روايات

رواية فتيات القصر الفصل الرابع عشر 14 بقلم اسماعيل موسى

رواية فتيات القصر الفصل الرابع عشر 14 بقلم اسماعيل موسى

رواية فتيات القصر البارت الرابع عشر

رواية فتيات القصر الجزء الرابع عشر

فتيات القصر
فتيات القصر

رواية فتيات القصر الحلقة الرابعة عشر

في الصباحات الرمادية حيث يتكثف الضباب حول أعمدة القصر الرخامية وتئن الأشجار تحت وطأة الندى البارد، كانت راما تبدأ يومها. لم يعرف الممر الطويل الممتد بين الأروقة سيدة خدمٍ تضاهيها انضباطًا ولا دقة.
كل ستارة تُعاد ترتيبها كما لو أنها لم تُمس قط. أطباق الإفطار تُرفع وتُنظف قبل أن ينتبه الناظر لفراغها، وأروقة الحدائق يُعاد ترتيب مساراتها كما لو أن النسيم ذاته خُلق ليواكب خطى راما.
لم تسمح قط لخطأ أن يجد مكانًا فى سجلها. لم تسقط منها ملاحظة، ولم تنس أمرًا، وإن بدت عيناها دامعتين أحيانًا من شدة الإرهاق. إذ كانت تؤمن أن القصر — مهما طغى عليه ظلم سيده — لن يتّسع لفوضى في وجودها.
لكن لارينا… تلك التي تُحسن ارتداء الطاعة كما يُحسن الثعالب ارتداء الغابات، بدأت تُمعن فى إثقال كاهلها.
كانت تأتي كل مساء بدفتر التعليمات، وفي صوتٍ وديع يطفو فوق نبرات محسوبة، تضيف مهامًا لا تنتهي:
“السيد طلب مراجعة أغطية الصالون الملكي بالكامل، وتلميع مصابيح الحديقة الشرقية. وبالمناسبة… يجب فرز سجلات المطبخ قبل الغروب، سيدة راما.”
وفي كل مرة، كانت راما تومئ برأسها، تثبت عينيها في عيني لارينا، تقرأ فيها ما لم يُكتب، ثم تدير ظهرها وتنجز العمل.
لم تحتج راما إلى الشكوى ولا إلى التبرير. كان الصمت سلاحها، والعمل الصادق درعها. ولم يُسجَّل عليها عجزٌ عن إتمام ما أُوكل لها، حتى عندما بدا واضحًا أن المقصود من الأعباء ليس إلا إنهاكها.
كانت تعلم — بيقين المرأة التي خبرت دهاليز القصر وأهواء ساكنيه — أن السيد يراقب من بعيد.
يعرف.
ويصمت.
وفي تلك اللعبة الصامتة، لم تمنحهم راما فرصة أن يروا فيها ضعفًا، أو يظفروا بلحظة سهوٍ من يدها.
كانت تواصل. بشرفها القديم، بتقاليد بيتها الذى رحل، وبكبرياء امرأة رفضت أن تُكسر.
______________
كان الليل قد تمدّد فوق القصر كسحابة من الحبر، والشموع فى الممرات تترنح بنورها الخافت كأنها تخشى أن تفضح ما يدور خلف الأبواب المغلقة.
وفي جناحه العلوي، حيث لا يجرؤ سوى قلة على الاقتراب، وقف السيد أمام المدفأة، ووجهه الغامض يتوارى بين الظلال المتراقصة.
في يده كأس زجاجي شاحب، يديره بين أصابعه ببطء، وعيناه مسمرتان على اللهب المتراقص. لم يكن يستمع للطرقات على الباب، لكنه علم من وقع الأقدام أن لارينا قد حضرت.
دخلت السكرتيرة الأولى بخطوات محسوبة، بثوبها القاتم وعطرها الهادئ المميز الذي لطالما بدا كأنه يفرض حضوره على الغرفة قبل حضورها.
انحنت في وقار فيكتوري دقيق، وقالت بصوتٍ يفيض ثقة:
“السيد استدعاني.”
لم يرفع رأسه، بل قال ببرود قاتل:
“لقد أسندتُ إليك مهمة، لارينا. مهمة بسيطة. كان المطلوب أن تنحني راما… أن تخطئ… أن تكسر قوانين القصر من تلقاء نفسها. لكنها حتى اللحظة لا تزال واقفة، تمضي في عملها وكأن القصر ملكها.”
تجمد الهواء للحظة.
لم تكن لارينا — طيلة سنواتها كسكرتيرة أولى — قد سُمعت تُعاتب، ولا رُفعت عليها نبرة الصوت. لكنها الآن شعرت ببرودة غير مألوفة تغمر جسدها.
قال السيد ببطء:
“لم يعهد هذا القصر فشلًا ممن يحملون مفاتيحه.”
ثم استدار نحوها للمرة الأولى، ونظر بعينين لا لون لهما.
“ستنالين عقابك، لارينا. الليلة.”
حاولت أن تتكلم، أن تعتذر بصياغة فيكتورية منمقة، لكن صوته قطعها:
“الصمت أفضل لك. أنت تعرفين البروتوكول.”
لارينا انحنت… لا مجال لاعتراض، ولا سؤال.
نظرت لارينا إلى الأرض، هامسةً:
“سيدي…”
اقترب منها، لا بخطى عجلى ولا ببطء متعمد، وإنما بثقل من يعرف أن كل شيء له.
رفع يده، وانتزع التميمة الفضية المعلقة على جيدها… تلك التي خولت لها مقام السكرتيرة الأولى، ومُنحت لها مع الوعد بحصانةٍ لا يخرقها إلا السيد.
ثم نطق بصوت هادئ، يقطر بردًا:
“خضوعك سيكتب خلاصك… أو نهايتك.”
وأمرها، بنبرة لا تحتمل نقاشًا، أن تهوي أرضًا.
“على ركبتيكِ يا لارينا…”
بلا قدرة على الاعتراض، ركعت.
ثم بصوت أخفض، كمن يرسم لها طريق الهوان:
“إلى الأرض، زحفًا… حتى تصلين إلى قدمي.”
لم يكن في الأمر إذلال جسد فحسب… بل إذلال كرامة، وكسرة منصبٍ حُمل يومًا بتفاخر.
امتثلت لارينا، كل حركة منها تحمل وجع الكبرياء المهشم، وكل زحف يترك على وجهها أثر احتراقٍ أعمق من الجمر.
وحين وصلت إلى قدميه، توقفت، لا تجرؤ على النظر.
حينها، انحنى السيد قليلًا، ونطق في أذنها بهدوء كالسكين:
“كل من يخفق في تنفيذ أمري… لا تُغفر له إلا بالخضوع التام. ستبقين في القصر، تحت عيني، … ولا حق في الاعتراض. وستذكرين هذه الليلة… كلما مرّ أمامك طيفى
قبلى قدمى يا لارينا، لمست لارينا قدم السيد بخضوع
قبل أن يرفع يده إلى هناك ،قفى
وقفت لارينا فى ركن الغرفه مكسوره زليلة ثم همس السيد يطلب راما
سيدى !! همست لارينا ارجوك لا، انا خادمتك المطيعه لا تفعل بى هكذا

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية فتيات القصر)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *