روايات

رواية ارناط الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم حور طه

رواية ارناط الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم حور طه

رواية ارناط البارت الثاني والثلاثون

رواية ارناط الجزء الثاني والثلاثون

ارناط
ارناط

رواية ارناط الحلقة الثانية والثلاثون

داخل فيلا
صمت مشحون وتوتر يملأ الأجواء…
البنات جالسين في ركن الصالة…
كل واحدة غارقة في خوفها…
شهد تظل ثابتة في مكانها…
عيناها المطفأتان لا تريان…
لكن قلبها يشعر بأن شيئا خطيـ ـرا حدث…
رهيفــا تـــمشي وراء عـــالية…
التي لا تكف عن الحركة ذهابا وإيابا، بقلق…
وفجأة يفتح الباب بعـ ـنف…
ويدخل راهب يتبعه ناهد…
وخلفها يدخل أكمل، ورائد، وأرمان…
ناهد تلمح شهد من بعيد
تناديها بصوت يرتجف بالشوق:
ــ شهد!
شهد تسمع الصوت، وصدرها يرتج
تلك النبرة التي لم تغب عن قلبها منذ سبع سنوات. دمعة تسيل من عينها الكفيفة، تنهض بتوتر وتحاول التقدم نحو مصدر الصوت، لكن رجلاها تخونانها تتعثر وكادت أن تقع…لكن ناهد تسبق الجميع وتضمها إلى صدرها قبل أن تمس الأرض.
شهد وهي في حضن أمها
ترفع يديها بتردد،تتحسس ملامح وجهها بلهفة:
ــ ماما… إنتي رجعتي؟ بجد؟
ناهد تبكي بحرقة، تقبل يدي ابنتها:
ــ عملوا فيكي إيه في غيابي؟ يا قلبي…
شهد تضمها بقوة:
ــ إنتي رجعتي، خلاص…
مش عايزة حاجة تاني…!
الجميع يتأثر بالمشهد
قبل أن يتدخل رائد، يوجه كلامه لأكمل:
ــ جدو… ممكن تفهمني، إيه علاقتك بسحر؟
ومين راكان ده؟
قبل أن يرد أكمل، يفتح الباب مجددا
يدخل يوسف وخلفه طفل صغير
الطفل ينظر إلى الجميع
ثم يعلن بصوت طفولي واثق:
ــ أنا راكان…!
الكل يلتفت للطفل
راكان يجري نحو رهيفا ويقفز في حضنها
وهي تحتضنه بقوه
يوسف يقترب من راهب بصوت متوتر:
ــ سحر خطفت ليلي وشادي!
راهب يضغط على رأسه
يدفع نفسه للخارج في صمت. يوسف يتبعه:
ــ هنعمل إيه دلوقتي؟ هنساوم سحر؟
تديها ابنها وترجع ليلي وشادي؟
راهب يهز رأسه بيأس:
ــ ماعادش ينفع…
سحر بقت متأكدة إننا مش هنـــ ـأذي راكان.
يوسف يحاول إيجاد أمل:
ــ بس المرة اللي فاتت قدرنا نقنعها…
و نفذت كل طلباتنا وقتها.
راهب يخرج هاتفه، يرن:
ــ سحر!
سحر من الجهة الأخرى، ببرود:
ــ اتأخرت عليك…
عارفة إنك كنت مستنيني.
راهب، يغلي من الداخل:
ــ هقتــ ـلك يا سحر، والله هقتــ ــلك!
سحر تضحك بخبث:
ــ لا لا… بقى هي دي كلمة شكرا
بعد ما رجعتلك أمك؟
راهب يصـــ ـرخ:
ــ فين ليلي وشادي؟ رجعيهم… وخدي ابنك.
سحر بثقه:
ــ تفتكر أنا سبت أكمل عايش ليه؟
لأنه حماية لابني وسطكم…
وانت مش غبي، وعارف زي ما انا عارفه إنك
ما تقدرش تــ ــأذي خال حبيبتك ليلي.
راهب بكتمة غيظ:
ــ عايزة إيه يا سحر؟
سحر بضحكه خبيثه:
ــ ملف البحث…
هيجي واحد ياخدك بعد ساعتين
تكون لوحدك، بدون لعب. أي غلطة…
ليلي وشادي هيدفعوا ثمنها
راهب:
ــ حاضر…
بس لو حصلهم حاجة
ما فيش مخلوق خلقه ربنا هيرحمك مني.
سحر تهمس بسخرية:
ــ بلغ أكمل سلامي…
وما تنساش تبوسلي راكان.
يغلق راهب الهاتف
يلتفت يوسف بدهشة لأكمل:
ــ راكان… ابن جدو أكمل؟!
راهب يؤكد:
ــ دلوقتي فهمت ليه ماينفعش
نساوم سحر على ابنها.
يوسف مذهول:
ــ أنا مش فاهم حاجة…
كل ده؟ البيت اللي رحناه مع بعض؟
راهب:
ــ أيوه… البيت ده بيت أكمل
يومها اتشتت لما شافت رائد…
بس الحقيقة كانت قدامنا
اكمل هو اللي كان مقصود مش رائد
يوسف:
ــ طيب هنعمل إيه دلوقتي؟
هتروح لوحدك لسحر؟
راهب:
ــ حتى لو رجعت ليلي
سحر مش هتفرط في شادي…
بس لازم أجرب.
يوسف:
ــ لا… مش هسيبك
هنفكر في خطة مع بعض ونتحرك
راهب:
ــ مافيش وقت…
المرة دي أنا اللي هتحرك،لوحدي
لو حصللي حاجة، إنت مسؤول
عن كل اللي جوه دول فاهمني يا يوسف
يوسف بإصرار:
ــ مش هسيبك تمشي للمـــ ـوت برجليك!
راهب يبتسم من بين دموعه:
ــ يمكن امــ ـوت…وما ارجعش
بس كمان يمكن أرجع بليلي وابني.
عالية كانت واقفة في الزاوية
قلبها بيخبط كأنه هيطير من مكانه
وودانها ملتقطة كل كلمة بين راهب ويوسف
بخطوات بطيئة لكن حاسمة
قربت من راهب. صوتها كان مخنوق بالعبرة:
ــ راهب… ارناط!
استدار لها بسرعة، كان متوقع تشنج أو لوم
لكنه اتفاجئ… اتفاجئ بالحضن؟
حضنت عالية صدره بقوة
دموعها بتنــ ـزف من غير صوت
وقالت بصوت مرتعش:
ــ أرجوك…
رجع ليلي وشادي. رجعهم يا ارناط!
راهب،يده ارتجفت وهو بيحطها على راسها
يمسح على شعرها بهدوء
وقال بصوت مطمن رغم الزلزال اللي جواه:
ــ اهدي… اهدي يا عالية
أنا هعمل المستحيل علشان أرجعهم…!
عالية سابت حضنه
ورفعت راسها تبصله بعينين غرقانين حزن:
ــ ليلي بتحبك… ماتسبهاش لوحدها
لو حصلها حاجة…؟
راهب،قاطعها وهو بيحضنها بعينيه:
ــ مش هيحصلها حاجة…
هرجعهم، حتى لو حياتي هي التمن.
سكت لحظة، وبعدها لف يخرج
لكن يوسف مسك إيده بقوة:
ــ مش هسيبك تروح لهم لوحدك!
راهب ابتسم من وسط دموعه
ابتسامة فيها رضا وألم:
ــ شهد… وأمي… أمانة عندك
خلي بالك منهم يا يوسف
انت الشخص الوحيد
اللي بدي له ضهري وانا مامن له
سحب إيده بهدوء، كأن اللحظة دي آخر وداع
لف وخرج من الفيلا، وركب سيارته
وصوت فرامل السياره صــ ـرخ…
كأن القدر بيعلن إن اللحظة دي مش زي أي لحظة!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على سطح السفينة في عرض
البحر الأبيض المتوسط.
الهواء مالح ومشبع بالصــ ـراخ…
ليلى مقيدة إلى عمود حديدي
يديها تنـــ ـزف من محاولات فك الحبال
وصوت شادي يتصاعد من بعيد…
بكاءه يشق صدرها نصفين.
ليلى بصوت مبحوح، يائس:
ــ ابني… بيعيط من ساعة ما صحى
خلوني آخده بس لحضني! هيسكت
أقسم بالله هيسكت!
البير يقترب منها بخطوات ثابتة
كأن الأرض ملكه، ينظر لها،وفي عينيه سم بارد:
ــ لازم تتعودي تعيشي من غيره
زي ما هو كمان لازم يتعود يعيط وينام من غير حضنك.
ده تمرين بسيط… لمستقبله!
ليلى تصــ ـرخ من القهر، والدموع تملأ وجهها:
ــ أنا مستعدة أعمل أي حاجة… أي حاجة تطلبوها!
بس حرام، حرام تفصلوه عني! ده طفلي… لحمي ودمــ ـي!
البير بصوت بارد وابتسامة خفيفة مرعبة:
ــ ما أظنش إن في حاجة عندك تهمني…
إنتي مجرد مرحلة
ودورك هيخلص أول ما يوصل أرناط.
فاستحملي شوية…
شوية وجع كمان مش هيمـ ــوتك، بس هيعلمك!
سحر واقفة في الظل
ملامحها هادئة بس عيونها بتلمع بشر
وكأنها بتتغذى على الألم ده،تتقدم ببطء
تميل على ليلى وتهمس في ودنها:
ــ لسه هتبكي أكتر… وده مجرد بداية. اللي جاي هيخلي
صــ ـراخك دعاء تتمنيه، ومش هيتحقق!
ليلى تبص في عيونها وهي بترتعش
وبصوت مكســـ ـور:
ــ إنتي مش إنسانة…
إنتي شيطانة ماشية على الأرض.!
سحر تبتسم، وبكل برود تدير ظهرها:
ــ أنا بس مرآة وجعك… وكل ما تبصيلي
تفتكري اللي خسرتيه… واللي لسه هتخسريه!
ليلى تنهــ ـار، صـ ــراخها بيشق البحر
وكل اللي حواليها ساكت
كأن السفينة كلها متآمرة على خنق صوتها
تصــ ـرخ بأعلى صوتها:
ــ ارنــــاااااااط…!؟
وصوت البحر يعصف حواليها…
وصوت شادي، ابنها، يبكي في مكانه…
وصوت قلبها، بيودع الأمل حتة حتة…!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في شقته السرية
دخل راهب وأغلق الباب خلفه بإحكام.
الجو ساكن كأن المكان معزول عن العالم.
توجه نحو مكتبه، فتح درجا مخفيا
وأخرج منه ملف مغلفا بعناية.
وقبل أن يفتحه، انتفض قلبه فجأة…
صوت ليلى، كأنه سمعه في قلبه، لا في أذنه.
استدار بسرعة، يفتش المكان بعينيه المرتجفتين…
لا أحد،وضع يده على صدره
أنفاسه تتسارع:
ــ جاي…جاي يا ليلى…
استحملي شويه بس، المرة دي مش هسيبك!
فتح الملف بيد مرتعشة
نظر إلى الأوراق بداخله
ثم ألقاه بعنــ ـف فوق المكتب:
ــ أنت السبب…
من أول لحظة حسيت إنك مصيبة
ومع ذلك مشيت ورا شيطاني…
ضحيت بيها، بالوحيدة اللي حبتني، وبابني…
حتى قبل ما يتخلق…!
سكت للحظة، ينظر في الفراغ
كأن روحه تحتـ ـــرق، ثم حسم أمره
أخذ الملف واندفع للخارج!
ـــــــــــــــــــــــــــ
في الطريق
كان يقود بعينين زائغتين
حين قطعت طريقه سيارة سوداء فجأة.
نزل منها رجال ملثمون بسرعة.
مد يده للســ ـلاح
لكن قبل أن يرفعه، قال أحدهم بنبرة حادة:
ــ نزل ســـ ـلاحك… لو عايز تشوف ليلى وشادي تاني.
تجمد للحظة
ثم رمى المسـ ـدس بعيدا،صـ ــرخ بغضب:
ــ فين سحر؟!
اقترب منه أحدهم
وضــ ـربه بكعب المســ ـدس خلف رأسه
فانهار فاقدا للوعي!
ـــــــــــــــــــــــــ
بعد ساعات…!
أفاق راهب على وقع محرك مستقر وخطوات تمشي على سطح معدني. شريط لاصق فوق عينيه
ويداه مقيدتان بإحكام.
سأل بصوت غاضب:
ــ احنا فين؟! رايحين فين؟!
اقترب منه الرجل، ونزع الشريط عن عينيه.
النور أصابه للحظة، ثم اتسعت عيناه وهو يرى البحر من كل اتجاه… كانوا على يخت، بعرض البحر
قال الرجل ببرود:
ــ قدامنا كام ساعة ونوصل!
نظر راهب حوله، فهم كل شيء، وهمس بمرارة:
ــ البير…؟!

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية ارناط)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *