روايات

رواية فتيات القصر الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم اسماعيل موسى

رواية فتيات القصر الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم اسماعيل موسى

رواية فتيات القصر البارت الخامس والعشرون

رواية فتيات القصر الجزء الخامس والعشرون

فتيات القصر
فتيات القصر

رواية فتيات القصر الحلقة الخامسة والعشرون

كانت راما تمشي وحدها في الحديقة الخلفية للقصر، بين الشجيرات العطرية وأشجار الليمون، عندما لمحت قطة رمادية صغيرة تجلس فوق سور حجري منخفض، تحدّق فيها بعينين واسعتين يكسوهما بريق غريب. لم تكن القطة قد اقتربت منها من قبل، بل كانت دائمًا تتوارى عن الخدم والغرباء، لكن هذه المرة، بدا الأمر مختلفًا.
انحنت راما برفق، مدت يدها تداعب رأس القطة، التي رفعت عينيها نحوها بكسل ثم تقدّمت بخطوتين وراحت تشمّ يدها. كان العطر قد علق بجلد راما منذ لحظات، حين سكبت قطرتين من زجاجة ألعطر الجديده وما إن اقتربت القطة من أثر العطر، حتى انقلبت ملامحها.
أطلقت القطة صوت خافت، أشبه بنغمة رضا، ثم بدأت بلعق يد راما بشراهة، تارة عند ظاهر اليد، وتارة أخرى عند المعصم، وكأنها تبحث عن شيء تعرفه جيدًا، شيء تحتاجه ولا تستطيع مقاومته.
راما ضحكت بدهشة، وحاولت سحب يدها بلطف، لكن القطة تشبثت بها بمخالبها الصغيرة دون أن تؤذيها، وأكملت لعقها.
وحين نهضت راما لتكمل سيرها، تبعتها القطة. في البداية ظنتها مجرّد لحظة عابرة، لكنها سرعان ما اكتشفت أن القطة تتعقبها في كل مكان.
رافقتها حتى مدخل القصر، ثم إلى أروقة الممرات الحجرية، تتنقل خلفها بخفة وهدوء، لا ترفع عينيها عن يد راما، وكأن شيئًا ما بداخلها لا يهدأ إلا بتلك الرائحة.
دخلت راما غرفتها، جلست أمام النافذة، ولم تمض لحظة حتى وجدت القطة تقفز إلى داخل الغرفة وتجلس عند قدميها. راحت القطة تقترب من يدها من جديد، وكأنها تطلب منها أن تسمح لها باللعق.
كان واضحًا أن العطر فعل فعلته… شيء في مكونات تلك الرائحة دفع القطة إلى تعلّق غريب.
لم تكن تبحث عن راما لذاتها، بل عن أثر العطر في جلدها. كان الأمر أقرب إلى احتياج فطري خام، رغبة حادة في التقرّب من ذلك الأثر.
وهكذا، صارت القطة تتبع راما في كل أرجاء القصر، من الغرف إلى الشرفات، من الردهات المظللة إلى الزوايا المنسية، لا تبتعد ولا تهدأ إلا عندما تتمكن من لعق يدها أو معصمها حيث ما زال العطر عالقًا.
وفي عيني القطة… لم يكن الأمر مجرد لهو. كان أشبه بنداء قديم أيقظه ذلك العطر
في البداية، لم تنتبه راما سوى لتصرّف القطة الغريب. كانت تظن الأمر محض صدفة أو لعِب قطط. لكن مع مرور الأيام،
وغياب السيد والخدم ولارينا بسبب العاصفه الثلجية التى استمرت ايام ومع تكرار المشهد ذاته — القطة تتبعها أينما ذهبت، تلحّ في لعق يدها كلما اقتربت، وتجلس متحفزة كلما رفعت يدها نحوها — بدأ فضول خفي يتسلل إلى راما.
جلست ذات مساء في غرفتها، والقطة عند قدميها، تحدّق في يدها التي خف فيها أثر العطر، وكانت تراقب عيني القطة كيف يتبدّل فيهما شيء ما حين تشمّ الرائحة.
اختبرت الأمر: وضعت بضع قطرات من العطر على منديل صغير، لوّحت به أمام القطة، فهرعت الأخيرة تموء برغبة وتقفز لتمسك بالمنديل.
ضحكت راما، ثم لمعت الفكرة في ذهنها.
في الأيام التالية، صارت راما تختبر الأمر عمدًا. استعملت عطورًا أخرى — بعضها أثمن، بعضها أشد نفاذًا، وبعضها بلا رائحة تقريبًا — تارة تدهن يدها، وتارة تمسح نقطة على طرف منديل، ثم تراقب سلوك القطة.
بعض العطور لم تحرك فيها ساكنًا، وبعضها جعلها تقترب بحذر ثم تبتعد.
أما ذلك العطر الأول… فكلما استعملته، عادت القطة إلى حالتها الأولى: تلحّ، تلعق يدها بلا هوادة، تتبعها في الأروقة، وتجلس قرب الوسادة إذا اختفى الأثر.
لم تكتفِ راما. دفعتها رغبتها في السيطرة واللعب إلى مزج العطور. أضافت نكهة عنبر خفيفة، لم يؤثر. جربت قطرة من زهر البرتقال، فلم تهتم القطة.
وفي ليلة مقمرة، خلطت راما العطر الأصلي بلمسة خفيفة من زيت النيرولي. وضعت القطرتين على معصمها، وما إن عبرت بجانب القطة حتى استدارت هذه بجنون. مواء متوتر، قفزات قصيرة، عيناها تتسعان بوله، تقفز نحو يد راما حتى شمّت الأثر.
هذه المرة، حين غابت الرائحة بعد وقت قصير، لم تهدأ القطة. راحت تموء بشكل متوتر، تقفز نحو راما كلما تحرّكت، تعض أطراف ثوبها برقة، وكأنها تستجديها أن تعيد العطر.
ابتسمت راما، أدركت أنها وجدت التركيبة المثالية.
باتت تختبر القطة يومًا بعد يوم. تمسح نقطة صغيرة على معصمها أو على طرف منديل، ثم تخفيه عنها. في كل مرة، كانت القطة تصبح مضطربة إذا اختفى الأثر، تقفز نحو راما، تموء بعناد، تدور حولها لا تهدأ إلا عندما تشم من جديد.
وهكذا، لم تعد القطة مجرد مرافقة لراما… بل تحولت إلى مقياس حساس لاختبار أي تركيبة تصنعها.
تركت راما أثرًا من العطر قرب وسادتها، وأخفت زجاجة أخرى في الخزانة، وراحت تسجّل في رأسها الملاحظات:
العطر الأصلي وحده: انجذاب ملحوظ.
إضافة النيرولي: رغبة حادة، قلق عند اختفاء الرائحة.
العنبر: لا تأثير.
زهر البرتقال: فتور.
ومع الوقت، صارت راما تعرف متى تبدأ القطة بالمواء، ومتى ستقفز نحوها تطلب الرائحة.
كأنها أدركت أن العطر هذا… يحمل سرًّا لا يفهمه إلا أنف القطة، وربما شيء آخر يتخطّى العطور ،شيء أقرب للعبوديه
بمثابره هائله واصلت راما تجاربها كل صباح وكل ليله مع رفيقتها الجديده التى بدأت تتبعها فى كل مكان وقبل وصول السيد وقافلته رشت راما العطر فى غرف كل الخدم وغرفة لارينا تحديدا وتعمدت ان تترك غرفة السيد بلا رائحه قبل أن تقصد الحديقه وتعيد تشكيل درب الورد

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية فتيات القصر)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *