روايات

رواية جبروت في قلب صعيدي الفصل الثاني عشر 12 بقلم نور الشامي

رواية جبروت في قلب صعيدي الفصل الثاني عشر 12 بقلم نور الشامي

رواية جبروت في قلب صعيدي البارت الثاني عشر

رواية جبروت في قلب صعيدي الجزء الثاني عشر

جبروت في قلب صعيدي
جبروت في قلب صعيدي

رواية جبروت في قلب صعيدي الحلقة الثانية عشر

وقف فهد بجوار الطبيب داخل الغرفة ويده ترتجف وهو يطالع وجه ابنته الباهت في حين كان أسد واقفا خلفه بصمت وعيناه معلقتان بجسد الطفلة النائمة والقلق يكسو ملامح الجميع وعدد من أفراد العائلة كانوا يقفون في الخلف في حالة ترقب مشدودة الأعصاب حتي قطع الطبيب الصمت بنبرة مطمئنة وهو ينظر إلى فهد مرددا:
الحمد لله… البنت كانت عندها أعراض تسمم خفيف بسبب حاجة شربتها… عملنا ليها غسيل معدة واستجابت كويس وهتفوق دلوجتي حالا… متخافوش
تنهد فهد براحة وكأن روحه رجعت لجسده ومد يده بسرعة يصافح الطبيب وهو يتمتم:
شكرا يا حكيم… ربنا يباركلك يارب.. الحمد لله
أومأ الطبيب بهدوء ثم خرج من الغرفة، تاركا وراءه جوا مشحونا بالترقب ومرت ثوانٍي قليلة قبل أن تفتح الطفلة عينيها ببطء تتجول نظراتها البريئة بين الوجوه القلقة المحيطة بها وكأنها تبحث عن الأمان وفي تلك اللحظة انهار فهد من الداخل وسقط على ركبتيه إلى جوارها يضمها إلى صدره بقوة مرددا:
حمد الله على السلامة يا روحي… جلبي كان هيوجف من الخوف عليكي والله
همس بها وهو يحتضنها بشدة وكأنه يحاول أن يعيد الحياة إليها بأنفاسه المرتجفة بينما الدموع تملأ عينيه دون أن يطرف له جفن واقترب أسد منها وربت على رأسها بحنان بالغ ثم سألها بصوت منخفض مليء بالقلق:
انتي أكلتي إي يا حبيبتي؟ اي ال حوصل ك بالظبط مش جولنا مينفعش تاكلي حاجه غلط
هزت الصغيرة رأسها نافية وأجابت ببراءة غافلة عن ثقل كلماتها وهتفت:
مأكلتش حاجة يا عمو… أنا بس شربت عصير من طنط ملك… كانت جابتلي كوباية عصير
وفي لحظة ساد السكون التام و التفتت الأنظار جميعها ناحية ملك وعلامات الصدمة تعلو الوجوه وفجأة…صفعة عنيفة كسرت الصمت ودوّى صوتها في أرجاء الغرفة عندما اندفعت ريم إلى الداخل بخطوات سريعة وصفعت ملك على وجهها بقوة جعلتها تتراجع من شدة الصدمة مردده بصراخ:
إنتي مجنونة…. إزاي تعملي اكده في طفلة… مالك ببنتي… هب دي الامانه يا فهد ال انت جولتلي هتحافظ عليها… هي دي الامانه ال جولناي متخافيش دي في عيوني… اي عيون دي… بنت عمككانت هتجتل بنتك جدام عيونك وانت واجف تتفرج
ارتجفت ملك ووضعت يديها على خدها و لم ترد ولم تقدر حتى على البكاء… كانت ملامحها مشوشة مزيج من الذهول والخوف والانكسار فـ تقدم أسد ببطء ونظر إليها نظرة حادة تحمل خيبة أمل عميقة ثم سألها بصوت حاد:
ليه يا ملك….ليه اكده… إنتي فعلا كنتي عايزة تأذيها
رفت رموش ملك وبدأت الدموع تتجمع في عينيها وتمتمت بصوت مرتجف:
أنا… والله ما كنت أجصد… انا مكنتش أعرف إن ممكن يوحصل اكده.. هي اديتني حاجه زي مسحوق اكده وانا حطيته ليها في العصير وجسما بالله جالتلي ان ملوش اي اضرار… جهاد ال جالتلي
نظرت ريم اليها بغضب ورددت:
انا عايزه بنتي يا فهد… مش هسيبها اهنيه دجيجه واحده
تجمدت ملك وانهارت باكية على الأرض وهمست بصوت بالكاد يسمع:
أنا كنت تايهة… وخفت أخسرك يا فهد جسما بالله اكتر من اكده..انا بحبك جوي ومش جادره اعيش من غيرك .. جهاد جالتلي إن دي الطريجة الوحيدة… وأنا كنت… ضعيفة مش مركزه في اي حاجه… كل ال يهمني وجتها هو انك تبجي معايا يا فهد والله ما اعرف انها هتتأذي
اقترب فهد منها ببطء وعيناه تشتعلان غضبا… لكن صوته جاء هادئا بشكل مرعب:
يعني علشاني… كنتي هتموتي بنتي…. ومش جصدك.. هو اي ال مش جصدك هاا… انتي بجيتي انانيه مش بتحبي غير نفسك وبس
ارتعشت ملك وانهارت أكثر بينما كان الجميع يرمقها بصمت ثقيل ولحظة محاسبة لا مفر منها وكأن الحقيقة انكشفت أخيرا أمام الجميع وفي تلك الليلة كان الغضب يشتعل في عيني أسد وهو يدفع باب غرفته بعنف كاد أن يخلعه من مكانه ودخل بخطوات غاضبة تملأها العاصفة حتى وقفت جهاد مفزوعة من على السرير وقبل أن تنطق بكلمة كان قد أمسك بيدها بعنف وصرخ بعينين تتقدان غضبا:
انتي مالك بأختي هاا….دي اخرتها…بجيتي تعملي سحر وأعمال ومدخله اختي معاكي وفاكراني هسكتلك… دي أختي يا جهاد… أختي.. انا خلاص مش عايزك وهطلجك
تراجعت جهاد خطوة للوراء بعينين مرتعشتين و حاولت أن تتماسك لكن صوته كان أشبه بسيف حاد فهتفت بتوتر:
هتطلجني علشان سحابة ظهرت.. صوح… هي رجعت ووشها بس قلب حالك.. بجيت مش انت واتغيرت اول ما شوفتها
اقترب منها أسد بخطوة عنيفة وصوته انخفض لكنه صار أكثر قسوة:
سحابة مالهاش صالح بحاجه …أنا بكرهك يا جهاد بكرهك من زمان جوي ويوم ما اتجوزتك بره مصر كنت غبي.. كان بتهيألي اني محتاج حد في حياتي علشان بعيد بس اكتشفت اني دخلت حياتي اكبر مصييه في العالم كله…. وكل ال كنت بعمله لحد دلوجتي كان علشان بنتي… وبس ولولا البنت، كنت رميتك من زمان جوي
شهقت جهاد بدهشة وقلبها يتفتت من كلماته ومدت يدها إليه كأنها تحاول التمسك بآخر فرصة وهمست بصوت منكسر:
بس أنا بحبك…أنا مجدرش أعيش من غيرك يا أسد… جسما بالله بحبك جوي
صرخ أسد بقهر وهو يزيح يدها بعيدا:
بس أنا بكرهك.. وخلصنا..ال بينا الطلاج وبس وانتي طالق من دلوجتي…وابعدي عني وعن أختي وعن فهد وعن حياتي كلها
انهي اسد كلماته ثم استدار بخطوات سريعة وخرج من الغرفة دون أن ينظر خلفه تاركا جهاد تنهار وهي تسقط على الأرض وبعد لحظات… تحول الانكسار في وجهها إلى غضب أسود وتغيرت نبرة دموعها إلى حقد دفين فصرخت بصوت مسموم وهي تضرب الأرض بقبضتها:
كله بسبب سحابة…هي السبب في كل حاجة…ووالله…ما أنا سايباها
صدى كلماتها ظل يتردد في الغرفة بينما وجهها اشتعل بنار الحقد… ولم تكن تدري أن ما تنوي فعله قد يكون طريقا بلا عودة وفي صباح يوم جديد جلست سحابة في ركن من أركان الحديقة الخلفية لبيت ريم تحت شجرة التوت العتيقة تحتضن ابنها الصغير فارس وكأنها تخشى أن يتلاشى بين ذراعيها إلى جوارها زجلست ريم تتابعهما بنظرة حزينة وقلبها لا يزال يحمل أثر الليلة الماضية حتب قالت ريم بهدوء وهي تمسح على رأس الطفل:
الحمد لله إنه طلع بيلعب ومستخبي…جلبي كان هيوجف وأنا فاكرة إنه اتخطف ولا جراله حاجة
هزت سحابة رأسها ببطء وضمت الطفل أكثر لصدرها كأنها تحميه من العالم وهمست:
بس أنا مش هجدر أفضل عايشة في الرعب دا كل يوم…مش هجدر أفضل قلقانة عليه كل ثانية…أنا لازم أبعد تاني يا ريم… ولازم أخرج من اهنيه
نظرت إليها ريم بصدمة ورفعت صوتها قليلًا:
كفاية يا سحابة… هتفضلي مستخبية لحد إمتى… ومخبية عن أسد إن فارس ابنه… الراجل طلج جهاد خلاص… وانا اصلا جيبت بنتي علشان خايفة من ملك واسد مسكتس اهه
رفعت سحابة نظرها إليها بسرعة وعيناها تلمعان بالدموع، ورددت بصوت مرتجف:
والله يا ريم… ملك طيبة مش زي ما انتي فاكرة…وانا مش خايفة من جهاد… أنا… خايفة على ابني… خايفة أخسره زي ما خسرت الأول
كانت الكلمات تخرج من فمها كأنها جمرات تحرق روحها فسكتت ريم للحظة ثم قالت بهدوء أكثر:
اسد اتغير يا سحابة…مش هو نفس الراجل ال كان زمان… بجا أب حقيقي وبيهتم…بس المشكلة الأكبر إننا لحد دلوجتي مش عارفين مين ال جتل فارس… الله يرحمه
وفجأة… وقبل أن تنطق سحابة بأي كلمة قطعت عليهما الحديث الطفلة الصغيرة ابنة ريم وفهد وهي تمسك لعبة في يدها ووجهها مليء بالبراءة لكنها نطقت بجملة زلزلت المكان:
أنا عارفة يا ماما…عارفة مين ال جتله
تحولت رؤوسهم بسرعة إليها واتسعت عيونهما بصدمة شديدة وساد الصمت فقط صوت زقزقة العصافير كان يرافقهم كأن الكون كله توقف ليستمع لما ستقوله الصغيرة وفي المساء كان الليل قد بدأ يلقي بظلاله الثقيلة على البيت الكبير وداخل الجدران كان القلق ينهش قلب فهد وهو يتحرك في أرجاء المنزل كمن يبحث عن نبض الحياة فصرخ بصوت ملعلع يملأ المكان بالغضب والقلق:
ـهي راحت فين تاني؟! ست ملك تعمل المصيبة وتختفي!دي فاكرة نفسها في فيلم أنا زهجت والله
كان صوته يعلو حتى ارتج له البيت وهو يفتح أبواب الغرف واحدة تلو الأخرى إلى أن وصل إلى غرفة جهاد دفع الباب بعنف…وفجأة، تجمد مكانه وعينا فهد اتسعتا من الصدمة وصدره ضاق من الفزع كانت ملك ملقاة على الأرض والدم ينزف من رأسها و يتسلل على الأرضية البيضاء بهدوء قاتل فـ ركض نحوها وارتمى بجانبها يحتضن رأسها المرتجف بين يديه:
ملك فوجي يا ملك… إي ال حوصل… مين عمل فيكي اكده؟!
ملك.. بالله عليكي كلميني
بدأت تتحرك شفتاها ببطء وصوتها بالكاد خرج:
جهاد… جهاد عرفت إن فارس… ابن أسد…هتجتله يا فهد…هتجتله.
تجمدت ملامح فهد وكأن الوقت توقف وعقله رفض استيعاب ما سمع:
فارس… ابن أسد؟!”
لكن لم تأتي إجابة..وفجأة انغلقت عينا ملك وسقط رأسها للخلف وفقدت وعيها فـ صرخ فهد بكل ما فيه من وجع:
حد ييجي اهنيه بسرعه… اطلبوا الاسعااف
ملك بتموت
وفي مكان آخر، خارج البيت كان فارس الصغير يقف يضحك ويلعب مع الطفلة الصغيرة ابنة ريم أمام السور وضحكاتهما كانت تطغى على هدوء ما قبل العاصفة وفي تلك اللحظة توقفت سيارة سوداء أمام البيت ونزل منها أسد…. فـ ابتسمت الطفلة ما إن رأته وركضت نحوه:
عموووو… واحشتني جوي
فتح اسد ذراعيه لها وضحك وهو يحضنها:
وانتي كمان واحشتيني جوي والله
وما إن أبعدها قليلا حتى وقعت عيناه على فارس..جمد في مكانه واقترب بخطوات بطيئة وعيناه تمتلئان بالدهشة:
فارس؟
انحنى أمامه وحدق فيه طويلا… ثم ضمه إلى صدره وكأن قلبه عرف الحقيقة قبل لسانه:
انتت بتعمل اي اهنيه يا حبيبي… دا بيت ريم.
لكن قبل أن تكتمل لحظة الدهشة…لمح من زاوية عينه شخصا يقف بعيدا خلف شجرة يصوب سلاحا صغيرا باتجاه فارس وفي ثانية واحدة فقط…ركض أسد بكل قوته وصرخ:
فااااااارس
ودفع الطفل بعيدا عن مسار الطريق وانطلقت الرصاصة في جسد أسد الذي سقط أرضا بقوة ويده لا تزال تحيط بفارس فـ صرخ الطفل بفزع و

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية جبروت في قلب صعيدي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *