رواية أسرت قلبه الفصل الثاني والأربعون 42 بقلم سولييه نصار
رواية أسرت قلبه الفصل الثاني والأربعون 42 بقلم سولييه نصار
رواية أسرت قلبه البارت الثاني والأربعون
رواية أسرت قلبه الجزء الثاني والأربعون

رواية أسرت قلبه الحلقة الثانية والأربعون
في الجهة الآخرى كان منير يغط بنوم عميق عندما شعر برنين هاتفه …شد الهاتف بتعب وهو يفتح عينيه بصعوبة شديدة ليرى من يتصل به الآن …توسعت عينيه وهو يرى اسم يوسف ….فتح الهاتف ووضعه على اذنه بسرعة وهو يقول :
-يوسف ….
-منير أنا عايز اختفي….
عقد منير حاجبيه والكلمات لا تدخل لعقله وقال:
-نعم بتقول ايه ؟؛
-بقول عايزة اختفي …أنا وعيلتي لحد ما اسافر ….
زفر منير وقال:
-يوسف انت ليه كل شوية تطلعلي بحاجة غريبة …تختفي ليه يا ابني …
-عشان لطيف مش هيسكت الفترة دي كلها …أكيد بيدبر حاجة … لطيف البيت بتاعك اللي في الاسكندرية فاضي صح …
-ايوة فاضي بكرة هديك المفتاح وروح هنا واختفي يا يوسف وربنا يهديك ويصلح الحال…
ابتسم يوسف وقال:
-شكرا يا لطيف …أنا مش عارف اقولك ايه ربنا يخليك ليا …انت مش صاحب بس أنت أخ كمان …..
-خلصت يالا بقا اقفل عايز انام من أول ما صاحبتك وانت جايبلي الرعب ….
ضحك يوسف وقال:
-من عشمي فيك يا صاحبي
هز منير رأسه وأغلق الهاتف مجددا ثم نام ….بينما يوسف تنفس بهدوء وهو يشعر بالراحة قليلا !!
…….
في اليوم التالي ….
كانت ماجدة وهي تجهز ملابسها داخل حقيبة صغيرة مازالت لا تفهم لماذا طلب منها يوسف هذا ….رغم امتحاناتها الا انه اخبرها انهم سيسافران حالياً…وهي لم تعلق او تمانع …فعلت ما اراد دون نقاش …ان كان هذا سيريحه فلا بأس .
لن تناقشه …..انتهت من تحضير كل شئ ثم وضعت الحقيبة جانباً …وجدته يلج للغرفة وهو ينظر إلى الحقائب ….
-خلصتي….
هزت رأسها بالإيجاب وقالت:
-جهزنا كل حاجة …هلبس وألبس الولد ونمشي …
ثم نظرت الى قميصه الأبيض وبنطال الجينز الأزرق الفاتح ثم أكملت :
-أنا شايف أنك لبست….
هز رأسه بالإيجاب وهو ينظر إليها …كان يريد ان يقول شئ ولكنه بدا انه يتراجع وزوجته التي فهمت نظراته قالت بهدوء :
-اتكلم يا يوسف عايز تقول ايه ؟!
-مش عايزة تسألي أي حاجة …مش عندك فضول أنا بعمل كده ليه ؟!
ابتسمت بلطف وهي تربت على وجنته وقالت:
-لا خالص ..معنديش أي فضول…ومش عايزة اسأل تعرف ليه…
-ليه ؟!
قالها بفضول لترد مبتسمة :
-عشان أنا واثقة فيك يا يوسف …عارفة أنك بتعمل اللي تعمله عشان تحمينا….
اقترب منها وقبل رأسها بقوة وقال بعاطفة:
-وهعمل المستحيل عشان أحميكم !…
ثم ابتسم لها وهو يستمد قوته منها …فحبها من يجعله يحارب بتلك القوة ….
…..
أسفل البناية ……
أمسك يوسف الحقائب ثم وضعها في حقيبة سيارته وأدخل ماجدة وابنها للسيارة ثم استقلها وأنطلق بها …لتسير بعد فترة سيارة رانجر روفر سوداء ….
كان لطيف يسير خلفهم وهو يشعر بالدهشة. اين يذهبان!!!كان يشعر بالحيرة الشديدة……
….
كان يقود السيارة وعينيه على انعكاس السيارة الرانجر روفر التي خلفه ….لقد اخبرته من قبل ان هذا النوع ما يقوده لطيف …اذن كان لديه حق …لطيف يراقب خطواتهم …هو ينوي الشر بكل تأكيد …وتلك الحركة توقعها من لطيف …قام بفتح هاتفه وارسل رسالة ثم بدأ بزيادة السرعة …نظرت إليه ماجدة بتوتر وهي تقول :
-يوسف ماشي بسرعة ليه؟!
-اسكتي دلوقتي يا ماجدة !
قالها بإنفعال وهو يشعر بضغط عصبي ….صمتت ماجدة وهي تضم طفلها إليها بينما تشعر بالرعب …يوسف تصرفاته اصبحت غريبة للغاية !
فجأة وصلت ليوسف رسالة وفتح هاتفه ليبتسم بنصر وهو يزيد من سرعته اكثر ….شعر لطيف، وكأن يوسف اكتشف أمره اذن ليكون الموضوع مكشوف …زاد لطيف من سرعته ووجد يوسف ينحرف لطريق شبه فارغ بسرعة رهيبة …كاد ان يذهب خلفه الا انه اوقف السيارة فجأة عندما قطعت السيارة طريقة وهي تسير امامه ببطء ….ضرب البوق الخاص بسيارته بغضب لكي تسير السيارة امامه بسرعة وعندما مرت انطلق هو بسيارته مسرعة وهو يدعو الا يكون يوسف قد هرب …توقف فجأة وهو يرى سيارة يوسف متوقفه على الطريق .بتوجس نزل من سيارته ثم اتجه الى السيارة فتح الباب مسرعاً ليصرخ منير الذي كان جالساً يتناول المثلجات مع فتاة شابة ويقول :
-هو انت من الأداب ولا ايه يا باشا والله العظيم دي تبقى بنت اختي!!!
…………..
في اليوم التالي….
كان جالس على الأرض وهو ينتظر عقابه…لقد هرب يوسف وماجدة وابنه …هربوا بذكاء …عرف الآن انه وقع ضحية للعبة يوسف …هذا الرجل كيف استهان به يوماً…ألم يكن هو من هدده …ألم يمنعه من العودة لماجدة ….ألم يكن هو. من سرب الادلة وفتح أبواب الجحيم عليهم !كيف استهان بعقلية رجل مثله؟!كيف ظن ان بسهولة سوف يتخلص منه …هذا خطأه هو من قلل من شأن يوسف ….
-يعني فشلت في أنك تقتلهم ؟!
قالها خالد وهو ينهض ….عينيه السوداء تبرق بغضب شديد …غضب ادخل الفزع لقلب لطيف….لم يشعر لطيف بهذا الخوف من قبل …كانت دقات قلبه تصم أذنيه ….
-انت عارف ايه هو عقابك صح ؟!
قالها خالد بهدوء وببطء شديد…كان كل حرف يخرج من شفتيه يضرب لطيف بعنف …ورغم ذلك قال لطيف بلهجة مرتجفة:
-أيوة عارف…الموت !…
ابتسم خالد وقال بسخرية :
-ومهربتش ليه يا أذكى اخواتك ؟!
هز كتفيه وقال:
-يعني لو هربت مش هتجبوني ؟!…أنا عارف اني لو روحت آخر بلاد المسلمين هتقدروا تجبوني …فمفيش فايدة…فجيتلكم بنفسي واهو منضيعش وقت كتير بما ان كده كده مصيري معروف ….
-قد أيه أنا معجب بذكاءك يا صديقي ….
تلك الكلمات خرجت بصوت غريب وثقيل وبحروف بطيئة للغاية كأن المتحدث لا يتقن العربية جيدا ….رفع لطيف رأسه ليرى شخص ينزل من درج الفيلا المهجورة الذي هو بها ….يمسك بهر من اللون الأسود لديه عينين رمادية مخيفة …كان هذا الشخص يرتدي قناع لمصاص دماء لا يظهر الا عينيه الرمادية الباردة وشفتيه التي تفتر عن ابتسامة ساخرة …ابتلع لطيف ريقه وهو ينظر لخالد بفزع …فهو ابدا لم يرى هذا الشخص بحياته….
لم يتكلم خالد بل احنى رأسه بإحترام وهو يقول :
-هقتله دلوقتي يا دارك …
-تؤ تؤ يا خالد ….
قالها الآن بلهجة واضحة سليمة فبدا لطيف مضطرباً ..هذا الرجل تكلم من قبل واظهر انه لا يتقن العربية جيدا ولكن الآن مخارجه كانت سليمة تماماً كأنه ابن البلد ….ذهب دارك وجلس على مقعده وهو يقول :
-لطيف صديقنا برضه …فيها ايه لما يغلط …الانسان بيغلط برضه ولا ايه يا لطيف ….
اهتزت حدقتاه برعب …فبدت الهالة لهذا الشخص مُرعبة …بدا كأنه شخص لا يُرحم….ابتلع لطيف ريقه وقال بسرعة بنبرة مرتعبة مهزوزة :
-ايوة أكيد …الانسان بيغلط …ايوة بيغلط
اتسعت ابتسامة دارك وقال :
-وأنا بحب الانسان اللي بيعترف بغلطه يا لطيف …بس هي مش غلطتك لوحدك …غلطة شوية الحمقى اللي أدولك فرصة تاخد عليهم أدلة ….
رمش خالد وهو يشعر بشئ مريب بينما اصاب الرعب لطيف أكثر فأكمل دراك :
-هما أغبيا لانهم وقعوا في فخك…بس أنت اغبى منهم تعرف ليه…
صمت لطيف وهو ينازع ليتنفس….رباه يشعر بالخطر يحدق به …كان يتضرع ان يقتله هذا الرجل برحمة على الأقل ….
-قولي يا لطيف ليه؟!
ارتجف لطيف بشكل مبالغ فيه وقال :
-ليه ؟!
اشتعل الرماد بعينيه ونهض وهو يقترب منه بسرعة البرق بينما أخرج سلاحه وأمسكه من شعره ورفع رأسه نحو وهو يهدر به؛
-عشان هما على الأقل اللي وقعهم راجل زيهم
..أنما انت اللي وقعك ست …مرا!!كائن أقل منك في كل حاجة منهم الذكاء …ازاي كنت بالغباء ده مع كائن ترتيب تاني… !!
ارتجف بقوة وهو يرى الغضب بعينيه …غضب كبير ….
-اديني فرصة تانية وهقتلها….
-هي المشكلة تقتلها ولا لا !!!المشكلة أنك حطيت صباعك تحت ضرسها …بإيديك سلمتها حكم اعدامك …بإيدك انت !!!
ثم ابتعد بغتة وسحب يده ثم وضع السلاح على كفه واطلق النار عليه ….
صرخ لطيف بقوة وهو يسقط ارضاً بينما يده تنزف بغزازة ..تجمعت الدموع بعينيه وسقطت حتى اغرقت وجهه ….وقف دارك أمامه وقال:
-متزعلش مني …أنا بس بشد ودن الناس اللي بحبهم عشان يتربوا ويبطلوا غباء…وأنا بجد بحبك يا لطيف اووي عشان كده أنا لحد دلوقتي مقتلتكش ….
ثم انحنى وجذبه من كفه المصابة ليصرخ بألم فقال دارك موبخاً:
-يا راجل متبقاش خرع أومال ……
ثم اوقفه على قدمه واخذ يجذبه خلفه وقام بدفعه نحو المقعد الخاص به حتى سقط عليه …
-تؤ تؤ …ده مكان دارك ….
قالها ساخراً ثم جذب لطيف بقسوة وأجلسه أرضاً بجوار المقعد وجلس هو على المقعد وهو يضع ساق على ساق…
نظر لهرته الجالسة بتهذيب على الأرض وقال:
-كاتيا تعالي هنا …
هبت الهرة ثم اسرعت نحوه لتجلس على قدميه….ملس دارك عليها بلطف وقال:
-اهي دي الأنثى الوحيدة اللي أسمحلها تقرب مني….اتعلم مني يا لطيف …
قالها دارك مبتسماً ثم أكمل وهو يضرب على كتف لطيف الذي يأن جانبه وقد خلع سترته ليوقف نزيف يده وقال:
-انا هفرجك على عرض هايل اووي يا لطيف …عرض يوضحلك قد ايه انا بحبك ….
صفق بيده ليقع ستار أخضر كبير عن حوض زجاجي عملاق يصل للدور الثاني توسعت عيني كلا خالد ولطيف بشدة وهما يشاهدان أفعى كبيرة عملاقة خضراء تظهر بالحوض….نظر خالد الى دارك بصدمة وقد فغر فاه …ابتسم دارك وهو يشد لطيف نحوه ويقول :
-الاناكوندا الخضراء….حيواني الأليف المفضل ….أنا اللي ربيته وصنعت ليه الحوض دخل مخصوص ….
ابتلع لطيف ريقه وهو يفكر ان هذا الرجل مجنون للغاية ….اغمض عينيه وقد عاوده الألم بقوة ولكن فجأة شهق بقوة وقد نسى الألم ونسى كل شئ وهو ينظر الى ما يوجد في الحوض الزجاجي ….أليس هذا هو ….رئيسه الذي يعمل لديه ….ذلك الرجل الذي صوره ….ظن أنه رئيس العصابة ولكنه لا يبدو انه هو …اهتز خالد بعنف وهو يرى رئيسه الأول في حوض الافعى …ابتلع ريقه بصعوبة وهو ينظر الى دارك الذي تألقت عينيه وإنتشاء غريبين ….
-بدأت المعركة…
قالها وهو يملس بقوة على هرته ويقول:
6شوفي يا كاتيا ده هيعجبك أووي …
صرخ لطيف برعب وهو يجد الرجل يصرخ وهو يضرب على الزجاج بقوة بينما جسده مغرق بدماء مجهولة المصدر …ثم رأى الافعى تقترب ببطء ثم اخذت تلتف حوله بقوة حتى سمعوا بوضوح انكسار عظامه ….
ثم بدأت الافعى بإبتلاعه حرفياً..
اغمض لطيف عينيه…لقد رأى ناس تُقتل ببشاعة ..وشارك هو أيضا في هذا …ولكن بشاعة كهذة لم يراها من قبل ….
بعد لحظات بدت طويلة نهض دارك وهو يصفق وقال بمرح ؛
-برافو ماتيلدا …برافو ..عرضك كان حلو اووي ….
ثم جلس بجوار لطيف ارضا وهمس :
-ده هيبقى جزاء أي حد يرتكب غلط يأذينا يا لطيف …عشان حبيتك هديك فرصة تاني…أسبوع واحد تجيب رأس طليقتك وابنك وجوز طليقتك والا انت هتكون الوجبة التانية لماتيلدا !
كلامي واضح يا لطيف ولا …
هز لطيف رأسه وقال بصوت مخنوق :
-حاضر …حاضر …
-شاطر اووي …شكلي هحبك زي خالد …
ثهض وهو يمسك هرته ويقول :
-داوي جرحه يا خالد …وأهتم بيه أووي ….
ثم صعد الدرج ….
–
……….
بعد أسبوع….
لم تكن يوماً شخصية باردة أو متجاهلة …لقد اعتادت على سماع الإهانات بهدوء وكانت تصمت تتحمل …والأمر ليس لضعفها ولكن من كانوا يهينوها أما أشخاص هي لا تهتم بهم لذلك الرد عليهم سيكون بلا معنى أو أشخاص تحبهم بشدة لا يمكنها أن تغضبهم …وهما دلال ونوران ….ولكن مع هذا الشخص الذي من المفترض أن يكون زوجها هي أصبحت باردة كالجليد متجاهلة له بشكل اثار ضيقه وغضبه …..أسبوع كامل وقد انقلب الأمر عليه …فهي من كانت منذ اسبوع تحاول التحدث معه أصبحت الآن لا تكلمه الا نادرا رغم محاولاته الخفية …..ترى نظراته جيدا وهو يفحصها بشكل وقح ولكي تزيد من حنقه أصبحت كل ملابسها واسعة للغاية …تخلت عن الفساتين وارتدت تلك السراويل الواسعة والبلوزات أيضا ……بالإضافة إلى تجاهلها المقيت له …هي حتى لا تنظر إليه …تتعامل معه كأنه غير مرئي …تفعل ما أتت لأجله بالضبط …تهتم بأملاك كأنها ابنتها وفي الليل تشاركه الغرفة دون أن تتكلم معه ….
…….
في تلك الليلة كانت قد قرأت لأملاك القصة وساعدتها على النوم …قبلتها بهدوء وهي تنسحب من الغرفة ….كانت قد صلت وقرأت وردها اذن الآن كل ما تفعله هو الاستحمام ثم الخلود للنوم مباشرة دون الاحتكاك مع عاصي وهذا كان مُريح للغاية …فصدى كلماته الجارحة لم يترك عقلها بعد ….
اتجهت إلى الغرفة وهي تفرك عنقها بتعب ..فتحت الباب لتتنهد براحة وهي ترى أن زوجها لم يأتي بعد …
-الحمدلله …
همست بها ….وهي تتجه للخزانة وتخرج ملابسها المعتاة…بنطال واسع من القماش باللون الأزرق ..وبلوزة واسعة أيضاً بيضاء بأكمام واسعة …ثم اتجهت إلى الحمام …أخذت وقتها تلك المرة في الحمام ..وقفت تحت صنبور المياه الباردة وهي تغمض عينيها تصفي ذهنها من أي شئ ….كانت لا تريد التفكير بأي شئ يخص عاصي …لا سخريته الباردة ….ولا كلامه الجارح ولا عينيه الزرقاء الرائعة….سوف تنسى كل هذا وتركز على أملاك…فقط أملاك …
….
بعد وقت ليس بقليل …
خرجت من الحمام بعد أن جففت نفسها وارتدت ملابسها ولكنها فجأة شهقت وهي تراه يجلس على الفراش …يرتدي قميصه الازرق التي يبرز عضلات جسده بينما سترته ملقية بإهمال على الفراش …فترت شفتيه عن ابتسامة ساخرة وقال
-ايه شوفتي عفريت ؟!
تنهدت وهي لا ترد عليه واتجهت لطاولة الزينة وهي تمشط شعرها …نهض وهو يقترب منها لتبتلع ريقها بتوتر وهي تشعر بتسارع دقات قلبهها التي قد صمت أذنها !
وقف خلفها مباشرة وعينيه تمر عليها بنظرة غريبة …عابثة …رغم جدية ملامحه ….لم تتحمل أكثر واستدارت وهي تقول بهجوم….:
-أنت …انت بتبص على ايه ؟!
رفع حاجبيه بدهشة مصطنعة وقال:
-هبص على ايه …على الشوال اللي أنتِ لابساه ؟!بعدين أنا عايز اتكلم معاكِ في موضوع ……
نظرت إليه بنفاذ صبر وهي تنتظر ما يريد قوله ليكمل هو ببراءة :
-هو أنتِ ليه بتتجاهليني؟!
رمشت عدة مرات بصدمة…ثم ارجعت رأسها وهي تشعر أنه مجنون….ألم تكن تلك هي رغبته ….تنفست عدة مرات وهي تحاول السيطرة على نفسها وقالت من بين أسنانها :
-مجنونة بقا تعمل ايه …ربنا يصبرك على ما بلاك …
ثم كادت أن تذهب الا أنه امسك ذراعها هو يجذبها نحوه حتى أوقفه على مسافة قريبة منه …ابتلعت ريقها وهي تنظر إليه…كانت ملامحه باردة الآن …باردة للغاية باردة كأول يوم رأته فيه ….ابتلعت ريقها وهي تشعر أنه سوف يقول شئ لن يعجبها ….وقد كان !!
-انا عايز أتمم جوازنا!!
قالها فجأة بصراحة ليست غريبة عليه ..فهو رجل لا يعرف أن يجمل كلامه …هو يقول ما يريده هكذا دون ترتيب …
ابتلعت رحيق ريقها وقد وصلتها معني كلماته كانت تشعر بالسخونة تجتاج جسدها خاصة مع اقترابه بهذا الشكل حيث أنه يقف أمامها يكاد رأسها يلامس صدره…رفعت عينيها بإرتباك لتجد نظراته جامدة كعادته …خالية من المشاعر ….
-مش فاهمة !
قالتها بإرتباك ليبتسم ساخرا ويقول:
-يعني كلامي مش واضح يا مدام معقول ….طي
ب نقولها بطريقة تاني انا عايز حقوقي الشرعية ….كده فهمتِ…
تحركت عن نطاقه وهي تشعر أنها سوف تفقد الوعي من الصدمة ….كان اللون الأحمر ينتشر على وجهها بشكل محبب وقالت:
-بس …بس انت قولت اني هبقى دادة لأملاك بس …قولت انك مش معتبرني مراتك..
هز كتفيه بلا مبالاة وقال:
-عادي غيرت رأيي …
-طيب…طيب ممكن تديني فرصة افكر …هرد عليك بعد اسبوع …
نظر على ساعته وقال:
-انا هروح اعمل التمارين المعتادة بتاعي ودي تقريبا بتاخد ساعتين…هاجي بعد ساعتين واخد قرارك …أما الموضوع يتم برضاكي أو….غصب عنك …
تراجعت بصدمة ليبتسم لها ببراءة وقال :
-ممكن تجهزي نفسك في الساعتين دوول عشان مناخدش وقت كتير ….
ثم تركها وذهب …جلست بصدمة على الفراش وهي تحرك كفيها يميناً ويساراً لكي تبرد وجهها الذي أصبح ساخن فجأة….
….
في غرفة الرياضة….
كان قد اتجه إلى خزانته وأخرج منها ملابسه الرياضية …هو في مزاج رائق اليوم ليمارس الرياضة فهو بعد وقت طويل سوف ينال حقوقه اليوم …لقد انهكته بتجاهلها له….صحيح أنه هو من رغب في هذا ولكنها أخذت الموضوع على محمل شخصي …لقد عاملته كأنه ليس موجود …ولكن كل هذا سوف يتغير اليوم….
…..
كانت ما زالت جالسة على الفراش …تقرض أظافرها برعب ….ماذا قال؟!هل حقاً يريد أن يتمم زواجه منها …تسارعت دقات قلبها وهي تهز رأسها بعنف ….رباه هى لا يمكنها فعل هذا اليوم …سوف تموت من الخجل لو لمسها …يجب أن تهرب …ولكن إلى اين …وجدتها …سوف تبقى بجوار أملاك …لن تتحرك من جانبها مهما فعل ….
ثم نهضت وخرجت من غرفتها ….نزلت الدرج واتجهت لغرفة أملاك وتسطحت بجوارها وهي تغمض عينيها وتدعو الله أن تمر تلك الليلة على خير …….
…….
بعد ساعتين ….
قد انتهى بالفعل من تمارينه …اتجه للحمام بغرفة الرياضة وتحمم به ثم ربط شعره الطويل برباط اسود وارتدي بنطال كالعادة وترك الجزء العلوي عاري ….
ثم اتجه لغرفته …فتحها وهو يتوقع زوجته بها ولكنه عبس وهو يجد أن الغرفة فارغة …ابتسم بخبث وهو يعرف اين هي…
…..
بعد قليل …
تخشب جسدها وهي تشعر بباب غرفة أملاك يُفتح ….بلعت ريقها بصعوبة شديدة وهي تتمسك بأملاك كأنها تحتمي بها من والدها ….فجأة كتمت شهقتها وهي تشعر بنفسها تُرفع من على الفراش ….توسعت عينيها بهلع في الظلام وهي ترى نفسها قريبة منه …من جذعه العاري …همست برعب وقالت:
-عاصي …سيبني لو سمحت …خلاص نزلني هاجي معاك
-في كل مرة تروحي تشغلي عقلك وتنامي عند أملاك هشيلك بالطريقة دي واخليكِ فُرجة للخدم اللي في البيت …..
ثم بالفعل خرج بها من الغرفة ….شهقت فجأة نهلة وهي ترى عاصي عاري الجذع بينما يحمل رحيق التي تضع كفيها على وجهها من الإحراج …..لم يهتم عاصي بنهلة وهو يصعد لغرفتهما….كسا الحزن عيني نهلة وهي تقول بإختناق ؛
-شكله بيحبها….
…….
في الغرفة ….
وضعها برفق على الفراش لتفتح عينيها وهي تنظر إليه بفزع وقد أشرف عليه ….يديه مثبتتان على الفراش يحاصرها بينما هي تنظر إليه بعجز ….لم تعد نظراته باردة بعد الآن …كانت مشتعلة وهو ينظر إليها ….
-عاصي ابعد لو سمحت ….
-تعرفي ايه عقاب الست اللي تحرم جوزها من حقوقه الشرعية من غير سبب قهري يا رحيق ….
ابتلعت ريقها وقلبها يدوي بعنف وقالت :
-أنت …انت اللي قولت جوازنا هيكون بالشكل ده مش أنا وبعدين زي ما حرام عليا امنعك من حقوقك …حرام عليك انت كمان تمنعني من حقوقي …
كلماتها الأخيرة خرجت بتهور ثم عضت لسانها وهي تلعن غبائها …ابتسم هو بخبث وقال:
-ما هو انا بصلح غلطي اهو أنتِ اللي مانعاني …
-أنا مكنتش اقصد اقول كده …
قالتها بخجل وهي تتحاشي النظر إلى عينيه ليبتسم قائلاً بفكاهة :
-بس أنا بتكلم جد جداً…أنا عايز حقوقي …..هتمنعيني عنها يا رحيق ؟؛
أغمضت عينيها وهي تهز رأسها وتقول بصوت مختنق :
-لا يا عاصي …اتفضل أنا قدامك اعمل اللي عايزه…
توسعت ابتسامته وهو يقترب منها بينما هي تنتفض بعنف وما زالت مغمضة عينيها ….فجأة شعرت به يبتعد ويتسطح على الفراش ثم يجذبها بقوة حتى ضمها إليه …شعرت بالفزع…وهي تنتظر حركته الثانية إلا أنه قال:
-اهدي مش هعمل حاجة النهاردة ….بس أنتِ مش في مأمن مني ….
ابتلعت ريقها وجزء منها يشعر بالراحة …ولكنها ما زالت تشعر بالإحراج الشديد لانه يعانقها بهذا الشكل ….
كانت تنتفض قليلا لتتجه شفتيه إلى رأسها ويقبله وهو يقول ؛
-اهدي مش هعمل حاجة النهاردة ….
حاولت أن تهدأ من نفسها ولكنها تجمدت تماما عندما قال:
-رحيق أنا آسف على تعاملي معاك الايام اللي فاتت بس فيه حاجات مبحبش حد يسأل عنها …ومنهم موضوع أملاك …اتمنى انك تحترمي ده ….
.-حاضر …
قالتها بهمس ثم أغلقت عينيها وهي تحاول النوم ….
………..
في اليوم التالي …مساءاً .
لقد عادت إلى حياته ولكنه يشعر أنها لم تعد بعد …لم تعد ماريانا التي يعرفها …تلك المرأة التي كانت تعشقه بشده ….أصبحت أمراة أخرى تماماً…باردة تماماً…يبحث بضراوة عن الحب بعينيها فلا يجده …فيختنق وهو يبحث ولكن لا أمل….ان كل ما يخيفه الآن هو أن تكون توقفت عن حبه ….هذا الأمر يرعبه ….
وقف وهو يجدها تجلس على الأريكة تعبث بهاتفها….هذا ما تفعله طوال اليوم تجلس وتعبث بهاتفها احيانا تقرأ روايات إلكترونية وأحيانا تُتابع أحد افلامها المفضلة صحيح انها من تعد الطعام وترتب المنزل ولكن غير ذلك لا تفعل …لا تستقبله عندما يأتي ولا تلمع عينيها من أجله وهذا يقهره حقاً….
اقترب منها بهدوء وهو يقول :
-ماريانا ….
رفعت عينيها إليه ….عينيها باردة كالعادة بشكل أغاظه ولكن سوف يتحمل ….أن كان هذا عقابه سوف يتحمل..
رمشت وهي تنظر إليه وقالت بنبرة جوفاء :
-الاكل هتلاقيه متغطي هتلاقيه قاعد على رخامة المطبخ …متقلقش سخن أنا لسه واكلة…لو سمحت حط الهدوم اللي عايزة تتغسل في الغسيل أنا مش هدور وراك ….
ثم أولت أهتمامها لهاتفها….ليعض شفتيه بغيظ وهو يسحب الهاتف منها …
-أنت بتعمل ايه ؟!
قالتها ببلادة…دون غضب فقط تنظر إليه وكأنه فقد عقله ….لم يمهلها فرصة وهو يسحبها ليجعلها تقف على قدميها ثم يجذبها إليه ليعانقها بقوة !!
كانت متخشبة بين يديه …لم تقاوم …لم تستلم له أن تبادله عاطفته فقط ظلت ساكنة تنتظر ببرود أن ينتهى من احتضانه لها…
بعد قليل ابتعد عنها وهو مصدوم …لا يصدق أن احتضانه لها لم يؤثر بها …..بدت وكأنها لا تملك أي اهتمام له ….أخذ يبحث بضراوة عن أي رد فعل منها فلم يجد….وكأن تلك ليست ماريانا المرأة العاطفية التي أحبها ….
-ماريانا ….
قالها مصدوما لترد ببساطة :
-نعم …
رمش وهو عاجز عن قول ما يريد …أغمض عينيه وهو يجمع كلماته وقال برجاء :
-قولي انك بتحبيني ….عشان خاطري قوليها ….
نظرت إليه بجمود…وكأن توسله لم يؤثر بها وقالت:
-جورج بلاش شغل عيال ….
ثم أخذت الهاتف منه وجلست مجددا على الأريكة ….
اقترب منها بلهفة وهو يجثو على ركبتيه ….يمسك كفها وهو يقول بلهفة :
-ماريانا خلينا نبدأ من جديد …قولي انك بتحبيني …وصدقيني انا عمري ما هزعلك تاني …
-جورج لو سمحت كفاية …
قالتها بإنفعال وهي تبعد كفها عنه …نظر إليه بحزن كطفل خذلته والدته …تأففت أمام عينيه وقالت بتعب :
-جورج انا رجعت وده اللي قدرت اعمله لو سمحت متضغطش عليا لأما والله اروح لماما تاني …
-بتهدديني يا ماريانا ؟!
قالها بصدمة لتهز رأسها وتقول :
-لا يا جورج ده مش تهديد …ده اللي هيحصل فعلا …لو سمحت ابعد عني ….
نهض بتعب وهو ينظر إليها ….كان الجرح ظاهر بعينيه ولكنها لم تهتم وهي تتصفح هاتفها …هو يحلم لو يظن أنها سوف تعود كما كانت شئ بها قد قُتل ولن يعود والقاتل جورج …هو من قتل حبها له …فلما يتذمر الآن؟!
…………………
في شركة الحسيني ….
كان يجلس على مكتبه ينهي عمله سريعاً كي يعود …لقد أشتاق لها …لقد أخبرته في الصباح أنه قد أعدت له مفاجأة ومنذ خمس دقائق أرسلت له رسالة لكي يأتي مسرعاً….
…….
في فيلا الحسيني ….
في غرفة مياس وسيف …
كانت تقف أمام المرأة وهي تبتسم بسعادة …كانت قد ارتدت فستان زفاف لطيف كان عاري الذراعين يضيق من الخصر ثم يتسع لأسفل مع زركشة رائعة …رفعت شعرها لأعلى بتسريحة رائعة ثم ثبتت طرحة الفستان بشعرها …اليوم قررت أن تبدأ معه من جديد …قررت أن تخبره أنها تحبه …هي تقبلت نفسها …لن تحاول إجراء اي جراحة …يكفي أنه يحبها ….هذا هو عوض الله لها ….حبيبها سيف هو دواء لكل جرح داخلها
…..
كان قد أنهى عمله واستقل سيارته مُسرعا وهو ينطلق بها …قلبه يخفق بإثارة هو يشك أن مفاجأتها له هي اعترافها بحبها له …هذا الاعتراف الذي انتظره طويلا ……وقف بالطريق فجأة وهو يخرج عندما رأى بائعة ورود في الطريق أخذ منها باقة حمراء رائعة واستقل سيارته مجدداً…..كان يسير في الطريق مبتسماً…عندما رأي شخص يشير له كي يتوقف ….رمش وهو يتعرف عليه وتوقف بالفعل وهو يترجل من سيارته وفتح فمه لكي يتكلم ولكن فجأة هذا الشخص أخرج سكين كبير ثم طعنه بقوة في بطنه ….توسعت عيني سيف بصدمة ليطعنه مرة أخرى ثم يدفعه حتى سقط أرضاً وهرب عندما شعر بأن أحد ما رأه …
-أنت…انت بتعمل ايه ؟!..استنى….
قالها رجل وهو يخرج من سيارته …هرب الغريب بسرعة…بينما الرجل اقترب من سيف الجاحظ عينيه بقوة يرفع كفه وهو ينظر إلى طوق زواجه ويهمس والدموع تنساب من عينيه :
-مياس ….
………..
ربما تلك هي نهاية عذابه …خوفه ….فها هو يقف أمام المطار مع اسرته يستعد للسفر …طائرته سوف تقلع عما قريب …هو فقط ينتظر منير كي يودعه …لن ينسى أبدا كيف وقف منير بجواره…
استل هاتفه من جيبه وهو يتصل بمنير ….
عبس وهو ينتظر لكي يرد صديقه ولكن منير لك يرد ….
ظهر التوتر على ملامحه فنظرت إليه ماجدة وقالت والقلق يغزو نبرتها :
-فيه ايه يا يوسف؟!
-منير مبيردش عليا …
-أن شاء الله خير جرب تاني كده …
هز يوسف رأسه وهو يعيد الإتصال مجددا ثم تنهد براحة والهاتف يُفتح ليقول ؛
-منير فينك يا راجل …
-منير معايا يا يوسف …
قالها لطيف بنبرة شامتة ثم أكمل :
-يا ترى هتنقذ صاحبك عمرك ولا هتسافر مع مراتك وتسيبني اقتله !!!..لو مهتم اووي بحياة منير هتيجي انت وماجدة وابني المكان اللي هبعتلك اللوكيشن بتاعه….
…
اغلق لطيف الهاتف وابتسم وهو ينظر لمنير الواقع على الأرض غارق بدماؤه !!!
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أسرت قلبه)