روايات

رواية أسرت قلبه الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم سولييه نصار

رواية أسرت قلبه الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم سولييه نصار

رواية أسرت قلبه البارت الخامس والثلاثون

رواية أسرت قلبه الجزء الخامس والثلاثون

أسرت قلبه
أسرت قلبه

رواية أسرت قلبه الحلقة الخامسة والثلاثون

(عقاب)
سأحطم قلبك كما حطمتي قلبي …سأجعلك تتمني الموت كل ليلة ولكن الموت سيكون بعيداً كبعد النجوم ….
(جاسم لنوران)
……..
-آه …
صرخ جورج بقوة عندما انسكبت عليه مياة باردة للغاية …نهض بعنف ليجد والده يشرف على رأسه …
-بابا….
قالها بتلعثم ليمسكه والده من قميصه ويقول :
-قوم قامت قيامتك يا اخي فضحتني ….بتسكر وتيجي تعمل فضايح لمراتك ووالدتها ….
رمش جورج وهو ينظر حوله ليجد والدة زوجته تنظر إليه بقرف …
-فين ماريانا أنا عايز اكلمها ….
-لو سمحت روح بنتي مش عايزة تشوفك …هي شفقت عليك عشان كده دخلتك البيت فمتسوقش فيها واحترم نفسك وامشي من هنا !!
هز رأسه وقال:
-لا مش همشي …أنا عايز اشوف ماريانا وهشوفها….
ثم كاد ان يتجاوز والده الا ان والده أمسك ذراعه وقال؛
-اعقل يا جورج وخلينا نمشي …
الا ان جورج لم يستمع لكلامه بل ازاح.يده وهو يتجه لباب غرفة ماريانا المغلق ثم يطرقه بعنف ….
كانت ماريانا تجلس على فراشها تقرأ …تنتظر أن يذهب جورج مع والده كي تخرج ولكنها انتفضت فجأة والباب يدق بعنف وصوت جورج القوي يخترق اذنها….
نهضت من الفراش واتجهت لتقف امام الباب وهي تنظر إليه بوجوم….
..
كان جورج يطرق الباب من الخارج وهو يقول بصوت مختنق ؛
-ماريانا أنا عارف أنك سامعاني…ماريانا الكل عايز يبعدك عني…بس أنا مقدرش اعيش من غيرك …ارجعي وانا والله ما هعمل حاجة تاني …عمري ما هزعلك …والله في اليوم ده محصلش حاجة بيني وبين سيلا…أنا مخنتكيش..ايوة غلطت اني روحت وغلطت اني سيبتك ومكونتش معاكي بس والله عمري ما خنتك ابدا …لو سمحتي ارجعي …أنا ضايع من غيرك …متخليهمش يبعدوني عنك…
كان يكلمها وهو يطرق الباب بإصرار يتمنى ان تفتحه وتريحه ولكنها لم تفتحه …لم ترد عليه حتى …شعر بيأس شديد لم يشعر به من قبل ..قلبه كان يتآكل بفعل الحزن …
جذبه والده بقوة وهو يقول من بين اسنانه؛
-خلاص كفاية كده فضحتنا !!!
ثم سحبه خلفه …
كان جورج يسير خلفه وهو يشعر وكأنه ميت…انها لا تعود مهما توسل…
خرج من المنزل وكادا ان ينزلا الجورج الا أن اللهيب الأزرق تصاعد وهو يرى ابرام …ابتسم ابرام بلطف وهو يراه وقال:
-ازيك. يا جورج ايه اخبارك …؟!
-فرحان انت صح.
قالها جورج بسخرية ليعبس ابرام بدون فهم ليصرخ به جورج بغيرة :
-فرحان عشان هتاخد مراتي يا واطي….
ثم لكمه بعنف ليمسكه والده وهو يصرخ به :
-كفاية بقا …كفاية …
ثم نظر الى ابرام معتذرا ليهز ابرام رأسه متفهماً حالته …سحب عزمي ابنه لخارج البناية بينما جورج يصرخ ؛
-سيبني …سيبني الواطي عايز ياخد مراتي مني !!!
دفعه والده الى السيارة وقال:
-بطل تخلف فضحتنا يا اخي منك لله!!…
-بابا …
-خلاص اخرس يا جورج خلينا نمشي من هنا بدل ما أزعلك فعلا !!
ثم قاد السيارة وانطلق بها
………………
-اخبار عينيك دلوقتي ؟!
قالتها مياس وهي تجلس على الفراش بعد ما استيقظ سيف ….نظر إليها سيف بضيق لتقول مسرعة :
-يا سيف أنا اعتذرت منك كذا مرة …سامحني بقا والله ما كان قصدي.!!
-كنتي هتروحي عيني يا مياس ….كنت هبقى أعمي بسببك …
-بعد الشر عليك يا حبيبي متقولش كده…
هتفت بعفوية ليرفع نظراته نحوها ويقول :
-قولتي ايه ؟!
احمرت وجنتها وقالت :
-قولت بعيد الشر عليك ….
-لا اللي بعد بعيد الشر …قولتي ايه …
قالها بمشاكسة لتفرك.كفيها وتقول بخجل ؛
-مقولتش حاجة …
ضحك بمرح وهو يجذبها نحوه حتى اصبحت بين ذراعيه…انتفضت وهي تقول بفزع ؛
-سيف لا سيبني …
-ششش بطلي صياح بقا…
ثم قبل عينيها وضمها اليه وهو يقول ؛
-أعمل ايه في قلبي اللي بيحبك يا مياس …
ابتلعت ريقها ليبعدها وهو يربت على شعرها ويقول:
-ما تقولي أنك بتحبيني …
-لا مش هقول!
قالتها بإندفاع فابتسم وهو يقبل أرنبة انفها ويقول :
-مش مهم هتقوليها في يوم من الأيام ….
صمت قليلا وهو يحاول ترتيب كلماته بينما هي تنظر إليه تنتظر أن يتحدث ….نعم هي مستعدة الآن للتحدث معه …سوف تخبره انها سمعت اصدقاؤه يسخرون منها وكم شعرت بالإهانة بسببهم…شعرت أنها قليلة وكأن الثقة التي حاولت طبيبتها النفسية وسيف ان يبثاها داخلها قد نُسفت تماماً….لقد باتت تشك في حب سيف لها …ايمكنه انه يفعل هذا بفعل الشفقة لا الحب …هل يمكن أنه يخبرها انه يحبها لكي تستعيد ثقتها وما ان تتعالج سوف يتركها ويذهب الى نوال …الفتاة جميلة للغاية ..لقد رأتها …ماذا حدث بينهما ليتركها ويتزوج من مياس …ولكن يالتأكيد بعودتها تلك فهي وضعت يدها عليه ولن تتركه ….
تلك الفكرة ازعجتها كثيرا!!!
-أموت واعرف الدماغ دي بتفكر في ايه ؟!
قالها سيف ثم أكمل:
-يا بنتي والله بخاف من غموضك بحس أنك فجأة كده هتصدميني …
تنهدت وهي تنظر إليه وتقول :
-سيف انت ليه عايز تكمل معايا ؟!
-ياربي …هو أنا هعيده تاني يا حبيبتي ولا ايه ؟!بقولك بحبك …بحبك …ايه كلمتي دي مش كفاية ؟!
هزت راسها وهي تقول :
-لا مش مصدقة …
عبس وهو ينظر إليها لتكمل هي :
-ممكن يكون حبك ليا شفقة …ممكن تكون فاكر أنك بتحبني بس الحقيقة أنك بتشفق عليا بسبب اللي حصلي ..يمكن حاسس بالذنب بسبب اللي حصلي …ممكن حاجات كتير …مش شرط يكون حب ….
كان ينظر إليها بضيق ويقول.:
-أنتِ هتعرفي مشاعري اكتر مني يا مياس ؟!أنا بحبك …استوعبي ده …
هزت رأسها وبدأت الدموع تنساب من عينيها ليمسحها بشفتيه فتقول هي بإختناق ؛
-انا سمعت اللي بيقولوه اصحابك عليا يا سيف …سمعتهم وهما ييقولولك ان ده شفقة …
-اللي كانوا اصحابي قصدك …ودول شوية اغبية …أنا قطعت علاقاتي معاهم …زي ما قطعت علاقتي بنوال….أنا عارف مشاعري كويس يا مياس أنا مش عيل ولا مراهق ….أنا بحبك قولتلها وبقولها وهفضل اقولها وانا مستني فرصة منك بس وهستغلها…للأسف يا مياس مش هتقدري تتخلصي مني ابدا …هفضل ملاحقك طول العمر….هفضل احبك طول العمر ….
انهمرت دموعها مجددا ليمسحها بلطف ويقول:
-متبكيش طول ما أنا جنبك …صدقيني آخر مرة هسمح.لحد يقلل منك يا مياس…انتِ كل اللي محتاجه حاليا …أنا مكتفي بيكي ….
-سيف …
قالتها بإختناق ليضع كفها على شفتيها ويقول :
-ششش خلاص متتكلميش . يالا
البسي عشان خارجين أنا وانتِ…
………..
منذ الامس وهو لم يأتي …قد مكث لدى والدته وكأنه يعاقبها على ما قالته…حقا من يظن نفسه …هل يظن انها سوف تنهار بسبب هذا …حسنا هو لا يعرفها جيدا …هي لا تهتم حتى ان قضى كل ايام حياته عند والدته …فبعد ما فعله بالأمس لا يحق له ان يغضب …اغمضت عينيها وهي تتذكر ما حدث ….
……..
كلماتها جعلت الجميع يلتزم الصمت تماماً…كان صمت ثقيل يحيط بهما بينما أمير ينظر لسما بصدمة وغضب ….ولكنها رفعت رأسها دون ان تهتم …هي لا تخاف منه فليذهب الى الجحيم ….ما قطع هذا الصمت الثقيل هي سهيلة التي قالت بإختناق:
-سامعين بتقول ايه …سامعين قلة ادبها…عشان تعرفي يا خالتي أنك جوزتي ابنك لواحدة شرشوحة ….
-هما سمعوا كلامي ليكي …بس برضه شافوا مياصتك على جوزي …بس الحق مش عليكي الحق على المحترم اللي انا متجوزاه واداكي وش لو كان بيحترم نفسه مكانش ده حصل ….

-سما خلاص احترمي نفسك !!!
قالها أمير بغضب ثم اقترب منها وأمسك ذراعها وهو يقول من بين اسنانه :
-يالا هنمشي من هنا!!
ولكنها دفعت يده بعصبية وهي تصرخ به وتقول :
-لا مش هنمشي…أنا اللي همشي ومش عايزة اشوف وشك تاني اشبع يا حبيبي ببنت خالتك وطلقني وخليها هي اللي تربي ابنك …
سوف دفعته وذهبت وهي تخرج من المنزل مسرعة بينما الجميع ينظر إليها مشدوهاً……
….
خرجت من شرودها وهي تقضم اظافرها بغضب وتفكر انها ليست مخطئة …هو لم يحترم وجودها…لذلك يستحق ما قالته ….
حتى لو أتى واخبرها انه سوف يطلقها لن تهتم ابدا ولن تخاف ….زيجتهم فاشلة من الاساس لا أمل لهم …ولكن رغم ذلك قلبها يؤلمها…لقد احبت هذا الغبي…رغم خداعه لها قد احبته كثيرا…تمنت ان يحبها كم تحبه ولكنه خدعها ….هي لا تظن ابدا انه يحبها فمن يحب لا يفعل هذا …لا يقلل من شريك حياته بتلك الطريقة السيئة…لقد شعرت أنها ستنهار وهي تجده يمازح ابنة خالته تاركاً اياها تجلس على الأريكة …لم يهتم بالنظر إليها حتى ….
قضمت شفتيها وهي تمنع نفسها من البكاء او الإنهيار …فجأة انتفضت عندما فُتح الباب …وجدته يدخل المنزل والغموض يكسو وجهه…
-فين عمر؟!
قالها بهدوء لترد وقد توجست اكثر :
-نايم …
-طيب كويس اووي …
ثم اقترب منها وفي عينيه نظرة غريبة …ابتعدت وهي ترجع بظهرها وقالت بإرتعاش :
-والله لو مديت ايديك لأحبسك يا أمير ….هلففك في المحاكم و …
ولكنه قطع كلامها وهو يقترب خطوة واسعة مؤنها ثم يعانق وجهها ويقبلها …توسعت عينيها بصدمة وتخشبت بين يديه ليبتعد عنها ثم يقبل رأسها وهو يهمس :
-أنتِ بتغيري عليا….
نظرت إليه بحيرة ليبتسم وهو يقول :
-بتغيري عليا يا سما …أنا عارف..وده اللي كنت عايز اعمله …كنت عايزك تغيري عليا ونجحت …بس طبعا هعاقبك على الهبل اللي قولتيه …
-كنت قاصد …
قالتها بذهول ليرد دون خجل ويقول :
-ايوة كنت قاصد اخليكي تغيري …عملت كده عشان اوصلك للمرحلة اللي هتبقي هتتجنني من الغيرة واهو نجحت…
فجأة دفعته والدموع تطفر من عينيها وقالت:
-انا بجد مش مصدقة اللي انت بتعمله فيا…بتكون مبسوط وانت بتهينني ؟!!
شحب وهو يحاول أن يبرر الا انها قاطعته بصراخ وقالت:
-أنا بجد بكرهك.!!!
ثم كاد ان تذهب الا انه امسكها وهو يحملها بسهولة ويجلس بها على الأريكة وهدر بها :
-أعمل ايه …قوليلي اتنيل أعمل ايه ؟!حضرتك مش مدياني أي فرصة …علطول بتفهميني غلط …بتكدبيني …جتلك وقولتلك بحبك بس رغم ده كلامي مأثرش فيكي. ..فقوليلي أعمل ايه تاني أنا مش فاهم ….ملقتش حل غير اني اخليكي تغيري يمكن تحسي بيا بس لا حياة لمن تنادي
اشاحت بوجهها عنه وقالت ببرود :
-سيبني لو سمحت …
-لا …
-قولتلك لا أنا بحبك …هتستوعبي ده ولا لا يا شيخة حسي شوية بيا …بحاول ارضيكي بكل الطرق يا سما …امبارح عملتي فضيحة كبيرة وانا اللي جاي اصالحك…أنا غلطت في ايه عشان تعملي كده …
أطرقت برأسها وهي تقول بنبرة مختنقة :
-ممكن توديني لبيت بابا. محتاجة ارتاح هناك شوية ؟!
لم يرد عليها وقد كسا اليأس نظراته !!!
……………………….
كانت تتابع الاخبار وهي ترتجف قليلا ..تعترف ان ما فعلوه قد ارعبها….فالعالم قد انقلب في الساعات الأخيرة بسبب ما الادلة التي ظهرت لطيف ومن معه قد تم اعتقالهم…يجب أن تهدأ ..يجب ان ترتاح ولكن رغم هذا تشعر بالقلق ….تخاف ان يجد طريقة ويخرج بها ثم يؤذيها هي وعائلته …قلبها تآكل بسبب الرعب ….
انتفضت قليلا عندما وضع يوسف كفه على ظهرها ثم اقترب منها وهو يقبل رأسها وقال:
-شوف دلوقتي مين اللي خايف ؟!….
نظرت إليه وهي تبتسم بقلق ليضمها اليه وهو يقول :
-هقول كلمتك ربنا ان شاء الله هيسترها ……
هزت رأسها وهي تضع رأسها على صدره ….
ولكن الحقيقة ان الخوف كان يتملك كلاهما !!
……..
بعد قليل ….
كان قد اتى منير وماجدة قد جهزت لهم طعام الغداء والتزمت بغرفتها مع طفلها ….

كان يجلس يوسف بجوار رفيقه الذي يتناول ورق العنب بشراهة ويقول :
-ما تاكل يا عم فيه ايه…الورق عنب يجنن بصراحة ؟!…
هز يوسف رأسه وقال:
-كل انت بالهنا والشفا أنا مش جعان
-مالك يا يوسف؟!
قالها رفيقه وهو يعبس ليرد يوسف ويقول :
-خايف يا منير …بجد خايف خالص ده الدنيا اتقلبت واكيد هيتعرف مين اللي سلم الأدلة دي للبوليس…وقتها ممكن يأذوا ماجدة ومحمد ….
عبس منير وقال:
-يا ساتر عليك يا اخي ليه التشاؤم …ان شاء الله مش هيحصل اي حاجة وهتشوف …خلاص اتقبض عليهم …كل اللي اسمهم جه في المستندات اتقبض عليهم …يعني محدش فيهم هيقدر يأذي مراتك ….
-بس رجالتهم برا وممكن ينتقموا …
قالها وهو ينظر الى منير يرغب ان يطمئنه …
-متقلقش يا يوسف مش هيحصل حاجة ….
صمت قليلا وقال:
-مالك يا عم …اول مرة اشوفك بتخاف للدرجة دي ؟!…معقول انت يوسف !!
ابتسم بحزن وقال :
-اول مرة افرح يا منير …أول مرة اعيش السعادة دي وخايف تروح مني …أنا أخيرا لقيت الإنسانة المناسبة ليا …أخيرا حسيت بالحب …اخيراً عشت المشاعر الحلوة …أخيرا عشت مشاعر الحب الابوة …السعادة …صعب اخسر ده كله …خايف اخسره يا منير …هيكون صعب عليا . ..
هز منير رأسه وقال بلطف :
-متبقاش بومة كده ان شاء الله مش هتخسر ولا حاجة يا راجل وربنا هيباركلك في عيلتك الجديدة
تنهد يوسف وهو يتمتم:
-يسمع من بوقك ربنا يا منير …يارب تدوم السعادة دي يارب …
-ان شاء الله …
قالها منير وهو يلتهم ورق العنب ويقول :
-كل ورق العنب والله جامد …
ابتسم يوسف وقال:
-لا يا حبيبي كل انت ….
…..
انتهى منير من الأكل وشرب القهوة الخاصة به ثم غادر ….
….
ولج يوسف لغرفته ونظر الى ماجدة التي تدرس وبجوارها محمد يلعب في المكعبات التي احضرها له ….
-اكلتوا …
قالها بإهتمام لترفع رأسها له وتقول مبتسمة :
-لسه عشان عارفة أنك مش هتاكل مع منير …صحيح انت عزمته عشان هو كان نفسه في ورق عنب ..بس كنت عارفة أنك مش هتاكل معاه فقولت ناكل سوا ….
ابتسم وهو يستند على الباب ويربع ذراعيه :
-طيب وده ينفع برضه يا حبيبي…على الأقل كنتي اكلتي محمد …
ابتسمت وقالت:
-هو كمان كان عايز ياكل معاك ….
اقترب منها ثم شدها من ذراعها وقال :
-طيب يالا نحضر الاكل عشان ناكل سوا….
….
بعد قليل كانا على الطاولة بتناولان طعامهما بكل سعادة …كان يوسف يطعم زوجته محمد بيده وماجدة تفعل بالمثل…بدت الحياة في تلك اللحظة مثالية للغاية …الحياة التي ارادها يوسف …السعادة التي بحث عنها طويلا بعد ان انكسر مرتين ….نظر لعائلته بسعادة …كان سعيد لدرجة ان دموع السعادة أحرقت عينيه …لا يرغب ان يكون جبان بعد اليوم ….منير لديه حق هو سوف يحافظ على سلامة عائلته لن يسمح بأي احد ان يؤذيهم ….نظراته ثبتت على ماجدة التي تبتسم بينما تطعمه…تناول الطعام من يدها ثم قبل كفها ليفعل محمد المثل وهو يتناول إصبع ورق العنب ويضعه في فم يوسف ….
ابتسم يوسف وهو يمسك كفه ويقبله هو الآخر….ثم ضحكوا جميعاً وسط جو عائلي رائع …
………….
يُقال ان الانسان يحصد ما يرزعه ..وهذا صحيح …طريق الخطيئة سهل ..ممتع وجذاب ولكن عواقبه بشعة….هي فتاة احبت …تركت لجام العقل وتمسكت بلجام الهوى كسرت القيود التي تربت عليها …اتخذت من وضع عائلتها مبرر لكي تكون فتاة بلا أخلاق ..ظنت بهذا تعاقب عائلتها التي اهتمت برحيق مثلها ولكن للغباء لم.تعاقب الا نفسها هي …لقد ادركت الآن انها السبب في هذا كله …هي المخطئة…هي الجانية…لم تكن يوما ضحية احد الأ نفسها وغباءها ….والآن تحصد ماؤ زرعته …وربما هذا هو عقابها على تنمرها المستمر على رحيق……
وقفت نوران وهي تنظر إلى البناية السكنية التي بها شقتها التي ستقطن بها….ماذا ستواجه الآن ….هي معه بمفردها…ماذا سيفعل بها ؟!
تنهدت وهي تفكر ان كل ما سوف يفعله بها سوف يكون من حقه …هي من اخطأت ويجب أن اتحمل نتيجة خطأها…نظرت إليه لتجده ينظر بشرود إلى البناية بينما يمسك الحقيبة بشدة …عينيه مزيج من القسوة والإنكسار …مزيج غريب هي من صنعته….كم ترغب في ان تمسكه ثم تقبل رأسه وهي تعتذر منه تكرارا …تخبره انها لم تقصد ابدا ان تكسره بتلك الطريقة….
…..
نظر إليه بوجه قاسي وهو يقول :
-يالا عشان نطلع ….
هزت نوران رأسها وهي تمسك حقيبتها وتتبعه بصمت ….
……
دخلا للشقة السكنية الخاصة بهما …ارتجفت نوارن من الداخل وهي تفكر هذا هو سيكون منزلها ..او سجنها الجديد….هنا سوف تقضي فترة عقوبتها معه….ذلك ما اخبرها به …تعرف ان جاسم سوف يعذبها هنا …سوف يجعلها تعاني …الم يعدها هو بهذا. .ألم يخبرها انه سيجعلها تعاني ….وهي تصدقه انه سوف يفعل هذا بكل تأكيد …ولكن لا يهم سوف تتحمل أي شئ منه …لن تغضب او تحزن…لن تحقد عليه…يكفي انه سوف يستر عليها هي لن تنسى هذا ابدا …سوف تحمل جميله هذا الى أن تموت…..اغمضت عينيها وهي تشعر بالدموع تنساب منهما ……ياليتها لم تفعل هذا …يا ليتها استمتعت بكل تلك المشاعر التي بدأت بالتأجج مجدداً نحو جاسم ….هي أحبته من قبل والان مشاعرها نحوه اصبحت أقوى …والان اصبحت هي تعشق من يكرهها…تعشق من يمقتها ويشمئز منها ….
تمعنت في النظر فيه ..كان يخطف القلب بطلته الجديدة …ذقنه التي نمت من قبل زواجهما وقد هذبها لتعطيه حاذبية ووقار ….عينيه البنية الجامدة …خصلات شعره الناعم التي تسقط على جبينه ….هو رجل رائع لن تنكر هذا ….وهذا الرجل الرائع هي خسرته بسبب افعالها …بسبب اخطائها الآن هو اصبح يكرهها …يشمئز منها …لا يطيقها وهي السبب …هل سوف يأتي يوماً ويسامحها ..هل يمكن أن يغفر ويعيش معها. ..يحبها ….
كادت ان تبتسم بسخرية وهو تفكر ان هذا مستحيل تماما!!هو لن يغفر ابدا …فكل ما يشعر به نحوها الآن هو الكره والإشمئزاز …لقد قتلت الحب داخله …نجحت في فعل هذا !!
قكرت بمرارة !!
كان يحاول أن يحافظ على تماسكه والا ينهار وهو ينظر الى الشقة الخاصة بهما…قلبه كان يعتصر بفعل الألم وهو يتذكر حماسه في تجهيز كل جزء لي الشقة ….لم يتخيل امرأة غيرها تطأ هذا المنزل ….كان يخبر نفسه دوما ان نوران فقط ستكون مالكة هذا البيت كما هي مالكة قلبه …ولكن مالكه قلبه حطمت منزلها. حطمت قلبه…قهرته عندما اخبرته انها اصبحت ملك لشخص آخر غيره ….وهو الذي احبها اكثر من الجميع ….خاف ان ينظر إليها نظرة غير بريئة لكي لا يحرمه الله منها ..رفض حبها وقرر ان يدرس ويجتهد كي يليق بها …لم يفكر في التواصل معها كي لا يرتكب أي خطأ يهدم حياته معها …وعندما نالها …اصبحت له شعر انه يمتلك العالم بأكمله ولكنها قتلته…نعم قتلته بكل برود وهي تخبره بتلك الحقيقة …احيانا يتمنى لو كانت تصمت …لو كانت تخفي تلك الحقيقة فأن يعيش نعيم الجهل اسوأ من قسوة الحقيقة…فحقيقتها قد قتلته ….تنهد بإحباط وهو ينظر إليها ليجدها هي أيضا تنظر إليه ..عبس بشدة ….اراد الصراخ بها في تلك اللحظة ولكن بدلا من ذلك قال :
-ده هيكون سجنك الجديد …
ارتعشت بقوة وهي تنظر إليه بخوف بينما يكمل وهو يقترب منها :
-متفتكريش اني عشان قبلت استر عليكي يبقى خلاص كده مش هيكون ليكي. عقاب بالعكس يا نوران عقابك معايا هيكون اشد…أنا هخليكي تعيشي اسوأ ايامك معايا ….
ابتلعت ريقها للنيران التي تشتعل بعينيه كان يبدو صادق في كل كلمة وكأنه سوف يفعل هذا بالفعل
-حقك !
قالتها بإنكسار وهي تطرق برأسها أرضاً ليبتسم بسخرية ويقول :
-طبعا حقي …كفاية اني سترتك ومقولتش لأخوكي اللي هببتيه…مع ان الحاجة الطبيعية اللي مفروض اعملها دلوقتي اني اقتلك بسبب اللي عملتيه….انتِ زانية عارفة يعني ايه يعني عقوبتك الر.جم….
-متقولش كده أنا مش زانية اللي حصل. .
ولكنه قاطعها وهو يصرخ بها :
-اخرسي خالص متتكلميش …لا انتِ زانية اللي قولتيه وحكتيه منفاش غلطك ابدا ومغيرش وجهة نظري فيكي أنك رخيصة ….
أطرقت برأسها وهي تنتحب ..لينظر إليها بقسوة …كان قلبه يؤلمه ولكنه تجاهل ألمه كليا ….سيطر عليه فلم يظهره…فقلبه هو سبب تعاسته…..قلبه من أحبها ..وقلبه ما زال يحبها رغم خطأها الجسيم !!
-هاتي تليفونك !!
قالها بغلظة لترفع نظرها إليه فكرر بنفاذ صبر:
-انا قولت هاتي التليفون …ايه مبتفهميش !!
ابتلعت ريقها وهي تهز رأسها ثم اخرجت الهاتف من حقيبتها …كانت قد انتهى شحن البطارية منذ ليلة زواجها لذلك لم يستطع احد التواصل معها حتى رحيق …..
أمسك الهاتف ونظر إليه ..وهو يفكر ان هذا هو الهاتف الذي اخطأت عن طريقه….احبت شخص غيره عليه …بعثت له صورها …ثم بقوة قد ألقاه أرضاً حتى تحطم بقوة …صرخت نوران وهي تنظر إلى الهاتف المهشم بصدمة
صرخت بغتة عندما شعرت به يمسك ذراعها وهو يقول بقسوة :
-اسمعيني عشان مش هكرر أم كلامي تاني !!….
ارتعبت وهي ترى الغضب قد فاض من عينيه…ثم أكمل وهو يعتصر ذراعها بقوة ألمتها …شعرت انه سوف يكسر ذراعها….
– أولا …أنتِ هنا خدامة وبس …دورك هيكون خدمتي…هتنضفي البيت وتكنسيه كل يوم …تغسلي السجاد كل يوم …حتى لو مش محتاج هتغسليه …حتى لو هيبوظ هتغسليه …
ثانياً..ممنوع تخرجي من البيت …ممنوع تفتحي البلكونة حتى لو غسلتي هدوم وعايزة تنشريها أنا هنشرها …
ثالثاً.مش هتستخدمي تليفون خالص …عايزة تكلمي أهلك هخليكي تكلميهم من تليفوني أنا …لكن ان يكون معاكي تليفون مش هسمح بده ابدا. . انتِ واحدة رخيصة معرفش ممكن تعملي ايه تاني وتجيبيلي العار ….وآخر حاجة ….
قالها ثم اتجه للتلفاز وهو يمسك المقص ويقطع السلك وهو يقول :
-حتى التلفزيون ممنوع تسمعيه …هتعيشي هنا في سجن …لا لا . السجن ارحم بكتير من اللي هتعيشيه هنا …
اقترب منها لترتعب ..فجأة شهقت وهو يدفعها حتى سقطت على الأرض ونظر إليها وهو يرفع رأسه بإشمئزاز وقال:
-هتعيشي معايا ست شهور وبعدين اطلقك وأغورك وبكده اكون عملت معاكي الصح ….
انحنى وقرب وجهه منها وهو يهمس بخطورة :
-ست شهور …يعني تقريباً 180 يوم …صدقيني في كل يوم هخليكي تتمني الموت ميت مرة !!
……..
في المساء
على طاولة العشاء …
كان هو جالس يمسك هاتفه ويتصفحه متابعاً الأخبار…رفع حاجبيه بدهشة وهو يرى خبر القبض على رجل ذا شأن في قضية الإتجار بالمخدرات …
-اووه انت طلعت منهم ….
قالها عاصي بتسلية …..رفع نظراته فجأة وهو ينظر الى رحيق التي اتت وهي تدفع بكرسي أملاك امامها…مرت عينيه على فستانها حتى الاسفل وعبس بشده وهو يراه محتشم اكثر من المعتاد…فقد كان يصل حتى نهاية قدمها …لا يظهر أي شئ ….
-على فكرة مفيش داعي تلبسي كده في البيت …يعني مفيش رجالة هنا غيري …متكتفيش نفسك ….
قالها بضيق شديد هو حتى لم يفهم سبب ضيقه …
رفعت حاجبيها بدهشة وقالت:
-انا مش مكتفة نفسي …بس افتكرت ان ليا الحرية البس ايه ….ثم حضرتك مالك ومال لبسي
مط شفتيه بدون مبالاه يخفى اشتعاله من كلامها وقال:
-والله عندك حق أنا مالي …يالا اقعدوا عشان تتعشوا والبنت تنام ….
هزت هي رأسها وهي تضع كرسى أملاك امام طاولة الطعام وتجلس هي بجوارها ثم تبدأ تأكل وهي تطعم أملاك أيضا بينما يضحكان سوياً …كانت رحيق تضحك مع الصغيرة ولكن عقلها مع نوران التي سافرت مع زوجها للغردقة …هل يمكن ان جاسم لم يكتشف الأمر …تتمنى هذا فعلا …..كان يتظاهر انه يتناول طعامه ولكنه في الحقيقة كان ينظر اليهما وهو راضي من الداخل بسبب انسجام ابنته مع رحيق….نظر الى ملامح رحيق البسيطة وهو يشعر بإنجذاب غريب ….ليس ذلك الانجذاب الجسدي الذي شعر به من قبل …ولكن انجذاب غريب هو لا يفهمه حتى ….تلك المرأة تثير شيئا داخله …تزوجها أول أمس وقلبت حياته قليلاً……
…..
بعد انتهاء العشاء …
اخذ عاصي ابنته لغرفتها وجعلها تتسطح عليها ثم قبل رأسها وهو يتمنى لها ليلة سعيدة …
-برضه مش هتخلي ماما رحيق تنام جنبي يا بابا النهاردة …
قالتها أملاك بحزن ليرد عاصي ويقول بنبرة عادية:
-املاك حبيبتي اظن قولت لا قبل كده …ماما رحيق هتنام في اوضتنا مينفعش تنام في اوضتك وبعدين أنتِ خايفة من ايه …معقول بنتي أنا تخاف …
-يا بابا أنا …
ولكن عاصي قاطعها وهو يقبلها على رأسها ويقول :
-خلاص يا روحي نامي بقا تصبحي على خير ….
ابتسمت رحيق وهي تقترب أيضا من أملاك وقبلتها على رأسها ثم خرجت هي وعاصي ….
….
-حرام عليك بجد البنت شكلها خايفة…
قالتها رحيق بعد ان خرجا من غرفة أملاك وانتظرت بصبر ان يسخر منها او يعاملها بقسوة كعادته ولكن للصدمة ابتسم لها وقال:
-فاهمك يا رحيق بس لازم تتعود تنام لوحدها أملاك مش صغيرة …فيه حاجات لازم تتعملها …انتِ يعني هتنامي جنبها لحد امتى ….
رمشت وهي تنظر إليه فابتسم وقال:
-بتبصيلي كده ليه؟!
-مستغربة بصراحة …انت بتتكلم بلطف لأول مرة افتكرتك هتتريق عليا ….
ضحك بقوة وقال:
-تقدري تقولي اني شوفت اهتمامك ببنتي وحسيت أنك.تستاهلي اللطف ده …
رفعت حاجبيها وقالت بسخرية :
-الحمدلله أننا نلنا الرضا أخيرا …
-تؤ تؤ بتتريقي على جوزك يا رحيق. ..ميصحش والله …
صمتت وهي تهز رأسها فقال :
-تعالي نقعد على التراس شوية …ندردش شوية ونتعرف على بعض ايه رايك ….
هذا جيد… فكرت فها هو للمرة الأول يتعامل ككائن راقي…
تنهدت وهي تقول :
-تمام …
-جميل …تحبي تشربي ايه …
-هشرب شاي بلبن …
هز رأسه مبتسماً وهو يأمر مدبرة المنزل ان تعد ما تريده….
….
بعد قليل …
كانا بالتراس …كان هو يشرب قهوته اما هي تشرب الشاي باللبن الخاص بها ….
كانت تنظر إلى الشجرة التى تغطي نصف التراس تقريباً بإعجاب ثم انتبهت عندما بدأ عاصي الكلام :
-على فكرة أنا حاسس الفستان ده محررك والدنيا حر …ممكن تلبسي أي فستان بيتي من فساتينك …زي الفستان اللي كنتي لابساه امبارح متقلقيش الشجرة مغطية التراس محدش هيشوفك ….
-لا شكرا أنا مرتاحة كده …
-براحتك انا بس حسيتك مش مرتاحة …
-عاصي أنا مرتاحة اووي في لبسي …انت ليه شاغل نفسك بيا …
هز كتفه وقال :
-لا مهتم ولا حاجة كان مجرد اقتراح …أنا بس مستغرب ليه مكتفة نفسك كده …ده بس قصدي ..
-عشان لما بلبس كده انت بتكون مش محترم وبتفضل تبص عليا ….
-انا يا بنتي ….محصلش …
-لا حصل ..
-لا محصلش متهيألك…يمكن انتِ نفسك ابص عليكي عشان كده متهيألك كده …انت صدقيني مش …
-نوعك المفضل خلاص فهمنا …
قالتها بملل وهي تقاطعه….
ابتسم وقال:
-طيب كويس أنك عارفة أنك مش نوعي المفضل فمتخليش فكرك يسافر لبعيد …
رفعت رأسها وقالت بإستفزاز :
-وعلى فكرة انت كمان مش من نوعي المفضل …
توسعت عينيه وقال:
-متقوليش كده تاني …أنا النوع المفضل بتاع أي ست ….أي واحدة هترتبط.بيا او تتجوزني هتكون محظوظة…زيك كده …
-بالعكس ده الله يكون في عونها !
قالتها بضيق لينهض هو ويقول :
-هرميكي من البلكونة بجد….
نظرت إليه بقلق وهي تجد نظراته جادة لا اثر فيها للمزاح …
-افندم بتقول ايه ؟!
-بقولك هرميكي من البلكونة …
نهضت وشعرت بالألم في قدمها نتيجة انزلاق قدمها أمس وقالت بقلق :
-انت أكيد بتهزر صح.؟!
أمال رأسه وبدت نظراته مختله :
-ايه رايك نجرب….
ثم اتجه إليها بسرعة غريبة وهو يحملها …
صرخت برعب بينما يتجه بها الى الحاجز الحديدي للتراس ويحرك يديه بها ….

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أسرت قلبه)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *