رواية أسرت قلبه الفصل الحادي والأربعون 41 بقلم سولييه نصار
رواية أسرت قلبه الفصل الحادي والأربعون 41 بقلم سولييه نصار
رواية أسرت قلبه البارت الحادي والأربعون
رواية أسرت قلبه الجزء الحادي والأربعون

رواية أسرت قلبه الحلقة الحادية والأربعون
(سعادة لم تكتمل )
……
أدركت اني أحبك كما لم أحب أحد من قبل ….هل رأيت أحد يسعد بالهزيمة …أنا سعيدة لأن حبك هزمني …هزم خوفي …والآن أنا سعيدة بهزيمتي أمام حبك
مياس لسيف …
……….
-ازاي اكيد فيه امل …يا دكتور اكيد فيه حل…يعني إزاي تقضي على كل أمالي بكلمة واحدة كده …
قالتها بصوت مختنق وبسرعة وهي تشعر أنها تختنق …كان نفسها يضيق وهي تتكلم …شعر سيف بالخوف عليها وهو يراها بتلك الحالة …اقترب منها وهو يحاول تهدئتها ولكنها بدت في حالة ميئوسة منها ….
-مياس…مياس ممكن تهدي !
قالها وهو يمسك وجهها إلا أن الدموع كانت تغرق وجهها وهي تقول :
-ازاي …ازاي يقولي مفيش أمل يا سيف …حرام ..أنا كان عندي امل كبير …كنت جاية وانا مبسوطة ازاي تكسر فرحتي بالشكل ده !!….اكيد فيه امل …اكشف تاني لو سمحت …أنا مستعدة امشي على الخطوات اللي هتقولها …أنا …..
ثم انفجرت بالبكاء لتلتمع الدموع بعيني سيف وهو يجذبها إليه أمام الطبيب دون احراج ويضمها إليه ويهمس :
-مياس احنا قولنا ايه …قولي الحمدلله ….
اختنقت وهي تهمس :
-الحمدلله ….
ثم ابتعد عنها وهو يمسك كفها بينما نظرت إلى الطبيب بعينين حمراء من شدة البكاء….كان الطبيب ينظر إليها بشفقة ويقول:
-حر.وقك صعبة يا مدام مياس …أنا للاسف مقدرش اساعدك …بس يمكن في يوم دكتور اشطر مني يقدر يساعدك …انا اسف……
انهمرت الدموع أكثر من عينيها وهي تهز رأسها بيأ.س …..
…..
في السيارة ….
كان يقود سيف سيارته بكل هدوء بينما مياس تسند رأسها على النافذة والدموع تجري على وجهها….كل آمالها تم القضاء عليها …كيف يمكن أن كلمة واحدة تقلب حياتها لتلك الدرجة ….كيف يمكن أن تنها.ر فجأة وهي التي ظنت أن الأمور كلها سوف تكون على ما يرام ….
شهقة مختنقة أفلتت من بين شفتيها ليوقف سيف السيارة بهدوء ثم ينظر اليها وهو يسحبها إليه ويعانقها …تمسكت به وهي تنفجر بالبكاء ….شعرت أنها سوف تفقد عقلها في أي وقت ….
-يا حبيبي احنا قولنا اي حاجة هنتقبلها ونقول الحمدلله …عشان خاطري يا مياس متعيطيش والله قلبي بيوجعني عليكي …
-أنا كان عندي امل يا سيف…أمل كبير
تنهد وهو يشدد من احتضانها ويقول :
-عارف يا حبيبي بس أمر ربنا مفروض نقول ايه …
ابتعدت عنه وهي تهمس :
-الحمدلله …
ابتسم لها وهو يمسح دموعها ويقول :
-برافو عليكي …..
-أنا كان نفسي اكون جميلة عشانك ..
همست بها بإختناق ليعبس ويقول :
-عشاني ازاي يعني؟!
رفعت عينيها وهي تقول بتوتر :
-أنت من حقك تكون مع واحدة جميلة …من حقك…
وضع كفه على فمها وقال:
-بطلي عناد …قولتلك ميت مرة انا مش عايز غيرك …اعمل ايه تاني عشان اثبتلك اني فعلا بحبك يا مياس …انا بجد تعبت ….
ثم ابتعد عنها وهو ينظر للجهة الأخرى غاضباً….أمسكت ذراعه وهي تقول بلهفة :
-حقك عليا يا سيف بس انا والله مخنو.قة …انت مش حاسس بيا….
نظر إليه وقال:
-لا حاسس يا مياس وعشان كده انا مش بعلق على اللي بتعمليه …بس انا بدأت اتعب مش عارف اعمل ايه عشان تقتنعي اني متقبلك بكل احوالك…أنا روحت عشان أنتِ اللي اصريتي على فكرة لكن الموضوع اخر همي ….
تنهدت وهي تقول:
-عارفة يا حبيبي….
رمش وهو ينظر إليها وقال:
-أنتِ قولتي ايه ؟!
احمر وجهها وهي تقول :
-مقولتش حاجة …
ابتسم بسعادة وقال:
-لا قولتي …بس مش مهم هتقوليها كتير الايام اللي جاية يا فراشة …
ثم أمسك كفها وقبله وهو يقول :
-من النهاردة مش عايزة اشوفك بتبكي …عايزين نجهز نفسنا عشان هنقل ورقك من الكلية اللي في اسكندرية عشان هتدرسي هنا من السنة اللي جاية ….
هزت رأسها ليمسح بقايا دموعها وهو يقول :
-متعيطيش تاني ماشي …
هزت رأسها وهي تحاول ألا تبكي ولكن الدموع كانت تنهمر دون إرادة منها …أخرج محرمة ورقية ثم أخذ يمسح دموعها بلطف وقال؛
-هنروح دلوقتي نرتاح عشان فيه مفاجأة ليكي أنا محضرها ….ومش هقولك هي ايه عشان متقعديش تترجيني كتير …عشان أنا ضعيف قصادك وممكن اقول عادي ….
ابتسمت ابتسامة حقيقية ليقول براحة :
-ايوة كده خلي الدنيا تبقى حلوة ….
ثم غمز لها وانطلق بالسيارة …..
……
في المنزل …كان جلال يجلس وهو يتكلم مع شخص ما :
-يعني ايه هرب ؟!ازاي يهرب من السجن …ازاي قدر يعمل كده …….
وضع جلال كفه على رأسه وهو يشعر بإرتفاع ضغط دمه…جلس على المقعد وهو يضع كفه على صدره بينما يشعر بصعوبة في التنفس …لقد فعل المستحيل ليزج به للسجن وقد استطاع أن يحرر زوجته عهد منه…تلك المسكينة التي عذ.بها ولم يرحم ضعفها …والآن بكل بساطة يخبروه أنه هر.ب …رباه ….
-تمام …تمام …اقفل دلوقتي …
قالها وهو يتنفس بصعوبة ….أغمض عينيه للحظات وهو يحاول أن يهدأ نفسه …سوف يجدوه..سوف يجدوه ….
فتح عينيه عندما شعر بأحدهما يفتح الباب…كان هذا سيف ومياس …نهض جلال من مكانه وهو يبتسم لهم ويقول بلطف :
-ها ايه الأخبار؟!
اختفت الابتسامة من وجه مياس ثم تجمعت الدموع بعينيها وفجأة انفـ.جرت بالبكاء ….
-اه ياربي …
قالها سيف بتعب وهو يمسح على وجهه بينما اقترب جلال بفزع من مياس وهو يقول بلهفة :
-مياس ..حبيبتي مالك ….
لم ترد عليه بل عانقته بقوة وهي تبكي ….ربت على ظهرها وقال:
-خلاص يا حبيبتي خلاص ….
ولكنها لم تتوقف عن البكاء وهي تتمسك به ….
-قالي مفيش أمل ….
تنهد جلال وهو يقول :
-الامل في ربنا وحده يا بنتي ….
-ونعم بالله …
قالتها مياس بصوت مختنق وهي تمسح دموعها ليقترب منها سيف وهو. يعانق خصرها بكفه ويقول:
-عن اذنك يا بابا …
ثم نظر إلى مياس وقال:
-اطلعي يالا عشان ترتاحي ….
ثم سار بها وهو يضمها إليه ..كان جلال ينظر إليها بشفقة …تلك المسكينة عانت بما فيه الكفاية. ..لقد ظن أنه سوف ينتقم من معاذ ولكن هذا الرجل حقير للغاية بالطبع لم يترك مياس وشأنها …تنهد وهو يفكر أنه يجب أن يتحرك …لا يجب أن يعرف سيف أو مياس بما حدث !!,
… …
في غرفة سيف ومياس …
ساعدها لكي تلج للغرفة ثم اجلسها وجلس بجوارها وهو يمسح دموعها ويقول بلوم :
-مياس احنا قولنا ايه ؟!
هزت رأسها وقالت:
-مش بإيدي والله …أنا بتعذب يا سيف …
-عارف يا حبيبي والله عارف …
قالها وهو يضمها إليه ثم أكمل :
-بس ده قدر وهنتقبله …
ثم ابعدها وهو يمسح دموعها وقال بحماس :
-يالا بقا يا كسلانة مفيش راحة حضري شنطة صغيرة وخدي فيها لبس ليكي وليا …
عبست وهي تنظر إليه وتقول :
-وده ليه ….
نقر على أنفها بإصبعه وقال:
-هتعرفي بعدين يالا جهزي الشنطة عقبال ما اطلب منهم يعملوا لينا اكل عشان أنا هموت من الجوع …
هزت رأسها وهي تتجه للخزانة لتفعل ما يريد بينما خرج هو
……………………
-شوفت الدكتورة الجديدة اللي جات المستشفى ….بنت قمر …قمر …
قالها مروان صديقه بغرفة الملابس …رفع جاسم عينيه وتأفف وقال:
:يا أخي اتقى الله انت متعرفش تغض بصرك ابداً؟!وبعدين انت ترضى حد يتغزل في أختك او مراتك …عيب يا مروان …
حك مروان رأسه وقال:
-نفسي أكون والله زيك يا جاسم …انت انسان محترم ومتدين …يا بخت مراتك بيك …أنا مراتي والله كويسة بس انا مطلع عينيها …
غامت عيني جاسم للحظات وشعر وكأن أحدهما لكمه بقوة في معدته …هو الرجل المحترم التقى الذي لم يطلق نظره على فتاة لا تحل له …ظل متقياً الله منتظرا مكافأته في حب حياته ليُخذ.ل بتلك الطريقة ويكتشف أن من أحبها وأعطاها حياته كلها ليست فتاة شريفة …بل فتاة أعطت جسدها لرجل آخر قبله …ومراد من يفعل ما يحلو له حصل على امرأة شريفة كزوجته !!!كان يشعر بالقـ.هر والغضـ.ب ولكن فجأة أغمض عينيه وهو يستغفر الله في سره ويقول :
-اللهم لا إعتراض …اللهم لا إعتراض …سامحني يارب عشان اعترضت حتى في تفكيري…سامحني اني خليت الشيطا.ن يسيطر عليا للحظات …يارب ده ابتلاء وانا راضي بيه ومش زعلان عشان عارف انك هتعوضني عن اللي عشته …عارف انك هطبط على قلبي…يارب اديني القوة عشان اقدر اعدي المحنة دي على خير ….خلي الشهور دي تعدي على خير لحد ما أطلقها وتمشي …يارب ساعدني انساها …شيل حبها من قلبي ..يارب ريح قلبي ….
فتح عينيه مجددا ووجد مروان ينظر إليه بحيرة تنهد جاسم وهو يشيح بعينيه عنه فقال مروان :
-هو أنا ليه حاسس انك مش مبسوط …يا عم ده انت عريس جديد حتى …
-عريس …
قالها بنبرة فيها سخرية ليرفع مروان حاجبيه ويقول :
-فيه حاجة يا جاسم …
سحب جاسم المعطف الابيض الطبي وهو يرتديه بينما يقول بهدوء :
-مفيش حاجة ….
ثم خرج من الغرفة ….
ولج لغرفة الطوارئ وهو يمسك السماعة الطبية …فجأة وقف وهو يرى فتاة غريبة …ملامحها للوهلة الأولى بدت مألوفة …عينيها بنية وشعرها اسود طول. …ترتدي قميص ابيض اللون أسفله بنطال جينز اسود يعلوه المعطف الطبي …على نحره يستقر سلسال دهبي مكتوب عليه حورية …….اجفل قليلا عندما نظرت إليه فأطرق برأسه وهو يشعر بالخجل من نفسه …كيف ينظر لفتاة غريبة بتلك الطريقة …ألم يوبخ مروان من أجل هذا !!!
-جاسم …
قالتها الغريبة وابتسامة تتشكل على شفتيها المصبوغة بلون شفاه احمر …ثم اقتربت منه وهي تمد كفها وتقول :
-بقالي كتير مشوفتكش ..
رفع عينيه بحيرة وقال:
-أنتِ تعرفيني ؟!
كست خيبة الأمل وجهها وقالت بلوم :
-طيب سلم الأول….
-أنا اسف مبسلمش على ستات ….
سحبت كفها بإحراج وهي تنظر حولها وحمدت ربنا ان الأطباء مشغولين بالحالات …..
-عن اذنك أنا ورايا شغل …
قالها وهو يهرب نحو العمل وهو يحاول تذكر هذا الفتاة ….
بينما هي وقفت مكانها وهي تهضم إهانته بينما توبخ نفسه وتهمس :
-ايه الغباء اللي انتِ فيه ده يا حورية …ما طبيعي مش هيفتكرك …هو اصلا مكانش بيبص عليكي…وبعدين عارفة أنه متدين اووي كان لازم تمدي ايديك وتحرجي نفسك …بجد غبية …غبية …
خرجت من غرفة الطوارئ وهي تحرك كفها يمين ويسار
..رؤيته بعد كل تلك السنوات أحضرت مشاعر عنيفة لقلبها …مشاعر ظنت انها نستها ولكن الآن اكتشفت انها لم تنساه ابدا …لقد رفضت كل من تقدموا لها وكانت تنتظره هو …هو فقط جاسم !!
أغمضت عينيها وهي تتنهد لتنتفض قليلا وشاب وسيم نوعاً ما يقف أمامها ويقول :
-نورتينا …
رمشت وهي تنظر لذلك الذي ينظر إليها بإبتسامة مهذبة …هزت رأسها وهي تقول بصوتها الناعم :
-ميرسي …
مد كفه وقال؛
-أنا مروان اتشرفت بحضرتك يا دكتورة …
ولكنها قاطعته بإبتسامة وهي تقول :
-سوري بس مبسلمش …عن اذنك يا دكتور مروان …
ثم ذهبت وتركته…نظر إليها بحيرة وقال:
– مع أن مش باين عليك التدين ده يعني ….
…….
-تمام أنا كده كتبت كل الخطوات بتاعة طبخة الغدا …والله الحمدلله أن جاسم سابلي الموبايل عشان أكلمك على الأقل يا رحيق …
من الجهة الأخرى زفرت رحيق بضيق وقالت:
-هو مش مفروض يعاملك بالطريقة دي …شايل منك التليفون …بتكلمينا بالقطارة …حابسك في البيت …ده موت مش حياة !!
أغمضت نوران عينيها بآسى وقالت:
-كفاية يا رحيق لو سمحتي …أنا راضية بكل اللي بيعمله….
-نوران دي …
-مش حياة أنا عارفة بس انا استحق ده …أنا غلطت في حقه …مهما حاولنا ننكر ده ..بس ده انسان دخل البيت من بابه …حافظ عليا من النظرة الحرام حتى …لما اتخطبتله مفكرش حتى يمسك ايدي ….كان بيعاملني كأني جوهرة …غصب عنه اتصدم يا رحيق ….
تنهدت رحيق وهي لا تدري ماذا تقول …هي تشفق على شقيقتها بسبب ما تعيشه …تشعر أنها أخطأت التقدير عندما طلبت منها الصمت وعدم الاعتراف له …ولكن بدا أن هذا هو الصواب…كان الأولى أن تستر على نفسها …حكت جبينها بتعب وقالت:
-أنا مش عارفة اقولك ايه تاني …
ابتسمت نوران وقالت:
-متقوليش ومتقلقيش أنا كويسة …أنا قولتلك اللي قاله هو خلاص مش هيأذيني …خلينا نقفل على السيرة دي …أنا راضية بكل حاجة …اهم حاجة اني اتسترت وانا عمري ما هنسى ليه المعروف ده ابدا!!…المهم اهتمي بنفسك أنتِ وسيبك مني …اخبار عاصي معاكي ايه …
كسا الحزن وجه رحيق وهي تتذكر معاملته الباردة لها …معاملة أوجعت قلبها…لقد ظنت أنهما انسجما أخيراً ولكن البرود أصبح مسيطراً على علاقتهما بشكل انهكها وأوجع قلبها ولكنها بالطبع لن تخيؤ شقيقتها بالأمر فالجميع يظن أن هذا هو زواج حقيقي …ولن تخبر نوران بالأخص فيكفي ما تعانيه !
لذلك ابتسمت وهي تظهر السعادة بصوتها وقالت ؛
-زي الفل انا مبسوطة اووي …
ابتسمت نوران وقالت:
-عشان انتِ واحدة طيبة يا رحيق تستاهلي ده كله …سلام يا حبيبتي ….
-سلام يا نوران هتصل بيكي تاني. …
.ثم أغلقت معها …
ما أن أغلقت معها حتى تنهدت نوران بحزن وهي تتجه للحمام ..قررت أن تصلي وتقرأ وردها ثم تبدأ في إعداد الطعام ….
………….
بعد قليل …
كان تقرأ القرآن بصوت متهدج بينما الدموع تنساب من عينيها …بسم الله الرحمن الرحيم ..(وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ۖ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ)صدق الله العظيم ….
أغمضت عينيها والدموع تفيض منهما …كل كلمة تقرآها في المصحف الشريف تعطيها امل …تجعل جروحها تلتئم تطمئن قلبها الخائف…كلما خافت أو جزعت تهرع للقرآن…كان دوما المصحف الشريف في منزلها هو كتاب تقرأ منه وردها بشكل متعجل أو تقرأ فيه سورة الكهف كل يوم جمعة …لم تتأمل كلماته من قبل …لم تشعر بها …ولكن اليوم هي تتأمل كل كلمة فيه …كل كلمة فيه تهدئ من روعها …ضمت المصحف إليها وهي تفكر أن يوماً بعد يوم تكتشف اشياء رائعة في دينها …دينها الذي انحرفت عنه واتبعت الشيطان …..
……..
كان يقف في مقهى المشفى يعد له قهوة بسبب الصداع الذي يشعر به …يتذكر في الصباح عندما خرج لم يراها …بل وجد الفطور معد بشكل جيد على الطاولة …كانت لأول مرة تعد فطور رائع وبشكل منظم …وملابسه جاهزة وقد تم كيها …الجوارب بجانب الحذاء الأسود الذي تم تلميعه جيداً والملابس التي يرتديها بالمشفى وضعتها بحقيبة الظهر الخاصة به مع المصحف الخاص به وقد وضعت زجاجة العطر على المنضدة امام الباب كي لا ينسى ….أنها تهتم بأدق تفاصيله الآن ورغم أنها فعلت هذا كله الا انها لم تريه وجهها …لقد التزمت بجزءها من الصفقة فأصبحت تعد له كل شئ وقبل أن يأتي كانت تلوذ بغرفتها …وهذا اراحه وأحزنه …اراحه لأنه لن يضطر لإهانتها مرة آخرى واحزنه لانه رغب في رؤيتها بشدة …هز رأسه وهو يقرب القهوة من فمه ويغرق أكثر بالتفكير
-جاسم …
صوت رقيق ناعم قطع تفكيره تماماً…نظر جاسم إلى مصدر الصوت ليجد أنه لنفس الفتاة ذات الملامح المألوفة …كانت تنظر إليه بلوم غريب …هز رأسه وقال بهدوء :
-هو فيه حاجة …هو انا اعرفك يا آنسة ….
ضمت شفتيها بخيبة أمل وقال بصوت خافت تشرب من الحزن ما أدهشه وقالت :
-أنا حورية عز الدين يا جاسم …كنت معاك في طب أسيوط نفس الدفعة ….كنت ابقى صاحبة خطيبة صاحبك طارق بس انت للاسف مكنتش بتاخد بالك من اي واحدة في الدفعة…دايما كنت منغلق على نفسك ….
كلامها ذكرها بكيف كانت في الجامعة …كان شاب ملتزم للغاية …لم يحب أبداً الإختلاط المبالغ بين الشباب والفتيات وكان يبتعد عن أي تجمع كهذا …صحيح أن كان هذا شبه مستحيل في الجامعة التي بها إلا أنه قاوم ….
أطرق برأسه وقال:
-لا مؤاخذة يا دكتورة ….
ابتسمت وهي تهز رأسها وتقول:
-ولا يهمك …المهم اني مبسوطة اووي عشان شوفتك يا جاسم ..
هز رأسه دون معنى ثم غادر من أمامها لتتنهد هي بحب وتضع كفها على قلبها بينما تشعر بالفراشات تتحرك بمعدتها وقالت:
-شكلي هطفح الفراشات قريب ولا ايه ؟!
………..
بعد انتهاء ساعات العمل الخاصة بجاسم …قرر الذهاب الى المنزل كي يرتاح قليلا ويذهب إلى عيادته الخاصة كطبيب اطفال ….
أدار المفتاح في الباب ليلج إليه …توقفت ورائحة طيبة تصطدم أنفه …سار بخطوات بطيئة نحو الصالة ليجد أنه لا أثر لها كالعادة. ..لابد أنها اختفت بغرفتها بينما على طاولة الطعام كان هناك طعامه المفضل ..دجاجة مشوية مع صينية بطاطس مع رز اصفر مبهر وانواع جديدة من السلطات …رفع حاجبيه بإعجاب وهو يفكر أنها حقاً تتعلم بسرعة…جلس على المقعد وهو لا يستطيع مقاومة الطعام ولكنه امسك نفسه في آخر لحظة ونهض متجهاً إلى غرفته لكي يأخذ به ملابس كي يغتسل ويغير ملابسه …بعد قليل خرج من الحمام وهو يرتدي منامة قطنية رمادية اللون …ثم جلس على الطاولة لكي يتناول طعامه ولكنه توقف فجأة وهو يتساءل هل تناولت طعامها يا تُرى ام لا ؟!يبدو أنها لم تتناوله بعد …لذلك نهض واقترب من غرفتها وهو يطرق بابها برفق وقال:
-اكلتي يا نوران ….
خفق قلبها بشدة بينما كانت هي بالفعل تقف خلف الباب …حتى وهو غاضب يهتم بها …ابتسمت بحنان وهمست :
-كل انت بالهنا والشفا …أنا صايمة النهاردة تطوع …
هز رأسه وهو ينسحب إلى الطاولة ويكمل تناول طعامه ….
…….
كان جلال يجلس على مقعده وهو يضع كفه على وجنته بينما يتنهد بعمق :
-ايه اللي شاغل بالك ؟!حاسس بيك متضايق….بس مرضتش اتكلم قدام مياس ….
انتفض جلال قليلاً على صوت ابنه القوي…رفع رأسه وهو ينظر الى سيف الذي اتخذ مقعد أمامه وهو ينظر إلى والده ينتظر الإجابات…استطاع جلال رسم ابتسامة على شفتيه وقال :
-مفيش حاجة شاغلة بالي يا سيف….أنا بس متضايق على مياس ….
تنهد سيف بتعب وهو يهز رأسه موافقاً وقال :
-ومين سمعك أنا برضه متضايق…مشوفتش انهيارها عند الدكتور هناك …وجعت قلبي فعلا يا بابا ….رغم كل حاجة الموضوع واجعها ….
هز جلال رأسه موافقاً وقال:
-صعب برضه عليها يا ابني …دي كان عندها امل كبير وراح اكيد لازم تكون زعلانة …هي حالياً موجوعة فخليك معاها …
ابتسم سيف وقال بتأكيد :
-انا عمري ما هسيبها يا بابا متقلقش…بالمناسبة أنا وهي هنبات برا النهاردة …
عقد جلال حاجبيه فرد سيف :
-هنروح الشالية بتاعنا قولت تغير جو شوية يومين كده …
ابتسم جلال وهز رأسه بإستحسان وقال:
-ده جميل يا ابني….يعني أنا شايف كده برضه ….روحوا وقضوا يومين تلاتة انبسطوا …هز سيف رأسه وابتسم قائلاً :
-ده هيساعدها كتير يا بابا …..وانا هعمل المستحيل عشان افرحها في اليومين دوول …
نظر جلال إلى ابنه مبتسماً…كل يوم يشعر بالراحة لأن قراره بتزويج مياس لسيف كان صحيح تماماً …
نهض سيف فجأة وقال :
-تمام أنا هروح دلوقتي اخليهم.يجهزوا الأكل لينا عشان ناكل وهنمشي ….
…..
بعد قليل. . ….
كانا قد تناولا الطعام وجهزت مياس حقيبة لهما ثم انطلقوا بسيارة سيف بعد أن أخبر والده أنه العمل بخير ولن يتأثر بغيابه …..
…..
-مش هتقولي برضه رايحين فين يا سيف؟!
قالتها مياس وهي تنظر إليه ليرد ويقول :
-تؤ تؤ قولت مفاجأة …
-أنا حاسس انك خاطفني ….
-ايوة فعلا أنا خاطفك….
ابتسمت له وقالت:
-ياريت تخطفني علطول أنا محتاجة بجد ارتاح شوية ….
شد كفه وقبله وقال:
-أوعدك يا فراشة إنك هتنبسطي في المشوار ده دي ….
-يارب بجد يا سيف …
قالتها بتعب ليمد يده نحو الراديو ويقول :
-بتحبي أمير عيد …
لمعت عينيها وهزت رأسها مبتسمة وقالت :
-جدا بجد ….
ضحك وهو يفعل المسجل لتنطلق اغنية أمير عين ويبدآن سويا بالغناء مع صوت أمير عيد :
اتقابلنا مرة وحدة وكل مرة بستنى
صدفة حلوة تجمعنا
يمكن تثير الوحدة
مواضيع كتير حضرتها
سيناريوهات من غير عدد
ازاي أقرب منها
وتشوفني يوم ظهر وسند
شفنا بعض هي مرة ومن بعدها بستنى
صدفة وحدة تجمعنا
يمكن يكون الضحكة
هقوله ايه أنا لو شفته
مش بفكر إلا فيه
وأنا كده من وقتها
يكون لي يوم ظهر وسند
هكون لها طبعا أمير (هيبقى ليا أمير)
راجل خطير في الجدعنة (واكون بلجأله للحِمى)
تهرب في حضني بالساعات (نفضل نتكلم بالساعات)
ذكرياتها المحزنة
اشوفها تاني ولا الوقت فات
خايف احلامي تموت من سُكات
(اشوفها تاني ولا الوقت فات)
(خايف احلامي تموت من سُكات)
ولا هكون بتاع بنات عندي حكايات كتير أوي
حبيب لعيب لكن تقيل
واسيبها لما تستوي
افكار كتير مرت وأنا مستني صدفة تجمعنا
شفته قاعد من بعيد
فرحتي كملت ونورت
هكون لها طبعا أمير (هيبقى ليا أمير)
راجل خطير في الجدعنة (واكون بلجأله للحِمى)
تهرب في حضني بالساعات (نفضل نتكلم بالساعات)
ذكرياتها المحزنة
اشوفها تاني ولا الوقت فات
خايف احلامي تموت من سُكات
(اشوفها تاني ولا الوقت فات)
(خايف احلامي تموت من سُكات
………..
وصلا أخيراً للمنزل الصيف …..ابتسمت بسعادة وهي تنظر إلى المنظر الماثل أمامها …منزل صيفي صغير يطل على البحر ..
-سيف …بجد مش مصدقة …انت لسه بتقرأ النوتة اللي اشترتهالي…
ضمها إليه وهو يقبل شعرها ويقول :
-عيب عليكي…كل يوم بقرأها …وكل ما اشوف حلم جديد ليكي هحققه …بحر صافي قدامه بيت صغير تهربي فيه ليومين مع اكتر شخص بتحبيه …ادي البيت وأدي البحر …
ثم صمت وأشار على نفسه مبتسماً وقال:
-وادي اكتر شخص بتحبيه …
-ايه النرجسية دي ….متثقش في نفسك اووي….
قالتها وهي تضحك وتدخل ليضحك وهو يسير خلفها ويقول :
-مسيرك تعترفي ليا يا جميل بحبك وساعتها والله ما هحلك ….
فترت شفتيها عن ابتسامة خجلة وهي تقف أمام البيت ليفتحه هو بصمت ويسمح لها بالدخول …
-اتفضلي يا أميرتي ….
ولجت للمنزل وهي تبتسم بسعادة أخذ الحقيبة ثم ادخلها لغرفة النوم …كان قد أمر بتنظيف المنزل جيدا ووضع الشراشف على الفراش …..كانت تسير في المنزل وهي تبتسم ثم اقتربت من سيف وهي تقول :
-سيف عشان خاطري عايزة انزل البحر ….
ابتسم لها وقال:
-هتلاقي في الشنطة التانية اللي انا جهزتها بوركيني اجهزي وننزل…أنا تحت أمرك اليومين دوول ….
……..
بعد قليل ….
كان هو عارى الجذع بينما ترتدي هي ملابس البحر الأسلامية …تمسك كفه وهي تركض للبحر بحماس …تلقفته أمواجه…ثم أخذوا يسبحوا لفترة طويلة …..بعد قليل ….
…
كانا ينامان على الشاطر بتعب …مياس تنام على صدره وهي تغلق عينيها تشعر بصفاء الذهن لأول مرة ….هي الآن معه …مع الشخص الذي تغرق بحبه يوماً بعد يوم …الشخص الذي أرادت أن تكون جميلة من أجله …..اختفت علامات الراحة من وجهها ليتجعد وجهها بحزن وهي تقول كأنها تكلم نفسها ؛
-كان نفسي اكون جميلة علشانك يا سيف ….
كان هو يدفن أصابعه في خصلاتها المبتلة ولكن ما أن قالت هذا حتى توقف عما يفعل وقال بلوم ؛
-تاني يا مياس …
ثم نهض قليلاً لتنهض هي أيضاً أصبحا الأثنين نصفا جالسين وهما ينظران إلى بعضهم البعض ….
-ليه مش قادرة تصدقي اني بحبك كده ….
تنهدت بتعب وهي تقول :
-مش بإيدي يا سيف…أنا كان نفسي ….
لمس بكفه وجنتها وهو يقول :
-ششش خلاص متتكلميش …افتكري انك عاجباني كده …بعدين ده أمر الله يا حبيبي منعرفش ايه اللي متخبي لينا يمكن يكون فيه أمل ويمكن لا واحنا هنتقبل قدر ربنا بنفس راضية ونقول الحمدلله على كل شئ …لأننا مؤمنين بالله مؤمنين أن كل اللي يقدره ربنا كويس وهنقول الحمدلله لأن الله أذا احب عبدا ابتلاه …وعشان كمان ربنا زي ما بياخد حاجة مننا بيعوضنا أضعاف وربنا هيعوضك على صبرك ….
رمشت مياس وهي تنظر إلى سيف …كلامه اراحها بشكل غريب وجعلها تفكر لأول مرة …أنها صحيح خسرت القليل ولكنها تزوجت رجل رائع كسيف …أحبها رجل مثل سيف ….أن كان هذا هو عوض ربنا عن وجهها المشوه هي سوف تتقبل نفسها كما هي ….سيف هو العوض المثالي لما حدث لها …لم تشعر مياس بنفسها وهي تعانقه بحب ….ترغب في الصراخ وتخبره أنها تحبه ولكنها قررت أن تؤجل الأمر …لن يكون اعترافها عادياً بل سيكون اعتراف اسطوري منها …سوف تخبره بكل مشاعرها
…………..
-يوسف أنا مش فاهمة انت ليه عايزنا نسيب البلد ونمشي ….انت خايف من اللي قتلوا لطيف صح…
قالتها ماجدة بتوتر وهي تجلس معه …تنظر إلى ابنها الذي نام على الأريكة مرهقاً بسبب اللعب ثم أعادت تركيزها ليوسف تنتظر منه تفسير ….
-ماشي ده سبب من الأسباب بس انا بحد مش عايز اقعد هنا يا ماجدة …
نظرت إليه بيأس وهي تقول.:
-أنا مقدرش اسيب مصر يا يوسف …دي بلدي !!!
مد كفه واحتوى كفها وهو يقول :
-وبلدي وبيتي كمان ..بس تعملي ايه لما متلاقيش الآمان في بيتك هتضطري تروحي بيت تاني ….
هزت راسها وهمست :
-صدقني مش مضطرين ولا حاجة ….نقدر نحمي نفسنا هنا ….مفيش حاجة ممكن تأذيك بإذن الله …
شد على كفها وهو يقول :
-هو أنتِ فاكرة اني خايف على نفسي …لا يا ماجدة …أنا عمري ما اخاف من الموت …بس خايف عليكم….أنا دخلت حرب أنا مش قدها …وحاسس بريحة الخسارة لو الهروب بيكم هو الحل أنا ههرب بيكم …المهم مخسركمش …مخسرس عيلتي اللي انا لقيتها بعد مدة طويلة …
مد كفه ثم لمس وجنتها بحب …نظرت إليه والقلق يسكن عينيها …الدموع كانت محبوسة بعينيها ازدادت وتيرة أنفاسها وهي تحاول أن تسيطر على نفسها كي لا تنفجر بالبكاء ….ابتسم بلطف واكمل :
-هنرجع تاني أوعدك ….
امسكت كفه وقبلتها وهي تقول :
-لو ده هيريحك يبقى أنا هعمل اللي يريحك يا يوسف ….هنسيب البلد ….
اقترب منها معانقاً وجهها ثم قبل جبهتها وقال :
-ربنا يخليكي ليا ….
ثم جلس على مقعده وهو يغرق بشروده مجددا….
كانت تنظر إليه وهي تشعر بالخوف داخله …تمنت لو تستطع ان تزيل ذلك الخوف منه ولكنها أيضاً خائفة …كم تمنت ان تعيش حياة طبيبعة…حياة ليس بها تهديد ولكن الماضي يلاحقها لا يتركها وشأنها ..ليتها ابتعدت عن لطيف في الوقت الذي اكتشفت به حقيقته !قد تكون معاناتها الآن بسبب انها سكتت عن الحق …ظلت ترى معاناة الأهالي وصمتت تماما …ان كان هذا عقابها …ان كان سيكون عقابها على سكوتها عن الحق هو عدم الآمان والهروب فهي تقبل به …فربما حينها ترتاح !!
بعد قليل …..
كان يقف امام الفراش يراقب زوجته التي تحتضن ابنها وتنام بهدوء …كان عقله لا يكف عن التفكير حينها …سوف يسافر بعد أسبوع …ثم يترك كل شئ ويهرب بعائلته …لكن هل يضمن ان لطيف لم يفعل أي شئ في تلك الفترة …ربما بالفعل بدأ يخطط ليقتلهم …هو يعرف أمثال لطيف وان من معه قد هددوه لينتقموا من ماجدة ومنه بسبب تسريب الادلة …لن يتواني عن قتلهم بأبشع الطرق…لذلك يجب أن يتصرف بسرعة….يجب أن يختفي تلك الفترة …صحيح سوف يضحي بآخر امتحان لزوجته ..لكنه لا يهتم ….
سحب هاتفه وهو يخرج للتراس بخطوات خفيفة كي لا تيقظ زوجته ….اسند رأسه على السور وهو يتصل بمنير …..
…..
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أسرت قلبه)