رواية حرب سقطت راءها الفصل الثاني 2 بقلم نور زيزو
رواية حرب سقطت راءها الفصل الثاني 2 بقلم نور زيزو
رواية حرب سقطت راءها البارت الثاني
رواية حرب سقطت راءها الجزء الثاني

رواية حرب سقطت راءها الحلقة الثانية
بعنـــوان ” سِهــــــــام الغـــــــــــــــدر”
[[ سِهـــــــام الغــــدر لا تــــــأتي سوى مــــن القـــــــــريب ]]
فحصها الطبيب ووصف لها بعض الأدوية والفيتامينات لجسدها الضعيف، خرج الجميع معه وظلت “هدير” معها فى الغرفة و”قُدس” مُختبئة فى فراشها ومنكمشة فى ذاتها تبكي فى صمت ، تحدث “هدير” بهدوء:-
_ الجارحي عارف حاجة عن الكلام دا؟
_ لا
قالتها بصوت خافت خائفة لتسأل “هدير” من جديد قائلة:-
_ حد يعرف عن الموضوع غيري؟
انكرت أن “ليل” تعرف شيء بخوف من عمتها فخرجت “هدير” من الغرفة تاركة الصغيرة وحدها، دلف “الجارحي” للشقة وهو يقول بجدية:-
_ أنا بعت رجب يجيب لها الدواء من الصيدلية
تحدث “حمدي” بهدوء قائلة:-
_ ماشي يا ابني ، روح أنت للمحلات شوف شغلك
اومأ إليه بنعم وغادر فنظر “حمدى” إلى ابنته وقال بحدة:-
_ تعالي يا هدير
جلست ابنته جواره بقلق من والدها وهو يميز “قُدس” عن الجميع ، سألها بهدوء يكبح غضبه :-
_ أمك قالتلي أنكِ كنتِ عندها وخرجت قُدس منهارة وبتعيط ووقعت من طولها وصوابعك معلمة على وشها، مين سمح لك تمدي أيدك عليها؟ ميهمنيش هى عملت أيه؟ قد ما يهمني مين اللى سمح لكِ تلمسها؟
_ بابا أنا عايزة انقل وصيتك لقُدس فى المدرسة من جارحي ليا
قالتها بجدية، حدق الرجل العجوز بوجه ابنته وقال وقد فهم أن ما حدث شيء له علاقة بـ “الجارحي” فسأل بحيرة:-
_ الجارحي عمل حاجة؟ زعلها أو تجاوز حدوده معها…. لا معتقدش الجارحي تربيتي وأبوه أمام جامع وهو خريج ازهر وحافظ لكتاب الله ، ميعملش حاجة غلط…
تنهدت بهدوء وقالت:-
_ شهادة لله معملش لكن قُدس مراهقة وفى سن خطر والخناقة الىى حصلت بينا عشان بتقول أنها بتحبه
أتسعت عيني “حمدي” على مصراعيها من هول الصدمة وكيف لصغيرته أن تتعلق بحفيده الكبير .. ، ضرب عكازه فى الأرض بخفة وقال بحدة صارمة:-
_ ولو ميدكيش الحق أبدًا أنك تمدي أيدك عليها، لو أتكررت تاني اللى ينوله عماد تنوليه يا هدير واللى تحصده أختك أسيا تحصديه ، إياكِ تمدي أيدك على قُدس مرة تانية …. فاهمة
اومأت إليه بنعم فوقف لكي يغادر المكان غاضبًا، أخذ سيارته وذهب إلى أحد محلاته ……
_________________________
تأففت “مديحة” بضيق شديد وقالت:-
_ أنت غبي، مين قالك تروح تقول لأمك أنك هتتجوز قُدس
_ أمال هتجوز من وراهم
قالها “عماد” بضيق شديد لتسخر منه “مديحة” وقالت:-
_ يا أغبي خلق الله وأنت فاكر أنهم هيجوزك قُدس لو جبت ثقلها ذهب، دا قد عيالك ، أتوكس …. لا الموضوع مينفعش يستني أمك راغية وهتنقل الخبر لأبوك بسرعة زى نشرة الأخبار والجارحي هيحطك فى دماغه … لازم نخلص من الموضوع دا بسرعة
_ أيوة أزاى بقي ، أخطفها وأكتب عليها
قالها بعجز وعدم فهم لتصرخ جدته من غباءه وقالت:-
_ ومين الحمار اللى هيكتبلك عليها ، دى قاصر يا نن عين ديحة… مش بقولك غبي … أسمع اللى أقولك عليه تعمله بالحرف الواحد الليلة فاهم …تعال…
________________________
كان “الجارحي” جالسًا على مكتبه فى أحد المحلات ويفكر فى هذه الصغيرة التى سقطت فاقدة للوعي أمامه، أخرج هاتفه وأرسل لها رسالة:-
_ عاملة أى دلوقت؟
كانت “قُدس” نائمة على الفراش وبجوارها “ليل” التى سمعت بما حدث ، سمعت صوت الهاتف لتلتقط ونظرت به ووجدت رسالة واتس منه لتُجيب على رسالته وقالت :-
_ أحسن
تحدثت “ليل” بتعب من عناد هذه الطفلة وقالت:-
_ بالله عليكِ تأكلي يا قُدس من الصبح وإنتِ على لحم بطنك
جاءها رسالة أخرى منه يقول:-
_ أكلم المدرسة أخدلك إجازة أسبوع ترتاحي
_ لا، شكرًا
قالتها بهدوء بينما “ليل” أقتربت لتجلس جوارها ورأت الرسائل فتبسمت بهدوء وقالت :-
_ عارفة يا بت يا قُدس أنا لو مكانك ، ما دام أضربت كدة وبسببه والموضوع أتعرف هروح أقوله أنى بحبه …
نظرت “قُدس” لها بدهشة وقالت بخوف:-
_ إنتِ أتجننتِ
أسترخت “ليل” بجوارها وقالت بحماس:-
_ ما هى حلاوة الحُب الجنان، أحسبيها كدة معايا خالتى هدير أكيد قالت لجدي وجدي هيقول لصفصف يعنى الكل عرف ما عدا صاحب الشأن جارحي، طب خلاص فضيحة بفضيحة أقوله ، على الأقل أخليه يبطل يشوفني عيلة وطفلة بيجيب لها الحاجة الحلوة
نظرت “قُدس” لها بقلق مما تقوله فى حين أن عقلها بدأ يوزن هذا الحديث بداخله، جاءت رسالة أخرى من “الجارحي ” وقال:-
_ أنا بعت للمدرسة أن بنتي تعبانة وهتأخد إجازة أسبوع عشان ترتاحي زى ما الدكتور قال
نظرت للرسالة بغضب شديد بينما “ليل” بجانبها تضحك بقوة وهى تقول:-
_ بنتي!! شوفتي هو شايفكِ فى مقام بنته وإنتِ هنا يا حرام قاعدة شايفاه حبيب وهايمة فى الحب من طرف واحد
كزت “قُدس” على أسنانها بضيق شديد وأرسلت له بغضب وصورة لإيموشن الغضب:-
_ بس أنا مش بنتك !!
أتسعت عيني “الجارحي” على مصراعيها من هول الصدمة ورسالتها الغاضبة وهو لا يفهم سبب هذا الغضب، وتذكر حديث “عماد” أخاه الذي يكبره ويتحدث عن زواجه بها وضحك بسخرية قائلًا:-
_ قال يتجوزها قال ….
جاء أحد العمال إليه وقال:-
_ الحاجة اللى حضرتك طلبتها فى العربية
أومأ “الجارحي” بنعم ووقف من مكتبه ليغادر، خرج من المحل إلى سيارته وأنطلق إلى المنزل وعندما وصل رأى عمته “أسيا” تجلس على الدرج الرخامي وتلعب فى هاتفها فقال:-
_ عامل أى يا عمتي ؟
_ بخير يا ابن أخويا، والله بشوفك يا جارحي معرفش أزاى أنت تبقي أخوه الشيطان اللى جوا عماد ابن أخويا دا
قالتها بسخرية من حالهم فتبسم بخفة وقال:-
_ البطن قلابة يا عمتى
دلف إلى شقة “وصيفة” وكان جده شاردًا بـ “قُدس” وفور رؤيته ظل يرمق به بحيرة وكيف أخترت الطفلة الصغيرة هذا الرجل لتحبه…
_ السلام عليكم يا حج
_ وعليكم السلام يا جارحي، عامل اى؟
قالها بهدوء فأجاب “الجارحي” بجدية:-
_ الحمد لله، اليوم النهار دا كان هادي في الشغل شوية بس الحمد لله ، قُدس عاملة أى دلوقت؟
نظر “حمدي” لحفيده بتوتر وقال:-
_ كويسة ، طلعت فوق مع ليل قاعدين عند أمك خديجة
_ طيب أنا جبت لها الشيكولاتات والحاجة اللى بتحبها
قالها بعفوية ووضع الحقيبة جانبًا ليُصدم من رد فعل جده لأول مرة يقول:-
_ متبقاش تجبلها حاجة تاني
نظر “الجارحي” له بدهشة وقال:-
_ اي
_قُدس كبرت يا جارحي ولو عازت أى حاجة هتعرف تشتريها ، متتعبش نفسك
قالها “حمدي” بهدوء على عكس “الجارحي” الذي صدم من رفض جده المفاجئ له وهو من أوصاه عليها بعد سجن والدها، أومأ إليه بنعم دون حديث ثم وقف من مكانه ليصعد إلى شقته فسمع صوت ضحكاتها حين وصل للطابق الثاني أمام شقة والده “فؤاد” فأكمل طريقه إلى الطابق الرابع حيث شقته ورن هاتفه برقم صديقه “ياسر” فأجاب عليه بلا مبالاة وهو يبدل قميصه:-
_ عامل أى ؟ أخبار الوظيفة الجديدة أى؟
_ عشرة على العشرة تسلم يا صاحبي
قالها “ياسر” بحماس فأجاب عليه “جارحي” وهو يلقي بجسده على الأريكة الموجودة فى الصالة قائلًا:-
_ على أى يا بني، أنت أشتغلت بمجهودك وشطارتك أنا بس رشحتك
أومأ إليه بنعم ثم قال بجدية:-
_عملت اى؟ هتيجي تشوف العروسة اللى قُلتلك عليها؟
تنهد “الجارحي” بهدوء بخنق فكلما رأته أمه ،طلبت زواجه وأحضرت له بنات الحي بأكمله فقال بهدوء:-
_ اه أهي جواز والسلام
_ يا بنى الناس ما أنت اللى عندك الحُب حرام والعلاقات حرام، الزمن دا محدش بتجوز صالونات كدة بس هى تنشيف الدماغ
أجابه “الجارحي” بضيق من حديث صديقه هاتفًا:-
_ الحرام والشرع مفهوش الزمن دا والزمن اللى فات، الحرام حرام لحد يوم القيامة مبيتغيرش تحت مُسمي الزمن ولا الجيل دا …. سلام يا ياسر
أنهي حديثه وأخذ حمام دافئ ثم أرتدى بنطلون أسود قطني وتي شيرت سماوي ثم نزل إلى شقة والده وحين فتح الباب رآها تجلس مع “ليل” وأمه “خديجة” تضمها بين ذراعيها ويشاهدون مسلسل الضوء الشارد ، تنحنح بلطف وقال:-
_ أحم…. السلام عليكم
_ وعليكم السلام يا حبيبي
قالتها “خديجة” بينما أعتدلت “قُدس” بحرج فى جلستها وتذكرت حديثه عنها فى المدرسة وأنها ابنه له فأستشاطت غيظًا ، تحدث بهدوء:-
_ بابا جوا
أومأت “خديجة” له بنعم فأستدار لكي يدخل الغرفة لوادله وهو يقول:-
_ صحيح الحاجات اللى طلبتيها يا ليل إنتِ وقُدس عند صفصف
_ تسلم يا جارحي
قالتها “ليل” بلطف بينما الأخرى كانت غاضبة ، دلف إلى غرفة والده ورآه جالسًا على الأريكة ويقرأ فى المصحف وفور دخوله أغلق “فؤاد” المصحف بعد جلوس ابنه وقال:-
_ شكلك عايز تقول حاجة ؟
_ اه الموضوع اللى كلمت ياسر عليه ، إن شاء الله هنروح الخميس
قالها بهدوء فتبسم “فؤاد” بسعادة وقال:-
_ المهم البنت محترمة وبنت ناس كدة وكويسة
_اه متقلقش وبرضو لما نروح هتشوف دى تعارف وقبول
قالها “الجارحي” بحدة ليبتسم “فؤاد” وهو يربت على كتف أبنه وخرج من الغرفة بسرعة من الفرحة التى تغمره ينادي على زوجته:-
_ يا أم عماد يا أم عماد
تحدثت “خديجة” بنبرة هادئة مُتعجبة فرحة زوجها ولهفته:-
_ أنا هنا يا فؤاد
وضع يده حول عنق “الجارحي” وقال بحماس:-
_ يوم الخميس الجاي هنروح نخطب للجارحي
تبسمت بحماس يغمرها ووقفت من مكانها لكن قاطع فرحتهما سقوط صينية على الأرض فأستدار الجميع وكانت صينية العصير من يد “قُدس” التى وقع الخبر على أذنها كالصاعقة الكهربائية ونظرت “ليل” بصدمة ألجمتها لهما وهى تضع يدها على فمها من هول الفزع الذي أصابها ، تحدث “فؤاد” بلطف:-
_ ولا يهمك يا قُدس و…….
لم يكمل كلمته فبتر الحديث من الجميع سقوط “قُدس” فاقدة للوعي من هول الصدمة وقلبها الصغير لم يتحمل هذا الخبر الذي قضى على حُبها ومشاعرها الجميلة الكامنة بداخلها لأجله، حملها “فؤاد” على ذراعيه ووضعها على الأريكة تحت أنظار الجميع، نظر “الجارحي” إليها بقلق ووالدته تحاول إفاقتها مع قلق “ليل” وعمها “فؤاد” فقال بخوف:-
_ أطلب لها دكتور أو نأخدها على المستشفي
_ لا، مفيش داعى هى بس تعبانة من أمبارح وإحنا عارفين
قالتها “ليل” بقلق وهى الوحيدة التى تعرف ما أصاب الصغيرة، أستعادت وعيها بعد محاولة “خديحة” وعينيها تتلألأ بها الدموع فأعتدلت رغم ضعف جسدها وقالت:-
_ أنا هنزل بيتي
ترجلت وهى تسند على “ليل” وفور خروجهن من الشقة أنفجرت باكية بأقصى درجات الوجع وجلست على الدرج بحزن شديد لتقول:-
_ هيتجوز يا ليل ، أصلًا هدير كان عندها حقها هو شايفني عيلة قصاده وكمان ممكن يكون مش شايفني أصلًا ، هو أنا وحشة
_إنتِ صغيرة
قالتها “ليل” بجدية وحكمة فنظرت “قُدس” لها بحزن شديد لتتابع “ليل” الحديث بلطف قائلة:-
_ مش قصدي أزعلك بس إنتِ صغيرة أوى يا قُدس عليه ، وعشان كدة هدير مستوعبتش الصدمة وضربتك ومحدش هيستوعب اللى إنتِ بتقوليه حتى الجارحي نفسه مستحيل يستوعبك ، اللى إنتِ بتقوليه دا شيء غير مباح، أنا أه بحب ومن وراهم لكن بحب حد من سني ، حد لو جه يتقدم هيتقبل عادي لكن إنتِ مستحيل
ظلت تبكي بأنهيار شديد وهى تضع يديها على وجهها الصغيرة بحرقة ووجع يعتصر قلبها الضعيف من مشاعر حُبها ….
____________________________
فى الجامعة الأمريكية كانت تجلس “ليل” فى الكافتريا مع “عمران” وتنظر فى هاتفها بأهتمام لتقول:-
_ أعمل اي طيب؟ ما هي منشفة دماغها
تحدث “عمران” بجدية وعينيه ترمق فتاته الجميلة قائلًا:-
_ أيوة بس فى حاجات مينفعش فيها تنشيف الدماغ ومن كلامك على الجارحي فهمت أنه مش بس كبير فى السن عنها لا دا كمان شخصية ووقار وهيبة يعنى مستحيل يبص لعيلة
رفعت “ليل” نظرها عن الهاتف إليه وقالت بحزم:-
_ قصدك أى؟
أرتشف القليل من كوب الشاي الخاص به ثم قال مُجيب عنها:-
_ قصدي لو كان فلاتي زى أخوه عماد وبتاع بنات ، أتحداكِ انه كان هيوافق عليها لأن لما شوفت قُدس هى عندها جمال يجذب أى راجل ومش هيهتم بسنها لكن اللى زى الجارحي دا هيحسبها بالمنطق والعقل ومش هيبص لجسمها ولا جمالها عشان متدين شوية وحرام وهيغض البصر والمجتمع هيقول أنه هيتجوز بنت قد عياله فهتبقي مستحيلة لكن لو كان عماد والله ما هيهتم بأى حاجة لو عجبته
وضعت “ليل” يدها على وجنتها بحيرة من أمرها وقالت:-
_ والله البنت صعبانة عليا أوى، معرفش ليه ولا أى الحكمة أن ربنا يبتليها بحُب من طرف واحد مع الجارحي؟ محدش بيعرف الغيب، لكن فعلا يا عمران صعبانة عليا أوى ومش عارفة أعملها حاجة وصحتها من ساعة ما عرفت أنه هيخطب فى النازل وقاطعه الأكل ، خايفة يجرالها حاجة وهى ولا أم ولا أب ولا أخوات حتى وعمتي هدير شديدة أوى عليها
_ هتتحل يا حبيبتي متقلقيش ، ربك هيحلها من عنده
قالها “عمران” وهو يأخذ يدها فى يده يطمئنها ويربت عليها بحنان فوقفت بتعجل وهى تقول:-
– أنا لازم أمشي عشان ألحق أجهز ومتأخرش عليهم، بليل لما نرجع من عند العروسة هكلمكم ويارب ما تعجب الجارحي ولا ديحة، أنا حاطة أملى كله فى ديحة ، لو معجبتهاش مش هتوافق على الجوازة …. سلام يا حُب
غادرت متعجلة لتصعد بسيارتها مع السائق الذي عاد بها مُسرعًا إلى العمارة، فوجدت رجل من عمال جدها يجلب الهدايا من السيارة فقالت بتمتمة:-
_ كل دى هدايا للمحروسة ، يارب الجوازة دى ما تم
دلفت إلى شقة “مديحة” وقالت :-
_ صباح الخير …. عاملة أى يا ديحة؟
_ بخير يا نن عين ديحة ، أخبارك إنتِ أى يا ليل؟
قالتها “مديحة” بحنان لتجلس “ليل” جوارها وتحدثت بمكر :-
_ بقولك أى يا ديحة، إنتِ شوفتي العروسة؟ حلوة يعنى؟
أجابتها “مديحة” بجدية :-
_ مشوفتش ياأختى، بس والله لو طلعت قفلة زى الواد جارحي دا ما هجوزهاله
تحمست “ليل” وهى تلقي بكتبها على الأريكة وقالت بسعادة:-
_ أحبك يا ديحة وإنتِ مسيطرة، بس دى أختيار جارحي مش هتبقي حاجة غير قفلة زيه وبعدين لما كنت عندهم كان عمي فؤاد ومراته فرحانين جدًا وشكلهم وافقوا خلاص
ضحكت “مديحة” ببسخرية وهى ترتشف القليل من كوب الشاي بالنعناع وقالت:-
_ مفيش حد بيدخل البيت دا غير بأمرى، أنا هنا ست البيت ، جدك حمدي لما جه يتجوز العقرب المصدية اللى أسمه وصيفة مقدرش يعملها غير بموافقتي، تقوليلى عمك فؤاد موافق …. لا هو له لازمة ولا مراته ليها لازمة ، هنا أنا وبس اللى بقرار، يلا قومي من وشي عكرتي دمي
ضحكت “ليل” بعفوية ووقفت من مكانها وهى تقول:-
_ أنا داخلة أصحي أمي تشوفلي حل معاكِ أنا تعبت منك يا ديحة
ضحكت “مديحة” على حفيدتها ، أخرجت هاتفها وأتصلت بـ”عماد” وقالت:-
_ ها عملت أى يا واد، أخوك جارحي هيخطب وأنت قاعد
_ هعمل اللى أتفقنا عليه النهاردة وتبقي الفرحة فرحتين، أهو أبوه وأمي يفرحوا لعيالهم سوا
قالها “عماد” بصوت شبه نائم بسبب سهره طول الليل فى الملاهى الليلي ، أغلق معها الهاتف وأكمل نومه …..
_____________________________
دلفت “هدير” إلى غرفة “قُدس” مُرتدية بدلة نسائية زرقاء ومُستعدة للذهاب إلى العروس معهم، كانت تعلم أن فتاتها الصغيرة مريضة وحزينة وموجوعة بهذه الليلة ، رأتها ترتدي فستان أزرق اللون يظهر مفاتن جسدها وقصير جدًا وحذاءها ذو الكعب العالي، شعرها الأسود الناعم مسدول على ظهرها وأكتافها وترتدي حول عنقها قلادة من الذهب تحمل أسمها “قُدس” وتضع أحمر الشفايف لكن وجهها حزين جدًا، أقتربت “هدير” منها وقالت:-
_ قُدس لو تعبانة ممكن تقعدي هنا مع عمتك أسيا هى مش هتيجى معانا وكمان ليل
هزت رأسها بلا وهى فضولية جدًا لمعرفة هيئة الفتاة التى جذبته وفضلها، رغم وجع قلبها الصغير لكن الفضول يقتلها، تبسمت “هدير” وهى تلتقط منديل من فوق التسريحة ومسحت عنها أحمر الشفايف وقالت:-
_ ماشي بس متحطيش مكياج إنتِ لسه صغيرة
دفعتها “قُدس” بغضب سافر وقالت:-
_ أنا مش صغيرة
ذهبت من أمامها و”هدير” مُندهشة تمامًا من تصرفات “قُدس” مؤخرًا وهى تتمرد عليها كلما قالت أنها صغيرة، وكأن الفتاة تصبو نحو الكبر بسرعة جنونية وتسابق الزمن رغمًا عن القدر، خرجت “قُدس” من الشقة لترى “عماد” ينزل من الأعلى وعندما رآها أتسعت عينيه بأنبهار من جمالها البرئ ونعومتها، تسارعت نبضات قلبه لأجل الصغيرة وفستانها الجاذب يصل لركبتها ويظهر نحافة قدميها الناعم، رفعت يدها تضع خصلات شعرها خلف أذنها مع نزول “الجارحي” ليرى أخاه يقف يحملق بها بإعجاب فأحتدت عينيه وقال:-
_ يلا يا عماد
_ مالكش دعوة بيا
قالها “عماد” بحدة، رفعت “قُدس” عينيها إلى الدرج من صوتهما لتراه وهو يقف مُرتدي بدلة رمادية وقميص أسود وبكامل أناقته ووسامته، تسارعت دقات قلبها بحزن وهى تراه بكامل إناقته لأجل عروسته لكنها كبحت حزنها وتبسمت فقال بهدوء:-
_ تعالي يا قُدس أركبي فى عربيتي
أجابته بتمرد شديد وغاضبة جدًا منه قائلة:-
_لا ، أنا هركب مع ابيه عماد
تبسم “عماد” بمكر إلى أخاه ومد يده إلى “قُدس” التى مسكت يده ببرود وأخذها للخارج وكانت سيارة “حمدي” تقف أمام العمارة وتجلس بداخلها زوجاته “مديحة” و “وصيفة” وخلفها سيارة “الجارحي” يجلس بها والده “فؤاد” وزوجته “خديجة” وبالخلف سيارة “عماد” فصعدت بها “قًدس” ثم جاءت “هدير” وركبت معهم مما أزعج “عماد” جدًا لكنه ألتزم الصمت، أنطلقوا جميعًا إلى منزل العروسة ورحب الجميع لكن قاطعهم سؤال والدة العروسة التى قالت:-
_ والجميلة الصغيرة دى أختك يا جارحي
تحدثت “مديحة” بنبرة حادة صارمة:-
_ لا، بنت عمه هادي ، بس مجاش معانا أصله مسجون بعد عنك، أدعيله ربنا يفك كربه قريب
نظر الجميع إليها وكأنها تقدم سبب للطرف الأخر بالرفض وهى فى الواقع أرادت إذلال “وصيفة” وهى تتحدث عن ابنها فتنحنح والد الفتاة بلطف وصمت الجميع حتى خرجت العروس فتاة جميلة فى كامل إناقتها وتضع القليل من مساحيق التجميل كأى عروس ، ترتدي فستان أزرق اللون وتلف حجابها الأبيض الذي يظهر القليل من غرتها البنية التى أظهرت للجميع لون شعرها البنية ، أنزعج “الجارحي” من طريقة لبسها للحجاب بالأسم فقط وعنقها يظهر منه القليل وشعرها لكنه كبح غضبه وغض البصر عنها، جلست ومعها أخاها الأصغر الذي رمق “قُدس” بإعجاب وقال:-
_ إنتِ أخته
قاطعه “عماد” بحدة صارمة وهذا الفتى الصغير يغازل حبيبته الصغيرة:-
_ لا، ومتصبلهاش عشان بتتكسف
كانت “قُدس” تجلس بجوار “عماد” و “وصيفة” وتنظر فقط إلى العروس، وعقلها يبكي فماذا بها أفضل منها ليفضلها عليها، أم أنه لم يفضلها من الأساس وهو لا يعلم أن هناك صغيرة تحترق بنار عشقه فى الداخل ، وقف “حمدي” ينهي اللقاء وقال:-
_ إن شاء الله هنستني ردكم وشرف ليا معرفتكم
رحب الجميع بهم وغادروا ، نزله الدرج قليل فهمست “مديحة” إلى “عماد” فى أذنه بمكر شيطاني:-
_ الليلة يا عماد فاهم
أومأ إليها بنعم وعينيه على “قُدس” التى تنزل فى يد جدها “حمدي” ثم تابعت بحدة:-
_ إياك تغلط، جدك لو حس بمكر هيطير رقبتنا كلنا، أنت عارف غلاوة قُدس ومكانتها عنده
أومأ إليها بنعم ، عادوا للمنزل جميعًا وذهب كلنا منهم إلى شقته بينما صعدت “قُدس” إلى مكانها المفضل فى الوحدة، فوق السطح جلست على الأريكة حزينة ونظرت للسماء فشعرت بالقليل من البرد بسبب فستانها ونسمات الهواء الباردة، جاءها “عماد” يحمل فى يده كوب عصير الفراولة لها وقال:-
_ الجميل قاعد لوحده له
أعتدلت فى جلستها بأحراج شديد يتملكها منه وقالت:-
_ مش جايلي نوم
قدم لها العصير فوضعته على الطاولة ليبتسم بلطف وجلس جوارها، وضعت يديها على ذراعيها من البرد لينتبه انها باردة، تحدث بنبرو دافئة:-
_ سقعانة؟!
أومأت إليه بنعم وقالت بخفوت:-
_ شوية
_ طب أشربي العصير وأنا هنزل أجبلك بطانية أو شال من تحت
أومأت إليه بنعم ليغادر السطح، رآه “الجارحي” وهو ينزل الدرج مما زاد غضبه والجميع يعلم أن منطقة السطح خصصها “حمدي” لحفيدته الجميلة، صعد للأعلى ليتأكد أن الصغيرة بالأعلى ورآها تجلس على الأريكة، تحدث بنبرة خشنة وقوية أرعبتها:-
_ عماد كان هنا ليه ؟
وقفت من مكانها بدهشة من قدومه لهنا لأول مرة، رمقته بحزن وقلبها كالبركان المُلتهب الذي أنفجر للتو بقدومه يحرقها بناره ولهيبه، أقترب منها أكثر وهو يكرر حديثه بحدة أكثر:-
_ عماد كان هنا ليه؟
أبتلعت لعابها بخوف من نبرته و توترت جدًا حتى ظهر توترها فى تلعثمها فى الجواب حين قالت:-
_ أنا… هو طلع .. كان بيجبلى عصير
نظر إلى كوب العصير وكان فراولة فتنهد “الجارحي” بضيق شديد وأخذ الكوب وهو يقول:-
_ مقولتلهوش ليه أن عندك حساسية من الفراولة وممكن حبة واحدة تقتلك هاااااا
صرخ بها بخوف وهو يدرك مرضها وحساسيتها الشديدة من الفراولة فأنتفضت بفزع من صراخه وقالت بعناد شديد:-
_ أنت مالك، أنا مش صغيرة وعارفة أنا بعمل أى كويس؟
كز على أسنانه بغضب وصوت صرير أسنانه أرعبها وجعلها ترجع خطوة للخلف من الخوف منه بينما قال بحدة صارمة:-
_ لا ، صغيرة وعيلة متعرفش حاجة عن اللى حوليها… أبعدي عن طريق عماد أحسن لك يا قُدس
أرتشف كوب العصير أمامها حتى يتأكد بأنها لن تشربه بعنادها وتأذي نفسها ثم نزل إلى شقته ، رن هاتفها كثيرًا برقم “ياسر” فزاد غضبه وهو يتذكر الفتاة العروسة وطريقة لبسها وحجابها وصديقه وضع فى موقف محرج أمام الجميع فلم يجيب ونفث غضبه بكوب من عصير البرتقال فى ثلاجته وجلس على الأريكة ينزع رابطة عنقه بخنق ……
بالأعلى كانت تحترق من الغضب ورآت “عماد” يأتى وفى يده عباءة مفتوح ليقول:-
_ ليل أديتنى دي
أرتدتها بضيق بينما نظر “عماد” إلى كوب العصير وفرح جدًا أنها شربته ثم أقترب خطوة منها وقال:-
_ قُدس أنا ….
قاطعه صوت جده “حمدي” الذي جاء ليطمئن على الصغيرة وهو يعرف أنها حزينة وموجوعة الآن بسبب حُبها إلى “الجارحي” يقول:-
_ بتعمل أى هنا؟
ألتف “عماد” بفزع من صوت جده وقال:-
_ أنا …..
_ أمشي غور على تحت وإياك رجلك تخطي هنا تاني ، هقطعهالك فاهم
قالها “حمدي” بحدة وتهديد ليؤمأ إليه “عماد” بنعم ثم ترجل للأسفل، أقترب “حمدى” من صغيرته الجميلة وقال:-
_ مالك يا حبيبتي؟
_ كويسة يا جده مفيش حاجة
قالتها بلطف وبسمة مُزيفة تنير وجهها الجميلة فضمها إليه وقال:-
_ أنا جنبك يا قُدس، جنبك ومش هسيبك أبدًا
دمعت عينيها بحزن شديد وطوقت جدها بضعف تخفي جسدها الضئيل فى صدره ثم قالت بلطف:-
_ قلبي حزين يا جدو
تبسم بلطف وأخذها إلى الأريكة وجلس جوارها ثم قال:-
_ أحكيلك حكاية، زمان لما حبت صفصف جت قولت لأبويا أنا عايز أتجوزها وبحبها ، ضربني كف عمرى ما هنساه وقالي بتحب عيلة من دور عيالك، وجوزني ستك ديحة بنت أخوه بالعافية وعشيت معها وخلفت عملك فؤاد ومقدرش أخلف منها تاني لأن برضو حُب صفصف كان بيزيد جوايا وساعتها بس قررت أتجوزها وأحرب عشان البنت اللى بحبها وأتجوزتها غصب عن عين أبويا وخلفت منها أبوكِ هادي وبعدها خلفت أسيا من مديحة ما خلاص حُب عمرى بقي معايا وخلفت بعدها هدير، الحُب ملهوش سلطان لكن لكل حاجة وقتها ، اه فى الأول مكنش ينفع أتجوز صفصف عشان لسه عيلة لكن أول ما كبرت وبدأ يجيلها عرسان أتجوزتها لأن حجتهم فأنها صغيرة خلاص …. كل حاجة بوقتها يا قُدس بتختلف كتير
كانت تستمع لحديثه بأهتمام وبعد أن أنهى الحديث قالت:-
_ حضرتك بتقولي كدة ليه؟
_ عشان هدير حكيتلى ، مبلومكيش أنكِ حبتيه لكن حقيقة أنكِ لسه صغيرة مش هتتغير .. ركزي فى مذاكرتك ومستقبلك وبعدها يحلها حلل ، اوعدك لو خلصتي جامعتك وجارحي متجوزش هجوزهولك غصب عن عينه وعين أى حد.. لكن دلوقت نركز فى مذاكرتنا ، أتفقنا
أومأت إليه بنعم ليغادر السطح تاركها خلفه وهى تفكر فى حديثه وتذكرت حديث “ليل” حين أخبرته أن تعترف بحبها وتترك العواقب للقدر، تبسمت بشجاعة وقالت:-
_ أنا هقوله وهطلب منه يستناني لحد ما أخلص جامعة ومش هبقي صغيرة
ترجلت إلى شقته بتوتر ويديها ترتجف رغم قلبها الذي يتراقص على أوتار ضلوعها، وجاءت اللحظة التى أنتظرتها مُنذ أن تسلل حُبه إلى قلبها الصغير ، دقت الباب بخفوت وتوتر شديد جعل وجنتيها تتورد خجلًا…..
_____________________________
_ أعمل أي يا ديحة ، جدي طب عليا؟
قالها “عماد” بضيق شديد وتوتر فضربته “مديحة” بخوف على كتفه وقالت:-
_ أنت عارف لو المنشط مفعول ظهر وجدك معاها هيعمل فينا أى وخصوصًا أنها هتقوله أنك جبتلها عصير
_ دا اللى راعبني ، المنشط قوي جدًا ومخدر …..
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية حرب سقطت راءها)