روايات

رواية فتيات القصر الفصل السادس 6 بقلم اسماعيل موسى

رواية فتيات القصر الفصل السادس 6 بقلم اسماعيل موسى

رواية فتيات القصر البارت السادس

رواية فتيات القصر الجزء السادس

فتيات القصر
فتيات القصر

رواية فتيات القصر الحلقة السادسة

الحديقة الملكية تتنفس بنفس السيد.
رائحتها ليست للزينة ولا للبهجة… بل تعويذة محكمة نسجها بشخصه ، حيث يشكِّل ممرٌ عطريٌّ خفيٌّ درعًا يحفظ جناح السيد من تسلل الأرواح واللعنات.
هذا الممر يبدأ من شجرة الياسمين الملكي عند البوابة الحجرية، مارًّا بممر من زهر الغاردينيا البيضاء، ثم زهور الأقحوان الأزرق، فصفٍّ كامل من ورد الظل البنفسجي.
ثم يمتد نحو الشرفة العلوية عبر شجيرات النعناع الأبيض وزهور الهال الأزرق، حتى يصل إلى البركة حيث تُعطّرها أزهار الليلك الفضي.
اللمسة الأخيرة للممر… وريقات من زهور السوسن الأسود تزيّن محيط نافذة السيد، فلا يصل إليه إلا الهواء المشبع بهذا الترتيب المتقن.
وكان من القواعد القديمة:
“لا تُقطع زهرة، لا تُلمس ورقة… حتى لو ماتت واقفة.”
في تلك الليلة، وبينما لارينا مشغولة بإحصاء سجلات الجواري، كُلِّفت راما بسقي الحديقة.
راما __كانت تعلم أنها تحت المراقبة… لكنها كانت أيضًا تحمل في قلبها ضغينة.
بخطوات محسوبة، اقتربت من شجرة الياسمين الملكي وقطفت عنقودًا متدليًا.
ثم مرت أمام زهور الهال الأزرق، وبدلًا من أن ترويها، نزعت أحد الأغصان.
عندما بلغت النعناع الأبيض، توقفت طويلًا.
تعلم أن المساس بهذه النبتة جريمة كبرى، فهي النبتة الحارسة لمدخل جناح السيد.
لكنها فعلتها… قطعت عدة سيقان، وألقت بها في الجدول المائي.
ثم وقفت أمام ورد الظل البنفسجي، الشجيرة المحببة للسيد — كما سمعت من تالين —
ومدّت يدها، قطفت وردة نصف ذابلة، وعصرتها بين أصابعها.
كل زهرة نزعتها… كل غصن خلخلته… كان يفكك عقدة من العقد العطرية التي تحيط بالقصر، حتى أصبح ممر الرائحة مشوشًا
لم تكن كارثتها مجرد قطف زهور كما اعتقدت
بل كانت، دون وعي كامل، قد بدّلت ترتيب الممر العطري المقدس.
وفي الصباح، أدرك القصر الكارثة.
توقفت رائحة النعناع الأبيض عند منتصف الممر، وانتشرت رائحة ورد الظل بين الأغصان الخطأ.
وضاعف الليلك الفضي من شذاه، فحلّت رائحة خانقة في جناح السيد.
وانفتح شقٌّ في تعويذة الحماية.
وفي أروقة القصر…
ظهر على طاولة لارينا برعم سوسن أسود وحيد وُضع بعناية.
علامة واحدة واضحة:
“حدود السيد اختُرقت.”
**

في صباح اليوم التالي، وقبل أن تفيق الحديقة من اضطرابها، وضِعت على طاولة لارينا في غرفة المكتب الخشبية برعم واحد من زهور السوسن الأسود.
ليس موضوعًا عرضًا… بل وُضع فوق قطعة من قماش المخمل الرمادي
في القصر الملكي، هذا الإعلان لم يكن مجرد بلاغ.
إنها رسالة رمزية لا يعرف شيفرتها إلا الحرس القديم وكبيرات الخدم.
ففي تقاليد القصر — إذا وُضع برعم سوسن أسود فوق المخمل الرمادي — معناه أن أحدًا عبث بتعويذة الحماية، ويجب أن يُطهَّر الأثر ويُطهَّر من تجرّأ.
**
بحركة محسوبة، التقطت لارينا البرعم دون أن تمس القماش.
ثم أغلقت الستائر الثقيلة ذات الأطراف المذهّبة، وأمرت الخادمات بحمل السجلات والطوامير بعيدًا.
وفي دفتي دفتر الطقوس الممنوع — المزيَّن بحواف من الجلد المشغول والمربوط بقفل معدني — فتحت الصفحة المُعنونة:
“إخلال بتعويذة المسار العطري.”
تحت هذا البند، كانت القاعدة:
“الفاعل لا يُسأل عن نيته.
الحديقة لا تغفر… بل تُطهِّر.”
**
أرسلت لارينا في الحال رسولًا بلا اسم يرتدي معطف الخدم الرمادي، يحمل معها قفصًا صغيرًا داخله طائر الحديقة الأزرق — رمز الاستدعاء.
وضع القفص عند غرفة راما.
**
لم يكن مسموحًا أن تُنادى الخادمه باسمها في تلك اللحظة.
بل أُشير إليها في السجلات باسم:
“حاملة أثر الاضطراب.”

في المساء، حين خيّم ضوء الشموع وألقيت الستائر المخملية على نوافذ الجناح الشرقي، تلقت راما الإشارة.
لم تُرسل إليها لارينا هذه المرة.
بل جاء الخادم الرمادي، حاملًا بطاقة سوداء حبرها ذهبي:
“إلى الجناح العلوي… الآن.”
**
الجناح كان موصدًا طوال اليوم، الجناح كان موصدا طول العام، الجناح كان موصد طول العمر ، الجناح كان موصدا تبعآ لمزاجية السيد.
أضواؤه لا تشبه باقي القصر، بل خليط من شموع شاحبة، وسرُج معلّقة تنبعث منها رائحة شمع ممزوج بخزامى محترق.
في الخلفية، كانت تعزف مقطوعة “Adagio for Strings” للملحن Samuel Barber، على آلة كمان منفردة.
.
**
**
عبرت راما الممر المخملي تحت أضواء خافتة.
مرّت بجدران مزيّنة بلوحات لنساء بملامح غامضة…
ثم وصلت إلى الغرفة الدائرية، سقفها مقبّب، وجدرانها مكسوّة بخشب داكن متآكل.
في منتصف الغرفة طاولة من الرخام الأسود تعلوها مزهريه من زهور اللافندر
**
وقفت راما تحت لوحة الجارية بريس فونت للرسام ادجر دوغ تمامآ
.
كان يجلس جوار مدفأة ضخمة ينبعث منها وهج برتقالي متراقص، كأنها تبتلع جدران المكان.
طاولة منخفضة عليها إبريق فضي للنبيذ وعلبة سجائر من العاج.
المقعد الجلدي الداكن في الزاوية، حيث جلس السيد، في الظل، لا يُرى منه إلا ذراع يمسك بسيجار نحيل مشتعل، والدخان يتلوى في الضوء.
——-__________________________________——
في تقاليد القصر…
لا يُعطى للمذنبة حق النظر إلى السيد أثناء الطقس.
ولا يُنطق بعدد الجلدات.
بل يستمر العقاب حتى يسقط ورد جاف من المزهرية الضخمة قرب الطاولة.
وهذا كان معيار النهاية… حين تذبل زهرة، يتوقف كل شيء.
**
لم ينطق السيد.
لم يتقدّم، بل بقي ظلًا
كان دخان لفافة التبغ يتلوى حول رأس السيد عندما لوح بيده وهمس……..
(ما يقوله السيد فى طقوس العقاب يبقى سرآ وليس من الائق ان يذكر هنا)
ارتعش جسد راما، كانت كلمات السيد جامده مثل قطع الجليد، تحمل نبره سلطوية محببه
لم يحتج السيد لتكرار اوامره لم يحدث هذا من قبل ولن يحدث مع راما.
تسريع للأحداث
راما، الممددة أرضًا، أدركت حين لامس السوط جلدها العاري أن في هذا الجناح لا توجد شفقة ولا تفسير.
فهنا، في ظل السيد، الطقوس
أشد حدة من أي قانون مكتوب وحين سقطت أول ورقة من المزهرية… توقف الكمان
انتهت العقوبه، انهضت راما جسدها ومثلما طلب منها انسحبت بهدوء

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية فتيات القصر)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *