
ـ يا جدي… أنا مش أنانية…
ـ أنا كنت عايزة أفهم… أكون على نور…
ـ لكن إنت خرّجتني من حساباتكم…
ـ وكنت ضحية للعبة أنا ماليش ذنب فيها…
الحاج محمد (صرخ فيها تاني):
ـ ولما روّحت تحبي وتتمعشقي في زياد؟
ـ رغم إن زينة حذرتك منه؟
ـ برضه كنت ضحية؟
ـ للأسف… إنتي اللي دخلتي نفسك في اللعبة يا بت…
ـ ولما بازت منك، بدل ما تصلّحيها…
ـ بدأتي تكسّري فيها تاني!
ـ مش عايز أشوف وشك إلا لما تطلبي الطلاق من سليم…
ـ وتكمّلي تعليمك…
ـ وتحققي حلم وردة!
نرجع للحاضر – الحاج محمد بيحضن الصورة ويبكي بصوت مكتوم.
الحاج محمد (بوجع):
ـ يا خسارة…
ـ جرحتها… وأنا اللي كان لازم أكون ضهرها…
ـ سامحيني يا زهرة…
ـ سامحيني… قبل ما تكوني إنتي كمان… ضحية.
يتبع…..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية زهرة العاصي)