رواية جعفر البلطجي 3 الفصل الثاني والسبعون 72 بقلم بيسو وليد
رواية جعفر البلطجي 3 الفصل الثاني والسبعون 72 بقلم بيسو وليد
رواية جعفر البلطجي 3 البارت الثاني والسبعون
رواية جعفر البلطجي 3 الجزء الثاني والسبعون
رواية جعفر البلطجي 3 الحلقة الثانية والسبعون
يا مَن سَكنتَ ضلوعي قبلَ أن أُخلَقَا،
وسقيتَ قلبي نورَ حبٍ ما افترقَا،
مذ قالَ لي سرُّ الهوى: هو ربُّنا،
فتركتُ كلَّ العالمينَ وما اشتاقَا،
يا مَن إذا ناديتُهُ سَكَبَ الندى،
في مهجتي، فاستبشرتْ أوراقَا،
قلبي الأندلسيُّ فيك معلّقٌ،
يروي الحنينَ إذا تدلّى الساقَا.
_____________________________
تجارُب الحياة ليست سهلة على المرء تخطيها، وحقائق البشر ونواياهم المخبوءة تكون أحيانًا مؤ’لمة حين إنكشافها، الطيبة أيضًا في بعض الأحايين تكون مؤ’لمة لصاحبها، فتجلب لهُ الأ’لم وعدم الراحة، وبرغم ذلك تظل فطـ.ـرة الإنسان هي المتحكـ.ـم الأول والأخير بهِ، فلا يملُك سِوى أن ينجر’ف خلفها ويترك نفسُه لأمو’اجها..
<“سعى للوصول إلى ما يوّده.”>
أشرقت شمسُ يومٍ جديد، وها هو ينال لُذة الوصول،
صعد “معتز” الد’رج بهدوءٍ وصولًا إلى الطابق الثالث، يقف مكانه يبحث عن فصله الجديد وهو يلهـ.ـث، ممسكًا بحقيبته التي يحملها على ظهره وهو يشعُر بالخو’ف مِن تلك المرحلة الجديدة المقبل عليها، في هذه اللحظة صعد “رمـزي” بعد أن أعتذر زميله عن تدريسهم اليوم وجعله يأخذ مكانه، توقّف فجأةً حينما رأى “معتز” يقف وحيدًا والخو’ف يحتضن عيناه الخضـ.ـراء وكأنه يخشى الولوج وحده إلى داخل فصله..
أقترب مِنْهُ “رمـزي” واضعًا كفه فوق كتفه الصغير تزامنًا مع قوله الهادئ متسائلًا:
_إيه اللي موقفك كدا يا “معتـز” لوحدك؟.
أرتبك الصغير كثيرًا حينما رفع رأسه ونظر إليه فقدومه فجأةً كان مفاجأةً بالنسبةِ إليه، جاوبه “معتـز” بنبرةٍ هادئة بقوله:
_بصراحة أنا خا’يف أدخل جوّه.
تعجب “رمـزي” مِن إجابته ولذلك سأله مِن جديد بنبرةٍ أكثر هدوءًا:
_ليه يا حبيبي إيه اللي مخو’فك؟.
جاوبه “معتـز” بنبرةٍ هادئة يظهر فيها خوفه قائلًا:
_هيقعدوا يضا’يقوني جوّه وير’خموا عليّا ومش هيرضوا يقعدوني زي ما كانوا بيعملوا معايا فالفصل القديم بتاعي.
أبتسم لهُ “رمـزي” بسمةٌ حنونة وجاوبه بنبرةٍ هادئة قائلًا:
_أولًا محدش فيهم هيقدر يضا’يقك أو حتى يقولك كلمة تزعّلك، أول سبب أنا قائد الفصل دا، تاني سبب هما كُلّهم عيال مُحترمين ومش بيضا’يقوا حد مِنهم، زي ما في الو’حش في الحلو مينفعش نحكـ.ـم على حد غير لمَ نتعامل معاه الأول، أتفقنا؟.
نظر لهُ “معتـز” بعد أن فكّر قليلًا في حديثه ثمّ وافق على قوله قائلًا:
_أتفقنا يا مستر “رمـزي”.
مدّ “رمـزي” كفه إليه دون أن يتحدث فقط منحهُ بسمةٌ هادئة، نظر إليه “معتـز” ثمّ أبتسم وقام بإمساك كفه وإتجه معهُ نحو فصله الجديد الذي سيبدأ فيه تجربُةٌ أخرى جديدة، ولج معهُ داخل الفصل ليشمله بنظرة سريعة يرى الجميع يتحدثون مع بعضهم ويضحكون، وقف بجانب “رمـزي” الذي توقف مكانه ينظر إلى الجميع دون أن يتحدث..
بلحظة رأى الجميع يعودون إلى أماكنهم ملتزمين الصمت في حضوره إحترامًا إليه، لحظات مِن الصمت القا’تل أستشعر فيها “معتـز” هيبة “رمـزي” الذي حتى الآن لم يتحدث بحرفٍ واحد، لحظات أخرى مِن الصمت المُهيـ.ـب الذي أثا’ر حفيظة “معتـز” الذي سَمِعَ أخيرًا “رمـزي” يُلقـ.ـي تحيَّة السَّلام على طُلابه بقوله الهادئ:
_السَّلام عليكُم ورحمة الله وبركاته.
ردوا عليه جميعًا في صوتٍ واحدٍ بعد أن وقفوا جميعًا أحترامًا لهُ:
_وعليكُم السَّلام ورحمة الله وبركاته.
نظر إليهم “رمـزي” بشمولية ثمّ تحدث بنبرةٍ هادئة وقال:
_أحب أعرَّفكم على زميلكم اللي إنضم لفصلنا، “معتـز وحيـد”، عايزكم تعتبروه أخوكم زي ما كُلّكم إخوات هنا، محدش يضا’يقه ولا حتى تفكروا تضا’يقوا بعض إنتم إخوات ولازم نحب بعض، أتفقنا؟.
وافقوا جميعًا على حديثه بوجوهٍ تعلوها بسمةٌ صافية، نظر “رمـزي” إلى الصف الأول أمامه وأشار إلى الطفل الجالس على الطرف الأيسر وقال بنبرةٍ هادئة:
_خُد “معتـز” جنبك يا “تميم” ممكن.
وافق “تميم” دون أن يُفكر مرتين، نهض وأشار إلى “معتـز” مبتسم الوجه ليجلس في المنتصف بينه وبين زميله “مروان”، بالفعل جلس “معتـز” مبتسم الوجه وترك حقيبته على الأرض أسفل مقعده بعد أن أخرج أغراضه ونظر بعدها إلى “رمـزي” الذي تحدث بنبرةٍ هادئة بقوله:
_بسم الله الرحمـٰن الرحيم، نبدأ مع بعض النهاردة بدرس جديد فالنحو، هناخد المفعول به.
نظر إلى “معتـز” وسأله بنبرةٍ هادئة قائلًا:
_خدت المفعول به يا “معتـز” مع مستر “غريب” ولا لسّه؟.
هزّ “معتـز” رأسه نافيًا، نظر إليهم “رمـزي” مِن جديد وقال بنبرةٍ هادئة:
_تمام طبعًا مستر “تيّام” أعتذر لظروف خاصة ومش هيديكم النهاردة فأنا خدت مكانه وهشتغل الحصة بتاعتي بعدها عادي، ناخد دلوقتي المفعول به وأول ما الحصة الأولى تخلص هديكم ٥ دقايق راحة وبعدين هنرجع نكمل بالنص بتاع إمبارح، إتفقنا؟.
وافقوا بحما’سٍ على حديثه، بينما أبتسم هو وبدأ شرح الدرس الجديد بنبرةٍ هادئة ولطيفة:
_تمام، درس النهاردة عن المفعول به، عشان نعرف أكتر عن المفعول به ونعرف نطلّعه مِن الجملة، هنقول تعريف بسيط قبل ما ندخل فأساس الموضوع، المفعول به هو أسم يدُل على مَن و’قع عليه فعل الفاعل، ويكون دايمًا منصو’ب، عشان نعرف أكتر معنى التعريف دا..
قام بفتح قلمه ووقف أمام السَّبورة البيـ.ـضاء وبدأ يخطو عليها بخطه المُميَّز وهو يُكمل حديثه قائلًا:
_عندنا قاعدة أساسية فالمفعول به، بنسأل عنُه بمَن أو ماذا بعد الفعل، يعني كمثال، كتبَ الطالبُ الرسالةَ، أول حاجة نسأل نفسنا سؤال، هو الطالب دا كتب إيه؟ الرسالة هنا بقى الرسالة تتعرب مفعول به منصو’ب وهنقف هنا شوية.
ألتفت إليهم مِن جديد ينظر لهم جميعًا ثمّ أكمل حديثه بقوله:
_عندنا علامات إعراب المفعول به ٣، أول حاجة الفتحة، إذا كان مفرد، زي أكلَ الولدُ التفاحةَ، هنا التفاحة هتكون منصو’بة بالفتحة، عندنا بالياء إذا كان مثنى أو جمع مُذكر سالم، زي كافأ المعلمُ الطالبينِ، الطالبينِ هتكون هنا منصو’بة بالياء، آخر علامة وهي الكسـ.ـرة إذا كان جمع مؤنث سالم، زي قابل الطبيبُ المريضاتِ، المريضاتِ هتكون هنا منصو’بة بالكسـ.ـرة، لأن قابل فعل والطبيب فاعل، المريضات هنا مفعول به لأنهم و’قع عليهم فعل الفاعل، تحبوا تاخدوا شوية أمثلة ونشوف فهمتوا مِن خلالها ولا لأ؟.
وافقوا جميعهم على أقتراحه ليكتُب هو ثلاث عباراتٍ على السَّبورة، كتبهم “معتـز” خلفه ثمّ نظر إليه وسأله بنبرةٍ هادئة بقوله:
_مستر “رمـزي” ممكن أسأل سؤال؟.
نظر إليه “رمـزي” وسمح لهُ بالسؤال ليقول “معتـز” بنبرةٍ هادئة:
_هو أنا هخرّج المفعول به بس ولا أعرب الجُملة كُلّها؟.
جاوبه “رمـزي” بنبرةٍ هادئة بقوله:
_لأ أنا عايز المفعول به بس يا “معتـز”.
بدأ “معتـز” بإخراجه مِن الثلاثة جُمّل، بينما نظر إليهم “رمـزي” بشمولية ثمّ أخرج هاتفه مِن جيب بنطاله بعد أن شَعَر باهتز’ازه ليرى المتصل “يوسـف” رفيقه، جاوبه بنبرةٍ هادئة بقوله:
_عايز إيه يا مفعول به.
عقد “يوسـف” حاجبيه بتعجبٍ وقال بنبرةٍ مستنكرة:
_مفعول به أزاي يعني، إيش حال لو مكُنتش أنا الفاعل بقى.
قهقه “رمـزي” بخفةٍ ثمّ جاوبه بنبرةٍ هادئة قائلًا:
_لا الدروس اللي بجبـ.ـركم تسمعوها يا حبيبي جابت نتيجة معاكم، يا عالم همـ.ـج.
جاءه جواب “يوسـف” المتو’عد فورًا بقوله:
_طب لو را’جل أرجع، وهبقى أنا الفاعل واللي هعملُه فيك الفعل وأنتَ هتبقى المفعول به إن شاء الله.
ضحك “رمـزي” ولم يجد هذه المرة شيئًا يُنصـ.ـفه أمام هذا الما’كر ولذلك أعلن أستسلا’مه إليه بقوله اليا’ئس:
_خلاص يا عمّ دي بتاعتك المرة دي، قولي بقى كُنت متصل ليه.
جاوبه “يوسـف” تلك المرة بنبرةٍ بها طابع الغـ.ـرور كالمعتادة بقوله:
_لا أبدًا، كُنت بطمن مش أكتر.
أبتسم “رمـزي” بعد أن أستطاع سماع تلك النبرة المـ.ـخفية، تلك النبرة التي تحمل خو’فًا خفيًا لا تُسمع سِوى مِنْهُ، فبعد آخر مشا’جرة نُشِـ.ـبَت بينهم وبين “فتـوح” والتي إنتهت لصالحهم بإلقا’ءه طر’يح أرضه لا يقدر على الحركة، جاوبه بنبرةٍ هادئة مطمئنًا إياه قائلًا:
_متخا’فش عليّا أنا كويس وزي الفُل، وصلت بالسلامة وشغّال دلوقتي مكان زميل ليّا.
إطمئن قلبه وهدأت رو’حه وأختـ.ـفى قـ.ـلقه حينما أستمع إلى ما يُريد سماعه، جاوبه بنبرةٍ هادئة وقال:
_طب لمَ تخلّص كلمني وعرّفني إنك راجع، أنا مش مدي الأما’ن للز’فت دا ولو بواحد فالمية، يروح يتهبـ.ـل بقى زي ما عمل معاك قبل كدا فدي بصراحة أنا هدخل فيه السجـ.ـن بإعد’ام وش مفيهاش كلام صدقني، أنا خلاص جبت أخري مِنُه ولو سـ.ـيبت نفسي عليه بجد يمين بالله هيكون ميـ.ـت تحت إيدي.
أخرج “رمـزي” تنهيدة عميقة ثمّ جاوبه بنبرةٍ هادئة بعد أن تركهم وخرج حتى يستطيع أن يتحدث بحُـ.ـرية أكثر بقوله الجاد:
_لا يا “يوسـف”، هو مش هيقدر يعملها تاني، ولو عملها إيه يعني أنا كدا كدا متعود فمش جديدة عليّا، مكانش هو الأول يعني سبق وسبقه كتير، أنا مش عايزك تتهوّ’ر تاني لا أنتَ ولا الطو’ر اللي معاك مش هتعدي كُلّ مرَّة يا “يوسـف” أنا فالآخر خا’يف عليكم لو لقدر الله أتمـ.ـسكتوا وهو واكل عـ.ـلقة مو’ت هـ.ـتثبت عليكم وش وهتمتـ.ـصوا الحُكـ.ـم مِن أول جلسة، أعـ.ـقل ومش أي حاجة ناخد العنـ.ـف طريق هو د’ماغه زبا’له زيُّه وبيحاول على قد ما يقدر يعصـ.ـبكم عشان يحُط الغـ.ـلط عليكم وبالذات أنتَ لأن عد’اوته هو وأخوه معاك أنتَ مش مع غيرك ومش بقولك برضوا الكلمتين دول عشان حاجة إحنا كدا كدا معاك حتى لو عالمو’ت، بس نحاول نعقـ.ـل اللي بيحصل حوالينا ونتغـ.ـدى إحنا بيه قبل ما يتعشـ.ـى هو بينا.
أخرج تنهيدة عميقة ثمّ أضاف على حديثه السابق:
_أنا هكلمك أول ما أخلّص مش عايزك تقلـ.ـق، المهم متتهو’روش أنتم.
وافق “يوسـف” على حديثه وكأنه مر’غمًا على ذلك، بينما أنهى “رمـزي” المكالمة ثمّ عاد إلى طُلابه مِن جديد وهو يعلم أن رفاقه مِن الممكن أن يتهو’رون في أيا لحظة فهم لا يعلمون ما تكون الطيبة إن تجمعت الضباع مِن حولهم.
___________________________
<“الخا’ئن لا يُجلب للحبيب سِوى الأ’لم.”>
سُـ.ـحقًا على الحبيب حينما يُقرر أن يخو’ن المُحب، بعض آلا’م البشر يُمكن مُداو’اتها، ولكن آلا’م المُحبّ لا يُمكن مُداو’اتها وإن مرّت عليها قرونًا..
في إحدى الشقق – سكنًا راقيًا،
كان “زايـد” يجلس فوق الأريكة يُتابع التلفاز وسيجارته بيَده، ليست بشقته، ومَن معهُ تلك المرة ليست بزوجته، خرجت فتاةً في منتصف العشرينات، تبدو ما’كرةً؛ ليست بسهلة ويصعُـ.ـب خد’اعها، مثله تمامًا لا تقل عنهُ شيئًا، جاورته في جلسته ونظرت إليه قليلًا، غر’ضها كان واضحًا أمام أعينها وها هي الآن تسعـ.ـى لأجله، أخذت نفسًا عميقًا ثمّ أخرجته بهدوءٍ وقالت بنبرةٍ متسائلة:
_مراتك طبعًا متعرفش إنك هنا؟.
أخذ “زايـد” نفسًا عميقًا مِن سيجارته ثمّ زفر الد’خان الأبيـ.ـض بهدوءٍ شـ.ـديد وقال:
_لا متعرفش حاجة، بفهمها إني فشغل ضـ.ـروري لمَ أجيلك وبياخد وقت كتير عُقبال ما يخلص عشان متفضلش تصد’عني كُلّ شوية بمكالماتها الكتير وأنا مش نا’قصها أساسًا، اللي مصبرني على كُلّ دا الفلوس اللي معاها.
نظرت إليه نظرةٍ ذات معنى يشوبها الشـ.ـك ثمّ سألته قائلة:
_وأنتَ بتسحب مِنها أزاي مِن غير ما تشـ.ـك فيك؟.
بسمةٌ خفيفة رُسمت فوق شفتيه، ثمّ نظر إليها للحظات وجاوبها بنبرةٍ لا تخـ.ـلو مِن مكـ.ـره:
_”عليا” بتثق فيّا ثقة عمـ.ـياء، وعشان أكسب ثقتها دي تعـ.ـبت كتير، وبمناسبة الفلوس اللي بسحبها مِنها دي فدي حاجة بسيطة، أوقات كتير بفهمها إن الشغل مش أحسن حاجة معايا والدُنيا مخـ.ـبطة والفلوس معايا مش كتير، أينعم بنزِّ’ل دمعتين عشان تصدقني بس مش مشـ.ـكلة، فالآخر بتصدق وبصـ.ـعب عليها فبتديني مِن غير ما تفكر، ولمَ بتدي … بتدي بالألوفات، ودا بيسهل عليّا بصراحة غير الحساب المشترك اللي بينا فالبنك، “عليا” مِن حُبّها فيّا لو إتقالها أي حاجة عني مستحيل تصدقها.
أبتسمت هي وقالت بنبرةٍ هادئة:
_للدرجة دي واثق مِنها أوي.
هزّ رأسه برفقٍ وجاوبها بنبرةٍ هادئة بقوله:
_أوي، أنا عارفها كويس، صـ.ـعب تصدق أي حاجة عليّا حتى لو اللي قالها أخوها، أنا أ’منت نفسي كويس فمرتاح.
أعتدلت في جلستها ونظرت إليه نظرةٍ ذات معنى وقالت:
_طب هنعمل إيه دلوقتي معاها، أنا مستغربة بقالنا ٤ شهور وهي محستش بحاجة، مش آن الأوان بقى نبدأ فالجد.
نظر لها بتمعنٍ وقال بنبرةٍ هادئة يملؤها مكـ.ـرًا وشـ.ـرًا يظهر لأول مرَّة:
_عندي خطة عشان أخلـ.ـص مِنها خالص، أو على الأقل أخلـ.ـص مِن واحد فيهم، أنا خدت مِنها اللي أنا كُنت عايزُه، خدت مِنها مبلغ عُمر ما حد كان يحلم بيه على مرّ السنين اللي فاتت دي، أنا كُنت عارف إنها مِن عيلة ليها وضعها فالسوق بس مثلت إني معرفش أي حاجة وإن ولا حاجة تكفيني غير وجودها جنبي، بس خلاص أنا مبقتش عايز أكمل معاها أكتر مِن كدا، ز’هقت مِنها ومِن حُبّها ليّا، ولا عايز أي حاجة تر’بطني بيها نهائي وعشان كدا … أنا قررت أجهـ.ـضها مِن غير ما حد يعرف إن أنا اللي أجهـ.ـضتها.
أصبحت نظرته قا’سية، إخـ.ـتفت لمعة الحُبّ مِن عيناه بلمح البصر وإن كان حُبًّا أصبح آخرٍ لا أحد يعلمه سِواه، كُر’هه لها بات واضحًا كأشعة الشمس على معالم وجهه، يكر’هها مِن أعما’ق قلبه؛ ولكن حُبّه للمال كوَّن غشا’شةً على عيناه، لم يُحبها يومًا؛ وفي المقابل أعطته هي مِن الحُبِّ ما يكفي لسنواتٍ طويلة، لم تبخـ.ـل عليه يومًا إن كان بالحُبّ أو الراحة أو المال، أعطت كُلّ شيءٍ وفي المقابل سيكون الرد هو الأ’لم..
نظرت إليه تلك الحر’باء الملتو’ية وقالت بنبرةٍ هادئة تنشـ.ـر سُـ.ـمها في أو’ردته:
_ويا ترى هتعملها أزاي دي.
نظر إليها ثمّ أبتسم بزاوية فمه بسمةٌ تهـ.ـكمية ثمّ نظر أمامه وقال بنبرةٍ هادئة تملؤها شـ.ـرًا مخبوءًا:
_متقلقـ.ـيش، أنا عارف هعمل إيه كويس، كُلّ حاجة جاهزة نا’قص بس التنفيـ.ـذ، ودا أمرُه سهل أوي.
لا تأمن لمكـ.ـر الرجا’ل وإن كان كالملاك، تلك هي العبارة التي ستفهمها قريبًا، فالشـ.ـر لا ينتصـ.ـر في كُلّ الأحوال، وإن إنتصـ.ـر فستكون للحكاية بقيَّة حتى ينتصـ.ـر الخير في الأخير، وإن كان الدفع مؤ’لمًا للأنتصا’ر، فستكون تضحـ.ـيتها كبيرة؛ وآ’لمها أكبر مِمَّ كانت تظن.
_____________________________
<“والقلب إذا أحب … تشـ.ـتت.”>
في منزل العائلة الكبير،
كان يجلس فوق المقعد في الحديقة وحيدًا، يُتابع صفحتها منذ ما يُقارب الأربعة أشهُر، لا يعلم ما الذي فعلته بهِ حتى تلك اللحظة، ولكن ما يعلمُه أنَّهُ سـ.ـقط في شبا’كها دون أيا ترتيباتٍ مُسبقة، وبلحظة ترك هاتفه كأنه حشـ.ـرة سا’مة فوق سطح الطاولة وأعتدل في جلسته، وضع كفيه فوق وجهه ومسح عدة مراتٍ عليه ونظر مِن جديد لهُ..
قلبه يخـ.ـفق بجـ.ـنون داخل صد’ره، أنفاسه مسلو’بة وكأنه يركض في سباقٍ طويل لا آخر لهُ، وسحـ.ـرًا لا يُرى يسـ.ـحبه إليها وإن كان يقاو’مه، مرّ “جـاد” بالقرب مِنْهُ ليلمحه هو بطرف عينه، يراه يتجه نحو المنزل وتركيزه منصبًا فوق هاتفه، تردد قليلًا ولكن إن لم يروي ما يحدث إليه سيُصا’ب بالجـ.ـنون، وبلحظة ألتفت بجسـ.ـده نحوه بحركةٍ عـ.ـنيفة بعض الشيء وكأنه يقا’وم نفسُه ومِن ثمّ ناداه بنبرةٍ عالية..
توقف “جـاد” وألتفت ينظر لهُ ثمّ أقترب مِنْهُ بعد أن أشار إليه بالأقتراب، لحظات وجلس أمامه بهدوءٍ وسأله قائلًا:
_في إيه يا “محمود” محتاج حاجة؟.
أعتدل “محمود” في جلسته وابتـ.ـلع غُصَّـ.ـته بحذ’رٍ وهو لا يعلم كيف سيُخبره بشيءٍ كهذا، بينما أنتظر “جـاد” سماعه بعد أن رأى حالته المتو’ترة وتردده فيما يُريد قوله، ولكن بذكاءه وسرعة بديهته عَلِمَ ما يحدث مع ابن عمّه ولذلك نظر إليه نظرةٍ ذات معنى وسأله بنبرةٍ هادئة مترقبًا ردّه:
_الموضوع في واحدة يا “محمود” مش كدا؟.
لم يتفاجئ؛ بل صُد’م حينما أستمع إلى سؤاله ونظر إليه مجحظ العينين قليلًا بعد أن تم كـ.ـشفه دون أن يتفوّه بحرفٍ أمامه، بينما أرتسمت بسمةٌ خفيفة على ثغر “جـاد” الذي تأكد مِن شـ.ـكوكه بعد أن رأى ردّة فعل ابن عمّه، انحنى بنصف جسـ.ـده إلى الأمام وهو ينظر لهُ بمكـ.ـرٍ تزامنًا مع همسه إليه:
_أنا مش عـ.ـبيط عشان معرفش اللي مخليك تا’يه كدا يا “محمود”، أنا كُنت شا’كك إن في واحدة عامله فيك كدا، بس إتأكدت لمَ شوفت رد فعلك دلوقتي.
جـ.ـف حـ.ـلق “محمود” وكأنه تم الإمساك بهِ بالجُر’م المشهو’د، أصبح التو’تر رفيقًا لهُ في هذه اللحظة وما كان يُريد قوله تبخّـ.ـر في لمح البصر مِن رأسه، لا يعلم ماذا يقول ولذلك ألتزم الصمت أمامه تاركًا الكرة في ملعب المنا’فس يُحركها كيفما يشاء، بينما أبتسم “جـاد” وقال بنبرةٍ هادئة:
_عارف إنك إتفاجئت وبتسأل نفسك دلوقتي أنا عرفت أزاي، بصراحة وعشان مطولش عليك أنا شـ.ـكيت، بقالك فترة مش على بعضك وبتمسك الموبايل أكتر مِن الأول، حتى إنك بتقعد تفكر كتير مع نفسك وأنا بشوفك بس مع الوقت الوضع بدأ يزيد ودا مش سرحان عادي، أنا كُنت مكانك برضوا يومًا ما وعارف كويس أوي سبب كُلّ حركة بتعملها، والمرة دي أنا شايفك ميّا’ل ليها أوي عكس المرة الأولى ودا بيدُل على إن عـ.ـقلك مش مبطّل تفكير فيها.
كُشـ.ـفت الخطة وتبعثـ.ـرث الوريقات وأصبح المخبو’ء مكشو’فًا أمام الجميع، ابتـ.ـلع “محمود” غُصَّـ.ـته ولم يعُد هناك سبيلًا للهر’وب بعد الآن، قرر أن يواجه إن كان هدفه الوصول لها، نظر إليه قليلًا دون أن يتحدث أحدهما وكأنه يُهيئ نفسُه للحديث، وبلحظة بدأ حديثه دون يُمهد لهُ الأمر بقوله:
_بصراحة آه، في واحدة بقالها ٤ شهور معـ.ـششة فد’ماغي ومش قادر أنساها، ومع الوقت ولحد دلوقتي أنا و’قعت رسمي، مبقتش قادر أنساها وبقيت عايز أي حاجة تجمع بينا، المرة دي يا “جـاد” أنا اللي حابب وأنا الطرف الأكثر حما’سًا، بس مش عارف أخد خطوة ولا عارف المفروض أعمل إيه، وخا’يف تضـ.ـيع مِني وألاقي الدُنيا إسوّ’دت فوشي تاني.
_مين اللي وا’كلة د’ماغك بالطريقة دي يا “محمود”؟.
با’غته بسؤالٍ ظن أنَّهُ لن يسأله إياه، سؤالٍ لم يكُن مستعدًا لهُ ولكن لا شيء يأتي فُرادة، أخذ نفسًا عميقًا ثمّ زفره وجاوبه بنبرةٍ هادئة بقوله:
_واحدة صاحبة خطيبة أخويا، شوفتها صدفة فالخطوبة وحسيت ساعتها بحاجة لمَ عيني جَت فعنيها، ومِن ساعتها وأنا مش كويس ومش مركّز، مش عارف المفروض أعمل إيه يا “جـاد”.
نظر إليه “جـاد” بعد أن وجد الحل الأنسب لحالته تلك والذي بالتأكيد سيكون مُرضيًا للجميع، نظر في عيناه وقال بنبرةٍ جادة:
_الحل الوحيد إنك تكلّم عمّي “عماد” وتقوله، أقعد معاه وصارحه وهو يتصرّف ويعرف يوصل لأهلها وتروح تتقدملها وتقعد معاها وتشوفها وتتكلموا، حسيت إنك مرتاحلها وعايزها يبقى إتكل على الله، دا أنسب حل ليك يا “محمود”، وممكن هي كمان تكون حاسّة بحاجة مِن ناحيتك، فتيجي مِنك أنتَ أحسن وأهو ترتاح مِن التفكير الزايد دا.
نظر لهُ “محمود” وأفصح عن شعوره المسيطـ.ـر عليه حينما قال بنبرةٍ يظهر فيها خو’فه:
_خا’يف أتر’فض يا “جـاد”، خا’يف قلبي يتكسـ.ـر تاني، هي أملي الوحيد دلوقتي.
أبتسم لهُ “جـاد” وطمئنه بقوله الهادئ:
_متخا’فش، ربنا هيعوضك المرة دي وهيجبُر بخاطرك، إتكل أنتَ بس على الله وكُلّ حاجة هتتحل ولو هي نصيبك هتبقى معاك، خُد أنتَ بس الخطوة ومتخا’فش وسيب كُلّ حاجة تجيب بعضها.
فكّر “محمود” في حديثه بشكلٍ أكثر تعمقًا وجديَّة هذه المرة، فإن ظل في دائرة الخو’ف هذه طويلًا فلن يُحدث تقدُمًا، ولذلك يجب عليه أن يأخذ قرارًا حاسـ.ـمًا وسريعًا قبل أن يفو’ت الأوان وتضيـ.ـع “خديجة” مِن بين يَديه، فهي الوحيدة الآن التي استطاعت تحريك مشاعرًا كانت مد’فونة منذ زمنٍ طويل، واليوم هو لن يقبل أن تُصبح سر’ابًا يخـ.ـتفي مِن حياته مهما كان الثمن.
_____________________________
<“تلك المرة كان دواءه هو دا’ءه.”>
في الظهيرة – داخل غرفة العيادة،
كان “حليم” متسطحًا فوق المقعد الأسو’د الطويل، ينظر إلى سـ.ـقف الغرفة منذ قرابة الخمسُ دقائق، وبالقرب مِنْهُ يجلس “مارتن” ينتظر سماعه هذه المرة، دون أن يتدخّل هو؛ أو يفر’ض عليه شيئًا لا يقبله، وعن “حليم” فكان شارد الذهن، برغم صر’اعاته مع نفسُه مازال يُحاول أن يُقا’وم، وبلحظة ليست محسوبة بدأ “حليم” حديثه الغير مُرتب بنبرةٍ تُظهر تشـ.ـتته الداخلي:
_كُلّ يوم بيعدي عليّا بحس إني كسبان حر’ب جديدة، يوم واحد حا’ربت فيه حاجات كتير أوي، مستسـ.ـلمش، أحاول أنسى هو يبقى إيه بالنسبة لي، أخد الشغل دا تحدي ليّا عشان أحسّ إني لسّه قادر أقاو’م رغم اللي حصلي، وجودها جنبي فالفترة دي مهوِّ’ن عليّا كتير وبيديني د’افع أكبر إني أكمِّل، بس لحد دلوقتي منسيتش هو عمل فيّا إيه وازاي قدر يغيّر حياتي فلحظة، مش قادر أنسى ولا أتخطى اللي عملُه معايا وكُلّ ما أفتكر أكر’هه أكتر مِن الأول، بس فآخر اليوم بو’اجه حاجات أنا مكُنتش عامل حساب ليها، بسمع أصوات حواليّا محدش غيري بيسمعها، كأن في ٢ ماسـ.ـكين بعض وكُلّ واحد بيز’عق فالتاني وعايز يفر’ض سيطـ.ـرته..
نظر لهُ “مارتن” وسأله بنبرةٍ هادئة قائلًا:
_بتحسّ فلحظة إنك عد’واني وبتفقـ.ـد أعصا’بك فجأة، يعني تكون عادي وبتضحك وفجأة تحسّ إنك مش طا’يق حد وعايز تفرّغ غضـ.ـبك وسـ.ـلبيتك على أي حد حتى لو كان مِن أقرب الناس ليك؟.
هزّ “حليم” رأسه برفقٍ مؤكدًا على حديثه مضيفًا عليه بكلماته:
_أنا مش بس بحسّ بكدا، بحسّ كمان إني عايز أمسك أي حد وأضـ.ـربه، مبقدرش أسيـ.ـطّر على نفسي وبفقـ.ـد أعصا’بي فلحظة، ولمَ بعمل كدا أنا مبكونش د’ريان بنفسي، بسيب كُلّ حاجة وبمشي بعيد، مش ضعـ.ـف أو خو’ف، بس مش مستعد أأذ’ي حد وأبقى أنا السبب، لو مش بخا’ف على نفسي بخا’ف على اللي حواليا.
دوَّن “مارتن” ملحوظة جديدة في دفتره، ثمّ نظر لهُ مجددًا وقال بنبرةٍ هادئة:
_هل البنـ.ـت اللي دخلت حياتك فجأة دي، شايفها مصدر أما’ن ليك، يعني زي ما بنقول كدا الشخص دا كأنه مِني، بيسمع ويطمن ويواسي ويد’افع، شايفها إيه فحياتك خصوصًا إنها ظهرت فتوقيت صـ.ـعب فحياتك وأنتَ بتصا’رع نفسك قبل ما تصا’رع اللي حواليك.
أخذ “حليم” نفسًا عميقًا ثمّ زفره وعادت صورتها تظهر مجددًا أمام عيناه، وحدها مَن أستطاعت أن تآ’سر هذا القلب النا’زف، وأن تُد’اوي جرو’حًا لم تكُن سببًا فيها، وأن تُعيده مِن جديد إلى الحياة قبل أن يسـ.ـقط في بؤ’رةٍ عميقة لن يستطيع أن ينجـ.ـو مِنها، لمعت عيناه بوميض الحُبّ وقال بنبرةٍ هادئة:
_جَت فلحظة كانت صـ.ـعبة عليّا أوي، كُنت عامل فيها زي الطو’ر الها’يج اللي بيطيـ.ـح فالكُلّ، بس أنا معرفش أزاي هديت قصادها، هي معملتش حاجة غير إنها كانت واقفة قدام واحد بيحاول يعيـ.ـش، قدامها بحسّ إني أستحق أعيـ.ـش زي أي بني آدم غيري، أحب وأتحب، أحسّ بحاجات أتحر’مت مِنها زمان، هي نقطة تحوُّل كبيرة فحياتي.
_ولو أختـ.ـفت فجأة زي ما ظهرت فجأة هتعمل إيه؟.
سوالٌ لم يكُن في الحُسبان بالنسبةِ إلى “حليم” الذي تجمَّـ.ـد جسـ.ـده لحظة حينما تلقى سؤالًا لم يكُن يُفكر بهِ مِن الأساس، حُبِـ.ـسَت أنفاسه للحظات وخـ.ـفق قلبه بعـ.ـنفٍ بلحظة وكأنه ير’فض تقبُل هذا الأمر مهما كان السبب، لم يُفكّر فقد جاوبه بإند’فاعٍ وكأنه ير’فض حدوث ذلك بأي شكلٍ مِن الأشكال:
_مستحيـ.ـل، مش هتمشي، أنا مصدقت لقيتها وهي اللي مشجعاني ومدياني أمل فالحياة دي لحد دلوقتي، مش هقدر أبعد عنها ولا حتى أفكّر فسؤال زي دا، أنا عايش عشان هي مدياني فرصة لحد دلوقتي، ومش هتمشي لأنها شبهي، فيها مِني، أنا لقيت نفسي فيها ومستعد أعمل أي حاجة عشان خاطر هي تفضل معايا العُمر كُلّه ومتسيبنيش، أنا مِن غيرها ولا حاجة.
أبتسم “مارتن” بسمةٌ خفيفة بعد أن أستمع إلى حديثه عنها ورأى تعلُـ.ـقه بها، فتلك هي النقطة التي كان يُريد الوصول إليها والتي ستساعده كثيرًا في مرحلة العلا’ج، نظر لهُ وقال بنبرةٍ هادئة:
_”حليم” أينعم دي الجلسة التالتة ليك، بس أنا تقريبًا عرفت عنك كُلّ حاجة وعرفت نقاط قوتك مِن ضعـ.ـفك، بُص إحنا المرة دي هنركز على حاجة تانية، زي ما بنقول أستراحة مُحا’رب الجلسة دي، أنا شايف حُبّك ليها وشايف واحد بيعا’فر عشان ياخد حاجة أتحر’م مِنها قبل كدا، حق بسيط إتسر’ق مِنُه ودلوقتي بيسـ.ـعى عشان ياخده، طالما هي بالنسبة ليك أملك الوحيد وسعادتك اللي جاية فإتمسك بيها ومتسيبهاش يا “حليم”، اللي جاي مش سهل ولازم تهيئ نفسك وتكون عارف إن وارد وأنتَ فأسعد لحظات حياتك سواء مع أخوك أو والدتك أو معاها والدك يظهر فجأة فترجع أنتَ لنقطة الصفر..
أعتدل “مارتن” في جلسته وأكمل حديثه وهو ينظر في عينان “حليم” الذي ترقّب قوله بخو’فٍ ظهر فجأةً على معالم وجهه:
_لازم تكون عارف إن هو لاز’م هيظهرلك فحياتك كتير وتكون أنتَ وقتها مستعد تقف قصاده وتد’افع عن حقوقك وتقاوم سمو’مه بنفسك، أنتَ الطرف التاني فالحر’ب دي يا “حليم” وعشان تنتصـ.ـر فيها لازم تحا’رب عد’وك، وعلى فكرة أنتَ مش لوحدك، جيـ.ـشك هو عيلتك والناس اللي بتحبهم، متخليش والدك يسيطـ.ـر عليك تاني مهما كان التـ.ـمن، لازم متضـ.ـعفش لإنك لو ضعـ.ـفت يا “حليم” هتاخد الضر’بة اللي هتو’قعك، ولو و’قعت هتقوم، بس فلحظة هتيجي ضر’بة أنتَ مش عامل حسابها تو’قعك ومتقومكش، فعشان كدا لازم تكون واخد بالك وعامل حسابك على أي لحظة غد’ر.
شرد “حليم” في حديثه الذي كان بمثابة إنذ’ارًا تحذ’يريًا لهُ، هو خسـ.ـر الحر’ب مِن قبل وسمح لهُ بالسيطـ.ـرة عليه، تلك المرة ستكون مختلفة، ولذلك كان قراره مختلفًا تلك المرة، فسيو’اجه مَن يعتر’ض طريقه ولن يعلم عن الرحمةِ شيءٌ، فمَن لم يرحمه وقت ضعـ.ـفه لن يرحمه هو، وسيكون العقا’ب و’خيمًا بلا شـ.ـك.
____________________________
<“د’س السُـ.ـم في العسل لم يكُن صـ.ـعبًا عليه.”>
في منتصف اليوم،
فتح باب الشقة بهدوءٍ شـ.ـديد وولج كاللـ.ـص الذي أقدم على السر’قة، أغلق الباب خلفه ودار في أرجاء الشقة سريعًا يبحث عنها بعيناه ولكن لا إثر لها في المكان، أخرج هاتفه ليرى رسالةٌ مِنها تُخبره مِن خلالها أنها ذهبت للسوق وستعود بعد نصف ساعة، تركه فوق سطح الطاولة وبدأ بتنفيـ.ـذ خطته الشـ.ـريرة التي لم تستغرق مِنْهُ كثيرًا مِن الوقت..
كانت البداية مِن دواءها الذي بدّله منذ أسبوعًا فقط بآخر يُساعد المرأة على الإجها’ض، بجانب نظامها الغذائي الذي كان يتلا’عب بهِ كما يشاء دون أن يجعلها تشعُر بشيءٍ، مرورًا مع الوقت بإيذ’ائها بحو’ادث بسيطة كما حدث معها مِن قبل في تواجد أخيها “يوسـف”، اليوم سيُكمل طريقه ويقتـ.ـل إبنته بيداه قبل أن يقتـ.ـلها هي، بدء الأمر بوضع مسا’مير صغيرة للغاية لا تُرى في مقدمة الغرفة، كانت حا’دة بشـ.ـدة؛ وهذا أعطى لهُ أملًا فيما يسـ.ـعى لأجله..
بعدها خرج مِن الغرفة وقام بسـ.ـكب الزيت في منتصف غرفة المعيشة في مكانٍ لا تستطيع هي رؤيته ويعلم أنها ستذهب لهُ، في الأخير أنهى مخـ.ـططه بدفع مبلغًا نقديًا لفتاةٍ مِن الشارع حتى تقوم هي بد’فعها على الد’رج حتى يضمن نجاح مخـ.ـططه كما يريد، وبعد أن أنهى مُهـ.ـمته غادر الشقة وصعد إلى الأعلى مقررًا إنتظارها حتى تعود ويراها وهي تسـ.ـقط على الد’رج..
وبعد مرور نصف ساعة سَمِعَ صوت أقدامًا خفيفة على الد’رج تقترب مِنْهُ، أقترب مِن در’ابزين السُـ.ـلَّم وأخرج رأسه قليلًا ليراها قد عادت وهي تحمل حقائب بلا’ستيكية وتصعد بصعو’بة، وقفت “عليا” أمام باب شقتها وفتحته بهدوءٍ وهي تُحاول أخذ أنفاسها المسلو’بة شاعرةً بثقـ.ـلًا غير عاديًا في جسـ.ـدها..
أغلقت الباب خلفها ونز’عت حذائها بجانبه وهي تطوف سريعًا بعيناها في المكان تبحث عنهُ، إتجهت إلى المطبخ وتركت الحقائب فوق الرخا’مية ووقفت واضعةً يَدها فوق بطنها المنتفـ.ـخة بعد أن أر’هقها صعود السُـ.ـلَّم، قامت بسـ.ـكب القليل مِن الماء البارد في الكوب ومِن ثمّ أرتشفت القليل وتذكّرت أمر دواءها الذي نسيته اليوم..
أخذت كوب الماء وإتجهت إلى غرفتها وهي تُنادي على زوجها ظنًا مِنها أنَّهُ في المنزل وينتظرها:
_”زايـد”، “زايـد” حبيبي أنا وصلت أنتَ فين ..!!.
بحثت عنهُ في أنحاء الشقة ولكن لا إثر لهُ مِمَّ جعلها تتعجب وتتسائل عن مكانه إن لم يكُن ينتظرها في الشقة، أخرجت هاتفها مِن حقيبتها وعبثت بهِ قليلًا لتنغض جبينها قليلًا بعد أن رأته قد رأى رسالتها ولم يرد عليها، تمتمت متعجبةً وهي تضع الهاتف على أُذنها قائلة:
_غريبة يعني شاف المسدج ومردش عليّا المرة دي.
رنين، رنين، وهي تنتظر سماع صوته، بينما كان هو مازال يجلس في مكانه وحينما رآها تُهاتفه شحـ.ـب وجهه قليلًا وتعرّق جبينه وجـ.ـف حلـ.ـقُه بعد أن رأى أسمها يُنير شاشة هاتفه، ابتـ.ـلع غُصَّـ.ـته بتحفـ.ـزٍ وحاول تمالُك نفسُه حتى لا يتم كشـ.ـفه ثمّ صعد للأعلى حتى لا يتم كشـ.ـفه، لحظات وأجابها بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه بقوله:
_أيوه يا حبيبتي طمنيني عاملة إيه دلوقتي.
جاوبته “عليا” التي جلست فوق المقعد بهدوءٍ وقالت:
_أنا بخير يا حبيبي، طمني عليك كُلّ حاجة كويسة عندك يعني الشغل ماشي تمام.
غمرت الراحة قلبه بعد أن سمعها تتحدث بنبرةٍ هادئة كما أعتاد ولذلك جاوبها قائلًا:
_أنا بخير الحمدلله، الشغل تمام بس كالعادة زايد حبتين.
أبتسمت هي وجاوبته بنبرةٍ حنونة كأنها تواسيه وتخفف عنهُ ثقـ.ـل الأيام قائلة:
_معلش يا حبيبي أنا عارفة إنك بتتعـ.ـب جامد فالشغل، ربنا معاك، أنا كُنت عايزة أسألك … أنتَ شوفت المسدج بتاعتي ومردتش عليّا أو قولت أي حاجة.
تصنّع الدهشة حتى لا تشـ.ـك بهِ وقال بعد أن أمسك أنفه مِن الأعلى وكأنه متأ’ثرًا:
_أوه، آسف يا حبيبتي شوفتها وجالي ملف فجأة نسّاني إني أرد عليكي، كان مُهم ولازم يخلص فوقته حقك عليّا يا رو’حي، المهم طمنيني وصلتي بالسلامة ولا لسّه برّه؟.
ما’كرٌ ولا يسـ.ـقط بسهولة، ولا يجعل أحدًا يشـ.ـك بهِ ولو للحظة خصيصًا هي، فهو يعلم تمامًا أنها تعشـ.ـقه وتثق بهِ ثقة عمـ.ـياء وإن أُتُهِـ.ـمَ بشيءٍ فلن تُصدق مهما حدث ولذلك هو الآن مطمئنًا بشـ.ـدة، بينما جاوبته هي بنبرةٍ هادئة مبتسمة الوجه قائلة:
_ولا يهمك يا حبيبي أنا بس قلـ.ـقت عليك، أنا لسّه واصلة أهو وملقتكش فقولت أتطمن عليك وأشوفك فين، قولي أنتَ فين دلوقتي؟.
جاوبها بنبرةٍ هادئة بقوله مبتسمًا:
_فالشغل، قرّبت أخلّص يعني فخلال ساعتين كدا هكون عندك.
أبتسمت برضا وقالت بنبرةٍ هادئة:
_كويس أوي، عملالك أكلة أنتَ بتحبها أوي النهاردة، حسيت إني مبسوطة فقولت نتبسط سوى النهاردة، آه صحيح أوعى تتأخر أنا مش هاكل غير لمَ أنتَ تيجي أتفقنا.
لحظات وأنهت المكالمة بوجهٍ مبتسم وهي تشعر أن السعادة تغمر قلبها هذا اليوم خصيصًا ولذلك أرادت إسعاده معها كذلك، وضعت يَدها اليُمنى أسفـ.ـل بطنها والأخرى استندت بها على يَد المقعد ونهضت بحذ’رٍ، أخرجت تنهيدة قصيرة ثمّ أتجهت إلى الغرفة أولًا كي تقوم بتغيير ملابسها كي تستعد لتجهيز عشاء الليلة..
ولكن برغم سعادتها تلك فالفرح لا يكتمل في معظم القصص، وحينما خطت بقدمها اليُمنى أولى خطواتها داخل الغرفة خرجت مِنها صر’خة عا’لية وتر’اخى جسـ.ـدها فجأةً بعد أن إختر’قت المسا’مير الصغيرة قدمها، أنحنت بنصفها العلو’ي قليلًا وظهر الأ’لم جليًّا على معالم وجهها بعد أن شَعَرت بحِدَّ’ة الأ’لم يختر’ق قدمها..
رفعتها قليلًا عن الأرض وسـ.ـقطت عبراتها على صفحة وجهها، ضـ.ـعفًا لم يتمـ.ـلّك مِنها مِن قبل، ولكن اليوم وفي تلك اللحظة هو أصبح المتحكـ.ـم بها، ما كان يشغل حَيز تفكيرها غير نفسها هي صغيرتها التي لم ترى نور الدُنيا حتى الآن والحُلم الوحيد الذي قضت سنواتًا طويلة تحلُم بهِ الآن يتسرّ’ب كالر’ماد مِن بين يَديها، جرّ’ت قدمها وولجت بعد أن أبعدتها بقدمها بصعو’بة وهي لا تقدر على المشي ولكنها الآن تُحا’رب نز’يف قدمها..
جلست فوق مقعد طاولة الزينة وهي تُحاول أخذ أنفاسها وتجا’هل الأ’لم الذي أصبح لا يُمكن تحمُـ.ـله، فتحت الدرج وأخرجت دواءها مِنْهُ ظنًا مِنها أنَّهُ دواءها الذي أستمرت عليه منذ بداية حمـ.ـلها، ولكن لم تكُن تعلم أن ما ستأخذه الآن ما هو إلّا سُـ.ـمًا في هيئة دواءٍ، أخذت حـ.ـبةٌ واحدة مِنْهُ وابتـ.ـلعتها بالماء..
بحثت عن هاتفها كي تُهاتف أخيها ليأتي ولكنها تذكّرت أنها تركته في الخارج فوق الطاولة، فردت قدميها ونظرت إلى الد’ماء النا’زفة مِنها وهي حتى تعجـ.ـز عن مداو’اتها، أصبحت “عليا” الآن في موقفٍ لا يُحسـ.ـد عليه بعد أن وجدت كُلّ السُبُل أمامها تؤدي إلى نفس النهاية، فإن ظلت هكذا فسينتشـ.ـر سُـ.ـم تلك المسا’مير في جسـ.ـدها يجب تنظـ.ـيف جرو’حها في أسرع وقت..
لم تستسـ.ـلم فما حفزها الآن تلك الصغيرة التي لا ذ’نب لها فيما يحدث فحتى الآن لم تأتي على هذه الدُنيا وهذا يحدث بها فماذا سيحدث حينما تأتي بعد ذلك، نهضت بحذ’رٍ شـ.ـديد وسارت بخطى بطيئة جدًا بعد أن إنتشـ.ـر الأ’لم في قدمها أكثر مِن المرة السابقة، بدء جسـ.ـدها يفقـ.ـد قوته، وبدأت تشعُر بالخد’ر في أنحاءه، تقترب ببطءٍ مِن الزيت المسكو’ب على الأرض، وهي لا ترى أو تنتـ.ـبه لشيءٍ وما يهُمها أن تكون صغيرتها بخيرٍ..
وفي لحظة إنز’لقت قدمها بفضل الزيت المسكو’ب فوق الأرض وسـ.ـقطت بقو’ة جسـ.ـدها أرضًا مِمَّ جعل الأمور تزداد سو’ءًا، صر’خة أخرى متأ’لمة خرجت مِنها، وضعت يَدها فوق بطنها المنتفـ.ـخة بعد أن بدأت تشعُر بأ’لمٍ لا يُطا’ق بها، ثقـ.ـلت أنفاسها وأصبح الهواء عـ.ـبئًا على صد’رها بعد أن إشتـ.ـد الأ’لم أكثر مِن المرة السابقة، وكأن رو’حها تُسـ.ـلب مِنها ببطءٍ شـ.ـديد..
دو’ارًا حا’دًا فر’ض سيطـ.ـرته على رأسها، وآلا’مًا لا تُطا’ق أسفـ.ـل بطنها جعلت أ’نينها يُسمع، بينما وقف “زايـد” أمام الباب مِن الجهة الخارجية يستمع إلى آ’هاتها وبكاءها وقلبه يخـ.ـفق بسعادة غير عادية وكأنه حقق نصـ.ـرًا كان مستحـ.ـيلًا، أبتسم بزاوية فمه ولمعت عيناه بمكـ.ـرٍ يعجـ.ـز البشر عن وصفه، تنهيدة عميقة أخرجها وكأنه تخلّـ.ـص مِن عب’ءٍ كان يخنـ.ـقه طيلة الوقت..
_ولسّه يا حبيبتي الو’جع جاي كتير، بس أخُد اللي عايزُه ووقتها مش هشوفك تاني بقية حياتي، كُلّ حاجة محسوبة بحذ’افيرها.
حاولت “عليا” أن تتحا’مل وتنهض حتى تطلب النجـ.ـدة مِن أي بشريٍ يستطيع إغاثتها، برغم آلا’مها تُحا’رب لأجل الحفاظ على صغيرتها، تر’فض الأستسلا’م؛ وتر’فض بشـ.ـدة أن تتئذ’ى طفلتها حتى وإن أُغلقت جميع أبواب النجـ.ـاة في وجهها..
جلست بعد معا’فرة ومدّت يَدها تجاه الطاولة تجذ’ب الغطاء الأبيـ.ـض الذي كان يُغطيها لتلمح هاتفها مِن فوقها، جذ’بته أكثر حتى سقـ.ـط الهاتف فوق قدمها، أمسكت بهِ بأيدي مر’تعشة وبدأت تعبث بهِ، وحينما كانت تبحث عن رقم أخيها أشتـ.ـد الأ’لم أسفـ.ـل بطنها بطريقة مفاجئة لا تُحتمـ.ـل مِمَّ جعلها تُغمض عيناها بقو’ة وتضغـ.ـط على شفتيها بأ’نينٍ مؤ’لمٍ..
ضغطت بصعو’بة على رقم أخيها وأنتظرت تلقي الجواب مِنْهُ، نظرت إلى قدميها النا’زفتين وهي تُحاول السيطـ.ـرة على عبراتها التي كانت تتسا’قط فوق صفحة وجهها، فبرغم محا’ربتها وتمسُكها بحبا’لٍ ذ’ابلة كان الأ’لم يقف في وجههًا النـ.ـد بالنـ.ـد، أجاب “يوسـف” أخيرًا وكأن جوابه سيكون بمثابة حياة جديدة لها، وضعت الهاتف على أُذنها بوهنٍ وكُلّ ما قالته كلماتًا بسيطة كفيلة بأن تجعله كالمجـ.ـنون:
_”يوسـف” أنا محتاجاك ضرو’ري أوي دلوقتي، مقداميش غيرك يلـ.ـحقني.
ترقّب “يوسـف” جوابها بعد أن أستمع إلى نبرة صوتها التي يظهر مِن خلالها عن معا’ناةٍ مؤ’لمة لا أحد يعلم عنها شيئًا سواها، تحدث بنبرةٍ جادة منتظرًا معرفة الأمر بشكلٍ أكثر وضوحًا:
_في إيه يا “عليا” مالك، إيه اللي حصل صوتك ماله؟.
عضّـ.ـت على شفتيها وشـ.ـدّت قبـ.ـضتها فوق الغطاء بعد أن شَعَرت بأ’لمٍ قوي أصبح لا يُحتـ.ـمل مِمَّ حرّك غر’يزتها الأمو’مية خو’فًا على صغيرتها، جاوبته بنبرةٍ يظهر فيها صرا’عها مع الأ’لم قائلة:
_أرجوك تيجي بسرعة، أنا حاسّة إن بنتي بتضيـ.ـع مِني يا “يوسـف”، أرجوك تلحـ.ـقني، مش عايزة حلمي بيها يتاخد فجأة مِني، عشان خاطري تعالى بسرعة.
أنهت حديثها وهي تبكي بعد أن بدأ عقـ.ـلها يرسُم لها نهاياتٍ سو’د’اء ستُسـ.ـلب فيها صغيرتها مِنها ويضيـ.ـع حُلمًا كانت تنتظره منذ سنواتٍ طويلة، حدس “يوسـف” أنذ’ره بالخطـ.ـر بعد أن أستمع إلى نبرة صوتها وبكاءها، برغم جـ.ـهله لِمَ حدث لها ولكنهُ تحرّك سريعًا مِن مو’قعه تزامنًا بقوله الجادِ:
_متخا’فيش يا حبيبتي أنا مش هتأخر عليكي، ٥ دقايق بالظبط وهكون عندك يا “عليا”، متخا’فيش مش هيحصل حاجة هتبقي زي الفُل.
أنهى المكالمة معها وشـ.ـد خطواته سريعًا لها وهو يشعُر بالخو’ف عليها ونبرتها أصا’بته بالر’يبة وجعلته مشو’شًا وخا’ئفًا عليها، بينما تركت هي الهاتف وحاولت العديد مِن المرات أن تنهض ولكن جميع محاولاتها كانوا يبوءون بالفشـ.ـل، لم يكُن الأمر مستحـ.ـيلًا بقدر صعو’بته عليها، ولكنها تُنا’زع شـ.ـرًا خـ.ـفيًا يسـ.ـعى للقـ.ـضاء عليها..
وبعد تلك المحاولات أستطاعت أن تنهض أخيرًا، ولكنها كانت تتر’نح في وقفتها، وهذا الدواء الذي لم يكُن سِوى حبو’ب الإجها’ض بدأ مفعوله يعمل مِمَّ جعل الأمور تزداد تعقيـ.ـدًا عليها، سارت تجاه الباب وهي تجـ.ـرّ قدميها، وتُخـ.ـلّد خلفها أثا’ر الد’ماء فوق الأرضية..
فتحت الباب بضعـ.ـفٍ وخرجت، عبراتها تسـ.ـقط فوق صفحة وجهها ولكن حتى الآن مازالت تقا’وم حتى وإن كانت تعلم أنها ستنها’ر في أيا لحظة، أغلقت الباب خلفها واقتربت مِن در’جات السُـ.ـلَّم مستندةً على الدر’ابزين متأ’لمةً، بينما كان “زايـد” يقف في الأعلى يُتابع عن كثب كيف تُعا’ني وهو سعيدًا للغاية بهذا المشهد الذي طال إنتظاره..
في تلك اللحظة وصل “يوسـف” الذي مدّ في خطواته حتى يصل لها في أسرع وقتٍ ممكن وبدأ يصعد السُـ.ـلَّم سريعًا، في هذه اللحظة ظهرت الفتاة ووقفت خلف “عليا” دون أن تشعُر بتواجدها معها، فكانت تلك الفتاة ماهرةً في التخـ.ـفي، سمعت و’قع أقدامٍ تقترب مِن الطا’بق المتواجدتين بهِ ولذلك لم يكُن معها الكثير مِن الوقت..
نظرت إلى “عليا” وفي اللحظة التي لمح فيها “يوسـف” شقيقته د’فعتها هي بعز’م قوتها تزامنًا مع تعالي صر’خاتها التي شـ.ـقّت سكون المكان وسقو’طها بعنـ.ـفٍ فوق الد’رج الرخا’مي ليتلقى جسـ.ـدها صدمة الضر’بة ومِن ثمّ تد’حرج جسـ.ـدها على بقيَّة الد’رجات أمام أعين “يوسـف” الذي صر’خ بإسمها فز’عًا وتجمّـ.ـد جسـ.ـده مكانه..
جحظت عينان “زايـد” قليلًا بفرحةٍ كبيرة وعدم استيعاب حينما رآها سـ.ـقطت على السُـ.ـلَّم وأر’تطمت رأسها بالرخا’مية وأنتهى بها المطاف فا’قدةً للوعي بعد سقو’طها مِن على آخر درجة، إ’ختفت الفتاة في لحظة وتركت “يوسـف” يقف مكانه ينظر إلى جسـ.ـد شقيقته ساكنًا أسفل قدميه مصدومًا..
رفع رأسه ونظر إلى المكان الذي كانت تقف بهِ شقيقته ليلمح طيفًا يختـ.ـفي بلحظة مِمَّ يعني أن أحدهم قد د’فعها عمـ.ـدًا على الدرج، نظر مجددًا إلى شقيقته وعـ.ـقله حتى تلك اللحظة لا يستوعب ما حدث، ولكن تحرّك بفضل غر’يزته ولم ينتظر كثيرًا، جسى على رُكبتيه وتفحـ.ـصها مذهولًا، لا يُصدق ما تراه عيناه وما آل بشقيقته..
_”عليا”، “عليا” حبيبتي.
همسٌ خافت وضـ.ـعيف، وكأن عـ.ـقله مازال لا يستوعب ما حدث إلى شقيقته، ضمها إلى د’فء أحضانه وعيناه تتفحـ.ـصها بشمولية بدايةً مِن الجر’ح النا’زف في جبهتها نزولًا إلى قدميها اللتان نز’فت د’ماءًا لا حصـ.ـر لها، شـ.ـد مِن ضمته لها وأخرج هاتفه بأيدي مر’تعشة مِن جيب بنطاله، لا شيء الآن يشغل حَيز تفكيره إلّا أن يُنقـ.ـذها ويُنقـ.ـذ تلك الصغيرة المُعرّ’ضة للخطـ.ـر الآن..
وضع الهاتف على أُذنه وطلب سيارة إسعاف في أسرع وقت وعيناه لا تُفا’رقان شقيقته، ولحين وصول سيارة الإسعاف هدأ قليلًا وبدأ بر’بط الخيو’ط ببعضها، بدأ عقـ.ـله يُعيد ترتيب الأمور بدايةً مِن إستغاثتها بهِ وحتى لحظة سقو’طها ورؤيته لطيفًا أسو’د في الأعلى، وحينما توصّل للنتيجة النهائية تبدّلت معالم وجهه في لحظة ونظر مجددًا نحو الأعلى بأعين صـ.ـقرًا يترقّب فر’يسته..
سمع و’قع خطوات مهر’ولة مِن الأسفل تقترب مِن مكانه ويليها صوت رفيقه وشقيقته، أدمعت عيناه وشـ.ـد مِن ضمته أكثر إلى شقيقته وكأنه يحـ.ـميها مِن شـ.ـرًا يأبى تركها حـ.ـيّة، صعد “سـراج” آخر در’جة سُـ.ـلَّم وتجـ.ـمّد جسـ.ـده بعد أن رأى “عليا” بتلك الحالة، وخلفه “مهـا” التي أطـ.ـلقت شـ.ـهقة صغيرة ووضعت يَديها فوق فمها بصدمة..
نظر “سـراج” في أعين رفيقه الذي كان ينظر لهُ بعيناه الدامعة مشيرًا لهُ بصمتٍ نحو الطابق العلوي، لم يستغرق “سـراج” الكثير مِن الوقت لمعرفة ما يقصده رفيقه ولذلك إتجه نحو الأعلى تاركًا زوجته تقف مكانها وعيناها لا تُفا’رقان شقيقتها وهي في حالةٍ مِن الصدمة وعدم الاستيعا’ب، بينما فـ.ـرّ “زايـد” ها’ربًا بعد أن شَعَر بأقتراب “سـراج” مِنْهُ مختلسًا النظر بين الحين والآخر خلفه..
صعد إلى سطـ.ـح البِنْاية وركض تجاه إحدى الجدران مختبئًا خلفها ومترقبًا تحركات “سـراج” الذي أصبح في نفس المكان عيناه تجوب في المكان بشمولية، وحدسه يُخبره أن ثمة أحدًا في المكان ولكنهُ يخشى أن يُكشـ.ـف أمامه، ترقّب “زايـد” تحركاته والخو’ف باديًا على معالم وجهه فإن تم كشـ.ـفه فسيـ.ـنتهي أمره سريعًا..
ولكن أنقـ.ـذه في الأخير نداء “يوسـف” إلى “سـراج” بعد وصول سيارة الإسعاف التي كانت على مقربةٍ مِنهم، وحينما نزل أخرج زفيرة عميقة وشَعَر بالراحة لكونه لم يُكشـ.ـف، وبحذ’رٍ خرج مِن مخـ.ـبئهِ وهو ينظر حوله بترقبٍ، وحينما وجد المكان خا’ليًا مِن حوله تقدّم سريعًا مِن السو’ر الطو’بي ووقف ينظر إلى الأسفـ.ـل حيث سيارة الإسعاف والمسعف في الإنتظار..
وفي هذه اللحظة خرج “يوسـف” مِن ردهة البِنْاية حاملًا شقيقته على ذراعيه، وضعها فوق الفراش المعدني وتم وضعها في السيارة سريعًا، ألتفت “يوسـف” ينظر إلى رفيقه قائلًا بنبرةٍ متو’ترة:
_أنا هطلع معاها وأنتَ هات “مهـا” و “بيلا” معاك وكلم أُمّي عرّفها اللي حصل أنا مفنيش د’ماغ دلوقتي أكلم أي حد.
هزّ “سـراج” رأسه موافقًا على حديثه قائلًا:
_أطلع أنتَ معاها ومتشـ.ـيلش هـ.ـم أنا هتصرف.
وبالفعل رافقها “يوسـف” في سيارة الإسعاف التي تحرّكت سريعًا في طريقها إلى المشفى، بينما أخذ “سـراج” زوجته وتقدّم مِن بِنْاية رفيقه حتى يأخذ زوجته كذلك ويلحق بهِ إلى المشفى وهاتفه في يده يبدأ في إجراء مكالماته للعائلة لإخبارهم بما حدث لأبنتهم.
______________________________
<“لحظات ترقبٍ طويلة، والخو’ف سيد اللقطة.”>
بعد مرور القليل مِن الوقت،
كان الفراش المعدني المدولب يُد’فع بسرعةٍ مهو’لة، إثنين مِن الممرضين ومعهما “يوسـف” الذي كان يجاورها طيلة الوقت، لم يُفا’رقها لحظة والخو’ف يسكُن عيناه اللتان لم تُفا’رقا وجهها الساكن، يَده تمسح فوق خصلا’تها البُـ.ـنية الفا’تحة وقلبه لا يكفُ عن التدرع لله سرًا، وصلوا بها لغرفة العمـ.ـليات وولجت هي للداخل وبقيّ “يوسـف” في الخارج بعد أن تم مـ.ـنعه مِن الولوج..
أغلق الممرض الباب بوجهه وأُضيئ المصباح الأحمـ.ـر معلنًا عن بدء العمـ.ـلية في الداخل، نظر “يوسـف” إلى إثرها بهدوءٍ ظاهري بأعينٍ دامعة وقلبه يخـ.ـفق بجـ.ـنون داخل صدره والخو’ف أصبح رفيقًا لهُ، دقائق مرّت عليه وحيدًا أمام غرفة العمـ.ـليات حتى وصلوا جميعًا إلى المشفى وأقتربوا مِنْهُ وكان على رأسهم “شاهي” التي جذ’بته نحوها ونظرت في عيناه بخو’فٍ واضح وسألته عنها بنبرةٍ مر’تعدة قائلة:
_إيه اللي حصل يا “يوسـف”، وفين أختك؟.
نظر لها “يوسـف” بأعينٍ لامعة وردّ عليها بنبرةٍ هادئة قائلًا:
_”عليا” فالعمـ.ـليات جوّه، “عليا” مش كويسة.
وبطبيعة غر’يزتها الأمو’مية لم تُفرّق بينها وبين ولديها، فهي يومًا لم ترها إبنةً لزوجها، بل كانت إبنتها كذلك وأصبحت كشقيقيها، تُحبُّها وتخشى عليها وكأنها إبنتها هي، دمعت عيناها ونظرت نحو الباب المغلق وبدأ الخو’ف يُسيطـ.ـر على قلبها خشـ.ـيةً أن يُصـ.ـيبها مكـ.ـروهًا سواءً كان لها أو لصغيرتها، أقتربت مِنْهُ “بيلا” ووقفت أمامه تنظر في عيناه مباشرةً بحز’نٍ دفين..
أمسكت بكفه بين يَديها الد’افئتين وضـ.ـغطت عليه بخفةٍ وقالت بنبرةٍ هادئة في محاولةٍ مِنها لطمئنته:
_أنا حاسّة بيك ومقدّرة كويس خو’فك عليها دلوقتي، بس لازم نتفائل شوية يا “يوسـف”، إن شاء الله هتكون كويسة وزي الفُل وهتقوم وترجع أحسن مِن الأول تاني، ومعاها بنتها، أنا عارفة إن بنتها أهم عندها مِن نفسها، كفاية إنها جَت بعد سنين حر’مان، أنا حاسّة بيها عشان أمّ زيها وفاهمة مشاعرها كويس، بس ربنا كبير وقادر على كُلّ شيء، لازم نتفائل ومنفكرش فأي حاجة و’حشة لحد ما تقوم بالسلامة ونتطمن عليها.
نظر لها “يوسـف” وقد شَعَر بتلك الغُـ.ـصَّة المؤ’لمة في قلـ.ـبه بعد أن تذكّر كيف كان الحال بشقيقته وكيف كانت نبرة صوتها حينما أستغا’ثت بهِ عبر الهاتف، وكيف أنتهى بها الأمر أمامه، حاول تما’لُك نفسُه وقال بنبرةٍ يظهر فيها ضـ.ـعفه وخو’فه الشـ.ـديد عليها:
_خا’يف أوي عليها يا “بيلا”، خا’يف وحاسس بالقهـ.ـرة ومش قادر أنسى نبرة صوتها فالموبايل، متوقعتش يكون دا الوضع، ولا دي النهاية، لو حصل حاجة لبنتها “عليا” مش هتبقى كويسة خالص، ولا أنا هقدر أسامح نفسي عشان مقدرتش ألحـ.ـقها.
مـ.ـنعته مِن إكمال حديثه بقولها الحنون:
_متقولش كدا أنتَ ملكش ذ’نب فحاجة، دا قدر يا حبيبي ومكتوب، متشيـ.ـلش نفسك ذ’نب وأدعيلها دلوقتي، هي أهم دلوقتي واللي ربنا كاتبه هيحصل مهما كان وإحنا لازم نتقبله.
نظر لها قليلًا دون أن يتحدث، ولكن حينما شَعَر بأن كُلّ شيءٍ أصبح ضـ.ـده مِن جديد لم يجد ملـ.ـجًأ يأ’ويه سِوى ذراعيها، ضمها ووضع رأسه فوق كتفها علّه ينال لُذة الطمأنينة فيها، فقد أر’هقته الحياة وما تبقّى مِنْهُ ما هو إلّا فتا’تًا، بينما حاوطته هي بذراعيها ومسحت فوق ظهره داعيةً المولى أن تنجـ.ـو “عليا” وصغيرتها وأن تكون كلتاهما بخيرٍ..
ومع مرور الوقت لم تهدأ القلوب، وإن هدأت فكان ذاكَ الهدوء مؤقتًا حتى يتلقون أيا أخبارٍ جديدة عنها تطمئنهم، أُغلق المصباح الأحمـ.ـر وفُتح الباب بهدوءٍ وخرج الطبيب لهم، نظروا لهُ جميعًا وتجمعوا حوله فجأةً، نظرت إليه “شاهي” وسألته بنبرةٍ متوترة قائلة:
_طمني يا دكتور، “عليا” بنتي كويسة مش كدا؟.
كان الطبيب في موقفٍ لا يُحسـ.ـد عليه في تلك اللحظة، فلا يعلم ماذا يقول وكيف سيُخبرهم بشيءٍ كهذا، بدأ القـ.ـلق يتسـ.ـلل إلى قلوبهم حينما رأوا حالة الطبيب ولذلك سألته “شاهي” مجددًا قائلة:
_في إيه يا دكتور قول إيه اللي حصل، بنتي كويسة إيه اللي حصلها.
ابتـ.ـلع الطبيب غُصَّـ.ـته ونظر أرضًا بخزيٍ وقال بنبرةٍ هادئة:
_أنا آسف.
جحظت عينان “يوسـف” قليلًا حينما أستمع إلى حديثه ورأى حالته المتو’ترة تلك، وحديثه جعله يفهم أن ثمة مكـ.ـروهًا قد مـ.ـسّ شقيقته، أقترب مِنْهُ وعيناه لا تُفا’رقه وقلبه بدأ يخـ.ـفق بجـ.ـنون داخل صدره والخو’ف عاد يُرافقه، وقف أمامه ور’شقه بنظراته المترقبة وقال بنبرةٍ متسائلة:
_يعني إيه آسف؟.
رفع الطبيب عيناه ونظر إليه قائلًا:
_أستاذ “يوسـف”..
_يعني إيه آسف ..!!.
صر’خ بوجهه بعد أن أستفـ.ـزه هدوءه وتلا’عب بمشاعره عن طريق هذا الهدوء ببراعةٍ شـ.ـديدة، بينما أخرج الطبيب تنهيدة عميقة وقال بنبرةٍ هادئة كانت كالصا’عقة على آذان “يوسـف” والجميع:
_مكانش فإيدينا حل، الطفلة ما’تت.
هدوءٌ سكن المكان فجأةً، وصدمة قو’ية ضر’بت الجميع كإعصا’ر تسو’نامي غير متوقّع، تجمّـ.ـد “يوسـف” مكانه وهو ينظر لهُ بعينان مجحظتن لا يُصدق ما سمعه، وكانت “بيلا” تجاوره وقد لمعت عيناها بعبراتٍ خفيفة بعد أن أخبرهم الطبيب بحقيقة ما كانوا يخشون مِنْهُ، بكت “شاهي” وصُدمت “مهـا” التي كانت لا تتوقّع حدوث ذلك، ووقف “سـراج” مكتو’ف الأيدي لا يمـ.ـلُك شيئًا ليفعله سِوى مواساة رفيقه..
خرجت “عليا” متسطحةً فوق فراشها المعدني المدولب، لا تشعُر بمَن حولها فكانت في عالمٍ آخر يخـ.ـلو مِن الأ’لم والقهـ.ـر، بكت “شاهي” أكثر بعد أن رأت حالتها وشحو’ب وجهها وعيناها لا تُفا’رقانها، بينما كان “يوسـف” ينظر لها وكأنه مازال لا يُصدق ما حدث لها وبداخله يتمنى وبشـ.ـدة أن يكون هذا كابو’سًا أسو’د وسيستفيق مِنْهُ في أيا لحظة..
نُقلت “عليا” إلى إحدى الغرف أسفل نظرات الجميع التي رافقتها حتى ولجت لداخل الغرفة، إنها’رت “شاهي” باكيةً بعد أن رأت ما حدث لها وكيف خسـ.ـرت صغيرتها في لحظات بعد أن كانت تتمناها على مدار تلك السنوات الماضية، جلست فوق المقعد تبكي وقد جاورتها “مهـا” و “بيلا” تحاولان تهدأتها وقلوبهن تحتر’ق أ’لمًا عليها..
وقف “يوسـف” بعيدًا عنهم مستندًا على الحا’ئط يشعُر بالأ’لم يعتصـ.ـر قلبه بعد أن بدأت ذاكرته تخو’نه وتُعيد عليه المشاهد مِن جديد بدايةً بمعرفته بأمر حـ.ـملها مرورًا بالوقت حينما كان يزورها ويطمئن على صـ.ـحتها بأستمرارٍ ويرى كيف تكبر بطـ.ـنها مع مرور الأشهر حتى وصل بها المطاف للشهر السابع، سعادتها بها وحما’سها وإنتظارها بهذا الشغف لا يفا’رقون عقله وكأنه يُعا’قب على شيءٍ لم يفعله، جاوره “سـراج” الذي قدّم لهُ يَد العون وحاول مواساته..
تحدثت “شاهي” بنبرةٍ باكية بعد أن تذكّرت كيف ستكون ردة فعلها بعد أن تستفيق مِن غيبو’بتها القصيرة وتعلم ما حدث لها قائلة:
_هنعمل إيه ولا هنقولها إيه أول ما تصحى وتسأل عنها، خا’يفة عليها مِن الصدمة أول ما تعرف، يا ربّ ألطُف بينا يا ربّ وصبرها على مصـ.ـيبتها.
وكأن حديثها كان بمثابة شـ.ـرارة طـ.ـفيفة، فقد بدأ يُفكر الآن في رد شقيقته وكيف ستتحمـ.ـل هذا الأ’لم المفا’جئ الذي ها’جمها بلا هوادة، وفي قلبه جمـ.ـرة نا’رًا مشتـ.ـعلة متو’عدًا للفاعل بالهلا’ك لتجـ.ـرأه على المسا’س بها بالشـ.ـر، ولن يهدأ قلـ.ـبه وتخمُـ.ـد نير’انه تلك إلّا بالرد، فلن يسمح أن يُسـ.ـلب حقها دون الرد، وسيُذيق الفاعل أشـ.ـد أنواع العذ’اب، إنها فقط البداية؛ وبينما هناك قلوبًا متعطشةً للقتا’ل كانت هناك قلوبًا كذلك تتجر’ع العذ’اب، وتلك المرة كان عذ’ابًا إجبا’ريًا.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية جعفر البلطجي 3)