روايات

رواية زهرة العاصي الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم صفاء حسني

رواية زهرة العاصي الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم صفاء حسني

رواية زهرة العاصي البارت الثاني والعشرون

رواية زهرة العاصي الجزء الثاني والعشرون

زهرة العاصي
زهرة العاصي

رواية زهرة العاصي الحلقة الثانية والعشرون

الباب يتفتح… وياسمين تدخل.
الناس تهمهم، القاضي يطلب الهدوء.
ياسمين (بصوت قوي):
ـ أنا ياسمين، وكنت واحدة من الناس اللي العصابة جندتهم وهددتهم بعد الحادثة العصابة اخدتنا وحبسيتنى …
بس زياد ساعدني أهرب، ودفع حياته عشان أجي هنا النهاردة وهو موجود ما بين الحياه والموت فى المستشفى .
تطلع فلاشة من جيبها، تسلمها للقاضي ده كل حاجه تخص شغلهم .
ينظر عاصي لوجه زهرة وهي سعيدة لما دخلت ياسمين، رغم كانت مستغربة إن ياسمين بتقول الكلام ده ونظرت ل عاصي ول زينة ب امتنان ، ويتذكر هو وزينة.
فلاش باك
بيت “عزيز” – الصالون القديم، مليان ذكريات وصور على الحيطان.
– زينة رايحة جاية، توترها باين على ملامحها، وعاصي واقف جنبها، بيحاول يهدّيها، لكن عينه على الباب اللي وراه منتظر رجوع ياسمين .
زينة (بقلق):
ـ “عاصي… تفتكر ياسمين ممكن تكون خافت؟ لكن هى وعدتنا… وهى عارفة إن شهادتها مهمة جدًا في القضية، من غيرها كل حاجة ممكن تضيع.”
عاصي (بصوت هادي لكنه متوتر):
ـ “لا، ياسمين مش هتخلف وعدها… بس أكيد في حاجه فى دماغها ده إحساسي أو إلا بتمناها شخصية ياسمين القديمة تخون وتكذب وتلعب لكن شخصية ياسمين الجديد حبيبها كان يموت أقدم عينها ”
وفي اللحظة دي، بيقف عزيز قدامهم… إيده بترتعش، ووشه شاحب، كأنه شاف شبح الماضي بيرجع يواجهه بالحقيقة اللي متخبي من سنين وبيسأل .
عزيز (بصوت واطي، مهزوز):
ـ “زينة… بتقولي إيه؟ أختك وبنت مين؟ هى سعاد كانت اتجوزت بعد منصور؟”
زينة بتبص له، عينيها مليانة دموع وغضب متراكم، بتقطعه بنظرة حاسمة، وبتقرب خطوة، صوتها بيترجف بس مليان قوة:
زينة:
ـ “صباح الخير يا جدو… كويس إنك أخيرًا بدأت تفوق من الغيبوبة اللي كنت فيها.”
بتقرب أكتر، وكلامها بيدوي وسط السكوت اللي لفّ المكان:
زينة:
ـ “تعرف إنك السبب في الدوامة دي كلها؟ من أولها لآخرها!
وثقت في صاحبك سميحي وصدقته ودي كانت النتيجة.
ابنك أتجوز سعاد… من وراك…
وأنا اتولدت… وعشت حياتي مع راجل تاني بقوله يا جدي…
ونادية؟ نادية اللي كسرتك، مسكت ضعفك وسيطرت عليك … انت وبابا وعشان تخرجه من السجن اتحكمت فيكم لكن هى كمان ربنا عاقبها وأخد منها الطفلة إلا كانت نفسها تكون معها وتكون من عاصي وعشان افتكرت إنها ومعرفتيش حبت تموتنى بالحياة ومسحت أي دليل انى عايشة لكن سبحان الله مدبر الكون هى محيت كل حاجه عنى وربنا بعت ليها الا يحرمها من ضنها ويتربى في حضن غيرها لكن آخرين طلعت عند إختى لكن للأسف ممكن تتسجن
سأله الجد عزيز وهو مستغرب
أنا إلا اعرفه إن نادية مبتخلفش ازى بقي عندها بنت والا لعبة بتلعبها جديد
هزت راسها زينة بالنفي
هى قصة طويل وغريبة، آه نادية كانت نفسها تخلف عشان تكش على كل حاجه، وعملت المستحيل مكنش في امل ف لجات للحقن المجهري ،وحصل حمل لكن العصابة خافت من انشغال نادية ف اولاد فحرمتها من حقها وسرقوا الجنين الا اتكون فى رحمها ونقله لناس تانيه بفلوس
وطبعا العينة من بابا منصور يبقي ياسمين إختى حفيدتك
… مدّ إيدك بدل ما تفضل تندم.”
عزيز بيحط إيده على صدره، وكأنه بيتنفس بصعوبة، دموع بتنزل من عينه من غير ما يحس. بيتراجع خطوة لورا، والندم بيكوّن جبل فوق ضهره.
ـ “أنا… ضيّعتكم… أبنى، وبنتى، سابتنى ،… وضاعت زهرة. حفيدة صديقي عشان فكر يساعدنى ..وقبلكم أبنى منصور ومشفتش حفيدتي
ونادية لازم تتعاقب هى وابوها سميحى. عشان هما سبب فى كل الجرائم الا حصلت .”
زينة (بصوت ناعم لكنه حاسم):
ـ بإذن الله أنا عندى يقين يكون في لسه فرصة… وانت استغل الفرصة يا جدي لازم تقدر تصلح، كل حاجه وتبدأ من جديد.
عزيز (بصوت منكسر):
ـ “أنا كنت مغيب… كنت شايف اللي نادية وسميحى بيقول هو الصح…”
زينة (بحدة وهي بتقرب منه خطوة):
ـ نادية طلعت هى رئيسة عصابة…
نادية كانت بتستغل البنات…
دي كمان كانت مخبية عنك إن عندك حفيدة إلا هى أنا !”
ـ “أنا شفت كل حاجة بنفسي…
وسمعت اعتراف نادية في التسجيل…
وزياد دلوقتي بين الحياة والموت علشان حمى ياسمين من رجالها .”
عزيز يرفع راسه والدموع في عنيه، صوته بيرتعش بين الندم والرغبة في التصحيح:
عزيز:
ـ “خديني ليها يا زينة…
أنا لازم أشوفها…
لازم أطلب منها السماح…
ولازم أساعدها… المرة دي مش هسكت.”
زينة (بدموعها وهي بتهز راسها):
ـ ” ياسمين اختفت مرة تأنى ومش عارفه راحت فين
وخايفه لتكون ياسمين خطفتها مرة تانيه
عزيز (وقف بسرعة، صوته فيه تصميم لأول مرة):
ـ “مش هخليها تدفع التمن لوحدها…
اللي حصل لازم يتصلّح… حتى لو آخر حاجة أعملها في حياتي أنا رايح ل نادية .”
عاصي بيمد إيده على كتف عزيز، بيبص له بنظرة فيها أمل باهت لكنه حقيقي:
عاصي:
ـ “كلنا تعبنا… بس الوقت ده مش وقت لوم، وقت نختار نقف جنب الصح.”
عزيز يهز راسه، بيبلع دموعه، وبصوت مبحوح:
عزيز:
ـ “خدوني عند نادية اتفق معها لكن حفيدتى ترجع وزهرة تخرج من السجن ..
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى

يقطع حديثهم مكتب المحامي –
عاصي (بلهفة):
ـ “أيوه… أستاذ سامي؟! في جديد؟”
المحامي (بنبرة جادة):
ـ “أيوه يا دكتور… ياسمين وصلت دلوقتي مكتب النائب العام… ومعاها محاميها.”
عاصي (بصوت عالي، متفاجئ):
ـ “إيه؟! ياسمين؟! راحت من نفسها؟!”
المحامي:
ـ “أيوه… شكلها رايحة تعترف بحاجة مهمة… الوضع حساس جدًا، ولازم تكونوا هناك.”
عاصي وهو بيقفل التليفون بسرعة وبيكلم زينة وعزيز :
ـ “زينة! المحامي اتصل بيا… ياسمين عند النائب العام!”
زينة (باندهاش وقلق):
ـ “إزاي؟! راحت لوحدها؟!”
عاصي (بحركة سريعة وهو بياخد مفاتيحه):
ـ “لازم نروح دلوقتي حالًا.”
طلب عزيز
… خدوْني معاكو.”
زينة (بدهشة):
ـ “إنت… عايز تيجي؟”
عزيز (بإصرار):
ـ “عايز أشوف حفيدتي… عايز أقولها إني كنت غلطان… إني ندمان…
أنا مش هسمح إنهم يسجنوها زى زهرة .”
عاصي (بيبص له للحظة، وبعدين بيهز راسه):
ـ “يلا بينا.”
يركبوا العربية، عاصي سايق بسرعة، زينة جنبه، وعزيز في الكنبة الورانية، ماسك صورة ل منصور وهو صغير .
عزيز (بيهمس لنفسه):
ـ “سامحنى يا منصور … يمكن أقدر آخد أول خطوة في طريق الغفران.”

زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى
: مكتب النائب العام – قاعة الانتظار برا مكتب التحقيقات، الجو مشحون، رجال أمن واقفين، ومحامي ياسمين بيكلم بهدوء مع سكرتيرة النائب.
الباب بيتفتح، ويدخل عاصي بسرعة ومعاه زينة، وعزيز ماشي وراهم بخطوات تقيلة بس مليانة شوق ولهفة.
عاصي (بقلق وهو بيقرب من المحامي):
ـ “فين ياسمين؟ جوه؟”
المحامي (بهمس):
ـ “أيوه… جوه مع وكيل النيابة، بدأت تحكي كل حاجة… بصراحة، شجاعة جدًا.”
زينة (بصوت مبحوح من التوتر):
ـ “طب نقدر نشوفها؟ نطمن عليها؟”
المحامي:
ـ “لسه شوية… بس لما تخرج، أكيد هتحتاجكم جنبها.”
عزيز واقف ساكت، عنيه مثبتة على باب المكتب، وكل عضلة في وشه بتقول قد إيه جواه نار… نار ندم، ولهفة، وخوف.
عزيز (بصوت مهزوز):
ـ “هي جوه؟… حفيدتي؟”
زينة (بتحاول تمسك دموعها):
ـ “ياسمين محتاجة تشوفك… عشان تعرف إن الدنيا لسه فيها رجوع… فيها ناس بتحبها… فيها جَدو.”
اللحظة بتعدّي بصمت، وبعدها الباب بيفتح، وياسمين بتخرج، ملامحها متغيرة… تعب وارتياح في نفس الوقت. عنيها تقابل عيني زينة، وبعدين تقع عينيه على عاصي… ثم تثبت على عزيز.
عزيز بيبص لها… وشه بيترعش، ودمعة بتنزل رغمًا عنه:
عزيز (بصوت واطي وهو بيقرب):
ـ “ياسمين… أنا… أنا جدك… يا بنت منصور .”
ياسمين (بصوت مبحوح، بعد صمت):
ـ “جدّي؟!”
عزيز يهز راسه، ويوطي بعنيه وهو بيحاول يقرب منها بخطوة بسيطة:
ـ “أنا آسف… آسف على كل لحظة سبناكم فيها، آسف على اللي حصل … آسف إني كنت غايب… وكنت السبب.”
ياسمين بتبصله، جواها زلزال مشاعر، بس عينيها بتلمع بدموع مختلفة… مش دموع وجع، لكن دموع بنت شافت حضن كانت مستنياه طول عمرها.
ياسمين (بهمس):
ـ “انت ملكش ذنب يا جدي ،وانا لم عرفت انى لي اهلى تانى كنت بدوّر عليكم من غير ما أعرفكم …”
عزيز بيمد إيده، وهي بتاخدها بعد لحظة صمت، وبتحضنه… حضن مليان وجع سنين، وغفران بيبدأ، وأمل جديد بيطلع.

زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى
وكيل النيابة (بحزم):
ـ “آنسة ياسمين، مستعدين لتسجيل أقوالك؟ هل مستعدة تحكي الحقيقة كاملة عن زهرة وعن العصابة؟”
ياسمين (بنَفَس عميق):
ـ “أيوه، مستعدة.
زهرة بريئة… واللي حصل معاها كان جزء من خطة أكبر…
العصابة دي كانت بتستغل البنات… بيصوروا فيديوهات سرية في الحمامات، تحت إشراف ناس من جوه الجامعة …
وأنا… أنا كنت واحدة منهم.”
زينة تنظر لها بفخر وتمسك إيديها:
ـ “أنا فخورة بيكي يا ياسمين، كملي.”
تبتسم ياسمين (بتكمل):
ـ “واللي لازم تعرفوه… إن نادية، رئيسة مجلس الجامعة، هي رئيسة العصابة، وبتكون للأسف… أمي… وأنا بنت منصور… انا وزينة .”
صدمة بتظهر على الجميع، ووكيل النيابة بيبص لهم بدهشة.
وياسمين بتتكلم:
ـ “الفلاشة دي فيها تسجيلات من جوه المخزن، وفيها لحظة ضرب النار على زياد، وصوته وهو بيقول لي كل حاجه .
وفيها كمان اعتراف نادية.”
سأل وكيل النيابة :
ـ “وفين زياد؟”
تنهدت
ـ “ما بين الحياة والموت في المستشفى.”
نائب العام يشاور على الفلاشة ويديها للمختص:
ـ “تحفظوا عليها، ونبص فيها فورًا.
واللي بتقوليه ده… خطير جدًا يا آنسة ياسمين، وهنحتاج تكملي كل التفاصيل .
ومش هينفع تخرجي قبل ما نثبت كل ده بالأدلة.”
ياسمين تهز راسها بالموافقة، ونبرة صوتها تهدى شوية:
ـ “أنا مش جاية أهرب… أنا جاية أتحرر.
من سنين عايشة في كدب وخوف… زهرة شالت ذنبي، وزياد دفع التمن… كفاية.”
النائب (بنبرة جدية):
ـ “هيتم القبض على نادية فور مراجعة التسجيلات.
وهيتفتح تحقيق رسمي في إدارة الجامعه والمستشفى وكل من له علاقة باللي حصل.
والأنسة زهرة… هنتابع موقفها بعد ما نثبت براءتها.”
ياسمين:
ـ “زهرة مالهاش ذنب، كانت دايمًا ضد اللي بيحصل… وحاولت تغيرني. لكن انا كنت غبية … مكنتش عارفة إن اليوم ده هييجي، يوم ربنا يفضح فيه كل ظالم.”
نرجع للواقع
باك
زينة تمسك إيد ياسمين بقوة، وعاصي واقف في الخلف، باصص لياسمين كأنه بيشوفها لأول مرة، وفي عينيه نظرة امتنان ووجع فجأة طلع عنده بدل بنت خال لا بنتين الدنيا لعبت بيهم .
يبص لزهرة، يلاقيها بتبص على ياسمين وهي عينيها بتدمع… لكن فيها راحة.
يومر القاضي دخول ياسمين القفص جانب زهرة
بالفعل تدخل
“ياسمين” وهي واقفة في القفص، ملامحها باهتة من التعب، وعنيها مليانة ندم. صوتها يرتعش وهي بتتكلم قدام القاضي والمحامين والحضور.
طلب القاضي تتكلم
قول والله العظيم اقول الحق
ياسمين (بصوت متكسر):
والله العظيم اقول الحق
ـ أنا كنت واحدة منهم، من الشبكة اللي ورا كل حاجة…
يوم وقوع نيفين ف الجامعه اخدونى وحبسونى عشان الوحيدة عارفة اسرارهم.
،
بدت تحكى ياسمين
القاضي (بهدوء شديد لكن بنبرة صارمة):
ـ النيابة العامة، إيه ردكم على الكلام ده؟
النيابة تبتدي تقلب في الورق، ويظهر إنها عندها ملف كامل بدأت توصله من الأدلة اللي اتجمعت مؤخرًا، بينهم تسجيل صوتي بين نادية وأحد المتورطين.
محامي الدفاع:
ـ سيدي القاضي، بناءً على شهادة الشاهدة، والأدلة الجديدة، نطلب تبرئة موكلتي زهرة ناصر فورًا.
القاضي (بعد لحظات من الصمت):
ـ المحكمة ترفع الجلسة للمداولة.
زهرة وقفت جوه القفص، عنيها على الأرض، دموعها بتنزل بدون صوت…
عاصي قام، ومشي ناحيتها… بصّ لها من بعيد… ولأول مرة، عنيهم اتقابلوا، لكن بين كل الصراخ، ظهر السلام في عنيهم.
زهرة كانت واقفة، جسدها متجمد، وعيونها مش بتتحرك، سكتة، وكل اللي حواليها بيتهز. صدى كلام ياسمين بيرن في ودانها، وبعدين فجأة، تنهيدة طلعت من صدرها، وجسمها وقع على الأرض في لحظة.
زينة (بزعيق وذعر):
ـ زهرة!! حد ينادي إسعاف!! بسرعة!
كل القاعة اتقلبت، عاصي بيجري ليها، وشه شاحب، بيحاول يفيقها، لكن عيونها مغمضة وجسمها بارد.
عاصي (بصوت مخنوق):
ـ اصحي يا زهرة… بالله عليكي…
الإسعاف وصلت، شالوها بحرص، وزينة ماسكة إيدها، وعاصي جنبهم متوتر، عينه ما بتسيبهاش لحظة.
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى
فى المستشفى – بعد ساعات
في غرفة فحص هادية، والدكتور بيخرج وهو ماسك ملف، وعينه فيها حزن واضح، بيبص لعاصي وزينة.
الدكتور (بصوت هادي لكن صارم):
ـ الحالة مستقرة، بس… فيه حاجات لازم تعرفوها.
عاصي (بقلق):
ـ خير يا دكتور؟!
الدكتور (يتنفس بعمق):
ـ الفحوصات وضّحت إن زهرة كانت بتتعرض لضغط نفسي وجسدي كبير… فيه آثار عنف واضح في العلاقة، وجروح قديمة وحديثة… و… للأسف، دي علامات اغتصاب متكرر.
زينة دمعت، وإيدها على بُقها من الصدمة، وعاصي وشه شحب أكتر، إيده اتشدت بعنف.
الدكتور (مكمّل):
ـ كمان وزنها نازل جدًا، باين إنها مش بتاكل كويس بقالها فترة… جسدها منهك، وأقل حاجة كانت ممكن تقتلها. هي محتاجة وقت طويل تتعافى، مش بس جسديًا… لكن نفسيًا كمان ومع التوتر حصلها نزيف .
الدكتور (يتنفس بعمق):
ـ الفحوصات وضّحت إن زهرة كانت بتتعرض لضغط نفسي وجسدي كبير… فيه آثار عنف واضح في العلاقة، وجروح قديمة وحديثة… و… للأسف، دي علامات اغتصاب متكرر.
زينة دمعت، وإيدها على بُقها من الصدمة، وعاصي وشه شحب أكتر، إيده اتشدت بعنف.
زينة وقفت مصدومة، وشها اتجمد، وإيدها نزلت من على بُقها ببطء، وكأن الكلام مش قادر يستقر في عقلها.
زينة (بهمس مبحوح):
ـ “كانت… حامل؟”
الدكتور (بيهز راسه بأسف):
ـ “آه… في بداية الحمل. بس للأسف، الضغط والتعذيب النفسي… والنزيف اللي حصل كان بسبب الانهيار اللي مرت بيه.”
عاصي حس بدوخة، ساب الحيطة اللي كان مسنود عليها، وقعد على الكرسي، عينيه مليانة دموع مش قادر يخبّيها، صوته طلع منه متقطع:
عاصي:
ـ “يعني… كانت بتتحمّل كل ده لوحدها؟ كانت حامل … وأنا مش عارف؟!”
زينة قربت منه، حطت إيدها على كتفه، وهي بتحاول تبكي من غير صوت، بس قلبها كان بيصرخ.
زينة:
ـ “إحنا كلنا سبناها… كلنا ظلمناها.”
الدكتور (بصوت أهدى شوية):
ـ “هي دلوقتي تحت ملاحظة خاصة… حطيناها في غرفة هادية، بعيد عن أي توتر… بس محتاجة دعم، محتاجة إحساس بالأمان اللي فقدته.”
عاصي رفع راسه، نظر للدكتور بعين فيها نار، مش غضب بس… نار ندم وقهر:
عاصي:
ـ “أنا عايز أشوفها… حتى من بعيد… مش هتكلم… بس عايز أطمن إنها لسه بتنفس.”
الدكتور (بتفهم):
ـ “هشوف لو ممكن نرتب حاجة، بس لازم يكون في هدوء تام. أي ضغط جديد ممكن يأذيها.”
زينة (بصوت واطي):
ـ “ولو فاقت… إحنا مش هنسيبها لحظة. المرة دي مش هنمشي… حتى لو هي مش قادرة تبص في وشنا.”
سادت لحظة صمت… لحظة تقيلة كأنها بتلخّص كل الوجع اللي مرّت بيه زهرة… وابتدت تبان دموع حقيقية على وشوش اتأخرت تفهمها، وتحس بيها.

زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى
بعد أيام تم تحديد جالسة ل نطق الحكم
قاعة المحكمة الهدوء بيسيطر، عيون الناس معلقة على القاضي، الكل واقف… عاصي ماسك إيد زينة، وياسمين جنبهم، قلبها بيرفص في صدرها، والجد محمد قاعد، باصص لقدّامه بتوتر.
القاضي (بصوت واضح وحازم):
ـ “بعد الاطلاع على الأدلة المقدمة، والاستماع لشهادات الشهود، والاطلاع على الفلاشة المقدمة من المدعوة ياسمين منصور… قررت المحكمة:
براءة زهرة صالح محمد من كافة التهم المنسوبة إليها
يُرفع عنها الحجز الاحترازي، مع توصية بتوفير الرعاية النفسية والطبية اللازمة لها.”
والحكم على ياسمين بالسجنة لمدة سنتين .
الكل مصدوم ونظرت حزن فى عيون الجميع
لكن يكمل القاضي
لمدة سنتين مع إيقاف التنفيذ ودفع غرام ماليا
لأنها شاهده واعترفت بكل حاجه وحكم على نادية بالسجن مدى الحياة وعلى سميحي حكم غايبة بالسجن مدى الحياة
همسات في القاعة، صوت تنفّس مرتاح من زينة، وياسمين بتبكي بس بابتسامة باهتة.
عاصي (بهمس):
ـ “اتنصفت يا زهرة… أخيرًا.”
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى
– غرفة زهرة، الإضاءة هادية، زهرة نايمة على سرير أبيض، وشها شاحب، وعينيها مغمضة لكن نَفَسها منتظم. الممرضة بتفتح الباب بهدوء، وياسمين داخلة بإيدها ظرف صغير.
الممرضة:
ـ “ممنوع تقعدي كتير… حالتها لسه مش مستقرة.”
تهز ياسمين راسها وتدخل، تقرب من زهرة وتقعد جنبها، وتشد الغطا عليها بلطف.
ياسمين (بصوت واطي):
ـ “اتبرّيتي يا زهرة… المحكمة قالت كلمتها. أنا آسفة إني اتأخرت، بس صدقيني… كنت بحارب. زياد كمان حارب… وده… ده كان آخر حاجة كتبها ليكي.”
تمد ياسمين إيدها وتحط ظرف صغير تحت إيد زهرة، وتحط قبلة على جبينها وتمشي بهدوء.
قدّام باب غرفة زهرة في المستشفى – إضاءة هادية، صوت جهاز نبض شغال من جوه. ياسمين ماشية بخطوات هادية ناحية الباب، في إيدها ورد أبيض، وفِي وشها علامات قلق وحزن. فجأة، يظهر عاصي من الجهة التانية. بيبص لها… صمت لحظات.
عاصي (بصوت هادي فيه لهفة):
ـ “أخبارها إيه؟”
ياسمين (توقف وتبص له):
ـ “لسه نايمة… التعب كاسرها.
بس… سبتلها رسالة من زياد… لازم تقراها.”
عاصي وشه اتجمّد، عينه وسعت، ونفسه اتكتم للحظة.
عاصي (بحدة خفيفة):
ـ “ليه؟ ليه تفتحي الجروح؟”
ياسمين بصت له، ونزلت عينها، وبعدين رفعت راسها وقالت بوجع خافي:
ياسمين:
ـ “أنا مش بفتحها…
أنا بسيب لها حرية تقفلها بنفسها.
لو قرت الرسالة، واتأثرت، وحنت لذكراه… يبقى زياد لسه جوه قلبها، وساعتها…
أنا وانتا… ملناش مكان.”
عاصي يبلع ريقه بصعوبة، وكأن الكلام خبطه في قلبه.
ياسمين (تكمل، وهي بتحط الورد على الترابيزة جنب الباب):
ـ “بس لو قطّعت الرسالة… وسابت ذكراه وراها، ساعتها هتعرف إن قلبها اختارك انت.
أنا مش عاوزة أخد مكان مش بتاعي يا عاصي… عاوزة ارجع ل زياد عشان أقف معه واستنها أو هى هترجع وأنا اختفي ومش عاوزاك تعيش على أمل كداب.
هي اللي لازم تختار.”
عاصي يبص لباب الغرفة، ونظراته كلها خوف من الجواب، من الماضي، ومن الاختيار.
عاصي (بهمس):
ـ “وأنا…
هقدر أستنى؟”
ياسمين (بابتسامة حزينة):
ـ “لو بتحبها… استنى.
وإن محبتهاش… متوجعش قلبك .”
تسيبه وتمشي تدخل الغرفة إلا فيها زياد ، وهو واقف متسمر مكانه، عينه على الباب، وقلبه مربوط بين ورقة… وماضي… ومستقبل لسه مجهول.
زهرة العاصي
*زهرة تفتح عنيها ببطء، تتنهد، تبص حوالينها وهي تايهة شوية… تلاحظ الظرف.*
**زهرة (بصوت واطي مبحوح):** ـ “ده إيه؟…”
*تمد إيدها ببطء، تفتح الظرف، تسحب الورقة، وتبدأ تقرا… الكاميرا تقرب على وشها وهي كأنها بتسمع صوت زياد جوه دماغها بيقرا الرسالة، كأنها صوته فعلاً:*
**
زهربتقرأ بصوت داخلي (صوت زياد)

“لزهرة…”
أنا مش بكتب الرسالة دي عشان تلومي نفسك، ولا عشان تسامحيني… أنا بكتبها لأن دي يمكن أول مرة في حياتي أتكلم بجد، وأطلع اللي في قلبي من غير خوف ولا تمثيل.
أنا طول عمري كنت تايه… من وانا طفل، وأنا بشوف الناس بتتخلّى. أمي أول واحدة، سابتني واتجوزت في محافظة تانية، وأبويا كمل حياته كأن ماكنتش موجود. كل واحد فيهم افتكر إن التاني بيهتم، وف الآخر سيبوني لجدي وجدتي، اللي حبوني بزيادة… بس سابوني هما كمان، بس المرة دي بالموت.
كنت في ثانوي، وحيد، مش لاقي حد يسألني: “محتاج حاجة؟ تعبان؟ بتذاكر؟”. دخلت المدرسة الخاصة اللي كانوا بيبعتوا مصاريفها وهم مش عارفين أنا بعمل فيها إيه. وأنا كنت بعرف أضحك، أضحك على المدرسين، على صحابي، وعلى نفسي.
مافيش حد فيهم كان يعرف إن الطفل اللي بيضحك في الفصل هو نفسه اللي بيروح ينام جعان، أو بيقضي الليل خايف من بكرة.
لما اتعرفت بالعصابة، كنت فكرهم أصحاب… ناس هتسندني، لكن طلعوا أكتر ناس علموني إن الدنيا دي مافيهاش رحمة. جرّوني لطريق مش بتاعي، بس أنا كنت ضعيف، ووقعت… وأنا عارف إن ده مش مبرر.
بس لما عرفتك، زهرة… كنت بحاول أكون بني آدم، لأول مرة في حياتي حسيت إن ممكن يكون ليا فرصة تانية. إنك شايفاني إنسان، مش مجرم، مش تايه، مش غلطة حد.
تقلب زهرة وتكمل
ـ “يا زهرة… لو قريتي الرسالة دي، يبقى أنا مش جنبك، بس قلبي لسه معاك. أنا آسف إني معرفتش أحميكي من البداية… بس كنت عارف إنك أقوى مني.
متنسيش تضحكي… ولا ترجعي لورا.
لو الحياة ادتنا فرصة تانية، هكون مستنيك… وإن مجتش، على الأقل هكون اتعلمت أحبك صح.
بحبك،
زياد.”
أنا بحبك… كنت بتمنى أتغير علشانك، أكون كويس، أكون زي ما إنتِ تستاهلي.
بس يمكن كنت متأخر… ويمكن العالم ده ما بيسمحش لناس زيي إنهم يكونوا كويسين.
لو الرسالة دي وصلتك، افتكريني للحظة بس، إنسان كان نفسه يعيش صح، بس اتخلق في المكان الغلط، في الزمن الغلط.
زياد.
في اللحظة دي… يتفتح الباب بهدوء

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية زهرة العاصي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *