رواية حرب سقطت راءها الفصل السادس 6 بقلم نور زيزو
رواية حرب سقطت راءها الفصل السادس 6 بقلم نور زيزو
رواية حرب سقطت راءها البارت السادس
رواية حرب سقطت راءها الجزء السادس

رواية حرب سقطت راءها الحلقة السادسة
بعنـــوان ” عنــــــــــــــــــــــاد طفلــــــــــة ”
[[أى عقل رجل ناضج يتحمل جنون فتاة مراهقة، لاسيما جمع القدر بين النضوج والطفولة، أشعلت الحرب نيرانها بين الرقيقة والوحش، لكن الآن باتت الجميلة فريسة بين مخالب الأسد]]
صرخت “أسيا” و “خديجة” و”هدير” فزعًا مع إطلاق النار ، نظر “فؤاد” بخوف على ابنه ليرى “الجارحي” يضم صغيرته بين ضلوعه ويحميها من الرصاص بذراعه القوي وقد تلقي الرصاصة فى ذراعه الذي يحيطها بأحكام بخوف ، أرتجفت “قُدس” بين أحضانه ويديها تتشبث بملابسه بقوة من الفزع وقد أوشكت على الموت الآن من هذا الغبي، تلتقط أنفاسها بصعوبة ورأسها الصغير مدفون فى صدره، أقتربت “خديجة” من ابنها بخوف وعينيها تبكي قائلة:-
_ أنت كويس؟
أخذت ذراع “الجارحي” بين يديها لكنه لم يبالي بألمه وهذه الرصاصة الصلبة التى أخترقت جسده فنظر إلى صغيرته بخوف وقال:-
_ إنتِ كويسة؟
نظرت بعينيه العسليتين بخوف تمالك منها وهزت رأسها بنعم مُرتعشة، تألم من ذراعه ووالده يمسك ذراعه فقال بألم:-
_ خلاص حصل خير يا حج؟
انتبه لملابس زوجته المُدللة وهى تقف أمام الجميع ببجامتها فقال بحزم:-
_ عن أذنكم؟
تحدث “حمدي” بقلق على حفيده بفزع وهو يربت على ظهره:-
_ خير أي يا ابنى؟ أمشي خلينا نروح المستشفي؟
نظر إلى صغيرته التى ترتعش بشدة من هول الصدمة ولا تستوعب أن الرصاصة التى تلاقاها كانت من نصيبها، تحدث “الجارحي” بهدوء:-
_ أطلعي
تشبثت بعباءته بضعف لينظر إلى يديها التى ترتجف وشعر برعشتها فأنحني بلطف رغم أصابته وحملها على ذراعه الأخر ووضع المصاب ينزف بغزارة خلف ظهرها، تألم من ثقل ظهرها عليه لتتشبث بعنقه بأحكام وأصبحت قريبة جدًا منه عندما رفعت جسدها أكثر لأجل إصابته، رمق بطرف عينيه للدرج ليجد “عماد” قد أختفي تمامًا بعد مصيبته فدلف إلى الشقة مُتجاهل الجميع لأجل طفلته الجميلة الخائفة، أنزلها على الأريكة فخرجت منه صرخة من الوجع وصك شفتاه بأحكام يكبح أنينه فأنتفض قلبها الصغير لأجل ألمه ولا تصدق أن حبيبها المتسلط الغليظ مصاب، وقفت على الأريكة بركبتيها أمامه ولمست جرحه بحزن وعينيها تبكي بقوة فقالت بصوت مبحوح:-
_ يا الله ، أبيه عماد أتجنن أزاى يعمل كدة…
مسك ذقنها بقوة وأحكام وعينيه تحولت لنيران الشر يرمق عينيها الخضراء وقال بتهديد واضح:-
_ إياكِ تلفظى اسمه أو اسم راجل تاني طول ما إنتِ على ذمتي فاهمة
بعدت يدها عن ذراعه بخوف شديد من هذا الرجل الذي تحول لوحش أمامها ويهددها وأبتلعت لعابها ذعرًا منه، خرج من الشقة غاضبة وأغلق الباب عليها بالمفتاح لتشعر بتحجره وسيطرته عليها وهو يأسرها لديه كسجينة فى بيته ……
__________________________
وقف “فؤاد” أمام “عماد” بغضب يلتهم قلبه من تصرفه وكاد أن يقتل أخاه فصرخ بخنق شديد:-
_ هى وصلت أنك ترفع السلاح على أخوك
_ وهو يصح برضو أنه يعارض جوازي من قُدس ويرفع أيده عليا عشان متجوزهاش ويروح يتجوزها هو ، يصح وحلال أنه يبص لواحدة أخوه طلبها للجواز
قالها “عماد” بغضب وانفعال شديد على والده فتابع الصراخ ويده تلوح أمام وجه والده بقساوة:-
_ ما ترد يا شيخ يا اللى حافظ كتاب ربنا ، يصح ويجوز أنه يعمل كدة
صفعه “فؤاد” على وجهه بقوة وهو يقول:-
_ إياك تلفظ أسم الله وكتابه بلسانك الخمورجي دا، أنت فاهم
صُدم” عماد” من صفع والده له وحدق به بحدة صارمة، صك على شفتيه وهو يحملق بابنه وقد فهم أنه من أجرم بصنع الفخ لأخيه و”قُدس” وبسبب نجاسته باتت الفتاة عالقة بالزواج منه واضطر أخاه يتزوج من فتاة تصغره بعمر، رفع “فؤاد” يده ليصفع أبنه مرة أخرى وأندهش عندما مسك “عماد” يده قبل أن يصفعه ووقف أمامه يعانده قائلًا :-
_ إياك تفكر ترفع أيدك عليا أنا مش صغير قصادك ولا عيل بيجري فى الشارع….
ذهل “فؤاد” من تصرف ابنه وهو يقف أمامه وتجرأ على مواجهته بجحود، دفع “عماد” والده للخلف بضيق ثم دلف إلى غرفته بلا خوف ولا يعري أهتمام لما فعله فى أخاه أو تجاوز الحدود مع والده، نظر “فؤاد” إلى زوجته بحزن شديد من ابنه الأكبر ثم جلس على الأريكة باستياء فتحدثت “خديجة” بقلق قائلة:-
_ ولسه، أنا من البداية كنت رافضة الجوازة دى، الحرب والعداوة هتقوم بين ولادي وهقطعه بعض على حتة عيلة، ربنا يستر على اللى جاي
صمت “فؤاد” بحزن شديد وهو مجبورًا على الموافقة بعد ما علم بالخطيئة التى ارتكبها ابنه مع الصغيرة، كان الهم يثُقل كاهله وهو داخل أرض المعركة تحرفه نارها بينما يديه مقيدة عاجزًا عن فعل أى شيء، الحرب القائمة بين ابنائه ستظل وهو لا يقوى على فعل أى شيء سيبقي مشاهدًا فقط ….
__________________________
وضعت “قُدس” العصير فى الكأس وخرجت من المطبخ تتحدث فى هاتفها مع شاب بعفوية وقالت:-
_ هى إجازة بس هرجع قبل بداية الترم أكيد …..
فتح باب الشقة ليعود “الجارحي” من المستشفي وسمع صوت ضحكاتها يملأ المكان ليشعر بطمأنية على ضحكاتها وقد تخطت الخوف مما حدث، أتسعت عينيه وتوقفت قدميه عن السير عندما سمع جملتها:-
_ هههههه لا والله يا حيدر أكيد الجامعة وأنتوا كلكم وحشتوني أوى
ألتف لكي ينظر إليها فرآها نائمة على الأريكة وتضع الهاتف على أذنها بدلال وعفويتها مع ضحكاتها تُثير غضبه أكثر فأقترب ليسمع بقية الحديث:-
_ شهر كدة ولا حاجة وأجي وليك عندي واحد عصير عشان تعرف بس أنك وحشتني
سحب الهاتف من يدها بغضب شديد قبل أن ينزل حذرها أن تلفظ أسم رجل غيره والآن ببجاحتها وعنادها تتحدث مع شاب عن الشوق وعودتها له، تحدث بلهجة قوية قائلًا:-
_ألو … مين دا اللى بتكلميه معه
وقفت من مكانها بغضب شديد من طريقته وحاولت أخذ الهاتف من يده وقالت:-
_ أنت مجنون أنت أزاى تعمل كدة ؟
قذف الهاتف فى الحائط من الغضب مما أفزعها وجعلها تنتفض خوفًا، أنكسر الهاتف فى الأرض بينما هو لم يتمالك أعصابه وسحبها من ذراعها بقوة نحوه وعينيه يتطاير منها الشر ولهيب الجحيم قد أشتعل بداخله الآن، تحدث بلهجة قوية مُرعبة :-
_ مين دا؟ انطقي
_ وأنت مالك ؟
قالتها بلهجة مُرتجفة من الخوف ليشد على ذراعها بقضبته أكثر يعتصر عظامها فى يده فقال بضيق:-
_ أنا مالي، أنا جوزك يا محترمة وداخل ألاقي مراتي بتتكلم مع واحد وبتقوله وحشتني هاا ورجعاله بعد شهر ، دا إنتِ عيارك فلت بقي
دفعته بقوة بعيدًا عنها من الغضب وطريقة حديثه عنها المقززة فقالت بضيق:-
_ أتكلم عني بأدب وما تعيش الدور أوى، دا مجرد جواز على ورق صورى وشهر بالكثير وطلقني وأغور من وشك دا
رفع يده بغضب ناري وقد أنفجر بركانه الناري بداخله الآن ليصفعها فأنكمشت فى ذاتها بخوف وهو لم يقوى على صفع الصغيرة لطالما كانت يده تحميها وتساندها، كز على أسنانه بغضب لتشعر بقشعريرة فى جسدها من صوت صرير أسنانه فقال بحدة يُثير غضبها كما فعلت معه ويرد لها الإهانة:-
_ جواز صورى وعلى ورق وشهر وهطلقك لكن طول الشهر دا إنتِ مراتي ، وبراحة على نفسك كدة ليطق لك عرق ومحسسينش أنى بشوفك بدوخ من جمالك وأنوثتك ، يا بت دا إنتِ عيلة مبلغتيش بس العيب مش عليكي العيب على راجل زي اللى قبل يتجوز عيلة لسه بتلعب وتتفرج على كرتون
_ مش عيلة يا أبيه، أنت بس اللى كبريائك وغرورك رافضين الأعتراف بأنى عروسة، لو كنت عيلة مكنش أخوك ضربك بالنار عشان أتجوزت حبيبته بس هى مش كل الناس بتعرف تشوف والرجالة بس اللى بتعرف تميز
لم يتمالك أعصابه هذه اللحظة على حديثها وهو تصف نفسها بحبيبة لهذا الخمروجي وتتحدث عن إعجابها به وبشخصيته، سحبها من ذراعها بقوة إلى الغرفة وهى تصرخ به قائلة:-
_ سيبني يا أبيه…. سيبنى
دفعها على الفراش بقوة وهو يقول بحدة وعينيه يتطاير منها الشر قائلًا:-
_ تعالى أثبتلك أنا راجل ولا لا
أبتلعت لعابها بقوة خائفة من قسوته معها ليبتسم بشر وأقترب على الفراش منها يقول:-
_ أنا عشان راجل طبيعي مش مريض نفسي مش هتغوينى طفلة، وصدقيني يا قُدس عمايلك دى مش هتوصلك لحاجة واللى عملتيه دا وقُلتيه هتندمي عليه كتير، وغلاوتك عندي إذا موتي وإذا اتصلوا قالولي إنك ميتة مش هأجي أشوفك قبل ما يدفنوكي حتى، إنتِ أخر بنت فى العالم ممكن اتمنى أنى أشوفها ومتخافيش أوي كدة إنتِ لو أخر واحدة على الأرض مش هلمسك ومش هكرر الغلط مرة تانية
كان لا يبالي بقسوة حديثه معها بقدر جرح كبريائه الذي إهانته وسببته له بحديثها مع شاب وإعجابها بـ “عماد” ، غادر الغرفة بكبرياء وترك خلفه صغيرة أنهارت من البكاء بضعف وصوت بكائها يعلو وشهقات تحمل الإنكسارات المعبأة فى صدرها ووجعها……
________________________________
وصلت “هدير” إلى الصحيفة التى كانت تعمل بها لتقدم طلب عودة للعمل وخرجت من العمارة لتجد “ليل” تتصل بها فأجابت بلطف:-
_ أيوة يا ليل؟
_ أزيك يا دودو أنا برن على قُدس ومبتردش عليا
قالتها بقلق فأجابت “هدير” بعفوية قائلة:-
_ يا حبيبتي قُدس عروسة لما تشوف التليفون هترن عليكي
قوست “ليل” شفتيها بضيق وقالت بتذمر:-
_ عروسة أى، الجارحي لسه نازل رايح الشغل
_ طيب يا ليل أنا هتصل بيها وأشوف الدنيا معها اى وهكلمك تاني؟
قالتها “هدير” بفضول وأغلقت الهاتف معها ، رنت على هاتف “قُدس” ولم تجد جواب هى الأخرى، نظرت “قُدس” إلى الهاتف الذي يدق بشاشته السوداء من كسر “الجارحي” لهاتفها وشعرت بغيظ أكبر، تواعدت له بالأنتقام وفتحت باب الشقة وهى تنادي على “ليل” قائلة بغضب:-
_ ليل ، يا ليل أطلعي عايزاكِ
دلفت للداخل وأخذت حمام دافئ وعندما خرجت رأت “ليل” تجلس فى أنتظارها لتدخل “قُدس” إلى الغرفة وخلفها “ليل” فرأتها تضع على الفراش فستان فضي لامع قصير وبدون أكمام وبالطو طويل أسود، سألت “ليل” بفضول قائلة:-
_ أي دا ، إنتِ هتخرجي بالهدوم دى
_ أنا هحكيلكِ لأني محتاجة مساعدتك فى حاجة
قالتها بضيق ونار الأنتقام تشتعل بداخلها، أخبرتها “قُدس” بما تنوي فعله لتشهق “ليل” من الخوف وقالت:-
_ إنتِ مجنونة دا ممكن يقتلك فيها وخالي هادي مش هيعديها
تبسمت “قُدس” بمكر شديد وقالت:-
_ الجارحي مش هيسيب بابا يعملى حاجة، مسمعتيش لما قال أنه محدش يتجرأ يقرب من مراته حتى أبوها، بس أنا لازم أخد حقي من جارحي
تأففت “ليل” بضيق وقالت:-
_ بس جارحي مُخيف يا قُدس
وقفت “قُدس” من مكانها وبدأت تستشور شعرها بالمجفف وتصففه ووضعت القليل من مساحيق التجميل ورسمت شفتيها بأحمر الشفايف مُستمعة إلى “ليل” فأجابت بجدية:-
_ أسمعي بس أنا هفضل قاعدة فى العربية لحد ما الجارحي يجي وتقوليله زى ما فهمتك وأول ما يتحرك هدخل هناك، حقيقي أنا مقهورة منه ولازم أخد حقي بالطريقة دى
شعرت “ليل” بخوف من هذا الحديث وما تنوي فعله هذه الصغير فأستعدت “قُدس” وغادرت الشقة بسيارتها الرياضية وظلت “ليل” على أتفاقها مع “قُدس” تنتظر عودة “الجارحي” وأرسلت “قُدس” رسالة لها من الهاتف الجديد الذي أشترته فى طريقها ووضعت به نفس الشريحة، رأت “ليل” سيارة “الجارحي” ومعه “هادي” لتشعر بالخوف من خطة “قُدس” تلك الفتاة العنيدة والمتمردة لتقرر أن تفسد الخطة لصديقتها وتُحدث والدها يتصرف فى العناد، همت بالخروج من الشقة إلى عمها “هادي” قبل أن يصعد “الجارحي” وقالت بقلق:-
_ خالي
توقف “هادي” مكانه ونظر إلى الفتاة وقالت :-
_ خاله قُدس خرجت
عقد حاجبيه بدهشة من خروج صغيرته وقال بفضول:-
_ خرجت راحت فين؟ وأزاى تخرج من غير ما تأخد أذن حد؟
_ هى المشكلة فى أذن حد ،المشكلة خرجت فين؟ بص هى راحت الملهي الليلي اللى بيروحه عماد
تحدثت بسرعة قبل أن يصعد “الجارحي” ويقتلهما الأثنتين، أتسعت أعين “هادي” على مصراعيها بصدمة من تصرف ابنته وقال بفزع:-
_ قُلتِ أى يا ليل؟!
تمتمت الفتاة بخوف من خالها وغضبه الذي اشتعلت نيران فى عينيه من جملتها غير مُصدقٍ ما وقع على مسمعه فقالت مُكررة الحديث:-
_ ارجوك جارحي لو عرف مش هيفوتها على خير، روح يا خالي هات قُدس من الملهي الليلى اللى بيسهر فيه عماد، أنا عرفت اسمه من ديحة
هم الكبير من مكانه بصدمة ألجمته وقال مُتمتمًا بعدم استيعاب:-
_قُدس بنتي أنا راحت كبارية المنحل دا…..
كادت “ليل” أن تتحدث رغم خوفها لكن استوقفها صوت جهوري أرعب الأثنين يقول:-
_مراتي فين؟!!!
استدارت “ليل” بفزع من “الجارحي”، وقفت خلف خالها بذعر من هذا الرجل الذي سيُقطع رأسها اليوم حتمًا، تحدث” هادي”بنبرة هادئة رغم غضبه هو الأخر وقال:-
_أهدا بس يا جارحي خليني أفهم منها
اقترب خطوة جعلت الموت يسير فى عروق “ليل” التى صرخت قبل أن يصل لها:-
_أنا ماليش دعوة هى موجودة فى السحاب الزرقاء فى مدينتي عايزها روح هاتها أنا ماليش دعوة
ركضت بذعر من أمامه وهربت قبل أن يلتهمها غضبه فكز على اسنانه واستدار لكي يذهب حيث زوجته، أوقفه “هادى” بقلق على صغيرته المتهورة وتصرفت كالبلهاء دون أن تحسب عواقب هذا، قال بلهجة واهنة:-
_ أستن هغير هدومي وأجى معاك
نفض ذراع عمه وقال بحزم:-
_مراتي مش هتستني لو استنيك، قُدس لوثت قدسيتها وطاهرتها فى نظري ولازم تتحمل العواقب
خرج كالمجنون من العمارة وذهب حيث زوجته المُدللة ويتصل بغضب سافر عليها لكنها لا تُجيب على اتصاله
كانت “قُدس” جالسة على البار تتفحص المكان بفستانها الفضي اللامع بدون أكمام وقصير يصل لركبتيها وشعرها المسدول على أكتافها العارية، قدميها صاحبة الكعب العالي لا تصل للارض من قُصرها، كان عامل البار لا يُقدم لها الخمر وينظر لها فى هدوء، رن هاتفها باسم “قاسي القلب” زاد غضبها وهى تتذكر شجار الصباح معه وطلبت من العامل بعناد قائلة:-
_ممكن كأس اى حاجة عندك
قدم لها عصير برتقال فقالت باستياء وهى تكز على أسنانها:-
_أنا مطلبتش عصير
_معنديش حاجة أقدمها لقاصر غير عصير
صرخت بانفعال به وهى تقول بتمرد:-
_مش قاصر، أنا كبيرة ومتجوزة…
القت فى وجهه المال الموجود فى حقيبتها بانفعال ليتأفف بضيق وقدم لها أول كأس الذي كان كفيل بأن يسرق وعيها ويجعلها فى حالة سُكر قوية لتطلب الثاني والثالث فبدأت تهتز بثمالة وقالت بحزن:-
_تعال أقولك سر
أقترب عامل البار منها فقالت وهى تتكأ برأسها الثقيل على ذراعها:-
_أنا مش طفلة، بس هو طول الوقت شايفني طفلة وعيلة صغيرة، قلبي بيوجعني من قسوته وبترعب من عصبيته ، بس لو يشوف قلبي قد اى بيحبه
سقطت رأسها بخمول على البار لتطلب كأس أخر فتحدث العامل وقد فهم أنها تعاني من حُبها ووجع قلبها:-
_طيب كفاية شُرب عليكِ كدة وخليني اتصل بجوزك يجي يأخدك، المكان هنا مش أمان كفاية لجميلة زيك
سحبته من قميصه للبار وقالت بعناد:-
_أصلا جوزى مش مهتم لأمري، قال أنى إذا مُت وإذا اتصلوا قالوله أنى ميتة مش هيجي يشوفني قبل ما يدفنوني، هو قاسي ومتحجر وبارد مش مهتم ليا
تنهد العامل بلطف وابعد يدها عنه ثم سرق هاتفها خلسًا لكن الهاتف توقف عن الرنين، تمتمت بحزن ودموعها بدأت تتساقط بحرارة تحرق قلبها:-
_ هو هيطلقني.. أول ما يشوفني هنا هيطلقني، وأنا حابة أنه يطلقني وأسافر بعيد عنه، الوجع معاه صعب ومش قادرة استحمله.. اللعنة عليك يا جارحي
وصل للمكان وتوقف أمامه برجفة فى قدمه لا يقوى على الدخول لهذا المكان، وهل دخوله هنا سيلوث طاهرته وصلاته، دلف رغمًا عنه فصغيرته البلهاء بالداخل، دلف ليراها تجلس على البار نائمة وتهتز وفى يدها كأس فأغمض عينيه بغضب يكبح ناره بداخله قبل أن يقتلها فى الحال، تنهد وهو يتقدم نحوها فسمعها تقول بصراخ إلى العامل:-
_ دا كأس عذابي… في صحة قلبي المكسور بقسوة الجارحي أبو النور.. أنا بكرهه أوى.. لا نهيهنهي لا بحبه بكل روحي…..لا لا لا بكرهه هو شرير وقاسي وظالم ومستحيل أرجعله هو اتسمي جارحي لأنه جارح قلبي، اكيد جارحي دا عشان جارحي أنا
كادت أن تسقط عن مقعدها الطويل مع اهتزاز جسدها لتسقط بين ذراعيه، رمقته عن قرب فتبسمت بسعادة بعد أن سقطت فى أحضانه وقالت بدلال كالبلهاء:-
_وأخيرًا وصل جوزى القاسي
نظر العامل له وهذا الرجل صاحب البنية الجسدية القوية هو زوج الجميلة، تفحصها “الجارحي” بنظره وهو فى شدة غضبه الآن ورائحة الخمر تفوح منها فقالت بسعادة ويدها تلمس لحيته:-
_ جه جارحي القاسي، حبيبي الوسيم
نزع سترته ليضعها على جسدها فتبسمت بين ذراعيه وهى تلف ذراعيها حول عنقه فقالت بدلال:-
_ ممكن ترحم قلبي الصغير، أرحمني
_أسكتي، حسابك لما نرجع البيت
قالها بحزم ثم أنحنى لكي يحملها على ذراعيه وعاد بها للمنزل فوجد “هادي” يقف أمام العمارة ينتظر بقلق ليراه يترجل من السيارة ثم حمل الصغيرة فحاول أستوقفه بكلمة :-
_ جارحي
_ عن أذنك يا خالي
قالها بحدة وهو يصعد بصغيرته التى تهتز وتشهق من الخمر ، دفعها على الفراش بقوة غاضبًا من تصرفها وحالة الثمالة التى بها وقال بنبرة غاضبة قوية:-
_ حسابك لما تفوقي من القرف دا يا قُدس، وغلاوتك عندى لأدفعك تمن الغلط اللى عملتيه أضعاف
غادر الغرفة مُستشاطًا غضبًا وبركان النار يأكل عقله وضلوعه الصلبة، لم يستوعب فعلتها حتى الآن وحالتها التى وجدها بها، كانت والدته على حق هذه الطفلة لا تناسبه نهائيًا ولا تليق بهيبته ووقاره ومبادئه الحادة، جلس على الأريكة فى الصالة ينفث غضبه فى زفيره القوة وآففته الغليظة ويتواعد لها بجحيم لن تتحمله حين تستيقظ من سُكرها، سمع صوت إنكسار الزهرية الزجاجية لينظر فوجد صغيرته تأتي نحوه بثمالتها وتهتز بقوة محاولة الأتكاء على الحائط والأثاث، تأفف بغضب أكثر بينما يراها تقترب بفستانها الضيق والقصير وذراعيها العاريين ، كادت أن تفلت قدميها وتفقد توازنها فانحنت تخلع حذاءها ذو الكعب العالي لتكمل سيرها نحوه حافية القدمين، أغمض عينيه بخنق لا يصدق أنها خرجت من منزله بهذه الملابس التى تكشف من جسدها أكثر ما تستر، فتح عينيه بفزع حين شعر بها تجلس على قدمه وأتسع جفنيه بقوة من هول الدهشة وعينيه ترمق خضراتيها اللامعة ببراءة ونار عشقها المُلتهب تحتل نظراتها الدافئة، همست إليه ويديها تلمس وجنتيه باشتياق:-
_ حبيبي الوسيم
أبعد يدها عنه بقوة غاضبٍ وأنفاسها مليئة برائحة الخمر، تمتم بضيق أكبر يحاول إخماد ناره حتى تعود لوعيها وتتلقي العقاب المناسب لها:-
_ غورى من خلقتي دلوقت يا قُدس وكلامنا لما تفوقي من القرف دا
لمست لحيته بدلال مُفرط مُعجبة بوسامته التى زادت فى غضبه ولا تعي لشيء مما يحدث حولها سوى أنها الآن فى أحضان حبيبها المغرور، تحدثت برقة وصوت ناعم يذيب الجليد:-
_ جارحي
سارت القشعريرة بجسده حين لفظت اسمه لأول مرة دون ألقاب ولمساتها الدافئة للحيته وقُربها الشديد فشعر بأن هذه الصغيرة تستحوذ عليه وبدأت نيرانه تهدأ وغضبه يتلاشي شيئًا فشيء، أبتلع لعابه بتوتر أكبر عندما أخذت يده بيدها ووضعتها على قلبها الذي أوشك على الأنفجار من سرعة ضرباته وقالت بضعف هائمة بعشقها:-
_ أرحم قلبي، بيوجعني من قسوتك.. أنا قُدس
نظر ليده التى تعانق قلبها وضلوعها ويشعر بجنون دقاته أسفل قبضته ثم رفع نظره بصغيرته التى لم تتوقف للحظة عن الاعتراف بحبها له، صغيرته التى باتت زوجته ولم يستوعب حتى الآن أنها كبرت وأصبحت عروسة جميلة تأسر قلوب الرجال بجمالها الخلاب، صُدم من ضحكاتها العفوية وهى تنهل عليه وتفتح أزرار قميصه فجأة ويديه تحاول منعها بدهشة بينما “قُدس” تعانده بسعادة تغمرها حتى فتحت القميص وأبتسمت بإعجاب لعضلاته وقالت بعفوية براءة:-
_ وووووواااااا كل دى عضلات…. وووواااااا
تشنج جسده بربكة ويديها تمسك عضلات كالبلهاء فابعد يدها عنه بقوة لا يقوى على تحمل حركاتها المُثيرة وهو يصرخ بها قائلًا:-
_ قُدس كفاية متختبريش صبري عليكي أكتر من كدة
ضحكت بعفوية مُدللة لتهزمه مرة أخري بجمال ضحكاتها وقالت:-
_ جوزى عنده عضلات جميلة، تعرف أنك بتضرب حلو
احتدت عينيه بمكر وهو يتواعد لها فى الغد حين تعود لوعيها وقال:-
_ ولما أكلك قلم على اللى عاملة فى حالك بكرة هتعرفي أنا ضربي حلو قد أى
حملها بذراعه عن قدمه ليلقي بيها على الأريكة ووقف أمامها يُهددها قائلًا:-
_ متلوميش ألا حالك يا قُد…..
ابتلع كلماته فجأة ولم يكمل تهديده حين جذبته بقوة من ذراعه المُصاب ليسقط جوارها مُلتصق بها وحاوطت عنقه بذراعيها الصغيرين فصرخ بعناد وهو لا يتحمل صبيانتها الجنونية قائلًا:-
_قُدس كفاية جنون وأعقلى بقي، صبري نفد منك ومن شقاوتك…..
أقتربت تقاطعه بدلال وألتصقت رأسها بجيبنه تقول:-
_ فى جامعتي كل الولاد عاشقين شقاوتي وبيدوبوا بس يشوفوا ضحكتي وغمازتي… معقول أنت حبيبي وكاره شقاوتي، معقول غمازتي وضحكتي مش حاببهم
تبسمت بشدة حتى ظهرت غمازتها لينظر لها عن قُرب وشعر بربكة فى قربها ونار الغيرة تأكل قلبه الآن بعد أن أخبرته بمغازلة الشباب لهاو ومحادثة الصباح مع الشاب تأكل عقله، كانت جميلة جداً مع غمازتها التى كانت بمثابة السحر فى جمالها، لا يعلم متى كبرت فتاته وأصبحت تملك كل هذا الجمال السحري، أنقبض عقله تمامًا أمام دلالها وأرتجف صدره خائفًا من مجاورة الصغيرة وقت أطول فيهزم أمامها، كان يرتجف القلب وصعب ابتلع اللعاب داخل الحلق من شقاوتها البريئة، سألت بحزن وعيني دامعة من فراقه وقساوته عليها:-
_ طب إذا حابب تعاقبني قولى أمتى بتخلص مدة عقابي، أمتى ممكن تضمنى وتحبني، أنا مُستعدة أستناك كتير سنة أتنين لحد ما أتخرج، قولى لحد أمتى؟، أمتى عقابي بيخلص؟؟
ذرفت الدموع من عينيها الحزينتين ليصمت وهو لا يفهم شيء، عن أى عقاب تتحدث وهو لم يعاقبها بعد؟، تتحدث عن العشق وهى لم تبلغ التاسعة عشر حتى الآن؟، أى عشق ومشاعر تعرفه طفلة مثلها وتبكي وجعًا لأجله؟! ، قاطع شروده فى التفكير شفتيها التى تتذوق شفتيه برقة ونعومة تُثير عقله، أتسعت عينيه على مصراعيه من فعلتها لكنه لم يدفعها رغم قدرته على فعل ذلك بجسده القوية أمام بنيتها الضئيلة، تشنج جسده وتجمد فى أرضه وهى تقترب بجسدها نحوه وتحيط عنقه بيدها الصغيرة، فى ليلتهم الأولى لا يتذكر الكثير عنها بسبب تخديره فعانت وحدها من الذكريات والآن يبدو أنها تنتقم منه فلن تتذكر شيء عن جراءتها فور استيقاظها لكنه من سيحمل الذكريات وحده، أبعدها عنه بقوة رافضٍ هذا القرب والمساحة التى أقتحمتها فى حياته، وخائفًا هذا الوحش لأول مرة من قُربها وهى قد أشعلت حرارة الرغبة بها بداخله، قوست شفتيها للأسفل بحزن أكبر ووقفت تتأرجح أمامه من الغضب وتقول بصراخ طفولى:-
_ أنا بكرهك بكرهك لأنك قاسي وبارد… بص ليا كدة أنا مش طفلة
وقفت أمامها بعناد أكبر وقال:-
_ طفلة ولو لبستي أى ومهما تعملى مش هيغير حقيقة إنكِ طفلة يا قُدس
رفعت يدها لتصفعه فمسكها بأحكام وعينيه يتطاير منها الشر وقال بتهديد:-
_ مبقاش ألا العيال ويرفعوا أيدهم على الجارحي أبو النور
_ أنت بارد و…..
كادت أن تسقط ليمسكها بأحكام خوفٍ عليها فأغمضت عينيها بتعب ويبدو أن المنكر الذي شربته غلبها أخيرًا، أنحنى ليحملها بلطف على ذراعه فبدأت تُتمتم بكلام لم يفهمه وهو يسير بها وبداخله نار قد أشتعلتها الصغيرة بتصرفاتها المُثيرة ولمسها لجسده بدلالها، وضعها بالفراش برفق هذه المرة لتتشبث بعنقه وقالت:-
_ بحبك
تتطلع بعينيها الجميلتين وشرد بكلمتها الدافئة فسحبته ببطيء نحوها حتى لمست شفتيه كرزتيها الصغيرتين يتذوقها…..
تسلل من الفراش قبل أن تستيقظ الفتاة وتدرك ما جلبت لنفسها بسبب سُكرها، هرب من الغرفة بعد فعلته مهزومًا لأول مرة فى حياته على يد صغيرته الجميلة……
_______________________
فى أحد المطاعم على النيل كانت تجلس “هدير” مع “مصطفى” ووجهها حزين رغم بسمتها فسأل بقلق:-
_ ممكن أفهم بس أي الى مضايقاك أوى كدة ؟
_ مش مضايقة قد ما أنا قلقانة
قالتها “هدير” بقلق واضح وهى تتناول لقمتها فسأل بفضول وفى يده الشوكة:-
_ برضو أي سبب القلق دا؟
_ قلقانة على قُدس
قالتها بضيق وعبوس فتبسم “مصطفى” بعفوية وقال:-
_ متقلقيش عليها ، قُدس مش هتتخلى عن الجارحي بسهولة وألا مكنتش أتجوزته من الأول
أندهشت “هدير” من كلمته وقالت بسخرية:-
_ سبحان الله أمال لو مكنتش إنت دكتوراها وعارف كويس هى أتجوزته ليه؟ أنا قلقانة ترجعلها الكوابيس والحالة اللى كانت فيها لما تعيش مع الجارحي
_ أنا عشان عارف هى أتجوزته ليه بقولك متقلقيش عليها لانها مش هتسيبه وموضوع جواز شهرين وثلاثة وتطلق ، قُدس مش هتطلق هى بس محتاجة الوقت المناسب وأطمن بس وسيبي الزمن يحكم ما بينهم وأفتكري إنكِ متعرفش غير نص الحقيقة ، سيبي الحقيقة تكمل على مهلها
قالها بجدية وتناول لقمته فسألته بفضول من كلماته الغامضة:-
_ لحظة معلش، هو أي اللى نص الحقيقة، دكتور مصطفى أنت مخبي عليا حاجة
أخذ المنشفة الصغيرة ليمسح فمه بهدوء تحت أنظارها الثاقبة له وقال بحيرة من كلماتها وقلبه لا يقوى على رؤية محبوبته بهذا القلق:-
_ هدير بلاش دكتور دى، لأن بحكم القسم اللى أقسمته مينفعش أقولك حاجة عن أسرار المرضي بتوعي، بس اللى أقدر أقول ليكي أن قُدس لسه بنت
أتسعت عيني “هدير” على مصراعيها بصدمة قاتلة وقالت بتلعثم:-
_ بنت !! أزاى؟ لا مستحيل قُدس أتجوزت الجارحي مخصوص عشان كدة
تنهد “مصطفى” بهدوء ثم قال بجدية:-
_ قُدس قبل ما تنزل مصر طلبت منى تروح تكشف لأن لما حكيت ليا اللى حصل ليلتها رغم أن الجارحي كان متخدر لكن مع صوت بكاءها ورجاءها هو مقدرش يكمل ، وقُدس كشفت وكلام الدكتورة باللفظ أنها متلمستش ، ازاى دي بقى سيبها للزمان والأيام لم تكشف الحقيقة كاملة وتبوح قُدس صاحبة الشأن بيها، فأرجوكِ متخافيش عليها ومتقلقيش قُدس أتجوزت الجارحي وهى عارفة أنه ملمسهاش لكن أستغلت الوضع دا عشان خاطر تكون مع حبيبها ، الأزمة أن الجارحي يوجعها بمعاملته فيتحول الحُب لكره كبير وتقرر تبعد عنه ..
كانت “هدير” فى حالة من الذهول وكل الظروف والمواقف أجمعت على أنه سلبها شرفها، فكيف هذه الصغيرة أمكرت له هذا المكر لتجبره على الزواج بها مُستغلة خوفه من عقاب الأخرة ……..
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية حرب سقطت راءها)